العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة العنكبوت

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 3 جمادى الأولى 1434هـ/14-03-2013م, 12:18 PM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي تفسير سورة العنكبوت [ من الآية (64) إلى الآية (69) ]

{وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآَخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (64) فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ (65) لِيَكْفُرُوا بِمَا آَتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (66) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آَمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ (67) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (68) وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19 رجب 1434هـ/28-05-2013م, 11:36 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآَخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (64) )

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة وإن الدار الآخرة لهي الحيوان قال هي الحياة). [تفسير عبد الرزاق: 2/99-100]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال غيره: {الحيوان} [العنكبوت: 64] : «والحيّ واحدٌ» ). [صحيح البخاري: 6/113]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال غيره الحيوان والحيّ واحدٌ ثبت هذا لأبي ذرٍّ وحده وللأصيليّ الحيوان والحياة واحدٌ وهو قول أبي عبيدة قال الحيوان والحياة واحدٌ وزاد ومنه قولهم نهر الحيوان أي نهر الحياة وتقول حييت حيًّا والحيوان والحياة اسمان منه وللطبري من طريق بن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ في قوله لهي الحيوان قال لأموت فيها). [فتح الباري: 8/510]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال غيره: الحيوان والحيّ واحدٌ
أي: قال غير مجاهد، وقال صاحب (التّوضيح) : أي: غير ابن عبّاس، وليس كذلك على ما لا يخفى، ولم يثبت هذا إلاّ لأبي ذر. وفي رواية النّسفيّ: الحيوان والحياة واحد، وأشار به إلى قوله تعالى: {وإن الدّار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون} وقال: معنى (الحيوان والحي واحد) يعني: دار الآخرة هي الحياة أو الحيّ، وفي التّفسير: لهي الحيوان، يعني الدّار الباقية الّتي لا زوال لها ولا موت فيها، وقيل: ليس فيها إلاّ حياة مستمرة دائمة خالدة لا موت فيها، وكأنّها في ذاتها نفس الحيوان، والحيوان مصدر حيّ. وقياسه: حييان، وقلبت الياء الثّانية واواً كما قيل: حيوة. وبه سمي ما فيه حيوة حيوانا وإنّما اختير لفظ: الحيوان دون الحياة لما فيه زيادة معنى ليس في بناء الحياة، وهو ما في بناء فعلان من معنى الحركة والاضطراب كالنزوان ونحوه، والحياة حركة كما أن الموت سكون فلذلك اختير لفظ الحيوان المقتضى للمبالغة). [عمدة القاري: 19/108]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال غيره): غير مجاهد في قوله: {وإن الدار الآخرة لهي الحيوان} [العنكبوت: 64].
(الحيوان والحي واحد) في المعنى وهو قول أبي عبيدة، والمعنى: لهي دار الحياة الحقيقة الدائمة الباقية لامتناع طريان الموت عليها أو هي في ذاتها حياة للمبالغة؛ والحي بفتح الحاء في الفرع وغيره مما وقفت عليه، وقال في المصابيح: بكسرها مصدر حيّ مثل عيّ في منطقة عيًّا، قال: وعند ابن السكن والأصيلي الحيوان والحياة واحد والمعنى لا يختلف، وقد سقط لغير أبي ذر والأصيلي الحيوان والحي واحد وثبت لهما في الفرع مثله). [إرشاد الساري: 7/285]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وما هذه الحياة الدّنيا إلاّ لهوٌ ولعبٌ وإنّ الدّار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون}.
يقول تعالى ذكره: {وما هذه الحياة الدّنيا} الّتي يتمتّع منها هؤلاء المشركون {إلاّ لهوٌ ولعبٌ} يقول: إلاّ تعليل النّفوس بما تلتذّ به، ثمّ هو منقضٍ عن قريبٍ، لا بقاء له ولا دوام {وإنّ الدّار الآخرة لهي الحيوان} يقول: وإنّ الدّار الآخرة لفيها الحياة الدّائمة الّتي لا زوال لها، ولا انقطاع، ولا موت معها.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وإنّ الدّار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون} حياةٌ لا موت فيها.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قالا: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله {لهي الحيوان} قال: لا موت فيها.
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله {وإنّ الدّار الآخرة لهي الحيوان} يقول: باقيةٌ.
وقوله: {لو كانوا يعلمون} يقول: لو كان هؤلاء المشركون يعلمون أنّ ذلك كذلك، لقصروا عن تكذيبهم باللّه، وإشراكهم غيره في عبادته، ولكنّهم لا يعلمون ذلك). [جامع البيان: 18/439-440]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: وما هذه الحياة الدّنيا إلا لهوٌ
- حدّثنا أبي ثنا يزيد بن عبد العزيز، ثنا أبو يوسف يعني يعقوب القاصّ، عن يحيى بن يعقوب أبي طالبٍ عن حمّاد بن سليمان، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: الدّنيا جمعةٌ من جمع الآخرة سبعة آلاف سنة، فقد مضا منها ستّة آلافٍ ومائتين من سنين وتبقى الدّنيا وليس عليها موحّدٌ.
قوله تعالى: إلا لهو ولعب
[الوجه الأول]
- حدّثنا الحسن بن محمّد بن الصّبّاح، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن إبراهيم بن أبي بكرٍ، عن مجاهدٍ قال: اللّهو: هو الطّبل.
الوجه الثّاني.
- حدّثنا أبي ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: قوله: لهوٌ يقول: لعباً.
الوجه الثّالث.
- حدّثنا يزيد بن سنانٍ العمريّ بمصر، ثنا أبو عاصمٍ، ثنا الحسن بن ميمونٍ، عن ابن جريجٍ، عن إبراهيم بن أبي بكرٍ، عن مجاهدٍ لهوٌ قال: الباطل.
قوله تعالى: ولعبٌ
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا يعلى بن عبيدٍ، عن سفيان، عن عبد الكريم، عن مجاهدٍ قال: كلٌّ لعبٌ لهوٌ.
قوله تعالى: وإنّ الدّار الآخرة لهي الحيوان
- حدّثنا أبي ثنا الهيثم بن يمانٍ، ثنا إسماعيل بن زكريّا، حدّثني محمّد بن عونٍ الخراسانيّ، عن ابن عمر قوله: الدّار الآخرة يقول: الجنّة.
قوله تعالى: لو كانوا يعلمون
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو عبد الرحمن الحارثي، عن جويبر، عن الضحاك إن الدّار الآخرة لهي الحيوان قال: الحياة الدّائمة.
- حدّثنا أبي ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ لهي الحيوان يقول: باقيةٌ.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ وإنّ الدّار الآخرة لهي الحيوان لا موت فيها.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ قال: سمعت سعيدًا، عن قتادة وإنّ الدّار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون حياةٌ لا موت فيها). [تفسير القرآن العظيم: 9/3080-3082]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وإن الدار الآخرة لهي الحيوان يقول لا موت فيها). [تفسير مجاهد: 497]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون * فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون * ليكفروا بما آتيناهم وليتمتعوا فسوف يعلمون.
أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وإن الدار الآخرة لهي الحيوان} قال: باقية). [الدر المنثور: 11/569]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {لهي الحيوان} قال: الحياة الدائمة). [الدر المنثور: 11/569]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي جعفر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عجبا كل العجب للمصدق بدار الحيوان وهو يسعى لدار الغرور). [الدر المنثور: 11/570]

تفسير قوله تعالى: (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ (65) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فإذا ركبوا في الفلك دعوا اللّه مخلصين له الدّين فلمّا نجّاهم إلى البرّ إذا هم يشركون}.
يقول تعالى ذكره: فإذا ركب هؤلاء المشركون السّفينة في البحر، فخافوا الغرق والهلاك فيه {دعوا اللّه مخلصين له الدّين} يقول: أخلصوا للّه عند الشّدّة الّتي نزلت بهم التّوحيد، وأفردوا له الطّاعة، وأذعنوا له بالعبودة، ولم يستغيثوا بآلهتهم وأندادهم، ولكن باللّه الّذي خلقهم {فلمّا نجّاهم إلى البرّ} يقول: فلمّا خلّصهم ممّا كانوا فيه وسلّمهم، فصاروا إلى البرّ إذا هم يجعلون مع اللّه شريكًا في عبادتهم، ويدعون الآلهة والأوثان معه أربابًا.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فلمّا نجّاهم إلى البرّ إذا هم يشركون} فالخلق كلّهم يقرّون للّه أنّه ربّهم، ثمّ يشركون بعد ذلك). [جامع البيان: 18/440-441]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فإذا ركبوا في الفلك دعوا اللّه مخلصين له الدّين فلمّا نجّاهم إلى البرّ إذا هم يشركون (65)
قوله تعالى: فإذا ركبوا في الفلك
تقدّم تفسيره.
قوله تعالى: دعوا اللّه مخلصين له الدّين
- حدّثنا أبي ثنا قبيصة، عن عقبة، ثنا سفيان، عن الأعمش، عن عمرو بن مرّة، عن أبي عبيدة في قوله: مخلصين له الدّين قوله...
قوله تعالى: فلمّا نجّاهم إلى البرّ إذا هم يشركون
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا العبّاس، ثنا يزيد سمعت سعيدًا، عن قتادة قوله: فلمّا نجّاهم إلى البرّ إذا هم يشركون قال: والخلق كلّهم يقرّون للّه أنّه ربّهم، ثمّ يشركون بعد ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 9/3082]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {فإذا ركبوا في الفلك} قال: الخلق كلهم يقرون لله أنه ربهم ثم يشركون بعد ذلك). [الدر المنثور: 11/570]

تفسير قوله تعالى: (لِيَكْفُرُوا بِمَا آَتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (66) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ليكفروا بما آتيناهم وليتمتّعوا فسوف يعلمون (66) أولم يروا أنّا جعلنا حرمًا آمنًا ويتخطّف النّاس من حولهم أفبالباطل يؤمنون وبنعمة اللّه يكفرون}.
يقول تعالى ذكره: فلمّا نجّى اللّه هؤلاء المشركين ممّا كانوا فيه من البحر من الخوف والحذر من الغرق إلى البرّ، إذا هم بعد أن صاروا إلى البرّ يشركون باللّه الآلهة والأنداد {ليكفروا بما آتيناهم} يقول: ليجحدوا نعمة اللّه الّتي أنعمها عليهم في أنفسهم وأموالهم.
{وليتمتّعوا} اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء المدينة والبصرة: {وليتمتّعوا} بكسر اللاّم، بمعنى: وكي يتمتّعوا آتيناهم ذلك. وقرأ ذلك عامّة قرّاء الكوفيّين: (وليتمتّعوا)، بسكون اللاّم على وجه الوعيد والتّوبيخ: أي: اكفروا، فإنّكم سوف تعلمون ماذا يلقون من عذاب اللّه بكفركم به.
وأولى القراءتين عندي في ذلك بالصّواب، قراءة من قرأه بسكون (اللاّم) على وجه التّهديد والوعيد، وذلك أنّ الّذين قرءوه بكسر (اللاّم) زعموا أنّهم إنّما اختاروا كسرها عطفًا بها على اللاّم الّتي في قوله: {ليكفروا} وأنّ قوله {ليكفروا} لمّا كان معناه: كي يكفروا كان الصّواب في قوله {وليتمتّعوا} أن يكون: وكي يتمتّعوا، إذ كان عطفًا على قوله: {ليكفروا} عندهم، وليس الّذي ذهبوا من ذلك بمذهبٍ، وذلك لأنّ لام قوله {ليكفروا} صلحت أن تكون بمعنى (كي)، لأنّها شرطٌ لقوله: إذا هم يشركون باللّه، كي يكفروا بما آتيناهم من النّعم، وليس ذلك كذلك في قوله {وليتمتّعوا} لأنّ إشراكهم باللّه كان يكفروا بنعمته، وليس إشراكهم به تمتّعًا بالدّنيا، وإن كان الإشراك به يسهّل لهم سبيل التّمتّع بها، فإذ كان ذلك كذلك، فتوجيهه إلى معنى الوعيد أولى وأحقّ من توجيهه إلى معنى: وكي يتمتّعوا.
وبعد فقد ذكر أنّ ذلك في قراءة أبيٍّ: (وتمتّعوا) وذلك دليلٌ على صحّة من قرأه بسكون (اللاّم) بمعنى الوعيد). [جامع البيان: 18/441-442]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: ليكفروا بما آتيناهم وليتمتّعوا فسوف يعلمون
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشج، ثنا بن فضيلٍ، عن أبيه، عن إسماعيل بن مسلمٍ، عن الحسن فسوف يعلمون قال: وعيدٌ.
- حدّثنا أبي ثنا أبو حذيفة، ثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: فسوف يعلمون ما كان في الدّنيا فسوف... وما كان في الآخرة فسوف يبدوا لكم). [تفسير القرآن العظيم: 9/3082]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {فتمتعوا فسوف تعلمون} قال: ما كان في الدنيا فسوف ترونه وما كان في الآخرة فسيبدو لكم). [الدر المنثور: 11/570]

تفسير قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آَمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ (67) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {أولم يروا أنّا جعلنا حرمًا آمنًا} يقول تعالى ذكره مذكّرًا هؤلاء المشركين من قريشٍ، القائلين: لولا أنزل عليه آيةٌ من ربّه، نعمته عليهم الّتي خصّهم بها دون سائر النّاس غيرهم مع كفرهم بنعمته، وإشراكهم في عبادته الآلهة والأنداد: أو لم ير هؤلاء المشركون من قريشٍ، ما خصصناهم به من نعمتنا عليهم دون سائر عبادنا، فيشكرونا على ذلك، وينزجروا عن كفرهم بنا، وإشراكهم ما لا ينفعهم ولا يضرّهم في عبادتنا، أنّا جعلنا بلدهم حرمًا، حرّمنا على النّاس أن يدخلوه بغارةٍ أو حربٍ، {آمنًا} يأمن فيه من سكنه، فأوى إليه من السّباء والخوف والحرام الّذي لا يأمنه غيرهم من النّاس {ويتخطّف النّاس من حولهم} يقول: وتسلب النّاس من حولهم قتلاً وسباءً.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، في قوله {أولم يروا أنّا جعلنا حرمًا آمنًا ويتخطّف النّاس من حولهم} قال: كان لهم في ذلك آيةٌ، أنّ النّاس يغزون ويتخطّفون وهم آمنون.
وقوله: {أفبالباطل يؤمنون} يقول: أفبالشّرك باللّه يقرّون بألوهة الأوثان بأن يصدّقوا، {وبنعمة اللّه} الّتي خصّهم بها من أن جعل بلدهم حرمًا آمنًا يكفرون؟ يعني بقوله {يكفرون}: يجحدون.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {أفبالباطل يؤمنون} أي بالشّرك {وبنعمة اللّه يكفرون} أي يجحدون). [جامع البيان: 18/442-443]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: أولم يروا أنّا جعلنا حرمًا آمناً
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو عبد الرّحمن، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك أولم يروا أنّا جعلنا حرمًا آمنًا قال: جعل مكّة. إنّا جعلناها حرمًا آمنًا.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ ثنا أصبغ بن الفرج، ثنا عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم قول اللّه: أنّا جعلنا حرمًا آمنًا قال: يعني مكة وهو قريش.
قوله تعالى: ويتخطّف النّاس من حولهم
- حدّثنا أبو سعيدٍ، ثنا أبو عبد الرّحمن، عن جويبرٍ عن الضّحّاك ويتخطّف النّاس من حولهم يقول: يقتل بعضهم بعضا، ويسبى بعضهم بعض.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ قال: سمعت سعيدًا، عن قتادة قوله: أولم يروا أنّا جعلنا حرمًا آمنًا ويتخطّف النّاس من حولهم قال: قد كان لهم في ذلك آيةٌ. أنّ النّاس يغزون ويتخطّفون وهم آمنون.
قوله تعالى: أفبالباطل يؤمنون
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ قال: سمعت سعيدا، عن قتادة قوله: أفبالباطل يؤمنون أي بالشّرك.
قوله تعالى: وبنعمة اللّه يكفرون
- حدّثنا أبي ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: بنعمة اللّه يعني عافية اللّه.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: بنعمة اللّه قال: النّعم آلاء اللّه عزّ وجلّ). [تفسير القرآن العظيم: 9/3082-3083]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون * ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بالحق لما جاءه أليس في جهنم مثوى للكافرين * والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين.
أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {أو لم يروا أنا جعلنا حرما آمنا} قال: قد كان لهم في ذلك آية ان الناس يغزون ويتخطفون وهم آمنون {أفبالباطل يؤمنون} أي
بالشرك {وبنعمة الله يكفرون} أي يجحدون). [الدر المنثور: 11/570-571]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج جويبر عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما انهم قالوا: يا محمد ما يمنعنا ان ندخل في دينك إلا مخافة ان يتخطفنا الناس لقلتنا والعرب أكثر منا فمتى بلغهم انا قد دخلنا في دينك اختطفنا فكنا أكلة رأس، فأنزل الله {أو لم يروا أنا جعلنا حرما آمنا} العنكبوت الآية 67). [الدر المنثور: 11/571]

تفسير قوله تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (68) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ومن أظلم ممّن افترى على اللّه كذبًا أو كذّب بالحقّ لمّا جاءه أليس في جهنّم مثوًى للكافرين}.
يقول تعالى ذكره: ومن أظلم أيّها النّاس ممّن اختلق على اللّه كذبًا، فقالوا إذا فعلوا فاحشةً: وجدنا عليها آباءنا، واللّه أمرنا بها، واللّه لا يأمر بالفحشاء {أو كذّب بالحقّ لمّا جاءه} يقول: أو كذّب بما بعث اللّه به رسوله محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم من توحيده، والبراءة من الآلهة والأنداد لمّا جاءه هذا الحقّ من عند اللّه {أليس في جهنّم مثوًى للكافرين} يقول: أليس في النّار مثوًى ومسكنٌ لمن كفر باللّه، وجحد توحيده، وكذّب رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم؛ وهذا تقريرٌ، وليس باستفهامٍ، إنّما هو كقول جريرٍ:
ألستم خير من ركب المطايا = وأندى العالمين بطون راح
إنّما أخبر أنّ للكافرين باللّه مسكنًا في النّار، ومنزلاً يثوون فيه). [جامع البيان: 18/444]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ومن أظلم ممّن افترى على اللّه كذبًا أو كذّب بالحقّ لمّا جاءه أليس في جهنّم مثوًى للكافرين (68)
قوله تعالى: ومن أظلم ممّن افترى على اللّه كذبًا إليّ قوله: للكافرين
- حدّثنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ، ثنا حفص بن عمران، ثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة قال: قال النّضر وهو من بني عبد الدّار: إذا كان يوم القيامة شفعت لي اللات والعزّى فأنزل اللّه: ومن أظلم ممّن افترى على اللّه كذبًا
قوله تعالى: أليس في جهنّم مثوًى للكافرين
- حدّثنا أبي ثنا أبو عتبة عليّ بن مسلمٍ السّكونيّ الحمصيّ، ثنا إسماعيل بن عيّاشٍ حدّثني الأوزاعيّ، عن حسّان بن عطيّة قال: إنّ في جهنّم سبعون ألف قصرٍ، في كلّ قصرٍ سبعون ألف دارٍ في كلّ دارٍ سبعون ألف بيتٍ في كلّ بيتٍ سبعون ألف غارٍ، في كلّ غار سبعون ألف ثعبان، في قم كلّ ثعبانٍ سبعون ألف عقربٍ.
- حدّثنا أبي، ثنا ابن أبي الحواريّ، ثنا الطّيب أبو الحسن، عن الحسين بن يحيى الخشنيّ ليس في جهنّم دارٌ ولا مغارٌ ولا غلٌّ ولا قيدٌ ولا سلسلةٌ إلا واسمٌ... عليه مكتوبٌ قال: فحدّث أبا سليمان فبكى، ثمّ قال لي:... فكيف به لو قد جمع هذا كلّه عليه فجعل القيد في رجله، والغلّ في يديه، والسّلسلة في، عنقه ثمّ أدخل وأدخل الغار). [تفسير القرآن العظيم: 9/3083-3084]

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {والّذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا وإنّ اللّه لمع المحسنين}.
يقول تعالى ذكره: والّذين قاتلوا هؤلاء المفترين على اللّه كذبًا من كفّار قريشٍ، المكذّبين بالحقّ لمّا جاءهم فينا، مبتغين بقتالهم علوّ كلمتنا، ونصرة ديننا {لنهدينّهم سبلنا} يقول: لنوفّقنّهم لإصابة الطّريق المستقيمة، وذلك إصابة دين اللّه الّذي هو الإسلام الّذي بعث اللّه به محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم {وإنّ اللّه لمع المحسنين} يقول: وإنّ اللّه لمع من أحسن من خلقه، فجاهد فيه أهل الشّرك، مصدّقًا رسوله فيما جاء به من عند اللّه بالعون له، والنّصرة على من جاهد من أعدائه.
وبنحو الّذي قلنا في تأويل قوله {والّذين جاهدوا فينا} قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {والّذين جاهدوا فينا} فقلت له: قاتلوا فينا؟ قال: نعم). [جامع البيان: 18/444-445]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (والّذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا وإنّ اللّه لمع المحسنين (69)
قوله تعالى: والّذين جاهدوا فينا
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ ثنا أصبغ قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قول اللّه: والّذين جاهدوا فينا قيل له. قاتلوا فينا قال: نعم.
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع في قوله: والّذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا قال: ليس على الأرض عبدٌ أطاع ربّه ودعا إليه ونهى عنه إلا وإنّه قد جاهد في اللّه.
قوله تعالى: لنهدينّهم سبلنا
- حدّثنا أبي ثنا أحمد بن أبي الحواريّ، ثنا عبّاسٌ الهمذانيّ، حدّثنا أبو أحمد من أهل عكّا في قول اللّه عزّ وجلّ لنهدينّهم سبلنا إلى قوله: وإنّ اللّه لمع المحسنين قال: الّذين يعملون بما يعلمون يهديهم لما لا يعلمون قال أحمد بن أبي الحواريّ، فحدّثت به أبا سليمان الدّارانيّ فأعجبه وقال: ليس ينبغي لمن ألهم شيئًا من الخير أن يعمل به حتّى يسمعه في الأثر فإذا سمعه من الخير أن يعمل به حتّى يسمعه في الأثر فإذا سمعه في الأثر عمل به، وحمد اللّه حين وافق ما في نفسه.
- حدّثنا أبي، ثنا يعقوب بن إسحاق البغداديّ، ثنا حمّادٌ قال: سمعته يقول: قال لي ابن عيينة.... اختلفوا فيه... وأهل الثّغور فإنّ اللّه يقول: والّذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا
- حدّثنا أبي ثنا عبد اللّه بن عمر بن محمّد بن أبان بن صالحٍ... ، عن مجالدٍ، عن المسليّ، عن عبد اللّه بن عمر، عن عمر بن الخطّاب أنّه قال: بينا أنا، عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أتاه رجلٌ فقال: يا رسول اللّه، ما الإحسان قال: أن تعبد اللّه كأنّك تراه فإن لم تكن تراه فإنّه يراك، وتحبّ للنّاس ما تحبّ لنفسك. فإذا فعلت ذلك فأنا.. قال: نعم.
قال الرّجل: صدقت الرّجل، فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم عليّ الرّجل فعدنا عليه فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: اللّه أكبر، جبريل أتى يعلّمكم دينكم.
- حدّثنا أبي ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قال: الإحسان: أداء الفرائض.
- حدّثنا أبي ثنا سهل بن عثمان، ثنا رجلٌ سمّاه، عن بعض أصحابه، عن أبا... قال: الإحسان: الصّلة والصّلاة.
- حدّثنا أبي ثنا عيسى بن جعفرٍ، ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن المغيرة، عن الشّعبيّ قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّما الإحسان إنّ تحسن إلى من أساء إليك، ليس الإحسان أن تحسن إلى من أحسن إليك). [تفسير القرآن العظيم: 9/3084-3085]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 26 رجب 1434هـ/4-06-2013م, 02:57 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآَخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (64)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وما هذه الحياة الدّنيا إلا لهوٌ ولعبٌ} [العنكبوت: 64]، أي: أنّ أهل الدّنيا أهل لهوٍ ولعبٍ، يعني: المشركين هم أهل الدّنيا الّذين لا يريدون غيرها، لا يقرّون بالآخرة.
{وإنّ الدّار الآخرة} [العنكبوت: 64]، يعني: الجنّة.
{لهي الحيوان} [العنكبوت: 64] ابن مجاهدٍ، عن أبيه قال: لا موتٌ فيها، أي: يبقى فيها أهلها لا يموتون.
قال: {لو كانوا يعلمون} [العنكبوت: 64]، يعني: المشركين، أي: لو كانوا يعلمون لعلموا أنّ الآخرة خيرٌ من الدّنيا). [تفسير القرآن العظيم: 2/640]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وإنّ الدّار الآخرة لهي الحيوان...}: حياة لا موت فيها.).
[معاني القرآن: 2/318]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (و{ الدّار الآخرة لهي الحيوان }, مجازه: الدار الآخرة هي الحيوان، واللام تزاد للتوكيد، قال الشاعر:
أمّ الحليس لعجوزٌ شهر به= ترضى من اللحم يعظم الرّقبه
ومجاز الحيوان , الحياة واحد، ومنه قولهم: نهر الحيوان , أي : نهر الحياة، ويقال: حييت حياً على تقدير: عييت عياً، فهو مصدر، والحيوان , والحياة اسمان , منه فيما تقول العرب، قال العجاج:
= وقد ترى إذ الحياة حيّ
أي : الحياة.). [مجاز القرآن: 2/117]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({الحيوان}: والحياة واحد). [غريب القرآن وتفسيره: 296]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وإنّ الدّار الآخرة لهي الحيوان} : يعني: الجنة هي دار الحياة، أي:لا موت فيها.). [تفسير غريب القرآن: 339]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وما هذه الحياة الدّنيا إلّا لهو ولعب وإنّ الدّار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون (64)}{وإنّ الدّار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون}:معناه : هي دار الحياة الدائمة.وقوله عزّ وجلّ: {لنبوّئنّهم من الجنّة غرفاً}وقرئت{لنثوينّهم}- بالثاء - يقال: ثوى الرجل إذا أقام بالمكان , وأثويته : أنزلته منزلا يقيم فيه.). [معاني القرآن: 4/173]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وإن الدار الآخرة لهي الحيوان}قال مجاهد : (لا موت فيها).
وقال قتادة : (الحيوان) : (الحياة) .
قال أبو جعفر : يقال : حيوان , وحياة , وحي , كما قال:
= قد ترى إذ الحياة حي). [معاني القرآن: 5/236]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ):({الْحَيَوَانُ}: الحياة.). [العمدة في غريب القرآن: 237]

تفسير قوله تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ (65)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {فإذا ركبوا في الفلك دعوا اللّه مخلصين له الدّين} [العنكبوت: 65] إذا خافوا الغرق.
{فلمّا نجّاهم إلى البرّ إذا هم يشركون {65}). [تفسير القرآن العظيم: 2/640]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {إذا هم يشركون...}
يقول: يخلصون الدعاء , والتوحيد إلى الله في البحر، فإذا نجّاهم صاروا إلى عبادة الأوثان.). [معاني القرآن: 2/318]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فإذا ركبوا في الفلك دعوا اللّه مخلصين له الدّين فلمّا نجّاهم إلى البرّ إذا هم يشركون (65)}أي : لم يدعوا أن تنجيهم أصنامهم , وما يعبدونه مع اللّه.{فلمّا نجّاهم إلى البرّ إذا هم يشركون}:أي: عبدون مع اللّه غيره.). [معاني القرآن: 4/174]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين}أي: فإذا أصابتهم شدة , دعوا الله وحده , وتركوا ما يعبدون من دونه .وقوله جل وعز: {فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون} : أي: يدعون معه غيره.). [معاني القرآن: 5/236]

تفسير قوله تعالى: {لِيَكْفُرُوا بِمَا آَتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (66)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({ليكفروا بما آتيناهم} [العنكبوت: 66]، يعني: لئلا يكفروا بما آتيناهم , تفسير السّدّيّ.
وقال في آيةٍ أخرى: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمت اللّه كفرًا} [إبراهيم: 28].
قال: {وليتمتّعوا} [العنكبوت: 66] في الدّنيا.
{فسوف يعلمون} [العنكبوت: 66] إذا صاروا إلى النّار، وهذا وعيدٌ.
- عثمان، عن نعيم بن عبد اللّه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه
[تفسير القرآن العظيم: 2/640]
عليه وسلّم: «المؤمن يأكل في معًى واحدٍ والكافر يأكل في سبعة أمعاءٍ»). [تفسير القرآن العظيم: 2/641]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وليتمتّعوا...}
قرأها عاصم , والأعمش على جهة الأمر , والتوبيخ بجزم اللام , وقرأها أهل الحجاز {وليتمتّعوا} مكسورة على جهة كي). [معاني القرآن: 2/319]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ليكفروا بما آتيناهم وليتمتّعوا فسوف يعلمون (66)}
{وليتمتّعوا} قرئ بكسر اللام وتسكينها، والكسر أجود على معنى : لكي يكفروا , وكي يتمتعوا.). [معاني القرآن: 4/173-174]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ليكفروا بما آتيناهم وليتمتعوا فسوف يعلمون}, وليتمتعوا على التهديد وكسر اللام.). [معاني القرآن: 5/237]

تفسير قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آَمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ (67) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {أولم يروا أنّا جعلنا حرمًا آمنًا} [العنكبوت: 67]، أي: بلى قد رأوا ذلك.
{ويتخطّف النّاس من حولهم} [العنكبوت: 67]، يعني: أهل الحرم أنّهم آمنوا والعرب حولهم يقتل بعضهم بعضًا ويسبي بعضهم بعضًا.
قال: {أفبالباطل يؤمنون} [العنكبوت: 67]، أي: أفبإبليس {يؤمنون} [العنكبوت: 67] يصدّقون، يعبدونه بما وسوس إليهم من عبادة الأوثان وهي عبادته، قال: {ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشّيطان إنّه لكم عدوٌّ مبينٌ {60} وأن اعبدوني هذا صراطٌ مستقيمٌ {61}} [يس: 60-61].
قال: {وبنعمة اللّه يكفرون} [العنكبوت: 67] وهذا على الاستفهام.
بلى قد فعلوا، وقوله عزّ وجلّ: {وبنعمة اللّه يكفرون} [العنكبوت: 67]، يعني: ما جاء به النّبيّ عليه السّلام من الهدى). [تفسير القرآن العظيم: 2/641]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فعسى أن يكون من المفلحين...}
وكلّ شيء في القرآن من {عسى} فذكر لنا أنها واجبة). [معاني القرآن: 2/309]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقولهم: أين قوله: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ} من قوله: {ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.
وتأويل هذا: أن أهل الجاهلية كانوا يتغاورون ويسفكون الدماء بغير حقها، ويأخذون الأموال بغير حلّها، ويخيفون السّبل، ويطلب الرجل منهم الثأر فيقتل غير قاتله، ويصيب غير الجاني عليه، ولا يبالي من كان بعد أن يراه كفأ لوليّه ويسمّيه: الثأر المنيم، وربما قتل أحدهم حميمه بحميمه.
قال ابن مضرّس وقتل خاله بأخيه:
بكت جزعا أمّي رميلة أن رأت = دما من أخيها بالمهنّد باقيا
فقلت لها: لا تجزعي إنّ طارقا = خليلي الذي كان الخليل المصافيا
وما كنت لو أعطيت ألفي نجيبة = وأولادها لغوا وستين راعيا
لأقبلها من طارق دون أن أرى = دما من بني حصن على السيف جاريا
وما كان في عوف قتيل علمته = ليوفيني من طارق غير خاليا
وربما أسرف في القتل فقتل بالواحد ثلاثة وأربعة وأكثر.
وقال الشاعر:
هم قتلوا منكم بظنّة واحد = ثمانية ثم استمرّوا فأرتعوا
يقول: إنهم اتهموكم بقتل رجل منهم، فقتلوا منكم ثمانية به. فجعل الله الكعبة البيت الحرام وما حولها من الحرم، والشهر الحرام، والهدي، والقلائد- قواما للناس. أي أمنا لهم، فكان الرجل إذا خاف على نفسه لجأ إلى الحرم فأمن.
يقول الله جل وعز: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آَمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ}.
وإذا دخل الشهر الحرام تقسّمتهم الرّحل، وتوزّعتهم النّخع، وانبسطوا في متاجرهم، وأمنوا على أموالهم وأنفسهم.وإذا أهدى الرجل منهم هديا، أو قلّد بعيره من لحاء شجر الحرم- أمن كيف تصرّف وحيث سلك.
ولو ترك الناس على جاهليتهم وتغاورهم في كل موضع وكل شهر- لفسدت الأرض، وفني الناس، وتقطّعت السّبل، وبطلت المتاجر.
ففعل الله ذلك لعلمه بما فيه من صلاح شؤونهم، وليعلموا كما علم ما فيه من الخير لهم- أنه يعلم أيضا ما في السّموات وما في الأرض من مصالح العباد ومرافقهم، وأنه بكل شيء عليم). [تأويل مشكل القرآن: 73-74] (م)

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه أن يجيء المفعول به على لفظ الفاعل:كقوله سبحانه: {لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ}، أي لا معصوم من أمره.
وقوله: {خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ}، أي مدفوق.
وقوله: {فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ}، أي مرضيّ بها.
وقوله: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آَمِنًا}، أي مأمونا فيه. وقوله: {وَجَعَلْنَا آَيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً}، أي مبصرا بها.
والعرب تقول: ليل نائم، وسرّ كاتم، قال وعلة الجرميّ:

ولما رأيت الخيل تترى أثايجا = علمت بأنّ اليوم أحمس فاجر
أي يوم صعب مفجور فيه). [تأويل مشكل القرآن: 296-297] (م)

تفسير قوله تعالى:{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (68)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ومن أظلم ممّن افترى على اللّه كذبًا} [العنكبوت: 68] فعبد الأوثان من دونه.
{أو كذّب بالحقّ} [العنكبوت: 68] بالقرآن.
وقال السّدّيّ: {بالحقّ} [العنكبوت: 68]، يعني: التّوحيد.
قال: {لمّا جاءه} [العنكبوت: 68]، أي: لا أحد أظلم منه.
ثمّ قال: {أليس في جهنّم مثوًى} [العنكبوت: 68] منزلٌ.
{للكافرين} وهو على الاستفهام، أي: بلى فيها مثوًى للكافرين). [تفسير القرآن العظيم: 2/641]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({أليس في جهنّم مثوًى للكافرين }: مجازه مجاز الإيجاب ؛ لأن هذه الألف يكون الاستفهام وللإيجاب , فهي هاهنا للإيجاب، وقال جرير:

ألستم خير من ركب المطايا= وأندى العالمين بطون راح
فهذا لم يشك، ولكن أوجب لهم ؛ أنهم كذلك، ولولا ذلك ما أثابوه؛ والرجل يعاتب عبده , وهو يقول له: أفعلت كذا؟, وهو لا يشك.). [مجاز القرآن: 2/118]

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {والّذين جاهدوا فينا} [العنكبوت: 69]، يعني: عملوا لنا، تفسير السّدّيّ.
[تفسير القرآن العظيم: 2/641]
{لنهدينّهم سبلنا} [العنكبوت: 69]، يعني: سبل الهدى، الطّريق إلى الجنّة.
قال: نزلت قبل أن يؤمر بالجهاد ثمّ أمر بالجهاد بعد بالمدينة.
قال: {وإنّ اللّه لمع المحسنين} [العنكبوت: 69]، أي: المؤمنين). [تفسير القرآن العظيم: 2/642]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {والّذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا وإنّ اللّه لمع المحسنين (69)}
أعلم اللّه : أنه يزيد المجاهدين هداية , كما أنه يضل الفاسقين, ويزيد الكافرين بكفرهم ضلالة، كذلك يزيد المجاهدين هداية كذا , قال عزّ وجلّ: {والّذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم (17)} فالمعنى : أنه آتاهم ثواب تقواهم , وزادهم هدى على هدايتهم.وقوله: {وإنّ اللّه لمع المحسنين}: تأويله إن الله ناصرهم؛ لأن قوله: {والّذين جاهدوا فينا}: اللّه معهم, يدل على نصرهم، والنصرة تكون في علوّهم على عدوّهم بالغلبة بالحجة , والغلبة بالقهر , والقدرة.). [معاني القرآن: 4/174]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) :(وقوله جل وعز: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا}أي : لنزيدنهم هدى , ثم أخبرنا جل وعز أنه ينصرهم , فقال: {وإن الله لمع المحسنين}.).[معاني القرآن: 5/237]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 26 رجب 1434هـ/4-06-2013م, 02:58 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]


تفسير قوله تعالى: {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآَخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (64) }

تفسير قوله تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ (65) }

تفسير قوله تعالى: {لِيَكْفُرُوا بِمَا آَتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (66) }

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آَمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ (67) }

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (68) }

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69) }


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 26 محرم 1440هـ/6-10-2018م, 11:10 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 26 محرم 1440هـ/6-10-2018م, 11:11 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 28 محرم 1440هـ/8-10-2018م, 12:40 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآَخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (64) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون * فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون * ليكفروا بما آتيناهم وليتمتعوا فسوف يعلمون * أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون}
وصف الله تعالى الدنيا في هذه الآية بأنها لهو ولعب، أي: ما كان منها لغير وجه الله تعالى، فإن ما كان لله تعالى فهو من الآخرة، وأما أمور الدنيا التي هي زائدة على الضروري الذي به قوام العيش والقوة على الطاعات فإنما هو لهو ولعب، وتأمل ذلك في الملابس والمطاعم والمشارب والأقوال وغير ذلك.
وانظر إلى حاجة الغني والفقير في الأمور الضرورية فإنها واحدة، كالتنفس في الهواء، وسد الجوع، وستر العورة، وتوقي الحر والبرد، وهذه كلها عظم أمر العيش.
و "الحيوان" والحياة بمعنى، وهو عند سيبويه والخليل مصدر كالهيمان ونحوه، والمعنى: لا موت فيها، قاله مجاهد، وهو حسن. وأصله: حييان، فأبدلت إحداهما واوا لاجتماع المثلين). [المحرر الوجيز: 6/ 659]

تفسير قوله تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ (65) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم وقفهم تعالى على حالهم في البحر عند الخوف العظيم، فإن كل بشر ينسى كل صنم وغيره، ويتمسك بالدعاء والرغبة إلى الله تبارك وتعالى، وقوله تعالى: {إذا هم يشركون} أي: يرجعون إلى ذكر أصنامهم وتعظيمها). [المحرر الوجيز: 6/ 659]

تفسير قوله تعالى: {لِيَكْفُرُوا بِمَا آَتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (66) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله: {ليكفروا} نصب بلام كي. وقرأ نافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وعاصم: "وليتمتعوا" بكسر اللام، وقرأ ابن كثير، وحمزة، والكسائي: "ولتتمتعوا" بسكون اللام على صيغة الأمر التي هي للوعيد والتهديد، والواو -على هذا- عاطفة جملة كلام لا عاطفة فعلا على فعل، وفي مصحف أبي بن كعب: "فتمتعوا فسوف تعلمون"، وفي قراءة ابن مسعود: " فلسوف" باللام). [المحرر الوجيز: 6/ 659]

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آَمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ (67) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) :(ثم عدد تعالى على كفرة قريش نعمته عليهم في الحرم في أنه جعله لهم آمنا لا خوف فيه من أحوال العرب وعاداتهم وسوء أفعالهم من القتل وأخذ الأموال ونحوه، وذلك هو "التخطف" الذي كان الناس بسبيله، ثم قررهم -على جهة التوبيخ- على إيمانهم بالباطل وكفرهم بالله وبنعمته، وقرأ جمهور القراء: "يؤمنون" بالياء من تحت، وكذلك "يكفرون"، وقرأهما بالتاء من فوق الحسن، وأبو عبد الرحمن). [المحرر الوجيز: 6/ 660]

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (68) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بالحق لما جاءه أليس في جهنم مثوى للكافرين * والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين}
قررهم عز وجل على حال من افترى على الله كذبا أو كذب بآياته، وهذه كانت حالهم، وأعلمهم أنه لا أحد أظلم منه، وهذا في ضمنه وعيد شديد، ثم بين الوعيد أيضا بالتقرير على أمر جهنم، والمثوى: موضع الإقامة. وألفاظ هذه الآيات في غاية الاقتضاب والإيجاز وجمع المعاني). [المحرر الوجيز: 6/ 660]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم ذكر تعالى حال أوليائه والمجاهدين فيه، وقرر ذلك بذكر الكفرة الظلمة ليبين تباين الحالين، وقوله تعالى: {فينا} معناه: في مرضاتنا وبغية ثوابنا. قال السدي وغيره: نزلت هذه الآية قبل فرض القتال.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
فهي قبل الجهاد العرفي، وإنما هو جهاد عام في دين الله تعالى وطلب رضائه. وقال الحسن: الآية في العباد، وقال ابن عباس والحسن وإبراهيم بن أدهم: هي في الذين بما يعلمون، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من عمل بما علم علمه الله ما لم يعلم، ونزع بعض العلماء إلى قوله تعالى: {واتقوا الله ويعلمكم الله}، وقال بعض العلماء لعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: إنما قصر بنا عن علم ما جهلنا تقصيرنا في العمل بما علمنا، وقال أبو سليمان الداراني: "ليس الجهاد في هذه الآية قتال العدو فقط، بل هو نصر الدين، والرد على المبطلين، وقمع الظالمين، وعظمه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، ومنه مجاهدة النفوس في طاعة الله تعالى، وهو الجهاد الأكبر، قاله الحسن وغيره، وفيه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: رجعتم من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر، وقال سفيان بن عيينة لابن المبارك: إذا رأيت الناس قد اختلفوا فعليك بالمجاهدين وأهل الثغور، فإن الله تعالى يقول: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين}. وقال الضحاك: معنى الآية: والذين جاهدوا في الهجرة لنهدينهم سبيل الثبوت على الإيمان" و"السبيل" هنا يحتمل أن يكون طرق الجنة ومسالكها، ويحتمل أن تكون سبيل الأعمال المؤدية إلى الجنة والعقائد النيرة. قال يوسف بن أسباط: "هي إصلاح النية في الأعمال، وحب التزيد والتفهم، وهذا هو أن يجازى العبد على حسنه بازدياد حسنه، ويعلم بجديد من علم مقدم، وهي حال من رضي الله عنه". وباقي الآية وعد.
و "مع" يحتمل أن تكون هنا اسما; ولذلك دخلت عليها لام للتأكيد، ويحتمل أن تكون حرفا، ودخلت اللام لما فيها من معنى الاستقرار، كما دخلت في: إن زيدا لفي الدار.
كمل تفسير سورة العنكبوت والحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين).[المحرر الوجيز: 6/ 660-661]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 28 محرم 1440هـ/8-10-2018م, 01:37 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 28 محرم 1440هـ/8-10-2018م, 01:40 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآَخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (64) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وما هذه الحياة الدّنيا إلا لهوٌ ولعبٌ وإنّ الدّار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون (64) فإذا ركبوا في الفلك دعوا اللّه مخلصين له الدّين فلمّا نجّاهم إلى البرّ إذا هم يشركون (65) ليكفروا بما آتيناهم وليتمتّعوا فسوف يعلمون (66)}.
يقول تعالى مخبرًا عن حقارة الدّنيا وزوالها وانقضائها، وأنّها لا دوام لها، وغاية ما فيها لهوٌ ولعبٌ: {وإنّ الدّار الآخرة لهي الحيوان} أي: الحياة الدّائمة الحقّ الّذي لا زوال لها ولا انقضاء، بل هي مستمرّةٌ أبد الآباد.
وقوله: {لو كانوا يعلمون} أي: لآثروا ما يبقى على ما يفنى). [تفسير ابن كثير: 6/ 294]

تفسير قوله تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ (65) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ أخبر تعالى عن المشركين أنّهم عند الاضطرار يدعونه وحده لا شريك له، فهلّا يكون هذا منهم دائمًا، {فإذا ركبوا في الفلك دعوا اللّه مخلصين له الدّين} كقوله {وإذا مسّكم الضّرّ في البحر ضلّ من تدعون إلا إيّاه فلمّا نجّاكم إلى البرّ أعرضتم} [الإسراء::67]. وقال هاهنا: {فلمّا نجّاهم إلى البرّ إذا هم يشركون}.
وقد ذكر محمّد بن إسحاق، عن عكرمة بن أبي جهلٍ: أنّه لمّا فتح رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم مكّة ذهب فارًّا منها، فلمّا ركب في البحر ليذهب إلى الحبشة، اضطربت بهم السّفينة، فقال أهلها: يا قوم، أخلصوا لربّكم الدّعاء، فإنّه لا ينجي هاهنا إلّا هو. فقال عكرمة: واللّه إن كان لا ينجي في البحر غيره، فإنّه لا ينجّي غيره في البرّ أيضًا، اللّهمّ لك عليّ عهدٌ لئن خرجت لأذهبن فلأضعنّ يدي في يد محمّدٍ فلأجدنه رؤوفًا رحيمًا، وكان كذلك). [تفسير ابن كثير: 6/ 294-295]

تفسير قوله تعالى: {لِيَكْفُرُوا بِمَا آَتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (66) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {ليكفروا بما آتيناهم وليتمتّعوا}: هذه اللّام يسمّيها كثيرٌ من أهل العربيّة والتّفسير وعلماء الأصول لام العاقبة؛ لأنّهم لا يقصدون ذلك، ولا شكّ أنّها كذلك بالنّسبة إليهم، وأمّا بالنّسبة إلى تقدير اللّه عليهم ذلك وتقييضه إيّاهم لذلك فهي لام التّعليل. وقد قدّمنا تقرير ذلك في قوله: {ليكون لهم عدوًّا وحزنًا} [القصص: 8]). [تفسير ابن كثير: 6/ 295]

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آَمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ (67) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({أولم يروا أنّا جعلنا حرمًا آمنًا ويتخطّف النّاس من حولهم أفبالباطل يؤمنون وبنعمة اللّه يكفرون (67) ومن أظلم ممّن افترى على اللّه كذبًا أو كذّب بالحقّ لـمّا جاءه أليس في جهنّم مثوًى للكافرين (68) والّذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا وإنّ اللّه لمع المحسنين (69)}
يقول تعالى ممتنًّا على قريشٍ فيما أحلّهم من حرمه، الّذي جعله للنّاس سواءً العاكف فيه والبادي، ومن دخله كان آمنًا، فهم في أمنٍ عظيمٍ، والأعراب حوله ينهب بعضهم بعضًا ويقتل بعضهم بعضًا، كما قال تعالى: {لإيلاف قريشٍ إيلافهم رحلة الشّتاء والصّيف. فليعبدوا ربّ هذا البيت. الّذي أطعمهم من جوعٍ وآمنهم من خوفٍ} [قريشٍ: 1-4].
وقوله: {أفبالباطل يؤمنون وبنعمة اللّه يكفرون} أي: أفكان شكرهم على هذه النّعمة العظيمة أن أشركوا به، وعبدوا معه [غيره من] الأصنام والأنداد، و {بدّلوا نعمة اللّه كفرًا وأحلّوا قومهم دار البوار} [إبراهيم: 28]، وكفروا بنبيّ اللّه وعبده ورسوله، فكان اللّائق بهم إخلاص العبادة للّه، وألّا يشركوا به، وتصديق الرّسول وتعظيمه وتوقيره، فكذّبوه وقاتلوه وأخرجوه من بين ظهرهم؛ ولهذا سلبهم اللّه ما كان أنعم به عليهم، وقتل من قتل منهم ببدرٍ، وصارت الدّولة للّه ولرسوله وللمؤمنين، ففتح اللّه على رسوله مكّة، وأرغم آنافهم وأذلّ رقابهم). [تفسير ابن كثير: 6/ 295]

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (68) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال تعالى: {ومن أظلم ممّن افترى على اللّه كذبًا أو كذّب بالحقّ لـمّا جاءه} أي: لا أحد أشد عقوبةً ممّن كذب على اللّه فقال: إنّ اللّه أوحى إليه شيءٌ، ولم يوح إليه شيءٌ. ومن قال: سأنزل مثل ما أنزل اللّه. وهكذا لا أحد أشدّ عقوبةً ممّن كذّب بالحقّ لـمّا جاءه، فالأوّل مفترٍ، والثّاني مكذّبٌ؛ ولهذا قال: {أليس في جهنّم مثوًى للكافرين}). [تفسير ابن كثير: 6/ 295-296]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال {والّذين جاهدوا فينا} يعني: الرّسول، صلوات اللّه وسلامه عليه، وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدّين {لنهدينّهم سبلنا}، أي: لنبصرنهم سبلنا، أي: طرقنا في الدّنيا والآخرة.
قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا أحمد بن أبي الحواري، حدّثنا عبّاسٌ الهمدانيّ أبو أحمد -من أهل عكّا -في قول اللّه: {والّذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا وإنّ اللّه لمع المحسنين} قال: الّذين يعملون بما يعلمون، يهديهم لما لا يعلمون. قال أحمد بن أبي الحواريّ: فحدّثت به أبا سليمان الدّارانيّ فأعجبه، وقال: ليس ينبغي لمن ألهم شيئًا من الخير أن يعمل به حتّى يسمعه في الأثر، فإذا سمعه في الأثر عمل به، وحمد اللّه حين وافق ما في نفسه.
وقوله: {وإنّ اللّه لمع المحسنين}، قال ابن أبي حاتمٍ:
حدّثنا أبي، حدّثنا عيسى بن جعفرٍ -قاضي الرّيّ -حدّثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن المغيرة، عن الشّعبيّ قال: قال عيسى بن مريم، عليه السّلام: إنّما الإحسان أن تحسن إلى من أساء إليك، ليس الإحسان أن تحسن إلى من أحسن إليك. [وفي حديث جبريل لـمّا سأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن الإحسان قال: "أخبرني عن الإحسان". قال: "أن تعبد اللّه كأنّك تراه، فإن لم تكن تراه فإنّه يراك"). [تفسير ابن كثير: 6/ 296]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:43 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة