التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (25)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وأنزلنا الحديد فيه بأسٌ شديدٌ...}.
ذكر أن الله عز وجل أنز ل: القلاة والكلبتين والمطرقة.
قال الفراء: القلاة: السّندان). [معاني القرآن: 3/136]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فيه بأسٌ شديدٌ...}.
يريد: السلاح للقتال، ومنافع للناس مثل: السكين، والفأس، والمز وما أشبه ذلك). [معاني القرآن: 3/136]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({ليقوم النّاس بالقسط} : أي : بالعدل.
{وأنزلنا الحديد} : ذكروا: «أن اللّه انزل العلاة - وهي: السّندان - والكلبتين والمطرقة».
{فيه بأسٌ شديدٌ}: للقتال، {ومنافع للنّاس}: مثل السكين، والفأس، والمر، والإبرة). [تفسير غريب القرآن: 454]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للنّاس وليعلم اللّه من ينصره ورسله بالغيب إنّ اللّه قويّ عزيز (25)}
جاء في التفسير أن آدم عليه السلام هبط إلى الأرض بالعلاة , والمطرقة , والكلبتين.
والعلاة هي التي يسميها الحدادون: السّندان.
وقوله عزّ وجلّ { فيه بأس شديد}
أي: [يمتنع به]، ويحارب به.
{ومنافع للنّاس}: يستعملونه في أدواتهم وما ينتفعون به من آنيتهم، وجميع ما يتصرف وقوله: {وليعلم اللّه من ينصره ورسله بالغيب}: أي : ليعلم الله من يقاتل مع رسله في سبله.
وقد مر تفسيره , ومعناه). [معاني القرآن: 5/129]
تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (26)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {النّبوّة...}.
وفي مصحف عبد الله بالياء بياءين: النّبييّة بباءين , والهمزة في كتابه تثبت بالألف في كل نوع،
فلو كانت همزة لأثبتت بالألف، ولو كانت الفعولة لكانت بالواو، ولا تخلو أن تكون مصدر النبأ أو النبيّية مصدرا فنسبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
والعرب تقول: فعل ذلك في غلوميته، وفي غلومته، وفي غلاميته، وسمع الكسائي العرب تقول: فعل ذلك في وليديته يريد: وهو ليد أي: مولود، فما جاءك من مصدر لاسم موضوع، فلك فيه: الفعولة، والفعولية، وأن تجعله منسوباً على صورة الاسم، من ذلك أن تقول: عبد بين العبودية، والعبودة والعبدية، فقس على هذا). [معاني القرآن: 3/136-137]
تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آَثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآَتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآَتَيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (27)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ثمّ قفّينا على آثارهم }: أتبعناه). [مجاز القرآن: 2/254]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ ما كتبناها عليهم }: ما كلّفناهموها). [مجاز القرآن: 2/254]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({ورهبانيّةً}...: اسم مبني من «الرّهبة»، لما فضل عن المقدار وأفرط فيه, وهو ما نهي اللّه عنه إذ يقول: {لا تغلوا في دينكم}. ويقال: دين اللّه بين المقصر والغالي.
{ما كتبناها عليهم إلّا ابتغاء رضوان اللّه} أي: ما أمرناهم بها إلا ابتغاء رضوان اللّه، أي أمرنا منها بما يرضي اللّه عز وجل، لا غير ذلك). [تفسير غريب القرآن: 454-455]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ثمّ قفّينا على آثارهم برسلنا وقفّينا بعيسى ابن مريم وآتيناه الإنجيل وجعلنا في قلوب الّذين اتّبعوه رأفة ورحمة ورهبانيّة ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلّا ابتغاء رضوان اللّه فما رعوها حقّ رعايتها فآتينا الّذين آمنوا منهم أجرهم وكثير منهم فاسقون}
{ثمّ قفّينا على آثارهم برسلنا}: أي أتبعنا نوحا وإبراهيم رسلا بعدهم.
{وقفّينا بعيسى ابن مريم وآتيناه الإنجيل}: جاء في التفسير أن الإنجيل آتاه اللّه عيسى جملة واحدة.
وقوله {وجعلنا في قلوب الّذين اتّبعوه رأفة ورحمة}
ويجوز رآفة على وزن السماحة، حكى أبو زيد أنه يقال: رؤفت بالرجل رأفة، وهي القراءة.
وقد قرئت ورآفة.
وقوله: {ورهبانيّة ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلّا ابتغاء رضوان اللّه} : هذه الآية صعبة في التفسير.
ومعناها - واللّه أعلم - يحتمل ضربين:
أحدهما أن يكون المعنى في قوله: {ورهبانيّة ابتدعوها}: ابتدعوا رهبانية كما تقول: رأيت زيدا، وعمرا أكرمته، وتكون { ما كتبناها عليهم}:معناها لم نكتبها عليهم ألبتّة، ويكون{إلا ابتغاء رضوان الله}: بدلا - من الهاء والألف، فيكون المعنى ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان اللّه، وابتغاء رضوان اللّه اتباع ما أمر به.
فهذا - واللّه أعلم - وجه, وفيها وجه آخر في {ابتدعوها}
جاء في التفسير أنّهم كانوا يرون من ملوكهم ما لا يصبرون عليه , فاتخذوا أسرابا وصوامع.
فابتدعوا ذلك، فلما ألزموا أنفسهم ذلك التطوع , ودخلوا فيه لزمهم إتمامه، كما أن الإنسان إذا جعل على نفسه صوما لم يفترض عليه لزمه أن يتمّه.
وقوله عزّ وجلّ: {فما رعوها حقّ رعايتها}: على ضربين - واللّه أعلم :-
أحدهما : أن يكونوا قصّروا فيما ألزموه أنفسهم.
والآخر : وهو أجود أن يكونوا حين بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يؤمنوا به كانوا تاركين لطاعة اللّه، فما رعوا تلك الرهبانية حق رعايتها, ودليل ذلك قوله عزّ وجلّ: {فآتينا الّذين آمنوا منهم أجرهم}
أي : الذين آمنوا منهم بالنبي عليه السلام.
{وكثير منهم فاسقون}: أي : وكافرون). [معاني القرآن: 5/130-131]