العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير جزء قد سمع

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 09:15 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير سورة الممتحنة [ من الآية (12) إلى الآية (13) ]

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآَخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ (13)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 09:26 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني يزيد بن يونس بن يزيد، عن أبي صخرٍ قال: بلغني عن عبد اللّه بن عمر في قول اللّه: {ولا يعصينك في معروفٍ}، قال: لا يشققن جيوبهنّ ولا يصككن خدودهنّ.
قال أبو صخرٍ: وسألت القرظيّ فقال: {ولا يعصينك في معروفٍ}، أن تنكحهنّ أو تنكحهنّ من أحببت). [الجامع في علوم القرآن: 1/51]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت ما كان النبي إذا بايع النساء يمتحنهن إلا بالآية التي قال إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا ولا.
قال معمر وقال قتادة وكان يحلفهن بالله ما خرجن إلا رغبة في الإسلام وحبا لله ولرسوله.
عن الثوري عن منصور عن إبراهيم قال كان رسول الله يصافح النساء على يده الثوب). [تفسير عبد الرزاق: 2/287-288]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى ولا يعصينك في معروف قال هو النوح أخذ عليهن ألا ينحن ولا يخلين بحديث الرجال إلا مع ذي محرم معهن فقال عبد الرحمن بن عوف يا رسول الله إنا نغيب ويكون لنا أضياف قال ليس أولئك عنيت). [تفسير عبد الرزاق: 2/289]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب {إذا جاءك المؤمنات يبايعنك} [الممتحنة: 12]
- حدّثنا أبو معمرٍ، حدّثنا عبد الوارث، حدّثنا أيّوب، عن حفصة بنت سيرين، عن أمّ عطيّة رضي اللّه عنها، قالت: بايعنا رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم فقرأ علينا: {أن لا يشركن باللّه شيئًا} [الممتحنة: 12]، «ونهانا عن النّياحة» ، فقبضت امرأةٌ يدها، فقالت: أسعدتني فلانة، أريد أن أجزيها، فما قال لها النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم شيئًا، فانطلقت ورجعت، فبايعها
- حدّثنا عبد اللّه بن محمّدٍ، حدّثنا وهب بن جريرٍ، قال: حدّثنا أبي، قال: سمعت الزّبير، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، في قوله تعالى: {ولا يعصينك في معروفٍ} [الممتحنة: 12] ، قال: «إنّما هو شرطٌ شرطه اللّه للنّساء»
- حدّثنا عليّ بن عبد اللّه، حدّثنا سفيان، قال الزّهريّ: حدّثناه، قال: حدّثني أبو إدريس، سمع عبادة بن الصّامت رضي اللّه عنه، قال: كنّا عند النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: " أتبايعوني على أن لا تشركوا باللّه شيئًا، ولا تزنوا، ولا تسرقوا، وقرأ آية النّساء - وأكثر لفظ سفيان: قرأ الآية - فمن وفى منكم فأجره على اللّه، ومن أصاب من ذلك شيئًا فعوقب فهو كفّارةٌ له، ومن أصاب منها شيئًا من ذلك فستره اللّه، فهو إلى اللّه إن شاء عذّبه وإن شاء غفر له " تابعه عبد الرّزّاق، عن معمرٍ في الآية
- حدّثنا محمّد بن عبد الرّحيم، حدّثنا هارون بن معروفٍ، حدّثنا عبد اللّه بن وهبٍ، قال: وأخبرني ابن جريجٍ، أنّ الحسن بن مسلمٍ، أخبره، عن طاوسٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: شهدت الصّلاة يوم الفطر مع رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم وأبي بكرٍ، وعمر، وعثمان فكلّهم يصلّيها قبل الخطبة، ثمّ يخطب بعد، فنزل نبيّ اللّه صلّى الله عليه وسلّم فكأنّي أنظر إليه حين يجلّس الرّجال بيده، ثمّ أقبل يشقّهم، حتّى أتى النّساء مع بلالٍ، فقال: {يا أيّها النّبيّ إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن باللّه شيئًا، ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهنّ، ولا يأتين ببهتانٍ يفترينه بين أيديهنّ وأرجلهنّ} [الممتحنة: 12] حتّى فرغ من الآية كلّها، ثمّ قال حين فرغ: «أنتنّ على ذلك؟» فقالت امرأةٌ واحدةٌ، لم يجبه غيرها: نعم يا رسول اللّه - لا يدري الحسن من هي - قال: «فتصدّقن» وبسط بلالٌ ثوبه، فجعلن يلقين الفتخ والخواتيم في ثوب بلالٍ). [صحيح البخاري: 6/150-151]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( (قوله باب إذا جاءك المؤمنات يبايعنك)
سقط باب لغير أبي ذرٍّ وذكر فيه أربعة أحاديث الأول
- قوله عن حفصة بنت سيرين عن أمّ عطيّة كذا قال عبد الوارث عن أيّوب وقال سفيان بن عيينة عن أيّوب عن محمّد بن سيرين عن أمّ عطيّة أخرجه النّسائيّ فكأنّ أيّوب سمعه منهما جميعًا وقد تقدّم شرح هذا في الجنائز قوله بايعنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقرأ علينا ان لا يشركن باللّه شيئا ونهانا عن النّياحة في رواية مسلمٍ من طريق عاصمٍ عن حفصة عن أمّ عطيّة قالت لمّا نزلت هذه الآية يبايعنك على أن لا يشركن باللّه شيئًا ولا يعصينك في معروف كان منه النّياحة قوله فقبضت امرأةٌ يدها في رواية عاصمٍ فقلت يا رسول اللّه إلّا آل فلانٍ فإنّهم كانوا أسعدوني في الجاهليّة فلا بدّ من أن أسعدهم لم أعرف آل فلانٍ المشار إليهم وفي رواية النّسائيّ قلت إنّ امرأةً أسعدتني في الجاهليّة ولم أقف على اسم المرأة وتبيّن أنّ أمّ عطيّة في رواية عبد الوارث أبهمت نفسها قوله أسعدتني فلانة فأريد أن أجزيها وللنّسائيّ في رواية أيّوب فأذهب فأسعدها ثمّ أجيئك فأبايعك والإسعاد قيام المرأة مع الأخرى في النّياحة تراسلها وهو خاصٌّ بهذا المعنى ولا يستعمل إلّا في البكاء والمساعدة عليه ويقال إنّ أصل المساعدة وضع الرّجل يده على ساعد الرّجل صاحبه عند التّعاون على ذلك قوله فانطلقت ورجعت فبايعها في رواية عاصمٍ فقال إلّا آل فلانٍ وفي رواية النّسائيّ قال فاذهبي فأسعديها قالت فذهبت فساعدتها ثمّ جئت فبايعت قال النّوويّ هذا محمولٌ على أنّ التّرخيص لأمّ عطيّة في آل فلانٍ خاصّةً ولا تحلّ النّياحة لها ولا لغيرها في غير آل فلانٍ كما هو ظاهر الحديث وللشّارع أن يخصّ من العموم من شاء بما شاء فهذا صواب الحكم في هذا الحديث كذا قال وفيه نظرٌ إلّا إن ادّعى أنّ الّذين ساعدتهم لم يكونوا أسلموا وفيه بعدٌ وإلّا فليدّع مشاركتهم لها في الخصوصيّة وسأبيّن ما يقدح في خصوصيّة أمّ عطيّة بذلك ثمّ قال واستشكل القاضي عياضٌ وغيره هذا الحديث وقالوا فيه أقوالًا عجيبةً ومقصودي التّحذير من الاغترار بها فإنّ بعض المالكيّة قال النّياحة ليست بحرامٍ لهذا الحديث وإنّما المحرّم ما كان معه شيءٌ من أفعال الجاهليّة من شقّ جيبٍ وخمش خدٍّ ونحو ذلك قال والصّواب ما ذكرناه أوّلًا وأنّ النّياحة حرامٌ مطلقًا وهو مذهب العلماء كافّةً انتهى وقد تقدّم في الجنائز النّقل عن غير هذا المالكيّ أيضًا أنّ النّياحة ليست بحرامٍ وهو شاذٌّ مردودٌ وقد أبداه القرطبيّ احتمالًا وردّه بالأحاديث الواردة في الوعيد على النّياحة وهو دالٌّ على شدّة التّحريم لكن لا يمتنع أن يكون النّهي أوّلًا ورد بكراهة التّنزيه ثمّ لمّا تمّت مبايعة النّساء وقع التّحريم فيكون الإذن لمن ذكر وقع في الحالة الأولى لبيان الجواز ثمّ وقع التّحريم فورد حينئذٍ الوعيد الشّديد وقد لخّص القرطبيّ بقيّة الأقاويل الّتي أشار إليها النّوويّ منها دعوى أن ذلك كان قبل تحريم النّياحة قال وهو فاسدٌ لمساق حديث أمّ عطيّة هذا ولولا أنّ أمّ عطيّة فهمت التّحريم لما استثنت قلت ويؤيّده أيضًا أنّ أمّ عطيّة صرّحت بأنّها من العصيان في المعروف وهذا وصف المحرّم ومنها أنّ قوله إلّا آل فلانٍ ليس فيه نصٌّ على أنّها تساعدهم بالنّياحة فيمكن أنّها تساعدهم باللّقاء والبكاء الّذي لا نياحة معه قال وهذا أشبه ممّا قبله قلت بل يردّ عليه ورود التّصريح بالنّياحة كما سأذكره ويردّ عليه أيضًا أنّ اللّقاء والبكاء المجرّد لم يدخل في النّهي كما تقدّم في الجنائز تقريره فلو وقع الاقتصار عليه لم يحتج إلى تأخير المبايعة حتّى تفعله ومنها يحتمل أن يكون أعاد إلّا آل فلانٍ على سبيل الإنكار كما قال لمن استأذن عليه فقال له من ذا فقال أنا فقال أنا أنا فأعاد عليه كلامه منكرًا عليه قلت ويردّ عليه ما ورد على الأوّل ومنها أنّ ذلك خاصٌّ بأمّ عطيّة قال وهو فاسدٌ فإنّها لا تختصّ بتحليل شيءٍ من المحرّمات انتهى ويقدح في دعوى تخصيصها أيضًا ثبوت ذلك لغيرها ويعرف منه أيضًا الخدش في الأجوبة الماضية فقد أخرج بن مردويه من حديث بن عبّاسٍ قال لمّا أخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على النّساء فبايعهنّ أن لا يشركن باللّه شيئًا الآية قالت خولة بنت حكيمٍ يا رسول اللّه كان أبي وأخي ماتا في الجاهليّة وإنّ فلانة أسعدتني وقد مات أخوها الحديث وأخرج التّرمذيّ من طريق شهر بن حوشبٍ عن أمّ سلمة الأنصاريّة وهي أسماء بنت يزيد قالت قلت يا رسول اللّه إنّ بني فلانٍ أسعدوني على عمّي ولا بدّ من قضائهنّ فأبى قالت فراجعته مرارًا فأذن لي ثمّ لم أنح بعد وأخرج أحمد والطّبريّ من طريق مصعب بن نوحٍ قال أدركت عجوزًا لنا كانت فيمن بايع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قالت فأخذ علينا ولا ينحن فقالت عجوزٌ يا نبيّ اللّه إنّ ناسًا كانوا أسعدونا على مصائب أصابتنا وإنّهم قد أصابتهم مصيبةٌ فأنا أريد أن أسعدهم قال فاذهبي فكافئيهم قالت فانطلقت فكافأتهم ثمّ إنّها أتت فبايعته وظهر من هذا كلّه أنّ أقرب الأجوبة أنّها كانت مباحةً ثمّ كرهت كراهة تنزيهٍ ثمّ تحريمٍ واللّه أعلم الحديث الثّاني
- قوله حدّثنا وهب بن جريرٍ قال حدّثنا أبي هو جرير بن حازمٍ قوله سمعت الزّبير في رواية الإسماعيليّ الزّبير بن خرّيتٍ وهو بكسر الخاء المعجمة وتشديد الرّاء بعدها تحتانيّةٌ ساكنةٌ ثمّ مثنّاةٌ قوله في قوله ولا يعصينك في معروف قال إنّما هو شرطٌ شرطه اللّه للنّساء أي على النّساء وقوله فبايعهنّ في السّياق حذفٌ تقديره فإن بايعن على ذلك أو فإن اشترطن ذلك على أنفسهنّ فبايعهنّ واختلف في الشّرط فالأكثر على أنّه النّياحة كما سبق وقد تقدّم عند مسلمٍ ما يدلّ لذلك وأخرج الطّبريّ من طريق زهير بن محمّدٍ قال في قوله ولا يعصينك في معروف لا يخلو الرّجل بامرأةٍ وقد جمع بينهما قتادة فأخرج الطّبريّ عنه قال أخذ عليهنّ أن لا ينحن ولا يحدّثن الرّجال فقال عبد الرّحمن بن عوفٍ إنّ لنا أضيافًا وإنّا نغيب عن نسائنا فقال ليس أولئك عنيت وللطّبريّ من حديث بن عبّاسٍ المقدّم ذكره إنّما أنبّئكنّ بالمعروف الّذي لا تعصينني فيه لا تخلونّ بالرّجال وحدانًا ولا تنحن نوح الجاهليّة ومن طريق أسيد بن أبي أسيدٍ البرّاد عن امرأةٍ من المبايعات قالت كان فيما أخذ علينا أن لا نعصيه في شيءٍ من المعروف ولا نخمش وجهًا ولا ننشر شعرًا ولا نشقّ جيبًا ولا ندعو ويلًا

- الحديث الثّالث قوله قال الزّهريّ حدّثناه هو من تقديم الاسم على الصّيغة والضّمير للحديث الّذي يريد أن يذكره قوله وقرأ آية النّساء أي آية بيعة النّساء وهي يا أيّها النّبيّ إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن باللّه شيئا الآية وقد قدّمت في كتاب الإيمان بيان وقت هذه المبايعة قوله وأكثر لفظ سفيان قرأ الآية وللكشميهنيّ قرأ في الآية والأوّل أولى قوله ومن أصاب منها أي من الأشياء الّتي توجب الحدّ في رواية الكشميهنيّ من ذلك شيئًا قوله تابعه عبد الرّزّاق عن معمرٍ زاد المستمليّ في الآية ووصله مسلمٌ عن عبد بن حميدٍ عن عبد الرّزّاق عقب رواية سفيان وقال في آخره وزاد في الحديث فتلا علينا آية النّساء أن لا يشركن باللّه شيئا وقد تقدّم شرحه ومباحثه في كتاب الإيمان مستوفًى وقوله ببهتانٍ يفترينه بين أيديهنّ وأرجلهنّ فيه عدّة أقوالٍ منها أنّ المراد بما بين الأيدي ما يكتسب بها وكذا الأرجل الثّاني هما كنايةٌ عن الدّنيا والآخرة وقيل عن الأعمال الظّاهرة والباطنة وقيل الماضي والمستقبل وقيل ما بين الأيدي كسب العبد بنفسه وبالأرجل كسبه بغيره وقيل غير ذلك الحديث الرّابع

- قوله حدّثنا محمّد بن عبد الرّحيم حدّثنا هارون بن معروفٍ حدّثنا عبد اللّه بن وهب قال وأخبرني بن جريجٍ قلت نزل البخاريّ في هذا الإسناد درجتين بالنّسبة لابن جريجٍ فإنّه يروي عن بن جريجٍ بواسطة رجلٍ واحدٍ كأبي عاصمٍ ومحمّد بن عبد اللّه الأنصاريّ ومكّيّ بن إبراهيم وغيرهم ونزل فيه درجةً بالنّسبة لابن وهبٍ فإنّه يروي عن جمعٍ من أصحابه كأحمد بن صالحٍ وأحمد بن عيسى وغيرهما وكأن السّبب فيه تصريح بن جريجٍ في هذه الطّريق النّازلة بالإخبار وقد أخرج البخاريّ طرفًا من هذا الحديث في كتاب العيدين عن أبي عاصم عن بن جريجٍ بالعلوّ وهو من أوّله إلى قوله قبل الخطبة وصرح فيه بن جريجٍ بالخبر فلعلّه لم يكن بطوله عند بن أبي عاصمٍ ولا عند من لقيه من أصحاب بن وهبٍ وقد علاه أبو ذرٍّ في روايته فقال حدثنا على الحربيّ حدثنا بن أبي داود حدّثنا محمّد بن مسلمة حدّثنا بن وهبٍ ووقع للبخاريّ بعلوٍّ في العيدين لكنّه من طريق عبد الرّزّاق عن بن جريج وتقدم شرحه هناك مستوفى وقول بن وهب وأخبرني بن جريج معطوف على شيء محذوف). [فتح الباري: 8/638-640]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
- ثنا علّي بن عبد الله ثنا سفيان قال الزّهريّ حدّثناه جدي أبو إدريس سمع عبادة بن الصّامت رضي اللّه عنه قال كنّا عند النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم فقال أتبايعوني على أن لا تشركوا باللّه شيئا الحديث تابعه عبد الرّزّاق عن معمر في الآية
أخبرنا أبو الفرج بن الغزّي أنا أبو الحسن بن قريش أنا أبو الفرج بن الصيقل أنا أبو الحسن الجمال في كتابه أنا أبو علّي الحداد أنا أبو نعيم ثنا أبو أحمد ثنا عبد الله بن محمّد بن شيرويه ثنا إسحاق بن إبراهيم أنا عبد الرّزّاق ثنا معمر
وبه إلى أبي نعيم ثنا أبو محمّد بن حيّان ثنا محمّد بن سهل ثنا أبو مسعود ثنا عبد الرّزّاق عن معمر عن الزّهريّ قال مثله يعني مثل حديث سفيان
رواه مسلم عن عبد بن حميد عن عبد الرّزّاق به). [تغليق التعليق: 4/339-340]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (بابٌ: {إذا جاءك المؤمنات يبايعنك} (الممتحنة: 12)
أي: هذا باب في قوله عز وجل: {يا أيها النّبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك} يعني: مبايعات، ولم يثبت لفظ الباب هنا إلاّ في رواية أبي ذر.
- حدّثنا أبو معمرٍ حدّثنا عبد الوارث حدّثنا أيّوب عن حفصة بنت سيرين عن أمّ عطيّة رضي الله عنها قالت بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ عليها أن لا يشركن بالله شيئا ونهانا عن النّياحة فقبضت امرأةٌ يدها فقالت أسعدتني فلانة أريد أن أجزيها فما قال النبيّ صلى الله عليه وسلم شيئا فانطلقت ورجعت فبايعها.
مطابقته للتّرجمة ظاهرة. وأبو معمر، بفتح الميمين: عبد الله بن عمرو المقعد البصر، وعبد الوارث هو ابن سعيد وأيوب هو السّختيانيّ، وحفصة هي بنت سيرين أخت محمّد بن سيرين، وأم عطيّة اسمها نسيبة بنت الحارث وقد ترجمناها في كتاب الجنائز.
والحديث أخرجه أيضا في كتاب الأحكام عن مسدّد.
قوله: (ونهانا عن النّياحة) ، وهو اسم من ناحت المرأة على الميّت إذا ندبته، وذلك أن تبكي وتعدد محاسنه. وقيل: النوح بكاء مع الصّوت ومنه: ناح الحمام نوحًا. قوله: (فقبضت امرأة يدها) هذه المرأة هي أم عطيّة المذكورة، ولكنها أبهمت نفسها. والدّليل عليه ما في رواية النّسائيّ: أن امرأة ساعدتني فلا بد أن أسعدها، وفي رواية عاصم: فقلت: يا رسول الله إلاّ آل فلان فإنّهم كانوا أسعدوني في الجاهليّة فلا بد من أن أسعدهم. قال الخطابيّ: يقال: أسعدت المرأة صاحبتها إذا قامت في نياحة معها تراسلها في نياحتها، والإسعاد خاص في هذا المعنى بخلاف المساعدة فإنّها عامّة في جميع الأمور. قوله: (فما قال لها النّبي صلى الله عليه وسلم شيئا) ، يعني: سكت ولم يرد عليها بشيء، وفي رواية النّسائيّ: اذهبي فأسعديها. قالت: فذهبت فأسعدتها ثمّ جئت فبايعت. وهو معنى قولها: فانطلقت ورجعت، يعني: انطلقت وأسعدت تلك المرأة الّتي أسعدتها هي ثمّ رجعت إلى النّبي صلى الله عليه وسلم فبايعها النّبي صلى الله عليه وسلم وفيه: أن النّبي صلى الله عليه وسلم رخص لأم عطيّة في إسعاد تلك المرأة، وقال النّوويّ: هذا محمول على الترخيص لأم عطيّة خاصّة، وللشارع أن يخص من شاء من العموم، وقيل: فيه نظر إلاّ إن ادّعى أنّ الّتي ساعدتها لم تكن أسلمت، وجه النّظر أن تحليل شيء من المحرمات لا يختص به وأيضًا أخرج ابن مردويه من حديث ابن عبّاس. قال: لما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على النّساء فبايعهن أن لا يشركن باللّه شيئا الآية. قالت خولة بنت حكيم: يا رسول الله إن أبي وأخي ماتا في الجاهليّة، وإن فلانة أسعدتني وقد مات أخوها وأخرج التّرمذيّ من طريق سعد بن حوشب عن أم سلمة الأنصاريّة أسماء بنت يزيد. قالت: قلت: يا رسول الله إن بني فلان أسعدوني على عمي، ولا بد من قضائهن، فأبى. قالت: فراجعته مرارًا فأذن لي ثمّ لم أنج بعد، وأخرج أحمد والطّبرانيّ من طريق مصعب بن نوح. قال: أدركت عجوزا لنا كانت فيمن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: فأخذ علينا أن لا ننحن. فقالت العجوز: يا نبي الله إن ناسا كانوا أسعدونا على مصائب أصابتنا، وأنّهم قد أصابتهم مصيبة فأنا أريد أن أسعدهم قال: اذهبي فكافئيهم. قالت: فانطلقت فكافأتهم ثمّ أنّها أتت فبايعته قلت: فبهذه الأحاديث استدلّ بعض المالكيّة على جواز النّياحة، وأن المحرم منها ما كان معه شيء من أفعال الجاهليّة من شقّ جيب وخمش خد ونحو ذلك، والصّواب: أن النّياحة حرام مطلقًا، وهو مذهب العلماء، والجواب الّذي هو أحسن الأجوبة وأقربها أن يقال: إن النّهي ورد أولا للتنزيه، ثمّ لما تمت مبايعة النّساء وقع التّحريم، فيكون الإذن الّذي وقع لمن ذكر في الحالة الأولى ثمّ وقع التّحريم وورد الوعيد الشّديد في أحاديث كثيرة، والله أعلم. فإن قلت: في حديث الباب فقبضت يدها، وهو يعارض حديث عائشة المذكور قبل هذا؟ قلت: قد ذكرنا هناك أن المراد بالقبض التّأخّر عن القبول جمعا بين الحديثين فافهم.
- حدّثنا عبد الله بن محمّدٍ حدّثنا وهب بن جريرٍ قال حدّثنا أبي قال سمعت الزّبير عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ في قوله تعالى: {ولا يعصينك في معروفٍ} (الممتحنة: 21) قال: إنّما هو شرطٌ شرطه الله للنّساء.
مطابقته للتّرجمة في بعض ما فيها، وعبد الله بن محمّد المسندي، ووهب هو ابن جرير يروي عن أبيه جرير بن حازم، والزّبير بضم الزّاي ابن خريت، بكسر الخاء المعجمة وتشديد الرّاء وسكون الباء آخر الحروف وبالتاء المثنّاة من فوق مر في سورة الأنفال.
قوله: (في معروف) ، قال المفسّرون: هو النوح، وقيل: لا تخلو امرأة بغير ذي محرم، وقيل: لا تخمش وجهها ولا نشق جيبا ولا تدعو ويلاً ولا تنشد شعرًا. وقيل: الطّاعة لله ولرسوله. وقيل: في كل أمر فيه رشدهن، وقيل: هو عام في كل معروف أمر الله تعالى به. قوله: (للنّساء) ، أي: على النّساء. قيل: وعلى الرّجال أيضا. فما وجه التّخصيص بهن؟ أجيب: بأن مفهوم اللقلب مردود.
- حدّثنا عليّ بن عبد الله حدثنا سفيان قال الزّهريّ حدّثناه قال حدّثني أبو إدريس سمع عبادة بن الصّامت رضي الله عنه قال كنّا عند النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال أتبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا ولا تزنوا ولا تسرفوا وقرأ آية النّساء وأكثر لفظ سفيان قرأ الآية: {فمن وفى منكم فأجره على الله} ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب فهو كفّارةٌ له ومن أصاب منها شيئا من ذالك فستره الله فهو إلى الله إن شاء عذّبه وإن شاء غفر له..
مطابقته للتّرجمة لا تخفى، وعلي بن عبد الله المعروف بابن المدينيّ، وسفيان هو ابن عيينة وأبو إدريس عائذ الله بالذّال المعجمة الخولانيّ بفتح الخاء المعجمة الشّامي، والحديث مضى في كتاب الإيمان في باب، مجرّد عن أبي اليمان عن شعيب عن الزّهريّ إلى آخره، ومضى الكلام فيه هناك.
قوله: (حدّثناه) هو من تقديم الاسم على الفعل التّقدير: حدثنا الزّهريّ بالحديث الّذي يريد أن يذكره قوله: (قرأ الآية) يعني: بدون لفظ النّساء، وللكشميهني. قرأ في الآية، والأولى أوجه. قوله: (ومن أصاب منها) أي: من الأشياء الّتي توجب الحد، وللكشميهني. ومن أصاب من ذلك.
تابعه عبد الرّزّاق عن معمرٍ في الآية
أي: تابع سفيان عبد الرّزّاق عن معمر عن الزّهريّ، وأخرجه مسلم أولا عن سفيان عن الزّهريّ ثمّ أخرجه عن عبد بن حميد أخبرنا عبد الرّزّاق أخبرناه معمر عن الزّهريّ ثمّ قال بهذا الإسناد وزاد في الحديث: فتلا آية النّساء {أن لا يشركن باللّه شيئا} (الممتحنة: 21) الآية قوله: (في الآية) أي: في تلاوة الآية.
- حدّثنا محمّد بن عبد الرّحيم حدّثنا هارون بن معروفٍ حدّثنا عبد الله بن وهبٍ قال وأخبرني ابن جريجٍ أنّ الحسن بن مسلمٍ أخبره عن طاوسٍ عن ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما قال شهدت الصّلاة يوم الفطر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكرٍ وعمر وعثمان رضي الله عنهم فكلّهم يصلّيها قبل الخطبة ثمّ يخطب بعد فنزل نبيّ الله صلى الله عليه وسلم فكأنّي أنظر إليه حين يجلّس الرّجال بيده ثمّ أقبل يشقهم حتّى أتى النّساء مع بلالٍ فقال: {يا أيّها النبيّ إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهنّ ولا يأتين ببهتانٍ يفترينه بين أيديهنّ وأرجلهنّ} (الممتحنة: 21) حتّى فرغ من الآية كلّها ثمّ قال حين فرغ أنتنّ على ذلك وقالت امرأةٌ واحدة لم يجبه غيرها نعم يا رسول الله لا يدري الحسن من هي قال فتصدّقن وبسط بلالٌ ثوبه فجعلن يلقين الفتح والخواتيم في ثوب بلالٍ.
مطابقته للتّرجمة ظاهرة. ومحمّد بن عبد الرّحمن الملقب بصاعقة. وهارون بن معروف أبو عليّ البغداديّ روى عنه مسلم في مواضع، وابن جريج عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكّيّ، والحسن بن مسلم بن بناق المكّيّ.
والحديث مضى في أبواب العيدين في: باب موعظة الإمام النّساء يوم العيد، ومضى الكلام فيه هناك.
قوله: (أنتن على ذلك) يخاطب به صلى الله عليه وسلم النّساء الّتي أتى إليهنّ (على ذلك) أي: على المذكور في الآية. قوله: (لا يدري الحسن) أي: حسن بن مسلم الرّاوي. قوله: (فتصدقن) ، يحتمل أن يكون ماضيا. ويحتمل أن يكون أمرا. قوله: (فجعلن) من أفعال المقاربة. قوله: (الفتح) بفتح الفاء والتّاء المثنّاة من فوق وبالخاء المعجمة الخواتيم العظام، وقيل: حلق، من فضّة لا فص فيها). [عمدة القاري: 19/231-233]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب {إذا جاءك المؤمنات يبايعنك}
هذا (باب) بالتنوين أي في قوله تعالى: ({إذا جاءك المؤمنات}) يوم الفتح ({يبايعنك}) [الممتحنة: 12] سقط باب لغير أبي ذر.
- حدّثنا أبو معمرٍ، حدّثنا عبد الوارث، حدّثنا أيّوب عن حفصة بنت سيرين، عن أمّ عطيّة -رضي الله عنها- قالت: بايعنا رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- فقرأ علينا: {أن لا يشركن باللّه شيئًا} "، ونهانا عن النّياحة، فقبضت امرأةٌ يدها فقالت: أسعدتني فلانة أريد أن أجزيها، فما قال: لها النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- شيئًا، فانطلقت ورجعت، فبايعها.
وبه قال: (حدّثنا أبو معمر) عبد الله بن عمرو المقعد البصري قال: (حدّثنا عبد الوارث) بن سعيد التنوري بفتح الفوقية وتشديد النون قال: (حدّثنا أيوب) السختياني (عن حفصة بنت سيرين) أم الهذيل الأنصارية البصرية (عن أم عطية) نسيبة بنت الحارث (-رضي الله عنها-) أنها (قالت بايعنا رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- فقرأ علينا {أن لا يشركن بالله شيئًا} ونهانا عن النياحة) رفع الصوت على الميت بالندب وهو عدّ محاسنه كواكهفاه واجبلاه (فقبضت امرأة) هي أم عطية (يدها) عن المبايعة (فقالت أسعدتني فلانة) أي قامت معي في نياحة على ميت لي تواسيني قال الحافظ ابن حجر لم أقف على اسم فلانة (أريد أن أجزيها) بفتح الهمزة وسكون الجيم وكسر الزاي المعجمة بالإسعاد (فما قال لها النبي شيئًا) بل سكت (فانطلقت) من عنده (ورجعت) إليه عليه الصلاة والسلام (فبايعها).
وللنسائي قال: فاذهبي فاسعديها. قالت: فذهبت فساعدتها ثم جئت فبايعته وعند مسلم أن أم عطية قالت إلا آل فلان فإنهم كانوا أسعدوني في الجاهلية فلا بدّ لي من أن أسعدهم، فقال رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- "إلا آل فلان" وحمله النووي على الترخيص لأم عطية في آل فلانة خاصة. قال: فلا تحل النياحة لغيرها ولا لها في غير آل فلان كما هو صريح الحديث. وللشارع أن يخص من العموم ما شاء انتهى.
وأورد عليه حديث ابن عباس عند ابن مردويه وفيه قال: لما أخذ رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- على النساء فبايعهن أن لا يشركن بالله شيئًا الآية. قالت خولة بنت حكيم: يا رسول الله كان أبي وأخي ماتا في الجاهلية وإن فلانة أسعدتني وقد مات أخوها الحديث. وحديث أم سلمة وأسماء بنت يزيد الأنصارية عند الترمذي قالت: قلت: يا رسول الله إن بني فلان أسعدوني على عمي ولا بدّ لي من قضائهن فأبى قالت فراجعته مرارًا فأذن لي ثم لم أنح بعد ذلك.
وعند أحمد والطبري من طريق مصعب بن نوح قال أدركت عجوزًا لنا فيمن بايع رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- قالت: فأخذ علينا ولا تنحن فقالت عجوز: يا نبي الله إن ناسًا كانوا أسعدونا على مصائب أصابتنا وأنهم قد أصابتهم مصيبة فأنا أريد أن أسعدهم قال: اذهبي فكافئيهم قالت فانطلقت فكافأتهم ثم إنها أتت فبايعته وحينئذٍ فلا خصوصية لأم عطية، والظاهر أن النياحة كانت مباحة ثم كرهت كراهة تنزيه ثم تحريم فيكون الإذن لمن ذكر وقع لبيان الجواز مع الكراهة ثم لما تمت مبايعة النساء وقع التحريم فورد حينئذٍ الوعيد الشديد.
وفي حديث أبي مالك الأشعري عند أبي يعلى أن رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- قال: "النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة عليها سربال من قطران ودرع من جرب".
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في الأحكام.
- حدّثنا عبد اللّه بن محمّدٍ، حدّثنا وهب بن جريرٍ، قال: حدّثنا أبي قال: سمعت الزّبير عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ في قوله: {ولا يعصينك في معروفٍ} قال إنّما هو شرطٌ شرطه اللّه للنّساء.
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن محمد) المسندي قال: (حدّثنا وهب بن جرير) بفتح الجيم (حدّثنا أبي) جرير بن حازم الجهضمي (قال: سمعت الزبير) ابن خرّيت بكسر الخاء المعجمة وتشديد الراء وبعد التحتية الساكنة فوقية البصري (عن عكرمة) مولى ابن عباس (عن ابن عباس) -رضي الله عنهما- يقول (في قوله) تعالى: ({ولا يعصينك في معروف}) [الممتحنة: 12] (قال إنما هو) يعني النوح أو لا يخلون الرجل بالمرأة أو أعم (شرط شرطه الله للنساء) أي عليهن وهذا لا ينفي أن يكون شرطًا للرجال أيضًا فقد بايعهم في العقبة على ذلك لأن مفهوم اللقب لا اعتبار به.
- حدّثنا عليّ بن عبد اللّه، حدّثنا سفيان قال الزّهريّ، حدّثناه قال: حدّثني أبو إدريس سمع عبادة بن الصّامت -رضي الله عنه- قال كنّا عند النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- فقال: «أتبايعوني على أن لا تشركوا باللّه شيئًا، ولا تزنوا، ولا تسرقوا»، وقرأ آية النّساء وأكثر لفظ سفيان قرأ الآية «فمن وفى منكم فأجره على اللّه، ومن أصاب من ذلك شيئًا فعوقب فهو كفّارةٌ له، ومن أصاب منها شيئًا من ذلك فستره اللّه، فهو إلى اللّه: إن شاء عذّبه، وإن شاء غفر له» تابعه عبد الرّزّاق عن معمرٍ.
وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدثنا سفيان) بن عيينة (قال الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (حدّثناه) هو من تقديم الاسم على الفعل أي حدّثنا الزهري بالحديث الذي يريد أن يذكره (قال: حدّثني) بالإفراد (أبو إدريس) عائذ الله بالمعجمة الخولاني بفتح الخاء المعجمة أنه (سمع عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- قال: كنا عند النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- فقال): (أتبايعوني) ولأبي ذر أتبايعونني (على أن لا تشركوا بالله شيئًا ولا تزنوا ولا تسرقوا) فيه حذف المفعول ليدل على العموم (وقرأ آية النساء) {يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئًا} [الممتحنة: 12] الآية. وسقطت واو وقرأ لأبي ذر (وأكثر لفظ سفيان) بن عيينة (قرأ الآية) بدون لفظ النساء ولأبي ذر عن الكشميهني: قرأ في الآية والأولى أولى (فمن وفى) بالتخفيف (منكم) بأن ثبت على العهد (فأجره على الله) فضلًا منه عليه بأن يدخله الجنة (ومن أصاب من ذلك شيئًا) غير الشرك (فعوقب) زاد أحمد به أي بسببه في الدنيا بأن أقيم عليه الحد (فهو كفارة له) فلا يعاقب عليه في الآخرة كما عليه الأكثر لأن الحدود كفارات (ومن أصاب منها شيئًا من ذلك) مما يوجب الحد ولأبي ذر عن الكشميهني من ذلك شيئًا (فستره الله فهو) مفوّض (إلى الله إن شاء عذبه) عدلًا (وإن شاء غفر له) فضلًا ولأبي ذر غفر له منها (تابعه) أي تابع سفيان (عبد الرزاق) بن همام (عن معمر) هو ابن راشد عن الزهري وزاد أبو ذر عن المستملي في الآية ووصله مسلم عن عبد بن حميد عن عبد الرزاق عقب رواية سفيان وقال في آخره وزاد في الحديث فتلا علينا آية النساء {أن لا يشركن بالله شيئًا} هذه المبايعة كانت ليلة العقبة الأولى كما وقع البحث فيه في كتاب الإيمان فراجعه.
- حدّثنا محمّد بن عبد الرّحيم، حدّثنا هارون بن معروفٍ، حدّثنا عبد اللّه بن وهبٍ، قال: وأخبرني ابن جريجٍ أنّ الحسن بن مسلمٍ أخبره عن طاوسٍ عن ابن عبّاسٍ -رضي الله عنهما- قال: شهدت الصّلاة يوم الفطر مع رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-، وأبي بكرٍ وعمر وعثمان - رضي الله عنهم-، فكلّهم يصلّيها قبل الخطبة ثمّ يخطب بعد، فنزل نبيّ اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- فكأنّي أنظر إليه حين يجلّس الرّجال بيده ثمّ أقبل يشقّهم حتّى أتى النّساء مع بلالٍ فقال: «{يا أيّها النّبيّ إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن باللّه شيئًا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهنّ ولا يأتين ببهتانٍ يفترينه بين أيديهنّ وأرجلهنّ} [الممتحنة: 12]». حتّى فرغ من الآية كلّها ثمّ قال حين فرغ: «أنتنّ على ذلك»، وقالت امرأةٌ واحدةٌ لم يجبه غيرها: نعم يا رسول اللّه لا يدري الحسن من هي قال: «فتصدّقن» وبسط بلالٌ ثوبه فجعلن يلقين الفتخ والخواتيم في ثوب بلالٍ.
وبه قال: (حدّثنا محمد بن عبد الرحيم) صاعقة قال: (حدّثنا هارون بن معروف) البغدادي المروزي الضرير قال: (حدّثنا عبد الله بن وهب) المصري الفقيه (قال: وأخبرني) عطف على محذوف (ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز (أن الحسن بن مسلم) اسم جده يناق بالتحتية وتشديد النون وبعد الألف قاف المكي (أخبره عن طاوس) اليماني (عن ابن عباس رضي الله عنهما) أنه (قال: شهدت الصلاة يوم) عيد (الفطر مع رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- و) مع (أبي بكر وعمر وعثمان -رضي الله عنهم-) في خلافتهم (فكلهم يصلّيها) أي صلاة العيد (قبل الخطبة ثم يخطب بعد فنزل نبي الله -صلّى اللّه عليه وسلّم-) لما فرغ من الخطبة (فكأني أنظر إليه حين يجلس الرجال بيده) بفتح الجيم وتشديد اللام المكسورة (ثم أقبل يشقهم حتى أتى النساء مع بلال فقال: {يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئًا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن}) يريد وأد البنات ({ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن}) أي بولد ملقوط ينسبنه إلى الزوج (حتى فرغ من الآية كلها ثم قال حين فرغ: أنتن على ذلك) بكسر الكاف خطابًا للنساء أي على المذكور في الآية (وقالت) ولأبي ذر فقالت بالفاء بدل الواو (امرأة واحدة) منهن (لم يجبه غيرها نعم يا رسول الله لا يدري الحسن) بن مسلم الراوي (من هي) وقيل إنها أسماء بنت يزيد (قال) عليه الصلاة والسلام (فتصدقن، وبسط بلال ثوبه فجعلن يلقين الفتخ) بفتحات وآخره معجمة الخواتيم العظام أو حلق من فضة لا فصّ فيها (والخواتيم) الصغار (في ثوب بلال) ليتصدق به عنهن فيمن يستحق). [إرشاد الساري: 7/380-382]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (باب {إذا جاءك المؤمنات يبايعنك}
قوله: (عن النياحة) هو رفع الصوت بالندب على الميت. قوله: (فقبضت امرأة) هي أم عطية، وقوله: يدها أي عن المبايعة. قوله: (أسعدتني فلانة) أي: بالنياحة على الميت.
قوله: (فما قال لها النبي صلى الله عليه وسلّم شيئاً) استشكل بأن النياحة حرام، فكيف لم ينكر عليها وأجاب النووي عليها بأنه كان ترخيصاً لأم عطية خاصة وغيره بأن النهي إذ ذاك كان للتنزيه والتحريم، وإنما كان بعد المبايعة.
قوله: (الفتخ) بفتحات وآخره خاء معجمة الخواتيم العظام، أو حلق من فضة لا فص فيها اهـ شيخ الإسلام). [حاشية السندي على البخاري: 3/73-74]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ): (حدّثنا عبد بن حميدٍ، قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، عن معمرٍ، عن الزّهريّ، عن عروة، عن عائشة، قالت: ما كان رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم يمتحن إلاّ بالآية الّتي قال اللّه {إذا جاءك المؤمنات يبايعنك} الآية قال معمرٌ: فأخبرني ابن طاووسٍ، عن أبيه، قال: ما مسّت يد رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم يد امرأةٍ إلاّ امرأةً يملكها.
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ). [سنن الترمذي: 5/266]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ): (حدّثنا عبد بن حميدٍ، قال: حدّثنا أبو نعيمٍ، قال: حدّثنا يزيد بن عبد الله الشّيبانيّ، قال: سمعت شهر بن حوشبٍ، قال: حدّثتنا أمّ سلمة الأنصاريّة، قالت: قالت امرأةٌ من النّسوة: ما هذا المعروف الّذي لا ينبغي لنا أن نعصيك فيه؟ قال: لا تنحن، قلت: يا رسول الله إنّ بني فلانٍ قد أسعدوني على عمّي ولا بدّ لي من قضائهم، فأبى عليّ، فعاتبته مرارًا، فأذن لي في قضائهنّ، فلم أنح بعد قضائهنّ ولا غيره حتّى السّاعة، ولم يبق من النّسوة امرأةٌ إلاّ وقد ناحت غيري.
هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ.
وفيه عن أمّ عطيّة قال عبد بن حميدٍ: أمّ سلمة الأنصاريّة هي: أسماء بنت يزيد بن السّكن). [سنن الترمذي: 5/267]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله: {إذا جاءكم المؤمنات مهاجراتٍ}
- أخبرنا يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني يونس، قال: ابن شهابٍ قال: وأخبرني عروة بن الزّبير، أنّ عائشة، زوج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قالت: كان المؤمنات إذا هاجرن إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يمتحنّ بقول الله عزّ وجلّ: {يا أيّها النّبيّ إذا جاءك المؤمنات} [الممتحنة: 12] الآية، قالت عائشة: فمن أقرّ بهذا من المؤمنات فقد أقرّ بالمحنة، فكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا أقررن بذلك من قولهنّ، قال لهنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «انطلقن، فقد بايعتكنّ»، ولا والله، ما مسّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم امرأةً قطّ، غير أنّه يبايعهنّ بالكلام، قالت عائشة: والله ما أخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على النّساء قطّ، إلّا بما أمره الله، وكان يقول إذا أخذ عليهنّ، قال: «قد بايعتكنّ، كلامًا»
- أخبرنا أحمد بن حربٍ، قال: حدّثنا أبو معاوية، عن عاصمٍ، عن حفصة، عن أمّ عطيّة، قالت: " لمّا نزلت هذه الآية {إذا جاءك المؤمنات يبايعنك} [الممتحنة: 12] إلى قوله: {ولا يعصينك في معروفٍ} [الممتحنة: 12]، قالت: كان منه النّياحة، فقلت: إلّا آل فلانٍ، فإنّهم قد كانوا أسعدوني في الجاهليّة، فلا بدّ لي من أن أسعدهم، قال: «إلّا آل فلانٍ»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/297-298] (م)
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله: {إذا جاءك المؤمنات يبايعنك}
- أخبرنا قتيبة بن سعيدٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن الزّهريّ، عن أبي إدريس الخولانيّ، عن عبادة بن الصّامت، قال: كنّا عند النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في مجلسٍ، فقال: «تبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئًا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا»، قرأ عليهم الآية، «فمن وفّى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئًا فستر الله عليه فهو إلى الله، إن شاء عذّبه، وإن شاء غفر له»
- الحارث بن مسكينٍ، قراءةً عليه وأنا أسمع: عن ابن القاسم، قال: أخبرنا مالكٌ، عن محمّد بن المنكدر، عن أميمة بنت رقيقة، قالت: أتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في نسوةٍ نبايعه على الإسلام، فقلت: يا رسول الله، هلمّ نبايعك على أن لا نشرك بالله شيئًا، ولا نسرق، ولا نزني، ولا نأتي ببهتانٍ نفتريه بين أيدينا وأرجلنا، ولا نعصيك في معروفٍ، فقال: «فيما استطعتنّ وأطقتنّ»، فقلنا: الله ورسوله أرحم بنا منّا بأنفسنا، هلمّ نبايعك يا رسول الله، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّي لا أصافح النّساء، إنّما قولي لمائة امرأةٍ كقولي لامرأةٍ واحدةٍ - أو مثل قولي لامرأةٍ واحدةٍ»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/298]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يا أيّها النّبيّ إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن باللّه شيئًا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهنّ ولا يأتين ببهتانٍ يفترينه بين أيديهنّ وأرجلهنّ ولا يعصينك في معروفٍ فبايعهنّ واستغفر لهنّ اللّه إنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: يا أيّها النّبيّ إذا جاءك المؤمنات باللّه يبايعنك على أن لا يشركن باللّه شيئًا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهنّ ولا يأتين ببهتانٍ يفترينه بين أيديهنّ وأرجلهنّ يقول: ولا يأتين بكذبٍ يكذبنه في مولودٍ يوجد بين أيديهنّ وأرجلهنّ. وإنّما معنى الكلام: ولا يلحقن بأزواجهنّ غير أولادهم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ولا يأتين ببهتانٍ يفترينه بين أيديهنّ وأرجلهنّ} يقول: لا يلحقن بأزواجهنّ غير أولادهم.
وقوله: {ولا يعصينك في معروفٍ} يقول: ولا يعصينك يا محمّد في معروفٍ من أمر اللّه عزّ وجلّ تأمرهنّ به. وذكر أنّ ذلك المعروف الّذي شرط عليهنّ أن لا يعصين رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فيه هو النّياحة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثنا معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ولا يعصينك في معروفٍ} يقول: لا ينحن.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا عبد اللّه بن المبارك، عن سفيان، عن منصورٍ، عن سالم بن أبي الجعد، {ولا يعصينك في معروفٍ} قال: النّوح.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا سفيان، عن منصورٍ، عن سالم بن أبي الجعد، مثله.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن سالمٍ، مثله.
- حدّثنا محمّد بن عبيدٍ المحاربيّ، قال: حدّثنا موسى بن عميرٍ، عن أبي صالحٍ، في قوله: {ولا يعصينك في معروفٍ}. قال: في نياحةٍ.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن منصورٍ، عن سالم بن أبي الجعد {ولا يعصينك في معروفٍ}. قال: النّوح.
- قال حدّثنا مهران، عن سفيان، عن زيد بن أسلم، {ولا يعصينك في معروفٍ} قال: لا يخدشن وجهًا، ولا يشققن جيبًا، ولا يدعون ويلاً، ولا ينشدن شعرًا.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قال: كانت محنة النّساء أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أمر عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه فقال: قل لهنّ: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يبايعكنّ على أن لا تشركن باللّه شيئًا، وكانت هند بنت عتبة بن ربيعة الّتي شقّت بطن حمزة رحمة اللّه عليه متنكّرةً في النّساء، فقالت: إنّي إن أتكلّم يعرفني، وإن عرفني قتلني، وإنّما تنكّرت فرقًا من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فسكت النّسوة اللاّتي مع هندٍ، وأبين أن يتكلّمن؛ قالت هندٌ وهي متنكّرةٌ: كيف يقبل من النّساء شيئًا لم يقبله من الرّجال؟ فنظر إليها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وقال لعمر: قل لهنّ ولا يسرقن. قالت هندٌ: واللّه إنّي لأصيب من أبي سفيان الهنات وما أدري أيحلّهنّ لي أم لا. قال أبو سفيان: ما أصبت من شيءٍ مضى، أو قد بقي، فهو لك حلالٌ. فضحك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وعرفها، فدعاها فأتته، فأخذت بيده، فعاذت به، فقال: أنت هندٌ. فقالت: عفا اللّه عمّا سلف. فصرف عنها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: ولا يزنين. فقالت: يا رسول اللّه، وهل تزني الحرّة قال: لا واللّه ما تزني الحرّة. قال: ولا يقتلن أولادهنّ. قالت هندٌ: أنت قتلتهم يوم بدرٍ فأنت وهم أبصر. قال: ولا يأتين ببهتانٍ يفترينه بين أيديهنّ وأرجلهنّ ولا يعصينك في معروفٍ. قال: منعهنّ أن ينحن، وكان أهل الجاهليّة يمزّقن الثّياب ويخدشن الوجوه، ويقطّعن الشّعور، ويدعون بالثّبور والويل.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {يا أيّها النّبيّ إذا جاءك المؤمنات يبايعنك} حتّى بلغ {فبايعهنّ} ذكر لنا أنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أخذ عليهنّ يومئذٍ النّياحة: ولا تحدّثن الرّجال، إلاّ رجلاً منكنّ محرمًا. فقال عبد الرّحمن بن عوفٍ: يا نبيّ اللّه إنّ لنا أضيافًا، وإنّا نغيب عن نسائنا. قال: فقال رسول اللّه: ليس أولئك عنيت، ليس أولئك عنيت.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة {ولا يعصينك في معروفٍ} قال: هو النّوح، أخذ عليهنّ لا ينحن، ولا يخلونّ بحديث الرّجال إلاّ مع ذي محرمٍ. قال: فقال عبد الرّحمن بن عوف: إنّا نغيب ويكون لنا أضيافٌ؛ قال: ليس أولئك عنيت.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا سليمان، قال: أخبرنا أبو هلالٍ، قال: حدّثنا قتادة، في قوله: {ولا يعصينك في معروفٍ} قال: لا يحدّثن رجلاً.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: حدّثني ابن عيّاشٍ، عن سليمان بن سليمٍ، عن عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن جدّه، قال: جاءت أميمة بنت رقيقة إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم تبايعه على الإسلام فقال لها النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: أبايعك على أن لا تشركي باللّه شيئًا، ولا تسرقي، ولا تزني، ولا تقتلي ولدك، ولا تأتي ببهتانٍ تفترينه بين يديك ورجليك، ولا تنوحي، ولا تبرّجي تبرّج الجاهليّة الأولى.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن محمّد بن المنكدر، عن أميمة بنت رقيقة، قالت: جاءت نسوةٌ إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يبايعنه، فقال: فيما استطعتنّ وأطقتنّ. فقلنا: اللّه ورسوله أرحم بنا منّا بأنفسنا.
- حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن عبد الحكم، قال: حدّثنا أبي وشعيب بن اللّيث، عن اللّيث قال: حدّثنا خالد بن يزيد، عن ابن أبي هلالٍ، عن ابن المنكدر أنّ أميمة أخبرته أنّها دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في نسوةٍ، فقلن: يا رسول اللّه ابسط يدك نصافحك، فقال: إنّي لا أصافح النّساء، ولكنّي سآخذ عليكم. فأخذ علينا حتّى بلغ: {ولا يعصينك في معروفٍ} فقال: فيما أطقتنّ واستطعتنّ. فقلن: اللّه ورسوله أرحم بنا من أنفسنا.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا هارون، عن عمرٍو، عن عاصمٍ، عن ابن سيرين، عن أمّ عطيّة الأنصاريّة، قالت: كان فيما اشترط علينا من المعروف حين بايعنا أن لا ننوح، فقالت امرأةٌ من بني فلانٍ: إنّ بني فلانٍ أسعدوني، فلا حتّى أجزيهم، فانطلقت فأسعدتهم، ثمّ جاءت فبايعت. قال: فما وفى منهنّ غيرها وغير أمّ سليمٍ ابنة ملحان أمّ أنس بن مالكٍ.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا أبو نعيمٍ، قال: حدّثنا عمر بن فرّوخٍ القتّاب، قال: حدّثنا مصعب بن نوحٍ الأنصاريّ، قال: أدركت عجوزًا لنا كانت فيمن بايع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، قالت: فأتيته لأبايعه، فأخذ علينا فيما أخذ ولا تنحن، فقالت عجوزٌ: يا نبيّ اللّه إنّ ناسًا قد كانوا أسعدوني على مصائب أصابتني، وإنّهم قد أصابتهم مصيبةٌ، فأنا أريد أن أسعدهم؛ قال: فانطلقي فكافئيهم ثمّ إنّها أتت فبايعته، قال: هو المعروف الّذي قال اللّه: {ولا يعصينك في معروفٍ}.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن يزيد، مولى الصّهباء، عن شهر بن حوشبٍ، عن أمّ سلمة، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، في قوله: {ولا يعصينك في معروفٍ} قال: النّوحً.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا يونس، قال: حدّثنا محمّد بن إسحاق، عن محمّد بن المنكدر، عن أميمة بنت رقيقة التّيميّة، قالت: بايعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في نسوةٍ من المسلمين، فقلنا له: جئناك يا رسول اللّه نبايعك على أن لا نشرك باللّه شيئًا، ولا نسرق، ولا نزني، ولا نقتل أولادنا، ولا نأتي ببهتانٍ نفتريه بين أيدينا وأرجلنا، ولا نعصيك في معروفٍ. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: فيما استطعتنّ وأطقتنّ فقلنا: اللّه ورسوله أرحم بنا من أنفسنا. فقلنا: بايعنا يا رسول اللّه. فقال: اذهبن فقد بايعتكنّ، إنّما قولي لمائة امرأةٍ كقولي لامرأةٍ واحدةٍ. وما صافح رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم منّا أحدًا.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا يونس بن بكيرٍ، عن عيسى بن عبد اللّه التّيميّ، عن محمّد بن المنكدر، عن أميمة بنت رقيقة خالة فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: سمعتها تقول: بايعنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فأخذ علينا أن لا نشرك باللّه شيئًا. فذكر مثل حديث محمّد بن إسحاق.
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن محمّد بن المنكدر، عن أميمة بنت رقيقة، قالت: أتيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في نساءٍ نبايعه، قالت: فأخذ علينا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بما في القرآن {أن لا يشركن باللّه شيئًا} الآية، ثمّ قال: فيما استطعتنّ وأطقتنّ. فقلنا: يا رسول اللّه ألا تصافحنا؟ فقال: إنّي لا أصافح النّساء، ما قولي لامرأةٍ واحدةٍ إلاّ كقولي لمائة امرأةٍ.
- حدّثنا ابن عبد الرّحيم البرقيّ، قال: حدّثنا عمرو بن أبي سلمة، عن زهيرٍ، عن موسى بن عقبة، عن محمّد بن المنكدر، عن أميمة بنت رقيقة، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بنحوه.
- حدّثت، عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {ولا يعصينك في معروفٍ} والمعروف: ما اشترط عليهنّ في البيعة أن يتبعن أمره.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قول اللّه: {ولا يعصينك في معروفٍ} فقال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نبيّه وخيرته من خلقه ثمّ لم يستحلّ له أمور أمرٍ إلاّ بشرطٍ؛ لم يقل: ولا يعصينك ويترك حتّى قال: في معروفٍ: فكيف ينبغي لأحدٍ أن يطاع في غير معروفٍ وقد اشترط اللّه هذا على نبيّه، قال: فالمعروف كلّ معروفٍ أمرهنّ به في الأمور كلّها وينبغي لهنّ ألا يعصين.
- حدّثنا محمّد بن سنانٍ القزّاز، حدّثنا إسحاق بن إدريس، حدّثنا إسحاق بن عثمان أبو يعقوب، قال: حدّثني إسماعيل بن عبد الرّحمن بن عطيّة، عن جدّته أمّ عطيّة، قالت: لمّا قدم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم المدينة، جمع بين نساء الأنصار في بيتٍ، ثمّ أرسل إلينا عمر بن الخطّاب، فقام على الباب فسلّم علينا، فرددن، أو فرددنا عليه، ثمّ قال: أنا رسول رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إليكنّ. قالت: فقلنا: مرحبًا برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وبرسول رسول اللّه، فقال: تبايعن على أن لا تشركن باللّه شيئًا، ولا تسرقن، ولا تزنين، قالت: قلنا نعم؛ قال: فمدّ يده من خارج الباب أو البيت، ومددنا أيدينا من داخل البيت، ثمّ قال: اللّهمّ اشهد. قالت: وأمرنا في العيدين أن نخرج فيه الحيّض والعواتق، ولا جمعة علينا، ونهانا عن اتّباع الجنازة. قال إسماعيل: فسألت جدّتي عن قول اللّه {ولا يعصينك في معروفٍ} قالت: النّياحة.
- حدّثني محمّد بن عبد الرّحيم البرقيّ، قال: حدّثنا عمرو بن أبي سلمة، عن زهيرٍ، في قول اللّه: {ولا يعصينك في معروفٍ} قال: لا يخلوا الرّجل بامرأةٍ.
وقوله: {فبايعهنّ} يقول جلّ ثناؤه: إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على هذه الشّروط، فبايعهنّ {واستغفر لهنّ اللّه} يقول: سل لهنّ اللّه أن يصفح عن ذنوبهنّ، ويسترها عليهنّ بعفوه لهنّ عنها {إنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ} يقول: إنّ اللّه ذو سترٍ على ذنوب من تاب إليه من ذنوبه أن يعذّبه عليها بعد توبته منها). [جامع البيان: 22/594-602]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا شيبان عن منصور عن سالم بن أبي الجعد ولا يعصينك في معروف قال هو النوح فنهاهن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النوح). [تفسير مجاهد: 2/670]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو بكرٍ أحمد بن سليمان الفقيه ببغداد، ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، وحدّثنا الشّيخ أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أنبأ العبّاس بن الفضل الأسفاطيّ، قالا: ثنا إسماعيل بن أبي أويسٍ، حدّثني أخي، عن سليمان بن بلالٍ، عن ابن عجلان، عن أبيه، عن فاطمة بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمسٍ، أنّ أبا حذيفة بن عتبة رضي اللّه عنه، أتى بها وبهند بنت عتبة رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، تبايعه فقالت: أخذ علينا فشرط علينا، قالت: قلت له: يا ابن عمّ، هل علمت في قومك من هذه العاهات أو الهنّات شيئًا؟ قال أبو حذيفة: إيهًا فبايعيه، فإنّ بهذا يبايع وهكذا يشترط، فقالت هندٌ: لا أبايعك على السّرقة، إنّي أسرق من مال زوجي، فكفّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يده، وكفّت يدها حتّى أرسل إلى أبي سفيان فتحلّل لها منه، فقال أبو سفيان: أمّا الرّطب فنعم، وأمّا اليابس فلا ولا نعمة. قالت: فبايعناه، ثمّ قالت فاطمة: ما كانت قبّةٌ أبغض إليّ من قبّتك ولا أحبّ أن يبيحها اللّه وما فيها، واللّه ما من قبّةٍ أحبّ إليّ أن يعمّرها اللّه ويبارك فيها من قبّتك. فقال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «وأيضًا واللّه لا يؤمن أحدكم حتّى أكون أحبّ إليه من ولده ووالده» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2/528]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ م ت) عائشة - رضي الله عنها -: قالت: كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يبايع النساء بالكلام بهذا الآية {لا يشركن باللّه شيئاً} [الممتحنة: 12] وما مسّت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأةٍ لا يملكها.
وفي رواية: كان المؤمنات إذا هاجرن إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم يمتحنهنّ بقول الله: {يا أيّها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجراتٍ فامتحنوهنّ... } إلى آخر الآية [الممتحنة: 10] قالت عائشة: فمن أقرّ بهذا الشّرط من المؤمنات، فقد أقرّ بالمحنة، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقررن بذلك من قولهنّ، قال لهنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «انطلقن، فقد بايعتكنّ» لا والله، ما مسّت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأةٍ قطّ، غير أنه بايعهن بالكلام، والله ما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على النساء إلا بما أمره الله، وكان يقول لهنّ إذا أخذ عليهنّ قد بايعتكنّ كلاماً. هذه رواية البخاري، ومسلم.
وفي رواية الترمذي، قالت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمتحن إلا بالآية التي قال الله: {إذا جاءك المؤمنات يبايعنك... } الآية [الممتحنة: 12] قال معمر: فأخبرني ابن طاووس، عن أبيه قال: ما مسّت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأةٍ، إلا [يد] امرأة يملكها.
[شرح الغريب]
(يمتحنهن) الامتحان: الاختبار). [جامع الأصول: 2/385-386] (م)
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ) ابن عباس - رضي الله عنهما -: في قوله: {ولا يعصينك في معروفٍ} [الممتحنة:12] إنّما هو شرطٌ شرطه الله للنّساء. أخرجه البخاري). [جامع الأصول: 2/386]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {ولا يعصينك في معروفٍ} [الممتحنة: 12].
- عن أمّ سلمة عن النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم -: «{ولا يعصينك في معروفٍ} [الممتحنة: 12]
قال: " النّوح».
رواه أحمد، وفيه شهر بن حوشبٍ، وثّقه جماعةٌ وفيه ضعفٌ وبقيّة رجاله ثقاتٌ.
- وعن مصعب بن نوحٍ الأنصاريّ قال: «أدركت عجوزًا لنا كانت فيمن بايع النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - قالت: فأتيناه يومًا، فأخذ علينا أن لا ننح. قالت العجوز: يا رسول اللّه، إنّ ناسًا كانوا قد أسعدوني على مصيبةٍ أصابتني، وإنّهم أصابتهم مصيبةٌ، وأنا أريد أن أسعدهم. ثمّ إنّها أتته فبايعته وقالت: هو المعروف الّذي قال اللّه - عزّ وجلّ - {ولا يعصينك في معروفٍ} [الممتحنة: 12]».
رواه أحمد، ورجاله ثقاتٌ). [مجمع الزوائد: 7/123-124]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قال أحمد بن منيعٍ: حدثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن سالم ابن أبي الجعد، عن أبي المليح رضي الله عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في قوله تعالى: {ولا يعصينك في معروفٍ} قال: هو النّوح.
هذا مرسلٌ حسن الإسناد). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 15/337]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 12 - 13.
أخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد والبخاري، وابن ماجة، وابن المنذر، وابن مردويه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمتحن من هاجر إليه من المؤمنات بهذه الآية {يا أيها النّبيّ إذا جاءك المؤمنات يبايعنك} إلى قوله: {غفور رحيم} فمن أقرت بهذا الشرط من المؤمنات قال لها رسول الله: قد بايعنك كلاما ولا والله ما مست يده يد امرأة قط في المبايعة ما بايعهن إلا بقوله: قد بايعنك على ذلك). [الدر المنثور: 14/423]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن سعد وأحمد والترمذي وصححه والنسائي، وابن ماجة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه عن أميمة بنت رقيقة قالت: أتيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم في نساء لنابيعه فأخذ علينا ما في القرآن أن لا نشرك بالله شيئا حتى بلغ {ولا يعصينك في معروف} فقال: فيما استطعتن وأطقتن قلنا: الله ورسوله أرحم بنا من أنفسنا يا رسول الله ألا تصافحنا قال: إني لا أصافح النساء إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة). [الدر المنثور: 14/423-424]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد، وابن مردويه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله قال: جاءت أميمة بنت رقيقة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تبايعه على الإسلام فقال: أبايعك على أن لا تشركي بالله شيئا ولا تسرقي ولا تزني ولا تقتلي ولدك ولا تأتي بهتان تفترينه بين يديك ورجليك ولا تبرجي تبرج الجاهلية الأولى). [الدر المنثور: 14/424]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد وأحمد، وابن مردويه عن سليمى بنت قيس رضي الله عنها قالت: جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم أبايعه على الإسلام في نسوة من الأنصار فلما شرط علينا أن لا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيه في معروف ولا تغششن أزواجكن، فبايعناه ثم انصرفنا فقلت لامرأة: ارجعي فاسأليه ما غش أزواجنا فسألته فقال: تأخذ ماله فتحابي غيره به). [الدر المنثور: 14/424-425]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن مردويه والبخاري ومسلم والنسائي، وابن المنذر عن عبادة بن الصامت قال: كنا عند النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا وقرأ (هكذا في الأصل)، فمن وفى منكم فأجره على الله ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب في الدنيا فهو كفارة له ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله فهو إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له). [الدر المنثور: 14/425]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري ومسلم، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: شهدت الصلاة يوم الفطر مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم فنزل فأقبل حتى أتى النساء فقال: {يا أيها النّبيّ إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين} حتى فرغ من الآية كلها ثم قال حين فرغ: أنتن على ذلك قالت امرأة: نعم). [الدر المنثور: 14/425]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل رضي الله عنه قال: أنزلت هذه الآية يوم الفتح فبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجال على الصفا وعمر يبايع النساء تحتها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم). [الدر المنثور: 14/426]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد، وابن سعد وأبو داود وأبو يعلى، وعبد بن حميد، وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن إسمعيل بن عبد الرحمن بن عطية عن جدته أم عطية رضي الله عنها قالت: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة جمع نساء الأنصار في بيت فأرسل إليهن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقام على الباب فسلم فقال: أنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكن تبايعن على أن لا تشركن بالله شيئا ولا تسرقن ولا تزنين الآية، قلنا: نعم فمد يده من خارج البيت ومددنا أيدينا من داخل البيت، قال إسمعيل: فسألت جدتي عن قوله تعالى: {ولا يعصينك في معروف} قالت: نهانا عن النياحة). [الدر المنثور: 14/426]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن سعد وأحمد، وابن مردويه عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها قالت: بايعت النّبيّ صلى الله عليه وسلم في نسوة فقال: إني لا أصافحكن ولكن آخذ عليكن ما أخذ الله). [الدر المنثور: 14/427]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن سعد عن الشعبي رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبايع النساء ووضع على يده ثوبا فلما كان بعد كان يخبر النساء فيقرأ عليهن هذه الآية {يا أيها النّبيّ إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن} فإذا أقررن قال: قد بايعنكن حتى جاءت هند امرأة أبي سفيان فلما قال: {ولا يزنين} قالت: أو تزني الحرة لقد كنا نستحي من ذلك في الجاهلية فكيف بالإسلام فقال: {ولا يقتلن أولادهن} قالت: أنت قتلت آباءهم وتوصينا بأبنائهم فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: {ولا يسرقن} فقالت: يا رسول الله إني أصبت من مال أبي سفيان فرخص لها). [الدر المنثور: 14/427]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: قل لهن: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يبايعكن على أن لا تشركن بالله شيئا وكانت هند متنكرة في النساء فقال لعمر: قلن لهن {ولا يسرقن} قالت هند: والله إني لأصيب من مال أبي سفيان الهنة فقال: {ولا يزنين} فقالت: وهل تزني الحرة فقال: {ولا يقتلن أولادهن} قالت هند: أنت قتلتهم يوم بدر قال: {ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف} قال: منعهن أن ينحن وكان أهل الجاهلية يمزقن الثياب ويخدشن الوجوه ويقطعن الشعور ويدعون بالويل والثبور). [الدر المنثور: 14/427-428]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم وصححه عن فاطمة بنت عتبة أن أخاها أبا حذيفة أتى بها وبهند بنت عتبة رسول الله صلى الله عليه وسلم تبايعه فقالت: أخذ علينا بشرط فقلت له: يا ابن عم وهل علمت في قومك من هذه الصفات شيئا قال أبو حذيفة: أيها فبايعيه فإن بهذا يبايع وهكذا يشترط فقالت هند: لا أبايعك على السرقة فإني أسرق من مال زوجي فكف النّبيّ صلى الله عليه وسلم يده وكفت يدها حتى أرسل إلى أبي سفيان فتحلل لها منه فقال أبو سفيان: أما الرطب فنعم وأما اليابس فلا ولا نعمة، قالت: فبايعناه). [الدر المنثور: 14/428]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس في قوله: {ولا يأتين ببهتان يفترينه} قال: كانت الحرة يولد لها الجارية فتجعل مكانها غلاما). [الدر المنثور: 14/429]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه من طريق علي ابن عباس رضي الله عنهما {ولا يأتين ببهتان يفترينه} قال: لا يلحقن بأزواجهن غير أولادهن {ولا يعصينك في معروف} قال: إنما هو شرط شرطه الله للنساء). [الدر المنثور: 14/429]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد وأحمد، وعبد بن حميد والترمذي وحسنه، وابن ماجة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أم سلمة الأنصارية قالت: قالت امرأة من النسوة ما هذا المعروف الذي لا ينبغي لنا أن نعصيك فيه قال: لا تنحن قلت يا رسول الله: إن بني فلان أسعدوني على عمي ولا بد لي من قضائهن فأبى علي فعاودته مرارا فأذن لي في قضائهن فلم أنح بعد ولم يبق منا امرأة إلا وقد ناحت غيري). [الدر المنثور: 14/429-430]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن منيع، وابن سعد، وابن مردويه عن أبي المليح قال: جاءت امرأة من الأنصار تبايع النّبيّ صلى الله عليه وسلم فلما شرط عليها أن لا تشركن بالله شيئا ولا تسرقن ولا تزنين أقرت فلما قال: {ولا يعصينك في معروف} قال: أن لا تنوحي فقالت: يا رسول الله إن فلانه أسعدتني أفأسعدها ثم لا أعود فلم يرخص لها، مرسل حسن الإسناد). [الدر المنثور: 14/430]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد، وعبد بن حميد، وابن سعد، وابن مردويه بسند جيد عن مصعب بن نوح الأنصاري قال: أدركت عجوزا لنا كانت فيمن بايع النّبيّ صلى الله عليه وسلم قالت: أخذ علينا فيما أخذ أن لا تنحن وقال: هو المعروف الذي قال الله: {ولا يعصينك في معروف} فقلت يا نبي الله: إن أناسا قد كانوا أسعدوني على مصائب أصابتني وإنهم قد أصابتهم مصيبة وأنا أريد أن أسعدهم، قال: انطلقي فكافئيهم ثم إنها أتت فبايعته). [الدر المنثور: 14/430]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أسيد بن أبي أسيد البراد عن امرأة من المبايعات قال: كان فيما أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا نعصيه فيه من المعروف وأن لا نخمش وجها ولا نشق جيبا ولا ندعو ويلا). [الدر المنثور: 14/430-431]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم في قوله: {ولا يعصينك في معروف} قال: لا يشققن جيوبهن ولا يصككن خدودهن). [الدر المنثور: 14/431]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد عن سالم بن أبي الجعد في قوله: {ولا يعصينك في معروف} قال: النوح). [الدر المنثور: 14/431]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد عن أبي العالية {ولا يعصينك في معروف} قال: النوح قال فكل شيء وافق لله طاعة فلم يرض لنبيه أن يطاع في معصية الله). [الدر المنثور: 14/431]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن أبي هاشم الواسطي {ولا يعصينك في معروف} قال: لا يدعون ويلا ولا يشققن جيبا ولا يحلقن رأسا). [الدر المنثور: 14/431]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد، وعبد بن حميد عن بكر بن عبد الله المزني قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على النساء في البيعة أن لا يشققن جيبا ولا يخمشن وجها ولا يدعون ويلا ولا يقلن هجرا). [الدر المنثور: 14/431]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن عائشة بنت قدامة بن مظعون قالت: كنت مع أمي رائطة بنت سفيان والنبي صلى الله عليه وسلم يبايع النسوة ويقول: أبايعكن على أن لا تشركن بالله شيئا ولا تسرقن ولا تزنين ولا تقتلن أولادكن ولا تأتين ببهتان تفترينه بين أيديكن وأرجلكن ولا تعصين في معروف فأطرقن قالت: وأنا أسمع أمي وأمي تلقنني تقول: أي بنية قولي نعم فيما استطعت فكنت أقول كما يقلن). [الدر المنثور: 14/432]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق في المصنف وأحمد، وابن مردويه عن أنس قال: أخذ النّبيّ صلى الله عليه وسلم على النساء حين بايعهن أن لا ينحن فقلن: يا رسول الله إن نساء أسعدتنا في الجاهلية أفتسعدهن في الإسلام فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: لا إسعاد في الإسلام ولا شطار ولا عقر في الإسلام ولا خبب ولا جنب ومن انتهب فليس منا). [الدر المنثور: 14/432-433]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه، عن جابر بن عبد الله في قوله: {يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن} قال: كيف يمتحن فأنزل الله {يا أيها النّبيّ إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا} الآية). [الدر المنثور: 14/433]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد، وابن مردويه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بايع النساء دعا بقدح من ماء فغمس يده فيه ثم يغمس أيديهن فكانت هذه بيعته). [الدر المنثور: 14/433]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني والحاكم وصححه، وابن مردويه عن أم عطية قالت: لما نزلت {إذا جاءك المؤمنات يبايعنك} إلى قوله: {ولا يعصينك في معروف فبايعهن} قالت: كان منه النياحة يا رسول الله إلا آل فلان فإنهم كانوا قد أسعدوني في الجاهلية فلا بد لي من أن أسعدهم قال: لا آل فلان). [الدر المنثور: 14/433]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن مردويه عن أم عطية قالت: أخذ علينا في البيعة أن لاننوح فما وفى منا إلا خمسة أم سليم وأم العلاء، وابن أبي سبرة امرأة أبي معاذ أو قال: بنت أبي سبرة وامرأة معاذ وامرأة أخرى). [الدر المنثور: 14/434]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري ومسلم، وابن مردويه عن أم عطية، قالت: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ علينا أن لا تشركن بالله شيئا ونهانا عن النياحة فقبضت منا امرأة يدها فقالت يا رسول الله: إن فلانة أسعدتني وأنا أريد أن أجزيها فلم يقل لها شيئا فذهبت ثم رجعت قالت: فما وفت منا امرأة إلا أم سليم وأم العلاء وبنت أبي سبرة امرأة معاذ أو بنت أبي سبرة وامرأة معاذ). [الدر المنثور: 14/434]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه، عن جابر بن عبد الله في قوله: {ولا يعصينك في معروف} قال: اشترط عليهن أن لا ينحن). [الدر المنثور: 14/434]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك قال: كان فيما أخذ على النساء من المعروف أن لا ينحن فقالت امرأة: لا بد من النوح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن كنتن لا بد فاعلات فلا تخمشن وجها ولا تخرقن ثوبا ولا تحلقن شعرا ولا تدعون بالويل ولا تقلن هجرا ولا تقلن إلا حقا). [الدر المنثور: 14/434-435]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد عن عاصم بن عمرو بن قتادة رضي الله عنه قال: أول من بايع النّبيّ صلى الله عليه وسلم أم سعد بن معاذ كبشة بنت رافع وأم عامر بنت يزيد بن السكن وحواء بنت يزيد بن السكن). [الدر المنثور: 14/435]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن يزيد بن أسلم رضي الله عنه {ولا يعصينك في معروف} قال: لا يشققن جيبا ولا يخمش وجها ولا ينشرن شعرا ولا يدعون ويلا). [الدر المنثور: 14/435]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن علي رضي الله عنه أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن النوح). [الدر المنثور: 14/435]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، عن جابر رضي الله عنه أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: إنما نهيت عن النوح). [الدر المنثور: 14/435]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي رضي الله عنه قال: لعنت النائحة والممسكة). [الدر المنثور: 14/435]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أم عفيف قالت: أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بايع النساء أن لا نحدث الرجال إلا محرما). [الدر المنثور: 14/435]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد، وعبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه قال: كان فيما أخذ عليهن أن لا يخلون بالرجال إلا أن يكون محرما وإن الرجل قد تلاطفه المرأة فيمذي في فخذيه). [الدر المنثور: 14/435-436]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {ولا يعصينك في معروف} قال: أخذ عليهن أن لا ينحن ولا يحدثن الرجال فقال عبد الرحمن بن عوف: إن لنا أضيفا وأنا نغيب عن نسائنا فقال: ليس أولئك عنيت). [الدر المنثور: 14/436]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن مردويه عن أم عطية رضي الله عنها قالت: كان فيما أخذ عليهن أن لا يخلون بالرجال إلا أن يكون محرما فإن الرجل قد يلاطف المرأة فيمذي في فخذيه). [الدر المنثور: 14/436]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية {إذا جاءك المؤمنات يبايعنك} قال: فإن المعروف الذي لا يعصي فيه أن لا يخلو الرجل والمرأة وحدانا وأن لا ينحن نوح الجاهلية، قال: فقالت خولة بنت حكيم الأنصارية: يا رسول الله إن فلانة أسعدتني وقد مات أخوها فأنا أريد أن أجزيها، قال: فاذهبي فاجزيها ثم تعالي فبايعي، وأخرجه ابن جرير، وابن مردويه عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما موصولا والله أعلم). [الدر المنثور: 14/436]

تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآَخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ (13) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (- أخبرنا مسعر، قال: حدثني معن وعون، أو أحدهما، أن رجلًا أتى عبد الله ابن مسعودٍ، فقال: اعهد إلي؟ فقال: إذا سمعت الله يقول: {يا أيها الذين آمنوا} فارعها سمعك، فإنها خيرٌ يأمر به، أو شرٌّ ينهى عنه). [الزهد لابن المبارك: 2/ 18]

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر عن قتادة في قوله تعالى قد يئسوا من الآخرة يقول اليهود قد يئسوا أن يبعثوا كما يئس الكفار أن يرجع إليهم أصحاب القبور الذين ماتوا). [تفسير عبد الرزاق: 2/289]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وقال الكلبي في قوله تعالى قد يئسوا من الآخرة يعني اليهود والنصارى يقول قد يئسوا من ثواب الآخرة وكرامتها كما يئس الكفار الذين قد ماتوا فهم في القبور أيسوا من الجنة حين رأوا مقاعدهم من النار). [تفسير عبد الرزاق: 2/289]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا عبدة بن سليمان، عن الأعمش، عن خيثمة، قال: ما تقرؤون في القرآن: {يا أيّها الّذين آمنوا} فإنّ موضعه في التّوراة: يا أيّها المساكين). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 318]

قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا يحيى بن بكير، قال: أخبرنا شعبة، عن سماكٍ عن عكرمة {كما يئس الكفّار من أصحاب القبور} قال: الكفّار إذا دخلوا القبور فعاينوا ما أعدّ اللّه لهم من الخزي يئسوا من رحمة الله). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 437]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تتولّوا قومًا غضب اللّه عليهم قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفّار من أصحاب القبور}.

يقول تعالى ذكره للمؤمنين به من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: يا أيّها الّذين آمنوا لا تتولّوا قومًا غضب اللّه عليهم من اليهود. {قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفّار من أصحاب القبور}.
واختلف أهل التّأويل في تأويل قوله: {قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفّار من أصحاب القبور} فقال بعضهم: معنى ذلك: قد يئس هؤلاء القوم الّذين غضب اللّه عليهم من اليهود من ثواب اللّه لهم في الآخرة، وأن يبعثوا، كما يئس الكفّار الأحياء من أمواتهم الّذين هم في القبور أن يرجعوا إليهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تتولّوا قومًا غضب اللّه عليهم} الآية، يعني من مات من الّذين كفروا، فقد يئس الأحياء من الّذين كفروا أن يرجعوا إليهم، أو يبعثهم اللّه.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن منصور بن زاذان، عن الحسن، أنّه قال في هذه الآية: {قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفّار من أصحاب القبور}. قال: الكفّار الأحياء قد يئسوا من الأموات.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {قد يئسوا من الآخرة} يقول: يئسوا أن يبعثوا كما يئس الكفّار أن يرجع إليهم أصحاب القبور الّذين ماتوا.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تتولّوا قومًا غضب اللّه عليهم قد يئسوا من الآخرة} الآية، الكافر لا يرجو لقاء ميّته ولا أجره.
- حدّثت، عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفّار من أصحاب القبور} يقول: من مات من الّذين كفروا فقد يئس الأحياء منهم أن يرجعوا إليهم، أو يبعثهم اللّه.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: قد يئسوا من الآخرة أن يرحمهم اللّه فيها، ويغفر لهم، كما يئس الكفّار الّذي هم أصحاب قبورٍ قد ماتوا وصاروا إلى القبور من رحمة اللّه وعفوه عنهم في الآخرة، لأنّهم قد أيقنوا بعذاب اللّه لهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، عن شعبة، عن الحكم، عن مجاهدٍ، في هذه الآية: {قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفّار من أصحاب القبور} قال: أصحاب القبور الّذين في القبور قد يئسوا من الآخرة.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى؛ وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفّار من أصحاب القبور}. قال: من ثواب الآخرة حين تبيّن لهم عملهم، وعاينوا النّار.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا شعبة، عن سماكٍ، عن عكرمة، أنّه قال في هذه الآية: {قد يئسوا من الآخرة}. الآية، قال: أصحاب القبور قد يئسوا من الآخرة.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، قال: قال الكلبيّ: قد يئسوا من الآخرة، يعني اليهود والنّصارى، يقول: قد يئسوا من ثواب الآخرة وكرامتها، كما يئس الكفّار الّذي قد ماتوا فهم في القبور من الجنّة حين رأوا مقعدهم من النّار.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قول اللّه: {لا تتولّوا قومًا} الآية، قال: قد يئس هؤلاء الكفّار من أن تكون لهم آخرةٌ، كما يئس الكفّار الّذين ماتوا الّذين في القبور من أن تكون لهم آخرةٌ، لما عاينوا من أمر الآخرة،.
فكما يئس أولئك الكفّار، كذلك يئس هؤلاء الكفّار. قال: والقوم الّذين غضب اللّه عليهم، يهودهم الّذين يئسوا من أن تكون لهم آخرةٌ، كما يئس الكفّار قبلهم من أصحاب القبور، لأنّهم قد علموا كتاب اللّه وأقاموا على الكفر به، وما صنعوا وقد علموا؟.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، في قوله: {يئسوا من الآخرة} الآية، قال: قد يئسوا أن يكون لهم ثواب الآخرة، كما يئس من في القبور من الكفّار من الخير، حين عاينوا العذاب والهوان.
وأولى القولين في ذلك عندي بالصّواب قول من قال: قد يئس هؤلاء الّذين غضب اللّه عليهم من اليهود من ثواب اللّه لهم في الآخرة، وكرامته لكفرهم وتكذيبهم رسوله محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم على علمٍ منهم بأنّه للّه نبيٌّ، كما يئس الكفّار منهم الّذين مضوا قبلهم فهلكوا، فصاروا أصحاب القبور، وهم على مثل الّذي هؤلاء عليه من تكذيبهم عيسى صلوات اللّه عليه وغيره من الرّسل، من ثواب اللّه وكرامته إيّاهم.
وإنّما قلنا: ذلك أولى القولين بتأويل الآية، لأنّ الأموات قد يئسوا من رجوعهم إلى الدّنيا، أو أن يبعثوا قبل قيام السّاعة المؤمنون والكفّار، فلا وجه لأن يخصّ بذلك الخبر عن الكفّار، وقد شركهم في الإياس من ذلك المؤمنون). [جامع البيان: 22/602-605]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال ثنا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قد يئسوا من الآخرة يعني بكفرهم كما يئس الكفار من أصحاب القبور يقول كما يئس من مات منهم من ثواب الآخرة ومن رحمة الله حين تبين لهم أعمالهم الخبيثة). [تفسير مجاهد: 670]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تتولّوا قومًا غضب اللّه عليهم} [الممتحنة: 13].
- عن عبد اللّه بن مسعودٍ في قوله {يا أيّها الّذين آمنوا لا تتولّوا قومًا غضب اللّه عليهم قد يئسوا من الآخرة} [الممتحنة: 13] فلا يؤمنوا بها ولا يؤجروا: [هذا] الكافر إذا مات وعاين ثوابه واطّلع عليه.
رواه الطّبرانيّ عن شيخه عبد اللّه بن محمّد بن سعيد بن أبي مريم وهو ضعيفٌ). [مجمع الزوائد: 7/124]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن إسحاق، وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان عبد الله بن عمر وزيد بن الحارث يوادان رجالا من يهود فأنزل الله: {يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم} الآية). [الدر المنثور: 14/436-437]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن جرير، وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله: {يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم قد يئسوا من الآخرة} قال: فلا يؤمنون بها ولا يرجونها، كما يئس هذا الكافر إذا مات وعاين ثوابه واطلع عليه). [الدر المنثور: 14/437]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن ابن عباس: (لاتتولو قوما غضب الله عليهم) قال هم الكفار أصحاب القبور الذين يئسوا من الآخرة). [الدر المنثور: 14/437]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير: (كما يئس الكفار من أصحاب القبور) . قال الذين ماتوا فعاينوا الاخرة). [الدر المنثور: 14/437]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة عن مجاهد وعكرمة في قوله: (كما يئس الكفار من أصحاب القبور) . قالا: الكفار حين ادخلوا القبور فعاينوا ما أعد الله لهم من الخزي يئسوا من رحمة الله). [الدر المنثور: 14/437-438]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال: يعني من مات من الذين كفروا فقد يئس الأحياء من الذين كفروا أن يرجعوا إليهم أو يبعثهم الله). [الدر المنثور: 14/438]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر عن الحسن قال: (كما يئس الكفار): الأحياء من الذين ماتوا). [الدر المنثور: 14/438]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر عن قتادة في قوله: (لا تتولوا قوما غضب الله عليهم) . قال: اليهود قد يئسوا من الآخرة أن يبعثوا كما يئس الكفار أن يرجع إليهم أصحاب القبور الذين قد ماتوا). [الدر المنثور: 14/438]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد: (قد يئسوا من الآخرة) قال بكفرهم (كما يئس الكفار من أصحاب القبور) قال: من ثواب الآخرة حين تبين لهم أعمالهم). [الدر المنثور: 14/438]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة: (كما يئس الكفار من أصحاب القبور). قال إن الكافر إذا مات له ميت لم يرج لقاءه ولم يحتسب أجره). [الدر المنثور: 14/438]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 09:30 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ولا يقتلن أولادهنّ...} قرأها السّلمي وحده: ولا يقتّلن أولادهن، وذكر أن النبي صلى الله عليه لما افتتح مكة قعد على الصفا وإلى جنبه عمر، فجاءه النساء يبايعنه؛ وفيهن بنت عتبة، فلما قال رسول الله صلى الله عليه: {لاّ يشركن باللّه شيئاً} يقول: لا تعبدن الأوثان، ولا تسرقن، ولا تزنين. قالت هند: وهل تزني الحرة؟ قال: فضحك عمر، ثم قال: لا، لعمري، ما تزني الحرة. قال: فلما قال: {لا تقتلن أولادكن}، هذا فيما كان أهل الجاهلية يئدون، فبويعوا على ألا يفعلوا، فقالت هند: قد ربيناهم صغارا، وقتلتموهم كبارا). [معاني القرآن: 3/152]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ولا يأتين ببهتانٍ يفترينه بين أيديهنّ وأرجلهنّ...} كانت المرأة تلتقط المولود، فتقول لزوجها: هذا ولدي منك. فذلك البهتان المفترى). [معاني القرآن: 3/152]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ولا يأتين ببهتانٍ يفترينه بين أيديهنّ وأرجلهنّ}، [أي لا يلحقن بأزواجهن غير أولادهم]. وكانت المرأة تلتقط المولود، فتقول للزوج: هذا ولدي منك.
{ولا يعصينك في معروفٍ} أي في أمر تأمرهن به. وأمر رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وعلى آله وسلم- كلّه معروف). [تفسير غريب القرآن: 462-463]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله تعالى: {يا أيّها النّبيّ إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن باللّه شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهنّ ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهنّ وأرجلهنّ ولا يعصينك في معروف فبايعهنّ واستغفر لهنّ اللّه إنّ اللّه غفور رحيم} أي لا يأتين بولد ينسبنه إلى الزوج، فإن ذلك بهتان وفرية.
{ولا يعصينك في معروف} قيل: لا يعصينك في أمر في النوح، وقيل في تمزيق الثياب وخمش الوجوه ومحادثة الرجال. والجملة أن المعنى لا يعصينك في جميع ما تأمرهن به بالمعروف.
وروي أن النبي عليه السلام جلس على الصفا، وجلس عمر رحمه اللّه دونه، فكن يبايعن النبي -صلى الله عليه وسلم- على ما تضمّنته الآية، ويمسحن أيديهنّ بيد عمر.
وقيل كن يمسحن بأيديهن من وراء ثوب). [معاني القرآن: 5/160-161]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ} أي بولد ملقوط، فتقول لزوجها: هذا ولدك منّي). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 268]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآَخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ (13)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لا تتولّوا قوماً غضب اللّه عليهم قد يئسوا من الآخرة...} يقول: من نعيم الآخرة وثوابها، كما يئس الكفار من أهل القبور، يقول: علموا ألا نعيم لهم في الدنيا، وقد ماتوا ودخلوا القبور. ويقال: كما يئس الكفار من أصحاب القبور: من ثواب الآخرة ونعيمها). [معاني القرآن: 3/152]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (... {كما يئس الكفّار من أصحاب القبور} أن يبعثوا، كذلك يئس أولئك من الآخرة أن تكون. ويقال: «أراد كما يئس الكفار الموتى من الآخرة، أي يئس المشركون من الآخرة، كما يئس أسلافهم الكفار المقبورون» .و«المقبورون» هم: أصحاب القبور). [تفسير غريب القرآن: 463]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تتولّوا قوما غضب اللّه عليهم قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفّار من أصحاب القبور} ىيعني به اليهود.
{كما يئس الكفّار من أصحاب القبور} أي كما يئس الكفار الذين لا يوقنون بالبعث من موتاهم أن يبعثوا، فقد يئس اليهود والذين عاقدوا النبي -صلى الله عليه وسلم- من أن يكون لهم في الآخرة حظ.
وقيل: {قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفّار من أصحاب القبور} أي من الذين في القبور، يعلمون أنهم لا حظّ لهم في الآخرة). [معاني القرآن: 5/161]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 09:32 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (أما قوله:
ومنّا الذي منع الوائدات
فإنه يعني جدّه صعصعة بن ناجية بن عقالٍ، وكانت العرب في الجاهلية تئد البنات، ولم يكن هذا في جميعها إنما كان في تميم بن مرّة ثم استفاض في جيرانهم، فهذا قول واحد. وقال قوم آخرون: بل كان في تيم وقيس وأسدٍ وهذيل وبكر بن وائل، لقول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللّهم اشدد وطأتك على مضر، واجعلها عليهم سنين كسني يوسف". وقال بعض الرواة: "اشدد وطدتك"، والمعنى قريب يرجع إلى الثّقل، فأجدبوا سبع سنين حتى أكلوا الوبر بالدم، فكانوا يسمونه العلهز، ولهذا أبان الله عز وجل تحريم الدم، ودلّ على ما من أجله قتلوا البنات فقال: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ}، وقال: {وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ}، فهذا خبيرٌ بيّن أن ذلك للحاجة، وقد روى بعضهم أنهم غنما فعلوا ذلك أنفةً). [الكامل: 2/604-605] (م)
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال أبو العباس في قوله عز وجل: {إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} قال: سماهن مؤمنات قبل أن يؤمن لأنهن اعتقدن الإيمان). [مجالس ثعلب: 307]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآَخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ (13) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 3 ذو الحجة 1435هـ/27-09-2014م, 10:58 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 3 ذو الحجة 1435هـ/27-09-2014م, 10:58 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 3 ذو الحجة 1435هـ/27-09-2014م, 10:58 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 3 ذو الحجة 1435هـ/27-09-2014م, 10:58 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: يا أيّها النّبيّ إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن باللّه شيئاً ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهنّ ولا يأتين ببهتانٍ يفترينه بين أيديهنّ وأرجلهنّ ولا يعصينك في معروفٍ فبايعهنّ واستغفر لهنّ اللّه إنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ (12) يا أيّها الّذين آمنوا لا تتولّوا قوماً غضب اللّه عليهم قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفّار من أصحاب القبور (13)
هذه بيعة النساء في ثاني يوم الفتح على جبل الصفا وهي كانت في المعنى بيعة الرجال قبل فرض القتال، وسماهم «المؤمنات» بحسب الظاهر من أمرهن، ورفض الاشتراك هو محض الإيمان، وقتل الأولاد وهو من خوف الفقر، وكانت العرب تفعل ذلك. وقرأ الحسن وأبو عبد الرحمن: «يقتّلن» بضم الياء وفتح القاف وكسر التاء المشددة، و «الإتيان بالبهتان»، قال أكثر المفسرين معناه أن تنسب إلى زوجها ولدا ليس هو له واللفظ أعم من هذا التخصيص، فإن الفرية بالقول على أحد من الناس بعظيمة لمن هذا، وإن الكذب فيما ائتمن فيه من الحمل والحيض لفرية بهتان، وبعض أقوى من بعض وذلك أن بعض الناس قال بين أيديهنّ يراد به اللسان والفم في الكلام والقبلة ونحوه، «وبين الأرجل» يراد به الفروج وولد الإلحاق ونحوه، والمعروف الذي نهي عن العصيان فيه، قال أنس وابن عباس، وزيد بن أسلم: هو النوح، وشق الجيوب ووشم الوجوه ووصل الشعر وغير ذلك من أوامر الشريعة، فرضها وندبها. ويروى أن جماعة نساء فيهن هند بنت عتبة بايعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ عليهن الآي، فلما قررهن على أن لا يشركن قالت هند: وكيف نطمع أن تقبل منا ما لم تقبله من الرجال؟ بمعنى أن هذا بين لزومه، فلما وقف على السرقة، قالت: والله إني لأصيب الهنة من مال أبي سفيان لا أدري أيحل لي ذلك، فقال أبو سفيان: ذلك لك حلال فيما مضى وبقي، وقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلي وولدك بالمعروف».
وقدر تكرر هذا المعنى في الحديث الآخر قولها إن أبا سفيان رجل مسيك فلما وقف على الزنا قالت: يا رسول الله وهل تزني الحرة؟ قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا ما تزني الحرة»، وذلك أن الزنا في قريش إنما كان في الإماء في أغلب الأمر، وفيما تعرف مثل هند وإلا فالبغايا قد كن أحرارا، فلما وقف على قتل الأولاد، قالت: نحن ربيناهم صغارا وقتلتهم أنت ببدر كبارا، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما وقف على العصيان بالمعروف، قالت: ما جلسنا هذا المجلس وفي أنفسنا أن نعصيك، ويروى أن جماعة نساء بايعن النبي صلى الله عليه وسلم فقلن: يا رسول الله نبايعك على كذا وكذا الآية، فلما فرغن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فيما استطعتن وأطلقتن»، فقلن الله ورسوله أرحم بنا منا بأنفسنا.
وقوله تعالى: فبايعهنّ امض معهن صفقة الإيمان بأن يعطين ذلك من أنفسهن ويعطين عليه الجنة، واختلفت هيئات مبايعة رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء بعد الإجماع على أنه لم تمس يده يدامرأة أجنبية، فيروى عن عائشة وغيرها أنها قالت: إنه بايع باللسان قولا، وقال: «إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة»، وقالت أسماء بنت يزيد: كنت في النسوة المبايعات فقلت: يا رسول الله ابسط يدك نبايعك، فقال لي عليه السلام: «إني لا أصافح النساء لكن آخذ عليهن ما أخذ الله عليهن»، وذكر النقاش حديثا أن النبي صلى الله عليه وسلم مد يده من خارج بيت ومد نساء من الأنصار أيديهن من داخله فبايعهن، وما قدمته أثبت، وروي عن الشعبي أنه لف ثوبا كثيفا قطريا على يده وجاء نسوة فلمسن يده كذلك، وروي عن الكلبي: أنه قدم عمر بن الخطاب فلمس نساء يده وهو خارج من بيت وهن فيه بحيث لا يراهن، وذكر النقاش وغيره: أن النبي صلى الله عليه وسلم بايعه النساء على الصفا بمكة وعمر بن الخطاب يصافحهن، وروي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ورفعه النقاش عن ابن عباس وعن عروة بن مسعود الثقفي: أنه عليه السلام غمس يده في إناء فيه ماء ثم دفعه إلى النساء فغمسن أيديهن فيه. ثم أمره تعالى بالاستغفار لهن ورجاهن في غفرانه ورحمته بقوله: إنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ). [المحرر الوجيز: 8/ 286-289]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآَخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ (13)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: قوماً غضب اللّه عليهم قال ابن زيد والحسن ومنذر بن سعيد هم اليهود لأن غضب الله قد صار عرفا لهم، وقال ابن عباس: هم في هذه الآية كفار قريش لأن كل كافر فعليه غضب من الله لا يرد بذلك ثبوت الغضب على اليهود.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: ولا سيما في المردة ككفار قريش إذ أعمالهم مغضبة ليست بمجرد ضلال بل فيها شرارات مقصودة، وفي الكلام في التشبيه الذي في قوله: كما يئس يتبين الاحتياج إلى هذا الخلاف وذلك أن اليأس من الآخرة إما أن يكون بالتكذيب بها، وهذا هو يأس كفار مكة، قال معنى قوله:كما يئس الكفّار كما يئس الكافر من صاحب قبر لأنه إذا مات له حميم قال: هذا آخر العهد به لن يبعث أبدا، فمعنى الآية: أن اعتقاد أهل مكة في الآخرة كاعتقاد الكافر في البعث ولقاء موتاه، وهذا هو تأويل ابن عباس والحسن وقتادة في معنى قوله تعالى: كما يئس الكفّار، ومن قال إن القوم المشار إليهم هم اليهود، قال معنى قوله: يئس الكفّار أي كما يئس الكافر من الرحمة إذا مات وكان صاحب قبر، وذلك أنه يروى أن الكافر إذا كان في قبره عرض عليه مقعده في الجنة أن لو كان مؤمنا ثم يعرض عليه مقعده من النار الذي يصير إليه فهو يائس من رحمة الله مع علمه بها ويقينه، وهذا تأويل مجاهد وابن جبير وابن زيد في قوله: كما يئس الكفّار فمعنى الآية: أن يأس اليهود من رحمة الله في الآخرة مع علمهم بها كيأس ذلك الكافر في قبره وذلك لأنهم قد رين على قلوبهم وحملهم الحسد على ترك الإيمان وغلب على ظنونهم أنهم معذبون، وهذه كانت صفة كثير من معاصري النبي صلى الله عليه وسلم، ومن في قوله من أصحاب على القول الأول هي لابتداء الغاية، وفي القول الثاني هي لبيان الجنس والتبعيض يتوجهان فيها وبيان الجنس أظهر). [المحرر الوجيز: 8/ 289-290]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 3 ذو الحجة 1435هـ/27-09-2014م, 10:59 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 3 ذو الحجة 1435هـ/27-09-2014م, 10:59 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({يا أيّها النّبيّ إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن باللّه شيئًا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهنّ ولا يأتين ببهتانٍ يفترينه بين أيديهنّ وأرجلهنّ ولا يعصينك في معروفٍ فبايعهنّ واستغفر لهنّ اللّه إنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ (12)}
قال البخاريّ: حدّثنا يعقوب بن إبراهيم، حدّثنا ابن أخي ابن شهابٍ، عن عمّه قال: أخبرني عروة أنّ عائشة زوج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، أخبرته: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يمتحن من هاجر إليه من المؤمنات بهذه الآية: {يا أيّها النّبيّ إذا جاءك المؤمنات يبايعنك} إلى قوله: {غفورٌ رحيمٌ} قال عروة: قالت عائشة: فمن أقرّ بهذا الشّرط من المؤمنات، قال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "قد بايعتك"، كلامًا، ولا واللّه ما مسّت يده يد امرأةٍ قطّ في المبايعة، ما يبايعهنّ إلّا بقوله: "قد بايعتك على ذلك" هذا لفظ البخاريّ.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، حدّثنا سفيان، عن محمّد بن المنكدر، عن أميمة بنت رقيقة قالت: أتيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في نساءٍ لنبايعه، فأخذ علينا ما في القرآن: {أن لا يشركن باللّه شيئًا} الآية، وقال: "فيما استطعتنّ وأطقتنّ"، قلنا: اللّه ورسوله أرحم بنا من أنفسنا، قلنا: يا رسول اللّه، ألا تصافحنا؟ قال "إنّي لا أصافح النّساء، إنّما قولي لامرأةٍ واحدةٍ كقولي لمائة امرأةٍ".
هذا إسنادٌ صحيحٌ، وقد رواه التّرمذيّ والنّسائيّ وابن ماجه، من حديث سفيان بن عيينة -والنّسائيّ أيضًا من حديث الثّوريّ-ومالك بن أنسٍ كلّهم، عن محمّد بن المنكدر، به. وقال التّرمذيّ: حسنٌ صحيحٌ، لا نعرفه إلّا من حديث محمّد بن المنكدر.
وقد رواه أحمد أيضًا من حديث محمّد ابن إسحاق، عن محمّد بن المنكدر، عن أميمة، به. وزاد: "ولم يصافح منّا امرأةً". وكذا رواه ابن جريرٍ من طريق موسى بن عقبة، عن محمّد بن المنكدر، به. ورواه ابن أبي حاتمٍ من حديث أبي جعفرٍ الرّازيّ، عن محمّد بن المنكدر: حدّثتني أميمة بنت رقيقة -وكانت أخت خديجة خالة فاطمة، من فيها إلى فيّ، فذكره.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا يعقوب، حدّثنا أبي، عن ابن إسحاق، حدّثني سليط بن أيّوب بن الحكم بن سليم، عن أمّه سلمى بنت قيسٍ -وكانت إحدى خالات رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قد صلّت معه القبلتين، وكانت إحدى نساء بني عديّ بن النّجّار-قالت: جئت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نبايعه في نسوةٍ من الأنصار، فلمّا شرط علينا: ألّا نشرك باللّه شيئًا، ولا نسرق، ولا نزني، ولا نقتل أولادنا، ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا، ولا نعصيه في معروفٍ -قال: "ولا تغششن أزواجكنّ". قالت: فبايعناه، ثمّ انصرفنا، فقلت لامرأةٍ منهنّ: ارجعي فسلي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ما غشّ أزواجنا؟ قال: فسألته فقال: "تأخذ ماله، فتحابي به غيره".
وقال الإمام أحمد: حدّثنا إبراهيم بن أبي العبّاس، حدّثنا عبد الرّحمن بن عثمان بن إبراهيم بن محمّد بن حاطبٍ، حدّثني أبي، عن أمّه عائشة بنت قدامة -يعني: ابن مظعونٍ-قالت: أنا مع أمّي رائطة بنت سفيان الخزاعيّة، والنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يبايع النّسوة ويقول: "أبايعكنّ على أن لا تشركن باللّه شيئًا، ولا تسرقن، ولا تزنين، ولا تقتلن أولادكنّ، ولا تأتين ببهتانٍ تفترينه بين أيديكنّ وأرجلكنّ، ولا تعصينني في معروفٍ". [قالت: فأطرقن. فقال لهنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم] قلن: نعم فيما استطعتنّ". فكنّ يقلن وأقول معهنّ، وأمّي تلقّني: قولي أي بنيّة، نعم [فيما استطعت]. فكنت أقول كما يقلن
وقال البخاريّ: حدّثنا أبو معمر، حدّثنا عبد الوارث، حدّثنا أيّوب، عن حفصة بنت سيرين، عن أمّ عطيّة قالت: بايعنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقرأ علينا: {أن لا يشركن باللّه شيئًا} ونهانا عن النّياحة، فقبضت امرأةٌ يدها، قالت: أسعدتني فلانةٌ أريد أن أجزيها. فما قال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم شيئًا، فانطلقت ورجعت فبايعها.
ورواه مسلمٌ. وفي روايةٍ: "فما وفّى منهنّ امرأةٌ غيرها، وغير أمّ سليمٍ ابنة ملحان".
وللبخاريّ عن أمّ عطيّة قالت: أخذ علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عند البيعة ألّا ننوح، فما وفّت منّا امرأةٌ غير خمس نسوةٍ: أمّ سليمٍ، وأمّ العلاء، وابنة أبي سبرة امرأة معاذٍ، وامرأتان -أو: ابنة أبي سبرة، وامرأة معاذٍ، وامرأةٌ أخرى.
وقد كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يتعاهد النساء بهذه البيعة يوم العيد، كما قال البخاريّ: حدّثنا محمّد بن عبد الرّحيم، حدّثنا هارون بن معروفٍ، حدّثنا عبد اللّه بن وهبٍ، أخبرني ابن جريج: أنّ الحسن بن مسلمٍ أخبره، عن طاوسٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: شهدت الصّلاة يوم الفطر مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأبي بكرٍ وعمر وعثمان، فكلّهم يصلّيها قبل الخطبة ثمّ يخطب بعد، فنزل نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فكأنّي أنظر إليه حين يجلّس الرجال بيده، ثمّ أقبل يشقّهم حتّى أتى النّساء مع بلالٍ فقال: {يا أيّها النّبيّ إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن باللّه شيئًا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهنّ ولا يأتين ببهتانٍ يفترينه بين أيديهنّ وأرجلهنّ} حتّى فرغ من الآية كلّها. ثمّ قال حين فرغ: "أنتنّ على ذلك؟ ". فقالت امرأةٌ واحدةٌ، ولم يجبه غيرها: نعم يا رسول اللّه -لا يدري الحسن من هي-قال: "فتصدّقن"، قال: وبسط بلالٌ ثوبه فجعلن يلقين الفتخوالخواتيم في ثوب بلالٍ.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا خلف بن الوليد، حدّثنا ابن عيّاشٍ، عن سليمان بن سليم، عن عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن جدّه قال: جاءت أميمة بنت رقيقة إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم تبايعه على الإسلام، فقال: "أبايعك على ألّا تشركي باللّه شيئًا، ولا تسرقي، ولا تزني، ولا تقتلي ولدك، ولا تأتي ببهتانٍ تفترينه بين يديك ورجليك، ولا تنوحي، ولا تبرّجي تبرّج الجاهليّة الأولى"
وقال الإمام أحمد: حدّثنا سفيان، عن الزّهريّ، عن أبي إدريس الخولانيّ، عن عبادة بن الصّامت قال: كنّا عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في مجلسٍ فقال: "تبايعوني على ألّا تشركوا باللّه شيئًا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم -قرأ الآية الّتي أخذت على النّساء {إذا جاءك المؤمنات} فمن وفّى منكم فأجره على اللّه، ومن أصاب من ذلك شيئًا فعوقب به، فهو كفّارةٌ له، ومن أصاب من ذلك شيئًا فستره اللّه عليه، فهو إلى اللّه، إن شاء غفر له، وإن شاء عذّبه". أخرجاه في الصحيحين.
وقال محمد ابن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيبٍ، عن مرثد بن عبد اللّه اليزني عن أبي عبد الله عبد الرحمن بن عسيلة الصّنابجي، عن عبادة بن الصّامت قال: كنت فيمن حضر العقبة الأولى، وكنّا اثني عشر رجلًا فبايعنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على بيعة النّساء، وذلك قبل أن يفرض الحرب، على ألّا نشرك باللّه شيئًا، ولا نسرق، ولا نزني، ولا نقتل أولادنا، ولا نأتي ببهتانٍ نفتريه بين أيدينا وأرجلنا، ولا نعصيه في معروفٍ، وقال: "فإن وفيتم فلكم الجنّة" رواه ابن أبي حاتمٍ.
وقد روى ابن جريرٍ من طريق العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أمر عمر بن الخطّاب فقال: " قل لهنّ: إنّ رسول اللّه يبايعكنّ على ألّا تشركن باللّه شيئًا" -وكانت هند بنت عتبة بن ربيعة الّتي شقّت بطن حمزة منكرة في النّساء-فقالت: "إنّي إن أتكلّم يعرفني، وإن عرفني قتلني". وإنّما تنكّرت فرقًا من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فسكت النّسوة اللّاتي مع هندٍ، وأبين أن يتكلّمن. فقالت هندٌ وهي منكّرة: كيف تقبل من النّساء شيئًا لم تقبله من الرّجال؟ ففطن إليها رسول اللّه وقال لعمر: "قل لهنّ: ولا تسرقن". قالت هندٌ: واللّه إنّي لأصيب من أبي سفيان الهنات، ما أدري أيحلّهنّ لي أم لا؟ قال أبو سفيان: ما أصبت من شيءٍ مضى أو قد بقي، فهو لك حلالٌ. فضحك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وعرفها، فدعاها فأخذت بيده، فعاذت به، فقال: "أنت هندٌ؟ ". قالت: عفا اللّه عمّا سلف. فصرف عنها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: "ولا يزنين"، فقالت: يا رسول اللّه، وهل تزني الحرّة؟ قال: "لا واللّه ما تزني الحرّة". فقال: "ولايقتلن أولادهنّ". قالت هندٌ: أنت قتلتهم يوم بدرٍ، فأنت وهم أبصر. قال: {ولا يأتين ببهتانٍ يفترينه بين أيديهنّ وأرجلهنّ} قال {ولا يعصينك في معروفٍ} قال: منعهنّ أن ينحن، وكان أهل الجاهليّة يمزّقن الثّياب ويخدشن الوجوه، ويقطّعن الشّعور، ويدعون بالثّبور. والثّبور: الويل.
وهذا أثرٌ غريبٌ، وفي بعضه نكارةٌ، واللّه أعلم؛ فإنّ أبا سفيان وامرأته لمّا أسلما لم يكن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يخيفهما، بل أظهر الصّفاء والودّ له، وكذلك كان الأمر من جانبه، عليه السّلام، لهما.
وقال مقاتل بن حيّان: أنزلت هذه الآية يوم الفتح، فبايع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم الرّجال على الصّفا، وعمر يبايع النّساء تحتها عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فذكر بقيّته كما تقدّم وزاد: فلمّا قال: {ولا يقتلن أولادهنّ} قالت هندٌ: ربّيناهم صغارًا فقتلتموهم كبارًا. فضحك عمر بن الخطاب حتى استلقى. رواه بن أبي حاتم.
وقال بن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا نصر بن علي، حدثتني عطية بنت سليمان، حدثني عمّتي، عن جدّتها عن عائشة قالت: جاءت هند بنت عتبة إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لتبايعه، فنظر إلى يدها فقال: "اذهبي فغيّري يدك". فذهبت فغيّرتها بحنّاءٍ، ثمّ جاءت فقال: "أبايعك على ألّا تشركي باللّه شيئًا"، فبايعها وفي يدها سواران من ذهبٍ، فقالت: ما تقول في هذين السّوارين؟ فقال: "جمرتان من جمر جهنّم".
فقوله: {يا أيّها النّبيّ إذا جاءك المؤمنات يبايعنك} أي: من جاءك منهنّ يبايع على هذه الشّروط فبايعها، {على أن لا يشركن باللّه شيئًا ولا يسرقن} أي: أموال النّاس الأجانب، فأمّا إذا كان الزّوج مقصّرًا في نفقتها، فلها أن تأكل من ماله بالمعروف، ما جرت به عادة أمثالها، وإن كان بغير علمه، عملًا بحديث هند بنت عتبة أنّها قالت: يا رسول اللّه، إنّ أبا سفيان رجلٌ شحيح لا يعطيني من النّفقة ما يكفيني ويكفي بنيّ، فهل عليّ جناحٌ إن أخذت من ماله بغير علمه؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك". أخرجاه في الصحيحين.
وقوله: {ولا يزنين} كقوله {ولا تقربوا الزّنا إنّه كان فاحشةً وساء سبيلا} [الإسراء: 32]. وفي حديث سمرة ذكر عقوبة الزّناة بالعذاب الأليم في نار الجحيم.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا عبد الرّزّاق، أخبرنا معمر، عن الزّهريّ، عن عروة، عن عائشة قالت: جاءت فاطمة بنت عتبة تبايع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فأخذ عليها: {أن لا يشركن باللّه شيئًا ولا يسرقن ولا يزنين} الآية، قالت: فوضعت يدها على رأسها حياءً، فأعجبه ما رأى منها، فقالت عائشة:أقرّي أيّتها المرأة، فواللّه ما بايعنا إلّا على هذا. قالت: فنعم إذًا. فبايعها بالآية.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، حدّثنا ابن فضيلٍ، عن حصينٍ، عن عامرٍ -هو الشّعبيّ-قال: بايع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم النّساء، وعلى يده ثوبٌ قد وضعه على كفّه، ثمّ قال: "ولا تقتلن أولادكنّ". فقالت امرأةٌ: تقتل آباءهم وتوصينا بأولادهم؟ قال: وكان بعد ذلك إذا جاءت النّساء يبايعنه، جمعهنّ فعرض عليهنّ، فإذا أقررن رجعن.
وقوله {ولا يقتلن أولادهنّ} وهذا يشمل قتله بعد وجوده، كما كان أهل الجاهليّة يقتلون أولادهم خشية الإملاق، ويعمّ قتله وهو جنينٌ، كما قد يفعله بعض الجهلة من النّساء، تطرح نفسها لئلّا تحبل إمّا لغرضٍ فاسدٍ أو ما أشبهه.
وقوله: {ولا يأتين ببهتانٍ يفترينه بين أيديهنّ وأرجلهنّ} قال ابن عبّاسٍ: يعني لا يلحقن بأزواجهنّ غير أولادهم. وكذا قال مقاتلٌ. ويؤيّد هذا الحديث الّذي رواه أبو داود:حدّثنا أحمد بن صالحٍ، حدّثنا بن وهبٍ، حدّثنا عمرٌو -يعني: ابن الحارث-عن ابن الهاد، عن عبد اللّه بن يونس، عن سعيدٍ المقبري، عن أبي هريرة أنّه سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ويقول حين نزلت آية الملاعنة: "أيّما امرأةٍ أدخلت على قومٍ من ليس منهم، فليست من اللّه في شيءٍ، ولن يدخلها اللّه جنّته، وأيّما رجلٍ جحد ولده وهو ينظر إليه، احتجب اللّه منه، وفضحه على رءوس الأوّلين والآخرين".
وقوله: {ولا يعصينك في معروفٍ} يعني: فيما أمرتهنّ به من معروفٍ، ونهيتهنّ عنه من منكرٍ.
قال البخاريّ: حدّثنا عبد اللّه بن محمّدٍ، حدّثنا وهب بن جريرٍ، حدّثنا أبي قال: سمعت الزّبير، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {ولا يعصينك في معروفٍ} قال: إنّما هو شرطٌ شرطه اللّه للنّساء.
وقال ميمون بن مهران: لم يجعل اللّه لنبيّه طاعةً إلّا لمعروفٍ والمعروف: طاعةٌ.
وقال ابن زيدٍ: أمر اللّه بطاعة رسوله، وهو خيرة اللّه من خلقه في المعروف. وقد قال غيره ابن عبّاسٍ، وأنس بن مالكٍ، وسالم بن أبي الجعد، وأبي صالحٍ، وغير واحدٍ: نهاهنّ يومئذٍ عن النّوح. وقد تقدّم حديث أمّ عطيّة في ذلك أيضًا.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا بشرٌ، حدّثنا يزيد، حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة في هذه الآية: ذكر لنا أنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أخذ عليهنّ النّياحة، ولا تحدّثن الرّجال إلّا رجلًا منكنّ محرّمًا. فقال عبد الرّحمن بن عوفٍ: يا نبيّ اللّه، إنّ لنا أضيافًا، وإنّا نغيب عن نسائنا. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "ليس أولئكعنيت، ليس أولئك عنيت".
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو زرعة، حدّثنا إبراهيم بن موسى الفرّاء، أخبرنا ابن أبي زائدة، حدّثني مباركٌ، عن الحسن قال: كان فيما أخذ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "ألّا تحدّثن الرّجال إلّا أن تكون ذات محرمٍ، فإنّ الرّجل لا يزال يحدّث المرأة حتّى يمذي بين فخذيه".
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن حميدٍ، حدّثنا هارون، عن عمرٍو، عن عاصمٍ عن ابن سيرين، عن أمّ عطيّة الأنصاريّة قالت: كان فيما اشترط علينا من المعروف حين بايعنا ألّا ننوح، فقالت امرأةٌ من بني فلانٍ: إنّ بني فلانٍ أسعدوني، فلا حتّى أجزيهم فانطلقت فأسعدتهم ثمّ جاءت فبايعت، قالت: فما وفّى منهنّ غيرها، وغير أمّ سليمٍ ابنة ملحان أمّ أنس بن مالكٍ.
وقد روى البخاريّ هذا الحديث من طريق حفصة بنت سيرين، عن أمّ عطيّة نسيبة الأنصاريّة رضي اللّه عنها وقد روي نحوه من وجهٍ آخر أيضًا.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا أبو كريب، حدّثنا أبو نعيم، حدّثنا عمر بن فرّوخ القتّات، حدّثني مصعب بن نوحٍ الأنصاريّ قال: أدركت عجوزًا لنا كانت فيمن بايع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. قالت: فأتيته لأبايعه، فأخذ علينا فيما أخذ ألّا تنحن. فقالت عجوزٌ: يا رسول اللّه إنّ ناسًا قد كانوا أسعدوني على مصائب أصابتني، وأنّهم قد أصابتهم مصيبةٌ، فأنا أريد أسعدهم. قال: "فانطلقي فكافئيهم". فانطلقت فكافأتهم، ثمّ إنّها أتته فبايعته، وقال: هو المعروف الّذي قال اللّه عزّ وجلّ: {ولا يعصينك في معروفٍ}.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أحمد بن منصورٍ الرّماديّ، حدّثنا القعنبي، حدّثنا الحجّاج بن صفوان، عن أسيد بن أبي أسيدٍ البرّاد، عن امرأةٍ من المبايعات قالت: كان فيما أخذ علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: أن لا نعصيه في معروفٍ: أن لا نخمش وجوهًا ولا ننشر شعرًا، ولا نشقّ جيبًا، ولا ندعو ويلًا.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا أبو كريب، حدّثنا وكيع، عن يزيد مولى الصّهباء، عن شهر بن حوشب، عن أمّ سلمة، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في قوله: {ولا يعصينك في معروفٍ} قال: "النوح".
ورواه التّرمذيّ في التّفسير، عن عبد بن حميد، عن أبي نعيم -وابن ماجه، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن وكيعٍ-كلاهما عن يزيد بن عبد اللّه الشّيبانيّ مولى الصّهباء، به وقال التّرمذيّ: حسنٌ غريبٌ.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا محمّد بن سنانٍ القزّاز، حدّثنا إسحاق بن إدريس، حدّثنا إسحاق بن عثمان أبو يعقوب، حدّثني إسماعيل بن عبد الرّحمن بن عطيّة، عن جدّته أمّ عطيّة قالت: لمّا قدم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم جمع نساء الأنصار في بيتٍ، ثمّ أرسل إلينا عمر بن الخطّاب، رضي اللّه عنه، فقام على الباب وسلّم علينا، فرددن -أو: فرددنا-عليه السّلام، ثمّ قال: "أنا رسول رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إليكنّ". قالت: فقلنا: مرحبًا برسول اللّه وبرسول رسول اللّه. فقال: "تبايعن على ألّا تشركن باللّه شيئًا، ولا تسرقن ولا تزنين؟ " قالت: فقلنا: نعم. قالت: فمدّ يده من خارج الباب -أو: البيت-ومددنا أيدينا من داخل البيت، ثمّ قال: "اللّهمّ اشهد". قالت: وأمرنا في العيدين أن نخرج فيه الحيّض والعواتق، ولا جمعة علينا، ونهانا عن اتّباع الجنائز. قال إسماعيل: فسألت جدّتي عن قوله: {ولا يعصينك في معروفٍ} قالت: النّياحة.
وفي الصّحيحين من طريق الأعمش، عن عبد اللّه بن مرة، عن مسروقٍ، عن عبد اللّه بن مسعودٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "ليس منّا من ضرب الخدود، وشقّ الجيوب، ودعا بدعوى الجاهليّة".
وفي الصّحيحين أيضًا عن أبي موسى: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم برئ من الصّالقة والحالقة والشّاقّة.
وقال الحافظ أبو يعلى: حدّثنا هدبة بن خالدٍ، حدّثنا أبان بن يزيد، حدّثنا يحيى بن أبي كثيرٍ: أنّ زيدًا حدّثه: أنّ أبا سلّامٍ حدّثه: أنّ أبا مالكٍ الأشعريّ حدّثه: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "أربعٌ في أمّتي من أمر الجاهليّة لا يتركونهنّ: الفخر في الأحساب، والطّعن في الأنساب، والاستسقاء بالنّجوم، والنّياحة. وقال: النّائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربالٌ من قطران ودرعٍ من جرب".
ورواه مسلمٌ في صحيحه منفردًا به، من حديث أبان بن يزيد العطّار، به.
وعن أبي سعيدٍ: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم لعن النّائحة والمستمعة. رواه أبو داود). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 95-102]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآَخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ (13)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({يا أيّها الّذين آمنوا لا تتولّوا قومًا غضب اللّه عليهم قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفّار من أصحاب القبور (13)}
ينهى تبارك وتعالى عن موالاة الكافرين في آخر "هذه السّورة" كما نهى عنها في أوّلها فقال: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تتولّوا قومًا غضب اللّه عليهم} يعني: اليهود والنّصارى وسائر الكفّار، ممّن غضب اللّه عليه ولعنه واستحقّ من اللّه الطّرد والإبعاد، فكيف توالونهم وتتّخذونهم أصدقاء وأخلّاء وقد يئسوا من الآخرة، أي: من ثواب الآخرة ونعيمها في حكم اللّه عزّ وجلّ. وقوله: {كما يئس الكفّار من أصحاب القبور} فيه قولان، أحدهما: كما يئس الكفّار الأحياء من قراباتهم الّذين في القبور أن يجتمعوا بهم بعد ذلك؛ لأنّهم لا يعتقدون بعثًا ولا نشورًا، فقد انقطع رجاؤهم منهم فيما يعتقدونه.
قال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تتولّوا قومًا غضب اللّه عليهم} إلى آخر السّورة، يعني من مات من الّذين كفروا فقد يئس الأحياء من الّذين كفروا أن يرجعوا إليهم أو يبعثهم اللّه عزّ وجلّ.
وقال الحسن البصريّ: {كما يئس الكفّار من أصحاب القبور} قال: الكفّار الأحياء قد يئسوا من الأموات.
وقال قتادة: كما يئس الكفّار أن يرجع إليهم أصحاب القبور الّذين ماتوا. وكذا قال الضّحّاك. رواهنّ ابن جريرٍ.
والقول الثّاني: معناه: كما يئس الكفّار الّذين هم في القبور من كلّ خيرٍ.
قال الأعمش، عن أبي الضّحى، عن مسروقٍ، عن ابن مسعودٍ: {كما يئس الكفّار من أصحاب القبور} قال: كما يئس هذا الكافر إذا مات وعاين ثوابه واطّلع عليه. وهذا قول مجاهدٍ، وعكرمة، ومقاتلٍ، وابن زيدٍ، والكلبيّ، ومنصورٍ. وهو اختيار ابن جريرٍ). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 102-103]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:21 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة