سورة الفيل
[ من الآية (1) إلى آخر السورة ]
{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5)}
قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1)}
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ({أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1)}
{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ}
- قراءة الجماعة (ألم تر كيف فعل ربك…).
- وقرأ أعرابي: (هل أتاك نبأ الفيل).
وكثير من الأعراب لا يتقيدون بنص القرآن، بل قد يضعون لفظًا في موضع آخر إذا صح المعنى، ونقلت عنهم قراءات كثيرة فيها مثل هذا الخروج على النص القرآني، وقد أنبه على هذا ابن خالويه في مختصره، بل قد أنبه على هذا ابن جني في نقله بعض القراءات عن قراء معروفين حتى قال: (وهذا يدل على أن بعض القراءة يتخير بلا رواية)!!
{أَلَمْ تَرَ}
- قراءة الجماعة (ألم تر) بفتح الراء وحذف الألف من (ترى).
- وقرأ السلمي (ألم تر) بسكون الراء.
قال أبو حيان: (وهو جزم بعد جزم).
أراد الجزم الأول، وهو حذف الألف، والجزم الثاني: وهو سكون الراء.
قال الزمخشري: (للجد في إظهار أثر الجزم).
[معجم القراءات: 10/587]
وقال الشهاب: (فإسكان ما قبل الآخر للاجتهاد في إظهار أثر الجزم).
وقال ابن جني: (هذا السكون إنما بابه الشعر لا القرآن لما فيه من استهلاك الحرف والحركة قبله، يعني الألف والفتحة من (ترى).
وتقدم مثل هذه القراءة عن السلمي في الآية/ 19 من سورة إبراهيم.
- وقرأ السلمي (ترأ) بهمزة مفتوحة وسكون الراء على الأصل.
وهي لغة تيم، قلت: الأصل: ترأى، وشاهد الأصل قول البارقي:
أري عيني ما لم ترأيأه = كلانا عالمٌ بالترهات
{كَيْفَ فَعَلَ}
- أدغم الفاء في الفاء أبو عمرو ويعقوب.
{فَعَلَ رَبُّكَ}
- أدغم اللام في الراء أبو عمرو ويعقوب). [معجم القراءات: 10/588]
قوله تعالى: {أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2)}
قوله تعالى: {وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3)}
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (وَتَقَدَّمَ ضَمُّ الْهَاءِ فِي {عَلَيْهِمْ} لِحَمْزَةَ وَيَعْقُوبَ). [إتحاف فضلاء البشر: 2/630]
قال علي بن محمد الصفاقسي (ت: 1118هـ): ( {عليهم طيرا} قرأ حمزة بضم الهاء، والباقون بالكسر، وقرأ ورش بترقيق الراء، والباقون بالتفخيم). [غيث النفع: 1330]
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ({وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3)}
{عَلَيْهِمْ}
- تقدمت القراءة بضم الهاء وكسرها، انظر الآية/ 7 من سورة الفاتحة، والآية/ 13 من سورة الرعد.
{طَيْرًا أَبَابِيلَ}
- ترقيق الراء عن الأزرق وورش.
{طَيْرًا أَبَابِيلَ}
- سكت حمزة وخلف على التنوين قبل النطق بالهمز وذلك لتبيينه في الوصل.
- ونقل ورش حركة الهمز إلى التنوين قبلها ثم حذف الهمزة (طيرن بابيل) ). [معجم القراءات: 10/588]
قوله تعالى: {تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4)}
قال أبو القاسم يوسف بن علي بن جبارة الهذلي المغربي (ت: 465هـ): ((تَرمِيهِم) بالياء أبو حنيفة، والسمان عن طَلْحَة، الباقون بالتاء، والاختيار ما عليه أبو حنيفة ليجعل الفعل للَّه وأيضاُ فقال: فجعلهم). [الكامل في القراءات العشر: 663]
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (وَفِي {تَرْمِيهِمْ} لِيَعْقُوبَ، كَإِبْدَالِ هَمْزَةِ {مَأْكُولٍ} لِوَرْشٍ مِنْ طَرِيقَيْهِ، وَأَبِي عَمْرٍو بِخُلْفِهِ وَأَبِي جَعْفَرٍ، وَلِحَمْزَةَ وَقْفًا). [إتحاف فضلاء البشر: 2/630] (م)
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ({تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4)}
{تَرْمِيهِمْ}
- قراءة الجماعة (ترميهم) بالتاء، والطير: اسم جمع يؤنث له الفعل ويذكر.
- وقرأ أبو حنيفة وابن يعمر وعيسى بن عمر وطلحة في رواية عنه والأعرج وأبو عبد الرحمن السلمي وأبو حيوة وابن واصل والبربري والفارسي وابن منصور كلهم عن الكسائي من طريق الأهوازي (يرميهم) بالياء، أي: الله سبحانه وتعالى، أو الطير.
قال الشهاب: (وذهب صاحب النشر إلى أن أبا حنيفة لا قراءة له، وأن القراءات المنسوبة له موضوعة، وقد أثبت العلماء وضعها).
- وقرأ يعقوب (ترميهم) بضم الهاء على الأصل، وهو مذهبه في أمثالها.
- وقراءة الجماعة (ترميهم) بكسر الهاء لمناسبة الواو قبلها). [معجم القراءات: 10/589]
قوله تعالى: {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5)}
قال أحمد بن محمد بن البناء الدمياطي (ت: 1117هـ): (وَفِي {تَرْمِيهِمْ} لِيَعْقُوبَ، كَإِبْدَالِ هَمْزَةِ {مَأْكُولٍ} لِوَرْشٍ مِنْ طَرِيقَيْهِ، وَأَبِي عَمْرٍو بِخُلْفِهِ وَأَبِي جَعْفَرٍ، وَلِحَمْزَةَ وَقْفًا). [إتحاف فضلاء البشر: 2/630] (م)
قال علي بن محمد الصفاقسي (ت: 1118هـ): ( {مأكول} اختلفوا في الوقف عليه، قال أبو حاتم: «ليس في سورة الفيل وقف، وليس آخرها بوقف» فيلغز به، فيقال: سورة في القرآن ليس فيها وقف حتى في آخرها.
وخالفه غيره وجعله خطأ، قال الداني بعد أن نقل عن الأخفش ما يقتضي مقالة أبي حاتم: «وفي إجماع المسلمين على الفصل بينهما وأنهما سورتان، دليل على خطئه».
وأصل هذا الخلاف مبني على الخلاف فيما تتعلق به لام {لإيلاف} [قريش: 1]: فإن قلنا: تتعلق بفعل مقدر، والتقدير: اعجبوا، أو بـــ {فليعبدوا} [قريش: 3] فآخرها تمام، وإن قلنا: متعلق بـــ {فجعلهم} [5] فلا تمام، وإبداله لورش وسوسي جلي). [غيث النفع: 1330]
قال د. عبد اللطيف الخطيب (م): ({فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5)}
{فَجَعَلَهُمْ}
- قراءة الجماعة (فجعلهم).
- وقرأ أبو المليح الهذلي (فتركهم).
[معجم القراءات: 10/589]
- وقرأ بعضهم (فجعلتهم) أي: الطير.
{مَأْكُولٍ}
- قرأ الجمهور (مأكول) بسكون الهمزة، وهو الأصل؛ لأنه صيغة مفعول.
- وقرأ أبو الدرداء (مأكول) بفتح الهمزة اتباعًا لحركة الميم قبلها.
ونقله أبو حيان عن ابن خالويه وقال: (وهذا كما اتبعوا في قولهم: (محموم) بفتح الحاء لحركة الميم).
- وقرأ أبو عمرو بخلاف عنه وأبو جعفر والأزرق وورش والأصبهاني ومحمد بن حبيب الشموني عن الأعشى عن أبي بكر عن عاصم (ماكول) بإبدال الهمزة ألفًا.
وكذا جاءت قراءة حمزة في الوقف (ماكول).
[معجم القراءات: 10/590]
قال ابن قتيبة:
(وبلغني عن ابن عيينة أنه قال: (كان لنا إمام بالكوفة يقرأ (ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل) و(لإيلاف قريش) ولا يفرق بينهما، وتوهم قوم أنهما سورة واحدة؛ لأنهم رأوا قوله: (لإيلاف قريش) مردودًا إلى كلام سورة الفيل، وأكثر الناس على أنهما سورتان على ما في مصحفنا، وإن كانتا متصلتي الألفاظ على مذهب العرب في التضمين).
وقال ابن هشام:
(وقوله تعالى: لإيلاف قريش) وتعلقها بـ(فليعبدوا)، وقيل بما قبله، أي: (فجعلهم كعصف مأكول لإيلاف قريش).
ورجح بأنهما في مصحف أبي سورة واحدة…).
وقال أبو حيان: (وهما في مصحف أبي سورة واحدة بلا فصل).
وقال الماوردي:
(وكان عمر وأبي بن كعب لا يفصلان السورتين، ويقرأانهما كالسورة الواحدة، ويريان أنهما سورة واحدة، أي: ألم تر لإيلاف قريش) ). [معجم القراءات: 10/591]
روابط مهمة:
- أقوال المفسرين