تفسير قوله تعالى: {فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت} [مريم: 27] لقد أتيت.
{شيئًا فريًّا} [مريم: 27] يعني عظيمًا في تفسير مجاهدٍ وقتادة). [تفسير القرآن العظيم: 1/222]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا...}الفري: الأمر العظيم. والعرب تقول: يفري الفري إذا هو أجاد العمل أو السّقى ففضل الناس قيل هذا فيه. وقال الراجز:
قد أطعمتني دقلاً حجريّاً.......قد كنت تفرين به الفريّا
أي قد كنت تأكلينه أكلاً كثيراً). [معاني القرآن: 2/166-167]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({شَيْئًا فَرِيًّا} أي عجباً فائقاً، وكذلك كل شيء فائق من عجب أو عمل أو جرى فهو فريٌ). [مجاز القرآن: 2/7]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({شيئا فريا}: مصنوعا. يقال فريت الكذب وافتريته وكذلك {تخلقون إفكا} تصنعونه،
خلقت الكذب واختلقته مثل فريته وافتريته، ومنه {إن هذا إلا خلق الأولين} أي افتراء الأولين.
وقرئت {خلق الأولين} وقد تكون من هذا.
يقال تحدث بالأحاديث الخلق أي المختلقة أي الكذب. ويكون الأولين: شيمة الأولين). [غريب القرآن وتفسيره: 238]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا} أي عظيما عجيبا). [تفسير غريب القرآن: 274]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا}
أي شيئا عظيما، يقال فلان يفري الفريّ إذا كان يعمل عملا يبالغ فيه). [معاني القرآن: 3/327]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( وقوله جل وعز: {قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا}
قال مجاهد: أي عظيما.
وقال سعيد بن مسعدة: أي مختلقا مفتعلا، يقال فريت وأفريت بمعنى واحد.
قال قطرب: زعم أبو خيرة العدوى أن الفري الجديد من الأسقية، قال قطرب: فكأن معنى فري بديع وجديد لم يسبق إليه، قال: وكان معنى افترى على الله جاء بأمر بديع جديد لم يكن.
وقال أبو عبيدة: فري عجيب). [معاني القرآن: 4/326-327]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({فَرِيًّا} أي: عجبا). [ياقوتة الصراط: 339]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({فَرِيّـاً}: عظيما، كذبا). [العمدة في غريب القرآن: 195]
تفسير قوله تعالى: {يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوءٍ} [مريم: 28] رجل سوءٍ، يعني ما كان زانيًا.
وهو تفسير السّدّيّ.
{وما كانت أمّك بغيًّا} [مريم: 28] يعني وما كانت أمّك زانيةً.
سعيدٌ، عن قتادة قال: ليس بهارون أخي موسى ولكنّه هارون آخر كان يسمّى هارون الصّالح المحبّب في عشيرته.
ذكر لنا أنّه اتّبع جنازته يوم مات أربعون ألفًا كلّهم يسمّى هارون من بني إسرائيل.
أي فقالوا: {يا أخت هارون} [مريم: 28] في عبادته وفضله {ما كان أبوك امرأ سوءٍ وما كانت أمّك بغيًّا} [مريم: 28] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/222]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ):
(وقوله: {يَا أُخْتَ هَارُونَ...}
كان لها أخ يقال له هارون من خيار بني إسرائيل ولم يكن من أبويها فقيل: يا أخت هارون في صلاحه.
أي إن أخاك صالح وأبواك أبواك كالتعيير لها. أي أهل بيتك صالحون وقد أتيت أمراً عظيماً). [معاني القرآن: 2/167]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا}
وقال: {وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا} مثل قولك "ملحفةٌ جديدٌ"). [معاني القرآن: 3/1]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({يَا أُخْتَ هَارُونَ} كان في بني إسرائيل رجل صالح يسمى: هارون، فشبّهوها به. كأنهم قالوا: يا أخت هارون، يا شبه هارون في الصلاح). [تفسير غريب القرآن: 274]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا}
اختلف في تفسير: {أُخْتَ هَارُونَ} في هذا الموضع.
روينا في التفسير أنّ أهل الكتاب قالوا: كيف تقولون أنتم: مريم أخت هارون وبينهما ستّمائة سنة، فقيل ذلك لرسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- فقال: إنهم كانوا يسمون بأسماء الأنبياء والصالحين، أي فكان أخو مريم يسمى هارون.
وقيل إنهم عنوا بأخت هارون في الصلاح والدين، ويروى أن هارون هذا الدّيّن كان رجلا من قومها صالحا، وأنه حضر جنازته أربعون ألفا يسمى كل واحد منهم هارون.
والذي في هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بيّن).[معاني القرآن: 3/327]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( وقوله جل وعز: {يَا أُخْتَ هَارُونَمَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ} روى معمر عن قتادة قال كان هارون صالحا من قومهما فقالوا يا شبيهه هارون قال أبو جعفر ويقوي هذا الحديث المرفوع كانوا يتسمون بأسماء أنبيائهم والصالحين منهم). [معاني القرآن: 4/327-328]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا} أي فاجرة والبغاء الزنا).[معاني القرآن: 4/328]
تفسير قوله تعالى: {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {فأشارت إليه} [مريم: 29] بيدها.
قال قتادة: أمرتهم بكلامه.
{قالوا كيف نكلّم من كان} [مريم: 29] يعني: من هو.
تفسير السّدّيّ.
{في المهد صبيًّا} [مريم: 29] سعيدٌ، عن قتادة قال: المهد، الحجر). [تفسير القرآن العظيم: 1/222]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ):
( وقوله: {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ...} إلى ابنها. ويقال إن المهد حجرها وحجرها. ويقال: سريره والحجر أجود ).
[معاني القرآن: 2/167]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا} ولـ {كان} مواضع، فمنها لما مضى، ومنها لما حدث ساعته وهو: كيف نكلم من حدث في المهد صبياً، ومنها لما يجيئ بعد في موضع " يكون " والعرب تفعل ذلك، قال الشاعر:
إن يسمعوا ريبة طاروا بها فرحاً.......منى وما يسمعوا من صالح دفنوا
أي يطيروا ويدفنوا.
{وكانَ اللهُ علِيماً حَكِيماً} فيما مضى والساعة، وفيما يكون ويجي {كان} أيضاً زائدة ولا تعمل في الاسم، كقوله:
فكيف إذا رأيت ديار قومٍ.......وجيرانٍ لهم كانوا كرام
والمعنى وديار جيرانٍ كرامٍ كانوا، " وكانوا " فضلٌ لأنها لم تعمل فتنصب القافية،
قال غيلان بن حريث الربعي: إلى كناسٍ كان مستعيده
وكان فضل، يريد إلى كناسٍ مستعيد.
وسمعت قيس بن غالب البدري يقول: ولدت فاطمة بنت الخرشب الكملة من بني عبس لم يوجد كان مثلهم، أي لم يوجد مثلهم، "كان" فضل). [مجاز القرآن: 2/7-8]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه أن يأتي الفعل على بنية الماضي وهو دائم، أو مستقبل: كقوله: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}، أي أنتم خير أمّة.
وقوله: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ}، أي وإذ يقول الله يوم القيامة. يدلك على ذلك قوله سبحانه: {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ}.
وقوله: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ}، يريد يوم القيامة. أي سيأتي قريبا فلا تستعجلوه.
وقوله: {قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا}، أي من هو صبيّ في المهد). [تأويل مشكل القرآن: 295](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ( وقوله عزّ وجلّ: {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا}أي لما خاطبوها أشارت إليه، بأن جعلوا الكلام معه، ودل على أنها أشارت إليه في الكلام قولهم {كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا}.
وفي هذا ثلاثة أوجه:
- قال أبو عبيدة: إن معنى " كان " اللغو، المعنى كيف نكلم من في المهد صبيا، لأن كل رجل قد كان في المهد صبيّا، ولكن المعنى كيف نكلم من في المهد صبيّا لا يفهم مثله، ولا ينطق لسانه بالكلم.
- وقال قوم إنّ " كان " في معنى وقع وحدث، المعنى على قول هؤلاء: كيف نكلم صبيّا قد خلق في المهد.
- وأجود الأقوال أن يكون "من" في معنى الشرط والجزاء فيكون المعنى: من يكن في المهد صبيّا - ويكون {صبيّا} حالا - فكيف نكلمه.
كما تقول من كان لا يسمع ولا يعقل فكيف أخاطبه.
وروى أنّ عيسى عليه السلام لما أومأت إليه اتكأ على يساره وأشار بسبّابته فقال:{إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ}أي معلما للخير). [معاني القرآن: 3/328]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( وقوله جل وعز: {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ} والمعنى: فأشارت إلى عيسى أن كلموه ودل على هذا قوله تعالى: {قالوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا} قيل: كان ههنا زائدة لأن الناس كلهم لا يخلون من أن يكونوا هكذا.
وقيل: كان بمعنى وقع وخلق.
وقيل: فيه معنى الشرط أي من كان صبيا فكيف نكلمه).[معاني القرآن: 4/328-329]
تفسير قوله تعالى: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وروى أنّ عيسى عليه السلام لما أومأت إليه اتكأ على يساره وأشار بسبّابته فقال: {إإِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ} أي معلما للخير). [معاني القرآن: 3/328]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ} روى سفيان عن سماك عن عكرمة في قوله تعالى: {آَتَانِيَ الْكِتَابَ} قال قضى أن يؤتينه وقيل معنى {وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ} أي أوصاني بالصلاة والطهارة). [معاني القرآن: 4/329]
تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (فقال عيسى: {قال إنّي عبد اللّه آتاني الكتاب وجعلني نبيًّا {30} وجعلني مباركًا أين ما كنت} [مريم: 30-31]
سمعت بعض الكوفيّين يقول: أي معلّمًا، مؤدّبًا.
{وأوصاني بالصّلاة والزّكاة ما دمت حيًّا {31}). [تفسير القرآن العظيم: 1/223-222]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ):
(وقوله: {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا...} يتعلم مني حيثما كنت).
[معاني القرآن: 2/167]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ( {وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا} ومعنى الزكاة ههنا الطهارة، {مَا دُمْتُ حَيًّا} - دمت، ودمت جميعا). [معاني القرآن: 3/328]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {قال إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ} روى سفيان عن سماك، عن عكرمة في قوله تعالى: {آَتَانِيَ الْكِتَابَ} قال: قضى أن يؤتينه.
وقيل معنى {وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ} أي: أوصاني بالصلاة والطهارة). [معاني القرآن: 4/329](م)
تفسير قوله تعالى: {وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {وبرًّا بوالدتي} [مريم: 32] أي: وجعلني برًّا بوالدتي، يعني مطيعًا لأمر مريم.
تفسير السّدّيّ.
{ولم يجعلني جبّارًا شقيًّا} [مريم: 32] مستكبرًا عن عبادة اللّه، ولم يجعلني {شقيًّا} [مريم: 32] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/223]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ):
(وقوله: {جَبَّارًا...}
الجبّار: الذي يقتل على الغضب، ويضرب على الغضب.
وقوله: {وَبَرًّا بِوَالِدَتِي} نصبته على وجعلني نبيّا وجعلني برّا. متبع للنبي كقوله {وجزاهم بما صبروا جنّةً وحريراً}
ثم قال {وَدانِيَةً علَيْهِم ظِلالُهَا} (دانيةً) مردودة على {متّكئين فيها} كما أن البرّ مردودة على قوله: {نبيّاً}). [معاني القرآن: 2/167]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا}
{وَبَرًّا} عطف على {مُبَارَكًا}، المعنى وجعلني مباركا وبرّا بوالدتي). [معاني القرآن: 3/328-329]
تفسير قوله تعالى: {وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({والسّلام عليّ يوم} [مريم: 33] حين
{ولدت ويوم} [مريم: 33] وحين.
{أموت ويوم أبعث حيًّا} [مريم: 33] يوم القيامة.
ولم يتكلّم بعد ذلك بشيءٍ حتّى بلغ مبلغ الغلمان). [تفسير القرآن العظيم: 1/223]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ):
(وقوله: {وَالسَّلَامُ عَلَيَّ...} جاء في التفسير السّلامة عليّ).
[معاني القرآن: 2/167]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا}
{وَالسَّلَامُ عَلَيَّ} فيه أوجه، فالسلام مصدر سلّمت سلاما، ومعناه عموم العافية والسلامة، والسلام جمع سلامة، والسلام اسم من أسماء الله جل وعزّ، وسلام مما ابتدئ به في النكرة، لأنه اسم يكثر استعماله. تقول سلام عليك والسلام عليك. وأسماء الأجناس يبتدأ بها، لأن فائدة نكرتها قريب من فائدة معرفتها. تقول: - لبيك وخير بين يديك، وإن شئت قلت: والخير بين يديك، وتقول: السلام عليك أيها النبي، وسلام عليك أيها النبي، إلا أنه لمّا جرى ذكر " سلام " قبل هذا الموضع بغير ألف ولام كان الأحسن أن يردّ ثانية بالألف واللام، تقول: سلام عليك أيها النبي، السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين، هذا قسم حسن، وإن شئت قلت سلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين). [معاني القرآن: 3/329]