هذه المقدمة الحافلة عن فقه الأحناف كتبها الفقيه الحنفي عبد الحي اللكنوي (ت:1304هـ) في مقدمة شرحه للجامع الصغير لمحمد بن الحسن الشيباني، وسمّاها:
النافع الكبير لمن يطالع الجامع الصغير
(مقدمة الجامع الصغير)
لشيخ الإسلام عبد الحي اللكنوي
خير الأمالي إملاء حمد الرب المتعالي وشكره على التوالي، على أن بسط شرعا مبسوطا جامعا لكل صغير وكبير، وبعث لنشره أئمة علماء وسادات فقهاء ذوات العدد الكثير، أشهد أنه لا إله إلا هو منه البداية والهداية وبه الكفاية وإليه المصير، وأشهد أن سيدنا ومولانا محمدا عبده ورسوله صدر أصحاب النبوة والرسالة، وفخر أرباب الفتوة والجلالة، اللهم صل عليه وعلى آله وصحبه الذين استقام بهم رحى الباطن والظاهر لا يبطله جور جائر ولا كيد ساحر ما دامت خيام العلم ممدودة، وأسرة الجهل منكوسة مطرودة.
أما بعد فيقول العبد الراجي رحمة ربه القوي أبو الحسنات محمد عبد الحي اللكنوي الحنفي: لما وفقني الله لتحشية الكتاب عزيز الوجود، معتمد الفقهاء الأعلام، مستند الأئمة الكرام مبدء المسائل الفقهية مرجع الأفاضل الحنفية تراهم ممتدي الأعناق إليه، جاثي ركبهم لديه اسمه الجامع الصغير، والحق أنه جامع كبير لكل نقير، وقطمير نافع لكل صغير وكبير من تصانيف الإمام الرباني النعمان الثاني محمد بن الحسن الشيباني غبط يوم الحشر بالفضل الرحماني، فزينته بالحواشي المفيدة من الكتب القديمة والجديدة مع ما سنح للخاطر الفاتر بالنظر القاصر، طلب مني بعض الأصحاب خير الأحباب أن أكتب له مقدمة تنفع من يدرسه ويعلمه، وتفيد من يطالعه ويتعلمه، يشتمل على ذكر طبقته وطبقة مؤلفه وشيخيه وطبقات الفقهاء، ودرجاتهم وطبقات تصانيفهم، وتفاوت مؤلفاتهم وتراجم شراحه الأئمة العظام وغيرهم من الفقهاء الأعلام، فأجبته إلى ذلك وأدرجت في هذا المجموع كل ذلك في فصول هي للمهمات أصول مع الفوائد التي لا يسع جهلها للمفتي، والفرائد التي يجب علمها للمستفتي مسميا ب (النافع الكبير لمن يطالع الجامع الصغير) ليكون اسمه مطابقا لمعناه، ورسمه مخبرا عن فحواه، وأسال الله تعالى أن ينفع به كل كبير وصغير، ويعمم نفعه الكثير، ويجعله ذخيرة لي في يوم عبوس قمطرير إنه على ذلك قدير، وبالإجابة جدير، وأرجو ممن ينتفع به وبسائر تصانيفي أن لا ينساني في دعواته في خلواته وجلواته، وأن يستر بستر الكرم إن وجد زلة القدم أو طغيان القلم، فإن الإنسان ملازم للسهو والنسيان.
[النافع الكبير:1/5-6]