العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة غافر

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 جمادى الأولى 1434هـ/29-03-2013م, 12:00 PM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي تفسير سورة غافر [ من الآية 18 إلى الآية 22]


تفسير سورة غافر [ من الآية 18 إلى الآية 22]

{وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآَزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ (18) يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19) وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (20) أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآَثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (21) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (22) }


روابط مهمة:
- القراءات
- توجيه القراءات
- الوقف والابتداء


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18 جمادى الأولى 1434هـ/29-03-2013م, 12:51 PM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآَزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ (18) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين قال شخصت من صدورهم فنشبت في حلوقهم فلم تخرج ولم ترجع). [تفسير عبد الرزاق: 2/180]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى يوم الآزفة قال الساعة). [تفسير عبد الرزاق: 2/180]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظّالمين من حميمٍ ولا شفيعٍ يطاع (18) يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصّدور (19) واللّه يقضي بالحقّ والّذين يدعون من دونه لا يقضون بشيءٍ إنّ اللّه هو السّميع البصير}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه: وأنذر يا محمّد مشركي قومك يوم الآزفة، يعني يوم القيامة، أن يوافوا اللّه فيه بأعمالهم الخبيثة، فيستحقّوا من اللّه عقابه الأليم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {يوم الآزفة} قال: يوم القيامة.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وأنذرهم يوم الآزفة} يوم القيامة.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {وأنذرهم يوم الآزفة} قال: يوم القيامة.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {وأنذرهم يوم الآزفة} قال: يوم القيامة وقرأ: {أزفت الآزفة ليس لها من دون اللّه كاشفةٌ}.
وقوله: {إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين} يقول تعالى ذكره: إذ قلوب العباد من مخافة عقاب اللّه لدى حناجرهم قد شخصت من صدورهم، فتعلّقت بحلوقهم كاظميها، يرومون ردّها إلى مواضعها من صدورهم فلا ترجع، ولا هي تخرج من أبدانهم فيموتوا.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {إذ القلوب لدى الحناجر} قال: قد وقفت القلوب في الحناجر من المخافة، فلا هي تخرج ولا تعود إلى أمكنتها.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين} قال: شخصت أفئدتهم عن أمكنتها، فنشبت في حلوقهم، فلم تخرج من أجوافهم فيموتوا، ولم ترجع إلى أمكنتها فتستقرّ.
واختلف أهل العربيّة في وجه النّصب {كاظمين}؛ فقال بعض نحويّي البصرة: انتصابه على الحال، كأنّه أراد: إذ القلوب لدى الحناجر في هذه الحال وكان بعض نحويّي الكوفة يقول: الألف واللاّم بدلٌ من الإضافة، كأنّه قال: إذا قلوبهم لدى حناجرهم في حال كظمهم وقال آخر منهم: هو نصبٌ على القطع من المعنى الّذي يرجع من ذكرهم في القلوب والحناجر، المعنى: إذ قلوبهم لدى حناجرهم كاظمين قال: فإن شئت جعلت قطعه من الهاء الّتي في قوله {وأنذرهم} قال: والأوّل أجود في العربيّة، وقد تقدّم بيان وجه ذلك.
وقوله: {ما للظّالمين من حميمٍ ولا شفيعٍ} يقول جلّ ثناؤه: ما للكافرين باللّه يومئذٍ من حميمٍ يحمّ لهم، فيدفع عنهم عظيم ما نزل بهم من عذاب اللّه، ولا شفيعٍ يشفع لهم عند ربّهم فيطاع فيما شفع، ويجاب فيما سأل.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {ما للظّالمين من حميم ولا شفيعٍ} قال: من يعنيه أمرهم، ولا شفيعٍ لهم.
وقوله: {يطاع} صلةٌ للشّفيع ومعنى الكلام: ما للظّالمين من حميمٍ ولا شفيعٍ إذا شفع أطيع فيما شفع، فأجيب وقبلت شفاعته له). [جامع البيان: 20/300-302]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وأنذرهم يوم الآزفة قال يعني يوم القيامة). [تفسير مجاهد: 564]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 18.
أخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه {وأنذرهم يوم الآزفة} قال: الساعة {إذ القلوب لدى الحناجر} قال: وقعت في حناجرهم من المخافة فلا تخرج ولا تعود إلى أماكنها). [الدر المنثور: 13/31]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه {وأنذرهم يوم الآزفة} قال: يوم القيامة). [الدر المنثور: 13/31]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه {إذ القلوب لدى الحناجر} قال: إذا عاين أهل النار النار حتى تبلغ حناجرهم فلا تخرج فيموتون ولا ترجع إلى أماكنها من أجوافهم، وفي قوله {كاظمين} قال: باكين). [الدر المنثور: 13/31]

تفسير قوله تعالى: (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى يعلم خائنة الأعين قال يعلم همزه بعينه وإغماضه فيما لا يحب الله). [تفسير عبد الرزاق: 2/180]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {يعلم خائنة الأعين} يقول جلّ ذكره مخبرًا عن صفة نفسه: يعلم ربّكم ما خانت أعين عباده، وما أخفته صدورهم، يعني: وما أضمرته قلوبهم؛ يقول: لا يخفى عليه شيءٌ من أمورهم حتّى ما يحدّث به نفسه، ويضمره قلبه إذا نظر ماذا يريد بنظره، وما ينوي ذلك بقلبه {واللّه يقضي بالحقّ} يقول: واللّه تعالى ذكره يقضي في الّذي خانته الأعين بنظرها، وأخفته الصّدور عند نظر العيون بالحقّ، فيجزي الّذين أغمضوا أبصارهم، وصرفوها عن محارمه حذار الموقف بين يديه، ومسألته عنه بالحسنى، والّذين ردّوا النّظر، وعزمت قلوبهم على مواقعة الفواحش إذا قدرت، جزاءها.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عبد اللّه بن أحمد المروزيّ، قال: حدّثنا عليّ بن حسين بن واقدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثنا الأعمش، قال: حدّثنا سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، {يعلم خائنة} الأعين إذا نظرت إليها تريد الخيانة أم لا {وما تخفي الصّدور} إذا قدرت عليها أتزني بها أم لا؟ قال: ثمّ سكت، ثمّ قال: ألا أخبركم بالّتي تليها؟ قلت نعم قال: {واللّه يقضي بالحقّ} قادرٌ على أن يجزي بالحسنة الحسنة، وبالسّيّئة السّيّئة {إنّ اللّه هو السّميع البصير} قال الحسين: فقلت للأعمش: حدّثني الكلبيّ، إلاّ أنّه قال: إنّ اللّه قادرٌ على أن يجزي بالسّيّئة السّيّئة، وبالحسنة عشرًا. فقال الأعمش: لو إنّ الّذي عند الكلبيّ عندي، ما خرج منّي إلاّ بحقيرٍ.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {يعلم خائنة الأعين} قال: نظر الأعين إلى ما نهى اللّه عنه.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {خائنة الأعين} أي يعلم همزه بعينه، وإغماضه فيما لا يحبّ اللّه ولا يرضاه). [جامع البيان: 20/303-304]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله خائنة الأعين قال يعني نظر الأعين إلى ما نهي). [تفسير مجاهد: 564]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {يعلم خائنة الأعين} [غافر: 19].
- عن ابن عبّاسٍ في قول اللّه {يعلم خائنة الأعين} [غافر: 19] إذا نظرت إليها تريد الخيانة أم لا؟ {وما تخفي الصّدور} [غافر: 19] إذا قدرت عليها أتزني بها أم لا؟ ألا أخبركم بالّتي تليها؟ {واللّه يقضي بالحقّ} [غافر: 20] قادرٌ على أن يجزي بالحسنة الحسنة وبالسّيّئة السّيّئة {إنّ اللّه هو السّميع البصير} [غافر: 20].
رواه الطّبرانيّ في الأوسط، وفيه عبد اللّه بن أحمد بن شبّويه وهو مستورٌ، وبقيّة رجاله ثقاتٌ). [مجمع الزوائد: 7/102]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 19 - 20.
أخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور} قال: الرجل يكون في القوم فتمر بهم المرأة فيريهم أنه يغض بصره عنها وإذا غفلوا لحظ إليها وإذا نظروا غض بصره عنها وقد اطلع الله من قلبه أنه ود أنه ينظر إلى عورتها). [الدر المنثور: 13/31-32]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو نعيم في الحلية، وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {يعلم خائنة الأعين} قال: نظرت إليها لتريد الخيانة أم لا {وما تخفي الصدور} قال: إذا قدرت عليها أتزني بها أم لا ألا أخبركم {والله يقضي بالحق} قادر على أن يجزي بالحسنة الحسنة وبالسيئة السيئة). [الدر المنثور: 13/32]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ في العظمة عن قتادة رضي الله عنه {يعلم خائنة الأعين} قال: يعلم همزه واضمامه بعينيه فيما لا يحب الله تعالى). [الدر المنثور: 13/32]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه {يعلم خائنة الأعين} قال: نظر العين إلى ما نهي عنه). [الدر المنثور: 13/32]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن أبي الجوزاء رضي الله عنه {يعلم خائنة الأعين} قال: كان الرجل يدخل على القوم في البيت وفي البيت امرأة فيرفع رأسه فيلحظ إليها ثم ينكس). [الدر المنثور: 13/32-33]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو داود والنسائي، وابن مردويه عن سعد رضي الله عنه قال: لما كان يوم فتح مكة أمن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلا أربعة نفر وامرأتين وقال: أقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة منهم عبد الله بن سعد بن أبي سرح، فأختبأ عند عثمان بن عفان رضي الله عنه فلما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة جاء به فقال: يا رسول الله بايع عبد الله، فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثا كل ذلك يأبى يبايعه ثم أقبل على أصحابه فقال: أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حين رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله فقالوا: ما يدرينا يا رسول الله ما في نفسك هلا أومأت إلينا بعينك قال: أنه لا ينبغي لنبي أن يكون له خائنة الأعين). [الدر المنثور: 13/33]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الخطيب في تاريخه والحكيم الترمذي عن أم معبد رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم طهر قلبي من النفاق وعملي من الرياء ولساني من الكذب وعيني من الخيانة فإنك تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور). [الدر المنثور: 13/33]

تفسير قوله تعالى: (وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (20) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {واللّه يقضي بالحقّ} يقول: واللّه تعالى ذكره يقضي في الّذي خانته الأعين بنظرها، وأخفته الصّدور عند نظر العيون بالحقّ، فيجزي الّذين أغمضوا أبصارهم، وصرفوها عن محارمه حذار الموقف بين يديه، ومسألته عنه بالحسنى، والّذين ردّوا النّظر، وعزمت قلوبهم على مواقعة الفواحش إذا قدرت، جزاءها.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عبد اللّه بن أحمد المروزيّ، قال: حدّثنا عليّ بن حسين بن واقدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثنا الأعمش، قال: حدّثنا سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، {يعلم خائنة} الأعين إذا نظرت إليها تريد الخيانة أم لا {وما تخفي الصّدور} إذا قدرت عليها أتزني بها أم لا؟ قال: ثمّ سكت، ثمّ قال: ألا أخبركم بالّتي تليها؟ قلت نعم قال: {واللّه يقضي بالحقّ} قادرٌ على أن يجزي بالحسنة الحسنة، وبالسّيّئة السّيّئة {إنّ اللّه هو السّميع البصير} قال الحسين: فقلت للأعمش: حدّثني الكلبيّ، إلاّ أنّه قال: إنّ اللّه قادرٌ على أن يجزي بالسّيّئة السّيّئة، وبالحسنة عشرًا. فقال الأعمش: لو إنّ الّذي عند الكلبيّ عندي، ما خرج منّي إلاّ بحقيرٍ). [جامع البيان: 20/303-304] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {والّذين يدعون من دونه لا يقضون بشيءٍ} يقول: والأوثان والآلهة الّتي يعبدها هؤلاء المشركون باللّه من قومك من دونه لا يقضون بشيءٍ، لأنّها لا تعلم شيئًا، ولا تقدر على شيءٍ، يقول جلّ ثناؤه لهم: فاعبدو ا الّذي يقدر على كلّ شيءٍ، ولا يخفى عليه شيءٌ من أعمالكم، فيجزي محسنكم بالإحسان، والمسيء بالإساءة، لا ما لا يقدر على شيءٍ ولا يعلم شيئًا، فيعرف المحسن من المسيء، فيثيب المحسن، ويعاقب المسيء.
وقوله: {إنّ اللّه هو السّميع البصير} يقول: إنّ اللّه هو السّميع لما تنطق به ألسنتكم أيّها النّاس، البصير بما تفعلون من الأفعال، محيطٌ بكلّ ذلك محصيه عليكم، ليجازي جميعكم جزاءه يوم الجزاء.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {والّذين يدعون من دونه} فقرأ ذلك، عامّة قرّاء المدينة: (والّذين تدعون من دونه) بالتّاء على وجه الخطاب، وقرأ ذلك عامّة قرّاء الكوفة بالياء على وجه الخبر.
والصّواب من القول في ذلك أنّهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ). [جامع البيان: 20/304-305]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {يعلم خائنة الأعين} [غافر: 19].
- عن ابن عبّاسٍ في قول اللّه {يعلم خائنة الأعين} [غافر: 19] إذا نظرت إليها تريد الخيانة أم لا؟ {وما تخفي الصّدور} [غافر: 19] إذا قدرت عليها أتزني بها أم لا؟ ألا أخبركم بالّتي تليها؟ {واللّه يقضي بالحقّ} [غافر: 20] قادرٌ على أن يجزي بالحسنة الحسنة وبالسّيّئة السّيّئة {إنّ اللّه هو السّميع البصير} [غافر: 20].
رواه الطّبرانيّ في الأوسط، وفيه عبد اللّه بن أحمد بن شبّويه وهو مستورٌ، وبقيّة رجاله ثقاتٌ). [مجمع الزوائد: 7/102] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو نعيم في الحلية، وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {يعلم خائنة الأعين} قال: نظرت إليها لتريد الخيانة أم لا {وما تخفي الصدور} قال: إذا قدرت عليها أتزني بها أم لا ألا أخبركم {والله يقضي بالحق} قادر على أن يجزي بالحسنة الحسنة وبالسيئة السيئة). [الدر المنثور: 13/32] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {والله يقضي بالحق} قال: قادر على أن يقضي بالحق {والذين يدعون من دونه} لا يقدرون على أن يقضوا بالحق). [الدر المنثور: 13/33-34]

تفسير قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآَثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (21) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الّذين كانوا من قبلهم كانوا هم أشدّ منهم قوّةً وآثارًا في الأرض فأخذهم اللّه بذنوبهم وما كان لهم من اللّه من واقٍ}.
يقول تعالى ذكره: أولم يسر هؤلاء المقيمون على شركهم باللّه، المكذّبون رسوله من قريشٍ، في البلاد، {فينظروا كيف كان عاقبة الّذين كانوا من قبلهم} يقول: فيروا ما الّذي كان خاتمة أمم الّذين كانوا من قبلهم من الأمم الّذين سلكوا سبيلهم، في الكفر باللّه، وتكذيب رسله {كانوا هم أشدّ منهم قوّةً} يقول: كانت تلك الأمم الّذين كانوا من قبلهم أشدّ منهم بطشًا، وأبقى في الأرض آثارًا، فلم تنفعهم شدّة قواهم، وعظم أجسامهم، إذ جاءهم أمر اللّه، وأخذهم بما أجرموا من معاصيه، واكتسبوا من الآثام، ولكنّه أباد جمعهم، وصارت مساكنهم خاويةً منهم بما ظلموا {وما كان لهم من اللّه من واقٍ} يقول: وما كان لهم من عذاب اللّه إذ جاءهم، من واقٍ يقيهم، فيدفعه عنهم.
- كالّذي حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وما كان لهم من اللّه من واقٍ} يقيهم، ولا ينفعهم). [جامع البيان: 20/305-306]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (من آية 21 - 22.
أخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه {وما كان لهم من الله من واق} قال: من واق يقيهم ولا ينفعهم). [الدر المنثور: 13/34]

تفسير قوله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (22) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ذلك بأنّهم كانت تأتيهم رسلهم بالبيّنات فكفروا فأخذهم اللّه إنّه قويٌّ شديد العقاب}.
يقول تعالى ذكره: هذا الّذي فعلنا بهؤلاء الأمم الّذين من قبل مشركي قريشٍ من أهلكناهم بذنوبهم فعلنا بهم بأنّهم كانت تأتيهم رسل اللّه إليهم بالبيّنات، يعني بالآيات الدّالات على حقيقة ما تدعوهم إليه من توحيد اللّه، والانتهاء إلى طاعته {فكفروا} يقول: فانكروا رسالتها، وجحدوا توحيد اللّه، وأبوا أن يطيعوا اللّه {فأخذهم اللّه} يقول: فأخذهم اللّه بعذابه فأهلكهم {إنّه قويٌّ شديد العقاب} يقول: إنّ اللّه ذو قوّةٍ لا يقهره شيءٌ، ولا يغلبه، ولا يعجزه شيءٌ أراده، شديدٌ عقابه من عاقب من خلقه؛ وهذا وعيدٌ من اللّه مشركي قريشٍ، المكذّبين رسوله محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم يقول لهم جلّ ثناؤه: فاحذروا أيّها القوم أن تسلكوا سبيلهم في تكذيب محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم وجحود توحيد اللّه، ومخالفة أمره ونهيه فيسلك بكم في تعجيل الهلاك لكم مسلكهم). [جامع البيان: 20/306]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 23 جمادى الأولى 1434هـ/3-04-2013م, 10:48 PM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي

التفسير اللغوي




تفسير قوله تعالى: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآَزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ (18) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {الآزفة...}, وهي: القيامة.
وقوله: {كاظمين...}: نصبت على القطع من المعنى الذي يرجع من ذكرهم في القلوب والحناجر، والمعنى: إذ قلوبهم لدى حناجرهم كاظمين. وإن شئت جعلت قطعه من الهاء في قوله: {وأنذرهم} ، والأول أجود في العربية.
ولو كانت "كاظمون" مرفوعة على قولك: إذ القلوب لدى الحناجر : إذ هم كاظمون، أو على الاستئناف كان صوابا.
وقوله: {ما للظّالمين من حميمٍ ولا شفيعٍ يطاع...}: تقبل شفاعته). [معاني القرآن: 3/6-7]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وأنذرهم يوم الأزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظّالمين من حميمٍ ولا شفيعٍ يطاع}
وقال: {إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين}, فانتصاب {كاظمين} على الحال ؛ كأنه أراد "القلوب لدى الحناجر في هذه الحال".). [معاني القرآن: 4/3]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({الآزفة} : القيامة. سميت بذلك: لقربها, يقال: أزفت , فهي آزفة، وأزف: شخوص فلان، أي قرب.). [تفسير غريب القرآن: 386]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظّالمين من حميم ولا شفيع يطاع (18)}
معنى أنذرهم خوّفهم، والآزفة يوم القيامة، كذا جاء في التفسير.
وإنما قيل لها آزفة لأنها قريبة وإن استبعد الناس مداها.
يقال قد أزف الأمر إذا قرب.
وقوله: {إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين}
نصب{كاظمين}على الحال، والحال محمولة على المعنى لأن القلوب لا يقال لها كاظمة، وإنّما الكاظمون أصحاب القلوب والمعنى إذ قلوب الناس لدى الحناجر في حال كظمهم.
وجاء في التفسير : أن القلب من الفزع يرتفع , فيلتصق بالحنجرة , فلا يرجع إلى مكانه , ولا يخرج ؛ فيستراح من كرب غمّه.
{ما للظّالمين من حميم ولا شفيع يطاع}ْ : {يطاع} من صفة شفيع، أي ولا من شفيع مطاع.). [معاني القرآن: 4/369-370]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين}
قال مجاهد , وقتادة: أي: القيامة.
قال الكسائي : يقال أزف الشيء يأزف , أي: دنا , واقترب .
قال أبو جعفر : قيل للقيامة الآزفة لقربها , وإن بعدت عن الناس , ومنه يقال: أزف رحيل فلان .
ثم قال جل وعز: {إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين}
قال قتادة: شخصت من صدورهم , فنشبت في حلوقهم فلم تخرج , ولم ترجع .
وقال غيره: تزحزحت قلوبهم من الفزع , فلم تخرج فيستريحوا , ولم ترجع .
ثم قال تعالى: {كاظمين} :أي: مغتاظين , ولا شيء يزيل غيظهم , يقال : كظم البعير بجرته إذا رددها في حلقه , وكظم غيظه إذا حبسه .
ثم قال جل وعز: {ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع} :أي :ليس لهم شفيع مطاع.
قال الحسن: استكثروا من الأصدقاء المؤمنين , فإن الرجل منهم يشفع في قريبه وصديقه , فإذا رأى الكفار ذلك , قالوا: فما لنا من شافعين , ولا صديق حميم). [معاني القرآن: 6/211-212]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الْآزِفَةِ}: القيامة سميت بذلك لقربها). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 215]



تفسير قوله تعالى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (ثم قال: {يعلم خائنة الأعين} : يعني: الله عز وجل، يقال: إنّ للرجل نظرتين: فالأولى مباحة له، والثانية محرمة عليه، فقوله: {يعلم خائنة} : الأعين في النظرة الثانية، وما تخفى الصدور في النظرة الأولى, فإن كانت النظرة الأولى تعمّداً , كان فيها الإثم أيضاً، وإن لم يكن تعمّدها فهي مغفورة). [معاني القرآن: 3/7]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({يعلم خائنة الأعين}, قال قتادة: هي همزه بعينه , وإغماضه فيما لا يحب اللّه.
والخيانة والخائنة واحد, قال اللّه تعالى: {ولا تزال تطّلع على خائنةٍ منهم} ). [تفسير غريب القرآن: 386]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصّدور (19)}
إذا نظر الناظر نظرة خيانة علمها اللّه، فإذا نظر أول نظرة غير متعمد خيانة فذلك غير إثم، فإن عاد ونيته الخيانة في النّظر علم الله ذلك، والله عزّ وجلّ عالم الغيب والشهادة، ولكنه ذكر العلم ههنا ؛ ليعلم أن المجازاة لا محالة واقعة). [معاني القرآن: 4/370]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور}
قال ابن عباس : (هو الرجل ينظر إلى المرأة , فإذا نظر إليه أصحابه غض بصره , فإذا رأى منهم غفلة تدسس , فإذا نظروا إليه غض بصره , وقد علم الله جل وعز منه أن بوده أن لو نظر إلى عورتها) .
وقال جرير بن عبد الله : (سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجاءة , فأمرني أن أغض بصري).). [معاني القرآن: 6/212-213]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ}: أي: خيانة , وهو همزه , وإغماضه بعينه.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 216]



تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآَثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (21) }
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وآثارا في الأرض}
قال مجاهد: هو مشيهم , وتأثيرهم في الأرض.). [معاني القرآن: 6/213]


تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (22) }

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 23 جمادى الأولى 1434هـ/3-04-2013م, 10:49 PM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآَزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ (18) }

تفسير قوله تعالى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19) }

تفسير قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (20) }
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (باب القاضي
إذا كان القاضي معروفا، فإنه بمنزلة الحكماء والعلماء؛ وإذا كان مجهولا، فإنه –في التأويل- الله عز وجل لقوله: {يقضي بالحق}. {وهو خير الفاصلين}. ولقوله: {وقضى ربك}. وهو يقضي بين عباده، ولأن كل شيء بقضائه). [تعبير الرؤيا: 109]

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآَثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (21) }

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (22) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 03:03 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 03:03 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 03:07 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآَزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ (18) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع * يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور * والله يقضي بالحق والذين يدعون من دونه لا يقضون بشيء إن الله هو السميع البصير * أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم كانوا هم أشد منهم قوة وآثارا في الأرض فأخذهم الله بذنوبهم وما كان لهم من الله من واق}
أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالإنذار للعالم والتحذير من يوم القيامة وأهواله، وهو الذي أراد بـ[يوم الآزفة]، قاله مجاهد، وابن زيد، وقتادة، ومعنى [الآزفة]: القريبة، من أزف الشيء إذا قرب، والآزفة في الآية صفة لمحذوف قد علم واستقر في النفوس هوله، فعبر عنه بالقرب تخويفا، والتقدير: يوم الساعة الآزفة، أو الطامة الآزفة، ونحو هذا، فكما لو قال: "وأنذرهم الساعة لعلم هولها بما استقر في النفوس من أمرها، فكذلك علم هنا إذا جاء بصفتها التي تقتضي حلولها واقترابها.
وقوله تعالى: {إذ القلوب لدى الحناجر} معناه: عند الحناجر، قد صعدت من شدة الهول والجزع، وهذا أمر يحتمل أن يكون حقيقة يوم القيامة من انتقال قلوب البشر إلى حناجرهم وتبقى حياتهم، بخلاف الدنيا التي لا تبقى فيها لأحد مع تنقل قلبه، ويحتمل أن يكون تجوزا عبر عما يجده الإنسان من الجزع وصعود نفسه وتضايق حنجرته بصعود القلب، وهذا كما تقول العرب: كادت نفسي أن تخرج، وهذا المعنى يجده المفرط الجزع كالذي يقرب للقتل ونحوه.
وقوله تعالى: {[كاظمين]} حال مما أبدل منه قوله تعالى: {إذ القلوب لدى الحناجر}، أو مما تنضاف إليه [القلوب] إذ المراد: إذ قلوب الناس لدى حناجرهم، وهذا كقوله تعالى: {تشخص فيه الأبصار مهطعين}، أراد تعالى: تشخص فيه أبصارهم. و"الكاظم": الذي يرد غيظه وجزعه في صدره.
فمعنى الآية أنهم يطمعون برد ما يجدونه في الحناجر والحال تغالبهم، ثم أخبر تعالى أن الظالمين ظلم الكفر هم في تلك الحال ليس لهم حميم، أي قريب يهتم لهم ويتعصب، ولا لهم شفيع يطاع فيهم، وإن هم بعضهم بالشفاعة لبعض فهي شفاعة لا تقبل، وقد روي أن بعض الكفرة يقولون لإبليس يوم القيامة: اشفع لنا، فيقوم ليشفع، فتبدو منه أنتن ريح يؤذي بها أهل المحشر، ثم ينحصر ويكع ويخزى. و"يطاع" في موضع الصفة لـ[شفيع]; لأن التقدير: ولا شفيع يطاع، وموضع [يطاع] يحتمل أن يكون خفضا حملا على اللفظ، ويحتمل أن يكون رفعا عطفا على الموضع قبل دخول [من].
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذه الآية كلها عندي اعتراض في الكلام بليغ). [المحرر الوجيز: 7/ 430-431]

تفسير قوله تعالى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {يعلم خائنة الأعين} متصل بقوله: {سريع الحساب}؛ لأن سرعة حسابه تعالى للخلق إنما هي بعلمه الذي لا يحتاج معه إلى روية وفكرة، ولا لشيء مما يحتاجه الحاسبون، وقالت فرقة: [يعلم] متصل بقوله تعالى: {لا يخفى على الله منهم شيء}، وهذا قول حسن، يقويه تناسب المعنيين، ويضعفه بعد الآية من الآية وكثرة الحائل. والخائنة مصدر كالخيانة، ويحتمل في الآية أن يكون [خائنة] اسم فاعل، كما تقول: ناظرة الأعين، أي: يعلم الأعين إذا خانت في نظرها، وهذه الآية عبارة عن علم الله تعالى بجميع الخفيات، فمن ذلك كسر الجفون، والغمز بالعين، والنظرة التي تفهم معنى، أو يريد بها صاحبها معنى، ومن هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم حين جاءه عبد الله بن أبي سرح ليسلم بعد ردته بشفاعة عثمان رضي الله عنه، فتلكأ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بايعه، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "هلا قام إليه رجل حين تلكأت عليه فضرب عنقه؟" فقالوا: يا رسول الله، ألا أومأت إلينا، فقال عليه الصلاة والسلام: "ما ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين"، وفي بعض الكتب المنزلة من قول الله عز وجل: "أنا مرصاد الهمم، أنا العالم بمجال الفكر وكسر الجفون"، وقال مجاهد: خائنة الأعين: مسارقة النظر إلى ما لا يجوز.
ثم قوى الله تعالى هذه الأخبار بأنه يعلم ما تخفي الصدور، مما لم يظهر على عين ولا غيرها، ومثل المفسرون في هذه الآية بنظر رجل إلى امرأة هي حرمة لغيره فقالوا: خائنة الأعين هي النظرة الثانية، وما تخفي الصدور، أي عند النظرة الأولى التي لا يمكن المرء دفعها.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله
وهذا المثال جزء من خائنة الأعين). [المحرر الوجيز: 7/ 431-432]

تفسير قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (20) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم قدح في جهة الأصنام، فأعلم أنه لا رب غيره، يقضي بالحق، أي يجازي الحسنة بعشر والسيئة بمثلها، وينصف المظلوم من الظالم، إلى غير ذلك من أقضية الحق والعدل، والأصنام لا تقضي بشيء ولا تنفذ أمرا. و"يدعون" معناه: يعبدون، وقرأ جمهور القراء: "يدعون" بالياء على ذكر الغائب، وقرأ نافع - بخلاف عنه - وأبو جعفر، وشيبة: "تدعون" بالتاء، على معنى: قل لهم يا محمد: والذين تدعون أنتم. ثم ذكر تعالى لنفسه صفتين بين عرو الأوثان عنهما، وهي في جهة الله تعالى عبارة عن الإدراك على إطلاقه). [المحرر الوجيز: 7/ 432-433]

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآَثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (21) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أحال كفار قريش - وهم أصحاب الضمير في "يسيروا" - على الاعتبار بالأمم القديمة التي كذبت أنبياءها فأهلكها الله تعالى، وقوله تعالى: {فينظروا} يحتمل أن يجعل في موضع نصب جواب الاستفهام، ويحتمل أن يكون مجزوما عطفا على يسيروا، و"كيف" في قوله تعالى: {كيف كان عاقبة} خبر "كان" مقدم، وفي "كيف" ضمير، وهذا على أن تكون "كان" الناقصة، وأما إن جعلت تامة بمعنى حدث ووقع فـ"كيف" ظرف ملغى لا ضمير فيه.
وقرأ ابن عامر وحده: "أشد منكم" بالكاف، وكذلك هي في مصاحف أهل الشام، وذلك على الخروج من غيبة إلى الخطاب، وقرأ الباقون: "أشد منهم"، وكذلك هي في سائر المصاحف، وذلك أوفق لتناسب ذكر الغائب، و"الآثار في الأرض" هي المباني والمآثر والصيت الدنيوي. و"ذنوبهم" كانت تكذيب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، و"الواقي": الساتر المانع، مأخوذ من الوقاية). [المحرر الوجيز: 7/ 433]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (22) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ذلك بأنهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فكفروا فأخذهم الله إنه قوي شديد العقاب * ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين * إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحر كذاب * فلما جاءهم بالحق من عندنا قالوا اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه واستحيوا نساءهم وما كيد الكافرين إلا في ضلال}
قوله تعالى: "ذلك" إشارة إلى أخذه إياهم بذنوبهم وإن لم يكن لهم منه واق، ثم ذكر تعالى أن السبب في إهلاكهم هو ما قريش عليه من أن جاءهم رسول من الله ببينات من المعجزات والبراهين فكفروا به، وذكر أن الله تعالى أخذهم، ووصف نفسه بالقوة وشدة العقاب، وهذا كله بيان في وعيد قريش). [المحرر الوجيز: 7/ 433-434]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 04:42 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 04:44 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآَزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ (18) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظّالمين من حميمٍ ولا شفيعٍ يطاع (18) يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصّدور (19) واللّه يقضي بالحقّ والّذين يدعون من دونه لا يقضون بشيءٍ إنّ اللّه هو السّميع البصير (20) }
يوم الآزفة هو: اسمٌ من أسماء يوم القيامة، سمّيت بذلك لاقترابها، كما قال تعالى: {أزفت الآزفة. ليس لها من دون اللّه كاشفةٌ} [النّجم:57، 58] وقال {اقتربت السّاعة وانشقّ القمر} [القمر: 1]، وقال {اقترب للنّاس حسابهم} [الأنبياء:1] وقال {أتى أمر اللّه فلا تستعجلوه} [النّحل:1] وقال {فلمّا رأوه زلفةً سيئت وجوه الّذين كفروا وقيل هذا الّذي كنتم به تدّعون} [الملك:27].
وقوله: {إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين} [أي ساكتين]، قال قتادة: وقفت القلوب في الحناجر من الخوف، فلا تخرج ولا تعود إلى أماكنها. وكذا قال عكرمة، والسّدّيّ، وغير واحدٍ.
ومعنى {كاظمين} أي: ساكتين، لا يتكلّم أحدٌ إلّا بإذنه {يوم يقوم الرّوح والملائكة صفًّا لا يتكلّمون إلا من أذن له الرّحمن وقال صوابًا} [النّبأ:38].
وقال ابن جريج: {كاظمين} أي: باكين.
وقوله: {ما للظّالمين من حميمٍ ولا شفيعٍ يطاع} أي: ليس للّذين ظلموا أنفسهم بالشّرك باللّه من قريبٍ منهم ينفعهم، ولا شفيعٍ يشفّع فيهم، بل قد تقطّعت بهم الأسباب من كلّ خيرٍ). [تفسير ابن كثير: 7/ 136-137]

تفسير قوله تعالى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصّدور} يخبر تعالى عن علمه التّامّ المحيط بجميع الأشياء، جليلها وحقيرها، صغيرها وكبيرها، دقيقها ولطيفها؛ ليحذر النّاس علمه فيهم، فيستحيوا من اللّه حقّ الحياء، ويتّقوه حقّ تقواه، ويراقبوه مراقبة من يعلم أنّه يراه، فإنّه تعالى يعلم العين الخائنة وإن أبدت أمانةً، ويعلم ما تنطوي عليه خبايا الصّدور من الضّمائر والسّرائر.
قال ابن عبّاسٍ في قوله: {يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصّدور} وهو الرّجل يدخل على أهل البيت بيتهم، وفيهم المرأة الحسناء، أو تمرّ به وبهم المرأة الحسناء، فإذا غفلوا لحظ إليها، فإذا فطنوا غضّ، فإذا غفلوا لحظ، فإذا فطنوا غضّ [بصره عنها] وقد اطّلع اللّه من قلبه أنّه ودّ أن لو اطّلع على فرجها. رواه ابن أبي حاتمٍ.
وقال الضّحّاك: {خائنة الأعين} هو الغمز، وقول الرّجل: رأيت، ولم ير؛ أو: لم أر، وقد رأى.
وقال ابن عبّاسٍ: يعلم [اللّه] تعالى من العين في نظرها، هل تريد الخيانة أم لا؟ وكذا قال مجاهدٌ، وقتادة.
وقال ابن عبّاسٍ في قوله: {وما تخفي الصّدور} يعلم إذا أنت قدرت عليها هل تزني بها أم لا؟.
وقال السّدّيّ: {وما تخفي الصّدور} أي: من الوسوسة).[تفسير ابن كثير: 7/ 137]

تفسير قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (20) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {واللّه يقضي بالحقّ} أي: يحكم بالعدل.
وقال الأعمش: عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ [رضي اللّه عنهما] في قوله: {واللّه يقضي بالحقّ} قادرٌ على أن يجزي بالحسنة الحسنة، وبالسّيّئة السّيّئة {إنّ اللّه هو السّميع البصير}.
وهذا الّذي فسّر به ابن عبّاسٍ في هذه الآية كقوله تعالى: {ليجزي الّذين أساءوا بما عملوا ويجزي الّذين أحسنوا بالحسنى} [النّجم: 31]. وقوله: {والّذين يدعون من دونه} أي: من الأصنام والأوثان والأنداد، {لا يقضون بشيءٍ} أي: لا يملكون شيئًا ولا يحكمون بشيءٍ {إنّ اللّه هو السّميع البصير} أي: سميعٌ لأقوال خلقه، بصيرٌ بهم، فيهدي من يشاء، ويضلّ من يشاء، وهو الحاكم العادل في جميع ذلك).[تفسير ابن كثير: 7/ 138]

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآَثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (21) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الّذين كانوا من قبلهم كانوا هم أشدّ منهم قوّةً وآثارًا في الأرض فأخذهم اللّه بذنوبهم وما كان لهم من اللّه من واقٍ (21) ذلك بأنّهم كانت تأتيهم رسلهم بالبيّنات فكفروا فأخذهم اللّه إنّه قويٌّ شديد العقاب (22) }
يقول تعالى: أو لم يسر هؤلاء المكذّبون برسالتك يا محمّد {في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الّذين كانوا من قبلهم} أي: من الأمم المكذّبة بالأنبياء، ما حلّ بهم من العذاب والنّكال مع أنّهم كانوا أشدّ من هؤلاء قوّةً {وآثارًا في الأرض} أي: أثّروا في الأرض من البنايات والمعالم والدّيارات، ما لا يقدر عليه هؤلاء، كما قال: {ولقد مكّنّاهم فيما إن مكّنّاكم فيه} [الأحقاف: 26]، وقال {وأثاروا الأرض وعمروها أكثر ممّا عمروها} [الرّوم: 9] أي: ومع هذه القوّة العظيمة والبأس الشّديد، أخذهم اللّه بذنوبهم، وهي كفرهم برسلهم، {وما كان لهم من اللّه من واقٍ} أي: وما دفع عنهم عذاب اللّه أحدٌ، ولا ردّه عنهم رادٌّ، ولا وقاهم واقٍ). [تفسير ابن كثير: 7/ 138]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (22) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ ذكر علّة أخذه إيّاهم وذنوبهم الّتي ارتكبوها واجترموها، فقال: {ذلك بأنّهم كانت تأتيهم رسلهم بالبيّنات} أي: بالدّلائل الواضحات والبراهين القاطعات، {فكفروا} أي: مع هذا البيان والبرهان كفروا وجحدوا، {فأخذهم اللّه} أي: أهلكهم ودمّر عليهم وللكافرين أمثالها، {إنّه قويٌّ شديد العقاب} أي: ذو قوّةٍ عظيمةٍ وبطشٍ شديدٍ، وهو {شديد العقاب} أي: عقابه أليمٌ شديدٌ وجيعٌ. أعاذنا اللّه منه). [تفسير ابن كثير: 7/ 138]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:37 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة