جمهرة تفاسير السلف
تفسير قوله تعالى: (وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ (44) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({كسفًا} [الطور: 44] : «قطعًا»). [صحيح البخاري: 6/140]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله كسفًا قطعًا وصله الطّبريّ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن بن عبّاسٍ ولابن أبي حاتمٍ من طريق قتادة مثله ومن طريق السّدّيّ قال عذابًا وقال أبو عبيدة كسفًا الكسف جمع كسفةٍ مثل السّدر جمع سدرةٍ وهذا يضعّف قول من رواه بالتّحريك فيهما وقد قيل إنّها قراءةٌ شاذّةٌ وأنكرها بعضهم وأثبتها أبو البقاء العكبريّ وغيره). [فتح الباري: 8/602]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال ابن عبّاس البر اللّطيف كسفا قطعا المنون الموت). [تغليق التعليق: 4/321]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (كسفا: قطعا
أشار به إلى قوله عز وجل: {وإن يروا كسفا من السّماء ساقطا} (الطّور: 44) الآية وفسّر الكسف بالقطع، بكسر القاف جمع قطعة، وقال أبو عبيدة، الكسف جمع كسفة مثل السدر جمع سدرة، وإنّما ذكر قوله ساقطا على اعتبار اللّفظ، ومن قرأ بالسّكون على التّوحيد فجمعه أكساف وكسوف). [عمدة القاري: 19/194]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({كسفًا}) بسكون السين أي (قطعًا) بكسر القاف وسكون الطاء. وقال البرماوي وغير هذا على قراءة فتح السين كقربة وقرب ومن قرأه بالسكون على التوحيد فجمعه أكساف وكسوف. اهـ.
وقيل إن الفتح قراءة شاذة وأنكرها بعضهم وأثبتها أبو البقاء وقد قال أبو عبيدة الكسف جمع كسفة مثل السدر جمع سدرة). [إرشاد الساري: 7/357]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإن يروا كسفًا من السّماء ساقطًا يقولوا سحابٌ مركومٌ (44) فذرهم حتّى يلاقوا يومهم الّذي فيه يصعقون}.
قال أبو جعفرٍ رحمه الله: يقول تعالى ذكره: وإن ير هؤلاء المشركون قطعًا من السّماء ساقطًا، والكسف: جمع كسفةٍ، مثل التّمر جمع تمرةٍ، والسّدر جمع سدرةٍ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ قال: حدّثنا أبو صالحٍ قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {كسفًا} يقول: قطعًا.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وإن يروا كسفًا} يقول: وإن يروا قطعًا من السّماء ساقطًا.
- {يقولوا سحابٌ مركومٌ} يقول جلّ ثناؤه: يقولوا لذلك الكسف من السّماء السّاقط: هذا سحابٌ مركومٌ، يعني بقوله مركومٌ: بعضه على بعضٍ.
وإنّما عنى بذلك جلّ ثناؤه المشركين من قريشٍ الّذين سألوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم الآيات، فقالوا له: {لن نؤمن لك حتّى تفجر لنا من الأرض ينبوعًا} إلى قوله: {علينا كسفًا} فقال اللّه لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: وإن ير هؤلاء المشركون ما سألوا من الآيات، فعاينوا كسفًا من السّماء ساقطًا، لم ينتقلوا عمّا هم عليه من التّكذيب، ولقالوا: إنّما هذا سحابٌ بعضه فوق بعضٍ، لأنّ اللّه قد حتّم عليهم أنّهم لا يؤمنون.
- كما: حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، يقولوا {سحابٌ مركومٌ} يقول: لا يصدّقوا بحديثٍ، ولا يؤمنوا بآيةٍ.
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وإن يروا كسفًا من السّماء ساقطًا يقولوا سحابٌ مركومٌ} قال: حين سألوا الكسف قالوا: أسقط علينا كسفًا من السّماء إن كنت من الصّادقين؛ قال: يقول: لو أنّا فعلنا لقالوا: سحابٌ مركومٌ). [جامع البيان: 21/600-601]
تفسير قوله تعالى: (فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (45) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {فذرهم حتّى يلاقوا يومهم الّذي فيه يصعقون} يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: فدع يا محمّد هؤلاء المشركين حتّى يلاقوا يومهم الّذي فيه يهلكون، وذلك عند النّفخة الأولى.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {فيه يصعقون} فقرأته عامّة قرّاء الأمصار سوى عاصمٍ بفتح الياء من (يصعقون)، وقرأه عاصمٌ {يصعقون} بضمّ الياء، والفتح أعجب القراءتين إلينا، لأنّه أفصح اللّغتين وأشهرهما، وإن كانت الأخرى جائزةً، وذلك أنّ العرب تقول: صعق الرّجل وصعق، وسعد وسعد.
وقد بيّنّا معنى الصّعق بشواهده، وما قال فيه أهل التّأويل فيما مضى بما أغنى عن إعادته). [جامع البيان: 21/602]
تفسير قوله تعالى: (يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (46) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئًا ولا هم ينصرون (46) وإنّ للّذين ظلموا عذابًا دون ذلك ولكنّ أكثرهم لا يعلمون}.
قال أبو جعفرٍ رحمه الله: يعني جلّ ثناؤه بقوله: {يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئًا} يوم القيامة، حتّى يلاقوا يومهم الّذي فيه يصعقون، ثمّ بيّن عن ذلك اليوم أيّ يومٍ هو، فقال: يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئًا، يعني: مكرهم أنّه لا يدفع عنهم من عذاب اللّه شيئًا، فاليوم الثّاني ترجمةٌ عن الأوّل.
وقوله: {ولا هم ينصرون} يقول: ولا هم ينصرهم ناصرٌ، فيستقيد لهم ممّن عذّبهم وعاقبهم). [جامع البيان: 21/602]
تفسير قوله تعالى: (وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (47) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن الثوري عن العلاء بن عبد الكريم عن أبي كرمة أو غيره عن زادان في قوله تعالى وإن للذين ظلموا عذابا دون ذلك قال عذاب القبر). [تفسير عبد الرزاق: 2/248]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن ابن جريج وقال مجاهد في قوله تعالى عذابا دون ذلك قال الجوع لقريش في الدنيا). [تفسير عبد الرزاق: 2/248]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة أن ابن عباس قال إن عذاب القبر في القرآن ثم تلا وإن للذين ظلموا عذابا دون ذلك). [تفسير عبد الرزاق: 2/248]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وإنّ للّذين ظلموا عذابًا دون ذلك} اختلف أهل التّأويل في العذاب الّذي توعّد اللّه به هؤلاء الظّلمة من دون يوم الصّعقة، فقال بعضهم: هو عذاب القبر.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا إسماعيل بن موسى الفزاريّ قال: أخبرنا شريكٌ، عن أبي إسحاق، عن البراء، {عذابًا دون ذلك} قال: عذاب القبر.
- حدّثني عليٌّ قال: حدّثنا أبو صالحٍ قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وإنّ للّذين ظلموا عذابًا دون ذلك} يقول: عذاب القبر قبل عذاب يوم القيامة.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، أنّ ابن عبّاسٍ كان يقول: إنّكم لتجدون عذاب القبر في كتاب اللّه {وإنّ للّذين ظلموا عذابًا دون ذلك}.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، أنّ ابن عبّاسٍ قال: عذاب القبر في القرآن ثمّ تلا {وإنّ للّذين ظلموا عذابًا دون ذلك}.
وقال آخرون: عنى بذلك الجوع.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {عذابًا دون ذلك} قال: الجوع.
وقال آخرون: عنى بذلك: المصائب الّتي تصيبهم في الدّنيا من ذهاب الأموال والأولاد.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وإنّ للّذين ظلموا عذابًا دون ذلك} قال: دون الآخرة في هذه الدّنيا يعذّبهم به من ذهاب الأموال والأولاد قال: فهي للمؤمنين أجرٌ وثوابٌ عند اللّه، غدًا بمصائبهم ومصائب هؤلاء، عجّلهم اللّه إيّاها في الدّنيا، وقرأ {فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم} إلى آخر الآية.
والصّواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إنّ اللّه تعالى ذكره أخبر أنّ للّذين ظلموا أنفسهم بكفرهم به عذابًا دون يومهم الّذي فيه يصعقون، وذلك يوم القيامة، فعذاب القبر دون يوم القيامة، لأنّه في البرزخ، والجوع الّذي أصاب كفّار قريشٍ، والمصائب الّتي تصيبهم في أنفسهم وأموالهم وأولادهم دون يوم القيامة، ولم يخصّص اللّه نوعًا من ذلك أنّه لهم دون يوم القيامة دون نوعٍ بل عمّ فقال {وإنّ للّذين ظلموا عذابًا دون ذلك} فكلّ ذلك لهم عذابٌ، وذلك لهم دون يوم القيامة، فتأويل الكلام: وإنّ للّذين كفروا باللّه عذابًا من اللّه دون يوم القيامة {ولكنّ أكثرهم لا يعلمون} بأنّهم ذائقو ذلك العذاب). [جامع البيان: 21/603-604]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله عذابا دون ذلك يعني الجوع). [تفسير مجاهد: 2/626]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 47 - 49.
أخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله {وإن للذين ظلموا عذابا دون ذلك} قال: عذاب القبر قبل يوم القيامة.
وأخرج هناد عن زاذان مثله). [الدر المنثور: 13/696]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن قتادة أن ابن عباس قال: إن عذاب القبر في القرآن ثم تلا {وإن للذين ظلموا عذابا دون ذلك}). [الدر المنثور: 13/696-697]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وإن للذين ظلموا عذابا دون ذلك} قال: الجوع لقريش في الدنيا). [الدر المنثور: 13/697]
تفسير قوله تعالى: (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (حدثني [أسامة بن زيد] أنه سمع محمد بن كعب القرظي تلا هذه الآية: {وسبح بحمد ربك حين تقوم}، قال: حين تقوم للصلاة). [الجامع في علوم القرآن: 2/108]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا الثوري عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص في قوله تعالى وسبح بحمد ربك حين تقوم قال سبحان الله وبحمده). [تفسير عبد الرزاق: 2/249]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا ابن المبارك عن جويبر عن الضحاك بن مزاحم في قوله تعالى وسبح بحمد ربك حين تقوم قال حين تقوم للصلاة تقول الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا). [تفسير عبد الرزاق: 2/249]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قول الله عز وجل: {بأعيننا} قال: بعين اللّه بوجهه). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 107] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {واصبر لحكم ربّك فإنّك بأعيننا وسبّح بحمد ربّك حين تقوم (48) ومن اللّيل فسبّحه وإدبار النّجوم}.
قال أبو جعفرٍ رحمه الله: يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم {واصبر لحكم ربّك} يا محمّد الّذي حكم به عليك، وامض لأمره ونهيه، وبلّغ رسالاته {فإنّك بأعيننا} يقول جلّ ثناؤه: فإنّك بمرأًى منّا نراك ونرى عملك، ونحن نحوطك ونحفظك، فلا يصل إليك من أرادك بسوءٍ من المشركين.
وقوله: {وسبّح بحمد ربّك}. اختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: إذا قمت من نومك فقل: سبحان اللّه وبحمده.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا أبو أحمد قال: حدّثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، في قوله: {وسبّح بحمد ربّك حين تقوم} قال: من كلّ منامةٍ، يقول حين يريد أن يقوم: سبحانك وبحمدك.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص عوف بن مالكٍ {وسبّح بحمد ربّك} قال: سبحان اللّه وبحمده.
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وسبّح بحمد ربّك حين تقوم} قال: إذا قام لصلاةٍ من ليلٍ أو نهارٍ وقرأ {يا أيّها الّذين آمنوا إذا قمتم إلى الصّلاة} قال: من نومٍ ذكره عن أبيه.
وقال بعضهم: بل معنى ذلك: إذا قمت إلى الصّلاة المفروضة فقل: سبحانك اللّهمّ وبحمدك.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا ابن المبارك، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، {وسبّح بحمد ربّك حين تقوم} قال: إذا قام إلى الصّلاة قال: سبحانك اللّهمّ وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدّك، ولا إله غيرك.
- وحدّثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {وسبّح بحمد ربّك حين تقوم} إلى الصّلاة المفروضة.
وأولى القولين في ذلك بالصّواب قول من قال: معنى ذلك: وصلّ بحمد ربّك حين تقوم من منامك، وذلك نوم القائلة، وإنّما عني بذلك صلاة الظّهر.
وإنّما قلت هذا القول أولى القولين بالصّواب، لأنّ الجميع مجمعون على أنّه غير واجبٍ أن يقال في الصّلاة: سبحانك اللهمّ وبحمدك، وما روي عن الضّحّاك عند القيام إلى الصّلاة، فلو كان القول كما قاله الضّحّاك لكان فرضًا أن يقال ذلك، لأنّ قوله: {وسبّح بحمد ربّك} أمرٌ من اللّه تعالى بالتّسبيح، وفي إجماع الجميع على أنّ ذلك غير واجبٍ الدّليل الواضح على أنّ القول في ذلك غير الّذي قاله الضّحّاك.
فإن قال قائلٌ: لعلّه أريد به النّدب والإرشاد. قيل: لا دلالة في الآية على ذلك، ولم تقم حجّةٌ بأنّ ذلك معنيّ به ما قاله الضّحّاك، فيجعل إجماع الجميع على أنّ التّسبيح عند القيام إلى الصّلاة ممّا خيّر المسلمون فيه دليلاً لنا على أنّه أريد به النّدب والإرشاد.
وإنّما قلنا: عنى به القيام من نوم القائلة، لأنّه لا صلاة تجب فرضًا بعد وقتٍ من أوقات نوم النّاس المعروف إلاّ بعد نوم اللّيل، وذلك صلاة الفجر، أو بعد نوم القائلة، وذلك صلاة الظّهر؛ فلمّا أمر بعد قوله: {وسبّح بحمد ربّك حين تقوم} بالتّسبيح بعد إدبار النّجوم، وذلك ركعتا الفجر بعد قيام النّاس من نومها ليلاً، علم أنّ الأمر بالتّسبيح بعد القيام من النّوم هو أمرٌ بالصّلاة الّتي تجب بعد قيامٍ من نوم القائلة على ما ذكرنا دون القيام من نوم اللّيل). [جامع البيان: 21/605-607]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وسبح بحمد ربك حين تقوم يعني من كل مجلس). [تفسير مجاهد: 2/626]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {وسبح بحمد ربك حين تقوم}
أخرج الفريابي، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وسبح بحمد ربك حين تقوم} قال: من كل مجلس). [الدر المنثور: 13/697]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الأحوص رضي الله عنه في قوله {وسبح بحمد ربك حين تقوم} قال: إذا قمت فقل: سبحان الله وبحمده). [الدر المنثور: 13/697]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق في جامعه عن أبي عثمان الفقير رضي الله عنه أن جبريل علم النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذا قام من مجلسه أن يقول: سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك). [الدر المنثور: 13/697]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والنسائي والحاكم، وابن مردويه عن أبي برزة الأسلمي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بآخرة إذا أراد أن يقوم من المجلس: سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك فقال رجل يا رسول الله: إنك لتقول قولا ما كنت تقوله فيما مضى قال: كفارة لما يكون في المجلس). [الدر المنثور: 13/697-698]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن زياد بن الحصين قال: دخلت على أبي العالية فلما أردت أن أخرج من عنده قال: ألا أزودك كلمات علمهن جبريل محمدا صلى الله عليه وسلم قلت: بلى قال: فإنه لما كان بآخرة كان إذا قام من مجلسه قال: سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك فقيل: يا رسول الله ما هؤلاء الكلمات التي تقولهن قال: هن كلمات علمنيهن جبريل كفارات لما يكون في المجلس). [الدر المنثور: 13/698]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن يحيى بن جعدة قال: كفارة المجلس سبحانك وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك). [الدر المنثور: 13/698]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر عن الضحاك في قوله {وسبح بحمد ربك حين تقوم} قال: حين تقوم إلى الصلاة تقول هؤلاء الكلمات: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك أسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك). [الدر المنثور: 13/698-699]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو عبيد، وابن المنذر عن سعيد بن المسيب قال: حق على كل مسلم حين يقوم إلى الصلاة أن يقول: سبحان الله وبحمده لأن الله يقول لنبيه {وسبح بحمد ربك حين تقوم}). [الدر المنثور: 13/699]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله {وسبح بحمد ربك حين تقوم} قال: حين تقوم من فراشك إلى أن تدخل في الصلاة والله أعلم). [الدر المنثور: 13/699]
تفسير قوله تعالى: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (49) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدثني ابن زيد عن أبيه في قول الله: {وأدبار السجود}، قال: النوافل خلف الصلوات، قال: {وإدبار النجوم}، قال: صلاة الصبح). [الجامع في علوم القرآن: 2/162] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى إدبار النجوم قال ركعتان قبل صلاة الصبح). [تفسير عبد الرزاق: 2/249]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا أبو هشامٍ الرّفاعيّ، قال: حدّثنا محمّد بن فضيلٍ، عن رشدين بن كريبٍ، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: إدبار النّجوم الرّكعتان قبل الفجر، وإدبار السّجود الرّكعتان بعد المغرب.
هذا حديثٌ غريبٌ، لا نعرفه مرفوعًا إلاّ من هذا الوجه من حديث محمّد بن فضيلٍ، عن رشدين بن كريبٍ.
سألت محمّد بن إسماعيل، عن محمّدٍ ورشدين بن كريبٍ أيّهما أوثق؟ قال: ما أقربهما، ومحمّدٌ عندي أرجح.
وسألت عبد الله بن عبد الرّحمن، عن هذا؟ فقال: ما أقربهما عندي، ورشدين بن كريبٍ أرجحهما عندي. والقول عندي ما قال أبو محمّدٍ، ورشدين أرجح من محمّدٍ وأقدم، وقد أدرك رشدين ابن عبّاسٍ ورآه). [سنن الترمذي: 5/245-246]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {ومن اللّيل فسبّحه} يقول: ومن اللّيل فعظّم ربّك يا محمّد بالصّلاة والعبادة، وذلك صلاة المغرب والعشاء.
- وكان ابن زيدٍ يقول في ذلك ما: حدّثني به يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ومن اللّيل فسبّحه} قال: ومن اللّيل صلاة العشاء {وإدبار النّجوم} يعني حين تدبر النّجوم للأفول عند إقبال النّهار.
وقيل: عني بذلك ركعتا الفجر.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: ثني أبي قال: ثني عمّي قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فسبّحه وإدبار النّجوم} قال: هما السّجدتان قبل صلاة الغداة.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ومن اللّيل فسبّحه وإدبار النّجوم} كنّا نحدّث أنّهما الرّكعتان عند طلوع الفجر. قال: وذكر لنا أنّ عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه كان يقول: لهما أحبّ إليّ من حمر النّعم.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن سعيد بن هشامٍ، عن عائشة، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال في ركعتي الفجر هما خيرٌ من الدّنيا جميعًا.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة {وإدبار النّجوم} قال: ركعتان قبل صلاة الصّبح.
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا ابن أبي عديٍّ، وحمّاد بن مسعدة قالا: حدّثنا حميدٌ، عن الحسن، عن عليٍّ، في قوله: {وإدبار النّجوم} قال: الرّكعتان قبل صلاة الصّبح.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا جريرٌ، عن عطاءٍ قال: قال عليٌّ رضي اللّه عنه {وإدبار النّجوم} الرّكعتان قبل الفجر.
وقال آخرون: عنى بالتّسبيح {وإدبار النّجوم} صلاة الصّبح الفريضة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {وإدبار النّجوم} قال: صلاة الغداة.
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وإدبار النّجوم} قال: صلاة الصّبح.
قال أبو جعفرٍ رحمه الله: وأولى القولين في ذلك عندي بالصّواب قول من قال: عنى بها: الصّلاة المكتوبة صلاة الفجر، وذلك أنّ اللّه أمر فقال: {ومن اللّيل فسبّحه وإدبار النّجوم} والرّكعتان قبل الفريضة غير واجبتين، ولم تقم حجّةٌ يجب التّسليم لها، أنّ قوله فسبّحه على النّدب، وقد دلّلنا في غير موضعٍ من كتابنا على أمر اللّه على الفرض حتّى تقوم حجّةٌ بأنّه مرادٌ به النّدب، أو غير الفرض بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع). [جامع البيان: 21/607-610]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت) ابن عباس - رضي الله عنهما -: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إدبار النّجوم: الركعتان قبل الفجر، وأدبار السّجود: الركعتان بعد المغرب».
أخرجه الترمذي). [جامع الأصول: 2/366-367]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم}
أخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه في قوله {ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم} قال: الركعتان قبل صلاة الصبح). [الدر المنثور: 13/699]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وإدبار النجوم} قال: ركعتي الفجر). [الدر المنثور: 13/699]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله {وإدبار النجوم} قال: صلاة الغداة). [الدر المنثور: 13/699]