التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ (14)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {والقناطير المقنطرة...}
واحد القناطير: قنطار, ويقال: إنه ملء مسك ثور ذهباً, أو فضّة، ويجوز:{القناطير}في الكلام، والقناطير ثلاثة، والمقنطرة تسعة, كذلك سمعت، وهو المضاعف). [معاني القرآن: 1/195]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({والقناطير}: واحدها قنطار، وتقول العرب: هو قدر وزنٍ لا يحدّونه, {المقنطرة}: مفنعلة، مثل قولك: ألفٌ مؤلفّةٌ.
قال الكلبي: ملء مسك ثورٍ من ذهب أو فضة.
قال ابن عباس: ثمانون ألف درهم.
وقال السّدّى: مائة رطلٍ من ذهب أو فضة.
وقال جابر بن عبد الله: ألف دينار.
{والخيل المسوّمة}: المعلمة بالسيماء،
ويجوز أن تكون {مسوّمة}: مرعاةً، من أسمتها؛ تكون هي سائمة، والسّائمة: الراعية، وربّها يسيمها.
{الأنعام}: جماعة النّعم.
{والحرث}: الزرع.
{متاع الحياة الدّنيا}: يمتّعهم، أي: يقيمهم.
{المآب}: المرجع، من آب يؤب). [مجاز القرآن: 1/89]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({زيّن للنّاس حبّ الشّهوات من النّساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذّهب والفضّة والخيل المسوّمة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدّنيا واللّه عنده حسن المآب}
قال تعالى: {واللّه عنده حسن المآب} مهموز منها موضع الفاء ؛ لأنه من "آب" "يؤوب", وهي معتلة العين مثل: "قلت", تقول" .
"والمفعل": "مقال", تقول: "آب", "يؤوب", "إياباً" .
قال الله تعالى: {إنّ إلينا إيابهم}, وهو الرجوع, قال الشاعر:
فألقت عصاها واستقرّ بها النّوى = كما قرّ عيناً بالإياب المسافر
وأمّا "الأوّاب", فهو الراجع إلى الحق , وهو من: "آب", "يؤوب", أيضاً, وأمّا قوله تعالى: {يا جبال أوّبي معه}, فهو كما يذكرون التسبيح , أو هو - واللّه أعلم - مثل الأوّل يقول: "ارجعي إلى الحقّ", و"الأوّاب" : الراجع إلى الحقّ). [معاني القرآن: 1/164-165]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ): ({القناطير}: واحده قنطار.
قال بعض المفسرون: إنه ملء جلد ثور من ذهب أو فضة.
وقال آخرون: ثمانون ألف درهم.
وقال آخرون: ألف ومائتا أوقية.
وقال آخرون: مائة رطل من ذهب أو فضة وقالوا ألف دينار.
{الخيل المسومة}: المعلمة والسيما العلامة وقالوا الراعية مأخوذة من السائمة.
{المآب}: المرجع من آب يؤوب). [غريب القرآن وتفسيره:102-103]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({القناطير} , واحدها: قنطار, وقد اختلف في تفسيرها:
1- فقال بعضهم: القنطار ثمانية آلاف مثقال ذهب، بلسان أهل إفريقية.
2- وقال بعضهم: ألف مثقال.
3-وقال بعضهم: ملء مسك ثور ذهباً.
4-وقال بعضهم: مائة رطل.
{المقنطرة}: المكملة, وهو كما تقول: هذه بدرة مبدّرة، وألف مؤلّفة.
وقال الفراء:{المقنطرة}: المضعّفة؛ كأن القناطير ثلاثة، والمقنطرة تسعة.
{والخيل المسوّمة}: الرّاعية, يقال: سامت الخيل , فهي سائمة إذا رعت, وأسمتها فهي مسامة، وسوّمتها فهي مسوّمة: إذا رعيتها.
والمسوّمة في غير هذا: المعلّمة في الحرب بالسّومة , وبالسّيماء, أي: بالعلامة.
وقال مجاهد: {الخيل المسومة} المطهّمة الحسان, وأحسبه أراد: أنها ذات سيماء, كما يقال: رجل له سيماء، وله شارة حسنة.
{والأنعام}: الإبل, والبقر, والغنم, واحدها: نعم, وهو جمع لا واحد له من لفظه.
{و الحرث}: الزّرع.
{واللّه عنده حسن المآب}, أي: المرجع, من «آب يؤوب»: إذا رجع). [تفسير غريب القرآن: 101-102]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {زيّن للنّاس حبّ الشّهوات من النّساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذّهب والفضّة والخيل المسوّمة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدّنيا واللّه عنده حسن المآب}
قيل في {زيّن}قولان:
1- قال بعضهم اللّه زينها محنة كما قال:{إنّا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيّهم أحسن عملا}
2- وقال بعضهم: الشيطان زينها ؛ لأن اللّه قد زهد فيها , وأعلم أنّها متاع الغرور.
والقول الأول: أجود ؛ لأنه جعلها زينة محبوبة موجود , واللّه قد زهّد فيها بأن أعلم , وأرى زوالها، ومعنى {القناطير}: عند العرب: الشيء الكثير من المال, وهو جمع قنطار.
فأما أهل التفسير: فقالوا أقوالاً غير خارجة من مذهب العرب:
قال بعضهم القنطار: ملء مسك ثور ذهبًا أو فضة,
وقال بعضهم: القنطار : ثمانون ألف درهم,
وقال بعضهم: القنطار : ألف دينار،
وقال بعضهم : ألف رطل ذهباً أو فضة, فهذه جملة ما قال الناس في القنطار.
والذي بخرج في اللغة: أن القنطار مأخوذ من عقد الشيء وأحكامه, والقنطرة: مأخوذة من ذلك,فكأن القنطار هو الجملة من المال التي تكون عقدة وثيقة منه.
فأمّا من قال من أهل التفسير إنّه شيء من الذهب موف، فأقوى منه عندي ما ذكر من إنّه من الذهب والفضة؛ لأن اللّه جلّ وعزّ ذكر القناطير فيهما؛ فلا يستقيم أن يكون القنطار في إحداهما دون الأخرى.
ومعنى {الخيل المسوّمة} في اللغة: الخيل عليها السيماء , والسّومة , وهي العلامة، ويجوز وهو حسن أن يكون المسومة: السائمة، وأسيمت: أرعيت.
{والأنعام}: المواشي, واحدها نعم، أكثر استعمالها في الإبل،{والحرث}: الزرع، وهذا كله محبّب إلى الناس , كما قال اللّه عزّ وجلّ، ثم زهد الله في جميعه.
وتأويل التزهيد فيه ليس الامتناع من أن يزرع الناس، ولا من أن يكسبوا الشيء من جهة، وإنما وجه التزهيد فيه الحث على الصدقة, وسلوك سبل البرّ التي أمر بها في ترك الاستكثار من المال, وغيره، فهذا وجه التزهيد.
فقال جلّ وعزّ: {ذلك متاع الحياة الدّنيا}, أي: ما يتمتع به فيها.
{واللّه عنده حسن المآب}: والمآب في اللغة: المرجع، يقال: آب الرجل, يؤوب , أوباً, وإياباً,ومآباً). [معاني القرآن: 1/383-384]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة}
قيل : لما كانت معجبة, كانت كأنها قد زينت, وقيل: زينها الشيطان .
{والقناطير المقنطرة }: القنطار في كلام العرب: الشيء الكثير مأخوذ من عقد الشيء, وإحكامه, والقنطرة من ذلك, ومقنطرة, أي: مكملة كما تقول آلاف مؤلفة .
ثم قال جل وعز: {والخيل المسمومة والإنعام والحرث}: الخيل المسمومة , قال مجاهد: الحسنة, وقال سعيد بن جبير: الراعية.
وقال أبو عبيدة, والكسائي: قد تكون المسومة: المعلمة, قال أبو جعفر : قول مجاهد حسن من قولهم : رجل وسيم.
وقول سعيد بن جبير: لا يمتنع من قولهم : سامت تسوم , وأسمتها, وسومتها, أي: رعيتها, وقد تكون راعية حساناً معلم؛ لتعرف من غيرها,
وقال أبو زيد: أصل ذلك أن تجعل عليها صوفة , أو علامة تخالف سائر جسدها لتبين من غيرها في المرعى .
والإنعام: الإبل, والبقر , والغنم .
والحرث: الزرع.
وقوله تعالى: {والله عنده حسن المآب}, أي: المرجع). [معاني القرآن: 1/367-368]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({والقناطير}: جمع قنطار, والقنطار: ألف مثقال، وقيل: مائة رطل، وقيل: ملء مسك ثور ذهباً, وقيل: ثمانية آلالف مثقال.
{المقنطرة}: المكملة، وقيل: المضاعفة.
{والخيل المسومة}: الراعية، وقيل: المعلمة من السيماء.
و{المآب}:المرجع). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 47-48]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({القِنْطَارُ}: ثمانون ألف درهم , وقيل : مد جلد ثور.
{الْمُسَوَّمَةِ}: المعلمة.
{الْمَآبِ}: المرجع). [العمدة في غريب القرآن: 97]
تفسير قوله تعالى:{قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (15)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {قل أؤنبّئكم بخيرٍ مّن ذالكم...}, ثم قال {للّذين اتّقوا عند ربّهم جنّاتٌ}, فرفع الجنات باللام, ولم يجز ردّها على أوّل الكلام؛ لأنك حلت بينهما باللام، فلم يضمر خافض وقد حالت اللام بينهما, وقد يجوز أن تحول باللام , ومثلها بين الرافع وما رفع، والناصب وما نصب, فتقول: رأيت لأخيك مالاً, ولأبيك إبلاً, وترفع باللام إذا لم تعمل الفعل، وفي الرفع: قد كان لأخيك مال ولأبيك إبل, ولم يجز أن تقول في الخفض: قد أمرت لك بألف بألف, ولأخيك ألفين، وأنت تريد بألفين؛ لأن إضمار الخفض غير جائز؛ ألا ترى أنك تقول: من ضربت؟ فتقول: زيدا، ومن أتاك؟ فتقول: زيد, فيضمر الرافع والناصب, ولو قال: بمن مررت؟ , لم تقل: زيدٍ؛ لأن الخافض مع ما خفض بمنزلة الحرف الواحد, فإذا قدّمت الذي أخرته بعد اللام جاز فيه الخفض؛ لأنه كالمنسوق على ما قبله إذا لم تحل بينهما بشيء, فلو قدّمت الجنّات قبل اللام , فقيل: {بخيرٍ من ذلكم جناتٍ للذين اتقوا}, لجاز الخفض, والنصب على معنى تكرير الفعل بإسقاط الباء؛ كما قال الشاعر:
أتيت بعبد الله في القدّ موثقا = فهلا سعيدا ذا الخيانة والغدر
كذلك تفعل بالفعل إذا اكتسب الباء ثم أضمرا جميعا نصب كقولك: أخاك، وأنت تريد امرر بأخيك. وقال الشاعر في استجازة العطف إذا قدّمته , ولم تحل بينهما بشيء:
ألا يا لقومٍ كلّ ما حمّ واقع = وللطير مجرىً والجنوب مصارع
أراد: وللجنوب مصارع، فاستجاز حذف اللام، وبها ترتفع المصارع إذ لم تحل بينهما بشيء, فلو قلت: (ومصارع الجنوب)لم يجز , وأنت تريد إضمار اللام, وقال الآخر:
أوعدني بالسجن والأداهم = رجلي ورجلي شثنة المناسم
أراد: أوعد رجلي بالأداهم.
وقوله: {فبشّرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب}, والوجه رفع يعقوب, ومن نصب نوى به النصب، ولم يجز الخفض إلا بإعادة الباء: ومن وراء إسحاق بيعقوب.
وكلّ شيئين اجتمعا قد تقدم أحدهما قبل المخفوض الذي ترى أن الإضمار فيه يجوز على هذا, ولا تبال أن تفرق بينهما بفاعل أو مفعول به أو بصفة,فمن ذلك أن تقول: مررت بزيد, وبعمرو, ومحمد, أو وعمرو , ومحمد, ولا يجوز: مررت بزيد وعمرو, وفي الدار محمدٍ، حتى تقول: بمحمد, وكذلك: أمرت لأخيك بالعبيد , ولأبيك بالورق, ولا يجوز: لأبيك الورق. وكذلك: مرّ بعبد الله موثقاًومطلقاً زيدٍ، وأنت تريد: ومطلقاً بزيد, وإن قلت: وزيدٍ مطلقاً جاز ذلك على شبيه بالنسق إذا لم تحل بينهما بشيء.
وقوله: {قل أفأنبّئكم بشرّ من ذلكم النار وعدها الله الّذين كفروا}, فيها ثلاثة أوجه أجودها الرفع، والنصب من جهتين: من وعدها إذ لم تكن النار مبتدأة، والنصب الآخر بإيقاع الإنباء عليها بسقوط الخفض, جائز لأنك لم تحل بينهما بماننع, والرفع على الابتداء.
فإن قلت: فما تقول في قول الشاعر:
آلآن بعد لجاجتي تلحونني = هلا التقدّم والقلوب صحاح
بم رفع التقدّم؟, قلت: بمعنى الواو في قوله: (والقلوب صحاح) , كأنه قال: العظة, والقلوب فارغة، والرطب, والحرّ شديد، ثم أدخلت عليها هلاّ , وهي على ما رفعتها، ولو نصبت التقدّم بنية فعل كما تقول: أتيتنا بأحاديث لا نعرفها , فهلا أحاديث معروفة.
ولو جعلت اللام في قوله: {للّذين اتّقوا عند ربّهم} من صلة الإنباء جاز خفض الجنات, والأزواج, والرضوان). [معاني القرآن: 1/198]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({مطهّرة}: مهذّبة من كل عيب). [مجاز القرآن: 1/89]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): (وقوله: {قل أؤنبّئكم بخيرٍ مّن ذالكم للّذين اتّقوا عند ربّهم جنّاتٌ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواجٌ مّطهّرةٌ}, كأنه قيل لهم: "ماذا لهم"؟ , و"ما ذاك"؟ , فقيل: "هو كذا وكذا".
وأمّا {بشرٍّ مّن ذلك مثوبةً عند اللّه}, فإنما هو على "أنبّئكم بشرٍّ من ذلك حسباً" , و"بخيرٍ من ذلك حسبا", وقوله: {من لّعنه اللّه} موضع جرّ على البدل من قوله: {بشرٍّ}, ورفع على "هو من لعنه اللّه"). [معاني القرآن: 1/162]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({قل أؤنبّئكم بخيرٍ مّن ذالكم للّذين اتّقوا عند ربّهم جنّاتٌ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواجٌ مّطهّرةٌ ورضوان مّن اللّه واللّه بصيرٌ بالعباد}
قوله: {قل أؤنبّئكم بخيرٍ مّن ذالكم للّذين اتّقوا عند ربّهم جنّاتٌ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواجٌ مّطهّرةٌ}, كأنه قيل لهم: "ماذا لهم"؟, و"ما ذاك"؟, فقيل: "هو كذا وكذا", وأمّا {بشرٍّ مّن ذلك مثوبةً عند اللّه}, فإنما هو على "أنبّئكم بشرٍّ من ذلك حسباً" و"بخيرٍ من ذلك حسبا", وقوله: {من لّعنه اللّه} موضع جرّ على البدل من قوله: {بشرٍّ}, ورفع على "هو من لعنه اللّه"). [معاني القرآن: 1/165]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وأعلم اللّه جلّ وعزّ أن خيراً من جميع ما في الدنيا ما أعده لأوليائه , فقال:
{قل أؤنبّئكم بخير من ذلكم للّذين اتّقوا عند ربّهم جنّات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهّرة ورضوان من اللّه واللّه بصير بالعباد (15)},
الرفع في {جنّات}:القراءة،
والخفض جائز على أن تكون {جنّات} بدلاً من خير المعنى : أؤنبئكم بجنات تجري من تحتها الأنهار, ويكون{للذين اتقوا عند ربهم} من تمام الكلام الأول.
ومعنى {وأزواج مطهرة} أي: مطهرة من الأدناس, ومطهرة مما يحتاج إليه نساء أهل الدنيا من الحيض, وغيره.
{ورضوان من اللّه}, أكثر القراءة كسر الراء, وروى أبو بكر بن عياش , عن عاصم:{ورضوان من اللّه } بضم الراء في كل القرآن، ويقال: رضيت الشيء أرضاه رضاً, ومرضاة, ورضواناً, ورضواناً). [معاني القرآن: 1/384-385]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال عز وجل: {للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة} , وأزواج مطهرةً, أي: من الأدناس, والحيض). [معاني القرآن: 1/368]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال تعالى: {الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار}
قيل: الصابرون الصائمون, ويقال: في شهر رمضان: شهر الصبر, والصحيح أن: الصابر هو الذي يصبر عن المعاصي, والقانتون لله: المصلون, والمنفقون: المتصدقون). [معاني القرآن: 1/368-369]
تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (16)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {الّذين يقولون...}
إن شئت جعلته خفضاً نعتاً للذين اتقوا،
وإن شئت استأنفتها , فرفعتها إذ كانت آية وما هي نعت له آيةٌ قبلها, ومثله قول الله تبارك وتعالى: {إنّ الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم} , فلمّا انقضت الآية قال:{التّائبون العابدون}، وهي في قراءة عبد الله :{التائبين العابدين}
وكذلك: {الصّابرين والصّادقين...}
موضعها خفض، ولو كانت رفعاً , لكان صواباً). [معاني القرآن: 1/198-199] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وموضع {الذين يقولون} خفض صفة{للذين اتقوا}, المعنى: للمتقين القائلين: {الّذين يقولون ربّنا إنّنا آمنّا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النّار (16)}, وكذلك{الصابرين والصادقين}, ولو كانت رفعاً على الاستئناف ؛ لجاز ذلك , ولكن القراءة لا تجاوز.
ومعنى {القانتين} أي: القائمين بعبادة اللّه، وقد فسرنا القنوت فيما مضى, ومعنى {المنفقين}: المتصدقين، وجميع ما في سبيل اللّه.
{والمستغفرين بالأسحار} السحر: الوقت الذي قبل طلوع الفجر.
العرب تقول: جئتك بأعلى السحر ,تريد : في أول السحر، وهو أول إدبار الليل إلى طلوع الفجر الظاهر البين.
فاللّه عزّ وجلّ وصف هؤلاء بالتصديق , والإنفاق في سبيله , والقيام بعبادته، ثمّ وصفهم بأنهم مع ذلك ؛ لشدّة خوفهم, ووجلهم:يستغفرون بالأسحار). [معاني القرآن: 1/385]
تفسير قوله تعالى: {الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ (17)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {الّذين يقولون...}
إن شئت جعلته خفضاً نعتاً للذين اتقوا،
وإن شئت استأنفتها, فرفعتها إذ كانت آي, ة وما هي نعت له آيةٌ قبلها, ومثله قول الله تبارك وتعالى: {إنّ الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم} ,فلمّا انقضت الآية قال: {التّائبون العابدون}، وهي في قراءة عبد الله :{التائبين العابدين}
وكذلك: {الصّابرين والصّادقين...}
موضعها خفض، ولو كانت رفعاً لكان صواباً, وقوله: {والمستغفرين بالأسحار}, المصلّون بالأسحار، ويقول: الصلاة بالسحر أفضل مواقيت الصلاة.
أخبرنا محمد ابن الجهم قال: حدّثنا الفرّاء , قال: حدثني شريك , عن السّدّي في قوله: {سوف أستغفر لكم ربّي} , قال: أخّرهم السحر). [معاني القرآن: 1/198-199]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({والقانتين}: القانت المطيع). [مجاز القرآن: 1/89]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({الصّابرين والصّادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار} , قال تعالى: {الصّابرين} إلى قوله: {بالأسحار} موضع جر على:{للّذين اتّقوا}, فجر بهذه اللام الزائدة). [معاني القرآن: 1/165-166]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({القانتين}: المصلّين. و«القنوت» : يتصرف على وجوه قد بينتها في كتاب «المشكل», {والمنفقين} يعني: المتصدقين). [تفسير غريب القرآن: 103]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وموضع {الذين يقولون}: خفض صفة {للذين اتقوا}, المعنى للمتقين : القائلين.
{الّذين يقولون ربّنا إنّنا آمنّا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النّار}, وكذلك{الصابرين والصادقين}, ولو كانت رفعاً على الاستئناف لجاز ذلك , ولكن القراءة لا تجاوز.
ومعنى {القانتين}: أي : القائمين بعبادة اللّه، وقد فسرنا القنوت فيما مضى. ومعنى المنفقين : المتصدقين، وجميع ما في سبيل اللّه.
{والمستغفرين بالأسحار} السحر: الوقت الذي قبل طلوع الفجر.
العرب تقول: جئتك بأعلى السحر, تريد: في أول السحر، وهو أول إدبار الليل إلى طلوع الفجر الظاهر البين, فاللّه عزّ وجلّ وصف هؤلاء بالتصديق , والإنفاق في سبيله, والقيام بعبادته، ثمّ وصفهم بأنهم مع ذلك ؛ لشدّة خوفهم, ووجلهم : يستغفرون بالأسحار). [معاني القرآن: 1/385] (م)
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({والقانتين}: المصلين، وأصله: الطاعة.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 48]