العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير جزء عم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21 جمادى الآخرة 1434هـ/1-05-2013م, 09:49 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي تفسير سورة الكوثر [ من الآية (1) إلى آخر السورة ]

{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)}


روابط مهمة:
- القراءات
- توجيه القراءات
- أسباب النزول
- الوقف والابتداء


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21 جمادى الآخرة 1434هـ/1-05-2013م, 10:28 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى:{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) }
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني شبيبٌ، عن أبانٍ، عن أنس بن مالكٍ، عن رسول اللّه أنّه قال حين عرج به إلى السّماء، قال: «رأيت نهرًا عجّاجًا مثل السّهم يطّرد أشدّ بياضًا من اللّبن، وأحلى من العسل، حافتاه قبابٌ من درٍّ مجوّفٍ، فقلت: يا جبريل، ما هذا، قال: هذا الكوثر الّذي أعطاكم ربّك؛ قال: فضربت بيدي إلى حافته فإذا هو مسكٌ ذفرٌ، ثمّ ضربت يدي إلى رضراضه، فإذا هو درٌ»). [الجامع في علوم القرآن: 1/ 76-77]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني أبو صخر قال: وأخبرني محمد بن كعب القرظي أنه كان يقول في هذه الآية: {إنا أعطيناك الكوثر}، يقول: إن ناسا يصلون لغير الله وينحرون لغير الله، فإذا أعطيناك الكوثر، يا محمد، فلا تكونن صلاتك ولا نحرك إلا لي). [الجامع في علوم القرآن: 2/ 69]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة ،عن أنس بن مالك، في قوله تعالى: {إنا أعطينك الكوثر} أن النبي قال: «هو نهر في الجنة» قال النبي:« رأيت نهرا في الجنة حافتيه قباب اللؤلؤ قلت: ما هذا يا جبريل قال: هو الكوثر الذي أعطاكه الله»). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 401]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (حدّثنا آدم، حدّثنا شيبان، حدّثنا قتادة، عن أنسٍ -رضي اللّه عنه-، قال: لمّا عرج بالنّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- إلى السّماء، قال:«أتيت على نهرٍ، حافتاه قباب اللّؤلؤ مجوّفًا، فقلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الكوثر»). [صحيح البخاري: 6 / 178]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (حدّثنا خالد بن يزيد الكاهليّ، حدّثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عائشة -رضي اللّه عنها-، قال: سألتها عن قوله تعالى: {إنّا أعطيناك الكوثر} قالت: «نهرٌ أعطيه نبيّكم صلّى الله عليه وسلّم، شاطئاه عليه درٌّ مجوّفٌ، آنيته كعدد النّجوم» رواه زكريّاء، وأبو الأحوص، ومطرّفٌ، عن أبي إسحاق). [صحيح البخاري: 6 / 178]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (حدّثنا يعقوب بن إبراهيم، حدّثنا هشيمٌ، حدّثنا أبو بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ -رضي اللّه عنهما-، أنّه قال: «في الكوثر: هو الخير الّذي أعطاه اللّه إيّاه
» ، قال أبو بشرٍ: قلت لسعيد بن جبيرٍ: فإنّ النّاس يزعمون أنّه نهرٌ في الجنّة، فقال سعيدٌ: النّهر الّذي في الجنّة من الخير الّذي أعطاه اللّه إيّاه). [صحيح البخاري: 6 / 178]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقد قَرَأَ ابنُ مُحَيْصِنٍ: إِنَّا أَنْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ؛ بالنونِ، وكذا قَرَأَهَا طَلْحَةُ بنُ مُصَرِّفٍ، والكَوْثَرُ فَوْعَلٌ مِنَ الكَثْرَةِ، سُمِّيَ بِهَا النَّهَرُ؛ لِكَثْرَةِ مَائِهِ وآنِيَتِهِ وعِظَمِ قَدْرِهِ وخَيْرِهِ). [فتح الباري: 8 / 731]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (ثم ذَكَرَ المُصَنِّفُ في البابِ ثَلاثَةَ أَحَادِيثَ: الأوَّلُ حَدِيثُ أَنَسٍ، وقد تَقَدَّمَ شَرْحُهُ في أَوَائِلِ المَبْعَثِ في قِصَّةِ الإسراءِ في أَوَاخِرِهَا، ويَأْتِي بأَوْضَحَ مِنْ ذَلِكَ في أَوَاخِرِ كِتَابِ الرِّقَاقِ.
وقولُهُ: (لَمَّا عُرِجَ بالنَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَليَهِ وسَلَّمَ- إلى السَّمَاءِ قَالَ:« أَتَيْتُ عَلَى نَهَرٍ حَافَتَاهُ قِبَابُ اللُّؤْلُؤِ مُجَوَّفٌ فَقُلْتُ: مَا هَذَا يا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا الكَوْثَرُ») هكذا اقْتَصَرَ عَلَى بَعْضِهِ، وسَاقَهُ البَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ إبرَاهِيمَ بْنِ الحَسَنِ عن آدَمَ شَيْخِ البُخارِيِّ فيه، فزَادَ بَعْدَ قولِهِ: الكَوْثَرُ والَّذِي أَعْطَاكَ رَبُّكَ: فأَهْوَى المَلَكُ بِيَدِهِ فَاسْتَخَرْجَ مِن طِينِهِ مِسْكًا أَذْفَرَ. وأَوْرَدَهُ البُخارِيُّ بهذه الزيادةِ في الرِّقَاقِ من طَرِيقِ هَمَّامٍ عن أَبِي هُرَيرَةَ.
الثانِي: حَدِيثُ عَائِشَةَ، وأبو عُبَيْدَةَ رَاوِيهِ عنها هُو ابنُ عبدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ قولُهُ: (عن عَائِشَة قَالَ: سَأَلْتُهَا) في رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ.
قولُهُ: (عن قولِهِ تَعَالَى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}) في رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ: مَاءَ الكَوْثَرِ.
قولُهُ: (هُو نَهَرٌ أُعْطِيَهُ نَبِيُّكُمْ) زادَ النَّسَائِيُّ: في بُطْنَانِ الجَنَّةِ قُلْتُ: مَا بُطْنَانُ الجَنَّة؟ قَالَتْ: وَسَطُهَا. انْتَهَى، وبُطْنَانُ؛ بضَّمِ المُوَحَّدَةِ وسُكُونِ المُهْمَلَةِ بَعْدَهَا نُونٌ، ووَسَطُ بفَتْحِ المُهْمَلَةِ، والمُرَادُ بِهِ أَعْلاهَا أي: أَرْفَعُهَا قَدْرًا، أو المُرَادُ أَعْدَلُهَا.
قولُهُ: (شَاطِئَاهُ) أي: حَافَتَاهُ.
قولُهُ: (دُرٌّ مُجَوَّفٌ) أي: القِبَابُ الَّتِي على جَوَانِبِهِ.
قولُهُ: (رَوَاهُ زَكَرِيَّا وأَبُو الأَحْوَصِ ومُطَرِّفٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ) أما زَكَرِيَّا فهو ابنُ أَبِي زَائِدَةَ، ورِوَايَتُهُ عِندَ عَلِيِّ بْنِ المَدِينِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا عَنْ أَبِيهِ، ولَفْظُهُ قَرِيبٌ مِنْ لَفْظِ أَبِي الأَحْوَصِ، وأَمَّا رِوَايَةُ أَبِي الأَحْوَصِ وهُو سَلاَّمُ بْنُ سُلَيْمٍ؛ فوَصَلَها أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عنه، ولَفْظُهُ: الكَوْثَرُ نَهَرٌ بفِنَاءِ الجَنَّةِ شَاطِئَاهُ دُرٌّ مُجَوَّفٌ، وفيه مِنَ الأَبَارِيقِ عَدَدَ النُّجُومِ، وأَمَّا رِوَايَةُ مُطَرِّفٍ وهُو ابنُ طَرِيفٍ بالطَّاءِ المُهْمَلَةِ فوَصَلَهَا النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ، وقد بَيَّنْتُ مَا فِيهَا مِنْ زِيَادَةٍ.
الحديثُ الثالثُ حَدِيثُ ابنِ عَبَّاسٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي بِشْرٍ عن سَعِيدِ بْنِ جُبَيرٍ عنه أنه قَالَ في الكَوْثَرِ:
«هُو الخيرُ الكَثِيرُ الذي أَعْطَاهُ اللهُ إِيَّاهُ»، قَالَ قُلْتُ لسَعِيدِ بنِ جُبَيرٍ عنه أنه قَالَ في الكَوْثَرِ: «فإِنَّ نَاسًا يَزْعُمُونَ أنه نَهَرُ في الجَنَّةِ» فقال سَعِيدٌ: «النَّهَرُ الذي في الجَنَّةِ مِنَ الخَيْرِ الكثيرِ الذي أَعْطَاهُ اللهُ إياهُ». هَذَا تأويلٌ مِنْ سَعِيدِ بنِ جُبَيرٍ جَمَعَ به بَيْنَ حَدِيثَيْ عَائِشَةَ وابنِ عَبَّاسٍ، وكأنَّ النَّاسَ الذينَ عَنَاهُمْ أَبُو بِشْرٍ: أَبُو إِسْحَاقَ وقَتَادَةُ ونَحْوُهُمَا مِمَّنْ رَوَى ذَلِكَ صَريحًا أنَّ الكَوْثَرَ هُو النَّهَرُ.
وقد أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِن طَرِيقِ ابنِ عُمَرَ رَفَعَهُ الكَوْثَرُ نَهَرُ في الجَنَّةِ حَافَتَاهُ مِنْ ذَهَبٍ ومُجْرَاهُ على الدُّرِّ والياقوتِ الحديثَ، قَالَ: إنَّهُ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وفي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ المُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ عَنْ أَنَسٍ بَيْنَمَا نَحْنُ عِندَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَليَهِ وسَلَّمَ إِذْ غَفَا إِغْفَاءَةً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مُتَبَسِّمًا فقُلْنَا: مَا أَضْحَكَكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ:
«نَزَلَتْ عَلَيَّ سُورَةٌ» فَقَرَأَ بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحَيم {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} إِلَى آخِرِهَا، ثم قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا الكَوْثَرُ؟» قُلْنَا: اللهُ ورَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «فَإِنَّهُ نَهَرٌ وَعَدَنِيهِ رَبِّي عَلَيْهِ خَيْرٌ كَثِيرٌ، وهُو حَوْضٌ تَرِدُ عَلَيْهِ أُمَّتِي يَوْمَ القِيَامَةِ» الحديثَ.
وحاصِلُ مَا قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيرٍ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ: إنَّهُ الخَيْرُ الكَثِيرُ لا يُخَالِفُ قَوْلَ غَيْرِهِ: إِنَّ المُرَادَ بِهِ نَهَرٌ فِي الجَنَّةِ؛ لأنَّ النَّهَرَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الخَيْرِ الكَثِيرِ ولَعَلَّ سَعِيدًا أَوْمَأَ إِلَى أَنَّ تَأْوِيلَ ابْنِ عَبَّاسٍ أَوْلَى لِعُمُومِهِ، لَكِنْ ثَبَتَ تَخْصِيصُهُ بالنَّهَرِ مِنْ لَفْظِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَليَهِ وسَلَّمَ-، فلا مَعْدِلَ عَنْهُ.
وقد نَقَلَ المُفَسِّرُونَ فِي الكَوْثَرِ أَقْوَالاً أُخْرَى غيرَ هَذَيْنِ تَزِيدُ على العَشَرَةِ؛ مِنْهَا قَوْلُ عِكْرِمَةَ: الكَوْثَرُ النُّبُوَّةُ، وقَوْلُ الحَسَنِ: الكَوْثَرُ القُرْآنُ، وقيلَ: تَفْسِيرُهُ، وقيلَ: الإسلامُ، وقيلَ: إِنَّهُ التَّوْحِيدُ، وقِيلَ: كَثْرَةُ الأَتْبَاعِ، وقيلَ: الإيثارُ، وقيلَ: رِفْعَةُ الذِّكْرِ، وقِيلَ: نُورُ القَلْبِ، وقيلَ: الشَّفَاعَةُ، وقيلَ: المُعْجِزَاتُ، وقيلَ: إِجَابَةُ الدُّعَاءِ، وقيلَ: الفِقْهُ في الدِّينِ، وقيلَ: الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وسيَأْتِي مَزِيدُ بَسْطٍ في أَمْرِ الكَوْثَرِ وهُو الحَوْضُ النَّبَوِيُّ هُو أَوْ غَيْرُهُ في كِتَابِ الرِّقَاقِ إِنْ شاءَ اللهُ تَعَالَى). [فتح الباري: 8 / 732-733]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
ثنا خالد بن يزيد الكاهلي، ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة ،عن عائشة رضي اللّه عنها، قال: سألتها عن قول الله تعالى: الكوثر {إنّا أعطيناك الكوثر} قالت: «نهر أعطيه نبيكم شاطئاه عليه در مجوف آنيته كعدد النّجوم»
رواه زكريّا وأبو الأحوص ومطرف عن أبي إسحاق
أما حديث زكريّا .......
وأما حديث أبي الأحوص فقال أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه: ثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عائشة قالت: «الكوثر نهر بفناء الجنّة شاطئاه در مجوف وفيه من الأباريق والآنية عدد النّجوم»
وأما حديث مطرف فقال النّسائيّ في التّفسير: ثنا أحمد بن حرب، ثنا أسباط، ثنا مطرف، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، قال: قلت لعائشة ما الكوثر؟ قالت:
«نهر أعطيه رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- في بطنان الجنّة» قلت: وما بطنان الجنّة؟ قال: «وسطها حافتاه در مجوف».
وقال ابن مردويه: ثنا إبراهيم بن محمّد، ثنا أحمد بن علّي، ثنا عمرو بن محمّد النّاقد، ثنا أسباط بن محمّد، عن مطرف، عن أبي إسحاق السبيعي، عن أبي عبيدة ابن عبد الله به
وقرأته على أبي الحسن الخطيب، عن سليمان بن حمزة ،أنا جعفر بن علّي، أنا السلفي، أنا أبو القاسم بن بيان، أنا طلحة بن علّي، أنا عبد الخالق بن الحسن، ثنا محمّد هو الباغندي، ثنا هناد هو ابن السّري، ثنا أبو زبيد، عن مطرف، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة قال: قالت عائشة:
«الكوثر هو نهر أعطيه رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- في بطنان الجنّة» قلت: وما بطنان الجنّة؟ قال: «في وسط الجنّة شاطئاه در مجوف أو درة مجوفة»). [تغليق التعليق: 4 / 378-379]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: لَمَّا عُرِجَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إِلَى السَّمَاءِ قَالَ:
«أَتَيْتُ عَلَى نَهَرٍ حَافَتَاهُ قِبَابُ اللُّؤْلُؤِ مُجَوَّفًا، فَقُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ ؟ قَالَ: هَذَا الْكَوْثَرُ».
مُطَابَقَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ ظَاهِرَةٌ، وَآدَم هُوَ ابْنُ أَبِي إِيَاسٍ، وَشَيْبَانُ هُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو مُعَاوِيَةَ النَّحْوِيُّ، وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
قَوْلُهُ: (حَافَتَاهُ) أَيْ: جَانِبَاهُ، تَثْنِيَةُ حَافَةٍ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْفَاءِ.
قَوْلُهُ: (الْكَوْثَرُ)، عَلَى وَزْنِ فَوْعَلٍ مِنَ الْكَثْرَةِ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي كُلَّ شَيْءٍ كَثِيرٍ فِي الْعَدَدِ أَوْ فِي الْقَدْرِ وَالْخَطَر: كَوْثَرًا. وَاخْتُلِفَ فِيهِ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ الْحَوْضُ، وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَقِيلَ: الْكَوْثَرُ حَوْضُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. وَقَالَ عِيَاضٌ: أَحَادِيثُ الْحَوْضِ صَحِيحَةٌ وَالإِيمَانُ بِهِ فَرْضٌ وَالتَّصْدِيقُ بِهِ مِنَ الإِيمَانِ، وَهُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ لاَ يُتَأَوَّلُ وَلاَ يَخْتَلِفُ، وَحَدِيثُهُ مُتَوَاتِرُ النَّقْلِ، رَوَاهُ خَلاَئِقُ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَحَدِيثُ عَائِشَةَ الْمَذْكُورُ هَنَا الْكَوْثَرُ نَهَرٌ على مَا يَجِيءُ عَنْ قَرِيبٍ، وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ:
«الْكَوْثَرُ نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ حَافَتَاهُ مِنَ الذَّهَبِ وَمَجْرَاهُ على الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ، وَتُرْبَتُهُ أَطْيَبُ مِنَ الْمِسْكِ، وَمَاؤُهُ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَأَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ الثَّلْجِ». وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ قَالَتْ عَائِشَةُ: لَيْسَ أَحَدٌ يُدْخِلُ إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ إِلاَّ سَمِعَ خَرِيرَ الْكَوْثَرِ. وَعَنْ عِكْرِمَةَ: الْكَوْثَرُ النُّبُوَّةُ وَالْقُرْآنُ وَالإِسْلاَمُ، وَعَنْ مُجَاهِدٍ: الْخَيْرُ كُلُّهُ. وَقِيلَ: نُورٌ فِي قَلْبِهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ دَلَّهُ عَلَى الْحَقِّ وَقَطَعَهُ عَمَّنْ سِوَاهُ. وَقِيلَ: الشَّفَاعَةُ. وَقِيلَ: الْمُعْجِزَاتُ. وَقِيلَ: قَوْلُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. وَقِيلَ: الْفِقْهُ فِي الدِّينِ. وَقِيلَ: الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ. وَقِيلَ فِيهِ أَقْوَالٌ أُخْرَى كَثِيرَةٌ). [عمدة القاري: 20/ 3]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الْكَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَ: سَأَلْتُهَا عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّا أَعْطَيْنَـاكَ الْكَوْثَرَ} قَالَتْ:
«نَهَرٌ أُعْطِيَهُ نَبِيُّكُمْ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- شَاطِئَاهُ عَلَيْهِ دُرٌّ مُجَوَّفٌ آنِيَتُهُ كَعَدَدِ النُّجُومِ».
مُطَابَقَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ ظَاهِرَةٌ، وَإِسْرَائِيلُ ابْنُ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ يَرْوِي عَنْ جَدِّهِ أَبِي إِسْحَاقَ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ، وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي التَّفْسِيرِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَرْبٍ.
قَوْلُهُ: (قَالَ: سَأَلْتُهَا) أَيْ: قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ.
قَوْلُهُ: (أُعْطِيَهُ) عَلَى صِيغَةِ الْمَجْهُولِ.
قَوْلُهُ: (شَاطِئَاهُ) أَيْ: جَانِبَاهُ وَهُوَ تَثْنِيَةُ شَاطِئٍ وهو الْجَانِبُ.
قَوْلُهُ: (عَلَيْهِ). يَرْجِعُ إِلَى جِنْسِ الشَّاطِئِ؛ وَلِهَذَا لَمْ يَقُلْ: عَلَيْهِمَا، وَدُرٌّ: مَرْفُوعٌ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ وَمُجَوَّفٌ صِفَتُهُ، وَخَبَرُهُ: عَلَيْهِ. وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ الأَوَّلِ أَعْنِي: شَاطِئَاهُ.
(رَوَاهُ زَكَرِيَّاءُ وَأَبُو الأَحْوَصِ وَمُطَرِّفٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ)
أَيْ: رَوَى الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ زَكَرِيَّاءُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ وَأَبُو الأَحْوَصِ سَلاَّمُ بْنُ سُلَيْمٍ وَمُطَرِّفُ بْنُ طَرِيفٍ بِالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ، فَرِوَايَةُ زَكَرِيَّاءَ رَوَاهَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّاءَ، عَنْ أَبِيهِ، وَرِوَايَةُ أَبِي الأَحْوَصِ رَوَاهَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُ وَلَفْظُهُ: الْكَوْثَرُ نَهَرٌ بِفِنَاءِ الْجَنَّةِ شَاطِئَاهُ دُرٌّ مُجَوَّفٌ وَفِيهِ مِنَ الأَبَارِيقِ عَدَدُ النُّجُومِ، وَرِوَايَةُ مُطَرِّفٍ رَوَاهَا النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ). [عمدة القاري: 20/ 3-4]
قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّهُ قَالَ فِي الْكَوْثَرِ:
«هُوَ الْخَيْرُ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ»، قَالَ أَبُو بِشْرٍ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: «فَإِنَّ النَّاسَ يَزْعَمُونَ أَنَّهُ نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ »، فَقَالَ سَعِيدٌ: «النَّهَرُ الَّذِي فِي الْجَنَّةِ مِنَ الْخَيْرِ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ».
مُطَابَقَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ ظَاهِرَةٌ، وَيَعْقُوبُ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ يَرْوِي عَنْ هُشَيْمٍ -مُصَغَّرُ هَاشِمٍ- ابْنِ بُشَيْرٍ -مُصَغَّرُ بِشْرٍ- الْوَاسِطِيِّ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ -بِكَسْرِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ- جَعْفَرِ بْنِ أَبِي وَحْشِيَّةَ الْوَاسِطِيِّ، وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا فِي ذِكْرِ الْحَوْضِ، وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي التَّفْسِيرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَامِلٍ، وَقَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ هَذَا جَمَعَ بَيْنَ حَدِيثَيْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ يَشْمَلُ جَمِيعَ الأَقْوَالِ الَّتِي ذَكَرُوهَا فِي الْكَوْثَرِ؛ لأَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ مِنَ الْخَيْرِ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ تَعَالَى إِيَّاهُ). [عمدة القاري: 20/ 4]
قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (وَبِهِ قَالَ: حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّيْمِيُّ مَوْلاَهُمْ أَبُو مُعَاوِيَةَ الْبَصْرِيُّ نَزِيلُ الْكُوفَةِ قَالَ: حَدَّثَنَا وَلأَبِي ذَرٍّ: أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ بْنُ دِعَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا عُرِجَ بِالنَّبِي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى السَّمَاءِ قَالَ:
«أَتَيْتُ عَلَى نَهَرٍ حَافَتَاهُ بِتَخْفِيفِ الْفَاءِ: جَانِبَاهُ قِبَابُ اللُّؤْلُؤِ مُجَوَّفٌ» وَلِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ: مُجَوَّفًا فَقُلْتُ: «مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا الْكَوْثَرُ» زَادَ الْبَيْهَقِيُّ: الَّذِي أَعْطَاكَ رَبُّكَ، فَأَهْوَى الْمَلَكُ بِيَدِهِ فَاسْتَخْرَجَ مِنْ طِينِهِ مِسْكًا أَذْفَرَ. وَأَخْرَجَهُ الْمُؤَلِّفُ بِهَذَا فِي الرِّقَاقِ مِنْ طَرِيقِ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَالْكَوْثَرُ بِوَزْنِ فَوْعَلٍ مِنَ الْكَثْرَةِ وَهُوَ وَصْفُ مُبَالَغَةٍ فِي الْمُفْرِطِ الْكَثْرَةِ). [إرشاد الساري: 7 / 434]
قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (وَبِهِ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الْكَاهِلِيُّ أَبُو الْهَيْثَمِ الْمُقْرِي الْكَحَّالُ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي إِسْحَاقَ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السَّبِيعِيِّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُا- قَالَ أي: أَبُو عُبَيْدَةَ: سَأَلْتُهَا يَعْنِي عَائِشَةَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى وَلأَبِي ذَرٍّ: عَنْ قَوْلِ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} قَالَ: هُوَ نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ أُعْطِيَهُ نَبِّيُكُمْ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زَادَ النَّسَائِيُّ: فِي بُطْنَانِ الْجَنَّةِ شَاطِئَاهُ -أَيْ: جَانِبَاهُ- عَلَيْهِ -أَيْ: عَلَى الشَّاطِئِ-، قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ كَالْكِرْمَانِيِّ: وَالضَّمِيرُ فِي عَلَيْهِ عَائِدٌ إِلَى جِنْسِ الشَّاطِئِ، وَلِهَذَا لَمْ يَقُلْ: عَلَيْهِمَا، قَالَ: وَفِي بَعْضِهَا: شَاطِئَاهُ دُرٌّ مُجَوَّفٌ دُرٌّ مُجَوَّفٌ -بِفَتْحِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً صِفَةٌ لِدُرٍّ-، وَخَبَرُهُ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ، وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ الأَوَّلِ الَّذِي هُوَ شَاطِئَاهُ آنِيَتُهُ كَعَدَدِ النُّجُومِ رَوَاهُ وَلأَبِي ذَرٍّ: ورَوَاهُ زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ فِيمَا رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا عَنْ أَبِيهِ وَأَبُو الأَحْوَصِ سَلاَّمُ بْنُ سُلَيْمٍ فِيمَا وَصَلَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِلَفْظِ: الْكَوْثَرُ نَهَرٌ بِفِنَاءِ الْجَنَّةِ، شَاطِئَاهُ دُرٌّ مُجَوَّفٌ، وفيهِ منَ الأَبَارِيقِ عَدَدُ النُّجُومِ. ولفظُ روايةِ زَكَرِيَّا قريبٌ من هذه. وَمُطَرِّفٌ هو ابنُ طَرِيفٍ بِالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ فيما وَصَلَهُ النَّسَائِيُّ، الثَّلاثةُ عن أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ). [إرشاد الساري: 7 / 434-435]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (وبه قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ -بِضَمِّ الْهَاءِ مُصَغَّرًا الْوَاسِطِيُّ- قَالَ: حَدَّثَنَا ولأَبِي ذَرٍّ: أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ -بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ-، جَعْفَرُ بْنُ أَبِي وَحْشِيَّةَ الْوَاسِطِيُّ، عنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما- أَنَّهُ قَالَ في الْكَوْثَرِ:
«هُوَ الْخَيْرُ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ». قَالَ أَبُو بِشْرٍ جَعْفَرٌ بِالسَّنَدِ السَّابِقِ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: فَإِنَّ النَّاسَ كَأَبِي إِسْحَاقَ وَقَتَادَةَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ -أَيِ الْكَوْثَرَ- نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ، فَقَالَ سَعِيدٌ: النَّهَرُ الَّذِي في الْجَنَّةِ منَ الْخَيْرِ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ وَهَذَا تَأْوِيلٌ مِن سَعِيدٍ جَمَعَ بِهِ بَيْنَ حَدِيثَيْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم، فَلاَ تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا؛ لأَّنَّ النَّهَرَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْخَيْرِ الْكَثِيرِ، نَعَمْ ثَبَتَ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ نَهَرٌ مِنْ لَفْظِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَفِي مُسْلِمٍ مِن طَرِيقِ الْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ عنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: بَيْنَمَا نَحْنُ عندَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَغْفَى إِغْفَاءَةً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مُبْتَسِمًا فَقُلْنَا: مَا أَضْحَكَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ:« نَزَلَتْ عَلَيَّ سَوُرَةٌ» فَقَرَأَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} إِلَى آخِرِهَا ثُمَّ قَالَ:« أَتَدْرُونَ مَا الْكَوْثَرُ؟» قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ:« فَإِنَّهُ نَهَرٌ وَعَدَنِيهِ رَبِّي عَلَيْهِ خَيْرٌ كَثِيرٌ». فَالْمَصِيرُ إِلَيْهِ أَوْلَى. وَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مَزِيدُ بَحْثٍ لِذَلِكَ فِي كِتَابِ الرِّقَاقِ بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى. وَاشْتَمَلَتْ هذهِ السُّورَةُ معَ كَوْنِهَا أَقْصَرَ سُوَرِ الْقُرَآنِ عَلَى مَعَانٍ بَدِيعَةٍ وَأَسَالِيبَ بَلِيغَةٍ: إِسْنَادُ الْفِعْلِ لِلْمُتَكَلِّمِ الْمُعَظِّمِ نَفْسَهُ وَإِيرَادُهُ بِصيغَةِ الْمَاضِي تَحْقِيقًا لِوُقُوعِهِ كَأَتَى أَمْرُ اللَّهِ، وتأكيدُ الجملةِ بِإِنَّ، والإِتْيَانُ بِصِيغَةٍ تَدُلُّ عَلَى مُبَالَغَةِ الْكَثْرَةِ، وَالالْتِفَاتُ مِنْ ضَمِيرِ الْمُتَكَلِّمِ إِلَى الْغَائِبِ في قَوْلِهِ: لِرَّبِكَ). [إرشاد الساري: 7 / 435]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ): (حدّثنا عبد بن حميدٍ، قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، عن معمرٍ، عن قتادة، عن أنسٍ، في قوله تعالى: {إنّا أعطيناك الكوثر}؛ أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال:
«هو نهرٌ في الجنّة» قال: فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «رأيت نهرًا في الجنّة حافّتاه قباب اللّؤلؤ. قلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الكوثر الّذي أعطاكه اللّه»
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ). [سنن الترمذي: 5 / 306]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ): (حدّثنا أحمد بن منيعٍ، قال: حدّثنا سريج بن النّعمان، قال: حدّثنا الحكم بن عبد الملك، عن قتادة، عن أنسٍ، قال: قال رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم-:
«بينا أنا أسير في الجنّة، إذ عرض لي نهرٌ حافّتاه قباب اللّؤلؤ، قلت للملك: ما هذا؟ قال: هذا الكوثر الّذي أعطاكه اللّه، قال: ثمّ ضرب بيده إلى طينةٍ فاستخرج مسكًا، ثمّ رفعت لي سدرة المنتهى فرأيت عندها نورًا عظيمًا»
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
قد روي من غير وجهٍ عن أنسٍ). [سنن الترمذي: 5 / 306]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ): (حدّثنا هنّادٌ، قال: حدّثنا محمّد بن فضيلٍ، عن عطاء بن السّائب، عن محارب بن دثارٍ، عن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم-:
«الكوثر نهرٌ في الجنّة، حافّتاه من ذهبٍ، ومجراه على الدّرّ والياقوت، تربته أطيب من المسك، وماؤه أحلى من العسل، وأبيض من الثّلج»
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ). [سنن الترمذي: 5 / 307]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (حدثنا يوسف بن عديٍّ، قال: حدثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قول الله عز وجل: {إنا أعطيناك الكوثر} قال:
«حوض محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم الّذي في الجنّة»). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 106]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (أخبرنا عليّ بن حجرٍ، أخبرنا عليّ بن مسهرٍ، عن المختار بن فلفلٍ، عن أنس بن مالكٍ، قال: بينما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذات يومٍ بين أظهرنا في المسجد، إذ أغفى إغفاءةً، ثمّ رفع رأسه متبسّمًا، فقلت له: ما أضحكك يا رسول الله؟، قال: «نزلت عليّ آنفًا سورةٌ»، بسم الله الرّحمن الرّحيم، {إنّا أعطيناك الكوثر (1) فصلّ لربّك وانحر (2) إنّ شانئك هو الأبتر}، ثمّ قال: «هل تدرون ما الكوثر؟»، قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: « فإنّه نهرٌ وعدنيه ربّي في الجنّة، آنيته أكثر من عدد الكواكب، ترده عليّ أمّتي، فيختلج العبد منهم، فأقول: يا ربّ، إنّه من أمّتي، فيقول: إنّك لا تدري ما أحدث بعدك »). [السنن الكبرى للنسائي: 10/ 345]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (أخبرنا محمّد بن عبد الله بن عبد الحكم، عن شعيبٍ، حدّثنا اللّيث، عن ابن الهاد، عن عبد الوهّاب، عن عبد الله بن مسلمٍ، عن ابن شهابٍ، عن أنس بن مالكٍ، أنّ رجلًا جاء إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: يا رسول الله، ما الكوثر؟، قال: «نهرٌ أعطانيه ربّي في الجنّة، هو أشدّ بياضًا من اللّبن، وأحلى من العسل، فيه طيورٌ أعناقها كأعناق الجزر»، قال عمر رضي الله عنه: يا رسول الله، إنّها لناعمةٌ، قال: «آكلها أنعم منها»
- أخبرنا محمّد بن كاملٍ، أخبرنا هشيمٌ، عن أبي بشرٍ، وعطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، أنّه قال في الكوثر، قال: «هو الخير الكثير الّذي أعطاه الله تبارك وتعالى إيّاه»
- أخبرنا أحمد بن حربٍ، حدّثنا أسباطٌ، عن مطرّفٍ، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، قال: قلت لعائشة: ما الكوثر؟، قالت: «نهرٌ أعطيه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في بطنان الجنّة»، قلت: وما بطنان الجنّة؟، قالت: «وسطها، حافّتاه درٌّ مجوّفٌ»
- أخبرنا هنّاد بن السّريّ، عن عبيدة، عن حميدٍ الطّويل، عن أنس بن مالكٍ، وأخبرنا إسماعيل بن مسعودٍ، حدّثنا يزيد بن زريعٍ، عن حميدٍ، حدّثنا أنسٌ، قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: « دخلت الجنّة، فإذا أنا بنهرٍ حافّتاه اللّؤلؤ، فغرفت بيدي في مجرى مائه، وإذا مسكٌ أذفر، قلت: يا جبريل ما هذا؟، قال: هذا الكوثر الّذي أعطاكه الله »). [السنن الكبرى للنسائي: 10 /346-347]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ} يَا مُحَمَّدُ {الْكَوْثَرَ}.
واخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ في معنى الكَوْثَرِ؛ فقَالَ بَعْضُهُم: هو نَهْرٌ في الجَنَّةِ أَعْطَاهُ اللهُ نَبِيَّه محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ذكر من قال ذلك:
- حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قالَ: ثَنَا هُشَيْمٌ، قالَ: أَخْبَرَنَا عَطَاءُ بنُ السَّائِبِ، عن مُحَارِبِ بنِ دِثَارٍ، عن ابنِ عُمَرَ: أنَّه قالَ: الكَوْثَرُ: نَهْرٌ في الجَنَّةِ، حافَتَاهُ ذَهَبٍ وفِضَّةٍ، يَجْرِي على الدُّرِّ واليَاقُوتِ، ماؤُه أشَدُّ بَيَاضاً مِن اللَّبَنِ، وأحْلَى مِن العَسَلِ.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثَنَا جَرِيرٌ، عن عَطَاءٍ، عن مُحَارِبِ بنِ دِثَارٍ البَاهِلِيِّ، عن ابنِ عُمَرَ، في قَوْلِهِ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} قالَ: نَهْرٌ في الجَنَّة حافَتَاهُ الذَهَبُ، ومَجْرَاهُ على الدُّرِّ والياقوتِ، وماؤُه أشدُّ بياضاً مِن الثلْجِ، وأشدُّ حلاوَةً مِن العسلِ، وتُرْبَتُه أَطْيَبُ مِن رِيحِ المِسْكِ.
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ، قالَ: ثَنَا عُمَرُ بنُ عُبَيْدٍ، عن عَطَاءٍ، عن سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ، قالَ: الكوثَرُ: نَهْرٌ في الجَنَّةِ, حافَتَاهُ ذَهَبٍ وفِضَّةٍ, يَجْرِي على الياقوتِ والدرِّ، ماؤُه أبيضُ مِن الثلجِ، وأحلَى مِن العسلِ.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثَنَا يعقوبُ القُمِّيُّ، عن حَفْصِ بنِ حُمَيْدٍ، عن شِمْرِ بنِ عَطِيَّةَ، عن شَقِيقٍ أو مَسْرُوقٍ، قالَ: قلتُ لعائِشَةَ: يا أمَّ المُؤْمِنِينَ حدثيني عن الكوثر، قالت:
«نهر في بطنان الجنة». قلت: وما بُطْنَانُ الجنَّةِ؟ قالَتْ: «وَسَطُ الجنَّةِ: حافَتَاهُ قصورُ اللُّؤْلُؤِ واليَاقُوتِ، تُرابُه المِسْكُ، وحَصْبَاؤُهُ اللُّؤْلُؤُ والياقوتُ».
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي سُرَيْجٍ الرَّازِيُّ، قالَ: ثَنَا أبو النَّضْرِ وشَبَابَةُ، قالاَ: ثَنَا أبو جَعْفَرٍ الرازِيُّ، عن ابنِ أبي نَجِيحٍ، عن مُجَاهِدٍ، عن رَجُلٍ، عن عائِشَةَ, قالَت:
«الكَوْثَرُ: نَهْرٌ في الجَنَّةِ, ليسَ أحَدٌ يُدْخِلُ أُصْبُعَيْهِ في أُذُنَيْهِ إلا سَمِعَ خَرِيرَ ذلك النهْرِ».
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ، قالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عن أبي جَعْفَرٍ؛ وحَدَّثَنَا ابنُ أبي سُرَيْجٍ، قالَ: ثَنَا أبو نُعَيْمٍ، قالَ: أَخْبَرَنَا أبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عن ابنِ أبي نَجِيحٍ، عن أَنَسٍ، قالَ:
«الكَوْثَرُ: نَهْرٌ في الجنَّةِ».
قالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عن سُفْيَانَ، عن أبي إِسْحَاقَ، عن أبي عُبَيْدَةَ، عن عائِشَةَ, قالَت:
«الكَوْثَرُ نَهْرٌ في الجنَّةِ، دُرٌّ مُجَوَّفٌ».
قال: ثنا وَكِيعٌ، عن إِسْرَائِيلَ، عن أبي إِسْحَاقَ، عن أبي عُبَيْدَةَ، عن عائِشَةَ: الكَوْثَرُ:
«نَهْرٌ في الجنَّةِ، عليه مِن الآنِيَةِ عَدَدُ نجومِ السماءِ».
قالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عن أبي جَعْفَرٍ الرازِيِّ، عن ابنِ أبي نَجِيحٍ، عن عائِشَةَ, قالَت:
«مَن أحَبَّ أنْ يَسْمَعَ خَرِيرَ الكَوْثَرِ، فلْيَجْعَلْ أُصْبُعَيْهِ في أُذُنَيْهِ».
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عن سُفْيَانَ، عن أبي إِسْحَاقَ، عن أبي عُبَيْدَةَ، عن عائِشَةَ، قالت:
«نَهْرٌ في الجنَّةِ، شاطِئَاهُ الدرُّ المُجَوَّفُ».
قالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عن أبي مُعَاذٍ عِيسَى بنَ يَزِيدَ، عن أبي إِسْحَاقَ، عن أبي عُبَيْدَةَ، عن عائِشَةَ, قالَت:
«الكَوْثَرُ: نَهْرٌ في بُطْنَانِ الجنَّةِ: وَسَطُ الجَنَّةِ، فيه نهرٌ شاطِئَاهُ درٌّ مُجَوَّفٌ، فيه مِن الآنِيَةِ لأهلِ الجنَّةِ، مثلُ عَدَدِ نُجُومِ السماءِ».
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ، قالَ: ثَنِي أَبِي، قالَ: ثَنِي عَمِّي، قالَ: ثَنِي أَبِي، عن أبيه، عن ابنِ عبَّاسٍ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} قالَ:
«نهرٌ أعطاهُ اللهُ محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الجنَّةِ».
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي سُرَيْجٍ، قالَ: ثَنَا مَسْعَدَةُ، عن عبدِ الوَهَّابِ، عن مُجَاهِدٍ، قالَ:
«الكَوْثَرُ: نهرٌ في الجنَّةِ، تُرابُه مِسْكٌ أَذْفَرُ، وماؤُه الخَمْرُ».
- حَدَّثَنَا ابنُ أبي سُرَيْجٍ، قالَ: ثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، قالَ: أخْبَرَنَا أبو جَعْفَرٍ، عن الرَّبيعِ، عن أبي العَالِيَةِ، في قَوْلِهِ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} قالَ: نهرٌ في الجنَّةِ.
- حَدَّثَنَا الرَّبيعُ، قالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ، عن سليمانَ بنِ بلالٍ، عن شَرِيكِ بنِ أبي نَمِرٍ، قالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بنَ مالِكٍ يُحَدِّثُنَا، قالَ: لما أُسْرِيَ برسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مضَى به جبريلُ في السماءِ الدنيا، فإذا هو بنهرٍ، عليه قَصْرٌ مِن لُؤْلُؤٍ وزَبَرْجَدٍ، فذَهَبَ يَشُمُّ ترابَه، فإِذا هو مِسْكٌ، فقالَ:
«يا جِبْرِيلُ، ما هَذا النَّهْرُ؟» قالَ: هو الكَوْثَرُ الذي خَبَّأَ لَكَ رَبُّكَ.
وقالَ آخَرُونَ: عُنِيَ بالكوْثَرِ: الخَيْرُ الكَثِيرُ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قالَ: ثَنِي هُشَيْمٌ، قالَ: أَخْبَرَنَا أبو بِشْرٍ وَعَطَاءُ بنُ السَّائِبِ، عن سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ, أنَّه قالَ في الكوثرِ: «هو الخيرُ الكثيرِ الذي أعطاه اللهُ إيَّاه
». قالَ أبو بِشْرٍ: فقُلْتُ لسعيدِ بنِ جُبَيْرٍ: فإنَّ ناساً يَزْعُمُونَ أنَّه نهرٌ في الجنَّةِ، قالَ: فقالَ سعيدٌ:«النهرُ الذي في الجنَّةِ، مِن الخيرِ الذي أعْطَاهُ اللهُ إيَّاهُ».
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ، قالَ: ثَنَا إسماعيلُ بنُ إبراهيمَ، عن عَطَاءِ بنِ السائِبِ، قالَ: قالَ لي مُحَارِبُ بنُ دِثارٍ: ما قالَ سعيدُ بنُ جُبَيْرٍ في الكَوْثَرِ؟ قالَ: قُلْتُ: قالَ: قالَ ابنُ عبَّاسٍ:
«هو الخَيْرُ الكثيرُ». فقالَ: «صَدَقَ واللهِ».
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قالَ: ثَنَا عبدُ الرحمنِ، قالَ: ثَنَا سُفيانُ، عن عَطَاءِ بنِ السَّائِبِ، عن سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ، قالَ:
«الكوثرُ: الخيرُ الكثيرُ».
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قالَ: ثَنَا محمدُ بنُ جَعْفَرٍ، قالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عن أبي بِشْرٍ، قالَ: سَأَلْتُ سعيدَ بنَ جُبَيْرٍ، عن الكوْثَرِ، فقالَ:
«هو الخيرُ الكثيرُ الذي آتَاهُ اللهُ»، فقُلْتُ لسعيدٍ: إِنَّا كنَّا نَسْمَعُ أنَّه نهرٌ في الجنةِ. فقالَ: «هو الخَيْرُ الذي أعطاه اللهُ إيَّاه».
- حَدَّثَنَا ابنُ المُثَنَّى، قالَ: ثَنِي عبدُ الصَّمَدِ، قالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عن أبي بِشْرٍ، عن سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} قالَ:
«الخيرَ الكثيرَ».
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قالَ: ثَنَا محمدٌ، قالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عن عُمارَةَ بنِ أبي حَفْصَةَ، عن عِكْرِمَةَ، قالَ:
«هو النبُوَّةُ، والخيرُ الذي أعطاهُ اللهُ إيَّاه».
- حَدَّثَنَا ابنُ المُثَنَّى، قالَ: ثَنَا حَرَمِيُّ بنُ عُمَارَةَ، قالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، قالَ: أَخْبَرَنِي عُمَارَةُ، عن عِكْرِمَةَ في قَوْلِ اللهِ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} قالَ:
«الخيرَ الكثيرَ، والقرآنَ والحِكْمَةَ».
- حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قالَ: ثَنَا ابنُ عُلَيَّةَ، قالَ: ثَنَا عُمَارَةُ بنُ أَبِي حَفْصَةَ، عن عِكْرِمَةَ, أنَّه قالَ:
«الكوثرُ: الخيرُ الكثيرُ».
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عن سُفْيَانَ، عن عَطَاءِ بنِ السائِبِ، عن سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} قالَ: الخيرَ الكثيرَ.
قالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عن سُفْيَانَ، عن هلالٍ، قالَ: سأَلْتُ سعيدَ بنَ جُبَيْرٍ {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} قالَ: أكْثَرَ اللهُ له مِن الخيْرِ. قلْتُ: نهرٌ في الجنَّةِ؟ قالَ: نهرٌ وغيرُه.
- حَدَّثَنَا زكريَّا بنُ يَحْيَى بنِ أبي زَائِدَةَ، قالَ: ثَنَا أبو عاصِمٍ، عن عيسَى بنِ مَيْمُونٍ، عن ابنِ أبي نَجِيحٍ، عن مُجَاهِدٍ، قالَ: الكوثرُ: الخيرُ الكثيرُ.
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو، قالَ: ثَنَا أبو عاصم، قالَ: ثَنَا عيسى؛ وحَدَّثَنِي الحَارِثُ، قالَ: ثَنَا الحسَنُ، قالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعاً عن ابنِ أبي نَجِيحٍ، عن مُجَاهِدٍ، قالَ: الكوثرُ: الخيرُ الكثيرُ.
- حَدَّثَنِي الحَارِثُ، قالَ: ثَنَا الحسَنُ، قالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، عن مُجَاهِدٍ: الكوثرُ: قالَ: الخيرُ كلُّه.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عن سُفْيَانَ، عن ابنِ أبي نَجِيحٍ، عن مُجَاهِدٍ، قالَ: خيرُ الدنيا والآخِرَةِ.
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قالَ: ثَنَا سعيدٌ، عن قَتَادَةَ في الكوثرِ، قالَ: هو الخيرُ الكثيرُ.
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ، قالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عن سُفْيَانَ، عن عَطَاءِ بنِ السائِبِ، عن سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ، قالَ: الكوثرُ: الخيرُ الكثيرُ.
قالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عن بَدْرِ بنِ عُثْمَانَ، سَمِعَ عِكْرِمَةَ يقولُ في الكوْثَرِ: قالَ: ما أُعْطِيُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِن الخيْرِ والنبوَّةِ والقرآنِ.
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي سُرَيْجٍ الرازيُّ، قالَ: ثَنَا أبو داودَ، عن بَدْرٍ، عن عِكْرِمَةَ، قولَه: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} قالَ: الخيرَ الذي أعْطَاهُ اللهُ؛ النبوَّةَ والإسلامَ.
وقالَ آخَرُونَ: هو حَوْضٌ أُعْطِيَهُ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الجنةِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ، قالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عن فِطرٍ، عن عَطَاءٍ {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} قالَ: حوضٌ في الجَنَّةِ أُعْطِيَه رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي سُرَيْجٍ، قالَ: ثَنَا أبو نُعَيْمٍ، قالَ: ثَنَا فِطرٌ، قالَ: سَأَلْتُ عطاءً ونحنُ نطوفُ بالبيْتِ عن قولِه: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} قالَ: حوضٌ أُعْطِيَه رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وأَوْلَى هذه الأقوالِ بالصوابِ عندِي، قولُ مَن قالَ: هو اسمُ النهرِ الذي أُعْطِيَه رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الجنةِ، وَصَفَه اللهُ بالكثرةِ؛ لِعِظَمِ قَدْرِهِ.
وإنما قُلْنَا ذلك أَوْلَى الأقوالِ في ذلك بالصواب؛ لِتَتَابُعِ الأخبارِ عن رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بأنَّ ذلك كذلك.
ذِكْرُ الأخبارِ الواردةِ بذلك:
- حَدَّثَنَا أحمدُ بنُ المِقْدَامِ العَجْلِيُّ، قالَ: ثَنَا المُعْتَمِرُ، قالَ: سَمِعْتُ أبي يُحَدِّثُ عن قَتَادَةَ، عن أَنَسٍ, قالَ: لَمَّا عُرِجَ بنبيِّ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الجنةِ، أو كما قالَ، عُرِضَ له نهرٌ حافَتَاهُ الياقوتُ المُجَوَّفُ، أو قالَ: المُجَوَّبُ، فضَرَبَ المَلَكُ الذي معَه بيدِه فيه، فاسْتَخْرَجَ مِسْكاً، فقالَ محمدٌ للمَلَكِ الذي معَه: «مَا هَذَا؟». قالَ: هَذا الكوثرُ الذي أعْطَاكَ اللهُ. قالَ: ورُفِعَتْ له سِدْرَةُ المُنْتَهَى، فأُبْصِرَ عندَها أَثَراً عَظِيماً. أو كمَا قالَ.
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قالَ: ثَنَا سعيدٌ، عن قَتَادَةَ، عن أَنَسٍ، أن رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قالَ:
«بَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ فِي الْجَنَّةِ، إِذْ عَرَضَ لِيَ نَهْرٌ، حَافَتَاهُ قِبَابُ اللُّؤْلُؤِ المُجَوَّفِ، فَقَالَ الْمَلَكُ الَّذِي مَعَهُ: أَتَدْرِي مَا هَذَا؟ هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِي أَعْطَاكَ اللهُ إِيَّاهُ، وَضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَى أَرْضِهِ، فَأَخْرَجَ مِنْ طِينِهِ الْمِسْكَ»
- حَدَّثَنِي ابنُ عَوْفٍ، قالَ: ثَنَا آدَمُ، قالَ: ثَنَا شَيْبانُ، عن قَتَادَةَ، عن أَنَسٍ, قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
«لَمَّا عُرِجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ، أَتَيْتُ عَلَى نَهْرٍ حَافَتَاهُ قِبَابُ اللُّؤْلُؤِ الْمُجَوَّفِ، قُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟» قَالَ: هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِي أَعْطَاكَ رَبُّكَ، فَأَهْوَى الْمَلَكُ بِيَدِهِ، فَاسْتَخْرَجَ طِينَةً مِسْكاً أَذْفَرَ
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قالَ: ثَنَا ابنُ أبي عَدِيٍّ، عن حُمَيْدٍ، عن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «دَخَلْتُ الْجَنَّةَ، فَإِذَا أَنَا بِنَهْرٍ حَافَتَاهُ خِيامُ اللُّؤْلُؤِ، فَضَرَبْتُ بِيَدِي إِلَى مَا يَجْرِي فِيهِ، فَإِذَا مِسْكٌ أَذْفَرُ, قالَ: قُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِي أَعْطَاكَهُ اللهُ».
- حَدَّثَنَا ابنُ المُثَنَّى، قالَ: ثَنَا عبدُ الصَّمَدِ، قالَ: ثَنَا هَمَّامٌ، قالَ: ثَنَا قَتَادَةُ، عن أَنَسٍ، قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فذَكَرَ نَحوَ حَدِيثِ يَزِيدَ، عن سعيدٍ الذي حَدَّثَنَا بِشْرٌ.
- حدثَنَا أحمدُ بنُ أبي سُرَيْجٍ، قالَ: ثَنَا أبو أيُّوبَ العبَّاسُ، قالَ: ثَنَا إبراهيمُ بنُ سَعْدٍ، قالَ: ثَني محمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ مُسلمٍ ابنِ أَخْي ابنِ شِهابٍ، عن أبيه، عن أَنَسٍ، قالَ: سُئِلَ رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن الكَوْثَرِ، فقالَ:
«هُوَ نَهْرٌ أَعْطَانِيهِ اللهُ فِي الْجَنَّةِ، تُرَابُهُ مِسْكٌ أَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، تَرِدُهُ طَيْرٌ أَعْنَاقُهَا مِثْلُ أَعْنَاقِ الْجُزُرِ». قالَ أبو بكْرٍ: يا رسولَ اللهِ، إِنَّها لناعِمَةٌ؟ قالَ: «آكِلُهَا أَنْعَمُ مِنْهَا».
- حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بنُ أَسْلَمَ، قالَ: أخْبَرَنا النضر قال: أخبرنا محمدُ بنُ عَمْرِو بنِ عَلْقَمَةَ بنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيُّ، عن كَثِيرٍ، عن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
«دَخَلْتُ الْجَنَّةَ حِينَ عُرِجَ بِي، فَأُعْطِيتُ الْكَوْثَرَ، فَإِذَا هُوَ نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ، عُضَادَتَاهُ بُيوتٌ مُجَوَّفَةٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ».
- حَدَّثَنِي محمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عبدِ الحَكَمِ، قالَ: ثَنَا أبي وشُعَيْبُ بنُ اللَّيْثِ، عن اللَّيْثِ، عن يزيدَ بنِ الهَادِ، عن عبدِ اللهِ بنِ مُسْلِمِ بنِ شِهَابٍ، عن أَنَسٍ: أنَّ رجلاً جاءَ إلى النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقالَ: يا رسولَ اللهِ، ما الكوثرُ؟ قالَ:
«نَهْرٌ أَعْطَانِيهِ اللهُ فِي الْجَنَّةِ، لَهُوَ أَشَدُّ بَيَاضاً مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، فِيهِ طُيُورٌ أَعْنَاقُهَا كَأَعْنَاقِ الْجُزُرِ». قالَ عمرُ: يا رسولَ اللهِ, إنَّها لناعِمَةٌ. قالَ: «آكِلُهَا أَنْعَمُ مِنْهَا».
- حَدَّثَنَا يُونُسُ، قالَ: ثَنَا يَحْيَى بنُ عبدِ اللهِ، قالَ: ثَنِي اللَّيْثُ، عن ابنِ الهادِ، عن عبدِ الوَهَّابِ, عن عبدِ اللهِ بنِ مُسْلِمِ بنِ شِهابٍ، عن أَنَسٍ، أن رجلاً جاءَ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذَكَرَ مِثْلَه.
- حَدَّثَنَا عمرُ بنُ عثمانَ بنِ عبدِ الرحمنِ الزُّهْرِيُّ, أن أخاه عبدَ اللهِ، أخْبَرَه أن أنَسَ بنَ مَالِكٍ صَاحِبَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَه: أنَّ رجلاً سَأَلَ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقالَ: ما الكوثرُ؟ فقالَ رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «هُوَ نَهْرٌ أَعْطَانِيهِ اللهُ فِي الْجَنَّةِ، مَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، فِيهِ طُيُورٌ أَعْنَاقُهَا كَأَعْنَاقِ الْجُزُرِ». فقالَ عمرُ: إنها لناعِمَةٌ يا رسولَ اللهِ. فقالَ: «آكِلُهَا أَنْعَمُ مِنْهَا».
فقالَ عمرُ بنُ عثمانَ: قالَ ابنُ أبي أُوَيْسٍ؛ وحدَّثَنِي أَبِي، عن ابنِ أخي الزُّهْرِيِّ، عن أبيه، عن أَنَسٍ، عن النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الكوْثَرِ، مِثْلَه.
- حَدَّثَنَا ابنُ المُثَنَّى، قالَ: ثَنَا ابنُ فُضَيْلٍ، قالَ: ثَنَا عطاءٌ، عن مُحَارِبِ بنِ دِثَارٍ، عن ابنِ عُمَرَ، قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
«الْكَوْثَرُ نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ، حَافَتَاهُ مِنْ ذَهَبٍ، وَمَجْرَاهُ عَلَى الْيَاقُوتِ وَالدُّرِّ، تُرْبَتُهُ أَطْيَبُ مِنَ الْمِسْكِ، مَاؤُهُ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَأَشَدُّ بَيَاضاً مِنَ الثَّلْجِ».
- حَدَّثَني يعقوبُ، قالَ: ثَنَا ابنُ عُلَيَّةَ، قالَ: أَخْبَرَنَا عَطَاءُ بنُ السَّائِبِ، قالَ: قالَ لي مُحَارِبُ بنُ دِثَارٍ: ما قالَ سعيدُ بنُ جُبَيْرٍ في الكوْثَرِ؟ قلتُ: - حَدَّثْنَا عن ابنِ عبَّاسٍ، أنَّه قالَ: هو الخيرُ الكثيرُ. فقالَ: صَدَقَ واللهِ، إنَّه للخيْرُ الكثيرُ، ولكن حَدَّثَنَا ابنُ عمرَ، قالَ: لما نَزَلَتْ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} قالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
«الْكَوْثَرُ نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ، حَافَتَاهُ مِنْ ذَهَبٍ، يَجْرِي عَلَى الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ».
- حَدَّثَنَا ابنُ عبْدِ الأعلَى، قالَ: ثَنَا ابنُ ثَوْرٍ، عن مَعْمَرٍ، عن قَتَادَةَ، عن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، أن النبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالَ:
«الْكَوْثَرُ نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ». قالَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «رَأَيْتُ نَهْراً حَافَتَاهُ اللُّؤْلُؤُ، فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ مَا هَذَا؟ قَالَ: هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِي أَعْطَاكَهُ اللهُ».
- حَدَّثَنَا ابنُ البَرْقِيِّ، قالَ: ثَنَا ابنُ أَبِي مَرْيَمَ، قالَ: ثَنَا محمدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ أبي كَثيرٍ، قالَ: أخْبَرَنَا حَرَامُ بنُ عثمانَ، عن عبدِ الرحمنِ الأَعْرَجِ، عن أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ, أن رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أتَى حَمْزَةَ بنَ عبدِ المُطَّلِبِ يَوْماً، فلم يَجِدْه، فسأَلَ امْرَأَتَه عنه، وكانَت مِن بَنِي النَّجَّارِ، فقالَت: خَرَجَ، بأبي أنْتَ آنِفاً عَامِداً نَحْوَكَ، فأَظُنُّه أخْطَأَكَ في بعضِ أزِقَّةِ بَنِي النجَّارِ، أَوَلاَ تَدْخُلُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فدَخَلَ، فقَدَّمَتْ إِليه حَيْساً، فأَكَلَ مِنه، فقَالَتْ: يا رسولَ اللهِ، هَنِيئاً لَكَ وَمَرِيئاً، لقد جِئْتَ وإني لأريدُ أنْ آتيَكَ فأَهْنِيَكَ وأَمْرِيَكَ, أَخْبَرَنِي أبو عمَارَةَ أنَّكَ أُعْطِيتَ نَهْراً في الجَنَّةِ يُدْعَى الكوثرَ. فقالَ:
«أَجَلْ، وَعَرْضُهُ -يعني: أرْضُه- يَاقُوتٌ ومَرْجَانٌ وَزَبَرْجَدٌ وَلُؤْلُؤٌ» ). [جامع البيان: 24 / 679-690]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم، قال: ثنا آدم، قال: ثنا شيبان، عن قتادة، عن أنس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما عرج بي إلى السماء
«أتيت على نهر حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف فقلت ما هذا يا جبريل قال هذا الكوثر الذي أعطاك ربك فأهوى الملك بيده واستخرج من طينه مسكا أذفر»). [تفسير مجاهد: 2 /789]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (حدثنا إبراهيم قال: حدثنا آدم قال: حدثنا ورقاء، عن عطاء بن السائب، عن محارب بن دثار، عن ابن عمر، قال: لما نزلت إنا أعطيناك الكوثر قال لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
«هو نهر في الجنة حافتاه من ذهب يجري على الدر والياقوت تربته أطيب ريحا من المسك وماؤه أشد بياضا من الثلج وطعمه أشد حلاوة من العسل»). [تفسير مجاهد: 2 /789]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (حدثنا إبراهيم، قال: ثنا آدم، قال: حدثنا عيسى ابن ميمون، قال: حدثنا محمد بن كعب القرظي، عن ابن عباس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
«أوتيت الكوثر أنيته عدد النجوم».
- حدثنا إبراهيم قال: حدثنا آدم، قال: حدثنا عيسى ابن ميمون، عن القاسم بن محمد، عن عائشة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مثله). [تفسير مجاهد: 2/ 790]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (حدثنا إبراهيم، قال: حدثنا آدم ،قال: حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، قال: سألت عائشة أم المؤمنين عن الكوثر فقالت: هو نهر أعطي نبيكم -صلى الله عليه وسلم- في الجنة شاطئاه در مجوف عليه من الآنية عدد النجوم).[تفسير مجاهد: 2/ 790]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (حدثنا إبراهيم ،قال: حدثنا آدم، قال: حدثنا هشيم عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال الكوثر: الخير الكثير.
- حدثنا إبراهيم قال: حدثنا آدم، قال: حدثنا ورقاء عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مثله). [تفسير مجاهد: 2/ 790]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (حدثنا إبراهيم قال: حدثنا آدم، قال: حدثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: الكوثر الخير كله). [تفسير مجاهد: 2/ 790-791]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا الشّيخ أبو بكر بن إسحاق، وعليّ بن حمشاذ العدل، وأحمد بن يعقوب الثّقفيّ، وعمرو بن محمّد بن الحسن، قالوا: ثنا عمر بن حفصٍ السّدوسيّ، ثنا عاصم بن عليٍّ، ثنا أبو أويسٍ، عن الزّهريّ، عن أخيه عبد اللّه بن مسلم بن شهابٍ، عن أنس بن مالكٍ رضي اللّه عنه، قال: سئل رسول اللّه -صلّى الله عليه وسلّم-، عن الكوثر فقال: «هو نهرٌ أعطانيه اللّه في الجنّة ترابها مسكٌ أبيض من اللّبن وأحلى من العسل يرده طائرٌ أعناقها مثل أعناق الجزر»، فقال أبو بكرٍ رضي اللّه عنه: يا رسول اللّه، إنّها لناعمةٌ. فقال: «أكلها أنعم منها» قد أخرج مسلمٌ هذا الحديث من حديث عبد الواحد بن زيادٍ، عن المختار بن فلفلٍ، عن أنسٍ " لمّا أنزلت {إنّا أعطيناك الكوثر} أتمّ وأطول منها لكنّي أخرجته في أفراد عاصم بن عليٍّ، فإنّ أبا أويسٍ ثقةٌ، ولا يحفظ للزّهريّ، عن أخيه عبد اللّه حديثًا مسندًا والمشهور هذا من حديث محمّد بن عبد اللّه بن مسلمٍ، عن أبيه). [المستدرك: 2 / 585]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرني إبراهيم بن عصمة بن إبراهيم العدل، ثنا أبي، ثنا يحيى بن يحيى، أنبأ هشيمٌ، أنبأ أبو بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، {إنّا أعطيناك الكوثر} قال: «الكوثر الخير الكثير الّذي أعطاه اللّه إيّاه» قال أبو بشرٍ: فقلت لسعيدٍ: إنّ أناسًا يزعمون أنّه نهرٌ في الجنّة. فقال: «والنّهر من الخير الكثير» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه، فأمّا قوله عزّ وجلّ {فصلّ لربّك وانحر} [الكوثر: 2] فقد اختلف الصّحابة في تأويلها وأحسنها ما روي عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه في روايتين الأولى منهما ما
- حدّثناه عليّ بن حمشاذ العدل، ثنا هشام بن عليٍّ، ومحمّد بن أيّوب، قالا: ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا حمّاد بن سلمة، عن عاصمٍ الجحدريّ، عن عقبة بن صهبان، عن عليٍّ رضي اللّه عنه، {فصلّ لربّك وانحر} [الكوثر: 2] قال: «هو وضعك يمينك على شمالك في الصّلاة» والرّواية الثّانية
- حدّثناه أبو محمّدٍ عبد الرّحمن بن حمدان الجلّاب بهمدان، ثنا أبو حاتمٍ محمّد بن إدريس الرّازيّ، ثنا وهب بن أبي مرحومٍ، ثنا إسرائيل بن حاتمٍ، عن مقاتل بن حيّان، عن الأصبغ بن نباتة، عن عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه، قال: لمّا نزلت هذه الآية على رسول اللّه -صلّى الله عليه وسلّم- {إنّا أعطيناك الكوثر (1) فصلّ لربّك وانحر} [الكوثر: 2] قال النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: «يا جبريل، ما هذه النّحيرة الّتي أمرني بها ربّي؟» قال: إنّها ليست بنحيرةٍ ولكنّه يأمرك إذا تحرّمت للصّلاة أن ترفع يديك إذا كبّرت، وإذا ركعت، وإذا رفعت رأسك من الرّكوع فإنّها صلاتنا وصلاة الملائكة الّذين في السّماوات السّبع. قال النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: «رفع الأيدي من الاستكانة الّتي قال اللّه عزّ وجلّ: {فما استكانوا لربّهم وما يتضرّعون} [المؤمنون: 76] »). [المستدرك: 2 / 586]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ م ت د س) أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يومٍ بين أظهرنا في المسجد، إذ أغفى إغفاءة، ثم رفع رأسه متبسّماً، فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟ قال: «نزلت عليّ آنفاً سورةٌ، فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم {إنا أعطيناك الكوثر (1) فصلّ لربّك وانحر (2) إن شانئك هو الأبتر} [الكوثر: 1- 3] ثم قال: أتدرون ما الكوثر؟ فقلنا: الله ورسوله أعلم، قال: فإنه نهرٌ وعدنيه ربّي عزّ وجلّ، عليه خيرٌ كثيرٌ، هو حوضٌ ترد عليه أمّتي يوم القيامة، آنيته عدد نجوم السماء فيختلج العبد منهم، فأقول: ربّ، إنه من أمّتي، فيقول: ما تدري ما أحدث بعدك؟».
وفي رواية نحوه، وفيه إنه نهرٌ وعدنيه ربّي في الجنّة، عليه حوضي ولم يذكر: «آنيته عدد النّجوم». هذه رواية مسلم.
وقد أخرجه هو أيضاً، والبخاري مختصراً، قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «ليردنّ عليّ الحوض رجالٌ ممّن صاحبني، حتى إذا رأيتهم ورفعوا إليّ: اختلجوا دوني، فلأقولنّ، أي ربّ، أصيحابي، أصيحابي، فليقالنّ لي، إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك».
وفي رواية للبخاري: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لمّا عرج بي إلى السّماء، أتيت على نهرٍ حافتاه قباب اللّؤلؤ المجوّف، فقلت: ما هذا يا جبريل؟» قال: الكوثر.
وفي أخرى له، قال: «بينا أنا أسير في الجنّة، إذا أنا بنهرٍ حافتاه قباب اللّؤلؤ المجوّف، قلت: ما هذا يا جبريل؟» قال: الكوثر الذي أعطاك ربّك، فإذا طيبه - أو طينه - مسكٌ أذفر، شكّ الراوي.
وأخرجه الترمذي قال: بينا أنا أسير في الجنّة إذ عرض لي نهرٌ حافتاه قباب اللؤلؤ، قلت للملك: ما هذا؟ قال: هذا الكوثر الذي أعطاكه الله، قال: ثم ضرب بيده إلى طينه، فاستخرج لي مسكاً، ثم رفعت لي سدرة المنتهى، فرأيت عندها نوراً عظيماً.
وله في أخرى: في قوله: {إنا أعطيناك الكوثر} أنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال:
«هو نهرٌ في الجنة»، قال: فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «رأيت نهراً في الجنة، حافتاه قباب اللّؤلؤ، قلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الكوثر الذي أعطاكه الله».
وأخرجه أبو داود مثل رواية مسلم الأولى إلى قوله: عليه خيرٌ كثير.
وفي أخرى له: «أنّه نهرٌ وعدنيه ربّي في الجنة». ولم يذكر الإغفاء، ولا أنه «كان بين أظهرنا في المسجد».
وفي أخرى له: لما عرج بنبيّ الله في الجنّة - أو كما قال: - عرض له نهرٌ في الجنّة، حافتاه الياقوت المجيّب - أو قال: المجوّف - فضرب الملك الذي معه يده، فاستخرج مسكاً، فقال محمد صلى الله عليه وسلم للملك الذي معه: ما هذا: قال:« الكوثر الذي أعطاكه الله».
وأخرجه النسائي بنحوٍ من هذه الروايات المذكورة.
[شرح الغريب]
(آنفاً) يعني الآن والساعة.
(الأبتر) المقطوع النسل الذي لا ولد له، وقيل: المنقطع من كل خير.
والشانئ: المبغض والعدو.
(فيختلج) الاختلاج: الاستلاب والاجتذاب.
(المجيّب) الذي جاء في كتاب البخاري «المجوف» ومعناه ظاهر، يعني أنها قباب مجوفة من لؤلؤ، والذي جاء في كتاب أبي داود «المجيب» أو «المجوف» كذا جاء بالشك فإن كان بالفاء: فهو كما سبق.
والذي رأيته في كتاب الخطابي «المجيّب» - أو «المجوف» - بالباء، وقال معناه، الأجوف، وأصله من جبت الشيء: إذا قطعته، والشيء، مجيّب ومجوّب، كما قالوا: مشوّب ومشيّب، وانقلاب الياء عن الواو كثير في كلامهم. كذا فسره الخطابي رحمه الله تعالى). [جامع الأصول: 2 / 435-438]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ) أبو بشر جعفر بن إياس اليشكري -رحمه الله-: عن سعيد بن جبير، عن ابن عباسٍ، قال في الكوثر: هو الخير الذي أعطاه الله إيّاه، قلت لسعيدٍ: فإنّ ناساً يزعمون أنّه نهرٌ في الجنة؟ فقال سعيد: النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه. أخرجه البخاري). [جامع الأصول: 2 / 438]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت) عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «الكوثر: نهرٌ في الجنّة حافتاه من ذهبٍ، ومجراه على الدّرّ والياقوت، تربته أطيب من المسك، وماؤه أحلى من العسل، وأبيض من الثّلج». أخرجه الترمذي). [جامع الأصول: 2 / 439]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ) عائشة - رضي الله عنها -: قال عامر بن عبد الله بن مسعودٍ سألت عائشة عن قوله تعالى: {إنا أعطيناك الكوثر} فقالت: الكوثر نهر أعطيه نبيّكم، شاطئاه عليه درٌّ مجوّفٌ، آنيته كعدد النجوم. أخرجه البخاري). [جامع الأصول: 2 / 439]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (وعن حُذَيْفَةَ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} قالَ: نَهَرٌ في الجنَّةِ أَجْوَفُ، فيه آنِيَةٌ من الذهَبِ والفِضَّةِ، لا يَعْلَمُه إلاَّ اللهُ.
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ في الأوسطِ، وإسنادُه حَسَنٌ). [مجمع الزوائد: 7 / 143]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (فيه حديث ابن عبّاسٍ وسيأتي في صفة الجنّة.
- قال أبو بكر بن أبي شيبة: ثنا عبد الوهّاب، عن حميدٌ، عن أنسٍ- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-: «دخلت الجنة فإذا أنا بنهر يجري، حافتاه خيام اللّؤلؤ، قال: فضربت بيدي إلى الطّين، فإذا مسكٌ أذفر، فقلت: يا جبريل، ما هذا؟» قال: هذا الكوثر الّذي أعطاك اللّه".
قلت: رواه النّسائيّ في التّفسير من طريق عبيدة، عن حميدٍ به). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6 / 305]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ الطَّسْتِيُّ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ نَافِعَ بْنَ الأزرقِ قَالَ لَهُ: أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى -عَزَّ وَجَلَّ-: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}، قَالَ: نَهْرٌ فِي بُطْنَانِ الْجَنَّةِ, حَافَتَاهُ قِبَابُ الدُّرِّ وَاليَاقُوتِ، فِيهِ أَزْوَاجُهُ وَخَدَمُهُ. قَالَ: وَبِأَيِّ شَيْءٍ ذُكِرَ ذَلِكَ؟
قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ بَابَ الصَّفَا فَاسْتَقْبَلَهُ الْعَاصِي بْنُ وَائِلٍ السَّهْمِيُّ، فَرَجَعَ الْعَاصِي إِلَى قُرَيْشٍ، فَقَالَتْ لَهُ قُرَيْشٌ: مَنِ اسْتَقْبَلَكَ يَا أَبَا عَمْرٍو آنِفاً؟
قَالَ: ذَلِكَ الأَبْتَرُ، يُرِيدُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ السُّورَةَ {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ}. يَعْنِي: عَدُوَّكَ الْعَاصِي بْنَ وَائِلٍ الأَبْتَرُ مِن الْخَيْرِ، لا أُذْكَرُ فِي مَكَانٍ إِلاَّ ذُكِرْتَ مَعِي يَا مُحَمَّدُ، فَمَنْ ذَكَرَنِي وَلَمْ يَذْكُرْكَ لَيْسَ لَهُ فِي الْجَنَّةِ نَصِيبٌ. قَالَ: وَهَلْ تَعْرِفُ الْعَرَبُ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ أَمَا سَمِعْتَ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ يَقُولُ:
وَحَبَاهُ الإِلَهُ بِالْكَوْثَرِ الأَكْ.......بَــرِ فِيهِ النَّعِيمُ وَالْخَيْرَاتُ).
[الدر المنثور: 15 / 695-696]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وأحمدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ والنَّسَائِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ مَرْدُويَهْ والبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: أَغْفَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِغْفَاءَةً، فَرَفَعَ رَأْسَهُ مُتْبَسِّماً فَقَالَ: «إِنَّهُ أنْزِلَتْ عَلَيَّ آنِفاً سُورَةٌ». فَقَرَأَ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}». حَتَّى خَتَمَهَا، قَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ مَا الْكَوْثَرُ؟» قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «هُوَ نَهْرٌ أَعْطَانِيهِ رَبِّي فِي الْجَنَّةِ، عَلَيْهِ خَيْرٌ كَثِيرٌ، تَرِدُ عليهِ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، آنِيَتُهُ عَدَدُ الْكَوَاكِبِ، يُخْتَلَجُ الْعَبْدُ مِنْهُمْ فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، إِنَّهُ مِنْ أُمَّتِي. فَيُقَالُ: إِنَّكَ لا تَدْرِي مَا أَحْدَثَ بَعْدَكَ».
وَأَخْرَجَه مُسْلِمٌ والبَيْهَقِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِلَفْظِ: ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَرَأَ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ. قَالَ البَيْهَقِيُّ: والمشهورُ فِيمَا بَيْنَ أَهْلِ التفاسيرِ والمَغَازِي أَنَّ هَذِهِ السُّورَةَ مَكِّيَّةٌ، وَهَذَا اللَّفْظُ لا يُخَالِفُهُ فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ أَوْلَى). [الدر المنثور: 15 / 697]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ والحاكمُ وصَحَّحَهُ وَابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَرَأَ: (إِنَّا أَنْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) ). [الدر المنثور: 15 / 697]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُعْطِيتُ الْكَوْثَرَ فَإِذَا هُوَ نَهْرٌ يَجْرِي وَلَمْ يُشَقَّ شَقًّا، وَإِذَا حَافَتَاهُ قِبَابُ اللُّؤْلُؤِ، فَضَرَبْتُ بِيَدِي إِلَى تُرْبَتِهِ فَإِذَا هُوَ مِسْكَةٌ ذَفِرَةٌ وَإِذَا حَصَاهُ اللُّؤْلُؤُ» ). [الدر المنثور: 15 / 697]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ الطيالسيُّ وَابْنُ أَبِي شيبةَ وأحمدُ والبخاريُّ ومسلمٌ والترمذيُّ والنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وابنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَإِذَا أَنَا بِنَهْرٍ حَافَتَاهُ خِيَامُ اللُّؤْلُؤِ، فَضَرَبْتُ بِيَدِي إِلَى مَا يَجْرِي فِيهِ الْمَاءُ، فَإِذَا مِسْكٌ أَذْفَرُ. قُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟» قَالَ: هَذَا الكوثرُ الَّذِي أَعْطَاكَهُ اللَّهُ). [الدر المنثور: 15 / 698]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ والترمذيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ والحاكمُ وَابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَا الكوثرُ؟ قَالَ: «نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ أَعْطَانِيهِ رَبِّي, لَهُوَ أَشَدُّ بَيَاضاً مِن اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، فِيهِ طُيُورٌ أَعْنَاقُهَا كَأَعْنَاقِ الْجُزُرِ». قَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهَا لَنَاعِمَةٌ. قَالَ: «آكِلُهَا أَنْعَمُ مِنْهَا يَا عُمَرُ» ). [الدر المنثور: 15 / 698]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «قَدْ أُعْطِيتُ الْكَوْثَرَ». فقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَا الكوثرُ؟ قَالَ: «نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ عَرْضُهُ وَطُولُهُ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، لا يَشْرَبُ مِنْهُ أَحَدٌ فَيَظْمَأُ، وَلا يَتَوَضَّأُ مِنْهُ أَحَدٌ فَيَشْعَثَََ أَبَداً، لا يَشْرَبُ مِنْهُ مَنْ أَخْفَرَ ذِمَّتِي وَلا مَنْ قَتَلَ أَهْلَ بَيْتِي» ). [الدر المنثور: 15 / 698-699]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شيبةَ وأحمدُ والترمذيُّ وصَحَّحَهُ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السائبِ قَالَ: قَالَ مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ: مَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ فِي الكوثرِ؟ قُلْتُ: حَدَّثَنَا عَن ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: هُوَ الْخَيْرُ الْكَثِيرُ. فَقَالَ: صَدَقْتَ وَاللَّهِ إِنَّهُ لَلْخَيْرُ الْكَثِيرُ، وَلَكِنْ حَدَّثَنَا ابْنُ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}, قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «الْكَوْثَرُ نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ حَافَتَاهُ مِنْ ذَهَبٍ، يَجْرِي عَلَى الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ، تُرْبَتُهُ أَطْيَبُ مِنَ الْمِسْكِ، وَمَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضاً مِن اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ» ). [الدر المنثور: 15 / 699]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شيبةَ والبخاريُّ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا سُئِلَتْ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}، قَالَتْ: «هُوَ نَهْرٌ أُعْطِيَهُ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بُطْنَانِ الْجَنَّةِ، شَاطِئَاهُ عَلَيْهِ دُرٌّ مُجَوَّفٌ، فِيهِ مِنَ الآنِيَةِ وَالأَبَارِيقِ عَدَدُ النُّجُومِ»). [الدر المنثور: 15 / 699]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ مَرْدُويَهْ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}، قَالَ: الْخَيْرَ الْكَثِيرَ. قَالَ: وَقَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ. وَقَالَتْ عَائِشَةُ: «هُوَ نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ لَيْسَ أَحَدٌ يُدْخِلُ أُصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ إِلاَّ سَمِعَ خَرِيرَ ذَلِكَ النَّهْرِ»). [الدر المنثور: 15 / 700]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أُوتِيتُ الْكَوْثَرَ، آنِيَتُهُ عَدَدُ النُّجُومِ».
وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ عَائِشَةَ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ). [الدر المنثور: 15 / 700]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}، قَالَ: نَهْرٌ أَعْطَاهُ اللَّهُ مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَنَّةِ). [الدر المنثور: 15 / 700]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الكوثرُ نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ، حَافَتَاهُ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ، يَجْرِي عَلَى الياقوتِ والدُّرِّ، مَاؤُهُ أَبْيَضُ مِن الثَّلْجِ وأَحْلَى مِن العَسَلِ). [الدر المنثور: 15 / 700]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}، قَالَ: نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ عُمْقُهُ سَبْعُونَ أَلْفَ فَرْسَخٍ، مَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضاً مِن اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِن العسلِ، شَاطِئَاهُ الدُّرُّ وَالْيَاقُوتُ والزَّبَرْجَدُ، خَصَّ اللَّهُ بِهِ نَبِيَّهُ مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُونَ الأنبياءِ). [الدر المنثور: 15 / 700]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ والحاكمُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَن ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: الكوثرُ الْخَيْرُ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ. قَالَ أَبُو بِشْرٍ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: فَإِنَّ نَاساً يَزْعُمُونَ أَنَّهُ نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ. قَالَ: النهرُ الَّذِي فِي الْجَنَّةِ مِن الْخَيْرِ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ). [الدر المنثور: 15 / 701]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الأَوْسَطِ بإسْنادٍ حَسَنٍ عَنْ حُذَيْفَةَ فِي قَوْلِهِ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}، قَالَ: نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ أَجْوَفُ فِيهِ آنيةٌ مِن الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لا يَعْلَمُهَا إِلاَّ اللَّهُ). [الدر المنثور: 15 / 701]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَتَى حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَوْماً فَلَمْ يَجِدْهُ، فَسَأَلَ امْرَأَتَهُ عَنْهُ؟ فَقَالَتْ: خَرَجَ آنِفاً, أَوَلا تَدْخُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَدَخَلَ فَقَدَّمَتْ لَهُ حَيْساً فَأَكَلَ، فَقَالَتْ: هَنِيئاً لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَرِيئاً، لَقَدْ جِئْتَ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ آتِيَكَ فَأُهَنِّيَكَ وأُمْرِيَكَ أَخْبَرَنِي أَبُو عُمَارَةَ أَنَّكَ أُعْطِيتَ نَهْراً فِي الْجَنَّةِ يُدْعَى الكوثرَ. فَقَالَ: «أَجَلْ وَأَرْضُهُ يَاقُوتٌ وَمَرْجَانٌ وَزَبَرْجَدٌ وَلُؤْلُؤٌ» ). [الدر المنثور: 15 / 701]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ عَمْرِو بْنِ شعيبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ, أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الكوثرُ؟ قَالَ: «هُوَ نَهْرٌ مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ أَعْطَانِيهِ اللَّهُ، عَرْضُهُ مَا بَيْنَ أيْلَةَ وَعَدَنٍ».
قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَهُ طِينُ أَوْ حَالٍ؟.
قَالَ: «نَعَم الْمِسْكُ الأَبْيَضُ».
قَالَ: أَلَهُ رَضْرَاضٌ وَحَصًى؟
قَالَ: «نَعَمْ رَضْرَاضُهُ الْجَوْهَرُ وَحَصْبَاؤُهُ اللُّؤْلُؤُ».
قَالَ: أَلَهُ شَجَرٌ؟
قَالَ: «نَعَمْ حَافَتَاهُ قُضْبَانُ ذَهَبٍ رَطْبَةٌ شَارِعَةٌ عَلَيْهِ».
قَالَ: لِتِلْكَ القُضْبَانِ ثِمَارٌ؟
قَالَ: «نَعَمْ تُنْبِتُ أَصْنَافَ الْيَاقُوتِ الأَحْمَرِ وَالزَّبَرْجَدِ الأَخْضَرِ، فِيهِ أَكْوَابٌ وَآنِيَةٌ وَأَقْدَاحٌ تَسْعَى إِلَى مَنْ أَرَادَ أَنْ يَشْرَبَ مِنْهَا، مُنْتَشِرَةٌ فِي وَسَطِهِ كَأَنَّهَا الْكَوْاكَبُ الدُّرِّيُّةُ» ). [الدر المنثور: 15 / 701-702]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَن الضَّحَّاكِ فِي قَوْلِهِ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}؛ قَالَ: نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ حَافَتَاهُ قِبَابُ الدُّرِّ، فِيهِ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ). [الدر المنثور: 15 / 702]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ هَنَّادٌ وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
«مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْمَعَ خَرِيرَ الْكَوْثَرِ لِيَجْعَلْ أُصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ»). [الدر المنثور: 15 / 702]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: الكوثرُ خَيْرُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ). [الدر المنثور: 15 / 702]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ هَنَّادٌ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ:
«الكوثرُ مَا أَعْطَاهُ اللَّهُ مِن النُّبُوَّةِ وَالخَيْرِ وَالقُرْآنِ»). [الدر المنثور: 15 / 702-703]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَن الْحَسَنِ قَالَ: الكوثرُ الْقُرْآنُ). [الدر المنثور: 15 / 703]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ البَيْهَقِيُّ فِي الدلائلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: كَانَ الْقَاسِمُ بْنُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ بَلَغَ أَنْ يَرْكَبَ الدابَّةَ وَيَسِيرَ عَلَى النَّجِيبَةِ، فَلَمَّا قَبَضَهُ اللَّهُ قَالَ عَمْرُو بْنُ العاصِي: لَقَدْ أَصْبَحَ مُحَمَّدٌ أَبْتَرَ مِنَ ابْنِهِ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}؛ عِوَضاً يَا مُحَمَّدُ عَنْ مُصِيبَتِكَ بالقَاسِمِ, {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ}.
قَالَ البَيْهَقِيُّ: هكذا رُوِيَ بِهَذَا الإسنادِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، والمشهورُ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي العاصِي بْنِ وَائِلٍ). [الدر المنثور: 15 / 708]

تفسير قوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) }
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني الحارث بن نبهان عن الكلبيّ، عن أبي صالحٍ، عن ابن عباس: {فصل لربك وانحر}، قال: النحر). [الجامع في علوم القرآن: 2/ 11-12]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني الحارث عن واصل عن عطاء قال: رفع اليدين في الصلاة [ .... ]). [الجامع في علوم القرآن: 2/ 12]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (قال أبو صخرٍ: وأخبرني أبو معاوية البجليّ عن سعيد بن جبيرٍ أنّه قال: كانت هذه الآية يوم الحديبية أتاه جبريل فقال: انحر وارجع، فقام رسول اللّه فخطب النّاس خطبة الفطر والأضحى، ثمّ ركع ركعتين، ثمّ انصرف إلى البدن فنحرها؛ فذلك حين يقول: {فصل لربك وانحر}). [الجامع في علوم القرآن: 2/ 69-70]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة في قوله تعالى: {فصل لربك وانحر}، قال: هي صلاة الأضحى). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 401]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر، وقال قتادة: نحر البدن لقوله وانحر). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 401]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن وكيع، عن يزيد بن أبي زياد بن أبي الجعد ،عن عاصم الجحدري، عن عقبة بن ظهير، عن علي بن أبي طالب في قوله تعالى: {فصل لربك وانحر} قال: هو وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 401]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن الثوري، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد وفطر، عن عطاء في قوله : {فصل لربك وانحر}؛ قالا: صل الصبح بجمع وانحر البدن بمنى). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 401-402]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت: 295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قول اللّه عزّ وجلّ: {فصلّ لربّك وانحر}؛ قال: ابدأ فصلّ ثمّ انحر).[جزء تفسير عطاء الخراساني: 107]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُه: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}؛ اخْتَلَفَ أهلُ التأويلِ في الصلاةِ التي أَمَرَ اللهُ نبيَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يُصَلِّيَها بهذا الخِطابِ، ومعنَى قوْلِهِ: {وَانْحَرْ}؛ فقَالَ بَعْضُهُم: حَضَّه على المُواظَبَةِ على الصلاةِ المكتوبةِ، وعلى الحِفْظِ عليها في أوْقاتِهَا بقَوْلِهِ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنِي عبدُ الرحمنِ بنُ الأسوَدِ الطُّفَاوِيُّ، قالَ: ثَنَا محمدُ بنُ رَبِيعَةَ، قالَ: ثَنِي يَزِيدُ بنُ أبي زِيادِ بنِ أبي الجَعْدِ، عن عاصِمٍ الجَحْدَرِيِّ، عن عُقْبَةَ بنِ ظُهَيْرٍ، عن عليٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- في قَوْلِهِ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قالَ:
«وَضْعُ اليمينِ على الشِّمالِ في الصلاةِ».
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قالَ: ثَنَا عبدُ الرحمنِ، قالَ: ثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عن عاصِمٍ الجَحْدَرِيِّ، عن عُقْبَةَ بنِ ظَبْيَانَ، عن أبيه، عن عليٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قالَ:
«وَضْعُ اليَدِ على اليَدِ في الصلاةِ».
- حَدَّثَنا ابنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عن حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، عن عاصِمٍ الجَحْدَرِيِّ، عن عُقْبَةَ بنِ ظَبْيَانَ، عن أبيه، عن عليٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قالَ:
«وَضْعُ يَدِهِ اليُمنى على وَسَطِ ساعِدِهِ اليُسْرَى، ثم وَضْعُهُما على صَدْرِهِ».
قالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عن حمادِ بنِ سَلَمَةَ، عن عاصِمٍ الأحْوَلِ، عن الشَّعْبِيِّ، مثلَه.
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ، قالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عن يَزِيدَ بنِ أبي زِيادٍ، عن عاصِمٍ الجَحْدَرِيِّ، عن عُقْبَةَ بنِ ظُهَيْرٍ، عن عليٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قالَ:
«وَضْعُ اليمنى على الشمالِ في الصلاةِ».
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قالَ: ثَنَا أبو عاصِمٍ، قال: ثَنَا عَوْفٌ، عن أبي القَمُوصِ، في قَوْلِهِ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قالَ: وَضْعُ اليَدِ على اليدِ في الصلاةِ.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثَنَا أبو صالِحٍ الخُرَاسَانِيُّ، قالَ: ثَنَا حَمَّادٌ، عن عاصِمٍ الجَحْدَرِيِّ، عن أبيه، عن عُقْبَةَ بنِ ظَبْيَانَ، أن عليَّ بنَ أبي طالِبٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قالَ في قَوْلِ اللهِ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قالَ:
«وَضْعُ يَدِهِ اليُمنى على وسَطِ ساعِدِه الأيسَرِ، ثم وَضْعُهُما على صَدْرِهِ».
وقالَ آخَرُونَ: بل عُنِيَ بقَوْلِهِ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ} الصلاةُ المكتوبةُ، وبقَوْلِهِ: {وَانْحَرْ} أنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ إلى النَّحْرِ، عندَ افْتِتَاحِ الصلاةِ والدخولِ فيها.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ، قالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عن إسرائِيلَ، عن جَابِرٍ، عن أبي جَعْفَرٍ {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} الصلاةُ، وانْحَرْ: بِرَفْعِ يَدَيْهِ أوَّلَ ما يُكَبِّرُ في الافتتاحِ.
وقالَ آخَرُونَ: عُنِي بقَوْلِهِ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ} المكتوبَةُ، وبقَوْلِهِ: {وَانْحَرْ} نَحْرُ البُدْنِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثَنَا حَكَّامُ بنُ سَلْمٍ وهارونُ بنُ المُغِيرَةِ، عن عَنْبَسَةَ، عن ابنِ أبي نَجِيحٍ، عن مُجَاهِدٍ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قالَ: الصلاةُ المكتوبةُ، ونحرُ البُدْنِ.
- حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قالَ: ثَنَا هُشَيْمٌ، عن عَطَاءِ بنِ السائِبِ، عن سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ وحجَّاجٍ, عن عطاء أنهما قالاَ في قَوْلِهِ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قالَ: صلاةُ الغدَاةِ بجَمْعٍ، ونحرُ البُدْنِ بمنًى.
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ، قالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عن فِطْرٍ، عن عَطَاءٍ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قالَ: صلاةَ الفجرِ، وانْحَرِ البُدْنَ.
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ، قالَ: ثَنِي أَبِي، قالَ: ثَنِي عَمِّي، قالَ: ثَنِي أَبِي، عن أبيه، عن ابنِ عبَّاسٍ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قالَ: الصلاةُ المكتوبةُ، والنحْرُ: النُّسُكُ والذبحُ يومَ الأضحَى.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثَنَا جَرِيرٌ، عن منصورٍ، عن الحَكَمِ، في قَوْلِهِ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قالَ: صلاةُ الفجْرِ.
وقالَ آخَرُونَ: بل عُنِيَ بذلك: صلِّ يومَ النحْرِ صلاةَ العِيدِ، وانْحَرْ نُسُكَكَ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثَنَا هارونُ بنُ المُغِيرَةِ، عن عَنْبَسَةَ، عن جَابِرٍ، عن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، قالَ: كانَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَنْحَرُ قَبْلَ أنْ يُصَلِّيَ، فأُمِرَ أنْ يُصَلِّيَ ثم يَنْحَرَ.
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ، قالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عن سُفْيَانَ، عن جَابِرٍ، عن عِكْرِمَةَ: فصلِّ الصلاةَ، وانْحَرِ النُّسُكَ.
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ، قالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عن ثابِتِ بنِ أبي صَفِيَّةَ، عن أبي جَعْفَرٍ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ} قالَ: الصلاةُ؛ وقالَ عِكْرِمَةُ: الصلاةُ ونحرُ النُّسُكِ.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثَنَا حَكَّامٌ، عن أبي جَعْفَرٍ، عن الرَّبِيعِ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قالَ: إِذَا صَلَّيْتَ يَوْمَ الأَضْحَى فانْحَرْ.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثَنَا يَحْيَى بنُ وَاضِحٍ، قالَ: ثَنَا فِطْرٌ، قالَ: سَأَلْتُ عَطَاءً، عن قوْلِه: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قالَ: تُصَلِّي وتَنْحَرُ.
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قالَ: ثَنَا أبو عاصِمٍ، قالَ: ثَنَا عَوْفٌ، عن الحَسَنِ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قالَ: اذْبَحْ.
قال: ثَنَا عبدُ الرحمنِ، قالَ: ثَنَا أَبَانُ بنُ خَالِدٍ، قالَ: سَمِعْتُ الحَسَنَ يَقُولُ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قالَ: الذَّبْحُ.
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قالَ: ثَنَا سعيدٌ، عن قَتَادَةَ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قالَ: نَحْرُ البُدْنِ، والصلاةُ يومَ النحْرِ.
- حَدَّثَنَا ابنُ عبدِ الأعلَى، قالَ: ثَنَا ابنُ ثَوْرٍ، عن مَعْمَرٍ، عن قَتَادَةَ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قالَ: صلاةُ الأضحى، والنحرُ: نحرُ البُدْنِ.
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ، قالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عن سُفْيَانَ، عن ابنِ أبي نَجِيحٍ، عن مُجَاهِدٍ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قالَ: مَنَاحِرُ البُدْنِ بمنًى.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عن سُفْيَانَ، عن جَابِرٍ، عن عِكْرِمَةَ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قالَ: نَحْرُ النُّسُكِ.
- حَدَّثَنِي عليٌّ، قالَ: ثَنَا أبو صالِحٍ، قالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عن عليٍّ، عن ابنِ عبَّاسٍ، في قَوْلِهِ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} يقولُ: اذْبَحْ يَوْمَ النَّحْرِ.
- حَدَّثَنِي يُونُسُ، قالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ، قالَ: قالَ ابنُ زَيْدٍ، في قَوْلِهِ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قالَ: نَحْرُ البُدْنِ.
وقالَ آخَرُونَ: قِيلَ ذلك للنبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأنَّ قوماً كانُوا يُصَلُّونَ لغيرِ اللهِ، ويَنْحَرُونَ لِغَيْرِهِ فقِيلَ لَه: اجْعَلْ صَلاَتَكَ وَنَحْرَكَ للهِ؛ إذ كانَ مَن يَكْفُرْ باللهِ يَجْعَلْه لِغَيْرِهِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنِي يُونُسُ، قالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ، قالَ: ثَنِي أبو صَخْرٍ، عن محمدِ بنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ، أنَّه كانَ يَقُولُ في هذه الآيَةِ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} يقولُ: إنَّ ناساً كانُوا يُصَلُّونَ لِغَيْرِ اللهِ، ويَنْحَرُونَ لِغَيْرِ اللهِ، فَإِذَا أعْطَيْنَاكَ الكَوْثَرَ يا محمدُ، فلا تَكُنْ صِلاتُكَ ونَحْرُكَ إِلاَّ لِي.
وقالَ آخَرُونَ: بلْ أُنْزِلَتْ هذه الآيةُ يومَ الحُدَيْبِيَةَ، حينَ حُصِرَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابُه، وصُدُّوا عن البيتِ، فأَمَرَه اللهُ أنْ يُصَلِّيَ، ويَنْحَرَ البُدْنَ، ويَنْصَرِفَ، ففَعَلَ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنِي يُونُسُ، قالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ، قالَ: أَخْبَرَنِي أبو صَخْرٍ، قالَ: ثَنِي أبو مُعَاوِيَةَ البَجَلِيُّ، عن سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ أنَّه قالَ: كانَت هذه الآيةُ، يعني: قوْلَه: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} يومَ الحُدَيْبِيَةِ، أتَاهُ جِبْرِيلُ عليه السلامُ فقالَ: انْحَرْ وارْجَعْ، فقامَ رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فخَطَبَ خُطْبَةَ الفِطْرِ والنَّحْرِ، ثم رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، ثم انْصَرَفَ إلى البُدْنِ فنَحَرَها، فذلك حِينَ يقولُ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}.
وقالَ آخَرُونَ: بل مَعْنَى ذلك: فَصَلِّ وادْعُ رَبَّكَ وسَلْه.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عن سُفْيَانَ، عن أبي سِنانٍ، عن ثابِتٍ، عن الضحَّاكِ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قالَ: صَلِّ لربِّكَ وسَلْ.
وكانَ بعضُ أهلِ العربيةِ يتَأَوَّلُ قولَه: {وَانْحَرْ}. واسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ بِنَحْرِكَ. وذَكَرَ أنَّه سَمِعَ بعضَ العَرَبِ يقولُ: مَنَازِلُهُم تَتَنَاحَرُ, أي: هذا بنَحْرِ هذا, أي: قُبَالَتَه. وذَكَرَ أنَّ بَعْضَ بَنِي أَسَدٍ أَنْشَدَه:
أَبَا حَكَمٍ هَلْ أَنْتَ عَمُّ مُجَالِدٍ.......وسَيِّدُ أَهْلِ الأَبْطَحِ المُتَنَاحِرِ
أي: يَنْحَرُ بعضُه بعضاً.
وأوْلَى هذه الأقوالِ عندِي بالصوابِ: قوْلُ مَن قالَ: معنى ذلك: فاجْعَلْ صَلاَتَكَ كلَّها لربِّك خالِصاً دونَ ما سِوَاه مِن الأندادِ والآلهةِ، وكذلك نَحْرَكَ اجْعَلْه له دونَ الأوثانِ؛ شُكراً له على ما أَعْطَاكَ مِن الكرامَةِ والخيْرِ الذي لا كُفْءَ له، وخَصَّكَ به مِن إعطائِه إيَّاكَ الكوثرَ.
وإنما قلتُ: ذلك أولَى الأقوالِ بالصوابِ في ذلك؛ لأن اللهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أخْبَرَ نبيَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما أكْرَمَه به مِن عَطِيَّتِه وكرامَتِه، وإنعامِه عليه بالكوثرِ، ثم أَتْبَعَ ذلك قولَه: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}. فكانَ معلوماً بذلك أنَّه خصَّه بالصلاةِ له، والنحرِ على الشكْرِ له، على ما أَعْلَمَه مِن النعمةِ التي أنْعَمَها عليه، بإعطائِه إيَّاه الكوْثَرَ، فلم يَكُنْ لخُصُوصِ بعضِ الصلاةِ بذلك دونَ بَعْضٍ، وبعضِ النحرِ دونَ بعضٍ، وَجْهٌ؛ إذ كانَ حَثًّا على الشكْرِ على النعَمِ.
فتأويلُ الكلامِ إِذَنْ: إنَّا أعْطَيْناكَ يا محمدُ الكوثرَ؛ إِنْعَاماً مِنَّا عليكَ به، وتَكْرِمَةً مِنَّا لك، فأخْلِصْ لربِّكَ العبادَةَ، وأفْرِدْ له صلاتَكَ ونُسُكَكَ؛ خلافاً لما يَفْعَلُه مَن كَفَر به، وعَبَد غَيْرَه، ونَحَر للأوثانِ). [جامع البيان: 24 / 690-697]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرني إبراهيم بن عصمة بن إبراهيم العدل، ثنا أبي، ثنا يحيى بن يحيى، أنبأ هشيمٌ، أنبأ أبو بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، {إنّا أعطيناك الكوثر} [الكوثر: 1] قال: «الكوثر الخير الكثير الّذي أعطاه اللّه إيّاه» قال أبو بشرٍ: فقلت لسعيدٍ: إنّ أناسًا يزعمون أنّه نهرٌ في الجنّة. فقال: «والنّهر من الخير الكثير» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه، فأمّا قوله عزّ وجلّ {فصلّ لربّك وانحر} [الكوثر: 2] فقد اختلف الصّحابة في تأويلها وأحسنها ما روي عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه في روايتين الأولى منهما ما
- حدّثناه عليّ بن حمشاذ العدل، ثنا هشام بن عليٍّ، ومحمّد بن أيّوب، قالا: ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا حمّاد بن سلمة، عن عاصمٍ الجحدريّ، عن عقبة بن صهبان، عن عليٍّ رضي اللّه عنه، {فصلّ لربّك وانحر} [الكوثر: 2] قال: «هو وضعك يمينك على شمالك في الصّلاة» والرّواية الثّانية
- حدّثناه أبو محمّدٍ عبد الرّحمن بن حمدان الجلّاب بهمدان، ثنا أبو حاتمٍ محمّد بن إدريس الرّازيّ، ثنا وهب بن أبي مرحومٍ، ثنا إسرائيل بن حاتمٍ، عن مقاتل بن حيّان، عن الأصبغ بن نباتة، عن عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه، قال: لمّا نزلت هذه الآية على رسول اللّه -صلّى الله عليه وسلّم- {إنّا أعطيناك الكوثر (1) فصلّ لربّك وانحر} [الكوثر: 2] قال النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: «يا جبريل، ما هذه النّحيرة الّتي أمرني بها ربّي؟» قال: إنّها ليست بنحيرةٍ ولكنّه يأمرك إذا تحرّمت للصّلاة أن ترفع يديك إذا كبّرت، وإذا ركعت، وإذا رفعت رأسك من الرّكوع فإنّها صلاتنا وصلاة الملائكة الّذين في السّماوات السّبع. قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «رفع الأيدي من الاستكانة الّتي قال اللّه عزّ وجلّ: {فما استكانوا لربّهم وما يتضرّعون} [المؤمنون: 76] »). [المستدرك: 2 / 586] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ والحاكمُ وَابْنُ مَرْدُويَهْ والبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}. قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لجبريلَ: «مَا هَذِهِ النَّحِيرَةُ الَّتِي أَمَرَنِي بِهَا رَبِّي؟» قَالَ: إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَحِيرَةٍ، وَلَكِنْ يَأْمُرُكَ إِذَا تَحَرَّمْتَ للصلاةِ أَنْ تَرْفَعَ يَدَيْكَ إِذَا كَبَّرْتَ وَإِذَا رَكَعْتَ وَإِذَا رَفَعْتَ رَأْسَكَ مِنَ الركوعِ، فَإِنَّهَا صَلاتُنَا وَصَلاةُ الْمَلائِكَةِ الَّذِينَ هُمْ فِي السَّمَاوَاتِ السبعِ، وَإِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ زِينَةً، وَزِينَةُ الصَّلاةِ رَفْعُ اليَدَيْنِ عِنْدَ كُلِّ تكبيرةٍ.
قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:« رَفْعُ الْيَدَيْنِ مِنَ الاسْتِكَانَةِ الَّتِي قَالَ اللَّهُ: {فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ}». [المؤمنون:76] ). [الدر المنثور: 15 / 703]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ فِي قَوْلِهِ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}؛ قَالَ: الصَّلاةُ. {وَانْحَرْ}؛ قَالَ: يَرْفَعُ يَدَيْهِ أَوَّلَ مَا يُكَبِّرُ فِي الافتتاحِ). [الدر المنثور: 15 / 703]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}.
قَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَى رسولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِ ارْفَعْ يَدَيْكَ حِذَاءَ نَحْرِكَ إِذَا كَبَّرْتَ للصلاةِ؛ فَذَاكَ النَّحْرُ). [الدر المنثور: 15 / 703-704]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شيبةَ فِي المُصَنَّفِ وَالبُخَارِيُّ فِي تاريخِهِ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ والدَّارَقُطْنِيُّ فِي الأفرادِ وَأَبُو الشَّيْخِ والحاكمُ وَابْنُ مَرْدُويَهْ والبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي قَوْلِهِ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}. قَالَ: وَضْعُ يَدِهِ اليُمْنَى عَلَى وَسَطِ سَاعِدِهِ اليُسْرَى ثُمَّ وَضْعُهَما عَلَى صَدْرِهِ فِي الصَّلاةِ.
وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ والبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ أَنَسٍ ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ). [الدر المنثور: 15 / 704]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ شَاهِينَ فِي السُّنَّةِ وَابْنُ مَرْدُويَهْ والبَيْهَقِيُّ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ : {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}. قَالَ: وَضْعُ اليُمْنَى عَلَى الشمالِ عِنْدَ النَّحْرِ فِي الصَّلاةِ). [الدر المنثور: 15 / 704]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عطاءٍ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}. قَالَ: إِذَا صَلَّيْتَ فَرَفَعْتَ رَأْسَكَ مِنَ الركوعِ فَاسْتَوِ قَائِماً). [الدر المنثور: 15 / 704]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}. قَالَ: اسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ بِنَحْرِكَ). [الدر المنثور: 15 / 705]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَن الضَّحَّاكِ {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}. قَالَ: صَلِّ لِرَبِّكَ الصَّلاةَ المكتوبةَ وَانْحَرْ وَاسْأَلْ بِنَحْرِكَ). [الدر المنثور: 15 / 705]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ : {فَصَلِّ لِرَبِّكَ}. قَالَ: اشْكُرْ لِرَبِّكَ). [الدر المنثور: 15 / 705]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: كَانَتْ هَذِهِ الآيَةُ يَوْمَ الحديبيةِ، أَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: انْحَرْ وَارْجِعْ. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَطَبَ خطبةَ الأَضْحَى، ثُمَّ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْبُدْنِ فَنَحَرَهَا، فَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} ). [الدر المنثور: 15 / 705]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ وَعِكْرِمَةَ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}. قَالُوا: صَلاةُ الصُّبْحِ بِجَمْعٍ، وَنَحْرُ الْبُدْنِ بِمِنًى). [الدر المنثور: 15 / 705]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ }. قَالَ: الصَّلاةُ المكتوبةُ والذَّبْحُ يَوْمَ الأَضْحَى). [الدر المنثور: 15 / 705]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جريرٍ عن قَتَادَةَ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}. قَالَ: صَلاةُ الأَضْحَى والنَّحْرُ نَحْرُ الْبُدْنِ). [الدر المنثور: 15 / 706]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عَطَاءٍ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ}. قَالَ: صَلاةُ العيدِ). [الدر المنثور: 15 / 706]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: {وَانْحَرْ} قَالَ: الْبُدْنَ). [الدر المنثور: 15 / 706]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْحَرُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ, فَأُمِرَ أَنْ يُصَلِّيَ ثُمَّ يَنْحَرَ). [الدر المنثور: 15 / 706]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ البَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {وَانْحَرْ}. قَالَ: يَقُولُ: فَاذْبَحْ يَوْمَ النَّحْرِ). [الدر المنثور: 15 / 706]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3) }
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن الكلبي في قوله تعالى: {إن شانئك هو الأبتر} قال: هو العاص بن وائل قال: إني شانئ محمدا هو الأبتر ليس له عقب فقال الله تعالى: {إن شانئك هو الأبتر}). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 402]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وقال قتادة: الأبتر الحقير الدقيق الذليل). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 402]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال ابن عبّاسٍ: {شانئك} [الكوثر: 3] : «عدوّك»). [صحيح البخاري: 6 / 178]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: (شَانِئَكَ عَدُوَّكَ) في رِوَايَةِ المُسْتَمْلِيِّ: وقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ، وقد وصَلَهُ ابنُ مَرْدَوَيهِ من طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ كذلك، واخْتَلَفَ النَّاقِلُونَ في تَعْيِينِ الشَّانِئِ المَذْكُورِ فقيلَ: هُو العَاصِي بْنُ وَائِلٍ، وقيلَ: أَبُو جَهْلٍ، وقيلَ: عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ). [فتح الباري: 8 / 732]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال ابن عبّاس شانئك عدوك
قال ابن مردويه: ثنا عبد الله بن جعفر، ثنا إسماعيل بن عبد الله، ثنا أبو صالح، حدثني معاوية عن علّي، عن ابن عبّاس قوله : {إن شانئك} يقول عدوك). [تغليق التعليق: 4 / 378]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {شَانِئَكَ}: عَدُوَّكَ)
أَيْ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ} أَيْ: عَدُوَّكَ هُوَ الأَبْتَرُ، وَهَكَذَا فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِيِّ بِذِكْرِ: "قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ" وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِهِ بِدُونِ ذِكْرِهِ). [عمدة القاري: 20 / 3]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِيمَا وَصَلَهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (شَانِئَكَ) أَيْ: (عَدُوَّكَ) وَسَقَطَ لِلْحَمَوِيِّ: وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ فَقَطْ). [إرشاد الساري: 7 / 434]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {إنّ شانئك هو الأبتر}
- أخبرنا عمرو بن عليٍّ، حدّثنا ابن أبي عديٍّ، عن داود، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: " لمّا قدم كعب بن الأشرف مكّة، قالت له قريشٌ: أنت خير أهل المدينة وسيّدهم، قال: نعم، قالوا: ألا ترى إلى هذا المنبتر من قومه، يزعم أنّه خيرٌ منّا، ونحن - يعني: أهل الحجيج، وأهل السّدانة - قال: أنتم خيرٌ منه، فنزلت {إن شانئك هو الأبتر} [الكوثر: 3]، ونزلت {ألم تر إلى الّذين أوتوا نصيبًا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطّاغوت} [النساء: 51] إلى قوله: {فلن تجد له نصيرًا} [النساء: 52]). [السنن الكبرى للنسائي: 10/ 347]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُه: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ} يعني بقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {إِنَّ شَانِئَكَ} إنَّ مُبْغِضَكَ يا محمدُ وعدُوَّكَ {هُوَ الأَبْتَرُ} يعني بالأَبْتَرِ: الأقَلَّ الأذَلَّ المُنْقَطِعَ دابِرُه، الذي لا عَقِبَ لَه.
واخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ في المعنيِّ بذلك؛ فقَالَ بَعْضُهُم: عُنِيَ به العاصُ بنُ وائِلٍ السَّهْمِيُّ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنِي عليٌّ، قالَ: ثَنَا أبو صالِحٍ، قالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عن عليٍّ، عن ابنِ عبَّاسٍ، قولَه: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ} يقولُ: عَدُوَّكَ.
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ، قالَ: ثَنِي أَبِي، قالَ: ثَنِي عَمِّي، قالَ: ثَنِي أَبِي، عن أبيه، عن ابنِ عبَّاسٍ، قولَه: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ} قالَ: هو العاصُ بنُ وائِلٍ.
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قالَ: ثَنَا عبدُ الرحمنِ، قالَ: ثَنَا سُفيانُ، عن هلالِ بنِ خُبَابٍ، قالَ: سَمِعْتُ سعيدَ بنَ جُبَيْرٍ يقولُ: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ} قالَ: هو العاصُ بنُ وائِلٍ.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عن سُفْيَانَ، عن هِلالٍ، قالَ: سَأَلْتُ سعيدَ بنَ جُبَيْرٍ، عن قولِه: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ} قالَ: عدوُّكَ العاصُ بنُ وائِلٍ انْبَتَرَ مِن قَوْمِهِ.
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو، قالَ: ثَنَا أبو عاصِمٍ، قالَ: ثَنَا عيسى؛ وحَدَّثَنِي الحَارِثُ، قالَ: ثَنَا الحسَنُ، قالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعاً عن ابنِ أبي نَجِيحٍ، عن مُجَاهِدٍ، في قَوْلِهِ: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ} قالَ: العاصَ بنَ وائِلٍ، قالَ: أنا شانِئُ محمدٍ، ومَن شَنَأَهُ الناسُ فهو الأَبْتَرُ.
حَدَّثَنَا ابنُ عبدِ الأعلى، قالَ: ثَنَا ابنُ ثَوْرٍ، عن مَعْمَرٍ، عن قَتَادَةَ: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ} قالَ: هو العاصُ بنُ وائِلٍ، قالَ: أنا شَانِئٌ محمداً، وهو أبْتَرُ، ليسَ له عَقِبٌ، قالَ اللهُ: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ}.
قالَ قَتَادَةُ: الأبترُ: هو الحَقِيرُ الدقيقُ الذليلُ.
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قالَ: ثَنَا سعيدٌ، عن قَتَادَةَ: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ} هذا العاصُ بنُ وائِلٍ، بلَغَنَا أنَّه قالَ: أنا شانِئُ مُحمدٍ.
- حَدَّثَنِي يُونُسُ، قالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ، قالَ: قالَ ابنُ زَيْدٍ، في قَوْلِهِ: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ} قالَ: الرجلُ يقولُ: إنما محمدٌ أبْتَرُ، ليسَ له -كما تَرَوْنَ- عَقِبٌ، فقالَ اللهُ: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ}.
وقالَ آخَرُونَ: بلْ عُنِيَ بذلك: عُقْبَةُ بنُ أبي مُعَيْطٍ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثَنَا يعقوبُ القُمِّيُّ، عن حفْصِ بنِ حُمَيْدٍ، عن شِمْرِ بنِ عَطِيَّةَ، قالَ: كانَ عُقْبَةُ بنُ أبي مُعَيْطٍ يقولُ: إنَّه لا يَبْقَى للنبيِّ وَلَدٌ، وهو أبْتَرُ، فأنْزَلَ اللهُ فيه هؤلاءِ الآياتِ: {إِنَّ شَانِئَكَ} عُقْبَةَ بنَ أبي مُعَيْطٍ {هُوَ الأَبْتَرُ}
وقالَ آخَرُونَ: بل عُنِيَ بذلك جماعةٌ مِن قُرَيْشٍ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذَلِكَ:
- حَدَّثَنَا ابنُ المُثَنَّى، قالَ: ثَنَا عبدُ الوَهَّابِ، قالَ: ثَنَا داودُ، عن عِكْرِمَةَ، في هذه الآيَةِ: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاَءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً} قالَ: نَزَلَتْ في كَعْبِ بنِ الأَشْرَفِ، أتَى مَكَّةَ فقالَ له أهْلُها: نحنُ خَيْرٌ أَمْ هذا الصُّنْبُورُ المُنْبَتِرُ مِن قوْمِه، ونحنُ أهلُ الحَجِيجِ، وعندَنا مَنْحَرُ البُدْنِ، قالَ: أنْتُمْ خَيْرٌ. فأنْزَلَ اللهُ فيه هذه الآيةَ، وأنْزَلَ في الذين قالُوا للنبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما قالُوا: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ}.
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ، قالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عن بَدْرِ بنِ عُثْمَانَ، عن عِكْرِمَةَ: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ} قالَ: لما أُوحِيَ إلى النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالَتْ قُرَيْشٌ: بُتِرَ محمدٌ مِنَّا. فنَزَلَت: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ} قالَ: الذي رماكَ بالبَتْرِ هو الأَبْتَرُ.
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ، قالَ: ثَنَا ابنُ أبي عَدِيٍّ، قالَ: أَنْبَأَنَا داودُ بنُ أبي هِنْدٍ، عن عِكْرِمَةَ، عن ابنِ عبَّاسٍ, قالَ: لما قَدِمَ كعبُ بنُ الأشرفِ مَكَّةَ أَتَوْهُ، فقالوا له: نحنُ أهلُ السِّقَايَةِ والسِّدَانَةِ، وأنتَ سَيِّدُ أهْلِ المدينَةِ، فنحنُ خَيْرٌ أم هذا الصُّنْبُورُ المُنْبَتِرُ مِن قَوْمِه، يَزْعُمُ أنَّه خيرٌ مِنَّا؟ قالَ: بل أنتم خيرٌ مِنه. قال: فنَزَلَتْ عليه: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ} قالَ: وأُنْزِلَتْ عليه: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ}.... إلى قوْلِهِ: {نَصِيراً}.
وأوْلى الأقوالِ في ذلك عندِي بالصوابِ أنْ يُقالَ: إنَّ اللهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَخْبَرَ أنَّ مُبْغِضَ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو الأقلُّ الأذلُّ، المُنْقَطِعُ عَقِبُه، فذلك صِفَةُ كلِّ مَن أبْغَضَه مِن الناسِ، وإنْ كانَت الآيةُ نَزَلَت في شخصٍ بِعَيْنِهِ). [جامع البيان: 24 / 697-701]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم، قال: ثنا آدم، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد {إن شانئك هو الأبتر} قال: نزلت في العاص بن وائل وذلك أنه قال: إني شاني محمد فقال الله عز وجل: من شنأه من الناس كلهم فهو الأبتر). [تفسير مجاهد: 2/ 791]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -) قال: قالت قريشٌ: ليس له ولدٌ، وسيموت وينقطع أثره، فأنزل الله تعالى سورة الكوثر، إلى قوله: {إنّ شانئك هو الأبتر} - يعني: شانئ محمد صلى الله عليه وسلم: هو الأبتر. أخرجه رزين). [جامع الأصول: 2 / 439-440] (م)
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سليمانَ الهيثميُّ (ت: 807هـ) : (حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَاسِطِيُّ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ رَاشِدٍ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَدِمَ كَعْبُ بْنُ الأْشَرَفِ مَكَّةَ، فَقَالَتْ لَهُ قُرَيْشٌ: أَنْتَ سَيِّدُهُمْ، أَلا تَرَى إِلَى هَذَا الْمُنْصَبِرِ الْمُنْبَتِرِ مِنْ قَوْمِهِ، يَزْعُمُ أَنَّهُ خَيْرٌ مِنَّا وَنَحْنُ أَهْلُ الْحَجِيجِ، وَأَهْلُ السِّقَايَةِ، وَأَهْلُ السِّدَانَةِ، قَالَ: أَنْتُمْ خَيْرٌ مِنْهُ، قَالَ: فَنَزَلَتْ: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ} ). [كشف الأستار: 3 / 83]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ الطَّسْتِيُّ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ نَافِعَ بْنَ الأزرقِ قَالَ لَهُ: أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}، قَالَ: نَهْرٌ فِي بُطْنَانِ الْجَنَّةِ, حَافَتَاهُ قِبَابُ الدُّرِّ وَاليَاقُوتِ، فِيهِ أَزْوَاجُهُ وَخَدَمُهُ. قَالَ: وَبِأَيِّ شَيْءٍ ذُكِرَ ذَلِكَ؟
قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ بَابَ الصَّفَا فَاسْتَقْبَلَهُ الْعَاصِي بْنُ وَائِلٍ السَّهْمِيُّ، فَرَجَعَ الْعَاصِي إِلَى قُرَيْشٍ، فَقَالَتْ لَهُ قُرَيْشٌ: مَنِ اسْتَقْبَلَكَ يَا أَبَا عَمْرٍو آنِفاً؟
قَالَ: ذَلِكَ الأَبْتَرُ، يُرِيدُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ السُّورَةَ {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ}. يَعْنِي: عَدُوَّكَ الْعَاصِي بْنَ وَائِلٍ الأَبْتَرُ مِن الْخَيْرِ، لا أُذْكَرُ فِي مَكَانٍ إِلاَّ ذُكِرْتَ مَعِي يَا مُحَمَّدُ، فَمَنْ ذَكَرَنِي وَلَمْ يَذْكُرْكَ لَيْسَ لَهُ فِي الْجَنَّةِ نَصِيبٌ. قَالَ: وَهَلْ تَعْرِفُ الْعَرَبُ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ أَمَا سَمِعْتَ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ يَقُولُ:
وَحَبَاهُ الإِلَهُ بِالْكَوْثَرِ الأَكْ.......بَــرِ فِيهِ النَّعِيمُ وَالْخَيْرَاتُ).
[الدر المنثور: 15 / 695-696] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ عَبْدُ بنُ حميدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: لَمَّا أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ قُرَيْشٌ: بُتِرَ مُحَمَّدٌ مِنَّا. فَنَزَلَتْ: {إِنَّشَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ} ). [الدر المنثور: 15 / 706]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ البَزَّارُ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدُويَهْ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَدِمَ كَعْبُ بْنُ الأشرفِ مَكَّةَ، فَقَالَتْ لَهُ قُرَيْشٌ: أَنْتَ خَيْرُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَسَيِّدُهُمْ، أَلا تَرَى إِلَى هَذَا الصَّابِئِ المُنْبَتِرِ مِنْ قَوْمِهِ يَزْعُمُ أَنَّهُ خَيْرٌ مِنَّا وَنَحْنُ أَهْلُ الحَجِيجِ وَأَهْلُ السِّقَايَةِ وَأَهْلُ السِّدَانَةِ؟
قَالَ: أَنْتُمْ خَيْرٌ مِنْهُ. فَنَزَلَتْ: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ}. وَنَزَلَتْ: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ}. إِلَى قَوْلِهِ: {فَلَنْ تَجِدَلَهُ نَصِيراً}. [النساء: 51-52] ). [الدر المنثور: 15 / 706-707]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ: لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيمُ ابْنُ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَشَى الْمُشْرِكُونَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ فَقَالُوا: إِنَّ هَذَا الصَّابِئَ قَدْ بُتِرَ الليلةَ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}. إِلَى آخِرِ السُّورَةِ). [الدر المنثور: 15 / 707]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ وَابْنُ عَسَاكِرَ مِنْ طَرِيقِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ أَكْبَرُ وَلَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَاسِمَ، ثُمَّ زَيْنَبَ، ثُمَّ عَبْدَ اللَّهِ، ثُمَّ أُمَّ كلثومٍ، ثُمَّ فاطمةَ ثُمَّ رُقَيَّةَ، فَمَاتَ الْقَاسِمُ وَهُوَ أَوَّلُ مَيِّتٍ مِنْ وَلَدِهِ بمكَّةَ، ثُمَّ مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ، فَقَالَ العَاصي بْنُ وَائِلٍ السَّهْمِيُّ: قَدِ انْقَطَعَ نَسْلُهُ فَهُوَ أَبْتَرُ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ} ). [الدر المنثور: 15 / 707]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ عساكرَ مِنْ طَرِيقِ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وَلَدَتْ خديجةُ مِن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ اللَّهِ، ثُمَّ أَبْطَأَ عَلَيْهِ الولدُ مِنْ بَعْدِهِ، فَبَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَلِّمُ رَجُلاً والعاصي بْنُ وَائِلٍ يَنْظُرُ إِلَيْهِ إِذْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: مَنْ هَذَا؟
قَالَ: هَذَا الأبترُ - يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَانَتْ قُرَيْشٌ إِذَا وُلِدَ لِلرَّجُلِ وَلَدٌ ثُمَّ أَبْطَأَ عَلَيْهِ الوَلَدُ مِنْ بَعْدِهِ قَالُوا: هَذَا الأبترُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {إِنَّشَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ}.
أَيْ: مُبْغِضَكَ هُوَ الأَبْتَرُ الَّذِي بُتِرَ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ). [الدر المنثور: 15 / 707-708]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ البَيْهَقِيُّ فِي الدلائلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: كَانَ الْقَاسِمُ بْنُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ بَلَغَ أَنْ يَرْكَبَ الدابَّةَ وَيَسِيرَ عَلَى النَّجِيبَةِ، فَلَمَّا قَبَضَهُ اللَّهُ قَالَ عَمْرُو بْنُ العاصِي: لَقَدْ أَصْبَحَ مُحَمَّدٌ أَبْتَرَ مِنَ ابْنِهِ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}؛ عِوَضاً يَا مُحَمَّدُ عَنْ مُصِيبَتِكَ بالقَاسِمِ, {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ}.
قَالَ البَيْهَقِيُّ: هكذا رُوِيَ بِهَذَا الإسنادِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، والمشهورُ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي العاصِي بْنِ وَائِلٍ). [الدر المنثور: 15 / 708] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ وَابْنُ عساكرَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: تُوُفِّيَ الْقَاسِمُ بْنُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمكَّةَ، فَمَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ آتٍ مِنْ جِنَازَتِهِ عَلَى العاصِي بْنِ وَائِلٍ وابْنِهِ عَمْرٍو، فَقَالَ حِينَ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي لأَشْنَؤُهُ.
فَقَالَ العاصي: لا جَرَمَ لَقَدْ أَصْبَحَ أَبْتَرَ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ} ). [الدر المنثور: 15 / 708]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ الفِرْيَابِيُّ وابْنُ جَرِيرٍ وابنُ المنذرِ والبَيْهَقِيُّ عنْ مُجَاهِدٍ في قَوْلِهِ:{إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ}، قَالَ: نزَلَتْ في العاصِي بْنِ وَائِلٍ السهميِِّ وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ إِنِّي شَانِئُ مُحَمدٍ فَقَالَ اللهُ: مَنْ يَشِينُهُ بَيْنَ النَّاسِ هُوَ الأَبْتَرُ). [الدر المنثور: 15 / 709]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ مَرْدُويَهْ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ : {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ}. قَالَ: هُوَ الْعَاصِي بْنُ وَائِلٍ). [الدر المنثور: 15 / 709]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَن السُّدِّيِّ قَالَ: كَانَتْ قُرَيْشٌ تَقُولُ إِذَا مَاتَ ذُكُورُ الرَّجُلِ: أُبْتِرَ فُلانٌ. فَلَمَّا مَاتَ وَلَدُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ العاصِي بْنُ وَائِلٍ: بُتِرَ مُحَمَّدٌ، فَنَزَلَتْ). [الدر المنثور: 15 / 709]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَن عِكْرِمَةَ: {إِنَّشَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ}قَالَ: هو العاصِي بْنُ وَائِلٍ والأَبْتَرُ الْفَرْدُ). [الدر المنثور: 15 / 709]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ عبدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَن قَتَادَةَ : {إِنَّ شَانِئَكَ}. قَالَ: هو العاصِي بْنُ وَائِلٍ بَلغَنَا أَنَّهُ قَالَ: أنَا شَانِئُ محمَّدٍ وهوَ أَبترُ ليسَ لهُ عَقِبٌ قالَ اللهُ:{إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ} الأَبْتَرُ: هوَ الحقيرُ الذَّليلُ). [الدر المنثور: 15 / 709-710]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدُويَهْ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ:{إِنَّشَانِئَكَ}قال: أبو جَهْلٍ). [الدر المنثور: 15 / 710]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدُويَهْ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ:{إِنَّشَانِئَكَ}يقولُ: عَدُوَّكَ). [الدر المنثور: 15 / 710]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عَطَاءٍ: {إِنَّشَانِئَكَ}. قَالَ: أَبُو لَهَبٍ). [الدر المنثور: 15 / 710]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ شِمْرِ بْنِ عَطِيَّةَ:{إِنَّ شَانِئَكَ}، قَالَ: كَانَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ يَقُولُ: إِنَّهُ لا يَبْقَى لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَدٌ, وَهُوَ أَبْتَرُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ} ). [الدر المنثور: 15 / 710]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29 رجب 1434هـ/7-06-2013م, 07:35 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (قوله عز وجل: {إنّا أعطيناك الكوثر...} قال ابن عباس: هو الخير الكثير. ومنه القرآن.
... وحدثني مندل بن علي العنزي بإسناد رفعه إلى عائشة قال: "الكوثر" نهر في الجنة. فمن أحب أن يسمع صوته فليدخل أصبعيه في أذنيه). [معاني القرآن: 3/ 295-296]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({الكوثر}: نهر في الجنة). [غريب القرآن وتفسيره: 444]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({الكوثر}: الخير الكثير. قال ذلك ابن عباس. وقال ابن عيينة: «قال عبد الكريم أو أمية: قالت عجوز: قدم فلان بكوثر كثير».
وأحسبه «فوعلا» من الكثرة.
وكذلك يقال للغبار -إذا ارتفع وكثر-: كوثر، قال الهذليّ يذكر الحمار:
يحامي الحقيق إذا ما احتد ....... من حمحم في كوثر كالجلال
أي في غبار كثير كأنه جلال السفينة أو الدوابّ.
ويقال: «الكوثر»: نهر في الجنة). [تفسير غريب القرآن: 540-541]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله عزّ وجلّ: {إنّا أعطيناك الكوثر (1)} جاء في التفسير أن الكوثر: نهر في الجنة أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل، حافّتاه قباب الدر، مجوف، وجاء في التفسير أيضا أن الكوثر الإسلام والنبوة.
وقال أهل اللغة: الكوثر فوعل من الكثرة، ومعناه الخير الكثير.
وجميع ما جاء في تفسير هذا قد أعطيه النبي عليه السلام، قد أعطي الإسلام والنبوة وإظهار الدين الذي أتى به على كل دين والنصر على عدوه والشفاعة، وما لا يحصى مما أعطيه، وقد أعطي من الجنة على قدر فضله على أهل الجنة). [معاني القرآن: 5/ 369]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الْكَوْثَرَ} قال ابن عباس رضي الله عنه: هو الخير الكثير. وقيل: هو نهر في الجنة خُصّ به محمّد صلى الله عليه وسلم وقيل: هو حوض). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 308]

تفسير قوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {فصلّ لربّك وانحر...} يقال: فصل لربك يوم العيد، ثم انحر.
... وحدثني قيس عن يزيد بن يزيد ابن جابر عن رجل عن علي قال فيها: النحر أخذك شمالك بيمينك في الصلاة، وقال: {فصلّ لربّك وانحر} استقبل القبلة بنحرك، وسمعت بعض العرب يقول: منازلنا تتناحر هذا بنحر هذا أي: قبالته.
وأنشدني بعض بني أسد:
أبا حكم ها أنت عمّ مجالدٍ.......وسيّد أهل الأبطح المتناحر
فهذا من ذلك ينحر بعضه بعضا). [معاني القرآن: 3/ 296]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({فصلّ لربّك}: يوم النحر، {وانحر}: اذبح.
ويقال: «انحر»: رفع يديك بالتكبير إلى نحرك). [تفسير غريب القرآن: 541]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (ومعنى {فصلّ لربّك وانحر (2)} أي وانحر أيضا لربك، وقيل يعنى به صلاة الغداة في يوم النحر، أي وانحر بعد صلاة الفجر، والأكثر فيما جاء {فصلّ لربك وانحر} صلاة يوم الأضحى ثم النحر بعد الصلاة.
وقيل {فصلّ لربّك وانحر} أي اجعل يمينك على شمالك إذا وقفت في الصلاة وضمهما إلى صدرك). [معاني القرآن: 5/ 369]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَانْحَرْ} أي اذبح. وقيل: ارفع يديك بالتكبير إلى نحرك). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 308]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وانْحَرْ}: اذبح يوم النحر وقيل اجعل يدك على نحرك في الصلاة). [العمدة في غريب القرآن: 359]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {إنّ شانئك هو الأبتر...} كانوا يقولون: الرجل إذا لم يكن له ولد ذكر -أبتر- أي: يموت فلا يكون له ذكر. فقالها بعض قريش للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال الله تبارك وتعالى: {إنّ شانئك} مبغضك، وعدوّك هو الأبتر الذي لا ذكر له بعمل خير، وأما أنت فقد جعلت ذكرك مع ذكري، فذلك قوله: {ورفعنا لك ذكرك}). [معاني القرآن: 3/ 296]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({إنّ شانئك} أي مبغضك.
{هو الأبتر} الذي لا عقب له). [مجاز القرآن: 2/ 314]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({إنّ شانئك هو الأبتر} قال: {إنّ شانئك هو الأبتر} تقول: "شنئته" فـ"أنا أشنؤه" شنآنا"). [معاني القرآن: 4/ 53]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({شانئك}: مبغضك.
{الأبتر}: الذي لا عقب له). [غريب القرآن وتفسيره: 444]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({إنّ شانئك} أي إن مبغضك، {هو الأبتر} أي لا عقب له.
وكانت قريش قالت: «إن محمدا لا ذكر له، فإذا مات: ذهب ذكره»، فأنزل اللّه هذا، وأنزل: {ورفعنا لك ذكرك} [الشرح: 4]). [تفسير غريب القرآن: 541]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {إنّ شانئك هو الأبتر (3)}
{شانئك} مبغضك وهذا هو العاص بن وائل دخل النبي عليه السلام وهو جالس فقال: هذا الأبتر، أي هذا الذي لا عقب له، فقال اللّه تعالى: {إنّ شانئك} يا محمد {هو الأبتر}.
فجائز أن يكون هو المنقطع العقب. وجائز أن يكون هو المنقطع عنه كل خير.
والبتر استئصال القطع). [معاني القرآن: 5/ 370]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ):{شَانِئَكَ} أي مبغضك. {هُوَ الْأَبْتَرُ} لا عَقِب له). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 308]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({إن شَانِئَكَ}: مبغضك {هو الْأَبْتَرُ}: الذي لا عقب له). [العمدة في غريب القرآن: 359]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 29 رجب 1434هـ/7-06-2013م, 07:37 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) }

تفسير قوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) }

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (والكوثر السيد. وقال لبيد:
وصاحب ملحوب فجعنا بيومه.......وعند الرداع بيت آخر كوثر
وأنت كثير يا ابن مروان طيب.......وكان أبوك ابن العقائل كوثرا).
[الغريب المصنف: 1/ 75]
والكوثر الخير الكثير ومنه قول الله جل ذكره: {إنا أعطيناك الكوثر} والحلاحل السيد. والهمهام والقمقام مثله. والمدرة رأس القوم والمتكلم عنهم. الفراء: الكوثر الرجل الكثير العطاء والخير. قال الكميت:
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال أبو العباس في قوله عز وجل: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}: يقال: استقبل القبلة بنحرك. ويقال: اذبح). [مجالس ثعلب: 11]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (والشانئ المبغض). [الغريب المصنف: 3/ 824]
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (وتقول هذا رجل مشنوء إذا كان مبغضا وإن كان جميلا وهذا رجل مشنأ إذا كان قبيح المنظر ورجلان مشنأ وقوم مشنأ ويقال شنئته إذا أبغضته وتقول لا أبا لشائنك ولا أب لشانئيك أي لمبغضك وهي كناية عن قولهم لا أبالك). [إصلاح المنطق: 284]


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 11 محرم 1436هـ/3-11-2014م, 12:07 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 11 محرم 1436هـ/3-11-2014م, 12:07 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 11 محرم 1436هـ/3-11-2014م, 12:08 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 11 محرم 1436هـ/3-11-2014م, 12:08 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عزّ وجلّ: {إنّا أعطيناك الكوثر * فصلّ لربّك وانحر * إنّ شانئك هو الأبتر}
قرأ الحسن: (إنّا أنطيناك) وهي لغةٌ في (أعطى). قال النبيّ عليه الصلاة والسلام:
«واليد المنطيّة خيرٌ من السّفلى». وقال الأعشى:
جيادك خير جياد الملوك ....... تصان الجلال وتنطى الشّعيرا
قال أنسٌ، وابن عبّاسٍ، وابن عمر رضي اللّه عنهم، وجماعةٌ من الصحابة والتابعين: «الكوثر: نهرٌ في الجنّة، حافّتاه قبابٌ من درٍّ مجوّفٍ، وطينه مسكٌ، وحصباؤه ياقوتٌ. ونحو هذا من صفاته، وإن اختلفت ألفاظ الرّواة». وقال ابن عبّاسٍ -رضي اللّه عنهما- أيضًا: الكوثر: «الخير الكثير».
قال القاضي أبو محمّدٍ رحمه اللّه:
«(كوثرٌ) بناء مبالغةٍ من الكثرة، ولا محالة أنّ الذي أعطى اللّه تعالى محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم من النبوّة والحكمة والعلم بربّه تعالى، والفوز برضوانه والشرف على عباده هو أكثر الأشياء وأعظمها، فكأنه يقال في هذه الآية: إنّا أعطيناك الحظّ الأعظم».
قال سعيد بن جبيرٍ:
«النهر الذي في الجنة هو من الخير الذي أعطاه اللّه تعالى إيّاه».
فنعم ما ذهب إليه ابن عبّاسٍ، ونعم ما تمّم ابن جبيرٍ رضي اللّه عنهما.
وأمر النهر ثابتٌ في الآثار في حديث الإسراء وغيره. صلّى اللّه على محمّدٍ وسلّم، ونفعنا بما منحنا من الهداية به.
وقال الحسن:
«الكوثر: القرآن».
وقال أبو بكر بن عيّاشٍ:
«هو كثرة الأصحاب والأشياع».
وقال جعفر الصادق:
«نورٌ في قلبه دلّه على اللّه تعالى، وقطعه عمّا سواه».
وقال أيضًا:
«هو الشفاعة».
وقال هلال بن يساف:
«هو التوحيد»). [المحرر الوجيز: 8/ 698-699]

تفسير قوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {فصلّ لربّك} أمرٌ بالصلاة على العموم، ففيه المكتوبات بشروطها، والنوافل على أثرها، والنحر نحر الهدي والنّسك في الضحايا، في قول جمهور الناس، فكأنه تعالى قال: ليكن شغلك هذين، ولم يكن في ذلك الوقت جهادٌ.
وقال أنس بن مالكٍ:
«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ينحر يوم الأضحى قبل الصلاة، فأمر أن يصلّي ثمّ ينحر». وقاله قتادة.
وقال القرطبيّ وغيره:
«في الآية طعنٌ على كفار مكة، أي أنهم يصلّون لغير اللّه تعالى مكاءً وتصديةً، وينحرون للأصنام، ونحوه، فافعل هذا أنت لربّك تكن على صراطٍ مستقيمٍ».
وقال ابن جبيرٍ:
«نزلت هذه الآية يوم الحديبيّة وقت صلح قريشٍ، قيل لمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: صلّ وانحر الهدي. وعلى هذا تكون الآية من المدنيّ».
وروي عن عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه، أنه قال:
«معنى الآية: صلّ لربّك وضع يمينك على شمالك عند نحرك في الصلاة. فالنحر على هذا ليس بمصدر نحر، بل هو الصّدر».
وقال آخرون: المعنى: ارفع يديك في استفتاح صلاتك عند نحرك). [المحرر الوجيز: 8/ 699-700]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {إنّ شانئك هو الأبتر} ردٌّ على مقالةٍ كان كثيرٌ من سفهاء قريشٍ يقولها لمّا لم يكن لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ولدٌ، فكانوا يقولون: هو أبتر، يموت فنستريح منه، ويموت أمره بموته. فقال اللّه تعالى - وقوله الحقّ -: {إنّ شانئك هو الأبتر} أي: المقطوع المبتور من رحمة اللّه تعالى، ولو كان له بنون فهم غير نافعيه.
و(الشّانئ): المبغض. وقال قتادة: الأبتر يراد به هنا الحقير الذليل.
وقال عكرمة:
«مات ابن النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فخرج أبو جهلٍ يقول: «بتر محمّدٌ». فنزلت السورة».
وقال ابن عبّاسٍ -رضي اللّه عنهما- :
«نزلت في العاص بن وائلٍ، سمّى النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم حين مات ابنه عبد اللّه: أبتر»). [المحرر الوجيز: 8/ 700]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 11 محرم 1436هـ/3-11-2014م, 12:08 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 11 محرم 1436هـ/3-11-2014م, 12:08 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
{إنّا أعطيناك الكوثر * فصلّ لربّك وانحر * إنّ شانئك هو الأبتر}.
قال الإمام أحمد: حدّثنا محمد بن فضيلٍ، عن المختار بن فلفلٍ، عن أنس بن مالكٍ قال: أغفى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إغفاءةً، فرفع رأسه متبسّماً؛ إمّا قال لهم، وإمّا قالوا له: لم ضحكت؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّه أنزلت عليّ آنفاً سورةٌ»؛ فقرأ: «بسم اللّه الرّحمن الرّحيم {إنّا أعطيناك الكوثر}». حتّى ختمها؛ فقال: «هل تدرون ما الكوثر؟».
قالوا: اللّه ورسوله أعلم. قال: «هو نهرٌ أعطانيه ربّي عزّ وجلّ في الجنّة، عليه خيرٌ كثيرٌ، ترد عليه أمّتي يوم القيامة، آنيته عدد الكواكب، يختلج العبد منهم فأقول: يا ربّ، إنّه من أمّتي. فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك».
هكذا رواه الإمام أحمد بهذا الإسناد الثّلاثيّ وهذا السّياق، وقد ورد في صفة الحوض يوم القيامة أنّه يشخب فيه ميزابان من السماء من نهر الكوثر، وأنّ آنيته عدد نجوم السماء.
وقد روى هذا الحديث مسلمٌ وأبو داود والنّسائيّ من طريق محمد بن فضيلٍ وعليّ بن مسهرٍ، كلاهما عن المختار بن فلفلٍ، عن أنسٍ، ولفظ مسلمٍ: قال: بينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بين أظهرنا في المسجد؛ إذ أغفى إغفاءةً، ثمّ رفع رأسه متبسّماً، قلنا: ما أضحكك يا رسول اللّه؟ قال: «لقد أنزلت عليّ آنفاً سورةٌ» فقرأ: «بسم اللّه الرّحمن الرّحيم {إنّا أعطيناك الكوثر * فصلّ لربّك وانحر * إنّ شانئك هو الأبتر}». ثمّ قال: «أتدرون ما الكوثر؟». قلنا: اللّه ورسوله أعلم. قال: «فإنّه نهرٌ وعدنيه ربّي عزّ وجلّ، عليه خيرٌ كثيرٌ، وهو حوضٌ ترد عليه أمّتي يوم القيامة، آنيته عدد النّجوم، فيختلج العبد منهم، فأقول: ربّ، إنّه من أمّتي. فيقول: إنّك ما تدري ما أحدث بعدك».
وقد استدلّ به كثيرٌ من القرّاء على أنّ هذه السّورة مدنيّةٌ، وكثيرٌ من الفقهاء على أنّ البسملة من السّورة، وأنّها منزّلةٌ معها، فأمّا قوله تعالى: {إنّا أعطيناك الكوثر}. فقد تقدّم في هذا الحديث أنّه نهرٌ في الجنّة.
وقد رواه الإمام أحمد من طريقٍ أخرى عن أنسٍ، فقال: حدّثنا عفّان، حدّثنا حمّادٌ، أخبرنا ثابتٌ، عن أنسٍ أنّه قرأ هذه الآية: {إنّا أعطيناك الكوثر}. قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «أعطيت الكوثر، فإذا هو نهرٌ يجري، ولم يشقّ شقًّا، وإذا حافتاه قباب اللّؤلؤ، فضربت بيدي في تربته، فإذا مسكه ذفرةٌ، وإذا حصاه اللّؤلؤ».
وقال الإمام أحمد: حدّثنا محمّد بن أبي عديٍّ، عن حميدٍ، عن أنسٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «دخلت الجنّة فإذا أنا بنهرٍ حافتاه خيام اللّؤلؤ، فضربت بيدي إلى ما يجري فيه الماء، فإذا مسكٌ أذفر، قلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الكوثر الّذي أعطاكه اللّه عزّ وجلّ».
ورواه البخاريّ في صحيحه ومسلمٌ من حديث شيبان بن عبد الرحمن، عن قتادة، عن أنس بن مالكٍ قال: لمّا عرج بالنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم إلى السماء قال: «أتيت على نهرٍ حافتاه قباب اللّؤلؤ المجوّفة. فقلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الكوثر». وهذا لفظ البخاريّ رحمه اللّه.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا الرّبيع، أخبرنا ابن وهبٍ، عن سليمان بن بلالٍ، عن شريك بن أبي نمرٍ، قال: سمعت أنس بن مالكٍ يحدّثنا، قال: لمّا أسري برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم مضى به جبريل في السماء الدّنيا، فإذا هو بنهرٍ عليه قصرٌ من لؤلؤٍ وزبرجدٍ، فذهب يشمّ ترابه، فإذا هو مسكٌ. قال: «يا جبريل ما هذا النّهر؟». قال: هو الكوثر الّذي خبّأ لك ربّك.
وقد تقدّم في حديث الإسراء في سورة (سبحان) من طريق شريكٍ، عن أنسٍ، وهو مخرّجٌ في الصحيحين.
وقال سعيدٌ: عن قتادة، عن أنسٍ، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «بينما أنا أسير في الجنّة إذ عرض لي نهرٌ، حافتاه قباب اللّؤلؤ مجوّفٍ». فقال الملك الّذي معه: أتدري ما هذا؟ هذا الكوثر الّذي أعطاك اللّه، وضرب بيده إلى أرضه؛ فأخرج من طينه المسك. وكذا رواه سليمان بن طرخان ومعمرٌ وهمّامٌ وغيرهم، عن قتادة به.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن أبي سريجٍ، حدّثنا أبو أيّوب العبّاس، حدّثنا إبراهيم بن سعدٍ، حدّثني محمد بن عبد اللّه ابن أخي بن شهابٍ، عن أبيه، عن أنسٍ قال: سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن الكوثر؟ فقال: «هو نهرٌ أعطانيه اللّه في الجنّة، ترابه مسكٌ أبيض من اللّبن، وأحلى من العسل، ترده طيرٌ أعناقها مثل أعناق الجزر». فقال أبو بكرٍ: يا رسول اللّه، إنّها لناعمةٌ. قال: «آكلها أنعم منها».
وقال أحمد: حدّثنا أبو سلمة الخزاعيّ، حدّثنا اللّيث، عن يزيد بن الهاد، عن عبد الوهّاب، عن عبد اللّه بن مسلم بن شهابٍ، عن أنسٍ، أنّ رجلاً قال: يا رسول اللّه، ما الكوثر؟ قال: «نهرٌ في الجنّة أعطانيه ربّي لهو أشدّ بياضاً من اللّبن وأحلى من العسل، فيه طيورٌ أعناقها كأعناق الجزر». قال عمر: يا رسول اللّه، إنّها لناعمةٌ. قال: «آكلها أنعم منها يا عمر».
ورواه ابن جريرٍ من حديث الزّهريّ، عن أخيه عبد اللّه، عن أنسٍ، أنّه سأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن الكوثر، فذكر مثله سواءً.
وقال البخاريّ: حدّثنا خالد بن يزيد الكاهليّ، حدّثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عائشة قال: سألتها عن قوله تعالى: {إنّا أعطيناك الكوثر}. قالت: «نهرٌ أعطيه نبيّكم صلّى اللّه عليه وسلّم، شاطئاه عليه درٌّ مجوّفٌ، آنيته كعدد النّجوم».
ثم قال البخاريّ: رواه زكريّا وأبو الأحوص ومطرّفٌ، عن أبي إسحاق، ورواه أحمد والنّسائيّ من طريق مطرّفٍ به.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا أبو كريبٍ، حدّثنا وكيعٌ، عن سفيان وإسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عائشة قالت: «الكوثر نهرٌ في الجنّة، شاطئاه درٌّ مجوّفٌ». وقال إسرائيل: نهرٌ في الجنّة عليه من الآنية عدد نجوم السماء.
وحدّثنا ابن حميدٍ، حدّثنا يعقوب القمّيّ، عن حفص بن حميدٍ، عن شمر بن عطيّة، عن شقيقٍ أو مسروقٍ قال: قلت لعائشة: يا أمّ المؤمنين، حدّثيني عن الكوثر. قالت: «نهرٌ في بطنان الجنّة». قلت: وما بطنان الجنّة؟ قالت: «وسطها، حافتاه قصور اللّؤلؤ والياقوت، ترابه المسك، وحصباؤه اللّؤلؤ والياقوت».
وحدّثنا أبو كريبٍ، حدّثنا وكيعٌ، عن أبي جعفرٍ الرّازيّ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن عائشة قالت: «من أحبّ أن يسمع خرير الكوثر فليجعل أصبعيه في أذنيه».
وهذا منقطعٌ بين أبي نجيحٍ وعائشة، وفي بعض الرّوايات: عن رجلٍ، عنها، ومعنى هذا: أنّه يسمع نظير ذلك؛ لا أنّه يسمعه نفسه، واللّه أعلم.
قال السّهيليّ: ورواه الدّارقطنيّ مرفوعاً من طريق مالك بن مغولٍ، عن الشّعبيّ، عن مسروقٍ، عن عائشة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
ثم قال البخاريّ: حدّثنا يعقوب بن إبراهيم، حدّثنا هشيمٌ، أخبرنا أبو بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ أنّه قال في الكوثر: «هو الخير الذي أعطاه اللّه إيّاه». قال أبو بشرٍ: قلت لسعيد بن جبيرٍ: «فإنّ ناساً يزعمون أنّه نهرٌ في الجنّة». فقال سعيدٌ: «النّهر الذي في الجنّة من الخير الذي أعطاه اللّه إيّاه».
ورواه أيضاً من حديث هشيمٍ، عن أبي بشرٍ وعطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: «الكوثر: الخير الكثير». وقال الثّوريّ: عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال:« الكوثر: الخير الكثير». وهذا التفسير يعمّ النّهر وغيره؛ لأنّ الكوثر من الكثرة، وهو الخير الكثير، ومن ذلك النّهر.
كما قال ابن عبّاسٍ وعكرمة وسعيد بن جبيرٍ ومجاهدٌ ومحارب بن دثارٍ والحسن بن أبي الحسن البصريّ، حتى قال مجاهدٌ: «هو الخير الكثير في الدّنيا والآخرة».
وقال عكرمة: هو النّبوّة والقرآن وثواب الآخرة. وقد صحّ عن ابن عبّاسٍ أنّه فسّره بالنّهر أيضاً، فقال ابن جريرٍ: حدّثنا أبو كريبٍ، حدّثنا عمر بن عبيدٍ، عن عطاءٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: «الكوثر: نهرٌ في الجنّة، حافتاه ذهبٌ وفضّةٌ، يجري على الياقوت والدّرّ، ماؤه أبيض من الثّلج وأحلى من العسل».
وروى العوفيّ عن ابن عبّاسٍ نحو ذلك.
وقال ابن جريرٍ: حدّثني يعقوب، حدّثنا هشيمٌ، أخبرنا عطاء بن السّائب، عن محارب بن دثارٍ، عن ابن عمر، أنّه قال: «الكوثر: نهرٌ في الجنّة، حافتاه ذهبٌ وفضّةٌ، يجري على الدّرّ والياقوت، ماؤه أشدّ بياضاً من اللّبن وأحلى من العسل».
وكذا رواه ابن جريرٍ عن ابن حميدٍ، عن جريرٍ، عن عطاء بن السّائب به مثله موقوفاً، وقد روي مرفوعاً.
فقال الإمام أحمد: حدّثنا عليّ بن حفصٍ، حدّثنا ورقاء قال: وقال عطاءٌ، عن محارب بن دثارٍ، عن ابن عمر قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «الكوثر نهرٌ في الجنّة، حافتاه من ذهبٍ، والماء يجري على اللّؤلؤ، وماؤه أشدّ بياضاً من اللّبن وأحلى من العسل».
هكذا رواه التّرمذيّ وابن ماجه وابن أبي حاتمٍ وابن جريرٍ من طريق محمد بن فضيلٍ، عن عطاء بن السّائب به مرفوعاً، وقال التّرمذيّ: حسنٌ صحيحٌ.
وقال ابن جريرٍ: حدّثني يعقوب، حدّثنا ابن عليّة، أخبرنا عطاء بن السّائب قال: قال لي محارب بن دثارٍ: ما قال سعيد بن جبيرٍ في الكوثر؟ قلت: حدّثنا عن ابن عبّاسٍ أنّه قال: هو الخير الكثير. فقال: صدق واللّه، إنّه للخير الكثير، ولكن حدّثنا ابن عمر قال: لمّا نزلت: {إنّا أعطيناك الكوثر}؛ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «الكوثر نهرٌ في الجنّة حافتاه من ذهبٍ، يجري على الدّرّ والياقوت».
وقال ابن جريرٍ: حدّثني ابن البرقيّ، حدّثنا ابن أبي مريم، حدّثنا محمد بن جعفر بن أبي كثيرٍ، أخبرني حرام بن عثمان، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أسامة بن زيدٍ، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أتى حمزة بن عبد المطّلب يوماً، فلم يجده، فسأل امرأته عنه، وكانت من بني النّجّار، فقالت: خرج يا نبيّ اللّه آنفاً عامداً نحوك، فأظنّه أخطأك في بعض أزقّة بني النّجّار، أولا تدخل يا رسول اللّه؟ فدخل فقدّمت إليه حيساً، فأكل منه. فقالت: يا رسول اللّه، هنيئاً لك ومريئاً، لقد جئت وأنا أريد أن آتيك فأهنيك وأمريك، أخبرني أبو عمارة أنّك أعطيت نهراً في الجنّة يدعى الكوثر. فقال:«أجل، وعرضه -يعني أرضه- ياقوتٌ ومرجانٌ وزبرجدٌ ولؤلؤٌ».
حرام بن عثمان ضعيفٌ، ولكنّ هذا سياقٌ حسنٌ، وقد صحّ أصل ذلك، بل قد تواتر من طرقٍ تفيد القطع عند كثيرٍ من أئمّة الحديث، وكذلك أحاديث الحوض.
وهكذا روي عن أنسٍ وأبي العالية ومجاهدٍ وغير واحدٍ من السلف أنّ الكوثر نهرٌ في الجنّة، وقال عطاءٌ: هو حوضٌ في الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 498-502]

تفسير قوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {فصلّ لربّك وانحر}. أي: كما أعطيناك الخير الكثير في الدنيا والآخرة، ومن ذلك النّهر الذي تقدّم صفته، فأخلص لربّك صلاتك المكتوبة والنّافلة ونحرك؛ فاعبده وحده لا شريك له، وانحر على اسمه وحده لا شريك له، كما قال تعالى: {قل إنّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي للّه ربّ العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أوّل المسلمين}.
قال ابن عبّاسٍ وعطاءٌ ومجاهدٌ وعكرمة والحسن: يعني بذلك نحر البدن ونحوها، وكذا قال قتادة ومحمد بن كعبٍ القرظيّ والضّحّاك والرّبيع وعطاءٌ الخراسانيّ والحكم وإسماعيل بن أبي خالدٍ وغير واحدٍ من السّلف، وهذا بخلاف ما كان المشركون عليه من السّجود لغير اللّه والذّبح على غير اسمه، كما قال تعالى: {ولا تأكلوا ممّا لم يذكر اسم اللّه عليه وإنّه لفسقٌ} الآية.
وقيل: المراد بقوله: {وانحر}: وضع اليد اليمنى على اليد اليسرى تحت النّحر. يروى هذا عن عليٍّ، ولا يصحّ، وعن الشّعبيّ مثله، وعن أبي جعفرٍ الباقر: {وانحر}. يعني: ارفع اليدين عند افتتاح الصلاة.
وقيل: {وانحر}. أي: استقبل بنحرك القبلة، ذكر هذه الأقوال الثلاثة ابن جريرٍ، وقد روى ابن أبي حاتمٍ ههنا حديثاً منكراً جدًّا فقال:
حدّثنا وهب بن إبراهيم الفاميّ سنة خمسٍ وخمسين ومائتين، حدّثنا إسرائيل بن حاتمٍ المروزيّ، حدّثنا مقاتل بن حيّان، عن الأصبغ بن نباتة، عن عليّ بن أبي طالبٍ قال: لمّا نزلت هذه السورة على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم {إنّا أعطيناك الكوثر * فصلّ لربّك وانحر}.
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «ياجبريل ما هذه النّحيرة التي أمرني بها ربّي؟».
فقال: ليست بنحيرةٍ، ولكنّه يأمرك إذا تحرّمت للصلاة ارفع يديك إذا كبّرت، وإذا ركعت، وإذا رفعت رأسك من الرّكوع، وإذا سجدت؛ فإنّها صلاتنا وصلاة الملائكة الّذين في السّماوات السّبع، وإنّ لكلّ شيءٍ زينةً، وزينة الصّلاة رفع اليدين عند كلّ تكبيرةٍ)).
وهكذا رواه الحاكم في المستدرك من حديث إسرائيل بن حاتمٍ به.
وعن عطاءٍ الخراسانيّ: {وانحر}. أي: ارفع صلبك بعد الرّكوع، واعتدل وأبرز نحرك، يعني بعد الاعتدال، رواه ابن أبي حاتمٍ.
وكلّ هذه الأقوال غريبةٌ جدًّا، والصّحيح القول الأوّل، أنّ المراد بالنّحر: ذبح المناسك؛ ولهذا كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يصلّي العيد ثم ينحر نسكه ويقول: «من صلّى صلاتنا ونسك نسكنا؛ فقد أصاب النّسك، ومن نسك قبل الصّلاة فلا نسك له». فقام أبو بردة بن نيارٍ فقال: يا رسول اللّه، إنّي نسكت شاتي قبل الصلاة، وعرفت أنّ اليوم يومٌ يشتهى فيه اللّحم. قال: «شاتك شاة لحمٍ». قال: فإنّ عندي عناقاً، هي أحبّ إليّ من شاتين، أفتجزئ عنّي؟ قال: «تجزئك، ولا تجزئ أحداً بعدك».
قال أبو جعفر بن جريرٍ: والصواب قول من قال: إنّ معنى ذلك: فاجعل صلاتك كلّها لربّك خالصةً دون ما سواه من الأنداد والآلهة، وكذلك نحرك اجعله له دون الأوثان؛ شكراً له على ما أعطاك من الكرامة والخير، الذي لا كفاء له وخصّك به.
وهذا الذي قاله في غاية الحسن، وقد سبقه إلى هذا المعنى محمد بن كعبٍ القرظيّ وعطاءٌ). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 502-504]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {إنّ شانئك هو الأبتر}. أي: إنّ مبغضك يا محمّد، ومبغض ما جئت به من الهدى والحقّ والبرهان الساطع والنور المبين هو الأبتر الأقلّ الأذلّ المنقطع ذكره.
قال ابن عبّاسٍ ومجاهدٌ وسعيد بن جبيرٍ وقتادة: «نزلت في العاص بن وائلٍ».
وقال محمد بن إسحاق: عن يزيد بن رومان قال: «كان العاص بن وائلٍ إذا ذكر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: دعوه، فإنّه رجلٌ أبتر، لا عقب له، فإذا هلك انقطع ذكره؛ فأنزل اللّه هذه السورة»، وقال شمر بن عطيّة: «نزلت في عقبة بن أبي معيطٍ».
وقال ابن عبّاسٍ أيضاً وعكرمة: «نزلت في كعب بن الأشرف وجماعةٍ من كفّار قريشٍ».
وقال البزّار: حدّثنا زياد بن يحيى الحسّانيّ، حدّثنا ابن أبي عديٍّ، عن داود، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: «قدم كعب بن الأشرف مكّة، فقالت له قريشٌ: أنت سيّدهم، ألا ترى إلى هذا المصنبر المنبتر من قومه؟ يزعم أنّه خيرٌ منّا، ونحن أهل الحجيج وأهل السّدانة وأهل السّقاية، فقال: أنتم خيرٌ منه». قال:
« فنزلت: {إنّ شانئك هو الأبتر}».
هكذا رواه البزّار، وهو إسنادٌ صحيحٌ.
وعن عطاءٍ قال: «نزلت في أبي لهبٍ، وذلك حين مات ابنٌ لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فذهب أبو لهبٍ إلى المشركين، فقال: بتر محمدٌ اللّيلة؛ فأنزل اللّه في ذلك: {إنّ شانئك هو الأبتر}».
وعن ابن عبّاسٍ: «نزلت في أبي جهلٍ، وعنه: {إنّ شانئك}. يعني: عدوّك، وهذا يعمّ جميع من اتّصف بذلك ممّن ذكر وغيرهم».
وقال عكرمة: «الأبتر: الفرد». وقال السّدّيّ: «كانوا إذا مات ذكور الرجل قالوا: بتر. فلمّا مات أبناء رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قالوا: بتر محمدٌ؛ فأنزل اللّه: {إنّ شانئك هو الأبتر}».
وهذا يرجع إلى ما قلناه، من أنّ الأبتر الذي إذا مات انقطع ذكره، فتوهّموا لجهلهم أنّه إذا مات بنوه ينقطع ذكره، وحاشا وكلاّ، بل قد أبقى اللّه ذكره على رؤوس الأشهاد، وأوجب شرعه على رقاب العباد مستمرًّا على دوام الآباد إلى يوم الحشر والمعاد، صلوات اللّه وسلامه عليه دائماً إلى يوم التّناد). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 504-505]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:57 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة