تفسير قوله تعالى: (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ (32) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({فأمليت} [الرعد: 32] : «أطلت من المليّ والملاوة، ومنه» {مليًّا} [مريم: 46] : «ويقال للواسع الطّويل من الأرض ملًى من الأرض»). [صحيح البخاري: 6/78]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله فأمليت أطلت من المليّ والملاوة ومنه مليًّا ويقال للواسع الطّويل من الأرض ملًى كذا فيه والّذي قال أبو عبيدة في قوله تعالى فأمليت للّذين كفروا أي أطلت لهم ومنه المليّ والملاوة من الدّهر ويقال للّيل والنّهار الملوان لطولهما ويقال للخرق الواسع من الأرض ملًى قال الشّاعر ملًى لا تخطّاه العيون رغيب انتهى والمليّ بفتحٍ ثمّ كسرٍ ثمّ تشديدٍ بغير همزةٍ). [فتح الباري: 8/373-374]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (فأمليت أطلت من المليّ والملاوة ومنه مليّا ويقال للواسع الطّويل من الأرض ملأ من الأرض
أشار به إلى قوله تعالى: {فأمليت للّذين كفروا ثمّ أخذتهم فكيف كان عقاب} (الرّعد: 32) وفسّر أمليت بقوله: أطلت، كذا فسره أبو عبيدة. قوله: من الملى، بفتح الميم وكسر اللّام وتشديد الياء بغير همزة قال الجوهري: الملى الهوى من الدّهر، يقال: أقام مليًّا من الدّهر، قال تعالى: {واهجرني مليًّا} (مريم: 46) أي: طويلا ومضى: ملى من النّهار أي: ساعة طويلة والملاوة، بكسر الميم يقال: أقمت عنده ملاوة من الدّهر، أي: حينا وبرهة، وكذلك ملوة من الدّهر، بتثليث الميم والملا مقصورا: الواسع من الأرض، وقال الجوهري: الملا مقصورا الصّحراء، والملوان اللّيل والنّهار). [عمدة القاري: 18/311]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({فأمليت}) أي (أطلت) للذين كفروا المدة بتأخير العقوبة (من الملي) بفتح الميم وكسر اللام
وتشديد التحتية قال في الصحاح الهويّ من الدهر يقال أقام مليًا من الدهر قال تعالى: {واهجرني مليًا} [مريم: 46] أي طويلاً ومضى مليّ من النهار أي ساعة طويلة (والملاوة) بكسر الميم ولأبي ذر والملاوة بضمها يقال أقمت عنده ملاوة من الدهر أي حينًا وبرهة (ومنه {مليًّا}) كما مر (ويقال للواسع الطويل من الأرض): وهو الصحراء (ملى) بفتح الميم مقصورًا كما في اليونينية وفرعها لأبي ذر وفي أصل اليونينية ملى كذا (من الأرض) وسقط لأبي ذر من الأرض الثاني). [إرشاد الساري: 7/185]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: { ولقد استهزئ برسلٍ من قبلك فأمليت للّذين كفروا، ثمّ أخذتهم، فكيف كان عقاب }.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: يا محمّد، إن يستهزئ هؤلاء المشركون من قومك، ويطلبوا منك الآيات تكذيبًا منهم ما جئتهم به، فاصبر على أذاهم لك، وامض لأمر ربّك في إنذارهم والإعذار إليهم، فلقد استهزأت أممٌ من قبلك قد خلت فمضت برسلي، فأطلت لهم في المهل، ومددت لهم في الأجل، ثمّ أحللت بهم عذابي ونقمتي حين تمادوا في غيّهم وضلالهم، فانظر كيف كان عقابي إيّاهم حين عاقبتهم، ألم أذقهم أليم العذاب، وأجعلهم عبرةً لأولي الألباب.
والإملاء في كلام العرب: الإطالة، يقال منه: أمليت لفلانٍ: إذا أطلت له في المهل، ومنه الملاوة من الدّهر، ومنه قولهم: تملّيت حبيبا، ولذلك قيل للّيل والنّهار: " الملوان " لطولهما، كما قال ابن مقبلٍ:
ألا يا ديار الحيّ بالسّبعان = ألحّ عليها بالبلى الملوان
وقيل للخرق الواسع من الأرض: " ملاً "، كما قال الشّاعر:
فأخضل منها كلّ بالٍ وعيّنٍ = وجيفّ الرّوايا بالملا المتباطن
لطول ما بين طرفيه وامتداده). [جامع البيان: 13/544-545]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أما قوله تعالى: {ولقد استهزئ برسل من قبلك}
وأخرج أبو الشيخ، وابن مردويه عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: كان رجل خلف النّبيّ صلى الله عليه وسلم يحاكيه ويلمطه فرآه النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: كذلك فكن، فرجع إلى أهله فلبط به مغشيا شهرا ثم أفاق حين أفاق وهو كما حاكى رسول الله صلى الله عليه وسلم). [الدر المنثور: 8/461]
تفسير قوله تعالى: (أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت قال الله تعالى قائم على كل نفس). [تفسير عبد الرزاق: 1/337]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: { أفمن هو قائمٌ على كلّ نفسٍ بما كسبت، وجعلوا للّه شركاء، قل سمّوهم، أم تنبّئونه بما لا يعلم في الأرض أم بظاهرٍ من القول، بل زيّن للّذين كفروا مكرهم وصدّوا عن السّبيل، ومن يضلل اللّه فما له من هادٍ }. يقول تعالى ذكره: أفالرّبّ الّذي هو دائمٌ لا يبيد ولا يهلك قائمٌ بحفظ أرزاق جميع الخلق، متضمّنٌ لها، عالمٌ بهم وبما يكسبونه من الأعمال، رقيبٌ عليهم، لا يعزب عنه منه شيءٌ أينما كانوا، كمن هو هالكٌ بائدٌ لا يسمع ولا يبصر ولا يفهم شيئًا، ولا يدفع عن نفسه ولا عمّن يعبده ضرًّا، ولا يجلب إليهما نفعًا؟ كلاهما سواءٌ؟ وحذف الجواب في ذلك فلم يقل، وقد قيل { أفمن هو قائمٌ على كلّ نفسٍ بما كسبت } ككذا وكذا، اكتفاءً بعلم السّامع بما ذكر عمّا ترك ذكره، وذلك أنّه لمّا قال جلّ ثناؤه: { وجعلوا للّه شركاء } علم أنّ معنى الكلام كشركائهم الّتي اتّخذوها آلهةً، كما قال الشّاعر:
تخيّري خيّرت أمّ عال
بين قصيرٍ شبره تنبال
أذاك أم منخرق السّربال
ولا يزال آخر اللّيالي
متلف مالٍ ومفيد مال
ولم يقل: وقد قال: " شبره تنبال " وبين كذا وكذا، اكتفاءً منه بقول: أذاك أم منخرق السّربال، ودلالة الخبر عن المنخرق السّربال على مراده في ذلك.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: { أفمن هو قائمٌ على كلّ نفسٍ بما كسبت } ذلكم ربّكم تبارك وتعالى، قائمٌ على بني آدم بأرزاقهم وآجالهم، وحفظ عليهم واللّه أعمالهم "
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: { أفمن هو قائمٌ على كلّ نفسٍ بما كسبت } " قال: الله قائم على كل نفس
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: { أفمن هو قائمٌ على كلّ نفسٍ بما كسبت } يعني بذلك نفسه، يقول: " هو معكم أينما كنتم، فلا يعمل عاملٍ إلاّ والله حاضرٌه ويقال: هم الملائكة الّذين وكّلوا ببني آدم "
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: { أفمن هو قائمٌ على كلّ نفسٍ بما كسبت } وعلى رزقهم وعلى طعامهم، فأنا على ذلك قائمٌ، وهم عبيدي، ثمّ جعلوا لي شركاء "
- حدّثنا عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: { أفمن هو قائمٌ على كلّ نفسٍ بما كسبت } فهو اللّه قائمٌ على كلّ نفس برٍّ وفاجرٍ، يرزقهم ويكلؤهم، ثمّ يشرك به منهم من أشرك "
وقوله: { وجعلوا للّه شركاء قل سمّوهم أم تنبّئونه بما لا يعلم في الأرض أم بظاهرٍ من القول } يقول تعالى ذكره: أنا القائم بأرزاق هؤلاء المشركين، والمدبّر أمورهم، والحافظ عليهم أعمالهم، وجعلوا لي شركاء من خلقي يعبدونها دوني، قل لهم يا محمّد: سمّوا هؤلاء الّذين أشركتموهم في عبادة اللّه، فإنّهم إن قالوا آلهةً فقد كذبوا، لأنّه لا إله إلاّ الواحد القهّار، لا شريك له { أم تنبّئونه بما لا يعلم في الأرض } يقول: أتخبرونه بأنّ في الأرض إلهًا، ولا إله غيره في الأرض ولا في السّماء.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: { وجعلوا للّه شركاء قل سمّوهم } ولو سمّوهم آلهةً لكذبوا وقالوا في ذلك غير الحقّ، لأنّ اللّه واحدٌ ليس له شريكٌ، قال اللّه: { أم تنبّئونه بما لا يعلم في الأرض أم بظاهرٍ من القول } يقول: لا يعلم اللّه في الأرض إلهًا غيره "
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: { وجعلوا للّه شركاء، قل سمّوهم } واللّه خلقهم "
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، { وجعلوا للّه شركاء، قل سمّوهم } ولو سمّوهم كذبوا، وقالوا في ذلك ما لا يعلم اللّه ما من إلهٍ غير اللّه، فذلك قوله: { أم تنبّئونه بما لا يعلم في الأرض}.
وقوله {أم بظاهرٍ من القول } يقول تعالى ذكره أم تنبئونه بظاهر من القول مسموعٌ، وهو في الحقيقة باطلٌ لا صحّة له ".
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل غير أنّهم قالوا: أم بظاهرٍ، معناه: أم بباطلٍ، فأتوا بالمعنى الّذي تدلّ عليه الكلمة دون البيان عن حقيقة تأويلها
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا شبابة، قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: " { بظاهرٍ من القول } بظنٍّ ".
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا إسحاق قال: حدّثنا عبد اللّه، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ مثله
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن قتادة، قوله: { أم بظاهرٍ من القول } والظّاهر من القول: هو الباطل "
- حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، في قوله: { أم بظاهرٍ من القول } يقول: أم بباطلٍ من القول وكذبٍ، ولو قالوا، قالوا الباطل والكذب "
وقوله: { بل زيّن للّذين كفروا مكرهم } يقول تعالى ذكره: ما للّه من شريكٍ في السّموات ولا في الأرض، ولكن زيّن للمشركين الّذي يدعون من دونه إلهًا مكرهم، وذلك افتراؤهم وكذبهم على اللّه.
وكان مجاهدٌ يقول: معنى المكر ههنا: القول، كأنّه قال: قولهم بالشّرك باللّه
- حدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: " { بل زيّن للّذين كفروا مكرهم } قال: " قولهم ".
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ مثله.
وأمّا قوله: { وصدّوا عن السّبيل } فإنّ القرّاء اختلفت في قراءته، فقرأته عامّة قرّاء الكوفيّين: { وصدّوا عن السّبيل } بضمّ الصّاد، بمعنى: وصدّهم اللّه عن سبيله لكفرهم به، ثمّ جعلت الصّاد مضمومةً، إذ لم يسمّ فاعله.
وأمّا عامّة قرّاء الحجاز والبصرة، فقرءوه بفتح الصّاد، على معنى أنّ المشركين هم الّذين صدّوا النّاس عن سبيل اللّه.
والصّواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إنّهما قراءتان مشهورتان، قد قرأ بكلّ واحدةٍ منهما أئمّةٌ من القرّاء، متقاربتا المعنى؛ وذلك أنّ المشركين باللّه كانوا مصدودين عن الإيمان به، وهم مع ذلك كانوا يعبدون غيرهم، كما وصفهم اللّه به بقوله: { إنّ الّذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدّوا عن سبيل اللّه }.
وقوله: { ومن يضلل اللّه فما له من هاد } يقول تعالى ذكره: ومن أضلّه اللّه عن إصابة الحقّ والهدى بخذلانه إيّاه، فما له أحدٌ يهديه لإصابتهما، لأنّ ذلك لا ينال إلاّ بتوفيق اللّه ومعونته، وذلك بيد اللّه وإليه دون كلّ أحدٍ سواه). [جامع البيان: 13/545-551]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أم بظاهر من القول قال بظن من القول). [تفسير مجاهد: 329]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت} قال: يعني بذلك نفسه). [الدر المنثور: 8/461]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عطاء - رضي الله عنه - في قوله {أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت} قال: الله تعالى قائم بالقسط والعدل). [الدر المنثور: 8/461]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن قتادة - رضي الله عنه - {أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت} قال: ذلكم ربكم تبارك وتعالى قائم على بني آدم بأرزاقهم وآجالهم). [الدر المنثور: 8/462]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الضحاك - رضي الله عنه - في قوله {أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت} قال: الله عز وجل القائم على كل نفس {بما كسبت} على رزقها وعلى عملها، وفي لفظ: قائم على كل بر وفاجر يرزقهم ويكلؤهم ثم يشرك به منهم من أشرك {وجعلوا لله شركاء} يقول: آلهة معه {قل سموهم} ولو سموا آلهة لكذبوا وقالوا في ذلك غير الحق لأن الله تعالى واحد لا شريك له {أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض} يقول: لا يعلم الله تعالى في الأرض إلها غيره {أم بظاهر من القول} يقول: أم بباطل من القول وكذب). [الدر المنثور: 8/462]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن جريج - رضي الله عنه - {أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت} يعني بذلك نفسه يقول {قائم على كل نفس} على كل بر وفاجر {بما كسبت} وعلى رزقهم وعلى طعامهم فأنا على ذلك وهم عبيدي ثم جعلوا لي شركاء {قل سموهم} ولو سموهم كذبوا في ذلك لا يعلم الله تعالى من إله غير الله فذلك قوله {أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض}). [الدر المنثور: 8/462-463]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن ربيعة الجرشي - رضي الله عنه - أنه قام في الناس يوما فقال: اتقوا الله في السرائر وما ترخى عليه الستور، ما بال أحدكم ينزع عن الخطيئة للنبطي يمر به والأمة من إمائه والله تعالى يقول {أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت} ويحكم فأجلوا مقام الله سبحانه وتعالى: ما يؤمن أحدكم أن يمسخه قردا أو خنزيرا بمعصيته إياه فإذا هو خزي في الدنيا وعقوبة في الآخرة، فقال رجل من القوم: والله الذي لا إله إلا هو ليكونن ذاك يا ربيعة فنظر القوم من الحالف فإذا هو عبد الرحمن بن غنم). [الدر المنثور: 8/463]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {أم بظاهر من القول} قال: بظن {بل زين للذين كفروا مكرهم} قال: قولهم). [الدر المنثور: 8/463]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {أم بظاهر من القول} قال: الظاهر من القول هو الباطل). [الدر المنثور: 8/463]
تفسير قوله تعالى: (لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (34) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({أشقّ} [الرعد: 34] : «أشدّ من المشقّة»). [صحيح البخاري: 6/78]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله أشقّ أشدّ من المشقّة هو قول أبي عبيدة أيضًا ومراده أنّه أفعل تفضيلٍ). [فتح الباري: 8/374]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (أشقّ أشدّ من المشقّة
أشار به إلى قوله تعالى: {ولعذاب الآخرة أشق وما لهم من الله من واق} (الرّعد: 34) وأراد بقوله: (أشد) أن لفظ: أشق، أفعل تفضيل من شقّ يشق). [عمدة القاري: 18/311]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({أشق}) أي (أشد من المشقّة) قاله أبو عبيدة). [إرشاد الساري: 7/185]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: { لهم عذابٌ في الحياة الدّنيا، ولعذاب الآخرة أشقّ، وما لهم من اللّه من واقٍ }.
يقول تعالى ذكره: لهؤلاء الكفّار الّذين وصف صفتهم في هذه السّورة عذابٌ في الحياة الدّنيا بالقتل والإسار والآفات الّتي يصيبهم اللّه بها، { ولعذاب الآخرة أشقّ } يقول: ولتعذيب اللّه إيّاهم في الدّار الآخرة أشدّ من تعذيبه إيّاهم في الدّنيا وأشقّ، إنّما هو " أفعل " من المشقّة
وقوله: { وما لهم من اللّه من واقٍ } يقول تعالى ذكره: وما لهؤلاء الكفّار من أحدٍ يقيهم من عذاب اللّه إذا عذّبهم، لا حميمٌ ولا صديق ولا وليّ ولا نصيرٌ، لأنّه جلّ جلاله لا يعاده أحدٌ فيقهره فيتخلّصه من عذابه بالقهر، ولا يشفع عنده أحدٌ إلاّ بإذنه، وليس يأذن لأحدٍ في الشّفاعة لمن كفر به فمات على كفره قبل التّوبة منه). [جامع البيان: 13/551]