العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة النساء

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11 ربيع الثاني 1434هـ/21-02-2013م, 11:12 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير سورة النساء [ من الآية (7) إلى الآية (10) ]

تفسير سورة النساء
[ من الآية (7) إلى الآية (10) ]


بسم الله الرحمن الرحيم
{لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا (7) وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا (8) وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيدًا (9) إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (10)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19 ربيع الثاني 1434هـ/1-03-2013م, 02:58 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (7) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): أنا معمر عن قتادة قال كانوا لا يورثون النساء فنزلت وللنساء نصيب مما ترك الولدان والأقربون). [تفسير عبد الرزاق: 1/149]

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : القول في تأويل قوله تعالى: {للرّجال نصيبٌ ممّا ترك الوالدان والأقربون وللنّساء نصيبٌ ممّا ترك الوالدان والأقربون ممّا قلّ منه أو كثر نصيبًا مفروضًا}.
يعني بذلك تعالى ذكره: للذّكور من أولاد الرّجل الميّت حصّةٌ من ميراثه وللإناث منهم حصّةٌ منه، من قليل ما خلّف بعده وكثيره حصّةٌ مفروضةٌ واجبة معلومة مؤقّتةٌ. وذكر أنّ هذه الآية نزلت من أجل أنّ أهل الجاهليّة كانوا يورّثون الذّكور دون الإناث.
- كما: حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، قال:
«كانوا لا يورّثون النّساء»، فنزلت: {وللنّساء نصيبٌ ممّا ترك الوالدان والأقربون}.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عكرمة، قال:
«نزلت في أمّ كجة وابنة ام كجّة وثعلبة وأوس بن ثابت، وهم من الأنصار، كان أحدهم زوجها، والآخر عمّ ولدها، فقالت: يا رسول اللّه توفّي زوجي وتركني وابنته، فلم نورث، فقال عمّ ولدها: يا رسول اللّه لا تركب فرسًا، ولا تحمل كلاّ، ولا تنكأ عدوًّا يكسب عليها، ولا تكتسب». فنزلت: {للرّجال نصيبٌ ممّا ترك الوالدان والأقربون وللنّساء نصيبٌ ممّا ترك الوالدان والأقربون ممّا قلّ منه أو كثر نصيبًا مفروضًا}.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {للرّجال نصيبٌ ممّا ترك الوالدان والأقربون} قال: كان النّساء لا يرثن في الجاهليّة من الآباء، وكان الكبير يرث ولا يرث الصّغير وإن كان ذكرًا، فقال اللّه تبارك وتعالى: {للرّجال نصيبٌ ممّا ترك الوالدان والأقربون} إلى قوله: {نصيبًا مفروضًا}.
قال أبو جعفرٍ: ونصب قوله: {نصيبًا مفروضًا} وهو نعتٌ للنّكرة لخروجه مخرج المصدر، كقول القائل: لك عليّ حقٌّ واجبًا، ولو كان مكان قوله: {نصيبًا مفروضًا} اسمٌ صحيحٌ لم يجز نصبه، لا يقال: لك عندي حقٌّ درهمًا، فقوله: {نصيبًا مفروضًا} كقوله: نصيبًا فريضةً وفرضًا، كما يقال:
«عندي درهمٌ هبةٌ مقبوضةٌ». [جامع البيان: 6/429-431]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): {للرّجال نصيبٌ ممّا ترك الوالدان والأقربون وللنّساء نصيبٌ ممّا ترك الوالدان والأقربون ممّا قلّ منه أو كثر نصيبًا مفروضًا (7) }.
قوله تعالى: {للرّجال نصيبٌ}.
- وبه عن سعيد بن جبيرٍ في قوله:
« للرّجال نصيبٌ يعني: حظّاً ممّا ترك الوالدان والأقربون».
قوله تعالى: {ممّا ترك الوالدان والأقربون}.
- وبه عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه تعالى: ممّا ترك الوالدان والأقربون وذلك
« أهل الجاهليّة كانوا لا يورّثون النّساء ولا الولدان الصّغار شيئاً، يجعلون الميراث لذي الأسنان من الرّجال، فنزلت: للرّجال نصيبٌ ممّا ترك الوالدان والأقربون».
- أخبرنا عليّ بن المبارك فيما كتب إليّ، ثنا زيد بن المبارك، ثنا ابن ثورٍ، عن ابن جريجٍ قال ابن العبّاس
«للرّجال نصيبٌ ممّا ترك الوالدان والأقربون قال: نزلت في أمّ كلثومٍ، وبنت أمّ كحلة، وثعلبة بن أوسٍ، وسويدٍ كان أحدهم زوجها والآخر عمّ ولدها».
قوله تعالى: {وللنّساء نصيبٌ ممّا ترك الوالدان والأقربون}.
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، أنبأ عبد الرّزّاق ، أنبأ معمرٌ، عن قتادة قال:
«كانوا لا يورّثون النّساء فنزلت: وللنّساء نصيبٌ ممّا ترك الوالدان والأقربون».
قوله تعالى: {ممّا قلّ منه أو كثر}.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ قوله: ممّا قلّ منه أو كثر يعني:
«من الميراث».
قوله تعالى: {نصيباً}.
- وبه عن سعيد بن جبيرٍ قوله:
«نصيباً مفروضاً يعني: حظّاً».
قوله تعالى: {مفروضاً}.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو نعيمٍ، وقبيصة، عن سفيان، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك:
«نصيبًا مفروضًا قال: وفيا».
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى، ثنا ابن لهيعة، حدّثني عطاءٌ، عن سعيدٍ قوله:
«مفروضاً يعني: معلوماً».
- قال أبو محمّدٍ: وروي عن الضّحّاك مثل ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 3/872-873]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال:
« كان أهل الجاهلية لا يورثون البنات ولا الصغار الذكور حتى يدركوا، فمات رجل من الأنصار يقال له أوس بن ثابت وترك ابنتين وابنا صغيرا فجاء ابنا عمه وهما عصبته فأخذا ميراثه كله فقالت امرأته لهما: تزوجا بهما وكان بهما دمامة فأبيا، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله توفي أوس وترك ابنا صغيرا وابنتين فجاء ابنا عمه خالد وعرفطة فأخذا ميراثه فقلت لهما: تزوجا ابنتيه فأبيا » فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« ما أدري ما أقول فنزلت {للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون} الآية، فأرسل إلى خالد وعرفطة فقال: لا تحركا من الميراث شيئا فإنه قد أنزل علي فيه شيء أخبرت فيه أن للذكر والأنثى نصيبا ثم نزل بعد ذلك {ويستفتونك في النساء} إلى قوله: {عليما} ثم نزل{يوصيكم الله في أولادكم}. إلى قوله {والله عليم حليم} فدعا بالميراث فأعطى المرأة الثمن وقسم ما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عكرمة في الآية قال:
«نزلت في أم كلثوم وابنة أم كحلة أو أم كحة وثعلبة بن أوس وسويد وهم من الأنصار، كان أحدهم زوجها والآخر عم ولدها فقالت: يا رسول الله توفي زوجي وتركني وابنته فلم نورث من ماله فقال عم ولدها: يا رسول الله لا تركب فرسا ولا تنكأ عدوا ويكسب عليها ولا تكتسب، فنزلت {للرجال نصيب} الآية».
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير أن أهل الجاهلية كانوا لا يورثون النساء ولا الولدان الصغار شيئا يجعلون الميراث لذي الأسنان من الرجال فنزلت {للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون} إلى قوله {مما قل منه أو كثر} يعني من الميراث {نصيبا} يعني حظا {مفروضا} يعني
«معلوما».
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الضحاك {نصيبا مفروضا} قال:
« وقفا معلوما». [الدر المنثور: 4/242-244]

تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (8) ).
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني عبد الله بن عياش عن زيد بن أسلم في قول الله: {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا}، القسمة الوصية، جعل الله للميت جزء من ماله يوصي به لمن يشاء إلى من لا يرثه). [الجامع في علوم القرآن: 1/58]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): قال لي يعقوب: وسألت زيد بن أسلم عن قول الله: {وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه}، قال:
« إذا حضر القسمة الرجل حين يوصي بالوصية القسمة يحضره ناسٌ أولو القربى، واليتامى والمساكين ويذكرونه قرابته، والمساكين يقولون: فلان مسكينٌ، وفلان ذو حاجةٍ فيأمرونه أن يحسن ولا يجحف بولده، فنهى الذين حضروا أن يكلموا بغير ذلك».
فقال: {وليخش الذين لو تركوا من خلفهم}، مثل ما ترك، {ذريةٌ ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولاً سديداً}. [الجامع في علوم القرآن: 2/125].
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): وقال في سورة النساء: {وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه}؛
فنسختها آية الميراث؛ لكل امرئٍ نصيبه؛ وقال في أموال اليتامى: {من كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف}؛
ثم قال لمن أكله ظلما: {إنّ الّذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنّما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً}. [الجامع في علوم القرآن: 3/68-69]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): وسمعت الليث بن سعد يقول في هذه الآية: {وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولاً معروفاً}، فقال:
«نسخت هذه الآية بما فرض الله من المواريث». [الجامع في علوم القرآن: 3/87]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن الحسن والزهري في قوله تعالى وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمسكين فارزقوهم منه قالا هي محكمة وذلك عند قسمة ميراث الميت). [تفسير عبد الرزاق: 1/149]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن هشام بن عروة أن أباه أعطاه من ميراث المصعب حين قسم ماله.
أنا معمر عن قتادة أن ابن المسيب قال نسخها الميراث والوصية وقال الكلبي مثل ذلك). [تفسير عبد الرزاق: 1/149]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا الثوري عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى وإذا حضر القسمة أولوا القربى قال هي واجبة على أهل الميراث ما طابت به أنفسهم). [تفسير عبد الرزاق: 1/149]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): أنا ابن جريج قال أخبرني ابن أبي مليكة أن أسماء ابنة عبد الرحمن بن أبي بكر والقاسم بن محمد أخبراه أن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر قسم ميراث أبيه عبد الرحمن وعائشة حية قال فلم يدع في الدار مسكينا ولا ذا قرابة إلا أعطاه من ميراث أبيه قال وتلا وإذا حضر القسمة أولوا القربى الآية قال القاسم فذكرت ذلك لابن عباس ما أصاب ليس ذلك له إنما ذلك للوصية وإنما هذه الآية في الوصية يريد الميت أن يوصي لهم. [تفسير عبد الرزاق: 1/149-150]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان الثوري عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ قال: واجبة على أهل الميراث ما طابت به أنفسهم في قوله: {وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين} الآية قال:
«أن يرضخوا لأقاربهم إن كان الورثة كبارًا وإن كانوا صغارا قال: الوصي هم صغار ولست أملك منه شيئا ». [تفسير الثوري: 89]

قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): قوله تعالى: {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولًا معروفًا}.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبيرٍ،
«إنّ ناسًا يقولون: إنّ هذه الآية قد نسخت: {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه}، قال: لا واللّه، ما نسخت، ولكنّها ممّا تهاون النّاس بها، وهما وليّان: وليٌّ يرث، فذلك الّذي يرزق، ووليٌّ ليس بوارثٍ، فذلك الّذي يقول قولًا معروفًا: إنّه مال يتامى وما لي فيه شيء».
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ - في قوله عزّ وجلّ: {فارزقوهم منه}، قال:
«حقٌّ واجبٌ ممّا طابت به الأنفس».
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، قال: نا منصورٌ، عن قتادة، عن يحيى بن يعمر، قال:
« ثلاث آياتٍ مدنيّاتٌ محكماتٌ ضيّعهنّ كثيرٌ من النّاس»: قوله تعالى: {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولًا معروفًا}، وآية الاستئذان: {والّذين لم يبلغوا الحلم منكم}، وقوله: {إنّا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند اللّه أتقاكم}.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا خالد بن عبد اللّه، عن يونس، عن الحسن - في قوله عزّ وجل: {وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه} ، قال:
«فغير قرابة الميّت يرضخ لهم القدح أو الشّيء، فكان يقول لهم: إنّها لم تنسخ».
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، قال: نا يونس ومنصورٌ، عن الحسن، ومغيرة، عن إبراهيم أنّهما قالا:
«هي محكمةٌ وليست بمنسوخةٍ ».
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، عن عوفٍ، عن ابن سيرين، قال:
«كانوا يرضخون لهم إذا حضر أحدهم القسمة».
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، عن جويبر، عن الضّحّاك - في قوله عزّ وجل: {فارزقوهم منه} - قال:
«هي منسوخةٌ بالميراث».
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، قال: نا مغيرة، عن الشّعبي، قال: قال رجلٌ:
«لأحيينّ اليوم آيةً من كتاب اللّه عزّ وجلّ، ولو من نصيبي». [سنن سعيد بن منصور: 3/1166-1172]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : باب {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين} الآية.
- حدّثنا أحمد بن حميدٍ، أخبرنا عبيد اللّه الأشجعيّ، عن سفيان، عن الشّيبانيّ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين} ، قال: «هي محكمةٌ وليست بمنسوخةٍ» تابعه سعيدٌ، عن ابن عبّاسٍ. [صحيح البخاري: 6/43]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( (قوله باب وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين الآية)
سقط باب لغير أبي ذرٍّ
[4576] قوله حدّثنا أحمد بن حميدٍ هو القرشيّ الكوفيّ صهر عبيد اللّه بن موسى يقال له دار أمّ سلمة لقّب بذلك لجمعه حديث أم سلمة وتتبعه لذلك وقال بن عديٍّ كان له اتّصالٌ بأمّ سلمة يعني زوج السّفّاح الخليفة فلقّب بذلك ووهم الحاكم فقال يلقّب جار أمّ سلمة وثّقه مطيّنٌ وقال كان يعدّ في حفّاظ أهل الكوفة ومات سنة عشرين ومائتين ووهم من قال خلاف ذلك وما له في البخاريّ سوى هذا الحديث الواحد وشيخه عبيد اللّه الأشجعيّ هو بن عبيد الرّحمن الكوفيّ وأبوه فردٌ في الأسماء مشهورٌ في أصحاب سفيان الثّوريّ والشّيبانيّ هو أبو إسحاق والإسناد إلى عكرمة كوفيّون قوله هي محكمةٌ وليست بمنسوخةٍ زاد الإسماعيليّ من وجه آخر عن الأشجعيّ وكان بن عبّاسٍ
«إذا ولي رضخ وإذا كان في المال قلّةٌ اعتذر إليهم » فذلك القول بالمعروف وعند الحاكم من طريق عمرو بن أبي قيسٍ عن الشّيبانيّ بالإسناد المذكور في هذه الآية قال« ترضخ لهم وإن كان في المال تقصيرٌ اعتذر إليهم » قوله تابعه سعيد بن جبير عن بن عبّاسٍ وصله في الوصايا بلفظ إنّ ناسًا يزعمون أنّ هذه الآية نسخت ولا واللّه ما نسخت ولكنّها ممّا تهاون النّاس بها هما واليان والٍ يرث وذلك الّذي يرزق ووالٍ لا يرث وذلك الّذي يقال له بالمعروف يقول لا أملك لك أن أعطيك وهذان الاسنادان الصحيحان عن بن عبّاسٍ هما المعتمدان وجاءت عنه رواياتٌ من أوجه ضعيفة عند بن أبي حاتم وبن مردويه أنّها منسوخةٌ نسختها آية الميراث وصحّ ذلك عن سعيد بن المسيّب وهو قول القاسم بن محمّدٍ وعكرمة وغير واحدٍ وبه قال الأئمّة الأربعة وأصحابهم وجاء عن بن عبّاسٍ قولٌ آخر أخرجه عبد الرّزّاق بإسنادٍ صحيحٍ عن القاسم بن محمّدٍ أنّ عبد اللّه بن عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ قسم ميراث أبيه عبد الرّحمن في حياة عائشة فلم يدع في الدّار ذا قرابةٍ ولا مسكينًا إلّا أعطاه من ميراث أبيه وتلا الآية قال القاسم فذكرته لابن عبّاسٍ فقال«ما أصاب ليس ذلك له إنّما ذلك إلى الوصيّ وإنّما ذلك في العصبة أي ندب للميّت أن يوصي لهم» قلت وهذا لا ينافي حديث الباب وهو أنّ الآية محكمةٌ وليست بمنسوخةٍ وقيل معنى الآية وإذا حضر قسمة الميراث قرابة الميّت ممّن لا يرث واليتامى والمساكين فإنّ نفوسهم تتشوّف إلى أخذ شيءٍ منه ولا سيّما إن كان جزيلًا فأمر اللّه سبحانه أن يرضخ لهم بشيءٍ على سبيل البرّ والإحسان واختلف من قال بذلك هل الأمر فيه على النّدب أو الوجوب فقال مجاهدٌ وطائفةٌ هي على الوجوب وهو قول بن حزمٍ « أنّ على الوارث أن يعطي هذه الأصناف ما طابت به نفسه» ونقل بن الجوزيّ عن أكثر أهل العلم أنّ المراد بأولى القرابة من لا يرث وأنّ معنى فارزقوهم أعطوهم من المال وقال آخرون أطعموهم وأنّ ذلك على سبيل الاستحباب وهو المعتمد لأنّه لو كان على الوجوب لاقتضى استحقاقًا في التّركة ومشاركةً في الميراث بجهةٍ مجهولةٍ فيفضي إلى التّنازع والتّقاطع وعلى القول بالنّدب فقد قيل يفعل ذلك وليّ المحجور وقيل لا بل يقول ليس المال لي وإنّما هو لليتيم وأنّ هذا هو المراد بقوله وقولوا لهم قولا معروفا وعلى هذا فتكون الواو في قوله وقولوا للتقسيم وعن بن سيرين وطائفة المراد بقوله فارزقوهم منه اصنعوا لهم طعامًا يأكلونه وأنّها على العموم في مال المحجور وغيره والله أعلم). [فتح الباري: 8/242-243]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : قوله فيه
- ثنا أحمد بن حميد أنا عبيدالله بن الأشجعيّ عن سفيان عن الشّيبانيّ عن عكرمة عن ابن عبّاس رضي اللّه عنهما {وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين} قال هي
« محكمة وليست منسوخة »تابعه سعيد عن ابن عبّاس
أسند المؤلف حديث سعيد وهو ابن جبير في الوصايا). [تغليق التعليق: 4/193]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : بابٌ: {وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين}.
أي: هذا باب فيه قوله تعالى: {وإذا حضر القسمة} . الآية وليس لغير أبي ذر لفظ. باب، وتمام الآية {فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا} . قوله: {وإذا حضر القسمة أولو القربى} ، أي:
«وإذا حضر قسمة مال الميّت أولو قربة الميّت». {فارزقوهم منه} أي:«من مال الميّت». وحاصل المعنى، إذا حضر هؤلاء الفقراء من القرابة الّذين لا يرثون واليتامى والمساكين قسمة مال جزيل فإن أنفسهم تتشوق إلى شيء منه إذا رأوا هذا يأخذ وهذا يأخذ وهم آيسون لا شيء يعطون، فأمر الله تعالى، وهو الرؤوف الرّحيم أن يرضخ لهم شيء من الوسط يكون برا بهم وصدقة عليهم وإحسانهم إليهم وجبرا لكسرهم. قوله: {وقولوا لهم قولا معروفا} ، القول المعروف العدة الحسنة من البر والصلة. وقيل: الرّد الجميل، وقيل: الدّعاء، كقولك: عافاك الله وبارك الله فيك. وقيل: علموهم مع إطعامهم وكسوتهم أمر دينهم.
- حدّثنا أحمد بن حميدٍ أخبرنا عبيد الله الأشجعيّ عن سفيان عن الشّيبانيّ عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما {وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين} قال هي محكمةٌ وليست بمنسوخةٍ.
مطابقته للتّرجمة ظاهرة. وأحمد بن حميد أبو الحسن القرشي الكوفي ختن عبيد الله بن موسى. يقال: له دار أم سلمة لقب بذلك لجمعه حديث أم سلمة وتتبعه لذلك. وقال ابن عدي: كان له اتّصال بأم سلمة يعني: زوج السفاح الخليفة. فلقب بذلك، وقيل: وهم الحاكم فقال: يلقب جار أم سلمة وثّقه مطين، وقال: كان يعد في حفاظ أهل الكوفة ومات سنة عشرين ومائتين وليس له في البخاريّ إلاّ هذا الحديث الواحد، وعبيد الله هو ابن عبد الرّحمن الكوفي وأبوه فرد في الأسماء، وسفيان هو الثّوريّ، والشيباني، بفتح الشين المعجمة، هو أبو إسحاق سليمان بن أبي سليمان فيروز الكوفي، والحديث من أفراده.
قوله: (هي محكمة) ، يعني: الآية المذكورة محكمة. قوله: (وليست بمنسوخة) ، تفسير للمحكمة، وعلى هذا الأمر في قوله: {وارزقوهم} للنّدب أو الوجوب، وقيل: هي منسوخة بآية المواريث، وهو قول سعيد بن المسيب والقاسم بن محمّد وآخرين. وهو قول الأئمّة وأصحابهم.
تابعه سعيدٌ عن ابن عبّاسٍ
أي: تابع عكرمة سعيد بن جبير في روايته هذا الحديث عن ابن عبّاس، ووصل البخاريّ هذه التابعة في كتاب الوصايا في: باب قوله الله تعالى: {وإذا حضر القسمة أولوا القربى} فإنّه أخرجه هناك عن محمّد بن الفضل عن أبي عوانة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس إلى آخره، ومر الكلام فيه هناك). [عمدة القاري: 18/166]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : باب {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه}
هذا (باب) بالتنوين يذكر فيه قوله تعالى: {وإذا حضر القسمة} للتركات
{أولو القربى واليتامى والمساكين} ممن لا يرث {فارزقوهم منه} من متروك الوالدين والأقربين تطييبًا لقلوبهم وتصدقًا عليهم، وقيل يعود الضمير إلى الميراث، وفي أكثر النسخ وهو في الفرع كأصله والمساكين الآية، وحذف فارزقوهم منه وهو أمر ندب للبلغ من الورثة، وقيل أمر وجوب وكان في ابتداء الإسلام، ثم اختلف في نسخه فقيل بآية المواريث فألحق الله لكل ذي حق حقه وصارت الوصية من ماله يوصي بها لذوي قرابته حيث يشاء. وهذا مذهب جمهور الفقهاء الأئمة الأربعة وأصحابهم وعن ابن عباس أن الآية محكمة غير منسوخة.
- حدّثنا أحمد بن حميدٍ، أخبرنا عبيد اللّه الأشجعيّ، عن سفيان عن الشّيبانيّ، عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ -رضي الله عنهما- {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين} قال: هي محكمةٌ وليست بمنسوخةٍ. تابعه سعيدٌ عن ابن عبّاسٍ.
وبه قال: (حدّثنا أحمد بن حميد) بضم الحاء مصغرًا القرشي الكوفي الطريثيثي بضم الطاء المهملة وراء ومثلثتين مصغرًا صهر عبيد الله بن موسى يلقب بدار أم سلمة لجمعه حديثها وتتبعه له وفي كامل ابن عدي أنه كان له اتصال بأم سلمة زوج السفاح الخليفة فلقب بذلك، وليس له
في البخاري سوى هذا الحديث قال: (أخبرنا عبيد الله) بن عبد الرحمن (الأشجعي) الكوفي (عن سفيان) الثوري (عن الشيباني) بفتح الشين المعجمة أبي إسحاق سليمان بن أبي سليمان فيروز الكوفي (عن عكرمة) مولى ابن عباس (عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما) في قوله تعالى: {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين} قال: (هي محكمة وليست منسوخة) تفسير للمحكمة (تابعه) أي تابع عكرمة (سعيد) هو ابن جبير (عن ابن عباس) مما وصله في الوصايا بلفظ: إن ناسًا يزعمون أن هذه الآية نسخت ولا والله ما نسخت ولكنها مما تهاون الناس بها هما واليان وال يرث وذلك الذي يرزق ووال لا يرث وذلك الذي يقال له بالمعروف يقول لا أملك لك أن أعطيك، وجاء عن ابن عباس روايات أخر ضعيفة عند ابن أبي حاتم وابن مردويه أنها منسوخة). [إرشاد الساري: 7/76-77]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : القول في تأويل قوله تعالى: {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولاً معروفًا}.
قال أبو جعفرٍ: اختلف أهل التّأويل في حكم هذه الآية، هل هو محكمٌ، أو منسوخٌ؟ فقال بعضهم: هو محكمٌ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن يمانٍ، عن سفيان، عن الشّيبانيّ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال محكمةٌ، وليست منسوخةً، يعني قوله: {وإذا حضر القسمة أولو القربى} الآية.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا الأشجعيّ، عن سفيان، عن الشّيبانيّ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، مثله.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن يمانٍ، عن سفيان، عن مغيرة، عن إبراهيم، والشّعبيّ، قالا: هي محكمةٌ.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن يمانٍ، عن سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قال: واجبٌ، ما طابت به أنفس أهل الميراث.
- وحدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا الأشجعيّ، عن سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله: {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين} قال:
« هي واجبةٌ على أهل الميراث ما طابت به أنفسهم ».
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا الأشجعيّ، عن سفيان، عن مغيرة، عن إبراهيم، والشّعبيّ، قالا: هي محكمةٌ ليست بمنسوخةٍ.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا يحيى بن عبد الرّحمن، عن سفيان، وثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا الثّوريّ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قال: هي واجبةٌ على أهل الميراث ما طابت به أنفسهم.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا أبو بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، أنّه سئل عن قوله: {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولاً معروفًا} فقال سعيدٌ:
«هذه الآية يتهاون بها النّاس. قال: وهما وليّان: أحدهما يرث والآخر لا يرث، والّذي يرث هو الّذي أمر أن يرزقهم، قال: يعطيهم؛ قال: والّذي لا يرث هو الّذي أمر أن يقول لهم قولاً معروفًا»، وهي محكمةٌ وليست بمنسوخةٍ.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم، بنحو ذلك، وقال: هي محكمةٌ وليست بمنسوخةٍ.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن مطرّ، عن الحسن، قال:
« هي ثابتةٌ، ولكنّ النّاس بخلوا وشحّوا».
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا منصورٌ، عن والحسن، قال: هي محكمةٌ وليست بمنسوخةٍ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا عبّاد بن العوّام، عن الحجّاج، عن الحكم، عن مقسمٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال:
« هي قائمةٌ يعمل بها».
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله: {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه} ما طابت به الأنفس حقًّا واجبًا.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا أبو سفيان، عن معمرٍ، عن الحسن، والزّهريّ، قالا في قوله: {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه} قالا: هي محكمةٌ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا منصورٌ، عن قتادة عن يحيى بن يعمر، قال: ثلاث آياتٍ محكماتٌ مدنيّاتٌ تركهنّ النّاس: هذه الآية، وآية الاستئذان {يا أيّها الّذين آمنوا ليستأذنكم الّذين ملكت أيمانكم}، وهذه الآية: {يا أيّها النّاس إنّا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى}.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: كان الحسن يقول: هي ثابتةٌ
وقال آخرون: منسوخةٌ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، ومحمّد بن المثنّى، قالا: حدّثنا ابن أبي عديٍّ، عن سعيدٍ، عن قتادة، عن سعيدٍ، أنّه قال في هذه الآية: {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين} قال:
«كانت هذه الآية قسمةً قبل المواريث، فلمّا أنزل اللّه المواريث لأهلها جعلت الوصيّة لذوي القرابة الّذين يحزنون ولا يرثون».
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا قرّة بن خالدٍ، عن قتادة، قال: سألت سعيد بن المسيّب عن هذه الآية: {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين} قال: هي منسوخةٌ.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن سعيد بن المسيّب، قال:
«كانت هذه قبل الفرائض وقسمة الميراث، فلمّا كانت الفرائض والمواريث نسخت».
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن يمانٍ، عن سفيان، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ، قال:
«نسختها آية الميراث».
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا الأشجعيّ، عن سفيان، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ، مثله.
- حدّثنا محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى} الآية، إلى قوله: {قولاً معروفًا} وذلك قبل أن تنزل الفرائض، فأنزل اللّه تبارك وتعالى بعد ذلك الفرائض، فأعطى كلّ ذي حقٍّ حقّه، فجعلت الصّدقة فيما سمّى المتوفّى.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا جويبرٌ، عن الضّحّاك، قال:
«نسختها المواريث».
وقال آخرون: هي محكمةٌ وليست بمنسوخةٍ، غير أنّ معنى ذلك:
« وإذا حضر القسمة، يعني بها: قسمة الميّت ماله بوصيّته لمن كان يوصي له به، قالوا: وأمر بأن يجعل وصيّته في ماله لمن سمّاه اللّه تعالى في هذه الآية».
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا سعيد بن يحيى الأمويّ، قال: حدّثنا ابن المبارك، عن ابن جريجٍ، عن ابن أبي مليكة، عن القاسم بن محمّدٍ، أنّ عبد اللّه بن عبد الرّحمن، قسّم ميراث أبيه وعائشة حيّةٌ، فلم يدع في الدّار أحدًا إلاّ أعطاه، وتلا هذه الآية: {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه} قال القاسم: فذكرت ذلك لابن عبّاسٍ، فقال:
«ما أصاب إنّما هذه الوصيّة، يريد الميّت، أن يوصي لقرابته».
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا ابن جريجٍ، قال: أخبرني ابن أبي مليكة أنّ القاسم بن محمّدٍ أخبره أنّ عبد اللّه بن عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ قسّم، فذكر نحوه.
- حدّثنا عمران بن موسى القزاز، قال: حدّثنا عبد الوارث بن سعيدٍ، قال: حدّثنا داود، عن سعيد بن المسيّب، في قوله: {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين} قال:
«أمر أن يوصي بثلثه في قرابته».
- حدّثنا ابن المثنى، قال: حدّثنا عبد الأعلى، قال: حدّثنا داود، عن سعيد بن المسيّب، قال:
«إنّما ذلك عند الوصيّة في ثلثه ».
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الوهّاب، قال: حدّثنا داود، عن سعيد بن المسيّب: {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه} قال:
«هي الوصيّة من النّاس».
- حدّثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين} قال:
«القسمة الوصيّة، كان الرّجل إذا أوصى قالوا: فلانٌ يقسم ماله، فقال: ارزقوهم منه، يقول: أوصوا لهم، يقول للّذي يوصي: {وقولوا لهم قولاً معروفًا} فإن لم توصوا لهم، فقولوا لهم خيرًا ».
قال أبو جعفرٍ: وأولى الأقوال في ذلك بالصّحّة قول من قال: هذه الآية محكمةٌ غير منسوخةٍ، وإنّما عنى بها الوصيّة لأولي قربى الموصي، وعني باليتامى والمساكين أن يقال لهم قولٌ معروفٌ.
وإنّما قلنا ذلك أولى بالصّحّة من غيره لما قد بيّنّا في غير موضعٍ من كتابنا هذا وغيره أنّ شيئًا من أحكام اللّه تبارك وتعالى الّتي أثبتها في كتابه أو بيّنها على لسان رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم غير جائزٍ فيه أن يقال له ناسخٌ لحكمٍ آخر، أو منسوخٌ بحكمٍ آخر، إلاّ والحكمان اللّذان قضى لأحدهما بأنّه ناسخٌ، والآخر بأنّه منسوخٌ نافٍ كلّ واحدٍ منهما صاحبه، غير جائزٍ اجتماع الحكم بهما في وقتٍ واحدٍ بوجهٍ من الوجوه، وإن كان جائزًا صرفه إلى غير النّسخ، أو يقوم بأنّ أحدهما ناسخٌ والآخر منسوخٌ حجّةٌ يجب التّسليم لها.
وإذ كان ذلك كذلك لما قد دلّلنا في غير موضعٍ، وكان قوله تعالى ذكره: {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه} محتملاً أن يكون مرادًا به: وإذا حضر قسمة مال قاسمٍ ماله بوصيّةٍ، أولو قرابته واليتامى والمساكين، فارزقوهم منه، يراد: فأوصوا لأولي قرابتكم الّذين لا يرثونكم منه، وقولوا لليتامى والمساكين قولاً معروفًا، كما قال في موضعٍ آخر: {كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرًا الوصيّة للوالدين والأقربين بالمعروف حقًّا على المتّقين}، ولا يكون منسوخًا بآية الميراث لم يكن لأحدٍ صرفه إلى أنّه منسوخٌ بآية الميراث، إذ كان لا دلالة على أنّه منسوخٌ بها من كتابٍ أو سنّةٍ ثابتةٍ، وهو محتملٌ من التّأويل ما بيّنّا.
وإذ كان ذلك كذلك، فتأويل قوله: {وإذا حضر القسمة} قسمة الموصي ماله بالوصيّة أولو قرابته واليتامى والمساكين، فارزقوهم منه، يقول: فاقسموا لهم منه بالوصيّة، يعني: فأوصوا لأولي القربى من أموالكم، وقولوا لهم، يعني الآخرين وهم اليتامى والمساكين، قولاً معروفًا، يعني: يدعي لهم بخيرٍ، كما قال ابن عبّاسٍ وسائر من ذكرنا قوله قبل.
وأمّا الّذين قالوا: إنّ الآية منسوخةٌ بآية المواريث، والّذين قالوا: هي محكمةٌ والمأمور بها ورثة الميّت، فإنّهم وجّهوا قوله: {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه} يقول:
«فأعطوهم منه، وقولوا لهم قولاً معروفًا». وقد ذكرنا بعض من قال ذلك، وسنذكر بقيّة من قال ذلك ممّن لم نذكره.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين} أمر اللّه جلّ ثناؤه المؤمنين عند قسمة مواريثهم أن يصلوا أرحامهم ويتاماهم من الوصيّة إن كان أوصى، وإن لم تكن وصيّةٌ وصل إليهم من مواريثهم.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه عن ابن عبّاسٍ: {وإذا حضر القسمة أولو القربى} الآية، يعني:
« عند قسمة الميراث».
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن هشام بن عروة:
«أنّ أباه أعطاه من ميراث المصعب حين قسم ماله».
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا عوفٌ، عن ابن سيرين، قال:
«كانوا يرضخون لهم عند القسمة».
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن مطرٍ، عن الحسن، عن حطّان، أنّ أبا موسى
« أمر أن يعطوا إذا حضر قسمة الميراث أولو القربى واليتامى والمساكين والجيران من الفقراء».
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا يحيى بن سعيدٍ، وابن أبي عديٍّ، ومحمّد بن جعفرٍ عن شعبة، عن قتادة، عن يونس بن جبيرٍ، عن حطّان بن عبد اللّه الرّقاشيّ، قال: قسم أبو موسى بهذه الآية: {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين}.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا محمّدٌ، ويحيى بن سعيدٍ، عن شعبة، عن قتادة، عن يونس بن جبيرٍ، عن حطّان، عن أبي موسى في هذه الآية: {وإذا حضر القسمة} الآية، قال: قضى بها أبو موسى.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن مغيرة، عن العلاء بن بدرٍ، في الميراث إذا قسّم، قال:
« كانوا يعطون منه التّابوت، والشّيء الّذي يستحيا من قسمته».
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الأعلى، قال: حدّثنا داود، عن الحسن، وسعيد بن جبيرٍ، كانا يقولان:
«ذاك عند قسمة الميراث».
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن يمانٍ، عن سفيان، عن عاصمٍ، عن أبي العالية، والحسن، قالا: يرضخون ويقولون قولاً معروفًا في هذه الآية: {وإذا حضر القسمة}.
ثمّ اختلف الّذين قالوا: هذه الآية محكمةٌ، وإنّ القسمة لأولي القربى واليتامى والمساكين واجبةٌ على أهل الميراث إن كان بعض أهل الميراث صغيرًا فقسم عليه الميراث وليّ ماله، فقال بعضهم: ليس لوليّ ماله أن يقسم من ماله ووصيّته شيئًا؛ لأنّه لا يملك من المال شيئًا، ولكنّه يقول لهم قولاً معروفًا، قالوا: والّذي أمره اللّه بأن يقول لهم قولا معروفًا هو وليّ مال اليتيم إذا قسّم مال اليتيم بينه وبين شركاء اليتيم، إلاّ أن يكون وليّ ماله أحد الورثة، فيعطيهم من نصيبه ويعطيهم من يجوز أمره في ماله من أنصبائهم. قالوا: فأمّا من مال الصّغير الّذي يولّى على ماله لا يجوز لوليٍّ أن يعطيهم منه شيئًا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن السّدّيّ، عن أبي سعيدٍ، قال: سألت سعيد بن جبيرٍ عن هذه الآية: {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه} قال:
«إن كان الميّت أوصى لهم بشيءٍ أنفذت لهم وصيّتهم، وإن كان الورثة كبارًا رضخوا لهم، وإن كانوا صغارًا قال وليّهم إنّي لست أملك هذا المال وليس لي وإنّما هو للصّغار فذلك قوله: {وقولوا لهم قولاً معروفًا}».
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، في هذه الآية: {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولاً معروفًا} قال:
«هما وليّان: وليّ يرث، ووليّ لا يرث، فأمّا الّذي يرث فيعطى، وأمّا الّذي لا يرث، فقولوا له قولاً معروفًا».
- حدّثني ابن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن داود، عن الحسن، وسعيد بن جبيرٍ، كانا يقولان:
«ذلك عند قسمة الميراث، إن كان الميراث لمن قد أدرك، فله أن يكسو منه، وأن يطعم الفقراء والمساكين، وإن كان الميراث ليتامى صغارٍ، فيقول الوليّ: إنّه ليتامى صغارٍ، ويقول لهم قولاً معروفًا».
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا ابن يمانٍ، عن سفيان، عن السّدّيّ، عن أبي سعيدٍ، عن سعيد بن جبيرٍ قال:
«إن كانوا كبارًا رضخوا، وإن كانوا صغارًا اعتذروا إليهم».
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عنبسة، عن سليمان الشّيبانيّ، عن عكرمة: {وإذا حضر القسمة أولو القربى} قال: كان ابن عبّاسٍ يقول:
« إذا ولي شيئًا من ذلك يرضخ لأقرباء الميّت، وإن لم يفعل اعتذر إليهم وقال لهم قولاً معروفًا».
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولاً معروفًا} هذه تكون على ثلاثة أوجهٍ: أمّا وجه: فيوصي لهم وصيّةً فيحضرون ويأخذون وصيّتهم، وأمّا الثّاني: فإنّهم يحضرون فيقتسمون إذا كانوا رجالاً فينبغي لهم أن يعطوهم، وأمّا الثّالث: فتكون الورثة صغارًا، فيقوم وليّهم إذا قسم بينهم، فيقول للّذين حضروا: حقّكم حقٌّ وقرابتكم قرابةٌ ولو كان لي في الميراث نصيبٌ لأعطيتكم، ولكنّهم صغارٌ، فإن يكبروا فسيعرفون حقّكم فهذا القول المعروف.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الوهّاب، قال: حدّثنا داود، عن رجلٍ، عن سعيدٍ أنّه قال: {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولاً معروفًا} قال:
«إذا كان الوارث عند القسمة، فكان الإناء والشّيء الّذي لا يستطاع أن يقسم فليرضخ لهم، وإن كان الميراث لليتامى، فليقل لهم قولاً معروفًا ».
وقال آخرون منهم:
«ذلك واجبٌ في أموال الصّغار والكبّار لأولي القربى واليتامى والمساكين، فإن كان الورثة كبارًا، تولّوا عند القسمة إعطاءهم ذلك، وإن كانوا صغارًا تولّى إعطاء ذلك منهم وليّ مالهم».
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن يونس، في قوله: {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه} فحدّث عن محمّدٍ، عن عبيدة أنّه ولي وصيّةً، فأمر بشاةٍ فذبحت، وصنع طعامًا لأهل هذه الآية، وقال:
«لولا هذه الآية لكان هذا من مالي».
قال: وقال الحسن: لم تنسخ،
«كانوا يحضرون فيعطون الشّيء والثّوب الخلق».
قال يونس: إنّ محمّد بن سيرين ولي وصيّةً أو قال:
«أيتامًا فأمر بشاةٍ فذبحت فصنع طعامًا»، كما صنع عبيدة.
- حدّثنا مجاهد بن موسى، قال: حدّثنا يزيد، قال: أخبرنا هشام بن حسّان، عن محمّدٍ
«أنّ عبيدة قسّم ميراث أيتامٍ، فأمر بشاةٍ فاشتريت من مالهم، وبطعامٍ فصنع، وقال: لولا هذه الآية لأحببت أن يكون من مالي»ثمّ قرأ هذه الآية: {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه} الآية.
فكأنّ من ذهب من القائلين القول الّذي ذكرناه عن ابن عبّاسٍ، وسعيد بن جبيرٍ، ومن قال: يرضخ عند قسمة الميراث لأولي القربى واليتامى والمساكين تأوّل قوله: {فارزقوهم منه} فأعطوهم منه، وكأنّ الّذين ذهبوا إلى ما قال عبيدة، وابن سيرين، تأوّلوا قوله: {فارزقوهم منه}
«فأطعموهم منه».
واختلفوا في تأويل قوله: {وقولوا لهم قولاً معروفًا} فقال بعضهم:
«هو أمرٌ من اللّه تعالى ذكره ولاة اليتامى أن يقولوا لأولي قرابتهم ولليتامى والمساكين إذا حضروا قسمتهم مال من ولّوا عليه ماله من الأموال بينهم وبين شركائهم من الورثة فيها أن يعتذروا إليهم على نحو ما قد ذكرناه فيما مضى من الاعتذار ».
- كما: حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: حدّثنا أبو بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ: {وقولوا لهم قولاً معروفًا} قال:
« هو الّذي لا يرث أمر أن يقول لهم قولاً معروفًا، قال: يقول: إنّ هذا المال لقومٍ غيّبٍ، أو ليتامى صغارٍ ولكن فيه حقٌّ، ولسنا نملك أن نعطيكم منه شيئًا قال: فهذا القول المعروف».
وقال آخرون:
«بل المأمور بالقول المعروف الّذي أمر جلّ ثناؤه أن يقال له هو الرّجل الّذي يوصي في ماله، والقول المعروف هو الدّعاء لهم بالرّزق والغنى وما أشبه ذلك من قول الخير. وقد ذكرنا قائلي ذلك أيضًا فيما مضى بما أغنى عن إعادته». [جامع البيان: 6/431-446]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولًا معروفًا (8) }.
قوله عزّ وجل :{وإذا حضر القسمة أولوا القربى}.
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ العوفيّ كتب إليّ، حدّثني أبي، حدّثني عمّي، حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ قوله:
«وإذا حضر القسمة يعني: عند قسمة الميراث، وذلك قبل أن تنزل الفرائض فأنزل اللّه تعالى بعد ذلك الفرائض، فأعطى كلّ ذي حقٍّ حقّه، فجعلت الصّدقة فيما سمّى المتوفّى».
-قال أبو محمّدٍ: وروي عن الحسن، وسعيد بن جبيرٍ، ومقاتل بن حيّان أنّهم قالوا:
«عند قسمة الميراث».
- حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ، ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين هذه تكون على ثلاثة وجوهٍ: أمّا وجهٌ فيوصي له وصيّةً فيحضرون، فيأخذون وصيّتهم، وأمّا الثّاني: فإنّهم يحضرون فيقتسمون إذا كانوا رجالا، فينبغي لهم أن يعطوهم، وأمّا الثّالث: فيكون الورثة صغاراً فيقوم وليّهم إذا قسم فيقول للّذين حضروا: حقّكم حقٌّ، وقرابتكم قريبةٌ، ولو كان لي في الميراث نصيبٌ لأعطيتكم.
قوله تعالى: {أولوا القربى}.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ كاتب اللّيث، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ قوله: {وإذا حضر القسمة أولوا القربى } قال:
«أمر اللّه المؤمنين عند قسمة مواريثهم أن يصلوا أرحامهم».
- حدّثنا أبي، ثنا المعلّى بن راشدٍ، ثنا عبد الواحد، ثنا عاصمٌ الأحول قال: قال أبو العالية: في قوله: {وإذا حضر القسمة أولوا القربى} قال:
« هذه مبيّنةٌ أمر أهل الميراث أن يرضخوا عند قسمة الميراث لمن لا يرث من أقارب الميّت»
- قال أبو محمّدٍ: وروي عن مقاتل بن حيّان نحو ذلك.
قوله تعالى: {واليتامى}.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ: {وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى }قال:
«أمر اللّه المؤمنين عند قسمة مواريثهم أن يصلوا أرحامهم وأيتامهم من الوصية».
قوله تعالى: {والمساكين}.
- وبه عن ابن عبّاسٍ: {وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين} قال:
« أمر اللّه تعالى المؤمنين عند قسمة مواريثهم أن يصلوا أرحامهم وأيتامهم ومساكنهم من الوصيّة إن كان أوصى لهم، فإن لم يكن لهم وصيّةٌ وصل إليهم من مواريثهم».
قوله تعالى: {فارزقوهم منه}.
[أنها محكمة]
من فسّر الآية أنّها محكمةٌ:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن عليّة، عن يونس، عن الحسن:
«كانوا يحضرون فيعطون الخلق»، ويرضخ لهم الشّيء يعني قوله:{ فارزقوهم منه}.
- حدّثنا يونس بن حبيبٍ، ثنا أبو داود، ثنا شعبة، وهشيمٌ، وأبو عوانة كلّهم، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه تعالى:{ فارزقوهم منه } قال:
«هما وليّان فأحدهما يرث، والآخر لا يرث، فالّذي يرث فهو الّذي يكسو ويرزق، وأمّا الّذي لا يرث، فهو الّذي يقول قولا معروفاً يقول: هذا لقومٍ آخرين وما لنا منه شيءٌ».
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قوله: {فارزقوهم منه}
«يقول للورثة أعطوهم من الميراث، وليس بشيءٍ موقوفٍ فيعطون قبل القسمة فيقسم الميراث».
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن عليّة، عن يونس، عن محمّدٍ، عن عبيدة في قوله: {وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين} قال: ولي عبيدة وصيّته فأمر بشاةٍ، فذبحت، فأطعم أصحاب هذه الآية وقال: لولا هذه الآية لكان هذا من مالي.
- حدّثنا أبي، ثنا إبراهيم بن موسى، ثنا يحيى بن يمانٍ، عن سفيان، عن الشّيبانيّ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قوله: {فارزقوهم منه } قال: هي محكمة وليست بمنسوخة.
- حدّثنا أحمد بن عصامٍ، ثنا أبو عاصمٍ، ثنا شعبة، ثنا قتادة، عن يونس بن جبيرٍ، عن حطّان، عن أبي موسى أنّه قسم له بهذه الآية وإذا حضر القسمة أولوا القربى.
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ، ثنا عبد الرّحمن، عن سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين قال:
«هي واجبةٌ على أهل الميراث ما طابت به».
- قال أبو محمّدٍ: وروي عن عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ، وأبي العالية، والحسن، ومحمّد بن سيرين، والشّعبيّ، وسعيد بن جبيرٍ، ومجاهدٍ، ومكحولٍ، والزّهريّ، وإبراهيم النّخعيّ، وعطاءٍ، ويحيى بن يعمر نحو ذلك.
[انها على الوصية]
من فسّر ذلك على الوصيّة:
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، أنبأ عبد الرّزّاق، أنبأ ابن جريجٍ، أخبرني ابن أبي مليكة أنّ أسماء بنت عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ، والقاسم بن محمّدٍ أخبراه أنّ عبد اللّه بن عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ قسم ميراث أبيه، عبد الرّحمن، وعائشة حيّةٌ، قالا:
«فلم يدع في الدّار مسكيناً ولا ذا قرابةٍ إلا أعطاه من ميراث أبيه » قال: وتلا: {وإذا حضر القسمة أولوا القربى} قال: القسم، فذكرت ذلك لابن عبّاسٍ، فقال: ما أصاب، ليس ذلك له، إنّما ذلك إلى الوصيّة، وإنّما هذه الآية في الوصيّة يريد الميت أن يوصي لهم.
[إنها منسوخة] من قال: إنها منسوخة:
[الوجه الأول]:
- حدّثنا الحسن بن محمّد بن الصّبّاح، ثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، وعثمان بن عطاءٍ، عن عطاءٍ، عن ابن عبّاسٍ قوله: {وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه } نسختها آية الميراث، فجعل لكلّ إنسانٍ نصيبه ممّا ترك... ممّا قلّ منه أو كثر- قال أبو محمّدٍ: وروي عن سعيد بن المسيّب، وعكرمة، وأبي الشّعثاء، والقاسم بن محمّدٍ، والضّحّاك، وأبي صالحٍ، وأبي مالكٍ، وعطاءٍ الخراسانيّ، وزيد بن أسلم، وربيعة بن أبي عبد الرّحمن، ومقاتل بن حيّان نحو ذلك.
[الوجه الثّاني]:
من المنسوخ:
- حدّثنا أسيد بن عاصمٍ، ثنا سعيد بن عامرٍ، عن همّامٍ، ثنا قتادة، عن سعيد بن المسيّب أنّه قال: إنّها منسوخةٌ، كانت قبل الفرائض، كان ما ترك الرّجل من مالٍ أعطي منه اليتيم والفقير والمسكين وذو القربى إذا حضروا القسمة، ثمّ نسخ بعد ذلك، نسختها المواريث، فألحق اللّه تعالى لكلّ ذي حقٍّ حقّه، وصارت الوصيّة من ماله يوصي بها لذي قرابته حيث يشاء.
قوله تعالى:{ وقولوا لهم قولا معروفا}.
[الوجه الأول]:
- حدّثنا أبي، ثنا عبد اللّه بن رجاءٍ، أنبأ إسرائيل، عن سالم، عن سعيد ابن جبيرٍ في قوله وقولوا لهم قولا معروفاً قال:
«كان الرّجل ينفق على جاره وقرابته، فإذا مات حضروا» ، قال وليّه: ما نملك منه شيئاً، فأمرهم اللّه أن يقولوا قولا معروفاً، يرزقكم اللّه: يعينكم اللّه ويرضخ لهم من الثّمار.
[الوجه الثّاني]:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني عبد اللّه ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ:
«وقولوا لهم قولا معروفاً يقول عدّةً حسنةً، يقول: إن كان الورثة صغاراً فليقل أولياء أولئك الورثة لهؤلاء الّذين لا يرثون من قرابة الميّت واليتامى والمساكين: إنّ هؤلاء الورثة صغاراً، فإذا بلغوا العقل أمرناهم أن يعرفوا حقّكم فيه وصيّة ربّهم فإن مات قبل لك، فورثتهم أعطتكم حقّكم، فهذا القول المعروف »
- قال أبو محمّدٍ: وروي عن مقاتل بن حيّان نحو ذلك.
[والوجه الثّالث]:
- حدّثنا أبي، ثنا سهل بن عثمان، ثنا ابن المبارك، عن إسماعيل المكّيّ، عن يزيد بن الوليد، عن إبراهيم قال:
«إن كانوا كباراً أرضخوا لهم، وإن كانوا صغاراً قال أولياؤهم: ليس لنا من الأمر شيءٌ، ولو كان لنا لأعطيناهم، قال: فهذا القول المعروف». [تفسير القرآن العظيم: 3/873-876]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرني أبو عبد اللّه محمّد بن يعقوب الحافظ، ثنا حامد بن محمودٍ، ثنا عبد الرّحمن بن عبد اللّه الدّشتكيّ، ثنا عمرو بن أبي قيسٍ، عن أبي إسحاق الشّيبانيّ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، في قوله عزّ وجلّ " {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولًا معروفًا} قال:
«يرضخ لهم فإن كان في المال تقصيرٌ اعتذر إليهم «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه». [المستدرك: 2/331]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ) ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله تعالى: {وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه} قال: هي محكمةٌ، وليست بمنسوخةٍ.
وفي رواية قال:
«إن ناساً يزعمون أن هذه الآية نسخت، ولا والله ما نسخت، ولكنها مما تهاون الناس بها، هما واليان: والٍ يرث، وذلك الذي يرزق، ووالٍ لا يرث، وذلك الذي يقول بالمعروف، ويقول: لا أملك لك أن أعطيك، أخرجه البخاري». [جامع الأصول: 2/80]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) :أخرج ابن أبي شيبة والبخاري، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي من طريق عكرمة عن ابن عباس {وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين} قال: هي محكمة وليست بمنسوخة.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر من طريق مقسم عن ابن عباس {وإذا حضر القسمة} الآية، قال:
«هي قائمة يعمل بها».
وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن حطان بن عبد الله في هذه الآية قال: قضى بها أبو موسى
وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر عن يحيى بن يعمر قال: ثلاث آيات مدنيات محكمات ضيعهن كثير من الناس {وإذا حضر القسمة} الآية وآية الاستئذان {والذين لم يبلغوا الحلم منكم} وقوله :{إنا خلقناكم من ذكر وأنثى}الآية.
وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد والبخاري وأبو داود في ناسخه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:
« إن ناسا يزعمون أن هذه الآية نسخت {وإذا حضر القسمة} الآية، ولا والله ما نسخت ولكنه مما تهاون به الناس هما واليان: وال يرث فذاك الذي يرزق ويكسو ووال ليس بوارث فذاك الذي يقول قولا معروفا، يقول: إنه مال يتيم وماله فيه شيء
وأخرج أبو داود في ناسخه، وابن جرير والحاكم وصححه من طريق من عكرمة عن ابن عباس {وإذا حضر القسمة أولوا القربى} قال: يرضخ لهم فإن كان في المال تقصير اعتذر إليهم فهو قولا معروفا
».
وأخرج ابن المنذر عن عمرة ابنة عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر حين قسم ميراث أبيه أمر بشاة فاشتريت من المال وبطعام فصنع، فذكرت ذلك لعائشة فقالت:
«عمل بالكتاب هي لم تنسخ ».
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه من طريق علي عن ابن عباس في هذه الآية قال:
«أمر الله المؤمنين عند قسمة مواريثهم أن يصلوا أرحامهم وأيتامهم ومساكينهم من الوصية إن كان أوصى لهم فإن لم يكن لهم وصية وصل إليهم من مواريثهم».
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في الآية قال:
«ذلك قبل أن تنزل الفرائض فأنزل الله بعد ذلك الفرائض فأعطى كل ذي حق حقه فجعلت الصدقة فيما سمى المتوفى».
وأخرج أبو داود في ناسخه، وابن أبي حاتم من طريق عطاء عن ابن عباس {وإذا حضر القسمة} الآية، قال:
«نسختها آية الميراث فجعل لكل إنسان نصيبه مما ترك مما قل منه أو كثر».
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد وأبو داود في ناسخه، وابن جرير، وابن أبي حاتم والبيهقي، وابن أبي مليكة أن أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق والقاسم بن محمد بن أبي بكر أخبراه أن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر قسم ميراث أبيه عبد الرحمن وعائشة حية، قالا: فلم يدع في الدار مسكينا ولا ذا قرابة إلا أعطاه من ميراث أبيه، وتلا {وإذا حضر القسمة} الآية، قال القاسم: فذكرت ذلك لابن عباس فقال:
«ما أصاب ليس ذلك له إنما ذلك للوصية وإنما هذه الآية في الوصية يريد الميت أن يوصي لهم».
وأخرج النحاس في ناسخه من طريق مجاهد عن ابن عباس في قوله {وإذا حضر القسمة} الآية، قال: نسختها {يوصيكم الله في أولادكم} الآية.
وأخرج عبد الرزاق وأبو داود في ناسخه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والنحاس والبيهقي عن سعيد بن المسيب في هذه الآية قال:
«هي منسوخة كانت قبل الفرائض كان ما ترك الرجل من مال أعطى منه اليتيم والفقير والمسكين وذوو القربى إذا حضروا القسمة ثم نسخ بعد ذلك نسختها المواريث فالحق الله بكل ذي حق حقه وصارت الوصية من ماله يوصي بها لذوي قرابته حيث يشاء».
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير عن سعيد بن جبير في الآية قال: إن كانوا كبارا يرضخوا وإن كانوا صغارا اعتذروا إليهم، فذلك قوله: {قولا معروفا}.
وأخرج عبد بن حميد عن أبي صالح في الآية قال:
«كانوا يرضخون لذوي القرابة حتى نزلت الفرائض».
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي مالك قال:
«نسختها آية الميراث». [الدر المنثور: 4/244-248]

تفسير قوله تعالى: (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (9) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا الثوري عن حبيب عن ابن أبي ثابت عن سعيد بن جبير في قوله تعالى :{وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعفا} قال يحضرهم المساكين واليتامى فيقولون اتق الله وصلهم وأعطهم ولو كانوا هم لأحبوا أن يبقوا لأولادهم قال حبيب وقال مقسم الذين يقولون اتق الله وأمسك عليك مالك ولو كان ذا قربة لأحب أن يوصي لهم). [تفسير عبد الرزاق: 1/150]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعفا قال إذا حضرت وصية فأمره بما كنت آمرا به نفسك مما تتقرب به إلى الله تعالى وخف في ذلك ما كنت خائفا على ضعفة لو تركتهم بعدك فاتق الله وقل قولا سديدا سدده إن ذاع). [تفسير عبد الرزاق: 1/150]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابتٍ قال: انطلقت أنا والحكم إلى سعيد بن جبيرٍ فسألته عن قول اللّه: {وليخش الّذين لو تركوا من خلفهم ذرّيّةً ضعافًا خافوا عليهم} قال:
«الشّهود الّذين يحضرونه يقولون اتّق اللّه صلهم برّهم أعطهم ولو كانوا هم ما فعلوا ولا حبّوا أن يبقوا لأولادهم يأمرونه ولا يفعلون هم فأتينا مقسمًا فقال: ما قال سعيدٌ فأخبرناه فقال: لا ولكن يقولون: اتّق اللّه لا توص أمسك على ولدك ولو كان الّذي يوصي له أولادهم لأحبوا أن يوصي لهم».
سفيان الثوري عن منصورٍ عن إبراهيم قال: كان يقال احكم اليتيم كما تحكم به بولدك يعني أن تؤدّبه وتضربه كما تفعل بولدك). [تفسير الثوري: 89-90]

قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ):قوله تعالى: {وليخش الّذين لو تركوا من خلفهم ذرّيّةً ضعافًا خافوا عليهم فليتّقوا الله وليقولوا قولًا سديدًا}.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، قال: نا أبو إسحاق، عن مجاهدٍ - في قوله عزّ وجلّ: {وليخش الّذين لو تركوا من خلفهم ذرّيّةً ضعافًا خافوا عليهم فليتّقوا اللّه وليقولوا قولًا سديدًا} ، قال:
«كان الرّجل إذا حضر فقال له: أوص لفلانٍ، أوص لفلانٍ، وافعل كذا، وافعل كذا، حتّى يضرّ ذلك بورثته، فقال اللّه عزّ وجلّ: {وليخش الّذين لو تركوا من خلفهم ذرّيّةً ضعافًا خافوا عليهم}، قال: لينظروا لورثة هذا كما ينظر أحدهم لورثة نفسه، فليتّقوا الله، وليأمروه بالعدل والحق».
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا أبو شهابٍ، عن الأعمش، عن مسلمٍ، عن مسروق، أنّه حضر رجلًا يوصي، فآثر بعض الورثة على بعضٍ، فقال له:
«إنّ اللّه عزّ وجلّ قد قسم بينكم فأحسن القسم، وإنّه من يرغب برأيه عن رأي اللّه تعالى (يضلّ)، فأوص لذي قرابةٍ (ممّن) لا يرث، ثمّ دع المال كما قسمه الله». [سنن سعيد بن منصور: 3/1173-1176]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : القول في تأويل قوله تعالى: {وليخش الّذين لو تركوا من خلفهم ذرّيّةً ضعافًا خافوا عليهم فليتّقوا اللّه وليقولوا قولاً سديدًا}.
اختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: {وليخش}
« ليخف الّذين يحضرون موصيًا يوصي في ماله أن يأمره بتفريق ماله وصيّةً به فيمن لا يرثه، ولكن ليأمره أن يبقي ماله لولده، كما لو كان هو الموصي، يسرّه أن يحثّه من يحضره على حفظ ماله لولده، وأن لا يدعهم عالةً مع ضعفهم وعجزهم عن التّصرّف والاحتيال».
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليّ بن داود، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وليخش الّذين لو تركوا من خلفهم ذرّيّةً ضعافًا خافوا عليهم}. إلى آخر الآية،
«فهذا في الرّجل يحضره الموت فيسمعه يوصي بوصيّةٍ تضرّ بورثته، فأمر اللّه سبحانه الّذي يسمعه أن يتّقي اللّه ويوفّقه ويسدّده للصّواب، ولينظر لورثته كما كان يحبّ أن يصنع لورثته إذا خشي عليهم الضّيعة».
- حدّثنا عليٌّ، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وليخش الّذين لو تركوا من خلفهم ذرّيّةً ضعافًا خافوا عليهم} يعني:
« الّذي يحضره الموت، فيقال له: تصدّق من مالك، وأعتق، وأعط منه في سبيل اللّه، فنهوا أن يأمروه بذلك، يعني: أنّ من حضر منكم مريضًا عند الموت، فلا يأمره أن ينفق ماله في العتق أو الصّدقة أو في سبيل اللّه، ولكن يأمره أن يبيّن ماله، وما عليه من دينٍ، ويوصي في ماله لذوي قرابته الّذين لا يرثون، ويوصي لهم بالخمس أو الرّبع، يقول: أليس يكره أحدكم إذا مات وله ولدٌ ضعافٌ - يعني صغارًا - أن يتركهم بغير مالٍ، فيكونوا عيالاً على النّاس؟ فلا ينبغي أن تأمروه بما لا ترضون به لأنفسكم ولا أولادكم ولكن قولوا الحقّ من ذلك».
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وليخش الّذين لو تركوا من خلفهم ذرّيّةً ضعافًا} قال: يقول:
« من حضر ميّتًا فليأمره بالعدل والإحسان، ولينهه عن الحيف والجور في وصيّته، وليخش على عياله ما كان خائفًا على عياله لو نزل به الموت».
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة في قوله: {وليخش الّذين لو تركوا من خلفهم ذرّيّةً ضعافًا} قال:
«إذا حضرت وصيّة ميّتٍ، فمره بما كنت آمرًا نفسك بما تتقرّب به إلى اللّه، وخف في ذلك ما كنت خائفًا على ضعفة لو تركتهم بعدك، يقول: فاتّق اللّه وقل قولاً سديدًا، إن هو زاغ».
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {وليخش الّذين لو تركوا من خلفهم ذرّيّةً ضعافًا خافوا عليهم فليتّقوا اللّه وليقولوا قولاً سديدًا}
«الرّجل يحضره الموت، فيحضره القوم عند الوصيّة، فلا ينبغي لهم أن يقولوا له: أوص بمالك كلّه وقدّم لنفسك، فإنّ اللّه سيرزق عيالك، ولا يتركوه يوصي بماله كلّه، يقول للّذين حضروا: {وليخش الّذين لو تركوا من خلفهم ذرّيّةً ضعافًا خافوا عليهم} فيقول كما يخاف أحدكم على عياله لو مات إذ يتركهم صغارًا ضعافًا لا شيء لهم الضّيعة بعده، فليخف ذلك على عيال أخيه المسلم فيقول له القول السّديد».
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن حبيبٍ، قال: ذهبت أنا والحكم بن عيينة، إلى سعيد بن جبيرٍ، فسألناه عن قوله: {وليخش الّذين لو تركوا من خلفهم ذرّيّةً ضعافًا} الآية، قال:
«قال الرّجل يحضره الموت، فيقول له من يحضره: اتّق اللّه، صلهم، أعطهم، برّهم، ولو كانوا: هم الّذين يأمرهم بالوصيّة لأحبّوا أن يبقوا لأولادهم».
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا الثّوريّ، عن حبيب بن أبي ثابتٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قوله: {وليخش الّذين لو تركوا من خلفهم ذرّيّةً ضعافًا} قال:
«يحضرهم اليتامى فيقولون: اتّق اللّه وصلهم وأعطهم، فلو كانوا هم لأحبّوا أن يبقوا لأولادهم».
- حدّثني يحيى بن أبي طالبٍ، قال: أخبرنا يزيد، قال: أخبرنا جويبرٌ، عن الضّحّاك، في قوله: {وليخش الّذين لو تركوا من خلفهم ذرّيّةً ضعافًا} الآية، يقول:
«إذا حضر أحدكم من حضره الموت عند وصيّته، فلا يقل: أعتق من مالك وتصدّق، فيفرّق ماله ويدع أهله عيلاً، ولكن مروه فليكتب ماله من دينٍ وما عليه، ويجعل من ماله لذوي قرابته خمس ماله ويدع سائره لورثته».
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {وليخش الّذين لو تركوا من خلفهم ذرّيّةً ضعافًا خافوا عليهم} الآية، قال:
« هذا يفرّق المال حين يقسم، فيقول الّذين يحضرون: أقللت زد فلانًا فيقول اللّه تالى: {وليخش الّذين لو تركوا من خلفهم} فليخش أولئك وليقولوا فيهم مثل ما يحبّ أحدهم أن يقال في ولده بالعدل إذا أكثر: أبق على ولدك».
- وقال آخرون: بل معنى ذلك:
«وليخش الّذين يحضرون الموصي وهو يوصي، الّذين لو تركوا من خلفهم ذرّيّةً ضعافًا فخافوا عليهم الضّيعة من ضعفهم وطفولتهم، أن ينهوه عن الوصيّة لأقربائه، وأن يأمره بإمساك ماله والتّحفظ به لولده، وهم لو كانوا من أقرباء الموصي لسرّهم أن يوصي لهم».
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن حبيبٍ، قال: ذهبت أنا والحكم بن عتينة، فأتينا مقسمًا، فسألناه، يعني عن قوله: {وليخش الّذين لو تركوا من خلفهم ذرّيّةً ضعافًا} الآية، فقال: ما قال سعيد بن جبيرٍ؟ فقلنا: كذا وكذا. فقال:
«ولكنّه الرّجل يحضره الموت، فيقول له من يحضره: اتّق اللّه وأمسك عليك مالك، فليس أحدٌ أحقّ بمالك من ولدك، ولو كان الّذي يوصي ذا قرابةٍ لهم، لأحبّوا أن يوصي لهم».
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا الثّوريّ، عن حبيب بن أبي ثابتٍ، قال:
« قال مقسمٌ: هم الّذين يقولون: اتّق اللّه وأمسك عليك مالك، فلو كان ذا قرابةٍ لهم لأحبّوا أن يوصي لهم».
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، قال: زعم حضرميّ، وقرأ: {وليخش الّذين لو تركوا من خلفهم ذرّيّةً ضعافًا} قال:
«قالوا حقيقٌ أن يأمر صاحب الوصيّة بالوصيّة لأهلها، كما أن لو كانت ذرّيّة نفسه بتلك المنزلة لأحبّ أن يوصي لهم وإن كان هو الوارث فلا يمنعه ذلك أن يأمره بالّذي يحقّ عليه، فإنّ ولده لو كانوا بتلك المنزلة أحبّ أن يحثّ عليه، فليتّق اللّه هو، فليأمره بالوصيّة وإن كان هو الوارث أو نحوًا من ذلك».
وقال آخرون:
«بل معنى ذلك أمرٌ من اللّه ولاة اليتامى أن يلوهم بالإحسان إليهم في أنفسهم وأموالهم، ولا يأكلوا أموالهم إسرافًا وبدارًا أن يكبروا، وأن يكونوا لهم كما يحبّون أن يكون ولاة ولده الصّغار بعدهم لهم بالإحسان إليهم لو كانوا هم الّذين ماتوا وتركوا أولادهم يتامى صغارًا».
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وليخش الّذين لو تركوا من خلفهم ذرّيّةً ضعافًا خافوا عليهم} يعني بذلك:
«الرّجل يموت وله أولادٌ صغارٌ ضعافٌ يخاف عليهم العيلة والضّيعة، ويخاف بعده أن لا يحسن إليه من يليهم، يقول: فإن ولي مثل ذرّيّته ضعافًا يتامى، فليحسن إليهم، ولا يأكل أموالهم إسرافًا وبدارًا خشية أن يكبروا، فليتّقوا اللّه، وليقولوا قولاً سديدًا».
وقال آخرون: معنى ذلك:
«وليخش الّذين لو تركوا من خلفهم ذرّيّةً ضعافًا خافوا عليهم، فليتّقوا اللّه وليقولوا قولاً سديدًا، يكفيهم اللّه أمر ذرّيّتهم بعدهم».
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا إبراهيم بن عطيّة بن رديج بن عطيّة، قال: حدّثني عمّي محمّد بن رديجٍ، عن أبيه، عن الشّيبانيّ، قال:
« كنّا بالقسطنطينيّة أيّام مسلمة بن عبد الملك، وفينا ابن محيريزٍ، وابن الدّيلميّ، وهانئ بن كلثومٍ، قال: فجعلنا نتذاكر ما يكون في آخر الزّمان، قال: فضقت ذرعًا بما سمعت، قال: فقلت لابن الدّيلميّ: يا أبا بشرٍ بودّي أنّه لا يولد لي ولدٌ أبدًا، قال: فضرب بيده على منكبي وقال: يا ابن أخي لا تفعل، فإنّه ليست من نسمةٍ كتب اللّه لها أن تخرج من صلب رجلٍ، إلاّ وهي خارجةٌ إن شاء وإن أبى. قال: ألا أدلّك على أمرٍ إن أنت أدركته نجّاك اللّه منه، وإن تركت ولدك من بعدك حفظهم اللّه فيك؟ قال: قلت بلى، قال: فتلا عند ذلك هذه الآية: {وليخش الّذين لو تركوا من خلفهم ذرّيّةً ضعافًا خافوا عليهم فليتّقوا اللّه وليقولوا قولاً سديدًا} ».
قال أبو جعفرٍ: وأولى التّأويلات بالآية قول من قال: تأويل ذلك: وليخش الّذين لو تركوا من خلفهم ذرّيّةً ضعافًا خافوا عليهم العيلة لو كانوا فرّقوا أموالهم في حياتهم، أو قسّموها وصيّةً منهم بها لأولي قرابتهم وأهل اليتم والمسكنة، فأبقوا أموالهم لولدهم خشية العيلة عليهم بعدهم مع ضعفهم وعجزهم عن المطالب، فليأمروا من حضروه، وهو يوصي لذوي قرابته وفي اليتامى والمساكين وفي غير ذلك بماله بالعدل، وليتّقوا اللّه، وليقولوا قولاً سديدًا، وهو أن يعرّفوه ما أباح اللّه له من الوصيّة وما اختاره للموصين من أهل الإيمان باللّه وبكتابه وسنّته.
وإنّما قلنا ذلك بتأويل الآية أولى من غيره من التّأويلات لما قد ذكرنا فيما مضى قبل، من أنّ معنى قوله: {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولاً معروفًا} وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فأوصوا لهم، بما قد دلّلنا عليه من الأدلّة، فإذا كان ذلك تأويل قوله: {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين} الآية فالواجب أن يكون قوله تعالى ذكره: {وليخش الّذين لو تركوا من خلفهم} تأديبًا منه عباده في أمر الوصيّة بما أذنهم فيه، إذ كان ذلك عقيب الآية الّتي قبلها في حكم الوصيّة، وكان أظهر معانيه ما قلنا، فإلحاق حكمه بحكم ما قبله أولى مع اشتباه معانيهما من صرف حكمه إلى غيره بما هو له غير مشبهٍ.
وبمعنى ما قلنا في تأويل قوله: {وليقولوا قولاً سديدًا} قال من ذكرنا قوله في مبتدأ تأويل هذه الآية، وبه كان ابن زيدٍ يقول.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {وليخش الّذين لو تركوا من خلفهم ذرّيّةً ضعافًا خافوا عليهم فليتّقوا اللّه وليقولوا قولاً سديدًا} قال:
«يقول قولاً سديدًا، يذكر هذا المسكين وينفعه، ولا يجحف بهذا اليتيم وارث المؤدّي ولا يضرّ به، لأنّه صغيرٌ لا يدفع عن نفسه، فانظر له كما تنظر إلى ولدك لو كانوا صغارًا».
والسّديد من الكلام: هو العدل والصّواب). [جامع البيان: 6/446-453]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): {وليخش الّذين لو تركوا من خلفهم ذرّيّةً ضعافًا خافوا عليهم فليتّقوا اللّه وليقولوا قولًا سديدًا (9) }.
قوله تعالى: {وليخش الّذين لو تركوا من خلفهم}.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: {وليخش الّذين لو تركوا من خلفهم ذرّيّةً ضعافاً خافوا عليهم}يعني:
«الرّجل يحضره الموت فيقال له: تصدّق من مالك، وأعتق، وأعط منه في سبيل اللّه، فنهوا أن يأمروا بذلك، يعني: أنّ من حضر منكم مريضاً عند الموت فلا يأمره أن ينفق ماله في العتق أو في الصّدقة أو في سبيل اللّه، ولكن يأمره أن يبين ماله وما عليه من دينٍ، ويوصي من ماله لذوي قرابته الّذين لا يرثون، يوصي لهم بالخمس أو الرّبع، يقول: أليس أحدكم إذا مات وله ولدٌ ضعافٌ، يعني: صغاراً أن يتركهم بغير مالٍ، فيكونون عيالا على النّاس، ولا ينبغي لكم أن تأمروه بما لا ترضون به لأنفسكم ولا أولادكم، ولكن قولوا الحقّ من ذلك»
- قال أبو محمّدٍ: وروي عن سعيد بن جبيرٍ، ومجاهدٍ نحو ذلك، بأخصر ألفاظٍ.
قوله تعالى: {من خلفهم}.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، ثنا ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ قوله:
«من خلفهم يعني: من بعد موتهم».
قوله تعالى: {ذرّيّةً}.
- وبه عن سعيد بن جبيرٍ قوله:
«ذرّيّةً ضعافاً قال: ذرّيّةً ضعفاء».
قوله تعالى: {ضعافاً}.
- وبه عن سعيد بن جبيرٍ قوله:
«ضعافاً يعني: عجزةً لا حيلة لهم ».
قوله تعالى: {خافوا عليهم}.
- وبه عن سعيد بن جبيرٍ قوله:
«خافوا عليهم يعني: على ولد الميّت الضّيعة كما يخافون على ولد أنفسهم».
قوله تعالى: {فليتّقوا اللّه}.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله:
«فليتّقوا اللّه قال: فهذا في الرّجل يحضر عند الرّجل عند موته، فيسمعه يوصي بوصيّةٍ تضرّ ورثته، فأمر اللّه سبحانه الّذي يسمعه أن يتّقي اللّه، ويوفّقه، ويسدّده للصّواب، ولينظر لورثته كما كان يحبّ أن يصنع بورثته إذا خشي عليهم الضيعة ».
قوله تعالى: {وليقولوا}.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ قوله:{ فليتّقوا اللّه وليقولوا: يقولوا للميّت إذا جلسوا إليه قولا سديداً}.
قوله تعالى: {قولا سديدا}.
[الوجه الأول]:
- حدّثنا أبو سعيد بن يحيى بن سعيدٍ القطّان، ثنا عمرٌو العنقريّ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله:{فليتّقوا اللّه وليقولوا قولا سديداً }قال:
« إذا حضر الرّجل عند الوصيّة فليس ينبغي أن يقال:أوص بمالك فإنّ اللّه رازق ولدك، ولكن يقال له: قدّم لنفسك، واترك لولدك، فذلك القول السّديد، كأنّ الّذي يأمر بهذا يخاف على نفسه العيلة».
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، ثنا عبد اللّه بن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه تعالى:{قولا سديداً }يعني
«عدلا في وصيّته فلا يجور».
[الوجه الثّاني]:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا إبراهيم بن موسى، أنبأ ابن أبي زائدة، أنبأ مبارك، عن الحسن: {وليقولوا قولا سديداً قال: صدقاً}. [تفسير القرآن العظيم: 3/876-878]

قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا قال
«هذا عند الوصية فيقول له من حضره أقللت فأوص لفلان ولا لفلان يقول الله عز وجل وليخش أولئك ليقولوا كما يحبون أن يقال لهم في ولده بعده وليقولوا قولا سديدا يعني عدلا».[تفسير مجاهد: 146-147]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) :
(أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في "سننه" عن ابن عباس في قوله {وليخش الذين لو تركوا} الآية، قال:
«هذا في الرجل يحضر الرجل عند موته فيسمعه يوصي وصية يضر بورثته فأمر الله الذي يسمعه أن يتقي الله ويوفقه ويسدده للصواب ولينظر لورثته كما يحب أن يصنع بورثته إذا خشي عليهم الضيعة».
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس في الآية قال:
« يعني الرجل يحضره الموت فيقال له: تصدق من مالك وأعتق وأعط منه في سبيل الله فنهوا أن يأمروا بذلك، يعني أن من حضر منكم مريضا عند الموت فلا يأمره أن ينفق ماله في العتق أو في الصدقة أو في سبيل الله ولكن يأمره أن يبين ما له وما عليه من دين ويوصي من ماله لذوي قرابته الذين لا يرثون يوصي لهم بالخمس أو الربع، يقول: ليس لأحدكم إذا مات وله ولد ضعاف - يعني صغارا - أن يتركهم بغير مال فيكونون عيالا على الناس ولا ينبغي لكم أن تأمروه بما لا ترضون به لأنفسكم ولأولادكم ولكن قولوا الحق في ذلك».
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية يعني بذلك الرجل يموت وله أولاد صغار ضعاف يخاف عليهم العيلة والضيعة ويخاف بعده أن لا يحسن إليهم من يليهم يقول:
«فإن ولي مثل ذريته ضعافا يتامى فليحسن إليهم ولا يأكل أموالهم إسرافا وبدارا أن يكبروا».
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال:
«إذا حضر الرجل عند الوصية فليس ينبغي أن يقال: أوص بمالك فإن الله رازق ولدك ولكن يقال له: قدم لنفسك واترك لولدك، فذلك القول السديد فإن الذي يأمر بهذا يخاف على نفسه العيلة».
وأخرج سعيد بن منصور وآدم والبيهقي عن مجاهد في الآية قال:
«كان الرجل إذا حضر يقال له: أوص لفلان أوص لفلان وافعل كذا وافعل كذا حتى يضر ذلك بورثته، فقال الله {وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم} قال: لينظروا لورثة هذا كما ينظر هذا لورثة نفسه فليتقوا الله وليأمروه بالعدل والحق».
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {وليخش الذين لو تركوا من خلفهم} يعني من بعد موتهم {ذرية ضعافا} يعني عجزة لا حيلة لهم {خافوا عليهم} يعني على ولد الميت الضيعة كما يخافون على ولد أنفسهم {فليتقوا الله وليقولوا} للميت إذا جلسوا إليه {قولا سديدا} يعني عدلا في وصيته فلا يجور.
وأخرج ابن جرير عن الشيباني قال: كنا بالقسطنطينية أيام مسلمة بن عبد الملك وفينا ابن محيريز، وابن الديلمي وهانئ بن كلثوم فجعلنا نتذاكر ما يكون في آخر الزمان فضقت ذرعا بما سمعت فقلت لابن الديلمي: يا أبا بشر يودني أنه لا يولد لي ولد أبدا، فضرب بيده على منكبي وقال:
«يا ابن أخي لا تفعل فإنه ليست من نسمة كتب الله لها أن تخرج من صلب رجل وهي خارجة إن شاء وإن أبى، قال: ألا أدلك على أمر إن أنت أدركته نجاك الله منه وإن تركت ولدك من بعدك حفظهم الله فيك قلت: بلى، فتلا علي هذه الآية {وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا} الآية ».
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال: ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال:
« اتقوا الله في الضعيفين: اليتيم والمرأة» أيتمه ثم أوصى به وابتلاه وابتلى به). [الدر المنثور: 4/249-251]

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (10) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): وقال في سورة النساء: {وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه}؛
فنسختها آية الميراث؛ لكل امرئٍ نصيبه؛ وقال في أموال اليتامى: {من كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف}؛
ثم قال لمن أكله ظلما: {إنّ الّذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنّما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً}). [الجامع في علوم القرآن: 3/68-69] (م)
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (حدثنا سفيان الثوري عن أبي مسكينٍ الأوديّ عن إبراهيم قال: إنّي أكره أذر اليتيم عرة لا أخالطه). [تفسير الثوري: 90]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): سفيان الثوري عن واصلٍ عن إبراهيم قال:
«اصنع اليتامى في أموالهم صنعًا يعني أن توسّع عليهم في النفقة». [تفسير الثوري: 90]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان الثوري قال: بلغنا عن أصحابنا أنّهم قالوا في قول اللّه: {الّذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنّما يأكلون في بطونهم نارا} قال:
« حراما ». [تفسير الثوري: 90]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان الثوري عن يحيى بن سعيدٍ عن القسم بن محمّدٍ قال: كنت في حجر ابن عبّاسٍ فجاءه أعرابيٌّ فقال: يا عبّاس إنّ في حجري أيتامًا ولهم إبلٌ ولي إبلٌ وأنا أمنح في إبلي وأفقر فماذا يحلّ لي من ألبانها قال:
« إن كنت تبغي ضالّة إبله وتلوط حوضها وتهنئ جرباها وتستقي أي عليها فاشرب غير مضرٍّ بنسلٍ ولا ناهك في الحلب») . [تفسير الثوري: 91]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان الثوري عن سالمٍ الأفطس عن سعيد بن جبيرٍ قال: لمّا نزلت {إنّ الّذين يأكلون أموال اليتامى ظلما} عزلوا أموالهم من أموالهم فنزلت {يسألونك عن اليتامى قل إصلاحٌ لهم خير} إلى آخر الآية قال: فخلطوا أموالهم بأموالهم [الآية: 10]). [تفسير الثوري: 91]

قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( قوله تعالى: {إنّ الّذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنّما يأكلون في بطونهم نارًا وسيصلون سعيرًا}.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، قال: نا أبو إسحاق، عن عكرمة، قال: لمّا نزلت: {إنّ الّذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنّما يأكلون في بطونهم نارًا وسيصلون سعيرًا}، اعتزل النّاس أيتامهم، وكانوا لا يخالطونهم، فشكوا ذلك إلى رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، فنزلت: {وإن تخالطوهم فإخوانكم واللّه يعلم المفسد من المصلح}، فعادوا فخالطوهم). [سنن سعيد بن منصور: 3/1177]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ):
(ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله عزّ وجلّ: {ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً} وقالوا: لمّا نزلت: {إنّ الّذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنّما يأكلون في بطونهم نارًا وسيصلون سعيراً} قال:«فارقهم المسلمون وفرقوا من ذلك فرقًا شديدًا حتّى عزلوا طعامهم من طعامهم، وشرابهم من شرابهم، وآنيتهم من آنيتهم، قال: فأضرّ ذلك بالأيتام»، فنزلت {ويسألونك عن اليتامى قل إصلاحٌ لهم خيرٌ وإن تخالطوهم فإخوانكم واللّه يعلم المفسد من المصلح} إنّ اللّه لا يخفى عليه الّذين يريدون الإصلاح لهم والإفساد علهيم، قال: « فرجعوا فخالطوهم كما كانوا يخالطونهم »).[جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي: 80]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ الّذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنّما يأكلون في بطونهم نارًا وسيصلون سعيرًا}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: {إنّ الّذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا} يقول: بغير حقٍّ، {إنّما يأكلون في بطونهم نارًا} يوم القيامة، بأكلهم أموال اليتامى ظلمًا في الدّنيا، نار جهنّم. {وسيصلون} بأكلهم {سعيرًا}.
- كما: حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {إنّ الّذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنّما يأكلون في بطونهم نارًا} قال:
« إذا قام الرّجل يأكل مال اليتيم ظلمًا، يبعث يوم القيامة ولهب النّار يخرج من فيه ومن مسامعه ومن أذنيه وأنفه وعينيه، يعرفه من رآه يأكل مال اليتيم».
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، قال: أخبرني أبو هارون العبديّ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، قال: حدّثنا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم عن ليلة أسري به، قال:
« نظرت فإذا أنا بقوم لهم مشافر كمشافر الإبل وقد وكّل بهم من يأخذ بمشافرهم، ثمّ يجعل في أفواههم صخرًا من نارٍ يخرج من أسافلهم، قلت: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الّذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنّما يأكلون في بطونهم نارًا».
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {إنّ الّذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنّما يأكلون في بطونهم نارًا وسيصلون سعيرًا} قال: قال أبي:
« إنّ هذه لأهل الشّرك حين كانوا لا يورّثونهم ويأكلون أموالهم».
وأمّا قوله: {وسيصلون سعيرًا} فإنّه مأخوذٌ من الصّلا، والصّلا: الاصطلاء بالنّار، وذلك التّسخّن بها، كما قال الفرزدق:.
وقاتل كلب الحيّ عن نار أهله ....... ليربض فيها والصّلا متكنّف
وكما قال العجّاج:
وصاليان للصّلا صليّ
ثمّ استعمل ذلك في كلّ من باشر بيده أمرًا من الأمور، من حربٍ أو قتالٍ أو خصومةٍ أو غير ذلك، كما قال الشّاعر:.
لم أكن من جناتها علم اللّه ...... وإنّي بحرّها اليوم صالي
فجعل ما باشر من شدّة الحرب واذى القتال، بمنزلة مباشرة أذى النّار وحرّها.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء المدينة والعراق: {وسيصلون سعيرًا} بفتح الياء على التّأويل الّذي قلنا.
وقرأ ذلك بعض المكّيّين وبعض الكوفيّين: (وسيصلون سعيرًا) بضمّ الياء، بمعنى يحرقون من قولهم: شاةٌ مصليّةٌ، يعني مشويّةً.
قال أبو جعفرٍ: والفتح بذلك أولى من الضّمّ لإجماع جميع القرّاء على فتح الياء في قوله: {لا يصلاها إلاّ الأشقى} ولدلالة قوله: {إلاّ من هو صال الجحيم} على أنّ الفتح بها أولى من الضّم
وأمّا السّعير: فإنّه شدّة حرّ جهنّم، ومنه قيل: استعرت الحرب: إذا اشتدّت، وإنّما هو مسعورٌ، ثمّ صرف إلى سعيرٍ،كما قيل: كفٌّ خضيبٌ، ولحيةٌ دهينٌ، وإنّما هي مخضوبةٌ صرفت إلى فعيلٍ.
فتأويل الكلام إذًا: وسيصلون نارًا مسعّرةً: أي موقودةً مشعلةً، شديدًا حرّها.
وإنّما قلنا: إنّ ذلك كذلك؛ لأنّ اللّه جلّ ثناؤه قال: {وإذا الجحيم سعّرت} فوصفها بأنّها مسعورةٌ.
ثمّ أخبر جلّ ثناؤه أنّ أكلة أموال اليتامى يصلونها، وهي كذلك، فالسّعير إذًا في هذا الموضع صفةٌ للجحيم على ما وصفنا). [جامع البيان: 6/454-456]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({إنّ الّذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنّما يأكلون في بطونهم نارًا وسيصلون سعيرًا (10) }.
قوله تعالى: {إنّ الّذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً}.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عمران بن عيينة، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: لمّا نزلت:{إنّ الّذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا} جعل كلّ رجلٍ، في حجره يتيمٌ- يعزل ماله على حدةٍ، فشقّ ذلك على المسلمين، فأنزل اللّه تعالى: واللّه يعلم المفسد من المصلح فأحلّ لهم خلطتهم- قال أبو محمّدٍ: وروي عن مجاهدٍ والحسن، والشّعبيّ، وعطاء بن أبي رباحٍ، والضّحّاك نحو ذلك.
قوله تعالى: {ظلماً}.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، ثنا ابن لهيعة، حدّثني عطاءٌ، عن سعيد بن جبيرٍ قوله: ظلماً يعني: استحلالا بغير حقٍّ
قوله تعالى: {إنّما يأكلون في بطونهم ناراً}.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عقبة بن مكرمٍ، ثنا يونس يعني: ابن بكيرٍ، ثنا زياد بن المنذر، عن نافع بن الحارث، عن أبي برزة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال:
« يبعث يوم القيامة قومٌ من قبورهم تأجّج أفواههم ناراً، فقيل: من هم يا رسول اللّه؟ قال: ألم تر أنّ اللّه تعالى يقول: إنّ الّذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنّما يأكلون في بطونهم نارا الآية».
- حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ، ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: إنّما يأكلون في بطونهم ناراً قال:
« إذا قام الرّجل يأكل مال اليتيم ظلماً، يبعث يوم القيامة، ولهب النّار يخرج من فمه ومن مسامعه ومن أذنيه وأنفه وعينيه، يعرفه من رآه يأكل مال اليتيم».
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ كاتب اللّيث، حدّثني اللّيث، حدّثني عبيد اللّه بن أبي جعفرٍ أنّه قال:
«من أكل مال اليتيم فإنّه يؤخذ بمشفره يوم القيامة، فيملأ فوه جمراً، فيقال له: كل كما أكلته في الدّنيا، ثمّ يدخل السّعير الكبرى».
- حدّثنا أبي، ثنا عبدة، أنبأ أبو عبد الصّمد عبد العزيز بن عبد الصّمد العمّيّ، ثنا أبو هارون العبديّ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ قال: قلنا يا رسول اللّه، حدّثنا ما رأيت ليلة الإسراء بك قال:
« انطلق بي إلى خلقٍ من خلق اللّه كثيرٍ، رجالٌ كلّ رجلٍ منهم له مشفران كمشفر البعير، وهو موكّلٌ بهم، رجالٌ يفكّون لحى أحدهم، ثمّ يجاء بصخرةٍ من نارٍ فتقذف في في أحدهم حتّى تخرج من أسفله، وله خوارٌ وصراخٌ، فقلت: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الّذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنّما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا».
قوله تعالى: {وسيصلون سعيراً}.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني عبد اللّه بن لهيعة، عن زيد بن أسلم، عن عبد اللّه بن عمر بن الخطّاب قال:
«لمّا نزلت الموجبات الّتي أوجب اللّه عليها النّار لمن عمل بها نحو هذه الآية: وسيصلون سعيراً: كنّا نشهد على من فعل شيئاً من هذا أنّ له النّار حتّى نزلت: إنّ اللّه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء فلمّا نزلت كففنا عن الشّهادة، ولم نشهد أنّهم في النّار وخفنا عليهم بما أوجب اللّه لهم»). [تفسير القرآن العظيم: 3/878-880]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو زكريّا العنبريّ، ثنا محمّد بن عبد السّلام، ثنا إسحاق بن إبراهيم، أنبأ جريرٌ، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: لمّا أنزل اللّه " {ولا تقربوا مال اليتيم إلّا بالّتي هي أحسن} ، {إنّ الّذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنّما يأكلون في بطونهم نارًا، وسيصلون سعيرًا} ، قال:
« انطلق من كان عنده يتيمٌ، فعزل طعامه من طعامه، وشرابه من شرابه، فجعل يفضل الشّيء من طعامه وشرابه، فيحبس حتّى يأكله أو يفسد، فاشتدّ ذلك عليهم فذكروا ذلك لرسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم فأنزل اللّه " {ويسألونك عن اليتامى، قل إصلاحٌ لهم خيرٌ، وإن تخالطوهم فإخوانكم} فخلطوا طعامهم بطعامهم، وشرابهم بشرابهم «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/331]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {إنّ الّذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا}.
- عن أبي برزة أنّ رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - قال: «يبعث اللّه - عزّ وجلّ - يوم القيامة قومًا تأجّج أفواههم نارًا ". فقيل: من هم يا رسول اللّه؟ فقال: " ألم تر أنّ اللّه يقول: {إنّ الّذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنّما يأكلون في بطونهم نارًا} ».
رواه أبو يعلى والطّبرانيّ، وفيه زياد بن المنذر وهو كذّابٌ). [مجمع الزوائد: 7/2]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (قال أبو يعلى الموصليّ: ثنا عقبة بن مكرمٍ، ثنا يونس بن بكير، عن زياد بن المنذر، عن نافع بن الحارث، عن أبي برزة- رضي اللّه عنه- أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يبعث اللّه- عزّ وجلّ- يوم القيامة قومًا من قبورهم، تأجّج أفواههم نارًا، فقيل: من هم يا رسول اللّه؟! فقال: ألم تر أنّ اللّه- تعالى- يقول: (إنّ الّذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنّما يأكلون في بطونهم ناراً) .
- رواه ابن حبّان في صحيحه: ثنا أبو يعلى الموصليّ ... فذكره.
هذا إسنادٌ ضعيفٌ، فيه زياد بن المنذر، عن نافع بن الحارث، وهما واهيان متّهمان). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/192]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال أبو يعلى: حدثنا عقبة بن مكرمٍ، ثنا يونس بن بكيرٍ، ثنا زياد بن المنذر، عن نافع بن الحارث، عن أبي برزة رضي الله عنه قال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال:
« يبعث اللّه تعالى يوم القيامة قومًا تأجّج أفواههم نارًا، فقيل: من هم يا رسول اللّه؟ (فقال) صلّى اللّه عليه وسلّم: ألم تر أنّ اللّه تعالى يقول: {إنّ الّذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا}»). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 14/592]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن أبي شيبة في مسنده وأبو يعلى والطبراني، وابن حبان في صحيحه، وابن أبي حاتم عن أبي برزة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
« يبعث يوم القيامة قوم من قبورهم تأجج أفواههم نارا، فقيل: يا رسول الله من هم قال: ألم تر أن الله يقول {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا}».
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري قال حدثنا النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن ليلة أسري به قال:
«نظرت فإذا أنا بقوم لهم مشافر كمشافر الإبل وقد وكل بهم من يأخذ بمشافرهم ثم يجعل في أفواههم صخرا من نار فتقذف في في أحدهم حتى تخرج من أسافلهم ولهم خوار وصراخ فقلت: يا جبريل من هؤلاء قال: هؤلاء {الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا}».
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال:
«إذا قام الرجل يأكل مال اليتيم ظلما يبعث يوم القيامة ولهب النار يخرج من فيه ومن مسامعه ومن أذنيه وأنفه وعينيه يعرفه من رآه بآكل مال اليتيم».
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبيد الله بن أبي جعفر قال:
«من أكل مال اليتيم فإنه يؤخذ بمشفره يوم القيامة فيملأ فوه جمرا فيقال له: كل كما أكلته في الدنيا ثم يدخل السعير الكبرى».
وأخرج ابن جرير عن زيد بن أسلم في الآية قال:
«هذه لأهل الشرك حين كانوا لا يورثونهم ويأكلون أموالهم».
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله {سعيرا} يعني
« وقودا».
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال
«السعير واد من فيح في جهنم».
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
« أربع حق على الله أن لا يدخلهم الجنة ولا يذيقهم نعيما: مدمن الخمر وآكل ربا وآكل مال اليتيم بغير حق والعاق لوالديه»). [الدر المنثور: 4/251-253]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 19 ربيع الثاني 1434هـ/1-03-2013م, 07:59 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي التفسير اللغوي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (7)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {لّلرّجال نصيبٌ...}ثم قال الله تبارك وتعالى: {نصيباً مّفروضاً} وإنما نصب النصيب المفروض وهو نعت للنكرة لأنه أخرجه مخرج المصدر، ولو كان اسما صحيحا لم ينصب، ولكنه بمنزلة قولك: لك عليّ حقّ حقّا، ولا تقول: لك على حقّ درهما، ومثله عندي درهمان هبةً مقبوضة، فالمفروض في هذا الموضع بمنزلة قولك: فريضة وفرضا). [معاني القرآن: 1/257]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إسرافاً} الإسراف: الإفراط.
{وبداراً} أي: مبادرة قبل أن يدرك فيؤنس منه الرّشد فيأخذ منك.
{فليأكل بالمعروف} أي: لا يتأثّل مالاً، التأثل: اتخاذ أصل مالٍ، والأثلة الأصل، قال الأعشى:
ألست منتهياً عن نحت أثلتنا...... ولست ضائرها ما أطّت الإبل
مجد مؤثّل: قديم له أصل). [مجاز القرآن: 1/117-118]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {نصيباً مفروضاً}: نصب على الخروج من الوصف). [مجاز القرآن: 1/118]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({لّلرّجال نصيبٌ مّمّا ترك الوالدان والأقربون وللنّساء نصيبٌ مّمّا ترك الوالدان والأقربون ممّا قلّ منه أو كثر نصيباً مّفروضاً} قال: {لّلرّجال نصيبٌ مّمّا ترك الوالدان} إلى قوله: {نصيباً مّفروضاً} فانتصابه كانتصاب {كتاباً مّؤجّلاً}). [معاني القرآن: 1/193]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): (قال قتادة: وكانوا لا يورّثون النساء فنزلت: {وللنّساء نصيبٌ ممّا ترك الوالدان والأقربون ممّا قلّ منه أو كثر نصيباً مفروضاً} موجبا فرضه اللّه، أي: أوجبه). [تفسير غريب القرآن: 121]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله: عزّ وجلّ: {للرّجال نصيب ممّا ترك الوالدان والأقربون وللنّساء نصيب ممّا ترك الوالدان والأقربون ممّا قلّ منه أو كثر نصيبا مفروضا}كانت العرب لا تورّث إلا من طاعن بالرماح وزاد عن المال وحاز الغنيمة، فأعلم اللّه - عزّ وجلّ - أن حق الميراث على ما ذكر من الفرض.
وجاءت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعها بنات لها توفّي أبوهنّ وهو زوجها وقد همّ عمّا البنات بأخذ المال فنزلت: {يوصيكم اللّه في أولادكم للذّكر مثل حظّ الأنثيين} الآية، فقال العمّان: يا رسول الله أيرث من لا يطاعن بالرماح ولا يزود عن المال ولا يحوز الغنيمة؟
فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((أعطيا البنات الثلثين، وأعطيا الزوجة - وهي أمّهنّ - الثمن، وما بقي فلكما))، فقالا: فمن يتولى القيام بأمرهما؟ فأمرهما النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتوليا ذلك.
وقوله عزّ وجلّ: {نصيبا مفروضا} هذا منصوب على الحال، المعنى: لهؤلاء أنصبة على ما ذكرناها في حال الفرض، وهذا كلام مؤكّد لأن قوله - جل ثناؤه - {للرّجال نصيب ممّا ترك الوالدان والأقربون وللنّساء نصيب...} معناه: إنّ ذلك مفروض لهنّ). [معاني القرآن: 2/15]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون} يروى أنهم كانوا لا يورثون النساء وقالوا: لا يرث إلا من طاعن بالرمح وقاتل بالسيف فأنزل الله: {وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا}). [معاني القرآن: 2/23]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (8)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم مّنه وقولوا لهم قولاً مّعروفاً} قال: {وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين} ثم قال: {فارزقوهم مّنه} لأن معناه المال والميراث فذكّر على ذلك المعنى). [معاني القرآن: 1/193-194]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (8) وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} فيه قولان:
أحدهما: أن تكون القسمة الوصية، يقول: إذا حضرها أقرباؤكم الذين لا يرثونكم، والمساكين، واليتامى- فاجعلوا لهم فيها حظا، وألينوا لهم القول، وليخش من حضر الوصية، وهو لو كان له ولد صغار خاف عليهم بعده الضّيعة- أن يأمر الموصي بالإسراف فيما يعطيه اليتامى والمساكين وأقاربه الذين لا يرثون فيكون قد أمره بما لم يكن يفعله لو كان هو الميت، وهو معنى قول سعيد بن جبير وقتادة.
قال قتادة:
«إذا حضرت وصية ميت فمره بما كنت آمرا به نفسك، وخف على ورثته ما كنت خائفا على ضعفة أولادك لو تركتهم بعدك».
والقول الآخر: أن تكون القسمة قسمة الورثة الميراث بعد وفاة الرجل، يقول: فإذا حضرها الأقارب واليتامى والمساكين، فارضخوا لهم وعدوهم، ثم استأنف معنى آخر فقال: وليخش من لو ترك ولدا صغارا خاف عليهم الضّيعة، فليحسن إلى من كفله من اليتامى، وليفعل بهم ما يجب أن يفعل بولده من بعده. وهو معنى قول ابن عباس في رواية أبي صالح عنه). [تأويل مشكل القرآن: 323]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله - عزّ وجلّ -: {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا}أي: فأعطوهم منه.
قال الحسن رحمة اللّه عليه والنخعي:
« أدركنا الناس وهم يقسمون على القرابات والمساكين. واليتامى من العين، يعنيان الورق، والذهب، فإذا قسم الورق والذهب وصارت القسمة إلى الأرضين والرقيق وما أشبه ذلك؛ قالوا لهم قولا معروفا كانوا يقولون لهم: بورك فيكم».
وقال قوم:
«نسخ الأمر للمساكين ومن ذكر في هذه الآية الفرض في القسمة، وإباحة الثلث للميّت يجعله حيث شاء».
قال أبو إسحاق:
«وقد أجمعوا أن الأمر بالقسمة من الميراث للقرابة والمساكين واليتامى قد أمر بهما، ولم يجمعوا على نسخها، والأمر في ذلك على ما أجمع عليه، واللّه أعلم»). [معاني القرآن: 2/15-16]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين} في هذه الآية أقوال: أحدهما: أنها منسوخة، قال سعيد بن المسيب:
«نسختها الميراث والوصية».
والإجماع من أكثر العلماء في هذا الوقت: « أنه لا يجب إعطاؤهم وإنما هذا على جهة الندبة إلى الخير أي إذا حضروا فأعطوهم كما كان المتوفى يؤمر بإعطائهم ».
وقال عبيدة والشعبي والزهري والحسن: هي محكمة.
قال ابن أبي نجيح: «يجب أن يعطوا ما طابت به الأنفس».
قال أبو جعفر: وأن يكون ذلك شكرا على ما رزقهم الله دونه). [معاني القرآن: 2/23-25]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال تعالى: {وقولوا لهم قولا معروفا} قال سعيد بن جبير: «يقال لهم خذوا بورك لكم»). [معاني القرآن: 2/25]

تفسير قوله تعالى: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (9)}.
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {قولاً سديداً} أي: قصداً). [مجاز القرآن: 1/118]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({وليخش الّذين لو تركوا من خلفهم ذرّيّةً ضعافاً خافوا عليهم فليتّقواّ اللّه وليقولوا قولاً سديداً}قال: {وليخش الّذين لو تركوا من خلفهم ذرّيّةً} لأنه يريد "وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية يخافون عليهم" مثل ما يتركون منهم من ذرية غيرهم، أي: فلا يفعلن ذلك حتى لا يفعله بهم غيرهم؛ "فليخشوا" أي: "فليخشوا هذا" أي: فليتّقوا، ثم عاد أيضاً فقال: {فليتّقوا اللّه}). [معاني القرآن: 1/194]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ): ({سديدا}: قصدا). [غريب القرآن وتفسيره: 115]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({وليخش الّذين لو تركوا} مبينة في كتاب «المشكل».
{قولًا سديداً} من السّداد، وهو الصواب والقصد في القول). [تفسير غريب القرآن: 121]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله: {وليخش الّذين لو تركوا من خلفهم ذرّيّة ضعافا خافوا عليهم فليتّقوا اللّه وليقولوا قولا سديدا} الكلام في ذرية: بضم الذال، ويجوز ذرية، - بكسر الذال، وقد قرئ بهما، إلا أن الضمّ أجود وهي منسوبة إلى الذر، وهي فعليّة منه.
ويجوز أن يكون: أصلها ذرّورة، ولكن الراء أبدلت ياء وأدغمت الواو فيها، فأما الكسر في الذال فلكسر الراء كما قالوا في عتي: عتي.
وضعاف جمع ضعيف وضعيفة، كما تقول ظريف وظراف وخبيث وخباث، وإن قيل ضعفاء جاز، تقول ضعيف وضعفاء.
قيل: ومعنى الآية أنهم كانوا يوصون بأموالهم على قدر أهوائهم ويتركون ضعفة ذراريهم وأولادهم فأمرهم اللّه - عز وجل - أن يوصوا لهم، وأن يجروا ذلك من سداد.
وقيل: قيل لهم هذا بسبب اليتامى، فوعظوا في توليتهم اليتامى بأن يفعلوا كما يحبون أن يفعل بأولادهم من بعدهم.
وكلا القولين جائر حسن، ألا أن تسمية الفرائض قد نسخ ذلك بما جعل من الأقسام للأولاد وذوي العصبة). [معاني القرآن: 2/16-17]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم} قال سعيد بن جبير ومجاهد في الرجل يحضر عند المريض فيقول له قدم خيرا أو تصدق على أقربائك فأمروا أن يشفقوا على ورثة المريض كما يشفقون على ورثتهم .
وقال مقسم: يقول له من حضره اتق الله وأمسك عليك مالك فليس أحد أحق بمالك من ولدك ولو كانوا ذوي قرابة من الذي أوصى لأحبوا أن يوصي لأولادهم، وقول سعيد بن جبير أشبه بمعنى الآية والله أعلم لأن المعنى خافوا عليهم الفقر فالخوف واقع على ذرية الموتى). [معاني القرآن: 2/25-26]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ): (قوله: {سديدا} أي: حقا مستويا). [ياقوتة الصراط: 196]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({قَوْلاً سَدِيدًا} أي: صوابا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 58]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({سَدِيداً}: قصد). [العمدة في غريب القرآن: 107]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (10)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({إنّ الّذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنّما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً}
و قال: {سيصلون سعيراً} فالياء تفتح وتضم ههنا وكل صواب. وقوله: {في بطونهم} توكيد). [معاني القرآن: 1/194]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (ثم خوّف اللّه عزّ وجلّ وغلظ في أمر اليتامى وأوعد فقال:
{إنّ الّذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنّما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا}(يقرأ) {وسيصلون} في هذا - أعني في قوله.. يأكلون أموال اليتامى} - دليل أن مال اليتيم إن أخذ منه على قدر القيام له ولم يتجاوز ذلك جاز، بل يستظهر فيه إن أمكن ألا يقرب ألبتّة لشدة الوعيد فيه، بأن لا يؤكل منه إلا قرضا، وإن أخذ القصد وقدر الحاجة على قدر نفعه فلا بأس إن شاء الله). [معاني القرآن: 2/17]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما} اليتيم في اللغة: المنفرد فقيل لمن مات أبوه من بني آدم يتيم وهو في البهائم الذي ماتت أمه). [معاني القرآن: 2/26]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله تعالى: {إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا} هذا مجاز في اللفظ، وحقيقته في اللغة: أنه لما كان ما يأكلون يؤديهم إلى النار كانوا بمنزلة من يأكل النار وإن كانوا يأكلون الطيبات). [معاني القرآن: 2/27]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 24 ربيع الثاني 1434هـ/6-03-2013م, 09:53 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي التفسير اللغوي المجموع

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (7) }.

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (8) }.

تفسير قوله تعالى: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (9) }.

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (10) }
.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومن قبس نارا: أصاب مالا حراما من سلطان.
وإن أكل جمرا: أصاب مال يتيم؛ لقول الله عز وجل: {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا} ). [تعبير الرؤيا: 167]


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 24 ربيع الثاني 1434هـ/6-03-2013م, 09:53 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفاسير القرن الرابع الهجري

تفاسير القرن الرابع الهجري

....


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 24 ربيع الثاني 1434هـ/6-03-2013م, 09:54 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفاسير القرن الخامس الهجري

تفاسير القرن الخامس الهجري


.....


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 13 جمادى الآخرة 1435هـ/13-04-2014م, 06:03 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 13 جمادى الآخرة 1435هـ/13-04-2014م, 06:03 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 13 جمادى الآخرة 1435هـ/13-04-2014م, 06:03 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 13 جمادى الآخرة 1435هـ/13-04-2014م, 06:03 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (7) }.
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله تعالى:{ للرّجال نصيبٌ ممّا ترك الوالدان والأقربون وللنّساء نصيبٌ ممّا ترك الوالدان والأقربون ممّا قلّ منه أو كثر نصيباً مفروضاً (7) وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولاً معروفاً (8) وليخش الّذين لو تركوا من خلفهم ذرّيّةً ضعافاً خافوا عليهم فليتّقوا اللّه وليقولوا قولاً سديداً (9)}.
سمى الله عز وجل الأب والدا لأن الولد منه ومن الوالدة، كما قال الشاعر: الرجز بحيث يعتش الغراب البائض لأن البيض من الأنثى والذكر، قال قتادة وعكرمة وابن زيد: وسبب هذه الآية، «أن العرب كان منها من لا يورث النساء ويقول: لا يرث إلا من طاعن بالرمح وقاتل بالسيف فنزلت هذه الآية، قال عكرمة: سببها خبر أم كحلة، مات زوجها وهو أوس بن سويد وترك لها بنتا فذهب عم بنيها إلى أن لا ترث فذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال العم: هي يا رسول الله لا تقاتل ولا تحمل كلا ويكسب عليها ولا تكسب، واسم العم ثعلبة فيما ذكره». ونصيباً مفروضاً، نصب على الحال، كذا قال مكي، وإنما هو اسم نصب كما ينصب المصدر في موضع الحال، تقديره: فرضا، ولذلك جاز نصبه، كما تقول: لك عليّ كذا وكذا حقا واجبا، ولولا معنى المصدر الذي فيه ما جاز في الاسم الذي ليس بمصدر هذا النصب، ولكان حقه الرفع). [المحرر الوجيز: 2/474-475]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (8) }.
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله: وإذا حضر القسمة الآية، اختلف المتأولون فيمن خوطب بهذه الآية على قولين: أحدهما أنها مخاطبة للوارثين، والمعنى: إذا حضر قسمتكم لمال موروثكم هذه الأصناف الثلاثة، فارزقوهم منه، ثم اختلف قائلو هذا القول، فقال سعيد بن المسيب وأبو مالك والضحاك وابن عباس فيما حكى عنه المهدوي: «نسخ ذلك بآية المواريث». وكانت هذه قسمة قبل المواريث، فأعطى الله بعد ذلك كل ذي حق حقه، وجعلت الوصية للذين يحزنون ولا يرثون، وقال ابن عباس والشعبي ومجاهد وابن جبير: «ذلك محكم لم ينسخ »، وقال ابن جبير: «وقد ضيع الناس هذه الآية »، قال الحسن: «ولكن الناس شحوا، وامتثل ذلك جماعة من التابعين»، عروة بن الزبير وغيره، وأمر به أبو موسى الأشعري، واختلف القائلون بأحكامها، فقالت فرقة: «ذلك على جهة الفرض والوجوب أن يعطى الورثة لهذه الأصناف ما تفه وطابت به نفوسهم، كالماعون والثوب الخلق، وما خف كالتابوت، وما تعذر قسمه»، وقال ابن جبير والحسن: «ذلك على جهة الندب، فمن تركه فلا حرج عليه»، واختلف في هذا القول إذا كان الوارث صغيرا لا يتصرف في ماله، فقال سعيد بن جبير وغيره: هذا على وجه المعروف فقط، يقوله ولي الوارث دون عطاء ينفذ، وقالت فرقة: «بل يعطي ولي الوارث الصغير من مال محجوره بقدر ما يرى »، والقول الثاني: فيمن خوطب بها: إن الخطاب للمحتضرين الذين يقسمون أموالهم بالوصية، فالمعنى: إذا حضركم الموت أيها المؤمنون، وقسمتم أموالكم بالوصية، وحضركم من لا يرث من ذي القرابة واليتامى فارزقوهم منه، قال ابن عباس وسعيد بن المسيب وابن زيد قال: «كانوا يقولون للوصي: فلان يقسم ماله»، ومعنى «حضر»: شهد، إلا أن الصفة بالضعف واليتم والمسكنة تقضي أن ذلك هو علة الرزق، فحيث وجدت رزقوا وإن لم يحضروا القسمة، وأولوا: اسم جمع لا واحد له من لفظه، ولا يكون إلا مضافا للإبهام الذي فيه، وربما كان واحده من غير لفظة: ذو، واليتم: الانفراد واليتيم: الفرد، وكذلك سمي من فقد أباه يتيما لانفراده، ورأى عبيدة ومحمد بن سيرين أن الرزق في هذه الآية، أن يصنع لهم طعام يأكلونه، وفعلا ذلك، ذبحا شاة من التركة، والضمير في قوله: فارزقوهم وفي قوله: لهم عائد على الأصناف الثلاثة، وغير ذلك من تفريق عود الضميرين كما ذهب إليه الطبري تحكم- والقول المعروف: كل ما يؤنس به من دعاء أو عدة أو غير ذلك). [المحرر الوجيز: 2/475-476]

تفسير قوله تعالى: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (9) }.
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله وليخش جزم بلام الأمر، ولا يجوز إضمار هذه اللام عند سيبويه، قياسا على حروف الجر، إلا في ضرورة شعر، ومنه قول الشاعر: [الوافر]
محمّد تفد نفسك كلّ نفس ...... إذا ما خفت من أمر تبالا
وقرأ أبو حيوة وعيسى بن عمر والحسن والزهري: بكسر لامات الأمر في هذه الآية، وقد تقدم الكلام على لفظ ذرّيّةً في سورة آل عمران، ومفعول يخشى محذوف لدلالة الكلام عليه، وحسن حذفه من حيث يتقدر فيه التخويف بالله تعالى. والتخويف بالعاقبة في الدنيا، فينظر كل متأول بحسب الأهم في نفسه، وقرأ أبو عبد الرحمن وأبو حيوة والزهري وابن محيصن وعائشة: «ضعفاء» بالمد وضم الضاد، وروي عن ابن محيصن «ضعفا» بضم الضاد والعين وتنوين الفاء، وأمال حمزة ضعافاً وأمال- خافوا، والداعي إلى إمالة خافوا الكسرة التي في الماضي في قولك: خفت، ليدل عليها، وخافوا جواب لو، تقديره: لو تركوا لخافوا، ويجوز حذف اللام في جواب- لو- تقول- لو قام زيد لقام عمرو، ولو قام زيد قام عمرو، واختلف من المراد بهذه الآية؟ فقال ابن عباس وقتادة والسدي وابن جبير والضحاك ومجاهد: « المراد من حضر ميتا حين يوصي فيقول له: قدم لنفسك وأعط فلان وفلانة ويؤذي الورثة بذلك، فكأن الآية تقول لهم: كما كنتم تخشون على ورثتكم وذريتكم بعدكم، فكذلك فاخشوا على ورثة غيركم وذريته، ولا تحملوه على تبذير ماله وتركهم عالة. وقال مقسم وحضرمي: نزلت في عكس ذلك، وهو أن يقول للمحتضر: أمسك على ورثتك وأبق لولدك، وينهاه عن الوصية فيضر بذلك ذوي القربى، وكل من يستحق أن يوصي له، فقيل لهم: كما كنتم تخشون على ذريتكم وتسرون بأن يحسن إليهم، فكذلك فسدوا القول في جهة المساكين واليتامى، واتقوا الله في ضرهم ».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: «وهذان القولان لا يطرد واحد منهما في كل الناس، بل الناس صنفان يصلح لأحدهما القول الواحد، وللآخر القول الثاني، وذلك أن الرجل إذا ترك ورثة مستقلين بأنفسهم أغنياء حسن أن يندب إلى الوصية، ويحمل على أن يقدم لنفسه، وإذا ترك ورثة ضعفاء مقلين حسن أن يندب إلى الترك لهم والاحتياط فإن أجره في قصد ذلك كأجره في المساكين، فالمراعى إنما هو الضعف، فيجب أن يمال معه »، وقال ابن عباس أيضا: « المراد بالآية ولاة الأيتام، فالمعنى: أحسنوا إليهم وسددوا القول لهم، واتقوا الله في أكل أموالهم كما تخافون على ذريتكم أن يفعل بهم خلاف ذلك»، وقالت فرقة: «بل المراد جميع الناس»، فالمعنى: أمرهم باتقاء الله في الأيتام وأولاد الناس وإن لم يكونوا في حجورهم، وأن يسددوا لهم القول كما يريد كل أحد أن يفعل بولده بعده، ومن هذا ما حكاه الشيباني قال: كنا على قسطنطينة في عسكر مسلمة بن عبد الملك، فجلسنا يوما في جماعة من أهل العلم فيهم الديلمي فتذاكروا ما يكون من أهوال آخر الزمان، فقلت له: يا أبا بسر ودي أن لا يكون لي ولد، فقال لي: ما عليك، ما من نسمة قضى الله بخروجها من رجل إلا خرجت أحب أم كره، ولكن إن أردت أن تأمن عليهم فاتق الله في غيرهم، ثم تلا هذه الآية. «والسديد» معناه: المصيب للحق، ومنه قول الشاعر:
أعلمه الرماية كل يوم ...... فلما اشتد ساعده رماني
معناه، لما وافق الأغراض التي يرمي إليها). [المحرر الوجيز: 2/476-478]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (10) }.
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله تعالى: {إنّ الّذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنّما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً (10) يوصيكم اللّه في أولادكم للذّكر مثل حظّ الأنثيين فإن كنّ نساءً فوق اثنتين فلهنّ ثلثا ما ترك وإن كانت واحدةً فلها النّصف ولأبويه لكلّ واحدٍ منهما السّدس ممّا ترك إن كان له ولدٌ فإن لم يكن له ولدٌ وورثه أبواه فلأمّه الثّلث فإن كان له إخوةٌ فلأمّه السّدس من بعد وصيّةٍ يوصي بها أو دينٍ آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيّهم أقرب لكم نفعاً فريضةً من اللّه إنّ اللّه كان عليماً حكيماً (11)}.
قال ابن زيد: «نزلت في الكفار الذين كانوا لا يورثون النساء والصغار، ويأكلون أموالهم »، وقال أكثر الناس: « نزلت في الأوصياء الذين يأكلون ما لم يبح لهم من مال اليتيم، وهي تتناول كل آكل وإن لم يكن وصيا، وسمي آخذ المال على كل وجوهه آكلا لما كان المقصود هو الأكل وبه أكثر الإتلاف للأشياء، وفي نصه على البطون من الفصاحة تبيين نقصهم، والتشنيع عليهم بضد مكارم الأخلاق، من التهافت بسبب البطن، وهو أنقص الأسباب وألأمها حتى يدخلوا تحت الوعيد بالنار، وظلماً معناه: ما جاوز المعروف مع فقر الوصي»، وقال بعض الناس: «المعنى أنه لما يؤول أكلهم للأموال إلى دخولهم النار قيل: يأكلون النار»، وقالت طائفة: «بل هي حقيقة أنهم يطعمون النار»، وفي ذلك أحاديث، منها حديث أبي سعيد الخدري قال: حدثنا النبي صلى الله عليه وسلم عن ليلة أسري به، قال: «رأيت أقواما لهم مشافر كمشافر الإبل، وقد وكل بهم من يأخذ بمشافرهم ثم يجعل في أفواههم صخرا من نار، تخرج من أسافلهم، قلت:يا جبريل من هؤلاء؟ قال هم الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما »، وقرأ جمهور الناس «وسيصلون» على إسناد الفعل إليهم، وقرأ ابن عامر بضم الياء واختلف عن عاصم، وقرأ أبو حيوة، وسيصلون على بناء الفعل للمفعول بضم الياء وفتح الصاد وشد اللام على التكثير، وقرأ ابن أبي عبلة «وسيصلون» بضم الياء واللام، وهي ضعيفة، والأول أصوب، لأنه كذلك جاء في القرآن في قوله: {لا يصلاها إلّا الأشقى }.
وفي قوله: {صال الجحيم} والصلي هو التسخن بقرب النار أو بمباشرتها، ومنه قول الحارث بن عباد:
لم أكن من جناتها، علم الله ...... وإني بحرّها اليوم صال
والمحترق الذي يذهبه الحرق ليس بصال إلا في بدء أمره، وأهل جهنم لا تذهبهم فهم فيها صالون، «والسعير»: الجمر المشتعل، وهذه آية من آيات الوعيد، والذي يعتقده أهل السنة أن ذلك نافذ على بعض العصاة، لئلا يقع الخبر بخلاف مخبره، ساقط بالمشيئة عن بعضهم، وتلخيص الكلام في المسألة: أن الوعد في الخير، والوعيد في الشر، هذا عرفهما إذا أطلقا، وقد يستعمل الوعد في الشر مقيدا به، كما قال تعالى:{ النّار وعدها اللّه، الّذين كفروا } فقالت المعتزلة: « آيات الوعد كلها في التائبين والطائعين، وآيات الوعيد في المشركين والعصاة بالكبائر»، وقال بعضهم: « وبالصغائر»، وقالت المرجئة: «آيات الوعد كلها فيمن اتصف بالإيمان الذي هو التصديق، كان من كان من عاص أو طائع »، وقلنا أهل السنة والجماعة: «آيات الوعد في المؤمنين الطائعين ومن حازته المشيئة من العصاة، وآيات الوعيد في المشركين ومن حازه الإنفاذ من العصاة، والآية الحاكمة بما قلناه قوله تعالى: {إنّ اللّه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} » فإن قالت المعتزلة لمن يشاء يعني التائبين، رد عليهم بأن الفائدة في التفضيل كانت تنفسد، إذ الشرك أيضا يغفر للتائب، وهذا قاطع بحكم قوله لمن يشاء بأن ثم مغفورا له وغير مغفور، واستقام المذهب السني). [المحرر الوجيز: 2/478-480]


رد مع اقتباس
  #11  
قديم 13 جمادى الآخرة 1435هـ/13-04-2014م, 06:03 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 13 جمادى الآخرة 1435هـ/13-04-2014م, 06:04 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (7) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({للرّجال نصيبٌ ممّا ترك الوالدان والأقربون وللنّساء نصيبٌ ممّا ترك الوالدان والأقربون ممّا قلّ منه أو كثر نصيبًا مفروضًا (7) وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولًا معروفًا (8) وليخش الّذين لو تركوا من خلفهم ذرّيّةً ضعافًا خافوا عليهم فليتّقوا اللّه وليقولوا قولًا سديدًا (9) إنّ الّذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنّما يأكلون في بطونهم نارًا وسيصلون سعيرًا (10) }.
قال سعيد بن جبيرٍ وقتادة: «كان المشركون يجعلون المال للرّجال الكبار، ولا يورّثون النّساء ولا الأطفال شيئًا، فأنزل اللّه: {للرّجال نصيبٌ ممّا ترك الوالدان والأقربون وللنّساء نصيبٌ ممّا ترك الوالدان والأقربون ممّا قلّ منه أو كثر نصيبًا مفروضًا} أي: الجميع فيه سواءٌ في حكم اللّه تعالى، يستوون في أصل الوراثة وإن تفاوتوا بحسب ما فرض اللّه تعالى لكلٍّ منهم، بما يدلي به إلى الميّت من قرابةٍ، أو زوجيّةٍ، أو ولاءٍ. فإنّه لحمة كلحمة النّسب». وقد روى ابن مردويه من طريق ابن هراسة عن سفيان الثّوريّ، عن عبد اللّه بن محمّد بن عقيلٍ، عن جابر قال: جاءت أمّ كجّة إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقالت: يا رسول اللّه، إنّ لي ابنتين، وقد مات أبوهما، وليس لهما شيءٌ، فأنزل اللّه تعالى: {للرّجال نصيبٌ ممّا ترك الوالدان والأقربون} الآية، وسيأتي هذا الحديث عند آيتي الميراث بسياقٍ آخر، واللّه أعلم). [تفسير القرآن العظيم: 2/219]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (8) }.
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفًا} قيل: المراد: وإذا حضر قسمة الميراث ذوو القربى ممّن ليس بوارثٍ واليتامى والمساكين فليرضخ لهم من التّركة نصيبٌ، وأنّ ذلك كان واجبًا في ابتداء الإسلام. وقيل: يستحبّ واختلفوا: هل هو منسوخٌ أم لا؟ على قولين، فقال البخاريّ: حدّثنا أحمد بن حميد أخبرنا عبيد اللّه الأشجعيّ، عن سفيان، عن الشّيباني، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: {وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين} قال: «هي محكمة »، وليست بمنسوخةٍ. تابعه سعيد عن ابن عبّاسٍ.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا القاسم، حدّثنا الحسين، حدّثنا عبّاد بن العوّام، عن الحجّاج، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عبّاسٍ قال: «هي قائمةٌ يعمل بها».
وقال الثّوريّ، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهدٍ في هذه الآية، قال: هي واجبةٌ على أهل الميراث، ما طابت به أنفسهم. وهكذا روي عن ابن مسعودٍ، وأبي موسى، وعبد الرّحمن بن أبي بكرٍ، وأبي العالية، والشّعبيّ، والحسن، وابن سيرين، وسعيد بن جبير، ومكحولٍ، وإبراهيم النّخعي، وعطاء بن أبي رباحٍ، والزّهريّ، ويحيى بن يعمر: «إنّها واجبةٌ».
وروى ابن أبي حاتمٍ عن أبي سعيدٍ الأشجّ، عن اسماعيل بن عليّة، عن يونس بن عبيد، عن محمّد بن سيرين قال: «ولي عبيدة وصيّةً، فأمر بشاةٍ فذبحت، فأطعم أصحاب هذه الآية، وقال: لولا هذه الآية لكان هذا من مالي».
وقال مالكٌ، فيما يروى عنه من التّفسير في جزءٍ مجموعٍ، عن الزّهريّ: أنّ عروة أعطى من مال مصعبٍ حين قسّم ماله. وقال الزّهريّ: «وهي محكمةٌ».
وقال مالكٌ، عن عبد الكريم، عن مجاهدٍ قال: «هو حقٌّ واجبٌ ما طابت به الأنفس».
ذكر من ذهب إلى أنّ ذلك أمرٌ بالوصيّة لهم:
قال عبد الرّزّاق: أخبرنا ابن جريج أخبرني ابن أبى مليكة: أنّ أسماء بنت عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ الصّدّيق، والقاسم بن محمّدٍ أخبراه: أنّ عبد اللّه بن عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ قسّم ميراث أبيه عبد الرّحمن وعائشة حية قالا فلم يدع في الدّار مسكينًا ولا ذا قرابةٍ إلّا أعطاه من ميراث أبيه. قالا وتلا {وإذا حضر القسمة أولوا القربى} قال القاسم: فذكرت ذلك لابن عبّاسٍ فقال: ما أصاب، ليس ذلك له، إنّما ذلك إلى الوصيّة، وإنّما هذه الآية في الوصيّة يزيد الميّت أن يوصي لهم. رواه ابن أبي حاتمٍ.
ذكر من قال: إنّ هذه الآية منسوخةٌ بالكلّيّة:
قال سفيان الثّوريّ، عن محمّد بن السّائب الكلبيّ، عن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ: {وإذا حضر القسمة} قال: منسوخةٌ.
وقال إسماعيل بن مسلمٍ المكّيّ، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال في هذه الآية: {وإذا حضر القسمة أولوا القربى} نسختها الآية الّتي بعدها: {يوصيكم اللّه في أولادكم}.
وقال العوفي، عن ابن عبّاس في هذه الآية: {وإذا حضر القسمة أولوا القربى} كان ذلك قبل أن تنزل الفرائض، فأنزل اللّه بعد ذلك الفرائض، فأعطى كلّ ذي حقّ حقّه، فجعلت الصّدقة فيما سمى المتوفّى. رواهنّ ابن مردويه.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا الحسن بن محمّد بن الصبّاح، حدّثنا حجّاج، عن ابن جريج وعثمان بن عطاءٍ عن عطاء، عن ابن عبّاسٍ قوله: {وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين} نسختها آية الميراث، فجعل لكلّ إنسانٍ نصيبه ممّا ترك الوالدان والأقربون -ممّا قلّ منه أو كثر -[نصيبًا مفروضًا]
وحدّثنا أسيد بن عاصمٍ، حدّثنا سعيد بن عامرٍ، عن همّامٍ، حدّثنا قتادة، عن سعيد بن المسيّب أنّه قال: « إنّها منسوخةٌ، كانت قبل الفرائض، كان ما ترك الرّجل من مالٍ أعطي منه اليتيم والفقير والمسكين وذوي القربى إذا حضروا القسمة، ثمّ نسخ بعد ذلك، نسختها المواريث، فألحق اللّه بكلّ ذي حق حقّه، وصارت الوصيّة من ماله، يوصي بها لذوي قرابته حيث يشاء ».
وقال مالكٌ، عن الزّهريّ، عن سعيد بن المسيّب: «هي منسوخةٌ، نسختها المواريث والوصيّة».
وهكذا روي عن عكرمة، وأبي الشّعثاء، والقاسم بن محمّدٍ، وأبي صالحٍ، وأبي مالكٍ، وزيد ابن أسلم، والضّحّاك، وعطاءٍ الخراسانيّ، ومقاتل بن حيّان، وربيعة بن أبي عبد الرّحمن: أنّهم قالوا: إنّها منسوخةٌ. وهذا مذهب جمهور الفقهاء والأئمّة الأربعة وأصحابهم.
وقد اختار ابن جريرٍ هاهنا قولًا غريبًا جدًا، وحاصله: أنّ معنى الآية عنده {وإذا حضر القسمة} أي: وإذا حضر قسمة مال الوصيّة أولو قرابة الميّت {فارزقوهم منه وقولوا لهم} لليتامى والمساكين إذا حضروا {قولا معروفًا} هذا مضمون ما حاوله بعد طول العبارة والتّكرار، وفيه نظرٌ، واللّه أعلم.
وقد قال العوفي عن ابن عبّاسٍ: {وإذا حضر القسمة} وهي قسمة الميراث. وهكذا قال غير واحدٍ، والمعنى على هذا لا على ما سلكه أبو جعفر بن جريرٍ، رحمه اللّه، بل المعنى: أنّه إذا حضر هؤلاء الفقراء من القرابة الّذين لا يرثون، واليتامى والمساكين قسمة مالٍ جزيلٍ، فإنّ أنفسهم تتوق إلى شيءٍ منه، إذا رأوا هذا يأخذ وهذا يأخذ وهذا يأخذ، وهم يائسون لا شيء يعطون، فأمر اللّه تعالى -وهو الرّءوف الرّحيم -أن يرضخ لهم شيءٌ من الوسط يكون برًّا بهم وصدقةً عليهم، وإحسانًا إليهم، وجبرًا لكسرهم. كما قال اللّه تعالى: {كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقّه يوم حصاده} وذمّ الّذين ينقلون المال خفيةً؛ خشية أن يطّلع عليهم المحاويج وذوو الفاقة، كما أخبر عن أصحاب الجنّة {إذ أقسموا ليصرمنّها مصبحين} أي: بليلٍ. وقال: {فانطلقوا وهم يتخافتون. أن لا يدخلنّها اليوم عليكم مسكينٌ} {دمّر اللّه عليهم وللكافرين أمثالها} فمن جحد حقّ اللّه عليه عاقبه في أعزّ ما يملكه؛ ولهذا جاء في الحديث: "ما خالطت الصّدقة مالًا إلّا أفسدته" أي: منعها يكون سبب محاق ذلك المال بالكلية). [تفسير القرآن العظيم: 2/219-221]

تفسير قوله تعالى: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (9) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وليخش الّذين لو تركوا من خلفهم ذرّيّةً ضعافًا خافوا عليهم فليتّقوا اللّه} قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس: «هذا في الرّجل يحضره الموت، فيسمعه الرّجل يوصي بوصيّةٍ تضر بورثته، فأمر اللّه تعالى الّذي يسمعه أن يتّقي اللّه، ويوفّقه ويسدّده للصّواب، ولينظر لورثته كما كان يحبّ أن يصنع بورثته إذا خشي عليهم الضّيعة ».
وهكذا قال مجاهدٌ وغير واحدٍ، وثبت في الصّحيحين: أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلم لمّا دخل على سعد بن أبي وقاصٍّ يعوده قال: يا رسول اللّه، إنّي ذو مالٍ ولا يرثني إلّا ابنةً، أفأتصدّق بثلثي مالي؟ قال: «لا». قال: فالشّطر؟ قال: «لا ». قال: فالثّلث؟ قال: « »الثّلث، والثّلث كثيرٌ". ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالةً يتكفّفون النّاس ».
وفي الصّحيح أنّ ابن عبّاسٍ قال: « لو أنّ النّاس غضّوا من الثّلث إلى الرّبع » فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «الثّلث، والثّلث كثيرٌ ».
قال الفقهاء: «إن كان ورثة الميّت أغنياء استحب للميّت أن يستوفي الثّلث في وصيّته وإن كانوا فقراء استحب أن ينقص الثّلث».
وقيل: المراد بقوله: {وليخش الّذين لو تركوا من خلفهم ذرّيّةً ضعافًا خافوا عليهم فليتّقوا اللّه} أي في مباشرة أموال اليتامى {ولا تأكلوها إسرافًا وبدارًا أن يكبروا}.
حكاه ابن جريرٍ من طريق العوفي، عن ابن عبّاسٍ: وهو قولٌ حسنٌ، يتأيّد بما بعده من التّهديد في أكل مال اليتامى ظلمًا، أي: كما تحبّ أن تعامل ذرّيّتك من بعدك، فعامل النّاس في ذرّيّاتهم إذا وليتهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/222]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (10) }.
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ أعلمهم أنّ من أكل مال يتيمٍ ظلمًا فإنّما يأكل في بطنه نارًا؛ ولهذا قال: {إنّ الّذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنّما يأكلون في بطونهم نارًا وسيصلون سعيرًا} أي: إذا أكلوا أموال اليتامى بلا سببٍ، فإنّما يأكلون نارًا تأجّج في بطونهم يوم القيامة. وثبت في الصّحيحين من حديث سليمان ابن بلالٍ، عن ثور بن زيدٍ عن سالمٍ أبي الغيث، عن أبي هريرة، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «اجتنبوا السّبع الموبقات »قيل: يا رسول اللّه، وما هنّ؟ قال: « الشّرك باللّه، والسّحر، وقتل النّفس الّتي حرّم اللّه إلّا بالحقّ وأكل الرّبا، وأكل مال اليتيم، والتولّي يوم الزّحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات ».
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا عبيدة أخبرنا أبو عبد الصّمد عبد العزيز بن عبد الصّمد العمّى، حدثنا أبو هاروي العبدي عن أبي سعيدٍ الخدريّ قال: قلنا: يا رسول الله، ما رأيت ليلة أسري بك؟ قال: « انطلق بي إلى خلقٍ من خلق اللّه كثيرٍ، رجال، كلّ رجلٍ له مشفران كمشفري البعير، وهو موكّل بهم رجالٌ يفكّون لحاء أحدهم، ثمّ يجاء بصخرةٍ من نارٍ فتقذف في في أحدهم حتّى يخرج من أسفله ولهم خوار وصراخ. قلت يا جبريل، من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الّذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنّما يأكلون في بطونهم نارًا وسيصلون سعيرًا ».
وقال السّدّيّ: «يبعث آكل مال اليتيم يوم القيامة ولهب النّار يخرج من فيه ومن مسامعه وأنفه وعينيه، يعرفه من رآه بأكل مال اليتيم ».
وقال أبو بكر ابن مردويه: حدّثنا إسحاق بن إبراهيم بن زيدٍ، حدّثنا أحمد بن عمرٍو، حدّثنا عقبة بن مكرمٍ، حدّثنا يونس بن بكير، حدّثنا زياد بن المنذر، عن نافع بن الحارث عن أبي برزة؛ أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يبعث يوم القيامة القوم من قبورهم تأجّج أفواههم نارًا" قيل: يا رسول اللّه، من هم؟ قال: "ألم تر أنّ اللّه قال: {إنّ الّذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنّما يأكلون في بطونهم نارًا} الآية ».
رواه ابن أبي حاتمٍ، عن أبي زرعة، عن عقبة بن مكرمٍ وأخرجه أبو حاتم بن حبّان في صحيحه، عن أحمد بن عليّ بن المثنّى، عن عقبة بن مكرمٍ.
وقال ابن مردويه: حدّثنا عبد اللّه بن جعفر، أحمد بن عصامٍ حدّثنا أبو عامرٍ العبديّ، حدّثنا عبد اللّه بن جعفرٍ الزّهريّ، عن عثمان بن محمّدٍ، عن المقبريّ، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: « أحرّج مال الضّعيفين: المرأة واليتيم »أي أوصيكم باجتناب مالهما.
وتقدّم في سورة البقرة من طريق عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاسٍ قال: لمّا أنزل اللّه: {إنّ الّذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنّما يأكلون في بطونهم نارًا} انطلق من كان عنده يتيمٌ، فعزل طعامه من طعامه، وشرابه من شرابه، فجعل يفضل الشّيء فيحبس له حتّى يأكله أو يفسد فاشتدّ ذلك عليهم، فذكروا ذلك لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فأنزل اللّه: {ويسألونك عن اليتامى قل إصلاحٌ لهم خيرٌ وإن تخالطوهم فإخوانكم واللّه يعلم المفسد من المصلح} ). [تفسير القرآن العظيم: 2/222-223]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:55 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة