العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الأنعام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16 ربيع الثاني 1434هـ/26-02-2013م, 12:37 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير سورة الأنعام [ من الآية (19) إلى الآية (20) ]

{قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آَلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (19) الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (20)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 20 ربيع الثاني 1434هـ/2-03-2013م, 11:54 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف



تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آَلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (19) }
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وسمعت سفيان الثوري يحدث لا أعلم إلا عن مجاهد أنه قال: {هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته}، قال: العرب: {وآخرين منهم لما يلحقوا بهم}، العجم، {وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به}، العرب، {ومن بلغ}، العجم). [الجامع في علوم القرآن: 1/ 50] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله تعالى: {لأنذركم به ومن بلغ}: أن النبي قال:«بلغوا عن الله فمن بلغته آية من كتاب الله فقد بلغه أمر الله».
سمعت الأوزاعي يحدث عن حسان، بن عطية، عن أبي كبشة، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله:« بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار».
عن إسرائيل، عن سماك بن حرب، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه، قال: «رحم الله من سمع حديثا فبلغه فرب مبلغ أوعى من سامع»). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 205]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري]، عن مجاهدٍ، في قوله: {لأنذركم به ومن بلغ} من الأعاجم [الآية: 19]). [تفسير الثوري: 106]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( [قوله تعالى: {وأوحي إليّ هذا القرآن لأنذركم به... الآية}
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا أبو معشر، عن محمّد بن كعبٍ - في قوله عزّ وجلّ: {وأوحي إليّ هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ} قال: ومن بلغه القرآن، فقد بلّغه محمّدٌ - صلّى الله عليه وسلم ). [سنن سعيد بن منصور: 5/ 7]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) :(قال ابن عبّاسٍ: {ثمّ لم تكن فتنتهم} [الأنعام: 23] : «معذرتهم» {معروشاتٍ} [الأنعام: 141] : «ما يعرش من الكرم وغير ذلك» ، {حمولةً} [الأنعام: 142] : «ما يحمل عليها»، {وللبسنا} [الأنعام: 9] : «لشبّهنا» ، {لأنذركم به} [الأنعام: 19] : «أهل مكّة»). [صحيح البخاري: 6/ 55-56] (م)
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله لأنذركم به أهل مكّة هكذا رأيته في مستخرج أبي نعيمٍ في هذا الموضع وكذا ثبت عند النّسفيّ وقد وصله بن أبي حاتمٍ، من طريق عليّ بن أبي طلحة، عن بن عبّاسٍ، في قوله تعالى: {وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به} يعني: أهل مكّة، وقوله: {ومن بلغ} قال: ومن بلغه هذا القرآن من النّاس فهو له نذيرٌ). [فتح الباري: 8/ 287]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قل أيّ شيءٍ أكبر شهادةً قل اللّه شهيدٌ بيني وبينكم}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ -صلّى اللّه عليه وسلّم-: قل يا محمّد لهؤلاء المشركين الّذين يكذّبون ويجحدون نبوّتك من قومك: أيّ شيءٍ أعظم شهادةً وأكبر، ثمّ أخبرهم بأنّ أكبر الأشياء شهادة اللّه الّذي لا يجوز أن يقع في شهادته ما يجوز أن يقع في شهادة غيره من خلقه من السّهو والخطأ والغلط والكذب، ثمّ قل لهم: إنّ الّذي هو أكبر الأشياء شهادة شهيدٍ بيني وبينكم، بالمحقّ منّا من المبطل والرّشيد منّا في فعله وقوله من السّفيه، وقد رضينا به حكمًا بيننا.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال جماعة أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه تعالى: {أيّ شيءٍ أكبر شهادةً}، قال: أمر محمّدٌ أن يسأل قريشًا، ثمّ أمر أن يخبرهم فيقول: {اللّه شهيدٌ بيني وبينكم}.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو حذيفة قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، نحوه). [جامع البيان: 9/ 181]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وأوحي إليّ هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: قل لهؤلاء المشركين الّذين يكذّبونك: {اللّه شهيدٌ بيني وبينكم وأوحي إليّ هذا القرآن لأنذركم به} عقابه، وأنذر به من بلغه من سائر النّاس غيركم، إن لم ينته إلى العمل بما فيه وتحليل حلاله وتحريم حرامه والإيمان بجميعه، نزول نقمة اللّه به.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {أيّ شيءٍ أكبر شهادةً قل اللّه شهيدٌ بيني وبينكم وأوحي إليّ هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ}، ذكر لنا أنّ نبيّ اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- كان يقول:« يا أيّها النّاس بلّغوا ولو آيةً من كتاب اللّه، فإنّه من بلغه آيةٌ من كتاب اللّه فقد بلغه أمر اللّه، أخذه، أو تركه».
- حدّثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرّزّاق قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {لأنذركم به ومن بلغ}، أنّ النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- قال: «وبلّغوا عن اللّه، فمن بلغه آيةٌ من كتاب اللّه، فقد بلغه أمر اللّه».
- حدّثنا هنّادٌ، قال: حدّثنا وكيعٌ، وحدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن موسى بن عبيدة، عن محمّد بن كعبٍ القرظيّ: {لأنذركم به ومن بلغ}، قال: «من بلغه القرآن فكأنّما رأى النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- ثمّ قرأ: {ومن بلغ أئنّكم لتشهدون}».
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا حميد بن عبد الرّحمن، عن حسن بن صالحٍ، قال: سألت ليثًا: هل بقي أحدٌ لم تبلغه الدّعوة؟ قال: كان مجاهدٌ يقول: «حيثما يأتي القرآن فهو داعٍ وهو نذيرٌ». ثمّ قرأ: {لأنذركم به ومن بلغ أئنّكم لتشهدون}.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {ومن بلغ}: من أسلم من العجم وغيرهم.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو حذيفة قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا إسحاق قال: حدّثنا خالد بن يزيد قال: حدّثنا أبو معشرٍ، عن محمّد بن كعبٍ في قوله: {لأنذركم به ومن بلغ}، قال: «من بلغه القرآن فقد أبلغه محمّدٌ -صلّى اللّه عليه وسلّم».
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وأوحي إليّ هذا القرآن لأنذركم به} يعني: أهل مكّة، {ومن بلغ} يعني: ومن بلغه هذا القرآن فهو له نذيرٌ.
- حدّثنا يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: سمعت سفيان الثّوريّ يحدّث، لا أعلمه إلاّ عن مجاهدٍ، أنّه قال في قوله: {وأوحي إليّ هذا القرآن لأنذركم به}: العرب، {ومن بلغ}: العجم.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {لأنذركم به ومن بلغ}: أمّا {من بلغ}: فمن بلغه القرآن فهو له نذير.
- حدّثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {وأوحي إليّ هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ}، قال: يقول: من بلغه القرآن فأنا نذيره. وقرأ: {يا أيّها النّاس إنّي رسول اللّه إليكم جميعًا}، قال: فمن بلغه القرآن، فرسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- نذيره.
فمعنى هذا الكلام: لأنذركم بالقرآن أيّها المشركون وأنذر من بلغه القرآن من النّاس كلّهم، فـ (من) في موضع نصبٍ بوقوع (أنذر) عليه، و(بلغ) في صلته، وأسقطت الهاء العائدة على (من) في قوله: {بلغ} لاستعمال العرب ذلك في صلات (من، وما، والّذي) ).[جامع البيان: 9/ 181-184]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أئنّكم لتشهدون أنّ مع اللّه آلهةً أخرى قل لا أشهد قل إنّما هو إلهٌ واحدٌ وإنّني بريءٌ ممّا تشركون}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ -صلّى اللّه عليه وسلّم: قل لهؤلاء المشركين الجاحدين نبوّتك، العادلين باللّه ربًّا غيره: أئنّكم أيّها المشركون لتشهدون أنّ مع اللّه آلهةً أخرى، يقول: تشهدون أنّ معه معبوداتٍ غيره من الأوثان والأصنام.
وقال: {أخرى} ولم يقل: (أخر)، والآلهة جمعٌ، لأنّ الجموع يلحقها التّأنيث، كما قال تعالى: {فما بال القرون الأولى} ولم يقل: (الأول)، ولا (الأوّلين).
ثمّ قال لنبيّه محمّدٍ- صلّى اللّه عليه وسلّم-: قل يا محمّد: لا أشهد بما تشهدون أنّ مع اللّه آلهةً أخرى، بل أجحد ذلك وأنكره. {إنّما هو إلهٌ واحدٌ} يقول: إنّما هو معبودٌ واحدٌ، لا شريك له فيما يستوجب على خلقه من العبادة. {وإنّني بريءٌ ممّا تشركون} يقول: قل وإنّني بريءٌ من كلّ شريكٍ تدعونه للّه وتضيفونه إلى شركته وتعبدونه معه، لا أعبد سوى اللّه شيئًا ولا أدعو غيره إلهًا.
وقد ذكر أنّ هذه الآية نزلت في قومٍ من اليهود بأعيانهم من وجهٍ لم تثبت صحّته.
- وذلك ما حدّثنا به هنّاد بن السّريّ وأبو كريبٍ، قالا: حدّثنا يونس بن بكيرٍ، قال: حدّثني محمّد بن إسحاق، قال: حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ مولى زيد بن ثابتٍ قال: حدّثني سعيد بن جبيرٍ، أو عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: جاء النّحّام بن زيدٍ وقردم بن كعبٍ وبحريّ بن عميرٍ، فقالوا: يا محمّد، أما تعلم مع اللّه إلهًا غيره؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «لا إله إلاّ اللّه، بذلك بعثت، وإلى ذلك أدعو»، فأنزل اللّه تعالى فيهم وفي قولهم: {قل أيّ شيءٍ أكبر شهادةً قل اللّه شهيدٌ بيني وبينكم} إلى قوله: {لا يؤمنون}). [جامع البيان: 9/ 184-185]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({قل أيّ شيءٍ أكبر شهادةً قل اللّه شهيدٌ بيني وبينكم وأوحي إليّ هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ أئنّكم لتشهدون أنّ مع اللّه آلهةً أخرى قل لا أشهد قل إنّما هو إلهٌ واحدٌ وإنّني بريءٌ ممّا تشركون (19)}
قوله: {قل أيّ شيءٍ أكبر شهادةً}
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: قل أيّ شيءٍ أكبر شهادةً قال: أمر محمّدٌ أن يسأل قريشًا.
قوله: {قل اللّه شهيدٌ بيني وبينكم}
- وبه عن مجاهدٍ قوله: قل اللّه شهيدٌ بيني وبينكم، أمر أن يسأل قريشا، ثم أمرهم أن يخبرهم فيقول: اللّه شهيدٌ بيني وبينكم.
قوله عزّ وجلّ: {وأوحي إليّ هذا القرآن لأنذركم به}
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {وأوحي إليّ هذا القرآن لأنذركم به} يعني: أهل مكّة.
- قرئ على يونس بن عبد الأعلى، أنا ابن وهبٍ قال: سمعت سفيان الثّوريّ يحدّث لا أعلمه إلا عن مجاهدٍ: {وأوحي إليّ هذا القرآن لأنذركم به}: العرب.
قوله: {ومن بلغ}
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ قوله: {ومن بلغ} يعني: من بلغه هذا القرآن، فهو له نذيرٌ من النّاس.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: {ومن بلغ}: من أسلم من العرب والعجم وغيرهم.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا وكيعٌ وأبو أسامة وأبو خالدٍ، عن موسى بن عبيدة، عن محمّد بن كعبٍ قوله: {ومن بلغ} قال: من بلغه القرآن فكأنّما رأى النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- ثمّ قرأ: {ومن بلغ أإنكم لتشهدون}.
وفي حديث أبي خالدٍ زيادةٌ: فكأنّما رأى النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- وكلّمه.
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، أنا عبد الرّزّاق، أنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {لأنذركم به ومن بلغ}، أنّ النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- قال: «بلّغوا عن اللّه، فمن بلغته آيةٌ من كتاب اللّه فقد بلغه أمره تعالى».
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ عن أبيه عن الرّبيع: {وأوحي إليّ هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ}، فحقٌّ على من اتّبع رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- أن يدعو كالّذي دعا رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- وأن ينذر كالّذي أنذر فلم يكن رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- يقاتل أحدًا من النّاس حتى يدعوه إلى الإسلام، فإذا أبو ذلك نبذ إليهم على سواء.
قوله: {أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى ... الآية}
- حدّثنا محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ، ثنا أبو غسّان محمّد بن عمرٍو زنيجٌ، ثنا سلمة عن ابن إسحاق عن محمّد بن أبي محمّدٍ قال أتا النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- النّمّام بن زيدٍ وقردم بن كعب وبحرى ابن عمرٍو، فقالوا: يا محمّد ما نعلم مع اللّه إلهًا غيره؟ فقال رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-: «لا إله إلا اللّه، بذلك بعثت، وإلى ذلك أدعو»، فأنزل اللّه فيهم وفي قولهم: {قل أيّ شيءٍ أكبر شهادةً قل اللّه شهيدٌ بيني وبينكم وأوحي إليّ هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ أإنكم لتشهدون أنّ مع اللّه آلهةً أخرى قل لا أشهد قل إنّما هو إلهٌ واحدٌ وإنّني بريءٌ ممّا تشركون}). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 1271-1272]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ):
(ثنا إبراهيم قال ثنا آدم: قال ثنا ورقاء: عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: قل أي شيء أكبر شهادة قال أمر محمد -صلى الله عليه وسلم- أن يسأل قريشا أي شيء أكبر شهادة ثم أمر أن يخبرهم فيقول الله شهيد بيني وبينكم). [تفسير مجاهد: 212]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: {وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ} يعني: ومن أسلم من العجم وغيرهم). [تفسير مجاهد: 212-213]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا أبو معشر عن محمد بن كعب القرظي: {وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ} قال: من بلغه القرآن فكأنما بلغه محمد -صلى الله عليه وسلم). [تفسير مجاهد: 213]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن إسحاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن ابن عباس قال: جاء النحام بن زيد وقردم بن كعب وبحرى بن عمرو فقالوا: يا محمد ما تعلم مع الله إلها غيره فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا إله إلا الله بذلك بعثت وإلى ذلك أدعو فأنزل الله في قولهم: {قل أي شيء أكبر شهادة ... الآية}.
- وأخرج آدم بن أبي اياس، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في الأسماء والصفات عن مجاهد في قوله: {قل أي شيء أكبر شهادة} قال: أمر محمد -صلى الله عليه وسلم- أن يسأل قريشا أي شيء أكبر شهادة ثم أمره أن يخبرهم فيقول: {الله شهيد بيني وبينكم}.
- وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس{وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به} يعني: أهل مكة ،{ومن بلغ} يعني: من بلغه هذا القرآن فهو له نذير.
- وأخرج أبو الشيخ، وابن مردويه عن أنس قال: لما نزلت هذه الآية: {وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به} كتب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى كسرى وقيصر والنجاشي وكل جبار يدعوهم إلى الله عز وجل وليس بالنجاشي الذي صلى عليه.
وأخرج أبو الشيخ، عن أبي بن كعب، قال: أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأسارى فقال لهم: «هل دعيتم إلى الإسلام؟» قالوا: لا، فخلى سبيلهم، ثم قرأ {وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ} ثم قال: «خلوا سبيلهم حتى يأتوا ما منهم من أجل أنهم لم يدعوا».
- وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم والخطيب عن ابن عباس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:«من بلغه القرآن فكأنما شافهته» به ثم قرأ {وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ}.
- وأخرج ابن أبي شيبة، وابن الضريس، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن محمد بن كعب القرظي في قوله تعالى: {وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ} قال: «من بلغه القرآن فكأنما رأى النّبيّ صلى الله عليه وسلم»، وفي لفظ: «من بلغه القرآن حتى يفهمه ويعقله كان كمن عاين رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلمه».
- وأخرج آدم بن أبي أياس، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في الأسماء والصفات، عن مجاهد، في قوله: {وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به} قال: العرب، {ومن بلغ} قال: العجم.
- وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الحسن بن صالح قال: سألت ليثا هل بقى أحد لم تبلغه الدعوة قال: كان مجاهد يقول: حيثما يأتي القرآن فهو داع وهو نذير ثم قرأ: {لأنذركم به ومن بلغ}.
- وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ}: أن النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- كان يقول: «بلغوا عن الله فمن بلغته آية من كتاب الله فقد بلغه أمر الله».
- وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ من طريق قتادة، عن الحسن: أن نبي الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «يا أيها الناس بلغوا ولو آية من كتاب الله فمن بلغته آية من كتاب الله فقد بلغه أمر الله أخذها أو تركها»
- وأخرج البخاري، وابن مردويه عن عبد الله بن عمر وعن النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار».
- وأخرج أبو الشيخ عن محمد بن كعب قال: «كأن الناس لم يسمعوا القرآن قبل يوم القيامة حين يتلوه الله عليهم»). [الدر المنثور: 6/ 28-31]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (20) }

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {الّذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم الّذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون}.
يقول تعالى ذكره: الّذين آتيناهم الكتاب التّوراة والإنجيل، يعرفون أنّما هو إلهٌ واحدٌ لا جماعة الآلهة، وأنّ محمّدًا نبيّ مبعوثٌ، كما يعرفون أبناءهم.
وقوله: {الّذين خسروا أنفسهم} من نعت (الّذين) الأولى، ويعني بقوله: {خسروا أنفسهم} أهلكوها وألقوها في نار جهنّم بإنكارهم محمّدًا أنّه للّه رسولٌ مرسلٌ، وهم بحقيقة ذلك عارفون، {فهم لا يؤمنون} يقول: فهم بخسارتهم بذلك أنفسهم لا يؤمنون.
وقد قيل: إنّ معنى خسارتهم أنفسهم: أنّ كلّ عبدٍ له منزلٌ في الجنّة ومنزلٌ في النّار، فإذا كان يوم القيامة جعل اللّه لأهل الجنّة منازل أهل النّار في الجنّة، وجعل لأهل النّار منازل أهل الجنّة في النّار، فذلك خسران الخاسرين منهم لبيعهم منازلهم من الجنّة بمنازل أهل الجنّة من النّار، بما فرط منهم في الدّنيا من معصيتهم اللّه وظلمهم أنفسهم، وذلك معنى قول اللّه تعالى: {الّذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون}.
وبنحو ما قلنا في معنى قوله: {الّذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم}، قال: أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {الّذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم}: يعرفون أنّ الإسلام دين اللّه، وأنّ محمّدًا رسول اللّه، يجدونه مكتوبًا عندهم في التّوراة والإنجيل.
- حدّثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {الّذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم}: النّصارى واليهود يعرفون رسول اللّه في كتابهم، كما يعرفون أبناءهم.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {الّذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم}.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قوله: {الّذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم}، يعني: النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- قال: زعم أهل المدينة عن أهل الكتاب ممّن أسلم أنّهم قالوا: واللّه لنحن أعرف به من أبنائنا من أجل الصّفة والنّعت الّذي نجده في الكتاب، وأمّا أبناؤنا فلا ندري ما أحدث النّساء). [جامع البيان: 9/ 186-187]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({الّذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم الّذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون (20)}
قوله تعالى: {الّذين آتيناهم الكتاب}
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع أنا عبد الرّزّاق أنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {الّذين آتيناهم الكتاب، اليهود والنّصارى}.
قوله: {يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ,,, الآية}
- وبه عن قتادة في قوله: الّذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، قال: اليهود والنّصارى يعرفون رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- في كتابهم كما يعرفون أبناءهم.
- وروي عن خصيفٍ أنّه قال: يعرفون النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- وصفته كما يعرفون أبناءهم.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنا العبّاس، ثنا يزيد، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: كما يعرفون أبناءهم يقول: يعرفون أنّ الإسلام دين اللّه، وأنّ محمّدًا رسول اللّه، يجدون ذلك مكتوبًا عندهم في التّوراة والإنجيل). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 1272-1273]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج أبو الشيخ، عن السدي: {الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ... الآية}، يعني يعرفون النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- كما يعرفون أبناءهم لأن نعته معهم في التوراة {الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون} لأنهم كفروا به بعد المعرفة).[الدر المنثور: 6/ 31]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 21 ربيع الثاني 1434هـ/3-03-2013م, 10:31 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي

{قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آَلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (19) الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (20)}


تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آَلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (19)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {لأنذركم به ومن بلغ...}: يريد ومن بلغه القرآن من بعدكم، و(بلغ) صلة لـ (من). ونصبت (من) بالإنذار.
وقوله: {آلهةً أخرى} ولم يقل أخر؛ لأن الآلهة جمع، (والجمع) يقع عليه التأنيث؛
كما قال الله تبارك وتعالى: {وللّه الأسماء الحسنى}
وقال الله تبارك وتعالى: {فما بال القرون الأولى} ولم يقل: الأول والأوّلين. وكلّ ذلك صواب). [معاني القرآن: 1/ 329]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن {أئنكم لتشهدون}. أبو عمرو والأعرج {أائينكم لتشهدون} يفصل بين الهمزتين بألف؛ وقد فسرناه في سورة البقرة). [معاني القرآن لقطرب: 509]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الوحي: كلّ شيء دللت به من كلام أو كتاب أو إشارة أو رسالة، قال الله تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ}، وقال: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ}، فهذا إرسال جبريل بالقرآن). [تأويل مشكل القرآن: 489](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله: {قل أيّ شيء أكبر شهادة قل اللّه شهيد بيني وبينكم وأوحي إليّ هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ أئنّكم لتشهدون أنّ مع اللّه آلهة أخرى قل لا أشهد قل إنّما هو إله واحد وإنّني بريء ممّا تشركون} والشاهد هو المبيّن لدعوى المدعي، فأمر الله جل ثناؤه نبيه بأن يحتج عليهم باللّه الواحد الذي خلق السموات الأرض وخلق الظلمات والنور، وخلقهم أطوارا على ما بين في كتابه، وأمر أن يعلمهم أن شهادة اللّه بأنه واحد، وإقامة البراهين في توحيده أكبر شهادة، وأن القرآن الذي أتى به يشهد له بأنه رسوله فقال: {قل اللّه شهيد بيني وبينكم}، الذي اعترفتم بأنه خالق هذه الأشياء {وأوحي إليّ هذا القرآن لأنذركم به}.
ففي الإنذار دليل على نبوته، لأنه لم يأت أحد بمثله، ولا يأتي بمثله لأن فيه أخبار الأمم السالفة، جاء بها عليه السلام.
وهو أمّيّ لا يقرأ الكتب، وأنبأ بما سيكون، وكان ما أنبأ به حقا،
ثم قال: {واللّه يعصمك من النّاس} وكان -صلى الله عليه وسلم- معصوما منهم.
وقال: {ليظهره على الدّين كلّه ولو كره المشركون}: فأظهر الله دين الإسلام على سائر الأديان بالحجة القاطعة.وغلبة المسلمين على أكثر أقطار الأرض
وقال في اليهود وكانوا في وقت مبعثه أعز قوم وأمتنه {وضربت عليهم الذّلّة والمسكنة} فهم أذلّاء إلى يوم القيامة.
فأنبأ الله في القرآن بما كان وما يكون، وأتى به مؤلّفا تأليفا لم يقدر أحد من العرب أن يأتي بسورة مثله، وهو في الوقت الذي قيل لهم ليأتوا بسورة من مثله، خطباء شعراء لم يكن عندهم أوجز من الكلام المنثور والموزون فعجزوا عن ذلك). [معاني القرآن: 2/ 233-234]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ}
المعنى: ومن بلغه القرآن ثم حذف الهاء لطول الاسم
وقال مجاهد: «ومن أسلم من فصيح وأعجم».
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «بلغوا القرآن عن الله جل وعز ومن بلغته آية من كتاب الله فقد بلغه أمر الله».
وقيل المعنى: ومن بلغ الحلم كما يقال قد بلغ فلان). [معاني القرآن: 2/ 406]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({ومن بلغ}: أي ومن بلغه القرآن إلى يوم القيامة). [ياقوتة الصراط: 218]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (20)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {يعرفونه كما يعرفون أبناءهم...} ذكر أنّ عمر بن الخطاب قال لعبد الله بن سلام: «ما هذه المعرفة التي تعرفون بها محمد -صلى الله عليه وسلم؟ قال: والله لأنا به إذا رأيته أعرف مني بابني وهو يلعب مع الصبيان؛ لأني لا أشكّ فيه أنه محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ ولست أدري ما صنع النساء في الابن. فهذه المعرفة لصفته في كتابهم».
- وجاء التفسير في قوله: {خسروا أنفسهم} يقال: ليس من مؤمن ولا كافر إلا له منزل في الجنة وأهل وأزواج، فمن أسلم وسعد صار إلى منزله وأزواجه (ومن كفر صار منزله وأزواجه) إلى من أسلم وسعد.
فذلك قوله: {الذين يرثون الفردوس} يقول: يرثون منازل الكفار، وهو قوله: {الذين خسروا أنفسهم وأهليهم}). [معاني القرآن: 1/ 329-330]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {الّذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم الّذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون}: أي يعرفون محمدا -صلى الله عليه وسلم- أنّه نبي كما يعرفون أبناءهم.
ويروى عن عمر بن الخطاب أنه قال لعبد اللّه بن سلام: «يا أبا حمزة هل عرفت محمدا كما عرفت ابنك؟ قال نعم، لأن الله بعث أمينه في سمائه إلى أمينه في أرضه بنعته فعرفته، فأمّا ابني فما أدري ما أحدثت أمّه. فقال صدقت يا حمزة».
وقوله: {الّذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون} رفع على نعت {الذين آتيناهم الكتاب} وجائز أن يكون على الابتداء ويكون {فهم لا يؤمنون} خبره، والذين خسروا أنفسهم الأشبه أن يكون ههنا يعني به أهل الكتاب.
وجائز أن يكون يعني به: جملة الكفار من أهل الكتاب وغيرهم). [معاني القرآن: 2/ 234-235]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم} ويجوز أن يكون المعنى القرآن والحديث يدل أن المعنى يعرفون النبي -صلى الله عليه وسلم.
وروي أن عمر قال لعبد الله بن سلام: «أتعرف محمدا صلى الله عليه وسلم كما تعرف ابنك فقال نعم وأكثر بعث الله أمينه في سمائه إلى أمينه في أرضه بنعته فعرفته وابني لا أدري ما كان من أمه»). [معاني القرآن: 2/ 407]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({يعرفونه}: أي يعرفون محمدا - صلى الله عليه وسلم - في التوراة بصفته ونعته، بشرعه وشرائعه.
قال ابن الأعرابي: ومنه قول عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لعبد الله بن سلام: «ما هذه المعرفة، التي وصفها الله -عز وجل- في صفة محمد -صلى الله عليه وسلم ؟ قال: نعرفه كما نعرف أبناءنا، ونعرفه بعد هذا معرفة أبين من معرفة أولادنا، قال: فقال عمر: كيف ؟ قال: يا أمير المؤمنين إن أحدنا ليشك في ولده، حتى يقول: هو ابني، ليس هو ابني، ونحن لا نشك في محمد -صلى الله عليه وسلم- أنه صادق مصدق»). [ياقوتة الصراط: 218-219]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 28 ربيع الثاني 1434هـ/10-03-2013م, 10:51 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آَلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (19) }

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (20) }


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 19 جمادى الآخرة 1435هـ/19-04-2014م, 10:56 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 19 جمادى الآخرة 1435هـ/19-04-2014م, 10:57 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 19 جمادى الآخرة 1435هـ/19-04-2014م, 10:57 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 19 جمادى الآخرة 1435هـ/19-04-2014م, 10:57 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آَلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (19) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {قل أيّ شيءٍ أكبر شهادةً قل اللّه شهيدٌ بيني وبينكم وأوحي إليّ هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ أإنّكم لتشهدون أنّ مع اللّه آلهةً أخرى قل لا أشهد قل إنّما هو إلهٌ واحدٌ وإنّني بريءٌ ممّا تشركون (19)}
أيّ استفهام، وهي معربة مع إبهامها، وإنما كان ذلك لأنها تلتزم الإضافة ولأنها تتضمن علم جزء من المستفهم عنه غير معين، لأنك إذا قلت أي الرجلين جاءنا فقد كنت تعلم أن أحدهما جاء غير معين فأخرجها هذان الوجهان عن غمرة الإبهام فأعربت، وتتضمن هذه الآية أن الله -عز وجل- يقال عليه شيءٍ كما يقال عليه موجود، ولكن ليس كمثله -تبارك وتعالى- شيء، وشهادةً نصب على التمييز ويصح على المفعول بأن يحمل أكبر على التشبيه بالصفة المشبهة باسم الفاعل وهذه الآية مثل قوله تعالى: {قل لمن ما في السّماوات والأرض قل للّه} [الأنعام: 12] في أن استفهم على جهة التوقيف والتقدير ثم بادر إلى الجواب إذ لا تتصور فيه مدافعة، وهذا كما تقول لمن تخاصمه وتتظلم منه من أقدر من في البلد ثم تبادر وتقول السلطان فهو يحول بيننا، ونحو هذا من الأمثلة، فتقدير الآية أنه قال لهم أي شيء أكبر شهادة الله أكبر شهادة، فهو شهيد بيني وبينكم، ف اللّه رفع بالابتداء وخبره مضمر يدل عليه ظاهر الكلام كما قدرناه، وشهيدٌ خبر ابتداء مضمر.
وقال مجاهد المعنى أن الله -تعالى- قال لنبيه -عليه السلام-: قل لهم: أي شيء أكبر شهادة؟ وقل لهم: الله شهيد بيني وبينكم لما عيوا عن الجواب، ف شهيدٌ على هذا التأويل خبر لله وليس في هذا التأويل مبادرة من السائل إلى الجواب المراد بقوله: شهيدٌ، بيني وبينكم أي في تبليغي، وقرأت فرقة: {وأوحى إليّ هذا القرآن} على الفعل الماضي ونصب القرآن وفي {أوحى} ضمير عائد على الله تعالى من قوله قل اللّه، وقرأت فرقة {وأوحي} على بناء الفعل للمفعول {القرآن} رفعا، لأنذركم معناه لأخوفكم به العقاب والآخرة، ومن عطف على الكاف والميم في قوله: لأنذركم وبلغ معناه على قول الجمهور بلاغ القرآن، أي لأنذركم وأنذر من بلغه، ففي بلغ ضمير محذوف لأنه في صلة من، فحذف لطول الكلام، وقالت فرقة ومن بلغ الحكم، ففي بلغ على هذا التأويل ضمير مقدر راجع إلى من، وروي في معنى التأويل الأول أحاديث، منها أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «يا أيها الناس بلغوا عني ولو آية، فإنه من بلغ آية من كتاب الله تعالى فقد بلغه أمر الله تعالى أخذه أو تركه»، ونحو هذا من الأحاديث كقوله: «من بلغه هذا القرآن فأنا نذيره»، وقرأت فرقة «أأينكم» بزيادة ألف بين الهمزة الأولى والثانية المسهلة عاملة بعد التسهيل العاملة قبل التسهيل وقرأت فرقة «أينكم» بهمزتين الثانية مسهلة دون ألف بينهما، وقرأت فرقة «أإنكم» استثقلت اجتماع الهمزتين فزادت ألفا بين الهمزتين، وقرأت فرقة «أنكم» بالإيجاب دون تقدير وهذه الآية مقصدها التوبيخ وتسفيه الرأي. وأخرى صفة لآلهة وصفة جمع ما لا يعقل تجري في الإفراد مجرى الواحدة المؤنثة كقوله: {مآرب أخرى} [طه: 18] وكذلك مخاطبته جمع ما لا يعقل كقوله: يا جبال أوّبي معه ونحو هذا، ولما كانت هذه الآلهة حجارة وعيدانا أجريت هذا المجرى ثم أمره الله تعالى أن يعلن بالتبري من شهادتهم. والإعلان بالتوحيد لله عز وجل والتبري من إشراكهم، وإنّني إيجاب ألحقت فيه النون التي تلحق الفعل لتبقى حركته عند اتصال الضمير به في قولك ضربني ونحوه، وظاهر الآية أنها في عبدة الأصنام وذكر الطبري أنه قد ورد من وجه لم يثبت صحته أنها نزلت في قوم من اليهود، وأسند إلى ابن عباس قال: جاء النحام بن زيد وفردم بن كعب وبحري بن عمرو، فقالوا: يا محمد ما تعلم مع الله إلها غيره؟ فقال لهم: «لا إله إلا الله بذلك أمرت»، فنزلت الآية فيهم). [المحرر الوجيز: 3/ 329-331]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (20) }

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {الّذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم الّذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون (20) ومن أظلم ممّن افترى على اللّه كذباً أو كذّب بآياته إنّه لا يفلح الظّالمون (21)}
الّذين رفع بالابتداء وخبره يعرفونه والكتاب معناه التوراة والإنجيل وهو لفظ مفرد يدل على الجنس، والضمير في يعرفونه عائد في بعض الأقوال على التوحيد لقرب قوله:{قل إنّما هو إلهٌ واحدٌ} [الأنعام: 19] وهذا استشهاد في ذلك على كفرة قريش والعرب بأهل الكتاب، والّذين خسروا على هذا التأويل منقطع مرفوع بالابتداء وليس من صفة الّذين الأولى، لأنه لا يصح أن يستشهد بأهل الكتاب ويذمون في آية واحدة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وقد يصح ذلك لاختلاف ما استشهد فيه بهم وما ذموا فيه، وأن الذم والاستشهاد ليس من جهة واحدة، وقال قتادة والسدي وابن جريج: الضمير عائد في يعرفونه على محمد -عليه السلام- ورسالته، وذلك على ما في قوله: {وأوحي إليّ هذا القرآن لأنذركم} [الأنعام: 19] فكأنه قال وأهل الكتاب يعرفون ذلك من إنذاري والوحي إليّ، وتأول هذا التأويل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يدل على ذلك قوله لعبد الله بن سلام: «إن الله أنزل على نبيه بمكة أنكم تعرفونه كما تعرفون أبناءكم فكيف هذه المعرفة، فقال عبد الله بن سلام: نعم أعرفه الصفة التي وصفه الله في التوراة فلا أشك فيه، وأما ابني فلا أدري ما أحدثت أمه».
قال القاضي أبو محمد -رحمه الله-: وتأول ابن سلام -رضي الله عنه- المعرفة بالابن تحقق صحة نسبه، وغرض الآية إنما هو الوقوف على صورته فلا يخطئ الأب فيها، وقالت فرقة: الضمير من يعرفونه عائد على القرآن المذكور قبل.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: ويصح أن تعيد الضمير على هذه كلها دون اختصاص، كأنه وصف أشياء كثيرة، ثم قال: أهل الكتاب يعرفونه أي ما قلنا وما قصصنا وقوله تعالى: {الّذين خسروا ... الآية}، يصح أن يكون الّذين نعتا تابعا ل الّذين قبله، والفاء من قوله فهم عاطفة جملة على جملة، وهذا يحسن على تأويل من رأى في الآية قبلها أن أهل الكتاب متوعدون مذمومون لا مستشهد بهم، ويصح أن يكون الّذين رفعا بالابتداء على استئناف الكلام، وخبره فهم لا يؤمنون والفاء على هذا جواب، وخسروا معناه غبنوها، وقد تقدم، وروي أن كل عبد له منزل في الجنة ومنزل في النار، فالمؤمنون ينزلون منازل أهل الكفر في الجنة والكافرون ينزلون منازل أهل الجنة في النار فهاهنا هي الخسارة بينة والربح الآخرين). [المحرر الوجيز: 3/ 332-333]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 19 جمادى الآخرة 1435هـ/19-04-2014م, 10:57 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 19 جمادى الآخرة 1435هـ/19-04-2014م, 10:57 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آَلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (19) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال: {قل أيّ شيءٍ أكبر شهادةً} أي: من أعظم الأشياء [شهادةً] {قل اللّه شهيدٌ بيني وبينكم} أي: هو العالم بما جئتكم به، وما أنتم قائلون لي: {وأوحي إليّ هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ} أي: وهو نذيرٌ لكلّ من بلغه، كما قال تعالى: {ومن يكفر به من الأحزاب فالنّار موعده} [هودٍ: 17].
قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، حدّثنا وكيعٌ وأبو أسامة وأبو خالدٍ، عن موسى بن عبيدة، عن محمّد بن كعبٍ، في قوله: {ومن بلغ} قال من بلغه القرآن فكأنّما رأى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم -زاد أبو خالدٍ: وكلّمه.
ورواه ابن جريرٍ من طريق أبي معشرٍ، عن محمّد بن كعبٍ، قال: «من بلغه القرآن فقد أبلغه محمّدٍ -صلّى اللّه عليه وسلّم».
وقال عبد الرّزّاق، عن معمر، عن قتادة في قوله: {لأنذركم به ومن بلغ} إنّ رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: «بلّغوا عن اللّه، فمن بلغته آيةٌ من كتاب اللّه فقد بلغه أمر اللّه».
وقال الرّبيع بن أنسٍ: حقٌّ على من اتّبع رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- أن يدعو كالّذي دعا رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- وأن ينذر كالّذي أنذر.
وقوله: {أئنّكم لتشهدون} أي: أيّها المشركون، {أنّ مع اللّه آلهةً أخرى قل لا أشهد} كما قال تعالى: {فإن شهدوا فلا تشهد معهم} [الأنعام: 150]، {قل إنّما هو إلهٌ واحدٌ وإنّني بريءٌ ممّا تشركون} ). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 245]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (20) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال مخبرًا عن أهل الكتاب: إنّهم يعرفون هذا الّذي جئتهم به كما يعرفون أبناءهم، بما عندهم من الأخبار والأنباء عن المرسلين المتقدّمين والأنبياء، فإنّ الرّسل كلّهم بشّروا بوجود محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم وببعثه وصفته، وبلده ومهاجره، وصفة أمّته؛ ولهذا قال بعد هذا: {الّذين خسروا أنفسهم} أي: خسروا كلّ الخسارة، {فهم لا يؤمنون} بهذا الأمر الجليّ الظّاهر الّذي بشّرت به الأنبياء، ونوّهت به في قديم الزّمان وحديثه). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 245]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:36 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة