جمهرة تفاسير السلف
تفسير قوله تعالى: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) }
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله تعالى: {لإيلاف قريش} قال: عادة قريش عادتهم رحلة الشتاء ورحلة في الصيف). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 398]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال مجاهدٌ: {لإيلاف} : «ألفوا ذلك، فلا يشقّ عليهم في الشّتاء والصّيف»). [صحيح البخاري: 6 / 177]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قيلَ: اللامُ مُتَعَلِّقَةٌ بالقِصَّةِ التي في السُّورَةِ التي قَبْلَهَا، ويُؤَيِّدُهُ أنهما في مُصْحَفِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ سُورَةٌ وَاحِدَةٌ. وقيلَ: مُتَعَلِّقَةٌ بشَيْءٍ مُقَدَّرٍ أي: اعْجَبْ لِنِعْمَتِي عَلَى قُرَيْشٍ). [فتح الباري: 8 / 730]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: (وقَالَ مُجَاهِدٌ: لإيلافِ: أَلِفُوا ذلك فلا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ فِي الشِّتَاءِ والصَّيْفِ، وآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ قَالَ: مِنْ كُلِّ عَدُوٍّ فِي حَرَمِهِمْ) وأَخرَجَ ابنُ مَرْدَوَيهِ مِن أَوَّلِهِ إلى قولِهِ: وَالصَّيْفِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مُجَاهِدٍ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ). [فتح الباري: 8 / 730]
قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {لإِيلاَفِ} أَلِفُوا ذَلِكَ فَلاَ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، وَآمَنَهُمْ مِنْ كُلِ عَدُوِّهِمْ فِي حَرَمِهِمْ).
أَيْ: قَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لإِيلاَفِ} أَلِفُوا بِكَسْرِ اللاَّمِ أَيْ: أَلَّفَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فَأَلِفُوا ذَلِكَ، أَي: الارْتِحَالَ، وَآمَنَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ كُلِّ عَدُوِّهِمْ فِي حَرَمِهِمْ، وَعَنِ الضَّحَّاكِ وَالرَّبِيعِ وَسُفْيَانَ: وَآمَنَهُمْ مِنَ الْجُذَامِ فَلاَ يُصِيبُهُمْ فِي بَلَدِهِمْ). [عمدة القاري: 19 / 314]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (قال ابن عيينة: {لإيلاف} : «لنعمتي على قريشٍ»). [صحيح البخاري: 6 / 177]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: (وقَالَ ابنُ عُيَيْنَةَ: لإِيلافِ: لِنِعْمَتِي عَلَى قُرَيْشٍ) هُو كذلك في تَفْسِيرِ ابنِ عُيَيْنَةَ رِوَايَةَ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحمنِ عنه، ولابنِ أَبِي حَاتِمٍ من طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيرٍ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ). [فتح الباري: 8 / 730]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (تَنْبِيهَانِ:
الأوَّلُ: قَرَأَ الجُمهورُ: {لإيلافِ} بإثباتِ اليَاءِ إلا ابْنَ عَامِرٍ فحَذَفَهَا، واتَّفَقُوا على إِثْبَاتِهَا في قَولِهِ: إِيلافِهِمْ إلا في رِوَايَةٍ عنِ ابنِ عامرٍ فكالأوَّلِ، وفي أُخْرَى عنِ ابنِ كَثِيرٍ بحَذْفِ الأُولَى التي بَعْدَ اللامِ أيضًا، وقَالَ الخليلُ بْنُ أَحْمَدَ: دَخَلَتِ الفَاءُ في قَولِهِ: {فَلْيَعْبُدُوا} لِمَا فِي السِّيَاقِ مِنْ مَعْنَى الشَّرْطِ أي: فَإِنْ لَمْ يَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا البيتِ لِنِعْمَتِهِ السَّالِفَةِ فَلْيَعْبُدُوهُ لِلائْتِلافِ المَذْكُورِ). [فتح الباري: 8 / 730]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قال مجاهد: {لإيلاف}: ألفوا ذلك فلا يشق عليهم في الشتاء والصيف وآمنهم من كل عدوهم في حرمهم
وقال ابن عيينة: {لإيلاف}؛ لنعمتي على قريش.
أما قول مجاهد فقال الفريابيّ: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: {رحلة الشتاء والصيف}؛ قال: إلفهم ذلك فلا يشق عليهم لا شتاء ولا صيفا وفي قوله: {وآمنهم من خوف} قال: من كل عدو في حرمهم
وأما قول ابن عيينة: فقال سعيد بن عبد الرّحمن المخزومي: عن ابن عيينة في تفسيره قال: {لإيلاف قريش} قال: لنعمتي على قريش). [تغليق التعليق: 4 / 377]
قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: {لإِيلاَفِ} لِنِعْمَتِي عَلَى قُرَيْشٍ).
أَيْ: قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ فِي تَفْسِيرِهِ {لإِيلاَفِ}: بِنِعْمَتِي عَلَى قُرَيْشٍ. رَوَاهُ عَنْهُ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالإِيلاَفُ مَصْدَرٌ مِنْ قَوْلِكَ: آلَفْتُ الْمَكَانَ أُولِفُهُ إِيلاَفًا وَأَنَا مُؤْلِفٌ، وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: لإِيلاَفِ بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ إِلاَّ ابْنَ عَامِرٍ فَإِنَّهُ حَذَفَهَا، وَاتَّفَقُوا عَلَى إِثْبَاتِهَا فِي قَوْلِهِ: إِيلاَفِهِمْ إِلاَّ فِي رِوَايَةٍ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ فَكَالأَوَّلِ، وَفِي أُخْرَى عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ بِحَذْفِ الأَلِفِ الَّتِي بَعْدَ اللاَّمِ أَيْضًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ). [عمدة القاري: 19 / 314]
قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وَاخْتُلِفَ فِي لاَمِ لإِيلاَفِ فَقِيلَ: هِيَ مُتَّصِلَةٌ بِالسُّورَةِ الأُولَى، وَعَنِ الْكِسَائِيِّ وَالأَخْفَشِ: هِيَ لاَمُ التَّعَجُّبِ، تَقُولُ: اعْجَبْ لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ وَتَرْكِهِمْ عِبَادَةَ رَبِّ هَذَا الْبَيْتِ. وَقِيلَ: هِيَ لاَمُ كَيْ مَجَازُهَا فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ لِيُؤَلِّفَ قُرَيْشًا، وَعَنِ الزَّجَّاجِ: هِيَ مَرْدُودَةٌ إِلَى مَا بَعْدَهَا تَقْدِيرُهُ: فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ لإِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، وَقُرَيْشٌ هُمْ وَلَدُ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ؛ فَمَنْ وَلَدَهُ النَّضْرُ فَهُوَ قُرَشِيٌّ، وَمَنْ لَمْ يَلِدْهُ النَّضْرُ فَلَيْسَ بِقُرَشِيٍّ). [عمدة القاري: 19 / 314]
قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( وَقَالَ مُجَاهِدٌ فيا وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ: لإِيلاَفِ أَلِفُوا ذَلِكَ الارْتِحَالَ فَلاَ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ فِي الشِّتَاءِ إِلَى الْيَمَنِ و لا فِي الصَّيْفِ إلى الشَّامِ في كُلِّ عامٍ، فَيَسْتَعِينُونَ بالرِّحْلَتَيْنِ للتِّجَارَةِ على الْمُقَامِ بِمَكَّةَ لِخِدْمَةِ الْبَيْتِ الَّذِي هو فَخْرُهُمْ، وفي مُتَعَلِّقِ هذه اللاَّمِ أَوْجُهٌ فقِيلَ: بِسَابِقِهَا؛ لأنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَّرَ أَهْلَ مَكَّةَ عَظِيمَ نِعْمَتِهِ عَلَيْهِمْ فيما صَنَعَ بِالْحَبَشَةِ، فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ؛ أي: أَهْلَكَ أَصْحَابَ الْفِيلِ لِتَبْقَى قُرَيْشٌ وَمَا أَلِفُوا، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُما في مُصْحَف أُبَيٍّ سُورَةٌ وَاحِدَةٌ، وقِيلَ: مُتَعَلِّقَةٌ بِمُقَدَّرٍ أي: اعْجَبْ لِنِعْمَتِي عَلَى قُرَيْشٍ، وقِيلَ: (فَلْيَعْبُدُوا) وَإِنَّمَا دَخَلَتِ الفاءُ لِمَا في الكلامِ من مَعْنَى الشَّرْطِ أي: فإنْ لَمْ يَعْبُدُوهُ لسائِرِ نِعَمِهِ فَلْيَعْبُدُوهُ لإِيلافِهِمْ، فإنَّهَا أَظْهَرُ نِعْمَةٍ عَلَيْهِمْ). [إرشاد الساري: 7 / 434]
قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (قوله: (وقال ابن عيينة) الوجه ذكره في سورة قريش وقوله: {لإيلاف} لنعمتي على قريش، أي: معناه لنعمتي على قريش، وهو مبني على القول بأن هذه السورة متصلة بما قبلها، أي: أهلكنا أصحاب الفيل الذين أرادوا تخريب الكعبة {لإيلاف قريش}، أي: لنعمتي على قريش الذين لم يتعرضوا لها وما قبله مبني على القول بأنها منفصلة عن السورة التي قبلها، أي: ألفوا ذلك، فلا يشق عليهم وعليه، فالعامل في اللام يعبدوا، ولا يمنع منه فصل الفاء كما في قوله: {فأما اليتيم فلا تقهر} اهـ شيخ الإسلام). [حاشية السندي على البخاري: 3 / 80-81]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (أخبرنا عمرو بن عليٍّ، حدّثنا عامر بن إبراهيم وكان ثقةً من خيار النّاس، حدّثنا خطّاب بن جعفر بن أبي المغيرة، قال: حدّثني أبي، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله جلّ وعزّ: {لإيلاف} قال: " نعمتي على قريشٍ، {إيلافهم رحلة الشّتاء والصّيف} قال: " كانوا يشتّون بمكّة، ويصيّفون بالطّائف، {فليعبدوا ربّ هذا البيت الّذي أطعمهم من جوعٍ وآمنهم من خوفٍ} ). [السنن الكبرى للنسائي: 10/ 344]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (اختلفت القرأةُ فِي قراءةِ: {لِإِيلاَفِ قُرَيْشٍ (1) إِيلاَفِهِمْ} فقرأَ ذلك عامَّةُ قرأةِ الأمصارِ بياءٍ بعدَ همزٍ لإيلافِ وإيلافِهم، سوى أبي جعفرٍ، فإنَّه وافقَ فِي قولِهِ: {لِإِيلاَفِ} فقرأهُ بياءٍ بعدَ همزةٍ واخْتُلِفَ عنه فِي قولِهِ: {إِيلاَفِهِمْ} فرُويَ عنه أنَّهُ كانَ يقرؤُهُ (إِلْفِهُمْ) على أنَّهُ مصدرٌ من أَلِفَ يَأْلَفُ إِلْفاً، بغيرِ ياءٍ.
وحكَى بعضُهم عنهُ أنَّهُ كانَ يقرؤُهُ (إِلافِهم) بغيرِ ياءٍ, مقصورةَ الألفِ.
والصوابُ من القراءةِ فِي ذلك عندي مَن قرأَهُ: {لِإِيلاَفِ قُرَيْشٍ إِيلاَفِهِمْ} بإثباتِ الياءِ فيما بعدَ الهمزةِ من آلِفْتُ الشيءَ أُولِفُهُ إيلافاً، لإجماعِ الحُجَّةِ من القرأةِعليهِ، وللعربِ فِي ذلك لغتانِ: آلفتُ، وألفْتُ؛ فمَن قالَ: آلفْتُ بمدِّ الألفِ قالَ: فأنا أُؤَالِفُ إيلافاً، ومَن قالَ: ألِفْتُ بكسرِ الألفِ قالَ: فأنا آلفُ إلْفاً وهو رجلٌ آلِفٌ إلفاً، وحُكِيَ عن عكرمةَ أنَّهُ كانَ يقرأُ ذلك (ليألفْ قريشٍ إلفِهِم رحلةَ الشتاءِ والصيفِ).
- حدَّثني بذلك أبو كريبٍ قالَ: ثنا وكيعٌ، عن أبي مكينٍ، عن عكرمةَ.
وقد رُوِيَ عن النبيِّ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] فِي ذلك ما حدَّثنا ابنُ حميدٍ قالَ: ثنا مهرانُ، عن سفيانَ، عن ليثٍ، عن شهرِ بنِ حوشبٍ، عن أسماءَ بنتِ يزيدَ، قالتْ: سمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأُ: «إلْفِهِم رحلةَ الشتاءِ والصيفِ».
واختلفَ أهلُ العربيَّةِ فِي المعنى الجالبِ هذه اللامُ فِي قولِهِ: {لِإِيلاَفِ قُرَيْشٍ} فكانَ بعضُ نحويِّي البصرةِ يقولُ: الجالبُ لها قولُهُ: {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} فهي فِي قولِ هذا القائلِ صلةٌ لقولِهِ: جعلَهم، فالواجبُ على هذا القولِ أنْ يكونَ معنى الكلامِ: ففعلْنا بأصحابِ الفيلِ هذا الفعلَ، نعمةً منَّا على أهلِ هذا البيتِ، وإحساناً منَّا إليهم، إلى نعمتِنا عليهم فِي رحلةِ الشتاءِ والصيفِ، فتكونُ اللامُ فِي قولِهِ: {لِإِيلاَفِ} بمعنى: إلى، كأنَّهُ قيلَ: نعمةً لنعمةٍ وإلى نعمةٍ؛ لأنَّ (إلى) موضعُ (اللامِ)، واللامُ موضعُ (إلى)، وقد قالَ: معنى هذا القولِ بعضُ أهلِ التأويلِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلك.
- حدَّثني محمَّدُ بنُ عمرٍو قالَ: ثنا أبو عاصمٍ قالَ: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ قالَ: ثنا الحسنُ قالَ: ثنا ورقاءُ، جميعاً عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، فِي قولِهِ: {إيلافِهم رحلةَ الشتاءِ والصيفِ} قالَ: إيلافُهم ذلك فلا يَشُقُّ عليهِم رحلةُ شتاءٍ ولا صيفٍ.
- حدَّثني إسماعيلُ بنُ موسى السديُّ قالَ: أخبرنا شَريكٌ، عن إبراهيمَ بنِ المهاجرِ، عن مجاهدٍ: {لإيلافِ قريشٍ} قالَ: نعمتِي على قريشٍ.
- حدَّثني محمدُ بنُ عبدِ اللَّهِ الهلاليُّ قالَ: ثنا فَرْوةُ بنُ أبي المغراءِ الكِنْديُّ قالَ: ثنا شريكٌ، عن إبراهيمَ بنِ المهاجرِ، عن مجاهدٍ، مثلَهُ.
- حدَّثنا عمرُو بنُ عليٍّ قالَ: ثنا عامرُ بنُ إبراهيمَ الأصبهانيُّ قالَ: ثنا خطَّابُ بنُ جعفرِ بنِ أبي المغيرةِ قالَ: ثني أبي، عن سعيدِ بنِ جُبيرٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ، فِي قولِهِ: {لِإِيلاَفِ قُرَيْشٍ} قالَ: نعمتي على قريشٍ.
وكانَ بعضُ نحويِّي الكوفةِ يقولُ: قد قيلَ هذا القولُ، ويُقالُ: إنَّهُ تباركَ وتعالى عجَّبَ نبيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالَ: اعجَبْ يا محمدُ لنِعَمِ اللَّهِ على قريشٍ، فِي إيلافِهم رحلةَ الشتاءِ والصيفِ، ثمَّ قالَ: فلا يتشاغلوا بذلكَ عن الإيمانِ بالله واتِّباعِكَ، يستدلُّ بقولِهِ: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ}.
وكانَ بعضُ أهلِ التأويلِ يوجِّهُ تأويل ذلَك إلى نَحوِ القَوْلِ الذي ذكرْنَا عن بعضِ البَصْريين غير أَنَّه كان يُوجِّهُ تَأْويلَ قولِهِ: {لِإِيلاَفِ قُرَيْشٍ} إلى ألفةِ بعضِهم بعضاً.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلك.
- حدَّثني يونسُ قالَ: أخبرنا ابنُ وهبٍ قالَ: قالَ ابنُ زيدٍ، فِي قولِه: {لِإِيلاَفِ قُرَيْشٍ} فقرأَ: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} إلى آخرِ السورةِ قالَ: هذا لإيلافِ قريشٍ، صنعْتُ هذا بهم لألفةِ قريشٍ؛ لئلاَّ أفرِّقَ ألفَتَهم وجماعتَهم، إنَّما جاءَ صاحبُ الفيلِ ليستبيدَ حريمَهم، فصنعَ اللَّهُ به ذلك.
وأَوْلَى الأَقْوال في ذلك عِندي بِالصَّواب أنْ يُقالَ: إنَّ هذه اللامَ بمعنى التعجُّبِ، وأنَّ معنى الكلامِ: اعْجَبُوا لإيلافِ قريشٍ رحلةَ الشتاءِ والصيفِ، وترْكِهِم عبادةَ ربِّ هذا البيتِ، الذي أطعَمَهم من جوعٍ، وآمنَهم من خوفٍ، والعربُ إذا جاءتْ بهذه اللامِ، فأدخلُوها فِي الكلامِ للتعجُّبِ اكْتَفَوْا بها دليلاً على التعجُّبِ من إظهارِ الفعلِ الذي يجلُبُها، كما قالَ الشاعرُ:
أغرَّكَ أنْ قالُوا لقرَّةَ شاعراً ....... فيا لأباهُ من عريفٍ وشاعرا.
فاكتفى باللامِ دليلاً على التعجُّبِ من إظهارِ الفعلِ، وإنَّما الكلامُ: أغرَّكَ أنْ قالُوا: اعجبُوا لقرَّةَ شاعراً، فكذلكَ قولُهُ: {لِإِيلاَفِ}.
وأمَّا القولُ الذي قالَهُ مَن حكَيْنا قولَهُ؛ إنَّهُ من صلةِ قولِهِ: {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} فإنَّ ذلك لوْ كانَ كذلك، لوجبَ أنْ يكونَ {لِإِيلاَفِ} بعضَ {أَلَمْ تَرَ}، وأنْ لا تكونَ سورةً منفصلةً من {أَلَمْ تَرَ}، وفي إجماعِ جميعِ المسلمينَ على أنَّهما سورتانِ تامَّتانِ كلُّ واحدةٍ منهما منفصلةٌ عن الأخرى، ما بيَّنَ عن فسادِ القولِ الذي قالَهُ مَن قالَ ذلك. ولو كانَ قولُهُ: {لِإِيلاَفِ قُرَيْشٍ} من صلةِ قولِهِ: {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} لم تكنْ {أَلَمْ تَرَ} تامَّةً حتَّى تُوصَلَ بقولِهِ: {لِإِيلاَفِ قُرَيْشٍ}؛ لأنَّ الكلامَ لا يتمُّ إلا بانقضاءِ الخبرِ الذي ذُكِرَ.
وبنحْوِ الذي قُلْنا فِي ذلك قالَ أهلُ التأويلِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلك.
- حدَّثني عليٌّ قالَ: ثنا أبو صالحٍ قالَ: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابنِ عبَّاسٍ، فِي قولِهِ: (إلفِهِم رحلةَ الشتاءِ والصيفِ) يقولُ: لزومُهم.
- حدَّثني محمَّدُ بنُ سعدٍ قالَ: ثني أبي قالَ: ثني عمِّي قالَ: ثني أبي، عن أبيهِ، عن ابنِ عبَّاسٍ، فِي قولِهِ: {لِإِيلاَفِ قُرَيْشٍ} قالَ: نهاهُم عن الرحلةِ، وأمرَهُم أنْ يعبدوا ربَّ هذا البيتِ، وكفاهُم المؤنةَ، وكانتْ رحلتُهم فِي الشتاءِ والصيفِ، فلمْ يكنْ لهم راحةٌ فِي شتاءٍ ولا صيفٍ فأطعمَهم بعدَ ذلك من جوعٍ، وآمنَهم من خوفٍ، وألِفُوا الرحلةَ، فكانوا إذا شاءُوا ارتحلُوا، وإذا شاءُوا أقامُوا، فكانَ ذلك من نعمةِ اللَّهِ عليهم.
- حدَّثني محمدُ بنُ المثنَّى قالَ: ثني ابنُ عبدِ الأعلَى قالَ: ثنا داودُ، عن عكرمةَ قالَ: كانتْ قريشٌ قد ألِفُوا بُصرَى واليمنَ، يختلفونَ إلى هذه فِي الشتاءِ، وإلى هذه فِي الصيفِ {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ} فأمَرَهم أنْ يُقيموا بمكَّةَ.
- حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا مهرانُ، عن سفيانَ، عن إسماعيلَ، عن أبي صالحٍ: {لِإِيلاَفِ قُرَيْشٍ إِيلاَفِهِمْ} قالَ: كانوا تجَّاراً، فعَلِمَ اللَّهُ حُبَّهم للشامِ.
- حدَّثنا ابنُ عبدِ الأعلَى قالَ: ثنا ابنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ: {لِإِيلاَفِ قُرَيْشٍ} قالَ: عادةُ قريشٍ عادتُهم رحلةُ الشتاءِ والصيفِ.
- حُدِّثْتُ عن الحسينِ قالَ: سمِعْتُ أبا مُعاذٍ يقولُ: ثنا عبيدٌ، قالَ سمِعْتُ الضحَّاكَ يقولُ فِي قولِهِ: {لِإِيلاَفِ قُرَيْشٍ} كانوا ألِفُوا الارتحالَ فِي القَيْظِ والشتاءِ). [جامع البيان: 24 / 646-651]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم، قال: ثنا آدم، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، {لإيلاف قريش} قال: كانوا ألفوا ذلك فلا تشق عليهم رحلة شتاء ولا صيف). [تفسير مجاهد: 2/ 785]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا بكر بن محمّد بن حمدان الصّيرفيّ، ثنا أحمد بن عبيد اللّه النّرسيّ، ثنا يعقوب بن محمّدٍ الزّهريّ، ثنا إبراهيم بن محمّد بن ثابت بن شرحبيل، حدّثني عثمان بن عبد اللّه بن أبي عتيقٍ، عن سعيد بن عمرو بن جعدة بن هبيرة، عن أبيه، عن جدّته أمّ هانئٍ بنت أبي طالبٍ رضي اللّه عنها، أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، قال: «فضّل اللّه قريشًا بسبع خلالٍ؛ أنّي فيهم وأنّ النّبوّة فيهم، والحجابة فيهم، والسّقاية فيهم، وأنّ اللّه نصرهم على الفيل، وأنّهم عبدوا اللّه عشر سنين لا يعبده غيرهم، وأنّ اللّه أنزل فيهم سورةً من القرآن» ثمّ تلاها رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، بسم اللّه الرّحمن الرّحيم {لإيلاف قريشٍ (1) إيلافهم رحلة الشّتاء والصّيف (2) فليعبدوا ربّ هذا البيت (3) الّذي أطعمهم من جوعٍ وآمنهم من خوفٍ} «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2 / 584]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي تاريخِهِ والطَّبَرَانِيُّ والحاكمُ وَصَحَّحَهُ وَابْنُ مَرْدُويَهْ والبَيْهَقِيُّ فِي الخلافِيَّاتِ عَنْ أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فَضَّلَ اللَّهُ قُرَيْشاً بِسَبْعِ خِصَالٍ لَمْ يُعْطِهَا أَحَداً قَبْلَهُمْ، وَلا يُعْطِيهَا أَحَداً بَعْدَهُمْ: أَنِّي فِيهِمْ - وَفِي لَفْظٍ: النُّبُوَّةُ فِيهِمْ - وَالْخِلافَةُ فِيهِمْ، وَالْحِجَابَةُ فِيهِمْ، وَالسِّقَايَةُ فِيهِمْ، وَنُصِرُوا عَلَى الْفِيلِ، وَعَبَدُوا اللَّهَ سَبْعَ سِنِينَ - وَفِي لَفْظٍ: عَشْرَ سِنِينَ لَمْ يَعْبُدْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ - وَنَزَلَتْ فِيهِمْ سُورَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ لَمْ يُذْكَرْ فِيهَا أَحَدٌ غَيْرُهُمْ؛ {لإِيلافِ قُرَيْشٍ}» ). [الدر المنثور: 15 / 670]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : ( وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الأَوْسَطِ وَابْنُ مَرْدُويَهْ وَابْنُ عَسَاكِرَ عَن الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَضَّلَ اللَّهُ قُرَيْشاً بِسَبْعِ خِصَالٍ: فَضَّلَهُمْ بِأَنَّهُمْ عَبَدُوا اللَّهَ عَشْرَ سِنِينَ لا يَعْبُدُهُ إِلاَّ قُرَيْشٌ، وَفَضَّلَهُمْ بِأَنَّهُ نَصَرَهُمْ يَوْمَ الْفِيلِ وَهُمْ مُشْرِكُونَ، وَفَضَّلَهُمْ بِأَنَّهُ نَزَلَتْ فِيهِمْ سُورَةٌ مِن الْقُرْآنِ لَمْ يَدْخُلْ فِيهَا أَحَدٌ مِن الْعَالَمِينَ غَيْرُهُمْ؛ وَهِيَ {لإِيلافِ قُرَيْشٍ}, وَفَضَّلَهُمْ بِأَنَّ فِيهِمُ النُّبُوَّةَ وَالْخِلافَةَ وَالْحِجَابَةَ وَالسِّقَايَةَ» ). [الدر المنثور: 15 / 670-671]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ الخطيبُ فِي تاريخِهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ فَضَّلَ قُرَيْشاً بِسَبْعِ خِصَالٍ: أني مِنْهُمْ، وَأَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ فِيهِمْ سُورَةً كَامِلَةً مِنْ كِتَابِهِ لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا أَحَداً غَيْرَهُمْ، وَأَنَّهُمْ عَبَدُوا اللَّهَ عَشْرَ سِنِينَ لم يَعْبُدْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، وَأَنَّ اللَّهَ نَصَرَهُمْ يَوْمَ الْفِيلِ، وَأَنَّ الْخِلافَةَ وَالسِّقَايَةَ وَالسِّدَانَةَ فِيهِمْ» ). [الدر المنثور: 15 / 671]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: (لِيَأْلَفَ قُرَيْشٌ إِلْفَهُمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ) ). [الدر المنثور: 15 / 672]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ كَانَ يَعِيبُ {لإِيلافِ قُرَيْشٍ} وَيَقُولُ: إِنَّمَا هِيَ (لِيأْلَفَ قُرَيْشٌ)، وَكَانُوا يَرْحَلُونَ فِي الشِّتَاءِ والصيفِ إِلَى الرومِ والشامِ، فَأَمَرَهُم اللَّهُ أَنْ يَأْلَفُوا عِبَادَةَ رَبِّ هَذَا الْبَيْتِ). [الدر المنثور: 15 / 672]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدُويَهْ والضياءُ فِي المختارةِ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {لإيلافِ قُرَيْشٍ}. قَالَ: نِعْمَتِي عَلَى قُرَيْشٍ، {إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ}. قَالَ: كَانُوا يَشْتُونَ بمكَّةَ وَيَصِيفُونَ بالطَّائِفِ، {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ}.
قَالَ: الْكَعْبَةِ، {الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ}. قَالَ: الجُذَامِ). [الدر المنثور: 15 / 672-673]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ الفِرْيَابِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ: {لإِيلافِ قُرَيْشٍ}. قَالَ: نِعْمَتِي عَلَى قُرَيْشٍ، {إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ}. قَالَ: إيلافِهِمْ ذَلِكَ فَلا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ رِحْلَةُ شِتَاءٍ وَلا صَيْفٍ، {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ}. قَالَ: مِنْ كُلِّ عَدُوٍّ فِي حَرَمِهِمْ). [الدر المنثور: 15 / 673]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَن ابْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ: {لإِيلافِ قُرَيْشٍ}. فَقَرَأَ: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ}. إِلَى آخِرِ السُّورَةِ. قَالَ: هَذَا لإيلافِ قُرَيْشٍ؛ صَنَعْتُ هَذَا بِهِمْ لألفةِ قُرَيْشٍ لِئَلاَّ أُفَرِّقَ إِلْفَتَهُمْ وَجَمَاعَتَهُمْ إِنَّمَا جَاءَ صَاحِبُ الْفِيلِ لِيَسْتَبِيدَ حَرِيمَهُمْ، فَصَنَعَ اللَّهُ بِهِمْ ذَلِكَ). [الدر المنثور: 15 / 673]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ فِي الموفَّقِيَّاتِ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: كَانَتْ قُرَيْشٌ فِي الجاهليَّةِ تَعْتَفِدُ، وَكَانَ اعْتِفَادُهَا أَنَّ أَهْلَ الْبَيْتِ مِنْهُ كَانُوا إِذَا سَافَتْ -يَعْنِي: هَلَكَتْ- أَمْوَالُهُمْ، خَرَجُوا إِلَى بَرازٍ مِن الأَرْضِ فَضَرَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِم الأَخْبِيَةَ ثُمَّ تَنَاوَبُوا فِيهَا حَتَّى يَمُوتُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُعْلَمَ بِخَلَّتِهِمْ، حَتَّى نَشَأَ هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ، فَلَمَّا وَبَلَ وَعَظُمَ قَدْرُهُ فِي قَوْمِهِ، قَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ إِنَّ العزَّ مَعَ كَثْرَةِ الْعَددِ، وَقَدْ أَصْبَحْتُمْ أَكْثَرَ الْعَرَبِ أَمْوَالاً وَأَعَزَّهُمْ نَفَراً، وَإِنَّ هَذَا الاعتِفَادَ قَدْ أَتَى عَلَى كَثِيرٍ مِنْكُمْ، وَقَدْ رَأَيْتُ رَأْياً.
قَالُوا: رَأْيُكَ رُشْدٌ فَمُرْنَا نَأْتَمِرْ. قَالَ: رَأَيْتُ أَنْ أَخْلِطَ فُقَرَاءَكُمْ بِأَغْنِيَائِكُمْ، فَأَعْمِدَ إِلَى رَجُلٍ غَنِيٍّ فَأَضُمَّ إِلَيْهِ فَقِيراً، عِيَالُهِ بِعَدَدِ عِيَالِهِ، فَيَكُونُ يُوَازِرُهُ فِي الرِّحْلَتَيْنِ رِحْلَةِ الصَّيْفِ إِلَى الشَّامِ وَرِحْلَةِ الشِّتَاءِ إِلَى الْيَمَنِ، فَمَا كَانَ فِي مَالِ الغَنِيِّ مِنْ فَضْلٍ عَاشَ الفقيرُ وعيالُهُ فِي ظِلِّهِ، وَكَانَ ذَلِكَ قَطْعاً للاعتِفادِ.
قَالُوا: نِعْمَ مَا رَأَيْتَ. فَأَلَّفَ بَيْنَ النَّاسِ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ الْفِيلِ وَأَصْحَابِهِ مَا كَانَ وَأَنْزَلَ اللَّهُ مَا أَنْزَلَ، وَكَانَ ذَلِكَ مفتاحَ النُّبُوَّةِ وَأَوَّلَ عِزِّ قُرَيْشٍ حَتَّى هَابَهُم النَّاسَ كُلَّهُمْ وَقَالُوا: أَهْلُ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَهُم، وَكَانَ مولدُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ العامِ، فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ رسولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ يُعَرِّفُ قَوْمَهُ وَمَا صَنَعَ إِلَيْهِمْ وَمَا نَصَرَهُمْ مِن الْفِيلِ وَأَهْلِهِ: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ}. إِلَى آخِرِ السُّورَةِ.
ثُمَّ قَالَ: وَلِمَ فَعَلْتُ ذَلِكَ يَا مُحَمَّدُ بِقَوْمِكَ وَهُمْ يَوْمئِذٍ أَهْلُ عِبَادَةِ أَوْثَانٍ؟ فَقَالَ لَهُمْ: {لإِيلافِ قُرَيْشٍ}. إِلَى آخِرِ السُّورَةِ؛ أَيْ: لِتَرَاحُمِهِمْ وَتَوَاصُلِهِمْ، ، وَإنْ كَانَ الَّذِي آمَنَهُمْ مِنْهُ مِن الخوفِ خوفَ الْفِيلِ وَأَصْحَابِهِ, وإطعامُهُ إِيَّاهُمْ مِن الجوعِ؛ مِنْ جوعِ الاعتفادِ). [الدر المنثور: 15 / 674-675]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ مَرْدُويَهْ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {لإيلافِ قُرَيْشٍ} الآيَةَ. قَالَ: نَهَاهُمْ عَن الرحلةِ، وَأَمَرَهُم أَنْ يَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ، وَكَفَاهُم المُؤْنَةَ، وَكَانَتْ رِحْلَتُهُم فِي الشِّتَاءِ والصيفِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ راحةٌ فِي شتاءٍ وَلا صيفٍ، فَأَطْعَمَهُم اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ جوعٍ وآمَنَهُم مِنْ خوفٍ فَأَلِفُوا الرِّحْلَةَ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ). [الدر المنثور: 15 / 675]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ: {لإيلافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ}. قَالَ: أَلِفُوا ذَلِكَ فَلا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ). [الدر المنثور: 15 / 675]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: {لإيلافِ قُرَيْشٍ} قَالَ: عادةُ قُرَيْشٍ؛ رحلةٌ فِي الشِّتَاءِ ورحلةٌ فِي الصيفِ، وَفِي قَوْلِهِ: {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ}. قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ: نَحْنُ مِنْ حَرَمِ اللَّهِ, فَلا يَعْرِضُ لَهُمْ أَحَدٌ فِي الجاهليةِ يَأْمَنُونَ بِذَلِكَ، وَكَانَ غَيْرُهُمْ مِنْ قبائلِ الْعَرَبِ إِذَا خَرَجَ أُغِيرَ عَلَيْهِ). [الدر المنثور: 15 / 676]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ البَيْهَقِيُّ فِي الدلائلِ عَنْ أَبِي رَيْحَانَةَ العَامِرِيِّ أَنَّ مُعَاوِيَةَ قَالَ لابْنِ عَبَّاسٍ: لِمَ سُمِّيَتْ قُرَيْشٌ قُرَيْشاً؟ قَالَ: بِدَابَّةٍ تَكُونُ فِي الْبَحْرِ أَعْظَمِ دَوَابِّهِ يُقَالُ لَهَا: القِرْشُ، لا تَمُرُّ بِشَيْءٍ مِنَ الغَثِّ والسَّمِينِ إِلاَّ أَكَلَتْهُ. قَالَ: فَأَنْشِدْنِي فِي ذَلِكَ شَيْئاً. فَأَنْشَدَهُ شِعْرَ الجُمَحِيِّ إِذْ يَقُولُ:
وَقُرَيْشٌ هِيَ الَّتِي تَسْكُنُ البَحْـ.......ـرَ بِهَا سُمِّيَتْ قُرَيْشٌ قُرَيْشَا
تَأْكُلُ الغَثَّ السَّمِينَ وَلا تَتْ.......ـرُكُ مِنْهَا لِذِي الْجَنَاحَيْنِ رِيشَا
هَكَذَا فِي الْبِلادِ حَيُّ قُرَيْشٍ.......يَأْكُلُونَ الْبِلادَ أَكْلاً كَمِيشَا
وَلَهُمْ آخِرَ الزَّمَانِ نَبِيٌّ.......يُكْثِرُ القَتْلَ فِيهِمُ وَالْخُمُوشَا
). [الدر المنثور: 15 / 678]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ سَأَلَ مُحَمَّدَ بْنَ جُبَيْرٍ: مَتَى سُمِّيَتْ قُرَيْشٌ قُرَيْشاً؟ قَالَ: حِينَ اجْتَمَعَتْ إِلَى الحرمِ مِنْ تَفَرُّقِهَا، فَذَلِكَ التَّجَمُّعُ التَّقَرُّشُ، فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: مَا سَمِعْتُ هَذَا، وَلَكِنْ سَمِعْتُ أَنَّ قُصَيًّا كَانَ يُقَالُ لَهُ: الْقُرَشِيُّ وَلَمْ تُسَمَّ قُرَيْشٌ قَبْلَهُ). [الدر المنثور: 15 / 678-679]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عوفٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَ قُصَيٌّ الْحَرَمَ وَغَلَبَ عَلَيْهِ فَعَلَ أَفْعَالاً جَمِيلَةً، فَقِيلَ لَهُ: الْقُرَشِيُّ، فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ سُمِّيَ بِهِ). [الدر المنثور: 15 / 679]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ عَنْ قَتَادَةَ بْنِ النعمانِ أَنَّهُ وَقَعَ بِقُرَيْشٍ فَكَأَنَّهُ نالَ مِنْهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا قَتَادَةُ، لا تَسُبَّنَّ قُرَيْشاً، فَإِنَّهُ لَعَلَّكَ أَنْ تَرَى مِنْهُمْ رِجَالاً تَزْدَرِي عَمَلَكَ مَعَ أَعْمَالِهِمْ وَفِعْلَكَ مَعَ أَفْعَالِهِمْ، وَتَغْبِطُهُمْ إِذَا رَأَيْتَهُمْ, لَوْلا أَنْ تَطْغَى قُرَيْشٌ لأَخْبَرْتُهُمْ بِالَّذِي لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ» ). [الدر المنثور: 15 / 679]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ مُعَاوِيَةَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ فِي هَذَا الأَمْرِ، خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِسْلامِ إِذَا فَقِهُوا، وَاللَّهِ لَوْلا أَنْ تَبْطَرَ قُرَيْشٌ لأَخْبَرْتُهَا بِمَا لِخِيَارِهَا عِنْدَ اللَّهِ».
قَالَ: وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «خَيْرُ نِسْوَةٍ رَكِبْنَ الإِبِلَ صَالِحُ نِسَاءِ قُرَيْشٍ، أَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ، وَأَحْنَاهُ عَلَى وَلَدٍ فِي صِغَرِهِ».
وَأَخْرَجَه أَحْمَدُ والبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ جُبَيرِ بنِ مُطْعِمٍ). [الدر المنثور: 15 / 680]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرجَ الطَّيَالِسِيُّ وابنُ أَبِي شَيْبَةَ وأَحْمَدُ والنَّسَائِيُّ والطَّبَرانِيُّ وأبو نُعَيْمٍ والبَيْهَقِيُّ عن أنسٍ قالَ: كُنَّا فِي بيتِ رَجُلٍ مِن الأنصارِ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى وَقَفَ فَأَخَذَ بِعِضَادَتَيِ الْبَابِ فَقَالَ:«الأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ، وَلَهُمْ عَلَيْكُمْ حَقٌّ، وَلَكُمْ مِثْلُ ذَلِكَ, مَا إِنِ اسْتُحْكِمُوا عَدَلُوا، وَإِنِ اسْتُرْحِمُوا رَحِمُوا، وَإِذَا عَاهَدُوا وفَوْا، فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ مِنْهُمْ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ لا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهمْ صَرْفًا وَلاَ عَدْلاً» ). [الدر المنثور: 15 / 680]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرجَ الطَّيَالِسِيُّ وابنُ أبي شَيْبَةَ وأَحْمَدُ وابنُ مَاجَهْ وأَبُو يَعْلَى والطَّبَرَانِيُّ وابنُ حِبَّانَ والحَاكِمُ والبَيْهَقِيُّ في المعرفةِ عن جُبَيْرِ بنِ مُطْعِمٍ قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِلْقُرَشِيِّ مِثْلَيْ قُوَّةِ الرَّجُلِ مِنْ غَيْرِ قُرَيْشٍ».
قِيلَ للزُّهْرِيِّ: مَا عَنَى بِذَلِكَ؟ قَالَ: نُبْلَ الرَّأْيِ). [الدر المنثور: 15 / 680]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ أَنَّ رَسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تَعَلَّمُوا مِنْ قُرَيْشٍ وَلا تُعَلِّمُوهَا، وَقَدِّمُوا قُرَيْشاً وَلا تُؤَخِّرُوهَا، فَإِنَّ لِلْقُرَشِيِّ قُوَّةَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ غَيْرِ قُرَيْشٍ» ). [الدر المنثور: 15 / 681]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : ( وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شيبةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا تَقَدَّمُوا قُرَيْشاً فَتَضِلُّوا، وَلا تَأَخَّرُوا عَنْهَا فَتَضِلُّوا، خِيَارُ قُرَيْشٍ خِيَارُ النَّاسِ، وَشِرَارُ قُرَيْشٍ شِرَارُ النَّاسِ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْلا أَنْ تَبْطَرَ قُرَيْشٌ لأَخْبَرْتُهَا مَا لَهَا عِنْدَ اللَّهِ» ). [الدر المنثور: 15 / 681]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : ( وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شيبةَ وأَحْمَدُ ومُسلمٌ وابنُ حِبَّانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» ). [الدر المنثور: 15 / 681]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : ( وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شيبةَ عَنْ إسماعيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُرَيْشاً فَقَالَ: «هَلْ فِيكُمْ مِنْ غَيْرِكُمْ؟» قَالُوا: لا, إِلاَّ ابْنَ أُخْتِنَا وَمَوْلانَا وَحَلِيفنَا. فَقَالَ: «ابْنُ أُخْتِكُمْ مِنْكُمْ وَمَوْلاكُمْ مِنْكُمْ، وَحَلِيفُكُمْ مِنْكُمْ، إِنَّ قُرَيْشاً أَهْلُ صِدْقٍ وَأَمَانَةٍ، فَمَنْ بَغَى لَهُمُ الْعَوَاثِرَ أَكَبَّهُ اللَّهُ عَلَى وَجْهِهِ» ). [الدر المنثور: 15 / 681-682]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : ( وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ فِي هَذَا الأَمْرِ خِيَارُهُمْ تَبَعٌ لِخِيَارِهِمْ وَشِرَارُهُمْ تَبَعٌ لِشِرَارِهِمْ» ). [الدر المنثور: 15 / 682]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَابٍ فِيهِ نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَ: «إِنْ هَذَا الأَمْرَ فِي قُرَيْشٍ» ). [الدر المنثور: 15 / 682]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : ( وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَن ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لقريشٍ: «إِنَّ هَذَا الأَمْرَ, فِيكُمْ وَأَنْتُمْ وُلاتُهُ» ). [الدر المنثور: 15 / 682]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : ( وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأحمدُ والطَّيَالِسِيُّ والبخاريُّ ومسلمٌ عَن ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا يَزَالُ هَذَا الأَمْرُ فِي قُرَيْشٍ مَا بَقِيَ مِن النَّاسِ اثْنَانِ». وَحَرَّكَ أُصْبُعَيْهِ). [الدر المنثور: 15 / 683]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : ( وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شيبةَ وأحمدُ والترمذيُّ وابنُ جَريرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُلْكُ فِي قُرَيْشٍ، وَالْقَضَاءُ فِي الأَنْصَارِ، وَالأَذَانُ فِي الْحَبَشَةِ» ). [الدر المنثور: 15 / 683]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : ( وَأَخْرَجَ أحمدُ وابْنُ أَبِي شَيْبَةَ والترْمِذِيُّ وحَسَّنَهُ وَأَبُو يَعْلَى والطَّبَرَانِيُّ والْحَاكِمُ وأبو نُعَيْمٍ في الْمَعْرِفَةِ عَنْ سَعْدٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ يُرِدْ هَوانَ قُرَيْشٍ يُهِنْهُ اللهُ» ). [الدر المنثور: 15 / 683]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : ( وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شيبةَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لقريشٍ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ كَمَا أَذَقْتَ أَوَّلَهُمْ عَذَاباً فَأَذِقْ آخِرَهُمْ نَوَالاً» ). [الدر المنثور: 15 / 683]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : ( وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شيبةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ رَجُلاً قُتِلَ، فَقِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَبْعَدَهُ اللَّهُ؛ إنَّهُ كَانَ يُبْغِضُ قُرَيْشاً» ). [الدر المنثور: 15 / 684]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : ( وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ أَذَقْتَ أَوَّلَ قُرَيْشٍ نَكَالاً فَأَذِقْ آخِرَهُمْ نَوَالاً» ). [الدر المنثور: 15 / 684]
تفسير قوله تعالى: {إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) }
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة ،في قوله تعالى: {لإيلاف قريش} قال: عادة قريش عادتهم رحلة الشتاء ورحلة في الصيف). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 398] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر: وقال الكلبي: كانت لهم رحلتان رحلة في الشتاء إلى اليمن ورحلة في الصيف إلى الشام). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 398]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (أخبرنا عمرو بن عليٍّ، حدّثنا عامر بن إبراهيم وكان ثقةً من خيار النّاس، حدّثنا خطّاب بن جعفر بن أبي المغيرة، قال: حدّثني أبي، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله جلّ وعزّ: {لإيلاف} قال: " نعمتي على قريشٍ، {إيلافهم رحلة الشّتاء والصّيف} قال: " كانوا يشتّون بمكّة، ويصيّفون بالطّائف، {فليعبدوا ربّ هذا البيت الّذي أطعمهم من جوعٍ وآمنهم من خوفٍ} [قريش: 4]). [السنن الكبرى للنسائي: 10/ 344] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {إِيلاَفِهِمْ} مخفوضةٌ على الإبدالِ، كأنَّهُ قالَ: لإيلافِ قريشٍ لإيلافِهم رحلةَ الشتاءِ والصيفِ. وأمَّا الرحلةُ فنُصِبَتْ بقولِهِ: {إِيلاَفِهِمْ} ووقوعِهِ عليها.
وقولُهُ: {رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ} يقولُ: رحلةَ قريشٍ الرحلتينِ؛ إحداهُما إلى الشامِ فِي الصيفِ، والأخرى إلى اليمنِ فِي الشتاءِ.
- حدَّثني يونسُ قالَ: أخبرنا ابنُ وهبٍ قالَ: قالَ ابنُ زيدٍ، فِي قولِهِ: {رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ} قالَ: كانتْ لهم رحلتانِ: الصيفُ إلى الشامِ، والشتاءُ إلى اليمنِ فِي التجارةِ، إذا كانَ الشتاءُ امتنعَ الشامُ منهم لمكانِ البردِ، وكانتْ رحلتُهم فِي الشتاءِ إلى اليمنِ.
- حدَّثنا ابنُ حميدٍ قالَ: ثنا مهرانُ، عن سفيانَ: {رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ} قالَ: كانوا تُجَّاراً.
- حدَّثنا ابنُ عبدِ الأعلَى قالَ: ثنا ابنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن الكلبيِّ: {رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ} قالَ: كانتْ لهم رحلتانِ: رحلةٌ فِي الشتاءِ إلى اليمنِ، ورحلةٌ فِي الصيفِ إلى الشامِ.
- حدَّثنا عمرُو بنُ عليٍّ قالَ: ثنا عامرُ بنُ إبراهيمَ الأصبهانيُّ قالَ: ثنا خطَّابُ بنُ جعفرِ بنِ أبي المغيرةِ قالَ: ثني أبي، عن سعيدِ بنِ جُبيرٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ: {إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ} قالَ: كانوا يُشَتُّونَ بمكَّةَ، ويُصَيِّفونَ بالطائفِ). [جامع البيان: 24 / 651-652]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قال مجاهد لإيلاف ألفوا ذلك فلا يشق عليهم في الشتاء والصيف وآمنهم من كل عدوهم في حرمهم
وقال ابن عيينة لإيلاف لنعمتي على قريش
أما قول مجاهد فقال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله {رحلة الشتاء والصيف} قال إلفهم ذلك فلا يشق عليهم لا شتاء ولا صيفا). [تغليق التعليق: 4 / 377] (م)
قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (قَوْلُهُ: {إِيلاَفِهِمْ} بَدَلٌ مِنَ الإِيلاَفِ الأَوَّلِ). [عمدة القاري: 19 / 314]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: (لِيَأْلَفَ قُرَيْشٌ إِلْفَهُمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ) ). [الدر المنثور: 15 / 672] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدُويَهْ والضياءُ فِي المختارةِ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {لإيلافِ قُرَيْشٍ}. قَالَ: نِعْمَتِي عَلَى قُرَيْشٍ، {إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ}. قَالَ: كَانُوا يَشْتُونَ بمكَّةَ وَيَصِيفُونَ بالطَّائِفِ، {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ}.
قَالَ: الْكَعْبَةِ، {الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ}. قَالَ: الجُذَامِ). [الدر المنثور: 15 / 672-673] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ الفِرْيَابِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ: {لإِيلافِ قُرَيْشٍ}. قَالَ: نِعْمَتِي عَلَى قُرَيْشٍ، {إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ}. قَالَ: إيلافِهِمْ ذَلِكَ فَلا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ رِحْلَةُ شِتَاءٍ وَلا صَيْفٍ، {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ}. قَالَ: مِنْ كُلِّ عَدُوٍّ فِي حَرَمِهِمْ). [الدر المنثور: 15 / 673](م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدُويَهْ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {لإيلافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلافِهِمْ}. يَقُولُ: لُزُومِهُم. {الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ}. يَعْنِي: قُرَيْشاً أَهْلَ مَكَّةَ؛ بِدَعْوَةِ إِبْرَاهِيمَ، حَيْثُ قَالَ: {وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ}.(إِبْرَاهِيم: 37) {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ}؛ حَيْثُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ: {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً}. [إِبْرَاهِيم:35] ). [الدر المنثور: 15 / 673] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: {لإيلافِ قُرَيْشٍ} قَالَ: عادةُ قُرَيْشٍ؛ رحلةٌ فِي الشِّتَاءِ ورحلةٌ فِي الصيفِ، وَفِي قَوْلِهِ: {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ}. قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ: نَحْنُ مِنْ حَرَمِ اللَّهِ, فَلا يَعْرِضُ لَهُمْ أَحَدٌ فِي الجاهليةِ يَأْمَنُونَ بِذَلِكَ، وَكَانَ غَيْرُهُمْ مِنْ قبائلِ الْعَرَبِ إِذَا خَرَجَ أُغِيرَ عَلَيْهِ). [الدر المنثور: 15 / 676]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِي مَالِكٍ فِي قَوْلِهِ: {لإيلافِ قُرَيْشٍ}. قَالَ: كَانُوا يَتَّجِرُونَ فِي الشِّتَاءِ والصيفِ فَآلفتهُمْ ذَلِكَ). [الدر المنثور: 15 / 677]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: كَانَتْ قُرَيْشٌ تَتَّجِرُ شِتَاءً وَصَيْفاً فَتَأْخُذُ فِي الشِّتَاءِ عَلَى طَرِيقِ الْبَحْرِ وَأيْلَةَ إِلَى فِلَسْطِينَ يَلْتَمِسُونَ الدَّفَاءَ، وَأَمَّا الصيفَ فَيَأْخُذُونَ قِبَلَ بُصْرَى وَأَذْرِعَاتٍ يَلْتَمِسُونَ الْبَرْدَ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {إِيلافِهِمْ} ). [الدر المنثور: 15 / 677]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَن ابْنِ زَيْدٍ قَالَ: كَانَتْ لَهُمْ رِحْلَتَانِ: الصيفَ إِلَى الشَّامِ والشتاءَ إِلَى الْيَمَنِ فِي التجارةِ). [الدر المنثور: 15 / 677]
تفسير قوله تعالى: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) }
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ} يقولُ: فليُقيموا بموضعِهم ووطنِهم من مكَّةَ، وليعبدوا ربَّ هذا البيتِ، يعني بالبيتِ: الكعبةَ.
- كما حدَّثني يعقوبُ بنُ إبراهيمَ قالَ: ثنا هشيمٌ قالَ: أخبرنا مغيرةُ، عن إبراهيمَ، أنَّ عمرَ بنَ الخطَّابِ رضيَ اللَّهُ عنهُ صلَّى المغربَ بمكَّةَ، فقرأَ: {لِإِيلاَفِ قُرَيْشٍ} فلمَّا انتهَى إلى قولِهِ: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ} أشارَ بيدِهِ إلى البيتِ.
- حدَّثنا عمرُو بنُ عليٍّ قالَ: ثنا عامرُ بنُ إبراهيمَ الأصبهانيُّ قالَ: ثنا خطَّابُ بنُ جعفرِ بنِ أبي المغيرةِ قالَ: ثني أبي، عن سعيدِ بنِ جُبيرٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ، فِي قولِهِ: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ} قالَ: الكعبةُ.
وقالَ بعضُهم: أُمِرُوا أنْ يألَفُوا عبادةَ ربِّ مكَّةَ كإلْفِهم الرحلتينِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلك:
- حدَّثنا عمرُو بنُ عبدِ الحميدِ الآمُليُّ قالَ: ثنا مروانُ، عن عاصمٍ الأحولِ، عن عكرمةَ، عن ابنِ عبَّاسٍ، فِي قولِ اللَّهِ: {لِإِيلاَفِ قُرَيْشٍ} قالَ: أُمِرُوا أنْ يألَفُوا عبادةَ ربِّ هذا البيتِ، كإلفِهم رحلةَ الشتاءِ والصيفِ). [جامع البيان: 24 / 652-653]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (تَنْبِيهَانِ:
الأوَّلُ: قَرَأَ الجُمهورُ: {لإيلافِ} بإثباتِ اليَاءِ إلا ابْنَ عَامِرٍ فحَذَفَهَا، واتَّفَقُوا على إِثْبَاتِهَا في قَولِهِ: إِيلافِهِمْ إلا في رِوَايَةٍ عنِ ابنِ عامرٍ فكالأوَّلِ، وفي أُخْرَى عنِ ابنِ كَثِيرٍ بحَذْفِ الأُولَى التي بَعْدَ اللامِ أيضًا، وقَالَ الخليلُ بْنُ أَحْمَدَ: دَخَلَتِ الفَاءُ في قَولِهِ: فَلْيَعْبُدُوا لِمَا فِي السِّيَاقِ مِنْ مَعْنَى الشَّرْطِ أي: فَإِنْ لَمْ يَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا البيتِ لِنِعْمَتِهِ السَّالِفَةِ فَلْيَعْبُدُوهُ لِلائْتِلافِ المَذْكُورِ.
الثَّاني: لم يَذكُرْ في هذه السُّورَةِ ولا الَّتِي قَبْلَهَا حَدِيثًا مَرْفُوعًا؛ فأما سُورَةُ الهُمَزَةِ ففي صَحِيحِ ابنِ حِبَّانَ مِن حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَليَهِ وسَلَّمَ قَرَأَ: يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ- يَعْنِي بفَتْحِ السِّينِ- وأَمَّا سُورَةُ الفِيلِ فَفِيهَا مِن حَدِيثِ المِسْوَرِ الطويلِ في صُلْحِ الحُدَيْبِيَةِ. قولُهُ: (حَبَسَهَا حَابِسُ الفِيلِ) قد تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى في الشروطِ، وفيها حَدِيثُ ابنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: ((إِنَّ اللهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الْفِيلَ)) الحديثَ، وأما هذه السورةُ فَلَمْ أَرَ فيها حَدِيثًا مَرْفُوعًا صحيحًا). [فتح الباري: 8 / 730]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قال مجاهد لإيلاف ألفوا ذلك فلا يشق عليهم في الشتاء والصيف وآمنهم من كل عدوهم في حرمهم
وقال ابن عيينة لإيلاف لنعمتي على قريش
أما قول مجاهد فقال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {رحلة الشتاء والصيف} قال إلفهم ذلك فلا يشق عليهم لا شتاء ولا صيفا وفي قوله: {وآمنهم من خوف} قال من كل عدو في حرمهم). [تغليق التعليق: 4 / 377] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: {لإيلافِ قُرَيْشٍ}. قَالَ: كَانَ أَهْلُ مَكَّةَ يَتَعَاوَرُونَ الْبَيْتَ شِتَاءً وَصَيْفاً تُجَّاراً آمِنِينَ لا يَخَافُونَ شَيْئاً لِحَرَمِهِمْ، وَكَانَت الْعَرَبُ لا يَقْدِرُونَ عَلَى ذَلِكَ وَلا يَسْتَطِيعُونَهُ مِن الخوفِ، فَذَكَّرَهُم اللَّهُ مَا كَانُوا فِيهِ مِن الأمنِ حَتَّى إِنْ كَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ لَيُصَابُ فِي الحيِّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ فَيُقَالُ: حِرْمِيٌّ.
قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:«مَنْ أَذَلَّ قُرَيْشاً أَذَلَّهُ اللَّهُ». وَقَالَ: «ارْقُبُونِي وَقُرَيْشاً، فَإِنْ يَنْصُرْنِي اللَّهُ عَلَيْهِمْ فَالنَّاسُ لَهُمْ تَبَعٌ». فَلَمَّا فُتِحَتْ مَكَّةُ أَسْرَعَ النَّاسُ فِي الإِسْلامِ، فَبَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ كُفَّارُهُمْ تَبَعٌ لِكُفَّارِهِمْ وَمُؤْمِنُوهُمْ تَبَعٌ لِمُؤْمِنِيهِمْ» ). [الدر المنثور: 15 / 676]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {لإيلافِ قُرَيْشٍ}. الآيَةَ، قَالَ: أُمِرُوا أَنْ يَأْلَفُوا عِبَادَةَ رَبِّ هَذَا الْبَيْتِ كَإِلْفِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ والصيفِ). [الدر المنثور: 15 / 677]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ الفِرْيَابِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ قَالَ: عَلِمَ اللَّهُ حُبَّ قُرَيْشٍ الشَّامَ فَأُمِرُوا أَنْ يَأْلَفُوا عِبَادَةَ رَبِّ هَذَا الْبَيْتِ كَإِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ والصيفِ). [الدر المنثور: 15 / 677]
قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (قوله: (وقال ابن عيينة) الوجه ذكره في سورة قريش وقوله: {لإيلاف} لنعمتي على قريش، أي: معناه لنعمتي على قريش، وهو مبني على القول بأن هذه السورة متصلة بما قبلها، أي: أهلكنا أصحاب الفيل الذين أرادوا تخريب الكعبة {لإيلاف قريش}، أي: لنعمتي على قريش الذين لم يتعرضوا لها وما قبله مبني على القول بأنها منفصلة عن السورة التي قبلها، أي: ألفوا ذلك، فلا يشق عليهم وعليه، فالعامل في اللام يعبدوا، ولا يمنع منه فصل الفاء كما في قوله، {فأما اليتيم فلا تقهر} اهـ شيخ الإسلام). [حاشية السندي على البخاري: 3 / 80-81] (م)
تفسير قوله تعالى: {الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4) }
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله تعالى: {وآمنهم من خوف} قال: كانوا يقولون نحن من حرم الله فلا يعرض لهم أحد في الجاهلية يأمنون بذلك وكان غيرهم من قبائل العرب إذا خرج أغير عليه). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 398]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({وآمنهم} : «من كلّ عدوّهم في حرمهم»). [صحيح البخاري: 6 / 177]
قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وَآمَنَهُمْ) أي: (مِنْ كُلِّ عَدُوِّهِمْ فِي حَرَمِهِمْ) وقِيلَ: آمَنَهُمْ من الْجُذَامِ فلا يُصِيبُهُمْ بِبَلَدِهِمْ وقِيلَ: بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ). [إرشاد الساري: 7 / 434]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِن جُوعٍ} يقولُ: الذي أطعمَ قريشاً من جوعٍ.
كما حدَّثني عليٌّ قالَ: ثنا أبو صالحٍ قالَ: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابنِ عبَّاسٍ، قولَهُ: {الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِن جُوعٍ} يعني: قريشاً أهلَ مكَّةَ، بدعوةِ إبراهيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيثُ قالَ: {وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ}.
{وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} اختلفَ أهلُ التأويلِ فِي معنى قولِهِ: {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} فقالَ بعضُهم: معنى ذلك: أنَّهُ آمَنَهم ممَّا يَخافُ منه مَن لم يكنْ من أهلِ الحرمِ، من الغاراتِ والحروبِ والقتالِ، والأمورِ التي كانت العربُ يخافُ بعضُها من بعضٍ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلك:
- حدَّثني عليٌّ قالَ: ثنا أبو صالحٍ قالَ: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابنِ عبَّاسٍ: {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} حيثُ قالَ إبراهيمُ عليهِ السلامُ: {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً}.
- حدَّثني محمَّدُ بنُ عمرٍو قالَ: ثنا أبو عاصمٍ قالَ: ثنا عيسى؛ وحدَّثني الحارثُ قالَ: ثنا الحسنُ قالَ: ثنا ورقاءُ، جميعاً عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قولَهُ: {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} قالَ: آمَنَهم من كلِّ عدوٍّ فِي حَرَمِهم.
- حدَّثنا بشرٌ قالَ: ثنا يزيدُ قالَ: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، قولَهُ: {لِإِيلاَفِ قُرَيْشٍ إِيلاَفِهِمْ} قالَ: كانَ أهلُ مكَّةَ تجَّاراً، يَتَعاوَرُونَ ذلك شتاءً وصيفاً، آمنينَ فِي العربِ، وكانت العربُ يُغيرُ بعضُها على بعضٍ، لا يَقْدِرونَ على ذلك، ولا يستطيعونَهُ من الخوفِ، حتَّى إنْ كانَ الرجلُ منهم لَيُصابُ فِي حيٍّ من أحياءِ العربِ، وإذا قيلَ: حِرْميٌّ، خُلِّيَ عنهُ وعن مالِهِ، تعظيماً لذلك فيما أعطاهم اللَّهُ من الأمنِ.
- حدَّثنا ابنُ عبدِ الأعلَى قالَ: ثنا ابنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ: {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} قالَ: كانوا يقولونَ: نحنُ مَن حرَّمَ اللَّهُ، فلا يَعْرِضُ لهم أحدٌ فِي الجاهليَّةِ، يأمنونَ بذلك، وكانَ غيرُهم من قبائلِ العربِ إذا خرجَ أُغِيرَ عليهِ.
- حدَّثني يونسُ قالَ: أخبرنا ابنُ وهبٍ قالَ: قالَ ابنُ زيدٍ، فِي قولِهِ: {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} قالَ: كانت العربُ يُغيرُ بعضُها على بعضٍ، ويَسْبِي بعضُها بعضاً، فأمِنُوا من ذلك لمكانِ الحرمِ، وقرأَ: {أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ}.
وقالَ آخرُونَ: عُنِيَ بذلك: وآمَنَهم من الجُذامِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلك:
- حدَّثنا الحارثُ قالَ: ثنا الحسنُ قالَ: ثنا ورقاءُ قالَ: قالَ الضحَّاكُ: {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} قالَ: من خوفِهم من الجذامِ.
- حدَّثنا ابنُ حميدٍ قالَ: ثنا مهرانُ، عن سفيانَ: {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} قالَ: من الجذامِ وغيرِهِ.
- حدَّثنا أبو كريبٍ قالَ: قالَ وكيعٌ: سمِعْتُ: {أَطْعَمَهُمْ مِن جُوعٍ} قالَ: الجوعُ، {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} الخوفُ: الجذامُ.
- حدَّثنا عمرُو بنُ عليٍّ قالَ: ثنا عامرُ بنُ إبراهيمَ الأصبهانيُّ قالَ: ثنا خطَّابُ بنُ جعفرِ بنِ أبي المغيرةِ قالَ: ثني أبي، عن سعيدِ بنِ جُبيرٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ: {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} قالَ: الخوفُ: الجذامُ.
والصوابُ من القولِ فِي ذلك أنْ يُقالَ: إنَّ اللَّهَ تعالَى ذِكْرُهُ أخبرَ أنَّهُ {آمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} والعدوُّ مَخوفٌ منه، والجذامُ مَخوفٌ منه، ولم يُخصِّص اللَّهُ الخبرَ عن أنَّهُ آمَنَهم من العدوِّ دونَ الجذامِ، ولا من الجذامِ دونَ العدوِّ، بلْ عمَّ الخبرَ بذلك؛ فالصوابُ أنْ يُعمَّ كما عمَّ جلَّ ثناؤُه، فيُقالَ: آمَنَهم من المعنيينِ كلَيْهما). [جامع البيان: 24 / 653-656]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وآمنهم من خوف قال آمنهم من كل عدو في حرمهم). [تفسير مجاهد: 2/ 785]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (عن أسماءَ بِنْتِ يَزِيدَ، عن النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ قالَ:
«{لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ (1) إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ} وَيْحَكُمْ يَا قُرَيْشُ، اعْبُدُوا رَبَّكم الَّذِي أَطْعَمَكُمْ مِنْ جُوعٍ وآمَنَكُمْ مِنْ خَوْفٍ».
روَاه أحمدُ والطبرانيُّ باختصارٍ، إلاَّ أنه قالَ: «وَيْلُ أُمِّكُمْ يَا قُرَيْشُ؛ لإِيلاَفِكُمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ».
وفيه عُبَيْدُ اللهِ بنُ أبي زِيادٍ القَدَّاحُ، وشَهْرُ بنُ حَوْشَبٍ، وقد وُثِّقَا وفيهما ضعفٌ، وبقيَّةُ رجالِ أحمدَ ثِقاتٌ). [مجمع الزوائد: 7 / 143]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (قال أبو بكر بن أبي شيبة: ثنا قبيصة، ثنا سفيان، عن ليثٍ، عن شهرٍ، عن أسماء- رضي اللّه عنها- قالت: سمعت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يقرأ: «لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشّتاء والصّيف».
- رواه أحمد بن حنبلٍ: ثنا عليّ بن بحرٍ، ثنا عيسى بن يونس، ثنا عبيد الله بن أبي زياد القدّاح، عن شهر بن حوشبٍ، عن أسماء بنت يزيد، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «{لإيلاف قريشٍ إيلافهم رحلة الشّتاء والصّيف} ويحكم يا قريش اعبدوا ربّ هذا البيت الذي أطعمكم، من جوع وآمنكم من خوف»). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6 / 304]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: صَلَّى عُمَرُ بْن الْخَطَّابِ بالناسِ بمكَّةَ عِنْدَ الْبَيْتِ فَقَرَأَ: {لإِيلافِ قُرَيْشٍ}. قَالَ: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ}. وَجَعَلَ يُومِئُ بِأُصْبَعِهِ إِلَى الْكَعْبَةِ وَهُوَ فِي الصَّلاةِ). [الدر المنثور: 15 / 671]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ الفِرْيَابِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ والطَّبَرَانِيُّ والحاكِمُ وَابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «وَيْلَ أُمِّكُمْ ! {لإِيلافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ}» ). [الدر المنثور: 15 / 671]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «{لإيلافِ قُرَيْشٍ إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ}؛ وَيْحَكُمْ يَا قُرَيْشُ، اعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ, الَّذِي أَطْعَمَكمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَكمْ مِنْ خَوْفٍ» ). [الدر المنثور: 15 / 672]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدُويَهْ والضياءُ فِي المختارةِ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {لإيلافِ قُرَيْشٍ}. قَالَ: نِعْمَتِي عَلَى قُرَيْشٍ، {إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ}. قَالَ: كَانُوا يَشْتُونَ بمكَّةَ وَيَصِيفُونَ بالطَّائِفِ، {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ}.
قَالَ: الْكَعْبَةِ، {الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ}. قَالَ: الجُذَامِ). [الدر المنثور: 15 / 672-673] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ الفِرْيَابِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ: {لإِيلافِ قُرَيْشٍ}. قَالَ: نِعْمَتِي عَلَى قُرَيْشٍ، {إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ}. قَالَ: إيلافِهِمْ ذَلِكَ فَلا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ رِحْلَةُ شِتَاءٍ وَلا صَيْفٍ، {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ}. قَالَ: مِنْ كُلِّ عَدُوٍّ فِي حَرَمِهِمْ). [الدر المنثور: 15 / 673](م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدُويَهْ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {لإيلافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلافِهِمْ}. يَقُولُ: لُزُومِهُم. {الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ}. يَعْنِي: قُرَيْشاً أَهْلَ مَكَّةَ؛ بِدَعْوَةِ إِبْرَاهِيمَ، حَيْثُ قَالَ: {وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ}.(إِبْرَاهِيم: 37) {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ}؛ حَيْثُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ: {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً}. [إِبْرَاهِيم:35] ). [الدر المنثور: 15 / 673]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: {لإيلافِ قُرَيْشٍ} قَالَ: عادةُ قُرَيْشٍ؛ رحلةٌ فِي الشِّتَاءِ ورحلةٌ فِي الصيفِ، وَفِي قَوْلِهِ: {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ}. قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ: نَحْنُ مِنْ حَرَمِ اللَّهِ, فَلا يَعْرِضُ لَهُمْ أَحَدٌ فِي الجاهليةِ يَأْمَنُونَ بِذَلِكَ، وَكَانَ غَيْرُهُمْ مِنْ قبائلِ الْعَرَبِ إِذَا خَرَجَ أُغِيرَ عَلَيْهِ). [الدر المنثور: 15 / 676] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ: {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ}. قَالَ: لا يُخْطَفُونَ). [الدر المنثور: 15 / 677-678]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَن الأَعْمَشِ: {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ}. قَالَ: خَوْفِ الحَبَشَةِ). [الدر المنثور: 15 / 678]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وَأَخْرَجَ الفِرْيَابِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَن الضَّحَّاكِ: {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ}. قَالَ: مِن الجُذَامِ). [الدر المنثور: 15 / 678]