التبيين لطبقات المفسرين
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى أما بعد:
فإن من المعارف المهمّة لطالب علم التفسير معرفة طبقات المفسّرين ليكتسب تصوراً حسناً لأطوار علم التفسير، وتنقّله في القرون حتى تأدَّى إلينا برجال تحمّلوا روايته وتفهّموا درايته، حفظاً في صدورهم في أوّل الأمر ثمّ كتابة في صحف وأجزاء، ثم جمعاً لتلك الصحف والأجزاء المتفرّفة في كتب كبيرة، ثم تحريرها وتصنيفها، ثم اختصارها وتلخيصها، شمّ شرحها وتبيينها، ثم تنوّع التأليف في التفسير إلى أنواع كثيرة، وتعددت المسالك فيه.
ففي العهد النبوي كان النبي صلى الله عليه وسلم هو إمام المسلمين في جميع العلوم، ومنها علم التفسير؛ فكان القرآن يتنزّل على النبيّ صلى الله عليه وسلم منجّما، وكان الله تعالى يبيّن لرسوله صلى الله عليه وسلم ما أنزل عليه، ويأمره ببيانه للناس؛ فكان النبيّ صلى الله عليه وسلم هو الإمام الأعظم للمفسّرين، وكان يفسّر القرآن لأصحابه ويعلّمهم معانيه وأحكامه وآدابه كما يعلّمهم حروفه وأداءه.
ثمّ كان المفسّرون بعده صلى الله عليه وسلم على طبقات:
الطبقة الأولى: طبقة المفسرين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأوّلهم المعلّمون على عهد النبي صلى الله عليه وسلم الذين كانوا يعلّمون القرآن ويقرئونه ويفقّهون الناس في الدين، ومنهم: عبد الله بن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، ومعاذ بن جبل، وأبيّ بن كعب، وعبادة بن الصامت، وأبو موسى الأشعري، رضي الله عنهم أجمعين.
ثم في عهد الخلفاء الراشدين وبعده كان أئمة المفسّرين من كبار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرّائهم وعلمائهم، ومنهم: أبو بكر الصديق(ت:13هـ)، وعمر بن الخطاب(ت:23هـ)، وعثمان بن عفان(ت:35هـ)، وعلي بن أبي طالب(ت:40هـ)، ومعاذ بن جبل(18هـ)، وأبيّ بن كعب(ت:30هـ)، وعبد الله بن مسعود(ت:32هـ)، وأبو الدرداء(32هـ)، وعبادة بن الصامت(ت:34هـ)، وحذيفة بن اليمان(ت:35هـ)، وأبو موسى الأشعري(ت:44هـ)، وزيد بن ثابت(ت:45هـ)، وعائشة بنت أبي بكر(ت:57ه)، وعقبة بن عامر الجهني(ت:58هـ)، وأبو هريرة(ت:59هـ)، وعبد الله بن عمرو بن العاص(ت:65هـ)، وعبد الله بن السائب المخزومي(ت:65هـ)، وعبد الله بن عبّاس(ت:68هـ)، وعبد الله بن الزبير(ت:73هـ)، وعبد الله بن عمر(ت:74هـ)، وأبو سعيد الخدري(ت:74هـ)، وجابر بن عبد الله(ت:78هـ)، وأنس بن مالك(ت:92هـ)، وغيرهم.