جمهرة تفاسير السلف
تفسير قوله تعالى: (كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (18) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {كذّبت عادٌ فكيف كان عذابي ونذر (18) إنّا أرسلنا عليهم ريحًا صرصرًا في يوم نحسٍ مستمرٍّ (19) تنزع النّاس كأنّهم أعجاز نخلٍ منقعرٍ (20) فكيف كان عذابي ونذر}.
قال أبو جعفرٍ رحمه الله: يقول تعالى ذكره: كذّبت أيضًا عادٌ نبيّهم هودًا صلّى اللّه عليه وسلّم فيما أتاهم به عن اللّه، كالّذي كذّبت قوم نوحٍ، وكالّذي كذّبتم معشر قريشٍ نبيّكم محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم وعلى جميع رسله، {فكيف كان عذابي ونذر} يقول: فانظروا معشر كفرة قريشٍ باللّه كيف كان عذابي إيّاهم، وعقابي لهم على كفرهم باللّه، وتكذيبهم رسوله هودًا، وإنذاري بفعلي بهم ما فعلت من سلك طرائقهم، وكانوا على مثل ما كانوا عليه من التّمادي في الغيّ والضّلالة). [جامع البيان: 22/132]
تفسير قوله تعالى: (إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ (19) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله ريحا صرصرا قال الصرصر الباردة والنحس المشؤوم). [تفسير عبد الرزاق: 2/258]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قوله تعالى: {ريحٍ صرصرٍ} قال: صرصرٌ باردةٌ شديدةٌ). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 91] (م)
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {إنّا أرسلنا عليهم ريحًا صرصرًا}
- أخبرنا أبو صالحٍ، قال: حدّثنا فضيلٌ، عن الأعمش، عن مسعود بن مالكٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «نصرت بالصّبا، وأهلكت عادٌ بالدّبور»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/282]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {إنّا أرسلنا عليهم ريحًا صرصرًا} يقول تعالى ذكره: إنّا بعثنا على عادٍ إذ تمادوا في طغيانهم وكفرهم باللّه ريحًا صرصرًا، وهي الشّديدة العصوف في بردٍ، الّتي لصوتها صريرٌ، وهي مأخوذةٌ من شدّة صوت هبوبها إذا سمع فيها كهيئة قول القائل: صرصر، فقيل منه: صرصرٌ، كما قيل: {فكبكبوا} من (كبّوا)، ونهنهت من (نهّهت).
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: ثني أبي قال: ثني عمّي قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: { إنّا أرسلنا عليهم ريحًا صرصرًا} قال: ريحًا باردةً.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {إنّا أرسلنا عليهم ريحًا صرصرًا}. قال: الصّرصر: الباردة.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة قال: الصّرصر: الباردة.
- حدّثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {ريحًا صرصرًا}: باردةً.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، {ريحًا صرصرًا} قال: شديدةً، والصّرصر: الباردة.
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ريحًا صرصرًا} قال: الصّرصر: الشّديدة.
وقوله: {في يوم نحسٍ مستمرٍّ} يقول: في يوم شرٍّ وشؤمٍ لهم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة قال: النّحس: الشّؤم.
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {في يوم نحسٍ} قال النّحس: الشّرّ، {في يوم نحسٍ} في يوم شرٍّ.
وقد تأوّل ذلك آخرون بمعنى شديدٍ، ومن تأوّل ذلك كذلك فإنّه يجعله من صفة اليوم، ومن جعله من صفة اليوم، فإنّه ينبغي أن يكون قراءته بتنوين اليوم، وكسر الحاء من النّحس، فيكون في يومٍ نحسٍ كما قال جلّ ثناؤه {في أيّامٍ نحساتٍ}.
ولا أعلم أحدًا قرأ ذلك كذلك في هذا الموضع، غير أنّ الرّواية الّتي ذكرت في تأويل ذلك عمّن ذكرت عنه على ما وصفنا تدلّ على أنّ ذلك كان قراءةً.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: ثني أبي قال: ثني عمّي قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {في يومٍ نحسٍ} قال: أيّامٍ شدادٍ.
- وحدّثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {في يومٍ نحسٍ} يومٍ شديدٍ.
وقوله: {مستمرٍّ} يقول: في يوم شرٍّ وشؤمٍ، استمرّ بهم البلاء والعذاب فيه إلى أن وافى بهم جهنّم.
- كما: حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {في يوم نحسٍ مستمرٍّ} يستمرّ بهم إلى نار جهنّم). [جامع البيان: 22/132-135]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 18 - 22.
أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا} قال: باردة {في يوم نحس} قال: أيام شداد). [الدر المنثور: 14/79]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله {صرصرا} قال: شديدة). [الدر المنثور: 14/79]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة في قوله {ريحا صرصرا} قال الباردة {في يوم نحس} قال: في يوم مشؤوم على القوم مستمر استمر عليهم شره). [الدر المنثور: 14/79]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل {في يوم نحس} قال: النحس البلاء والشدة، قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم أما سمعت زهير بن أبي سلمى وهو يقول:
سواء عليه أي يوم أتيته * أساعة نحس تتقي أم بأسعد). [الدر المنثور: 14/79-80]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن زر بن حبيش {في يوم نحس مستمر} قال: يوم الأربعاء). [الدر المنثور: 14/80]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن مردويه، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال لي جبريل: اقض باليمين مع الشاهد وقال: يوم الأربعاء {يوم نحس مستمر}). [الدر المنثور: 14/80]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه، عن علي، قال: نزل جبريل على النّبيّ صلى الله عليه وسلم باليمين مع الشاهد والحجامة ويوم الأربعاء يوم نحس مستمر). [الدر المنثور: 14/80]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يوم نحس يوم الأربعاء). [الدر المنثور: 14/80]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أنس قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأيام وسئل عن يوم الأربعاء قال: يوم نحس قالوا: وكيف ذاك يا رسول الله قال: أغرق فيه الله فرعون وقومه وأهلك عادا وثمود). [الدر المنثور: 14/81]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج وكيع في الغرر، وابن مردويه والخطيب بسند عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: آخر أربعاء في الشهر يوم نحس مستمر). [الدر المنثور: 14/81]
تفسير قوله تعالى: (تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (20) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب {أعجاز نخلٍ منقعرٍ (20) فكيف كان عذابي ونذر} [القمر: 21]). [صحيح البخاري: 6/143]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (بابٌ: {أعجاز نخلٍ منقعرٍ فكيف كان عذابي ونذر} (القمر: 20، 21)
أي: هذا باب في قوله تعالى: {تنزع النّاس كلهم أعجاز نخل منقعر} (القمر: 2) هذه الآية وما قبلها فيما جرى على عاد. قوله: {تنزع النّاس} أي: الرّيح الصرصر المذكر فيما قبله تنزع النّاس أي: تقلعهم ثمّ ترمي بهم على رؤسهم فتدق رقابهم، وعن محمّد بن قرظة ابن كعب عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أنتزعت الرّيح النّاس من قبورهم. قوله: (أعجاز نخل) قال ابن عبّاس: أي أصول نخل. قوله: (منقعر) أي: منقطع من مكانه ساقط على الأرض، والأعجاز جمع عجز مثل عضد وأعضاد، والعجز مؤخر الشّيء). [عمدة القاري: 19/208-209]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب {أعجاز نخلٍ منقعرٍ (20) فكيف كان عذابي ونذر}
(باب) قوله تعالى: ({أعجاز نخل منقعر}) قال في الأنوار أصول نخل منقلع عن مغارسه ساقط على الأرض وقيل شبهوا بالأعجاز لأن الريح طيرت رؤوسهم وطرحت أجسادهم وتذكير منقعر للحمل على اللفظ والتأنيث في قوله: {أعجاز نخل خاوية} للمعنى ({فكيف كان عذاب ونذر}) [القمر: 20، 21] استفهام تعظيم ووعيد والنذر جمع نذير مصدر بمعنى الإنذار). [إرشاد الساري: 7/366]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {تنزع النّاس كأنّهم أعجاز نخلٍ منقعرٍ} يقول: تقلع النّاس ثمّ ترمي بهم على رءوسهم، فتندقّ رقابهم، وتبين من أجسادهم.
- كما: حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: لمّا هاجت الرّيح قام نفرٌ من عادٍ سبعةٌ سمّي لنا منهم ستّةٌ من أيّد عادٍ وأجسمها، منهم عمرو بن الحليّ، والحارث بن شدّادٍ، والهلقام، وابنا تيقنٍ، وخلجان بن سعدٍ، فأولجوا العيال في شعبٍ بين جبلين، ثمّ اصطفّوا على باب الشّعب ليردّوا الرّيح عمّن بالشّعب من العيال، فجعلت الرّيح تجعفهم رجلاً رجلاً، فقالت امرأةٌ من عادٍ.
ذهب الدّهر بعمرو بـ ـن حليٍّ والهنيّات
ثمّ بالحارث والهلـ ـقام طلاّع الثّنيّات
والّذي سدّ مهبّ الرّ يح أيّام البليّات.
- حدّثنا العبّاس بن الوليد البيروتيّ قال: أخبرني أبي قال: ثني إسماعيل بن عيّاشٍ، عن محمّد بن إسحاق قال: لمّا هبّت الرّيح قام سبعةٌ من عادٍ، فقالوا: نردّ الرّيح، فأتوا فم الشّعب الّذي يأتي منه الرّيح، فوقفوا عليه، فجعلت الرّيح تهبّ، فتدخل تحت واحدٍ واحدٍ، فتقتلعه من الأرض فترمي به على رأسه، فتندقّ رقبته، ففعلت ذلك بستّةٍ منهم، وتركتهم كما قال اللّه: {أعجاز نخلٍ خاويةٍ} وبقي الخلجان، فأتى هودًا، فقال: يا هود ما هذا الّذي أرى في السّحاب كهيئة البخاتيّ؟ قال: تلك ملائكة ربّي، فقال: مالي إن أسلمت؟ قال: تسلم، قال: أيعيدني ربّك إن أسلمت من هؤلاء؟ فقال: ويلك أرأيت ملكًا يعيذ جنده؟ فقال: وعزّته لو فعل ما رضيت قال: ثمّ مال إلى جانب الجبل، فأخذ بركنٍ منه فهزّه، فاهتزّ في يده، ثمّ جعل يقول:
لم يبق إلاّ الخلجان نفسه يا لك من يومٍ دهاني أمسه
بثابت الوطء شديدٍ وطسه لو لم يجئني جئته أحسّه.
قال: ثمّ هبّت الرّيح فألحقته بأصحابه.
- حدّثني محمّد بن إبراهيم قال: حدّثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدّثنا نوح بن قيسٍ قال: حدّثنا محمّد بن سيفٍ، عن الحسن قال: لمّا أقبلت الرّيح قام إليها قوم عادٍ، فأخذ بعضهم بأيدي بعضٍ كما تفعل الأعاجم، فرغموا أقدامهم في الأرض وقالوا: يا هود من يزيل أقدامنا عن الأرض إن كنت صادقًا، فأرسل اللّه عليهم الرّيح، تنزع النّاس كأنّهم أعجاز نخلٍ منقعرٍ.
- حدّثني محمّد بن إبراهيم قال: حدّثنا مسلمٌ قال: حدّثنا نوح بن قيسٍ قال: حدّثنا أشعث بن جابرٍ، عن شهر بن حوشبٍ، عن أبي هريرة قال: إن كان الرّجل من قوم عادٍ ليتّخذ المصراعين من حجارةٍ، لو اجتمع عليها خمس مئةٍ من هذه الأمّة لم يستطيعوا أن يحملوها، وإن كان الرّجل منهم ليغمز قدمه في الأرض، فتدخل في الأرض.
وقال: {كأنّهم أعجاز نخلٍ} ومعنى الكلام: فتركتهم كأنّهم أعجاز نخلٍ منقعرٍ، فترك ذكر (فتركتهم) استغناءً بدلالة الكلام عليه.
وقيل: إنّما شبّههم بأعجاز نخلٍ منقعرٍ، لأنّ رءوسهم كانت تبين من أجسادهم، فتذهب لذلك رقابهم من أجسادهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا الحسن بن عرفة قال: حدّثنا خلف بن خليفة، عن هلال بن خبّابٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {كأنّهم أعجاز نخلٍ منقعرٍ} قال: سقطت رءوسهم كأمثال الأخبية، وتفرّدت، أو تفرّقت أعناقهم - قال أبو جعفرٍ: أنا أشكّ - فشبّهها بأعجاز نخلٍ منقعرٍ.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: ثني أبي قال: ثني عمّي قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {تنزع النّاس كأنّهم أعجاز نخلٍ منقعرٍ} قال: هم قوم عادٍ حين صرعتهم الرّيح، فكأنّهم فلق نخلٍ منقعرٍ). [جامع البيان: 22/135-138]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الحسن قال: لما أقبلت الريح قام إليها عاد فأخذ بعضهم بأيدي بعض وغمزوا أقدامهم في الأرض وقالوا: من يزيل أقدامنا عن الأرض إن كان صادقا فأرسل الله عليهم الريح تنزع الناس {كأنهم أعجاز نخل منقعر}). [الدر المنثور: 14/81]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن أبي هريرة قال: إن كان الرجل من عاد ليتخذ المصراعين من حجارة لو اجتمع عليه خمسمائة من هذه الأمة لم يستطيعوا أن يحملوه فكان الرجل يغمز قدمه في الأرض فتدخل فيه). [الدر المنثور: 14/81]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله {كأنهم أعجاز نخل} قال: أصول نخل {منقعر} قال: منقطع). [الدر المنثور: 14/82]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {أعجاز نخل منقعر} قال: أعجاز سود النخل). [الدر المنثور: 14/82]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد في قوله {كأنهم أعجاز نخل منقعر} قال: وقعت رؤوسهم كأمثال الأخبية وتقورت أعناقهم فشبهها بأعجاز نخل منقعر). [الدر المنثور: 14/82]
تفسير قوله تعالى: (فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (21) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب {أعجاز نخلٍ منقعرٍ (20) فكيف كان عذابي ونذر} [القمر: 21]). [صحيح البخاري: 6/143]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (قوله: (فكيف كان عذابي) العذاب اسم للتعذيب مثل الكلام اسم للتكليم. قوله: (ونذر) (القمر: 18) أي: إنذاري. وقال الفراء: الإنذار والنّذر مصدران. تقول العرب: أنذت إنذارا ونذرا، كقولك: انفقت إنفاقا ونفقة). [عمدة القاري: 19/208-209]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب {أعجاز نخلٍ منقعرٍ (20) فكيف كان عذابي ونذر}
(باب) قوله تعالى: ({أعجاز نخل منقعر}) قال في الأنوار أصول نخل منقلع عن مغارسه ساقط على الأرض وقيل شبهوا بالأعجاز لأن الريح طيرت رؤوسهم وطرحت أجسادهم وتذكير منقعر للحمل على اللفظ والتأنيث في قوله: {أعجاز نخل خاوية} للمعنى ({فكيف كان عذاب ونذر}) [القمر: 20، 21] استفهام تعظيم ووعيد والنذر جمع نذير مصدر بمعنى الإنذار). [إرشاد الساري: 7/366] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({فكيف كان عذابي ونذر} يقول تعالى ذكره: فانظروا معشر كفّار قريشٍ، كيف كان عذابي قوم عادٍ، إذ كفروا بربّهم، وكذّبوا رسوله، فإنّ ذلك سنّة اللّه في أمثالهم، وكيف كان إنذاري بهم من أنذرت). [جامع البيان: 22/139]
تفسير قوله تعالى: (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (22) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولقد يسّرنا القرآن للذّكر فهل من مدّكر (22) كذّبت ثمود بالنّذر (23) فقالوا أبشرًا منّا واحدًا نتّبعه إنّا إذًا لفي ضلالٍ وسعرٍ}.
قال أبو جعفرٍ رحمه الله: يقول تعالى ذكره: ولقد سهّلنا القرآن وهوّنّاه لمن أراد التّذكّر به والاتّعاظ {فهل من مدّكر} يقول: فهل من متّعظٍ ومنزجرٍ بآياته). [جامع البيان: 22/139]