العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير جزء قد سمع

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14 ذو الحجة 1435هـ/8-10-2014م, 10:22 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري
...

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 14 ذو الحجة 1435هـ/8-10-2014م, 10:22 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 14 ذو الحجة 1435هـ/8-10-2014م, 10:22 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
....

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 14 ذو الحجة 1435هـ/8-10-2014م, 10:22 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (7)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: يا أيّها الّذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها النّاس والحجارة عليها ملائكةٌ غلاظٌ شدادٌ لا يعصون اللّه ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون (6) يا أيّها الّذين كفروا لا تعتذروا اليوم إنّما تجزون ما كنتم تعملون (7) يا أيّها الّذين آمنوا توبوا إلى اللّه توبةً نصوحاً عسى ربّكم أن يكفّر عنكم سيّئاتكم ويدخلكم جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار يوم لا يخزي اللّه النّبيّ والّذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربّنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنّك على كلّ شيءٍ قديرٌ (8)
قوله تعالى: قوا أنفسكم وأهليكم معناه: اجعلوا وقاية بينكم وبين النار، وقد تقدم غير مرة تعليل اللفظة، وقوله تعالى: وأهليكم معناه: بالوصية لهم والتقويم والحمد على طاعة الله تعالى، وفي حديث: «لا تزن فيزني أهلك»، وفي حديث آخر: «رحم الله رجلا قال: يا أهلاه، صلاتكم، صيامكم، مسكينكم، يتيمكم»، وقرأ الجمهور: «وقودها» بفتح الواو، وقرأ مجاهد والحسن وطلحة وعيسى والفياض بن غزوان وأبو حيوة بضمها، وقيل هما بمعنى، وقيل الضم مصدر والفتح اسم، ويروى أن الحجارة: هي حجارة الكبريت، وقد تقدم القول في ذلك في سورة البقرة. ويروى أنها جميع أنواع الحجارة، وفي بعض الحديث أن عيسى ابن مريم سمع أنينا في فلاة من الأرض فتبعه حتى بلغ إلى حجر يئن ويحزن، فقال له: ما بالك أيها الحجر؟ فقال: يا روح الله، إني سمعت الله يقول: وقودها النّاس والحجارة، فخفت أن أكون من تلك الحجارة، فعجب منه عيسى وانصرف، ويشبه أن يكون هذا المعنى في التوراة أو في الإنجيل، فذلك الذي سمع الحجر إذا عبر عنه بالعربية كان هذا اللفظ، ووصف الملائكة بالغلظة معناه في القلوب والبطش الشديد والفظاظة، كما قال تعالى لنبيه: ولو كنت فظًّا غليظ القلب لانفضّوا من حولك [آل عمران: 159] والشدة القوة، وقيل المراد شدتهم على الكفار، فهي بمعنى الغلظ، ووصفهم تعالى بالطواعية لربهم، وكرر المعنى تأكيدا بقوله تعالى: ويفعلون ما يؤمرون، وفي قوله تعالى: ويفعلون ما يؤمرون ما يقتضي أنهم يدخلون الكفار النار بجد واختيار، ويغلظون عليهم، فكأنه قال بعد تقرير هذا المعنى، فيقال للكفار: لا تعتذروا اليوم: أي إن المعذرة لا تنفعكم، وإنما تجزون بأعمالكم فلا تلوموا إلا أنفسكم). [المحرر الوجيز: 8/ 344-346]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم أمر عباده بالتوبة، والتوبة فرض على كل مسلم، وتاب معناه: رجع فتوبة العبد: رجوعه من المعصية إلى الطاعة، وتوبة الله تعالى على العبد إظهار صلاحه ونعمته عليه في الهداية إلى الطاعة، وقبول توبة الكفار يقطع بها على الله إجماعا من الأمة، واختلف الناس في توبة العاصي، فجمهور أهل السنة على أنه لا يقطع بقبولها ولا ذلك على الله بواجب، والدليل على ذلك دعاء كل واحد من المذنبين في قبول التوبة ولو كانت مقطوعا بها لما كان معنى للدعاء في قبولها، وظواهر القرآن في ذلك هي كلها بمعنى المشيئة، وروي عن أبي الحسن الأشعري أنه قال: التوبة إذا توفرت شروطها قطع على الله بقبولها لأنه تعالى أخبر بذلك.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا المسك بظواهر القرآن، وعلى هذا القول أطبقت المعتزلة، والتوبة الندم على فارط المعصية والعزم على ترك مثلها في المستقبل، وهذا من المتمكن، وأما غير المتمكن كالمجبوب في الزنا فالندم وحده يكفيه، والتوبة عبادة كالصلاة ونحوها، فإذا تاب العبد وحصلت توبته بشروطها وقبلت ثم عاود الذنب، فتوبته الأولى لا تفسدها عودة بل هي كسائر ما تحصل من العبادات، والنصوح بناء مبالغة من النصح إلى توبة نصحت صاحبها وأرشدته، وقرأ الجمهور: «نصوحا» بفتح النون، وقرأ أبو بكر عن عاصم وخارجة عن نافع والحسن والأعرج وعيسى: «نصوحا» بضم النون، وهو مصدر، يقال: نصح، ينصح، نصاحة، ونصاحة قاله الزجاج، فوصف التوبة بالمصدر كالعدل والزور وغيره، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: التوبة النصوح، هي أن يتوب ثم لا يعود، وقال أبو بكر الوراق: هي أن تضيق عليك الأرض بما رحبت كتوبة الذين خلفوا، وقوله تعالى: عسى ربّكم الآية، ترجية، وقد روي أن عسى من الله واجبة، والعامل في يوم قوله: يدخلكم، وروي في معنى قوله تعالى: يوم لا يخزي اللّه النّبيّ، أن محمدا صلى الله عليه وسلم تضرع في أمر أمته فأوحى الله إليه: إن شئت جعلت حسابهم إليك، فقال: «يا رب أنت أرحم بهم»، فقال الله تعالى: إذا لا أخزيك فيهم، فهذا معنى قوله: يوم لا يخزي اللّه النّبيّ، والخزي المكروه الذي يترك الإنسان حيران خجلا مهموما بأن يرى نقصه، أو سوء منزلته، وقوله تعالى: والّذين آمنوا معه يحتمل أن يكون معطوفا على النّبيّ فيخرج المؤمنون من الخزي، ويحتمل أن يكون ابتداء، ونورهم يسعى جملة هي خبره، ويبقى النبي صلى الله عليه وسلم مخصوصا مفضلا بأنه لا يخزى، وقد تقدم القول في نظير قوله: يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم [التحريم: 8]، وقرأ سهل بن سعد: «وبإيمانهم»، بكسر الهمزة، وقوله تعالى: ربّنا أتمم لنا نورنا، قال الحسن بن أبي الحسن هو عند ما يرون من انطفاء نور المنافقين حسبما تقدم تفسيره، وقيل يقول من أعطي من النور بقدر ما يرى قدميه فقط). [المحرر الوجيز: 8/ 346-347]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (9)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: يا أيّها النّبيّ جاهد الكفّار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنّم وبئس المصير (9) ضرب اللّه مثلاً للّذين كفروا امرأت نوحٍ وامرأت لوطٍ كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من اللّه شيئاً وقيل ادخلا النّار مع الدّاخلين (10)
هذه الآية تأكيد لأمر الجهاد وفضله المتقدم، والمعنى دم على جهاد الكافرين بالسيف، وجاهد المنافقين بنجههم وإقامة الحدود عليهم وضربهم في كل جرائمهم، وعند قوة الظن بهم، ولم يعين الله تعالى لرسوله منافقا يقع القطع بنفاقه، لأن التشهد الذي كانوا يظهرون كان ملبسا لأمرهم مشبها لهم بالعصاة من الأمة. والغلظة عليهم هي فظاظة القلب والانتهار وقلة الرفق بهم، وقرأ الضحاك: «وأغلظ» بكسر اللام وقطع الألف). [المحرر الوجيز: 8/ 347]


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 14 ذو الحجة 1435هـ/8-10-2014م, 10:23 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
....

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 14 ذو الحجة 1435هـ/8-10-2014م, 10:23 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({يا أيّها الّذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارًا وقودها النّاس والحجارة عليها ملائكةٌ غلاظٌ شدادٌ لا يعصون اللّه ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون (6) يا أيّها الّذين كفروا لا تعتذروا اليوم إنّما تجزون ما كنتم تعملون (7) يا أيّها الّذين آمنوا توبوا إلى اللّه توبةً نصوحًا عسى ربّكم أن يكفّر عنكم سيّئاتكم ويدخلكم جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار يوم لا يخزي اللّه النّبيّ والّذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربّنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنّك على كلّ شيءٍ قديرٌ (8)}
قال سفيان الثّوريّ، عن منصورٍ، عن رجلٍ، عن عليٍّ، رضي اللّه عنه، في قوله تعالى: {قوا أنفسكم وأهليكم نارًا} يقول: أدّبوهم، علموهم.
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {قوا أنفسكم وأهليكم نارًا} يقول: اعملوا بطاعة اللّه، واتّقوا معاصي اللّه، ومروا أهليكم بالذّكر، ينجيكم اللّه من النّار.
وقال مجاهدٌ: {قوا أنفسكم وأهليكم نارًا} قال: اتّقوا اللّه، وأوصوا أهليكم بتقوى اللّه..
وقال قتادة: يأمرهم بطاعة اللّه، وينهاهم عن معصية اللّه، وأن يقوم عليهم بأمر اللّه، ويأمرهم به ويساعدهم عليه، فإذا رأيت للّه معصيةً، قدعتهم عنها وزجرتهم عنها.
وهكذا قال الضّحّاك ومقاتلٌ: حقٌّ على المسلم أن يعلّم أهله، من قرابته وإمائه وعبيده، ما فرض اللّه عليهم، وما نهاهم اللّه عنه.
وفي معنى هذه الآية الحديث الّذي رواه الإمام أحمد، وأبو داود، والتّرمذيّ، من حديث عبد الملك بن الرّبيع بن سبرة، عن أبيه، عن جدّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "مروا الصّبيّ بالصّلاة إذا بلغ سبع سنين، فإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها".
هذا لفظ أبي داود، وقال التّرمذيّ: هذا حديثٌ حسنٌ.
وروى أبو داود، من حديث عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن جدّه عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم مثل ذلك.
قال الفقهاء: وهكذا في الصّوم؛ ليكون ذلك تمرينًا له على العبادة، لكي يبلغ وهو مستمرٌّ على العبادة والطّاعة ومجانبة المعصية وترك المنكر، واللّه الموفّق.
وقوله: {وقودها النّاس والحجارة} {وقودها} أي: حطبها الّذي يلقى فيها جثث بني آدم. {والحجارة} قيل: المراد بذلك الأصنام الّتي كانت تعبد لقوله: {إنّكم وما تعبدون من دون اللّه حصب جهنّم} [الأنبياء: 98].
وقال ابن مسعودٍ ومجاهدٌ وأبو جعفرٍ الباقر، والسّدّيّ: هي حجارةٌ من كبريتٍ -زاد مجاهدٌ: أنتن من الجيفة.
وروى ذلك ابن أبي حاتمٍ، رحمه اللّه، ثمّ قال: حدّثنا أبي، حدّثنا عبد الرّحمن بن سنانٍ المنقريّ، حدّثنا عبد العزيز -يعني ابن أبي راّود- قال: بلغني أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم تلا هذه الآية: {يا أيّها الّذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارًا وقودها النّاس والحجارة} وعنده بعض أصحابه، وفيهم شيخٌ، فقال الشّيخ: يا رسول اللّه، حجارة جهنّم كحجارة الدّنيا؟ فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "والّذي نفسي بيده، لصخرة من صخر جهنّم أعظم من جبال الدّنيا كلّها". قال: فوقع الشيخ مغشيًّا عليه، فوضع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يده على فؤاده فإذا هو حيّ فناداه قال: "يا شيخ"، قل: "لا إله إلّا اللّه". فقالها، فبشّره بالجنّة، قال: فقال أصحابه: يا رسول اللّه، أمن بيننا؟ قال: "نعم، يقول اللّه تعالى: {ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد} [إبراهيم: 14] هذا حديثٌ مرسلٌ غريبٌ.
وقوله: {عليها ملائكةٌ غلاظٌ شدادٌ} أي: طباعهم غليظةٌ، قد نزعت من قلوبهم الرّحمة بالكافرين باللّه، {شدادٌ} أي: تركيبهم في غاية الشّدّة والكثافة والمنظر المزعج.
قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا سلمة بن شبيبٍ، حدّثنا إبراهيم بن الحكم بن أبانٍ، حدّثنا أبي، عن عكرمة أنّه قال: إذا وصل أوّل أهل النّار إلى النّار، وجدوا على الباب أربعمائة ألفٍ من خزنة جهنّم، سودٌ وجوههم، كالحةٌ أنيابهم، قد نزع اللّه من قلوبهم الرّحمة، ليس في قلب واحدٍ منهم مثقال ذرة من الرّحمة، لو طيّر الطّير من منكب أحدهم لطار شهرين قبل أن يبلغ منكبه الآخر، ثمّ يجدون على الباب التّسعة عشر، عرض صدر أحدهم سبعون خريفًا، ثمّ يهوون من بابٍ إلى بابٍ خمسمائة سنةٍ، ثمّ يجدون على كلّ بابٍ منها مثل ما وجدوا على الباب الأوّل، حتّى ينتهوا إلى آخرها.
وقوله: {لا يعصون اللّه ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون} أي: مهما أمرهم به تعالى يبادروا إليه، لا يتأخّرون عنه طرفة عينٍ، وهم قادرون على فعله ليس بهم عجزٌ عنه. وهؤلاء هم الزّبانية عياذًا باللّه منهم). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 166-168]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (7)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {يا أيّها الّذين كفروا لا تعتذروا اليوم إنّما تجزون ما كنتم تعملون} أي: يقال للكفرة يوم القيامة: لا تعتذروا فإنّه لا يقبل منكم، وإنّما تجزون اليوم بأعمالكم). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 168]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا توبوا إلى اللّه توبةً نصوحًا} أي: توبةً صادقةً جازمةً، تمحو ما قبلها من السّيّئات وتلمّ شعث التّائب وتجمعه، وتكفّه عمّا كان يتعاطاه من الدّناءات.
قال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن مثنّى، حدّثنا محمّدٌ، حدّثنا شعبة، عن سماك بن حرب: سمعت النّعمان بن بشيرٍ يخطب: سمعت عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه، يقول: {يا أيّها الّذين آمنوا توبوا إلى اللّه توبةً نصوحًا} قال: يذنب الذّنب ثمّ لا يرجع فيه.
وقال الثّوريّ، عن سماك، عن النّعمان، عن عمر قال: التّوبة النّصوح: أن يتوب من الذّنب ثمّ لا يعود فيه، أو لا يعود فيه.
وقال أبو الأحوص وغيره، عن سماكٍ، عن النّعمان، سئل عمر عن التّوبة النّصوح، فقال: أن يتوب الرّجل من العمل السّيّئ، ثمّ لا يعود إليه أبدًا.
وقال الأعمش، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد اللّه: {توبةً نصوحًا} قال: يتوب ثم لا يعود.
وقد روي هذا مرفوعًا فقال الإمام أحمد: حدّثنا عليّ بن عاصمٍ، عن إبراهيم الهجري، عن أبي الأحوص، عن عبد اللّه بن مسعودٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "التّوبة من الذّنب أن يتوب منه، ثمّ لا يعود فيه". تفرّد به أحمد من طريق إبراهيم بن مسلمٍ الهجري، وهو ضعيفٌ، والموقوف أصحّ واللّه أعلم.
ولهذا قال العلماء: التّوبة النّصوح هو أن يقلع عن الذّنب في الحاضر، ويندم على ما سلف منه في الماضي، ويعزم على ألّا يفعل في المستقبل. ثمّ إن كان الحقّ لآدميٍّ ردّه إليه بطريقه.
قال الإمام أحمد: حدّثنا سفيان، عن عبد الكريم، أخبرني زياد بن أبي مريم، عن عبد اللّه بن معقل قال: دخلت مع أبي على عبد اللّه بن مسعودٍ فقال: أنت سمعت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "النّدم توبةٌ؟ ". قال: نعم. وقال مرة: نعم سمعته يقول: "النّدم توبةٌ".
ورواه ابن ماجه، عن هشام بن عمّار، عن سفيان بن عيينة، عن عبد الكريم -وهو ابن مالكٍ الجزريّ- به.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا الحسن بن عرفة، حدّثني الوليد بن بكير أبو خبّابٍ، عن عبد اللّه بن محمّدٍ العدوي، عن أبي سنان البصريّ، عن أبي قلابة، عن زرّ بن حبيش، عن أبيّ بن كعبٍ قال: قيل لنا أشياء تكون في آخر هذه الأمّة عند اقتراب السّاعة، منها نكاح الرّجل امرأته أو أمته في دبرها، وذلك ممّا حرّم اللّه ورسوله، ويمقت اللّه عليه ورسوله، ومنها: نكاح الرّجل الرّجل، وذلك ممّا حرّم اللّه ورسوله، ويمقت اللّه عليه ورسوله. ومنها نكاح المرأة المرأة، وذلك ممّا حرّم اللّه ورسوله، ويمقت اللّه عليه ورسوله. وليس لهؤلاء صلاةٌ ما أقاموا على هذا، حتّى يتوبوا إلى اللّه توبةً نصوحًا. قال زرٌّ: فقلت لأبيّ بن كعبٍ: فما التّوبة النّصوح؟ فقال: سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: "هو النّدم على الذّنب حين يفرط منك، فتستغفر اللّه بندامتك منه عند الحاضر، ثمّ لا تعود إليه أبدًا".
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا عمرو بن عليٍّ، حدّثنا عبّاد بن عمرٍو، حدّثنا أبو عمرو بن العلاء، سمعت الحسن يقول: التّوبة النّصوح: أن تبغض الذنب كما أحببته، وتستغفر منه إذا ذكرته.
فأمّا إذا حزم بالتّوبة وصمم عليها فإنّها تجب ما قبلها من الخطيئات، كما ثبت في الصّحيح: "الإسلام يجب ما قبله، والتّوبة تجبّ ما قبلها".
وهل من شرط التّوبة النّصوح الاستمرار على ذلك إلى الممات، كما تقدّم في الحديث وفي الأثر: "لا يعود فيه أبدًا"، أو يكفي العزم على ألّا يعود في تكفير الماضي، بحيث لو وقع منه ذلك الذّنب بعد ذلك لا يكون ذلك ضارًّا في تكفير ما تقدّم، لعموم قوله، عليه السّلام: "التّوبة تجبّ ما قبلها؟ ". وللأوّل أن يحتجّ بما ثبت في الصّحيح أيضًا: "من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهليّة، ومن أساء في الإسلام أخذ بالأوّل والآخر" فإذا كان هذا في الإسلام الّذي هو أقوى من التّوبة، فالتّوبة بطريق الأولى، واللّه أعلم. وقوله: {عسى ربّكم أن يكفّر عنكم سيّئاتكم ويدخلكم جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار} و {عسى} من اللّه موجبةٌ، {يوم لا يخزي اللّه النّبيّ والّذين آمنوا معه} أي: ولا يخزيهم معه يعني: يوم القيامة، {نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم} كما تقدّم في سورة الحديد.
{يقولون ربّنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنّك على كلّ شيءٍ قديرٌ} قال مجاهدٌ، والضّحّاك، والحسن البصريّ وغيرهم: هذا يقوله المؤمنون حين يرون يوم القيامة نور المنافقين قد طفئ.
وقال محمّد بن نصرٍ المروزيّ: حدّثنا محمّد بن مقاتلٍ المروزيّ، حدّثنا ابن المبارك، أخبرنا ابن لهيعة، حدّثني يزيد بن أبي حبيبٍ، عن عبد الرّحمن بن جبير بن نفيرٍ، أنّه سمع أبا ذرٍّ وأبا الدّرداء قالا قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "أنا أوّل من يؤذن له في السّجود يوم القيامة، وأوّل من يؤذن له برفع رأسه، فأنظر بين يديّ فأعرف أمّتي من بين الأمم، وأنظر عن يميني فأعرف أمّتي من بين الأمم، وأنظر عن شمالي فأعرف أمّتي من بين الأمم". فقال رجلٌ: يا رسول اللّه، وكيف تعرف أمّتك من بين الأمم. قال: "غرٌّ محجلون من آثار الطّهور ولا يكون أحدٌ من الأمم كذلك غيرهم، وأعرفهم أنّهم يؤتون كتبهم بأيمانهم، وأعرفهم بسيماهم في وجوههم من أثر السّجود، وأعرفهم بنورهم يسعى بين أيديهم".
وقال الإمام أحمد: حدّثنا إبراهيم بن إسحاق الطالقانيّ، حدّثنا ابن المبارك، عن يحيى بن حسّان، عن رجلٍ من بني كنانة قال: صلّيت خلف رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عام الفتح، فسمعته يقول: "اللّهمّ، لا تخزني يوم القيامة"). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 168-170]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (9)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({يا أيّها النّبيّ جاهد الكفّار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنّم وبئس المصير (9) ضرب اللّه مثلًا للّذين كفروا امرأة نوحٍ وامرأة لوطٍ كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من اللّه شيئًا وقيل ادخلا النّار مع الدّاخلين (10)}
يقول تعالى آمرًا رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم بجهاد الكفّار والمنافقين، هؤلاء بالسلاح والقتال، وهؤلاء بإقامة الحدود عليهم، {واغلظ عليهم} أي: في الدّنيا، {ومأواهم جهنّم وبئس المصير} أي: في الآخرة). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 170-171]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:37 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة