العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > توجيه القراءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 10:55 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة هود

[ من الآية (15) إلى الآية (17) ]
{ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (16) أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (17) }

قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ (15)}

قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (16)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أُبي وابن مسعود: [وباطِلًا ما كانوا يَعْمَلُون].
[المحتسب: 1/320]
قال أبو الفتح: "باطلًا" منصوب بـ"يعملون"، "ما" زائدة للتوكيد؛ فكأنه قال: وباطلًا كانوا يعملون. ومن بعد ففي هذه القراءة دلالة على جواز تقديم خبر كان عليها؛ كقولك: قائمًا كان زيد، وواقفًا كان جعفر. ووجه الدلالة من ذلك أنه إنما يجوز وقوع المعمول بحيث يجوز وقوع العامل، و"باطلًا" منصوب بـ"يعملون"، والموضع إذن لـ"يعملون" لوقوع معموله متقدمًا عليه؛ فكانه قال: ويعملون باطلًا كانوا.
ومثله قول الله تعالى: {أَهَؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ}؟ استدل أبو علي بذلك على جواز تقديم خبر كان عليها؛ لأن "إياكم" معمول "يعبدون"، وهو خبر كان، وإنما يجوز وقوع المعمول فيه؛ بحيث يجوز وقوع العامل على ما قدمناه.
وعلى نحو من ذلك ما استدل أبو علي على جواز تقديم خبر المبتدأ عليه بقول الشماخ:
كلا يومَى طُوَالة وصْلُ أروى ... ظَنُونٌ آن مُطَّرَحُ الظنُونِ
فقال: "كلا" ظرف لقوله: "ظَنون"، و"ظنون" خبر المبتدأ الذي هو "وصل أروى"، فدل هذا على جواز تقديم "ظنون" على "وصل أروى"؛ كأنه قال: ظنون في كلا هذين اليومين وصل أروى؛ أي: هومتهم فيهما كليهما. وقد مضى نحو هذا). [المحتسب: 1/321]

قوله تعالى: {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (17)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10 صفر 1440هـ/20-10-2018م, 01:40 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تفسير سورة هود
[ من الآية (18) إلى الآية (24) ]

{ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (18) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (19) أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ (20) أُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (21) لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآَخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (22) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (23) مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (24)}

قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (18)}
قوله تعالى: {الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (19)}

قوله تعالى: {أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ (20)}
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (2- {يُضَعَّفُ لَهُمُ العَذَابُ} [آية/ 20] مشددة بغير ألف:
قرأها ابن كثير وابن عامر ويعقوب، وقرأ الباقون {يُضَاعَفُ} بالألف،
[الموضح: 641]
مخففة العين.
وقد مضى الكلام في هذه اللفظة فيما سبق). [الموضح: 642]

قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (21)}

قوله تعالى: {لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآَخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (22)}

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (23)}

قوله تعالى: {مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (24)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 10 صفر 1440هـ/20-10-2018م, 01:42 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تفسير سورة هود
[ من الآية (25) إلى الآية (31) ]

{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (25) أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (26) فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ (27) قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآَتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ (28) وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (29) وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (30) وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (31) }

قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (25)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (1- قوله تعالى: {إني لكم نذير مبين} [25].
قرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي {أني} بفتح الهمزة على تقدير: ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه بأني لكم.
وقرأ الباقون بالكسر على الاستئناف). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/278]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح الألف وكسرها من قوله: إني لكم نذير مبين [25].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائيّ: أني لكم* بفتح الألف.
وقرأ نافع وعاصم وابن عامر وحمزة: إني بكسر الألف.
وجه قول من فتح: أنّهم يحملونها على أرسلنا، أي:
أرسلنا بأني لكم نذير، فإن قيل: لو كان محمولا على الأول لكان أنّه، لأنّ نوحا اسم للغيبة فالراجع إليه ينبغي أن يكون على لفظ الغيبة دون لفظ الخطاب؛ قيل: هذا لا يمنع من حمله على أرسلنا وذلك أن الخطاب بعد الغيبة في نحو هذا سائغ، ألا ترى أن قوله: وكتبنا له في الألواح من كل شيء [الأعراف/ 145] ثم قال: فخذها بقوة، فكذلك الآية التي اختلف في قراءتها.
[الحجة للقراء السبعة: 4/315]
قال أبو علي: ووجه قول من كسر إني أنه حمله على القول المضمر، لأنه مما قد أضمر كثيرا في القرآن، وسائر الكلام كقوله: والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم [الرعد/ 23] أي: يقولون، وقوله: والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله [الزمر/ 3]، فهو على: قالوا ما نعبدهم. فكذلك قوله: ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال لهم إني لكم نذير مبين. فالكلام في هذا على وجهه، ولم يرجع إلى الخطاب بعد الغيبة، كما كان ذلك في قول من فتح أن*.
فإن قلت: فهلّا رجّحت قراءة من فتح أنّ على قراءة من كسرها، لأنّ قوله: أن لا تعبدوا [هود/ 26] محمول على الإرسال، فإذا فتحت أنّ كان أشكل بما بعدها لحملها جميعا على الإرسال؟ قيل: لا يرجّح ما ذكرت الفتح وذلك أن قوله:
إني* من قوله: إني لكم في قول من كسر، يجوز أن يكون محمولا وما بعده على الاعتراض بين المفعول، وما يتصل به ممّا بعده، كما كان قوله: قل إن الهدى هدى الله اعتراضا بينهما في قوله: ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم، قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم [آل عمران/ 73]، فكذلك قوله: إني لكم نذير مبين). [الحجة للقراء السبعة: 4/316]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه إنّي لكم نذير مبين * أن لا تعبدوا إلّا الله}
قرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائيّ {إنّي لكم نذير} بفتح الألف المعنى ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه بالإنذار أن لا تعبدوا إلّا الله أي أرسلنا بهذا الأمر
وقرأ الباقون بالكسر المعنى قال لهم إنّي لكم نذير وحجتهم قوله {قال يا قوم إنّي لكم نذير مبين * أن اعبدوا الله} لما أظهر القول ها هنا كان إضماره هناك أولى لأن القصّة واحدة). [حجة القراءات: 337]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (1- قوله: {إلى قومه إني} قرأه ابن كثير وأبو عمرو الكسائي بفتح {إني} على تقدير حذف حرف الجر؛ لأن {أرسل} يتعدّى إلى مفعولين، الثاني بحرف جر، فـ «أن» على قول الخليل في موضع خض، وعلى قول غيره في موضع نصب، وكان حقه أن يكون «أنه» لأن «نوحًا» لفظه لفظ غيبة، فالراجع إليه ينبغي أن يكون على لفظ الغيبة دون لفظ الإخبار، لكنه من باب الخروج من الغيبة إلى الإخبار، وقد مضى ذكره، وقرأه الباقون بكسر الهمزة، على إضمار القول، فقال: إني لكم نذير، وحذف القول كثير مستعمل في القرآن والكلام، كما قال تعالى ذكره: {والملائكة يدخلون عليهم من كل
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/525]
باب. سلام عليكم} «الرعد 23- 24» أي: يقولون سلام عليكم، وقال: {فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم} «آل عمران 106» أي: يقال لهم أكفرتم. وهو كثير، وهو الاختيار؛ لأن الأكثر عليه، ولأن {إني} في الإخبار جرى على الأصل في وقوعه بعد القول المضاف إلى القائل؛ لأنه مخبر عن نفسه، تقول: قال زيد إني نذير لكم، ولا تقول إنه نذير). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/526]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (3- {أَنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ} [آية/ 25] بفتح الألف:
قرأها ابن كثير وأبو عمرو والكسائي ويعقوب.
والوجه أنه محمول على {أَرْسَلْنَا} أي أرسلناه بأني لكم نذير، فحذف الباء، وكان ينبغي أن يكون على الغيبة فيقول إنه لكم نذير؛ لأن نوحًا اسم الغيبة، إلا أنه جاء على الخطاب بعد الغيبة كقوله تعالى {وكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ} ثم قال {فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ ومثل هذا أعني الرجوع من الغيبة إلى الخطاب شائع في كلامهم.
وقرأ الباقون {إنِّي} بكسر الألف.
والوجه أنه محمول على إضمار القول، والتقدير: ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه فقال لهم إني لكم نذير مبين، وإضمار القول كثير في التنزيل كقوله تعالى {والْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ سَلامٌ عَلَيْكُم} أي يقولون {سَلامٌ وكقوله تعالى {والَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ} أي يقولون {مَا نَعْبُدُهُمْ} ). [الموضح: 642]

قوله تعالى: {أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (26)}

قوله تعالى: {فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ (27)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (2- وقوله تعالى: {بادي الرأي} [27].
قرأ أبو عمرو وحده بالهمز على تقدير في ابتداء الرأي.
وقرأ الباقون {بادي} بغير همز جعلوا فاعلاً من بدا يبدو: إذا ظهر، كقوله تعالى: {وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون}.
فإن سأل سائل: كيف تقف على {بادي} بقراءة أبي عمرو؟ فقل: بغير همز؛ لأنك إذا وقفت سكنت الهمزة وقبلها كسرة صارت ياء؛ لانكسار ما قبله مثل إيت فلانًا، إيبق يا غلام، والأصل: إإت وإإبق فجعلت الهمزة ياء. فأجاز الكسائي أن تقف بادئ بالهمز، وكذلك {من شاطئ الوادي} أجاز من {شاطئ} بالهمز.
وقرأ أبو عمرو وحده {الراي} بترك الهمز تخفيفًا مثل «الكاس» و«الباس» و«الراس».
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/278]
والباقون يهمزون على الأصل؛ لأنه مصدر لرأيت في العلم والدين رأيا، ورأيت في عيني رؤية، ورأيت في المنام رؤيًا حسنة، والأمر من هؤلاء الثلاثة ريا هذا، براء واحدة، غير أنك تقف: رِهْ بالهاء، ولغة تميم: إرأ يا هذا، ومنه قوله: {إن كنتم للرؤيا تعبرون} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/279]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الهمز وتركه من قوله عزّ وجلّ: بادي الراي [هود/ 27].
فقرأ أبو عمرو وحده: بادئ الراي. فهمز بعد الدال الراي لا يهمزه، وكلّهم قرأ: الرأي مهموزة غيره.
[الحجة للقراء السبعة: 4/316]
وقرأ الباقون: بادي بغير همز، وروى علي بن نصر عن أبي عمرو أنّه لا يهمز الرأي. اليزيدي عن أبي عمرو لا يهمز الراي إذا أدرج القراءة، أو قرأ في الصلاة ويهمز إذا حقّق.
قال أبو علي: حدثنا محمد بن السري أن اللحياني قال: يقال: أنت بادي الرأي تريد ظلمنا، لا يهمز، وبادئ الرأي مهموز، فمن لم يهمز أراد: أنت فيما أنت فيما بدا في الرأي وظهر، أي: ظاهر الرأي، ومن همز أراد: أنت أول الرأي ومبتدأه، وهما في القرآن: أراذلنا بادئ الرأي وبادي الرأي بهمز وبغير همز.
قال أبو علي: المعنى فيمن قال: بادي الرأي فجعله من بدا الشيء إذا ظهر، وما اتبعك إلا الأراذل فيما ظهر لهم من الرأي، أي لم يتعقّبوه بنظر فيه ولا تبيّن له. ومن همز أراد:
اتبعوك في أول الأمر من غير أن يتبعوا الرأي بفكر ورويّة فيه، وهاتان الكلمتان تتقاربان في المعنى، لأن الهمز في اللام فيها ابتداء للشيء وأوّله، واللام إذا كانت واوا كان المعنى الظّهور قال:
[الحجة للقراء السبعة: 4/317]
يقرّبه النّهض النّجيح لصيده... فمنه بدوّ مرّة ومثول
أي: يظهر مرة ويخفى أخرى، وابتداء الشيء يكون ظهورا، وإن كان الظهور قد يكون ابتداء وغير ابتداء، فلذلك تستعمل كل واحد من الكلمتين في موضع الأخرى كقولهم:
أما بادي بد فإني أحمد الله، وأما بادئ بدء فإني أحمد الله، وقيل في واحد الأبداء التي هي المفاصل من الإنسان وغيره: بدء وبدا مقصور غير مهموز. وجاز في اسم الفاعل أن يكون ظرفا كما جاز في فعيل، نحو: قريب، ومليّ، لأن فاعلا وفعيلا يتعاقبان على المعنى، نحو: عالم وعليم، وشاهد وشهيد، ووال ووليّ، وحسّن ذلك أيضا إضافته إلى الرأي.
وقد أجروا المصدر أيضا في إضافته إليه في قولهم: إما جهد رأي فإنك منطلق، فهذا لا يكون إلا ظرفا وفعل إذا كان مصدرا، وفاعل قد يتفقان في أشياء، وقد يجوز في قول من همز فقال: بادئ الرأي إذا خفف الهمز أن يقول: بادي فيقلب الهمزة ياء لانكسار ما قبلها، فيكون كقولهم: مير في جمع مئرة، وذيب في جمع ذئبة، والعامل في هذا الظرف هو قوله: اتبعك من قوله: ما نراك اتبعك [هود/ 27]، التقدير: ما اتّبعك في أول رأيهم، أو فيما ظهر من رأيهم، إلّا
[الحجة للقراء السبعة: 4/318]
أراذلنا، فأخّر الظرف وأوقع بعد إلّا، ولو كان بدل الظرف غيره لم يجز، ألا ترى أنك لو قلت: ما أعطيت أحدا إلا زيدا درهما، فأوقعت بعد إلا اسمين لم يجز، لأن الفعل أو معنى الفعل في الاستثناء يصل إلى ما انتصب به بتوسط الحرف، ولا يصل الفعل بتوسط الحرف إلى أكثر من مفعول، ألا ترى أنك لو قلت: استوى الماء والخشبة، فنصبت الخشبة؛ لم يجز أن تتبعه اسما آخر فتنصبه: فكذلك المستثنى إذا ألحقته إلّا، وأوقعت بعدها اسما مفردا، لم يجز أن تتبعه آخر، وقد جاز ذلك في الظرف، لأن الظرف قد اتّسع فيه في مواضع، ألا ترى أنهم قد قالوا: كم في الدار رجلا، ففصلوا بينهما في الكلام، وقالوا: إن بالزعفران ثوبك مصبوغ، ولو قلت: إن زيدا عمرا ضارب، تريد: إن عمرا ضارب زيدا، لم يجز، وقال الشاعر:
فلا تلحني فيها فإنّ بحبّها... أخاك مصاب القلب جمّ بلابله
وقياس الحال في هذا قياس الظرف في الجواز، وإن لم يجز غيرهما في ذلك. فإن قلت: فهلّا يجوز أن يكون قوله:
ما نراك من قوله: وما نراك اتبعك اعتراضا، بمنزلتها في قول الأعشى:
[الحجة للقراء السبعة: 4/319]
وما خلت أبقى بيننا من مودّة... عراض المذاكي المسنفات القلائصا
والمعنى: وما أبقى بيننا من مودّة، ألا ترى أن قوله:
أبقى، لا يجوز أن يكون مفعول خلت، وإنما المعنى: وما أبقى بيننا من مودة، فكذلك يكون قوله: وما نراك اتبعك كأنه: وما اتبعك ويكون: نراك اعتراضا؛ فالقول: إن الآية لا تكون كالبيت، لأنّ الفعل قد تعدّى إلى المفعول، ولم يتعدّ في البيت إلى المفعول، فحسن الاعتراض به لمّا لم يتعدّ، كما جاز إلغاؤه في قولهم: زيد ظننت منطلق، ولو ألغيته وقد عدّيته إلى مفعول، لم يجز، وكذلك إذا اعترضت به، فلا يكون قوله اتبعك بمنزلة خلت في بيت الأعشى. فإن قلت: فقد قال آخر:
وما أراها تزال ظالمة... تحدث لي قرحة وتنكؤها
فعدّى أرى إلى الضمير، وجعل أراها اعتراضا، قيل: لا يكون قوله: نراك بمنزلة قوله: وما أراها، وذلك أن الضمير في أراها يكون كناية عن المصدر فلا يقتضي مفعولا ثانيا، وفي قوله: وما نراك المفعول فيه للخطاب، والخطاب لا يكون كناية عن المصدر فلا تكون الآية في قياس البيت، فلو قلت:
[الحجة للقراء السبعة: 4/320]
ما ضرب القوم إلا بعضهم بعضا، لم يجز، وتصحيحها: ما ضرب القوم أحدا إلا بعضهم بعضا، تبدل الاسمين بعد إلا من الاسمين قبلها، فإن قلت: فكيف تقدير قول الأعشى:
وليس مجيرا إن أتى الحيّ خائفا... ولا قائلا إلا هو المتعيّبا
فإن المتعيّب يكون على مضمر تقديره: يقول المتعيّبا، تحمل: «إلا هو» على المعنى لأن المعنى: ولا يقول أحد إلا هو، فحملته في هذا على المعنى، كما حملته عليه في قولهم:
ما قام إلا هند. فإن قلت: أحمل المتعيّب على المعنى، لأن المعنى يقول: هو المتعيّبا، فهو قول.
فأما تحقيق الهمزة وتخفيفها في الرأي، فأهل تحقيق الهمز يحققونها، وأهل التخفيف يبدلون منها الألف، وكذلك ما أشبه هذا من نحو: الباس والراس والفاس). [الحجة للقراء السبعة: 4/321]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وما نراك اتبعك إلّا الّذين هم أراذلنا بادي الرّأي}
[حجة القراءات: 337]
قرأ أبو عمرو (بادئ الرّأي) بالهمز أي ابتداء الرّأي أي اتبعوك ابتداء الرّأي ولم يتدبروا ما قلت ولم يفكروا فيه ولو تفكّروا وتدبروا لم يتبعوك
وقرأ الباقون {بادي} بغير همز من بدا يبدو إذا ظهر ويكون التّفسير على نوعين في هذه القراءة أحدهما أن يكون اتبعوك في الظّاهر وباطنهم على خلاف ذلك أي أنهم أظهروا الإسلام وابطنوا الكفر ويجوز أن يكون اتبعوك في ظاهر الرأي ولم يتدبروا ما قلت ولم يفكروا فيه). [حجة القراءات: 338]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (2- قوله: {بادي الرأي} قرأ أبو عمرو بهمز {بادي} همزة مفتوحة في موضع الياء، وقرأ الباقون بغير همز.
وحجة من همز أنه جعله من الابتداء تقديره أنهم قالوا لـ «نوح»: ما نراك اتعبك إلا الذين هم الأراذل في أول الأمر، أي: ما نراك في أول الأمر، كأنه رأى ظهر لهم لم يتعقبوه بنظر وتفكر، ونصب {بادي} على الظرف، وحسن ذلك في «فاعل» لإضافته إلى «الرأي» كما نصبوا المصدر على الظرف؛ لإضافته إلى الرأي في قولهم: إما جهر رأي فإنك منطلق.
3- وحجة من لم يهمز أنه جعله من «بدا يبدو» إذا ظهر، والمعنى: ما اتبعك فيما ظهر لنا من الرأي إلا الأراذل، كأنه أمر ظهر لهم لم يتعقبوه بتفكر ونظر، وإنما هو أمر ظهر لهم من غير تيقن، ونصب {بادي} أيضًا على الظرف على ما ذكرنا، ويجوز أن يكون من قرأه بالياء أراد الهمز، ثم خفف الهمزة بالبدل لانفتاحها، وانكسار ما قبلها، فتكون القراءتان بمعنى من الابتداء، والعامل في {بادي} في القراءتين {اتبعك}، وجاز أن يعمل ما قبل {إلا} فيما
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/526]
بعدها، على الاتساع في الظرف، ولولا ذلك ما جاز، ألا ترى أنك لو قلت: ما أعطيت أحدًا إلا زيدا درهما، لم يجز لوقوع الاسمين بعد {إلا} ). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/527]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (4- {بَادِئَ الرَّأْيِ} [آية/ 27] بالهمز بعد الدال من {بَادِئَ}:
قرأها أبو عمرو وحده.
والوجه أنه اسم الفاعل من بدأت الشيء أبدأه، إذا ابتدأته، أي اتبعوك في أول الأمر من غير أن يكون لهم فيه فكرٌ ولا روية، والبادئ: المبتدئ، ومبتدأ الرأي: أول الرأي؛ لأنه إذا ابتدأ في الظهور فهو الأول.
و {بَادِئَ الرَّأْيِ} منصوب على الظرف، وليس بزمان ولا مكان، ولكن في مقدر فيه، فلهذا صار ملحقًا بالظروف، والعامل فيه {اتَّبَعَكَ وقيل بل هو منصوب على المصدر، كما تقول ضربته أول الضرب، وقيل هو حال من الكاف في {اتَّبَعَكَ} وهو ضمير نوح، وقيل هو على النداء أي يا بادئ الرأي.
وقرأ الباقون {بَادِيَ الرَّأْيِ} بفتح الياء غير مهموزة.
والوجه أنه من بدا الشيء إذا ظهر، والمعنى وما يتبعك إلا الأراذل فيما ظهر لهم من الرأي من غير أن يرجعوا فيه إلى روية وفكر، والبادي هو الظاهر كأنه قال في ظاهر الرأي، والمعنيان متقاربان، ونصبه على ما سبق). [الموضح: 643]

قوله تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآَتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ (28)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (3- وقوله تعالى: {فعميت عليكم} [28].
قرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم {فعميت} مشددًا.
وقرأ الباقون {فعميت} ومعناهما واحد؛ لأن الفراء قال: العرب تقول: عُمِّىَ علي الأمر، وعَمِىَ علي بمعنى.
وحجة من شدد: أن أبيا وابن مسعود قرآ: {فعماها عليكم}.
وحجة من خفف: اجتماع القراء على تخفيف التي في (القصص): {فعميت عليهم الأنباء يومئذ} قال أبو عبيد: ولا أعلم أحدًا قرأها بالتشديد.
قال أبو عبد الله: وقد شددها عبيد بن عمير {فعميت عليهم الأنباء يومئذ}.
وقرأ أبو عمرو وحده {أنلزمكموها} [28] باختلاس الحركة تخفيفًا واستثقالاً لاجتماع الضمات.
وقرأ الباقون {أنلزمكموها} بضم الميم على الأصل). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/279]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح العين وتخفيف الميم، وضمّ العين وتشديد الميم من قوله عز وجلّ: فعميت عليكم [هود/ 28].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر فعميت* بتخفيف الميم وفتح العين.
[الحجة للقراء السبعة: 4/321]
وقرأ حمزة والكسائيّ فعميت بضم العين وتشديد الميم، وكذلك حفص عن عاصم فعميت مثل حمزة.
قال أبو علي: يدل على قوله: فعميت* اجتماعهم في قوله: فعميت عليهم الأنباء يومئذ [القصص/ 66]، وهذه مثلها، ويجوز في قوله: فعميت عليكم أمران: أحدهما أن يكون عموا هم عنها، ألا ترى أن الرحمة لا تعمى وإنّما يعمى عنها، فيكون هذا كقولهم: أدخلت القلنسوة في رأسي، ونحو ذلك مما يقلب إذا لم يكن فيه إشكال، وفي التنزيل: ولا تحسبن الله مخلف وعده رسله [إبراهيم/ 46] وقال الشاعر:
ترى الثور فيها مدخل الظلّ رأسه... وسائره باد إلى الشّمس أجمع
والآخر: أن يكون معنى عميت: خفيت. كقوله:
[الحجة للقراء السبعة: 4/322]
وماء صرى عافي الثّنايا كأنّه... من الأجن أبوال المخاض الضّوارب
عم شرك الأقطار بيني وبينه...
أي: خفي. وقال آخر:
ومهمه أطرافه في مهمه... أعمى الهدى في الحائرين العمّه
أي خفيّ الهدى، ألا ترى أنّ الهدى ليس بذي جارحة تلحقها هذه الآفة. ومن هذا قيل للسحاب: العماء، لإخفائه ما يخفيه، كما قيل له الغمام، ومن هذا قول زهير:
ولكنّني عن علم ما في غد عم وقولهم: أتانا صكّة عميّ: إذا أتى في الهاجرة وشدّة الحرّ؛ يحتمل عندنا تأويلين: أحدهما أن يكون المصدر أضيف
[الحجة للقراء السبعة: 4/323]
إلى العمى كما قالوا: ضرب التّلف، أي: الضّرب الذي يحدث عنه التلف، ويقوّي ذلك أنّه قد جاء في الشعر:
ويهجمها بارح ذو عمى أي: بارح يكون عنه العمى لشدّة حره.
ويمكن أن يكون العميّ تصغير أعمى على وجه الترخيم، وأضيف المصدر إلى المفعول به كقوله: من دعاء الخير [فصلت/ 49]، ولم يذكر الفاعل الذي هو الحر والتقدير:
صكّ الحرّ الأعمى، والمعنى: أنّ الحرّ من شدته، كأنّه يعمي من أصابه، والمصدر في الوجهين ظرف، نحو مقدم الحاج، وخفوق النجم. ومن قال: عميت اعتبر قراءة أبيّ والأعمش:
فعماها عليكم، وإسناد الفعل إلى المفعول به في عميت من عماها في المعنى). [الحجة للقراء السبعة: 4/324]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بيّنة من ربّي وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم}
قرأ حمزة والكسائيّ وحفص {فعميت عليكم} بضم العين وتشديد الميم أي أخفيت كما يقال عميت عليه الأمر حتّى لا يبصره وحجتهم في حرف عبد الله (فعماها عليكم) وقيل إن في مصحف أبي (فعماها عليكم) فبان بما في حرف مصحف أبي أن الفعل مسند إلى الله وأنه هو الّذي عماها فردّت في قراءتنا إلى ما لم يسم فاعله والمعنى واحد والعرب تقول عمي على الخبر وهي مع ذلك ليس الفعل لها في الحقيقة وإنّا استجازوها على مجاز كلام العرب فإذا ضممت العين كانت مفعولا بها غير مسمّى فاعلها فاستوى حينئذٍ الكلام فلم يحتج إلى مجاز كلام العرب وترك المجاز إذا أمكن تركه أحسن وأولى وأخرى وهي أن ذلك أتى عقيب قوله {وآتاني رحمة من عنده} وذلك خبر من نوح أن الله تعالى خصّه بالرّحمة الّتي
[حجة القراءات: 338]
آتاها إيّاه فكذلك قوله {فعميت} خبر عن الله أنه هو الّذي خذل من كفر به
قرأ أهل الحجاز والشّام والبصرة وأبو بكر {فعميت} بفتح العين وتخفيف الميم أي فعميت البيّنة عليكم وحجتهم أن الّتي في القصص لم يختلف فيها مفتوحة العين قال الله تعالى {فعميت عليهم الأنباء} فهذه مثلها فكما يقال خفي علينا الخبر يقال عمي عليّ الأمر وهذا ممّا حولت العرب الفعل إليه وهو لغيره كقولهم دخل الخاتم في إصبعي والخف في رجلي ولا شكّ أن الرجل هي الّتي تدخل في الخف والإصبع في الخاتم). [حجة القراءات: 339]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (4- قوله: {فعميت عليكم} قرأه حفص وحمزة والكسائي على المعنى، لأنهم لم يعموا عن الرحمة حتى عميّت عليهم، وفي قراءة الأعمش: «فعماها عليكم» فهذا يدل على التشديد وإن هو عماها عليهم إذ لا يكون أمر إلا بإرادة الله.
5- وحجة من فتح وخفف أنه أضاف الفعل إلى «الرحمة» فضمير الرحمة في {عميت} مرفوع بفعله، وقد أجمعو على الفتح والتخفيف في القصص، وهو مثله، ومعنى الآية على الحقيقة أنهم عموا عن الرحمة، لم تعم الرحمة عليهم، فهو من باب «أدخلت القبر زيدا، وأدخلت القلنسوة رأسي»، وحسن هذا في كلام العرب لأن المعنى مفهوم لا يُشكل، وعلى ذلك أتى قوله: {فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله} «إبراهيم 47» إنما حقيقته: مُخلف رسله وعده، ويجوز أن يكون معنى {عميت} خفيت، فلا يكون فيه قلب). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/527]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (5- {فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ} [آية/ 28] بضم العين وتشديد الميم:
قرأها حمزة والكسائي و- ص- عن عاصم.
والوجه أنه من عميته تعمية، وهو مبني لما لم يسم فاعله، والمنى أخفيت
[الموضح: 643]
عليكم، والتاء ضمير الرحمة من قوله {وآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ ويجوز أن يكون على القلب على ما سيجيئ بيانه من بعد بمشيئة الله.
ويؤيد هذه القراءة قراءة أبي والأعمش {فَعُمِّاهَا عَلَيْكُمْ}.
وقرأ الباقون {فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ} بفتح العين وتخفيف الميم.
والوجه أن الفعل لضمير الرحمة على ما ذكرنا، وهو على القلب، والمعنى عموا عنها، كما تقول أدخلت الخاتم [في أصبعي] ). [الموضح: 644]

قوله تعالى: {وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (29)}

قوله تعالى: {وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (30)}

قوله تعالى: {وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (31)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 10 صفر 1440هـ/20-10-2018م, 01:44 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تفسير سورة هود
[ من الآية (32) إلى الآية (35) ]

{ قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (32) قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شَاءَ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (33) وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (34) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ (35) }

قوله تعالى: {قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (32)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن عباس بخلاف وأيوب السختياني: [فَأَكْثَرْتَ جِدَلَنَا].
قال أبو الفتح: الجدل اسم بمعنى الجِدال والمجادلة، وأصل ج د ل في الكلام: القوة، منه قولهم: غلام جادل: إذا ترعرع وقوي، وركب فلان جَديلة رأيه: أي صمم عليه ولم يلِن فيه. ومنه الأجدل للصقر؛ وذلك لشدة خَلْقه، وعليه بقية الباب. وكذلك الجِدال إنما هو الاقتواء على خصمك بالحجة، قال الله عز وجل: {وَكَانَ الْأِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} أي: مغالبة بالقول وتقويا.
[المحتسب: 1/321]
ونحو منه لفظًا قولهم: ظَبْي شادن: أي قد قوي واشتد، والشين أخت الجيم، والنون أخت اللام. ونحو منه قولهم: عطَوت الشيءَ: إذا تناولتَه، وقالوا: أتيت عليه: إذا ملكتَه واشتملت عليه. والعين أخت الهمزة، والطاء أخت التاء، والواو أخت الياء. وهذا باب من اللغة لعله لو تُقرِّيَتْ لأَتى على أكثرها، وقد أَتيتُ على كثير منه في كتاب الخصائص.
ولولا أن القراء لا ينبسطون في هذه الطريق لنبهت على كثير منه. لا، بل إذا كان منتحلو هذا العلم والمترسمون به قلَّما تَطُوع طباعهم لهذا الضرب منه، وإن اضطروا إلى فهم شيء من جملته أظهروا التجاهل به، ولم يشكروا الله عز وجل على ما لاح لهم وأعرض من طريقه؛ جريًا على عادة مستوخَمة، وإخلادًا إلى خليقة كرِهة مستوبَلة حسدًا يريهم ونَغَلًا يُجويهم. وما أقلهم مع ذلك عددًا! وكذلك هم بحمد الله ولو ضوعفوا مددًا، فما ظنك بالقراء لو جُشموا النظر فيه والتقري لغروره ومطاويه؟ جعلنا الله ممن يأوي إلى طاعته، وأودعنا أبدًا شكر نعمته). [المحتسب: 1/322]

قوله تعالى: {قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شَاءَ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (33)}

قوله تعالى: {وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (34)}

قوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ (35)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 10 صفر 1440هـ/20-10-2018م, 01:46 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تفسير سورة هود
[ من الآية (36) إلى الآية (40) ]

{ وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آَمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36) وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (37) وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (38) فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ (39) حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آَمَنَ وَمَا آَمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ (40) }

قوله تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آَمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36)}

قوله تعالى: {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (37)}

قوله تعالى: {وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (38)}

قوله تعالى: {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ (39)}

قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آَمَنَ وَمَا آَمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ (40)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (4- وقوله تعالى: {من كل زوجين} [40].
روى حفص عن عاصم {من كل زوجين} منونًا وكذلك في (المؤمنون).
وقرأ الباقون مضافًا.
وتقدير قراءة حفص أن احمل فيها من كل جنس وكل نوع زوجين ذكر وأنثى، لأن الأنثى زوج الذكر والذكر زوج الأنثى، يقال: عندي زوجا حمام ذكر وأنثى تأكيدًا لهما. كما تقول: عندي رجلان اثنان وإن كان غير ملتبس كما قال: {لا تتخذوا إلهين اثنين}.
والاختيار: الإضافة؛ لاجتماع الناس عليها). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/280]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: وكلّهم قرأ من كل زوجين اثنين [هود/ 40] مضافا، غير حفص، فإنه روى عن عاصم: من كل زوجين اثنين* منوّنا، وكذلك في المؤمنين [27].
أبو بكر عن عاصم: من كل زوجين مضاف.
قال أبو الحسن: تقول للاثنين: هما زوجان، وقال: ومن كل شيء خلقنا زوجين [الذاريات/ 49]، وتقول للمرأة:
[الحجة للقراء السبعة: 4/324]
هي زوج، وهو زوجها، وقال: وخلق منها زوجها [النساء/ 6]، يعني المرأة. وقال: أمسك عليك زوجك [الأحزاب/ 37]، قال: وقال بعضهم: الزوجة، قال الأخطل:
زوجة أشمط مرهوب بوادره... قد صار في رأسه التّخويص والنّزع
قال أبو الحسن: وقد يقال للاثنين هما زوج، قال لبيد:
من كلّ محفوف يظلّ عصيّه... زوج عليه كلّة وقرامها
انتهى كلام أبي الحسن.
قال أبو علي: ويدلّ على أن الزوج يقع على الواحد قوله: ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين... ومن
[الحجة للقراء السبعة: 4/325]
الإبل اثنين ومن البقر اثنين [الأنعام/ 142 - 143]، قال: وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج [الزمر/ 6].
قال الكسائيّ: فيما حدّثنا محمد بن السري أن أكثر كلام العرب بالهاء يعني في قولهم: هي زوجته، قال الكسائيّ:
وزعم القاسم معن أنه سمعها من الأزد أزد شنوءة. قال أبو علي: فأما ما كان من هذا في التنزيل، فليس فيه هاء، قال: اسكن أنت وزوجك الجنة [البقرة/ 35]، ومما يدلّ على أنه بغير هاء قول الشاعر:
وأراكم لدى المحاماة عندي... مثل صون الرجال للأزواج
فالأزواج: جمع زوج بلا هاء، ولو كان في الواحد الهاء لكان كروضة ورياض، فلما قال: أزواج، علمت أنه جعله مثل ثوب وأثواب، وحوض وأحواض. ويمكن أن يقول الكسائيّ: إن هذا جمع على تقدير حذف التاء كما قيل: نعمة وأنعم، فجمع على حذف التاء مثل: قطع وأقطع وجرو وأجر، ويمكن أن يقول: إنه على قول من قال: زوج فلم يلحقه الهاء، ويقال: لكل زوجين قرينان، وقيل في قوله: وزوجناهم بحور عين [الدخان/ 54] أي: قرنّاهم بهنّ، وليس من عقد التزويج على ما رويناه عن ابن سلام عن يونس، وذاك أنه
[الحجة للقراء السبعة: 4/326]
حكى عن يونس أن العرب لا تقول: تزوجت بها، إنما يقولون:
تزوجتها، وحمل يونس، قوله: وزوجناهم بحور عين على:
قرناهم، والتنزيل يدل على ما قال يونس وذلك قوله: فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها [الأحزاب/ 37] ولو كان على تزوّجت بها لكان زوّجناك بها، وقال ابن سلّام، وقال أبو البيداء: تميم تقول: تزوجت امرأة، وتزوجت بامرأة، ولا يبعد أن يكون قوله:
زوجناكها على أنه حذف الحرف فوصل الفعل، فأما قوله:
أو يزوجهم ذكرانا وإناثا [الشورى/ 50] فعلى معنى يقرنهم في هبته ذكرانا وإناثا، وكذلك قوله: وكنتم أزواجا ثلاثة [الواقعة/ 7]، فأصحاب الميمنة زوج، وأصحاب المشأمة زوج، والسابقون كذلك. وأما قوله: وآخر من شكله أزواج [ص/ 58] فإنّه يذكر في مكانه من هذا الكتاب إن شاء الله.
من قال: من كل زوجين اثنين كان قوله: اثنين مفعول الحمل، والمعنى: احمل من الأزواج إذا كانت اثنين اثنين زوجين، فالزوجان في قوله: من كل زوجين يراد بهما الشّياع، وليس يراد بذلك الناقص عن الثلاثة، ومثل ذلك قوله:
... فما لك بالذي... لا تستطيع من الأمور يدان
[الحجة للقراء السبعة: 4/327]
إنّما يريد تشديد انتفاء قوته عنه، وتكثيره، ويبين هذا المعنى قول الفرزدق:
وكلّ رفيقي كلّ رحل وإن هما... تعاطى القنا قوماهما أخوان
فرفيقان اثنان لا يكونان رفيقي كلّ رحل، وإنما يريد الرفقاء إذا كانوا رفيقين رفيقين.
ومن نوّن فقال: من كل زوجين اثنين فحذف المضاف من كلّ، ونوّن، فالمعنى: من كلّ شيء ومن كلّ زوج زوجين اثنين، فيكون انتصاب اثنين على أنه صفة لزوجين. فإن قلت:
فالزوجان قد فهم أنّهما اثنان، فكيف جاز وصفهما بقوله:
اثنين، فإنّ ذلك إنّما جاء للتأكيد والتشديد كما قال: لا تتخذوا إلهين اثنين [النحل/ 51]، وقد جاء في غير هذا من الصفات ما مصرفه إلى التأكيد، كمن قرأ: نعجة أنثى، وكقولهم: أمس الدابر، وأمس المدبر، وقوله: نفخة واحدة [الحاقة/ 13]، وقد علم من النفخة أنها واحدة. وقال: ومناة الثالثة الأخرى [النجم/ 20].
ومثل هذا في أنّه حمل مرة على الإضافة، وأخرى على التنوين قوله: وآتاكم من كل ما سألتموه [إبراهيم/ 34] ومن كل ما سألتموه. فمن أضاف كان المفعول محذوفا تقديره: من كلّ مسئول شيئا، أو مسئولا ونحو ذلك، ومثل ذلك: يخرج لنا مما تنبت الأرض [البقرة/ 61] أي: شيئا، فحذف المفعول،
[الحجة للقراء السبعة: 4/328]
ويجوز في قياس قول أبي الحسن أن يكون الجار والمجرور في موضع نصب، وتكون من زائدة في الإيجاب كما تكون زائدة في غير الإيجاب). [الحجة للقراء السبعة: 4/329]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين}
قرأ حفص عن عاصم {من كل زوجين} منونا أراد من كل شيء فحذف كما حذف من قوله {ولكل وجهة} أي ولكل صاحب ملّة قبلة هو موليها لأن كلا وبعضا يقتضيان مضافا إليهما قوله {زوجين} على هذه القراءة مفعول به واثنين وصف له وتقدير الكلام قلنا احمل فيها زوجين اثنين من كل شيء أي من كل جنس ومن كل الحيوان
وقرأ الباقون {من كل زوجين} مضافا و{اثنين} نصب على أنه مفعول به المعنى فاحمل اثنين من كل زوج). [حجة القراءات: 339]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (6- قوله: {من كل زوجين} قرأه حفص بتنوين {كل} ومثله في {قد أفلح} وقرأهما الباقون بغير تنوين.
وحجة من نون أنه عدى الفعل وهو {احمل} و{اسلك} إلى {زوجين} فنصبهما بالفعل وجعل {اثنين} نعتًا لـ {زوجين}، وفيه معنى التأكيد كما قال: {لا تتخذوا إلهين اثنين} «النحل 51» وقال: {ولي نعجة واحدة} «ص 23» وقال: {مناة الثالثة الأخرى} «النجم 20» فـ {كل} نعت فيه معنى التأكيد، والتقدير: احمل فيها زوجين اثنين من كل شيء، ثم حذف ما أضيف إليه {كل} فنون «كلا».
7- وحجة من أضاف أنه عدّى الفعل إلى {اثنين} وخفض {زوجين} لإضافة {كل} إليهما، والتقدير: احمل فيها اثنين من كل زوجين، أي: من كل صنفين). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/528]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 10 صفر 1440هـ/20-10-2018م, 01:54 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تفسير سورة هود
[ من الآية (41) إلى الآية (44) ]

{ وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (41) وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ (42) قَالَ سَآَوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (43) وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (44) }

قوله تعالى: {وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (41)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (5- قوله تعالى: {بسم الله مجرائها} [41].
قرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم {مجرائها} بالإمالة وبفتح الميم.
والباقون {مجراها} بضم الميم وهما مصدران، فمن فتح الميم جعله مصدرًا لجرى مجرى، ومن ضم جعله مصدرًا لأجريته، والمصدر من أفعل مُفْعَل وإفعال لا ينكسر كقوله: {وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق} وقال الشاعر.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/280]
الحمد لله ممسانا ومصبحنا = بالخير صبحنا ربي ومسانا
لأنك تقول: أمسى وأصبح. وهذا البيت ينشد مفتوحًا ومضمومًا. وقال آخر:
وعُمرت حرسًا قبل مجرى داحس = لو كان للنفس اللجوج خلود
ينشد: (قبل مجرى) و(بمجرى). وعمرتُ؛ أي: بقيت وطال عمري، والحرس: الدهر.
وأبو عمرو يميل: {مجريها} ونافع بين بين، وكذلك عاصم في رواية أبي بكر. وابن كثير يفتح.
فأما {مرسها}.
فاتفق القراء على ضم الميم. وحمزة والكسائي يميلان وأبو عمرو ونافع ابن بين، وعاصم وابن كثير بالتفخيم.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/281]
وقرأ مجاهد {بسم الله مجريها ومرسيها} جعلهما نعتين لله تعالى، أي: الله أجراها فهو مجر، وأرساها فهو من مرس، وموضعها جر على هذه القراءة، ولا علامة للجر؛ لأن الياء قبلها كسرة مثل قاضيك وراميك.
وحدثني أحمد بن عبدان عن علي بن عبد العزيز عن أبي عبيد قال: حدثني هشيم عن عوف عن أبي رجاء: {بسم الله مجريها ومرسيها} مثل قراءة مجاهد.
قال أبو عبيد: وكذلك قرأها حميد). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/282]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في ضمّ الميم وفتحها من قوله عز وجل: مجراها [هود 41].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر وابن عامر: مجراها بضم الميم.
وقرأ حمزة والكسائيّ: مجراها بفتح الميم وكسر الراء، وكذلك حفص عن عاصم: مجراها بفتح الميم، وكسر الراء من غير إضافة. قال: وليس يكسر في القرآن غير هذا الحرف، يعني الراء في: مجراها). [الحجة للقراء السبعة: 4/329]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وكلّهم قرأ: ومرساها [41] بضم الميم.
وكان ابن كثير وابن عامر يفتحان الراء والسين.
وكان نافع وعاصم في رواية أبي بكر يقرءانها بين الكسر والتفخيم.
وكان أبو عمرو وحمزة والكسائيّ يميلون الراء من مجراها ويفتح أبو عمرو وحفص عن عاصم السين من مرساها، وأمالها حمزة والكسائي. وليس فيهم أحد جعلها نعتا.
[الحجة للقراء السبعة: 4/329]
قال أبو علي: يجوز في قوله: بسم الله مجراها ومرساها أن يكون حالا من شيئين: من الضمير الذي في قوله: اركبوا ومن الضمير الذي في فيها، فإن جعلت قوله:
بسم الله مجراها خبر مبتدأ مقدّم في قول من لم يرفع بالظرف، أو جعلته مرتفعا بالظرف، لم يكن قوله: بسم الله مجراها إلا جملة في موضع الحال من الضمير الذي في فيها، ولا يجوز أن يكون من الضمير في قوله: اركبوا لأنه لا ذكر فيها يرجع إلى الضمير، ألا ترى أن الظرف في قول من رفع بالظرف قد ارتفع به الظاهر، وفي قول من رفع في هذا النحو بالابتداء، قد حمل في الظرف ضمير المبتدأ! فإذا كان كذلك، خلت الجملة من ذكر يعود من الحال إلى ذي الحال، وإذا خلا من ذلك، لم يكن إلّا حالا من الضمير الذي في فيها ويجوز أن يكون قوله: بسم الله حالا من الضمير الذي في اركبوا، على أن لا يكون الظرف خبرا عن الاسم الذي هو مجراها على ما كان في الوجه الأول، ولا يكون حالا عن الضمير على حدّ قولك: خرج بثيابه، وركب في سلاحه، والمعنى: ركب مستعدّا بسلاحه، أو متلبّسا بثيابه، وفي التنزيل: وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به [المائدة/ 61]، فكأنّ المعنى: اركبوا متبرّكين باسم الله، ومتمسّكين بذكر اسم الله. فيكون في بسم الله ذكر يعود إلى المأمورين، فإن قلت: فكيف اتصال المصدر الذي هو:
مجراها بالكلام على هذا، فإنه يكون متعلّقا بما في بسم الله من معنى الفعل، وجاز تعلّقه به لأنه يكون ظرفا على
[الحجة للقراء السبعة: 4/330]
نحو: من مقدم الحاج، وخفوق النجم، كأنه: متبرّكين، أو متمسّكين في وقت الجري، أو الإجراء، أو الرسوّ، أو الإرساء، على حسب الخلاف بين القراء ولا يكون الظرف متعلقا ب اركبوا لأن المعنى ليس عليه، ألا ترى أنه لا يراد:
اركبوا فيها في وقت الجري والثبات، إنما المعنى: اركبوا الآن متبرّكين باسم الله في الوقتين اللذين لا ينفكّ الراكبون فيها منهما من الإرساء والإجراء، ليس يراد: اركبوا وقت الجري والرسوّ، فموضع مجراها نصب على هذا الوجه بأنه ظرف عمل فيه المعنى، وفي الوجه الأول رفع بالابتداء أو بالظرف، يدلّ على أنه في الوجه الأول رفع، وأن ذلك الفعل الذي كان يتعلق به، لا معتبر الآن قول الشاعر:
وا بأبي
أنت وفوك الأشنب... كأنّما ذرّ عليه زرنب
وأما قوله: مجراها فحجة من فتح قوله: وهي تجري بهم في موج كالجبال [هود/ 42]، ولو كان مجراها لكان: وهي تجريهم.
وحجّة من ضمّ: أن جرت بهم، وأجرتهم يتقاربان في المعنى، فإذا قال: تجري بهم فكأنّه قال: تجريهم، ويقال:
[الحجة للقراء السبعة: 4/331]
جرى الشيء وجريت به، وأجريته، مثل: ذهب وذهبت به، وأذهبته. فمن قرأ: مجراها فهو مصدر من: جرى الشيء يجري، ويدلّ على مجراها قوله: وهي تجري بهم، ويقال: رسا الشيء يرسو، قال:
فصبرت عارفة لذلك حرّة... ترسو إذا نفس الجبان تطلّع
وقال: والجبال أرساها [النازعات/ 32]، وألقى في الأرض رواسي [النحل/ 15] فهذا يدلّ على رسا.
وقوله: أيان مرساها [الأعراف/ 187] يدلّ على أرسى.
وأمّا إمالة الألف من مرساها وتفخيمها فكلاهما حسن.
وقول أحمد بن موسى: وليس منهم أحد جعلها اسما.
يريد: ليس منهم أحد جعله اسم الفاعل وأجراها على اسم الله، فيقول: مجريها ومرسيها. وهي قراءة قد قرأ بها غيرهم، وليس ذلك بالوجه، لأنها لم تجر بعد، ولو جرت لكان فعل حال، فلا يكون صفة للمعرفة، فإذا لم يحسن على هذا الوجه حمل على البدل، بدل النكرة من المعرفة، كقوله: بالناصية ناصية كاذبة [العلق/ 15 - 16]). [الحجة للقراء السبعة: 4/332]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({بسم الله مجراها ومرساها}
[حجة القراءات: 339]
قرأ حمزة والكسائيّ وحفص {بسم الله مجراها} بفتح الميم وكسر الرّاء من جرت السّفينة جريا ومجرى وقالوا إن معنى ذلك بسم الله حين تجري وحجتهم قوله بعدها {وهي تجري بهم في موج كالجبال} ولم يقل وهي تجري فهذا أول دليل على صحة معنى مجراها بفتح الميم وإسناد إلى السّفينة في اللّفظ والمعنى
وقرأ الباقون {مجراها ومرساها} بضم الميمين أي باللّه إجراؤها وباللّه إرساؤها يقال أجريته مجرى وإجراء في معنى واحد وهما مصدران وحجتهم إجماع الجميع على ضم الميم في {مرساها} فرد ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه). [حجة القراءات: 340]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (8- قوله: {ومجراها} قرأ حفص وحمزة والكسائي بفتح الميم والإمالة، بنوه على {جرت} فهو مصدر «جرت» دليله قوله: {تجري بهم} «42» ولو حمل على الضم لقال تجريهم، وقرأ الباقون بضم الميم، وأمال أبو عمرو، وقرأ ورش بين اللفظين، بنوه مصدرًا من «أجرى»، وهما لغتان، يقال: جريت به وأجريته، مثل ذهبت به وأذهبته، وقد أجمعوا على الضم في {مرساها} من «أرسيت»، وهم يقولون: رست، وقد أجمعوا على {الجبال أرساها} «النازعات 32» وعلى الضم في {أيان مرساها} «الأعراف 187» والضم في الميم في {مجراها} الاختيار؛ لأن الأكثر عليه، وقد ذكرنا علة الإمالة فيما تقدم). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/528]

قوله تعالى: {وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ (42)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (6- وقوله تعالى: {يا بني اركب معنا} [42].
قرأ عاصم وحده: {يا بني} بنصب الياء، أراد يا بنياه فرخم.
وقرأ الباقون: {يا بني} بكسر الياء، أرادوا: يا بنيي بالإضافة إلى النفس فسقطت، الياء اجتزاء بالكسرة، كما تقول: يا رب اغفر لي، ويا غلام تعال. وفيها ثلاث ياءات، ياء التصغير وهي الأولى، وياء أصلية، وهي الوسطى، وياء الإضافة إلى النفس وهي محذوفة.
وقرأ حمزة وحده: {اركب معنا} مظهرًا.
وقرأ الباقون: {اركب معنا} مدغمًا، وهو الاختيار؛ لأن الميم أخت الباء يخرجان ما بين الشفتين والأول ساكن، فكما يفتح إظهار: {ودت طائفة} و{قد تبين الرشد} للأختية بين الطاء والذال والتاء، كذلك يفتح بيان الباء مع الميم). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/282]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في كسر الياء وفتحها من قوله: يا بني اركب معنا [هود/ 42].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم وابن عامر وحمزة والكسائيّ: يا بني اركب معنا مضافة بكسر الياء.
وكذلك كلّ ما أضافه المتكلم إلى نفسه، فالياء فيه مكسورة، إذا كان الابن واحدا إلّا أنّ ابن كثير روي عنه في سورة لقمان أنه قرأ الأحرف الثلاثة [13، 16، 17] مختلفة الألفاظ فكان يقرأ: يا بني لا تشرك [13] بحذف ياء الإضافة، ولا يشدّد ويسكن الياء، وقرأ الثانية: يا بني إنها [16] مشدّدة الياء مكسورة. وقرأ الثالثة: يا بني أقم [17] مثل الأولى ساكنة الياء، هكذا قرأت على قنبل عن القوّاس وتابع البزيّ القواس في الأوليين، وخالفه في الثالثة [فقرأ]: يا بني أقم بفتح الياء.
وروى أبو بكر عن عاصم يا بني اركب معنا مفتوحة الياء في هذا الموضع، وسائر القرآن مكسورة الياء مثل حمزة وروى حفص عنه بالفتح في كلّ القرآن يا بني إذا كان واحدا.
قال أبو علي: الكسر في الياء الوجه في قوله يا بني وذلك أن اللام في ابن ياء أو واو حذفت من ابن، كما حذفت من اسم واثنين، وإذا حقّرت ألحقت ياء التحقير، فلزم أن تردّ
[الحجة للقراء السبعة: 4/333]
اللام التي حذفت، لأنّك لو لم تردّها لوجب أن تحرّك ياء التحقير بحركات الإعراب، وتعاقبها عليها، وهي لا تحرّك أبدا بحركة الإعراب ولا غيرها، ألا ترى أنّ من خفّف الهمزة الساكن ما قبلها نحو: الخبء [النحل/ 27] لم يفعل ذلك في الهمزة في نحو: أفياء، إنّما تبدل من الهمزة ياء، ويدغم فيها ياء التحقير كما يفعل ذلك مع ياء خطيئة، وواو مقروءة، ونحو ذلك من حروف المدّ التي لا تحرك. فإذا قلت: إن ياء التصغير أجريت هذا المجرى، علمت أنها لا تحرّك، كما لا تتحرك حروف المدّ التي أجريت ياء التحقير مجراها. ومما يدلّ على امتناع إلقاء حركة الإعراب على ياء التحقير أن حروف اللين إذا كانت حرف الإعراب، انقلبت ألفا نحو: عصا وقفا، فإن قلت: كيف انقلبت وحركة الإعراب غير لازمة؟ هلّا لم تنقلب كما لم تنقلب الواو المضمومة همزة في نحو: لا تنسوا الفضل بينكم [البقرة/ 237] حيث كانت غير لازمة. قيل: إن الحركة من حركات الإعراب، وإن كانت لا تلزم بعينها الحرف، فلا بدّ من لزوم حركة لغير عينها، فصارت حرف الإعراب لذلك، كأنه قد لزمته حركة واحدة، وهذا المعنى يوجب القلب، ألا ترى أنّ مثال الماضي من نحو: دعا، ورمى، قد لزم حرف الإعراب فيه الانقلاب، وكذلك لزم انقلاب لام نحو: عصا، ورحا، لأنّه لا يخلو من أن تلزمه حركة ما. فصار لذلك بمنزلة دعا، وقضى، ولم يكن بمنزلة قولهم: هذا فخذ، إذا وقعت ضمّة الإعراب فيها بعد كسرة العين من فخذ، لأنها لا تلزم، فالحركة التي ليست بعينها في إيجاب القلب، ليست كالحركة المعيّنة، فلو لم تردّ
[الحجة للقراء السبعة: 4/334]
اللام مع ياء التحقير وجعلتها محذوفة في التحقير، كما حذفتها في التكسير، للزم الياء التي للتحقير الانقلاب، كما لزم سائر حروف الإعراب، فتبطل دلالتها على التحقير،
كما أن الألف في التكسير لو حرّكتها لبطلت دلالتها على التكسير، فلذلك رددت اللام، فإذا رددتها، وأضفت إلى نفسك، اجتمعت ثلاث ياءات. الأولى منها التي للتحقير، والثانية لام الفعل والثالثة التي للإضافة، تقول: هذا بنيّي، فإذا ناديت جاز فيه وجهان: إثبات الياء وحذفها، فمن قال: يا عبادي فأثبت، فقياس قوله أن يقول: يا بنيّي. ومن قال: يا عباد* قال: يا بني، فحذف التي للإضافة وأبقى الكسرة دلالة عليها. وهذا الوجه هو الجيّد عندهم، وذاك أن الياء ينبغي أن تحذف في هذا الموضع لمشابهتها التنوين، وذاك من أجل ما بينهما من المقاربة، ومن ثمّ أدغم في الياء والواو وهي على حرف كما أن التنوين كذلك، ولا تنفصل من المضاف كما لا ينفصل التنوين لمّا شابهها من هذه الوجوه، ومن غيرها أجريت الياء مجرى التنوين في حذفها من المنادى، كحذف التنوين منه، فقالوا: يا بنيّ، كما تقول: يا غلام، فتحذف الياء، وتبقي الكسرة دلالة عليها، فتقول على هذا: يا بنيّ أقبل. فإن قلت:
فهلّا أثبت أبو عمرو الياء هنا، فقال: يا بنيي كما حكاه سيبويه عنه أنه قرأ: يا عبادي فاتقون [الزمر/ 39] بإثبات
[الحجة للقراء السبعة: 4/335]
الياء في يا عبادي فإنه يجوز أن يحذفها هنا، وإن أثبتها في قوله: يا عبادي لاجتماع الأمثال، ويجوز أن يكون أخذ بالوجهين جميعا، لأن إثبات الياء في المفرد وجه، فجعله بمنزلة الهاء في غلامه، وبمنزلة الندبة في: وا غلامك.
قال أحمد: إلا أن ابن كثير روي عنه في سورة لقمان أنه قرأ الثلاثة الأحرف مختلفة الألفاظ، فكان يقرأ يا بني* بحذف ياء الإضافة، ولا يشدّد، ويسكن الياء.
قال أبو علي: إذا قرئت على هذا، فقد حذفت ياء الإضافة، وحذفت الياء التي هي لام الفعل وبقيت الياء التي للتصغير. ووجه ذلك أنه على قوله على: «يا بنيّ أقبل» في الوصل، فإذا وقف قال: يا بنيّ، بياءين، مدغمة الأولى منهما في الأخرى، وخفّف في الوقف، كما يخفف في ضر وسر، فالراء من ضر مشددة، وكما خفّف في قول عمران:
قد كنت جارك حولا ما تروّعني... فيه روائع من إنس ولا جان
فخفف النون للوقف، وأطلقها كما شدّد للوقف، وأطلقها
[الحجة للقراء السبعة: 4/336]
في نحو «سبسبّا» و «عيهلّي». فلمّا حذفت الياء المدغم فيها بقيت الياء ساكنة، والموقوف عليها ياء التصغير، وكان ينبغي أن يكون ذلك في الوقف، فإن وصلها ساكنة فهو قياس «من إنس ولا جان» في أنه خفّف، وأدرجه بحرف الإطلاق، وكذلك وصله بقوله: إنها* [لقمان/ 16]. وغير هذا الوجه في القراءة أولى، وقياس هذا على ما ذكرت لك، ولو كان هذا في فاصلة كان أحسن، لأن الفاصلة في حكم القافية. فإن قلت:
فهلّا امتنع ذلك في الوقف على ياء التصغير، وياء التصغير لا يوقف عليها، ولا يلحق آخر الكلمة؛ قيل: إنها ليست في حكم الآخرة، وإن كان اللفظ على ذلك من حيث كان الحرف المحذوف للتخفيف في الوقف في حكم المثبت، لأن الحذف ليس بلازم له، يدلّك على ذلك قول الشاعر:
إن عديا ركبت إلى عدي... وجعلت أموالها في الحطمي
[الحجة للقراء السبعة: 4/337]
ارهن بنيك عنهم أرهن بني فالياء من بني مخففة للوقف، والتقدير: ارهن بنيّ يا هذا، فلمّا وقف عليه أسكن وخفّف، والياء المحذوفة في نية الثبات وحكمه، يدلّك على ذلك أنه لو كان على خلاف هذا لردّ النون في بنين، فلما لم يردّ النون، ولم يجز أن يردّها للخروج عن القافية، علمت أنها في حكم الثبات.
ومثل هذا ممّا هو في حكم الثبات في اللفظ، وإن كان محذوفا منه قوله:
وكحّل العينين بالعواور
[الحجة للقراء السبعة: 4/338]
فلولا أن الحرف في حكم الثبات، لهمزت كما همزت أوائل ونحوه.
ومثل هذا الحرف المحذوف للتخفيف، الحذف في قولهم: ضوء، وشيء، ومثله الحركة المحذوفة في قولهم:
لقضو الرجل، وقولهم: رضي. كلّ هذا وإن كان محذوفا في اللفظ فهو في حكم الثبات فيه، كما كان المحذوف فيه بعد ياء التحقير من: يا بني، في حكم الثبات.
وأمّا مخالفة البزيّ القواس في الثالثة، وقراءته لها: يا بني أقم بفتح الياء، ورواية أبي بكر عن عاصم في هذا الموضع كذلك؛ فالقول فيه أنه أراد به الإضافة، كما أرادها في قوله: يا بني* إذا كسر الياء التي هي لام الفعل، كأنه قال: يا بني* ثم أبدل من الكسرة الفتحة، ومن الياء الألف، فصار: يا بنيّا، كما قال:
يا بنت عمّا لا تلومي واهجعي ثمّ حذف الألف، كما كان يحذف الياء في: يا بني إنها وقد حذفت الياء التي للإضافة، إذا أبدلت الألف منها، أنشد أبو الحسن:
فلست بمدرك ما فات مني... بلهف ولا بليت ولا لوانّي
[الحجة للقراء السبعة: 4/339]
قال: كذا سمعناه من العرب، فقوله: بلهف، إنّما هو بلهفى، فحذف الألف، وقد أجريت الألف مجرى الياء في الحذف في هذا النحو في الشعر وغيره، وإن لم يكثر فقالوا:
أصاب الناس جهد، ولو تر ما أهل مكة، فحذفت الألف من ترى. كما حذفت الياء من يوم يأت لا تكلم نفس [هود/ 105] ونحوه، وحذف في الشعر من القافية، كما حذفت الياء قال:
ورهط ابن المعل وكذلك حذف الألف في بنيّ، كما حذف في النداء نحو: يا بنيّ، ولا يجوز أن يكون الحذف فيه على إرادة الندبة، قال أبو عثمان: ومن قال ذلك فقد أخطأ، قال: وذلك أن من كان من العرب لا يلحق في الندبة الألف فإنه يجعله نداء، فلو حذفها صار نداء على غير جهة الندبة، قال أبو عثمان: ووضع الألف مكان الياء في الإضافة مطّرد، وأجاز: يا زيد أقبل. إذا أردت الإضافة، قال: وعلى هذا قراءة من
[الحجة للقراء السبعة: 4/340]
قرأ، يا أبت لم تعبد [مريم/ 42] ويا قوم لا أسألكم [هود/ 29]، وأنشد أبو عثمان:
وقد زعموا أنّي جزعت عليهما... وهل جزع إن قلت وا بأباهما
فهذا الوجه أوجه من الإسكان، وقد أجازه أبو عثمان ورآه مطّردا، فعلى رأي أبي عثمان يكون ما رواه حفص عن عاصم أنه قرأ في كلّ القرآن: يا بني إذا كان واحدا). [الحجة للقراء السبعة: 4/341]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة علي بن أبي طالب -عليه السلام- وعروة بن الزبير وأبي جعفر محمد بن علي وأبي عبد الله جعفر بن محمد: [ونادَى نُوحٌ ابنَهَ]، ورُوي عنه عروة: [ابْنَها]. وقرأ: [ابْناه] ممدوة الألف السدي على النداء، وبلغني أنه على التَّرَثي، ورُوي عن ابن عباس: [نُوحٌ ابنَهْ] جزم.
قال أبو الفتح: أما [ابنَهَ] فإنه أراد ابنها، كما يُروى عن عروة فيما قرأ: [ابنها]؛ يعني: ابن امرأته؛ لأنه قد جرى ذكرها في قوله سبحانه: {وَأَهْلَكَ}، فحذف الألف تخفيفًا، كقراءة
[المحتسب: 1/322]
من قرأ: [يا أبَتَ]. قال أبو عثمان يريد: يا أبتاه، وقد ذكرنا حذف الألف فيما مضى، وأنشدنا البيت الذي أنشده أبو الحسن وابن الأعرابي جميعًا:
فلستُ بمدرِك ما فات مني ... بلهفَ ولا بِلَيْتَ ولا لو اني
أراد: بهلفا، وغَيَّره.
وقراءة السدي: [ابناه] يريد بها الندبة، وهو معنى قولهم: "الترثِّي، وهو على الحكاية؛ أي قال له: يا ابناه، على النداء. ولو أراد حقيقة الندبة لم يكن بُد من أحد الحرفين: يا ابناه، أو واابناه، كقولك فيها: وازيداه، ويازيداه.
وأما [ابْنَهْ] بجزم الهاء، فعلى اللغة التي ذكرناها لأزد السراة في نحو قوله:
ومِطْواي مشتاقان لَهُ أَرِقَانِ). [المحتسب: 1/323]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({يا بني اركب معنا}
قرأ عاصم {يا بني اركب} بفتح الياء وقرأ الباقون بالكسر
قال الزّجاج كسرها من وجهين أحدهما أن الأصل يا بنيي والياء تحذف في النداء أعني ياء الإضافة وتبقى الكسرة تدل عليها ويجوز أن تحذف الياء لسكونها وسكون الرّاء من قوله {اركب} وتقر في الكتاب على ما هي في اللّفظ والفتح من جهتين الأصل يا بنيا بالألف فتبدل الألف من ياء الإضافة العرب تقول يا غلاما أقبل ثمّ تحذف الألف لسكونها وسكون الرّاء وتقر في الكتاب على ما هي في اللّفظ ويجوز أن تحذف الألف للنداء كما تحذف ياء الإضافة وإنّما حذفت ياء الإضافة وألف الإضافة في النداء
[حجة القراءات: 340]
كما تحذف التّنوين لأن ياء الإضافة زيادة في الاسم كما أن التّنوين زيادة). [حجة القراءات: 341]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (9- قوله: {يا بني اركب} قرأ عاصم بفتح الياء والتشديد، هنا وفي يوسف والصافات وثلاثة مواضع في لقمان ووافقه أبو بكر على الفتح هنا خاصة. وقرأ ابن كثير بإسكان الياء والتخفيف في لقمان في قوله: {يا بُني لا تشرك} «13» وقرأ في رواية قنبل عنه: {يا بني أقم الصلاة} «لقمان 17» بإسكان الياء والتخفيف، وفي رواية البزي بفتح الياء والتشديد كقراءة حفصن وقرأ جمع ذلك الباقون بكسر الياء والتشديد.
وحجة من شدد الياء وكسرها، وعليه أكثر القراء، وهو الاختيار؛ لأن الأصل فيه ثلاث ياءات: الأولى ياء التصغير والثانية هي لام الفعل في «ابن» لأن أصله «بنى» على «فعل» والتصغير يرد المصغرات إلى أصولها، فردت الياء؛ لأنها أصلية، وامتنعت ياء التصغير من دخول الحركات فيها، لئلا تقلب وتغير، والثالثة هي ياء الإضافة التي ينكسر ما قبلها أبدًا، فأدغمت ياء التصغير في الثانية، وفي لام الفعل، وكسرت لأجل ياء الإضافة، وحذفت ياء الإضافة لاجتماع ثلاث ياءات مع تشديد وكسرتين، ولأن فيه أكثر من غير اجتماع كسرات وياءات، فإذا اجتمع ما يستثقل كان الحذف آكد وأقوى، وبقيت الكسرة تدل على ياء الإضافة، كما تقول: يا غلام ويا صاحب تعال، فتحذف الياء وتبقى الكسرة تدل عليها، وإنما قوي الحذف لياء الإضافة في النداء لأنها بدل من التنوين، والتنوين لا يثبت في المعارف في النداء، فحذف ما هو بدل منه، وإثباتها جائز في كل موضع إلا فيما يقع فيه الاستثقال، لاجتماع الياءات، فإن الإثبات لياء الإضافة فيه ضعف قليل نحو: يا بني، ويا أخي، وشبهه.
10- وحجة من فتح الياء مشددة أنه لما أتى بالكلمة على أصلها بثلاث
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/529]
ياءات، استثقل اجتماع الياءات والكسرات، فأبدل من الكسرة التي قبل ياء الإضافة فتحة، فانقلبت ياء الإضافة ألفًا، ثم حذفت الألف، كما تحذف الياء في النداء، وبقيت الفتحة تدل على الألف المحذوفة، وقد أجاز المازني: «يا زيدا تعال» يريد: يا زيدي، ثم أبدل من كسرة الدال فتحة، ومن الياء ألفا، قال المازني: وضع الألف مكان الياء في النداء مطرد، وعلى هذا قرأ ابن عامر: {يا أبت} «يوسف 4» بفتح التاء، أراد: يا أبتي، ثم قلب وحذف الألف لدلالة الفتحة عليها.
11- وحجة من أسكن الياء أنه حذف ياء الإضافة، على أصل حذفها في النداء، ثم استثقل ياء مشددة مكسورة فحذف لام الفعل فبقيت ياء التصغير ساكنة، وهي قراءة فيها ضعف لتكرر الحذف، وقد جاءت في الشعر في غير الياءات، فهو في الياءات أجود لثقل ذلك). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/530]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (6- {يَا بُنَيَّ} [آية/ 42] والبزي بفتح الياء:
والوجه في كسر الياء أن أصله: يا بني كما سبق، مثل عبيدي، فحذفت
[الموضح: 644]
ياء الإضافة وأبقيت الكسرة دلالة عليها، وياء الإضافة قد تحذف من المنادى
[الموضح: 645]
كما يحذف التنوين منه، فيقال يا بني كما يقال يا غلام أقبل.
وحذف الياء ما يا بني أحسن من حذفها في يا عبيد، لاجتماع ثلاث ياءات: إحداها ياء التصغير، والثانية لام الفعل، والثالثة ياء الإضافة.
وأما قراءة ابن كثير في لقمان {يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ} بياء ساكنة خفيفة، فوجهها أنه لما حذف ياء الإضافة من يا بنيي بقي يا بني بياء مشددة مكسورة، ثم خفف الياء المشدد للوقف، كما يخفف ضر إذا وقف على ضر مشددة الراء في نحو قوله:
51- ما أفاد الله من سرٍ وضر
فبقي يا بني بياء واحدة ساكنة، وهي ياء التصغير؛ لأن التي هي لام الفعل قد حذفت للتخفيف، وهذا إنما يجوز في حال الوقف، لكنه أجري الوصل مجرى الوقف، وهذا في الفواصل أحسن؛ لأن الفواصل كالقوافي، وهذا التخفيف الذي ذكرناه بابه الشعر). [الموضح: 646]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (7- {اِرْكَبْ مَعَنَا} [آية/ 42] بالإظهار:
قرأها نافع ن- وابن عامر وحمزة ويعقوب والبزي عن ابن كثير.
والوجه أن ترك الإدغام في مثل هذا أصل؛ لأن الحرفين من كلمتين وهما متقاربان لا مثلان.
وقرأ أبو عمرو والكسائي و-ص- عن عاصم بالإدغام.
والوجه أنهما حرفان من مخرج واحد وهما الباء والميم، ولتقاربهما جاز إبدال أحدهما من الآخر، نحو أخذته من كثبٍ وكثمٍ، وضربة لازبٍ ولازمٍ، فلما كانا من مخرج واحد أشبها المثلين، فحسن إدغام أحدهما في الآخر). [الموضح: 647]

قوله تعالى: {قَالَ سَآَوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (43)}

قوله تعالى: {وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (44)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الأعمش بخلاف: [على الْجُودِي] خفيف.
قال أبو الفتح: تخفيف ياءَي الإضافة قليل إلا في الشعر. أنشدنا أبو علي:
بَكِّي بعينكِ واكفَ القطر ... ابن الحواري العالي الذِّكْر
يريد: [الحواريّ]. ورُوي عنهم: لا أكلمك حِيْرِيْ دهر بتخفف الياء، يريد: حِيْرِيّ دهر، وهذا في النثر، فعليه قراءة الأعمش: [الْجُودِي] خفيفًا). [المحتسب: 1/323]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 10 صفر 1440هـ/20-10-2018م, 01:55 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تفسير سورة هود

[ من الآية (45) إلى الآية (49) ]

{ وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45) قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (46) قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (47) قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (48) تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (49) }

قوله تعالى: {وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45)}

قوله تعالى: {قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (46)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (7- وقوله تعالى: {إنه عمل غير صالح} [46].
قرأ الكسائي وحده: {إنه عمل غير صالح} تقديره: إنه عمل عملاً غير صالح، وجاء في التفسير: أنه كان ابنه ولكن خالفه في النية والعمل.
واحتج من قرأ بهذه القراءة بما حدثنا أحمد عن علي عن أبي عبيد قال: حدثنا حجاج عن هارون، وحماد بن سلمة عن ثابت عن شهر بن حوشب قال أحدهما: عن أم سلمة، وقال الآخر: عن أسماء بنت يزيد إنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ: {إنه عمل غير صالح}.
وقرأ الباقون: {عمل غير صالح} بالرفع أي: إن سؤلك إياي أن أنجي رجلاً كافرًا عمل غير صالح.
قال ابن مجاهد: والاختيار الرفع على قراءة أهل المدينة والحجاز، قال: ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم قد حُفظ عنه {عمل غير صالح} لكان أهل المدينة أحفظ لها من غيرهم؛ لأنها مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/283]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (8- وقوله تعالى: {فلا تسئلن ما ليس لك به علم} [46].
قرأ ابن كثير {تسئلن} بفتح النون جعل «تسأل» جزمًا على النهي والنون للتأكيد ففتحت اللام لالتقاء الساكنين كما تقول: لا تضربن ولا تشتمن أحدًا.
وقرأ نافع في رواية قالون وابن عامر: {تسئلن} بكسر النون مع التشديد أراد: تسئلني، فحذف الياء اختصارًا.
وروى ورش عن نافع: {تسئلني} بالياء في الوصل وأنشد شاهدًا لورش:
فلا تجعلني كامرئ ليس بينة = وبينك من قربي ولا متنسب
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/283]
فصل واشجات بيننا من قرابة = ألا صلة الأرحام أبقى وأقرب
وقرأ الباقون {تسئلن} خفيفًا بنون مسكن اللام، غير أن أبا عمرو يثبت الياء وصلاً ويحذفها وقفًا. فمن قرأ بهذه القراءة فاللام ساكنة للجزم والنون مع الياء اسم المتكلم في موضع النصب كما تقول: لا تضربني ولا تشتمني.
وفيها قراءة سادسة. حدثني أحمد بن عبدان عن علي بن عبد العزيز عن أبي عبيد قال: حدثني أبو نميلة يحيى بن واضح الخرساني عن الحسن بن واقد قال: سمعت ابن أبي مليكة يقرأ: {فلا تسلن} بفتح السين واللام والنون أراد الهمزة فنقل فتحها إلى السين وخزل الهمزة تخفيفًا في النهي كما يحذف في الأمر {سل بني إسرائيل} فاعرف ذلك). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/284]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله تعالى: إنه عمل غير صالح [46] فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم وابن عامر وحمزة: إنه عمل رفع منون. غير صالح برفع الراء. وقرأ الكسائيّ وحده: إنه عمل غير صالح بفتح العين وكسر الميم، وفتح اللام، غير صالح بنصب الراء.
قال أبو علي: قول من قال: عمل فنوّن عملا، أن الضمير في إنه* قد قيل فيه أن المراد به أنّ سؤالك ما ليس لك به علم غير صالح، ويحتمل أن يكون الضمير لما دلّ عليه: اركب معنا ولا تكن مع الكافرين
[هود/ 42]، فيكون التقدير: إنّ كونك مع الكافرين وانحيازك إليهم، وتركك
[الحجة للقراء السبعة: 4/341]
الركوب معنا والدخول في جملتنا عمل غير صالح، ويجوز أن يكون الضمير لابن نوح كأنه جعل عملا غير صالح كما يجعل الشيء الشيء لكثرة ذلك منه كقولهم: الشعر زهير، أو يكون المراد أنه ذو عمل غير صالح، فحذف المضاف.
فأما قول نوح: إن ابني من أهلي [هود/ 45]، وقوله تعالى: إنه ليس من أهلك [هود/ 46]، فيجوز أن يكون نوح قال ذلك على ظاهر ما شاهد من ابنه من متابعته له، وتصديقه إياه. فقال له: ليس من أهلك أي: من أهل دينك، فحذف المضاف، ويجوز أن يكون المعنى: ليس من أهلك الذين وعدتهم أن أنجيهم من الغرق، لمخالفته لك من الدين، فبعّد المخالفة في الدين قرب النسب الذي بينكما للمباينة في الإيمان، كما تقرّب الموالاة فيه مع البعد في النسب، قال:
إنما المؤمنون إخوة [الحجرات/ 10].
ويجوز أن يكون الله تبارك وتعالى أطلع نوحا على باطن أمره، كما أطلع محمدا رسوله عليه السلام على ما استبطنه المنافقون.
ومن قرأ: إنه عمل غير صالح فقد زعموا أن ذلك روي عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، فيكون هذا في المعنى كقراءة من قرأ:
إنه عمل غير صالح وهو يجعل الضمير لابن نوح، فتكون
[الحجة للقراء السبعة: 4/342]
القراءتان متفقتين في المعنى، وإن اختلفتا في اللفظ.
فأمّا قوله: ما ليس لك به علم فيحتمل قوله: به* في الآية وجهين: أحدهما أن يكون كقوله:
كان جزائي بالعصا أن أجلدا إذا قدّمت بالعصا للتبيين، وكقوله: وكانوا فيه من الزاهدين [يوسف/ 20]، وإني لكما لمن الناصحين [الأعراف/ 21]، وأنا على ذلكم من الشاهدين [الأنبياء/ 56] وزعم أبو الحسن أن ذلك إنما يجوز في حروف الجر، والتقدير فيه التعليق بمضمر يفسّره هذا الذي ظهر بعد، وان كان يجوز تسلّطه عليه، ومثل ذلك قوله: يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين [الفرقان/ 22]، وقوله:
ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق أئنكم لفي خلق جديد [سبأ/ 7]، فانتصب يوم يرون بما دلّ عليه لا بشرى يومئذ ولا يجوز لما بعد لا* هذه أن تتسلّط على يوم يرون وكذلك قوله:
أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون [المؤمنون/ 82]، فإذا* يتعلق بما دلّ عليه إنا لمبعوثون ولا يجوز أن يتسلط
[الحجة للقراء السبعة: 4/343]
عليه، وكذلك إني لكما لمن الناصحين يتعلق بما يدل عليه النصح المظهر، وإن لم يتسلط عليه، والتقدير: إني ناصح لكما من الناصحين.
وكذلك: ما ليس لك به علم [هود/ 46] يتعلّق بما يدلّ عليه قوله: علم الظاهر وإن لم يجز أن يعمل فيه، ويجوز في قوله: ما ليس لك به علم وجه آخر وهو أن يكون متعلّقا بالمستتر، وهو العامل فيه كتعلق الظرف بالمعاني كما نقول: ليس لك فيه رضا، فيكون به* في الآية بمنزلة: فيه، والعلم يراد به العلم المتيقن الذي يعلم به الشيء على حقيقته، ليس العلم الذي يعلم به الشيء على ظاهره، كالذي في قوله:
فإن علمتموهن مؤمنات [الممتحنة/ 10] ونحو ما يعلمه الحاكم من شهادة الشاهدين، وإقرار المقرّ بما يدّعى عليه، ونحو ذلك مما يعلم به العلم الظاهر الذي يسع الحاكم الحكم بالشيء معه). [الحجة للقراء السبعة: 4/344]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله: فلا تسألن ما ليس لك به علم [هود/ 46].
فقرأ ابن كثير وابن عامر: فلا تسألن مفتوحة اللام مشدّدة النون غير واقعة. هكذا روى أبو عبيد عن هشام بن عمار بإسناده عن ابن عامر.
وروى ابن ذكوان فلا تسألن مفتوحة اللام مشدّدة النون مكسورة النون، فهذا يدلّ على أنها واقعة خلاف ما روى أبو عبيد.
[الحجة للقراء السبعة: 4/344]
وقرأ نافع: فلا تسألن كما قرأ ابن كثير وابن عامر، غير أنه كسر النون. واختلف عنه في إثبات الياء في الوصل وحذفها، فروى ابن جمّاز وورش والكسائيّ عن إسماعيل بن جعفر، وأبو بكر بن أبي أويس عن نافع: مشدّدة بالياء في الوصل. وقال المسيّبي وقالون في رواية القاضي عنه، وأبو عبيد القاسم بن سلّام، وسليمان بن داود الهاشمي، عن إسماعيل بن جعفر وأبو بكر بن أبي أويس عن نافع فلا تسألن مكسورة من غير ياء في الوصل.
وقال أحمد بن صالح عن ورش: فلا تسألن السين ساكنة والهمزة قبل اللام واللام ساكنة، والياء مثبتة في الوصل.
وقال أحمد بن صالح عن قالون: اللام ساكنة والسين ساكنة، والنون مكسورة بغير ياء في وصل ولا وقف.
وقرأ أبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائيّ: فلا تسألن ما ليس لك خفيفة النون ساكنة اللام. وكان أبو عمرو يثبت الياء في الوصل مثل نافع في رواية من روى عنه ذلك.
وكان عاصم وحمزة والكسائي لا يثبتون الياء في الوصل والوقف.
قال أبو علي: سألت: فعل يتعدّى إلى مفعولين، وليس مما يدخل على المبتدأ وخبره، فيمتنع أن يتعدى إلى مفعول واحد، فمن قرأ: تسألن بفتح اللام، ولم يكسر النون، عدّى
[الحجة للقراء السبعة: 4/345]
السؤال إلى مفعول واحد في اللفظ، والمعنى على التعدي إلى ثان.
قال: وروى ابن ذكوان مفتوحة اللام مشدّدة النون مكسورة، فهذا يدلّ على أنها واقعة، يريد أن كسر نون فلا تسألن يدلّ على أنه قد عدّى السؤال إلى مفعولين أحدهما اسم المتكلم، والآخر الاسم الموصول، وحذفت النون المتصلة بياء المتكلّم لاجتماع النونات، كما حذفت النون من قولهم:
«إني» لذلك، وكما حذف من قوله:
يسوء الفاليات إذا فليني فأما إثبات الياء في الوصل فهو الأصل، وحذفها أخفّ والكسرة تدلّ عليها ويعلم أن المفعول مراد في المعنى). [الحجة للقراء السبعة: 4/346]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({إنّه ليس من أهلك إنّه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم}
قرأ الكسائي {إنّه عمل غير صالح} بنصب اللّام والرّاء وحجته حديث أم سلمة قالت قلت يا رسول الله كيف أقرأ {عمل غير صالح} أو {عمل غير صالح} فقال {عمل غير صالح} بالنّصب فالهاء في هذه القراءة عائدة على ابن نوح لأنّه جرى ذكره قبل ذلك فكني عنه
وكان بعض أهل البصرة ينكر هذه القراءة فاحتج لذلك بأن العرب لا تقول عمل غير حسن حتّى تقول عمل عملا غير حسن وقد ذهب عنه وجه الصّواب فيما حكاه لأن القرآن نزل بخلاف قوله قال الله تعالى {ومن تاب وعمل صالحا} معناه ومن تاب وعمل عملا صالحا وقال {واعملوا صالحا} ولم يقل عملا وقال في موضع آخر {إلّا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا} وقال {ويتبع غير سبيل المؤمنين} ولم يقل سبيلا غير سبيل المؤمنين فكذلك قوله إنّه عمل غير صالح معناه إنّه عمل عملا غير صالح
وقرأ الباقون {إنّه عمل غير صالح} بفتح الميم وضم اللّام والرّاء وحجتهم ما روي في التّفسير جاء في قوله {إنّه عمل غير صالح}
[حجة القراءات: 341]
أي إن سؤالك إيّاي أن أنجي كافرًا عمل غير صالح لأن نوحًا قال {رب إن ابني من أهلي} فقال الله تعالى {إنّه ليس من أهلك} الّذين وعدتك أن أنجيهم إن سؤالك إيّاي {عمل غير صالح} وقيل {ليس من أهلك} أي من أهل دينك فالهاء في قراءتهم كناية عن السّؤال ولم يجر له ذكر ظاهر وذلك جائز فيا قد عرف موضعه أن يكني عنه أو جرى ما يدل عليه كقوله جلّ وعز {ولا يحسبن الّذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا} فكنى عن البخل لأنّه ذكر الّذين يبخلون اكتفاء به من ذكر البخل وكنى عنه وقال {حتّى توارت بالحجاب} يعني الشّمس وهذه أعلام لا يجهل موضعها قال الشّاعر:
إذا نهي السّفيه جرى إليه ... وخالف والسّفيه إلى خلاف
فقال جري إليه ولم يجر ذكر السّفه ولكن لما ذكر السّفيه دلّ على السّفه
والسّؤال في قصّة نوح لم يجر له ذكر ولكنه لما ذكر {إن ابني من أهلي} دلّ على السّؤال
وقال آخرون منهم الزّجاج الهاء كناية عن ابن نوح أي
[حجة القراءات: 342]
إنّه ذو عمل غير صالح كما قال الشّاعر:
ترتع ما رتعت حتّى إذا ادكرت ... فإنّما هي إقبال وإدبار
أي ذات إقبال وإدبار
قرأ ابن كثير {فلا تسألن} بفتح النّون مع التّشديد الأصل فلا تسأل جزما على النّهي ثمّ دخلت نون التوكيد ففتحت اللّام لالتقاء الساكنين كما تقول لا تضربن ولا تشتمن أحدا الأصل لا تضرب ثمّ دخلت نون التوكيد فبني الكلام على الفتح لاجتماع الساكنين
قرأ أهل المدينة {فلا تسألني} بتشديد النّون وإثبات الياء في الوصل الأصل فلا تسألنني فاجتمعت ثلاث نونات مثل ما اجتمعت في إنّني وكأنني ثمّ حذفوا النّون الّتي زيدت مع الياء فقيل إنّي وكذلك حذفت النّون في قوله {فلا تسألني}
وقرأ قالون عن نافع وابن عامر فلا تسألن مكسورة النّون مشدّدة من غير ياء الأصل كما ذكرنا إلّا أنهم حذفوا الياء لأن الكسرة تدل على الياء
وقرأ أبو عمرو {فلا تسألني} بتخفيف النّون وسكون اللّام مثبتة الياء في الوصل النّون مع الياء اسم المتكلّم في موضع نصب والنّون
[حجة القراءات: 343]
إنّما دخلت ليسلم سكون اللّام قال عبّاس سألت أبا عمرو فقلت وقرأ بعض القرّاء فلا {تسألن} بفتح النّون وأنا أقرأ {فلا تسألني} لقول الله تعالى {رب إنّي أعوذ بك أن أسألك} قال {أن أسألك} يدل على أنه نهاه أن يسأله
وقرأ أهل الكوفة {فلا تسألن} خفيفة النّون محذوفة الياء وإنّما حذفوا الياء اختصارا لأن الكسرة تدل على الياء). [حجة القراءات: 344]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (12- قوله: {إنه عمل غير صالح} قرأ الكسائي بكسر الميم وفتح اللام، ونصب {غير} وقرأ الباقون بفتح الميم، وضم اللام منونة، ورفع {غير}.
وحجة من قرأ برفع {عمل} و{غير} أنه جعل الكلام متصلا من قول الله جل ذكره لنوح، وجعل الضمير في {إنه} راجعًا إلى السؤال، فجعل «العمل» خبر «إن» لأنه هو السؤال، وجعل «غيرا» صفة لـ «العمل»، والتقدير: إن سؤالك أن أنجي كافرًا عمل منك غير صالح، وقيل: تقديره إن
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/530]
سؤالك ما ليس لك به علم عمل منك غير صالح. ويجوز أن تكون الهاء في {إنه} تعود على ما دل عليه أول الكلام، وهو قوله: {اركب معنا ولا تكن مع الكافرين} فيكون التقدير: إن كون الكافرين معك عمل منك غير صالح فيكون أيضًا من قول الله جل ذكره لـ {نوح} كالأول، ويجوز أن يكون الكلام من قول «نوح» لابنه يخاطبه بذلك ويقرعه، وتقديره: يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين إنه عمل غير صالح، أي: إن كونك مع الكافرين عمل منك غير صالح، ويجوز أن تكون الهاء لابن نوح على تقدير حذف مضاف مع العمل، أي: إن ابنك ذو عمل، فيكون من كلام الله جل ذكره لـ «نوح».
13- وحجة من قرأ بكسر الميم ونصب «غيرا» أنه جعل الضمير في «إنه» لابن نوح، فأخبر عنه بفعله، وجعله «غيرا» صفة لمصدر محذوف، والتقدير: إن ابنك عمل عملًا غير صالح، فيكون معناها كالمعنى في القراءة برفع {عمل} في قول من جعل الهاء لابن نوح، وأضمر مضافًا محذوفًا، ومعنى {ليس من أهلك} أي: ليس من أهل دينك، وقيل: ليس من أهلك الذين وعدتك أن أنجيهم من الغرق، وقيل إنه كان ربيبه، ولم يكن ولده، وقد روت عائشة وأسماء ابنة يزيد أن النبي عليه السلام قرأ «عَمِل غيرَ صالح»، تعنى بكسر الميم ونصب {غير} وكذلك روت عنه أم سلمة أنه أمرها أن تقرأ كذلك بكسر الميم ونصب {غير} ). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/531]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (14- قوله: {فلا تسألن} قرأه ابن كثير بفتح النون واللام مشددا، وقرأ نافع وابن عامر بكسر النون وفتح اللام مشددا، وقرأ الباقون بإسكان اللام وكسر النون مخففا.
وحجة من فتح النون وشدد أنه جعلها النون المشددة التي تدخل في الأمر والنهي للتأكيد، وفتح اللام التي قبلها، ولئلا يلتقي ساكنان، والفعل للواحد أبدا، مع النون الثقيلة والخفيفة، مبني على الفتح، وعدّى الفعل إلى مفعول واحد هو {ما} وذلك حسن في «سأل» لأنه غير داخل على ابتداء وخبرن وكذلك العلة لمن شدد وكسر النون غير أنه عدّى الفعل إلى مفعولين وهما الياء و{ما} فحذف الياء لدلالة الكسرة عليها، وكان أصله ثلاث نونات «تسألنني» في النون المشددة التي للتأكيد مقام نونين، فالنون التي تدخل مع الياء في اسم المضمر المفعول في نحو: ضربني، فحذف إحدى النونات لاجتماع الأمثال تخفيفًا، كما تحذف في «إني»، وأصلها «إنني».
15- وحجة من أسكن اللام وخفف النون أنه لم يدخل النون المشددة التي للتأكيد في الفعل، ووصل الفعل بضمير المتكلم، وهو المفعول الأول، و{ما} المفعول الثاني، وأسكن اللام للنهي وحذف الياء لدلالة الكسرة عليها، فالفعل في هذه القراءة معرب مجزوم للنهي، وفيما تقدم مبني على الفتح). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/532]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (8- {إِنَّهُ عَمِلَ غَيْرَ صَالِحٍ} [آية/ 46] بكسر الميم وفتح اللام، ونصب {غَيْرَ}:
قرأها الكسائي ويعقوب.
والوجه أن الضمير في {إِنَّهُ} لابن نوح، والمعنى أن ابنك عمل عملًا غير صالح، فيكون {عَمِلَ} فعلًا ماضيًّا، وفيه ضمير الفاعل، و{غيرَ صالح}
[الموضح: 647]
مفعول به، والتقدير: عما عملًا غير صالح، فحُذف الموصوف وأُقيمت الصفة مقامه.
وقرأ الباقون {عَمَلٌ} بفتح العين ورفع اللام منونة، ورفع {غَيْرُ}.
والوجه أنه يجوز أن يكون الضمير في {إِنَّهُ} لابن نوح أيضًا، فيكون على حذف المضاف، والتقدير: إن ابنك ذو عمل غير صالحٍ، فحُذف المضاف وأُقيم المضاف إليه مقامه، أو يكون محمولًا على المجاز والاتساع، كأنه لكثرة ما يقع منه من عمل غير صالح جعله عملًا غير صالح، كما قالت الخنساء:
52- ترتع ما رتعت حتى إذا غفلت = فإنما هي إقبالٌ وإدبار
ويجوز أن يكون الضمير في {إِنّه} للسؤال، والتقدير: إن سؤالك ما ليس لك به علمٌ عملٌ غير صالحٍ، ويدل على السؤال ما بعده، وهو قوله {فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}.
[الموضح: 648]
ويجوز أن يكون ضمير {إنّهُ} لما يدل عليه قوله {وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ}، والتقدير: إن كون ابنك من الكافرين وانحيازه إليهم عملٌ غير صالح). [الموضح: 649]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (9- {فَلَا تَسْأَلَنَّ} [آية/ 46] بفتح اللام والنون جميعًا مشددة:
قرأها ابن كثير وحده.
والوجه أن النون نون التأكيد الشديدة، وهي مفتوحة في فعل الواحد، والسؤال ههنا معدى إلى مفعول واحد، فإن سألت يتعدى إلى مفعولين، ويجوز الاقتصار على أحدهما، فاقتصر ههنا على أحد المفعولين.
وقرأ نافع وابن عامر بفتح اللام وكسر النون مشددة، لكن ش- و-يل- رويا عنه بإثبات الياء في حالة الوصل دون الوقف، وروى ن- عنه بغير ياء في الحالين.
والوجه أنه يجوز أن يكون أصله تسألنني بنون التأكيد الشديدة مع النون المتصلة بياء الإضافة، فحذف النون المتصلة بياء الإضافة لاجتماع النونات، كما حُذفت من إني، فبقي تسألني، ثم حُذفت الياء أيضًا في رواية ن- وبقيت الكسرة تدل عليها.
ويجوز أن يكون أصله تسألن بنون التأكيد الخفيفة دخلت عليها النون المتصلة بياء الإضافة، فبقي تسألني، ثم حُذفت الياء في رواية ن- وبقيت
[الموضح: 649]
الكسرة تدل عليها، وفعل السؤال ههنا يتعدى إلى مفعولين: أحدهما اسم المتكلم، والآخر اسم الموصول وهو قوله {مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}.
وأما ما في رواية ش- من حذف الياء وإسكان النون في حالة الوقف فهو على حذف الكسرة التي أُبقيت للدلالة على الياء، وإنما ذلك في حال الوقف، كما قال الأعشى:
53- إذا ما انتسبت له أنكرن
وقرأ أهل البصرة والكوفة {فَلَا تَسْأَلْنِ} بسكون اللام وكسر النون.
وأثبت أبو عمرو الياء في الوصل دون الوقف، وأثبتها يعقوب في الحالين، وحذفها الكوفيون في الحالين.
والوجه أن النون في هذه القراءة هي التي تصحب ياء الإضافة، وليس في الفعل على هذه القراءة نون تأكيد، والفعل يتعدى إلى مفعولين: أحدهما الياء التي تتصل بها النون، والثاني قوله {مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}.
وأما إثبات الياء في الوصل فهو الأصل، وكذلك إثباتها في الوقف، وأما حذفها في الوصل، فلأنه أخف، وفي الوقف لأنه موضع تغييرٍ، وللخفة أيضًا). [الموضح: 650]

قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (47)}

قوله تعالى: {قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (48)}

قوله تعالى: {تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (49)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 10 صفر 1440هـ/20-10-2018م, 01:57 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تفسير سورة هود
[ من الآية (50) إلى الآية (57) ]

{ وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ (50) يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ (51) وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ (52) قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آَلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (53) إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آَلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (54) مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (56) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (57) }

قوله تعالى: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ (50)}
قوله تعالى: {يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ (51)}

قوله تعالى: {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ (52)}

قوله تعالى: {قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آَلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (53)}

قوله تعالى: {إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آَلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (54)}

قوله تعالى: {مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (55)}

قوله تعالى: {إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (56)}

قوله تعالى: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (57)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 10 صفر 1440هـ/20-10-2018م, 01:57 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تفسير سورة هود
[ من الآية (58) إلى الآية (60) ]

{ وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ (58) وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (59) وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ (60) }

قوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ (58)}

قوله تعالى: {وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (59)}

قوله تعالى: {وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ (60)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:55 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة