العودة   جمهرة العلوم > المنتديات > منتدى جمهرة علوم الحديث

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16 رجب 1442هـ/27-02-2021م, 10:21 PM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي تلخيص أقوال العلماء في مرويات عبد الله بن لهيعة (ت:174هـ)

تلخيص أقوال العلماء في روايات
عبد الله بن لهيعة بن عقبة الحضرمي(ت:174هـ)


أبو عبد الرحمن المصري، محدّث مصر ومفتيها وقاضيها، عالم جليل، ورجل صالح صدوق، اجتهد في طلب العلم، وجمع الحديث، حتى كتب حديثاً كثيراً جداً، عجز عن ضبطه، ووقع منه تساهلٌ في تحمّله وأدائه؛ وهو غير متّهم بالكذب، لكن دخل الخلل في حديثه بسبب تساهله في الرواية والتحديث، وقد كثر كلام أهل العلم فيه، واختلفوا في أمور منها:
1: احتراق كتبه؛ فمنهم من أطلق القول باحتراقها، ومنهم من نفى ذلك، وذهب إلى أنّ حريق داره لم يذهب بكتبه الأصول.
2: التفريق بين السماع القديم منه والسماع المتأخر.
3: التفريق بين رواية العبادلة عنه ورواية غيرهم.
4: هل يُكتب حديثه أو يُترك؟


ولما رأيت كلام أهل العلم في هذه المسائل كثيراً متفرقاً، رغبت في جمعه وتصنيفه وترتيبه، وعزوه إلى مصادره الأصلية ما أمكن، في ملخّص يسهل النظر فيه واستخلاص حال مرويات هذا المحدّث الكبير الذي كان يُعدّ من أوعية العلم بمصر، رحمه الله وغفر له.

وخلاصة القول فيه أنه رجل صدوق في نفسه، ضعيف الحديث مطلقاً، قبل حادثة الاحتراق وبعدها، لكن رواية العبادلة عنه ومن سمع منه قديماً أمثل من غيرها، وإن كانت لا ترتقي إلى الصحّة، ولا يُترك حديثه، بل يُعتبر به، ولا يُحتجّ بما ينفرد به.
وهذه الخلاصة موافقة لما حكاه الحافظ أبو بكر البيهقي في معرفة السنن والآثار إذ قال: (قد أجمع أصحاب الحديث على ضعف ابن لهيعة، وترك الاحتجاج بما ينفرد به).

ترجمته وشيء من أخباره وثناء أهل العلم عليه في خاصة نفسه
- قال ابن سعد: (عبد الله بن عقبة بن لهيعة الحضرمي من أنفسهم يكنى أبا عبد الرحمن).
- وقال البخاري في التاريخ الكبير: (عبد الله بن لهيعة بن عقبة الحضرمي مصري، أبو عبد الرحمن، ويقال: الغافقي، قاضي مصر).
- وقال أبو أحمد الحاكم: (أبو عبد الرحمن عبد الله بن لهيعة بن عقبة بن فرعان الحضرمي من أنفسهم، ويقال: الغافقي، قاضي مصر، عن سليم بن جبير أبي يونس مولى أبي هريرة ومحمد بن مسلم بن تدرس). رواه ابن عساكر.
- وقال يحيى ابن بُكير: (وُلد عبد الله بن لهيعة الحضرمي سنة ست وتسعين). رواه يعقوب بن سفيان في المعرفة.
- وقال ابن بكير: سمعت الليث بن سعد كثيراً ما يقول: (أنا أكبر من ابن لهيعة؛ فالحمد لله الذي متّعنا بعقلنا). رواه يعقوب بن سفيان.
- وقال محمد بن علي: سمعت أبا عبد الله وذكر ابن لهيعة فقال: (كان الليث أكبر منه بسنتين). رواه العقيلي.
- وقال أحمد بن صالح المصري: (في قول الناس إنَّ الليث ولد سنة ثلاث وتسعين، وولد بن لهيعة بعد الليث بنحو من سنتين). رواه ابن عساكر.
وقال ابن يونس: ولد سنة 97هـ، وقال ابن حبان: سنة 96هـ.

- وقال ابن عساكر: (قدم الشام غازياً مع صالح بن علي سنة ثمان وثلاثين؛ فنزل معه برصافة هشام، واجتاز بدمشق أو بساحلها).
- وقال الذهبي: (ولي ابن لهيعة قضاء مصر للمنصور في سنة خمس وخمسين ومائة، فبقي تسعة أشهر).
- وقال أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن المسرح: سمعت ابن وهب يقول وسأله رجل عن حديث فحدثه به فقال له: من حدثك بهذا يا أبا محمد؟
قال: (حدثني به والله الصادق البار عبد الله بن لهيعة). رواه ابن عدي، وابن عساكر.
زاد ابن عساكر في روايته عن أبي الطاهر: (وما سمعته يحلف بمثل هذا قط).

- وقال قتيبة بن سعيد: حضرت ابن لهيعة؛ فسمعت الليث يقول: (ما خلَّف بعده مثله). رواه ابن عساكر.

طلبه للعلم وكثرة شيوخه واتساعه في الرواية
- قال رَوح بن صلاح ابن سيابة الحارثي: (لقي ابن لهيعة اثنين وسبعين تابعياً، ولقي الليث بن سعد اثني عشر تابعياً). رواه ابن عساكر.
- وقال بشر بن المنذر: (كان ابن لهيعة يكنى أبا خريطة، وذاك أنه كانت له خريطة معلّقة في عنقه، وكان يدور بمصر، فكلما قدم قوم كان يدور عليهم، وكان إذا رأى شيخًا سأله: من لقيت؟ وعمن كتبت؟ فإن وجد عنده شيئًا كتب عنه، فلذلك كان يكنى أبا خريطة). رواه ابن حبان في المجروحين.
- وقال أبو صالح الحراني: سمعت ابن لهيعة وسألته عن حديث ليزيد بن أبي حبيب حدثناه حماد، عن محمد بن إسحاق، عن يزيد، فقال: (ما تركتُ ليزيد حرفاً). رواه ابن عدي.
يريد أنه كتبَ كلَّ ما لديه.
- وقال الحسن بن علي الخلال، عن زيد بن الحباب: سمعت سفيان الثوري يقول: (عند ابن لهيعة الأصول وعندنا الفروع).
قال: وسمعت سفيان يقول: (حججت حججاً لألقى ابن لهيعة). رواه ابن عساكر.
- وقال علي بن عبد الرحمن بن المغيرة، عن محمد بن معاوية: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: (وددت أني سمعت من ابن لهيعة خمس مئة حديث، وأني غرمت مُؤدّى)
كأنه يعني: دية. رواه ابن عساكر.
قلت: المودَى الذي تُدفع ديته، يقال: يُودَى فهو مُودَى، والمؤدَّى بالهمز الغرم الحالّ غير المؤجَّل أيًّا كان سببه، والمُودِي بالتسهيل وكسر الدال هو الهالك، يقال: أودَى فلان فهو مودٍ.
قال الشمّاخ بن ضرار:
طالَ الثواءُ على رسمٍ بيمؤودِ ... أودَى وكلُّ خليلٍ مرةً مودي
- وقال عثمان بن صالح السهمي: حدثنا إبراهيم بن إسحاق قاضي مصر حليف بني زهرة قال: (أنا حملت رسالة الليث بن سعد إلى مالك بن أنس، وأخذت جوابها؛ فكان مالك يسألني عن ابن لهيعة؛ فأخبره بحاله؛ فجعل مالك يقول لي: فابن لهيعة ليس يذكر الحج؟! فسبق إلى قلبي أنه يريد السماع منه). رواه الحاكم في المدخل إلى كتاب الإكليل، وابن عساكر في تاريخ دمشق.
- وقال أبو عبد الله الحاكم: (عبد الله بن لهيعة الحضرمي على محلّه وعلوّ قدره لما احترقت كتبه بمصر ذهب حديثه فخلط من حفظه وحدّث بالمناكير فصار في حدّ من لا يحتج بحديثه؛ فكان أحمد بن حنبل يقول: سماع عبد الله بن المبارك وأقرانه الذين سمعوا من ابن لهيعة قبل وفاته بعشرين سنة صحيح لأجل احتراق كتبه).
- وقال أبو داوود السجستاني في مسائل أحمد: سمعت أحمد يقول: (من كان بمصر يشبه ابن لهيعة في ضبط الحديث وكثرته وإتقانه).
- وقال النسائي عن أبي داوود: سمعت أحمد يقول: (ما كان محدث مصر إلا ابن لهيعة).
- وفي تهذيب الكمال لأبي أبو الحجاج المزي زيادة: (وحدَّث عنه أحمد بحديث كثير).

حادثة الاحتراق
احترقت دار أبي لهيعة سنة 170 على قول الأكثر، وقيل سنة 169هـ، واختلف في احتراق كتبه على قولين:
القول الأول: احترقت كتبه، وهو قول يحيى بن بكير، وإسحاق بن عيسى الطباع، وقتيبة بن سعيد.
والقول الثاني: لم تحترق كتبه، وإنما احترقت داره، وهو قول عثمان بن صالح السهمي، ويحيى بن حسان، وابن أبي مريم، وأبي زرعة الرازي.
ومن هؤلاء من ذهب إلى أن بعض كتبه أصابها شيء من الحرق لكن كتبه الأصول قد سلمت.
لكن خبر الحريق قد ذاع، واشتهر القول بأنّ كتبه قد احترقت حتى أطلق القول به بعض من لم يلقَ ابن لهيعة.

- قال يحيى ابن بكير: (احترق منزل ابن لهيعة وكتبه سنة سبعين ومائة). رواه البخاري في التاريخ الكبير والصغير والعقيلي في الضعفاء.
- وقال أبو حاتم الرازي: قال يحيى بن عبد الله بن بكير: (احترق كتب ابن لهيعة في سنة سبعين ومائة). رواه ابن أبي حاتم.
- وقال أبو الحسن الميموني، عن أحمد بن حنبل، عن إسحاق بن عيسى الطباع قال: (احترقت كتب ابن لهيعة سنة تسع وستين ولقيته سنة أربع وستين، ومات سنة أربع وسبعين، أو ثلاث وسبعين).
- وقال أبو عبد الله البوشنجي: سمعت قتيبة بن سعيد يقول: (لما احترقت كتب ابن لهيعة بعث إليه الليث بن سعد من الغد بألف دينار). رواه الحاكم في المدخل إلى كتاب الإكليل.
- وقال عمرو بن علي الفلاس: (عبد الله بن لهيعة احترقت كتبه، فمن كتب عنه قبل ذلك مثل ابن المبارك وعبد الله بن يزيد المقرئ أصحّ من الذين كتبوا بعد ما احترقت الكتب، وهو ضعيف الحديث). رواه ابن أبي حاتم.
- قال أبو داوود: سمعته [أحمد بن حنبل] قال: (احترقت كتب ابن لهيعة زعموا في سنة أربع وستين).

- وقال يحيى بن عثمان بن صالح السهمي: سألت أبي: متى احترقت دار ابن لهيعة؟
فقال: في سنة سبعين ومائة.
قلت: واحترقت كتبه كما تزعم العامة؟
فقال: معاذ الله، ما كتبتُ كتاب عمارة بن غزية إلا من أصل كتاب ابن لهيعة بعد احتراق داره، غير أن بعض ما كان يقرأ منه احترق، وبقيت أصول كتبه بحالها.
قال ابن عثمان: قال أبي: (ولا أعلم أحدا أخبر بسبب علة ابن لهيعة مني، أقبلت أنا وعثمان بن عتيق بعد انصرافنا من الصلاة يوم الجمعة نريد إلى ابن لهيعة، فوافيناه أمامنا راكباً على حمار يريد إلى منزله، فأفلج وسقط عن حماره، فبدر ابن عتيق إليه فأجلسه، وسرنا به إلى منزله، فكان ذلك أول سبب علته). رواه العقيلي، وابن عساكر.
- وقال محمد بن يحيى بن حسان: سمعت أبي يقول: (ما رأيت أحفظ من ابن لهيعة بعد هشيم)
قلت له: إن الناس يقولون احترق كتب ابن لهيعة.
فقال: (ما غاب له كتاب). رواه ابن أبي حاتم.
- وقال أبو عبيد الآجري، عن أبي داود: قال ابن أبي مريم: لم تحترق كتب ابن لهيعة ولا كتاب، إنما أرادوا أن يرفقوا عليه أمير فأرسل إليه أميرٌ بخمس مئة دينار.
قلت: لم أقف عليه في النسخة المطبوعة من سؤالات أبي عبيد.
- وقال سعيد بن عمرو البرذعي في كتاب الضعفاء لأبي زرعة: قال لي أبو زرعة: قال يحيى [يعني ابن بكير]: احترق خُصٌّ لابن لهيعة؛ فبعث إليه الليث بمائة دينار.
وأنكر يحيى أن يكون احترق كتب ابن لهيعة.
قال أبو زرعة: (لم تحترق كتبه، ولكن كان رديء الحفظ). ورواه ابن عساكر أيضاً.

أسباب ضعف ابن لهيعة
الذي تلخّص من كلام الأئمة النقّاد أنّ ابن لهيعة صحيح الكتاب في قول بعضهم، وقد أثنى عليه أحمد وغيره في ضبط أصوله، لكنّه كان ضعيفاً في أداء الحديث يتجوَّز في التحديث بما ليس من حديثه، وربمّا أسقط بعض الرواة فيما بينه وبين من لقيهم من الشيوخ، وكان يملي على الناس من أصوله ثمّ لما كثروا عليه لم يخرج أصوله؛ وكان من أراد أن يقرأ عليه ذهب إلى من كانت لديه نسخة فاستنسخها ثم قرأها على ابن لهيعة، من غير مقابلة على الأصل، ومن المعلوم اختلاف النساخ في ضبط النسخ، والنسخة إذا لم تقابل على أصلها دخلها الغلط، ومن النساخ من يدخل في نسخته أحاديث من غير شيخه، فلذلك دخل خطأ كثير فيما يُروى عن ابن لهيعة بهذه الطريقة.
وهو صدوق في نفسه لا يتعمّد الكذب، لكن كان لكثرة حديثه ربما لم يميّز بعض ما يُقرأ عليه؛ فيظنّه من حديثه وهو ليس من حديثه.
- قال علي بن المديني: سمعت عبد الرحمن بن مهدي قيل له: نحمل عن عبد الله بن يزيد القصير، عن ابن لهيعة؟
فقال عبد الرحمن: (لا تحمل عن ابن لهيعة قليلاً ولا كثيراً).
ثم قال عبد الرحمن: (كتب إليَّ ابن لهيعة كتاباً فيه: حدثنا عمرو بن شعيب، قال عبد الرحمن: فقرأته على ابن المبارك، وأخرجه إليَّ ابن المبارك من كتابه، قال: أخبرني إسحاق بن أبي فروة، عن عمرو بن شعيب). رواه ابن أبي حاتم والعقيلي.
قلت: وكان ابن المبارك قد روى قديماً عن ابن لهيعة، وكان يتتبع أصوله.
- وقال محمد بن علي: سمعت أبا عبد الله وذكر ابن لهيعة فقال: (كان كتب عن المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب، وكان بعد يحدث بها عن عمرو بن شعيب نفسه). رواه العقيلي.
- وقال أبو داوود السجستاني في مسائل أحمد: سمعت أحمد قال: (احترقت كتب ابن لهيعة زعموا، كان رشدين بن سعد قد سمع منه كتبه؛ فكانوا يأخذون كتبه فلا يأتونه بشيء إلا قرأ).
- وقال عبد الملك بن عبد الحميد الميموني: سمعت أحمد يقول: (ابن لهيعة كانوا يقولون احترقت كتبه، وكان يؤتى بكتب الناس فيقرأها). رواه العقيلي.
- وقال يعقوب بن سفيان: سمعت أحمد بن صالح يقول: كتبتُ حديث ابن لهيعة عن أبي الأسود في الرق.
قال: كنت أكتب عن أصحابنا في القراطيس وأستخير الله فيه، فكتبت حديث ابن لهيعة عن النضر في الرق، فذكرت له سماع الحديث.
فقال: كان ابن لهيعة طلابا للعلم صحيح الكتاب وكان أملى عليهم حديثه من كتابه قديما فكتب عنه قوم يعقلون الحديث وآخرون لا يضبطون، وقوم حضروا فلم يكتبوا وكتبوا بعد سماعهم فوقع علمه على هذا إلى الناس، ثم لم تخرج كتبه وكان يقرأ من كتب الناس فوقع في حديثه إلى الناس على هذا؛ فمن كتب بأخرة من كتابٍ صحيح قرأ عليه على الصحة، ومن كتب من كتاب من كان لا يضبط ولا يصحح كتابه وقع عنده على فساد الأصل.
قال: وكان قد سمع من عطاء من رجل عنه، ومن رجلين عنه، فكانوا يَدَعون الرجل والرجلين ويجعلونه عن عطاء نفسه؛ فيقرأ عليهم على ما يأتون.
قال: وظننت أن أبا الأسود كتب من كتاب صحيح فحديثه صحيح يشبه حديث أهل العلم).
- وقال يعقوب بن سفيان: سمعت ابن أبي مريم يقول: كان ابن لهيعة يقرأ من كتب الناس، ولقد حجّ قوم من أهل مصر فقدموا وصاروا إلى ابن لهيعة وذاكرهم فقال: هل كتبتم حديثا طريفا؟

فقال له بعضهم: حديث القاسم العمري عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا رأيتم الحريق فكبروا) فقال ابن لهيعة: هذا حديث طريف.
قال: فرأيت بعد يجيء الرجل فيسأله حدثك عمرو بن شعيب؟ فيقول: لا إنما حدثنا بعض أصحابنا- يسميه-.
قال: ثم وضعوا في حديثه عن عمرو بن شعيب فكان يقول ما شاء الله إذا مروا بهذا الحديث: هذا حديث بعض أصحابنا عن عمرو. قال: ثم سكت، فكانوا يضعون عليه في جملة حديث عمرو بن شعيب فغيروها.
- قال سعيد بن أبي مريم: وشيء آخر، كان حيوة أوصى إلى وصي، وكانت كتبه عند الوصي، فكان من لا يتقي الله يذهب فيكتب من كتب حيوة حديث الشيوخ الذين قد شاركه ابن لهيعة فيهم، ثم يحمل إليه فيقرأ عليهم.
- وقال أبو جعفر ميمون بن الأصبغ النصيبي: سمعت سعيد بن أبي مريم يقول: أخبرنا القاسم بن عبد الله بن عمر، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا رأيتم الحريق فكبروا فإنه يطفئه».
ثم قال ابن أبي مريم: (هذا الحديث سمعه ابن لهيعة، من زياد بن يونس الحضرمي، رجل كان يسمع معنا الحديث، عن القاسم بن عبد الله بن عمر، وكان ابن لهيعة يستحسنه، ثم أنه بعد قال: إنه يرويه عن عمرو بن شعيب). رواه العقيلي.
- وقال البخاري في التاريخ الأوسط: حدثني قتيبة بن سعيد قال: (كان رشدين وابن لهيعة لا يباليان ما دفع إليهما فيقرآنه).
- وقال أبو حاتم الرازي: سمعت ابن أبي مريم يقول: حضرت ابن لهيعة في آخر عمره وقوم من أهل بربر يقرأون عليه من حديث العراقيين منصور والأعمش [وأبو إسحاق وغيرهم، فأجازه لهم].
فقلت له: يا أبا عبد الرحمن ليس هذا من حديثك؛ فقال: (بلى، هذه أحاديث قد مرّت على مسامعي).
قال: (فلم أكتب عنه بعد ذلك). رواه ابن أبي حاتم، وابن عدي وما بين المعكوفين منه.
- وقال ابن أبي مريم: (ما أقربه قبل الاحتراق وبعده). رواه ابن أبي حاتم.
- وقال أبو حاتم الرازي: سألت أبا الأسود، قلت: كان ابن لهيعة يقرأ ما يُدفع إليه؟
قال: (كنا نرى أنه لم يَفُتْهُ من حديث مصر كثير شيء، وكنا نتتبع أحاديث من حديث غيره عن الشيوخ الذين يروي عنهم فكنا ندفعه اليه فيقرأ). رواه ابن عدي.
- قال ابن حبان في النوع السابع من المجروحين: (ومنهم من كان يجيب عن كلّ شيء يسأل، سواء كان ذلك من حديثه أو من غير حديثه، لا يبالي أن يتلقَّن ما لقّن، فإذا قيل له: هذا من حديثك حدث به من غير أن يحفظ، فهذا وأضرابه لا يحتج بهم؛ لأنهم يكذبون من حيث لا يعلمون).
- قال نعيم بن حماد: سمعت يحيى بن حسان، يقول: جاء قوم ومعهم جزء، فقالوا: سمعناه من ابن لهيعة؛ فنظرت فيه فإذا ليس فيه حديث واحد من حديث ابن لهيعة.
قال: فقمتُ فجلستُ إلى ابن لهيعة فقلت: أيّ شيء ذا الكتاب الذي حدثتَ به؟ ليس ههنا في هذا الكتاب حديث من حديثك، ولا سمعتها أنت قط.
قال: (فما أصنع بهم؟ يجيئون بكتاب فيقولون: هذا من حديثك فأحدثهم به). رواه ابن حبان في المجروحين.
- قال ابن الصلاح: (ومن أهل التساهل قوم سمعوا كتبا مصنفة وتهاونوا، حتى إذا طعنوا في السن، واحتيج إليهم حملهم الجهل والشره على أن رووها من نسخ مشتراة، أو مستعارة غير مقابلة، فعدهم الحاكم أبو عبد الله الحافظ في طبقات المجروحين:
قال: "وهم يتوهمون أنهم في روايتها صادقون".
وقال: "هذا مما كثر في الناس، وتعاطاه قوم من أكابر العلماء، والمعروفين بالصلاح).
- قال ابن الصلاح: (ومن المتساهلين عبد الله بن لهيعة المصري، ترك الاحتجاج بروايته مع جلالته لتساهله).

التفريق بين السماع القديم والسماع المتأخر عنه
- قال الفضل بن زياد: سمعت أبا عبد الله [أحمد بن حنبل ] وسئل عن ابن لهيعة فقال: (من كتب عنه قديماً فسماعه صحيح). رواه يعقوب بن سفيان.
- وقال أحمد بن يحيى بن الوزير: حدثنا بشر بن بكر قال: (لم أسمع من ابن لهيعة بعد سنة ثلاث وخمسين شيئا). رواه العقيلي.
- وقال عمرو بن علي الفلاس: (عبد الله بن لهيعة احترقت كتبه، فمن كتب عنه قبل ذلك مثل ابن المبارك وعبد الله بن يزيد المقرئ أصح من الذين كتبوا بعد ما احترقت الكتب، وهو ضعيف الحديث). رواه ابن أبي حاتم وابن عدي.
- وقال عثمان بن صالح السهمي: حدثني أحمد بن أبي مريم، قال: قال لي عمي سعيد بن أبي مريم: (ما زلت أرى ابن وهب يختلف معنا إلى ابن لهيعة حتى مات يسمع منه). رواه ابن عساكر.
- وقال يعقوب بن سفيان: حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبار المرادي كاتب ابن لهيعة- وكان ثقة- «وسمعت أحمد بن صالح أبا جعفر- وكان من خيار المتقنين- يثني عليه، وقال لي: كتبت حديث أبي الأسود في الرَّق فاستفهمتُه؛ فقال لي: كنت أكتب عن المصريين وغيرهم ممن يخالجني أمره، فإذا ثبت لي حولته في الرق.
وكتبت حديثا لأبي الأسود في الرق، وما أحسن حديثه عن ابن لهيعة، فقلت له: يقولون سماع قديم وسماع حديث؟
فقال لي: ليس من هذا شيء، ابن لهيعة صحيح الكتاب، كان أخرج كتبه فأملى على الناس حتى كتبوا حديثه إملاء، فمن ضبط كان حديثه حسنا صحيحا، إلا أنه كان يحضر من يضبط ويحسن، ويحضر قوم يكتبون ولا يضبطون ولا يصححون، وآخرون نظارة، وآخرون سمعوا مع آخرين، ثم لم يُخرج ابن لهيعة بعد ذلك كتاباً ولم يُر له كتاب، وكان من أراد السماع منه ذهب فانتسخ ممن كتب عنه وجاء به فقرأه عليه، فمن وقع على نسخة صحيحة فحديثه صحيح، ومن كتب من نسخة لم تضبط جاء فيه خلل كثير، ثم ذهب قوم؛ فكل من روى عنه عن عطاء بن أبي رباح فإنه سمع من عطاء، وروى عن رجل وعن رجلين وعن ثلاثة عن عطاء؛ فتركوا من بينه وبين عطاء وجعلوه عن عطاء).
- قال علي بن سعيد النسائي: سمعت أحمد بن حنبل، يقول: من سمع ابن لهيعة قديمًا فسماعه أصحّ، قدم علينا ابن المبارك سنة تسع وسبعين، فقال: (من سمع من ابن لهيعة منذ عشرين سنة فهو صحيح).
قلت: سمعت من ابن المبارك؟ قال: (لا). رواه ابن حبان في المجروحين.
- وقال أبو داوود السجستاني في مسائل أحمد: سمعت أحمد قال: قال ابن المبارك سنة تسع وسبعين: (من سمع ابن لهيعة منذ عشرين سنة؛ فإنَّ سماعه صالح).
- وقال أبو بكر المروذي: (سألت أبا عبد الله عن ابن لهيعة؛ فليّن أمره، وقال: من سمع منه متقدماً).
- وقال ابن سعد: كان ضعيفا وعنده حديث كثير. ومن سمع منه في أول أمره أحسن حالا في روايته ممن سمع منه بآخره.
وأما أهل مصر فيذكرون أنه لم يختلط ولم يزل أول أمره وآخره واحداً، ولكن كان يقرأ عليه ما ليس من حديثه فيسكت عليه.
فقيل له في ذلك فقال: (وما ذنبي؟ إنما يجيئون بكتاب يقرؤونه ويقومون ولو سألوني لأخبرتهم أنه ليس من حديثي).
- وقال عبد الله بن الدورقي: قال يحيى بن معين: (أنكر أهل مصر احتراق كتب بن لهيعة، والسماع منه واحد القديم والحديث).
قال: وذكر عند يحيى احتراق كتب بن لهيعة فقال: (هو ضعيف قبل أن تحترق وبعدما احترقت). رواه ابن عدي.
- وقال إبراهيم بن الجنيد: (سمعت يحيى بن معين يُسأل عن رشدين بن سعد، قال: ليس بشيء، وابن لهيعة أمثل من رشدين، وقد كُتب حديث ابن لهيعة.
قلت ليحيى بن معين: ابن لهيعة ورشدين سواء؟
قال: لا، ابن لهيعة أحبّ إليَّ من رشدين، رشدين ليس بشيء.
ثم قال لي يحيى بن معين: قال لي أهل مصر: ما احترق لابن لهيعة كتاب قط، وما زال ابن وهب يكتب عنه حتى مات.
قال يحيى: وكان أبو الأسود النضر بن عبد الجبار راوية عنه وكان شيخ صدق، وكان ابن أبي مريم سيء الرأي في ابن لهيعة؛ فلما كتبوها عنه وسألوه عنها سكت عن ابن لهيعة.
قلت ليحيى: فسماع القدماء والآخرين من ابن لهيعة سواء؟
قال: نعم سواء واحد).
- وقال ابن حبان: (قد سبرت أخبار ابن لهيعة من رواية المتقدمين والمتأخرين عنه، فرأيت التخليط في رواية المتأخرين عنه موجودًا وما لا أصل له من رواية المتقدمين كثيرًا، فرجعت إلى الاعتبار، فرأيته كان يدلس عن أقوام ضعفَى على أقوام رآهم ابن لهيعة ثقات، فألزق تلك الموضوعات به).
- وقال ابن حبان: (وأما رواية المتأخرين عنه بعد احتراق كتبه ففيه مناكير كثيرة، وذاك أنه كان لا يبالي ما دفع إليه قرأه، سواء كان ذلك من حديثه أو من غير حديثه، فوجب التنكب عن روايته والمتقدمين عنه قبل احتراق كتبه لما فيها من الأخبار المدلَّسة عن الضعفاء والمتروكين، ووجب ترك الاحتجاج برواية المتأخرين عنه بعد احتراق كتبه لما فيه مما ليس من حديثه).

التفريق بين رواية العبادلة عن ابن لهيعة ورواية غيرهم
- قال خالد بن خداش: قال لي ابن وهب، ورآني لا أكتب حديث ابن لهيعة: (إني لست كغيري في ابن لهيعة فاكتبها). رواه الإمام أحمد في العلل والعقيلي في الضعفاء.
- وقال حنبل بن إسحاق بن حنبل، عن أحمد بن حنبل: (ابن لهيعة أجود قراءة لكتبه من ابن وهب).
- وقال صدقة بن الفضل الرازي: (كتبنا حديث ابن لهيعة عن المقرئ من كتابه، ورأيته يحمد حديثه وكتابه). رواه يعقوب بن سفيان.
- وقال أبو داود: سمعت قتيبة يقول: (كنا لا نكتب حديث ابن لهيعة إلا من كتب ابن أخيه أو كتب ابن وهب إلا ما كان من حديث الأعرج). ذكره أبو الحجاج المزي.
- وقال نعيم بن حماد: سمعت ابن مهدي يقول: (ما أعتدّ بشيءٍ سمعتُه من حديث ابن لهيعة إلا سماع ابن المبارك ونحوه). رواه العقيلي.
- قال ابن أبي حاتم: سألت أبي وأبا زرعة عن ابن لهيعة والأفريقي أيهما أحب إليكما؟
فقالا: جميعا ضعيفان، بين الإفريقي وابن لهيعة كثير، أما ابن لهيعة فأمره مضطرب، يكتب حديثه على الاعتبار.
قلت لأبي: إذا كان من يروى عن ابن لهيعة مثل ابن المبارك وابن وهب يحتج به؟ قال: لا).
- وقال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عن ابن لهيعة سماع القدماء منه؟ فقال: (آخره وأوله سواء إلا أنَّ ابن المبارك وابن وهب كانا يتتبعان أصوله فيكتبان منه، وهؤلاء الباقون كانوا يأخذون من الشيخ، وكان ابن لهيعة لا يضبط، وليس ممن يحتج بحديثه).
- قال ابن حبان في كتاب "المجروحين": (كان شيخًا صالحًا ولكنه كان يدلّس عن الضعفاء قبل احتراق كتبه، ثم احترق كتبه في سنة سبعين ومئة قبل موته بأربع سنين، وكان أصحابنا يقولون: سماع من سمع منه قبل احتراق كتبه مثل العبادلة عبد الله بن وهب وعبد الله بن المبارك وعبد الله بن يزيد المقري وعبد الله بن مسلمة القعنبي فسماعهم صحيح، ومن سمع بعد احتراق كتبه فسماعه ليس بشيء، وكان ابن لهيعة من الكَتَّابين للحديث والجمّاعين للعلم والرحّالين فيه).

صلة أقوال الأئمة النقاد في ابن لهيعة
- وقال محمد بن المثنى: (ما سمعت عبد الرحمن يحدّث عن ابن لهيعة شيئاً قط). رواه العقيلي.
- قال علي بن المديني: سمعت يحيى بن سعيد القطان قال: قال لي بشر بن السري: (لو رأيت ابن لهيعة لم تحمل عنه حرفاً). رواه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل، وابن حبان في المجروحين.
- وقال مسلم بن الحجاج: (أبو عبد الرحمن عبد الله بن لهيعة بن عقبة تركه ابن مهدي ويحيى ووكيع).
- وقال حنبل بن إسحاق: سمعت أبا عبد الله، يقول: (ما حديث ابن لهيعة بحجة، وإني لأكتب كثيراً مما أكتبُ أعتبر به، وهو يقوى بعضه ببعض).
- وقال الحميدي: (كان يحيى بن سعيد لا يرى ابن لهيعة شيئاً). رواه البخاري في التاريخ الكبير وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل والعقيلي في الضعفاء.
- وقال حرب بن إسماعيل الكرماني: سألت أحمد بن حنبل عن ابن لهيعة فضعَّفه.
- وقال معاوية بن صالح: سمعت يحيى بن معين يقول: (عبد الله بن لهيعة الحضرمي ضعيف).
- وقال عباس الدوري: سمعت يحيى بن معين قال: (ابن لهيعة لا يحتج بحديثه).
- وقال أحمد بن محمد الحضرمي: سألت يحيى بن معين عن عبد الله بن لهيعة فقال: (ليس بقوي في الحديث).
- وقال ابن أبي خيثمة: سمعت يحيى بن معين يقول: (عبد الله ابن لهيعة ليس حديثه بذلك القوي).
- وقال أبو عيسى الترمذي في جامعه: (ابن لهيعة ضعيف عند أهل الحديث؛ ضعفه يحيى بن سعيد القطان وغيره).
- وقال إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني: (ابن لهيعة لا يوقف على حديثه ولا ينبغي أن يحتج به ولا يغتر بروايته).
- وقال أبو عبد الرحمن النسائي: ضعيف.
- وقال أبو أحمد الحاكم: (ذاهبُ الحديث). رواه ابن عساكر.
- وقال ابن عدي: (حديثه حسن، كأنه يُستبان عمن روى عنه، وهو ممن يكتب حديثه).
- وقال السلمي: سألت الدارقطني عن عبد الله بن لهيعة، فقال: (يضعَّف حديثه).
- وقال السهمي: سئل الدارقطني إذا حدث أبو عبد الرحمن النسائي وابن خزيمة بحديث، أيما تقدمه؟
فقال: (أبو عبد الرحمن، فإنه لم يكن مثله أقدم عليه أحدا، ولم يكن في الورع مثله، لم يحدّث بما حدّث ابن لهيعة وكان عنده عاليا عن قتيبة).
- وقال أبو بكر البيهقي في معرفة السنن والآثار: (وقد أجمع أصحاب الحديث على ضعف ابن لهيعة، وترك الاحتجاج بما ينفرد به).
- وقال الذهبي في تذكرة الحفاظ: (لم يكن على سعة علمه بالمتقن، حدّث عنه ابن المبارك وابن وهب وأبو عبد الرحمن المقرئ وطائفة قبل أن يكثر الوهم في حديثه وقبل احتراق كتبه فحديث هؤلاء عنه أقوى وبعضهم يصححه ولا يرتقي إلى هذا).

وفاته:
- قال يحيى ابن بُكير: (توفي لستّ بقين من جمادى الآخرة سنة أربع وسبعين ومائة). رواه يعقوب بن سفيان في المعرفة.
- وقال ابن سعد: (مات ابن لهيعة بمصر يوم الأحد للنصف من شهر ربيع الأول سنة أربع وسبعين ومائة في خلافة هارون).
- وقال صالح بن الإمام أحمد عن أبيه: (مات ابن لهيعة سنة أربع وسبعين وليث بعده سنة خمس).
- وقال عبد الله بن الإمام أحمد: (وجدت في كتاب أبي بخط يده قال مات بن لهيعة في سنة ثلاث وسبعين يعني ومائة ومات ليث بعد بن لهيعة بأربعة عشر شهرا ومات بكر بن مضر بعد بن لهيعة بثلاثة أو أربعة أشهر وبقي مفضل بعد الليث نحوا من سنتين).
- وقال أحمد بن صالح المصري: (مات ابن لهيعة سنة أربع وسبعين ومائة). رواه ابن عساكر.


التوقيع :

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:30 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة