العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الأنبياء

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 08:05 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي تفسير سورة الأنبياء [من الآية(61)إلى الآية(67)]

{قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ (61) قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآَلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ (62) قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ (63) فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ (64) ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ (65) قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ (66) أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (67) }


روابط مهمة:
- القراءات
- توجيه القراءات
- الوقف والابتداء


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 08:07 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ (61) )

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {فأتوا به على أعين النّاس لعلّهم يشهدون} يقول تعالى ذكره: قال قوم إبراهيم بعضهم لبعضٍ: فأتوا بالّذي فعل هذا بآلهتنا الّذي سمعتموه يذكرها بعيبٍ، ويسبّها، ويذمّها على أعين النّاس، فقيل: معنى ذلك: على رءوس النّاس، وقال بعضهم: معناه: بأعين النّاس ومرأًى منهم، وقالوا: إنّما أريد بذلك: أظهروا الّذي فعل ذلك للنّاس، كما تقول العرب إذا ظهر الأمر وشهر: كان ذلك على أعين النّاس، يراد به كان بأيدي النّاس.
واختلف أهل التّأويل في تأويل قوله: {لعلّهم يشهدون} فقال بعضهم: لعلّ النّاس يشهدون عليه أنّه الّذي فعل ذلك، فتكون شهادتهم عليه حجّةً لنا عليه وقالوا إنّما فعلوا ذلك لأنّهم كرهوا أن يأخذوه بغير بيّنةٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {فأتوا به على أعين النّاس لعلّهم يشهدون} عليه أنّه فعل ذلك.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {فأتوا به على أعين النّاس لعلّهم يشهدون} قال: كرهوا أن يأخذوه بغير بيّنةٍ.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: لعلّهم يشهدون ما يعاقبونه به فيعاينونه ويرونه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: بلغ ما فعل إبراهيم بآلهة قومه نمرود، وأشراف قومه، فقالوا: {فأتوا به على أعين النّاس لعلّهم يشهدون} أي ما يصنع به.
وأظهر معنى ذلك: أنّهم قالوا: فأتوا به على أعين النّاس لعلّهم يشهدون عقوبتنا إيّاه، لأنّه لو أريد بذلك: ليشهدوا عليه بفعله، كان يقال: انظروا من شهده يفعل ذلك، ولم يقل: أحضروه بمجمعٍ من النّاس). [جامع البيان: 16/298-299]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {وتالله لأكيدن أصنامكم} قال: ترى أنه قال ذلك من حيث لا يسمعون {فجعلهم جذاذا} قال: قطعا {إلا كبيرا لهم} يقول: إلا كبير آلهتهم وأنفسها وأعظمها في أنفسهم، {لعلهم إليه يرجعون} قال: كايدهم بذلك لعلهم يتذكرون أو يبصرون، وفي قوله: {قالوا فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون} قال: كرهوا أن يأخذوه بغير بينة، وفي قوله: {أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم} إلى قوله: {أنتم الظالمون} قال: وهذه هي الخصلة التي كايدهم بها {ثم نكسوا على رؤوسهم} قال: أدركت القوم غيرة سوء فقالوا: {لقد علمت ما هؤلاء ينطقون} ). [الدر المنثور: 10/304] (م)

تفسير قوله تعالى: (قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآَلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ (62) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم (62) قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون}.
يقول تعالى ذكره: فأتوا بإبراهيم، فلمّا أتوا به قالوا له: أأنت فعلت هذا بآلهتنا من الكسر بها يا إبراهيم؟ فأجابهم إبراهيم: بل فعله كبيرهم هذا وعظيمهم، فاسألوا الآلهة: من فعل بها ذلك وكسرها إن كانت تنطق أو تعبّر عن نفسها.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: لمّا أتي به واجتمع له قومه عند ملكهم نمرود {قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم (62)} ). [جامع البيان: 16/299-300]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {وتالله لأكيدن أصنامكم} قال: ترى أنه قال ذلك من حيث لا يسمعون {فجعلهم جذاذا} قال: قطعا {إلا كبيرا لهم} يقول: إلا كبير آلهتهم وأنفسها وأعظمها في أنفسهم، {لعلهم إليه يرجعون} قال: كايدهم بذلك لعلهم يتذكرون أو يبصرون، وفي قوله: {قالوا فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون} قال: كرهوا أن يأخذوه بغير بينة، وفي قوله: {أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم} إلى قوله: {أنتم الظالمون} قال: وهذه هي الخصلة التي كايدهم بها {ثم نكسوا على رؤوسهم} قال: أدركت القوم غيرة سوء فقالوا: {لقد علمت ما هؤلاء ينطقون} ). [الدر المنثور: 10/304] (م)

تفسير قوله تعالى: (قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ (63) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال مر إبراهيم وسارة بجبار من الجبابرة فأخبر الجبار بهما فأرسل إلى إبراهيم فقال من هذه معك فقال أختي قال أبو هريرة ولم يكذب إبراهيم قط إلا ثلاث مرات مرتين في الله وواحدة في امرأته قوله {إني سقيم} وقوله {بل فعله كبيرهم} هذا وقوله للجبار في امرأته هي أختي فلما خرج من عند الجبار دخل على سارة فقال لها إن الجبار سألني عنك فأخبرته أنك أختي فأنت أختي في الله فإن سألك فأخبريه أنك أختي فأرسل إليها الجبار فلما دخلت عليه دعت الله أن يكفه عنها قال أيوب فضبث بيده فأخذ أخذة شديدة فعاهدها لئن خلي عنه لا يقربها فدعت الله فخلي عنه ثم هم بها الثانية فأخذ أخذة هي أشد من الأولى فعاهدها أيضا لئن خلي عنه لا يقربها فدعت الله فخلي عنه ثم هم بها الثالثة فأخذ أخذة أشد من الأوليين فعاهدها أيضا لئن خلي عنه لا يقربها فدعت الله فخلي عنه فقال للذي أدخلها عليه أخرجها عني فإنك إنما أدخلت علي شيطانا ولم تدخل علي إنسانا وأخدمها هاجر فرجعت إلى إبراهيم وهو يصلي ويدعو الله فقالت فقد كف الله يد الفاجر الكافر وأخدم هاجر ثم صارت هاجر لإبراهيم بعد فولدت له إسماعيل قال أبو هريرة فتلكم أمكم يا بني ماء السماء كانت أمة لأم إسحاق يعني العرب.
أنا معمر عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال: قال النبي إذا ملكتم القبط فأحسنوا إليهم فإن لهم ذمة وإن لهم رحما). [تفسير عبد الرزاق: 2/35-36] (م)
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] في قوله: {بل فعله كبيرهم هذا} قال: صنمهم [الآية: 63]). [تفسير الثوري: 202]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا سعيد بن يحيى الأمويّ قال: حدّثني أبي، قال: حدّثنا محمّد بن إسحاق، عن أبي الزّناد، عن عبد الرّحمن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم: لم يكذب إبراهيم في شيءٍ قطّ إلاّ في ثلاثٍ: قوله: {إنّي سقيمٌ} ولم يكن سقيمًا، وقوله: لسارّة أختي، وقوله: {بل فعله كبيرهم هذا}.
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ). [سنن الترمذي: 5/172]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون} غضب من أن يعبدوا معه هذه الصّغار، وهو أكبر منها، فكسّرهنّ.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {بل فعله كبيرهم هذا} الآية، وهي هذه الخصلة الّتي كادهم بها.
وقد زعم بعض من لا يصدّق بالآثار، ولا يقبل من الأخبار إلاّ ما استفاض به النّقل من العوامّ، أنّ معنى قوله: {بل فعله كبيرهم هذا} إنّما هو: بل فعله كبيرهم هذا إن كانوا ينطقون فاسألوهم، أي: إن كانت الآلهة المكسورة تنطق، فإنّ كبيرهم هو الّذي كسّرهم.
وهذا قولٌ خلاف ما تظاهرت به الأخبار عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّ إبراهيم لم يكذب إلاّ ثلاث كذباتٍ، كلّها في اللّه، قوله: {بل فعله كبيرهم هذا} وقوله: {إنّي سقيمٌ} وقوله لسارة: هي أختي. وغير مستحيلٍ أن يكون اللّه تعالى ذكره أذن لخليله في ذلك، ليقرّع قومه به، ويحتجّ به عليهم، ويعرّفهم موضع خطئهم، وسوء نظرهم لأنفسهم، كما قال مؤذّن يوسف لإخوته: {أيّتها العير إنّكم لسارقون}، ولم يكونوا سرقوا شيئًا). [جامع البيان: 16/300-301]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد فعله كبيرهم هذا قال جعل إبراهيم عليه السلام الفأس التي أهلك بها أصنامهم مسندة إلى صدر كبيرهم الذي تركه ولم يكسره). [تفسير مجاهد: 412]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {بل فعله كبيرهم هذا} قال: عظيم آلهتهم). [الدر المنثور: 10/305]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو داود والترمذي، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم يكذب إبراهيم في شيء قط إلا في ثلاث كلهن في الله: قوله إني سقيم ولم يكن سقيما وقوله لسارة أختي وقوله: {بل فعله كبيرهم هذا} ). [الدر المنثور: 10/305]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو يعلى عن أبي سعيد أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: يأتي الناس إبراهيم فيقولون له: اشفع لنا إلى ربك، فيقول: إني كذبت ثلاث كذبات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما منها كذبة إلا ما حل بها عن دين الله قوله: (إني سقيم) (الصافات آية 89) وقوله: {بل فعله كبيرهم هذا} وقوله لسارة أنها أختي). [الدر المنثور: 10/305]

تفسير قوله تعالى: (فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ (64) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنّكم أنتم الظّالمون (64) ثمّ نكسوا على رءوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون}.
يقول تعالى ذكره: فذكروا حين قال لهم إبراهيم صلوات اللّه عليه: {بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون} في أنفسهم، ورجعوا إلى عقولهم، ونظر بعضهم إلى بعضٍ، فقالوا: إنّكم معشر القوم الظّالمون هذا الرّجل في مسألتكم إيّاه، وقيلكم له: من فعل هذا بآلهتنا يا إبراهيم وهذه آلهتكم الّتي فعل بها ما فعل حاضرتكم، فاسألوها.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: {فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنّكم أنتم الظّالمون} قال: ارعووا ورجعوا عنه يعني عن إبراهيم فيما ادّعوا عليه من كسرهنّ إلى أنفسهم فيما بينهم، فقالوا: لقد ظلمناه، وما نراه إلاّ كما قال.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: {فرجعوا إلى أنفسهم} قال: نظر بعضهم إلى بعضٍ {فقالوا إنّكم أنتم الظّالمون} ). [جامع البيان: 16/301]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {وتالله لأكيدن أصنامكم} قال: ترى أنه قال ذلك من حيث لا يسمعون {فجعلهم جذاذا} قال: قطعا {إلا كبيرا لهم} يقول: إلا كبير آلهتهم وأنفسها وأعظمها في أنفسهم، {لعلهم إليه يرجعون} قال: كايدهم بذلك لعلهم يتذكرون أو يبصرون، وفي قوله: {قالوا فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون} قال: كرهوا أن يأخذوه بغير بينة، وفي قوله: {أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم} إلى قوله: {أنتم الظالمون} قال: وهذه هي الخصلة التي كايدهم بها {ثم نكسوا على رؤوسهم} قال: أدركت القوم غيرة سوء فقالوا: {لقد علمت ما هؤلاء ينطقون} ). [الدر المنثور: 10/304] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {فرجعوا إلى أنفسهم} قال: نظر بعضهم إلى بعض). [الدر المنثور: 10/305]

تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ (65) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({نكسوا} [الأنبياء: 65] : «ردّوا»). [صحيح البخاري: 6/97]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله نكسوا ردّوا قال أبو عبيدة في قوله ثمّ نكسوا على رؤوسهم أي قلبوا وتقول نكسته على رأسه إذا قهرته وقال الفرّاء نكسوا رجعوا وتعقّبه الطّبريّ بأنّه لم يتقدّم شيءٌ يصحّ أن يرجعوا إليه ثمّ أختار ما رواه بن إسحاق وحاصله أنّهم قلبوا في الحجّة فاحتجّوا على إبراهيم بما هو حجّةٌ لإبراهيم عليه السّلام وهذا كلّه على قراءة الجمهور وقرأ بن أبي عبلة نكسوا بالفتح وفيه حذفٌ تقديره نكسوا أنفسهم على رؤوسهم). [فتح الباري: 8/436-437]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (نكسوا ردّوا
أشار به إلى قوله تعالى: {نكسوا على رؤوسهم} (الأنبياء: 65) . وفسره بقوله: ردوا، على صيغة المجهول من الماضي، وعن أبي عبيدة، أي: قلبوا وقال الثّعلبيّ: نكسوا متحيرين وعلموا أن الأصنام لا تنطق ولا تبطش، يقال: نكسته قلبته فجعلت أسفله أعلاه، وانتكس انقلب، وقيل: انتكسوا عن كونهم مجادلين لإبراهيم عليه السّلام). [عمدة القاري: 19/64]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({نكسوا}) بتشديد الكاف مبنيًّا للمفعول وهي قراءة أبي حيوة وغيره لغة في المخففة في قوله: {ثم نكسوا على رؤوسهم} [الأنبياء: 65] أي (ردّوا) بضم الراء إلى الكفر بعد أن أقروا على أنفسهم بالظلم أو قلبوا على رؤوسهم حقيقة بفرط إطراقهم خجلًا وانكسارًا وانخزالًا مما بهتهم إبراهيم عليه السلام فما أحاروا جوابًا إلا ما حجة لإبراهيم حين جادلهم فقالوا لقد علمت ما هؤلاء ينطقون فأقروا بهذه الحجة التي لحقتهم). [إرشاد الساري: 7/241]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {ثمّ نكسوا على رءوسهم} يقول جلّ ثناؤه: ثمّ غلبوا في الحجّة، فاحتجّوا على إبراهيم بما هو حجّةٌ لإبراهيم عليهم، فقالوا: لقد علمت ما هؤلاء الأصنام ينطقون. كما؛
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ثمّ قالوا: يعني قوم إبراهيم، وعرفوا أنّها، يعني آلهتهم، لا تضرّ ولا تنفع ولا تبطش: {لقد علمت ما هؤلاء ينطقون} أي: لا تتكلّم فتخبرنا من صنع هذا بها، وما تبطش بالأيدي فنصدّقك، يقول اللّه: {ثمّ نكسوا على رءوسهم} في الحجّة عليهم لإبراهيم حين جادلهم، فقال عند ذلك إبراهيم حين ظهرت الحجّة عليهم بقولهم: {لقد علمت ما هؤلاء ينطقون}.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال اللّه: {ثمّ نكسوا على رءوسهم} أدركت النّاس حيرة سوءٍ.
وقال آخرون: معنى ذلك: ثمّ نكسوا في الفتنة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {ثمّ نكسوا على رءوسهم} قال: نكسوا في الفتنة على رءوسهم، فقالوا: لقد علمت ما هؤلاء ينطقون.
وقال بعض أهل العربيّة: معنى ذلك: ثمّ رجعوا عمّا عرفوا من حجّة إبراهيم، فقالوا: لقد علمت ما هؤلاء ينطقون.
وإنّما اخترنا القول الّذي قلنا في معنى ذلك، لأنّ نكس الشّيء على رأسه: قلبه على رأسه، وتصيير أعلاه أسفله، ومعلومٌ أنّ القوم لم يقلبوا على رءوس أنفسهم، وأنّهم إنّما نكست حجّتهم، فأقيم الخبر عنهم مقام الخبر عن حجّتهم. وإذ كان ذلك كذلك، فنكس الحجّة لا شكّ إنّما هو احتجاج المحتجّ على خصمه بما هو حجّةٌ لخصمه.
وأمّا قول السّدّيّ: ثمّ نكسوا في الفتنة، فإنّهم لم يكونوا خرجوا من الفتنة قبل ذلك فنكسوا فيها.
وأمّا قول من قال من أهل العربيّة ما ذكرنا عنه، فقولٌ بعيدٌ من الفهوم، لأنّهم لو كانوا رجعوا عمّا عرفوا من حجّة إبراهيم، ما احتجّوا عليه بما هو حجّةٌ له، بل كانوا يقولون له: لا تسألهم، ولكن نسألك، فأخبرنا من فعل ذلك بها؟ وقد سمعنا أنّك فعلت ذلك، ولكن صدقوا القول فقالوا {لقد علمت ما هؤلاء ينطقون} وليس ذلك رجوعًا عمّا كانوا عرفوا، بل هو إقرارٌ به). [جامع البيان: 16/302-303]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {وتالله لأكيدن أصنامكم} قال: ترى أنه قال ذلك من حيث لا يسمعون {فجعلهم جذاذا} قال: قطعا {إلا كبيرا لهم} يقول: إلا كبير آلهتهم وأنفسها وأعظمها في أنفسهم، {لعلهم إليه يرجعون} قال: كايدهم بذلك لعلهم يتذكرون أو يبصرون، وفي قوله: {قالوا فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون} قال: كرهوا أن يأخذوه بغير بينة، وفي قوله: {أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم} إلى قوله: {أنتم الظالمون} قال: وهذه هي الخصلة التي كايدهم بها {ثم نكسوا على رؤوسهم} قال: أدركت القوم غيرة سوء فقالوا: {لقد علمت ما هؤلاء ينطقون} ). [الدر المنثور: 10/304] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد {ثم نكسوا على رؤوسهم} قال: في الرأي). [الدر المنثور: 10/306]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ (66) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال أفتعبدون من دون اللّه ما لا ينفعكم شيئًا ولا يضرّكم (66) أفٍّ لكم ولما تعبدون من دون اللّه أفلا تعقلون}.
يقول تعالى ذكره: قال إبراهيم لقومه: أفتعبدون أيّها القوم ما لا ينفعكم شيئًا، ولا يضرّكم، وأنتم قد علمتم أنّها لم تمنع نفسها ممّن أرادها بسوءٍ، ولا هي تقدر أن تنطق إن سئلت عمّن يأتيها بسوءٍ، فتخبر به، أفلا تستحيون من عبادة ما كان هكذا؟ كما؛
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: {قال أفتعبدون من دون اللّه ما لا ينفعكم شيئًا ولا يضرّكم} الآية، يقول يرحمه اللّه: ألا ترون أنّهم لم يدفعوا عن أنفسهم الضّرّ الّذي أصابهم، وأنّهم لا ينطقون فيخبرونكم من صنع ذلك بهم، فكيف ينفعونكم أو يضرّون). [جامع البيان: 16/303-304]

تفسير قوله تعالى: (أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (67) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {أفٍّ لكم} يقول: قبحًا لكم وللآلهة الّتي تعبدون من دون اللّه، أفلا تعقلون قبح ما تفعلون من عبادتكم ما لا يضرّ ولا ينفع، فتتركوا عبادته، وتعبدوا اللّه الّذي فطر السّماوات والأرض، والّذي بيده النّفع والضّرّ؟). [جامع البيان: 16/304]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله: {أف} يعني الرديء من الكلام). [الدر المنثور: 10/306]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 08:09 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
Post

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ (61)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {سمعنا فتًى يذكرهم يقال له إبراهيم {60} قالوا فأتوا به على أعين النّاس لعلّهم يشهدون {61}} [الأنبياء: 60-61] أنّه كسرها فتكون لكم عليه الحجّة). [تفسير القرآن العظيم: 1/323]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {على أعين النّاس...}:

على رءوس الناس {لعلّهم يشهدون} عليه بما شهد به الواحد. ويقال: لعلّهم يشهدون أمره وما يفعل به). [معاني القرآن: 2/206]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فأتوا به على أعين النّاس} أي أظهروه تقول العرب، إذا أظهر الأمر وشهر، كان ذلك على أعين الناس، أي بأعين الناس، ويقول بعضهم جاؤوا به على رؤوس الخلق).
[مجاز القرآن: 2/40]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {فأتوا به على أعين الناس}: أي أظهروه). [غريب القرآن وتفسيره: 255]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فأتوا به على أعين النّاس} أي بمرأى من الناس: لا تأتوا به خفية). [تفسير غريب القرآن: 286]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قالوا فأتوا به على أعين النّاس لعلّهم يشهدون }
أي لعلهم يعرفونه بهذا القول فيشهدون عليه، فيكون ما ينزله به بحجة عليه، وجائز أن يكون لعلّهم يشهدون عقوبتنا إياه). [معاني القرآن: 3/396]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآَلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ (62)}

تفسير قوله تعالى: {قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ (63)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال قتادة: كرهوا أن يأخذوه إلا ببيّنةٍ فجاءوا به.
فـ {قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم {62} قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون {63} فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنّكم أنتم الظّالمون {64}} [الأنبياء: 62-64] قال قتادة: وهي هذه المكيدة الّتي كادهم بها.
وقال الحسن: إنّ كذبه في مكيدته إيّاهم موضوعٌ عنه.
وحدّثني همّامٌ، عن قتادة، عن أنس بن مالكٍ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ذكر في حديث الشّفاعة حيث يأتون آدم، ثمّ نوحًا، ثمّ إبراهيم، ثمّ موسى، ثمّ عيسى، ثمّ محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم فذكر ما يقول كلّ نبيٍّ منهم، فذكر في قول إبراهيم حين سألوه أن يشفع لهم: إنّي لست هنالكم، ويذكر خطيئته الّتي أصاب، ثلاث كذباتٍ كذبهنّ، قوله: {إنّي سقيمٌ}
[الصافات: 89] وقوله: {فعله كبيرهم هذا} [الأنبياء: 63] وقوله لامرأته: إن سألوك من أنت منه، فقولي إنّك أختي). [تفسير القرآن العظيم: 1/323]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {بل فعله كبيرهم هذا...}

هذا، قال بعض الناس بل فعلّه كبيرهم مشدّدة يريد: فلعلّه
كبيرهم، وقال بعض الناس: بل فعله كبيرهم إن كانوا ينطقون. فجعل فعل الكبير مسنداً إليه إن كانوا ينطقون وهم لا ينطقون. والمذهب الذي العوامّ عليه: بل فعله كما قال يوسف {أيّتها العير إنّكم لسارقون} ولم يسرقوا.
وقد أيّد الله أنبياءه بأكثر من هذا). [معاني القرآن: 2/207-206]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فسئلوهم إن كانوا ينطقون} فهذا من الموات وخرج مخرج الآدميين بمنزلة قوله: {رأيت أحد عشر كوكباً والشّمس والقمر رأيتهم لي ساجدين} ويقال: سألت وسلت تسال لا يهمز فهو بلغة من قال سلته). [مجاز القرآن: 2/40]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون}
وقال: {فاسألوهم إن كانوا ينطقون} فذكّر الأصنام وهي من الموات لأنها كانت عندهم ممن يعقل أو ينطق). [معاني القرآن: 3/7]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وكذلك قوله: {قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ}. أراد: بل فعله الكبير، إن كانوا ينطقون فسلوهم، فجعل النطق شرطا للفعل، أي إن كانوا ينطقون فقد فعله، وهو لا يعقل ولا ينطق.
وقد روي عن النبي، صلّى الله عليه وسلم: ((إنّ إبراهيم كذب ثلاث كذبات ما منها واحدة إلا وهو يماحل بها عن الإسلام)).
فسمّاها كذبات، لأنها شاكهت الكذب وضارعته.
ولذلك قال بعض أهل السلف لابنه: (يا بني لا تكذبن ولا تشبّهن بالكذب).
فنهاه عن المعاريض، لئلا يجري على اعتيادها، فيتجاوزها إلى الكذب، وأحبّ أن يكون حاجزا من الحلال بينه وبين الحرام). [تأويل مشكل القرآن: 269-268]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون}يعني الصّنم العظيم.
{فاسألوهم إن كانوا ينطقون} قال بعضهم: إنما المعنى، بل فعله كبيرهم هذا إن كانوا ينطقون، وجاء في التفسير أن إبراهيم نطق بثلاث كلمات على غير ما يوجبه لفظها
لما في ذلك من الصلاح، وهي قوله: {فقال إني سقيم} وقوله {فعله كبيرهم هذا}.
وقوله إنّ سارّة أختي، والثلاث لهن وجه في الصدق بيّن.
فسارّة أخته في الدّين، وقوله (إني سقيم) فيه غير وجه أحدها إني مغتمّ بضلالتكم حتى أنا كالسقيم، ووجه آخر إني سقيم عندكم، وجائز أن يكون ناله في هذا الوقت مرض.
ووجه الآية ما قلناه في قوله: {بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون}.
واحتج قوم بأن قول إبراهيم مثل قول يوسف لإخوته: {أيّتها العير إنّكم لسارقون} ولم يسرقوا الصّاع، وهذا تأويله - واللّه أعلم - إنكم لسارقون يوسف). [معاني القرآن: 3/397-396]

تفسير قوله تعالى: {فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ (64)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال قتادة: كرهوا أن يأخذوه إلا ببيّنةٍ فجاءوا به.
فـ {قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم {62} قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون {63} فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنّكم أنتم الظّالمون {64}} [الأنبياء: 62-64] قال قتادة: وهي هذه المكيدة الّتي كادهم بها.
وقال الحسن: إنّ كذبه في مكيدته إيّاهم موضوعٌ عنه). [تفسير القرآن العظيم: 1/323] (م)

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ (65)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ثمّ نكسوا على رءوسهم} [الأنبياء: 65] خزيًا قد حجّهم وقال قتادة: أصاب القوم خزية سوءٍ فقالوا: {لقد علمت ما هؤلاء ينطقون {65}). [تفسير القرآن العظيم: 1/323]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ثمّ نكسوا على رءوسهم...}

يقول: رجعوا عندما عرفوا من حجّة إبراهيم فقالوا: {لقد علمت ما هؤلاء ينطقون} (والعلم والظنّ بمنزلة اليمين. فلذلك لقيت العلم بما) فقال: {علمت ما هؤلاء}
كقول القائل: والله ما أنت بأخينا، وكذلك قوله: {وظنّوا ما لهم من محيصٍ}.
ولو أدخلت العرب (أن) قبل (ما) فقيل: علمت أن ما فيك خير وظننت أن ما فيك خير كان صواباً. ولكنهم إذا لقي شيئا من هذه الحروف أداة مثل (إن) التي معها اللام أو استفهام كقولك: اعلم لي أقام عبد الله أم زيد (أو لئن) ولو اكتفوا بتلك الأداة فلم يدخلوا عليها (أن) ألا ترى قوله: {ثمّ بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننّه} لو قيل: أن ليسجننّه كان صواباً؛ كما قال الشاعر:
وخبّرتما أن إنمّا بين بيشةٍ =ونجران أحوى والمحلّ خصيب
فأدخل أن على إنما فلذلك أجزنا دخولها على ما وصفت لك من سائر الأدوات). [معاني القرآن: 2/207]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ثمّ نكسوا على رؤوسهم} مجازه: قلبوا، ويقال: نكست فلاناً على رأسه، إذا قهره وعلاه ونحو ذلك). [مجاز القرآن: 2/40]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ثمّ نكسوا على رؤوسهم} أي ردوا إلى أول ما كانوا يعرفونها به: من أنها لا تنطق،
فقالوا: {لقد علمت ما هؤلاء ينطقون}، فحذف «قالوا» اختصارا). [تفسير غريب القرآن: 287]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ثمّ نكسوا على رءوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون}
جاء في التفسير أنه أدركت القوم حيرة.
ومعنى: {لقد علمت ما هؤلاء ينطقون}.
أي ثم نكسوا على رؤوسهم فقالوا لإبراهيم عليه السلام: {لقد علمت ما هؤلاء ينطقون}، فقد اعترفوا بعجز ما يعبدونه عن النطق). [معاني القرآن: 3/397]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ (66)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {قال} [الأنبياء: 66] لهم.
[تفسير القرآن العظيم: 1/323]
{أفتعبدون من دون اللّه ما لا ينفعكم شيئًا ولا يضرّكم} [الأنبياء: 66] يعني أصنامهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/324]

تفسير قوله تعالى: {أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (67)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {أفٍّ لكم ولما تعبدون من دون اللّه أفلا تعقلون} [الأنبياء: 67] وهي الّتي كادهم بها). [تفسير القرآن العظيم: 1/324]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: {أفّ لكم ولما تعبدون من دون اللّه أفلا تعقلون}

يقرأ (أفّ لكم) بغير تنوين، و (أفّ) بتنوين، ويجوز أفّ لكم وأفّ لكم - بالضم والتنوين وبترك التنوين - ويجوز أفّ لكم بالفتح.
فأمّا الكسر بغير تنوين فلالتقاء السّاكنين وهما الفاءان في قوله أف، لأن ما أصل الكلمة السكون لأنها بمنزلة الأصوات، وحذف التنوين لأنها معرفة لا يجب إعرابها، وتفسيرها (النّتن) لكم ولما تعبدون فمن نوّن جعله نكرة بمنزلة نتنا لكم ولما تعبدون من دون اللّه، وكسر لأن أصل التقاء السّاكنين الكسر، ولأن أكثر الأصوات مبني على الكسر نحو قوله غاق وجير وأمس وويه، ويجوز الفتح لالتقاء السّاكنين لثقل التضعيف والكسر، ويجوز الضم لضمة الألف كما قالوا: ردّ يا هذا ورد، ورد - بالكسر، ومن نوّن مع الضم فبمنزلة التنوين مع الكسر). [معاني القرآن: 3/398]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 08:13 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]



تفسير قوله تعالى: {قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ (61) }

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآَلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ (62) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ (63) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب ما كان اسماً على فاعلٍ غير نعت معرفةً أو نكرةً
اعلم أن ما كان من ذلك لآدميين فغير ممتنع من الواو والنون. لو سميت رجلاً حاتماً أو عاصماً لقلت: حاتمون، وعاصمون. وإن شئت قلت: حواتم وعواصم؛ لأنه ليس بنعت فتريد أن تفصل بينه وبين مؤنثه، ولكنه اسم. فحكمه حكم الأسماء التي على أربعة أحرف.
وإن كان لغير الآدميين لم تلحقه الواو والنون. ولكنك تقول: قوادم في قادم الناقة، وتقول: سواعد في جمع ساعد. هكذا جميع هذا الباب.
فإن قال قائل: فقد قال الله عز وجل في غير الآدميين: {إني رأيت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين}.
فالجواب عن ذلك: أنه لما أخبر عنها بالسجود وليس من أفعالها وإنما هو من أفعال الآدميين أجراها مجراهم؛ لأن الآدميين إنما جمعوا بالواو والنون، لأن أفعالهم على ذلك. فإذا ذكر غيرهم بذلك الفعل صار في قياسهم؛ألا ترى أنك تقول: القوم ينطلقون، ولا تقول: الجمال يسيرون.
وكذلك قوله عز وجل: {كلٌّ في فلكٍ يسبحون}. لما أخبر عنها أنها تفعل وإنما حقيقتها أن يفعل بها فتجري كانت كما ذكرت لك.
ومن ذلك قوله: {بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون}، إنما ذلك لدعواهم أنها فعالة، وأنها تعبد باستحقاق، وكذلك {لقد علمت ما هؤلاء ينطقون} ومثله: {قالت نملةٌ يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم} لما جعلها مخاطبة ومخاطبة. وكل ما جاء من هذا فهذا قياسه). [المقتضب: 2/223-224] (م)

تفسير قوله تعالى: {فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ (64) }

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ (65) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب ما كان اسماً على فاعلٍ غير نعت معرفةً أو نكرةً
اعلم أن ما كان من ذلك لآدميين فغير ممتنع من الواو والنون. لو سميت رجلاً حاتماً أو عاصماً لقلت: حاتمون، وعاصمون. وإن شئت قلت: حواتم وعواصم؛ لأنه ليس بنعت فتريد أن تفصل بينه وبين مؤنثه، ولكنه اسم. فحكمه حكم الأسماء التي على أربعة أحرف.
وإن كان لغير الآدميين لم تلحقه الواو والنون. ولكنك تقول: قوادم في قادم الناقة، وتقول: سواعد في جمع ساعد. هكذا جميع هذا الباب.
فإن قال قائل: فقد قال الله عز وجل في غير الآدميين: {إني رأيت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين}.
فالجواب عن ذلك: أنه لما أخبر عنها بالسجود وليس من أفعالها وإنما هو من أفعال الآدميين أجراها مجراهم؛ لأن الآدميين إنما جمعوا بالواو والنون، لأن أفعالهم على ذلك. فإذا ذكر غيرهم بذلك الفعل صار في قياسهم؛ألا ترى أنك تقول: القوم ينطلقون، ولا تقول: الجمال يسيرون.
وكذلك قوله عز وجل: {كلٌّ في فلكٍ يسبحون}. لما أخبر عنها أنها تفعل وإنما حقيقتها أن يفعل بها فتجري كانت كما ذكرت لك.
ومن ذلك قوله: {بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون}، إنما ذلك لدعواهم أنها فعالة، وأنها تعبد باستحقاق، وكذلك {لقد علمت ما هؤلاء ينطقون} ومثله: {قالت نملةٌ يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم} لما جعلها مخاطبة ومخاطبة. وكل ما جاء من هذا فهذا قياسه). [المقتضب: 2/223-224] (م)

تفسير قوله تعالى: {قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ (66) }

تفسير قوله تعالى: {أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (67) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فأما قوله: أفةً وتفةً فإنما تقديره من المصادر: نتناً، ودفراً فإن أفردت أف بغير هاءٍ فهو مبني؛ لأنه في موضع المصدر وليس بمصدر، وإنما قوي حيث عطفت عليه؛ لأنك أجريته مجرى الأسماء المتمكنة في العطف. فإذا أفردته بني على الفتح والكسر والضم، وتنونه إن جعلته نكرة. وفي كتاب الله عز وجل: {فلا تقل لهما أفٍّ ولا تنهرهما}. وقال: {أفٍّ لكم ولما تعبدون} كل هذا جائزٌ جيد. وهذه المبنيات إذا جعلت شيئاً منها نكرةً نونت، نحو: إيه يا فتى، وقال الغراب: غاقٍ غاقٍ يا فتى كذا تأويلها). [المقتضب: 3/222-223] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (
يا عيد مالك من شوق وإيراق = ومر طيف على الأهوال طراق
...
قال أحمد بن عبيد: رواية أبي عمرو الشيباني، يا هيد مالك، فإن العرب تقول للرجل، ومن أتاهم: هيد مالك، ويا هيد مالك إذا سألوه عن حاله وتحفوا به.
...
قال أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب: ونصب هيد ما لك كما ينصب الزجر، والزجر ينصب كما تنصب الأدوات، وذلك إذا كان ما قبل الحرف الذي هو آخر الكلمة منجزمًا نصب آخره كقول الله جل وعز: {أف لكم}، وقولهم: لعل، وإن، وما أشبه ذلك، فإذا تحرك ما آخر الكلمة جزمت، وربما رفعت الكلمة، ونصبت، وخفضت إذا كان ما قبلها ساكنًا). [شرح المفضليات: 3]

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 18 ذو القعدة 1439هـ/30-07-2018م, 01:09 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 18 ذو القعدة 1439هـ/30-07-2018م, 01:10 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 18 ذو القعدة 1439هـ/30-07-2018م, 01:18 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ (61)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله: {على أعين الناس} يريد: في محفل وبمحضر الجمهور، وقوله: "يشهدون" يحتمل أن يراد به الشهادة عليه، يريدون بفعله أو بقوله: {لأكيدن أصنامكم}، ويحتمل أن يراد به المشاهدة، أي: يشاهدون عقوبته أو غلبته المؤدية إلى عقوبته). [المحرر الوجيز: 6/177]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآَلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ (62)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (المعنى: فجاء إبراهيم عليه السلام حين أتي به فقالوا له: أأنت فعلت هذا بالآلهة؟). [المحرر الوجيز: 6/177]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ (63)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (فقال لهم إبراهيم عليه السلام: بل فعله كبيرهم هذا، على جهة الاحتجاج عليهم، أي أنه غار من أن يعبد هو ويعبد الصغار معه ففعل هذا بها لذلك. وقالت فرقة هي الأكثر: إن هذا الكلام قاله إبراهيم عليه السلام لأنها كذبة في ذات الله تؤدي إلى خزي قوم كافرين. والحديث الصحيح يقتضي ذلك وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات: قوله: "إني سقيم" وقوله: "بل فعله كبيرهم هذا"، وقوله للمليك: "هي أختي. ثم تطرق إلى موضع خزيهم بقوله: {قال بل فعله كبيرهم} على جهة التوقيف.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وذهبت فرقة إلى نفي الكذب عن هذه المقالات. وقالت فرقة: معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات ... أي لم يقل كلاما ظاهره الكذب، أو يشبه الكذب، وذهبت إلى تخريج هذه المقالات، فخرجت هذه الآية على معنى أنه أراد تعليق فعل الكبير بنطق الآخرين، كأنه قال: بل هو الفاعل إن نطق هؤلاء، ولم يجزم الخبر على أن الكبير فعل هذا، وفي الكلام تقديم - على هذا التأويل - في قوله: "فسئلوهم". وذهب الفراء إلى جهة أخرى بأن قال: قوله "فعله" ليس من الفعل،
[المحرر الوجيز: 6/177]
وإنما هو: "فلعله" على جهة التوقع، حذف اللام، على قولهم: "عله" بمعنى "لعله" ثم خففت اللام.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا تكلف). [المحرر الوجيز: 6/178]

تفسير قوله تعالى: {فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ (64)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون ثم نكسوا على رءوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين}
المعنى: فظهر لهم ما قال إبراهيم عليه السلام من أن الأصنام التي قد أهلوها للعبادة ينبغي أن تسأل وتستفسر، فقالوا: إنكم أنتم الظالمون في توقيف هذا الرجل على هذا الفعل وأنتم معكم من تسألون، ثم ارتكبوا في ضلالهم ورأوا بالفكرة وبديهة العقل أن الأصنام لا تنطق، فساقهم ذلك حتى نطقوا عنه إلى موضع قيام الحجة عليهم). [المحرر الوجيز: 6/178]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ (65)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله: {نكسوا على رءوسهم} استعارة للذي يرتطم في غيه كأنه منكوس على رأسه، فهي أقبح هيئة للإنسان، وكذلك هذا هو في أسوأ حالات النظر، فقالوا لإبراهيم عليه السلام حين نكسوا في حيرتهم: لقد علمت ما هؤلاء ينطقون، أي: فما بالك تدعو إلى ذلك؟). [المحرر الوجيز: 6/178]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ (66)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (فوجد إبراهيم عليه السلام عند هذه المقالة موضع الحجة فوقفهم موبخا على عبادتهم تماثيل لا تنفع بذاتها ولا تضر). [المحرر الوجيز: 6/178]

تفسير قوله تعالى: {أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (67)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم حقر شأنها وأزرى بها في قوله: "أف لكم".
[المحرر الوجيز: 6/178]
وقرأ ابن كثير: "أف لكم" بالفتح، وقرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وعاصم - في رواية أبي بكر -: "أف لكم" بالكسر وترك التنوين فيهما، وقرأ نافع وحفص عن عاصم: "أف لكم" بالكسر والتنوين. و"أف" لفظة تقال عند المستقذرات من الأشياء فيستعار ذلك للمكروه من المعاني كهذا وغيره). [المحرر الوجيز: 6/179]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 13 محرم 1440هـ/23-09-2018م, 03:05 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 13 محرم 1440هـ/23-09-2018م, 03:08 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ (61) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {قالوا فأتوا به على أعين النّاس} أي: على رءوس الأشهاد في الملإ الأكبر بحضرة النّاس كلّهم، وكان هذا هو المقصود الأكبر لإبراهيم أن يتبيّن في هذا المحفل العظيم كثرة جهلهم وقلّة عقلهم في عبادة هذه الأصنام الّتي لا تدفع عن نفسها ضرًّا، ولا تملك لها نصرًا، فكيف يطلب منها شيءٌ من ذلك؟).[تفسير ابن كثير: 5/ 349]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآَلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ (62) قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ (63) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم قال بل فعله كبيرهم هذا} يعني: الّذي تركه لم يكسره {فاسألوهم إن كانوا ينطقون} وإنّما أراد بهذا أن يبادروا من تلقاء أنفسهم، فيعترفوا أنّهم لا ينطقون، فإنّ هذا لا يصدر عن هذا الصّنم، لأنّه جمادٌ.
وفي الصّحيحين من حديث هشام بن حسّان عن محمّد بن سيرين، عن أبي هريرة؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "إنّ إبراهيم، عليه السّلام، لم يكذب غير ثلاثٍ: ثنتين في ذات اللّه، قوله: {بل فعله كبيرهم هذا} وقوله {إنّي سقيمٌ} قال: "وبينا هو يسير في أرض جبار من الجبابرة ومعه سارة، إذ نزل منزلًا فأتى الجبّار رجلٌ، فقال: إنّه قد نزل بأرضك رجلٌ معه امرأةٌ أحسن النّاس، فأرسل إليه فجاء، فقال: ما هذه المرأة منك؟ قال: هي أختي. قال: فاذهب فأرسل بها إليّ، فانطلق إلى سارة فقال: إنّ هذا الجبّار سألني عنك فأخبرته أنّك أختي فلا تكذّبيني عنده، فإنّك أختي في كتاب اللّه، وأنّه ليس في الأرض مسلمٌ غيري وغيرك، فانطلق بها إبراهيم ثمّ قام يصلّي. فلمّا أن دخلت عليه فرآها أهوى إليها، فتناولها، فأخذ أخذًا شديدًا، فقال: ادعي اللّه لي ولا أضرّك، فدعت له فأرسل، فأهوى إليها، فتناولها فأخذ بمثلها أو أشدّ. ففعل ذلك الثّالثة فأخذ، [فذكر] مثل المرّتين الأوليين فقال ادعي اللّه فلا أضرّك. فدعت، له فأرسل، ثمّ دعا أدنى حجّابه، فقال: إنّك لم تأتني بإنسانٍ، وإنّما أتيتني بشيطانٍ، أخرجها وأعطها هاجر، فأخرجت وأعطيت هاجر، فأقبلت، فلمّا أحسّ إبراهيم بمجيئها انفتل من صلاته، قال: مهيم؟ قالت: كفى اللّه كيد الكافر الفاجر، وأخدمني هاجر" قال محمّد بن سيرين وكان: أبو هريرة إذا حدّث بهذا الحديث قال: فتلك أمّكم يا بني ماء السّماء).[تفسير ابن كثير: 5/ 349-350]

تفسير قوله تعالى: {فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ (64) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنّكم أنتم الظّالمون (64) ثمّ نكسوا على رءوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون (65) قال أفتعبدون من دون اللّه ما لا ينفعكم شيئًا ولا يضرّكم (66) أفٍّ لكم ولما تعبدون من دون اللّه أفلا تعقلون (67)}.
يقول تعالى مخبرًا عن قوم إبراهيم حين قال لهم ما قال: {فرجعوا إلى أنفسهم} أي: بالملامة في عدم احترازهم وحراستهم لآلهتهم، فقالوا: {إنّكم أنتم الظّالمون} أي: في ترككم لها مهملةً لا حافظ عندها).[تفسير ابن كثير: 5/ 350]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ (65) قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ (66) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ثمّ نكسوا على رءوسهم} أي: ثمّ أطرقوا في الأرض فقالوا: {لقد علمت ما هؤلاء ينطقون} قال قتادة: أدركت القوم حيرة سوءٍ فقالوا: {لقد علمت ما هؤلاء ينطقون}.
وقال السّدّيّ: {ثمّ نكسوا على رءوسهم} أي: في الفتنة.
وقال ابن زيدٍ: أي في الرّأي.
وقول قتادة أظهر في المعنى؛ لأنّهم إنّما فعلوا ذلك حيرةً وعجزًا؛ ولهذا قالوا له: {لقد علمت ما هؤلاء ينطقون}، فكيف تقول لنا: سلوهم إن كانوا ينطقون، وأنت تعلم أنّها لا تنطق، فعندها قال لهم إبراهيم لـمّا اعترفوا بذلك: {أفتعبدون من دون اللّه ما لا ينفعكم شيئًا ولا يضرّكم} أي: إذا كانت لا تنطق، وهي لا تضرّ ولا تنفع، فلم تعبدونها من دون اللّه). [تفسير ابن كثير: 5/ 350]

تفسير قوله تعالى: {أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (67) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({أفٍّ لكم ولما تعبدون من دون اللّه أفلا تعقلون} أي: أفلا تتدبّرون ما أنتم فيه من الضّلال والكفر الغليظ، الّذي لا يروّج إلّا على جاهلٍ ظالمٍ فاجرٍ؟ فأقام عليهم الحجّة، وألزمهم بها؛ ولهذا قال تعالى: {وتلك حجّتنا آتيناها إبراهيم على قومه} الآية [الأنعام:83]). [تفسير ابن كثير: 5/ 350-351]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:29 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة