تفسير قوله تعالى: (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا (25) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ويوم تشقّق السّماء بالغمام ونزّل الملائكة تنزيلاً (25) الملك يومئذٍ الحقّ للرّحمن، وكان يومًا على الكافرين عسيرًا}.
اختلف القرّاء في قراءة قوله {تشقّق} فقرأته عامّة قرّاء الحجاز: (ويوم تشّقّق)، بتشديد الشّين بمعنى: تتشقّق، فأدغموا إحدى التّاءين في الشّين فشدّدوها، كما قال: {لا يسّمّعون إلى الملإ الأعلى}.
وقرأ ذلك عامّة قرّاء أهل الكوفة: {ويوم تشقّق}، بتخفيف الشّين والاجتزاء بإحدى التّاءين من الأخرى.
والقول في ذلك عندي: أنّهما قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار بمعنًى واحدٍ، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ، وتأويل الكلام: ويوم تشقّق السّماء عن الغمام.
وقيل: إنّ ذلك غمامٌ أبيض مثل الغمام الّذي ظلّل على بني إسرائيل.
وجعلت الباء في قوله: {بالغمام} مكان عن كما تقول: رميت عن القوس وبالقوس وعلى القوس، بمعنًى واحدٍ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {ويوم تشقّق السّماء بالغمام} قال: هو الّذي قال: {في ظللٍ من الغمام} الّذي يأتي اللّه فيه يوم القيامة، ولم يكن في تلك قطّ إلاّ لبني إسرائيل.
قال ابن جريجٍ: الغمام الّذي يأتي اللّه فيه غمامٌ زعموا في الجنّة.
- قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا معتمر بن سليمان، عن عبد الجليل، عن أبي حازمٍ، عن عبد اللّه بن عمرٍو قال: يهبط اللّه حين يهبط، وبينه وبين خلقه سبعون حجابًا، منها النّور والظّلمة والماء، فيصوّت الماء صوتًا تنخلع له القلوب.
- قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عكرمة، في قوله: {يأتيهم اللّه في ظللٍ من الغمام والملائكة} يقول: والملائكة حوله.
- قال: حدّثني حجّاجٌ، عن مبارك بن فضالة، عن عليّ بن زيد بن جدعان، عن يوسف بن مهران، أنّه سمع ابن عبّاسٍ يقول: إنّ هذه السّماء إذا انشقّت نزل منها من الملائكة أكثر من الجنّ والإنس، وهو يوم التّلاق، يوم يلتقي أهل السّماء وأهل الأرض، فيقول أهل الأرض: جاء ربّنا، فيقولون: لم يجئ وهو آتٍ، ثمّ تتشقّق السّماء الثّانية، ثمّ سماءٌ سماءٌ على قدر ذلك من التّضعيف إلى السّماء السّابعة، فينزل منها من الملائكة أكثر من جميع من نزل من السّموات ومن الجنّ والإنس. قال: فتنزل الملائكة الكروبيّون، ثمّ يأتي ربّنا تبارك وتعالى في حملة العرش الثّمانية بين كعب كلّ ملكٍ وركبته مسيرة سبعين سنةً، وبين فخذه ومنكبه مسيرة سبعين سنةً، قال: وكلّ ملكٍ منهم لم يتأمّل وجه صاحبه، وكلّ ملكٍ منهم واضعٌ رأسه بين ثدييه، يقول: سبحان الملك القدّوس، وعلى رءوسهم شيءٌ مبسوطٌ كأنّه القباء، والعرش فوق ذلك، ثمّ وقف.
- قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا جعفر بن سليمان، عن هارون بن وثّابٍ، عن شهر بن حوشبٍ قال: حملة العرش ثمانيةٌ، فأربعةٌ منهم يقولون: سبحانك اللّهمّ وبحمدك، لك الحمد على حلمك بعد علمك، وأربعةٌ يقولون: سبحانك اللّهمّ وبحمدك، لك الحمد على عفوك بعد قدرتك.
- قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن أبي بكر بن عبد اللّه، قال: إذا نظر أهل الأرض إلى العرش يهبط عليهم فوقهم شخصت إليه أبصارهم، ورجفت كلاهم في أجوافهم، قال: وطارت قلوبهم من مقرّها في صدورهم إلى حناجرهم.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ويوم تشقّق السّماء بالغمام ونزّل الملائكة تنزيلاً} يعني يوم القيامة حين تشقّق السّماء بالغمام، وتنزل الملائكة تنزيلاً.
وقوله: {ونزّل الملائكة تنزيلاً} يقول: ونزّل الملائكة إلى الأرض تنزيلاً). [جامع البيان: 17/436-439]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ويوم تشقّق السّماء بالغمام ونزّل الملائكة تنزيلًا (25)
قوله تعالى: ويوم تشقّق السّماء
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: يوم قال: يوم القيامة.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عبد اللّه بن محمّد بن أبي شيبة، ثنا مروان بن معاوية، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك: ويوم تشقّق السّماء بالغمام قال: هو قطع السّماء إذا تشقّقت.
قوله تعالى: بالغمام
- حدّثنا الحسين بن الحسن، ثنا إبراهيم بن عبد اللّه بن حاتمٍ الهرويّ، أنبأ الحجّاج، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: السّماء بالغمام قال: هو الّذي في ظللٍ من الغمام يأتي اللّه فيه يوم القيامة ولم يكن قطّ إلا لبني إسرائيل.
قوله تعالى: ونزّل الملائكة تنزيلا
- حدّثنا محمّد بن عمّار بن الحارث، ثنا مؤمّلٌ، ثنا حمّاد بن سلمة، عن عليّ بن زيدٍ، عن يوسف بن مهران، عن ابن عبّاسٍ أنّه قرأ هذه الآية: ويوم تشقّق السّماء بالغمام ونزّل الملائكة تنزيلا قال ابن عبّاسٍ: يجمع اللّه الخلق يوم القيامة في صعيدٍ واحدٍ الجنّ والإنس والبهائم والسّباع والطّير وجميع الخلق وتنشقّ السّماء الدّنيا فينزل أهلها وهم أكثر من الجنّ والإنس ومن جميع الخلق فيحيطون بالجنّ والإنس وبجميع الخلق ثمّ تنشقّ السّماء الثّانية فينزل أهلها وهم أكثر من أهل السّماء الدّنيا ومن الجن والإنس ومن جميع الخلق فيحيطون بالملائكة الّذين نزلوا قبلهم والجنّ والإنس وجميع الخلق ثمّ تنشقّ السّماء الثّالثة فينزل أهلها وهم أكثر من أهل السّماء الثّانية والسّماء الدّنيا ومن جميع الخلق فيحيطون بالملائكة الّذين نزلوا قبلهم وبالجنّ والإنس وجميع الخلق ثمّ كذلك كلّ سماءٍ حتّى تنشقّ السّماء السّابعة وهم أكثر ممّن نزل قبلهم من أهل السماوات ومن الجن والإنس ومن جميع الخلق فيحيطون بالملائكة الّذين نزلوا قبلهم وبالجنّ والإنس وجميع الخلق وربّنا عزّ وجلّ في ظللٍ من الغمام وحوله الكروبيّون وهم أكثر من أهل السّموات السّبع والجنّ والإنس وجميع الخلق لهم قرونٌ كأكعب القنا وهم تحت العرش لهم زجلٌ بالتّسبيح والتّهليل والتّقديس للّه عزّ وجلّ ما بين أخمص قدم أحدهم إلى كعبه مسيرة خمسمائة عامٍ وما بين كعبه إلى ركبتيه مسيرة خمسمائة عامٍ وما بين ركبتيه إلى أرنبته مسيرة خمسمائة عامٍ وما بين أرنبته إلى ترقوته مسيرة خمسمائة عامٍ وما بين ترقوته إلى موضع القرط مسيرة خمسمائة عامٍ وما فوق ذلك مسيرة خمسمائة عامٍ وجهنّم مجنّبته). [تفسير القرآن العظيم: 8/2682-2683]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان عن يوسف بن مهران عن ابن عباس في قول الله عز وجل ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا قال ينزل أهل السماء الدنيا وهم أكثر ممن في الأرض من الجن والإنس فيقول لهم أهل الأرض أفيكم ربنا عز وجل فيقولون لا وسيأتي ثم تشقق السماء الثانية فينزل أهلها وهم أكثر من أهل السماء الدنيا ومن أهل الأرض جنهم وإنسهم فيقولون أفيكم ربنا فيقولون لا وسيأتي ثم تشقق السموات كذلك كل سماء أكثر ممن تحتهم من ملائكة السموات ومن أهل الأرض ثم تشقق السماء السابعة وينزل أهلها وهم أكثر من أهل السموات الست ومن أهل الأرض جنهم وإنسهم فيقولون أفيكم ربنا عز وجل فيقولون لا وسيأتي ثم ينزل الرب عز وجل في الكروبيين وهم أكثر من أهل السموات السبع ومن أهل الأرض في حملة العرش لهم كعوب ككعوب القنا ما بين أخمص أحدهم إلى كعبه مسيرة خمس مائة عام ومن كعبه إلى ركبتيه مسيرة خمس مائة عام ومن ركبتيه إلى أرنبته مسيرة خمس مائة عام ومن أرنبته إلى ترقوته مسيرة خمس مائة عام ومن ترقوته إلى موضع القرط مسيرة خمس مائة عام). [تفسير مجاهد: 2/450-451]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا * الملك يومئذ الحق للرحمن وكان يوما على الكافرين عسيرا.
أخرج عبد بن حميد، وابن أبي الدنيا في الاهوال، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم عن ابن عباس أنه قرأ {ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا} قال: يجمع الله الخلق يوم القيامة في صعيد واحد، الجن والأنس والبهائم والسباع والطير وجميع الخلق فتشقق السماء الدنيا فينزل أهلها وهم أكثر ممن في الأرض من الجن والانس وجميع الخلق فيحيطون بالجن والانس وجميع الخلق فيقول أهل الأرض: أفيكم ربنا فيقولون: لا، ثم تشقق السماء الثانية فينزل أهلها وهم أكثر من أهل السماء الدنيا ومن الجن والانس وجميع الخلق فيحيطون بالملائكة الذين نزلوا قبلهم والجن والانس وجميع الخلق، ثم ينزل أهل السماء الثالثة فيحيطون بالملائكة الذين نزلوا قبلهم والجن والانس وجميع الخلق، ثم ينزل أهل السماء الرابعة وهم أكثر من أهل الثالثة والثانية والأولى وأهل الأرض ثم ينزل أهل السماء الخامسة وهم أكثر ممن تقدم ثم أهل السماء السادسة كذلك ثم أهل السماء السابعة، وهم أكثر من أهل السموات وأهل الأرض ثم ينزل ربنا في ظلل من الغمام وحوله الكروبيون وهم أكثر من أهل السموات السبع والانس والجن وجميع الخلق لهم قرون ككعوب القنا وهم حملة العرش لهم زجل بالتسبيح والتحميد والتقديس لله تعالى ومن أخمص قدم أحدهم إلى كعبة مسيرة خمسمائة عام ومن كعبه إلى ركبته خمسمائة عام ومن ركبته إلى فخذه مسيرة خمسمائة عام ومن فخذه إلى ترقوته مسيرة خمسمائة عام ومن ترقوته إلى موضع القرط مسيرة خمسمائة عام وما فوق ذلك خمسمائة عام). [الدر المنثور: 11/161-162]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الضحاك {ويوم تشقق السماء بالغمام} قال: هو قطع السماء إذا انشقت). [الدر المنثور: 11/162]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن مجاهد {ويوم تشقق السماء بالغمام} قال: هو الذي قال {في ظلل من الغمام} البقرة الآية 120 الذي يأتي الله فيه يوم القيامة). [الدر المنثور: 11/162-163]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في الآية، يقول: تشقق عن الغمام الذي يأتي الله فيه، غمام زعموا في الجنة). [الدر المنثور: 11/163]
تفسير قوله تعالى: (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا (26) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {الملك يومئذٍ الحق للرّحمن} يقول: الملك الحقّ يومئذٍ خالصٌ للرّحمن دون كلّ من سواه، وبطلت الممالك يومئذٍ سوى ملكه. وقد كان في الدّنيا ملوكٌ فبطل الملك يومئذٍ سوى ملك الجبّار. {وكان يومًا على الكافرين عسيرًا}، يقول: وكان يوم تشقّق السّماء بالغمام يومًا على أهل الكفر باللّه عسيرًا، يعني صعبًا شديدًا). [جامع البيان: 17/439]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (الملك يومئذٍ الحقّ للرّحمن وكان يومًا على الكافرين عسيرًا (26)
قوله تعالى: الملك يومئذٍ الحقّ للرّحمن
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عبد اللّه بن محمّد بن أبي شيبة، ثنا أبو أسامة، عن عمر بن حمزة، عن سالم بن عبد اللّه أخبرني عبد اللّه بن عمر قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: يطوي اللّه السّموات يوم القيامة ثمّ يطوي الأرضين ثمّ يقول أنا الملك أين الجبّارون أين المتكبّرون.
قوله تعالى: للرّحمن
- حدّثنا عليّ بن طاهرٍ، ثنا محمّد بن العلاء أبو كريبٍ، ثنا عثمان بن سعيدٍ الزّيّات ثنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك عن ابن عباس: الرّحمن الفعلان من الرّحمة وهو من كلام العرب الرّحمن.
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن عبد الرّحمن العرزميّ، ثنا أبي عن جويبرٍ، عن الضّحّاك في قوله الرحمن قال: الرّحمن بجميع خلقه.
قوله تعالى: وكان يوما على الكافرين عسيرا
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالدٍ، ثنا سعيد بن إسحاق، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قال اللّه عزّ وجلّ: يوما... عسيرًا فبيّن اللّه على من يقع فقال: على الكافرين). [تفسير القرآن العظيم: 8/2683]
تفسير قوله تعالى: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة وعثمان الجزري عن مقسم مولى ابن عباس في قوله ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا قال اجتمع عقبة بن أبي معيط وأبي بن خلف وكانا خليلين فقال أحدهما لصاحبه بلغني أنك أتيت محمدا فاستمعت منه والله لا أرضى عنك حتى تتفل في وجهه وتكذبه فلم يسلطه الله على ذلك فقتل عقبة بن أبي معيط يوم بدر صبرا وأما أبي بن خلف فقتله النبي بيده يوم أحد في القتال فهما اللذان أنزل الله فيهما ويوم يعض الظالم على يديه حتى بلغ خليلا). [تفسير عبد الرزاق: 2/68]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن عثمان الجزري عن مقسم مولى ابن عباس عن ابن عباس أن عقبة بن أبي معيط وأبي بن خلف الجمحي قال عقبة بن أبي معيط لأبي بن خلف وكانا خليلين في الجاهلية فقال لا أرضى عنك أبدا حتى تأتى محمدا فتتفل في وجهه وتكذبه وتشتمه وكان قد أتى النبي قبل ذلك وعرض عليه الإسلام فلما سمع عقبه بذلك قال لا أرضى عنك أبدا حتى تكذبه وتتفل في وجهه فلم يسلطه الله على ذلك فلما كان يوم بدر أسر عقبة بن أبي معيط في الأسارى فأمر به رسول الله أن يقتل فقال يا محمد من بين هؤلاء أقتل قال نعم فقال لم قال بكفرك وفجورك وعتوك على الله وعلى رسوله قال مقسم فبلغنا والله أعلم أنه قال فمن للصبية قال فيقال إنه قال النار قال فقام علي بن أبي طالب فضرب عنقه وأما أبي بن خلف فقال والله لأقتلن محمدا فبلغ ذلك رسول الله فقال بل أنا أقتله إن شاء الله قال فانطلق رجل حتى أتى أبي بن خلف فقال إن محمدا حين قيل له ما قلت قال بل أنا أقتله فأفزعه ذلك وقال أنشدك بالله أسمعته يقول ذلك ووقعت في نفسه لأنهم لم يسمعوا رسول الله قال قولا إلا كان حقا قال فلما كان يوم أحد خرج أبي بن خلف مع المشركين فجعل يلتمس غفلة النبي ليحمل عليه فيحول رجل من المسلمين بين النبي وبينه فلما رأى ذلك رسول الله قال خلوا عنه وأخذ الحربة فرجله بها فتقع في ترقوته تحت تسبغة البيضة وفوق الدرع فلم يخرج كبير دم واحتقن الدم في جوفه فخر يخور كما يخور الثور فأقبل أصحابه حتى احتملوه وهو يخور فقالوا ما هذا فوالله ما كان إلا خدش فقال والله لو لم يصيبني إلا بريقه لقتلني أليس قد قال بل أنا أقتله والله لو كان الذي بي بأهل الحجاز لقتلهم قال فما لبث إلا يوما أو نحو ذلك حتى مات إلى النار فأنزل الله تعالى ويوم يعض الظالم على يديه حتى بلغ خذولا). [تفسير عبد الرزاق: 2/68-69]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ويوم يعضّ الظّالم على يديه يقول يا ليتني اتّخذت مع الرّسول سبيلاً (27) يا ويلتا ليتني لم أتّخذ فلانًا خليلاً (28) لقد أضلّني عن الذّكر بعد إذ جاءني وكان الشّيطان للإنسان خذولاً}.
يقول تعالى ذكره: ويوم يعضّ الظّالم نفسه المشرك بربّه على يديه ندمًا وأسفًا على ما فرّط في جنب اللّه وأوبق نفسه بالكفر به في طاعة خليله الّذي صدّه عن سبيل ربّه، يقول: يا ليتني اتّخذت في الدّنيا مع الرّسول سبيلاً، يعني طريقًا إلى النّجاة من عذاب اللّه). [جامع البيان: 17/439]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: ويوم يعضّ الظّالم على يديه
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: ويوم يعضّ الظّالم على يديه عقبة بن أبي معيطٍ دعا مجلسًا فيهم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لطعامٍ فأبى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أن يأكل وقال: لا آكل؟! حتّى تشهد أن لا إله إلا اللّه وأنّ محمّداً رسول اللّه. فلقيه أميّة بن خلفٍ فقال: أقد صبوت؟ قال: إني أخاك على ما تعلم ولكن صنعت طعامًا فأبى أن يأكل حتّى أقول ذلك فقلته وليس من نفسي.
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن المصفّى، ثنا معاوية بن حفصٍ، عن هشيمٍ، عن أبي بلجٍ، عن عمرو بن ميمونٍ في قوله: ويوم يعضّ الظّالم على يديه قال: نزلت في عقبة بن أبي معيطٍ وأبيّ بن خلفٍ قال: دخل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم على عقبة في حاجةٍ وقد صنع طعامًا للنّاس قال: فدعا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم إلى طعامه فقال قد علمت أنّي لا آكل طعامك. ولست على ديني قال: لا حتّى تسلم قال: فأسلم وجلس النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فأكل وبلغ الخبر أبيّ بن خلفٍ فأتى عقبة فذكر له ما صنع فقال له عقبة أترى مثل محمّدٍ يدخل منزلي وفيه طعامٌ ثمّ يخرج ولا يأكل قال أبيٌّ فوجهي من وجهك حرامٌ حتّى ترجع إليه وتتفل في وجهه وترجع عمّا دخلت فيه قال: فجاء ففعل ذلك ونزل القرآن: ويوم يعضّ الظّالم على يديه قال: عقبة.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: ويوم يعضّ الظّالم على يديه ذكر لنا أنّ عقبة بن أبي معيطٍ كان يغش نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فلقيه أميّة بن خلفٍ وكان له صديقًا فلم يزل به حتّى صرفه وصدّه، عن غشيان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فأنزل اللّه عزّ وجلّ فيهما: ويوم يعضّ الظّالم على يديه
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ العوفيّ فيما كتب إليّ حدّثني أبي حدّثني عمّي حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ قوله: ويوم يعضّ الظّالم على يديه قال: هو أبيّ بن خلفٍ وكان يحضر النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فزجره عقبة بن أبي معيطٍ.
- حدّثنا محمّد بن يحيى قال وجدت في كتاب جدّي يحيى بن الضّريس قال، قال سفيان: في قوله: يوم يعضّ الظّالم على يديه قال: يأكل يده ثمّ تنبت.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد النّرسيّ، ثنا أبو فاطمة مسكين قال: سمعت: هشام قال: في قول اللّه عزّ وجلّ: ويوم يعضّ الظّالم على يديه قال: يأكل كفّه ندامةً حتّى يبلغ منكبه لا يجد مسّها.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن نميرٍ، ثنا سفيان، عن أبي السّوداء النّهديّ، ثنا ابن سابطٍ قال: صنع أبيّ بن خلفٍ طعامًا ثمّ أتى مجلسًا فيه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: قوموا فقاموا غير النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال له: قم قال لا حتّى تشهد أن لا إله إلا اللّه وأنّي رسول اللّه فشهد فقام النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فلقيه عقبة بن أبي معيطٍ فقال: فعلت كذا وكذا: قال: إنّما أردت لطعامنا فذلك قوله: ويوم يعضّ الظّالم على يديه يقول يا ليتني اتّخذت مع الرّسول سبيلا.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا الفيض بن وثيقٍ الثّقفيّ، ثنا جعفر بن سليمان قال: سمعت أبا عمران الجونيّ: ويوم يعضّ الظّالم على يديه قال: بلغني أنّه يعضّه حتّى يكسر العظم ثمّ يعود.
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن المصفّى، ثنا معاوية بن حفصٍ، عن هشيمٍ، عن أبي بلجٍ، عن عمرو بن ميمونٍ في قوله: يقول يا ليتني اتّخذت مع الرّسول سبيلا عقبة بن أبي معيطٍ.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامرٌ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: ويوم يعضّ الظّالم على يديه يقول يا ليتني اتّخذت مع الرّسول سبيلا قال نزلت في عقبة بن أبي معيطٍ كان قد غشي مجلس النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وهمّ أن يسلم فلقيه أميّة بن خلفٍ فقال: يا عقبة بلغني أنّك قد صبوت فتبعت محمّدًا فقال: فعلت، قال: فوجهي من وجهك حرامٌ حتّى تأتيه فتتفل في وجهه وتتبرّأ منه فيعلم قومك أنّك عدوٌّ لمن عاداهم وفرّق عليهم جماعتهم فأطاعه فأتى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فتفل في وجهه وتبرأ منه فاشتدّ ذلك على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فأنزل اللّه عزّ وجلّ فيه يخبر بما هو صائرٌ إليه من النّدامة وتبرّئه من خليله أميّة بن خلفٍ فقال: ويوم يعضّ الظّالم على يديه يقول يا ليتني اتّخذت مع الرّسول سبيلا والسّبيل: الطّاعة.
قوله تعالى: سبيلا
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: يا ليتني اتّخذت مع الرّسول سبيلا أي بطاعة اللّه- وروي عن السّدّيّ مثل ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 8/2683-2685]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا أبو إسحاق إبراهيم بن الحسين بن علي الهمذاني ثنا آدم بن أبي إياس ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ويوم يعض الظالم على يديه قال نزلت في عقبة بن أبي معيط وذلك انه دعا مجلسا فيهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا آكل حتى تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ففعل عقبة فلقيه أبي بن خلف فقال له أصبوت فقال له عقبة إن أخاك على ما تعلم ولكنه أبى أن يأكل حتى أقوله له فقلته وليس في نفسي). [تفسير مجاهد: 2/451/452]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت) ابن عباس - رضي الله عنهما -: في قوله تعالى: {ويوم يعضّ الظّالم على يديه} [الفرقان: 27] قال: الظّالم: عقبة بن أبي معيط {يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلاً (27) يا ويلتا ليتني لم أتّخذ فلاناً خليلاً} يعني: أميّة بن خلفٍ، وقيل: أبيّ».أخرجه). [جامع الأصول: 2/284]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ابن عباس - رضي الله عنهما -): قال: صنع عقبة بن أبي معيط طعاماً، فدعا أشراف قريشٍ - وكان فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم - فامتنع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطعم، أو يشهد عقبة شهادة التوحيد، ففعل، فأتاه أبيٌّ، أو أميّة - وكان خليله - فقال: أصبأت؟ قال: لا ولكن استحييت أن يخرج من منزلي، أو يطعم من طعامي، فقال: ما كنت أرضى أو تبصق في وجهه، ففعل عقبة، وقتل يوم بدرٍ صبراً كافراً. أخرجه.
[شرح الغريب]
(خليلاً) الخليل: الصديق.
(أصبأت) يقال: صبأ من دين إلى دين: إذا خرج من هذا إلى هذا.
(صبراً) الصبر حبس القتيل على القتل، فكل من قتل في غير حرب ولا غيلة، فقد قتل صبراً). [جامع الأصول: 2/284-285]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا * يا ويلتي ليتني لم أتخذ فلانا خليلا * لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا * وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا * وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين وكفى بربك هاديا ونصيرا.
أخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل بسند صحيح من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما: إن أبا معيط كان يجلس مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم بمكة لا يؤذيه وكان رجلا حليما وكان بقية قريش إذا جلسوا معه آذوه وكان لابي معيط خليل غائب عنه بالشام فقالت قريش: صبا أبو معيط وقدم خليله من الشام ليلا فقال لامرأته: ما فعل محمد مما كان عليه فقالت: أشد مما كان أمرا أبو معيط فحياه فلم يرد عليه التحية فقال: مالك، لا ترد علي تحيتي فقال: كيف أرد عليك تحيتك وقد صبوت قال: أوقد فعلتها قريش قال: نعم، قال فما يبرئ صدورهم إن أنا فعلت قال: نأتيه في مجلسه وتبصق في وجهه وتشمته باخبث ما تعلمه من الشتم، ففعل فلم يزد النّبيّ صلى الله عليه وسلم أن مسح وجهه من البصاق ثم التفت إليه فقال: إن وجدتك خارجا من جبال مكة أضرب عنقك صبرا، فلما كان يوم بدر وخرج أصحابه أبى أن يخرج فقال له أصحابه: أخرج معنا قال: قد وعدني هذا الرجل أن وجدني خارجا من جبال مكة أن يضرب عنقي صبرا فقالوا: لك جمل أحمر لا يدرك فلو كانت الهزيمة طرت عليهن فخرج معهم فلما هزم الله المشركين وحل به جمله في جدد من الأرض فاخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم أسيرا في في سبعين من قريش وقدم إليه أبو معيط فقال: تقتلني من بين هؤلاء قال: نعم، بما بصقت في وجهي فانزل الله في أبي معيط {ويوم يعض الظالم على يديه} إلى قوله {وكان الشيطان للإنسان خذولا} ). [الدر المنثور: 11/163-164]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو نعيم من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: كان عقبة بن أبي معيط لا يقدم من سفر إلا صنع طعاما فدعا إليه أهل مكة كلهم وكان يكثر مجالسة النّبيّ صلى الله عليه وسلم ويعجبه حديثه وغلب عليه الشقاء فقدم ذات يوم من سفر فصنع طعاما ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى طعامه فقال: ما أنا بالذي آكل من طعامك حتى تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فقال: أطعم يا ابن أخي، قال: ما أنا بالذي أفعل حتى تقول، فشهد بذلك وطعم من طعامه، فبلغ ذلك أبي خلف فاتاه فقال: أصبوت يا عقبة - وكان خليله - فقال: لا والله ما صبوت، ولكن دخل على رجل فابى أن يطعم من طعامي إلا أن أشهد له فاستحييت أن يخرج من بيتي قبل أن يطعم فشهدت له فطعم، فقال: ما أنا بالذي أرضى عنك حتى تأتيه فتبصق في وجهه، ففعل عقبة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ألقاك خارجا من مكة إلا علوت رأسك بالسيف فاسر عقبة يوم بدر فقتل صبرا ولم يقتل من الاسارى يومئذ غيره). [الدر المنثور: 11/164-165]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه من طرق عن ابن عباس قال: كان أبي بن خلف يحضر النّبيّ صلى الله عليه وسلم فزجره عقبة بن أبي معيط فنزل {ويوم يعض الظالم على يديه} إلى قوله {وكان الشيطان للإنسان خذولا} ). [الدر المنثور: 11/165]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق في المصنف، وابن جرير، وابن المنذر عن مقسم مولى ابن عباس قال: إن عقبة بن أبي معيط وأبي بن خلف الجمحي التقيا فقال عقبة بن ابي معيط لابي بن خلف وكانا خليلين في الجاهلية وكان أبي قد أتى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فعرض عليه الإسلام فلما سمع بذلك عقبة قال: لا أرضى عنك حتى تأتي محمدا فتتفل في وجهه وتشمته وتكذبه، قال: فلم يسلطه الله على ذلك، فلما كان يوم بدر أسر عقبة بن أبي معيط في الاسارى فامر به النّبيّ صلى الله عليه وسلم علي بن ابي طالب أن يقتله فقال عقبة: يا محمد أمن بين هؤلاء أقتل قال: نعم، قال: بم قال: بكفرك وفجورك وعتوك على الله وعلى رسوله فقام إليه علي بن أبي طالب فضرب عنقه.
وأمّا أبي بن خلف فقال: والله لا قتلن محمدا، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: بل أنا أقتله إن شاء الله، فافزعه ذلك فوقعت في نفسه لأنهم لم يسمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قولا إلا كان حقا فلما كان يوم أحد خرج مع المشركين فجعل يلتمس غفلة النّبيّ صلى الله عليه وسلم ليحمل عليه، فيحول رجل من المسلمين بين النّبيّ صلى الله عليه وسلم وبينه، فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لاصحابه: خلوا عنه فاخذ الحربة فرماه بها فوقعت في ترقوته فلم يخرج منه كبير دم واحتقن الدم في جوفه فخار كما يخور الثور فاتى أصحابه حتى احتملوه وهو يخور وقالوا: ما هذا فوالله ما بك إلا خدش فقال: والله لو لم يصبني إلا بريقه لقتلني اليس قد قال: أنا أقتله والله لو كان الذي بي باهل ذي المجاز لقتلهم، قال: فما لبث إلا يوما أو نحو ذلك حتى مات إلى النار وأنزل الله فيه {ويوم يعض الظالم على يديه} إلى قوله {وكان الشيطان للإنسان خذولا} ). [الدر المنثور: 11/165-167]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن سابط قال: صنع أبي بن خلف طعاما ثم أتى مجلسا فيه النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: قوموا، فقاموا غير النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: لا أقوم حتى تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فتشهد، فقام النّبيّ صلى الله عليه وسلم فلقيه عقبة بن أبي معيط فقال: قلت: كذا وكذا قال: إنما أردت لطعامنا فذلك قوله {ويوم يعض الظالم على يديه} ). [الدر المنثور: 11/167]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {ويوم يعض الظالم على يديه} قال: عقبة بن أبي معيط دعا مجلسا فيه النّبيّ صلى الله عليه وسلم لطعام فابى النّبيّ صلى الله عليه وسلم أن يأكل وقال: لا آكل حتى تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فلقيه أميه بن خلف فقال: أقد صبوت فقال: إن أخاك على ما تعلم ولكن صنعت طعاما فابى أن يأكل حتى قلت ذلك فقلته وليس من نفسي). [الدر المنثور: 11/167]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن هشام في قوله {ويوم يعض الظالم على يديه} قال: يأكل كفيه ندامة حتى يبلغ منكبه لا يجد مسها). [الدر المنثور: 11/167]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان في قوله {ويوم يعض الظالم على يديه} قال: يأكل يده ثم تنبت). [الدر المنثور: 11/168]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي عمران الجوني في قوله {ويوم يعض الظالم على يديه} قال: بلغني إنه يعضه حتى يكسر العظم ثم يعود). [الدر المنثور: 11/168]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب قال: نزلت في أمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط {ويوم يعض الظالم على يديه} قال: هذا عقبة، {لم أتخذ فلانا خليلا} قال: أمية وكان عقبة خدنا لامية فبلغ أمية أن عقبة يريد الإسلام فاتاه وقال: وجهي من وجهك حرام أن أسلمت أن أكلمك أبدا.
ففعل فنزلت هذه الآية فيهما). [الدر المنثور: 11/168]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن ميمون في قوله {ويوم يعض الظالم على يديه} قال: نزلت في عقبة بن ابي معيط وابي بن خلف دخل النّبيّ صلى الله عليه وسلم على عقبة في حاجة وقد صنع طعاما للناس فدعا النّبيّ صلى الله عليه وسلم إلى طعامه قال: لا، حتى تسلم، فاسلم فاكل، وبلغ الخبر أبي بن خلف فاتى عقبة فذكر له ما صنع فقال له عقبة: أترى مثل محمد يدخل منزلي وفيه طعام ثم يخرج ولا يأكل قال: فوجهي من وجهك حرام حتى ترجع عما دخلت فيه، فرجع فنزلت الآية). [الدر المنثور: 11/168-169]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال {ويوم يعض الظالم على يديه} قال: أبي بن خلف وعقبة بن أبي معيط، وهما الخليلان في جهنم على منبر من نار). [الدر المنثور: 11/169]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال: ذكر لنا أن رجلا من قريش كان يغشى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقيه رجل من قريش - وكان له صديقا - فلم يزل به حتى صرفه وصده عن غشيان رسول الله صلى الله عليه وسلم فانزل الله فيهما ما تسمعون). [الدر المنثور: 11/169]
تفسير قوله تعالى: (يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله {يا ويلتا ليتني لم أتّخذ فلانًا خليلاً} اختلف أهل التّأويل في المعنيّ بقوله: {الظّالم} وبقوله: {فلانًا} فقال بعضهم: عني بالظّالم: عقبة بن أبي معيطٍ، لأنّه ارتدّ بعد إسلامه طلبًا منه لرضا أبيّ بن خلفٍ، وقالوا: فلانٌ هو أبيٌّ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثني الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ قال: كان أبيّ بن خلفٍ يحضر النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فزجره عقبة بن أبي معيطٍ، فنزل: {ويوم يعضّ الظّالم على يديه يقول يا ليتني اتّخذت مع الرّسول سبيلاً} إلى قوله {خذولاً} قال: الظّالم عقبة، وفلانًا خليلاً: أبيّ بن خلفٍ.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن الشّعبيّ، في قوله: {ليتني لم أتّخذ فلانًا خليلاً} قال: كان عقبة بن أبي معيطٍ خليلاً لأميّة بن خلفٍ، فأسلم عقبة، فقال أميّة: وجهي من وجهك حرامٌ إن تابعت محمّدًا، فكفر؛ وهو الّذي قال: {ليتني لم أتّخذ فلانًا خليلاً}.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، وعثمان الجزريّ، عن مقسمٍ، في قوله: {ويوم يعضّ الظّالم على يديه يقول يا ليتني اتّخذت مع الرّسول سبيلاً} قال: اجتمع عقبة بن أبي معيطٍ وأبيّ بن خلفٍ، وكانا خليلين، فقال أحدهما لصاحبه: بلغني أنّك أتيت محمّدًا فاستمعت منه، واللّه لا أرضى عنك حتّى تتفل في وجهه وتكذّبه، فلم يسلّطه اللّه على ذلك، فقتل عقبة يوم بدرٍ صبرًا. وأمّا أبيّ بن خلفٍ فقتله النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بيده يوم أحدٍ في القتال، وهما اللّذان أنزل اللّه فيهما: {ويوم يعضّ الظّالم على يديه، يقول يا ليتني اتّخذت مع الرّسول سبيلاً}.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {ويوم يعضّ الظّالم على يديه}.. إلى قوله: {فلانًا خليلاً} قال: هو أبيّ بن خلفٍ، كان يحضر النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فزجره عقبة بن أبي معيطٍ.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {ويوم يعضّ الظّالم على يديه} قال: عقبة بن أبي معيطٍ دعا مجلسًا فيهم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لطعامٍ، فأبى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أن يأكل، وقال: ولا آكل حتّى تشهّد أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّ محمّدًا رسول اللّه فقال: ما أنت بآكلٍ حتّى أشهد؟ قال: نعم، قال: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّ محمّدًا رسول اللّه. فلقيه أميّة بن خلفٍ، فقال: صبوت؟: فقال: إنّ أخاك على ما تعلم، ولكنّي صنعت طعامًا فأبى أن يأكل حتّى أقول ذلك، فقلته، وليس من نفسي.
وقال آخرون: عنى بفلانٍ الشّيطان.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {فلانًا خليلاً} قال: الشّيطان.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ مثله). [جامع البيان: 17/440-442]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (يا ويلتا ليتني لم أتّخذ فلانًا خليلًا (28)
قوله تعالى: يا ويلتى ليتني لم أتّخذ فلانًا خليلا
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن نميرٍ، ثنا سفيان، عن أبي السّوداء النّهديّ حدّثني ابن سابطٍ: يا ويلتى ليتني لم أتّخذ فلانًا خليلا يعني أبيّ ابن خلفٍ- وروى عن عمرو بن ميمونٍ نحو ذلك.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا محمّد بن عمّارٍ، ثنا سهل بن بكّارٍ، ثنا هشيمٌ أنبأ عليّ بن يزيد، عن سعيد بن المسيّب قال: نزلت في أمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط: ويوم يعضّ الظّالم على يديه يقول يا ليتني اتّخذت مع الرّسول سبيلا قال: هذا عقبة: يا ليتني اتّخذت مع الرّسول سبيلا يا ويلتى ليتني لم أتّخذ فلانًا خليلا قال: أميّة وكان عقبة خدنًا لأميّة، فبلغ أميّة أنّ عقبة يريد الإسلام فقال: وجهي من وجهك حرامٌ إن أسلمت أن أكلّمك أبدًا.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامر بن الفرات، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: يا ويلتى ليتني لم أتّخذ فلانًا خليلا وفلانٌ أميّة بن خلفٍ
الوجه الثّالث:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا مسدّدٌ، ثنا خالد بن عبد اللّه، ثنا حصين بن عبد الرّحمن، عن أبي مالكٍ الغفاريّ في قوله: يا ويلتى ليتني لم أتّخذ فلانًا خليلا قال كان أمية بن خلف وعقبة ابن أبي معيطٍ مؤاخيين في الجاهليّة فيقول أميّة بن خلفٍ: يا ليتني لم أتّخذ عقبة بن أبي معيطٍ خليلا.
والوجه الرّابع:
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: يا ويلتى ليتني لم أتّخذ فلانًا خليلا قال: الشّيطان.
- حدّثنا أبي، ثنا مسلم بن إبراهيم، ثنا أبو عقيلٍ الدّورقيّ، عن أبي رجاءٍ في قوله: يا ويلتى ليتني لم أتّخذ فلانًا خليلا قال: خليله الشيطان). [تفسير القرآن العظيم: 8/2686]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا يعني به الشيطان). [تفسير مجاهد: 452]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت) ابن عباس - رضي الله عنهما -: في قوله تعالى: {ويوم يعضّ الظّالم على يديه} [الفرقان: 27] قال: الظّالم: عقبة بن أبي معيط {يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلاً (27) يا ويلتا ليتني لم أتّخذ فلاناً خليلاً} يعني: أميّة بن خلفٍ، وقيل: أبيّ».أخرجه). [جامع الأصول: 2/284] (م)
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ابن عباس - رضي الله عنهما -): قال: صنع عقبة بن أبي معيط طعاماً، فدعا أشراف قريشٍ - وكان فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم - فامتنع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطعم، أو يشهد عقبة شهادة التوحيد، ففعل، فأتاه أبيٌّ، أو أميّة - وكان خليله - فقال: أصبأت؟ قال: لا ولكن استحييت أن يخرج من منزلي، أو يطعم من طعامي، فقال: ما كنت أرضى أو تبصق في وجهه، ففعل عقبة، وقتل يوم بدرٍ صبراً كافراً. أخرجه.
[شرح الغريب]
(خليلاً) الخليل: الصديق.
(أصبأت) يقال: صبأ من دين إلى دين: إذا خرج من هذا إلى هذا.
(صبراً) الصبر حبس القتيل على القتل، فكل من قتل في غير حرب ولا غيلة، فقد قتل صبراً). [جامع الأصول: 2/284-285] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب قال: نزلت في أمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط {ويوم يعض الظالم على يديه} قال: هذا عقبة، {لم أتخذ فلانا خليلا} قال: أمية وكان عقبة خدنا لامية فبلغ أمية أن عقبة يريد الإسلام فاتاه وقال: وجهي من وجهك حرام أن أسلمت أن أكلمك أبدا.
ففعل فنزلت هذه الآية فيهما). [الدر المنثور: 11/168] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن أبي مالك في قوله {لم أتخذ فلانا خليلا} قال: عقبة بن أبي معيط وأمية بن خلف كانا متواخيين في الجاهلية يقول أمية بن خلف: يا ليتني لم اتخذ عقبة بن أبي معيط خليلا). [الدر المنثور: 11/168] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال: ذكر لنا أن رجلا من قريش كان يغشى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقيه رجل من قريش - وكان له صديقا - فلم يزل به حتى صرفه وصده عن غشيان رسول الله صلى الله عليه وسلم فانزل الله فيهما ما تسمعون). [الدر المنثور: 11/169] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد {ليتني لم أتخذ فلانا خليلا} قال: الشيطان). [الدر المنثور: 11/169]
تفسير قوله تعالى: (لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا (29) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله {لقد أضلّني عن الذّكر بعد إذ جاءني} يقول جلّ ثناؤه مخبرًا عن هذا النّادم على ما سلف منه في الدّنيا من معصية ربّه في طاعة خليله: لقد أضلّني عن الإيمان بالقرآن، وهو الذّكر، بعد إذ جاءني من عند اللّه، فصدّني عنه. يقول اللّه: {وكان الشّيطان للإنسان خذولاً} يقول: مسلّمًا لما ينزل به من البلاء غير منقذه ولا منجيه). [جامع البيان: 17/442]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (لقد أضلّني عن الذّكر بعد إذ جاءني وكان الشّيطان للإنسان خذولًا (29)
قوله تعالى: لقد أضلّني عن الذّكر بعد إذ جاءني
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن المصفّى، ثنا معاوية بن حفصٍ، عن هشيمٍ، عن ابن بلجٍ، عن عمرو بن ميمونٍ في قوله: لقد أضلّني، عن الذّكر بعد إذ جاءني يعنى الإسلام.
قوله تعالى: وكان الشّيطان
- حدّثنا أبي، ثنا النّفيليّ، ثنا محمّد بن سلمة، عن خصيفٍ: الشّيطان إبليس.
قوله تعالى: للإنسان
- حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن يزيد المقرئ، ثنا سفيان، عن إبراهيم بن نافعٍ، عن قيس بن سعدٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: خلق اللّه آدم في آخر ساعات النّهار من يوم الجمعة ثمّ عهد إليه فنسي فسمّي الإنسان.
قوله تعالى: خذولا
- حدّثنا محمّد بن يحي أنبأ العبّاس بن الوليد النّرسيّ، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: وكان الشّيطان للإنسان خذولا خذله يوم القيامة وتبرّأ منه.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامر بن الفرات، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: لقد أضلّني، عن الذّكر بعد إذ جاءني وكان الشّيطان للإنسان خذولا فقتلا يوم بدرٍ جميعًا). [تفسير القرآن العظيم: 8/2687]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة {وكان الشيطان للإنسان خذولا} قال: خذل يوم القيامة وتبرأ منه {وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا} هذا قول نبيكم يشتكي قومه إلى ربه قال الله يعزي نبيه: {وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين} يقول: إن الرسل قد لقيت هذا من قومها قبلك فلا يكبرن عليك). [الدر المنثور: 11/169]