قوله تعالى: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (1) مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2) لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (3) قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (4)}
قَالَ أبو بكر محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بشَّار ابن الأَنباريِّ (ت:328هـ): ((لاهية قلوبهم) [3] حسن. (وأسروا النجوى) حسن ثم تبتدئ: (الذين ظلموا) على معنى «أسرها الذين ظلموا» فإن جعلت (الذين) في موضع خفض على النعت للناس كأنه قال: «اقترب للناس الذين ظلموا» لم يحسن الوقف على قوله: (لاهية قلوبهم) ولا على (النجوى) وإن جعلت (الذين) في موضع رفع بـ(أسروا) والواو علامة لفعل الجمع كما تقول قاموا إخوتك لم يحسن الوقف على (أسروا). (أفتأتون السحر وأنتم تبصرون) تام). [إيضاح الوقف والابتداء: 2/772]
قال أبو عمرو عثمانُ بنُ سَعيدٍ الدَّانِيُّ (ت:444هـ): ({لاهيةً قلوبهم} كاف. ومثله {وأسروا النجوى} ثم تبتدئ {الذين ظلموا} بتقدير: هم الذين ظلموا، أو أعني الذين ظلموا. وإن جعل نعتًا لقوله: {اقترب للناس} أو بدلاً من الضمير الذي في (وأسروا) لم يكف الوقف على النجوى وكفى على {الذين ظلموا}.
{وأنتم تبصرون} تام).[المكتفى: 385]
قال أبو عبدِ الله محمدُ بنُ طَيْفُورَ الغزنويُّ السَّجَاوَنْدِيُّ (ت:560هـ): (بسم الله الرحمن الرحيم
{معرضون- 1- ج} لأن الجملة بعده تصلح صفة، واستئنافًا مع أنها رأس آية.
{يلعبون- 2- لا} لأن قوله: «لاهية» حال ضمير «يلعبون» لفظا. [وهيئة وحال لقلوبهم معنى]. {قلوبهم- 3- ط}. {النجوى- 3- ق} قد قيل وقفة على تقدير: وهم.
الذين ظلموا- 3-؟؟؟}. قد قيل أيضًا للابتداء بالاستفهام، والإضمار، أي: وقالوا: هل هذا. والأصح أن جملة الاستفهام مفعول «نجوى»، لأن النجوى قول.
{مثلكم- 3- ج} لابتداء الاستفهام، مع اتحاد المقول. {والأرض- 4- ز} لاتفاق الجملتين، مع استغناء الثانية عن الأولى معنى).[علل الوقوف: 2/702 - 703]
قال أحمدُ بنُ عبد الكريمِ بنِ محمَّدٍ الأَشْمُونِيُّ (ت:ق11هـ):(...ولا وقف من أول السورة إلى معرضون فلا يوقف على حسابهم لأنَّ الجملة بعده في موضع الحال فكأنَّه قال اقترب للناس حسابهم في حال غفلتهم
معرضون (كاف) ولا يوقف على استمعوه لأنَّ قوله وهم يلعبون جملة في موضع الحال أيضًا كأنَّه قال في حال غفلتهم ولعبهم يجوز أن يكون حالاً مما عمل فيه استمع أي إلاَّ استمعوه لاعبين
يلعبون (جائز) وإن كان ما بعده منصوبًا على الحال من ضمير استمعوه فهي حال بعد حال في هي حال متداخلة
قلوبهم (حسن)
النجوى (كاف) إن جعل ما بعده مرفوعًا خبر مبتدأ محذوف أو مبتدأ وخبره الجملة من قوله هل هذا إلاَّ بشر مثلكم أو نصب بأعني أو رفع الذين بفعل مقدر تقديره يقول الذين وليس بوقف في بقية الأوجه وحاصلها أنَّ في محل الذين الحركات الثلاث الرفع والنصب والجر فالرفع من ستة أوجه أحدها أنه بدل من واو وأسروا أوانه فاعل والواو علامة جمع دلت على جمع الفاعل أو الذين مبتدأ وأسروا جملة خبرية قدمت على المبتدأ ويعزى هذا للكسائي أو الذين مرفوع بفعل مقدر تقديره يقول الذين أو أنَّه خبر مبتدأ محذوف أي هم الذين أو مبتدأ وخبره الجملة من قوله هل هذا إلاَّ بشر مثلكم والنصب من وجهين أحدهما الذم والثاني إضمار أعني والجر من وجهين أيضًا أحدهما النعت والثاني البدل من الناس والتقدير اقترب للناس الذين ظلموا حسابهم وهم في غفلة ويعزى هذا للفراء وفي رفع الذين بفعله وهو أسروا بعد إلاَّ أنه جمع على لغة قليلة كما قال الشاعر
ولكن ديافي أبوه وأمه = بحوران يعصرن السليط أقاربه
أراد يعصر أقاربه السليط فجمع وإنَّما لم يوقف على ظلموا لأنَّ قوله هل هذا إلاَّ بشر هو النجوى كقوله فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم قال أنتم شر مكانًا والكلمة التي أسرها هي قوله أنتم شر مكانًا وقد علمت ما يخصنا من هذه الأوجه
مثلكم (كاف) للابتداء بالاستفهام
السحر ليس بوقف لأنَّ جملة
وأنتم تبصرون في موضع الحال فكأنَّه قال وهذه حالتكم.
تبصرون (تام)
والأرض (جائز)
العليم (كاف)).[منار الهدى: 247-248]
- أقوال المفسرين