العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > توجيه القراءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 04:01 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي توجيه القراءات في سورة النساء

توجيه القراءات في سورة النساء


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 04:02 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

مقدمات توجيه القراءات في سورة النساء
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (سورة النّساء). [معاني القراءات وعللها: 1/289]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (ومن السورة التي تُذكر فيها (النساء) ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/127]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): ( [سورة النساء]
ذكر اختلافهم في سورة النساء). [الحجة للقراء السبعة: 3/118]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): ( [آخر الكلام في سورة النساء]). [الحجة للقراء السبعة: 3/194]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (سورة النساء). [المحتسب: 1/179]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : (4- سورة النساء). [حجة القراءات: 188]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (سورة النساء). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/375]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (سورة النسَاء). [الموضح: 401]

عد الآي:
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (وهي مائة آية وخمس وسبعون في المدني وست في الكوفي). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/375]

الياءات المحذوفة
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وحذفت من هذه السورة ياء قوله: (وسوف يؤت اللّه المؤمنين... (146)
أثبتها يعقوب في الوقف، وحذفها الباقون في الوصل والوقف، ولا يثبت في الوصل لسكونها وسكون اللام الأول من اسم (اللّه) ). [معاني القراءات وعللها: 1/323]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (فيها ياء واحدة حذفت في الخط، وهي {وَسَوْفَ يُؤْتِ الله الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا}.
إن وقف عليه واقف في قراءة يعقوب وقف بالياء، ولا وقف ههنا.
والوجه أن يعقوب يذهب إلى إثبات الياء فيها، وهكذا ينبغي أن يكون؛ لأنه لا يقتضي لحذف الياء ههنا إلا على مذهب من يقول: لو تر أهل مكة، و:-
27- وصّاني العَجّاجُ فيما وصّني
وليس ذلك بمطردٍ ولا بكثيرٍ، فالأصل إثبات الياء في {يُؤْتِ الله} إلا أنها سقطت ههنا لالتقاء الساكنَيْنِ، وإذا وقف عليها واقف تثبت في الوقف، هذا هو القياس، ومن حذفها في الوقف ذهب إلى أن الوقف موضع حذفٍ وتغيير، والذي ذكرنا من الوقف على هذه الكلمة على تقدير أنه لو لم يكن في هذا الموضع لكان حكمه هذا، فأما في هذا الموضع فلا يجوز الوقف). [الموضح: 434]

الياءات:
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (لم يختلف فيها في ياء إضافة ولا زائدة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/403] (م)

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 04:03 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النساء
[ الآية (1) ]
بسم الله الرحمن الرحيم

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1)}

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
قول الله جلّ وعزّ: (واتّقوا اللّه الّذي تساءلون به والأرحام... (1).
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر ويعقوب: (تسّاءلون به).
وقرأ الكوفيون: (تساءلون) مخففة بفتح السين، وروى علي ابن نصر وهارون وعبيد وخارجة وعلي بن الفضل عن أبي عمرو: (تساءلون) خفيفة، وروى عباس وأبو زيد عنه: إن شئت شددت، وإن شئت خففت.
قال الأزهري: من قرأ (تسّاءلون) بتشديد السين فالأصل: تتساءلون، فأدغمت التاء الثانية في السين، وشددت،
[معاني القراءات وعللها: 1/289]
ومن قرأ (تساءلون) فالأصل أيضًا - تتساءلون، فحذفت إحدى التاءين استثقالاً للجمع بينهما، ومعناهما واحد: تطلبون به حقوقكم.
واتفق القراء على نصب (والأرحام) إلا حمزة فإنه خفض الميم نسقًا على الهاء في (به).
قال أبو منصور: القراءة الجيدة (والأرحام) بالنصب، المعنى: اتقوا الأرحام أن تقطعوها، وأمّا خفض الأرحام على قراءة حمزة فهي ضعيفة عند جميع النحويين، غير جائزة إلا في اضطرار الشعر، لأن العرب لا تعطف على المكنيّ إلا بإعادة الخافض، وقد أنشد الفراء بيتا في جوازه:
تعلّق في مثل السّواري سيوفنا... وما بينها والأرض غوطٌ نفانفٌ
[معاني القراءات وعللها: 1/290]
والكلام وجهه (وما بينها وبين الكعب)، فاضطره الشعر إلى جوازه.
وخفض (الأرحام) خطأ أيضًا وأمر الدين عظيم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تحلفوا بآبائكم).
فلا يجوز أن تتساءلوا بالله وبالرحم على عادة كلام العرب، أي: نهى النبي عن الحلف بغير الله). [معاني القراءات وعللها: 1/291]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (1- قوله تعالى: {تسآءلون به والأرحام} [1].
قرأ حمزة والكسائي وعاصم (تساءلون به) مخففة، وكان أبو عمرو يخير في التشديد والتخفيف. وقرأ الباقون مشددًا، والأصل في القراءتين (تتساءلون) بتاءين، فمن خفف أسقط تاء، ومن شدد أدغم التاء في السين، فالتاء الأولى للاستقبال والثانية هي التي كانت مع الماضي، قال سيبويه رضي الله عنه: المحذوفة الثانية. وقال هشام: الأولى. وقال الفراء: لا تبالي أيهما حذفت.
وقرأ حمزة وحده {والأرحام} بالجر أراد: تساءلون به وبالأرحام فأضمر الخافض على قول العجاج أنه كان إذا سُئل كيف تجدك قال: خير عافاك الله، يريد: بخير.
وقرأ الباقون بالنصب، اتقوا الله واتقوا الأرحام أن تقطعوها. قالوا: ويبطُلُ الخفضُ من جهات.
إحداها: أن ظاهر المخفوض لا يعطف على مكنية، لا يقال: مررت بك وزيد؛ لأن المضاف والمضاف إليه كالشيء الواحد إلا ضرورة لشاعر كما قال:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/127]
نعلق في مثل السواري سيوفنا = وما بينها والكعب غوط نفانف
وزعم البصريون جميعًا أنه لحن.
قال ابن خالويه رحمه الله: وليس لحنًا عندي؛ لأن ابن مجاهد حدثنا بإسناد يعزيه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قرأ: {والأرحام} ومع ذلك فإن حمزة كان
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/128]
لا يقرأ حرفًا إلا بأثر. غير أن من أجاز الخفض في {الأرحام} أجمع مع من لم يجز أن النصب هو الاختيار). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/129]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في تشديد السين وتخفيفها من قوله تعالى: تسائلون به [النساء/ 1].
فقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر: تساءلون* مشدّدة.
وقرأ عاصم وحمزة والكسائيّ: تساءلون مخفّفة.
[الحجة للقراء السبعة: 3/118]
واختلف عن أبي عمرو، فروى علي بن نصر وهارون بن موسى، وعبيد بن عقيل وعبد الوهاب بن عطاء عنه، والواقدي عن عدي بن الفضل، وخارجة بن مصعب، عنه: تساءلون مخففة. وروى اليزيديّ وعبد الوارث عنه: تساءلون* مشدّدة وروى أبو زيد عنه التخفيف والتشديد. وقال عباس عنه: إن شئت خفّفت، وإن شئت شدّدت قال: وقراءته التخفيف.
قال أبو علي: من ثقّل تساءلون* أراد: تتساءلون فأدغم التاء في السين، وإدغامها في السين حسن لاجتماعهما في أنّهما من حروف طرف اللسان وأصول الثنايا، واجتماعهما في الهمس. ومن خفّف فقال: تساءلون، حذف تاء تتفاعلون لاجتماع حروف متقاربة، فأعلّها بالحذف، كما أعلّ بالإدغام في قول من قال:
تسّاءلون، وإذا اجتمعت المتقاربة خفّفت بالحذف والإدغام
[الحجة للقراء السبعة: 3/119]
والإبدال. فالإبدال كقولهم: طست، أبدلت من السين الثانية التاء لتقاربهما واجتماعهما في الهمس، قال العجاج:
أأن رأيت هامتي كالطّست وأنشد أبو عثمان:
لو عرضت لأيبليّ قسّ... أشعث في هيكله مندسّ
حنّ إليها كحنين الطّسّ). [الحجة للقراء السبعة: 3/120]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في نصب الميم وكسرها من قوله [جلّ وعزّ]: والأرحام [النساء/ 1].
فقرأ حمزة وحدة: والأرحام بالخفض.
وقرأ الباقون: والأرحام نصبا.
قال أبو علي: من نصب الأرحام احتمل انتصابه وجهين:
أحدهما: أن يكون معطوفا على موضع الجار والمجرور، والآخر:
أن يكون معطوفا على قوله: واتقوا، التقدير: اتقوا الله الذي تساءلون به. واتقوا الأرحام أي اتقوا حقّ الأرحام فصلوها ولا تقطعوها.
وأمّا من جرّ الأرحام فإنّه عطفه على الضمير المجرور بالباء.
وهذا ضعيف في القياس، وقليل في الاستعمال. وما كان كذلك فترك الأخذ به أحسن. فأما ضعفه في القياس: فإن الضمير قد صار
[الحجة للقراء السبعة: 3/121]
عوضا مما كان متصلا باسم نحو غلامه وغلامك، وغلامي، من التنوين فقبح أن يعطف عليه كما لا تعطف الظاهر على التنوين.
ويدلك على أنّه قد جرى عندهم مجرى التنوين حذفهم الياء من المنادى المضاف إليه كحذفهم التنوين، وذلك قولهم: يا غلام، وهو الأكثر من غيره في الاستعمال وجهة الشبه بينهما أنّه على حرف، كما أنّ التنوين كذلك، واجتماعهما في السكون، وأنه لا يوقف على اسم منفصلا منه، كما أنّ التنوين كذلك، فلما اجتمعا في هذه المعاني جعل بمنزلته في الحذف.
فإن قال قائل: فهلا قبح أيضا عطف الظاهر المجرور على الظاهر المجرور، لأنّه أيضا عوض من التنوين وفي محله؟
فالقول في ذلك: أن المضمر أذهب في مشابهة التنوين من المظهر، ألا ترى أنه لا ينفصل من الاسم، كما أنّ التنوين لا ينفصل ولا يوقف عليه، كما لا يوقف على بعض أجزاء الكلم دون تمامها، وليس الظاهر كذلك، ألا ترى أنّه قد يفصل بين المضاف والمضاف إليه إذا كان المضاف إليه ظاهرا بالظروف وبغيرها نحو:
[الحجة للقراء السبعة: 3/122]
كأنّ أصوات- من إيغالهنّ بنا-* أواخر الميس إنقاض الفراريج ونحو:
... من قرع القسيّ الكنائن
[الحجة للقراء السبعة: 3/123]
فليس المضمر في هذا كالظاهر، فلما صار كذلك لم يستجيزوا عطف الظاهر عليه، لأن المعطوف ينبغي أن يكون مشاكلا للمعطوف عليه، ألا تراهم قالوا:
ولولا رجال من رزام أعزّة... وآل سبيع أو أسوءك علقما
لمّا كان أسوأ فعلا، وما قبله اسم، أضمر أن ليعطف شكلا
[الحجة للقراء السبعة: 3/124]
على شكله. وكذلك قوله تعالى: وكلا ضربنا له الأمثال [الفرقان/ 39] ويدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما [الإنسان/ 31] فكما روعي التشاكل في هذه المواضع في المعطوف، وفي غيرها، كذلك روعي في المضمر المجرور فلم يعطف عليه المظهر المجرور، لخروج المعطوف عليه من شبه الاسم إلى شبه الحرف.
ومما يبين ذلك أنهم لم يستحسنوا عطف الظاهر المرفوع على المضمر المرفوع حتى يؤكّد، فيقع العطف في اللفظ على المضمر المنفصل الذي يجري مجرى الأجنبي، وذلك نحو: أذهب وزيد وذهبت وزيد، ولا يستحسنون ذلك حتى يؤكّدوه فيقولوا: اذهب أنت وزيد، وذهبت أنا وزيد، لأنه لما اختلط الاسم بالفعل حتى صار كبعض أجزائه لوقوع إعرابه بعده في نحو: تفعلين، وتفعلان، وتفعلون. ولإسكانهم الآخر منه، إذا اتصل بالضمير مع تحريكهم نحو: علبط لم يستجيزوا العطف عليه في حال السّعة إلّا بالتأكيد، ليقع العطف عليه في اللفظ، فلا يكون كأنه عطف اسما على فعل كما يصير في المجرور كأنه عطف اسما على تنوين. وإذا اتصل علامة الضمير المجرور بالحرف كان كاتصاله بالاسم، ألا ترى أنه لا ينفصل من الحرف كما لا ينفصل من الاسم، ولا يفصل بينهما كما لا يفصل بينهما إذا اتصل بالاسم، فلا فصل بين اتصاله بالحرف
[الحجة للقراء السبعة: 3/125]
واتصاله بالاسم من حيث ذكرنا. فإن قال قائل: هلّا جاز أن يعطف الظاهر المجرور على المضمر المجرور، كما جاز أن يؤكد بالنفس وغيره من التأكيد. قيل: لم يجز العطف من حيث جاز التأكيد، لأن العطف تقدير حرفه أن يقوم مقام الذي يعطف عليه، فإن كان المعطوف فعلا كان في تقدير الفعل، وإن كان اسما كان في تقدير الاسم، وكذلك إن كان حرفا، وإذا كان كذلك وكان المضمر المجرور قد خرج عن شبه الاسم وصار بمنزلة الحرف بدلالة أنه لا ينفصل مما اتصل به، كما أن التنوين لا ينفصل، ويحذف في النداء في الاختيار، كما يحذف، وامتنع أن يفصل بينه وبينه في الشعر كما يفصل ذلك في المظهر، لم يجز العطف فيه، لأن حرف العطف لمّا خرج الاسم الذي يعطف عليه في حكم اللفظ عن حكم الأسماء، لم يصح العطف عليه، لأنّك إنما تعطف عليه لإقامتك إياه مقام الاسم، فإذا خرج عن شبه الاسم لم يقم حرف العطف مقام الاسم لخروج المعطوف عليه عن ذلك، وليس التأكيد كذلك، لأنك لو حملت التأكيد على نفس العامل في المجرور لم يمتنع، فليس ضعف المؤكّد بحرف التأكيد بأبعد من أن لا يكون في الكلام، فلذلك جاز التأكيد بالنفس وسائر حروف التأكيد، ولم يجز العطف.
ومما يتعلق بهذا الباب قوله تعالى: يسئلونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به [البقرة/ 217] لا يخلو ارتفاع قوله: وصد عن سبيل الله من أن يكون بالعطف على الخبر الذي هو كبير كأنه:
[الحجة للقراء السبعة: 3/126]
قتال فيه كبير، وصد وكفر، أي: القتال قد جمع أنه كبير وأنه صد وكفر. أو يكون مرتفعا بالابتداء وخبره محذوف، لدلالة كبير المتقدم عليه، كأنه قال: والصدّ كبير، كقولك: زيد منطلق وعمرو أو يكون مرتفعا بالابتداء والخبر المظهر، فيكون الصدّ ابتداء، وما بعده من قوله: وكفر به وإخراج أهله يرتفع بالعطف على الابتداء، والخبر قوله: أكبر عند الله، فلا يجوز الوجهان الأولان، وهما جميعا قد أجازهما الفراء.
أما الوجه الأول فلأنّ المعنى يصير: قل: قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله كبير، والقتال، وإن كان كبيرا ويمكن أن يكون صدا لأنه ينفّر الناس عنه، فلا يجوز أن يكون كفرا. ألا ترى أن أحدا من المسلمين لم يقل ذلك، ولم يذهب إليه؟ فلا يجوز أن يكون خبر المبتدأ شيئا لا يكون المبتدأ. ويمنع من ذلك أيضا قوله بعد: وإخراج أهله منه أكبر عند الله [البقرة/ 217] ومحال أن يكون إخراج أهله منه أكبر من الكفر، لأنه لا شيء أعظم منه.
ويمتنع الوجه الثاني أيضا، لأن التقدير فيه يكون: قتال فيه كبير وكبير الصد عن سبيل الله والكفر به. وكذلك مثّله الفراء وقدّره، وإذا صار كذلك، صار المعنى: وإخراج أهل المسجد الحرام أكبر عند الله من الكفر، فيكون بعض خلال الكفر أعظم منه كله، وإذا كان كذلك امتنع كما امتنع الأول، وإذا امتنع هذان ثبت الوجه الثالث: وهو: أن يكون قوله: وصدّ عن سبيل الله ابتداء، وكفر به،
[الحجة للقراء السبعة: 3/127]
وإخراج أهله منه، معطوفان عليه، وأكبر: خبر. فيكون المعنى: صدّ عن سبيل الله أي: منعهم لكم أيها المسلمون عن سبيل الله وعن المسجد الحرام، وإخراجكم منه وأنتم ولاته، والذين هم أحقّ به منهم، وكفر بالله أكبر من قتال في الشهر الحرام. وهذا القتال في الشهر الحرام هو ما عابه المشركون على المسلمين من قتل عبد الله بن جحش وأصحابه من المهاجرين عمرو بن الحضرمي [وصاحبه لما]، فصلا من الطائف في عير في آخر جمادى وأول رجب وأخذهم العير، وهو أوّل من قتل من المشركين فيما روي، وأوّل فيء أصابه المسلمون فهذا هو التأويل لا الوجهان الأوّلان.
وأما قوله: والمسجد الحرام، فزعم الفراء أنّه محمول على قوله: يسألونك عن القتال وعن المسجد الحرام، هذا لفظه.
وهذا أيضا ممتنع، لأنه لم يكن السؤال عن المسجد الحرام، وإنّما السؤال عن قتال ابن جحش ابن الحضرمي وأصحابه الذين عابهم به المشركون وعيّروهم فقالوا: إنّكم استحللتم الشهر الحرام، وهو رجب، فقتلتم فيه. فعن هذا كان السؤال، لا عن المسجد الحرام. فإذا لم يجز هذا الوجه، لم يجز حمله أيضا فيمن جوز عطف
[الحجة للقراء السبعة: 3/128]
الظاهر على المضمر المجرور، فيكون محمولا على الضمير في به* لأن المعنى ليس على كفر بالله أو بالنبي. والمسجد ثبت أنه معطوف على عن* من قوله: وصد عن سبيل الله وعن المسجد الحرام، لأن المشركين صدّوا المسلمين عنه كما قال الله عزّ وجلّ: إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام [الحج/ 25] فكما أن المسجد الحرام في هذه الآية محمول على عن* المتصلة بالصدّ بلا إشكال، كذلك في مسألتنا في هذه الآية). [الحجة للقراء السبعة: 3/129]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (من ذلك قراءة أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد: [الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامُ] رفعًا، قراءة ثالثة.
قال أبو الفتح: ينبغي أن يكون رفعه على الابتداء وخبره محذوف؛ أي: والأرحام مما يجب أن تتقوه، وأن تحتاطوا لأنفسكم فيه، وحسن رفعه لأنه أوكد في معناه، ألا ترى أنك إذا قلت: ضربت زيدًا، فزيد فضلة على الجملة، وإنما ذكر فيه مرة واحدة، وإذا قلت: زيد ضربته، فزيد رب الجملة، فلا يمكن حذفه كما يحذف المفعول على أنه نيِّف وفضلة بعد استقلال الجملة؟ نعم، ولزيد فيها ذكران:
أحدهما: اسمه الظاهر، والآخر: ضميره وهو الهاء. ولما كانت الأرحام فيما يُعنى به ويُقَوَّى الأمر في مراعاته؛ جاءت بلفظ المبتدأ الذي هو أقوى من المفعول.
وإذا نُصبت الأرحام أو جُرت فهي فضلة، والفضلة متعرضة للحذف والبِذْلة.
فإن قلت: فقد حُذف خبر الأرحام أيضًا على قولك، وقيل: أجل؛ ولكنه لم يحذف إلا بعد العلم به، ولو قد حُذفت الأرحام منصوبة أو مجرورة فقلت: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ} لم يكن في الكلام دليل على الأرحام أنها مرادة أو مقدرة، وكلما قويت الدلالة على
[المحتسب: 1/179]
المحذوف كان حذفه أسوغ، ونحو من رفع الأرحام هنا بعد النصب والجر قول الفرزدق:
يأيها المشتكي عُكْلًا وما جَرَمت ... إلى القبائل من قتل وإبآسُ
إنا كلك إذ كانت هَمرَّجةٌ ... نَسْبِي ونَقْتُل حتى يُسْلمَ الناس
أي: من قتل وإبآس أيضًا كذلك، فقوَّى لفظه بالرفع؛ لأنه أذهب في شكواه إياه، وعليه أيضًا قوله:
إلا مُسْحَتا أو مُجَلَّف
فيمن قال: أراد أو مجلَّف كذاك.
ومَن حمله على المعنى فرفعه وقال: إذا لم يَدَع إلا مسحتا فقد بقي المسحت وبقي أيضًا المجلَّف، سلك فيه غير الأول). [المحتسب: 1/180]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({... واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام} 1
قرأ عاصم وحمزة والكسائي: (تَسَاءلون به) بالتخفيف.
وقرأ الباقون بالتشديد (تسَّاءلون). والأصل (تتساءلون)، فأدغمت التاء في السين، لقرب مكان هذه من هذه. ومن قرأ: (تساءلون) بالتخفيف فالأصل أيضاً (تتساءلون) إلا أن التاء الثانية حذفت لاجتماع التاءين وذلك مستثقل في اللفظ فوقع الحذف استخفافا، لأن الكلام غير ملتبس. ومعنى (تساءلون به) تطلبون حقوقكم به.
قرأ حمزة: (والأرحامِ) خفضا. وقرأ الباقون (والأرحامَ) نصبا. والمعنى: اتقوا الأرحام أن تقطعوها، أي صلوها. ويجوز أن يكون معطوفاً على موضع الجار والمجرور.
قال أهل النحو: يبطل الخفض من وجهين: أحدهما ما روي عن النبي صلى الله عليه قال: ((لا تحلفوا بآبائكم))، فكيف يكون (تساءلون به وبالرحم) ينهى عن الشيء ويؤتى به؟ والوجه الثاني: ما ذكره الزجاج قال: (أما العربية فإجماع النحويين أنه يقبح أن
[حجة القراءات: 188]
ينسق باسم ظاهر على اسم مضمر في حال الخفض إلّا بإظهار الخافض يستقبح النحويون مررت به وزيد ومررت بك وزيد إلّا مع إظهار الخافض حتّى يقولوا بك وبزيد وقد فسر المازني هذا تفسيرا
[حجة القراءات: 189]
مقنعا فقال الثّاني في العطف شريك للأول فإن كان الأول يصلح أن يكون شريكا للثّاني وإلّا لم يصلح أن يكون الثّاني شريكا له قال فكما لا نقول مررت بزيد وك فكذلك لا نقول مررت بك وزيد
ومن قرأ {والأرحام} فالمعنى تساءلون به وبالأرحام وقال أهل التّفسير وهو قوله أسالك باللّه والرحم وقد أنكروا هذا وليس بمنكر لأن الأئمّة أسندوا قراءتهم إلى النّبي صلى الله عليه وأنكروا أيضا أن الظّاهر لا يعطف على المضمر المجرور إلّا بإظهار الخافض وليس بمنكر وإنّما المنكر أن يعطف الظّاهر على المضمر الّذي لم يجر له ذكر فتقول مررت به وزيد وليس هذا بحسن فأما أن يتقدّم للهاء ذكر فهو حسن وذلك عمرو مررت به وزيد فكذلك الهاء في قوله {تساءلون به} وتقدم ذكرها وهو قوله {واتّقوا الله} ومثله قول الشّاعر
فاليوم أصبحت تهجونا وتشتمنا ... فاذهب فما بك والأيّام من عجب). [حجة القراءات: 190]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (1- قوله: {تساءلون} قرأه الكوفيون مخففا، على حذف إحدى التاءين اللتين هما أصله، تخفيفًا؛ لأنه اجتمع مثلان، والسين قريبة منهما، فكان ثلاثة أمثال، فلو أعله بالإدغام لم ينقص عدد الأمثال، إذ يصير اللفظ بتاء وسينين، فلم يكن، عند إرادة التخفيف، بدّ من الحذف، وقد ذكرنا الاختلاف في المحذوف منهما عند قوله: {تظاهرون عليهم} وشدد الباقون على إدغام التاء الثانية في السين، وهو الأصل، وهو الاختيار، وقوي الإدغام، لأن التاء والسين من حروف طرف اللسان وأصول الثنايا، ولأ،هما مهوسان، ولأن التاء تنتقل إلى قوة مع الإدغام؛ لأنك تبدل منها حرفًا فيه صفير، وذلك قوة في الحرف، وهو مثل «تظاهرون» في الحجة والعلة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/375]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (2- قوله: {والأرحام} قرأه حمزة بالخفض على العطف على الهاء في «به»، وهو قبيح عند البصريين، قليل في الاستعمال، بعيد في القياس، لأن المضمر في «به» عوض من التنوين، ولأن المضمر المخفوض لا ينفصل عن الحرف، ولا يقع بعد حرف العطف، ولأن المعطوف والمعطوف عليه شريكان،
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/375]
يحسن في أحدهما ما يحسن في الآخر، ويقبح في أحدهما ما يقبح في الآخر، فكما لا يجوز: واتقوا الله الذي تساءلون بالأرحام، فكذلك لا يحسن: تساءلون به والأرحام، فإن أعدت الخافض حسن، وقرأ الباقون {والأرحام} بالنصب على العطف على اسم الله جل ذكره، على معنى: واتقوا الأرحام أن تقطعوها، ويجوز أن يكون معطوفًا على موضع الجار والمجرور، لأن ذلك في موضع نصب، كما تقول: مررت بزيد وعمرا، لأن معنى «مرت بزيد» لابست زيدًا، فهو في موضع نصب فحمل {والأرحام} على المعنى، فنصب، هو الاختيار، لأنه الأصل، وهو المستعمل، وعليه تقوم الحجة، وهو القياس، وعليه كل القراء). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/376]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (1- {تَسآءَلُونَ} [آية/ 1]:-
بفتح السين وتخفيفها وبألفٍ قبل الهمزة، قرأها الكوفيون.
والأصل: تتساءلون، فحذف إحدى التاءين وهي الثانية استثقالاً لاجتماع حروفٍ متقاربةٍ، أعلوها بالحذف، كما أعلها آخرون بالإدغام.
وقرأ الباقون {تَسَّاءَلُونَ} بتشديد السين.
والمراد تتساءلون، فأدغم التاء في السين لاجتماعهما في أنهما من حروف طرف اللسان وأصول الثنايا، وأنهما مهموسان). [الموضح: 401]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (2- {والأرْحَامِ} [آية/ 1]:-
بالخفض، قرأها حمزة وحده.
[الموضح: 401]
وهو ضعيف؛ لأنه عطفة على الضمير المجرور بالباء، وهذا يضعف من جهة القياس والاستعمال جميعًا.
أما من حيث القياس فلأن الضمير هو عوض عما كان متصلاً بالاسم من التنوين في نحو غلامه وغلامك وغلامي، بدلالة حذفهم الياء في المنادى نحو: يا غلام أقبل، كحذفهم التنوين، وهو أكثر من إثبات الياء في الاستعمال، فكما لا يعطف في الظاهر على التنوين، كذلك يقبح أن يعطف على الضمير، ثم إن الجار مع الضمير المجرور كالشيء الواحد لتلازمهما، فلو عطفت عليه لكنت عاطفًا على بعض الكلمة.
وأما من حيث الاستعمال فإن العرب لا تستعمل ذلك في حال الاختيار والسعة، وقد جاء في ضرورة الشعر، أنشد الفراء:-
تعلق في مثل السواري بيوتنا = وما بينها والكعب غوط نفانف
[الموضح: 402]
وقرأ الباقون {وَالأَرْحَامَ} بالنصب.
يجوز أن يكون نصبًا بالعطف على موضع الجار والمجرور، ويجوز أن يكون نصبه بالعطف على [مفعول] قوله {اتّقوا}، والتقدير: اتقوا الله واتقوا الأرحام أي حق الأرحام، فصلوها ولا تقطعوها). [الموضح: 403]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 4 صفر 1440هـ/14-10-2018م, 09:15 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النساء
[ من الآية (2) إلى الآية (4) ]

{وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا (2) وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ (3) وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا (4)}

قوله تعالى: {وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا (2)}

قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ (3)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك ما رواه المفضل عن الأعمش عن يحيى وإبراهيم وأصحابه: [ألا تَقْسِطُوا] بفتح التاء.
قال ابن مجاهد: ولا أصل له.
قال أبو الفتح: هذا الذي أنكره ابن مجاهد مستقيم غير منكر؛ وذلك على زيادة "لا"، حتى كأنه قال: وإن خفتم أن تَقْسطوا في اليتامى؛ أي: تجوروا. يقال: قسط: إذا جاز، وأقسط: إذا عدل. قال الله جل وعلا: {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا}، وزيادة "لا" قد شاعت عنهم واتسعت، منه قوله تعالى: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ}، وقوله: {وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا
[المحتسب: 1/180]
إِذَا جَاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ}، فيمن ذهب إلى زيادة "لا"، وقال: معناه: وما يشعركم أنها إذا جاءت يؤمنون، وعليه قول الراجز:
وما ألوم البِيضَ ألَّا تَسْخَرَا ... إذا رأين الشَّمَطَ القَفَنْدَرا
أي: أن تسخر، والأمر فيه أوسع، فبهذا يعلم صحة هذه القراءة). [المحتسب: 1/181]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك ما رواه الأعمش عن يحيى بن وثاب والمغيرة عن إبراهيم قراءتهما: [وَرُبَعَ] مرتفعة الراء، منتصبة العين بغير ألف.
قال أبو الفتح: ينبغي أن يكون محذوفًا من {رُباع} تخفيفًا، كما روينا عن قطرب:
إلا لا بارك الله في سهيل ... إذا ما الله بارك في الرجال
فحذف ألف "الله". وقال الآخر:
مثل النَّقا لبّدَه ضربُ الطِّلَلْ
يريد: الطِّلال جمع طَل، كما قال القُحيف العقيلي:
ديار الحي تضاربها الطلال ... بها أهل من الخافي ومالُ
ويقوى أنه أراد "رباع" ثم حذف الألف ترك صرفه كما كان قبل الحذف غير مصروف.
وأما رُبَعٌ فلا نعلم إلا ولد الناقة في أيام الربيع، وذلك مصروف في المعرفة والنكرة، وهذا واضح.
ومما حذفت ألفه تخفيفًا أيضًا قولهم: أَمَ والله لأفعلن كذا، يريد: أَمَا.
وكذلك قراءة من قرأ: [هأَنْتُمْ] في وزن أَعَنْتُمْ، الألف محذوفة من "ها". وأما قول الآخر:
وأتى صواحبُها فقلن هذا الذي ... منح المودة غيرنا وقلانا
فإنه لا يريد هذا الذي؛ بل يريد أَذا الذي، ثم أبدل همزة الاستفهام هاء، كقولهم: هرقتُ في أرقت، وهرحتُ الدابة في أرحتها، وهردتُ ذلك في أردت، وهِنْ فعلن في إِنْ
[المحتسب: 1/181]
فعلتُ، وقد يجوز مع هذا أن يكون أراد هذا الذي مخبرًا، ثم حذف الألف على ما مضى). [المحتسب: 1/182]

قوله تعالى: {وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا (4)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 4 صفر 1440هـ/14-10-2018م, 09:16 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النساء
[ من الآية (5) إلى الآية (6) ]

{وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا (5) وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللّهِ حَسِيبًا (6)}

قوله تعالى: {وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا (5)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (قوله جلّ وعزّ: (الّتي جعل اللّه لكم قيامًا... (5).
قرأ نافع وابن عامر: (لكم قيمًا) بغير ألف، وقرأ الباقون: (قيامًا) بالألف.
قال أبو منصور: من قرأ (قيامًا) فهو من قول العرب: هذا قوام الأمر، أي: ملاكه.
ومثله قوله جلّ وعزّ: (جعل اللّه الكعبة البيت الحرام قيامًا للنّاس)، أي: قوامًا.
وقيل في قوله (جعل اللّه لكم قيامًا) أي: جعل المال يقيم بني آدم فيقومون بها قياما.
[معاني القراءات وعللها: 1/291]
ومن قرأ (قيمًا) فهو راجع إلى هذا المعنى: جعلها الله قيمة الأشياء، فيها تقوم أموركم.
وقال: الفراء: المعني في قوله: جعل الله لكم قيامًا وقوامًا وقيمًا واحد). [معاني القراءات وعللها: 1/292]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (2- وقوله تعالى: {جعل لكم قياما} [5]
قرأ نافع وابن عامر {قيما} بغير ألف.
وقرأ الباقون {قياما}، فهذه الياء مبدلة من واو، والأصل قواما، وقد قرأ بذلك ابن عمر). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/129]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في إدخال الألف وإخراجها من قوله تعالى: قياما وقيما* [النساء/ 5].
فقرأ ابن كثير وعاصم وحمزة والكسائي وأبو عمرو: قياما بألف.
وقرأ نافع وابن عامر قيما* بغير ألف.
قال أبو علي: قال أبو عبيدة: التي جعل الله لكم قياما مصدر يقيمكم. ويجيء في معناها قوام، وإنّما هو الذي يقيمك، فإنّما أذهبوا الواو لكسرة القاف، كما قالوا: ضياء وتركها بعضهم. قال لبيد:
أفتلك أم وحشيّة مسبوعة خذلت وهادية الصّوار قوامها
[الحجة للقراء السبعة: 3/129]
وقال أبو الحسن: جعل الله لكم قياما، وفي الكلام قواما، وقيما، وهو القوام الذي يقيم شأنهم.
وقال أبو الحسن: في قيام ثلاث لغات: قيما، وقياما، وقوما.
قال: وبنو ضبّة يقولون: طويل وطيال، والعامّة على طوال.
قال أبو علي: ليس قول من قال: إن القيم جمع قيمة بشيء، إنما القيم بمعنى القيام، ليس أن القيم جمع. والذي يدلّ على أنّ قيام الشيء إنّما يعنى به دوامه وثباته، ما أنشده أبو زيد:
إنّي إذا لم يند حلقا ريقه... وركد السّبّ فقامت سوقه
والراكد: الدائم الثابت، ومن ثم قيل: ماء راكد، لخلاف الجاري، وماء دائم. وفي التنزيل: فيظللن رواكد على ظهره [الشورى/ 33] وقال:
يدوم الفرات فوقه ويموج
[الحجة للقراء السبعة: 3/130]
فالدوام: كالسكون والثبات على حال خلاف التموّج، وهذا يدل على أن تفسير قوله: يقيمون الصلاة يديمونها، ويحافظون عليها. وهذا التفسير أشبه من أن يفسر بيتمّونها.
والدليل على أن قيما مصدر في معنى القيام قوله: دينا قيما ملة إبراهيم [الأنعام/ 161] فالقيمة التي هي معادلة الشيء ومقاومته لا مذهب له هنا. إنما المعنى والله أعلم: دينا ثابتا دائما لازما لا ينسخ كما تنسخ الشرائع التي قبله، وكذلك قوله: إلا ما دمت عليه قائما [آل عمران/ 75] أي: اقتضائك له ومطالبتك إياه.
فقوله: دينا قيما ينبغي أن يكون مصدرا وصف به الدّين ولا وجه للجمع هنا، ولا للصفة، لقلّة مجيء هذا البناء في الصفة، ألا ترى أنه إنما جاء في قولهم: قوم عدى، ومكان سوى، وفعل في
[الحجة للقراء السبعة: 3/131]
المصادر كالشّبع والرّضا، وحروف أخر أوسع من الوصف، فإذا كان كذلك حمل على الأكثر.
فإن قلت: فكيف اعتلّ، وهو على وزن ينبغي أن يصح معه ولا يعتلّ، كما لم يعتلّ العوض والحول ونحو ذلك؟ فإنه يمكن أن يكون هذا الوزن إنما جاء في الجمع متّبعا واحده في الإعلال، نحو: ديمة وديم، وحيلة، وحيل، مع أن حكم الجمع أن لا يتبع الواحد في نحو: معيشة ومعايش، فإذا كانوا قد أتبعوه في الواحد الجمع، جاز أن يتبعوه أيضا في هذا الفعل فيعلّ، كما يعلّ الفعل، لأن المصادر أشدّ اتباعا لأفعالها في الاعتلال من الجمع للواحد. فإن قلت: فقد قالوا: وعدا ووزنا، فصحّحوا المصدر مع إعلالهم الفعل نحو يعد. قيل: لا يشبه هذا ما ذكرنا من بناء «فعل»، لأنّ «فعلا» على بناء لا طريق للإعلال عليه، وليس «فعل» كذلك، لأنّ الكسرة توجب الإعلال في الواو إذا كانت عينا، لا سيّما إذا انضم إليها هاهنا الاعتلال في الفعل. ويدلّك على أنه مصدر، وأنه مثل عوض حكاية أبي الحسن قوما، وقيما، وكان القياس تصحيح الواو كما حكاه أبو الحسن، وإنما انقلبت ياء على وجه الشذوذ عن الاستعمال كما انقلبت ثيرة، وكما قالوا: طويل وطيال في لغة بني ضبّة فيما حكاه أبو الحسن، وكما قالوا: جميعا جواد، وجياد وكان حكم جواد أن تصحّ عينه في الجمع، قال الأعشى:
[الحجة للقراء السبعة: 3/132]
جيادك في الصّيف
في نعمة... تصان الجلال وتعطى الشّعيرا
فكما شذّت هذه الأشياء عما عليه الاستعمال كذلك شذّ قولهم: قيما، وهو فعل كالشبع، ولا وجه للصفة هنا لقلة الصفة، ولا لأن يكون جمع قيمة، لأنّ ذلك لا مذهب له، ألا ترى أنه لا يجوز أن يوصف الدّين بذلك، وقوله: قيما، وقياما بمعنى، وإنّما أعلّ القيام لأنه مصدر قد اعتلّ فعله، فأتبع الفعل في الاعتلال، فأمّا القوام الذي حكاه أبو عبيدة، فإنه ينبغي أن يكون اسما غير مصدر، كالقوام فيمن فتح. ويجوز أن يكون مصدر قاوم، كما أنّ الغوار مصدر غاور، فأما القيام والصّيام، والعياذ، والعيادة، والحياكة ونحو ذلك مما قلبت الواو فيه ياء، فمصادر جارية على الفعل، ومما يدل على أن قيما ليس بجمع قيمة، وإنما هو مصدر قوله: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس [المائدة/ 97] وقيما للناس، وإنّما المعنى جعل الله حجّ البيت الحرام قواما لمعايش الناس). [الحجة للقراء السبعة: 3/133]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك ما ذكره ابن مجاهد في [قيامًا وقِيَمًا]، وهما في السبعة [قِوَامًا]، وقيل: [قَوَامًا]، واللغة بكسر القاف. قرأ [قَوَامًا] بالواو وفتح القاف ابن عمر. انتهى كلام ابن مجاهد ولم يذكر [قِوَامًا] عن أحد؛ لكنه أثبته.
قال أبو الفتح: يقال: هذا قِوَام الأمر: أي مِلاكه، ويقال: قاومته قِوَامًا كقولك: عاودته عِوادًا، كما قال:
وإن شئتم تَعَاودْنا عِوادا
وأما [القَوَام] فمصدر جارية حسنة القَوام، فهو كالشَّطَاط، فقد يجوز مع هذا أن يراد بِقِوام ما أراده من قرأ: [قِيامًا] فيخرجه على الصحة، كما قال العجاج:
يَخْلِطن بالتأَنُّس النِّوارا ... زَهوك بالصَّريمة الصِّوارا
وقياسه النِّيار؛ لأنه مصدر فعل معتل العين، وهو نار ينور: أي نفر. قال:
أنورًا سَرْع ماذا يا فَروقُ ... وحبلُ الوصْل منتكِثٌ حذيقُ
وقد ذكرت هذا الموضع في كتابي المنصف). [المحتسب: 1/182]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ولا تؤتوا السّفهاء أموالكم الّتي جعل الله لكم قياما}
قرأ نافع وابن عامر {قيمًا} بغير ألف وقرأ الباقون {قياما}
[حجة القراءات: 190]
وأصل الكلمة قواما فقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها فصارت قياما قال الكسائي قياما وقواما وقيما ثلاث لغات والمعنى واحد وهو ما يقيم شأن النّاس ويعيشهم وفي تفسير بعضهم قياما معاشا). [حجة القراءات: 191]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (3- قوله: {قيامًا} قرأه نافع وابن عامر «قيما» بغير ألف، وقرأ الباقون {قياما} بألف.
4- وحجة من قرأ بغير ألف أن جعله جمع «قيمة» كـ «ديمة وديم»، ودل على أنه جمع «قيمة»، وليس بمصدر أنه أعتل، ولو كان مصدرًا لم يعتل، كـ «العور والحول»، فالمعنى: أموالكم التي جعل الله لكم قيمة لأمتعتكم ومعايشكم، وقد قيل: إن قيما مصدر، بمعنى القيام، لغة فيه، من: قام بالأمر قام به، ومنه: {يقيمون الصلاة} «البقرة 3» أي يدومون عليها، وعلى ذلك قوله: {دينًا قيمًا} «الأنعام 161» في قراءة من خفف، أي: دائمًا ثابتًا لا ينسخ بغيره كما نسخت الشرائع قبله، فهو مصدر صفة لـ «الدين» ولو كان جمع «قيمة» لصار معناه: دينًا معاد لا بغيره، وهذا لا يصح، لأن الإسلام لا يعدله شيء، وإنما اعتل لأنه اتبع فعله فاعل.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/376]
5- وحجة من قرأ بالألف أنه جعله مصدرًا، قام يقيم قيامًا، على معنى: أموالكم التي تقيمكم طلبها وجمعها، قال أبو عبيد: «قياما» مصدر يقيمكم، ويجيء في معناها «قوام» غير معتل، وقد حكى الأخفش: طيال وطوال، في جمع «طويل» قال الأخفش في المصدر ثلاث لغات: القوام والقيام والقيم). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/377]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (4- {الَّتِي جَعَلَ الله لَكُمْ قِيَامًا} [آية/ 5]:-
بغير ألفٍ، قرأها نافع وابن عامر.
والقيم ههنا بمعنى القيام، وهما معًا قوام أمرهم الذي يقوم به ويصلح، وكلاهما مصدر، وإعلال القيام لاعتلال فعله، وأما إعلال القيم فشاذ؛ لأن القياس أن يصحح كعوض وحولٍ، لكنه شذ، كثيرةٍ في جمع ثورٍ، وطيالٍ في جمع طويل، وقد حكى أبو الحسن فيه قومًا بالواو على القياس، وبعضهم ذهب إلى أن قيما ههنا جمع قيمةٍ، والمعنى جعلها الله قيما للأشياء.
وقرأ الباقون {قِيَامًا} بالألف، وهو على ما ذكرنا). [الموضح: 404]

قوله تعالى: {وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللّهِ حَسِيبًا (6)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 4 صفر 1440هـ/14-10-2018م, 09:17 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النساء
[ من الآية (7) إلى الآية (10) ]

{لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا (7) وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا (8) وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيدًا (9) إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (10)}

قوله تعالى: {لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا (7)}

قوله تعالى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا (8)}

قوله تعالى: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيدًا (9)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ضعافًا خافوا عليهم... (9).
أمال حمزة وحده (ضعافًا خافوا عليهم)، وقرأها الباقون بالتفخيم.
قال أبو منصور: الإمالة فيهما غير قويةٍ عند النحويين فلا يقرآن إلا بالتفخيم). [معاني القراءات وعللها: 1/292]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: وقرأ حمزة وحده: ضعافا [النساء/ 9] بإمالة العين، وكذلك: خافوا بإمالة الخاء. واختلف عنه في الإمالة فروى عبيد الله بن موسى: ضعافا بالفتح. وروى خلف بن
[الحجة للقراء السبعة: 3/133]
هشام عن سليم بن عيسى عنه بالكسر.
قال أبو علي: وجه الإمالة في ضعافا أنّ ما كان على فعال وكان أوّله حرفا مستعليا مكسورا نحو: ضعاف وقباب، وخباث، وغلاب، يحسن فيه الإمالة وذلك أنه قد تصعّد بالحرف المستعلى، ثم انحدر بالكسر فيستحبّ أن لا يتصعّد بالتفخيم بعد التصويب بالكسر، فيجعل الصوت على طريقة واحدة، فلا يتصعّد بالتفخيم بعد التصوّب بالكسر، وذلك نحو ما قدمنا من نحو:
ضعاف وقباب. ومما يدل على أنّ الإصعاد بعد الانحدار يثقل عليهم أنهم يقولون: صبقت، وصقت، فيبدلون من السين الصاد، ولا تقرّر السين لئلا يتصعّد منها إلى المستعلي فإذا كان بعكس ذلك لم يبدل، وذلك نحو: قست، وقسوت، لأنه إذا تصعّد بالقاف تحدّر بالسين، فيكون الانحدار بعد الإصعاد خفيفا. ومما يدلّك على حسن الإمالة في ضعاف أن الحرف المكسور إذا كان بينه وبين الألف حرفان، وكان الأول منهما مستعليا ساكنا، حسنت فيه الإمالة وذلك نحو: مقلات، ومظعان، ومطعام، لأن المستعلي لمّا كان ساكنا وقبله كسرة صار المستعلي كأنه تحرّك بالكسر لما كانت الكسرة قبله كما أن من قال:
[الحجة للقراء السبعة: 3/134]
أحبّ المؤقدين إليّ مؤسى.....
لما كانت الضمة قبل الواو قدرها كأنها عليها، فأبدل منها الهمزة كما يبدلها منها إذا كانت مضمومة، فكذلك إذا قال: مقلات، صار كأنه قال: قلات، فحسنت الإمالة.
وأما الإمالة في خافوا فإنها حسنة، وإن كان الخاء مستعليا، لأنه يطلب الكسرة التي في: خفت، فينحو نحوها بالإمالة. قال سيبويه: بلغنا عن أبي إسحاق أنه سمع كثير عزة يقول: صار مكان كذا كذا). [الحجة للقراء السبعة: 3/135]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (فصل
6- وقد ذكرنا إمالة {ضعافا} وعلته، ونزيد هنا بيانًا. اعلم أن الإمالة فيه حسنة مع حرف الاستعلاء في {ضعافا}؛ لأن الذي تمتنع معه الإمالة لتصعده مكسور، وهو الضاد، فلم يعتد به، للكسرة التي هي عليه لأنها توجب الإمالة؛ لأنه لما انكسر تسفّل عن استعلائه وتصعده بالكسر، الذي هو من الياء، فضعف تصعده عن منع الإمالة، فجازت الإمالة للكسرة، وحسن ذلك؛ لأنهم يميلون مع حرف الاستعلاء، وبين الممال، والكسرة حرف ساكن نحو: مقلاة، ومعطار، يقدّرون الكسرة كأنها حرف الاستعلاء لسكونه، فإذا كانت الكسرة، على المستعلي نفسه، كان آكد في جواز الإمالة، وقد أمالوا «خاف» مع حرف الاستعلاء، وهو الخاء، ولا كسرة عليه، ولا قبله، فعلوا ذلك لطلب الدلالة على كسرة «خفت»، وليست الكسرة في الكلام، فإذا كانت الكسرة، موجودة في الكلام، كان أحسن في الجواز، ولم تمتنع العين من الإمالة، لانكسار ما قبلها). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/377] (م)
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (3- {ضِعَافًا} [آية/ 9]:-
بإمالة العين، قرأها حمزة وحده.
ووجهها أن ما كان على فعال بكسر الأول، وكان أوله حرفًا مستعليًا فالعرب تستحسن فيه الإمالة؛ لما فيه من التسفل بالإمالة بعد التصعد بالمستعلي نحو: صفافٍ وقفافٍ وغلاب، ثم إنهم لما صعدوا في المستعلي بالكسرة كرهوا التصعد بالتفخيم بعده.
وأما الإمالة في {خَافُوا} فإنها حسنة، وإن كانت الخاء من حروف
[الموضح: 403]
الاستعلاء؛ لمكان الكسرة التي في خفت، فينحون نحوها بالإمالة). [الموضح: 404]

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (10)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وسيصلون سعيرًا (10).
[معاني القراءات وعللها: 1/292]
قرأ ابن عامر، وأبو بكر وأبان عن عاصم: (وسيصلون سعيرًا) بضم الياء.
والباقون: (وسيصلون) بفتح الياء.
قال أبو منصور: ومن قرأ (وسيصلون) فالمعنى: أن الله يصليهم النار، أي: يدخلهم فيها كي يصلوا حرها، نعوذ بالله منها.
ومن قرأ (وسيصلون) جعل الفعل للكفار الذين يصلونها، أي: يقاسون حرها، من صليت النار أصلاها، إذا قاسيت حرها). [معاني القراءات وعللها: 1/293]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (3- وقوله: {وسيصلون سعيرا} [10].
قرأ عاصم في رواية أبي بكر، وابن عامر بضم الياء.
وقرأ الباقون بفتح الياء، وهو الاختيار لقوله تعالى: {إلا من هو صال الجحيم}.
وقال آخرون: صليته بالنار شويته، وأصليته ألقيته في النار وأحرقته). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/129]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في فتح الياء وضمها من قوله [جلّ وعزّ]: وسيصلون سعيرا [النساء/ 10].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وحمزة والكسائي وسيصلون: بفتح الياء.
وقرأ ابن عامر: وسيصلون سعيرا بضم الياء. واختلف عن عاصم فروى أبو بكر بن عيّاش وأبان، والمفضّل عنه: وسيصلون مثل ابن عامر بضم الياء وتصلى نارا حامية [الغاشية/ 4] بالضم أيضا. وروى عنه حفص: وسيصلون وتصلى نارا حامية، ويصلى سعيرا [الانشقاق/ 12] مفتوحا كلّه.
[وقال أبو علي]: قال أبو زيد: صلي الرجل النار يصلاها صلا وصلاء، وهما واحد، وأصلاه الله حرّ النار إصلاء، وهو صالي النار في قوم صالين وصليّ.
[الحجة للقراء السبعة: 3/136]
حجة من قال: سيصلون بالفتح قوله تعالى: اصلوها اليوم [يس/ 64] وإلا من هو صال الجحيم [الصافات/ 163] وجهنم يصلونها [إبراهيم/ 29].
وحجة من قال: سيصلون أنه من: أصلاه الله، وسيصلون مثل: سيعطون، من أصلاه الله، مثل: أدخله الله النار، وحجته: سوف نصليهم نارا [النساء/ 56] ). [الحجة للقراء السبعة: 3/137]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وسيصلون سعيرا}
قرأ ابن عامر وأبو بكر {وسيصلون سعيرا} بضم الياء
وقرأ الباقون {وسيصلون} بفتح الياء إخبار عنهم أي هم يصلون من قول العرب صلي النّار يصلاها وحجتهم قوله {لا يصلاها إلّا الأشقى} أي إذا دنا منها يصيبه حرها
ومن ضم الياء فمعناه أنه يفعل بهم على ما لم يسم فاعله وحجته قوله {سأصليه سقر} وقال قوم {وسيصلون} يحرقون). [حجة القراءات: 191]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (7- قوله: {وسيصلون} قرأه أبو بكر وابن عامر بضم الياء، على ما لم يسم فاعله، على معنى: يأمر الله من يصليهم سعيرًا، فلم يضف الفعل إليهم في الحقيقة، إنما أقيموا مقام من له الفعل في الحقيقة، وقرأ الباقون بفتح الياء، أضافوا الفعل إليهم، كما قال: {اصلوا} «يس 64» فأضاف الفعل إليهم). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/378]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (5- {وَسَيُصْلَوْنَ سَعِيرًا} [آية/ 10]:-
بضم الياء، قرأها ابن عامر وعاصم ياش-.
[الموضح: 404]
والوجه أنه من أصلاه الله النار، مثل أدخله الله، والمعنى سيدخلون النار، وحجته قوله تعالى {سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا}.
وقرأ الباقون {سَيَصْلَوْنَ} بالفتح، على إسناد الفعل إليهم، والمعنى سيدخلون النار، وحجته {اصْلَوْها اليَوْمَ} و{هُو صَالِ الجَحيم} و{جَهَنَّمَ يَصْلَونَها} ). [الموضح: 405]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 4 صفر 1440هـ/14-10-2018م, 09:22 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النساء
[ الآية (11) ]

{يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيمًا (11)}

قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيمًا (11)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعز: (وإن كانت واحدةً فلها النّصف... (11).
قرأ نافع وحده: (وإن كانت واحدةٌ) رفعا، وقرأ الباقون: (واحدةً) نصبًا.
قال أبو منصور: من قرأ بالرفع جعل كان مكتفية.
ومن قرأ (واحدةً) بالنصب فهو على إضمار اسم لكانت، أي: وإن كانت المولودة واحدة.
والنصب الاختيار، وعليه أكثر القراء). [معاني القراءات وعللها: 1/293]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فلأمّه السّدس... (11).
قرأ حمزة والكسائي (فلإمّه السّدس) بكسر الهمزة، وقرآ: (من بطون إمّهاتكم) و(في إمّ الكتاب) و(في إمّها) في جميع القرآن إذا ولي ألف كسرةً أو ياءً ساكنة.
وافترقا في الميم من قوله (إمّهاتكم) فكسرها حمزة، وفتحها الكسائي.
وقرأ الباقون بضم الألف في هذا كله..
قال أبو منصور: من قرأ (فلإمّه) بكسر الألف فلإتباع الكسرة الكسرة. لأن لام الملك قبل همزة (أمها) مكسورة، وكذلك قوله (في إمّ الكتاب)، و(في إمّها)؛ لأن الياء أخت الكسرة، فأتبعت الكسرة كسرة، كما قرئ (عليهم) - فكسرت الهاء من أجل الياء، وإن كانت الهاء في الأصل مضمومة.
وأما قوله: (من بطون أمّهاتكم) فإن الكسائي
[معاني القراءات وعللها: 1/294]
فتح الميم، لأنه كره توالي الكسرات، وأما حمزة فإنه كسر الميم أيضًا لمجاورتها المكسور.
وقول الكسائي أجود القولين.
وأما من ضم هذه الهمزات من (أمّ) و(أمّهات) فلأن الأصل في همزة الأم الضم). [معاني القراءات وعللها: 1/295]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (يوصي بها... (11).
قرأ ابن كثير وابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر:
(يوصى) و(يوصى) بفتح الصاد فيهما جميعا.
وقرأ حفص بكسر الأولى وفتح الثانية.
وقرأ الباقون بكسرهما جميعا.
قال أبو منصور: من قرأ (يوصى بها) بفتح الصاد فهو من أوصي يوصّي.
ومن قرأ (يوصي) فهو من أوصى يوصي). [معاني القراءات وعللها: 1/295]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (4- وقوله تعالى: {وإن كانت واحدة} [11].
قرأ نافع وحده {وإن كانت واحدة} بالرفع.
وقرأ الباقون بالنصب. فمن رفع جعل «كان» بمعنى حدث ووقع، ولا تحتاج إلى خبر، ومن نصب أضمر في «كان» اسمًا، والتقدير: إلا أن تكون المذكورة واحدة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/129]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (5- وقوله تعالى: {فلأمه الثلث} [11].
قرأ حمزة والكسائي بكسر الهمزة لكسرة اللام.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/129]
قرأ الباقون بالضم على الأصل، فأما قوله: {في بطون أمهاتكم}.
[فـ] ـقرأ حمزة بكسر الهمزة والميم، والكسائي بفتح الميم وهو الاختيار؛ لأن الإعراب وقع على التاء لا على الميم، ومن كسر أتبع الكسر الكسر). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/130]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (6- وقوله تعالى: {يوصي بها أو دين} [11].
قال ابن كثير وابن عامر، وعاصم في رواية ابي بكر (يوصى) بفتح الصاد.
وقرأ الباقون بالكسر، وهو الاختيار؛ لأن الله تعالى قد ذكر الموصى قبله.
وروى حفص عن عاصم الأول بالكسر، والثاني بالفتح، فجمع بين اللغتين). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/130]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: وكلهم قرأ: وإن كانت واحدة [النساء/ 11] نصبا إلّا نافعا فإنه قرأ: وإن كانت واحدة رفعا.
قال أبو علي: الاختيار ما عليه الجماعة، لأن التي قبلها لها خبر منصوب وذلك قوله: (فإن كنّ نساء فوق اثنتين... وإن كانت
[الحجة للقراء السبعة: 3/135]
واحدة) أي: وإن كانت المتروكة واحدة. كما أن الضمير في الأول تقديره: وإن كنّ المتروكات أو الوارثات نساء.
ووجه قول نافع: إن وقعت واحدة أو وجدت واحدة، أي: إن حدث حكم واحدة، أو إرث واحدة، ألا ترى أنّ المراد حكمها والقضاء في إرثها لا ذاتها). [الحجة للقراء السبعة: 3/136]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في ضمّ الألف من أم* وكسرها إذا وليتها كسرة أو ياء ساكنة.
فقرأ ابن كثير ونافع وعاصم وأبو عمرو وابن عامر: فلأمه [النساء/ 11] وفي بطون أمهاتكم [الزمر/ 6] وفي أمها [القصص/ 59] وفي أم الكتاب [الزخرف/ 4] بالرفع.
وقرأ حمزة والكسائيّ كلّ ذلك بالكسر إذا وصلا.
قال أبو علي: حجة من ضمّ: أن الهمزة ليست كالهاء ولا في خفائها، وإنّما أتّبع الهاء الياء والكسرة من أتبع في بهم، وبهي، وعليهم، ولديهم، لخفائها، وليست الهمزة كذلك، وإن كانت تقارب الهاء في المخرج. ويقوّي ذلك أنهم لم يغيّروا غير همزة أم* هذا التغيير، ألا ترى أنّ الهمزة في أدّ وأفّ، مضمومة على جميع أحوالها وكذلك همزة أناس. ووجه قول حمزة والكسائي أن الهمزة
[الحجة للقراء السبعة: 3/137]
حرف مستثقل بدلالة تخفيفهم لها، فأتبعوها ما قبلها من الياء والكسرة، ليكون العمل فيها من وجه واحد. ويقوي ذلك أنها تقارب الهاء وقد فعل ذلك بالهاء ويقوي ذلك أيضا أنهم قد أتبعوا غيرها من الحروف نحو: هو منحدر من الجبل، فغيّروا البناء للاتباع. ويقوي ذلك أنهم قد أتبعوا ما قبل الهمزة الهمزة في قولهم: أجوؤك وأنبؤك، كما أتبعوا الهمزة ما قبلها في قوله في: إمّها، ولأمّه. فالهمزة لما يتعاورها من القلب والتخفيف، تشبه الياء والواو والهاء، فتغيّر كما تغيّر. فإن قلت: فهلّا فعلوا ذلك بغير هذا الحرف مما فيه الهمزة.
قيل: إنّ هذا الحرف قد كثر في كلامهم، والتغيير إلى ما كثر استعماله أسرع. وقد يختص الشيء في الموضع بما لا يكون في أمثاله، كقولهم: أسطاع، وأهراق، ولم يفعل ذلك بما أشبهه، فكذلك هذا التغيير في الهمزة مع الكسرة والياء اختص به هذا الحرف ولم يكن فيما أشبهه). [الحجة للقراء السبعة: 3/138]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في الميم من إمهاتكم [النساء/ 23] فكسرها حمزة وفتحها الكسائي.
[قال أبو علي] أمّا فتح الكسائي الميم في إمهاتكم فهكذا ينبغي، لأنّ التغيير والإتباع إنّما جاء في الهمزة، ولم يأت في الميم، فغيّر الهمزة وترك غيرها على الأصل، ألا ترى أنّ الميم لم تغيّر، وإنّما غيّرت الهمزة إذا وليتها الكسرة أو الياء، فلما كان
[الحجة للقراء السبعة: 3/138]
كذلك أتبع الهمزة ما كان قبلها من الكسرة والياء، وترك الميم على أصلها كما تركها من ضم الهمزة فقال: أمّهات. وأمّا كسر الميم في إمّهات، فقول الكسائي أشبه منه. ووجهه أنّه أتبع الميم الهمزة، كما قالوا: منحدر من الجبل، فأتبعوا حركة الدال ما بعدها، ونحو هذا الإتباع لا يجسر عليه إلّا بالسمع ويقوي ذلك قول من قال: عليهمي ولا [الفاتحة/ 7] ألا ترى أنّه أتبع الهاء الياء ثم أتبع الميم الهاء، وإن لم تكن في خفاء الهاء؟ فكذلك أتبع الميم الهمزة في قوله: إمهات، وكما أن قول من قال:
عليهمي، فاعلم يقوّي ما أخذ به حمزة، فكذلك قول من قال:
عليهمو ولا، يقوّي قول الكسائي، ألا ترى أنّه أتبع الياء ما أشبهها في الخفاء، وترك غير الهاء على أصلها. فكذلك أتبع الكسائي الكسرة أو الياء الهمزة وترك الميم التي بعد الهمزة في قوله: لإمها على أصله فلم يغيره). [الحجة للقراء السبعة: 3/139] (م)
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في كسر الصاد وفتحها من قوله [جلّ وعز] يوصي بها [النساء/ 11].
فقرأ ابن كثير وعاصم في رواية أبي بكر وابن عامر: يوصى بها* بفتح الصاد في الحرفين.
وقرأ حفص عن عاصم: الأولى بالكسر يوصي*، والثانية بالفتح يوصى*.
[الحجة للقراء السبعة: 3/139]
وقرأ نافع وأبو عمرو وحمزة والكسائي: يوصي فيهما بالكسر.
[قال أبو علي]: حجة من قال: يوصي* أنّه قد تقدّم ذكر الميت، وذكر المفروض فيما ترك، يبين ذلك قوله: فإن كان له إخوة فلأمه السدس من بعد وصية يوصي [النساء/ 11] وحجة من قال: يوصى* أنه في المعنى يؤول إلى يوصي، ألا ترى أن الموصي هو الميت، وكأن الذي حسّن ذلك أنّه ليس لميت معين إنّما هو شائع في الجميع، فلذلك حسن يوصى*). [الحجة للقراء السبعة: 3/140]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وإن كانت واحدة فلها النّصف} {فلأمه الثّلث} {يوصي بها أو دين} 11
قرأ نافع {وإن كانت واحدة} بالرّفع أي وإن وقعت واحدة جعل كان بمعنى حدث ووقع كما قال {وإن كان ذو عسرة} أي وقع ذو عسرة
وقرأ الباقون {وإن كانت واحدة} بالنّصب أضمروا في كان اسما والتّقدير وإن كانت البنت واحدة قال الزّجاج فالنصب أجود لأن قوله قبلها {فإن كن نساء} قد بين أن المعنى كان الأولاد نساء وكذلك المولود واحدة فلذلك اخترنا النصب
قرأ حمزة والكسائيّ {فلأمه} و{في أمها} بكسر الهمزة إذا كانت قبلها كسرة أو ياء ساكنة وحجتهما أنّهما استثقلا ضم الألف بعد كسرة أو ياء فكسرا للكسرة والياء ليكون عمل اللّسان من جهة واحدة إذ لم يكن تغيير الألف من الضّم إلى الكسر يزيل معنى ولا يغير إعرابا يفرق بين معنيين فأتبعا لذلك الكسرة الكسرة
وقرأ الباقون بالضّمّ على الأصل ومثله {عليهم} و{عليهم} وحجتهم أن الأصل في ذلك كله الضّم وهو بنية هذا الاسم وذلك أنّك إذا لم تصله بشيء قبله لم يختلف في ضمة ألفه فحكمه إذا اتّصل بشيء ألا يغيّره عن حاله وأما قوله {في بطون أمّهاتكم} فإن حمزة بكسره الهمزة والميم أتبع الكسرة الكسرة
[حجة القراءات: 192]
قرأ ابن كثير وابن عامر وأبو بكر {يوصي بها} بفتح الصّاد وكذلك في الثّاني على ما لم يسم فاعله
وقرأ الباقون {يوصي} بكسر الصّاد على إضمار الفاعل أي يوصي بها الميّت وحجتهم أنه ذكره في صدر القصّة وهو قوله {ولأبويه} أي ولأبوي الميّت وقوله {إن كان له ولد} {وورثه أبواه} فقد جرى ذكر الميّت وكذلك قال {ممّا ترك} يعني الميّت والحرف الآخر قوله {وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة} ومن قرأ {يوصي} فإنّما يحسبه أنه ليس لميت معين إنّما هو شائع في الجميع فهو في المعنى يؤول إلى {يوصي} ). [حجة القراءات: 193]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (8- قوله: {وإن كانت واحدة} قرأه نافع بالرفع، ونصبه الباقون.
9- وحجة من رفع أنه جعل «كان» تامة بمعنى: حدث ووقع، ويقوي ذلك أنه لما كان القضاء، في إرث الواحدة لا في نفسها، وجب أن يكون التقدير: فإن وقع أو حدث إرث واحدة، أو حكم واحدة، ونحوه، وقد كان يلزم الرفع في «نساء» في قوله: {فإن كن نساء} إلا أنه جمع بين المذهبين والمعنيين، فأضمر الاسم مع «نساء» وترك الإضمار مع واحدة، والقياس واحد.
10- وحجة من نصب أنه جعلها «كان» هي الناقصة التي تحتاج إلى خبر الداخلة على الابتداء والخبر، فأضمر اسمها فيها، ونصب «واحدة» على الخبر، ووفق في ذلك بين آخر الكلام وأوله، ألا ترى أن أوله {فإن كن نساء} فنصب، وأضمر في «كان» اسمها، فلما أجمع على النصب في «نساء» أجرى «واحدة» على ذلك؛ لأن الآخر قسيم الأول، فجرى على لفظه وحكمه؛ لأنه تعالى ذكر جماعة البنات وحكمهن في ميراثهن، ثم ذكر حكم الواحدة في ميراثها، فجرت الواحدة في الإعراب مجرى الجماعة؛ لأن قبل كل واحد منهما «كان»، والتقدير: فإن كان المتروكات نساء، وإن كانت المتروكة واحدة، وإن أضمرت الوارثات والوارثة فالمعنى واحد، والنصب الاختيار، ليتألف آخر الكلام بأوله، وعليه جماعة القراء). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/378]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (11- قوله: «فلأمه، في أمها، وبطون أمهاتكم» قرأ حمزة والكسائي بكسر الهمزة، في المفرد والجمع، في الوصل خاصة، تفرد حمزة بكسر الميم مع الهمزة في الجمع، وذلك حيث وقع، وذلك إذا كان قبل الهمزة كسرة أو ياء، وقرأ ذلك كله الباقون بضم الهمزة، وكلهم ضد الهمزة في الابتداء.
12- وحجة من كسر الهمزة أنه اسم كثر استعماله، والهمزة حرف مستقل بدلالة ما أجازوا فيها من البدل والتخفيف والحذف ونقل الحركة، دون غيرها من سائر الحروف، فلما وقع أول هذا الاسم، وهو «أم» حرف مستثقل، وكثر استعماله، وثقل الخروج من كسر، أو ياء، إلى ضم همزة، وليس في الكلام «فعل» فلما اجتمع هذا الثقل أرادوا تخفيفه، فلم يمكن فيه الحذف؛ لأنه إجحاف بالكلمة، ولا أمكن تخفيفه، ولا بدله، لأنه أول، فغيره بأن أتبعوا حركته حركة ما قبله، ليعمل اللسان عملًا واحدًا، والياء كالكسرة، فإذا ابتدؤوا ردوه إلى الضم، الذي هو أصله؛ إذ ليس قبله في الابتداء، فاستثقل، وقد فعلوا ذلك في الهاء في «عليهم وبهم» أتبعوا حركته حركة ما قبلها، وأصلها الضم، والإتباع في كلام العرب مستعمل كثير.
13- وحجة من كسر الميم معه الهمزة في الجمع أنه أتبع حركة الميم حركة الهمزة، كما قالوا «عليهي» بكسر الهاء والميم، هو بمنزلة من كسر الهمزة والميم في قوله: {بطون أمهاتكم} «النحل 78» ومن كسر الهاء وضم الميم في «عليهمو» هو بمنزلة من كسر الهمزة وفتح الميم، في قوله: {بطون أمهاتكم}، ومن ضم الهمزة وفتح الميم في {بطون أمهاتكم} وهو الأصل، بمنزلة من قال «عليهمو» بضم الهاء والميم، فهو الأصل، إلا أن تغيير الهاء، مع الكسرة والياء، أقوى وأكثر وأشهر من تغيير الهمزة مع الياء والكسرة، وذلك لخفاء الهاء وجلادة الهمزة). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/379]
14- وحجة من ضم الهمزة وفتح الميم أنه أتى به على الأصل، فلم يحدث تغييرًا في الهمزة؛ لأنها ليست خفيفة كالهاء في «عليهم وبهم» وأيضًا فإن ذلك لا يلزم في كل مضمومة، قبلها ياء أو كسرة، فجرت اللام على ما جرى عليه سائر الكلام، من ترك الهمزة على أصلها، وهو الضم، ألا ترى أنهم يقولون في أخيك حسن، ويا هؤلاء أف لكن، وفي أناس، ونحوه، فلا يجوز تغيير ضمة الهمزة، فكذلك همزة «أم» وهو الاختيار؛ لأنه الأصل، ولأن الجماعة عليه ولاتفاقهم على الضم في الابتداء، فجرى الوصل على ذلك، فأما الميم فالفتح أصلها). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/380]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (15- قوله: {يوصي بها} قرأ ابن كثير وابن عامر وأبو بكر «يوصي» الأول بفتح الصاد، ووافقهم حفص على الفتح في الثاني، وقرأهما الباقون بكسر الصاد.
16- وحجة من كسر أنه لما تقدم ذكر «الميت» والمفروض في تركته أضاف الفعل إليه؛ لأنه هو الموصي، كأنه قال: من بعد وصية يوصي الميت بها، ففيه تخصيص للمذكور الميت.
17- وحجة من فتح أنه لما كان هذا الحكم ليس يُراد به واحد بعينه، إنما هو شائع في جميع الخلق، أجراه على ما لم يسم فاعله، فأخبر به عن غير معين، فأما قراءة حفص فإنه جمع بين اللغتين، واتبع ما قرأ به على إمامه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/380]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (6- {وَإنْ كَانَتْ وَاحِدَةٌ} [آية/ 11]:-
بالرفع، قرأها نافع وحده.
وذلك أن معنى {كانَتْ} ههنا وقعت وحدثت، والمراد إن حدث حكم واحدةٍ أو إرث واحدةٍ، إذ المعنى حكمها لا ذاتها.
وقرأ الباقون {وَاحِدَةً} بالنصب.
وهو الاختيار؛ لأن {كانَتْ} هي الناقصة، والتي قبلها أيضًا كذلك، وهي {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ} والمراد: وإن كانت المتروكة واحدة). [الموضح: 405]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (7- {فَلإِمِّهِ} [آية/ 11]:-
بكسر الهمزة، قرأها حمزة والكسائي، وكذلك {فِي إمّها} {بُطونِ
[الموضح: 405]
إمّهاتِكُمْ}، وأشباههما في القرآن، إذا كانت قبلها كسرة أو ياء ساكنة.
واختلفا في ميم {إمّهاتِكم} إذا انكسر ما قبلها، فكسرها حمزة، وفتحها الكسائي.
أما كسر كسر الهمزة من أم وأمثالها، فلمكان الكسرة أو الياء التي قبلها على سبيل الإتباع؛ لأن الهمزة حرف مستثقل، بدلالة تخفيفهم إياها على ما سبق، ولأنها تقارب الهاء في المخرج، وقد فعل هذا الإتباع بالهاء نحو: به وبهم وعليه وعليهم.
وأما كسر الميم {إمّهاتكم} إذا انكسر ما قبلها؛ فلإتباع كسرة الهمزة، ألا ترى أنهم قد أتبعوا الهمزة حركة ما قبلها في قولهم: أجوؤك وأنبؤك؛ لأن الهمزة حرف يغير ويغير له.
وقرأ الباقون بضم الهمزة فيها كلها، وفتح الميم في {أمَّهاتكم}.
[الموضح: 406]
ووجه ذلك أنه على الأصل، وأن الهمزة وإن كانت تقارب الهاء في المخرج، فليست كالهاء؛ لأنها تخالفها في الخفاء، وإنما ثبت الإتباع في الهاء لخفائها، ويقوي ذلك أنهم لهم يغيروا هذا التغيير غير همز أم، ولم يجيزوا في أف وأد إلا الضم.
وأما فتح الميم فهو الذي ينبغي أن يكون؛ لأن الكسرة فيه عند من كسر لإتباع كسرة الهمزة، والإتباع والتغيير إنما أصلهما أن يكونا في الهمزة، ولم يأت الإتباع في الميم بغير الهمزة، فالفتح فيه، سواءٌ كسرت الهمزة أم لم تكسر، إلا أن كسره مع غير كسر الهمزة غير جائزٍ). [الموضح: 407]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (8- {يُوصى بِها} [آية/ 11]:-
بفتح الصاد في الحرفين، قرأهما ابن كثير وابن عامر و-ياش- عن عاصم.
وهو من أوصي يوصى على إسناد الفعل إلى المفعول به، والمراد أن هذه الوصية يوصى بها، ولا يخفى أن الموصي لا محالة هو الميت.
وقرأ الباقون {يُوصِي بها} على إسناد الفعل إلى الفاعل، وهو الميت، وقد ذكر في قوله {فلأُمِّه السُّدْسْ} ). [الموضح: 407]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 4 صفر 1440هـ/14-10-2018م, 09:22 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النساء
[ الآية (12) ]

{وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12)}

قوله تعالى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن: [يُورِثُ كَلالَةً]، ويُورث أيضًا كالمقروء به في السبعة. وقرأ عيسى بن عمر الثقفي: [يُورِّثُ كَلالَةً].
[المحتسب: 1/182]
قال أبو الفتح: يُورِث ويُورِّث كلاهما منقول من ورِث، فهذا من أورث، وهذا من ورث، فورِث وأورثته كوغِر صدره وأوغرته، وورِث وورَّثته كورِم وورمته. قال الأعشى:
مورِّثةٍ مالًا وفي المجد رفعة ... لِمَا ضاع فيها من قروء نِسائِكا
وفي كلتا القراءتين هناك المفعولان محذوفان، كأنه قال: يورِث وارثه مالَه، أو يورِّث وارثَه ماله. وقد جاء حذف المفعولين جميعًا، قال الكميت:
بأَيِّ كتاب أَم بأَية سنة ... ترى حُبهم عارًا عليَّ وتحسب
فلم يُعدِّ تحسب. و"كلالة" على نصبها في جميع القراءات). [المحتسب: 1/183]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن: [غَيْرَ مُضَارِ وَصِيَّةٍ] مضاف.
قال أبو الفتح: أي غير مضار من جهة الوصية، أو عند الوصية، كما قال طرفة:
بَضَّةُ المتجرَّد
أي: بضة عند تجردها، وهو كقولك: فلان شجاعُ حربٍ وكريمُ مسألةٍ؛ أي: شجاع عند الحرب، وكريم عند المسألة، وعليه قولهم مِدْره حرب؛ أي: مِدْرَه عند الحرب، فهو راجع إلى معنى قولهم:
يا سارق الليلة أهل الدار). [المحتسب: 1/183]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 4 صفر 1440هـ/14-10-2018م, 09:24 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النساء
[ من الآية (13) إلى الآية (14) ]

{تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ (14)}

قوله تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ندخله جنّاتٍ... (13). و: (ندخله نارًا... (14).
[معاني القراءات وعللها: 1/295]
قرأ نافع وابن عامر: (ندخله) و(ندخله) بالنون فيهما جميعا.
وقرأ الباقون بالياء.
قال الأزهري: من قرأ (يدخله) أو (ندخله) فالفعل لله جلّ وعزّ، وقد مرّ مثله فيما تقدم). [معاني القراءات وعللها: 1/296] (م)
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (7- وقوله تعالى: {ومن يطع الله ورسوله يدخله} [13، 14].
قرأ نافع وابن عامر الحرفين بالنون.
وقرأ الباقون بالياء، وهو الاختيار لذكر الله تعالى قبله). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/130] (م)
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والنون من قوله [جلّ وعز]: يدخله.
فقرأ ابن عامر ونافع: ندخله جنات [النساء/ 13] بالنون في الحرفين جميعا، وقرأ الباقون بالياء فيهما.
قال أبو علي: كلاهما حسن، فمن قرأ يدخله فلأنّ ذكر اسم الله عزّ وجل قد تقدّم فحمل الكلام على الغيبة، ومن قرأ
[الحجة للقراء السبعة: 3/140]
ندخله فالمعنى فيه كالمعنى في الياء، ويقوّي ذلك قوله تعالى: بل الله مولاكم [آل عمران/ 150] ثمّ قال: سنلقي [آل عمران/ 151] ). [الحجة للقراء السبعة: 3/141]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ومن يطع الله ورسوله يدخله} {ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله} 13 و14
قرأ نافع وابن عامر (ومن يطع الله ورسوله ندخله) (ومن يعص الله ورسوله ندخله) بالنّون فيهما إخبار الله عن نفسه
وقرأ الباقون بالياء فيهما وحجتهم قوله ومن يطع الله يدخله فيكون كلاما واحدًا ولو كان بالنّون لكان الأول ومن يطعنا ندخله فلمّا كان {يطع الله} قال {يدخله} على معنى يدخله الله). [حجة القراءات: 193] (م)
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (9- {نُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ} [آية/ 13]:-
بالنون، قرأها نافع وابن عامر، وكذلك {نُدْخِلْهُ نارًا} بالنون؛ لأن المعنى فيه كالمعنى في الياء، والنون من خطاب الملوك وأقوالهم، فخوطبوا بالمتعارف، وقد مضى، وجاز الإخبار بالنون مع تقدم ذكر الله، كما قال تعالى {بَلِ الله مَوْلاكُمْ} ثم قال {سَنُلْقِي}.
وقرأ الباقون {يُدْخِلْهُ} بالياء فيهما، وذلك لأن ذكر الله تعالى قد تقدم، فحمل الكلام على لفظ الغيبة أولى). [الموضح: 408]

قوله تعالى: {وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ (14)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ندخله جنّاتٍ... (13). و: (ندخله نارًا... (14).
[معاني القراءات وعللها: 1/295]
قرأ نافع وابن عامر: (ندخله) و(ندخله) بالنون فيهما جميعا.
وقرأ الباقون بالياء.
قال الأزهري: من قرأ (يدخله) أو (ندخله) فالفعل لله جلّ وعزّ، وقد مرّ مثله فيما تقدم). [معاني القراءات وعللها: 1/296] (م)
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (7- وقوله تعالى: {ومن يطع الله ورسوله يدخله} [13، 14].
قرأ نافع وابن عامر الحرفين بالنون.
وقرأ الباقون بالياء، وهو الاختيار لذكر الله تعالى قبله). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/130] (م)
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ومن يطع الله ورسوله يدخله} {ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله} 13 و14
قرأ نافع وابن عامر (ومن يطع الله ورسوله ندخله) (ومن يعص الله ورسوله ندخله) بالنّون فيهما إخبار الله عن نفسه
وقرأ الباقون بالياء فيهما وحجتهم قوله ومن يطع الله يدخله فيكون كلاما واحدًا ولو كان بالنّون لكان الأول ومن يطعنا ندخله فلمّا كان {يطع الله} قال {يدخله} على معنى يدخله الله). [حجة القراءات: 193] (م)
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (18- قوله: {يدخله}، {ويدخله} قرأهما نافع وابن عامر بالنون، ومثله موضعان في الفتح «يدخله، ويعذبه» وفي التغابن: {يكفر عنه}، {ويدخله} وفي الطلاق: {يدخله} «11» وقرأ الباقون بالياء في السبعة.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/380]
19- وحجة من قرأ بالنون أنه أخرج الكلام على الإخبار من الله جل ذكره عن نفسه، بعد لفظ الغيبة، وذلك مستعمل كثير، قال الله جل ذكره: {والذين كفروا بآيات الله ولقائه} «العنكبوت 23» فجرى الكلام على لفظ الغيبة ثم قال: {أولئك يئسوا من رحمتي} فرجع بالكلام إلى الإخبار من الله عن نفسه، فكذلك هذا، وقال تعالى ذكره: {بل الله مولاكم وهو خير الناصرين} «آل عمران 150» فأتى الكلام على لفظ الغيبة، ثم قال: {سنلقي في قلوب} «151» فرجع الكلام إلى الإخبار من الله جل ذكره عن نفسه.
20- وحجة من قرأ بالتاء أنه رد آخر الكلام على أوله، فلما أتى أوله بلفظ الغيبة في قوله: {ومن يعص الله ورسوله}، {ومن يطع الله ورسوله} قال: «يعذبه، ويدخله، ويكفر» بلفظ الغيبة ليأتلف الكلام على نظام واحد، وهو الاختيار، لأن أكثر القراء عليه، ولأنه أليق بسياق الكلام). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/381]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #10  
قديم 4 صفر 1440هـ/14-10-2018م, 09:25 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النساء
[ من الآية (15) إلى الآية (16) ]

{وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً (15) وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا (16)}

قوله تعالى: {وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً (15)}

قوله تعالى: {وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا (16)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (واللّذان يأتيانها منكم... (16).
قرأ ابن كثير: (واللّذانّ يأتيانها) و(هذانّ) و(هاتينّ) و(فذانّك) بتشديد النون فيهن.
وقرأ أبو عمرو ويعقوب (فذانّك) بتشديد النون، وخففا سائر الحروف. وخففهن الباقون كلهن.
[معاني القراءات وعللها: 1/296]
قال أبو منصور: من شدد النون في (فذانّك) فهو على لغة من يقول في الواحد: (ذلك) في موضعا (ذاك).
قال أحمد بن يحيى: ومن شدد النون في سائر الحروف، وهي لغات جاءت عن العرب، فالأحسن الأكثر فيها التخفيف). [معاني القراءات وعللها: 1/297]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (8- وقوله تعالى: {واللذان يأتيانها منكم} [16].
قرأ ابن كثير وحده {واللذان} جعل النون عوضًا من الياء المحذوفة التي كانت في الذي.
وخففها الباقون؛ لأن م كلام العرب أن يحذفوا ويعوضوا، وأن يحذفوا ولا يعوضوا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/130]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في تشديد النون وتخفيفها من قوله عز وجل والذان [النساء/ 16] وهذان [طه/ 63 - والحج/ 19] وفذانك [القصص/ 32] وهاتين [القصص/ 27].
فقرأ ابن كثير: هذان*، واللذان، وفذانك.
وهاتين مشدّدة النون.
وقرأ نافع وعاصم وابن عامر وحمزة والكسائي بتخفيف ذلك كلّه، وشدّد أبو عمرو فذانك وحدها، ولم يشدّد غيرها.
قال أبو علي: من قرأ: اللذان وهذان* وهاتين فالقول في تشديد نون التثنية: أنّه عوض من الحذف الذي يلحق الكلمة، ألا ترى أنّ قولهم «ذا» قد حذف لامها، وقد حذفت الياء من «اللذان» في التثنية. فإن قلت: فإن الحذف في تثنية اللذان إنّما هو لالتقاء الساكنين، وما حذف لالتقاء الساكنين فهو في تقدير الثبات بدلالة قوله:
ولا ذاكر الله إلّا قليلا.
[الحجة للقراء السبعة: 3/141]
ألا ترى أنّه نصب مع الحذف كما ينصب مع الإثبات؟
قيل: إنّ اللام في اللتان واللذان وإن كانت حذفت لالتقاء الساكنين، فإنّهما لما لم تظهر في التثنية التي كان يلزم أن يثبت فيها وتتحرك، أشبه ما حذف حذفا، لغير التقاء الساكنين، فاقتضى العوض منه كما اقتضته المبهمة نحو: هذان، واتّفقت هذه الأسماء من اللذان وهذان في هذا التعويض، كما اتفقا في التحقير في فتح الأوائل منهما، مع ضمها من غيرهما، وفي إلحاق الألف أواخرهما، وذلك نحو اللتيّا، واللذيّا، وهاتيّا.
فأما تخصيص أبي عمرو التعويض في المبهمة في نحو قوله: فذانك وتركه التعويض في اللذان، فيشبه أن يكون ذلك لما رآه من أنّ الحذف للمبهمة ألزم، فبحسب لزومها الحذف ألزمها العوض ولم يعوض في اللّذين، ألا ترى أنّ اللذين إذا قلت: اللّذيّا فحقّرت أظهرت اللام المحذوفة في التثنية في التحقير، وإذا حقرت المبهم فقلت: هاذيّا، فالحذف في الاسم قائم، لأنّه كان ينبغي هاذييّا، الياء الأولى عين الفعل، والثانية للتحقير، والثالثة لام الفعل، فحذفت التي هي عين الفعل، ولم يجز أن تحذف التي هي لام لأنّك لو حذفتها لتحركت ياء التحقير لمجاورتها الألف، وهذه الياء لا تحرك أبدا، ألا ترى أنّه لم يلق عليها حركة الهمزة في نحو: أقيّس، فلما لم يتمّ في التحقير، وأتمّ الموصول خصّ المبهم بالعوض دون الموصول لذلك. فإن قال قائل: هلّا وجب
[الحجة للقراء السبعة: 3/142]
عوض المنقوص في التثنية نحو: يد، ودم، وغد؟ فإن ذلك ليس بسؤال، ألا ترى أنّهم عوّضوا في: أسطاع، وأهراق ولم يعوضوا في: أجاد وأقام ونحو ذلك.
وأيضا: فإنّ الحذف لمّا لم يلزم هذه المتمكنة، كان الحذف في حكم لا حذف، ألا ترى أن منه ما يتمّ في الواحد نحو: غد وغدو؟ ومنه ما يتمّ في التثنية نحو:
يديان بيضاوان....
ونحو:
جرى الدّميان.....
[الحجة للقراء السبعة: 3/143]
وفي الجمع نحو: أيد ودماء، وفي التحقير نحو: دميّ ويديّة، وليست المبهمة كذلك، ويمكن أن يكون أبو عمرو قدّر ذانك تثنية ذلك، فعوّض الحرف في التثنية من الحرف الزائد الذي كان في الإفراد قبل التثنية، والأول أشبه). [الحجة للقراء السبعة: 3/144]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({واللذان يأتيانها}
قرأ ابن كثير {واللذان} بتشديد النّون وكذلك (هاذان)
[حجة القراءات: 193]
و {هاتين} و{أرنا الّذين} وحجته أن الأصل في قوله {واللذان} اللذيان فحذف الياء وجعل النّون المشدّدة عوضا من الياء المحذوفة الّتي كانت في الّذي وكذلك في {إحدى ابنتي هاتين} الأصل هاتيين وأرنا اللذيين وفي هذان هذا ان شدد هذه النونات وجعل التّشديد عوضا من الياء المحذوفة والألف
إذا سأل سائل فقال لم شددت النّون في هذه الكلمة ولم تشددها في قوله {برهانان} و{غلامان} فالجواب عن ذلك من وجهين أحدهما أن هذه النّون لما كانت ثابتة في الأحوال كلها ولم تكن الإضافة تسقطهما لأن هذه الأسماء لا تضاف البتّة ففرقوا بينها وبين النّون الضعيفة الّتي تسقط في الإضافة فتقول هذان غلاما زيد فلمّا كانت أقوى شددت ليدل بالتّشديد على قوتها بالإضافة لغيرها من النونات الّتي تتسلط الإضافة عليها
[حجة القراءات: 194]
والوجه الثّاني يقال لهذه النّون في المبهمات بدل من الألف المحذوفة والياء المحذوفة وهما حرفان في الأصل من نفس الكلمة والنّون في التّثنية في قولك برهانان ورجلان بدل من التّنوين الّذي هو زائد وعارض في الكلمة فجعلت للنون الّتي هي بدل من الأصل مزية على النّون الّتي هي بدل من عارض في الأصل وتلك المزية التّشديد
وقرأ الباقون جميع ذلك بالتّخفيف وحجتهم أن من كلام العرب أن يحذفوا ويعوضوا وأن يحذفوا ولا يعوضوا فمن عوض آثر تمام الكلمة ومن لم يعوض آثر التّخفيف ومثل ذلك في تصغير مغتسل تقول مغيسل ومغيسيل فمن قال مغيسل لم يعوض من التّاء شيئا ومن قال مغيسيل عوض من التّاء). [حجة القراءات: 195]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (21- قوله: {واللذان يأتيانها} قرأ ابن كثير بتشديد النون، ومثله «هذان، وهاتين وفذانك، واللذين»، ووافقه أبو عمرو على التشديد في «فذانك» خاصة، وقرأ ذلك الباقون بالتخفيف.
22- وحجة من شدد النون أن في ذلك ثلاثة أقوال: الأول أنه شدد النون، ليكون التشديد عوضًا من الحذف الذي دخل هذه الأسماء المبهمة في التثنية، لأنه قد حذف ألف منها، لالتقاء الساكنين، وهما الألف التي كانت في آخر الواحد، وألف التثنية، فجعل التشديد في النون عوضًا من المحذوف، الثاني أن التشديد وجب لهذه النون، للفرق بين النون، التي هي عوض من تنوين ملفوظ به في الواحد، نحو: زيد وعمرو وبين النون التي لا تنوين في الواحد
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/381]
ملفوظ به، تكون النون عوضًا منه، والثالث أن النون شددت للفرق بين النون، التي تحذف للإضافة، وبين النون التي لا تحذف للإضافة؛ لأن المبهم معرفة، فهو لا يضاف ألبتة، وقد قيل إن التشديد في «فذانك» وجب على إدغام اللام في النون، وذلك أن أصله ذلك، ثم دخلت نون التثنية قبل اللام، فصار «ذانك» فأدغمت اللام في النون، على طريق إدغام الثاني في الأول، فوقع التشديد لذلك، ويجوز أن تكون النون، التي للتثنية، وقعت بعد اللام، ثم أدغمت اللام في النون، على إدغام الأول في الثاني، فوقع التشديد لذلك.
23- وحجة من خفف أنه أجرى المبهم مجرى سائر الأسماء، فخفف النون، كما تخفف في كل الأسماء، وهو الاختيار، وعليه أتى كلام العرب، وهو المستعمل، وعليه أكثر القراء). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/382]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (10- {واللَّذَانِّ} [آية/ 16]:-
بالمد وتشديد النون، قرأها ابن كثير وحده، وكذلك {والَّذَينِّ} و{هذانّ} و{هتَينّ} و{فَذَانّك} بتشديد النون فيهن أجمع.
وقرأ أبو عمرو ويعقوب يس- {فَذَانِّكَ} في القصص.
والوجه في ذلك أنهم عوضوا من المحذوف نونًا وأدغموها في نون التثنية،
[الموضح: 408]
وذلك أن اللذان قياس أصله اللذيان، وكذلك هذان قياسه في الأصل هاذيان، لكنهم لما رأوا الياء والألف يجتمعان وهما ساكنان مع ألف التثنية، فحذفوا الياء والألف لالتقاء الساكنين، وهؤلاء القراء عوضوا من المحذوف الذي هو الياء والألف نونًا، وأدغموها في نون التثنية، فبقي {هذانّ} و{اللّذانِّ}.
وقرأ الباقون بالتخفيف فيهن أجمع.
وهو الأظهر الأكثر والقياس المسلوك؛ لأنهم يحذفون حرف العلة من هاتين الكلمتين في التثنية، ولا يعوضون منهما شيئًا، فيقولون: اللذان وهذان بالتخفيف، وقلما يشددون). [الموضح: 409]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #11  
قديم 4 صفر 1440هـ/14-10-2018م, 09:25 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النساء
[ من الآية (17) إلى الآية (18) ]

{إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً (17) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (18)}

قوله تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً (17)}

قوله تعالى: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (18)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #12  
قديم 4 صفر 1440هـ/14-10-2018م, 09:26 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النساء
[ من الآية (19) إلى الآية (21) ]

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19) وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً (20) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا (21)}

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (أن ترثوا النّساء كرهًا... (19).
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو: (كرهًا) هاهنا بفتح الكاف، وفي التوبة وفي الأحقاف في موضعين: (كرهًا) و(كرهًا) أربعهن بفتح الكاف.
وقرأ ابن عامر وعاصم في النساء والتوبة، (كرهًا) بفتح الكاف وفي الأحقاف: (كرهًا) و(كرهًا) بضم الكاف فتابعهما الحضرمي، فقرأ مثلهما سواء.
وقرأ حمزة والكسائي بضم الكاف فيهن أجمع وقد مر في سورة البقرة الجواب فيها). [معاني القراءات وعللها: 1/297]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ (بفاحشةٍ مبيّنةٍ... (19).
قرأ ابن كثير وأبو بكر عن عاصم: (بفاحشةٍ مبيّنةٍ) في كل
[معاني القراءات وعللها: 1/297]
القرآن بفتح الياء، وكذلك (آياتٍ مبيّناتٍ) بالفتح أيضًا في جميع القرآن.
وقرأ نافع وأبو عمرو ويعقوب: (بفاحشةٍ مبيّنةٍ) بكسر الياء، و(آياتٍ مبيّناتٍ) بفتح الياء في جميع القرآن.
وقرأ ابن عامر، وحفص عن عاصم، والمفضل عن عاصم، وحمزة والكسائي: (بفاحشةٍ مبيّنةٍ) و(آياتٍ مبيّناتٍ) بالكسر فيها.
قال أبو منصور: من قرأ (مبيّناتٍ) بالكسر فالمعنى: متبينات، يقال: بيّن الشيء وتبيّن بمعنى واحد.
ومن قرأ (مبيّناتٍ) فالمعنى: أن الله قد بينها، والعرب تقول: بيتت الشيء فبين، أي: تبين. لازم ومتعدٍّ، ومثله: قدمته فقدّم، أي: تقدم. ونوّرته فنوّر.
ومن قرأ (بفاحشةٍ مبيّنةٍ) فمعناها: ظاهرة.
ومن قرأها (مبيّنةٍ) فالمعني: مكشوفة مظهرة). [معاني القراءات وعللها: 1/298]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (9- وقوله تعالى: {بفاحشة مبينة} [19].
قرأ ابن كثير وعاصم في رواية أبي بكر {مبينة} بالفتح.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/130]
وقرأ الباقون بالكسر، فمن كسر جعل الفاحشة هي التي تبين على صاحبهما، ومن فتح فهو الاختيار لقوله تعالى: {قد بينا لكم الآيات} فالله المبين والآيات المبينات). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/131]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (10- وقوله تعالى: {أن ترثوا النساء كرها} [19].
قرأ حمزة والكسائي بالضم، وكذلك في (التوبة) و(الأحقاف).
وقرأ عاصم وابن عامر في (الأحقاف) بالضم والباقي بالفتح.
وقرأ الباقون كل ذلك بالفتح. فقال قوم: هما لغتان.
وقال آخرون: الكره، المصدر، والكره: الاسم). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/131]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح الكاف وضمها من قوله [جلّ وعز] كرها [النساء/ 19] وذلك في أربعة مواضع في النساء [19]، والتوبة [53]، والأحقاف في موضعين [15].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو: كرها بفتح الكاف فيهنّ كلّهنّ.
وقرأ عاصم وابن عامر: كرها بالفتح في النساء والتوبة.
وقرأ في الأحقاف: كرها* مضمومتين. وقرأ حمزة والكسائي: كرها* بالضم فيهنّ كلّهنّ. وقال ابن ذكوان في حفظي: كرها: بفتح الكاف في سورة الأحقاف في الموضعين.
قال أبو علي: الكره والكره: لغتان، كقولهم: الفقر والفقر، والضّعف، والضّعف، والدّفّ والدّفّ، والشّهد والشّهد. فمن قرأ الجميع بالضم فقد أصاب. وكذلك لو قرأ قارئ جميع ذلك
[الحجة للقراء السبعة: 3/144]
بالفتح، وكذلك إن قرأ بعض ذلك بالفتح وبعضه بالضم، كل ذلك مستقيم.
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في كسر الياء وفتحها من قوله [جلّ وعز]: بفاحشة مبينة [النساء/ 19] وآيات مبينات [النور/ 34/ 46].
فقرأ ابن كثير وعاصم في رواية أبي بكر: بفاحشة مبينة*، وآيات مبينات* بفتح الياء فيهما جميعا.
وقرأ نافع وأبو عمرو بفاحشة مبينة كسرا، وآيات مبينات فتحا.
وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وحفص، والمفضّل عن عاصم بفاحشة مبينة كسرا وآيات مبينات كسرا أيضا.
قال أبو علي: قال سيبويه: قالوا: أبان الأمر وأبنته واستبان، واستبنته، والمعنى واحد، وذا هنا بمنزلة حزن، وحزنته، في فعلت. وكذلك: بيّن وبيّنته. وقال أبو عبيدة: الفاحشة: الشّنار والفحش والقبح.
قال أبو علي: الفاحشة: مصدر كالعاقبة والعافية يدل على ذلك قوله تعالى: وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء [الأعراف/ 28] فالفحشاء:
كالنعماء والبأساء والضراء.
[الحجة للقراء السبعة: 3/145]
وقيل في قوله: ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة [الطلاق/ 1] قولان: أحدهما: إلّا أن يزنين فيخرجن لإقامة الحدّ عليهنّ، وقيل: إلّا أن يأتين بفاحشة مبيّنة في خروجهنّ من بيوتهنّ.
فمن فتح العين في مبيّنة كان المعنى: يبيّن فحشها، فهي مبيّنة، ومبيّنة: فاحشة: بيّنت فحشها فهي مبيّنة. وقيل: إنّه جاء في التفسير: فاحشة: ظاهرة. فظاهرة حجّة لمبيّنة.
وأمّا الفتح في قوله: مبينات* فحجّته: قد بينا لكم الآيات [آل عمران/ 118 - الحديد/ 17] ومن قرأ: مبينات فحجّته قوله: قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله [المائدة/ 15] فالمبين والمبيّن واحد، وكذلك قوله: هذا بيان للناس [آل عمران/ 138] فما هدى الله به فهو مبيّن للمهديّ، كما أنّ البيان للناس مبيّن لهم). [الحجة للقراء السبعة: 3/146]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن عباس: [فَاحِشَةٍ مُبِينَةٍ] مكسورة الباء ساكنة الياء، وقال: [بيِّنة].
قال أبو الفتح: يقال: بان الشيء وأبنته، وأبان وأبنته، واستبان واستبنته، وتبين وتبينته.
[المحتسب: 1/183]
ومن أبيات الكتاب:
سلِّ الهموم بكل معطي رأسه ... ناج مخالط صُهبة مُتَعيِّسِ
مُغتالِ أحبُله مُبينٍ عنقُه ... في مَنكِب زَبَن المطيَّ عرندسِ
وقرأت على أبي علي في نوادر أبي زيد:
يبينُهم ذو اللب حتى تراهم ... بسيماهم بيضًا لحاهم وأَصْلُعَا
ومن كلامهم: قد بَيَّن الصبحُ لذى عينين، وقال:
تبين لي أن القَماءَة ذلة ... وأن أشداء الرجال طِيالُها
وأنشدنا أبو علي:
فلما تبينْ غِبّ أمري وأمره ... وولَّت بأعجاز الأمور صدورُ
وهو كثير). [المحتسب: 1/184]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({لا يحل لكم أن ترثوا النّساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهنّ إلّا أن يأتين بفاحشة مبينة} 19
قرأ حمزة والكسائيّ {أن ترثوا النّساء كرها} بالضّمّ قرأ الباقون بالنّصب واختلف النّاس في الضّم والفتح فال ابن عبّاس من قرأ {كرها} بالضّمّ أي بمشقّة ومن قرأ {كرها} بالفتح أي إجبارا أي أجبر عليه جعل ابن عبّاس الكره فعل الإنسان والكره ما أكره عليه صاحبه تقول كرهت الشّيء كرها وأكرهت على الشّيء كرها قال أبو عمرو والكره ما كرهته والكره ما استكرهت عليه ويحتج في ذلك بقول الله جلّ وعز {كتب عليكم القتال وهو كره لكم}
[حجة القراءات: 195]
وقال الأخفش هما لغتان مثل الضعف والضعف والفقر والفقر وقال قوم الكره المصدر تقول كرهته كرها مثل شربته شربا والكره اسم ذلك الشّيء
قرأ ابن كثير وأبو بكر {بفاحشة مبينة} بفتح الياء وقرأ الباقون بكسر الياء
جاء في التّفسير أن من قرأ {مبينة} بالكسر فمعناها ظاهرة ومن قرأ {مبينة} بالفتح فمعناها مكشوفة مظهرة أي أوضح أمرها اعلم أنّك إذا كسرتها جعلتها فاعلة أي هي الّتي تبين على صاحبها فعلها وإذا فتحتها جعلتها مفعولا بها والفاعل محذوف وكان التّقدير والله أعلم هو بينها فهي مبينة). [حجة القراءات: 196]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (24- قوله: {كرها} قرأه حمزة والكسائي بالضم، وفتح الباقون، ومثله في التوبة والأحقاف غير أن ابن ذكوان وعاصمًا وافقاهما على الضم في الأحقاف خاصة، وقرأ ذلك الباقون بالفتح، وهما لغتان مشهورتان كالفَقر والفُقر والضَعف والضُعف والشَهد والشُهد، وقد قيل إن الكره بالضم، المشقة، والكَره بالفتح الإجبار، وقيل: الكُره، بالضم، ما كرهته بقلبك، وبالفتح الإجبار، وقيل: الكُره، بالضم، ما عملته وأنت كاره له من غير أن تجبر عليه، والكره، بالفتح، ما أُجبرت عليه، وقال أبو عمرو، الكُره بالضم، كل شيء يكره فعله، والكَره، بالفتح، ما استنكره عليه، وقال الأخفش: هما
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/382]
لغتان، بمعنى المشقة والإجبار). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/383]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (25- قوله: {مبينة} و{مبينات} قرأ ابن كثير وأبو بكر «مبينة» بفتح الياء، وكسرها الباقون، وقرأ ابن عامر وحفص والكسائي «مبينات» بكسر الياء، وفتح الباقون، وذلك حيث وقع.
26- وحجة من فتح الياء أنه أجراه على ما لم يسم فاعله، أي: يبين، أي يبينها من يقوم فيها وينكرها، ويبين الآيات أنها آيات، أي يبينها الله أنها آيات.
27- وحجة من قرأ بكسر الياء أنه أضاف الفعل إلى الفاحشة، لأنها تبين عن نفسها أنها فاحشة يقبح فعلها، وتبين الآيات عن نفسها أنها آيات لإعجازها، و«الفاحشة» الزنا في قول الحسن والشعبي، أي: إن زنت المرأة بزنى أخرجت للحد، وصلح الخلع، قال عطاء الخراساني: هو منسوخ، كان الرجل إذا تزوج المرأة فأتت بفاحشة كان له أن يأخذ منها كل ما ساق إليها، فنسخ ذلك بالحدود، وقال الضحاك وقتادة: الفاحشة النشوز: إذا نشزت
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/383]
عنه، كان له أن يأخذ منها الفدية ويدعها، وقيل: المعنى: «إلا أن يزنين» فيحبسن في البيوت، فهذا كان قبل النسخ بالحدود، وقيل: الفاحشة البذاء باللسان، وقيل: هي خروجهن من بيوتهن في العدة، وقد شرحنا هذه الآية في كتاب «الهداية» بغاية الشرح). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/384]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (11- {أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كُرْهًا} [آية/ 19]:-
بضم الكاف، قرأها حمزة والكسائي، وكذلك في التوبة {طوعًا أو كُرْهًا} وفي الأحقاف {حَمَلتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا}.
وقرأ عاصم وابن عامر ويعقوب في النساء والتوبة {كَرْهًا} بالفتح، وفي الأحقاف بالضم.
[الموضح: 409]
وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو {كَرْهًا} بفتح الكاف في الأربعة الأحرف.
الكره والكره لغتان مثل الفقر والفقر والضَعف والضُعف، وفرق بعضهم بينهما، فقال: الكره بالضم: المشقة، والكره بالفتح: ما استكرهت عليه). [الموضح: 410]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (12- {بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [آية/ 19]:-
بفتح الياء، قرأها ابن كثير وعاصم ياش- وكذلك {آيات مُبَيَّنات} بالفتح.
وقرأ نافع وأبو عمرو ويعقوب {مُبَيّنَةٍ} بالكسر، و{مبيَّنات} بالفتح في كل القرآن.
وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي و- ص- عن عاصم بالكسر فيهما في كل القرآن.
من قرأ بالفتح في {مبيَّنة} و{مبيَّنات} بني الفعل للمفعول به، كأنه قال: بينت الفاحشة فهي مبينة، ومن قرأ بالكسر بني الفعل للفاعل، كأنها هي المبينة، أي الظاهرة، يقال بان الشيء وأبان وبين وتبين واستبان واحد
[الموضح: 410]
كله لازم، فمن فتح فحجته قوله {قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ} ومن كسر فحجته {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ الله نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ}). [الموضح: 411]

قوله تعالى: {وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً (20)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن محيصن: [وَآتَيْتُمُ احْدَاهُنَّ قِنْطَارًا] وصل ألف إحداهن.
قال أبو الفتح: قد تقدم نحو هذا فيمن قرأ: [فَلا اثْمَ عَلَيْهِ]، يريد: فلا إثم عليه بشواهده، وهذا حذف صريح، واعتباط مريح، نحو قوله:
وتسمع من تحت العجاج لها ازْملا
وقد مضى). [المحتسب: 1/184]

قوله تعالى: {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا (21)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #13  
قديم 4 صفر 1440هـ/14-10-2018م, 09:28 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النساء
[ من الآية (22) إلى الآية (24) ]

{وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاء سَبِيلاً (22) حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا (23) وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (24)}

قوله تعالى: {وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاء سَبِيلاً (22)}

قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا (23)}
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في الميم من إمهاتكم [النساء/ 23] فكسرها حمزة وفتحها الكسائي.
[قال أبو علي] أمّا فتح الكسائي الميم في إمهاتكم فهكذا ينبغي، لأنّ التغيير والإتباع إنّما جاء في الهمزة، ولم يأت في الميم، فغيّر الهمزة وترك غيرها على الأصل، ألا ترى أنّ الميم لم تغيّر، وإنّما غيّرت الهمزة إذا وليتها الكسرة أو الياء، فلما كان
[الحجة للقراء السبعة: 3/138]
كذلك أتبع الهمزة ما كان قبلها من الكسرة والياء، وترك الميم على أصلها كما تركها من ضم الهمزة فقال: أمّهات. وأمّا كسر الميم في إمّهات، فقول الكسائي أشبه منه. ووجهه أنّه أتبع الميم الهمزة، كما قالوا: منحدر من الجبل، فأتبعوا حركة الدال ما بعدها، ونحو هذا الإتباع لا يجسر عليه إلّا بالسمع ويقوي ذلك قول من قال: عليهمي ولا [الفاتحة/ 7] ألا ترى أنّه أتبع الهاء الياء ثم أتبع الميم الهاء، وإن لم تكن في خفاء الهاء؟ فكذلك أتبع الميم الهمزة في قوله: إمهات، وكما أن قول من قال:
عليهمي، فاعلم يقوّي ما أخذ به حمزة، فكذلك قول من قال:
عليهمو ولا، يقوّي قول الكسائي، ألا ترى أنّه أتبع الياء ما أشبهها في الخفاء، وترك غير الهاء على أصلها. فكذلك أتبع الكسائي الكسرة أو الياء الهمزة وترك الميم التي بعد الهمزة في قوله: لإمها على أصله فلم يغيره). [الحجة للقراء السبعة: 3/139] (م)
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن هُرْمُز: [الَّتِي أَرْضَعْنَكم] بلفظ الواحد.
قال أبو الفتح: ينبغي أن تكون التي هنا جنسًا فيعود الضمير عليه على معناه دون لفظه، كما قال سبحانه: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ}، ثم قال: {أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ}، فهذا على مذهب الجنسية، كقولك: الرجل أفضل من المرأة، وهو أمثل من أن يُعتقد فيه حذف النون من "الذي" كما حذفت من "اللذا" في قوله:
إن عَمَّيَّ اللذا
ألا ترى أن قوله: [التي ارضعنكم] لا يجوز أن يُعتقد فيه حذف النون؛ لأنه لا يقال: اللتين، والقول الآخر وجه، إلا أن هذا أقوى لهذه القراءة، وعليه قول الأشهب بن رُميلة:
وإن الذي حانت بفلج دماؤهم ... هم القوم كل القوم يا أُمَّ خالد
يحتمل المذهبين: حذف النون من الذين، واعتقاد مذهب الجنسية على ما مضى). [المحتسب: 1/185]

قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (24)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (والمحصنات من النّساء... (24).
[معاني القراءات وعللها: 1/298]
فتح الكسائي الصاد من قوله: (والمحصنات من النّساء) في هذه وحدها، وكسر الصاد في قوله: (والمحصنات)، و(محصنات) في سائر القرآن.
وقرأ الباقون بفتح الصاد حيث كانت.
وروى قيس بن سعد عن ابن كثير مثل الكسائي بكسر الصاد.
وأخبرني أبو بكر الإيادي عن شمر عن ابن الأعرابي، وأخبرني المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابي أنه قال: كلام العرب كله على (أفعل) فهو (مفعل)، إلا ثلاثة أحرف أحصن فهو محصن، وألفج فهو ملفج، إذا افتقر، وأسهب فهو مسهب، إذا أكثر الكلام.
[معاني القراءات وعللها: 1/299]
وأجمع القراء على فتح الصاد من قوله جلّ وعزّ: (والمحصنات من النّساء) لأن معناهن أنهن أحصن كالأزواج، ولو قرئت: (والمحصنات) فجازت في العربية أنهن يحصن فروجهن، وإحصان الفرج: إعفافه.
ويقال: امرأة حصان بينة الحصن إذا كانت عفيفة، وفرس حصان بيّن التحصن والتحصين، إذا كان فحلا منجبا. وبناءٌ حصين: بيّن الحصانة.
ويقال: امرأة حاصن بمعنى: الحصان، ومنه قول الراجز:
وحاصنٍ من حاصناتٍ ملس... من الأذى ومن قراف الوقس). [معاني القراءات وعللها: 1/300]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وأحلّ لكم ما وراء ذلكم... (24).
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر ويعقوب: (وأحلّ) بفتح الألف.
وقرأ حمزة والكسائي وحفص: (وأحلّ لكم ما وراء ذلكم) بضم الألف
[معاني القراءات وعللها: 1/300]
قال أبو منصور: من قرأ (وأحلّ لكم) فمعناه: وأحل الله لكم.
ومن (وأحلّ لكم) فهو على ما لم يسم فاعله، والله المحل لعباده وحده، وهو المحرم الحرام). [معاني القراءات وعللها: 1/301]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (11- وقوله تعالى: {والمحصنات من النساء} [24].
قرأ الكسائي وحده كلها في القرآن بالكسر إلا هذه.
وقرأ الباقون بالفتح. والمحصنات، والمحصنة بالكسر تكون العفيفة، وتكون المسلمة، أي أحصنت نفسها بالإسلام، ومن قرأ بالفتح جعل المحصنات بالأزواج أي: أحصنهن أزواجهن فالأزواج محصنون، والنساء محصنات). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/131]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (13- وقوله تعالى: {وأحل لكم ما وراء ذلكم} [24].
قرأ حمزة والكسائي وحفص، عن عاصم {وأحل لكم} بالضم.
وفتحها الباقون، فمن ضم نسقه على قوله: {حرمت عليكم} ومن فتح قال: قبل الآية {كتاب الله عليكم} أي كتب عليكم كتابًا وأحل لكم قال: وإنما اخترت الفتح لأنه أقرب إلى ذكر الله.
ومن ضم قال: إنما يأتي محظور بعد مباح أو مباح بعد محظور، وأحل بعد ما حرم أحسن). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/132]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح الصاد وكسرها من قوله جلّ وعزّ: والمحصنات [النساء/ 24].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم وابن عامر وحمزة: والمحصنات بفتح الصاد في كلّ القرآن.
وقرأ الكسائي: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم [النساء/ 24] بفتح الصاد في هذه وحدها، وسائر القرآن: والمحصنات* ومحصنات* [النساء/ 25] بكسر الصاد. ولم يختلف أحد من القراء في هذه وحدها أنها بفتح الصاد
[الحجة للقراء السبعة: 3/146]
أعني: والمحصنات من النساء [النساء/ 24] حدّثنا أحمد قال: حدثنا أبو حمزة الأنصاري: قال: حدثنا حجاج بن المنهال، قال: حدثنا حماد بن سلمة عن قيس بن سعد عن مجاهد وعبد الله بن كثير مثل قراءة الكسائي: والمحصنات من النساء مفتوحة الصاد وسائر القرآن: والمحصنات*.
[قال أبو علي]: قال سيبويه: قالوا: للمرأة حصنت حصنا، وهي حصان، كجبنت جبنا وهي جبان. قال: وقالوا:
حصنا كما قالوا: علما.
وقد جاء الإحصان في التنزيل واقعا على غير شيء. من ذلك وقوعها على الحرائر، يدل على ذلك غير موضع في التنزيل، أحدها: قوله: والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم [النور/ 4] ألا ترى أنه إذا قذف غير حرة لم يجلد ثمانين. ومن ذلك: قوله: فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب [النساء/ 25]. ومن ذلك قوله: ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات [النساء/ 25] والمحصنات: المتزوجات بدلالة قوله: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم [النساء/ 24]
[الحجة للقراء السبعة: 3/147]
فذوات الأزواج محرّمات على كل أحد، إلّا على أزواجهنّ، وفسّروا قوله: إلا ما ملكت أيمانكم إلّا ما ملكتموهنّ بالسبي من دار الحرب، ألا ترى أنّ ذوات الزوج في دارنا محرّمة على كل أحد سوى الزوج. فأمّا إذا كانت متزوجة في دار الحرب، فسبيت منها، فإنّها تحلّ لمالكها، ولا عدّة عليها إذا دخلت دار الإسلام. ويدل على أنّ المتزوجة يقال لها محصنة قوله: وآتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات [النساء/ 25]. ويدلّ عليه أيضا قوله: أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين [النساء/ 24] وقد فسّر قوله: ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات [النساء/ 25] بالعفائف. ويدلّ على وقوع الإحصان على العفّة قوله: ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها [التحريم/ 12] وروي عن إبراهيم ومجاهد أن أحدهما قرأ: أحصن وفسّره بتزوّجن، وقرأ الآخر: أحصن وفسره: بأسلمن. فقد ثبت بما ذكرنا أنّ الإحصان يقع على الحريّة، وعلى التزويج، وعلى العفّة، وعلى الإسلام. وليس تبعد هذه الأسماء عمّا عليه موضوع اللغة.
قال أبو عبيدة: في قوله: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم المحصنات: ذوات الأزواج.
وأنشد الأصمعي:
[الحجة للقراء السبعة: 3/148]
إذا المعسيات كذبن الصّبو... ح خبّ جريّك بالمحصن
وفسّر المحصن المدّخر من الطعام، والمدّخر للاحراز لا تمتد إليه اليد امتدادها إلى غير المحرز للادّخار. والحريّة تبعد وتمنع من امتهان الرقّ، والإسلام يحظر الدم والمال اللذين كانا على الإباحة قبل، والتزويج في المرأة كذلك في حظر خطبتها التي كانت مباحة قبل ويمنع تصدّيها للتزويج، والعفّة: حظر النفس عما يحظره الشرع. فهذه الأسماء قريبة مما عليه أصل اللغة.
وأنشد أبو عبيدة:
وحاصن من حاصنات ملس... من الأذى ومن قراف الوقس
قال: الحاصن: العفيفة، قال: والوقس: مثل توقّس الجرب، قال: والمحصنة أحصنها زوجها. قال أبو علي: الحاصن
[الحجة للقراء السبعة: 3/149]
يحتمل ضربين: إما أن يكون على معنى النسب أو يكون مثل:
دلو الدال...
وإنّما وقع الاتفاق على فتح العين من قوله: والمحصنات لما فسروا الحرف عليه من أنّه يعنى به الحربية المتزوجة في دار الحرب). [الحجة للقراء السبعة: 3/150]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في فتح الألف وضمها من قوله تعالى: وأحل لكم [النساء/ 24].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وأحل لكم بفتح الألف والحاء.
وقرأ حمزة والكسائي: وأحل لكم بضم الألف.
قال أبو علي: وأحل لكم ما وراء ذلكم بناء الفعل للفاعل أشبه بما قبله، ألا ترى أن معنى: كتاب الله عليكم: كتب الله عليكم كتابا، وأحلّ لكم؟ ومن بنى الفعل للمفعول به فقال:
وأحل لكم فهو في المعنى يؤول إلى الأول، وفي ذاك مراعاة مشاكلة ما بعد بما قبل). [الحجة للقراء السبعة: 3/150]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة محمد بن السميفع: [كَتَبَ اللَّهُ عَلَيكم] مفتوحة الكاف، وليس بعد التاء ألف، والباء نصب.
قال أبو الفتح: في هذه القراءة دليل على أن قوله: "عليكم" من قوله: {كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} في قراة الجماعة مُعلَّقة بنفس كتاب، كما تعلقت في [كَتَبَ اللَّهُ عَلَيكم] بنفس كتب، وأنه ليس "عليكم" من {كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} اسمًا سُمي به الفعل، كقولهم: عليك زيدًا، إذا أردت: خذ زيدًا؛ وذلك أن عليك ودونك وعندك إذا جُعلن أسماء للفعل لسن منصوبات المواضع، ولا هن متعلقات بالفعل مُظْهَرًا ولا مُضْمَرًا، ولا الفتحة في نحو: دُونك زيدًا فتحة إعراب كفتحة الظرف في نحو قولك: جلست دونك؛ بل هي فتحة بناء؛ لأن الاسم الذي هو عندك زيدًا
[المحتسب: 1/185]
بمنزلة صه ومه لا إعراب فيه، كما لا إعراب في صه ومه وحَيْهَل، غير أنه بُني على الحركة التي كانت له في حال الظرفية، كما أن فتحة لام رجل من قولك: لا رجل في الدار، وهي الحركة التي تحدثها "لا" إعرابًا في المضاف والممطول، نحو: لا غلام رجل عندك، ولا خيرًا منك فيها، وكذلك قول الله تعالى: {مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ}، الفتحة في نون "مكانكم" فتحة بناء؛ لأنه اسم لقولك: اثبُتوا، وليست كفتحة النون من قولك: الزموا مكانكم، هذه إعراب، وتلك في الآية بناء. وهذا موضع فيه لطف فتفهمه.
ولما دخل شيخنا أبو علي -رحمه الله- الموصل سنة إحدى وأربعين، قال لنا: لو عرفتُ في هذا البلد من يعرف الكلام على قولك: دونك زيدًا؛ لغدوت إلى بابه ورُحت. وكذلك قوله تعالى: [كَتَب الله عليكم] و {كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُم}، و {عَلَيْكُمْ} في الموضعين جميعًا منصوبة الموضع بنفس كَتَب وكتاب، ولو قلت: عليكم كتاب الله لما كان لقولك عليكم موضع من الإعراب أصلًا، ولا كانت متعلقة بشيء ظاهر ولا محذوف ولا مضمر على ما تقدم، فاعرفه). [المحتسب: 1/186]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({والمحصنات من النّساء إلّا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم وأحل لكم} {أن ينكح المحصنات} {فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات} 24 25
قوله {والمحصنات من النّساء} اتّفق القرّاء على فتح الصّاد في هذا الحرف واختلفوا فيما عداه فقرأ الكسائي {أن ينكح المحصنات المؤمنات} {فعليهن نصف ما على المحصنات} بكسر الصّاد في جميع القرآن أي هن أحصن أنفسهنّ بالإسلام والعفاف فذهب الكسائي إلى أن المحصنات المسلمات العفايف هن أحصن أنفسهنّ بالإسلام والعفاف والعرب تقول أحصنت المرأة فهي محصنة وذلك إذا حفظت نفسها وفرجها وحجته في فتح الحرف الأول وكسر ما عداه أن المعنى فيه غير موجود فيما عداه وذلك أن
[حجة القراءات: 196]
المحصنات ها هنا هن ذوات الأزواج اللّاتي أحصنهن أزواجهنّ سوى ملك اليمين اللّاتي كان لهنّ الأزواج فكن محصنات بهم فأحلهن بعد استبرائهن بالحيض فأما ما سوى هذا الحرف فإن المراد فيه ما ذكرنا من الإسلام والعفة
عن الحسن في قوله {والمحصنات من النّساء} قال ذوات الأزواج فقال الفرزدق قد قلت فيه شعرًا قال الحسن ما قلت يا ابا فراس قال قلت
وذات حليل أنكحتها رماحنا ... حلال لمن يبني بها لم تطلق
روي أن النّبي صلى الله عليه بعث يوم حنين سريّة فأصابوا حيا من العرب يوم أوطاس فهزموهم وقتلوهم وأصابوا نساء لهنّ أزواج فكان ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه تأثموا من غشيانهن من اجل أزواجهنّ فأنزل الله عز وجل {والمحصنات من النّساء} أي المتزوجات {إلّا ما ملكت أيمانكم} أي السبايا من ذوات الأزواج لا بأس في وطئهن بعد استبرائهن
وقرأ الباقون {المحصنات} بفتح الصّاد أي متزوجات أحصنهن أزواجهنّ والأزواج محصنون والنّساء محصنات
قال أبو عمرو الزّوج يحصن المرأة والإسلام وكذلك {فإذا أحصن} أي أحصنهن الأزواج والإسلام قال ولا تقول العرب هذا قاذف محصنة لا محصنات إلّا محصنة ومحصنات فتأويل المحصنات أزواجهنّ أعفوهن أو إسلامهن أحصنهن فهن محصنات بذلك
[حجة القراءات: 197]
قرأ حمزة والكسائيّ وحفص {وأحل لكم} بضم الألف وكسر الحاء على ما لم يسم فاعله وحجتهم أن ابتداء التّحريم في الآية الأولى أجري على ترك تسمية الفاعل وهو قوله {حرمت عليكم أمّهاتكم} وما ذكر بعدهن فأجري التّحليل عقيب التّحريم وعلى لفظه ليكون لفظ التّحريم والتحليل على لفظ واحد فكأنّه قال حرم عليكم كذا وأحل لكم كذا
وقرأ الباقون {وأحل} بالفتح وحجتهم في ذلك قربه من ذكر الله فجعلوا الفعل مسندًا إليه لذلك وهو قوله {كتاب الله عليكم وأحل لكم} أي وأحل الله لكم
قرأ حمزة والكسائيّ وأبو بكر {فإذا أحصن} بفتح الألف والصّاد أي أسلمن ويقال عففن كذا جاء في التّفسير يسندون الإحصان إليهنّ وإذا قرئ ذلك على ما لم يسم فاعله كان وجوب الحد في ظاهر اللّفظ على المملوكة ذات الزّوج دون الأيم وفي إجماع الجميع على وجوب الحد على المملوكة غير ذات الزّوج دليل على صحة فتحة الألف
وقرأ الباقون {فإذا أحصن} أي الأزواج جعلوهن مفعولات بإحصان أزواجهنّ إياهن فتأويله فإذا أحصنهن أزواجهنّ ثمّ رد إلى ما لم يسم فاعله نظير قوله {محصنات} بمعنى أنّهنّ مفعولات وهذا مذهب ابن عبّاس قال لا تجلد إذا زنت حتّى تتزوّج وكان ابن مسعود يقول إذا أسلمت وزنت جلدت وإن لم تتزوّج). [حجة القراءات: 198] (م)
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (28- قوله: {محصنات}، {والمحصنات} قرأ الكسائي بكسر الصاد في جميع القرآن إلا قوله تعالى: {والمحصنات من النساء} فإنه فتح الصاد فيه، وقرأ الباقون جميع ذلك بفتح الصاد.
29- وحجة من كسر الصاد أنه أضاف الفعل إليهن، فجعلهن أحصن أنفسهن بالعفاف والحرية، نحو قوله: {والذين يرمون المحصنات} «النور 4» أي العفائف الحرائر، وقوله: {التي أحصنت فرجها} «الأنبياء 91» يراد به العفاف، أو بالتزويج نحو قوله: {فإذا أحصن} «النساء 25» أي: تزوجن، أو بالإسلام نحو قوله: {أن ينكح المحصنات المؤمنات} «النساء 25» فهن أحصن أنفسهن بعفاف أو بإسلام.
30- وحجة من فتح الصاد أنه أجرى الفعل على ما لم يسم فاعله، فجعلهن أحسنهن غيرهن من زوج أو ولي، وإنما خص الكسائي {والمحصنات من النساء} بالفتح لأنه نزل في ذوات الأزواج، حرّم الله وطأهن، واستثنى ملك اليمين من السبايا، فلمن سباهن وطوءهن بعد الاستبراء، وإن كن ذوات أزواج في بلدهن، وهو الاختيار؛ لأن الجماعة عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/384]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (31- قوله: {وأحل لكم} قرأه حفص وحمزة والكسائي بضم الهمزة، وكسر الحاء، وقرأ الباقون بفتح الهمزة والحاء.
32- وحجة من فتح أنه بنى الفعل للفاعل، وهو الله، لا إله إلا هو، وعطفه على ما قبله، مما أضيف الفعل فيه إلى الله جل ذكره في قوله: {كتاب الله عليكم} «النساء 24» أي: كتب الله ذلك عليكم، وأحل لكم ما وراء ذلك فـ «ما» في موضع نصب.
33- وحجة من ضم الهمزة أنه بنى الفعل، لما لم يُسم فاعله على ما جرى من الكلام في أول الآية في قوله: {حُرمت عليكم} «23» على ما لم يسم فاعله، فطابق بين أول الكلام وآخره، فكأنه حرم عليكم كذا وأحل لكم كذا، فهذا أليق بتجانس الكلام وآخره، فكأنه حرم عليكم كذا وأحل لكم كذا، فهذا أليق بتجانس الكلام وارتباط بعضه ببعض، والاختيار فتح الهمزة؛ لقرب اسم الله جل ذكره منه، وبعد «حرمت» منه، ولأن عليه أهل الحرمين وأكثر القراء). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/385]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (13- {المُحْصِنات} [آية/ 24] و{مُحْصِنات} [آية/ 25]:-
بكسر الصاد، قرأها الكسائي وحده في كل القرآن، إلا في النساء {والمحصَنات من النساءِ}، فإنه فتحها وحدها.
وقرأ الباقون {المحصَنات} و{مُحْصَنات} بالفتح في جميع القرآن.
أما من فتح الصاد فإنه بناه على أحصنت فهي محصنة، أي أحصنها غيرها إما التزويج وإما الإسلام وإما التعفف وإما الولي بتزويجها.
ومن كسر الصاد بناه على أحصنت بناء الفعل للفاعل، والمراد أحصنت نفسها بالعفة أو التزوج). [الموضح: 411] (م)
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (14- {وأحل لكم} [آية/ 24]:-
بضم الألف، قرأها حمزة والكسائي و-ص- عن عاصم.
[الموضح: 411]
وهذا على بناء الفعل للمفعول به، وفيه مشاكلة لما تقدم، وهو قوله {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ} ثم قال {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} فشاكل بين المعطوف والمعطوف عليه.
وقرأ الباقون {وأَحَلَّ لَكُمْ} بفتح الألف، على بناء الفعل للفاعل، حملاً على ما يليه من قوله {كِتَابَ اللهِ}؛ لأن المعنى كتب الله عليكم كتابًا، فكأنه قال كتب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم). [الموضح: 412]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #14  
قديم 4 صفر 1440هـ/14-10-2018م, 09:29 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النساء
[ الآية (25) ]

{وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (25)}

قوله تعالى: {وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (25)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فإذا أحصنّ... (25.
فتح الألف أبو بكر عن عاصم، وضمها حفص عن عاصم.
وقرأ حمزة والكسائي: (فإذا أحصنّ) بفتح الألف أيضًا.
وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر: (فإذا أحصنّ) قال أبو منصور: من قرأ (فإذا أحصنّ) فالمعنى أن الإماء إذا أسلمن أحصنّ فروجهن بالإسلام، أي: أعففنها، ومن قرأ (فإذا أحصنّ) فالمعنى: أنهن زوّجن إماء لم يعتقن بعد فأحصنهنّ أزواجهن.
وقيل في قوله (فإذا أحصنّ): إنه بمعنى أسلمن فأحصنّ أنفسهن بالإسلام.
وقيل معنى (أحصنّ)، أي: ملكن فأسلمن فمنعن من الفساد.
[معاني القراءات وعللها: 1/301]
وقال أبو عبيد: أجمع القراء على نصب الصاد في الحرف الأول من سورة النساء، فلم يختلفوا في فتحها لأن تأويلها ذوات الأزواج يسبين فيحلهنّ السّبي، يوطأن بملك اليمين، وينتقض نكاحهن.
وأما سوى الحرف الأول فالقراء مختلفون، فمنهم من يكسر الصاد، ومنهم من يفتحها، فمن نصب ذهب إلى الأزواج، ومن كسر ذهب إلى أنهن أسلمن فأحصنّ أنفسهن، فهن محصنات.
قال أبو منصور: وأما قوله: (فإذا أحصنّ فإن أتين بفاحشةٍ) فإن ابن مسعود قرأ بفتح الأول، وقال: إحصان الأمة إسلامها.
وكان ابن عباس يقرأها (فإذا أحصنّ) ويفسره: فإذا أحصن بزوج.
وكان لا يرى
[معاني القراءات وعللها: 1/302]
على الأمة حدًّا ما لم تزوج.
وكان ابن مسعود يرى عليها نصف حدٍّ الحرة البكر إذا أسلمت وإن لم تزوج، وإلى قوله ذهب الفقهاء.
قال أبو منصور: والأمة إذا زوجت جاز أن يقال: قد أحصنت؛ لأن تزويجها قد أحصنها، وكذلك إذا أعتقت فهي محصنة؛ لأن عتقها قد أعفها، وكذلك إذا أسلمت؛ لأن إسلامها قد أحصنها.
وقال ابن شميل: حصنت المرأة نفسها بالتخفيف، وامرأة حصان وحاصن). [معاني القراءات وعللها: 1/303]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (15- وقوله تعالى: {فإذا أحصن} [25].
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وعاصم برواية حفص ونافع {فإذا أحصن} بالضم.
وقرأ الباقون بالفتح). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/132]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في فتح الألف وضمها من قوله تعالى: أحصن [النساء/ 25].
[الحجة للقراء السبعة: 3/150]
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر: (أحصنّ) مضمومة الألف، وقرأ حمزة والكسائي أحصن مفتوحة الألف.
واختلف عن عاصم فروى عنه أبو بكر والمفضل: وأحل لكم [النساء/ 24] وأحصن بالفتح جميعا. وروى عنه حفص:
وأحل لكم وأحصن بالضم جميعا. حدّثنا محمد بن الحسين بن شهريار قال: حدّثنا الحسين بن الأسود قال: حدّثنا عبد الله بن موسى عن سفيان الثوري عن عاصم بن أبي النّجود، أنّه قرأ: وأحل* بفتح الألف. [حدّثنا أحمد: قال]: أخبرني علي بن العباس، قال: حدثنا: محمد بن عمر بن الوليد الكندي عن ابن أبي حمّاد عن شيبان عن عاصم: وأحل* فتحا، فإذا أحصن بضم الألف.
قال أبو علي: أحصنّ: أحصنّ بالأزواج، وقد رويت عن ابن عباس. وفسر بعض السلف أحصنّ: تزوّجن. ومن قرأ: أحصن: فمعناه أسلمن، وكذا فسره إبراهيم أو مجاهد). [الحجة للقراء السبعة: 3/151]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({والمحصنات من النّساء إلّا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم وأحل لكم} {أن ينكح المحصنات} {فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات} 24 25
قوله {والمحصنات من النّساء} اتّفق القرّاء على فتح الصّاد في هذا الحرف واختلفوا فيما عداه فقرأ الكسائي {أن ينكح المحصنات المؤمنات} {فعليهن نصف ما على المحصنات} بكسر الصّاد في جميع القرآن أي هن أحصن أنفسهنّ بالإسلام والعفاف فذهب الكسائي إلى أن المحصنات المسلمات العفايف هن أحصن أنفسهنّ بالإسلام والعفاف والعرب تقول أحصنت المرأة فهي محصنة وذلك إذا حفظت نفسها وفرجها وحجته في فتح الحرف الأول وكسر ما عداه أن المعنى فيه غير موجود فيما عداه وذلك أن
[حجة القراءات: 196]
المحصنات ها هنا هن ذوات الأزواج اللّاتي أحصنهن أزواجهنّ سوى ملك اليمين اللّاتي كان لهنّ الأزواج فكن محصنات بهم فأحلهن بعد استبرائهن بالحيض فأما ما سوى هذا الحرف فإن المراد فيه ما ذكرنا من الإسلام والعفة
عن الحسن في قوله {والمحصنات من النّساء} قال ذوات الأزواج فقال الفرزدق قد قلت فيه شعرًا قال الحسن ما قلت يا ابا فراس قال قلت
وذات حليل أنكحتها رماحنا ... حلال لمن يبني بها لم تطلق
روي أن النّبي صلى الله عليه بعث يوم حنين سريّة فأصابوا حيا من العرب يوم أوطاس فهزموهم وقتلوهم وأصابوا نساء لهنّ أزواج فكان ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه تأثموا من غشيانهن من اجل أزواجهنّ فأنزل الله عز وجل {والمحصنات من النّساء} أي المتزوجات {إلّا ما ملكت أيمانكم} أي السبايا من ذوات الأزواج لا بأس في وطئهن بعد استبرائهن
وقرأ الباقون {المحصنات} بفتح الصّاد أي متزوجات أحصنهن أزواجهنّ والأزواج محصنون والنّساء محصنات
قال أبو عمرو الزّوج يحصن المرأة والإسلام وكذلك {فإذا أحصن} أي أحصنهن الأزواج والإسلام قال ولا تقول العرب هذا قاذف محصنة لا محصنات إلّا محصنة ومحصنات فتأويل المحصنات أزواجهنّ أعفوهن أو إسلامهن أحصنهن فهن محصنات بذلك
[حجة القراءات: 197]
قرأ حمزة والكسائيّ وحفص {وأحل لكم} بضم الألف وكسر الحاء على ما لم يسم فاعله وحجتهم أن ابتداء التّحريم في الآية الأولى أجري على ترك تسمية الفاعل وهو قوله {حرمت عليكم أمّهاتكم} وما ذكر بعدهن فأجري التّحليل عقيب التّحريم وعلى لفظه ليكون لفظ التّحريم والتحليل على لفظ واحد فكأنّه قال حرم عليكم كذا وأحل لكم كذا
وقرأ الباقون {وأحل} بالفتح وحجتهم في ذلك قربه من ذكر الله فجعلوا الفعل مسندًا إليه لذلك وهو قوله {كتاب الله عليكم وأحل لكم} أي وأحل الله لكم
قرأ حمزة والكسائيّ وأبو بكر {فإذا أحصن} بفتح الألف والصّاد أي أسلمن ويقال عففن كذا جاء في التّفسير يسندون الإحصان إليهنّ وإذا قرئ ذلك على ما لم يسم فاعله كان وجوب الحد في ظاهر اللّفظ على المملوكة ذات الزّوج دون الأيم وفي إجماع الجميع على وجوب الحد على المملوكة غير ذات الزّوج دليل على صحة فتحة الألف
وقرأ الباقون {فإذا أحصن} أي الأزواج جعلوهن مفعولات بإحصان أزواجهنّ إياهن فتأويله فإذا أحصنهن أزواجهنّ ثمّ رد إلى ما لم يسم فاعله نظير قوله {محصنات} بمعنى أنّهنّ مفعولات وهذا مذهب ابن عبّاس قال لا تجلد إذا زنت حتّى تتزوّج وكان ابن مسعود يقول إذا أسلمت وزنت جلدت وإن لم تتزوّج). [حجة القراءات: 198] (م)
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (34- قوله: {فإذا أحصن} قرأ أبو بكر وحمزة والكسائي بفتح الهمزة والصاد، وقرأ الباقون بضم الهمزة وكسر الصاد.
35- وحجة من ضم أنه أضاف الفعل إلى الأزواج، أو إلى الأولياء، فجرى على ما لم يسم فاعله، وقمن مقام الفاعل لحذفه، وهن الإماء، فإذا أحصنهن الأزواج بالتزويج، أو فإذا أحصنهن الأولياء بالنكاح، فزنين، فعليهن نصف ما على الحرائر من المسلمات، اللواتي لم يتزوجن من الحد، إذا زنين وذلك خمسون جلدة.
36- وحجة من فتح الهمزة أنه أسند الفعل إليهن، على معنى: فإذا أسلمن، وقيل: فإذا عففن، وقيل: فإذا أحصن أنفسهن بالتزويج، فالحد لازم لهن إذا زنين في الوجوه الثلاثة، ومن ضم الهمزة فإنما يجعل الحد لازمًا لهن إذا زنين
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/385]
بعد التزويج لا غير، وقد أجمع على وجوب الحد على المملوكة إذا زنت، وإن لم تكن ذات زوج، ولولا إجماع أهل الحرمين مع غيرهم، على الضم لكان الاختيار فتح الهمزة، لصحة معناه في الحكم). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/386]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (13- {المُحْصِنات} [آية/ 24] و{مُحْصِنات} [آية/ 25]:-
بكسر الصاد، قرأها الكسائي وحده في كل القرآن، إلا في النساء {والمحصَنات من النساءِ}، فإنه فتحها وحدها.
وقرأ الباقون {المحصَنات} و{مُحْصَنات} بالفتح في جميع القرآن.
أما من فتح الصاد فإنه بناه على أحصنت فهي محصنة، أي أحصنها غيرها إما التزويج وإما الإسلام وإما التعفف وإما الولي بتزويجها.
ومن كسر الصاد بناه على أحصنت بناء الفعل للفاعل، والمراد أحصنت نفسها بالعفة أو التزوج). [الموضح: 411] (م)
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (15- {أَحْصَنَّ} [آية/ 25]:-
بفتح الألف، قرأها حمزة والكسائي و-ياش- عن عاصم.
والمعنى أحصن أنفسهن، وقد تقدم بيان مثله.
وقرأ الباقون {أُحْصِنَّ} بضم الألف.
والمعنى أحصنهن الأزواج أو التعفف أو الإسلام، وقد مضى). [الموضح: 412]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #15  
قديم 4 صفر 1440هـ/14-10-2018م, 09:30 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النساء
[ من الآية (26) إلى الآية (28) ]

{يُرِيدُ اللّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26) وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا (27) يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا (28)}

قوله تعالى: {يُرِيدُ اللّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26)}

قوله تعالى: {وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا (27)}

قوله تعالى: {يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا (28)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #16  
قديم 4 صفر 1440هـ/14-10-2018م, 09:31 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النساء
[ من الآية (29) إلى الآية (30) ]

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرًا (30)}

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (إلّا أن تكون تجارةً... (29).
قرأ الكوفيون: (تجارةً) نصبا.
وقرأ الباقون بالرفع.
[معاني القراءات وعللها: 1/303]
قال أبو منصور: من رفع جعل كان مكتفية، ومن نصب أضمر لـ (كان) اسما). [معاني القراءات وعللها: 1/304]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (12- وقوله تعالى: {إلا أن تكون تجارة} [29].
قرأ أهل الكوفة بالنصب.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/131]
وقرأ الباقون بالرفع، وقد بينت علته في (البقرة) ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/132]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الرفع والنصب في قوله (جلّ وعز): إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم [النساء/ 29].
[الحجة للقراء السبعة: 3/151]
وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر تجارة* رفعا.
وقرأ حمزة والكسائي وعاصم تجارة نصبا.
قال أبو علي: من رفع فالاستثناء منقطع، لأنّ التجارة عن تراض ليس من أكل المال بالباطل. ومن نصب إلا أن تكون تجارة احتمل ضربين: أحدهما: إلّا أن تكون التجارة تجارة، ومثل ذلك قوله:
إذا كان يوما ذا كواكب....
أي إذا كان اليوم يوما. والآخر: إلّا أن تكون الأموال ذوات تجارة، فتحذف المضاف، وتقيم المضاف إليه مقامه، والاستثناء على هذا الوجه أيضا منقطع). [الحجة للقراء السبعة: 3/152]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلّا أن تكون تجارة عن تراض منكم} 28
قرأ عاصم وحمزة والكسائيّ {إلّا أن تكون تجارة} نصا أي إلّا أن تكون الأموال تجارة فجعلوا {تجارة} خبر {تكون}
وقرأ الباقون {تجارة} جعلوا {تكون} بمعنى الحدوث والوقوع أي إلّا أن تقع تجارة). [حجة القراءات: 199]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (16- {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً} [آية/ 29]:-
نصبًا، قرأها الكوفيون.
[الموضح: 412]
وكان ههنا ناقصة وهي المقتضية للاسم والخبر، والتقدير: إلا أن تكون التجارة تجارةً، فأضمر الاسم، أو التقدير: إلا أن تكون الأموال أموال تجارةٍ، فأضمر الاسم، وحذف المضاف من الخبر، وأقام المضاف إليه مقامه.
وقرأ الباقون {تجارةٌ} بالرفع.
وكان في هذه القراءة تامة بمعنى وقع، وليس لهما خبر، والمعنى إلا أن تقع تجارة). [الموضح: 413]

قوله تعالى: {وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرًا (30)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة إبراهيم والأعمش وحُميد: [فَسوْف نَصْليه نارًا] بفتح النون، وسكون الصاد.
قال أبو الفتح: يُروى في الحديث أنه أُتِيَ بشاة مَصْلِيَّة؛ أي: مشوية، يقال: صلاه يصليه: إذا شواه، ويكون منقولًا من صَلِي نارًا وصَلَيتُه نارًا، كقولك: كَسِي ثوبًا وكَسَوتُه ثوبًا، ومثله -إلا أنه قبل النقل غير متعد- شَتِر وشَتَرْتُه، وغارت عينُه وغُرْتُها.
وعليه قوله:
وصالياتٍ كَكَما يؤثفَيْن
فهذا من صلي.
فأما قراءة العامة: {فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا} بضم النون، فهو منقول من صلِي أيضًا، إلا أنه
[المحتسب: 1/186]
نُقل بالهمزة لا بالمثال، كقولك: طعِم خبزًا وأطعمته خبزًا، وعلِم الخبر وأعلمته إياه؛ أي: عرف وعرفتُه.
والصَّلَى: النار منه، وهو من الياء لقولهم: صلَيْتُه نارًا.
وليست الصلاة من الياء لقولهم في جمعها: صلوات. قال لنا أبو علي سنة سبع وأربعين: الصلاة من الصَّلَويْنِ، قال: وذلك لأن أول ما يشاهد من أحوال الصلاة إنما هو تحريك الصَّلَويْنِ للركوع، فأما القيام فلا يخص الصلاة دون غيرها، وهو حسن). [المحتسب: 1/187]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (37- قوله: {إلا أن تكون تجارة} قرأ الكوفيون بالنصب، وقرأ الباقون بالرفع.
38- وحجة من نصب أنه أضمر في «كان» اسمها، ونصب «تجارة» على خبر كان، على تقدير: إلا أن تكون الأموال تجارة، فأضمر الأموال لتقدم ذكرها، وكان ذلك أولى لينتظم بعض الكلام ببعض، وفيه على هذا حذف مضاف تقديره: إلا أن تكون الأموال أموار تجارة، ليكون الخبر هو الاسم، وقيل: التقدير: إلا أن تكون التجارة تجارة، فهذا تقدير حذف فيه؛ لأن الأول هو الثاني.
39- وحجة من رفع أنه جعل «كان» تامة بمعنى: وقع وحدث، فرفع بها، واستغنى عن الخبر، على معنى: إلا أن تحدث تجارة، أو تقع تجارة، والعرب تقول: كان أمرٌ، أي حدث أمرٌ، ولولا إجماع الحرميين على الرفع وغيرهم لكان الاختيار النصب، لمطابقة آخر الكلام مع أوله). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/386]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #17  
قديم 4 صفر 1440هـ/14-10-2018م, 09:32 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النساء
[ من الآية (31) إلى الآية (33) ]

{إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا (31) وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (32) وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (33)}

قوله تعالى: {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا (31)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (يكفّر عنكم سيّئاتكم ويدخلكم مدخلًا كريمًا (31).
روى المفضل عن عاصم: (يكفر عنكم... ويدخلكم) بالياء معًا.
وقرأ الباقون بالنون.
قال أبو منصور: المعنى، في النون والياء واحد، والفعل لله، هو المكفر للسيئات، لا شريك له). [معاني القراءات وعللها: 1/304]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (مدخلًا كريمًا (31)، و(مدخلًا يرضونه).
قرأ نافع: (مدخلًا كريمًا) و(مدخلًا يرضونه) بفتح الميم.
[معاني القراءات وعللها: 1/304]
وكذلك روى الكسائي عن أبي بكر عن عاصم.
وقرأ الباقون بضم الميم في السورتين.
قال أبو منصور: من قرأهما (مدخلًا) بضم الميم فهو مصدر أدخله مدخلًا وإدخالا،
ويجوز أن يكون المدخل اسما، كأنه وضع موضع الإدخال.
ومن قرأ (مدخلًا) بفتح الميم فله معنيان:
أحدهما: مصدر دخل (مدخلًا) أي دخولا.
والثاني: موضع الدخول.
وأجاز القراء (مدخلًا) من أدخلت، ومصبحًا من أصبحت، وممسًى من أمسيت). [معاني القراءات وعللها: 1/305]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (14- وقوله تعالى: {وندخلكم مدخلا كريما} [31].
قرأ نافع وحده بالفتح وكذلك في (الحج) بالفتح.
وقرأ الباقون بالضم، جعلوه مصدرًا من أدخل كما قال تعالى: {بي أدخلني مدخل صدق}.
وأما نافع فإنه جعله من دخل مدخلاً مثل: طلعت الشمس مطلعًا ودخلت مدخلاً). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/132]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والنون من قوله [جل وعز]: نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم [النساء/ 31].
فروى أبو زيد سعيد بن أوس عن المفضّل عن عاصم يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم بالياء جميعا.
وقرأ الباقون: بالنون.
[الحجة للقراء السبعة: 3/152]
[قال أبو علي]: من قرأ يكفر بالياء، فلأنّ ذكر اسم الله تعالى قد تقدّم في قوله: إن الله كان بكم رحيما [النساء/ 29]. ومن قال: نكفر: فالمعنى: معنى الياء، ومثل ذلك بل الله مولاكم [آل عمران/ 150] ثمّ قال: سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب [آل عمران/ 151]. وأبو الحسن يستحسن النون في هذا النحو). [الحجة للقراء السبعة: 3/155]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في ضمّ الميم وفتحها من قوله [جل وعز]: مدخلا [النساء/ 31].
فقرأ نافع وحده: مدخلا كريما مفتوحة الميم، وفي الحج: مثله.
وقرأ الباقون: مدخلا مضمومة الميم هاهنا، وفي الحج. ولم يختلفوا في بني إسرائيل في: مدخل صدق ومخرج صدق [الإسراء/ 80] أنّهما بضمّ الميم.
وروى الكسائي عن أبي بكر عن عاصم: مدخلا* بفتح الميم هاهنا وفي الحج.
قال أبو علي: قوله تعالى: مدخلا* بعد يدخلكم* يحتمل وجهين: يحتمل أن يكون مصدرا، ويجوز أن يكون مكانا. فإن
[الحجة للقراء السبعة: 3/153]
حملته على المصدر أضمرت له فعلا دلّ عليه الفعل المذكور.
ويكون قوله مدخلا* فيمن قدره مصدرا انتصابه بذلك الفعل، التقدير: ويدخلكم فتدخلون مدخلا.
ويجوز أن يكون مكانا، كأنه قال: يدخلكم مكانا، ويكون على هذا التقدير منتصبا بهذا الفعل المذكور، كما أنّك إذا قلت:
أدخلتك مكانا، انتصب بهذا الفعل، والمكان أشبه هاهنا، لأنا رأينا المكان وصف بالكريم، وهو قوله: كم تركوا من جنات وعيون وزروع ومقام كريم [الدخان/ 25 - 26] فوصف المكان بالكريم، فكذلك يكون قوله: مدخلا* يراد به المكان، مثل المقام، ويجوز أن يكون المراد به: الدخول، أو الإدخال، وإن كان قد وصف بالكرم، ويكون المعنى دخولا تكرمون فيه، خلاف من قيل فيه: الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم [الفرقان/ 34] فليس هذا كقولك: حشرتهم على الوجه، وحشرتهم على وجوههم، أي: لم أدع منهم أحدا غير محشور، ولكن مثل قوله: أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي [الملك/ 22] وكقوله: أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة [الزمر/ 24].
قال: ولم يختلفوا في بني إسرائيل في: مدخل صدق، ومخرج صدق أنّهما بضم الميم [قال أبو علي] لا يمتنع في
[الحجة للقراء السبعة: 3/154]
القياس أن تفتح الميم من مدخل على نحو ما قدمنا ذكره من أنّه يكون على فعل مضمر يدل عليه الكلام. ويجوز في المدخل إذا ضمّ أن يكون مكانا وأن يكون مصدرا، فإذا جعلته مصدرا جاز أن تريد مفعولا محذوفا من الكلام، كأنه قال: أدخلني الجنّة مدخلا، أي: إدخال صدق، والأشبه أن يكون مكانا، لإضافته إلى صدق، فهو في هذا كقوله: في مقعد صدق [القمر/ 55] فكما أنّ هذا المضاف إلى صدق مكان، كذلك، يكون المدخل مكانا، ولا يمتنع الآخر لأنّ غير العين قد أضيف إلى صدق في نحو: أن لهم قدم صدق عند ربهم [يونس/ 2] ألا ترى أنّه قد فسّر بالعمل الصالح). [الحجة للقراء السبعة: 3/155]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وندخلكم مدخلًا كريمًا}
قرأ نافع {وندخلكم مدخلًا كريمًا} بنصب الميم جعله مصدرا من دخل يدخل مدخلًا فإن سأل سائل فقال قد تقدم ما يدل على أنه من أدخل فالجواب في ذلك أن المدخل مصدر صدر عن غير لفظه كأنّه قال ويدخلكم فتدخلون مدخلًا وكذلك قوله {والله أنبتكم من الأرض نباتا} ولم يقل إنباتا قال الخليل تقديره فنبتم نباتا ويجوز أن يكون المدخل اسما
[حجة القراءات: 199]
للمكان فكأنّه قال وندخلكم موضع دخولكم قال الزّجاج قاله {مدخلًا} يعني به ها هنا الجنّة
وقرأ الباقون {مدخلًا} بضم الميم مصدر من أدخل يدخل إدخالا وحجتهم قوله {وندخلكم مدخلًا كريمًا} وفي التّنزيل {وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق} ). [حجة القراءات: 200]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (40- قوله: {مدخلا} قرأه نافع بفتح الميم، وضمها الباقون، ومثله في الحج، وكلهم ضم {مدخل صدق} في بني إسرائيل «80» لتقدم قوله: {وأدخلني}.
41- وحجة من فتح الميم أنه جعله مصدرًا لفعل ثلاثي مضمر، دل عليه الرباعي الظاهر وهو قوله: {ندخلكم} أي: ندخلكم فتدخلون مدخلًا، أي: دخولًا فدخول ومدخل مصدران للثلاثي، بمعنى واحد، ويجوز أن
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/386]
يكون «مدخلًا» بالفتح مكانًا، أي: يدخلكم مكانًا فيتعدى إليه «ندخلكم» في المفعول به، وحسن ذلك، لأنه قد وصف بالكريم، كما قال {ومقام كريم} «الشعراء 58».
42- وحجة من ضم أنه أجراه مصدرًا على ما قبله، وهو «يدخلكم» ولم يحتج إلى إضمار ثلاثي، فنصبه على المصدر، فالميم في حركتها كحرف المضارعة في حركته، إن كان مفتوحًا فتحت الميم، وإن كان مضمومًا ضمت الميم، وفي الكلام مفعول محذوف؛ لأن الفعل ما نقل إلى الرباعي تعدّى إلى مفعول، تقول: دخلت في دار زيد وأدخلت عمرًا في دار زيد، فأصل «دخلت» أن لا يتعدى؛ لأن نقيضه لا يتعدى، وهو «خرجت»، وحكى النحويون: دخلت الدار، فعدوه بغير حرف وهو شاذ، والتقدير: ويدخلكم الجنة مدخلًا كريمًا، أي إدخالًا، فمدخل وإدخال مصدران لـ «أدخل»، كما كان «دخول ومدخل» مصدرين لـ «دخل»، ومعنى: «كريم» حسن، كما قال: {من كل زوج كريم} «الشعراء 7» أي: من كل جنس حسن، ويجوز أن يكون «مدخل» بالضم، مكانًا، ويتعدى إليه «يدخلكم» تعديه إلى المفعول، فلا تضمر مفعولًا آخر، وحسن ذلك لنعته بالكريم، وكذلك قوله: {مدخل صدق ومخرج صدق} في «سبحان 80» هما مصدران جريا على «أدخلني وأخرجني» والمفعول محذوف، ويجوز أن يكونا مكانين فينصبا على المفعول به، ولا نضمر مفعولًا، وحسن ذلك لإضافتهما إلى «صدق»، كما كان ذلك في قوله: {في مقعد صدق} «القمر 55»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/387]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (17- {مَدْخَلاً كَريمًا} [آية/ 31]:-
بفتح الميم، قرأها نافع وحده، وكذلك في الحج {مَدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ}.
وهو يحتمل وجهين:-
أحدهما: أن يكون مصدرًا، والعامل فيه فعل مضمر، والتقدير: ويدخلكم فتدخلون مدخلاً كريمًا.
والثاني: أن يكون مكان الدخول، كأنه قال: ويدخلكم مكان دخول، ويكون على هذا نصبًا بهذا الفعل المذكور؛ لأنك إذا قلت أدخلتك مكانًا فإنك تنصب مكانًا بهذا الفعل الذي هو أدخلتك، وهو على حذف حرف الجر، والتقدير: أدخلتك في مكانٍ.
وقرأ الباقون {مُدْخَلاً} بضم الميم في الحرفين.
[الموضح: 413]
وهو أيضًا يحتمل الوجهين جميعًا: أن يكون مصدرًا بمعنى الإدخال، وأن يكون مكان الإدخال، إلا أن العامل ههنا هو الفعل المذكور على كل حالٍ.
وإذا كان مصدرًا في القراءتين، كان على تقدير حذف المفعول به، كأنه قال: ويدخلكم الجنة إدخالاً، أو فتدخلونها دخولاً). [الموضح: 414]

قوله تعالى: {وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (32)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وسألوا اللّه من فضله... (32)
ونظائره.
قرأ ابق كثير والكسائي: (وسألوا اللّه) و(فسل الذين) و(سل من أرسلنا) ونحوهن بغير همز في كل القرآن، وقرأ الباقون بالهمز، واتفقوا على همز (وليسألوا ما أنفقوا) واللام لام أمر
[معاني القراءات وعللها: 1/305]
الغائب). [معاني القراءات وعللها: 1/306]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (16- وقوله تعالى: {واسألوا الله من فضله} [32].
قرأ ابن كثير والكسائي: {وسلوا الله} بترك الهمز في كل القرآن إذا تقدمه واو أو فاء، ويكون أمرًا للمخاطب.
وقرأ الباقون بالهمز. فحجته قال: لما أتفقت القراء والمصاحف على حذف الألف من {سل بني إسرائيل] وكان هذا أمرًا مثله خزلت ألف الوصل والهمزة، والأصل: اسأل فنقلوا فتحة الهمزة إلى السين فلما تحركت السين استغنوا عن ألف الوصل، وسقطت الهمزة لسكونها، وسكون اللام.
ومن همز قال: وجدت الأمر يخزل منه الألف نحو: سل وكل ومر، فإذا تقدمه حرف نسق رجعت الهمزة كقوله تعالى: {وأمر أهلك بالصلاة} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/133]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الهمز وتركه من قوله تعالى: وسئلوا الله من فضله [النساء/ 32].
فقرأ ابن كثير والكسائي: وسلوا الله من فضله وفسل الذين [يونس/ 94] وفسل بني إسرائيل [الإسراء/ 101] وسل من أرسلنا [الزخرف/ 45] وما كان مثله من الأمر المواجه به، وقبله واو أو فاء، فهو غير مهموز في قولهما. وروى الكسائي عن إسماعيل بن جعفر عن أبي جعفر وشيبة أنّهما لم يهمزا:
[الحجة للقراء السبعة: 3/155]
وسل، ولا فسل مثل قراءة الكسائي. وقرأ الباقون بالهمز في ذلك كله ولم يختلفوا في قوله: وليسئلوا ما أنفقوا [الممتحنة/ 10] أنّه مهموز.
قال أبو علي: الهمز وترك الهمز حسنان، ولو خففت الهمزة في قوله: وليسئلوا ما أنفقوا كان أيضا حسنا، وقد قدّمنا ذكر وجوه سل). [الحجة للقراء السبعة: 3/156]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({واسألوا الله من فضله} 32
قرأ ابن كثير والكسائيّ (وسلوا الله من فضله) و(فسلوا أهل الذّكر) بفتح السّين وترك الهمزة وكذلك كل أمر مواجه وحجتهما إجماع الجميع على طرح الهمزة في قوله سل بني إسرائيل (وسلهم أيهم بذلك زعيم) فردّوا ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه فطرحا الهمزة من جميع ذلك
فإن سأل سائل فقال هلا طرحا من غير المواجهة كما طرحا من المواجهة فقرأا (وليسلوا ما أنفقوا) بغير همز الجواب لم يطرحا
[حجة القراءات: 200]
الهمزة من غير المواجهة لأن العرب لم تطرح اللّام من أوله كما طرحته من المواجهة فقالوا ليقم زيد فتركوه على أصله وقالوا قم يا زيد فحذفوا ذلك على أنهم لم يستثقلوا في غير المواجهة ما استثقلوه في المواجهة فلهذا حذفا من المواجهة كما حذفت العرب اللّام من المواجهة ولم يحذفا الهمزة من غير المواجهة كما لم تحذف العرب اللّام من غير المواجهة
وقرأ الباقون {واسألوا الله} بالهمز وحجتهم في ذلك أن العرب لا تهمز سل فإذا أدخلوا الواو والفاء وثمّ همزوا
فإن سأل سائل فقال إذا أدخلوا الواو والفاء لم همزوا هلا تركوها فالجواب في ذلك أن أصل سل اسأل فاستثقلوا الهمزتين فنقلوا فتحة الهمزة إلى السّين فلمّا تحركت السّين استغنوا عن ألف الوصل فإذا تقدمه واو أو فاء ردوا الكلمة إلى الأصل وأصله واسألوا لأنهم إنّما حذفوا لاجتماع الهمزتين فلمّا زالت العلّة ردوها إلى الأصل). [حجة القراءات: 201]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (43- قوله: {واسئلوا} قرأه ابن كثير والكسائي بغير همز في الفعل
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/387]
المواجه به خاصة، مع الواو والفاء على تخفيف الهمز، ألقيا حركة الهمزة على السين الساكنة قبلها، فحركا السين، وحذفا الهمزة، على أصل تخفيف الهمز، وخصا هذا بالتخفيف لكثرة استعماله، وتصرفه في الكلام، وثقل الهمزة، وذلك في الأمر المواجه به إذا كان قبله واو أو فاء، وحسن ذلك لإجماعهم على طرح الهمزة في قوله: {سل بني إسرائيل} «البقرة 211»، وفي قوله: {سلهم أيهم} «القلم 40» وإنما خُص المواجه به بطرح الهمزة دون غيره، كما فعلت العرب بطرح لام الأمر في المواجهة، وإثباتها في غير المواجهة، فيقولون: «قم، خذ» فإن كان غير مواجه به لم تطرح اللام، نحو: ليقم زيد، ليخرج عمرو، فكذلك هذا، وإنما فُعل لذلك مع الواو والفاء، لأنهما يوصل بهما إلى اللفظ بالسين؛ لأن أصلها السكون، وحركة الهمزة عليها عارضة، لا يعتد بها، فقامت الواو والفاء مقام ألف الوصل، التي للابتداء يؤتى بها، وقرأ الباقون بالهمزة على الأصل، وهما لغتان، والهمز أحب إلي؛ لأنه الأصل ولأن عليه أكثر القراء، ولإجماعهم على الهمز في غير المواجه به، نحو: «وليسألوا»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/388]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (18- {وَاسْأَلُوا الله مِنْ فَضْلِهِ} [آية/ 32]:-
بفتح السين من غير همزٍ، قرأها ابن كثير والكسائي.
والوجه فيه أن الهزة حذفت للتخفيف، وألقيت حركتها على السين..
وقرأ الباقون {واسْأَلُوا} بإثبات الهمزة.
وهو الأصل؛ لأن الهمزة عين الفعل، والكلمة صيغة أمرٍ للمواجه، فهو بمنزلة: اقطعوا). [الموضح: 414]

قوله تعالى: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (33)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (والّذين عاقدت أيمانكم... (33)
قرأ الكوفيون: (عقدت) بغير ألف.
وقرأ الباقون: (عاقدت أيمانكم) بألف.
قال أبو منصور: هما لغتان: عقد يعقد. وعاقد يعاقد، وقد قرأ بهما القراء، وفيها لغة ثالثة: أخبرني المنذري عن ابن اليزيدي عن أبي زيد أنه قال: قرئ والذين عاقدت) و(عقدت) بالتخفيف، قال أبو زيد وقرأ بعضهم: (عقّدت) بتشديد القاف، والمعنى في جميعها التوكيد لليمين.
وأنشد قول الحطيئة:
أولئك قومٌ إن بنوا أحسنوا البنى... وإن عاهدوا أوفوا وإن عقدوا شدوا.
[معاني القراءات وعللها: 1/306]
يجوز: عقدوا، وعقدوا). [معاني القراءات وعللها: 1/307]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (17- وقوله تعالى: {والذين عقدت أيمانكم} [33].
قرأ أهل الكوفة {عقدت} بغير ألف، وقرأ الباقون {عاقدت} وهو الاختيار؛ لأن المفاعلة لا تكون إلا من اثنين والمعاقدة: المحالفة، ومن حذف الألف قال: هناك صفة مضمرة والتقدير: والذين عقدت أيمانكم لهم). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/133]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في إدخال الألف وإخراجها من قوله [جلّ وعز]: عاقدت [النساء/ 33].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع وابن عامر: عاقدت بالألف.
وقرأ عاصم وحمزة والكسائي: عقدت بغير ألف:.
قال أبو علي: الذكر الذي يعود من الصّلة إلى الموصول ينبغي أن يكون ضميرا منصوبا، فالتقدير: والذين عاقدتهم أيمانكم فجعل الأيمان في اللفظ هي المعاقدة، والمعنى على الحالفين الذين هم أصحاب الأيمان، والمعنى: والذين عاقدت حلفهم أيمانكم، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه. فعاقدت أشبه بهذا المعنى، لأنّ لكل نفر من المعاقدين يمينا على
[الحجة للقراء السبعة: 3/156]
المحالفة. ومن قال: عقدت أيمانكم، كان المعنى: عقدت حلفهم أيمانكم، فحذف الحلف وأقام المضاف إليه مقامه.
والأوّلون كأنّهم حملوا الكلام على المعنى فقالوا: عاقدت، حيث كان من كل واحد من الفريقين يمين، والذين قالوا: عقدت، حملوا الكلام على اللفظ لفظ الأيمان، لأنّ الفعل لم يسند إلى أصحاب الأيمان في اللفظ إنّما أسند إلى الأيمان). [الحجة للقراء السبعة: 3/157]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({والّذين عقدت أيمانكم}
قرأ عاصم وحمزة والكسائيّ {والّذين عقدت أيمانكم} بغير ألف وحجتهم أن الإيمان عقدت بينهم لأن في قوله {إيمانكم} حجّة على أن أيمان الطّائفتين هي عقدت ما بينهما وفي إسناد الفعل إلى الأيمان كفاية من الحجّة
وقرأ الباقون (والّذين عاقدت) بالألف وحجتهم أن العقد
[حجة القراءات: 201]
كان من الفريقين وكان هذا في الجاهليّة يجيء الرجل الذّليل إلى العزيز فيعاقده ويحالفه ويقول له أنا ابنك ترثني وأرثك وحرمتي حرمتك ودمي دمك وثأري ثأرك فأمر الله جلّ وعز بالوفاء لهم فهذا العقد لا يكون إلّا بين اثنين وقيل إن ذلك أمر قبل تسمية المواريث وهي منسوخة بآية المواريث). [حجة القراءات: 202]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (44- قوله: {عقدت} قرأ الكوفيون «عقدت» بغير ألف، وقرأ الباقون بالألف.
45- وحجة من قرأ بالألف أنه أجراه على ظاهر اللفظ من فاعلين، لأن كل واحد من المتحالفين كفّر يمينًا عند المخالفة على الأجر، فهو من باب المفاعلة، والتقدير: والذين عاقدت أيمانكم أيمانهم، ثم حذف المفعول لدلالة المعنى عليه، وهذا مما جرى الكلام فيه على غير من هو له، فجعل الأيمان هي العاقدة، والمعنى: أن العاقد هو الحالف، وإذا كان العاقد هو الحالف وجب أن يجيء على المفاعلة، لأن كل واحد من الفريقين عقد حلفا للآخر.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/388]
46- وحجة من قرأ بغير ألف أنه أضاف الفعل إلى الأيمان، والمراد إضافة الفعل إلى المخاطبين المتحالفين في المعنى، دون من خالفهم، وفيه حذف مفعول، والتقدير: والذين عدت أيمانكم حلفهم، ثم حذف، فهو محمول على لفظ الأيمان، فأسند الفعل إليها، دون أصحاب الأيمان، فلما أسند الفعل إلى الأيمان في ظاهر اللفظ، لم يحتج إلى المفاعلة؛ لأن يمين القوم الآخرين لا فعل لها، فهذا في هذه القراءة محمول على اللفظ، لفظ الأيمان، دون أصحاب الأيمان، وهو في القراءة الأولى محمول على أصحاب الأيمان، وهو فريقان كل واحد حالف محلوف، له، فحمل على المفاعلة، وهو باب المعاقدة بالأيمان، والقراءة بالألف أقوى في نفسي، لأن المقصود بالآية أصحاب الأيمان لأن لا فعل ينسب إليها حقيقة، فبابه المفاعلة، مع أن الأكثر من القراء عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/389]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (19- {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ} [آية/ 33]:-
بغير ألف، قرأها الكوفيون.
والمعنى والذين عقدت حلفهم أيمانكم، فحذف الحلف، وأقام المضاف إليه مقامه، فكأنه قال: عقدتهم أيمانكم، بعد حذف المضاف، ثم حذف الضمير العائد إلى {الذّينَ} تخفيفًا.
[الموضح: 414]
وقرأ الباقون {عَاقَدَتْ} بالألف.
والمعنى عاقدتهم أيمانكم، جعلوا الأيمان هي التي عاقدتهم، والمعنى لأصحاب الأيمان، والضمير من عاقدتهم العائد إلى {الّذين} محذوف تخفيفًا، والحذف من صلة الموصول حسن). [الموضح: 415]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #18  
قديم 4 صفر 1440هـ/14-10-2018م, 09:33 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النساء
[ من الآية (34) إلى الآية (35) ]

{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34) وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (35)}

قوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة طلحة: [فالصَّوالِحُ قوانِتُ حوافِظُ للغيب].
قال أبو الفتح: التكسير هنا أشبه لفظًا بالمعنى؛ وذلك أنه إنما يراد هنا معنى الكثرة، لا صالحات من الثلاث إلى العشر، ولفظ الكثرة أشبه بمعنى الكثرة من لفظ القلة بمعنى الكثرة، والألف والتاء موضوعتان للقلة، فهما على حد التثنية بمنزلة الزيدون من الواحد إذا كان على حد الزيدان. هذا موجب اللغة على أوضاعها، غير أنه قد جاء لفظ الصحة والمعنى الكثرة، كقوله تعالى: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ} إلى قوله تعالى: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ}، والغرض في جميعه الكثرة، لا ما هو لما بين الثلاثة إلى العشرة.
وكان أبو علي ينكر الحكاية المروية عن النابغة وقد عرض عليه حسان شعره، وأنه لما صار إلى قوله:
لَنا الجَفَناتُ الغُرُّ يَلمَعنَ بِالضُحا ... وَأَسيافُنا يَقطُرنَ مِن نَجدَةٍ دَما
قال له النابغة: لقد قللت جفانك وسيوفك.
قال أبو علي: هذا خبر مجهول لا أصل له؛ لأن الله تعالى يقول: {وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ}، ولا يجوز أن تكون الغرف كلها التي في الجنة من الثلاث إلى العشر.
وعذر ذلك عندي أنه قد كثُر عنهم وقوع الواحد على معنى الجميع جنسًا، كقولنا: أَهْلَكَ الناسَ الدنيارُ والدرهم، وذهب الناسُ بالشاة والبعير. فلما كثر ذلك جاءوا في موضعه بلفظ الجمع الذي هو أدنى إلى الواحد أيضًا؛ أعني: الجمع بالواو والنون والألف والتاء. نعم، وعلم أيضًا أنه إذا
[المحتسب: 1/187]
جيء في هذا الموضع بلفظ جمع الكثرة لا يتدارك معنى الجنسية، فلهوا عنه، وأقاموا على لفظ الواحد تارة ولفظ الجمع المقارِب للواحد تارة أخرى؛ إراحة لأنفسهم من طلب ما لا يُدرك، ويأسًا منه، وتوقفًا دونه. فيكون هذا كقوله:
رَأى الأَمرَ يُفضي الي آخِرٍ ... فَصيَّر آخِرَهُ أوَّلا
ومثل الجمع بالواو والنون والألف والتاء مجيئهم في هذا الموضع بتكسير القلة، كقوله تعالى: {وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ}.
وقول حسان:
وَأَسيافُنا يَقطُرنَ مِن نَجدَةٍ دَما
ولم يقل: عيونُهم ولا سيوفُنا. وقد ذكرنا هذا ونحوه في كتابنا الخصائص). [المحتسب: 1/188]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة يزيد بن القعقاع: [بما حَفِظَ اللهَ] بالنصب في اسم الله تعالى.
قال أبو الفتح: هو على حذف المضاف؛ أي: بما حفظ دين الله وشريعة الله وعهود الله، ومثله: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ} أي: دين الله وعهود الله وأولياء الله، وحَذْفُ المضاف في القرآن والشعر وفصيح الكلام في عدد الرمل سعة، وأستغفر الله. وربما حَذفت العرب المضاف بعد المضاف مكررًا؛ أُنسًا بالحال ودلالة على موضوع الكلام، كقوله عز وجل: {فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ} أي: من أثر حافر فرس الرسول. وقد ذكرنا في كتابنا ذلك هذا وغيره من كتبنا وكلامنا). [المحتسب: 1/188]

قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (35)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #19  
قديم 4 صفر 1440هـ/14-10-2018م, 09:34 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النساء
[ من الآية (36) إلى الآية (37) ]

{وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا (36) الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا (37)}

قوله تعالى: {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا (36)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (والجار الجنب... (36)
روى المفضل عن عاصم: (والجار الجنب) بفتح الجيم وسكون النون، ولم يذكر غيره هذه.
وقرأ سائر القراء: (والجار الجنب).
قال أبو منصور: والجار الجنب: الذي ليس بينك وبينه قرابة، يقال للقريب الذي تؤمنه وتجيره: جار جنب أيضًا). [معاني القراءات وعللها: 1/307]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وأما قوله: (والصّاحب بالجنب... (36)
فهو الرفيق في السفر.
وقلّ ما تقول العرب: (الجار الجنب).
لا يكادون يجعلون (الجنب) نعتًا للجار، فإن صحت القراءة (والجار الجنب) فمجازة، "والجار ذي الجنب " أي: ذي القرب منك، ومنه قول الله جلّ وعزّ: (على ما فرّطت في جنب اللّه)
أي: في قرب الله، كذلك قال الفراء). [معاني القراءات وعللها: 1/307]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال أحمد: روى أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري عن المفضّل عن عاصم: والجار الجنب [النساء/ 36] بفتح الجيم، وإسكان النون، ولم يأت به غيره.
وقرأ الباقون: الجنب بضمتين.
[قال أبو علي]: قال أبو عبيدة: والجار ذي القربى: القريب، والجار الجنب: الغريب. يقال: ما تأتينا إلّا عن جنابة، أي: عن بعد، قال علقمة بن عبدة:
فلا تحرمنّي نائلا عن جنابة... فإني امرؤ وسط القباب غريب
[الحجة للقراء السبعة: 3/157]
قال أبو الحسن: قال: والجار الجنب، وقال بعضهم: الجنب.
قال الراجز:
الناس جنب والأمير جنب يريد: بجنب: الناحية، وهذا هو المتنحّي عن القرابة.
قال أبو علي: قوله تعالى: والجار الجنب، يحتمل معنيين: أحدهما: أن يريد الناحية، فإذا أراد هذا فالمعنى: ذي الجنب، فحذف المضاف، لأنّ المعنى مفهوم، ألا ترى أنّ الناحية لا يكون الجار إياها، والمعنى: ذي ناحية ليس هو الآن بها، أي:
هو غريب عنها. والآخر: أن يكون وصفا مثل: ضرب، وفسل، وندب، فهذا وصف يجري على الموصوف، كما أن الجنب كذلك، وهو في معناه ومعنى اللفظتين على هذا واحد، وهو أنّه مجانب لأقاربه متباعد عنهم. فأما الجنب في قوله: والجار الجنب. فصفة على فعل، مثل أحد في ناقة أحد وسجح في قوله:
وامشوا مشية سجحا فالجنب؛ المتباعد عن أهله، يدلّك على ذلك مقابلته
[الحجة للقراء السبعة: 3/158]
بالقريب، في قوله تعالى والجار ذي القربى من القرب، كالبشرى من بشّر. ويدل على أنّه البعد، والغربة قول الأعشى:
أتيت حريثا زائرا عن جنابة... فكان حريث عن عطائي جامدا
وقال آخر:
كرام إذا ما جئتهم عن جنابة... أعفّاء عن بيت الخليط المجاور
فأمّا قوله [جلّ وعز]: وإن كنتم جنبا فاطهروا [المائدة/ 6] فمن الجنابة التي تقتضي التطهّر، وهو أيضا صفة إلّا أنّه يقع على الواحد والجميع كما أن بشرا كذلك، وكما أنّ الحلوب يقع على الجميع، فأمّا الحلوبة والرّكوبة فيقع على الواحد والجميع فيما رواه أبو عمر الجرمي عن أبي عبيدة. وقال أبو عبيدة: والصاحب بالجنب: الذي يصاحبك في سفرك، فيلزمك فينزل إلى جنبك). [الحجة للقراء السبعة: 3/159]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({والجار ذي القربى}
قرأ الكسائي {والجار ذي القربى} ممال وقرأ أبو عمرو بغير إمالة وبه قرأ الآخرون
فإن قيل فما بال أبي عمرو لم يمل الألف في قوله {والجار ذي القربى} مع أنّها تلي الطّرف كالألف في جبّار ونهار فالجواب عن ذلك أن يقال لما كانت الصّفة والموصوف بمجموعهما يفيدان ما يفيد الاسم الواحد صارت الصّفة ها هنا لكونها من تمام الأول آخر الاسم والألف صارت متوسطة لما لم ينته المعنى إلى آخر الاسم الأول فصار الجار مع ذي القربى كاسم واحد وخرجت الألف
[حجة القراءات: 202]
عن الطّرف وجرت مجرى ألف الغارمين). [حجة القراءات: 203]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (20- {وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ} [آية/ 36]:-
بالإمالة فيهما، قرأها الكسائي وحده، الباقون {الجَار} بالفتح في الحرفين. وقد مضى الكلام في علة ذلك). [الموضح: 415]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (21- {الجَنْبِ} [آية/ 36]:-
بفتح الجيم وسكون النون، قرأها عاصم في رواية المفضل.
ووجه ذلك أن العرب تقول للغريب إذا أجرته: جار جنب، قال:
24- وجار الجنب والرجل المنادي = أمام الحي عهدهما سواء
[الموضح: 415]
والجنب: الناحية، وهو على حذف المضاف، والتقدير: والجار ذي الجنب، أي ذي الناحية التي ليس هو الآن بها، أي هو غريب بها.
وقرأ الباقون {الجُنُب} بضمتين.
وهو صفة للجار، مثل قولهم: ناقة أجد، ومشية سجح، والمراد بالجنب: الغريب المتباعد عن أهله). [الموضح: 416]

قوله تعالى: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا (37)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ويأمرون النّاس بالبخل... (37)
قرأ حمزة والكسائي: (بالبخل) بفتح الباء والخاء، وكذلك في الحديد.
وقرأ الباقون بضم الباء في السورتين وسكون الخاء.
قال أبو منصور: هما لغتان: البخل والبخل، فاقرأ كيف شئت). [معاني القراءات وعللها: 1/308]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (18- وقوله تعالى: {ويأمرون الناس بالبخل} [37].
قرأ حمزة والكسائي بالبخل بفتح الباء والخاء.
وقرأ الباقون بالضم والسكون). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/133]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في ضمّ الباء في البخل* [النساء/ 37] والتخفيف وفتحها والتثقيل.
[الحجة للقراء السبعة: 3/159]
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم وابن عامر: بالبخل خفيفا وقرأ حمزة والكسائي: بالبخل* مثقلة وكذلك في سورة الحديد [الآية/ 24] مثله.
قال أبو علي: قال سيبويه: «قالوا: بخل يبخل بخلا، فالبخل كاللّؤم، والفعل: كشقي وسعد، وقالوا: بخيل، وبعضهم يقول: البخل: كالفقر» والبخل كالفقر، وبعضهم يقول: البخل كالكرم وقد حكى فيه ثلاث لغات وقرئ باثنتين منها: البخل، والبخل). [الحجة للقراء السبعة: 3/160]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ويأمرون النّاس بالبخل}
قرأ حمزة والكسائيّ {بالبخل} بفتح الباء والخاء وقرأ الباقون {بالبخل} وهما لغتان مثل الحزن والحزن والرشد والرشد). [حجة القراءات: 203]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (47- قوله: {بالبخل} قرأ حمزة والكسائي بفتحتين، وقرأ الباقون بضم الباء وإسكان الخاء، ومثله في الحديد، وهما لغتان مشهورتان، وفيه لغة ثالثة وهي فتح الباء وإسكان الخاء، وكلها مصادر مسموعة فمن قال: «البخل» جعله كـ «الفقر» ومن قال: «البخل» جعله كـ «الفقر»، ومن قال «البخل» جعله كـ «الكرم»، حكى سيبويه: بخل بخلا). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/389]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (22- {بِالبَخَلِ} [آية/ 37]:-
بفتح الباء والخاء، قرأها حمزة والكسائي، وكذلك في الحديد.
الباقون {بالبُخْل} بضم الباء وإسكان الخاء في الحرفين.
والبُخْل والبَخَل لغتان، وقد حكي فيه لغة ثالثة وهي: البَخْلُ بفتح الباء وإسكان الخاء، كالفقر). [الموضح: 416]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #20  
قديم 4 صفر 1440هـ/14-10-2018م, 09:35 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النساء
[ من الآية (38) إلى الآية (42) ]


{وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاء قِرِينًا (38) وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُواْ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقَهُمُ اللّهُ وَكَانَ اللّهُ بِهِم عَلِيمًا (39) إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (40) فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا (41) يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ اللّهَ حَدِيثًا (42)}

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاء قِرِينًا (38)}

قوله تعالى: {وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُواْ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقَهُمُ اللّهُ وَكَانَ اللّهُ بِهِم عَلِيمًا (39)}

قوله تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (40)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعز: (وإن تك حسنةً يضاعفها... (40).
قرأ ابن كثير ونافع: (وإن تك حسنةٌ) رفعا.
وقرأ الباقون: (حسنةً) نصبًا.
كال أبو منصور: من نصب (حسنةً) أضمر في (تك) مرفوعًا، كأنه قال: إن تك الفعلة (حسنةً).
ومن رفع جعل (تك)
[معاني القراءات وعللها: 1/308]
مكتفية، كأن معناها: إن تقع (حسنةٌ) ). [معاني القراءات وعللها: 1/309]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (19- وقوله تعالى: {وإن تك حسنة يضاعفها} [40].
قرأ نافع وابن كثير {وإن تك حسنة} بالنصب، ومن نصب جعله خبرًا.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/133]
وقرأ ابن كثير وابن عامر {يضعفها} بغير ألف.
وقرأ الباقون بألف، وقد مرت علة ذلك في (البقرة) ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/134]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الرفع والنصب من قوله [جلّ وعزّ ]: وإن تك حسنة [النساء/ 40].
فقرأ ابن كثير ونافع: وإن تك حسنة رفعا.
وقرأ الباقون: نصبا.
قال أبو علي: النصب حسن لتقدم ذكر: مثقال ذرة [النساء/ 40]، فالتقدير وإن تكن الحسنة مثقال ذرة يضاعفها، كما قال: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها [الأنعام/ 160] والرفع على: وإن تحدث حسنة، أو إن تقع حسنة يضاعفها). [الحجة للقراء السبعة: 3/160]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في إثبات الألف وإسقاطها والتخفيف والتشديد
[الحجة للقراء السبعة: 3/160]
من قوله [جلّ وعز]: يضاعفها [النساء/ 40].
فقرأ ابن كثير وابن عامر: يضعفها مشدّدة العين بغير ألف.
وقرأ الباقون: يضاعفها خفيفة بألف.
قال أبو علي: المعنى فيهما واحد وهما لغتان. قال سيبويه: تجيء فاعلت لا تريد به عمل اثنين، ولكنهم بنوا عليه الفعل كما بنوه على أفعل، وذلك قولهم: ناولته، وعاقبته، وعافاه الله، وسافرت قال: ونحو ذلك: ضاعفت، وضعّفت، وناعمت ونعّمت فدلّ هذا على أنّه لغتان فبأيّهما قرأت كان حسنا). [الحجة للقراء السبعة: 3/161]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها} 40
قرأ نافع وابن كثير {وإن تك حسنة} بالرّفع على أنّها اسم كان ولا خبر لها وهي ها هنا في مذهب التّمام المعنى وإن تحدث حسنة أو تقع حسنة يضاعفها كما قال {وإن كان ذو عسرة} أي وقع ذو عسرة
وقرأ الباقون {وإن تك حسنة} بالنّصب خبر كان والاسم مضمر فمعناه إن تك زنة الذّرة حسنة المعنى إن تك فعلته حسنة يضاعفها
قرأ ابن كثير وابن عامر (يضعفها) بالتّشديد وقرأ الباقون {يضاعفها} وهما لغتان يقال أضعفت الشّيء وضعفته كما يقال كرمت وأكرمت). [حجة القراءات: 203]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (48- قوله: {وإن تك حسنة} قرأ الحرميان بالرفع، جعلا «كان» تامة غير محتاجة إلى خبر، بمعنى: حدث ووقع، وقرأ الباقون بالنصب جعلوا: «كان» ناقصة، تحتاج إلى خبر، فأضمروا فيها اسمها، ونصبوا «حسنة»
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/389]
على خبر «كان» وحسن الإضمار، لتقدم ذكر {مثقال ذرة} فالتقدير: وإن تكن الحسن مثل ذرة، وإنما جُعلت الحسنة هي الاسم، وقد كانت خبرًا؛ لأنها هي مثقال الذرة، فقدمت الحسنة، وجعلتها الاسم، لإجماعهم على التاء على «تك» وحسن ذلك لأنها هي مثقال الذرة ولو أضمرت المثقال لقبح الإتيان بالتاء في «تك» فأضمرت ما يليق بالتاء، وهو الحسنة، وجعلت {مثقال ذرة} الخبر؛ لأنه هو الحسنة، فكل واحد محمول على الآخر، وهو هو، ودل على هذا التقدير ثبوت التاء في «تك» وإجماعهم على قوله: {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} «الأنعام 160» فالتضعيف في هذه بعشرة أمثال كالتضعيف في قوله: {يضاعفها} ). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/390]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (23- {وَإِنْ تَكُ حَسَنَةٌ} [آية/ 40]:-
بالرفع، قرأها ابن كثير ونافع، على أن كان تامة، والمعنى إن تقع
[الموضح: 416]
حسنة، أو تحدث حسنة، وهي لا تقتضي خبرًا، وقد مضى مثله.
وقرأ الباقون {حَسَنَةً} بالنصب، لتقدم ذكر {مِثْقَالَ ذَرّةٍ}، والتقدير: وإن يك مثقال الذرة حسنةً، فأنت الفعل وإن كان المثقال مذكرًا؛ لأن المثقال هو الذرة في المعنى، واسن {يَكُ} على هذا مضمر، و{حَسَنَةً} خبره). [الموضح: 417]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (24- {يُضَعِّفْهَا} [آية/ 40]:-
مشددة العين من غير ألف، قرأها ابن كثير وابن عامر ويعقوب.
وقرأ الباقون {يُضَاعِفْها} بالألف مخففة.
وهما لغتان: ضاعف وضعف، بمعنى واحدٍ، وقد مضى مثله). [الموضح: 417]

قوله تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا (41)}

قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ اللّهَ حَدِيثًا (42)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (لو تسوّى بهم الأرض... (42).
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم ويعقوب: (لو تسوّى) بضم التاء، وتخفيف السين.
وقرأ نافع وابن عامر بفتح التاء وتشديد السين: (لو تسّوّى).
وقرأ حمزة والكسائي: (تسوّى) بفتح التاء مخففة السين ممالة.
قال أبو منصور: من قرأ (تسوّى) فالأصل تتسوّى، فحذفت إحدى التاءين.
ومن قرأ (تسّوّى) فالأصل أيضًا تتسوّى، فأدغمت التاء الثانية في السين، وشددت، يقال: اسّوّى - يسّوّى اسّوّاء فهو مسّوّ، وأصل (تسوّى) تتسوّى، كما يقال: أزّمّل، وادّثّر واصّدّى، والأصل تزمّل وتدثّر وتصدّى.
ومن قرأ (تسوّى بهم الأرض فهو من سويت به الأرض تسوّى، إذا دفن فيها.
[معاني القراءات وعللها: 1/309]
والمعنى في جميع هذه الوجوه: أن أهل النار يودون أن لو تركوا ترابًا ولم يبعثوا من القبور أحياء.
ويقال: تسوت به الأرض واستوت به الأرض، إذا دفن في بطنها). [معاني القراءات وعللها: 1/310]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (20- وقوله تعالى: {لو تسوى بهم الأرض} [42].
قرأ نافع وابن عامر {تسوى} بفتح التاء وتشديد السين.
وقرا حمزة والكسائي بالفتح والتخفيف.
وقرأ حمزة والكسائي {لو تسوى} ممالة خفيفة أرادوا جميعًا: تتسوى، فأما نافع، وصاحبه فأدغما التاء في السين.
وحمزة وصاحبه خفى لإحدى التائين تخفيفًا.
وقرأ الباقون {تسوى} بضم التاء والتخفيف قال أبو عبيدة: تسوى بهم الأرض أي: تعلوهم ويدخلون في جوفها، يعني يوم القيامة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/134]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح التاء في قوله تعالى: تسوى. [النساء/ 42] والتشديد وضمها والتخفيف.
فقرأ ابن كثير وعاصم، وأبو عمرو: لو تسوى مضمومة التاء خفيفة السين.
وقرأ نافع وابن عامر: تسوى مفتوحة التاء مشدّدة السين.
وقرأ حمزة والكسائي: لو تسوى مفتوحة التاء خفيفة
[الحجة للقراء السبعة: 3/161]
السين، والواو ممالة مشدّدة في كلّ القرآن.
[قال أبو علي]: من قال: تسوى فهو تفعّل من التسوية، والمعنى: لو تجعلون والأرض سواء، كما قال تعالى:
ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا [عمّ/ 40] ومن هذا قوله: بلى قادرين على أن نسوي بنانه [القيامة/ 4] أي: نجعلها صفحة واحدة لا تفصل بعضها عن بعض، فتكون كالكف، فيعجز لذلك عمّا يستعان عليه من الأعمال بالبنان كالكتابة والخياطة ونحو ذلك، مما لو فقدت البنان معها لم يتمكن منها. ومن أيمانهم: لا والذي شقّهنّ خمسا من واحدة.
وقراءة نافع وابن عامر: لو تسوّى المعنى: لو تتسوّى فأدغم التاء في السين لقربها منها، وهذا مطاوع لو تسوّى، لأنّك تقول سوّيته فتسوّى، ولا ينبغي أن يكره هذا لاجتماع تشديدتين، ألا ترى أن في التنزيل: اطيرنا [النمل/ 47] وازينت، [يونس/ 24] ولعلكم تذكرون [الأنعام/ 152] ونحو ذلك، وفي هذا الوجه اتساع لأنّ الفعل مسند إلى الأرض وليس المراد:
ودّوا لو تصير الأرض مثلهم، إنّما المعنى: ودّوا لو يصيرون يتسوّون بها، لا تتسوّى هي بهم، وجاز ذلك لأنّه لا يلبس، وقالوا: أدخل فوه الحجر لمّا لم يلتبس.
[الحجة للقراء السبعة: 3/162]
وقول حمزة والكسائي: لو تسوّى هو: لو تتسوّى فحذفا التاء التي أدغمها من قال: لو تسوّى لأنها كما اعتلت بالإدغام اعتلت بالحذف.
وأمّا إمالة الفتحة نحو الكسرة والألف نحو الياء في تسوّى فحسنة، لأنّ الفعل إذا صار على هذه العدّة استمرّت فيه الإمالة لانقلاب ألفه إلى الياء في نحو يتسويان). [الحجة للقراء السبعة: 3/163]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({لو تسوى بهم الأرض}
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم {لو تسوى} بضم التّاء على ما لم يسم فاعله وحجتهم أن المعنى في ذلك يود الّذين كفروا
[حجة القراءات: 203]
لو يجعلهم الله ترابا فيسوي بينهم وبين الأرض كا فعل بالبهائم ثمّ رد إلى ما لم يسم فاعله
وقرأ نافع وابن عامر {تسوى} بتشديد السّين والواو الأصل تتسوى ثمّ أدغمت التّاء في السّين أي يودون لو صاروا ترابا فكانوا سواء هم والأرض
قرأ حمزة والكسائيّ {تسوى} بتخفيف السّين وفتح التّاء أسند الفعل إلى الأرض بمعنى الأول والأصل تتسوى ثمّ حذفوا إحدى التّاءين تخفيفًا مثل {تذكرون} فأما وجه تصير الفعل للأرض فلأن الكفّار إنّما تمنوا أن تستوي الأرض بهم إذ شهدت عليهم أعضاؤهم فيكونوا ترابا كما قال جلّ وعز حكاية عن الكفّار {ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا} قال ويجوز أن يراد بالكلام يود الّذين كفروا لو يستوون هم بالأرض فيكونوا ترابا من ترابها ثمّ يحول الفعل إلى الأرض لأنهم إذا تسووا بها فقد تسوت بهم فيكون كل صنف منهما قد استوى بصاحبه وقد استعملته العرب في كلامها قال الشّاعر
كأن لون أرضه سماؤه
يريد كأن لون سمائه لون أرضه من شدّة الغبار فشبه أرضه بسمائه وإنّما أراد أن يشبه لون سمائه بلون أرضه). [حجة القراءات: 204]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (49- قوله: {تسوى بهم الأرض} قرأه نافع وابن عامر بفتح التاء، مشدد السين، وقرأه حمزة والكسائي كذلك، إلا أنها خففا السين وأمالا، وقرأه الباقون بضم التاء، وتخفيف السين.
50- وحجة من قرأ بضم التاء أنه جعله فعلًا لم يسم فاعله، من التسوية، مثل قوله: {على أن نسوي بنانه} «القيامة 4» وأقام «الأرض» مقام الفاعل، على معنى: لو يجعلون والأرض سواء، أي ترابا، كما فعل بالبهائم، ودليله قوله: {ويقول الكافر يا لتني كنت ترابا} «النبأ 40».
51- وحجة من فتح التاء، وشدد السين أنه بنى الفعل على «يتفعل» فأسنده إلى «الأرض» فارتفعت بفعلها، وأصله «تتسوى» ثم أدغم التاء، وهي الثانية، في السين، فهو في العلة والحجة مثل {تساءلون به} ومثل «تظاهرون»، وقد مضى تفسيره، وفي الكلام اتساع، وذلك أنه جعل «الأرض تتسوى بهم» وليس لها فعل، والمراد به المخبر عنهم، وهم الذين كفروا، يودون: لو يصيرون يتسوون بالأرض، وهو مثل: ألقم فاه الحجر،
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/390]
وأدخل زيد القبر، ونحوه، لما علم المعنى اتسع فيه، فأقيم الذي ليس له المعنى مقام الفاعل إذ لا يشكل.
52- وحجة من فتح التاء، وخفف السين أنه حذف إحدى التائين استخفافًا، كما فعل في «تساءلون وتظاهرون» وقد تقدم الكلام على علة ذلك، وحسن حذف التاء، وترك الإدغام لئلا يتوالى مشددان: وهما السين والواو، وفي ذلك ثقل، والقراءة بالتشديد، وفتح التاء أولى؛ لأنه الأصل، وعليه أهل المدينة، فأما الإمالة فيه والفتح فقد تقدمت علة ذلك). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/391]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (25- {لَوْ تُسَوّى} [آية/ 42]:-
بضم التاء وتخفيف السين من غير إمالةٍ، قرأها ابن كثير وأبو عمرو وعاصم ويعقوب.
وهو تفعل من التسوية، يقال: سويت بفلانٍ الأرض، إذا دفنته فيها فتسوت به الأرض، والمعنى يود أهل النار يوم القيامة أن لو تركوا ترابًا ولم يبعثوا أحياءً، أي لو يجعلون والأرض سواء، كما قال تعالى {وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا}.
[الموضح: 417]
وقرأ نافع وابن عامر بفتح التاء وتشديد السين.
والأصل: تتسوى، فأدغم التاء في السين لقربها منها، وأسند الفعل في هذه القراءة إلى الأرض، والمعنى: ودوا لو يصيرون متسوين بها، لا أن تتسوى هي بهم، وجاز ذلك لأنه لا يلتبس، كما تقول: أدخلت خاتمي في الأصبع.
وقرأ حمزة والكسائي {تَسَوّى} بفتح التاء وتخفيف السين ممالة.
والأصل: تتسوى أيضًا، فحذف التاء التي أدغمها الآخران، فلما (أعلها) ذانك بالإدغام (أعلها) هذان بالحذف.
وأمالة الإمالة ههنا فحسنة؛ لأن الفعل إذا صار على هذه العدة حسنت فيه الإمالة، لانقلاب ألفه إلى الياء في التثنية). [الموضح: 418]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #21  
قديم 4 صفر 1440هـ/14-10-2018م, 09:37 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النساء
[ الآية (43) ]


{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (43)}

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (43)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (أو لامستم النّساء... (43)
قرأ حمزة والكسائي: (أو لمستم) في السورتين بغير ألف وقرأ الباقون فيهما بالألف
قال أبو منصور: من قرأ (أو لامستم) فهو على فاعلتم، لاشتراكهما في الفعل الذي يكون منه الولد، ومن قرأ (أو لمستم) خص بالفعل الرجل، لأن الفعل في باب الجماع يضاف إلى الرجل، وقد يكنى عن الجماع باللمس واللماس، والعرب تقول: فلانة لا تردّ يد لامسٍ، أي: لا ترد عن نفسها من أراد غشيانها). [معاني القراءات وعللها: 1/310]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (21- وقوله تعالى: {أو لامستم النساء} [43].
قرأ حمزة والكسائي: {لمستم} بغير ألف، جعلا الفعل للرجال دون النساء.
وقرأ الباقون (لامستم) لأن المرأة تلامس الرجل والرجل يلامسها والمفاعلة لا تكون إلا من اثنين، وحجتهم: جامعتُ المرأة، ولا يقال: جمعت.
ومن قرأ (لمستم) فحجته: نكحت، ولا يقال: ناكحت). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/134]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في إدخال الألف وإخراجها من قوله [جلّ وعز] أو لامستم النساء [النساء/ 43].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم وابن عامر: أو لامستم بألف هاهنا، وفي المائدة [الآية/ 6] مثله.
وقرأ حمزة والكسائي: لمستم بغير ألف، وفي المائدة مثله.
قال أبو علي: اللمس يكون باليد، وقد اتّسع فيه فأوقع على غيره فمما جاء يراد به مسّ باليد قوله:
ولا تلمس الأفعى يداك تنوشها... ودعها إذا ما غيّبتها سفاتها
ومما جاء يراد به غير اللمس بالجارحة قوله تعالى: وأنا لمسنا السماء فوجدناها [الجن/ 8]
[الحجة للقراء السبعة: 3/163]
تأويله: عالجنا غيب السماء ورمناه لنسترقه فنلقيه إلى الكهنة ونخبرهم به. ولما كان اللمس قد يكون غير المباشرة بالجارحة قال: ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم [الأنعام/ 7] فخصص باليد لئلا يلتبس بالوجه الآخر، كما جاء وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم [النساء/ 23] لما كان الابن قد يكون متبنّى به من غير الصّلب، وقد كان ينسب المتبنى به إلى المتبنّي فقال: ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله [الأحزاب/ 5].
وقد قالوا: التمس وهو افتعل من اللمس، فأوقع على ما لا يقع عليه اللمس والمباشرة- قال:
الحرّ والهجين والفلنقس ثلاثة فأيّهم تلمّس ليس يريد أيّهم تباشر بيدك، ولكن أيّهم تطلب.
قال:
وبالسّهب ميمون النّقيبة قوله* لملتمس المعروف أهل ومرحب
[الحجة للقراء السبعة: 3/164]
فملتمس المعروف طالبه ليس مماسّه ولا مباشره.
وقوله تعالى: أو لامستم النساء قد عنى به ما لا يكون مسّا بيد، وذاك أنّ الخلوة قد تكون في حكم المسّ في قول عمر وعلي [رضي الله عنهما] والخلوة ليست بلمس ولا مس بجارحة.
واختلف الصحابة في قوله: أو لامستم النساء على قولين:
فحمله حاملون على المسّ باليد، وآخرون على الجماع، ولم يحمله أحد منهم على الأمرين جميعا، فحمله عليهما خروج من إجماعهم، وأخذ بقول قد أجمعوا على رفضه.
وقد أجري المسّ هذا المجرى لا يراد به المباشرة وتلزيق الجارحة بالمطلوب، وذلك قوله:
مسنا السّماء فنلناها وطالهم* حتى رأوا أحدا يهوي وثهلانا فليس يريد باشرناها، ولكن يريد به رفعتهم وأنّ غيرهم لا
[الحجة للقراء السبعة: 3/165]
يدرك شأوهم ولا ينال ما نالوه من رفعة المنزلة وهذا كقوله: .. وقد فاتت يد المتناول ومن المباشرة قوله تعالى: ذوقوا مس سقر [القمر/ 48] وإن يمسسكم قرح [آل عمران/ 140] ولن تمسنا النار إلا أياما [آل عمران/ 24] فأما قوله تعالى: لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن [البقرة/ 236] فقد يكون من مثل قوله: ذوقوا مس سقر وقد لا يكون مسّا، ولكن ما يكون في حكم المسّ، وهو الخلوة بها في قول عمر وعلي رضي الله عنهما.
وحجة من قرأ: لمستم أن هذا المعنى جاء في التنزيل في غير موضع على فعلتم، وذلك قوله: ولم يمسسني بشر [مريم/ 20] ولم يطمثهن إنس [الرحمن/ 56]. وحجّة من قرأ: لامستم أنّ فاعل قد جاء في معنى فعل، نحو عاقبته، وطارقت النعل. وقال أبو عبيدة اللماس النكاح). [الحجة للقراء السبعة: 3/166]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الأعمش: [لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكْرَى] مضمومة السين، ساكنة الكاف من غير ألف.
وقراءة إبراهيم: [وَأَنْتُمْ سَكْرَى].
وفي قراءته أيضًا: [تُرَى النَّاسَ سَكْرَى وَمَا هُمْ بِسَكْرَى].
[المحتسب: 1/188]
قال أبو الفتح: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن وكيع عن الدمشقي عن ابن قطرب عن قطرب في كتابه الكبير: أن قراءة أبي زرعة الشامي: [وتَرَى النَّاسَ سُكْرَى وَمَا هُمْ بِسُكْرى].
وسألت أبا علي عن [سُكْرَى] فردد القول فيها، ثم استقر الأمر فيها بيننا على أنها صفة من هذا اللفظ والمعنى، بمنزلة حبلى مفردة كما ترى.
فأما [سَكْرَى] بفتح السين فيمن قرأ كذلك فيحتمل أمرين:
أحدهما: أن يكون جمع سكران؛ إلا أنه كُسِّر على فَعْلَى؛ إذ كان السكر علة تلحق العقل، فجرى ذلك مجرى قوله:
فَأَمَّا تَميمٌ تَميمُ بنُ مُرٍّ ... فَأَلفاهُمُ القَومُ رَوْبَى نِياما
فهذا جمع رائب؛ أي: نومى خُثَراءُ الأنفس؛ فيكون ذلك كقولهم: هالك وهلكى ومائد ومَيْدَى، فيجري مجرى صريع وصرعى وجريح وجرحى؛ إذ كان ذلك علة بُلوا بها، وإن كان هالك ومائد ورائب فعلًا منسوبًا إليهم، لا مُوقَعًا في اللفظ بهم.
والآخر: أن يكون [سَكْرَى] هنا صفة مفردة، مذكرها سكران، كامراة سكرى. ويشهد لهذا الأمر قراءة مَن قرأ: [سُكْرى] بالضم، وهذا لا يكون إلا واحدًا. ويشهد للقول الأول قراءة العامة: {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى} . وجاز أن يوقع على الناس كلهم صفة مفردة تصورًا لمعنى الجملة والجماعة وهي بلفظ الواحد، كما جاز للَبيدٍ أن يشير أيضًا إلى الناس بلفظ الواحد في قوله:
وَلَقَد سَئِمتُ مِنَ الحَياةِ وَطولِها ... وَسُؤالِ هَذا الناسِ كَيفَ لَبيدُ
ومن معكوسه في إيقاع لفظ الجماعة على معنى الواحد قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} والمراد به الواحد، كلٌّ من كلام العرب.
[المحتسب: 1/189]
وقراءته: [وتُرَى الناسَ سُكرى] بضم التاء يقوي ما قدمناه من أن أُرَى في اليقين دون أَرى؛ لقوله تعالى: {وَمَا هُمْ بِسُكَارَى} ). [المحتسب: 1/190]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن مسعود والزهري أيضًا: [أو جاء أحد منكم من غَيْط].
قال أبو الفتح: فيه صنعة، وذلك أن هذا الحرف مما عينه واو؛ لقوهم تغوَّط الرجل: إذا أتى الغائط، وهو مُطْمَأَنٌّ من الأرض كانوا يقضون فيه حوائجهم. وظاهر أمر غَيْط أنه فَعْل مما عينه ياء، بمنزلة شيخ وبيت. وأمثل ما ينبغي أن يقال فيه: إنه محذوف من فَيْعِل، كأنه في الأصل غيِّط كميت وسيد، ثم حذفت عينه تخفيفًا فبقي مَيْت وسيْد، ومثاله قَيْل؛ لأن العين محذوفة.
فإن قلت: فإنا لا نعرف في الكلام غَيِّطًا كما عرفنا سيِّدًا وميِّتًا؟
قيل: قد يجوز أن يكون محذوفًا من فيعِل مقدرًا غير مستعمل، كما أن قولهم: يَذَر ويدع استُغني عنهما بِتَرَك، كما استُغني أيضًا بغائط عن غيِّط، وكما استغني أيضًا بذَكَر ولَمْحة عن مِذْكار ومَلْمَحة اللتين عليهما كسر ملامح ومذاكير.
ويؤكد هذا أن غائطًا إلى غيِّط أقرب من ذَكَر ولَمْحة إلى مِذْكار ومَلْمَحة؛ وذلك لأن ثاني فاعل ألف زائدة كما أن ثاني فيعِل ياء زائدة، والعين فيهما كليهما مكسورة، واللام تلي العين فيهما جميعًا، والياء أيضًا أخت الألف، فكأنهما مثال واحد من حيث ذكرنا، فَبِقدر هذا القرب بينهما ما حسنت إنابة فاعل عن فيعِل، لا سيما وكأن غَيْطًا في اللفظ غيِّط لقربه منه وزنًا.
وفيه قول ثانٍ؛ وهو أن يكون غَيْط فَعْلًا وأصله غَوْط، إلا أن الواو قلبت للتخفيف ياء، كما قلبوها إليها لذلك في قولهم: لا حَيْل ولا قوة إلا بالله؛ أي: لا حول ولا قوة إلا بالله. وقالوا: هو أَليط بقلبي من كذا، وظاهر أمره أن يكون من لُطت الحوض أَلوطه؛ أي: ألصقت بعضه ببعض، فكذلك هو أَليط بقلبي: إذا لصق به، وأصله على هذا أَلْوط، وقلبت الواو ياء استحسانًا كأشياء نحو ذلك، نحو: العلياء وهي من علوت، والعَيْصاء بمعنى العوصاء، فهذا الوجه أقرب، والأول أشد وأصنع). [المحتسب: 1/190]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({أو لامستم النّساء} 43
قرأ حمزة والكسائيّ (أو لمستم النّساء) بغير ألف جعلا
[حجة القراءات: 204]
الفعل للرّجال دون النّساء وحجتهما أن اللّمس ما دون الجماع كالقبلة والغمزة عن ابن عمر اللّمس ما دون الجماع أراد اللّمس باليد وهذا مذهب ابن مسعود وسعيد بن جبير وإبراهيم والزهريّ
وقرأ الباقون {أو لامستم} بالألف أي جامعتم والملامسة لا تكون إلّا من اثنين الرجل يلامس المرأة والمرأة تلامس الرجل وحجتهم ما روي في التّفسير قال عليّ بن ابي طالب صلوات الله عليه قوله {لامستم النّساء} أي جامعتم ولكن الله يكني وعن ابن عبّاس
[حجة القراءات: 205]
{أو لامستم} قال هو الغشيان والجماع وقال إن الله كريم يكني عن الرّفث والملامسة والمباشرة والتغشي والإفضاء وهو الجماع). [حجة القراءات: 206]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (53- قوله: {أو لامستم} قرأه حمزة والكسائي {أو لمستم} بغير ألف، ومثله في المائدة، أضافا الفعل والخطاب للرجال دون النساء، على معنى: مس بعض الجسد بعض الجسد، ومس اليد الجسد، فجرى الفعل من واحد، ودليله قوله: {ولم يمسسني بشر} «آل عمران 70» ولم يقل: يماسسني، وقوله: {لم يطمثهن} «الرحمن 56»، ولم يقل: يطامثهن، وأيضًا فإن اللمس يكون بغير الجماع، كالغمز والإفضاء باليد إلى الجسد، وهو قول ابن مسعود وابن عمر وعبيدة، وعطاء والشعبي وابن جبير، وغيرهم يقولون: إن اللمس في هذا الإفضاء باليد إلى الجسد، وهو قول ابن مسعود وابن عمر، وبعض جسده إلى بعضه جسدها، فحمل على غير الجماع، فهو من واحد كما قال: {وأنا لمسنا السماء} «الجن 8» فهو لمس بغير يد، واللمس على وجهين:
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/391]
لمس باليد ولمس بغير يد، نحو ما ذكرنا السماء، وقرأ الباقون {لامستم} بألف، جعلوا الفعل من اثنين، وجعلوه من الجماع، فجرى على المفاعلة، لأن الجماع لا يكون إلا من اثنين، ويجوز أن يكون لامس من واحد كـ «عاقبت اللص» وتتفق القراءتان). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/392]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (26- {أَوْ لَمَسْتُمُ النّساءَ} [آية/ 43]:-
بغير ألف ههنا وفي المائدة، قرأها حمزة والكسائي؛ لأن الفعل في باب الجماع مضاف إلى الرجل، وقد جاء مثل هذا اللفظ في التنزيل في غير موضعٍ على فعل، وذلك قوله {وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ} و{لَمْ يَطْمِثْهُنَّ}.
وقرأ الباقون {لاَمَسْتُم} بالألف في السورتين.
[الموضح: 418]
يجوز أن يكون الفعل من واحدٍ وإن كان على فاعل نحو: عاقبته وطارقت النعل.
ويجوز أن يكون على حصول الفعل منهما كالمجامعة والمباضعة والمباشرة؛ لاشتراكهما في ذلك). [الموضح: 419]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #22  
قديم 4 صفر 1440هـ/14-10-2018م, 09:38 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النساء
[ من الآية (44) إلى الآية (46) ]

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلاَلَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ السَّبِيلَ (44) وَاللّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللّهِ نَصِيرًا (45) مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (46)}

قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلاَلَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ السَّبِيلَ (44)}

قوله تعالى: {وَاللّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللّهِ نَصِيرًا (45)}

قوله تعالى: {مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (46)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #23  
قديم 4 صفر 1440هـ/14-10-2018م, 09:39 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النساء
[ من الآية (47) إلى الآية (48) ]

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللّهِ مَفْعُولاً (47) إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (48)}


قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللّهِ مَفْعُولاً (47)}

قوله تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (48)}
روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #24  
قديم 4 صفر 1440هـ/14-10-2018م, 09:40 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النساء
[ من الآية (49) إلى الآية (50) ]

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (49) انظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا (50)}

قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (49)}
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: ولم يختلفوا في قوله: يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلا [النساء/ 49] [أنّه بالياء].
قال أبو علي: من قرأ: ولا يظلمون فتيلا* بالياء، فلما تقدّم من ذكر الغيبة، وهو قوله: ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم... ولا تظلمون.
ومن قرأ بالتاء فكأنّه ضمّ إليهم في الخطاب النبيّ صلى الله عليه وسلم والمسلمين، فغلّب الخطاب على الغيبة، والمعنى: أنّكم أيها المسلمون ما تفعلون من خير يوفّ إليكم، ويجازى من أمر بالقتال فتثبط عنه، بعد أن كان كتب عليه. ويؤكّد التاء قوله: قل متاع الدنيا قليل [النساء/ 77] وما في قل من الخطاب. وأمّا قوله: بل الله يزكي من يشاء [النساء/ 49] ففي يزكي ضمير الغيبة ولا يظلمون بالياء لأنّه إذا كان لمن يشاء فهو للغيبة). [الحجة للقراء السبعة: 3/172]

قوله تعالى: {انظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا (50)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #25  
قديم 4 صفر 1440هـ/14-10-2018م, 10:08 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة النساء
[ من الآية (51) إلى الآية (55) ]

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً (51) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللّهُ وَمَن يَلْعَنِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا (52) أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا (53) أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا (54) فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُم مَّن صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا (55)}


قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً (51)}

قوله تعالى: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللّهُ وَمَن يَلْعَنِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا (52)}

قوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا (53)}

قوله تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا (54)}

قوله تعالى: {فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُم مَّن صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا (55)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:23 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة