ما بدؤه حرف التهجي الكوف عد ....... لا الوتر مع طس مع ذي الرا اعتمد
وأولا الشورى لحمصي يعد ...... موافقا للكوف فيما قد ورد
وأقول: ذكرت في البيت الأول أن السورة التي افتتحت بحرف التهجي يعد الكوفي الحرف الذي افتتحت به تلك السورة آية مستقلة، وذلك قوله تعالى: {الم} أول البقرة، وآل عمران، والعنكبوت، والروم، ولقمان، والسجدة، و{المص} أول الأعراف، و{كهيعص} أول مريم، و{طه} أول سورتها، و{طسم} أول الشعراء، والقصص و{يس} أول سورتها، و{حم} أول سورة غافر، وفصلت، والشورى، والزخرف، والدخان، والجاثية، والأحقاف، وأيضا {عسق} أول سورة الشورى، فالكوفي يعد كل فاتحة من هذه الفواتح آية مستقلة. ويعد {حم} أول الشورى آية وكذلك {عسق} فهما آيتان عنده، وقولي: "لا الوتر" الخ استثناء من القاعدة السابقة.
والمراد بالوتر ما كان على حرف واحد، وذلك في ثلاث سور {ص} و{ق} و{ن} فالكوفي لا يعد شيئا من ذلك رأس آية، وكذلك لا يعد {طس} أول سورة النمل آية. ومعنى قولي: مع ذي الرا، بالمد -وقصر للوزن- أن الكوفي لا يعد أيضا حروف التهجي التي افتتح بها بعض السور إذا كانت مقترنة براء وذلك {الر} أول سورة يونس، وهود، ويوسف، وإبراهيم، والحجر، و{المر} أول سورة الرعد فليس شيء من ذلك آية عند الكوفي ولا عند غيره. ثم ذكرت في البيت الثاني أن الآيتين أول سورة الشورى وهما {حم} و{عسق} تعدان للحمصي. فهو يوافق الكوفي في عد هاتين الآيتين فقط دون غيرهما من فواتح السور التي عرفت فيما سبق أن الكوفي ينفرد بعدها. والله تعالى أعلم.
قلت:
وعد شامي أليم أولا ....... سواه مصلحون عنه نقلا
وأقول: أخبرت أن الشامي يعد لفظ أليم مواضعه والمراد به قوله تعالى: {ولهم عذابٌ أليم} الذي بعده {بما كانوا يكذبون} وقيدت لفظ أليم بالأول احترازا عن غيره من باقي المواضع المذكورة في السورة مثل {وللكافرين عذابٌ أليمٌ} و{ولا يزكّيهم ولهم عذابٌ أليمٌ} فهي معدودة اتفاقا، وقولي: "سواه مصلحون" إلخ معناه أن غير الشامي من علماء العدد يعد {مصلحون} من قوله تعالى: {قالوا إنّما نحن مصلحون} والحاصل أن الشامي ينفرد بعد أليم المتقدم ولا يعد {مصلحون} وأن غيره من باقي علماء العدد يترك عد {أليم} ويعد {مصلحون} .
قلت:
وخائفين عد للبصري ....... وثاني الألباب للشامي
كالثان والعراق ثم ثاني ....... خلاق اتركنه للثاني
وأقول: أمرت بعد خائفين من قوله تعالى: {ما كان لهم أن يدخلوها إلّا خائفين} للبصري فيكون غير معدود لغيره. وبعد لفظ الألباب في ثاني مواضعه وهو قوله تعالى: {واتّقون يا أولي الألباب} للشامي، والمدني الثاني، والعراق أي البصري والكوفي، فيكون متروكا للمدني الأول والمكي، واحترزت بالثاني عن الأول وهو قوله تعالى: {ولكم في القصاص حياةٌ يا أولي الألباب} فليس معدودا لأحد. ثم أمرت بترك عد لفظ خلاق في ثاني مواضعه وهو قوله تعالى: {فمن النّاس من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا وما له في الآخرة من خلاقٍ} للمدني الثاني فيكون معدودا لغيره. واحترزت بالموضع الثاني عن الموضع الأول وهو قوله تعالى: {ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاقٍ} فإنه متروك إجماعا.
قلت:
وينفقون الثان عد المكي ....... وأول أيضا بدون شك
وأقول: قوله تعالى: {ينفقون} في الموضع الثاني وهو {ويسألونك ماذا ينفقون} الذي بعده {قل العفو} يعده المكي والمدني الأول ويتركه غيرهما، واحترزت بالثاني عن الأول وهو {يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم} فهو متروك للجميع.
قلت:
وتتفكرون في الأولى ورد ....... للثان والشامي وكوف في العدد
وأقول: كلمة {تتفكّرون} في أول مواضعها وذلك قوله تعالى: {لعلّكم تتفكّرون} الذي بعده في الدنيا والآخرة: قد ورد انتظامها في سلك العدد للمدني والثاني والشامي والكوفي، فتكون غير معدودة للمدني الأول والمكي، والبصري. وقيدتها بالأولى احترازا عن الثانية التي بعدها {يا أيّها الّذين آمنوا أنفقوا من طيّبات ما كسبتم} الآية فإنها معدودة إجماعا.
قلت:
معروفا البصري ومعه قد ولي ....... ثان لدى القيوم مع مك جلي
وأقول: أفاد هذا البيت أن قوله تعالى: {إلّا أن تقولوا قولًا معروفًا} معدود للبصري ومتروك لغيره وأن المدني الثاني والمكي قد تبعا البصري واصطحبا معه في عد قوله تعالى: {اللّه لا إله إلّا هو الحيّ القيّوم} وإذا كان هذا الموضع معدودا للمدني الثاني المكي والبصري يكون متروكا للمدني الأول والشامي والكوفي.
قلت:
عد إلى النور المديني الأول ....... وخلف مك في شهيد يهمل
وأقول: عد المدني الأول قوله تعالى: {اللّه وليّ الّذين آمنوا يخرجهم من الظّلمات إلى النّور} وتركه غيره. ومعنى قولي: وخلف مك إلخ أنه اختلف عن المكي في عد وترك قوله تعالى: {تبايعتم ولا يضارّ كاتبٌ ولا شهيدٌ} وأن هذا الخلاف غير معتد به؛ إذ الصحيح أن آية الدين آية واحدة عند جميع علماء العدد كما تدل على ذلك الأحاديث والآثار. فما نقل عن المكي أنه كان يعد {ولا شهيدٌ} لا يحفل به، ولا يلتفت إليه. "تتمة" مما تقدم يعلم أن مواضع الخلاف في هذه السورة أحد عشر موضعا {الم} و{ولهم عذابٌ أليمٌ} و{مصلحون} و{خائفين} و{واتّقون يا أولي الألباب} و{من خلاق} الثاني و{ينفقون} الثاني و{تتفكّرون} الأول. و{قولًا معروفًا} و{الحيّ القيّوم} و{إلى النّور} وقد علمت من عد ومن ترك في كل موضع منها والله تعالى أعلم). [نفائس البيان: 28-31]