تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (- أخبرنا مسعر، قال: حدثني معن وعون، أو أحدهما، أن رجلًا أتى عبد الله ابن مسعودٍ، فقال: اعهد إلي؟ فقال: إذا سمعت الله يقول: {يا أيها الذين آمنوا} فارعها سمعك، فإنها خيرٌ يأمر به، أو شرٌّ ينهى عنه). [الزهد لابن المبارك: 2/ 18]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم قال ينهون عن الإسلام ويبطئون عنه وهم من الكفار فاحذروهم). [تفسير عبد الرزاق: 2/295]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا عبدة بن سليمان، عن الأعمش، عن خيثمة، قال: ما تقرؤون في القرآن: {يا أيّها الّذين آمنوا} فإنّ موضعه في التّوراة: يا أيّها المساكين). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 318]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ): (حدّثنا محمّد بن يحيى، قال: حدّثنا محمّد بن يوسف، قال: حدّثنا إسرائيل، قال: حدّثنا سماك بن حربٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، وسأله، رجلٌ عن هذه الآية: {يا أيّها الّذين آمنوا إنّ من أزواجكم وأولادكم عدوًّا لكم فاحذروهم} قال: هؤلاء رجالٌ أسلموا من أهل مكّة وأرادوا أن يأتوا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فأبى أزواجهم وأولادهم أن يدعوهم أن يأتوا رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم، فلمّا أتوا رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم رأوا النّاس قد فقهوا في الدّين همّوا أن يعاقبوهم، فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {يا أيّها الّذين آمنوا إنّ من أزواجكم وأولادكم عدوًّا لكم فاحذروهم} الآية.
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ). [سنن الترمذي: 5/276]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا إنّ من أزواجكم وأولادكم عدوًّا لكم فاحذروهم وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ}.
يقول تعالى ذكره: يا أيّها الّذين صدّقوا اللّه ورسوله {إنّ من أزواجكم وأولادكم عدوًّا لكم} يصدّونكم عن سبيل اللّه، ويثبّطونكم عن طاعة اللّه فاحذروهم أن تقبلوا منهم ما يأمرونكم به من ترك طاعة اللّه.
وذكر أنّ هذه الآية نزلت في قومٍ كانوا أرادوا الإسلام والهجرة، فثبّطهم عن ذلك أزواجهم وأولادهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا يحيى بن آدم وعبيد اللّه بن موسى، عن إسرائيل، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: سأله رجلٌ عن هذه الآية {يا أيّها الّذين آمنوا إنّ من أزواجكم وأولادكم عدوًّا لكم فاحذروهم}. قال: هؤلاء رجالٌ أسلموا، فأرادوا أن يأتوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فأبى أزواجهم وأولادهم أن يدعوهم يأتوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم؛ فلمّا أتوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فرأوا النّاس قد فقهوا في الدّين، همّوا أن يعاقبوهم، فأنزل اللّه جلّ ثناؤه {يا أيّها الّذين آمنوا إنّ من أزواجكم وأولادكم} الآية.
- حدّثنا هنّاد بن السّريّ، قال: حدّثنا أبو الأحوص، عن سماكٍ، عن عكرمة، في قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا إنّ من أزواجكم وأولادكم عدوًّا لكم فاحذروهم}. قال: كان الرّجل يريد أن يأتي النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فيقول له أهله: أين تذهب وتدعنا؟ قال: وإذا أسلم وفقه، قال: لأرجعنّ إلى الّذين كانوا ينهون عن هذا الأمر فلأفعلنّ ولأفعلنّ، فأنزل اللّه جلّ ثناؤه: {وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ}.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله {يا أيّها الّذين آمنوا إنّ من أزواجكم وأولادكم عدوًّا لكم فاحذروهم}. كان الرّجل إذا أراد أن يهاجر من مكّة إلى المدينة تمنعه زوجته وولده، ولم يألوا يثبّطوه عن ذلك، فقال اللّه: إنّهم عدوٌّ لكم فاحذروهم واسمعوا وأطيعوا، وامضوا لشأنكم، فكان الرّجل بعد ذلك إذا منع وثبّط مرّ بأهله وأقسم، والقسم يمينٌ ليفعلنّ وليعاقبنّ أهله في ذلك، فقال اللّه جلّ ثناؤه {وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ}.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، قال: حدّثني محمّد بن إسحاق، عن بعض أصحابه، عن عطاء بن يسارٍ، قال: نزلت سورة التّغابن كلّها بمكّة، إلاّ هؤلاء الآيات {يا أيّها الّذين آمنوا إنّ من أزواجكم وأولادكم عدوًّا لكم فاحذروهم}. نزلت في عوف بن مالكٍ الأشجعيّ، كان ذا أهلٍ وولدٍ، فكان إذا أراد الغزو بكوا إليه ورقّقوه، فقالوا: إلى من تدعنا؟ فيرقّ ويقيم، فنزلت: {يا أيّها الّذين آمنوا إنّ من أزواجكم وأولادكم عدوًّا لكم فاحذروهم}. الآية كلّها بالمدينة في عوف بن مالكٍ وبقيّة الآيات إلى آخر السّورة بالمدينة.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {إنّ من أزواجكم وأولادكم عدوًّا لكم فاحذروهم} قال: إنّهما يحملانه على قطيعة رحمه، وعلى معصية ربّه، فلا يستطيع مع حبّه إلاّ أن يقطعه.
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ مثله، إلاّ أنّه قال: فلا يستطيع مع حبّه إلاّ أن يطيعه.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا إنّ من أزواجكم وأولادكم عدوًّا لكم فاحذروهم}. الآية، قال: منهم من لا يأمر بطاعة اللّه، ولا ينهى عن معصيته، وكانوا يبطّئون عن الهجرة إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وعن الجهاد.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة في قوله: {إنّ من أزواجكم وأولادكم عدوًّا لكم فاحذروهم}. قال: ينهون عن الإسلام، ويبطّئون عنه، وهم من الكفّار فاحذروهم.
- حدّثت، عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا إنّ من أزواجكم وأولادكم عدوًّا لكم فاحذروهم}. الآية، قال: هذا في أناسٍ من قبائل العرب كان يسلم الرّجل أو النّفر من الحيّ، فيخرجون من عشائرهم ويدعون أزواجهم وأولادهم وآباءهم عامدين إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فتقوم عشائرهم وأزواجهم وأولادهم وآباؤهم، فيناشدونهم اللّه أن لا يفارقوهم، ولا يؤثروا عليهم غيرهم، فمنهم من يرقّ ويرجع إليهم، ومنهم من يمضي حتّى يلحق بنبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا عثمان بن ناجية وزيد بن حبابٍ قالا: حدّثنا يحيى بن واضحٍ جميعًا عن الحسين بن واقدٍ، قال: حدّثني عبد اللّه بن بريدة، عن أبيه، قال: رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يخطب، فجاء الحسن والحسين رضي اللّه عنهما عليهما قميصان أحمران يعثران ويقومان، فنزل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فأخذهما فرفعهما فوضعهما في حجره ثمّ قال: صدق اللّه ورسوله: {إنّما أموالكم وأولادكم فتنةٌ} رأيت هذين فلم أصبر ثمّ أخذ في خطبته. اللّفظ لأبي كريبٍ عن زيدٍ.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {إنّ من أزواجكم وأولادكم عدوًّا لكم}. قال: يقول: عدوًّا لكم في دينكم، فاحذروهم على دينكم.
- حدّثني محمّد بن عمر بن عليٍّ المقدّميّ، قال: حدّثنا أشعث بن عبد اللّه، قال: حدّثنا شعبة، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، في قوله: {إنّ من أزواجكم وأولادكم عدوًّا لكم فاحذروهم}. قال: كان الرّجل يسلم، فيلومه أهله وبنوه، فنزلت: {إنّ من أزواجكم وأولادكم عدوًّا لكم}.
وقوله: {وإن تعفوا وتصفحوا} يقول: إن تعفوا أيّها المؤمنون عمّا سلف منهم من صدّهم إيّاكم عن الإسلام والهجرة وتصفحوا لهم عن عقوبتكم إيّاهم على ذلك، وتغفروا لهم غير ذلك من الذّنوب {فإنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ} لكم ولمن تاب من عباده، من ذنوبكم، رحيمٌ بكم أن يعاقبكم عليها من بعد توبتكم منها). [جامع البيان: 23/13-18]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم قال يحمل أحدكم حب ولده وزوجته على قطيعة الرحم أو على معصية ربه ولا يستطيع مع حبه إلا أن يطيعه فنهى الله عن طاعتهم في ذلك). [تفسير مجاهد: 2/679]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو زكريّا يحيى بن محمّدٍ العنبريّ، ثنا محمّد بن عبد السّلام، ثنا إسحاق بن إبراهيم، أنبأ عمرو بن محمّدٍ العنقزيّ، ثنا إسرائيل، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: " نزلت هذه الآية {إنّ من أزواجكم وأولادكم عدوًّا لكم فاحذروهم} [التغابن: 14] في قومٍ من أهل مكّة أسلموا وأرادوا أن يأتوا النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فأبى أزواجهم وأولادهم أن يدعوهم، فأتوا المدينة، فلمّا قدموا على رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم رأوهم قد فقهوا فهمّوا أن يعاقبوهم، فأنزل اللّه عزّ وجلّ {وإن تعفوا وتصفحوا} [التغابن: 14] الآية «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2/532]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت) ابن عباس - رضي الله عنهما -: سئل عن هذه الآية {يا أيّها الذين آمنوا إنّ من أزواجكم وأولادكم عدوًّا لكم فاحذروهم}؟ [التغابن: 14] قال: هؤلاء رجالٌ أسلموا من مكة، وأرادوا أن يأتوا النبيّ صلى الله عليه وسلم، فأبى أزواجهم وأولادهم أن يدعوهم أن يأتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم رأوا النّاس قد فقهوا في الدين، همّوا أن يعاقبوهم، فأنزل الله عز وجل {يا أيّها الذين آمنوا إنّ من أزواجكم وأولادكم عدوًّا لكم فاحذروهم... } الآية. أخرجه الترمذي). [جامع الأصول: 2/396]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج الفريابي، وعبد بن حميد والترمذي، وابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نزلت هذه الآية {يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم} في قوم من أهل مكة أسلموا وأرادوا أن يأتوا النّبيّ صلى الله عليه وسلم فأبى أزواجهم وأولادهم أن يدعوهم فلما أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأوا الناس قد فقهوا في الدين هموا أن يعاقبوهم فأنزل الله {يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم}). [الدر المنثور: 14/515-516]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية قال: كان الرجل يريد الهجرة فتحسبه امرأته وولده فيقول: إنا والله لئن جمع الله بيني وبينكم في دار الهجرة لأفعلن ولأفعلن فجمع الله بينهم في دار الهجرة فأنزل الله {وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا}). [الدر المنثور: 14/516]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد حميد عن مجاهد رضي الله عنه {إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم} قال: حمل أيهما ما كان الرجل على قطيعة رحمه أو على معصية ربه فلا يستطيع مع حبه إلا أن يطيعه). [الدر المنثور: 14/516-517]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة في قوله: (إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم). قال: منهم من لا يأمر بطاعة ولا ينهى عن معصية وكفى بذلك عداوة للمرء أن يكون صاحبه لا يأمر بطاعة ولا ينهى عن معصية وكانوا يثبطون عن الجهاد والهجرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم). [الدر المنثور: 14/517]
تفسير قوله تعالى: (إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (15) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى {إنّما أموالكم وأولادكم فتنةٌ واللّه عنده أجرٌ عظيمٌ (15) فاتّقوا اللّه ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيرًا لأنفسكم ومن يوق شحّ نفسه فأولئك هم المفلحون}.
يقول تعالى ذكره: ما أموالكم أيّها النّاس وأولادكم إلاّ فتنةً، يعني بلاءً عليكم في الدّنيا.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {إنّما أموالكم وأولادكم فتنةٌ}. يقول: بلاءٌ.
وقوله: {واللّه عنده أجرٌ عظيمٌ}. يقول: واللّه عنده ثوابٌ لكم عظيمٌ، إذا أنتم خالفتم أولادكم وأزواجكم في طاعة اللّه ربّكم، وأطعتم اللّه عزّ وجلّ، وأدّيتم حقّ اللّه في أموالكم، والأجر العظيم الّذي عند اللّه: الجنّة.
- كما: حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {واللّه عنده أجرٌ عظيمٌ}: وهي الجنّة). [جامع البيان: 23/18-19]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 15 - 18.
أخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {أنما أموالكم وأولادكم فتنة} قال: بلاء {والله عنده أجر عظيم} قال: الجنة). [الدر المنثور: 14/517]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر والطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: لا يقولن أحدكم: اللهم إني أعوذ بك من الفتنة فإنه ليس أحد منكم إلا وهو مشتمل على فتنة فإن الله يقول: {أنما أموالكم وأولادكم فتنة} ولكن من استعاذ فليستعذ من مضلاتها). [الدر المنثور: 14/517]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الضحى قال: قال رجل وهو عند عمر: اللهم إني أعوذ بك من الفتنة أو الفتن فقال عمر: أتحب أن لا يرزقك الله مالا ولا ولدا أيكم استعاذ من الفتن فليستعذ من مضلاتها). [الدر المنثور: 14/518]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن كعب بن عياض رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن لكل أمة فتنة وإن فتنة أمتي المال). [الدر المنثور: 14/518]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: لكل أمة فتنة وفتنة أمتي المال). [الدر المنثور: 14/518]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لكل أمة فتنة وفتنة أمتي المال). [الدر المنثور: 14/518]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج وكيع في الغرر عن محمد بن سيرين رضي الله عنه قال: قال ابن عمر لرجل: إنك تحب الفتنة، قال: أنا قال: نعم فلما رأى ابن عمر ما داخل الرجل من ذاك قال: تحب المال والولد). [الدر المنثور: 14/518-519]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي، وابن ماجة والحاكم وابن مردويه عن بريدة رضي الله عنه قال: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يخطب فأقبل الحسن والحسين رضي الله عنهما عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنبر فحملهما واحدا من ذا الشق وواحدا من ذا الشق ثم صعد المنبر فقال: صدق الله قال: {أنما أموالكم وأولادكم فتنة} إني لما نظرت إلى هذين الغلامين يمشيان ويعثران لم أصبر أن قطعت كلامي ونزلت إليهما). [الدر المنثور: 14/519]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو يخطب الناس على المنبر خرج الحسين بن علي رضي اله عنه فوطئ في ثوب كان عليه فسقط فبكى فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المنبر فلما رأى الناس أسرعوا إلى الحسين رضي الله عنه يتعاطونه يعطيه بعضهم بعضا حتى وقع في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: قاتل الله الشيطان إن الولد لفتنة والذي نفسي بيده ما دريت أني نزلت عن منبري). [الدر المنثور: 14/519-520]
تفسير قوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (16) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وسمعت الليث قال: (الشح): ترك الفرائض وانتهاك المحارم، [وا = ... .. ] المال). [الجامع في علوم القرآن: 2/158] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى فاتقوا الله ما استطعتم قال نسخت قوله اتقوا الله حق تقاته). [تفسير عبد الرزاق: 2/295]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {فاتّقوا اللّه ما استطعتم}. يقول تعالى ذكره: واحذروا اللّه أيّها المؤمنون وخافوا عقابه، وتجنّبوا عذابه بأداء فرائضه واجتناب معاصيه، والعمل بما يقرّب إليه ما أطقتم وبلغه وسعكم.
وذكر أنّ قوله: {فاتّقوا اللّه ما استطعتم}. نزل بعد قوله: {اتّقوا اللّه حقّ تقاته} تخفيفًا عن المسلمين، وأنّ قول {فاتّقوا اللّه ما استطعتم} ناسخٌ قوله: {اتّقوا اللّه حقّ تقاته}.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فاتّقوا اللّه ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا}. هذه رخصةٌ من اللّه، واللّه رحيمٌ بعباده، وكان اللّه جلّ ثناؤه أنزل قبل ذلك: اتّقوا اللّه حقّ تقاته وحقّ تقاته أن يطاع فلا يعصى، ثمّ خفّف اللّه تعالى ذكره عن عباده، فأنزل الرّخصة بعد ذلك فقال: {فاتّقوا اللّه ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا} فيما استطعت يا ابن آدم، عليها بايع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على السّمع والطّاعة فيما استطعتم.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة في قوله: {اتّقوا اللّه حقّ تقاته}. قال: نسختها: {اتّقوا اللّه ما استطعتم}.
وقد تقدّم بياننا عن معنى النّاسخ والمنسوخ بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع؛ وليس في قوله: {فاتّقوا اللّه ما استطعتم} دلالةٌ واضحةٌ على أنّه لقوله: {اتّقوا اللّه حقّ تقاته} ناسخٌ، إذ كان محتملاً قوله: {اتّقوا اللّه حقّ تقاته} فيما استطعتم، ولم يكن بأنّه له ناسخٌ عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فإذا كان ذلك كذلك، فالواجب استعمالهما جميعًا على ما يحتملان من وجوه الصّحّة.
وقوله: {واسمعوا وأطيعوا} يقول: واسمعوا لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وأطيعوه فيما أمركم به ونهاكم عنه {وأنفقوا خيرًا لأنفسكم} يقول: وأنفقوا مالاً من أموالكم لأنفسكم تستنقذوها من عذاب اللّه، والخير في هذا الموضع: المال.
وقوله: {ومن يوق شحّ نفسه فأولئك هم المفلحون}. يقول تعالى ذكره: ومن يقه اللّه شحّ نفسه، وذلك اتّباع هواها فيما نهى اللّه عنه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني أبو معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ومن يوق شحّ نفسه}يقول: هوى نفسه حيث يتبع هواه ولم يقبل الإيمان.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن جامع بن شدّادٍ، عن الأسود بن هلالٍ، عن ابن مسعودٍ، {ومن يوق شحّ نفسه}. قال: أن يعمد إلى مال غيره فيأكله.
وقوله: {فأولئك هم المفلحون}. يقول: فهؤلاء الّذين وقوا شحّ أنفسهم، المنجحون الّذين أدركوا طلباتهم عند ربّهم). [جامع البيان: 23/19-21]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا عليّ بن حمشاذ العدل، ثنا أبو المثنّى، ثنا محمّد بن كثيرٍ، ثنا سفيان، عن جامع بن شدّادٍ، عن الأسود بن هلالٍ، قال: " جاء رجلٌ إلى عبد اللّه بن مسعودٍ رضي اللّه عنه، فسأله عن هذه الآية {ومن يوق شحّ نفسه فأولئك هم المفلحون} [التغابن: 16] ، وإنّي امرؤٌ ما قدرت، ولا يخرج من يديّ شيءٌ، وقد خشيت أن يكون قد أصابني هذه الآية فقال عبد اللّه: «ذكرت البخل، وبئس الشّيء البخل، وأمّا ما ذكر اللّه في القرآن فليس كما قلت، ذلك أن تعمد إلى مال غيرك أو مال أخيك فتأكله» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2/532]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن يحى بن أبي كثير رضي الله عنه قال: سمع النّبيّ صلى الله عليه وسلم بكاء حسن أو حسين فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: الوالد فتنة لقد قمت إليه وما أعقل والله تعالى أعلم، قوله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم}). [الدر المنثور: 14/520]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال: لما نزلت (اتقوا الله حق تقاته) (سورة آل عمران الآية 102) اشتد على القوم العمل فقاموا حتى ورمت عراقيبهم وتقرحت جباههم فأنزل الله تحفيفا على المسلمين {فاتقوا الله ما استطعتم} فنسخت الآية الأولى). [الدر المنثور: 14/520]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن الربيع بن أنس {فاتقوا الله ما استطعتم} قال: جهدكم). [الدر المنثور: 14/520]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة {فاتقوا الله ما استطعتم} قال: هي رخصة من الله كان الله قد أنزل في سورة آل عمران (اتقوا الله حق تقاته) (سورة آل عمران الآية 102) وحق تقاته أن يطاع فلا يعصى ثم خفف عن عباده فأنزل الرخصة {فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا} قال: والسمع والطاعة فيما استطعت يا ابن آدم عليها بايع النّبيّ صلى الله عليه وسلم أصحابه على السمع والطاعة فيما استطاعوا). [الدر المنثور: 14/520-521]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد وأحمد وأبو داود عن الحكم بن حزن الكلفي قال: وفدنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلبثنا أياما شهدنا فيها الجمعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام متوكئا على قوس فحمد الله وأثنى عليه كلمات طيبات خفيفات مباركات ثم قال: أيها الناس إنكم لن تطيقوا كل ما أمرتم به فسددوا وابشروا، واخرج عبد بن حميد عن عطاء رضي الله عنه {ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون} قال: في النفقة). [الدر المنثور: 14/521]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن حبيب بن شهاب العنبري أنه سمع أخاه يقول: لقيت ابن عمر يوم عرفة فأردت أن أقتدي من سيرته وأسمع من قوله فسمعته أكثر ما يقول: اللهم إني أعوذ بك من الشح الفاحش حتى أفاض ثم بات بجمع فسمعته أيضا يقول ذلك فلما أردت أن أفارقه قلت يا عبد الله: إني أردت أن أقتدي بسيرتك فسمعتك أكثر ما تقول أن تعوذ من الشح الفاحش قال: وما أبغي أفضل من أن أكون من المفلحين قال الله: {ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون}، قوله تعالى: {إن تقرضوا الله} الآية). [الدر المنثور: 14/521-522]
تفسير قوله تعالى: (إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (17) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إن تقرضوا اللّه قرضًا حسنًا يضاعفه لكم ويغفر لكم واللّه شكورٌ حليمٌ (17) عالم الغيب والشّهادة العزيز الحكيم}.
يقول تعالى ذكره: وإن تنفقوا في سبيل اللّه، فتحسنوا فيها النّفقة، وتحتسبوا بإنفاقكم الأجر والثّواب يضاعف ذلك لكم ربّكم، فيجعل لكم مكان الواحد سبع مائة ضعفٍ إلى أكثر من ذلك ممّا يشاء من التّضعيف {يغفر لكم ذنوبكم} فيصفح لكم عن عقوبتكم عليها مع تضعيفه نفقتكم الّتي تنفقون في سبيله {واللّه شكورٌ} يقول: واللّه ذو شكرٍ لأهل الإنفاق في سبيله، بحسن الجزاء لهم على ما أنفقوا في الدّنيا في سبيله {حليمٌ} يقول: حليمٌ عن أهل معاصيه بترك معاجلتهم بعقوبته). [جامع البيان: 23/21]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه الزّاهد، ثنا محمّد بن مسلمة، ثنا يزيد بن هارون، أنبأ محمّد بن إسحاق، عن العلاء بن عبد الرّحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: " يقول اللّه عزّ وجلّ استقرضت عبدي، فأبى أن يقرضني وسبّني عبدي، ولا يدري يقول: وادهراه وادهراه، وأنا الدّهر " ثمّ تلا أبو هريرة قول اللّه عزّ وجلّ {: إن تقرضوا اللّه قرضًا حسنًا يضاعفه لكم} [التغابن: 17] «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط مسلمٍ ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2/533]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الله استقرضت عبدي فأبى أن يقرضني وشتمني عبدي وهو لا يدر يقول وادهراه وادهراه وأنا الدهر ثم تلا أبو هريرة {إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم}). [الدر المنثور: 14/522]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن أبي حيان عن أبيه عن شيخ لهم أنه كان يقول إذا سمع السائل يقول: من يقرض الله قرضا حسنا قال سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر هذا القرض الحسن). [الدر المنثور: 14/522]
تفسير قوله تعالى: (عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({عالم الغيب والشّهادة} يقول: عالمٌ ما لا تراه أعين عباده ويغيب عن أبصارهم وما يشاهدونه فيرونه بأبصارهم {العزيز} يعني الشّديد انتقامه ممّن عصاه وخالف أمره ونهيه {الحكيم} في تدبيره خلقه، وصرفه إيّاهم فيما يصلحهم). [جامع البيان: 23/21]