العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > توجيه القراءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11 صفر 1440هـ/21-10-2018م, 12:03 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي توجيه القراءات في سورة الرعد

توجيه القراءات في سورة الرعد


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 11 صفر 1440هـ/21-10-2018م, 12:03 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

مقدمات توجيه القراءات في سورة الرعد
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (سورة الرّعد). [معاني القراءات وعللها: 2/55]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (ومن السورة التي يذكر فيها (الرَّعْدُ) ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/320]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (سورة الرعد). [الحجة للقراء السبعة: 5/5]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (سورة الرعد). [المحتسب: 1/351]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : (13 - سورة الرّعد). [حجة القراءات: 368]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (سورة الرعد). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/19]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (سورة الرعد). [الموضح: 696]

نزول السورة:
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (مكية). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/19]

عد الآي:
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (وهي أربع وأربعون آية في المدني، وثلاث في الكوفي). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/19]

الياءات المحذوفة:
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقد حذف من هذه السورة أربع ياءات: قوله: (المتعال) و(متاب (30) و(مآب (29)، و(عقاب (32). وصلهن يعقوب بياء، ووقف بياء - وقرأ ابن كثير (المتعالي) بياء في الوصل والوقف، وكذلك روى عبد الوارث، وروى أبو زيد عن أبي عمرو (المتعالي) بياء إذا أدرجت، فإذا وقفت فبغير ياء، ووقف ابن كثيرٍ وحده على (هادٍ) (7، 33) و(واقٍ) (34، 37) بياء، وقرأ الباقون بغير ياء). [معاني القراءات وعللها: 2/59]

ياءات الإضافة:
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (ليس فيها ياء إضافة اختلف فيها). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/24]

الياءات الزائدة:
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (وفيها زائدة اختلف فيها، وهي قوله: {المتعال} «9» قرأه ابن كثير بياء في الوصل والوقف على الأصل؛ لأن الألف واللام أذهبا التنوين الذي تحذف الياء من أجله، فرجعت الياء، وهي لغة للعرب مشهورة، والأكثر عند سيبويه إثبات الياء مع الألف واللام، وحذف الياء مع عدم الألف واللام، ولما ثبتت في الوصل، عند من أثبتها، وجب إثباتها في الوقف، وقرأ ذلك الباقون بحذف الياء في الوصل والوقف، وذلك أنهم اتبعوا الخط، ولا ياء في الخط، وأيضًا فإن الكسرة تدل عليها، ولما دلت الكسرة عليها، في الوصل فحذفت، جرى الوقف على ذلك). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/24]

الياءات:
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (ابن كثير يقف على {واقي} [34-37]، و{هادي} [7]
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/332]
و {والي} [11] بالياء، وروى وهيب عن هارون بن عيسى بن عمر وأبو عمرو {وإليه متابي} [30]، قال ابن مجاهد: وأصحاب أبي عمرو لا يعرفون ذلك؛ لأن الذي جرت به عادتهم حذف الياء عن رءوس الآي). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/333]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: ابن كثير وحده: يقف على (هادي) [7، 33] و (واقى) [34، 37]، وكذلك من (والي) [11] بالياء.
حجّة قول من لم يقف بالياء، وهو الوجه، أنك تقول في الوصل: هذا قاض وهاد وواق، فتحذف الياء لسكونها والتقائها مع التنوين، فإذا وقفت فالتنوين يحذف في الوقف في الجر والرفع، لا يبدل منه شيء، والياء قد كانت انحذفت في الوصل، فيصادف الوقف الحركة التي هي كسرة في عين فاعل، فتحذفها كما تحذف حركة سائر المتحرّكات التي نقف عليها، فإذا حذفتها سكن الحرف في الوقف، كما تسكن سائر الحروف المتحركات فيه، فيصير (داع) و (واق) و (هاد)، هذا الكثير في الاستعمال، الشائع فيه.
ووجه قول ابن كثير أن سيبويه قال: حدثنا أبو الخطاب ويونس: أن بعض من يوثق به من العرب يقول: هذا داعي وعمي، فيقفون بالياء ووجه ذلك أنّهم قد كانوا حذفوا الياء في الوصل لالتقائها مع التنوين ساكنة، وقد أمن في الوقف أن يلحق التنوين، فإذا أمن التنوين الذي كانت الياء حذفت في الوصل من أجل التقائها معها في الوصل، ردّت الياء فصار:
[الحجة للقراء السبعة: 5/23]
هذا قاضي وهادي والأول أكثر في استعمالهم، ومن ثم قال الخليل في نداء قاض ونحوه: يا قاضي، بإثبات الياء، لأنّ النداء موضع لا يلحق فيه التنوين وإذا لم يلحق لم يلتق ساكن مع التنوين، فيلزم حذفها، فثبتت الياء في النداء لمّا أمن لحاق التنوين، كما ثبتت مع الألف واللام لما أمن التنوين معهما في نحو: (المتعالي) [الرعد/ 9]، و (دعوة الداعي) [البقرة/ 186]. كذلك تثبت في النداء لذلك). [الحجة للقراء السبعة: 5/24]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (واختلفوا أيضًا في {مَتَابِي} و{عِقَابِي} و{مَآبِي}: [الموضح: 705]
فأثبتهن يعقوب في الوصل والوقف.
والباقون لم يثبتوا شيئًا منها في حال.
والوجه في إثبات هذه الياءات وحذفها قد تقدم في غير موضع). [الموضح: 706]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 11 صفر 1440هـ/21-10-2018م, 12:06 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الرعد
[ من الآية (1) إلى الآية (4) ]
{المر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (1) اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (2) وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (3) وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (4)}

قوله تعالى: {المر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (1)}

قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (2)}

قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (3)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (1- قوله تعالى: {يغشي الليل النهار} [3].
قرأ أهل الكوفة بالتشديد {يغشي} إلا حفصًا.
وقرأ الباقون: {يغشي} وقد ذكرت علة ذلك في سورة (الأعراف) ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/320]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في تخفيف الشين وتشديدها من قوله عزّ وجلّ: يغشي الليل النهار [3].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وعاصم في رواية حفص يغشي خفيفة.
وقرأ عاصم، في رواية أبي بكر، وحمزة والكسائي: (يغشي) بفتح الغين وتشديد الشين.
وجه من قرأ: يغشي قوله: فأغشيناهم [يس/ 9].
ووجه من قرأ: (يغشي) قوله: فغشاها ما غشى [النجم/ 54]، وكلا الأمرين قد جاء به التنزيل). [الحجة للقراء السبعة: 5/5]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({يغشي اللّيل النّهار}
قرأ حمزة والكسائيّ وابو بكر {يغشى} بالتّشديد وحجتهم قوله تعالى {فغشاها ما غشى}
وقرأ الباقون {يغشى} بالتّخفيف وحجتهم قوله {فأغشيناهم} ). [حجة القراءات: 368]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (قد ذكرنا {يغشى الليل} في الأعراف). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/19]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (1- {يُغَشِّي اللَّيْلَ} [آية/ 3] بفتح الغين وتشديد الشين:
قرأها حمزة والكسائي وعاصم ياش- ويعقوب.
والوجه أنه غشيته إياه إذا ألبسته إياه، وهو منقول بالتضعيف من غشي، قال الله تعالى {فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى}.
وقرأ الباقون {يُغْشِي} بسكون الغين وتخفيف الشين.
والوجه من أغشيته إياه، فهو منقول بالهمزة من غشي، كما أن ما تقدم منقول بالتضعيف، وكلاهما واحد في المعنى، قال الله تعالى {فَأَغْشَيْنَاهُمْ} وقد تقدم الكلام فيه). [الموضح: 696]

قوله تعالى: {وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (4)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
وقوله جلّ وعزّ: (وزرعٌ ونخيلٌ صنوانٌ وغير صنوانٍ).
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وحفص عن عاصم برفع ذلك كله.
وقرأ الباقون بخفض ذلك كله، وروى القوّاس عن حفص عن عاصم (صنوانٌ وغير صنوانٍ) مما ذكره غيره.
قال أبو منصور: من قرأ (زرعٌ ونخيلٌ) بالرفع رده على قوله: (وفي الأرض قطعٌ متجاوراتٌ وجنٌاتٌ... وزرعٌ ونخيلٌ)، ومن قرأ (وزرعٍ ونخيلٍ) بالكسر رده على قوله: (من أعنابٍ... وزرع ونخيل).
والصنوان: جمع صنوٍ، وهو أن يكون الأصل واحدًا وفيه النخلتان والثلاث والأربع - ونون صنوان مجراة، يقول: هذا صنوان كثيرة، وتثنية صنوٍ: صنوان، بكسر النون.
ومن قرأ (صنوان) بضم الصاد فهو مثل: قنو وقنوان، وهي: العذرة التي فيها الشماريخ). [معاني القراءات وعللها: 2/55]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (تسقى بماءٍ واحدٍ)
[معاني القراءات وعللها: 2/55]
قرأ ابن عامر وعاصم بالياء، وقرأ الباقون (تسقى) بالتاء.
قال أبو منصور: من قرأ بالتاء رده على جماعة ما ذكر الله، ومن قرأ بالياء رده على جميع ما ذكر). [معاني القراءات وعللها: 2/56]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ونفضّل بعضها على بعضٍ في الأكل)
قرأ حمزة والكسائي (ويفضّل بعضها) بالياء وكسر الضاد، وقرأ الباقون (نفضّل) بالنون.
قال أبو منصور: المعنى واحد في (نفضّل) و(يفضّل)، الله هو المفضل). [معاني القراءات وعللها: 2/56]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (2- وقوله تعالى: {وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان} [4].
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وحفص عن عاصم {وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان} مرفوعًا كلها على معنى، وفي الأرض قطع متجاورات يعني: طينة وسبخة، وجنات من أعناب وفيها زرع؛ لأن الجنات تكون من نخيل وأعناب، ولا تكون من زرع.
وقرأ الباقون {وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان} بالجر كلها، وذلك أن الزرع لما وقع بين النخيل والأعناب خفضوه للمجاورة والتقدير: جنات من أعناب ومن زرع ومن نخيل.
وفيها جواب آخر: وذلك أن العرب تسمى كل نجم وشجر زرعا فيقولون عند الجدب وقحط المطر: هلك الزرع والضرع فيذهبون بالزرع إلى كل ما ينبت، وبالضرع إلى كل ما يحلب.
واتفق القراء على كسر الصاد من {صنوان}، لأنه جمع صنو والتثنية:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/320]
صنوان والجمع صنوان، ومثله قنو وقنوان، قال الكميت:
ولن أعزل العباس صنو نبينا = وصنوانه ممن أعد وأندب
إلا ما حدثني أحمد بن عبدان عن علي عن أبي عبيد أن أبا عبد الرحمن السلمي قرأ: {صنوان وغير صنوان} بضم الصاد.
قال أبو عبيد: ولا أعلم أحدًا قرأ به.
قال أبو عبد الله: قد قرأ به عاصم في رواية حفص وهما لغتان.
وفيها لغة ثالثة: صنيان وقنيان بالياء وضم أوله. حكى ذلك الفراء. فالصنوان: نخلات يتفرعن عن أصل واحد من قولهم: العم صنو الأب. وهذه الآية من إحدى نفاذ قدرة الله ووحدانيته، وذلك أن الثمرة لو كانت إذا لم تختلف تربتها وسقى بماء واحد وجب أن لا تختلف طعومها، وقد فضل الله بعضها على بعض في الأكل أي: في الثمر والطعم قال الله تعالى: {تؤتي أكلها كل حين}.
فإن سأل سائل فقال: النون لا تظهر عند الواو إذا سكنت، وإنما تخفي كقوله: {غشاوة ولهم} فلم ظهرت في صنوان وقنوان؟
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/321]
ففي ذلك جوابان:
قال أهل البصرة: كرهوا أن يلتبس (فعلان) بفعال لو أدغموا.
وقال أهل الكوفة: هذه النون سكونها عارض وهي تتحرك في صنى وقنى واصناء وأقناء، فلما كان السكون غير لازم ظهرتا.
وليس في كلام العرب كصنوان وقنوان نظير إلا حرف حكاه الفراء: رئد للمثل، ورئدان للتثنية ورئدان في الجمع). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/322]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (3- قوله تعالى: {يسقى بماء واحد} [4].
قرأ عاصم وابن عامر: {يسقى} و{نفضل} بالنون.
وقرأ حمزة والكسائي {تسقى} بالتاء و{يفضل} بالياء.
وقرأ الباقون {تسقى} بالتاء و{نفضل} بالنون.
فمن قرأ بالتاء فإنه رد على الجنات والنخيل والأعناب والقطع والزرع، ومن قرأ بالياء جاز أن يرده على المذكور كأنه قال يُسقى المذكور، كما قال تعالى في (يس): {وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من العيون ليأكلوا من ثمره} فذكر على معنى من ثمر المذكور، ويجوز أن يكون رده على الزرع إذ كان يقع على كل ذلك.
ومن قرأ {ويفضل} فهو إخبار عن الله تعالى، أي: قل يا محمد ويفضل الله بعضها على بعض كما قال تعالى: {والله فضل بعضكم على بعض في الرزق}
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/322]
ومن قرأ بالنون فالله تعالى يخبر عن نفسه، والتقدير: قال لي جبريل صلى الله عليه وسلم: قال الله تعالى: {ونفضل بعضها} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/323]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الخفض والرّفع من قوله: (وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان) [4].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم في رواية حفص:
وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان رفعا.
[الحجة للقراء السبعة: 5/5]
وقرأ نافع وابن عامر وعاصم، في رواية أبي بكر، وحمزة والكسائي: (وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان) خفضا.
وكلّهم كسر الصّاد من: (صنوان) إلّا أنّ الحسن حدّثني عن أحمد بن يزيد الحلوانيّ، عن القوّاس عن حفص عن عاصم: صنوان بضمّ الصاد والتنوين، ولم يقله غيره عن حفص.
من رفع (زرعا) من قوله: وجنات من أعناب وزرع جعله محمولا على قوله: وفي الأرض تقديره: وفي الأرض قطع متجاورات، وجنات من أعناب، وفي الأرض زرع ونخيل صنوان، فجعله محمولا على قوله: وفي الأرض ولم يجعله محمولا على ما الجنّات منه من الأعناب.
والجنّة على هذا يقع على الأرض التي فيها الأعناب دون غيرها، كما تقع على الأرض التي فيها النخيل دون غيرها ويقوّي ذلك قول زهير:
كأنّ عينيّ في غربي مقتلة... من النّواضح تسقي جنّة سحقا
[الحجة للقراء السبعة: 5/6]
والمعنى: تسقي نخيل جنّة، يدلّك على ذلك أنّ السّحق لا يخلو من أن يكون صفة للنّخيل المرادة، أو للجنّة. فلا يجوز أن تكون من صفة الجنّة، لأنّ السّحق جمع سحوق، وإنّما يوصف بها النخيل إذا بسقت، فكأنه سمّى الأرض ذات النخيل جنّة، ولم يذكر أنّ فيها غيرها، فكما أنّ الجنّة تكون من النخيل من غير أن يكون فيها شيء آخر غيرها، كذلك تكون الكروم وإن لم يكن فيها غيرها، فهذا وجه قول من قطع قوله:
وزرع من إعراب ما قبله.
فأمّا من قرأ: (وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان) فإنه حمل الزرع والنخيل على الأعناب، كأنه: جنات من أعناب، ومن زرع ومن نخيل. والدّليل على أنّ الأرض إذا كان فيها النخل والكرم والزرع، سمّيت جنّة، قوله: جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب، وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا [الكهف/ 32]، فكما سميت الأرض ذات العنب والنخل والزرع جنّة، كذلك يكون في قول من قرأ: (وجنات من أعناب وزرع ونخيل) أن يكون الزرع والنخيل محمولين على الأعناب، فتكون الجنّة من هذه الأشياء، كما كانت منها في الآية الأخرى، ويقوّي ذلك أيضا قوله:
أقبل سيل جاء من أمر الله... يحرد حرد الجنّة المغلّة
[الحجة للقراء السبعة: 5/7]
فقوله: المغلة في وصف الجنّة يدلّ على أن الجنة يكون فيها الزرع، لأن الغلّة إنّما هي ممّا يكال بالقفيز في أكثر الأمر، وممّا يقوّي ذلك قول زهير:
فتغلل لكم ما لا تغلّ لأهلها... قرى بالعراق من قفيز ودرهم
فبين الغلة بالقفيز والدرهم، ومن ذهب من الفقهاء إذا قال: أوصيت له بغلّة هذه القرية، أنّه يكون على ما فيه في الحال، والثاني، والثمرة على ما كان وقت الكلام للوصيّة دون ما يحدث من بعد يشهد له بيت زهير.
فإذا اجتمع النخل والكرم في أرض سمّيت جنّة بدلالة قوله: وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب [يس/ 34] وقوله: أو تكون لك جنة من نخيل وعنب [الإسراء/ 91]، وهذا يقوّي قول من جرّ النخيل في قوله: (وجنات من أعناب وزرع ونخيل)، لأنّه قد ثبت أنّ الجنّة تكون من الكرم والنخيل في الآيتين اللتين تلوناهما. والصّنوان فيما يذهب إليه أبو عبيدة، صفة للنخيل قال: والمعنى أن يكون الأصل واحدا، ثم يتشعب من الرءوس فيصير نخلا ويحملن. قال: وقال:
(وتسقى بماء واحد)، إنما تشرب من أصل واحد، ونفضل بعضها على بعض في الأكل وهو الثمر.
[الحجة للقراء السبعة: 5/8]
وأجاز غيره أن يكون الصنوان من صفة الجنّات، قال أبو علي: فكأنّه يكون يراد به في المعنى ما في الجنات، وإن جرى على لفظ الجنّات، وعلى هذا يجوز أن يرفع، وإن جرّت النخل، لأنّ الجنات مرفوعة، وهذا لم يحكه في قراءة السبعة.
وأما الكسرة التي في «صنوان» فليست التي كانت في صنو، كما أن الكسرة التي في «قنو» ليست التي كانت في قنوان لأنّ تلك قد حذفت في التكسير، وعاقبتها الكسرة التي يجلبها التكسير، وكذلك الكسرة التي في هجان، وأنت تريد الجمع، ليست الكسرة التي كانت في الواحد، ولكنّه مثل الكسرة في ظراف إذا جمعت عليه ظريفا، وكذلك الضمّة التي في الفلك، إذا أردت التكسير، لا تكون الضمّة التي كانت في الواحد، ولكن على حدّ أسد، وأسد، ووثن ووثن، وكذلك الضمّة التي في آخر منصور على قول من قال: يا جار، ليست التي كانت في قول من قال: يا جار.
وأمّا من ضمّ الصاد من صنوان، فإنه جعله مثل: ذئب وذؤبان، وربما تعاقب فعلان وفعلان، على البناء الواحد نحو حشّ وحشّان وحشّان، فكذلك: صنوان، وأظنّ سيبويه قد حكى الضم فيه. والكسر فيه أكثر في الاستعمال). [الحجة للقراء السبعة: 5/9]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في التاء والياء من قوله عزّ وجلّ: (تسقى بماء
[الحجة للقراء السبعة: 5/9]
واحد) [4] وفي الياء والنّون من قوله: ونفضل بعضها على بعض [الرعد/ 4].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو: (تسقى) بالتاء ونفضل بالنون.
وحمزة والكسائي (تسقى) أيضا، ممالة القاف، وقرأ (ويفضل) بالياء مكسورة الضاد.
وقرأ عاصم وابن عامر: يسقى بالياء ونفضل بالنون.
من قال: (تسقى بماء واحد) أراد: تسقى هذه الأشياء بماء واحد، ولا يكون التذكير لأنّك إن حملته على الزرع وحده، تركت غيره، وإن حملته على الجنّات مع حمله على الزرع فقد ذكّر المؤنّث.
ويقوّي التأنيث قوله: ونفضل بعضها على بعض، فكما حمل هذا على التأنيث كذلك يحمل (تسقى).
ومن قال: يسقى كان التقدير: يسقى ما قصصناه وما ذكرناه). [الحجة للقراء السبعة: 5/10]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (قراءة الناس: {صِنْوَانٌ} إلا الحسن وقتادة، فإنهما قرآ: [صَنْوَان].
قال أبو الفتح: الذي روينا في هذا عن قطرب: [صِنْوانٌ]، قال: وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي: [صُنْوانٌ] بضم الصاد، ولم يَحْكِ الفتح.
فأما الواحد فصِنْو بكسر الصاد، وأما الجمع فصِنْوَانٌ بكسرها وصُنْوَان بضمها، والصِّنْوُ: النخلة لها رأسان وأصلها واحد، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "العباس عمي وصِنْو أبي"، فكأنه قال: هما فرعان من أصل واحد. والصُّنوان بالضم لتميم وقيس، وبالكسر لأهل الحجاز.
فأما صِنْو وصُِنْوَانٌ فإن نظيره ذئب وذُؤْبان، وقِنْو وقُنْوان. وقد يكون مثله شِيح وشِيحان؛ لكن المسئول عنه من هذا صِنْو وصِنْوان: هل هو جمع تصحيح أو جمع تكسير؟ وليس جمعًا مصححًا وإن كان مثال الواحد موجودًا في الجمع؛ وذلك أن جمع التصحيح ضربان: بالواو والنون كالزيدون والعمرون، وبالألف والتاء كالزينبات والصالحات.
وليس فِعْلَان واحدًا منهما، وإذا كان كذلك فينبغي أن تعلم أن المثالين وإن كانا وَفقَين فإن التقديرين مختلفان، فالكسرة في صاد صِنوان غير الكسرة في صاد صِنو، فيتفق اللفظان ويختلف التقديران؛ وإنما صِنْوان من صِنْو كخِرْبان من خَرَب، فكما أن فتحة الخاء من خَرَب غير كسرتها من خِربان لفظًا، فكذلك كسرة الصاد من صِنْوان غير كسرتها من صِنْو تقديرًا.
وجاء تكسير فِعْل على فِعْلان، كما جاز تكسير فعَل عليه، نحو: خَرَب وخِرْبَان وشَبَث وشِبْثَان وبَرَق وبِرْقَان؛ وذلك أن فِعْلا وفَعَلا قد تعاقبا على المعنى الواحد؛ فصارا في ذلك أخوين
[المحتسب: 1/351]
نحو: بِدْل وبَدَل وشِبْه وشَبَه ومِثْل ومَثَل، فكما كسروا فَعَلا على فِعْلان -فيما ذكرنا- فكذلك أيضًا كسروا فِعْلا عليه في صِنْو وصِنْوان، وإذا كانت كسرة الصاد من صِنْوان غير كسرتها من صِنْو تقديرًا فكذلك أيضًا سكون النون من صنوان غير سكونها من صِنْو تقديرًا، فكما جاز أن تكون الكسرة غير الكسرة تقديرًا كذلك جاز أيضًا أن يكون السكون في الجمع غير السكون في الواحد.
وكما لا يُشَك في أن فتحة خاء خَرَب غير كسرة خاء خِرْبان، فلا يُشَك أيضًا في أن فتحة راء خَرَب غير سكون راء خِرْبان، فكذلك أيضًا كسرة الصاد في الواحد غير كسرة الصاد في الجمع، وسكون النون في صِنْو غير سكون النون في صِنْوان؛ اعتبارًا لحالي المتفقين بحالي المختلفين.
ونظير اتفاق اللفظين في الحركات مع اختلاف التقديرات قولهم في ترخيم منصور على من قال يا حارِ: يا منْصُ، وكذلك تقول في ترخيم منصور على يا حَارُ: يا منْصُ، فالكسرة على يا حارِ هي ضمة صاد منصور، وهي على يا حَارُ ضمة مجتلبة للنداء غير تلك؛ اعتبارًا بيا حارِ، ويا حارُ. فكما أن الضمة في يا حارُ غير الكسرة في يا حارِ لفظًا، فكذلك ضمة صاد يا منْصُ على يا حارِ غير ضمتها في يا منْصُ على يا حارُ تقديرًا.
وكذلك الفُلْك -في قول سيبويه- وأنت تريد الواحد، وكذلك إذا أردت الجمع؛ وذلك أنه يعتقد أنه كسَّر فُعْلا على فُعْل، كما كسروا فَعَلا على فُعْل، نحو: أَسَد وأُسْد ووثَن ووُثْن فيمن قرأ: [إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِه إِلَّا أُثْنَا] جمع وثن، فكذلك كُسر فُعْل على فُعْل؛ وذلك أن فُعْلا وفَعَلا قد اعتقبا على المعنى الواحد، كالشُّغْل والشَّغَل، والبُخْل والبَخَل، والْحُزْن والْحَزَن، فكما كسروا فَعَلا على فُعْلا -فيما ذكرنا- كذلك كسروا فُعْلا على فُعْل في الفلك، فالضمة إذن في فاء الفلك وأنت تريد الواحد كالضمة في قاف قُفْل وخاء خُرْج، وهي في الفلك وأنت تريد الجميع كضمة حاء حُمْر وصاد صُفْر، فاللفظان واحد والتقديران اثنان. وقد أفردنا في كتابنا الخصائص بابًا لما اتفق فيه اللفظان واختلف فيه التقديران في الحروف والحركات والسكون.
فسكون اللام إذن في الفلك وهو واحد غير سكونها فيه وأنت تريد الجمع؛ اعتبارًا بأَسَد وأُسْد ووَثَن ووُثْن. وقد قالوا في جمع صِنْو: أَصْنَاء، فهذا كقِنْو وأَقْنَاء. ونظير صِنْو
[المحتسب: 1/352]
وصِنْوان في اتفاق اللفظين واختلاف التقديران مما جاء على فِعْل وفِعْلان قولهم: قِنْو وقِنْوان، وحِسْل وحِسْلان، ورِئْد ورِئْدان، وخِشْف وخِشْفان، وسِيد وسِيدان. هذا هو الظاهر ومثله كِير الحداد وكِيرَان، وشِيح وشِيحان، وخِيط وخِيطان من النعام، وخِرْص الرمح وخِرْصان، وشِقْد وشِقْدان، ونِسْوة ونِسْوان.
وأما [صَنْوان] بفتح الصاد فليس من أمثلة التكسير؛ وإنما هو اسم للجمع بمنزلة الباقِر والجامِل والسامِر والدابِر. وعلى أن قطربًا لم يحكِ فتح الصاد، وكذلك أبو حاتم في كتابه الذي نرويه عنه في القرآن؛ فإن صح فتح الصاد من [صَنْوان] فهو على ما ذكرناه من كونه اسمًا للجمع، لا مثالًا من أمثلة التكسير. ومثله مما جاء اسمًا مفردًا للجمع غير مكسر قولهم: السَّعْدَان والضَّمْرَان). [المحتسب: 1/353]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل}
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وحفص {وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان} بالرّفع وحجتهم ذكرها العبّاس فقال سألت أبا عمرو كيف لا تقرأ و{زرع} بالجرّ قال الجنات لا تكون من زرع فذهب أبو عمرو إلى أن الزّرع وما بعده مردود على قوله قطع كأنّه قال في الأرض قطع متجاورات وفيها جنّات وفيها زرع ونخيل
وقرأ الباقون بالجرّ كلها حملوا الزّرع والنخيل على الأعناب كأنّه قال جنّات من أعناب وغير ذلك من زرع ونخيل وحجتهم في ذلك على أن الأرض إذا كان فيها النّخل والكرم والزّرع سميت جنّة قوله {جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا} فكما سميت الأرض ذات النّخل والزّرع جنّة كذلك يكون في قراءة من قرأ {وجنات من أعناب وزرع ونخيل} أن يكون الزّرع والنخيل محمولين على الأعناب
قرأ عاصم وابن عامر {يسقى بماء واحد} أي يسقى المذكور بماء واحد وحجتهما قوله {وجعلنا فيها جنّات من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من العيون ليأكلوا من ثمره} على معنى من ثمر المذكور
وقرأ الباقون {تسقي} بالتّاء أي تسقى هذه الأشياء بماء واحد قالوا ولا يكون التّذكير لأنّك إن حملته على الزّرع فقد
[حجة القراءات: 369]
تركت غيره وإن حملته على الجنات مع حمله على الزّرع فقد ذكرت المؤنّث وحجتهم قوله تعالى بعدها {ونفضل بعضها على بعض} فقال {بعضها} فكما حمل هذا على التّأنيث كذلك يحمل {تسقي}
قرأ حمزة والكسائيّ (ويفضل بعضها) بالياء إخبارًا عن الله أي يفضل الله بعضها على بعض وحجتهما أن ابتداء الكلام جرى من أول السّورة بقوله {وهو الّذي مد الأرض وجعل فيها رواسي} وفعل وفعل فردّوا قوله (ويفضل) على لفظ ما تقدمه إذ كان في سياقه ليأتلف نظام الكلام على سياق واحد
وقرأ الباقون {ونفضل} بالنّون إخبار الله عز وجل عن نفسه وحجتهم قوله {تلك الرّسل فضلنا بعضهم على بعض} وقال {ونفصل الآيات} بلفظ الجمع). [حجة القراءات: 370]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (1- قوله: {وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان} قرأ حفص وابن كثير وأبو عمرو بالرفع، في الكلمات الأربع، عطفوها على {قطع} وقرأ الباقون بالخفض فيهن، عطفوها على {أعناب} فهو أقرب إليه من {قطع} و{صنوان} نعت لـ {نخيل} و{غير} عطف عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/19]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (2- قوله: {يُسقى بماء واحد} قرأه ابن عامر وعاصم بالياء، على تذكير ما ذكر المضمر، أي يسقى ما ذكرنا بماء واحد، وقرأ الباقون بالتاء، أنثوا حملًا على الأشياء التي ذكرت، فهي مؤنثة، فأنث لذلك، ويقوي ذلك أن بعده {بعضها} على التأنيث ولم يقل بعضه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/19]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (3- قوله: {ونفضل بعضها} قرأه حمزة والكسائي بالياء، على الإخبار عن الله جل ذكره بذلك على لفظ الغائب؛ لأنه هو فاعل الأفاعيل كلها، وأيضًا فإن قبله في أول السورة: {وهو الذي مد الأرض} وفعل وفعضل، فأتى بلفظ الغائب في «ويفضل» على ما قبله في الغيبة، وقرأ الباقون بالنون على الإخبار من الله جل ذكره عن نفسه، وكلا القراءتين ترجع إلى معنى، والنون هو الاختيار؛ لأن الأكثر عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/19]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (2- {وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ} [آية/ 4] بالرفع في الجميع:
قرأها ابن كثير وأبو عمرو وعاصم ص- ويعقوب.
[الموضح: 696]
والوجه أن الجميع محمول على قوله {فِي الأَرْضِ}، تقديره: وفي الأرض قطعٌ متجاوراتٌ وجناتٌ وزرعٌ ونخيلٌ، فالكل معطوف على قوله {قِطَعٌ}، وعلى هذا تقع الجنات على ما فيه الأعناب فقط؛ لأنه قال {وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ} ثم عطف الزرع والنخيل على {قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ}.
ولا يبعد أن تقع الجنة على ما فيه نوعٌ واحدٌ من الأشجار، كما قال زهير:
67- كأن عيني في غربي مقتلةٍ = من النواضح تسقي جنةً سحقا
فجعل الجنة للنخل خاصةً؛ لأن وصفها بقوله: سحقا، وهي جمع سحوق، وهي الطوال من النخل.
وقرأ الباقون {وَزَرْعٍ وَنَخِيلٍ صِنْوَانٍ وَغَيْرِ صِنْوَانٍ} بالجر في الجميع.
وكلهم كسر الصاد من {صِنْوان}، إلا ما رُوي عن يعقوب و-ص- عن عاصم {صُنْوان} بضم الصاد.
[الموضح: 697]
ووجه الجر في {زَرْعٍ} وما عُطف عليه، أنه محمولٌ على الأعناب، كأنه قال: جناتٌ من أعنابٍ ومن زرعٍ ومن نخيلٍ صنوانٍ وغير صنوانٍ بالجر في الكل.
والصنوان صفة للنخيل وهي ما كان أصله واحدًا وفروعه متفرقة، والجنات في هذه القراءة تشتمل على الأعناب والزرع والنخيل جميعًا، كما قال تعالى {جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا}.
وأما ضم الصاد من {صُنوان} فلأنه جمع على وزن فُعلان بالضم كذئبٍ وذؤبانٍ، وقد يأتي فُعلان وفِعلان بالضم والكسر جمعًا لشيء واحد نحو حشٍ وهو البستان والجمع حُشّان وحِشّان). [الموضح: 698]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (3- {يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ} [آية/ 4] بالياء:
قرأها ابن عامر وعاصمٌ ويعقوب.
والوجه أنه لما ذكر أشياء مما يصلح بالسقي، قال {يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ} أي يُسقى ما ذكرناه أو ما قصصناه، فذكَّر اللفظ حملًا على المعنى.
[الموضح: 698]
وقرأ الباقون {تُسْقى} بالتاء.
والوجه أن المسقي أشياء كثيرة، فأُنث اللفظ؛ لأن المراد: تُسقى هذه الأشياء، والأشياء جماعة، فهي مؤنثة، ألا ترى أن ما أـُسند إليه السقي جملةٌ من الأشياء، فلا يجوز أن يعود الفعل إلى البعض دون البعض، بل يجب أن يعود إلى الكل، والكل أشياء، فأُنث حملًا على الأشياء). [الموضح: 699]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (4- {وَيُفَضِّلُ} [آية/ 4] بالياء:
قرأها حمزة والكسائي.
والوجه أن ذكر الله تعالى قد تقدم في قوله {الله الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ} وقوله {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ} وقوله {وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ}، فالكل مسندٌ إلى اسم الله تعالى، فكذلك قوله {يُفَضِّلُ}.
وقرأ الباقون {نُفَضِّلُ} بالنون.
والوجه أنه على لفظ المخبرين، والفعل لله سبحانه، فالمعنى في القراءتين واحد). [الموضح: 699]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 08:19 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الرعد

[ من الآية (5) إلى الآية (7) ]
{وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (5) وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ (6) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (7)}

قوله تعالى: {وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (5)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (4- وقوله تعالى: {أءذا كنا ترابا أءنا لفي خلق جديد} [5].
قرأ عاصم وحمزة: {أءذا} {أءنا} بهمزتين، فالأولى توبيخ في لفظ الاستفهام، والثانية أصلية، همزة «إذا» وهمزة «إنا».
وقرأ أبو عمرو بالجمع بين استفهامين مثلهما غير أنه يجعل الهمزة الثانية مدة استثقالاً للجمع بينهما فيقول «أيذا» و«أينا».
وقرأ ابن كثير مثل أبي عمرو ولا يمد الهمزة الثانية لكنه يجعلها لفظة كالياء «أئذا» «أئنا» والياء ساكنة.
وقرأ نافع والكسائي بالاستفهام في الأول والحذف في الثاني، غير أن الكسائي يهمز همزتين مثل حمزة، ونافع مثل أبي عمرو. وحجتهما قوله: {أفإن مت فهم الخالدون} ولم يقل: أفهم.
وأما ابن عامر فإنه قرأ ضد الكسائي {إذا كنا} {أءنا} وحجته في ذلك أن الاستفهامين إذا اجتمعا كانا بمنزلة الاستفهام مع جوابه والعرب تخزل الاستفهام اجتزاء بالجواب فيقولون: قام زيد أم عمرو؟ يريدون: أقام زيد أم عمرو؟ قال الشاعر:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/323]
نروح من الحي أم تبتكر = وماذا يضرك لو تنتظر
أراد: أتروح؟ كما قال في البيت الثاني:
أمرخ خيامهم أم عشر = أم القلب في إثرهم منحدر
المرخ والعُشر: شجران، فالمرخ: نبت بنجد، والعُشر بغور تهامة، فقول: لا أدري أنجدوا أم غاروا. والعرب تقول: «في كل الشجر نار، واستمجد المرخ والعفار»). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/324]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الاستفهام وتركه من قوله: أئذا كنا ترابا أئنا لفي خلق جديد [الرعد/ 5].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو: (أيذا كنا ترابا أينا لفي خلق جديد) جميعا بالاستفهام، غير أنّ أبا عمرو يمدّ الهمزة، ثم
[الحجة للقراء السبعة: 5/10]
يأتي بالياء ساكنة، وابن كثير يأتي بياء ساكنة بعد الهمزة من غير مدّ.
وقرأ نافع: (أيذا كنا) مثل أبي عمرو، واختلف عنه في المدّ، وقرأ: إنا لفي خلق جديد مكسورة على الخبر ووافقه الكسائيّ في اكتفائه بالاستفهام الأول من الثاني، غير أنّه كان يهمز همزتين.
وقرأ عاصم وحمزة: أإذا كنا.. أئنا بهمزتين فيهما.
وقرأ ابن عامر: (إذا كنا) مكسورة الألف من غير استفهام (آئنا) يهمز ثم يمدّ، ثم يهمز في وزن: عاعنا، هكذا قال لي أحمد بن محمد بن بكر عن هشام بن عمّار بإسناده عن ابن عامر، يدخل بينهما ألفا، فذكر بعض من روى عن ابن ذكوان عن يحيى بن الحارث أإذا بهمزتين لا ألف بينهما، مثل قراءة حمزة، والمعروف عن ابن عامر أإذا بهمزتين من غير ألف.
من قرأ: أإذا كنا ترابا، أئنا جميعا بالاستفهام فموضع أإذا نصب بفعل مضمر يدلّ عليه قوله: أإنا لفي خلق جديد لأن هذا الكلام يدلّ على: نبعث ونحشر، فكأنّه قال: أنبعث إذا كنّا ترابا؟ ومن لم يدخل الاستفهام في الجملة الثانية كان موضع (إذا) أيضا نصبا بما دلّ عليه قوله: (إنا لفي خلق جديد) كأنه قال: أنبعث إذا كنا ترابا؟
[الحجة للقراء السبعة: 5/11]
وما بعد إنّ، في أنّه لا يجوز أن يعمل فيما قبله، بمنزلة الاستفهام، فكما قدّرت هذا الناصب لإذا مع الاستفهام، لأنّ الاستفهام لا يعمل ما بعده فيما قبله؛ كذلك تقدّره في إنّ لأنّ ما بعدها أيضا لا يعمل فيما قبلها.
وقول ابن عامر: (إذا كنا ترابا) من غير استفهام، أئنا ينبغي أن يكون على مضمر، كما حمل ما تقدّم على ذلك، لأنّ ما بعد الاستفهام منقطع ممّا قبله.
فأمّا قول أحمد: إنّ أبا عمرو يمدّ الهمزة، ثمّ يأتي بالياء ساكنة؛ فعبارة فيها تجوّز، وحقيقتها: إن أبا عمرو يأتي بهمزة الاستفهام. ويدخل بينها وبين همزة (إذا) مدّة، كما يفعل ذلك بقوله: أأنذرتهم [البقرة/ 6] ونحو ذلك مما يفصل فيه بالألف بين الهمزتين، كما يفصل بها بين النونات في: اخشينان، ويأتي بالهمزة بعد الألف بين بين، كما يأتي به بعد الألف في أئذا، إنّما هي همزة بين بين، بين الكسرة والياء، وليست ياء محضة، كما أنّ الهمزة في «المسائل» ليست ياء محضة إنّما هي همزة بين بين، فهذا تحقيق ما يريد، إن شاء الله.
وقول أحمد بن موسى: وابن كثير يأتي بياء ساكنة بعد الهمزة من غير مدّ، فهذا ليس على التخفيف القياسي، ولو كان عليه، لوجب أن تكون الهمزة بين بين، بين الياء وبين الهمزة، كما أنّ قولهم: سئم في المتصل، وإذ قال إبراهيم في المنفصل
[الحجة للقراء السبعة: 5/12]
كذلك، ولكنّه يبدل الياء من الهمزة إبدالا محضا، وهذا كما حكاه سيبويه من أنه سمع بعض العرب يقول: بيس، وقد جاء في الشعر في يومئذ، يومئذ، والأوّل يدلّان على قول ابن كثير). [الحجة للقراء السبعة: 5/13]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنّا ترابا أئنا لفي خلق جديد}
قرأ ابن عامر (وإن تعجب فعجب قولهم إذا كنّا) على الخبر {أئنا} بهمزتين على الاستفهام وحجته في ذلك أن الاستفهام منهم على إحيائهم بعد الممات ولم يستفهموا في كونهم ترابا لأنهم كانوا يعلمون أنهم يصيرون ترابا وما كانوا ينكرون وإنّما أنكروا البعث والنشور فيجب على هذا أن يكون موضع الاستفهام في الكلمة الثّانية في قوله {أئنا لفي خلق جديد} لا الأولى
وقرأ نافع والكسائيّ بالاستفهام في الأولى والثّاني على الخبر
[حجة القراءات: 370]
غير أن الكسائي قرأ بهمزتين ونافع بالمدّ وحجتهما في ذلك أن الاستفهام إذا دخل في أول الكلام أحاط بآخره والّذي يدل على هذا قوله تعالى {أئذا ما مت لسوف أخرج حيا} وقوله أيضا {أفإن مت فهم الخالدون} ألا ترى أنه لم يعد الاستفهام في قوله {فهم الخالدون} وأخرى لما كان أحد الاستفهامين علّة للآخر كان المعنى في أحدهما دون الآخر وكان الآخر علّة له يقع لوقوعه ويرتفع بارتفاعه ويدل عليه {أفإن مت فهم الخالدون} ولم يعد الاستفهام في {فهم} وهو موضعه وكذلك قال {أفإن مات أو قتل انقلبتم} فلم يعد الاستفهام مع قوله {انقلبتم على أعقابكم} وهناك معقد الاستفهام لأن معنى الكلام أفهم الخالدون إن مت وأفتنقلبون على أعقابكم إن مات أو قتل فالموت والقتل علّة للانقلاب والخلود وكذلك كونهم ترابا وموتهم علّة لإحيائهم ورجوعهم خلقا جديدا فلمّا كان ذلك كذلك جعل الاستفهام لما هو سبب للإحياء وهو الموت والتّراب
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم وحمزة {أئذا} {أئنا} بالاستفهام في الكلمتين ومذهب ابن كثير القصر ومذهب أبي عمرو المدّ ومذهب عاصم وحمزة الهمزتان وحجتهم أن موضع الاستفهام في الكلمة الثّانية لأن المعنى أئنا لفي خلق جديد إذا كنّا ترابا فإنّما كان الاستفهام منهم عن إحيائهم بعد الممات ولم يستفهموا عن كونهم ترابا أعيد في موضعه الّذي هو فائدة السامعين في استفهامهم والعرب إذا بدؤوا بحرف قبل الموضع الّذي أرادوا إيقاعه فيه أعادوه في موضعه وقد نزل بذلك القرآن قال الله جلّ وعز {أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون}
[حجة القراءات: 371]
وإنّما موضع الفائدة في الكلام الإخراج فلمّا بدئ ب أن قبل الإخراج أعيدت مع الإخراج وقد قيل إن الاستفهام الأول رد على كلام محذوف كأنّهم قالوا لهم إنّكم مبعوثون بعد الموت فردّوا الاستفهام وقالوا {أئذا كنّا ترابا} ). [حجة القراءات: 372]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (5- قوله: {أإذا كنا}، {أإنا} اختلف القراء في اجتماع الاستفهامين في أحد عشر موضعا في القرآن، قد ذكرت في الكتاب الأول، فقرأ نافع والكسائي في جميع ذلك بالاستفهام في الأول، والخبر في الثاني، وخالفا أصلهما في موضعين في النمل والعنكبوت فقرأهما نافع بالخبر في الأول والاستفهام في الثاني، وقرأ الكسائي في العنكبوت بالاستفهام في الأول والثاني، وقرأ في النمل على أصله، يستفهم بالأول، ويخبر في الثاني، غير أنه يزيد نونا في الثاني «إننا»، وقرأ ابن عامر في جميع ذلك بالخبر في الأول، وبالاستفهام في الثاني، وخالف أصله في ثلاثة مواضع في النمل والواقعة والنازعات، فقرأ في النمل، يستفهم بالأول، ويخبر في الثاني، ويزيد نونا في «إننا» كالكسائي، وقرأ في الواقعة بالاستفهام في الأول والثاني، وقرأ في والنازعات مثل نافع والكسائي، يستفهم بالأول، ويخبر بالثاني، وقرأ الباقون ذلك كله بالاستفهام في الأول والثاني، وخالف ابن كثير وحفص أصلهما في العنكبوت، فقرأه بالخبر في الأول، والاستفهام في الثاني، كنافع وابن عامر، واختلفوا في الجمع بين الهمزتين، والتخفيف للثانية إذا استفهموا، فكان الحرميان وأبو عمرو إذا استفهموا حققوا الأولى وخففوا الثانية بين الهمزة والياء، غير أن أبا عمرو وقالون يدخلان
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/20]
بين الهمزتين ألفًا فيمدان، وقرأ الباقون بالتحقيق للهمزتين في ذلك كله، على ما ذكرنا في اجتماع الهمزتين، غير أن هشامًا يدخل بين الهمزتين ألفًا مع التحقيق، وقد ذكرنا علة التحقيق والتخفيف وإدخال الألف بين الهمزتين، وغير ذلك فيما تقدم من الأصول، فأما علة الاستفهام والخبر فحجة من استفهم في الأول والثاني أنه أتى بالكلام على أصله، في التقرير والإنكار، أو التوبيخ بلفظ الاستفهام فيه، ففيه معنى المبالغة والتوكيد، فأكد بالاستفهام هذه المعاني، وزاده توكيدًا بإعادة لفظ الاستفهام في الثاني، فأجراهما مجرى واحد.
وحجة من أخبر في أحدهما واستفهم في الآخر أنه استغنى بلفظ الاستفهام في أحدهما عن الآخر، إذ دلالة الأولى على الثاني كدلالة الثاني على الأول، وأيضًا فإن ما بعد الاستفهام الثاني في أكثر هذه المواضع تفسير للعامل الأول، في «إذا» التي دخل عليها حرف الاستفهام، فاستغنى عن الاستفهام في الثاني بالأول). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/21]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : ( 5- {أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا} [آية/ 5] بالاستفهام فيهما:
قرأها ابن كثير وأبو عمرو وعاصم وحمزة.
[الموضح: 699]
والوجه أن العامل في {أَئِذَا} فعلٌ مضمر، يدل عليه قوله {أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ}، والتقدير: أنبعث أو أنحشر إذا كنا ترابًا، ثم أكد ذلك الفعل المضمر بقوله {أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ}.
وقرأ نافع والكسائي ويعقوب {أَئِذا} بالاستفهام، {إِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} على الخبر.
والوجه أن العامل في {إذا} أيضًا مضمر كما ذكرناه وهو أنبعث أو أنحشر، ولا يجوز أن يعمل في {إذا} ما بعد {إنّا} من قوله {خلقٍ جديد}؛ لأن ما بعد إن لا يعمل فيما قبلها، وقوله {إِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} على هذا كلامٌ مبتدأٌ به مؤكد لما قبله، وإن كان خبرًا لا استفهامًا لأنه يتضمن الاستبعاد.
وقرأ ابن عامر {إذَا كُنَّا تُرَابًا} على الخبر، {أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ} على الاستفهام.
والوجه أنه مثل ما تقدم في أنه لا بد من مضمر يعمل في {إذا}، وهو نُبعث ونُحشر؛ لأن قوله {أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ} لا يجوز أن يعمل في {إذا} لمكان إن والاستفهام جميعًا، وكلاهما لا يعمل ما بعده فيما قبله والخبر أيضًا على الاستبعاد، لكنه ابتدأ بالاستفهام على سبيل الإنكار، فقال {أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَديدٍ}، وقد سبق ذلك في سورة الأعراف). [الموضح: 700]

قوله تعالى: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ (6)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة عيسى الثقفي وطلحة بن سليمان: [الْمَثْلَاتُ]، وقرأ: [الْمُثْلَاتُ] يحيى بن وثاب، وقراءة الناس: {الْمَثُلَاتُ} .
قال أبو الفتح: روينا عن أبي حاتم قال روى: زائدة عن الأعمش عن يحيى: [الْمَثْلَاتُ] بالفتح والإسكان. قال: وقال زائدة: وبما ثقَّل سليمان -يعني: الأعمش- يقول: {الْمَثُلَاتُ}.
وأصل هذا كله {الْمَثُلَاتُ} بفتح الميم وضم الثاء، يقال: أَمْثَلْتُ الرجل من صاحبه إِمْثَالًا، واقصصْتُه منه إِقْصَاصًا بمعنى واحد، والاسم المثال كالقِصَاص.
فأما من قرأ: [الْمَثُلَاتُ] فعلى أصله، كالسَّمُرَات جمع سَمُرة، والثمُرَات جمع ثَمُرَة.
[المحتسب: 1/353]
ومن قال: {الْمُثْلَاتُ} بضم الميم وسكون الثاء احتمل عندنا أمرين:
أحدهما: أن يكون أراد: الْمثُلَات، ثم آثر إسكان الثاء استثقالًا للضمة ففعل ذلك، إلا أنه نقل الضمة إلى الميم فقال: الْمُثْلَات، كما قالوا في عَضُد: عُضْد، وفي عَجُز: عُجْز.
والآخر: أن يكون خفف في الواحد فصار مَثُلَة إلى مُثْلَة، ثم جمع على ذلك فقال: الْمُثْلَات.
فإن قيل: فهلا أتبع الضمَّ الضمَّ، فقيل: الْمُثُلَات، كما نقول في غُرْفة: غُرُفات، وفي حجرة: حُجُرات، ففي ذلك جوابان:
أحدهما: أنه إنما كَرِهَ الْمَثُلَة مع فتح الميم، أفيجمع في الْمُثُلَات بين ضمين، فيصير إلى أثقل مما هرب منه؟
والآخر: أنه لو جمع مُثْلَة بعد أن غيرها عن مَثُلَة على مُثُلَات لكان كأنه جمع مُثْلَة مرتجلة على فُعْلَة، كحُجْرَة وظُلْمَة، فأقرها على سكون الثاء بحاله لذلك.
فإن قيل: هلا لم يجمع بين الضمتين لكن فتح الثاء فقال: الْمُثَلَات هربًا إلى الخفة بالفتح كظُلَمَات وغُرَفَات، قيل: لو كان ممن يرى هذا لأقر المثال الأول بحاله فقال: الْمَثُلَات؛ لأنه إذا فعل ذلك فإنما جمع بين ضمة وفتحة أيضًا، فإذا انصرف عن ذلك ألبتة فلا وجه لمعاودة ما كأنه هو، فضم الميم وأسكن الثاء فقال: الْمُثْلَات، واستغنى عن التعسف بالكلمة إلى هذه الغاية المستبعدة، ثم إنها مع ذلك غير مفيدة ولا مجدية، فهذا هذا.
وروينا عن قطرب أن بعضهم قرأ: [الْمُثُلَات] بضمتين، فهذا إما عامَل الحاضر معه فثقَّل عليه، وإما فيها لغلة أخرى؛ وهي مُثُلَة، كبُسُرة، فيمن ضم السين، وإما فيها لغة ثالثة؛ وهي مُثْلَة كغُرْفَة.
وأما من قال: [الْمَثْلَات] بفتح الميم وسكون الثاء، فإنه أسكن عين الْمَثُلَات استثقالًا لها فأقر الميم المفتوحة. وإن شئت قلت: أسكن عين الواحد فقال: مَثْلَة، ثم جمع وأقر السكون بحاله ولم يفتح الثاء، كما قال في جَفْنَة وتَمْرَة: جَفَنَات وتَمَرَات؛ لأنها ليست في الأصل فَعْلَة؛ وإنما هي مسكَّنة من فَعُلَة، ففصل بذلك بين فَعْلَة مرتجلة وفَعْلَة مصنوعة منقولة من فَعُلَة على ما ترى.
وإن شئت قلت: قد أسكن الثاء تخفيفًا، فلم يراجع تحريكها إلا بحركتها الأصلية لها. وقد يمكن أيضًا أن يكون من قال: [الْمَثُلَات] ممن يرى إسكان الواحد تخفيفًا، فلما صار إلى الجمع
[المحتسب: 1/354]
وآثر التحريك في الثاء عاود الضمة؛ لأنها هي الأصل لها، ولم يرتجل لها فتحة أجنبية عنها، كل ذلك جائز). [المحتسب: 1/355]

قوله تعالى: {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (7)}
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (6- قوله: {هاد} و{وال} و{وباق} و{واق}، قرأ ابن كثير بياء في الوقف في الأربعة الألفاظ، حيث وقعت، وقرأ الباقون بغير ياء، في الوقف كالوصل.
وحجة من وقف بالياء أنه إنما حذف الياء في الوصل لأجل التنوين، فإذا وقف وزال التنوين رجعت الياء، وهو الأصل، ولذلك أجازوا إثبات الياء في النداء في «يا غلامي أقبل» لأنه موضع عدم فيه التنوين، الذي تحذف الياء لأجله.
7- وحجة من وقف بغير ياء أنه أجرى الوقف مجرى الوصل، إذ حذف التنوين عارض في الوقف، ولأنه اتبع الخط في ذلك، ولا ياء في الخط فيها، والحذف والإثبات لغتان للعرب، والحذف أكثر، وهو الاختيار؛ لأن
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/21]
الأكثر عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/22]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 08:21 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الرعد

[ من الآية (8) إلى الآية (11) ]
{اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ (8) عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (9) سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ (10) لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (11)}

قوله تعالى: {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ (8)}

قوله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (9)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (5- وقوله تعالى: {الكبير المتعال} [9].
أثبت ابن كثير الياء في {المتعالى} وصل أو وقف على الأصل، وأثبتها نافع في رواية إسماعيل وأبو عمرو في رواية ابي زيد وصلا، وحذفا وقفًا ليكونا تابعين للمصحف في الوقف، وتابعين للأصل في الوصل.
وقرأ الباقون بغير ياء وصلوا أو وقفوا، ولهم علتان:
إحداهما: خط المصحف.
والثانية: أن العرب يجتزئ بالكسرة عن الياء الشديدة وأنشد سيبويه رحمه الله -:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/325]
فطرت بمنصلي في يعملات = دوامي الأيد يخبطن السريحا
أراد: الأيدي فحذف الياء: و{المتعال} متفاعل من العلو، والأصل: متعالو، فانقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها كقولك: الداعي والغازي، والأصل: الداعو والغازو فصارت الواو ياءً لانكسار ما قبلها. وتعالى الله: تفاعل من العلو. وتبارك: تفاعل من البركة والله متعالٍ ولا يقال: مُتبارك، لأن اللغة سماع وليست قياسًا، فإذا أمرت رجلا فقلت: تعال يا هذا سقطت الألف للأمر، والأصل: ارتفع ثم كثر في كلامهم حتى صار مَنْ في البئر يقول للذي فوق: تعال، وإنما الحكم لمن كان على عَرْعَرَةٍ جبل أن يقول لمن بحضيضه: تعال، وللرجلين: تعاليا، وللرجال: تعالوا: وللمرأة، تعالي وتعاليا و{تعالين أمتعكن}.
فإن سأل سائل فقال: إذا أمرت رجلاً فقلت: تعال كيف تنهاه؟
فالجواب في ذلك: أن العرب إذا غيرت الكلمة عن جهتها، أو جمعت بين حرفين، أو أقامت شيئًا مقام شيء ألزمته طريقة واحدة، فيقولون: هلم، ولا يقولون: لا تهلم، ويقال: هات يا رجل، ولا قال: لاتهات، وكذلك: صه ومه وها يا رجل، ولا تنهى من ذلك، إنما هي حروف وأفعال وضعت للأمر فقط فجرى كالمثل لا يُخلخل عن مواضعه). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/326]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال أحمد: قرأ ابن كثير (الكبير المتعالي. سواء منكم) (الرعد/ 9، 10]، بياء في الوصل والوقف، وكذلك قال الحلواني عن أبي معمر عن عبد الوارث عن أبي عمرو، وكذلك أخبرني أبو حاتم الرازي في كتابه إلي عن أبي زيد عن أبي عمرو. الباقون لا يثبتون الياء في وصل ولا وقف.
أما إثبات ابن كثير وأبي عمرو الياء في: (الكبير المتعالي) فهو في القياس، وليس ما فيه الألف واللام من هذا، كما لا ألف ولام فيه من هذا النحو، نحو: قاض وغاز.
قال سيبويه: إذا لم يكن في موضع تنوين- يعني اسم الفاعل- فإنّ البيان أجود في الوقف، وذلك قولك: هذا القاضي، وهذا العمي، لأنّها ثابتة في الوصل يريد أن الياء مع الألف واللام تثبت ولا تحذف، كما تحذف من اسم الفاعل إذا لم يكن فيه الألف واللام، نحو هذا قاض؛ فاعلم.
[الحجة للقراء السبعة: 5/13]
فالياء مع غير الألف واللام تحذف في الوصل، فإذا حذفت في الوصل كان القياس أن تحذف في الوقف، وهي اللغة التي هي أشيع وأفشى، فإذا دخلت الألف واللام فلا تحذف اللام في اللغة التي هي أكثر عند سيبويه.
وأمّا قول من حذف في الوصل والوقف في المتعال فإنّ الحجّة في حذفها في الوقف أن سيبويه زعم: «أن من العرب من يحذف هذا في الوقف، شبّهوه بما ليس فيه ألف ولام، إذ كانت تذهب الياء في الوصل في التنوين لو لم تكن ألف ولام».
وأمّا حذفهم لها في الوصل، فلم يكن القياس، لأنّه لم يضطرّ إلى حذفه شيء، كما اضطرّ إلى حذف ما لا ألف ولام فيه التقاء الساكنين، وكره التحريك فيه لتحرّك الياء بالكسر وهي لا تحرّك بضمّة ولا كسرة، ولكن حذف ذلك من حذف لأنّها في الفواصل، وما أشبه الفواصل من الكلام التامّ، تحذف تشبيها بالقوافي، والقوافي قد كثر حذف ذلك منها. والفواصل وما أشبهها في حكمها فحذفت منها كما حذفت في القوافي). [الحجة للقراء السبعة: 5/14]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({عالم الغيب والشّهادة الكبير المتعال}
قرأ ابن كثير (المتعالي) بإثبات الياء في الوصل والوقف وهو القياس وليس ما فيه الألف واللّام من هذا كما لا ألف ولام فيه من هذا النّحو نحو غاز وقاض قال سيبويهٍ إذا لم يكن في موضع تنوين يعني اسم الفاعل فإن البيان أجود في الوقف وذلك قولك هذا القاضي لأنّها ثابتة في الوصل يريد أن الياء مع الألف واللّام تثبت ولا تحذف كما تحذف في اسم الفاعل إذا لم يكن فيه الألف واللّام نحو هذا قاض فاعلم فالياء مع غير الألف واللّام تحذف في الوصل ومع الألف واللّام لا تحذف
وقرأ الباقون {المتعال} بغير ياء وحجتهم خطّ المصحف بغير ياء والمتعال متفاعل من العلوّ والأصل متعالو فانقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها لقولك الدّاعي والغازي والأصل الداعو والغازو). [حجة القراءات: 372]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (6- {المتعالي} [آية/ 9] بإثبات الياء:
قراها ابن كثير بخلافٍ عنه.
وقرأها يعقوب بلا خلافٍ في الوصل والوقف، وإنه لا يُثبت الياء في شيء
[الموضح: 700]
من المنونات في القرآن.
وابن كثير يقف على المنونات في هذه السورة بالياء: {هَادِي} و{وَاقي} و{وَالي}.
والوجه في إثبات الياء فيما فيه الألف واللام وقفًا ووصلًا، أنه هو القياس؛ لأنه لا موجب لحذف الياء في هذا، بخلاف ما لا ألف ولام فيه، فإن التقاء الساكنين هناك وهما الياء والتنوين يوجب حذف الياء، وذلك نحو قاضٍ وغازٍ ومتعالٍ، فإذا دخل الألف واللام زال التنوين فلم يجتمع الساكنان، فتثبت الياء حينئذٍ ولم تسقط لا في الوصل ولا في الوقف.
وأما إسقاط يعقوب الياء من المنونات؛ فلأنه يجتمع فيها الساكنان الياء والتنوين فتحذف الياء لالتقاء الساكنين على ما ذكرنا، فإذا وقف عليه أبقاه على حاله محذوف الياء، فوقف عليه بإسكان الحرف الذي قبل الياء نحو: هذا قاض وغاز؛ لأن التنوين في نية الوجود.
وأما إثبات ابن كثير الياء في المنونات حالة الوقف؛ فلأن المنون إنما حُذف الياء منه لالتقائهما مع التنوين، وقد زال التنوين ههنا بالوقف فوجب عنده أن تعود الياء المحذوفة لالتقاء الساكنين.
وقرأ الباقون {المُتَعَالِ} بحذف الياء، وكذلك في الجميع.
والوجه في حذف الياء من المنون ظاهرٌ، وقد سبق، وأما حذفها مما فيه الألف واللام، فإن كان في الوقف فهو على ما ذكر سيبويه أن من العرب من
[الموضح: 701]
يحذف هذه الياء في الوقف، فيُشبه الكلمة بما ليس فيه ألف ولام؛ لأن الألف واللام زيادة، فأما إن كان في الوصل فليس حذف الياء بالقياس، إلا أن الذي حسّنه ههنا هو أن الياء في فاصلةٍ، والفواصل يُحذف منها كما يُحذف من القوافي). [الموضح: 702]

قوله تعالى: {سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ (10)}

قوله تعالى: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (11)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (من وّالٍ)
روى خارجة عن نافع (من والي) بإمالة الواو، والباقون لا يميلون.
قال أبو منصور: الإمالة في واو (والٍ) ليست بجيدة، وفتح الواو جيد عربي فصيح). [معاني القراءات وعللها: 2/56]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (6- وقوله تعالى: {وما لهم من دونه من وال} [11].
[قرأ] خارجة عن نافع {من وال} ممالاً، وذلك أن كل اسم كان على فاعل نحو عابد وكافر وجائر جازت إمالته؛ لأن عين الفعل مكسورة.
وقرأ الباقون مفخمًا على أصل الكلمة، والأصل: من والي، مثل ضارب
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/326]
فاستثقلوا الكسرة على الياء فخزلت، فالتقى ساكنان الياء والتنوين فحذفت الياء لالتقاء الساكنين مثل: {ما أنت قاض} و{ولا مولود هو جاز}.
وأجاز المازني الوقف على {والي} و{جازى} بالياء قال: لأن التنوين ساقط في الوقف.
والباقون بنوا الوقف على الوصل. والأخفش مثله، وابن كثير مثله). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/327]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال أحمد: وروى عباس عن خارجة إمالة الواو من أول وال [11]، قال: وكلّهم يفتحها.
[الحجة للقراء السبعة: 5/14]
الإمالة في وال حسنة في قياس العربية، كما أنّها في عامر وواقد حسنة، لا مانع يمنع منها، ووال: فاعل، من ولي يلي. ووال ووليّ، كعالم وعليم، وقادر وقدير، وراحم ورحيم، والوالي والوليّ: من يلي أمرك خلاف العدو، والله وليّ المؤمنين). [الحجة للقراء السبعة: 5/15]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة عبيد الله بن زياد: [لَهُ مَعَاقِيبُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْه].
قال أبو الفتح: ينبغي أن يكون هذا تكسير مُعَقِّب أو مُعَقِّبَة، إلا أنه لما حذف إحدى القافين عوض منها الياء، فقال: [معاقيب]، كما تقول في تكسير مقدّم: مقاديم، ويجوز ألا تعوض فتقول: مَعَاقِب كمقادم). [المحتسب: 1/355]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة علي بن أبي طالب وابن عباس -رضي الله عنها- وعكرمة وزيد بن علي وجعفر بن محمد: [يَحْفَظُونَهُ بِأَمْرِ اللهِ].
قال أبو الفتح: المفعول هنا محذوف؛ أي: يحفظونه مما يحاذره بأمر الله. وأما قراءة الجماعة: {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} فليس معناه أنهم يحفظونه من أمر الله أن ينزل به؛ لكن تقديره: له مُعَقِّبَات من أمر الله يحفظونه مما يخافه، فـ"من" على هذا مرفوعة الموضع؛ لأنها صفة للمرفوع الذي هو "معقبات"، ولو كانت -كما يُظن- أنهم يحفظونه من أمر الله أن ينزل به لكانت منصوبة الموضع؛ كقولك: حفِظت زيدًا من الأسد، فقولك: من الأسد، منصوب الموضع؛ لأنه مفعول حفِظت.
والذي ذكرناه في هذا رأي أبي الحسن، وما أحسنه! فأن قلت: فهلا كان تقديره: يحفظونه من أمر الله؛ أي: بأمر الله، ويُستدل على إرادة الباء هنا بقراءة علي عليه السلام: [يحفظونه بأمر الله]. وجاز أن يحفظوه بأمر الله؛ لأن هذه المصائب كلها في علم الله وبإقداره فاعليها عليها، فيكون هذا كقول القائل: هربتُ من قضاء الله بقضاء الله، قيل: تأويل أبي الحسن أذهب في الاعتداد عليهم؛ وذلك أنه -سبحانه- وكَّل بهم من يحفظهم من حوادث الدهر ومخاوفه
[المحتسب: 1/355]
التي لا يعتد عليهم بتسليطها عليهم، وهذا أسهل طريقًا، وأرسخ في الاعتداد بالنعمة عليهم عروقًا). [المحتسب: 1/356]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 08:23 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الرعد

[ من الآية (12) إلى الآية (15) ]
{هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ (12) وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ (13) لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (14) وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ (15)}

قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ (12)}

قوله تعالى: {وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ (13)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الأعرج بخلاف: {شَدِيدُ الْمَحَالِ} بفتح الميم.
قال أبو الفتح: [الْمَحَال] هنا مَفْعَل من الحِيلة. قال أبو زيد: يقال: ما له حِيلة ولا مَحَالة؛ فيكون تقديره: شديد الحِيلة عليهم، وتفسيره قوله سبحانه: {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ}، وقوله: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ}، وقال: {يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ}، والطريق هنا واضحة). [المحتسب: 1/356]

قوله تعالى: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (14)}

قوله تعالى: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ (15)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أبى مِجْلَز: {بِالْغُدُوِّ وَالْإيصَالِ}.
قال أبو الفتح: هو مصدر آصلْنَا: دخلنا في وقت الأصيل ونحن مُؤصلون. وقد ذكرنا هذا فيما مضى من الكتاب). [المحتسب: 1/356]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 08:24 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الرعد

[ من الآية (16) إلى الآية (18) ]
{قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (16) أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ (17) لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (18)}

قوله تعالى: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (16)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (أم هل يستوي الظّلمات والنّور)
[معاني القراءات وعللها: 2/56]
قرأ أبو بكر وحمزة والكسائي (يستوي) بالياء، وقرأ الباقون (تستوي) بالتاء.
قال أبو منصور: إذا تقدم فعل الجماعة جاز تأنيثه وتذكيره، وقد مر مثله). [معاني القراءات وعللها: 2/57]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (7- قوله تعالى: {أم هل تستوي الظلمات والنور} [16].
قرأ حمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم بالياء؛ لأن تأنيث الظلمات غير حقيقي فجاز تأنيثه وتذكيره مثل: {فمن جاءه موعظة من ربه} لأن جمع التأنيث يذكر ويؤنث مثل: قام النساء وقامت النساء، وكما قرأ شبل بن عباد: {إذا يتلى عليهم ءايات الرحمن}.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/327]
وقرأ الباقون {أم هل تستوي الظلمات والنور} بالتاء وهو الاختيار؛ لأن الجمع بالألف والتاء نظير الواو والنون في المذكر، فكما لا يقال في قام الزيدون: قامت فيؤنث، كذلك لا يقال: قام الهندات فيذكر، إذ كانت العلامة حاضرة، وكل شيء كان المانع لفظًا ففارق اللفظ زائلة الامتناع، وكل شيء كان المانع معنى فزائلة المعنى زائلة الامتناع، وذلك نحو: حمدة اسم رجل امتنع من الصرف للتعريف والتأنيث فإذا زالت الهاء انصرف، لأن اللفظ زائل، وتقول هذه نفس تريد: النسمة، وهذا النفس: تريد الإنسان والشخص. وقوله تعالى: {خلقكم من نفس واحدة} أنث على لفظ النفس، ولو رد إلى معناه لقال: من نفس واحد، لأن النفس هنا آدم عليه السلام.
فإن سأل سائل فقال: أنت تقول: قامت الرجال وقام الرجال، وقالت الأعراب وقال الأعراب فتذكر وتؤنث؟
فالجواب في ذلك أن جمع التكسير يستوي فيه المذكر والمؤنث، إذا كان يقصد به قصد الجماعة، وجمع السلامة لفظ المذكر مباين للفظ المؤنث فاعرف ذلك فإنه حسن جدًا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/328]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والتاء من قوله عزّ وجلّ: (أم هل تستوي الظلمات والنور) [16].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر: (تستوي) بالتاء.
وقرأ عاصم في رواية أبي بكر وحمزة والكسائي بالياء.
حفص عن عاصم بالتاء.
التأنيث حسن، لأنّه فعل مؤنّث لم يفصل بينه وبين فاعله شيء، وعلى هذا جاء: قالت الأعراب [الحجرات/ 14]، وقالت اليهود [البقرة/ 113] وقالت النصارى [التوبة/ 30]، وإذ قالت أمة منهم [الأعراف/ 164]، وقد جاء: وقال نسوة في المدينة [يوسف/ 30] وقد جاء التأنيث في هذا النحو: وإذ قالت أمة منهم وهو اسم جماعة مؤنّثة، كما أنّ نسوة كذلك.
والتذكير سائغ، لأنّه تأنيث غير حقيقيّ، والفعل مقدّم). [الحجة للقراء السبعة: 5/15]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({أم هل تستوي الظّلمات والنور}
قرأ حمزة والكسائيّ وأبو بكر (أم هل يستوي الظّلمات)
[حجة القراءات: 372]
بالياء وحجتهم في ذلك أن تأنيث {الظّلمات} غير حقيقيّ فجاز تذكيره مثل قوله {فمن جاءه موعظة} ذهب إلى الوعظ كذلك ذهبوا في الظّلمات إلى معنى المصدر فيكون بمعنى الإظلام والظلام ومثله {وأخذ الّذين ظلموا الصّيحة} يعني الصياح
وقرأ الباقون {أم هل تستوي الظّلمات} بالتّاء وحجتهم تأنيث الظّلمات ذهبوا إلى اللّفظ لا إلى المعنى). [حجة القراءات: 373]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (4- قوله: {أم هل تستوي} قرأ أبو بكر وحمزة والكسائي بالياء، على التذكير؛ لأن تأنيث {الظلمات} غير حقيقي، ولأن الجمع بالتاء والألف يُراد به القلة، والعرب تذكر الجمع إذا قل عدده، وأيضًا فإنه يجوز أن يذهب
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/19]
بـ {الظلمات} إلى الإظلام والظلام، فيذكر الفعل حملًا على معنى الإظلام والظلام، وقرأ الباقون بالتاء.
وحجة من قرأ بالتاء أنه أنث على ظاهر تأنث لفظ {الظلمات} وهو الاختيار، لحمله على اللفظ الظاهر، ولأن الجماعة عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/20]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (7- {أَمْ هَلْ يَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ} [آية/ 16] بالياء:
قرأها حمزة والكسائي وعاصم ياش-.
والوجه أنه تأنيث غير حقيقي، وقد انضاف إليه أن الفعل تقدم، فحسن لذلك تذكيره، كقوله تعالى {وَقَالَ نِسْوَةٌ}، فإذا جاز تذكير النسوة لتقدم الفعل مع التأنيث الحقيقي، فلأن يجوز تذكير ما ليس بحقيقي لتقدم الفعل أولى.
وقرأ الباقون {تَسْتَوِي} بالتاء.
والوجه أن الفعل لجمع المؤنث، وليس بين الفعل وفاعله فاصلٌ، فقوي التأنيث لذلك). [الموضح: 702]

قوله تعالى: {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ (17)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ممّا توقدون عليه في النّار)
قرأ حفص وحمزة والكسائي بالياء، وكذلك روى علي بن نصرٍ عن أبي عمرو بالياء، وقرأ الباقون بالتاء.
قال أبو منصور: من قرأ (يوقدون) فللغيبة، ومن قرأ بالتاء (توقدون) فللمخاطبة، وهو خطاب للنبي صلى الله عليه، ولأمته). [معاني القراءات وعللها: 2/57]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (8- وقوله تعالى: {مما يوقدون عليه في النار} [17].
قرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم بالياء.
وقرأ الباقون بالتاء. فمن قرأ بالياء فحجته {أم جعلوا لله شركاء} [16] وحجة من قرأ بالتاء: {قل أفتخذتم من دونه أولياء} [16].
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/328]
ومعنى هذه الآية أن الله تعالى ضرب الأمثال في كتابه بأحسن اللفظ وأوضح بيان، فشبه الإيمان وهو الحق بالماء الصافي والذهب والفضة إ ذا أوقد عليهما وذهب خبثهما وخلصا، وشبه الكفر وهو الباطل بالزبد الذي يذهب جفاء فقال تعالى: {ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية} يعني: الذهب والفضة، {أو متاع} يعني: الصفر والحديد والرصاص {زبد مثله فأما الزبد فيذهب جفاء} [17] وهو ما جفاه السيل فرمى به.
وقرأ رؤبة بن العجاج: {فيذهب جفالا} باللام، قال أبو حاتم: ولا أقرأ بلغة رؤبة، لأنه دخل عليه وهو يأكل الفأر. وأما ما ينفع الناس من الماء الصافي والذهب والفضة والصفر والنحاس {فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/329]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والتاء من قوله عزّ وجلّ: (ومما توقدون عليه في النار) [17].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر: (توقدون) بالتاء.
وقرأ حمزة والكسائيّ وحفص عن عاصم بالياء.
علي بن نصر عن أبي عمرو (توقدون) ويقرأ أيضا:
يوقدون والغالب عليه (توقدون) بالتاء.
من قرأ بالتاء فلما قبله من الخطاب، وهو قوله: قل أفاتخذتم [16]، ويجوز أن يكون خطابا عامّا، يراد به الكافّة.
كأنّ المعنى: ممّا توقدون عليه أيّها الموقدون زبد مثل زبد الماء الذي يحمله السيل، فأمّا الزّبد فيذهب جفاء لا ينتفع به كما لا ينتفع الكافر بما يتخذه من الآلهة، مثل الزبد الذي لا ينتفع به كما ينتفع بما يخلص منه الزبد من الماء والذهب والصّفر والفضّة.
ومن قرأ بالياء، فلأنّ ذكر الغيبة قد تقدّم في قوله: أم جعلوا لله شركاء [16]، ويجوز أن يراد به جميع الناس، ويقوّي ذلك قوله: وأما ما ينفع الناس [17]، فكما أن الناس يعمّ المؤمن والكافر، كذلك الضمير في يوقدون وقال: ومما يوقدون عليه في النار، فجعل الظرف متعلّقا بيوقدون، لأنّه قد يوقد على ما ليس في النار كقوله: فأوقد لي يا هامان على
[الحجة للقراء السبعة: 5/16]
الطين [القصص 38] فهذا إيقاد على ما ليس في النار، وإن كان يلحقه وهجها ولهبها.
وأمّا قوله: بورك من في النار ومن [النمل/ 8]، فالمعنى: من في قرب النار، وليس يراد به متوغّلها، ومن حولها ممّن لم يقرب منها قرب الآخرين، ألا ترى أنّ قوله:
وممن حولكم من الأعراب منافقون [التوبة/ 99]، لم يقرب المنافقون الذين حولهم فيه قرب المخالطين لهم، حيث يحضرونه ويشهدونه في مشاهدهم.
حدّثنا أحمد بن محمد البصري قال: حدّثنا المؤمّل قال: حدّثنا إسماعيل بن عليّة عن أبي رجاء قال: سمعت الحسن يقول: الله أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها إلى قوله: ابتغاء حلية: الذهب والفضة، والمتاع: الصفر والحديد، كذلك يضرب الله الحقّ والباطل، كما أوقد على الذهب والفضة والصفر والحديد، فخلص خالصه كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض، قال: وكذلك الحقّ بقي لأهله فانتفعوا به). [الحجة للقراء السبعة: 5/17]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وممّا يوقدون عليه في النّار} {وأما ما ينفع النّاس فيمكث في الأرض}
قرأ حمزة والكسائيّ وحفص {وممّا يوقدون عليه} بالياء وحجتهم أن الكلام خبر لا خطاب فيه بدلالة قوله {وأما ما ينفع النّاس} فأخبر عنهم فكذلك {وممّا يوقدون} جرى بلفظ الخبر نظيرا لما أتى عقيبه من الخبر
وقرأ الباقون بالتّاء ردوا على المخاطبة في قوله قبلها قل {أفاتخذتم من دونه} ). [حجة القراءات: 373]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (8- قوله: {ومما يوقدون عليه} قرأ حفص وحمزة والكسائي بالياء، ردوه على ذكر الناس بعده، ولما قبله من لفظ الغيبة، في قوله: {أم جعلوا لله شركاء} «16»، وقوله: {فتشابه الخلق عليهم}، وقوله: {وهم يجادلون في الله} «13» وقوله: {والذين يدعون من دونه} فردوه في الغيبة على ما قبله وما بعده، وقرأ الباقون بالتاء، حملوه على الخطاب الذي قبله، وهو قوله: {قل أفتاخذتم من دونه}، وهو الاختيار، لأن الأكثر عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/22]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (8- {وَمِمَّا يُوقِدُونَ} [آية/ 17] بالياء:
قرأها حمزة والكسائي و-ص- عن عاصم.
والوجه أن المراد مما يُوقد عليه الناس، فأضمر للعلم به، يدل عليه قوله
[الموضح: 702]
{وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ}.
ويجوز أن يكون {يُوقِدُونَ} خبرًا عن الغيب الذين أخبر عنهم بقوله تعالى {أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ}.
وقرأ الباقون {تُوقِدُونَ} بالتاء.
والوجه أنه على خطاب الذين خوطبوا في قوله تعالى {قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ}.
ويجوز أن يكون على عموم الخطاب، ويراد به كافة الناس، أي توقدون عليه أيها الموقدون). [الموضح: 703]

قوله تعالى: {لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (18)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 08:26 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الرعد

[ من الآية (19) إلى الآية (24) ]
{أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (19) الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21) وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24)}

قوله تعالى: {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (19)}

قوله تعالى: {الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20) }

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21)}

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22)}

قوله تعالى: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23)}

قوله تعالى: {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة يحيى بن وثاب: [فَنَعْم عُقْبى الدارِ].
قال أبو الفتح: أصل قولنا: نِعْم الرجل ونحوه نَعِمَ كعَلِمَ، وكل ما كان على فَعِل وثانيه حرف حلقى فلهم أربع لغات، وذلك نحو: فخِذ، ومَحِك، ونَغِر، بفتح اللام وكسر الثانى على الأصل. وإن شئت أسكنت الثانى وأقررت الأول على فتحه فقلت: فَخْذ، ومَحْك، ونَغْر. وإن شئت أسكنت ونقلت الكسرة إلى الأول فقلت: فِخْذ، ومِحْك، ونِغْر. وإن شئت أتبعت الكسر الكسر فقلت: فِخِذ، ومِحِك، ونِغِر. وكذلك الفعل نحو: ضَحِك، وإن شئت
[المحتسب: 1/356]
ضَحْك، وإن شئت ضِحْك، وإن شئت ضِحِك. فعلى هذ القول: نَعِمَ الرجل، وإن شئت: نعْم، وإن شئت نِعْمَ، وإن شئت نِعِمَ. فعليه جاء: {فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ}. وأنشدنا أبو علي لطرفة:
ففداء لبني قيس على ... ما أصاب الناس من سُر وضُرْ
ما أقلَّتْ قدمي إنهم ... نَعِمَ الساعون في الأمر الْمُبِرْ
وروينا عن قطرب: نَعِيم الرجل زيد، بإشبع كسرة العين وإنشاء ياء بعدها كالمطافيل والمساجيد. ولَا بُدَّ من أن يكون الأمر على ما ذكرنا؛ لأنه ليس في أمثلة الأفعال فعِيل ألبتة). [المحتسب: 1/357]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 08:33 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الرعد

[ من الآية (25) إلى الآية (29) ]
{وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (25) اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ (26) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ (27) الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28) الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآَبٍ (29)}

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (25)}

قوله تعالى: {اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ (26)}

قوله تعالى: {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ (27)}

قوله تعالى: {الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28)}

قوله تعالى: {الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآَبٍ (29)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #10  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 08:35 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الرعد

[ من الآية (30) إلى الآية (31) ]
{كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ لِتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ (30) وَلَوْ أَنَّ قُرْآَنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا أَفَلَمْ يَيْئَسِ الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (31)}

قوله تعالى: {كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ لِتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ (30)}

قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآَنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا أَفَلَمْ يَيْئَسِ الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (31)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة علي -عليه السلام- وابن عباس وابن أبي مليكة وعكرمة والجحدري وعلي بن حسين وزيد بن علي وجعفر بن محمد وأبي يزيد المدني وعلي بن بديمة وعبد الله بن يزيد: [أَفَلَمْ يَتَبَيَّنِ الذين].
قال أبو الفتح: هذه القراءة فيها تفسير معنى قول الله تعالى: {أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا}، وروينا عن ابن عباس أنها لغة وَهْبِيل: فخذ من النَّخَع، قال:
ألم ييئس الأقوام أني أنا ابنُه ... وإن كنتُ عن أرض العشيرة نائيا
وروينا لسُحيم بن وَثِيل:
أقول لأهل الشِّعْبِ إذ يأسِرُونني ... ألم تيئسوا أني ابن فارس زَهْدم
أي: ألم تعلموا. ويشبه عندي أن يكون هذا راجعًا أيضًا إلى معنى اليأس؛ وذلك أن المتأمل للشيء المتطلب لعلمه ذاهب بفكره في جهات تعرفه إياه، فإذا ثبت يقينه على شيء من أمره اعتقده وأَضرب عما سواه، فلم ينصرف إليه كما ينصرف اليائس من الشيء عنه، ولا يلتفت إليه. وهذه
[المحتسب: 1/357]
اللغة هكذا طريق صنعتها وملاءمة أجزائها وضم نَشَرِها وشتاتها، فإن لم تطبَن لها وتُلاقِ بين متهاجراتها بَدَّت فِرقًا، وكانت حرية لو لاطفْتَها بالتعانق والالتقاء فرفقًا رفقًا، لا عُنفًا ولا خُرقًا). [المحتسب: 1/358]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (9- قوله: {أفلم ييأس} قرأه البزي بألف بين ياءين مفتوحتين، ومن غير همز، وقرأ الباقون بياءين، الثانية ساكنة بعدها همزة مفتوحة.
وحجة من قرأ بغير همز أنه قلب الهمزة في موضع الياء الساكنة الثانية، فصارت «يابس» ثم خفف الهمزة بالبدل؛ لأنها ساكنة، فوزنه في الأصل «يفعل» وبعد القلب «يعفل» عين الفعل قبل الفاء، وأصله «ييس» بياءين، يدل على ذلك أن المصدر «الياس».
10- وحجة من قرأ بالهمز أنه أتى به على أصله، وهو الاختيار). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/22]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #11  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 08:36 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الرعد

[ من الآية (32) إلى الآية (34) ]
{وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ (32) أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33) لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (34)}

قوله تعالى: {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ (32)}

قوله تعالى: {أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وصدّوا عن السّبيل (33)
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر (وصدّوا) بفتح الصاد، وفي المؤمن مثله، وقرأ الكوفيون ويعقوب (وصدّوا) بضم الصاد في الموضعين.
[معاني القراءات وعللها: 2/57]
قال أبو منصور: من قرأ (وصدّوا عن السّبيل) فله وجهان: صدّوا بأنفسهم، أي: أعرضوا، ومضارعه يصدون، بالكسر، والوجه الثاني: أنهم صدّوا غيرهم عن السبيل فأضلوهم، ومستقبله يصدّون، وهذا متعدّ، والأول لازم - ومن قرأ (وصدّوا) فمعناه: أضلّوا، لا يكون إلا مفعولا). [معاني القراءات وعللها: 2/58]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (9- وقوله تعالى: {وصدوا عن السبيل} [33].
قرأ أهل الكوفة عاصم وحمزة والكسائي بضم الصاد.
وقرأ الباقون {وصدوا} بفتح الصاد، وجعلوا الفعل لهم، ومن ضم فعلى ما لم يسم فاعله جعل الفعل لله، أي: الله صدهم، كما تقول: {طبع على قلوبهم} أي: طبع الله عليها، وقال أبو عبيد: والضم أشبه بقراءة أهل السنة.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/329]
قال أبو عبد الله رضي الله عنه: والأمر بينهما قريب وذلك: أنك تقول: أظل الله زيدًا فظل هو، وأماته الله فمات هو، وكذلك صده الله فصد هو، والاختيار أن تقول: صد الكفار وأصدهم الله وأصدهم بعد أن صدوا عقوبة لهم وجزاء كما قال: {الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم}.
وفيها قراءةٌ ثالثةٌ.
حدثني أحمد بن عبدان عن علي بن أبي عبيد قال: قرأ يحيي بن وثاب: {وصدوا عن السبيل} بكسر الصاد، والأصل في هذه القراءة: صدوا، فنقلت كسرة الدال إلى الصاد بعد أن أزالوا الضمة، وأدغموا الدال في الدال كما قرأ علقمة: {ولو ردوا لعادوا} بكسر الراء، أراد: رددوا فأدغم وقد بين هذا فيما مضى). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/330]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في: فتح الصاد وضمّها من قوله جلّ وعزّ: (وصدوا عن السبيل) [33].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر: (وصدوا) بفتح الصاد، وفي حم المؤمن [37] مثله.
[الحجة للقراء السبعة: 5/17]
وقرأ عاصم وحمزة والكسائيّ: وصدوا عن السبيل بالضمّ فيهما.
وقال أبو عمر عن أبي الحسن: صدّ وصددته مثل: رجع ورجعته، ومن ذلك قول الشاعر:
صدّت كما صدّ عما لا يحلّ له... ساقي نصارى قبيل الفصح صوّام
فهذا صدّت في نفسها. وقال آخر:
صددت الكأس عنّا أمّ عمرو فأما قوله: إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله [الحج/ 25]، فالمعنى: يصدّون المسلمين عن المسجد الحرام، فكأنّ المفعول محذوف، وقوله: رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا [النساء/ 61]، يكون على: يصدّون عنك، أي: لا يبايعونك كما يبايعك المسلمون، ويجوز أن يكونوا يصدّون غيرهم عن الإيمان، كما صدّوا هم، ويثبّطونهم عنه.
[الحجة للقراء السبعة: 5/18]
وحجّة من قال: (وصدوا عن السبيل) فأسند الفعل إلى الفاعل: قوله: الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله [محمد/ 1] وقوله: إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله، وقال: هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام [الفتح/ 25]. فكما أسند الفعل إلى الفاعل في جميع هذه الآي، كذلك يكون مسندا إليهم في قوله: (وصدوا عن السبيل). وقد زعموا أن قوله: (وصدوا عن السبيل) نزلت في قوم جلسوا على الطريق، فصدّوا الناس عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
ومن بنى الفعل للمفعول به فقال: وصدوا عن السبيل، فإنّ فاعل الصدّ غواتهم والعتاة منهم في كفرهم. وقد يكون صدّ على نحو ما يقولون: حدّ فلان عن الخير، وصدّ عنه، يريد أنه لم يفعل خيرا، ولا يريد أن مانعا منعه منه.
فأمّا قوله: (وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل) [غافر/ 37] فالفتح الوجه، لأنّه لم يصدّه عن الإيمان أحد، ولم يمنعه منه.
والذي زيّن له ذلك الشيطان، كما جاء في الأخرى: وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم [الأنفال/ 48]، وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل [النمل/ 24] ). [الحجة للقراء السبعة: 5/19]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({بل زين للّذين كفروا مكرهم وصدوا عن السّبيل}
قرأ عاصم وحمزة والكسائيّ {وصدوا عن السّبيل} بضم الصّاد على ما لم يسم فاعله وحجتهم أن الكلام أتى عقيب الخبر من الله
[حجة القراءات: 373]
بلفظ ما لم يسم فاعله وهو قوله {بل زين للّذين كفروا مكرهم} فجرى الكلام بعده بترك تسمية الفاعل ليأتلف الكلام على نظام واحد
وقرأ الباقون {وصدوا عن السّبيل} بفتح الصّاد أسندوا الفعل إلى الفاعل وحجتهم قوله {الّذين كفروا وصدوا عن سبيل الله} وقال سبحانه {هم الّذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام} فلمّا رأوا الصد مسندًا إليهم في هذه الآيات كذلك يكون مسندًا إليهم في قوله {وصدوا عن السّبيل} ). [حجة القراءات: 374]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (11- قوله: {وصدوا عن السبيل} قرأه الكوفيون بضم الصاد، ومثله في غافر:{وصد عن السبيل} «37»، وقرأها الباقون بفتح الصاد.
وحجة من ضم الصاد أنه أسند الفعل إلى المفعول، على ما لم يسم فاعله، فأقيم {الذين حملوا} على المصدر مقام الفاعل، وفاعل الصد هم أشراف الكفار وكبراؤهم، وفي غافر قبل {صد} {زين لفرعون} على ما لم يُسم فاعله،
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/22]
فحمل {صد} على ذلك أيضًا.
12- وحجة من فتح الصاد أنه بناه على الإخبار عن الصادين الناس عن سبيل الله، دليله قوله: {إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله} «الحج 25» وقوله: {إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله} «النساء 167»، وقال: {هم الذين كفروا وصدوكم} «الفتح 25» فأسند الفعل في جميع ذلك إلى الصادين). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/23]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (9- {وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ} [آية/ 33] بضم الصاد:
قرأها الكوفيون ويعقوب.
والوجه أن الفعل مبنيٌّ للمفعول به، والمعنى مُنعوا عن السبيل، والصاد هو المانع، وأراد الله تعالى صدهم، وقيل الشيطان، وقيل عُتاتهم وغواتهم.
وقرأ ابن كثير ونافعٌ وأبو عمرو وابن عامر {وَصُدُّوا} بفتح الصاد.
وكذلك اختلافهم في سورة المؤمن {وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ}.
والوجه أن هؤلاء القوم صدوا الناس عن الإيمان بالنبي (صلى الله عليه وسلم).
[الموضح: 703]
وفي الأثر أنهم جلسوا على الطريق فصدوا الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم، فالفعل مسندٌ إليهم، والمفعول به محذوفٌ، والتقدير: صدوا غيرهم كما قال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ الله} ). [الموضح: 704]

قوله تعالى: {لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (34)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #12  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 08:37 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الرعد

[ من الآية (35) إلى الآية (37) ]
{مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ (35) وَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآَبِ (36) وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ (37)}

قوله تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ (35)}

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآَبِ (36)}

قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ (37)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #13  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 08:43 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الرعد

[ من الآية (38) إلى الآية (40) ]
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآَيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ (38) يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ (39) وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ (40)}

قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآَيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ (38)}

قوله تعالى: {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ (39)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ويثبت وعنده أمّ الكتاب (39)
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم ويعقوب (ويثبت) خفيفًا، وقرأ الباقون (ويثبّت) مشددًا.
قال أبو منصور: (ثبّت) و(أثبت) بمعنى واحد، وجاء في التفسير أن المعنى: يمحو اللّه ما يشاء مما يكتبه الحفظة على (ويثبّت) العباد، ويثبت ما يشاء إبقاءه في الكتاب.
وقيل: (يمحو الله ما يشاء ويثبت)، أي: من قدر له رزقًا وأجلاً محا ما شاء منه، وأثبت ما شاء). [معاني القراءات وعللها: 2/58]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (10- وقوله تعالى: {ويثبت وعنده} [39].
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم مخففًا، من أثبت يثبت إثباتًا فهو مثبت: إذا كتب.
وقرأ الباقون {يثبت} [مشددًا] أي: يتركه فلا يمحوه كما قال الله تعالى: {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا} ورأيت النحويين يختارون التخفيف، قالوا: لأن التفسير موافقة اللغة، وذلك أن الله عز وجل قد وكل بالعبد ملكين يكتبان حسناته وسيئاته، فإذا عرضاه على الله تعالى يثبت ما يشاء فيه من الثواب والعقاب، ومحا ما شاء من ذلك مما لا ثواب فيه ولا عقاب كاللغو الذي لا يؤاخذ الله العبد به، وإنما يأخذ بالإصرار على الذنب
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/330]
فأما التوبة والندم وترك الإصرار فيمحو ما سلف من الذنب حتى لا يُكتب البتة، فإن كتب محي، لأن الله تعالى قال: {إن الحسنات يذهبن السيئات} فأما قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «فرغ ربكم مما هو كائن».
إن قال قائل: كيف ينسخ ما قد فرغ منه؟
فالجواب في ذلك: إن معناه: إن الله تعالى فرغَ منه علمًا، وعلمُ الله لا يوجب ثوابًا ولا عقابًا، وإنما يجب ذلك بالعمل، فإذا كتب الملك ثم تاب العبد فمحاه الله قبل ظهور عمل العبد، لأن علمه به قبل ظهوره كعلمه بعد ظهوره.
وقيل في قوله تعالى: {يمحوا الله ما يشاء ويثبت} يعني به الناسخ والمنسوخ قال أبو عبيد. يقال محا يمحو ومحى يمحي بمنى، فأما مح الثوب وأمح فمعناه: بلى.
وأخبرنا ابن دريد عن أبي حاتم عن الأصمعي قال: سمعت أعرابيًا يقول: إياك ومسألة الناس فإن المسألة تمح الوجه أي: تحلق الشعر، قال الشاعر:
ربع دار محه الإقواء = وعفته الأرواح والأنواء
كر فيه البلى فأخلق برد = يه صباح يعتاده ومساء
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/331]
وقيل: من سأل الناس جاء يوم القيامة لا مزعة على وجهه، أي: قطعة لحم. وقال علي رضي الله عنه: «إياك أن تقطر ماء وجهك بالمسألة إلا عند أهله» وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من سأل الناس وهو غني جاءت مسألته يوم القيامة خوشًا في وجهه وكدوحا»). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/332]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في تشديد الباء وتخفيفها من قوله جلّ وعزّ: ويثبت [39].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم: ويثبت ساكنة الثاء.
خفيفة الباء.
[الحجة للقراء السبعة: 5/19]
وقرأ ابن عامر ونافع وحمزة والكسائيّ: (ويثبت) مشدّدة الباء مفتوحة الثاء.
المعنى: يمحو الله ما يشاء ويثبته، فاستغني بتعدية الأوّل من الفعلين عن تعدية الثاني، والمعنى يثبته، ومثل ذلك قوله: والحافظين فروجهم والحافظات، والذاكرين الله كثيرا والذاكرات [الأحزاب/ 35].
وزعم سيبويه أن من العرب من يعمل الأوّل من الفعلين، ولا يعمل الثاني في شيء كقولهم: متى رأيت، أو قلت: زيدا منطلقا. وقال الشاعر:
بأيّ كتاب أم بأيّة سنّة... ترى حبّهم عارا عليّ وتحسب
ولم يعمل الثاني.
[الحجة للقراء السبعة: 5/20]
وهذا والله أعلم فيما يحتمل النّسخ والتبديل من الشرائع الموقوفة على المصالح على حسب الأوقات. فأمّا ما كان من غير ذلك فلا يمحى ولا يبدّل، وأمّ الكتاب: هو الذكر المذكور في قوله: ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر [الأنبياء/ 105].
وحجة من قال: (يثبت) قوله: وأشد تثبيتا [النساء/ 66] وقوله: (فتثبتوا) [النساء/ 94] لأن تثبّت مطاوع ثبّت.
وحجّة من قال يثبت ما روي عن عائشة: «كان إذا صلّى صلاة أثبتها»
وقولهم: ثابت، من قوله: بالقول الثابت [إبراهيم/ 27] لأنّ ثبت مطاوع أثبت، كما أن تثبّت مطاوع ثبّت). [الحجة للقراء السبعة: 5/21]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({يمحو الله ما يشاء ويثبت}
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم و{يثبت} بالتّخفيف من أثبت يثبت إثباتًا فهو مثبت إذا كتب وحجتهم قولهم فلان ثابت
وقرأ الباقون {يثبت} بالتّشديد أي يقر الله ما قد كتبه فيتركه على حاله وحجتهم قوله {وأشد تثبيتا} وقال قوم هما لغتان مثل وفيت وأوفيت وعظمته وأعظمته). [حجة القراءات: 374]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (13- قوله: {ويثبت وعنده} قرأه ابن كثير وأبو عمرو وعاصم بالتخفيف، جعلوه مستقبل «أثبت» والمفعول محذوف «هاء» من الصلة، أي: ويثبته، وقوله: {بالقول الثابت} «إبراهيم 27» يدل على التخفيف؛ لأنه اسم فاعل من «ثبت»، والتقدير: يمحو الله ما يشاؤه ويثبت ما يشاؤه، وقرأ الباقون بالتشديد، جعلوه مستقبل «ثبت» دليله قوله: {وأشد تثبيتًا} «النساء 66» فـ «تثبيت» مصدر «ثبت» مشددًا، فالقراءتان لغتان، كما أن «ثبت وأثبت» لغتان بمعنى، لكن في التشديد معنى التأكيد والتكرير، وهو الاختيار؛ لأن أكثر القراء عليه، واختار أبو عبيد {ويثبت} بالتشديد، على معنى: يقر ما كتبه، فلا يمحوه، وتعقب عليه ابن قتيبة، فاختار التخفيف؛ لأن المعروف مع المحو الإثبات، فالمعنى: يمحو الله ما يشاء ويكتب ما يشاء، أو على معنى: يمحو الله ما يشاء ويقر ما يشاء، فلا يمحوه، والتخفيف يحتمل المعنيين اللذين ذكر أهل التأويل في الآية). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/23]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (10- {وَيُثْبِتُ} [آية/ 39] بالتخفيف:
قرأها ابن كثير وأبو عمرو وعاصمٌ ويعقوب.
والوجه أنه منقول من ثبت، ويقال ثبت الشيء وأثبته أنه، وروي عن عائشة أنها قالت: كان النبي صلى الله عليه (وسلم) إذا صلى صلاة أثبتها، أي داوم عليها.
وقرأ نافعٌ وابن عامر وحمزة والكسائي {وَيُثَبِّتُ} بالتشديد.
والوجه أنه منقولٌ من ثبت أيضًا، والنقل بالألف والتضعيف كلاهما واحد في المعنى كأفرحته وفرّحته، إلا أن بعضهم ذكر أن فعل بالتشديد لا يخلو من معنى المبالغة والتكثير أينما وقع، وقيل إن ثبت بالتشديد مطاوعة تثبت). [الموضح: 704]

قوله تعالى: {وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ (40)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #14  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 08:44 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الرعد

[ من الآية (41) إلى الآية (43) ]
{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (41) وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ (42) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ (43)}

قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (41)}

قوله تعالى: {وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ (42)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وسيعلم الكفّار (42)
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو (الكافر) واحدًا، وقرأ الباقون (الكفّار) جماعة.
[معاني القراءات وعللها: 2/58]
قال أبو منصور: من قرأ (الكافر) وهو أكثر من (الكفار) أراد به: الجنس، ومثله كثر الدينار والدرهم، يراد به الكثرة). [معاني القراءات وعللها: 2/59]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (11- وقوله تعالى: {وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار} [42].
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو {الكافر} موحدًا؛ لأن الكافر يعني أبا جهل فقط.
ولهم حجة أخرى: أن يكون الكافر بمعنى الجماعة والجنس كما تقول: أهلك الناس الدينار والدرهم، وقال تعالى: {ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا} لم يرد كافرًا واحدًا.
وقرأ الباقون: {وسيعلم الكفار} على الجمع، وحجتهم قراءة عبد الله وأُبَيٍّ، لأن في حرب أُبَيٍّ: {وسيعلم الذين كفروا} وفي حرف عبد الله {وسيعلم الكافرون} وإنما اختلف القراء في هذه الأحرف لأنه كتب في مصحف عثمان بغير ألف (ا ل ك ف ر) ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/332]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الجمع والتوحيد من قوله تعالى: وسيعلم الكافر [42].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو: (وسيعلم الكافر) واحدا.
وقرأ عاصم وابن عامر وحمزة والكسائيّ: الكفار على الجمع.
العلم في قوله: (سيعلم الكافر) هو المتعدّي إلى
[الحجة للقراء السبعة: 5/21]
مفعولين، بدلالة تعليقه ووقوع الاستفهام بعده، تقول: علمت لمن الغلام، فتعلّقه مع الجار كما تعلّقه مع غير الجار في نحو: فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار [الأنعام/
135] وموضع الجار مع المجرور نصب من حيث سدّ الكلام الذي هو فيه مسدّ المفعولين، لا من حيث حكمت في نحو: مررت بزيد بأنّ موضعه نصب، ولكنّ اللام الجارة كانت متعلقة في الأصل بفعل فصار مثل: علمت بمن تمرّ، في أنّ الجار يتعلّق بالمرور، والجملة التي هي منها في موضع نصب، وقد علّق الفعل عنها.
فأمّا من قرأ: (الكافر) فإنّه جعل الكافر اسما شائعا كالإنسان في قوله: إن الإنسان لفي خسر [العصر/ 2] وزعموا أنه لا ألف فيه، وهذا الحذف إنّما يقع في فاعل نحو:
خالد وصالح، ولا يكاد يحذف في فعّال؛ فذا حجّة لمن قال: الكافر.
وزعموا أن في بعض الحروف: وسيعلم الذين كفروا فهو يقوّي الجمع.
وقد جاء فاعل يراد به اسم الجنس، أنشد أبو زيد:
إن تبخلي يا جمل أو تعتلّي... أو تصبحي في الظّاعن المولي
[الحجة للقراء السبعة: 5/22]
فهذا إنّما يكون على الكثرة، وليس المعنى على كافر واحد؛ والجمع الذي هو الكفار، المراد في الآية لا إشكال فيه). [الحجة للقراء السبعة: 5/23]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ( {وقد مكر الّذين من قبلهم} {وسيعلم الكفّار لمن عقبى الدّار}
[حجة القراءات: 374]
قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو (وسيعلم الكافر) على التّوحيد قال أبو عمرو عني به أبو جهل وحجتهم قوله {ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا} وقال آخرون الكافر واحد والمعنى جمع ولم يرد كافرًا واحدًا وإنّما أراد الجنس كما تقول أهلك النّاس الدّينار والدّرهم تريد الجنس المعنى سيعلم كل من كفر من النّاس
وقرأ الباقون {وسيعلم الكفّار} على الجمع وحجتهم في ذلك أن الكلام أتى عقيب قوله {وقد مكر الّذين من قبلهم} ثمّ قال {وسيعلم الكفّار} بلفظ ما تقدمه ليأتلف الكلام على سياق واحد وفي التّنزيل ما يقوي هذا وهو قوله {وسيعلم الّذين ظلموا أي منقلب ينقلبون}
وقف ابن كثير على {هادي} و(واقي) و{وإلى} بالياء ووقف الباقون بغير ياء وهو الوجه لأنّك تقول هذا قاض وهاد وواق فتحذف في الوصل الياء لسكونها والتقائها مع النّون لأنهم استثقلوا الكسرة على الياء فحذفوها فالتقى ساكنان الياء والتنوين فحذفت الياء لالتقاء الساكنين مثل ما أنت قاض ووجه قول ابن كثير أن سيبويهٍ قال حدثنا أبو الخطاب أن بعض من يوثق به من العرب
[حجة القراءات: 375]
يقول هذا داعي فيقفون بالياء ووجه ذلك أنهم كانوا قد حذفوا الياء في الوصل لالتقائها مع التّنوين وقد أمن في الوقف أن يلحق التّنوين فإذا أتى التّنوين الّذي كانت الياء حذفت في الوصل من أجل التقائها معه في الوصل ردّت الياء فصار هذا قاضي وهادي وواقي ووالي ومن ثمّ قال الخليل في نداء قاض يا قاضي بإثبات الياء لأن النداء موضع لا يلحق فيه التّنوين فثبتت الياء في النداء لما أمن من لحاق التّنوين فيه كما ثبتت مع الألف واللّام لما أمن التّنوين معها في نحو المعالي والداعي). [حجة القراءات: 376]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (14- قوله: {وسيعلم الكفار} قرأه الكوفيون وابن عامر «الكفار» بالجمع؛ لأن التهدد في الآية لم يقع لكافر واحد بل لجميع الكفار، فأتوا به على المعنى، فوافق اللفظ المعنى، وفي حرف ابن مسعود: «وسيعلم الكافرون» وفي حرف أبي: «وسيعلم الذين كفروا» فهذا كله شاهد قوي لمن قرأه بالجمع.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/23]
وقرأ الباقون بالتوحيد جعلوا الكافر اسمًا للجنس شائعًا، كقوله: {إن الإنسان لفي خسر} «العصر 2» فهو يدل على الجمع بلفظه، وهو أخصر، وأيضًا فإنه لا ألف في الخط، والألف إنما تحذف من الخط في فاعل كـ «خالد وصالح» ولا تكاد تحذف في «فعال» لئلا يتغير بناء الجمع، ويشبه صورة المصدر، فحذف الألف من الخط يدل على أنه «فاعل» وليس بـ «فعال»، والقراءتان ترجع إلى معنى واحد؛ لأن الجمع يدل بلفظه على الكثرة، والواحد الذي للجنس يدل بلفظه على الكثرة، فما سواء). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/24]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (11- {وَسَيَعْلَمُ الْكَافِرُ} [آية/ 42] على التوحيد:
قرأها ابن كثير ونافع وأبو عمرو.
والوجه أن الكافر ههنا اسم جنس يستغرق، فهو كالإنسان في قوله تعالى {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ}.
وقد يجيء فاعلٌ ويُراد به الجمع، لكونه اسم الجنس، قال الشاعر:
68- إن تبخلي يا جمل أو تعتلي = أو تصبحي في الظاعن المولي
فأراد بالظاعن الجمع.
وقرأ الباقون {وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ} على الجمع.
والوجه أنه هو الذي عليه المعنى؛ لأن المعنى في القراءة الأولى على الجمع أيضًا كما بيناه، فهذا جمعٌ لفظًا ومعنًى). [الموضح: 705]

قوله تعالى: {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ (43)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة النبي -صلى الله عليه وسلم- وعلى وابن عباس وأبي -رضي الله عنهم- وسعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد بخلاف والحسن بخلاف وعبد الرحمن بن أبي بكرة وابن أبي إسحاق والضحاك والحكم بن عتيبة، ورُويت عن الأعمش: [وَمِنْ عِنْدِهِ عِلْمُ الْكِتَابِ]، وقرأ: [ومِنْ عِنْدِهِ] بكسر الميم والدال والهاء [عُلِمَ الكتابُ] بضم العين وفتح الميم علي وابن السميفع والحسن. وقراءة الجماعة: {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ}.
قال أبو الفتح: مَن قرأ: [وَمِنْ عِنْدِهِ عِلْمُ الْكِتَابِ] فتقديره ومعناه: من فضله ولطفه علم الكتاب، ومَن قرأ: [وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الْكِتَابُ] فمعناه معنى الأول، إلا أن تقدير إعرابه مخالف له؛ لأن من قال: [وَمِنْ عِنْدِهِ عِلْمُ الْكِتَابِ] فـ "من" متعلقة بمحذوف، {وعلمُ الكتاب} مرفوع بالابتداء، كقوله تعالى: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ}. ومن قال: [وَمِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الْكِتَابُ] فـ"من" متعلقة بنفس "عُلم"، كقولك: من الدار أُخرج زيد؛ أي: أخرج زيد من الدار، ثم قَدَّمتَ حرف الجر. وقراءة الجماعة: {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} فالعلم مرفوع بنفس الظرف؛ لأنه إذا جرى الظرف صلة رفع الظاهر لإيغاله في قوة شبهه بالفعل، كقولك: مررت بالذي في الدار أخوه). [المحتسب: 1/358]


روابط مهمة:
أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:24 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة