العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الزخرف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 12:02 AM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
افتراضي تفسير سورة الزخرف [من الآية(57)إلى الآية(65)]

{وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57) وَقَالُوا أَآَلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (58) إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (59) وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (60) وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) وَلَا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (62) وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (63) إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (64) فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ (65) }



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 12:03 AM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57) )

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن عاصم بن أبي النجود قال سمعت أبا عبد الرحمن السلمي يقرؤها (يصُدونَ) قال يضحون قال عاصم وأخبرني أو رزين أن ابن عباس كان يقرؤها (يَصِدون) قال يضجون). [تفسير عبد الرزاق: 2/197-198]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن عاصم بن بهدلة عن أبي رزينٍ عن ابن عبّاسٍ {إذا قومك منه يصدون}: يضحكون [الآية: 57]). [تفسير الثوري: 273]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن الأعمش عن يحيى بن وثاب قال: {يصدون}: يعرضون). [تفسير الثوري: 273]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن مجاهدٍ {إذا قومك منه يصدون} قال: يضجون [الآية: 57]). [تفسير الثوري: 273]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) :( {يصدّون} [الزخرف: 57] : «يضجّون» ). [صحيح البخاري: 6/130]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله يصدّون يضجّون وصله الفريابيّ والطّبريّ عن مجاهدٍ بلفظه وهو قول أبي عبيدة وزاد ومن ضمّها فمعناه يعدلون وروى الطّبريّ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاس ومن طريق آخر عن ابن عبّاسٍ ومن طريق سعيدٍ عن قتادة في قوله يصدّون قال يضجّون وقال عبد الرّزّاق عن معمرٍ عن عاصمٍ أخبرني زرّ هو ابن حبيش أن ابن عبّاسٍ كان يقرؤها يصدّون يعني بكسر الصّاد يقول يضجّون قال عاصمٌ وسمعت أبا عبد الرّحمن السّلميّ يقرؤها بضمّ الصّاد فبالكسر معناه يضجّ وبالضّمّ معناه يعرض وقال الكسائيّ هما لغتان بمعنًى وأنكر بعضهم قراءة الضّمّ واحتجّ بأنّه لو كانت كذلك لكانت عنه لا منه وأجيب بأنّ المعنى منه أي من أجله فيصحّ الضّمّ وروى الطّبريّ من طريق أبي يحيى عن ابن عبّاسٍ أنّه أنكر على عبيد بن عميرٍ قراءته يصدّون بالضّمّ). [فتح الباري: 8/567]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وأما أقوال مجاهد فقال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 5 الزخرف {أفنضرب عنكم الذّكر صفحا} قال تكذبون بالقرآن فلا تعاقبون فيه
وفي قوله 8 الزخرف {ومضى مثل الأوّلين} قال سننهم
وفي قوله 13 الزخرف {وما كنّا له مقرنين} الإبل والخيل والبغال والحمير
وفي قوله 18 الزخرف {أو من ينشأ في الحلية} قال الجواري جعلتموهن للرحمن ولدا فكيف تحكمون
وفي قوله 20 الزخرف {لو شاء الرّحمن ما عبدناهم} قال الأوثان قال الله 20 الزخرف {ما لهم بذلك من علم إن هم إلّا يخرصون} ما يعلمون قدرة الله على ذلك
وبه في قوله 28 الزخرف {وجعلها كلمة باقية في عقبه} قال لا إله إلّا الله
وبه في قوله 53 الزخرف {فلولا ألقي عليه أسورة من ذهب أو جاء معه الملائكة مقترنين} قال يمشون معًا
وفي قوله 56 الزخرف {فجعلناهم سلفا} قال هم قوم فرعون كفارهم سلفا لكفار أمة محمّد
وفي قوله 56 الزخرف {مثلا} قال عبرة لمن بعدهم
وفي قوله 57 الزخرف {إذا قومك منه يصدون} قال يضجون). [تغليق التعليق: 4/306-307] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (يصدّون يضجّون
أشار به إلى قوله عز وجل: {إذا قومك منهم يصدون} (الزخرف: 57) وفسره بقوله: {يضجون} بالجيم وبكسر الضّاد، ومن قرأ بالضّمّ فالمعنى: يعرضون، وقال الكسائي: هما لغتان بمعنى، وأنكر بعضهم الضّم وقال: لو كان مضموما لكان يقال: عنه، ولم يقل: منه وقيل: معنى، منه، من أجله فلا إنكار في الضّم). [عمدة القاري: 19/159]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({يصدّون}) بكسر الصاد أي (يضجون) وقرأ نافع وابن عامر والكسائي بضم الصاد فقيل هما بمعنى واحد وهو الضجيج واللغط وقيل الضم من الصدود وهو الإعراض). [إرشاد الساري: 7/333]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {ولمّا ضرب ابن مريم مثلاً} يقول تعالى ذكره: ولمّا شبّه اللّه عيسى في إحداثه وإنشائه إيّاه من غير فحلٍ بآدم، فمثّله به بأنّه خلقه من ترابٍ من غير فحلٍ، إذا قومك يا محمّد من ذلك يضجّون ويقولون: ما يريد محمّدٌ منّا إلاّ أن نتّخذه إلهًا نعبده، كما عبدت النّصارى المسيح.
واختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك؛ فقال بعضهم بنحو الّذي قلنا فيه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه عزّ وجلّ: {إذا قومك منه يصدّون} قال: يضجّون؛ قال: قالت قريشٌ: إنّما يريد محمّدٌ أن نعبده كما عبد قوم عيسى عيسى.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة قال: لمّا ذكر عيسى ابن مريم جزعت قريشٌ من ذلك، وقالوا: يا محمّد ما ذكرك عيسى ابن مريم، وقالوا: ما يريد محمّدٌ إلاّ أن نصنع به كما صنعت النّصارى بعيسى ابن مريم، فقال اللّه عزّ وجلّ: {ما ضربوه لك إلاّ جدلاً}.
- حدّثنا بشرٌ قال حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة قال: لمّا ذكر عيسى في القرآن قال مشركو قريشٍ: يا محمّد ما أردت إلى ذكر عيسى؟ قال: وقالوا: إنّما يريد أن نحبّه كما أحبّت النّصارى عيسى.
وقال آخرون: بل عنى بذلك قول اللّه عزّ وجلّ {إنّكم وما تعبدون من دون اللّه حصب جهنّم أنتم لها واردون} وقيل المشركين عند نزولها: قد رضينا بأن تكون آلهتنا مع عيسى وعزيرٍ والملائكة؛ لأنّ كلّ هؤلاء ممّا يعبد من دون اللّه قال اللّه عزّ وجلّ: {ولمّا ضرب ابن مريم مثلاً إذا قومك منه يصدّون. وقالوا أآلهتنا خيرٌ أم هو}.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، ثني أبي قال، ثني عمّي قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {ولمّا ضرب ابن مريم مثلاً إذا قومك منه يصدّون} قال: يعني قريشًا لمّا قيل لهم {إنّكم وما تعبدون من دون اللّه حصب جهنّم أنتم لها واردون} فقالت له قريشٌ: فما ابن مريم؟ قال: ذاك عبد اللّه ورسوله، فقالوا: واللّه ما يريد هذا إلاّ أن نتّخذه ربًّا كما اتّخذت النّصارى عيسى ابن مريم ربًّا، فقال اللّه عزّ وجلّ: {ما ضربوه لك إلاّ جدلاً بل هم قومٌ خصمون}.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {يصدّون} فقرأته عامّة قرّاء المدينة، وجماعةٌ من قرّاء الكوفة: (يصدّون) بضمّ الصّاد.
وقرأ ذلك بعض قرأة الكوفة والبصرة {يصدّون} بكسر الصّاد.
واختلف أهل العلم بكلام العرب في فرق ما بين ذلك إذا قرئ بضمّ الصّاد، وإذا قرئ بكسرها، فقال بعض نحويّي البصرة، ووافقه عليه بعض الكوفيّين: هما لغتان بمعنًى واحدٍ، مثل يشدّ ويشدّ، وينمّ وينمّ من النّميمة.
وقال آخر منهم: من كسر الصّاد فمجازها يضجّون، ومن ضمّها فمجازها: يعدلون، وقال بعض من كسرها: فإنّه أراد يضجّون، ومن ضمّها فإنّه أراد الصّدود عن الحقّ.
- وحدّثت عن الفرّاء قال: ثني أبو بكر بن عيّاشٍ، أنّ عاصمًا، ترك (يصدّون) من قراءة أبي عبد الرّحمن، وقرأ: {يصدّون}.
- قال: قال أبو بكرٍ: حدّثني عاصمٌ، عن أبي رزينٍ، عن أبي يحيى، أنّ ابن عبّاسٍ قرأ: {يصدّون} أي: يضجّون.
قال: وفي حديثٍ آخر أنّ ابن عبّاسٍ لقي ابن أخي عبيد بن عميرٍ، فقال: إنّ عمّك لعربيّ، فما له يلحن في قوله: إذا قومك منه يصدّون، وإنّما هي {يصدّون}.
والصّواب من القول في ذلك أنّهما قراءتان معروفتان، ولغتان مشهورتان بمعنًى واحدٍ، ولم نجد أهل التّأويل فرّقوا بين معنى ذلك إذا قرئ بالضّمّ والكسر، ولو كان مختلفًا معناه، لقد كان الاختلاف في تأويله بين أهله موجودًا وجود اختلاف القراءة فيه باختلاف اللّغتين، ولكن لمّا لم يكن مختلف المعنى لم يختلفوا في أنّ تأويله: يضجّون ويجزعون، فبأيّ القراءتين قرأ القارئ فمصيبٌ.
ذكر من قال ما قلنا في تأويل ذلك:
- حدّثني عليّ قال: حدّثنا أبو صالحٍ قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {إذا قومك منه يصدّون} قال: يضجّون.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: ثني أبي قال: ثني عمّي قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {إذا قومك منه يصدّون} يقول: يضجّون.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ قال: حدّثنا أبو حمزة، عن المغيرة الضّبّيّ، عن الصّعب بن عثمان قال: كان ابن عبّاسٍ يقرأ {إذا قومك منه يصدّون}، وكان يفسّرها يقول: يضجّون.
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا عبد الرّحمن قال: حدّثنا سفيان، عن عاصمٍ، عن أبي رزينٍ، عن ابن عبّاسٍ {إذا قومك منه يصدّون} قال: يضجّون.
- حدّثنا ابن المثنّى قال: حدّثنا ابن أبي عديٍّ، عن شعبة عن عاصمٍ عن أبي رزينٍ، عن ابن عبّاسٍ بمثله.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى؛ وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه عزّ وجلّ: {إذا قومك منه يصدّون} قال: يضجّون.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {إذا قومك منه يصدّون} أي يجزعون ويضجّون.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن عاصم بن أبي النّجود، عن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ أنّه قرأها {يصدّون} أي يضجّون، وقرأ عليّ رضي اللّه عنه {يصدّون}.
- حدّثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {إذا قومك منه يصدّون} قال: يضجّون.
- حدّثنا محمّدٌ قال: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسباط، عن السّدّيّ، {إذا قومك منه يصدّون} قال: يضجّون). [جامع البيان: 20/621-626]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد إذا قومك منه يصدون قال يعني يضجون قال: قالت قريش إنما يريد محمد أن نعبده كما عبد قوم عيسى عيسى). [تفسير مجاهد: 582-583]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 57 – 65
أخرج أحمد، وابن أبي حاتم والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقريش: إنه ليس أحد يعبد من دون الله فيه خير فقالوا: ألست: تزعم أن عيسى كان نبيا وعبدا من عباد الله صالحا وقد عبدته النصارى فإن كنت صادقا فإنه كآلهتهم، فأنزل الله {ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون} قال: يضجون {وإنه لعلم للساعة} قال: هو خروج عيسى بن مريم قبيل يوم القيامة). [الدر المنثور: 13/217-218]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقرؤها {يصدون} يعني بكسر الصاد يقول: يضجون). [الدر المنثور: 13/218-219]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد عن أبي عبد الرحمن السلمي رضي الله عنه أنه قرأ {يصدون} بضم الصاد). [الدر المنثور: 13/219]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن إبراهيم {يصدون} قال: يعرضون). [الدر المنثور: 13/219]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن سعيد بن معبد بن أخي عبيد بن عمير الليثي رضي الله عنه قال: قال لي ابن عباس: ما لعمك يقرأ هذه الآية {إذا قومك منه يصدون} إنها ليست كذا إنما هي {إذا قومك منه يصدون} إذا هم يهجون إذا هم يضجون). [الدر المنثور: 13/219]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه {إذا قومك منه يصدون} قال: يضجون.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد والحسن وقتادة رضي الله عنهما مثله). [الدر المنثور: 13/219]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن علي رضي الله عنه: سمعت النّبيّ صلى الله عليه وسلم يقرأ {يصدون} بالكسر). [الدر المنثور: 13/220]

تفسير قوله تعالى: (وَقَالُوا أَآَلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (58) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة قال لما ذكر عيسى ابن مريم جزعت قريش فقالوا يا محمد ما ذكرك عيسى ابن مريم وقالوا ما يريد محمد إلا أن يصنع به صنعت النصارى بعيسى بن مريم فقال الله عز و جل ما ضربوه لك إلا جدلا). [تفسير عبد الرزاق: 2/198]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا عبد بن حميدٍ، قال: حدّثنا محمّد بن بشرٍ، ويعلى بن عبيدٍ، عن حجّاج بن دينارٍ، عن أبي غالبٍ، عن أبي أمامة، قال: قال رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم: ما ضلّ قومٌ بعد هدًى كانوا عليه إلاّ أوتوا الجدل، ثمّ تلا رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم هذه الآية: {ما ضربوه لك إلاّ جدلاً بل هم قومٌ خصمون}.
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ إنّما نعرفه من حديث حجّاج بن دينارٍ وحجّاجٌ ثقةٌ مقارب الحديث، وأبو غالبٍ اسمه: حزوّر). [سنن الترمذي: 5/232]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قول الله سبحانه: {ءآلهتنا خيرٌ أم هو} قال: يعنون عيسى عليه السلام). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 92]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقالوا أآلهتنا خيرٌ أم هو ما ضربوه لك إلاّ جدلاً بل هم قومٌ خصمون (58) إن هو إلاّ عبدٌ أنعمنا عليه وجعلناه مثلاً لّبني إسرائيل (59) ولو نشاء لجعلنا منكم مّلائكةً في الأرض يخلفون}.
يقول تعالى ذكره: وقال مشركو قومك يا محمّد: آلهتنا الّتي نعبدها خيرٌ؟ أم محمّدٌ فنعبد محمّدًا؟ ونترك آلهتنا؟
وذكر أنّ ذلك في قراءة أبيّ بن كعبٍ: (أآلهتنا خيرٌ أم هذا).
ذكر الرّواية بذلك:
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، أنّ في حرف أبيّ بن كعبٍ: (وقالوا أآلهتنا خيرٌ أم هذا) يعنون محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقال آخرون: بل عنى بذلك: آلهتنا خيرٌ أم عيسى؟
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن الحسين قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل قال: حدّثنا أسباط، عن السّدّيّ، في قوله: {وقالوا أآلهتنا خيرٌ أم هو ما ضربوه لك إلاّ جدلاً بل هم قومٌ خصمون} قال: خاصموه، فقالوا: يزعم أنّ كلّ من عبد من دون اللّه في النّار، فنحن نرضى أن تكون آلهتنا مع عيسى وعزيرٍ والملائكة هؤلاء قد عبدوا من دون اللّه قال: فأنزل اللّه براءة عيسى.
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {أآلهتنا خيرٌ} قال: عبد هؤلاء عيسى، ونحن نعبد الملائكة. وقرأ: {ما ضربوه لك إلاّ جدلاً بل هم قومٌ خصمون} إلى {في الأرض يخلفون}.
وقوله تعالى ذكره: {ما ضربوه لك إلاّ جدلاً} يقول تعالى ذكره: ما مثّلوا لك هذا المثل يا محمّد ولا قالوا لك هذا القول إلاّ جدلاً وخصومةً يخاصمونك به {بل هم قومٌ خصمون} يقول جلّ ثناؤه: ما بقومك يا محمّد هؤلاء المشركين في محاجّتهم إيّاك بما يحاجّونك به طلب الحقّ {بل هم قومٌ خصمون} يلتمسون الخصومة بالباطل.
وذكر عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: ما ضلّ قومٌ عن الحقّ إلاّ أوتوا الجدل.
ذكر الرّواية بذلك:
- حدّثنا ابن المثنّى قال: حدّثنا يعلى قال: حدّثنا الحجّاج بن دينارٍ، عن أبي غالبٍ، عن أبي أمامة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ما ضلّ قومٌ بعد هدًى كانوا عليه إلاّ أوتوا الجدل وقرأ: {ما ضربوه لك إلاّ جدلاً بل هم قومٌ خصمون}.
- حدّثني موسى بن عبد الرّحمن الكنديّ وأبو كريبٍ قالا: حدّثنا محمّد بن بشرٍ قال: حدّثنا حجّاج بن دينارٍ، عن أبي غالبٍ، عن أبي أمامة، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بنحوه.
- حدّثنا أبو كريبٍ قال: حدّثنا أحمد بن عبد الرّحمن، عن عبّاد بن عبّادٍ عن جعفر، عن القاسم، عن أبي أمامة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم خرج على النّاس وهم يتنازعون في القرآن، فغضب غضبًا شديدًا، حتّى كأنّما صبّ على وجهه الخلّ، ثمّ قال صلّى اللّه عليه وسلّم: لا تضربوا كتاب اللّه بعضه ببعضٍ، فإنّه ما ضلّ قومٌ قطّ إلاّ أوتوا الجدل، ثمّ تلا: {ما ضربوه لك إلاّ جدلاً بل هم قومٌ خصمون} ). [جامع البيان: 20/626-628]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ) : (أخبرنا الحسن بن يعقوب العدل، ثنا محمّد بن عبد الوهّاب الفرّاء، أنبأ جعفر بن عونٍ، أنبأ الحجّاج بن دينارٍ، عن أبي غالبٍ، عن أبي أمامة رضي اللّه عنه، قال: قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «ما ضلّ قومٌ بعد هدًى إلّا أوتوا الجدل» ثمّ قرأ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم {ما ضربوه لك إلّا جدلًا بل هم قومٌ خصمون} [الزخرف: 58] «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2/486]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال: لما ذكر عيسى بن مريم جزعت قريش وقالوا: ما ذكر محمد عيسى بن مريم ما يريد محمد إلا أن نصنع به كما صنعت النصارى بعيسى بن مريم، فقال الله: {ما ضربوه لك إلا جدلا} ). [الدر المنثور: 13/218]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور وأحمد، وعبد بن حميد والترمذي وصححه، وابن ماجة، وابن جرير، وابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل ثم قرأ {ما ضربوه لك إلا جدلا} الآية). [الدر المنثور: 13/220]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: ما ضلت أمة بعد نبيها إلا أعطوا الجدل، ثم قرأ {ما ضربوه لك إلا جدلا} ). [الدر المنثور: 13/220]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور عن أبي إدريس الخولاني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما ثار قوم فتنة إلا أوتوا بها جدلا وما ثار قوم في فتنة إلا كانوا لها حرزا). [الدر المنثور: 13/221]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عدي والخرائطي في مساوى ء الأخلاق عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الكذب باب من أبواب النفاق وإن آية النفاق أن يكون الرجل جدلا خصما) ). [الدر المنثور: 13/221]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال: لما ذكر الله عيسى عليه السلام في القرآن قال مشركو مكة إنما أراد محمد أن نحبه كما أحب النصارى عيسى قال: {ما ضربوه لك إلا جدلا} قال: ما قالوا هذا القول إلا ليجادلوا {إن هو إلا عبد أنعمنا عليه} قال: ذلك نبي الله عيسى أن كان عبدا صالحا أنعم الله عليه {وجعلناه مثلا} قال: آية {لبني إسرائيل} {ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون} قال: يخلف بعضهم بعضا مكان بني آدم). [الدر المنثور: 13/221]

تفسير قوله تعالى: (إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (59) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله مثلا لبني إسرائيل أحسبه قال إنه لبني إسرائيل). [تفسير عبد الرزاق: 2/198]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {إن هو إلاّ عبدٌ أنعمنا عليه} يقول تعالى ذكره: فما عيسى إلاّ عبدٌ من عبادنا، أنعمنا عليه بالتّوفيق والإيمان، وجعلناه مثلاً لبني إسرائيل، يقول: وجعلناه آيةً لبني إسرائيل، وحجّةً لنا عليهم بإرسالناه إليهم بالدّعاء إلينا، وليس هو كما تقول النّصارى من أنّه ابن اللّه تعالى، تعالى اللّه عن ذلك.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {إن هو إلاّ عبدٌ أنعمنا عليه} يعني بذلك عيسى ابن مريم، ما عدا ذلك عيسى ابن مريم أن كان إلاّ عبدًا أنعم اللّه عليه، {وجعلناه مثلاً لبني إسرائيل} أي: آيةً.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {مثلاً لبني إسرائيل} أحسبه قال: آيةً لبني إسرائيل). [جامع البيان: 20/629]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال: لما ذكر الله عيسى عليه السلام في القرآن قال مشركو مكة إنما أراد محمد أن نحبه كما أحب النصارى عيسى قال: {ما ضربوه لك إلا جدلا} قال: ما قالوا هذا القول إلا ليجادلوا {إن هو إلا عبد أنعمنا عليه} قال: ذلك نبي الله عيسى أن كان عبدا صالحا أنعم الله عليه {وجعلناه مثلا} قال: آية {لبني إسرائيل} {ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون} قال: يخلف بعضهم بعضا مكان بني آدم). [الدر المنثور: 13/221] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن المشركين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا له: أرأيت ما يعبد من دون الله أين هم قال: في النار، قالوا: والشمس والقمر قال: والشمس والقمر قالوا: فعيسى بن مريم فأنزل الله {إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل} ). [الدر المنثور: 13/222]

تفسير قوله تعالى: (وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (60) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله ملائكة في الأرض يخلفون قال يخلف بعضهم بعضا مكان بني آدم). [تفسير عبد الرزاق: 2/198]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) :(ملائكةً يخلفون: يخلف بعضهم بعضًا "). [صحيح البخاري: 6/130]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله ملائكةً في الأرض يخلفون يخلف بعضهم بعضًا أخرجه عبد الرّزّاق عن معمرٍ عن قتادة وزاد في آخره مكان ابن آدم). [فتح الباري: 8/568]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (ملائكةٌ يخلفون يخلف بعضهم بعضا
أشار به إلى قوله تعالى: {ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون} وفسّر (يخلفون) بقوله: (يخلف بعضهم بعضًا) وأخرجه عبد الرّزّاق عن معمر عن قتادة، وزاد في آخره مكان ابن آدم). [عمدة القاري: 19/160]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({ملائكة}) في قوله تعالى: {ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض} [الزخرف: 60] ({يخلفون}) أي (يخلف بعضهم بعضًا) قاله قتادة فيما أخرجه عبد الرزاق وزاد في آخره مكان ابن آدم ومن في قوله منكم بمعنى بدل أي بدلكم أو تبعيضية أي لولدنا منكم يا رجال ملائكة في الأرض يخلفونكم كما تخلفكم أولادكم كما ولدنا عيسى من أنثى دون ذكر). [إرشاد الساري: 7/333]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكةً في الأرض يخلفون} يقول تعالى ذكره: ولو نشاء معشر بني آدم أهلكناكم، فأفنينا جميعكم، وجعلنا بدلاً منكم في الأرض ملائكةً يخلفونكم فيها يعبدونني، وذلك نحو قوله تعالى ذكره: {إن يشأ يذهبكم أيّها النّاس ويأت بآخرين وكان اللّه على ذلك قديرًا} وكما قال: {إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء}.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل، غير أنّ منهم من قال: معناه: يخلف بعضهم بعضًا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليّ قال: حدّثنا أبو صالحٍ قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكةً في الأرض يخلفون} يقول: يخلف بعضهم بعضًا.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {لجعلنا منكم ملائكةً في الأرض يخلفون} قال: يعمرون الأرض بدلاً منكم.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {ملائكةً في الأرض يخلفون} قال: يخلف بعضهم بعضًا مكان بني آدم.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكةً في الأرض يخلفون} لو شاء اللّه لجعل في الأرض ملائكةً يخلف بعضهم بعضًا.
- حدّثنا محمّدٌ قال: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسباط، عن السّدّيّ، {ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكةً في الأرض يخلفون} قال: خلفًا منكم). [جامع البيان: 20/629-631]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد لو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون يقول لو نشاء لجعلنا منكم ملائكة يعمرون الأرض بدلا منكم). [تفسير مجاهد: 583]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال: لما ذكر الله عيسى عليه السلام في القرآن قال مشركو مكة إنما أراد محمد أن نحبه كما أحب النصارى عيسى قال: {ما ضربوه لك إلا جدلا} قال: ما قالوا هذا القول إلا ليجادلوا {إن هو إلا عبد أنعمنا عليه} قال: ذلك نبي الله عيسى أن كان عبدا صالحا أنعم الله عليه {وجعلناه مثلا} قال: آية {لبني إسرائيل} {ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون} قال: يخلف بعضهم بعضا مكان بني آدم). [الدر المنثور: 13/221] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه {لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون} قال: يعمرون الأرض بدلا منكم). [الدر المنثور: 13/222]

تفسير قوله تعالى: (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى وإنه لعلم للساعة قال نزول عيسى ابن مريم علم للساعة ناس يقولون القرآن علم للساعة). [تفسير عبد الرزاق: 2/198]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة قال: قال ابن عباس إن كان ما يقول أبو هريرة حقا فهو عيسى لقول الله وإنه لعلم للساعة). [تفسير عبد الرزاق: 2/198-199]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن الحسن عن أبي رزينٍ عن ابن عباس {وإنه لعلم للساعة} قال: خروج عيسى ابن مريم [الآية: 61]). [تفسير الثوري: 273]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قول الله عز وجل: {وإنه لعلمٌ للساعة} قال: يقال: إذا جاء عيسى فهو آنٌ للساعة). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 92]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإنّه لعلمٌ للسّاعة فلا تمترنّ بها واتّبعون هذا صراطٌ مّستقيمٌ (61) ولا يصدّنّكم الشّيطان إنّه لكم عدوٌّ مبينٌ}.
اختلف أهل التّأويل في الهاء الّتي في قوله: {وإنّه} وما المعنيّ بها، ومن ذكر ما هي؛ فقال بعضهم: هي من ذكر عيسى، وهي عائدةٌ عليه وقالوا: معنى الكلام: وإنّ عيسى ظهوره علمٌ يعلم به مجيء السّاعة، لأنّ ظهوره من أشراطها ونزوله إلى الأرض دليلٌ على فناء الدّنيا، وإقبال الآخرة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا عبد الرّحمن قال: حدّثنا سفيان، عن عاصمٍ، عن أبي رزينٍ، عن أبي يحيى، عن ابن عبّاسٍ، (وإنّه لعلمٌ للسّاعة) قال: خروج عيسى ابن مريم.
- حدّثنا ابن المثنّى قال: حدّثنا ابن أبي عديٍّ، عن شعبة، عن عاصمٍ، عن أبي رزينٍ، عن ابن عبّاسٍ بمثله، إلاّ أنّه قال: نزول عيسى ابن مريم.
- حدّثني محمّد بن إسماعيل الأحمسيّ قال: حدّثنا غالب بن فائدٍ قال: حدّثنا قيسٌ، عن عاصمٍ، عن أبي رزينٍ، عن ابن عبّاسٍ، أنّه كان يقرأ: (وإنّه لعلمٌ للسّاعة) قال: نزول عيسى ابن مريم.
- حدّثنا أبو كريبٍ قال: حدّثنا ابن عطيّة، عن فضيل بن مرزوقٍ عن جابرٍ قال: كان ابن عبّاسٍ يقول: ما أدري علم النّاس بتفسير هذه الآية، أم لم يفطنوا لها؟ (وإنّه لعلمٌ للسّاعة) قال: نزول عيسى ابن مريم.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: ثني أبي قال: ثني عمّي قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: (وإنّه لعلمٌ للسّاعة) قال: يعني نزول عيسى ابن مريم.
- حدّثني يعقوب قال: حدّثنا هشيمٌ قال: أخبرنا حصينٌ، عن أبي مالكٍ، وعوفٍ، عن الحسن، أنّهما قالا في قوله: {وإنّه لعلمٌ للسّاعة} قالا: نزول عيسى ابن مريم وقرأها أحدهما: (وإنّه لعلمٌ للسّاعة).
- حدّثنا محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: (وإنّه لعلمٌ للسّاعة) قال: آيةٌ للسّاعة خروج عيسى ابن مريم قبل يوم القيامة.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: (وإنّه لعلمٌ للسّاعة) قال: نزول عيسى ابن مريم علمٌ للسّاعة: القيامة.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: (وإنّه لعلمٌ للسّاعة) قال: نزول عيسى ابن مريم علمٌ للسّاعة.
- حدّثنا محمّدٌ قال: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسباط، عن السّدّيّ، {وإنّه لعلمٌ للسّاعة} قال: خروج عيسى ابن مريم قبل يوم القيامة.
- حدّثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: (وإنّه لعلمٌ للسّاعة) يعني خروج عيسى ابن مريم ونزوله من السّماء قبل يوم القيامة.
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: (وإنّه لعلمٌ للسّاعة) قال: نزول عيسى ابن مريم علمٌ للسّاعة حين ينزل.
وقال آخرون: (الهاء) الّتي في قوله: {وإنّه} من ذكر القرآن، وقالوا: معنى الكلام: وإنّ هذا القرآن لعلمٌ للسّاعة يعلمكم بقيامها، ويخبركم عنها وعن أهوالها.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة قال: كان الحسن يقول: (وإنّه لعلمٌ للسّاعة) هذا القرآن.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة قال: كان ناسٌ يقولون: القرآن علمٌ للسّاعة.
واجتمعت قرّاء الأمصار في قراءة قوله: {وإنّه لعلمٌ للسّاعة} على كسر العين من العلم.
وروي عن ابن عبّاسٍ ما ذكرت عنه في فتحها، وعن قتادة والضّحّاك.
والصّواب من القراءة في ذلك: الكسر في العين، لإجماع الحجّة من القرّاء عليه وقد ذكر أنّ ذلك في قراءة أبيٍّ: (وإنّه لذكرٌ للسّاعة)، فذلك مصحّحٌ قراءة الّذين قرأوا بكسر العين من قوله: {لعلمٌ}.
وقوله: {فلا تمترنّ بها} يقول: فلا تشكّنّ فيها وفي مجيئها أيّها النّاس.
- كما حدّثنا محمّدٌ قال: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسباط، عن السّدّيّ، {فلا تمترنّ بها} قال: تشكّون فيها.
وقوله: {واتّبعون} يقول تعالى ذكره: وأطيعون فاعملوا بما أمرتكم به، وانتهوا عمّا نهيتكم عنه، {هذا صراطٌ مستقيمٌ} يقول: اتّباعكم إيّاي أيّها النّاس في أمري ونهي صراطٌ مستقيمٌ، يقول: طريقٌ لا اعوجاج فيه، بل هو قويمٌ). [جامع البيان: 20/631-634]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وإنه لعلم للساعة آية للساعة وقال يعني نزول عيسى بن مريم قبل يوم القيامة). [تفسير مجاهد: 583]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ) : (حدّثنا محمّد بن صالح بن هانئٍ، ثنا الحسين بن الفضيل، ثنا محمّد بن سابقٍ، ثنا إسرائيل، عن سماك بن حربٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، في قوله عزّ وجلّ {وإنّه لعلمٌ للسّاعة} [الزخرف: 61] قال: «خروج عيسى ابن مريم» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2/486]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ) : (حدّثنا أبو القاسم الحسن بن محمّدٍ السّكونيّ بالكوفة، ثنا عبيد بن كثيرٍ العامريّ، ثنا يحيى بن محمّد بن عبد اللّه الدّارميّ، ثنا عبد الرّزّاق، أنبأ ابن عيينة، عن محمّد بن سوقة، عن محمّد بن المنكدر، عن جابرٍ رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم {وإنّه لعلمٌ للسّاعة} [الزخرف: 61] فقال: «النّجوم أمانٌ لأهل السّماء، فإذا ذهبت أتاها ما يوعدون، وأنا أمانٌ لأصحابي ما كنت، فإذا ذهبت أتاهم ما يوعدون وأهل بيتي أمانٌ لأمّتي، فإذا ذهب أهل بيتي أتاهم ما يوعدون» صحيح الإسناد ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2/486]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {وإنّه لعلمٌ للسّاعة} [الزخرف: 61].
- عن أبي يحيى مولى ابن عقيلٍ الأنصاريّ قال: «قال ابن عبّاسٍ: لقد علمت آيةً من القرآن ما سألني عنها أحدٌ قطّ، فما أدري أعلمها النّاس فلم يسألوا عنها، أو لم يفطنوا لها فيسألوا عنها، ثمّ طفق يحدّثنا، فلمّا قام تلاومنا ألّا سألناه عنها قال: فقلت: أنا لها إذا راح غدًا. فلمّا راح الغد قلت: يا ابن عبّاسٍ، ذكرت أمس أنّ آيةً من القرآن لم يسألك عنها رجلٌ قطّ، فلا تدري علمها النّاس فلم يسألوا عنها، أو لم يفطنوا لها، أخبرني عنها. قال: نعم، إنّ رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - قال لقريشٍ: " إنّه ليس أحدٌ يعبد من دون اللّه فيه خيرٌ ". وقد علمت قريشٌ أنّ النّصارى تعبد عيسى بن مريم وما يقول محمّدٌ، فقالوا: يا محمّد، ألست تزعم أنّ عيسى ابن مريم كان نبيًّا وعبدًا من عباد اللّه صالحًا، فإن كنت صادقًا فإنّ آلهتهم لكما يقولون. فأنزل اللّه - عزّ وجلّ - {ولمّا ضرب ابن مريم مثلًا إذا قومك منه يصدّون} [الزخرف: 57] قلت: ما يصدّون؟ قال: يضجّون {وإنّه لعلمٌ للسّاعة} [الزخرف: 61] قال: خروج عيسى بن مريم - عليه السّلام - قبل يوم القيامة».
رواه أحمد والطّبرانيّ بنحوه إلّا أنّه قال: فإن كنت صادقًا فإنّه لكآلهتهم، وفيه عاصم بن بهدلة وثّقه أحمد وغيره وهو سيّئ الحفظ، وبقيّة رجاله رجال الصّحيح). [مجمع الزوائد: 7/104]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (أخبرنا محمّد بن الحسن بن الخليل حدّثنا هشام بن عمّارٍ حدّثنا الوليد بن مسلمٍ حدّثنا شيبان بن عبد الرّحمن عن عاصمٍ عن أبي رزينٍ عن أبي يحيى مولى عفرة عن ابن عبّاسٍ عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في قوله {وإنّه لعلمٌ للسّاعة} قال: "نزول عيسى بن مريم قبل يوم القيامة"). [موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان: 1/435]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (قال الحارث بن محمّد بن أبي أسامة: ثنا أبو النّضر، ثنا أبو معاوية، عن عاصم، عن أبي يحيى مولى ابن عفراء الأنصاري قال: قال ابن عبّاسٍ- رضي اللّه عنهما-: "قد علمت آية من القرآن ما سألني عنها رجل قط، فما أدري علمها الناس فلم يسألوا عنها، أو لم يفطنوا لها فيسألوا عنها؟! قال: فطفق يحدثنا، فلما قام تلاومنا أن لا نكون سألناه، فقلت: أنا لها إذاً راح غداً، فلما راح الغد قلت: يا أبا عباس، ذكرت أمس آية من القرآن لم يسألك عنها رجل قط، فلا تدري علمها الناس فلم يسألوا عنها، أو لم يفطنوا لها، فقلت: أخبرني عنها وعن الآي قرأت بها. قال: نعم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقريش: يا معشر قريش، إنه ليس أحد يعبد دون الله فيه خير، وقد علمت قريش أن النصارى تعبد عيسى ابن مريم، وما يقوله فيه محمد. فقالوا: يا محمد، ألست تزعم أن عيسى كان نبيّاً وعبداً من عباد الله صالحاً؟ فإن كنت صادقاً أن آلهتهم كما يقولون. فأنزل الله- تبارك وتعالى- (ولما ضرب ابن مريم مثلاً إذا قومك منه يصدون) قال: قال: فقلت: ما يصدون؟ قال: يضجون (وإنه لعلم للساعة) قال: خروج عيسى ابن مريم قبل يوم القيامة".
- رواه أحمد بن حنبلٍ: ثنا هاشم بن القاسم، ثنا شيبان، عن عاصم، عن أبي رزين، عن أبي يحيى مولى ابن عقيل الأنصاري قال: قال ابن عباس ... فذكره بتمامه). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/267-268]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال مسدّدٌ: حدثنا يحيى، ثنا سفيان وشعبة، عن عاصمٍ، عن أبي رزينٍ، عن ابن عباس رضي الله عنهما: {وإنّه لعلمٌ للسّاعة} قال: نزول عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 15/204]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 57 – 65
أخرج أحمد، وابن أبي حاتم والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقريش: إنه ليس أحد يعبد من دون الله فيه خير فقالوا: ألست: تزعم أن عيسى كان نبيا وعبدا من عباد الله صالحا وقد عبدته النصارى فإن كنت صادقا فإنه كآلهتهم، فأنزل الله {ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون} قال: يضجون {وإنه لعلم للساعة} قال: هو خروج عيسى بن مريم قبيل يوم القيامة). [الدر المنثور: 13/217-218] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور ومسدد، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم والطبراني من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وإنه لعلم للساعة} قال: خروج عيسى قبل يوم القيامة). [الدر المنثور: 13/222]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن أبي هريرة رضي الله عنه {وإنه لعلم للساعة} قال: خروج عيسى يمكث في الأرض أربعين سنة تكون تلك الأربعون أربع سنين يحج ويعتمر). [الدر المنثور: 13/222-223]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه {وإنه لعلم للساعة} قال: آية للساعة خروج عيسى بن مريم قبل يوم القيامة). [الدر المنثور: 13/223]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن الحسن رضي الله عنه {وإنه لعلم للساعة} قال: نزول عيسى). [الدر المنثور: 13/223]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {وإنه لعلم للساعة} قال: نزول عيسى علم للساعة وناس يقولون: القرآن علم للساعة). [الدر المنثور: 13/223]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن شيبان رضي الله عنه قال: كان الحسن يقول {وإنه لعلم للساعة} قال: هذا القرآن). [الدر المنثور: 13/223]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ {وإنه لعلم للساعة} قال: هذا القرآن بخفض العين). [الدر المنثور: 13/223]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن حماد بن سلمة رضي الله عنه قال: قرأتها في مصحف أبي وإنه لذكر للساعة). [الدر المنثور: 13/223-224]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما {وإنه لعلم للساعة} قال: نزول عيسى). [الدر المنثور: 13/224]

تفسير قوله تعالى: (وَلَا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (62) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {ولا يصدّنّكم الشّيطان} يقول جلّ ثناؤه: ولا يعدلنّكم الشّيطان عن طاعتي فيما آمركم وأنهاكم، فتخالفوه إلى غيره، وتجوروا عن الصّراط المستقيم فتضلّوا {إنّه لكم عدوٌّ مبينٌ} يقول: إنّ الشّيطان لكم عدوٌّ يدعوكم إلى ما فيه هلاككم، ويصدّكم عن قصد السّبيل، ليوردكم المهالك، {مبينٌ} قد أبان لكم عداوته، بامتناعه من السّجود لأبيكم آدم، وإدلائه بالغرور حتّى أخرجه من الجنّة حسدًا وبغيًا). [جامع البيان: 20/635]

تفسير قوله تعالى: (وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (63) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولمّا جاء عيسى بالبيّنات قال قد جئتكم بالحكمة ولأبيّن لكم بعض الّذي تختلفون فيه فاتّقوا اللّه وأطيعون (63) إنّ اللّه هو ربّي وربّكم فاعبدوه هذا صراطٌ مّستقيمٌ}.
يقول تعالى ذكره: ولمّا جاء عيسى بني إسرائيل، {بالبيّنات} يعني بالواضحات من الأدلّة وقيل: عنى بالبيّنات: الإنجيل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {ولمّا جاء عيسى بالبيّنات} أي بالإنجيل.
وقوله: {قال قد جئتكم بالحكمة} قيل: عنى بالحكمة في هذا الموضع: النّبوّة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّدٌ قال: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسباط، عن السّدّيّ، {قال قد جئتكم بالحكمة} قال: النّبوّة.
وقد بيّنت معنى الحكمة فيما مضى من كتابنا هذا بشواهده، وذكرت اختلاف المختلفين في تأويله، فأغنى ذلك عن إعادته.
وقوله: {ولأبيّن لكم بعض الّذي تختلفون فيه} يقول: ولأبيّن لكم معشر بني إسرائيل بعض الّذي تختلفون فيه من أحكام التّوراة.
- كما حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {ولأبيّن لكم بعض الّذي تختلفون فيه} قال: من تبديل التّوراة.
وقد قيل: معنى البعض في هذا الموضع بمعنى الكلّ، وجعلوا ذلك نظير قول لبيدٍ:
ترّاك أمكنةٍ إذا لم أرضها = أو يعتلق بعض النّفوس حمامها
قالوا: الموت لا يعتلق بعض النّفوس، وإنّما المعنى: أو يعتلق النّفوس حمامها، وليس لما قال هذا القائل كبير معنًى، لأنّ عيسى إنّما قال لهم: {ولأبيّن لكم بعض الّذي تختلفون فيه}؛ لأنّه قد كان بينهم اختلافٌ كثيرٌ في أسباب دينهم ودنياهم، فقال لهم: أبيّن لكم بعض ذلك، وهو أمر دينهم دون ما هم فيه مختلفون من أمر دنياهم، فلذلك خصّ ما أخبرهم أنّه يبيّنه لهم.
وأمّا قول لبيدٍ: أو يعتلق بعض النّفوس، فإنّه إنّما قال ذلك أيضًا كذلك، لأنّه أراد: أو يعتلق نفسه حمامها، فنفسه من بين النّفوس لا شكّ أنّها بعضٌ لا كلٌّ.
وقوله: {فاتّقوا اللّه وأطيعون} يقول: فاتّقوا ربّكم أيّها النّاس بطاعته، وخافوه باجتناب معاصيه، وأطيعون فيما أمرتكم به من اتّقاء اللّه واتّباع أمره، وقبول نصيحتي لكم). [جامع البيان: 20/635-637]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله عز وجل ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه قال يعني به تبديل اليهود التوراة). [تفسير مجاهد: 583]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه {ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه} قال: من تبديل التوراة). [الدر المنثور: 13/224]

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (64) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {إنّ اللّه هو ربّي وربّكم فاعبدوه} يقول: إنّ اللّه الّذي يستوجب علينا إفراده بالألوهيّة وإخلاص الطّاعة له، ربّي وربّكم جميعًا، فاعبدوه وحده، لا تشكروا معه في عبادته شيئًا، فإنّه لا يصلح، ولا ينبغي أن يعبد شيءٌ سواه.
وقوله: {هذا صراطٌ مستقيمٌ} يقول: هذا الّذي أمرتكم به من اتّقاء اللّه وطاعتي، وإفراد اللّه بالألوهة، هو الطّريق المستقيم، وهو دين اللّه الّذي لا يقبل من أحدٍ من عباده غيره). [جامع البيان: 20/637]

تفسير قوله تعالى: (فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ (65) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله فاختلف الأحزاب قال هم الأربعة الذين أخرجوهم بنو إسرائيل يقولون في عيسى قد كتب في سورة مريم). [تفسير عبد الرزاق: 2/198]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فاختلف الأحزاب من بينهم فويلٌ لّلّذين ظلموا من عذاب يومٍ أليمٍ (65) هل ينظرون إلاّ السّاعة أن تأتيهم بغتةً وهم لا يشعرون}.
اختلف أهل التّأويل في المعنيّين بالأحزاب، الّذين ذكرهم اللّه في هذا الموضع، فقال بعضهم: عنى بذلك: الجماعة الّتي تناظرت في أمر عيسى، واختلفت فيه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {فاختلف الأحزاب من بينهم} قال: هم الأربعة الّذين أخرجهم بنو إسرائيل يقولون في عيسى.
وقال آخرون: بل هم اليهود والنّصارى.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّدٌ قال: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسباط، عن السّدّيّ، في قوله: {فاختلف الأحزاب من بينهم} قال: اليهود والنّصارى.
والصّواب من القول في ذلك أن يقال: معنى ذلك: فاختلف الفرق المختلفون في عيسى ابن مريم من بين من دعاهم عيسى إلى ما دعاهم إليه من اتّقاء اللّه والعمل بطاعته، وهم اليهود والنّصارى، ومن اختلف فيه من النّصارى، لأنّ جميعهم كانوا أحزابًا متشتّتين، مختلفي القول مع بيانه لهم أمر نفسه، وقوله لهم: {إنّ اللّه هو ربّي وربّكم فاعبدوه هذا صراطٌ مستقيمٌ}.
وقوله: {فويلٌ للّذين ظلموا من عذاب يومٍ أليمٍ} يقول تعالى ذكره فالوادي السّائل من القيح والصّديد في جهنّم للّذين كفروا باللّه، الّذين قالوا في عيسى ابن مريم بخلاف ما وصف عيسى به نفسه في هذه الآية {من عذاب يومٍ أليمٍ} يقول: من عذاب يومٍ أليمٍ عذابه، ووصف اليوم بالإيلام، إذ كان العذاب الّذي يؤلمهم فيه، وذلك يوم القيامة.
- كما حدّثنا محمّدٌ قال: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسباط، عن السّدّيّ، {من عذاب يومٍ أليمٍ} قال: من عذاب يوم القيامة). [جامع البيان: 20/637-639]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 12:05 AM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
Post

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {منه يصدّون}...
- حدثني أبو بكر بن عياش, عن عاصم: أنه ترك {يَصُدون} من قراءة أبي عبد الرحمن، وقرأ: {يصِدون}
قال الفراء, وقال أبو بكر: حدثني عاصم, عن أبي رزين, عن أبي يحيى: أن ابن عباس قرأ: {يَصِدون} أي: يضجون, يعجون.
وفي حديث آخر: أن ابن عباس لقي ابن أخي عبيد بن عمير فقال:إن ابن عمك لعربي, فما له يلحن في قوله: {إذا قومك منه يصُدون}, إنما هي: {يصِدون}.
العرب تقول: يصِد ويصُد, مثل: يشد ويشد، وينم وينم من النميم, يصدون منه وعنه سواء). [معاني القرآن: 3/36-37]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({إذا قومك منه يصدّون}, من كسر الصاد فمجازها: يضجون , ومن ضمها فمجازها: يعدلون). [مجاز القرآن: 2/205]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({ولمّا ضرب ابن مريم مثلاً إذا قومك منه يصدّون}
وقال: {يصدّون}, و{يصدّون} كما قال: {يحشر}, و{يحشر}). [معاني القرآن: 4/14]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({يصدون}: أي يضجون، وقالوا: يكذبون، يَصِدُّون ويَصُدُّون بمعنى الإعراض لغتان. ويقال يصدون يعدلون ). [غريب القرآن وتفسيره: 334]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({إذا قومك منه يصدّون}: يضجون, يقال: صددت, أصدّ صدّا،إذا ضججت.
و«التّصدية» منه، وهو: التصفيق, والياء فيه مبدلة من دال، كأن الأصل فيه: «صددت» بثلاث دالات، فقبلت الأخرى ياء، فقالوا: «صديت», كما قالوا: قصيت أظفاري، والأصل: قصصت, ومن قرأ: {يَصُدُّون}: أراد: يعدلون ويعرضون). [تفسير غريب القرآن: 400]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {ولمّا ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدّون}
{يصِدّون}, ويقرأ {يصُدّون} -بضم الصاد- , والكسر أكثر ومعناهما جميعا: يضجّون, ويجوز أن يكون معنى المضمومة: يعرضون.
وجاء في التفسير أن كفار قريش خاصمت النبي -صلى الله عليه وسلم- فلما قيل لهم: {إنّكم وما تعبدون من دون اللّه حصب جهنّم}.
قالوا: قد رضينا أن تكون آلهتنا بمنزله عيسى ابن مريم, والملائكة الذين عبدوا من دون اللّه, فهذا معنى ضرب عيسى المثل). [معاني القرآن: 4/416]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون}
قال مجاهد: قالوا ما ذكر محمد عيسى صلى الله عليهما إلا لننزله منزلته من النصارى.
وقال قتادة: لما أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم ذكر عيسى, غاظ ذلك قريشا.
وقالوا: لم ذكرت عيسى؟, وقالوا: ما ذكره إلا لنستعمل فيه ما استعملت النصارى في عيسى, فأنزل الله جل وعز: {ما ضربوه لك إلا جدلا}.
وقيل: نزل هذا في ابن الزبعرى لما انزل الله تعالى: {إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون}, قالوا: فالنصارى تعبد المسيح.
قال جل وعز: {ما ضربوه لك إلا جدلا} أي: قد علموا أنه لا يراد بهذا المسيح, وإنما يراد بها الأصنام التي كانوا يعبدونها). [معاني القرآن: 6/374-375]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {إذ قومك منه يصدون}
روى سفيان, وشعبة, عن عاصم, عن أبي رزين, عن ابن عباس: {إذا قومك منه يصدون}, قال: يضجون.
ويقرأ: (يصدون) بضم الصاد.
قال النخعي: أي يعرضون, وقال الكسائي: هما لغتان بمعنى واحد.
وأنكر بعض أهل اللغة الضم, وقال لو كانت (يصدون), لكانت عنه, ولم تكن منه.
وقال أبو جعفر: وهذا لا يلزم لأن معنى يصدون منه, أي: من أجله). [معاني القرآن: 6/376]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يَصِدُّونَ}: أي: يضجون, ومن ضم الصاد: أراد يعدلون, ويعرضون). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 222]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يَصُدُّونَ}: يضحكون, {يَصِدُّونَ}: يعرضون). [العمدة في غريب القرآن: 269]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا أَآَلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (58)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {وقالوا أآلهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلّا جدلا بل هم قوم خصمون}
{ما ضربوه لك إلّا جدلا}: أي: طلبا للمجادلة, لأنهم قد علموا, أن المعنى في {حصب جهنّم} ههنا: أنه يعني به الأصنام وهم). [معاني القرآن: 4/416]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( وقوله جل وعز: {وقالوا أآلهتنا خير أم هو}
قال قتادة: {أم هو}: يعنون: محمدا, وفي قراءة أبي, وقالوا: أآلهتنا خير أم هذا؟, يعنون: محمدا.
ثم قال جل وعز: {ما ضربوه لك إلا جدلا}
المعنى على تفسير قتادة: إنهم قد علموا, أنك لا تريد منهم أن ينزلوك منزلة المسيح.
وعلى القول الآخر: إنهم قد علموا: أنه لا يراد بقوله جل وعز: {إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم} المسيح عليه السلام وإنما يراد به الأصنام واللغة تدل على هذا؛ لأن ما لما لا يعقل فقد علم أن معنى, وما تعبدون من دون الله لا يكون للمسيح, وهذا أصح ما قيل في قوله تعالى: {إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم}
ثم قال جل وعز: {بل هم قوم خصمون}, قال سفيان, حدثني رجل: أنها نزلت في ابن الزبعرى). [معاني القرآن: 6/377-378]

تفسير قوله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (59)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله تعالى: {إن هو إلّا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل}
يعني به: عيسى ابن مريم, ومعنى {وجعلناه مثلا لبني إسرائيل}: أنه يدلهم على نبوته). [معاني القرآن: 4/417]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل}
يكون المعنى على قول من قال: إن الآية نزلت في ابن الزبعرى: { إن المسيح إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل } أي: جعلناه عظة لهم, أي: ذا عظة , أي: يعظهم, ويجوز أن يكون معنى مثلا أنه بشر مثلهم, فضل عليهم, ويجوز أن يكون المعنى على قول قتادة, وعلى الآخر أيضا: {إن محمد إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل}, والكلام في مثل كالكلام فيه). [معاني القرآن: 6/379]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (60)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون}
عنى {يخلفون}: يخلف بعضهم بعضا، والمعنى لجعلنا منهم بدلا منكم). [معاني القرآن: 4/417]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون}
قال مجاهد: أي يعمرونها كما تعمرونها بدلا منكم.
وقال قتادة: أي ملائكة يخلف بعضهم بعضا). [معاني القرآن: 6/379-380]


تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {وإنّه لعلمٌ لّلسّاعة...}, وفي قراءة أبي: { وإنه لذكر للساعة}, وقد روي عن ابن عباس: {وإنه لعلمٌ للساعة}, و(علمٌ) جميعا، وكلٌّ صواب متقارب في المعنى). [معاني القرآن: 3/37]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وإنّه لعلمٌ للسّاعة} أي: نزول المسيح عليه السلام, يعلم به قرب الساعة, ومن قرأ: {لَعَلَمٌ للسّاعة} فإنه يعني : العلامة والدليل). [تفسير غريب القرآن: 400]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({وإنّه لعلم للسّاعة فلا تمترنّ بها واتّبعون هذا صراط مستقيم}
ويقرأ :(لعلم للسّاعة): المعنى أن ظهور عيسى ابن مريم عليه السلام علم للسّاعة، أي: إذا ظهر, دلّ على مجيء الساعة.
وقد قيل: إنه يعني به: أن القرآن العلم للساعة يدل على قرب مجيئها، والدليل على ذلك قوله: {اقتربت السّاعة وانشقّ القمر}, والأول: أكثر في التفسير.
وقوله:{فلا تمترنّ بها} أي: لا تشكّنّ فيها). [معاني القرآن: 4/417]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {وإنه لعلم للساعة فلا تمترن بها}
روى سفيان, عن عاصم, عن أبي رزين, عن ابن عباس: {وإنه لعلم للساعة}، قال: نزول عيسى.
وكذلك روى سماك, عن عكرمة, عن ابن عباس, وكذلك قال مجاهد, وأبو مالك, وقد روي عن ابن عباس, وأبي هريرة أنهما قرءا: {وإنه لعلم للساعة}
قال الخليل: العلم, والعلامة واحد.
قال أبو جعفر: ومعنى {لعلم للساعة}: يعلم بنزول عيسى أن الساعة قد قربت.
وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( لينزلن أبن مريم حكما عدلا فليكسرن الصليب وليقتلن الخنزير)).
ويجوز أن يكون المعنى: وإن محمدا لعلم للساعة, لأنه خاتم النبيين, قال الله جل وعز: {اقتربت الساعة وانشق القمر} , ثم قال تعالى: {فلا تمترن بها} أي: فلا تشكوا). [معاني القرآن: 6/381]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ}: أي نزول عيسى صلى الله عليه وسلم،
وقيل: بعث محمد صلى الله عليه وسلم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 222]

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (63)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({ولأبيّن لكم بعض الّذي تختلفون فيه}: البعض ها هنا: الكل, قال لبيد بن ربيعة:


تــــرّاك أمـكــنــةٍ إذا لـــــم ارضــهـــا = أو يعتلق بعض النفوس حمامها

الموت لا يعتلق بعض النفوس دون بعض). [مجاز القرآن: 2/205]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقالوا للكبير: (جلل)، وللصغير: (جلل)، لأنّ الصغير قد يكون كبيرا عند ما هو أصغر منه، والكبير يكون صغيرا عند ما هو أكبر منه، فكلّ واحد منهما صغير كبير.
ولهذا جعلت (بعض) بمعنى (كلّ)، لأنّ الشيء يكون كلّه بعضا لشيء، فهو بعض وكلّ.
وقال عز وجل: {وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ}، {وكلّ} بمعنى {بعض}، كقوله: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ}، و{يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ}، وقال: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا}). [تأويل مشكل القرآن: 189-190]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {ولمّا جاء عيسى بالبيّنات قال قد جئتكم بالحكمة ولأبيّن لكم بعض الّذي تختلفون فيه فاتّقوا اللّه وأطيعون}
قوله جاء: {بالحكمة} أي: بالإنجيل, وبالبينات, أي: الآيات التي يعجز عنها المخلوقون.
وقالوا في معنى {بعض الّذي تختلفون فيه}: أي: كل الذي يختلفون فيه, واستشهدوا بقول لبيد:


أو يخترم بعض النّفوس حمامها


يريد كل النفوس، واستشهدوا أيضا بقول القطامي:


قد يدرك المتأنّي بعض حاجته


قالوا معناه كل حاجته, وهذا مذهب أبي عبيدة، والصحيح أن البعض لا يكون في معنى الكل، وهذا ليس في الكلام، والذي جاء به عيسى في الإنجيل إنّما هو بعض الذي اختلفوا فيه، وبين اللّه سبحانه لهم من غير الإنجيل ما احتاجوا إليه، وكذلك قوله: أو يخترم بعض النفوس حمامها، إنما يعني نفسه، ونفسه بعض النفوس). [معاني القرآن: 4/417-418]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ولما جاء عيسى بالبينات قال قد جئتكم بالحكمة ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه}
روى ابن أبي نجيح, عن مجاهد: {ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه}, قال: تبديل التوراة). [معاني القرآن: 6/382]

تفسير قوله تعالى: {فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ (65)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للّذين ظلموا من عذاب يوم أليم}
{الأحزاب}: قيل إنهم الأربعة الذين كانوا بعد عيسى، يعني به اليهود والنصارى). [معاني القرآن: 4/418]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 12:07 AM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
Post

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]
تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (أبو عبيدة: التصدية التصفيق والصوت. وفعلت منه صددت أصد ومنه قوله تبارك وتعالى: {إذا قومك منه يصدون} أي يعجون ويضجون، فحول إحدى الدالين ياء. وقال أيضًا: {إلا مكاء وتصدية} ). [الغريب المصنف: 3/656] (م)
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (

ترعى بأذناب الشعاب ودونها = رجال يَصُدّون الظلوم عن الهوى
...
يقال: صَدَدْتُ وأَصْدَدْتُ ويَصُدُّون ويُصِدُّون، ويَصِدُّون لغة). [شرح ديوان كعب بن زهير: 133] (م)
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {يَصِدُّونَ} يضجون). [مجالس ثعلب: 424]
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (الكلام على قلب آخر المضاعف إلى الياء
وقال أبو عبيدة: العرب تقلب حروف المضاعف إلى الياء فيقولون: تظنّيت، وإنما هو تظنّنت، قال العجاج:
تقضى البازي إذا البازي كسر
وإنما هو تقضّض من الانقضاض، وقال الأصمعي، هو تفعّل من الانقضاض فقلب إلى الياء كما قالوا سرّيّة من تسرّرت، وقال أبو عبيدة: رجل ملب وإنما هو من ألببت، قال المضرّب بن كعب:

فقلت لها فيئي إليك فإنّني = حرامٌ وإنّي بعد ذاك لبيب
بعد ذاك أي مع ذاك، ولبيب: مقيم، وقوله عز وجل: {وقد خاب من دسّاها} [الشمس: 10] إنما هو من دسّست، وقال يعقوب: سمعت أبا عمرو، يقول: لم يتسنّ: لم يتغيّر، وهو من قوله: {من حمإٍ مسنونٍ} [الحجر: 26] فقلت لم يتسنّ من ذوات الياء، ومسنون من ذوات التضعيف، فقال: هو مثل تظنيت، وقال أبو عبيدة: التّصدية: التصفيق، وفعلت منه: صددت، قال الله عز وجل: {إذا قومك منه يصدّون} [الزخرف: 57] أي يعجّون وقال أيضًا: {إلا مكاء وتصّديةً} وقال العتابي: قصيت أظفاري بمعنى قصصتها). [الأمالي: 2/171] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا أَآَلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (58) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله: "الألد" فأصله الشديد الخصومة، يقال: خصم ألد، أي لا ينثني عن خصمه. قال الله عز وجل: {وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا} كما قال: {بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ}، وقال مهلهل:
إن تحت الأحجار حزمًا وجودًا = وخصيمًا ألد ذا معلاق).
[الكامل: 1/55-56] (م)

تفسير قوله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (59) }

تفسير قوله تعالى: (وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (60) )
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكةً في الأرض يخلفون} أي لجعلنا مكانكم ملائكة يخلفون منكم في الأرض). [مجالس ثعلب: 438]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (62) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (63) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي} قال: تكون بمعنى كل، وبمعنى بعض. وأنشد للبيد:
تراك أمكنة إذا لم أرضها = أو يرتبط بعض النفوس حمامها). [مجالس ثعلب: 50]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( وبعض حرف من الأضداد؛ يكون بمعنى بعض الشيء، وبمعنى كله، قال بعض أهل اللغة في قول الله عز وجل حاكيا عن عيسى عليه السلام: {ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه}، معناه: كل الذي تختلفون فيه، واحتج بقول لبيد:
تراك أمكنة إذا لم أرضها = أو يتعلق بعض النفوس حمامها
معناه أو يعتلق كل النفوس، لأنه لا يسلم من الحمام أحد، والحمام هو القدر، وقال ابن قيس:

من دون صفراء في مفاصلها = لين وفي بعض مشيها خرق
معناه: وفي كل مشيها.
وقال غيره: بعض ليس من الأضداد، ولا يقع على الكل أبدا، وقال في قوله عز وجل: {ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه}: ما أحضر من اختلافكم؛ لأن الذين أغيب عنه لا أعلمه، فوقعت (بعض) في الآية على الوجه الظاهر فيها، وقال في قول لبيد:
أو يعتلق بعض النفوس حمامها
أو يعتلق نفسي حمامها؛ لأن (نفسي) هي بعض النفوس. قالوا: ولم يقصد في هذا البيت قصد غيره.
وقالوا في قول ابن قيس: (وفي بعض مشيها خرق): إذا استحسن منها في بعض الأحوال هذا وجد في مشيها، وربما كان غير هذا من المشي أحسن منه، فـ (بعض) دخلت للتبعيض والتخصيص، ولم يقصد بها قصد العموم). [كتاب الأضداد: 181-182]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (64) }

تفسير قوله تعالى: {فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ (65) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 07:37 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 07:37 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 07:45 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون * وقالوا أآلهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون * إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل * ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون * وإنه لعلم للساعة فلا تمترن بها واتبعون هذا صراط مستقيم * ولا يصدنكم الشيطان إنه لكم عدو مبين}
روي عن ابن عباس رضى الله عنهما، وغيره في تفسير هذه الآية، لما نزلت: {إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم} الآية، ونزل مع ذلك ذكر عيسى عليه السلام وحاله وكيف خلق من غير فحل، قالت فرقة: ما يريد محمد -عليه الصلاة والسلام- من ذكر عيسى إلا أن نعبده نحن كما عبدت النصارى عيسى عليه السلام، فهذا كان صدودهم من ضربه مثلا، وقرأ نافع، وابن عامر، والكسائي، وأبو جعفر، والأعرج، والنخعي، وأبو رجاء، وابن وثاب: "يصدون" بضم الصاد، بمعنى: يعرضون، وقرأ الباقون، وابن عباس، وابن جبير، والحسن، وعكرمة: "يصدون" بكسر الصاد، بمعنى يضحكون، قاله ابن عباس وغيره، وأنكر ابن عباس رضى الله عنهما ضم الصاد، ورويت عن علي بن أبي طالب رضى الله عنه، وقال الكسائي: هما لغتان بمعنى واحد، مثل "يعرشون، و"يعرشون"). [المحرر الوجيز: 7/ 556-557]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا أَآَلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (58) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وقالوا أآلهتنا خير أم هو} ابتداء معنى ثان، وذلك أنه لما نزلت: {إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم} جاء عبد الله بن الزبعري ونظراؤه، فقالوا: نحن نخصم محمدا، أآلهتنا خير أم عيسى؟ وعلموا أن الجواب أن يقال عيسى، قالوا: وهذه آية الحصب لنا أو لكل الأمم من الكفار؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "بل لكل من تقدم أو تأخر من الكفار"، فقالوا: نحن نرضى أن تكون آلهتنا مع عيسى، إذ هو خير منها، وإذ قد عبد فهو من الحصب إذن، فقال الله تعالى: {ما ضربوه لك إلا جدلا} أي: ما مثلوا هذا التمثيل إلا جدلا منهم ومغالطة، ونسوا أن عيسى صلى الله عليه وسلم لم يعبد برضى منه ولا عن إرادة، ولا له في ذلك ذنب.
وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو: "أآلهتنا" بهمزة استفهام وهمزة بعدها بين بين وألف بعدها، وقرأ عاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: بهمزتين محققتين بعد الثانية ألف، وقرأ ورش عن نافع بغير استفهام: "آلهتنا" على مثال الخبر، وقرأ قالون عن نافع: "آلهتنا" بهمزة واحدة بعدها مدة، وفي مصحف أبي بن كعب: "خير أم هذا"، فالإشارة إلى محمد صلى الله عليه وسلم، وخرجت هذه القراءة على التأويل الأول الذي فسرناه، وكذلك قالت فرقة ممن قرأ: "ألهتنا خير أم هو": إن الإرادة محمد صلى الله عليه وسلم، وهو قول قتادة. وقال ابن زيد، والسدي: المراد بـ "هو": عيسى عليه السلام، وهذا هو المترجح.
و"الجدال" عند العرب: المحاورة بمغالطة أو تحقيق أو ما اتفق من القول، إنما المقصد به أن يغلب صاحبه في الظاهر لا أن يتطلب الحق في نفسه، وروى أبو أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل"، ثم قرأ: ما ضربوه لك إلا جدلا قال أبو أمامة: ورأى النبي صلى الله عليه وسلم قوما يتنازعون في القرآن فغضب حتى كأنما صب في وجهه الخل، وقال: "لا تضربوا كتاب الله بعضه ببعض، فما ضل قوم إلا أوتوا الجدل"، ثم أخبر الله تعالى عنهم أنهم أهل خصام ولدد). [المحرر الوجيز: 7/ 557-558]

تفسير قوله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (59) وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (60) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وأخبر تعالى عن عيسى عليه السلام أنه عبد أنعم الله عليه بالنبوة والمنزلة العالية، وجعله مثلا لبني إسرائيل.
[وقوله: "ولو نشاء" الآية]، أي: لا تستغربوا أن يخلق عيسى من غير فحل، فإن القدرة تقتضي ذلك وأكثر منه.
وقوله تعالى: {لجعلنا منكم} معناه: لجعلنا بدلا منكم، أي: لو شاء الله تعالى لجعل بدلا من بني آدم ملائكة يسكنون الأرض ويخلفون بني آدم فيها، وقال ابن عباس ومجاهد: يخلف بعضهم بعضا). [المحرر الوجيز: 7/ 558-559]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) وَلَا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (62) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (والضمير في قوله تعالى: {وإنه لعلم للساعة} قال ابن عباس، والحسن، ومجاهد، وقتادة، والسدي، والضحاك، وابن زيد: الإشارة به إلى عيسى عليه السلام، وقالت فرقة: إلى محمد صلى الله عليه وسلم، وقال الحسن أيضا، وقتادة: إلى القرآن، وقرأ جمهور الناس: "لعلم" بكسر العين وسكون اللام، وقرأ ابن عباس، وأبو هريرة، وقتادة، وأبو مالك الغفاري، ومجاهد، وأبو نضرة المنذر بن كعب، ومالك بن دينار: "وإنه العلم" بفتح العين واللام، وقرأ عكرمة مولى ابن عباس رضى الله عنهما: "وإنه للعلم" بلامين، وقرأ أبي بن كعب: "وإنه لذكر للساعة"، فمن قال إن الإشارة إلى لعيسى عليه السلام حسن مع تأويله "علم" و"علم"، أي: هو إشعار بالساعة وشرط من أشراطها، يعني خروجه في آخر الزمان، وكذلك من قال: الإشارة إلى محمد صلى الله عليه وسلم إذ هو آخر الأنبياء عليهم السلام، فقد تميزت الساعة به نوعا وقدرا من التمييز، وبقي التحديد التام الذي انفرد الله تعالى بعلمه، ومن قال: الإشارة إلى القرآن، حسن قوله في قراءة من قرأ: "لعلم" بكسر العين وسكون اللام، أي: يعلمكم بها وبأهوالها وصفاتها، وفي قراءة من قرأ: "لذكر".
وقوله تعالى: {فلا تمترن} أي: قل لهم يا محمد: لا تشكن فيها، وقوله تعالى: {هذا صراط مستقيم} إشارة إلى الشرع،
ثم أمره بتحذير العباد من الشيطان وإغوائه، ونبههم على عداوته).[المحرر الوجيز: 7/ 559]

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (63) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ولما جاء عيسى بالبينات قال قد جئتكم بالحكمة ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه فاتقوا الله وأطيعون * إن الله هو ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم * فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم * هل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة وهم لا يشعرون * الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين * يا عباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون}
"البينات" التي جاء بها عيسى عليه السلام هي: إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص، إلى غير ذلك، وقال قتادة: الإنجيل. والحكمة: النبوة، قاله السدي وغيره.
وقوله تعالى: {ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه} قال أبو عبيدة: "بعض" بمعنى "كل"، وهذا ضعيف ترده اللغة، ولا حجة له من قول لبيد:
... ... ... ... .... أو يعتلق بعض النفوس حمامها
لأنه أراد نفسه ونفس من معه، وذلك بعض النفوس، وإنما المعنى الذي ذهب إليه الجمهور أن الاختلاف بين الناس هو في أمور كثيرة لا تحصى عددا، منها أمور أخروية ودينية، ومنها ما لا مدخل له في الدين، فكل نبي إنما يبعث ليبين أمر الأديان والآخرة، فذلك بعض ما يختلف فيه). [المحرر الوجيز: 7/ 559-560]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (64) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {هذا صراط مستقيم} حكاية عن عيسى إذ أشار إلى شرعه). [المحرر الوجيز: 7/ 560]

تفسير قوله تعالى: {فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ (65) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"الأحزاب" المذكورون: قال جمهور المفسرين: أراد تعالى: اختلف بنو إسرائيل وتحزبوا، فمنهم من آمن به، وهو قليل، وكفر الغير، وهذا إذا كان معهم حاضرا، وقال قتادة: الأحزاب هم الأربعة الذين كان لهم الرأي والمناظرة صرفت إليهم في أمر عيسى عليه السلام. وقال ابن حبيب وغيره: الأحزاب: النصارى، افترقت مذاهبهم فيه بعد رفعه عليه السلام، فقالت فرقة: هو الله، وهم اليعقوبية، قال الله عز وجل عنهم: {لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم}. وقالت فرقة: هو ابن الله، وهم النسطورية، قال الله تعالى فيهم: {وقالت النصارى المسيح ابن الله}، وقالت فرقة: هو ثالث ثلاثة، وهم الملكانية، قال الله تعالى فيهم: {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة}، وقوله تعالى: {من بينهم} بمعنى: من تلقائهم ومن أنفسهم ثار شرهم، ولم يدخل عليهم الاختلاف من غيرهم). [المحرر الوجيز: 7/ 560-561]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 08:44 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 08:51 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57) وَقَالُوا أَآَلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (58) إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (59) وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (60) وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولـمّا ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدّون (57) وقالوا أآلهتنا خيرٌ أم هو ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قومٌ خصمون (58) إن هو إلا عبدٌ أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل (59) ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكةً في الأرض يخلفون (60) وإنّه لعلمٌ للسّاعة فلا تمترنّ بها واتّبعون هذا صراطٌ مستقيمٌ (61) ولا يصدّنّكم الشّيطان إنّه لكم عدوٌّ مبينٌ (62) ولـمّا جاء عيسى بالبيّنات قال قد جئتكم بالحكمة ولأبيّن لكم بعض الّذي تختلفون فيه فاتّقوا اللّه وأطيعون (63) إنّ اللّه هو ربّي وربّكم فاعبدوه هذا صراطٌ مستقيمٌ (64) فاختلف الأحزاب من بينهم فويلٌ للّذين ظلموا من عذاب يومٍ أليمٍ (65)}.
يقول تعالى مخبرًا عن تعنّت قريشٍ في كفرهم وتعمّدهم العناد والجدل: {ولـمّا ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدّون} قال غير واحدٍ، عن ابن عبّاسٍ، ومجاهدٍ، وعكرمة، والضّحّاك، والسّدّيّ: يضحكون، أي: أعجبوا بذلك.
وقال قتادة: يجزعون ويضحكون. وقال إبراهيم النّخعيّ: يعرضون.
وكان السّبب في ذلك ما ذكره محمّد بن إسحاق في السّيرة حيث قال: وجلس رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم -فيما بلغني-يومًا مع الوليد بن المغيرة في المسجد، فجاء النّضر بن الحارث حتّى جلس معهم، وفي المجلس غير واحدٍ من رجال قريشٍ، فتكلّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فعرض له النّضر بن الحارث، فكلّمه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حتّى أفحمه، ثمّ تلا عليه وعليهم: {إنّكم وما تعبدون من دون اللّه حصب جهنّم أنتم لها واردون} الآيات [الأنبياء: 98]. ثمّ قام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وأقبل عبد اللّه بن الزّبعرى التّميميّ حتّى جلس، فقال الوليد بن المغيرة له: واللّه ما قام النّضر بن الحارث لابن عبد المطّلب وما قعد، وقد زعم محمّدٌ أنّا وما نعبد من آلهتنا هذه حصب جهنّم، فقال عبد اللّه بن الزّبعرى: أما واللّه لو وجدته لخصمته، سلوا محمّدًا: أكلّ ما يعبد من دون اللّه في جهنّم مع من عبده، فنحن نعبد الملائكة، واليهود تعبد عزيرًا، والنّصارى تعبد المسيح [عيسى] ابن مريم؟ فعجب الوليد ومن كان معه في المجلس من قول عبد اللّه بن الزّبعرى، ورأوا أنّه قد احتجّ وخاصم، فذكر ذلك لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: "كلّ من أحبّ أن يعبد من دون اللّه، فهو مع من عبده، فإنّهم إنّما يعبدون الشّيطان ومن أمرهم بعبادته" فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {إنّ الّذين سبقت لهم منّا الحسنى أولئك عنها مبعدون} [الأنبياء: 101] أي: عيسى وعزيرٌ ومن عبد معهما من الأحبار والرّهبان الّذين مضوا على طاعة اللّه، عزّ وجلّ، فاتّخذهم من يعبدهم من أهل الضّلالة أربابًا من دون اللّه. ونزل فيما يذكرون أنّهم يعبدون الملائكة وأنّهم بنات اللّه: {وقالوا اتّخذ الرّحمن ولدًا سبحانه بل عبادٌ مكرمون} الآيات [الأنبياء: 26]، ونزل فيما يذكر من أمر عيسى وأنّه يعبد من دون اللّه. وعجب الوليد ومن حضره من حجّته وخصومته: {ولـمّا ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدّون} أي: يصدّون عن أمرك بذلك من قوله. ثمّ ذكر عيسى فقال: {إن هو إلا عبدٌ أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل. ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكةً في الأرض يخلفون. وإنّه لعلمٌ للسّاعة} أي: ما وضعت على يديه من الآيات من إحياء الموتى وإبراء الأسقام، فكفى به دليلًا على علم السّاعة، يقول: {فلا تمترنّ بها واتّبعون هذا صراطٌ مستقيمٌ}.
وذكر ابن جريرٍ من رواية العوفي، عن ابن عبّاسٍ قوله: {ولـمّا ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدّون} قال: يعني قريشًا، لـمّا قيل لهم: {إنّكم وما تعبدون من دون اللّه حصب جهنّم أنتم لها واردون} [الأنبياء: 98] إلى آخر الآيات، فقالت له قريشٌ: فما ابن مريم؟ قال: "ذاك عبد اللّه ورسوله". فقالوا: واللّه ما يريد هذا إلّا أن نتّخذه ربًّا، كما اتّخذت النّصارى عيسى ابن مريم ربًّا، فقال اللّه تعالى {ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قومٌ خصمون}.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا هاشم بن القاسم، حدّثنا شيبان، عن عاصم بن أبي النّجود، عن أبي رزين، عن أبي يحيى -مولى ابن عقيلٍ الأنصاريّ-قال: قال ابن عبّاسٍ: لقد علمت آيةً من القرآن ما سألني عنها رجلٌ قطّ، فما أدري أعلمها النّاس فلم يسألوا عنها، أم لم يفطنوا لها فيسألوا عنها. قال: ثمّ طفق يحدّثنا، فلمّا قام تلاومنا ألّا نكون سألناه عنها. فقلت: أنا لها إذا راح غدًا. فلمّا راح الغد قلت: يا ابن عبّاسٍ، ذكرت أمس أنّ آيةً من القرآن لم يسألك عنها رجلٌ قطّ، فلا تدري أعلمها النّاس أم لم يفطنوا لها؟ فقلت: أخبرني عنها وعن اللّاتي قرأت قبلها. قال: نعم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقريشٍ: "يا معشر قريشٍ، إنّه ليس أحدٌ يعبد من دون اللّه فيه خيرٌ"، وقد علمت قريشٌ أنّ النّصارى تعبد عيسى ابن مريم، وما تقول في محمّدٍ، فقالوا: يا محمّد، ألست تزعم أنّ عيسى كان نبيًّا وعبدًا من عباد اللّه صالحًا، فإن كنت صادقًا كان آلهتهم كما تقولون؟ قال: فأنزل اللّه: {ولـمّا ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدّون}. قلت: ما يصدون؟ قال: يضحكون، {وإنّه لعلمٌ للسّاعة} قال: هو خروج عيسى ابن مريم قبل القيامة.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا محمّد بن يعقوب الدّمشقيّ، حدّثنا آدم، حدّثنا شيبان، عن عاصم بن أبي النّجود، عن أبي أحمد مولى الأنصار، عن ابن عبّاسٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "يا معشر قريشٍ، إنّه ليس أحدٌ يعبد من دون اللّه فيه خيرٌ". فقالوا له: ألست تزعم أنّ عيسى كان نبيًّا وعبدًا من عباد اللّه صالحًا، فقد كان يعبد من دون اللّه؟ فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {ولـمّا ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدّون}.
وقال مجاهدٌ في قوله: {ولـمّا ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدّون}: قالت قريشٌ: إنّما يريد محمّدٌ أن نعبده كما عبد قوم عيسى عيسى. ونحو هذا قال قتادة.
وقوله: {وقالوا أآلهتنا خيرٌ أم هو}: قال قتادة: يقولون: آلهتنا خيرٌ منه. وقال قتادة: قرأ ابن مسعودٍ: "وقالوا أآلهتنا خيرٌ أم هذا"، يعنون محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقوله: {ما ضربوه لك إلا جدلا} أي: مراءً، وهم يعلمون أنّه ليس بواردٍ على الآية؛ لأنّها لما لا يعقل، وهي قوله: {إنّكم وما تعبدون من دون اللّه حصب جهنّم} [الأنبياء: 98]. ثمّ هي خطّابٌ لقريشٍ، وهم إنّما كانوا يعبدون الأصنام والأنداد، ولم يكونوا يعبدون المسيح حتّى يوردوه، فتعيّن أنّ مقالتهم إنّما كانت جدلًا منهم، ليسوا يعتقدون صحّتها.
وقد قال الإمام أحمد، رحمه اللّه تعالى: حدّثنا ابن نميرٍ، حدّثنا حجّاج بن دينارٍ، عن أبي غالبٍ، عن أبي أمامة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "ما ضلّ قومٌ بعد هدًى كانوا عليه، إلّا أورثوا الجدل"، ثمّ تلا هذه الآية: {ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قومٌ خصمون}.
وقد رواه التّرمذيّ، وابن ماجه، وابن جريرٍ، من حديث حجّاج بن دينارٍ، به. ثمّ قال التّرمذيّ: حسنٌ صحيحٌ لا نعرفه إلّا من حديثه كذا قال.
وقد روي من وجهٍ آخر عن أبي أمامة بزيادةٍ فقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا حميد بن عيّاشٍ الرّمليّ، حدّثنا مؤمّل، حدّثنا حمّادٌ، أخبرنا ابن مخزومٍ، عن القاسم أبي عبد الرّحمن الشّاميّ، عن أبي أمامة -قال حمّادٌ: لا أدري رفعه أم لا؟ -قال: ما ضلّت أمّةٌ بعد نبيّها إلّا كان أوّل ضلالها التّكذيب بالقدر، وما ضلّت أمّةٌ بعد نبيّها إلّا أعطوا الجدل، ثمّ قرأ: {ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قومٌ خصمون}
وقال ابن جريرٍ أيضًا: حدّثنا أبو كريبٍ، حدّثنا أحمد بن عبد الرّحمن، عن عبّاد بن عبّادٍ، عن جعفرٍ، عن القاسم، عن أبي أمامة قال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم خرج على النّاس وهم يتنازعون في القرآن، فغضب غضبًا شديدًا حتّى كأنّما صبّ على وجهه الخلّ، ثمّ قال: "لا تضربوا كتاب اللّه بعضه ببعضٍ، فإنّه ما ضلّ قومٌ قطّ إلّا أوتوا الجدل"، ثمّ تلا {ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قومٌ خصمون}
وقوله: {إن هو إلا عبدٌ أنعمنا عليه} يعني: عيسى، عليه السّلام، ما هو إلّا عبدٌ [من عباد اللّه] أنعم اللّه عليه بالنّبوّة والرّسالة، {وجعلناه مثلا لبني إسرائيل} أي: دلالةً وحجّةً وبرهانًا على قدرتنا على ما نشاء.
وقوله: {ولو نشاء لجعلنا منكم} أي: بدلكم {ملائكةً في الأرض يخلفون}، قال السّدّيّ: يخلفونك فيها. وقال ابن عبّاسٍ، وقتادة: يخلف بعضهم بعضًا، كما يخلف بعضكم بعضًا. وهذا القول يستلزم الأوّل. وقال مجاهدٌ: يعمّرون الأرض بدلكم.
وقوله: {وإنّه لعلمٌ للسّاعة}: تقدّم تفسير ابن إسحاق: أنّ المراد من ذلك: ما بعث به عيسى، عليه السّلام، من إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص، وغير ذلك من الأسقام. وفي هذا نظرٌ. وأبعد منه ما حكاه قتادة، عن الحسن البصريّ وسعيد بن جبيرٍ: أي الضّمير في {وإنّه}، عائدٌ على القرآن، بل الصّحيح أنّه عائدٌ على عيسى [عليه السّلام]، فإنّ السّياق في ذكره، ثمّ المراد بذلك نزوله قبل يوم القيامة، كما قال تبارك وتعالى: {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمننّ به قبل موته} أي: قبل موت عيسى، عليه الصّلاة والسّلام، ثمّ {ويوم القيامة يكون عليهم شهيدًا} [النّساء: 159]، ويؤيّد هذا المعنى القراءة الأخرى: "وإنّه لعلم للسّاعة" أي: أمارةٌ ودليلٌ على وقوع السّاعة، قال مجاهدٌ: {وإنّه لعلمٌ للسّاعة} أي: آيةٌ للسّاعة خروج عيسى ابن مريم قبل يوم القيامة. وهكذا روي عن أبي هريرة [رضي اللّه عنه]، وابن عبّاسٍ، وأبي العالية، وأبي مالكٍ، وعكرمة، والحسنن وقتادة، والضّحّاك، وغيرهم.
وقد تواترت الأحاديث عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنه أخبر بنزول عيسى [ابن مريم]، عليه السّلام قبل يوم القيامة إمامًا عادلًا وحكمًا مقسطًا.
وقوله: {فلا تمترنّ بها} أي: لا تشكّوا فيها، إنّها واقعةٌ وكائنةٌ لا محالة، {واتّبعون} أي: فيما أخبركم به {هذا صراطٌ مستقيمٌ}). [تفسير ابن كثير: 7/ 233-236]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (62) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :({ولا يصدّنّكم الشّيطان} أي: عن اتّباع الحقّ {إنّه لكم عدوٌّ مبينٌ}). [تفسير ابن كثير: 7/ 236]

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (63) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولـمّا جاء عيسى بالبيّنات قال قد جئتكم بالحكمة} أي: بالنّبوّة {ولأبيّن لكم بعض الّذي تختلفون فيه}
قال ابن جريرٍ: يعني من الأمور الدّينيّة لا الدّنيويّة. وهذا الّذي قاله حسنٌ جيّدٌ، ثمّ ردّ قول من زعم أنّ "بعض" هاهنا بمعنى "كل"، واستشهد بقول لبيد الشاعر:
ترّاك أمكنة إذا لم أرضها أو يعتلق بعض النّفوس حمامها
وأوّلوه على أنّه أراد جميع النّفوس. قال ابن جريرٍ: وإنّما أراد نفسه فقط، وعبّر بالبعض عنها. وهذا الّذي قاله محتملٌ.
وقوله: {فاتّقوا اللّه} أي: [فيما] أمركم به، {وأطيعون}، فيما جئتكم به). [تفسير ابن كثير: 7/ 236-237]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (64) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إنّ اللّه هو ربّي وربّكم فاعبدوه هذا صراطٌ مستقيمٌ} أي: أنا وأنتم عبيدٌ له، فقراء إليه، مشتركون في عبادته وحده لا شريك له، {هذا صراطٌ مستقيمٌ} أي: هذا الّذي جئتكم به هو الصّراط المستقيم، وهو عبادة الرّبّ، عزّ وجلّ، وحده). [تفسير ابن كثير: 7/ 237]

تفسير قوله تعالى: {فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ (65) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {فاختلف الأحزاب من بينهم} أي: اختلفت الفرق وصاروا شيعًا فيه، منهم من يقرّ بأنّه عبد اللّه ورسوله -وهو الحقّ- ومنهم من يدّعي أنّه ولد اللّه، ومنهم من يقول: إنّه اللّه -تعالى اللّه عن قولهم علوًّا كبيرًا- ولهذا قال: {فويلٌ للّذين ظلموا من عذاب يومٍ أليمٍ}). [تفسير ابن كثير: 7/ 237]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:24 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة