سورة البينة
[ من الآية (6) إلى الآية (8) ]
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (6) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7) جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (8)}
قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (6)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
قوله جلّ وعزّ: (أولئك هم خير البريّة).
قرأ نافع وابن عامر " خير البريئة "، و(شر البريئة) مهموزتين.
وقرأ سائر القراء بغير همز.
قال أبو منصور: من همز (البريئة) جعلها من برئ الله الخلق يبرؤهم، والله البارئ الخالق.
وقال الفراء: جائز أن يكون (البرية) مأخوذة من البري، وهو: التراب). [معاني القراءات وعللها: 3/156] (م)
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (3- ومنها قوله [تعالى]: {خير البرية} [7] {شر البرية} [6].
قرأ نافع وابن عامر: {البريئة} بالهمز من برأ الله الخلق يبرؤهم، والله البارئ المتعالي، والخلق مبرؤون.
وقرأ الباقون: {البرية} بتشديد الياء، فيجوز أن يكونوا أرادوا الهمز فتركوا. ويجوز أن يأخذه من البرى وهو التراب، كما قال: بفيك من سار إلى القوم البري
تقول العرب: «بفيه الحجر» و«بفيه التراب» و«بفيه التورب»، و«التيرب»، و«البري»، و«الكثكث» و«الكلحم»،
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/513]
و«الأثلب»، أي: التراب). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/514] (م)
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قرأ نافع وابن عامر: خير البريئة [البيّنة/ 7] وشر البريئة [البيّنة/ 6] مهموزتين، وقال هشام بن عمّار عن ابن عامر بغير همز، وكذلك قرأ الباقون بغير همز.
قال أبو علي: البريئة من برأ اللّه الخلق، فالقياس فيه الهمزة، إلا أنه مما ترك همزة لقولهم: النبيّ، والذرّية، والخابية، في أنه ترك فيه الهمز، فالهمز فيه كالرد إلى الأصل المتروك في الاستعمال، كما أن من همز النبيء كان كذلك، وترك الهمز فيها أجود، وإن كان الأصل الهمز، لأنه لمّا ترك فيه الهمز صار كردّه إلى الأصول المرفوضة مثل هتنوا وما أشبهه من الأصول التي لا تستعمل، وهمز من همز البريئة يدلّ على فساد قول من قال: إنه من البرى الذي هو التراب، ألا ترى أنه لو كان كذلك لم يجز همز من
همزه على حال، إلا على وجه الغلط، كما حكوا: استلأمت الحجر، ونحو ذلك من الغلط الذي لا وجه له في الهمز). [الحجة للقراء السبعة: 6/428] (م)
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({هم شرّ البريّة} {هم خير البريّة} 7 6
قرأ نافع وابن عامر (خير البريئة) (وشر البريئة) بالهمز وحجتهما أنه من برأ الله الخلق يبرؤهم برءا والله البارئ والخلق يبرؤون والبريئة فعيلة بمعنى مفعولة كقولك قتيل بمعنى مقتول
وقرأ الباقون {خير البريّة} بغير همز وهو من برأ الله الخلق إلّا أنهم خففوا الهمزة لكثرة الاستعمال يقولون هذا خير البريّة وشر البريّة وإن كان الأصل الهمز). [حجة القراءات: 769] (م)
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (قَوْلُهُ: {خَيْرُ الْبَرِيَّةِ، وَشَرُّ الْبَرِيَّةِ} قَرَأَهُمَا نَافِعٌ وَابْنُ ذَكْوَانَ بِالْهَمْزِ فِيهِمَا، عَلَى الأَصْلِ، لأَنَّهُ مِنْ «بَرَأَ اللَّهُ الْخَلْقَ» أَيْ: خَلَقَهُمْ. فَأَصْلُهُ الْهَمْزُ.
وَالْبَرِيَّةُ: الْخَلِيقَةُ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ، مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ، عَلَى تَخْفِيفِ الْهَمْزِ فِيهِ، عَلَى الأُصُولِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَذَلِكَ لِكَثْرَةِ الاسْتِعْمَالِ فِيهِ، فَأَكْثَرُ الْعَرَبِ يَسْتَعْمِلُونَهُ مُخَفَّفَ الْهَمْزَةِ، لِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِهِمْ لَهُ تَخْفِيفًا، فَمِنْ عَادَتِهِمْ إِذَا كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُمْ لِشَيْءٍ أَحْدَثُوا فِيهِ تَخْفِيفًا بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ التَّخْفِيفِ، فَلَمَّا كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُمْ لِهَذِهِ الْكَلِمَةِ، وَكَانَتْ فِيهَا هَمْزَةٌ وَمَدَّةٌ [وَيَاءٌ]، وَرَأَوُا الْهَمْزَ أَثْقَلَ مِنْ غَيْرِهِ خَفَّفُوا الْهَمْزَةَ، فَأَبْدَلُوا مِنْهَا يَاءً، وَأَدْغَمُوا الْيَاءَ الزَّائِدَةَ الَّتِي قَبْلَهَا
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/385]
فِيهَا، عَلَى مَا قَدَّمْنَا مِنْ أُصُولِ تَخْفِيفِ الْهَمْزِ وَعِلَلِهِ. فَالْهَمْزَةُ إِذَا كَانَ قَبْلَهَا حَرْفُ مَدٍّ وَلِينٍ زَائِدٍ لَمْ يَحْسُنْ تَخْفِيفُهَا، إِلاَّ بِبَدَلِ الْهَمْزَةِ بِحَرْفٍ مِنْ جِنْسِ الْحَرْفِ الَّذِي قَبْلَهَا، وإِدْغَامِ مَا قَبْلَهَا فِي الْحَرْفِ الَّذِي أُبْدِلَ مِنْهَا وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا بِعِلَلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَبْوَابِ تَخْفِيفِ الْهَمْزِ. وَمِثْلُ هَذَا الْحَرْفِ فِي تَخْفِيفِهِمْ لِهَمْزَةِ أَكْثَرَ مِنْ تَخْفِيفِهِمْ لِهَمْزَةِ «النَّبِيِّ». وَمِنْ ذَلِكَ إِجْمَاعُهُمْ عَلَى تَخْفِيفِ هَمْزَةِ «الذُّرِّيَّةِ»، إِذَا جَعَلْتَهُ مِنْ «ذَرَأَ إِلَيْهِ الْخَلْقَ»، وَتَخْفِيفِهِمْ لـ «الْخَابِيَةِ» وَهِيَ مِنْ «خَبَّأْتُ»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/386] (م)
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (1- {خَيْرُ الْبَرِيئَةِ} [آيَةُ/7] شَرُّ الْبَرِيئَةِ} [آيَةُ/6] مهموزتان: -
قَرَأَهُمَا نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ.
وَالْوَجْهُ أَنَّ الْهَمْزَ فِيهِمَا هُوَ الأَصْلُ؛ لأَنَّ الْبَرِيئَةَ فَعِيلَةٌ مِنْ قَوْلِهِمْ بَرَأَ اللَّهُ الْخَلْقَ، فَالْقِيَاسُ أَنْ تُهْمَزَ وَإِنْ كَانَ الْقِيَاسُ مَتْرُوكًا فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {الْبَرِيَّةِ} بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ.
وَالْوَجْهُ أَنَّ الْكَلِمَةَ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهَا الْهَمْزَ، فَإِنَّهَا مِمَّا تُرِكَ فِيهِ الْهَمْزُ، وَتَرْكُ الْهَمْزِ فِيهِ أَجْوَدُ مِنْ إِثْبَاتِهِ؛ لأَنَّهُ قَدِ اسْتَمَرَّ فِيهِ تَرْكُ الْهَمْزِ، فَصَارَ الأَصْلُ كَالْمَرْفُوضِ الَّذِي أَوْجَبَ الْقِيَاسُ رَفْضَهُ، كَضَنِنُوا وَمَا أَشْبَهَ، فَالأَحْسَنُ إِذَا
[الموضح: 1386]
تُرِكَ الْهَمْزُ، فَإِنَّ إِثْبَاتَهُ هَاهُنَا كَالرَّدِّ إِلَى الأُصُولِ الْمَرْفُوضَةِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ النَّبِيُّ وَالذُّرِّيَّةُ وَالْخَابِيَةُ). [الموضح: 1387] (م)
قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
قوله جلّ وعزّ: (أولئك هم خير البريّة).
قرأ نافع وابن عامر " خير البريئة "، و(شر البريئة) مهموزتين.
وقرأ سائر القراء بغير همز.
قال أبو منصور: من همز (البريئة) جعلها من برئ الله الخلق يبرؤهم، والله البارئ الخالق.
وقال الفراء: جائز أن يكون (البرية) مأخوذة من البري، وهو: التراب). [معاني القراءات وعللها: 3/156] (م)
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (ومن الشواذ أيضًا في هذه السورة {أولئك هم خيار البرية} [7] كذلك قرأها أبو الأسود الدؤلي بالجمع). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/512]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (3- ومنها قوله [تعالى]: {خير البرية} [7] {شر البرية} [6].
قرأ نافع وابن عامر: {البريئة} بالهمز من برأ الله الخلق يبرؤهم، والله البارئ المتعالي، والخلق مبرؤون.
وقرأ الباقون: {البرية} بتشديد الياء، فيجوز أن يكونوا أرادوا الهمز فتركوا. ويجوز أن يأخذه من البرى وهو التراب، كما قال: بفيك من سار إلى القوم البري
تقول العرب: «بفيه الحجر» و«بفيه التراب» و«بفيه التورب»، و«التيرب»، و«البري»، و«الكثكث» و«الكلحم»،
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/513]
و«الأثلب»، أي: التراب). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/514] (م)
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قرأ نافع وابن عامر: خير البريئة [البيّنة/ 7] وشر البريئة [البيّنة/ 6] مهموزتين، وقال هشام بن عمّار عن ابن عامر بغير همز، وكذلك قرأ الباقون بغير همز.
قال أبو علي: البريئة من برأ اللّه الخلق، فالقياس فيه الهمزة، إلا أنه مما ترك همزة لقولهم: النبيّ، والذرّية، والخابية، في أنه ترك فيه الهمز، فالهمز فيه كالرد إلى الأصل المتروك في الاستعمال، كما أن من همز النبيء كان كذلك، وترك الهمز فيها أجود، وإن كان الأصل الهمز، لأنه لمّا ترك فيه الهمز صار كردّه إلى الأصول المرفوضة مثل هتنوا وما أشبهه من الأصول التي لا تستعمل، وهمز من همز البريئة يدلّ على فساد قول من قال: إنه من البرى الذي هو التراب، ألا ترى أنه لو كان كذلك لم يجز همز من
همزه على حال، إلا على وجه الغلط، كما حكوا: استلأمت الحجر، ونحو ذلك من الغلط الذي لا وجه له في الهمز). [الحجة للقراء السبعة: 6/428] (م)
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (قال عامر بن عبد الواحد: سمعت إماما لأهل مكة يقرأ: [أُولَئِكَ هُمْ خِيَارُ الْبَرِيَّةِ].
قال أبو الفتح: يجوز أن يكون خيار، جمع خير، فيكسر فيعل على فعال، كما كسر فاعل على فعال، نحو صائم وصيام، وقائم وقيام، ونظيره كيس، وكياس.
ويجوز أن يكون جمع خائر، كقولك: خرت الرجل فهو مخير، وأنا خائر له، فيكون على هذا أيضا كقائم وقيام.
ويجوز أن يكون جمع خبر الذي هو ضد الشر، كقولك: هذا الرجل مجبول من خير، ومطين من عقل.
ويجوز وجه غير هذه، وهو أن يكون جمع خير من قولك: هذا خير من هذا وأصله أفعل: أخير، فيكسر على فعال. فقد جاء تكسير أفعل فعالا، قالوا: أبخل وبخال). [المحتسب: 2/369]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({هم شرّ البريّة} {هم خير البريّة} 7 6
قرأ نافع وابن عامر (خير البريئة) (وشر البريئة) بالهمز وحجتهما أنه من برأ الله الخلق يبرؤهم برءا والله البارئ والخلق يبرؤون والبريئة فعيلة بمعنى مفعولة كقولك قتيل بمعنى مقتول
وقرأ الباقون {خير البريّة} بغير همز وهو من برأ الله الخلق إلّا أنهم خففوا الهمزة لكثرة الاستعمال يقولون هذا خير البريّة وشر البريّة وإن كان الأصل الهمز). [حجة القراءات: 769] (م)
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (قَوْلُهُ: {خَيْرُ الْبَرِيَّةِ، وَشَرُّ الْبَرِيَّةِ} قَرَأَهُمَا نَافِعٌ وَابْنُ ذَكْوَانَ بِالْهَمْزِ فِيهِمَا، عَلَى الأَصْلِ، لأَنَّهُ مِنْ «بَرَأَ اللَّهُ الْخَلْقَ» أَيْ: خَلَقَهُمْ. فَأَصْلُهُ الْهَمْزُ.
وَالْبَرِيَّةُ: الْخَلِيقَةُ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ، مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ، عَلَى تَخْفِيفِ الْهَمْزِ فِيهِ، عَلَى الأُصُولِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَذَلِكَ لِكَثْرَةِ الاسْتِعْمَالِ فِيهِ، فَأَكْثَرُ الْعَرَبِ يَسْتَعْمِلُونَهُ مُخَفَّفَ الْهَمْزَةِ، لِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِهِمْ لَهُ تَخْفِيفًا، فَمِنْ عَادَتِهِمْ إِذَا كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُمْ لِشَيْءٍ أَحْدَثُوا فِيهِ تَخْفِيفًا بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ التَّخْفِيفِ، فَلَمَّا كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُمْ لِهَذِهِ الْكَلِمَةِ، وَكَانَتْ فِيهَا هَمْزَةٌ وَمَدَّةٌ [وَيَاءٌ]، وَرَأَوُا الْهَمْزَ أَثْقَلَ مِنْ غَيْرِهِ خَفَّفُوا الْهَمْزَةَ، فَأَبْدَلُوا مِنْهَا يَاءً، وَأَدْغَمُوا الْيَاءَ الزَّائِدَةَ الَّتِي قَبْلَهَا
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/385]
فِيهَا، عَلَى مَا قَدَّمْنَا مِنْ أُصُولِ تَخْفِيفِ الْهَمْزِ وَعِلَلِهِ. فَالْهَمْزَةُ إِذَا كَانَ قَبْلَهَا حَرْفُ مَدٍّ وَلِينٍ زَائِدٍ لَمْ يَحْسُنْ تَخْفِيفُهَا، إِلاَّ بِبَدَلِ الْهَمْزَةِ بِحَرْفٍ مِنْ جِنْسِ الْحَرْفِ الَّذِي قَبْلَهَا، وإِدْغَامِ مَا قَبْلَهَا فِي الْحَرْفِ الَّذِي أُبْدِلَ مِنْهَا وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا بِعِلَلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَبْوَابِ تَخْفِيفِ الْهَمْزِ. وَمِثْلُ هَذَا الْحَرْفِ فِي تَخْفِيفِهِمْ لِهَمْزَةِ أَكْثَرَ مِنْ تَخْفِيفِهِمْ لِهَمْزَةِ «النَّبِيِّ». وَمِنْ ذَلِكَ إِجْمَاعُهُمْ عَلَى تَخْفِيفِ هَمْزَةِ «الذُّرِّيَّةِ»، إِذَا جَعَلْتَهُ مِنْ «ذَرَأَ إِلَيْهِ الْخَلْقَ»، وَتَخْفِيفِهِمْ لـ «الْخَابِيَةِ» وَهِيَ مِنْ «خَبَّأْتُ»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/386] (م)
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (1- {خَيْرُ الْبَرِيئَةِ} [آيَةُ/7] شَرُّ الْبَرِيئَةِ} [آيَةُ/6] مهموزتان: -
قَرَأَهُمَا نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ.
وَالْوَجْهُ أَنَّ الْهَمْزَ فِيهِمَا هُوَ الأَصْلُ؛ لأَنَّ الْبَرِيئَةَ فَعِيلَةٌ مِنْ قَوْلِهِمْ بَرَأَ اللَّهُ الْخَلْقَ، فَالْقِيَاسُ أَنْ تُهْمَزَ وَإِنْ كَانَ الْقِيَاسُ مَتْرُوكًا فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {الْبَرِيَّةِ} بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ.
وَالْوَجْهُ أَنَّ الْكَلِمَةَ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهَا الْهَمْزَ، فَإِنَّهَا مِمَّا تُرِكَ فِيهِ الْهَمْزُ، وَتَرْكُ الْهَمْزِ فِيهِ أَجْوَدُ مِنْ إِثْبَاتِهِ؛ لأَنَّهُ قَدِ اسْتَمَرَّ فِيهِ تَرْكُ الْهَمْزِ، فَصَارَ الأَصْلُ كَالْمَرْفُوضِ الَّذِي أَوْجَبَ الْقِيَاسُ رَفْضَهُ، كَضَنِنُوا وَمَا أَشْبَهَ، فَالأَحْسَنُ إِذَا
[الموضح: 1386]
تُرِكَ الْهَمْزُ، فَإِنَّ إِثْبَاتَهُ هَاهُنَا كَالرَّدِّ إِلَى الأُصُولِ الْمَرْفُوضَةِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ النَّبِيُّ وَالذُّرِّيَّةُ وَالْخَابِيَةُ). [الموضح: 1387] (م)
قوله تعالى: {جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (8)}
روابط مهمة:
- أقوال المفسرين