العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم الاعتقاد > كتاب الأسماء والصفات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13 رمضان 1438هـ/7-06-2017م, 09:40 AM
جمهرة علوم العقيدة جمهرة علوم العقيدة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 1,193
افتراضي السبيل إلى معرفة الله تعالى بأسمائه وصفاته


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 14 رمضان 1438هـ/8-06-2017م, 10:35 AM
جمهرة علوم العقيدة جمهرة علوم العقيدة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 1,193
افتراضي

الأحاديث والآثار


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 14 رمضان 1438هـ/8-06-2017م, 10:36 AM
جمهرة علوم العقيدة جمهرة علوم العقيدة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 1,193
افتراضي

بَيَانِ أنَّ التَّفَكُّرَ في آياتِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ طَريقٌ إلى معرفةِ اللهِ بأسمائِهِ وصفاتِهِ

قال ابن القيم محمد بن أبي بكر الزرعي الدمشقي (ت:751هـ) كما في المرتبع الأسنى
: (البابُ الثالثُ:
في بَيَانِ أنَّ التَّفَكُّرَ في آياتِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ طَريقٌ إلى معرفةِ اللهِ بأسمائِهِ وصفاتِهِ

(الرَّبُّ تعالى يدعو عبادَهُ في القرآنِ إلى معرفتِهِ منْ طريقَيْنِ:
ـ أحدُهما: النَّظرُ في مفعُولاتِهِ.
ـ الثاني: التفكُّرُ في آياتِهِ وتدَبُّرُها.
فتلكَ آياتُهُ المشهودةُ، وهذهِ آياتُهُ المسموعةُ المعقولةُ.
فالنوعُ الأوَّلُ: كقوْلِهِ: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} [البقرة: 164] إلى آخرِها. وقولِهِ: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190)} [آل عمرانَ: 190]، وهوَ كثيرٌ في القرآنِ.
والثاني: كقوْلِهِ: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ} [النساء: 82].
وقولِهِ: {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ} [المؤمنونَ: 68].
وقولِهِ: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ} [ص: 29].
وهوَ كثيرٌ أيضاً.
فأمَّا المفعولاتُ فإنَّها دَالَّةٌ على الأفعالِ، والأفعالُ دَالَّةٌ على الصِّفَاتِ؛ فإنَّ المفعولَ يدُلُّ على فاعلٍ فعَلَهُ، وذلكَ يسْتَلْزِمُ وُجودَهُ وقُدْرتَهُ ومشيئتَهُ وعلمَهُ لاستحالةِ صُدُورِ الفعلِ الاختياريِّ منْ معدومٍ، أوْ موجودٍ لا قُدْرَةَ لهُ ولا حياةَ ولا عِلْمَ ولا إرادةَ.
ثُمَّ ما في المفعولاتِ من التخصيصاتِ المتنوِّعةِ دالٌّ على إرادةِ الفاعلِ، وأنَّ فعلَهُ ليسَ بالطبعِ بحيثُ يكونُ واحداً غيرَ مُتَكَرِّرٍ.
وما فيها من المصالحِ والحِكَمِ والغاياتِ المحمودةِ دالٌّ على حِكْمَتِهِ تعالى.
وما فيها من النَّفْعِ والإحسانِ والخيرِ دالٌّ على رحمتِهِ.
وما فيها من البطشِ والانتقامِ والعقوبةِ دالٌّ على غضَبِهِ.
وما فيها من الإكرامِ والتقريبِ والعنايَةِ دالٌّ على محَبَّتِهِ.
وما فيها من الإهانةِ والإبعادِ والخِذلانِ دَالٌّ على بُغْضِهِ ومَقْتِهِ.
وما فيها من ابتداءِ الشيءِ في غايَةِ النَّقصِ والضعفِ ثُمَّ سَوْقِهِ إلى تمامِهِ ونهايَتِهِ دالٌّ على وقوعِ المعادِ.
وما فيها منْ أحوالِ النباتِ والحيوانِ وتَصَرُّفِ المياهِ دالٌّ على إمكانِ المعادِ.
وما فيها منْ ظهورِ آثارِ الرحمةِ والنعمةِ على خلقِهِ دليلٌ على صِحَّةِ النُّبُوَّاتِ.
وما فيها من الكمالاتِ التي لوْ عَدِمَتْها كانتْ ناقصةً دليلٌ على أنَّ مُعْطِيَ تلكَ الكمالاتِ أحقُّ بها) ([1]).
[وبالجملَةِ] (فيظهرُ شَاهِدُ اسمِ الخالقِ منْ نفْسِ المخلوقِ، وشاهدُ اسمِ الرازقِ منْ وجودِ الرِّزقِ والمرزوقِ، وشاهدُ اسمِ الرحيمِ منْ شهودِ الرحمةِ المبثوثةِ في العالمِ، واسمِ المُعْطِي منْ وجودِ العطاءِ الذي هوَ مِدْرَارٌ لا ينقطعُ لحظةً واحدةً، واسمِ الحليمِ منْ حِلْمِهِ عن الجُناةِ العصاةِ وعدمِ مُعاجلَتِهِم، واسمِ الغفورِ و التَّوَّابِ منْ مغفرةِ الذنوبِ وقبولِ التوبةِ، ويظهرُ شاهدُ اسمِهِ الحكيمِ من العلمِ بما في خلْقِهِ وأمرِهِ من الحكَمِ والمصالحِ ووجوهِ المنافعِ. وهكذا كلُّ اسمٍ منْ أسمائِهِ لهُ شاهدٌ في خلْقِهِ وأمْرِهِ، يَعْرِفُهُ مَنْ عَرَفَهُ، ويجهلُهُ مَنْ جهِلَهُ، فالخلقُ والأمرُ منْ أعظمِ شواهدِ أسمائِهِ وصفاتِهِ.
وكلُّ سليمِ العقلِ والفطرةِ يعرفُ قدرَ الصانعِ وحِذْقَهُ وتبريزَهُ على غيرِهِ، وتفرُّدَهُ بكمالٍ لمْ يُشَاركْهُ فيهِ غيرُهُ منْ مُشَاهدةِ صَنْعَتِهِ، فكيفَ لا تُعْرَفُ صفاتُ مَنْ هذا العالَمُ العُلْوِيُّ والسفليُّ وهذهِ المخلوقاتُ منْ بعضِ صُنعِهِ؟!
وإذا اعتَبَرْتَ المخلوقاتِ والمأموراتِ وجَدْتَها بأَسْرِها كلَّها دالَّةً على النُّعوتِ والصِّفَاتِ وحقائقِ الأسماءِ الحسنى، وعَلِمْتَ أنَّ المُعَطِّلَةَ منْ أعظمِ الناسِ عَمًى بمُكَابَرَةٍ.
فلا يتأمَّلُ العاقلُ المستبصِرُ مخلوقاً حقَّ تأمُّلِهِ إلاَّ وجدَهُ دالاًّ على فاطرِهِ وبارِئِهِ، وعلى وَحدانيَّتِهِ، وعلى كمالِ صفاتِهِ وأسمَائِهِ، وعلى صِدْقِ رُسُلِهِ، وعلى أنَّ لقاءَهُ حقٌّ لا ريبَ فيهِ.
وهذهِ طريقةُ القرآنِ في إرشادِهِ الخلقَ إلى الاستدلالِ بأصنافِ المخلوقاتِ وأحوالِها على إثباتِ الصانعِ، وعلى التوحيدِ والمعادِ والنُّبُوَّاتِ، فمرَّةً يُخْبِرُ أنَّهُ لمْ يخْلُقْ خلْقَهُ باطلاً ولا عبثاً، ومرَّةً يُخْبِرُ أنَّهُ خلَقَهُم بالحقِّ، ومرَّةً يُخْبِرُهُم ويُنَبِّهُهم على وُجُوهِ الاعتبارِ والاستدلالِ بها على صِدْقِ ما أَخْبَرَتْ بهِ رسُلُهُ؛ حتَّى يُبَيِّنَ لهمْ أنَّ الرُّسُلَ إنَّما جاؤُوهُم بما يشاهدونَ أدِلَّةَ صدْقِهِ، وبما لوْ تأمَّلُوهُ لرأَوْهُ مَرْكُوزاً في فِطَرِهم، مُستَقِرًّا في عقولِهِم، وأنَّ ما يُشَاهِدُونَهُ منْ مخلوقاتِهِ شاهد بما أخْبَرَتْ بهِ رُسُلُهُ عنهُ منْ أسمائِهِ وصفاتِهِ وتوحيدِهِ ولقائِهِ ووجودِ ملائكتِهِ.
وهذا بابٌ عظيمٌ منْ أبوابِ الإيمانِ، إنَّما يفْتَحُهُ اللهُ على مَنْ سَبَقَتْ لهُ منهُ سابقةُ السعادةِ، وهذا أشرفُ عِلْمٍ ينَالُهُ العبدُ في هذهِ الدارِ، وقدْ بَيَّنْتُ في موضعٍ آخرَ أنَّ كُلَّ حركةٍ تُشَاهَدُ على اختلافِ أنواعِها فهيَ دالَّةٌ على التوحيدِ والنُّبُوَّاتِ والمعادِ بطريقٍ سهلةٍ واضحةٍ بُرْهَانِيَّةٍ) ([2]).
(ويكْفِي ظهورُ شاهدِ الصُّنعِ فيكَ خاصَّةً، كما قالَ تعالى: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21)} [الذاريات: 21]، فالموجوداتُ بأسْرِها شواهدُ صفاتِ الرَّبِّ جلَّ جلالُهُ ونُعُوتِهِ وأسمائِهِ، فهيَ كلُّها تشيرُ إلى الأسماءِ الحسنى وحقائقِها، وتُنَادي عليها، وتدُلُّ عليها، وتُخبرُ بها بلسانِ النطقِ والحالِ، كما قيلَ:
تأمَّلْ سُطُورَ الكـائنـاتِ فإنَّـها = وقدْ خُطَّ فيها لوْ تأمَّلْتَ خـطَّها
تشـيرُ بإثباتِ الصِّفَاتِ لـرَبِّها = من الملإِ الأعـلى إليكَ رسائلُ
أَلا كلُّ شيءٍ ما خلا اللهَ باطلُ = فَصَامِتُها يَهدِي ومَـنْ هُوَ قائلُ
فلَسْتَ ترى شيئاً أدلَّ على شيءٍ منْ دلالةِ المخلوقاتِ على صفاتِ خالقِها، ونعوتِ كمالِهِ، وحقائقِ أسمائِهِ، وقدْ تنوَّعَتْ أدِلَّتُها بحسَبِ تنوُّعِها، فهيَ تدُلُّ عقلاً وحسًّا، وفطرةً ونَظَراً واعتباراً) ([3]).
(فمفعولاتُهُ منْ أدَلِّ شيءٍ على صفاتِهِ وصِدْقِ ما أخْبَرَتْ بهِ رسلُهُ عنهُ؛ فالمصنوعاتُ شاهدةٌ تُصَدِّقُ الآياتِ المسموعاتِ، مُنَبِّهَةٌ على الاستدلالِ بالآياتِ المصنوعاتِ، قالَ تعالى: {سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} [فُصِّلَتْ: 53]؛ أيْ: أنَّ القرآنَ حَقٌّ، فأخبرَ أنَّهُ لا بُدَّ أنْ يُرِيَهُمْ منْ آياتِهِ المشهودةِ ما يُبَيِّنُ لهمْ أنَّ آياتِهِ المتْلُوَّةَ حقٌّ، ثُمَّ أخبرَ بكفايَةِ شهادَتِهِ([4])على صِحَّةِ خبَرِهِ بما أقامَ من الدلائلِ والبراهينِ على صِدْقِ رَسُولِهِ، فآيَاتُهُ شاهدةٌ بصِدْقِهِ، وهوَ شاهدٌ بصدقِ رسُولِهِ بآياتِهِ، فهوَ الشاهدُ والمشهودُ لهُ، وهوَ الدليلُ والمدلولُ عليهِ، فهوَ الدليلُ بنفْسِهِ على نفْسِهِ كما قالَ بعضُ العارفينَ: كيفَ أطْلُبُ الدليلَ على مَنْ هُوَ دليلٌ لي على كلِّ شيءٍ؟ فأيُّ دليلٍ طَلَبْتَهُ عليهِ فوجودُهُ أظهرُ منهُ، ولهذا قالَ الرُّسُلُ لِقَوْمِهِمْ: {أَفِي اللَّهِ شَكٌّ} [إبراهيم: 10]؛ فهوَ أعْرَفُ منْ كلِّ معروفٍ، وأبْيَنُ منْ كلِّ دليلٍ، فالأشياءُ عُرِفَتْ بهِ في الحقيقةِ، وإنْ كانَ عُرِفَ بها في النظرِ والاستدلالِ بأفعَالِهِ وأحكَامِهِ عليْهِ)([5]).

(فصلٌ: [في بيانِ الطريقِ الثاني]:
[وَ]القرآنُ كلامُ اللهِ، وقدْ تجلَّى اللهُ فيهِ لعبَادِهِ بصفاتِهِ:
فتارَةً يتجلَّى في جِلْبابِ الهَيْبَةِ والعظمةِ والجلالِ، فتخضعُ الأعناقُ، وتنْكَسِرُ النفوسُ، وتخشعُ الأصواتُ، ويذُوبُ الكِبْرُ كما يذوبُ المِلحُ في الماءِ.
وتارةً يتجلَّى في صفاتِ الجمالِ والكمالِ، وهوَ كمالُ الأسماءِ وجمالُ الصِّفَاتِ وجمالُ الأفعالِ الدَّالُّ على كمالِ الذَّاتِ؛ فيستفيدُ حُبُّهُ منْ قلبِ العبدِ قُوَّةَ الحبِّ كُلَّها، بحَسَبِ ما عَرَفَهُ منْ صفاتِ جمالِهِ ونعوتِ كمالِهِ؛ فيُصْبِحُ فُؤَادُ عبْدِهِ فارغاً إلاَّ مِنْ مَحَبَّتِهِ، فإذا أرادَ منهُ الغيرُ أنْ يُعَلِّقَ تلكَ المحَبَّةَ بهِ أَبَى قلبُهُ وأحشاؤُهُ ذلكَ كلَّ الإباءِ، كما قيلَ:
يُرَادُ مِن القَلْبِ نِسْيَانُكُمْ = وتَأْبَى الطِّبَاعُ عَلَى النَّاقِلِ
فتبقى المحبَّةُ لهُ طبعاً لا تكَلُّفاً.
وإذا تجلَّى بصفاتِ الرحمةِ والبرِّ واللطفِ والإحسانِ، انبَعَثَتْ قُوَّةُ الرجاءِ من العبدِ، وانْبَسَطَ أملُهُ، وقَوِيَ طَمَعُهُ، وسارَ إلى رَبِّهِ ، وحادِي الرجاءِ يحدُو رِكابَ سَيْرِهِ، وكُلَّما قَوِيَ الرجاءُ جدَّ في العملِ، كما أنَّ الباذِرَ كلَّما قَوِيَ طَمَعُهُ في المُغِلِّ غَلَّقَ أرْضَهُ بالبَذْرِ، وإذا ضَعُفَ رجاؤُهُ قصَّر في البَذْرِ.
وإذا تجلَّى بصفاتِ العَدْلِ والانتقامِ والغضبِ والسَّخَطِ والعقوبةِ انقمعت النفسُ الأمَّارةُ، وبطَلَتْ أوْ ضَعُفَتْ قُواها من الشهوةِ، والغضبِ، واللَّهْوِ، واللَّعِبِ، والحرصِ على المحرماتِ، وانْقَبَضَتْ أعِنَّةُ رُعُونَاتِهَا؛ فأحْضَرَت المطيَّةُ حَظَّها من الخوفِ والخشيَةِ والحذرِ.
وإذا تجلَّى بصفاتِ الأمرِ والنهيِ والعَهْدِ والوَصِيَّةِ وإرسالِ الرُّسُلِ وإنـزالِ الكُتُبِ وشرعِ الشرائعِ؛ انْبَعَثَتْ منها قُوَّةُ الامتثالِ والتنفيذِ لأوَامِرِهِ، والتبليغِ لها، والتوَاصِي بها، وذكرِها، وتذكُّرِها، والتصديقِ بالخبرِ، والامتثالِ للطلبِ، والاجتنابِ للنهيِ.
وإذا تجلَّى بصفاتِ السمعِ والبصرِ والعلمِ انبعَثَتْ من العبدِ قُوَّةُ الحياءِ؛ فيستحي منْ ربِّهِ أنْ يراهُ على ما يكرهُ، أوْ يسمعَ منهُ ما يكرهُ، أوْ يُخْفِيَ في سريرتِهِ ما يَمْقُتُهُ عليهِ؛ فتبقى حركاتُهُ وأقوالُهُ وخواطرُهُ موزونةً بميزانِ الشرعِ، غيرَ مُهْمَلةٍ ولا مُرْسَلةٍ تحتَ حُكمِ الطبيعةِ والهَوَى.
وإذا تجلَّى بصفاتِ الكفايَةِ والحسْبِ، والقيامِ بمصالحِ العبادِ، وسَوْقِ أرزاقِهِم إليهمْ، ودفعِ المصائبِ عنهم، ونصرِهِ لأوليائِهِ، وحمايتِهِ لهم، ومعِيَّتِهِ الخاصَّةِ لهم؛ انبعثتْ من العبدِ قُوَّةُ التوكُّلِ عليهِ، والتفويضِ إليهِ، والرضا بهِ وبكلِّ ما يُجريهِ على عبدِهِ ويُقيمُهُ فيهِ ممَّا يَرْضَى بهِ هوَ سُبحانَهُ، والتوكُّلُ معنًى يلْتَئِمُ منْ علمِ العبدِ بكفايَةِ اللهِ وحسنِ اختيارِهِ لعبدِهِ، وثقَتِهِ بهِ، ورضاهُ بما يفعلُهُ بهِ ويختارُهُ لهُ.
(([و] ((التوكُّلُ)) منْ أعمِّ المقاماتِ تَعَلُّقاً بالأسماءِ الحسنى؛ فإنَّ لهُ تَعَلُّقاً خاصًّا بعامَّةِ أسماءِ الأفعالِ وأسماءِ الصِّفَاتِ: فلَهُ تَعَلُّقٌ باسمِ ((الغَفَّارِ، والتوَّابِ، والعَفُوِّ، والرؤُوفِ، والرحيمِ))، وتَعَلُّقٌ باسمِ ((الفتَّاحِ، والوهَّابِ، والرزَّاقِ، والمُعْطِي، والمُحْسِنِ))، وتَعَلُّقٌ باسمِ ((المُعِزِّ، المُذِلِّ، الحافِظِ، الرافِعِ، المانِعِ)) منْ جهةِ توكُّلِهِ عليهِ في إذلالِ أعداءِ دينِهِ، وخفْضِهم ومنْعِهم أسبابَ النصرِ، وتَعَلُّقٌ بأسماءِ ((القدرةِ، والإرادةِ))، ولهُ تَعَلُّقٌ عامٌّ بجميعِ الأسماءِ الحسنى؛ ولهذا فسَّرَهُ مَنْ فسَّرَهُ من الأئِمَّةِ بأنَّهُ المعرفةُ باللهِ، وإنَّما أرادَ أنَّهُ بحَسَبِ معرفةِ العبدِ يَصِحُّ لهُ مقامُ التوكُّلِ، وكُلَّما كانَ باللهِ أعرفَ كانَ تَوَكُّلهُ عليهِ أقْوَى))([6]).
وإذا تجلَّى بصفاتِ العزِّ والكبرياءِ أعطتْ نفسُهُ المطمئنَّةُ ما وصلَتْ إليهِ من الذُّلِّ لعظمتِهِ، والانكسارِ لعزَّتِهِ، والخضوعِ لكبريائِهِ، وخشوعِ القلبِ والجوارحِ لهُ؛ فتَعْلُوهُ السكينةُ والوَقَارُ في قلْبِهِ ولسانِهِ وجوارِحِهِ وسمْعِهِ، ويذهبُ طَيْشُهُ وقُوَّتُهُ وحِدَّتُهُ.
وجِماعُ ذلكَ: أنَّهُ سُبحانَهُ يتعرَّفُ إلى العبدِ بصفاتِ إلهيَّتِهِ تارةً، وبصفاتِ رُبوبيَّتِهِ تارةً؛ فَيُوجِبُ لهُ شهودُ صفاتِ الإلهيَّةِ المحبَّةَ الخاصَّةَ، والشوقَ إلى لقائِهِ، والأُنْسَ والفرحَ بهِ، والسرورَ بخِدْمَتِهِ، والمنافسةَ في قُرْبِهِ، والتودُّدَ إليهِ بطاعتِهِ، واللَّهَجَ بذِكْرِهِ، والفرارَ من الخلقِ إليهِ، ويصيرُ هوَ وحدَهُ همَّهُ دونَ ما سِوَاهُ.
ويُوجِبُ لهُ شهودُ صفاتِ الربوبِيَّةِ التوكُّلَ عليهِ، والافتقارَ إليهِ، والاستعانةَ بهِ، والذلَّ والخضوعَ والانكسارَ لهُ.
وكمالُ ذلكَ أنْ يشهدَ ربوبيَّتَهُ في إلهيَّتِهِ، وإلهيَّتَهُ في رُبوبيَّتِهِ، وحمدَهُ في مُلكِهِ، وعِزَّهُ في عَفْوِهِ، وحكمتَهُ في قضائِهِ وقَدَرِهِ، ونعمتَهُ في بلائِهِ، وعطاءَهُ في منعِهِ، وبِرَّهُ ولطفَهُ وإحسانَهُ ورحمتَهُ في قيُّوميَّتِهِ، وعدلَهُ في انتقامِهِ، وجُودَهُ وكرمَهُ في مغفرتِهِ وسترِهِ وتجاوُزِهِ، ويشهدُ حكمتَهُ ونعمتَهُ في أمرِهِ ونهيِهِ، وعِزَّهُ في رضاهُ وغضبِهِ، وحلمَهُ في إمهالِهِ، وكرمَهُ في إقبالِهِ، وغناهُ في إعراضِهِ(7).
وأنتَ إذا تدَبَّرْتَ القرآنَ(8)، وأَجَرْتَهُ من التحريفِ، وأنْ تقضيَ عليهِ بآراءِ المتكلِّمينَ وأفكارِ المتكلِّفينَ، أشهدَ مَلِكاً قَيُّوماً فوقَ سماواتِهِ على عرْشِهِ، يُدَبِّرُ أمرَ عبادِهِ، يأمرُ وينهى، ويُرْسِلُ الرُّسلَ، ويُنْـزِلُ الكتبَ، ويَرْضى ويَغضبُ، ويُثيبُ ويُعاقبُ، ويُعطي ويَمنعُ، ويُعزُّ ويُذلُّ، ويَخْفِضُ ويرفعُ، يَرى منْ فوقِ سبعٍ ويسمعُ، ويعلمُ السرَّ والعلانيَةَ، فعَّالٌ لما يريدُ، موصوفٌ بكلِّ كمالٍ، مُنَزَّهٌ عنْ كلِّ عيبٍ، لا تتحرَّكُ ذرةٌ فما فوقَها إلاَّ بإذنِهِ، ولا تسقطُ ورقةٌ إلاَّ بعلْمِهِ، ولا يشفعُ أحدٌ عندَهُ إلاَّ بإذنِهِ، ليسَ لعبادِهِ منْ دُونِهِ وليٌّ ولا شفيعٌ) (9).
([فـ] يشهدُ قلبُكَ الرَّبَّ تباركَ وتعالى مُسْتَوِياً على عرشِهِ، مُتكلِّماً بأمرِهِ ونهْيِهِ، بصيراً بحركاتِ العالَمِ عُلْويِّهِ وسُفْلِيِّهِ، وأشخاصِهِ وذواتِهِ، سميعاً لأصواتِهِم، رقيباً على ضمائرِهم وأسرارِهم، وأمرُ الممالكِ تحتَ تدْبيرِهِ، نازلٌ منْ عندِهِ وصاعدٌ إليهِ، وأملاكُهُ بينَ يدَيْهِ، تَنْفُذُ أوامرُهُ في أقطارِ الممالكِ، موصوفاً بصفاتِ الكمالِ، منعوتاً بنعوتِ الجلالِ، منـزَّهاً عن العيوبِ والنقائصِ والمثالِ، هوَ كما وصفَ نفسَهُ في كتابِهِ، وفوقَ ما يصِفُهُ بهِ خلقُهُ، حيٌّ لا يموتُ، قَيُّومٌ لا ينامُ، عليمٌ لا يخفى عليهِ مثقالُ ذَرَّةٍ في السماواتِ ولا في الأرضِ، بصيرٌ يرى دبيبَ النملةِ السوداءِ على الصخرةِ الصمَّاءِ في الليلةِ الظلماءِ، سميعٌ يسمعُ ضجيجَ الأصواتِ، باختلافِ اللغاتِ، على تفنُّنِ الحاجاتِ.
تمَّتْ كلماتُهُ صِدْقاً وعَدْلاً، وجلَّتْ صفاتُهُ أنْ تُقاسَ بصفاتِ خلقِهِ شبهاً ومثلاً، وتعالَتْ ذاتُهُ أنْ تُشْبِهَ شيئاً من الذواتِ أصلاً، ووَسِعَت الخليقةَ أفعالُهُ عَدْلاً وحكمةً ورحمةً وإحساناً وفضلاً، لهُ الخلقُ والأمرُ، ولهُ النعمةُ والفضلُ، ولهُ الملكُ والحمدُ، ولهُ الثناءُ والمجدُ، أوَّلٌ ليسَ قبلَهُ شيءٌ، وآخرٌ ليسَ بعدَهُ شيءٌ، ظاهرٌ ليسَ فوقَهُ شيءٌ، باطنٌ ليسَ دُونَهُ شيءٌ، أسماؤُهُ كلُّها أسماءُ مدحٍ وحمدٍ وثناءٍ وتمجيدٍ؛ ولذلكَ كانتْ حُسْنَى، وصفاتُهُ كلُّها صفاتُ كمالٍ، ونعوتُهُ كلُّها نعوتُ جلالٍ، وأفعالُهُ كلُّها حكمةٌ ورحمةٌ ومصلحةٌ وعَدْلٌ، كلُّ شيءٍ منْ مخلوقاتِهِ دالٌّ عليهِ، ومرشدٌ لمَنْ رآهُ بعينِ البصيرةِ إليهِ. لمْ يخلُق السماواتِ والأرضَ وما بينَهما باطلاً، ولا تركَ الإنسانَ سُدًى عاطلاً، بلْ خلقَ الخلقَ لقيامِ توحيدِهِ وعبادَتِهِ، وأسبغَ عليهم نعمَهُ ليتوصَّلُوا بشُكْرِها إلى زيادةِ كرامَتِهِ، تعرَّفَ إلى عبادِهِ بأنواعِ التعريفاتِ، وصرَّفَ لهم الآياتِ، ونوَّعَ لهم الدلالاتِ، ودعَاهُم إلى محبَّتِهِ منْ جميعِ الأبوابِ، ومَدَّ بينَهُ وبينَهم منْ عهدِهِ أقوى الأسبابِ؛ فأتمَّ عليهم نعمَهُ السابغةَ، وأقامَ عليهم حُجَّتَهُ البالغةَ، أفاضَ عليهم النعمةَ، وكتبَ على نفْسِهِ الرحمةَ). ([10])

[فصلٌ]:
(إذا عُلِمَ هذا فـ] معرفةُ اللهِ سُبحانَهُ نوعانِ:
- الأوَّلُ: معرفةُ إقرارٍ، وهيَ التي اشتركَ فيها الناسُ: البَرُّ والفاجرُ، والمطيعُ والعاصي.
- والثاني: معرفةٌ تُوجِبُ الحياءَ منهُ، والمحبَّةَ لهُ، وتَعَلُّقَ القلبِ بهِ، والشوقَ إلى لقائِهِ، وخشيتَهُ، والإنابةَ إليهِ، والأُنْسَ بهِ، والفرارَ من الخلقِ إليهِ، وهذهِ هيَ المعرفةُ الخاصَّةُ الجاريَةُ على لسانِ القومِ، وتفَاوُتُهُمْ فيها لا يُحصيهُ إلاَّ الذي عرَّفهم بنفسِهِ، وكشفَ لقلوبِهم منْ معرفتِهِ ما أخفاهُ عنْ سِوَاهُم، وكلٌّ أشارَ إلى هذهِ المعرفةِ بحسَبِ مَقَامِهِ وما كُشِفَ لهُ منها، وقدْ قالَ أعرفُ الخلقِ بهِ: ((لا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ))، وأخبرَ أنَّهُ سُبحانَهُ يفتحُ عليهِ يومَ القيامةِ منْ محَامِدِهِ بما لا يُحْسِنُهُ الآنَ.
ولهذهِ المعرفةِ بابانِ واسعانِ:
- البابُ الأوَّلُ: التفَكُّرُ والتأمُّلُ في آياتِ القرآنِ كلِّها، والفهمُ الخاصُّ عن اللهِ ورسولِهِ.
- والبابُ الثاني: التفكُّرُ في آياتِهِ المشهودةِ، وتأمُّلُ حكمتِهِ فيها وقُدْرَتِهِ ولُطفِهِ وإحسانِهِ وعَدْلِهِ وقيامِهِ بالقسطِ على خلقِهِ.
وجماعُ ذلكَ: الفقهُ في معاني أسمائِهِ الحسنى وجلالِها وكمالِها وتفرُّدِهِ بذلكَ وتَعَلُّقِها بالخلقِ والأمرِ؛ فيكونُ فقيهاً في أوامرِهِ ونواهِيهِ، فقيهاً في قضائِهِ وقدَرِهِ، فقيهاً في أسمائِهِ وصفاتِهِ، فقيهاً في الحكمِ الدينيِّ الشرعيِّ والحكمِ الكونيِّ القدريِّ، {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21)} [الحديد: 21]) ([11])
).[المرتبع الأسنى: ؟؟]


([1]) الفوائِدُ (40-41).
وقالَ -رَحِمَهُ اللهُ- في مَدارِجِ السَّالِكينَ (3/331): (هذا هو الطريقُ الثانِي مِن طُرُقِ إثباتِ الصفاتِ، وهو دَلالَةُ الصَّنْعَةِ عَلَيْهَا، فإنَّ المَخْلُوقَ يَدُلُّ على وُجودِ خَالِقِهِ، وعلى حَيَاتِهِ وعلى قُدْرَتِهِ، وعلَى عِلْمِهِ ومَشِيئَتِهِ، فَإِنَّ الفِعْلَ الاختيارِيَّ يَسْتَلْزِمُ ذلك استلزامًا ضروريًّا، وما فيهِ مِنَ الإتقانِ والإحكامِ ووُقُوعُهُ على أَكْمَلِ الوُجوهِ: يَدُلُّ على حِكمَةِ فَاعلِهِ وعِنايَتِهِ، وما فيه من الإحسانِ والنَّفْعِ، ووُصُولُ المَنافِعِ العَظيمَةِ إلى المخلوقِ: يَدُلُّ على رَحْمَةِ خَالقِهِ، وإحسانِهِ وجُودِهِ، وما فيه مِن آثارِ الكَمالِ: يَدُلُّ على أنَّ خَالِقَهُ أَكْمَلُ مِنْهُ، فمُعْطِي الكَمَالِ أَحَقُّ بالكَمالِ، وخَالِقُ الأسماعِ والأَبْصَارِ والنُّطْقِ: أَحَقُّ بأَنْ يَكُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا مُتكلِّمًا، وخالقُ الحياةِ والعلومِ، والقَدَرِ والإراداتِ: أَحَقُّ بِأَنْ يَكُونَ هو كذلك في نَفْسِهِ، فما في المخلوقاتِ مِن أنواعِ التخصيصاتِ: هو مِن أَدَلِّ شَيْءٍ على إرادةِ الربِّ سُبْحَانَهُ، وَمَشِيئَتِهِ وحِكْمَتِهِ، التي اقْتَضَتِ التخصيصَ.
وحصولُ الإجابةِ عَقِيبَ سُؤالِ الطالبِ، على الوجه المطلوب، دليلٌ على عِلمِ الربِّ تَعالَى بالجُزئياتِ، وعلى سَمْعِه لسؤالِ عَبيدِهِ، وعلى قُدرَتِهِ على قَضاءِ حَوائِجِهِمْ، وعلَى رَأْفَتِهِ ورَحْمَتِهِ بِهِمْ.
والإحسانُ إلى المُطِيعينَ، والتقرُّبُ إِلَيْهِمْ والإكرامُ، وإعلاءُ دَرَجاتِهِمْ: يَدُلُّ علَى مَحَبَّتِهِ ورِضاهُ. وعُقوبَتُهُ للعُصاةِ والظَّلَمَةِ، وأعداءِ رُسُلِهِ بأَنواعِ العُقوباتِ المَشْهُودَةِ: تَدُلُّ علَى صِفَةِ (الغَضَبِ والسُّخْطِ) . والإبعادُ والطَّردُ والإقصاءُ: يَدُلُّ علَى المَقْتِ والبُغْضِ.
فهذه الدَّلالاتُ مِن جِنسٍ وَاحِدٍ عندَ التأمُّلِ: ولهذا دَعا سُبحانَهُ في كِتابِهِ عِبادَهُ إلى الاستدلالِ بذلكَ على صِفاتِهِ. فهو يُثْبِتُ العِلْمَ برُبُوبِيَّتِهِ ووَحدانِيَّتِهِ، وصِفاتِ كَمالِهِ بآثَارِ صِفَتِهِ المَشْهودَةِ، والقُرآنُ مَمْلُوءٌ بذلكَ).
وقالَ بَعْدَ ذَلِكَ: (يَعْبُرُ نَظَرُهُ مِنَ الأَثَرِ إلَى المُؤَثِّرِ، ومِنَ الصَّنْعَةِ إلى الصَّانِعِ، ومِنَ الدَّلِيلِ إلى المدلولِ. فيَنْتَقِلُ إليه بسُرْعَةِ لُطْفِ إِدْراكٍ، فيَنْتَقِلُ ذِهْنُهُ مِنَ المَلْزُومِ إلى لازِمِهِ. قالَ اللهُ تَعالَى: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ} و(الاعتبارُ) افتعالٌ مِنَ العُبورِ. وهو عُبورُ القَلْبِ مِنَ المَلْزُومِ إلى لازِمِهِ، ومِنَ النَّظِيرِ إلى نَظِيرِهِ) مَدَارِجُ السَّالِكِينَ (3/333).
([2]) بدائِعُ الفَوَائِدِ (4/162-163).
([3]) مدارجُ السَّالِكِينَ (3/331-332).
(4) يُشِيرُ إلَى قَوْلِ اللهِ تَعالَى فِي تَتِمَّةِ الآيةِ السَّابِقَةِ {أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} .
(5) الفوائدُ (42)
(6) مَدارِجُ السالكينَ (124-125).
(7) وقالَ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- في الفوائدِ (257): (مِنَ الناسِ مَنْ يَعْرِفُ اللهَ بِالجُودِ والإفضالِ والإِحسانِ، ومِنْهُمْ مَنْ يَعْرِفُهُ بالعَفْوِ والحِلْمِ والتَّجَاوُزِ. ومِنهُم مَنْ يَعْرِفُه بالبَطْشِ والانتقامِ، ومِنهُم مَن يَعْرِفُه بالعِلْمِ والحِكْمَةِ، ومِنهُم مَن يَعْرِفُهُ بالعِزَّةِ والكِبْرِيَاءِ، ومِنهُم مَن يَعْرِفُه بالرَّحْمَةِ والبِرِّ واللُّطْفِ، ومِنهُم مَن يَعْرِفُه بالقَهْرِ والمُلْكِ، ومِنهُم مَن يَعْرِفُه بإِجابَةِ دَعْوَتِهِ وإِغَاثَةِ لَهْفَتِهِ وقَضاءِ حَاجَتِهِ.
وأَعَمُّ هَؤلاءِ مَعرِفَةً: مَنْ عَرَفَهُ مِن كَلامِهِ، فإِنَّهُ يَعْرِفُ رَبًّا قَدِ اجتمَعَتْ له صِفاتُ الكَمالِ، ونُعوتُ الجَلالِ، مُنَزَّهٌ عنِ المِثالِ، بَرِيءٌ مِنَ النَّقَائِصِ والعُيوبِ، لهُ كُلُّ اسمٍ حَسَنٍ وكُلُّ وَصْفِ كَمالٍ، فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ، فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ، ومعَ كُلِّ شَيءٍ، وقادرٌ علَى كُلِّ شيءٍ ومُقيمٌ لكُلِّ شيءٍ، آمِرٌ نَاهٍ، مُتكلِّمٌ بكَلِمَاتِهِ الدِّينِيَّةِ والكَوْنِيَّةِ، أَكْبَرُ مِن كُلِّ شيءٍ، وأَجْمَلُ مِن كُلِّ شيءٍ، أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، وأَقْدَرُ القَادِرِينَ، وأَحْكَمُ الحَاكِمِينَ، فالقُرآنُ أُنْزِلَ لِتَعْرِيفِ عِبَادِهِ بهِ وبِصِرَاطِهِ المُوصِلِ إِلَيْهِ، وبحَالِ السَّالِكِينَ بعدَ الوُصولِ إِلَيْهِ).
(8) لابنِ القيِّمِ -رَحِمَهُ اللهُ تعَالَى- كلامٌ نَفِيسٌ جدًّا مُتَفَرِّقٌ فِي كُتُبِهِ في تَدَبُّرِ القرآنِ العَظِيمِ وثَمراتِهِ ومُعَوِّقَاتِهِ وكَيْفِيَّةِ التَّدَبُّرِ الصحيحِ، يُعْطِي طالِبَ العِلْمِ دُرْبَةً عَمَلِيَّةً وطَرِيقَةً حسَنةً في التدبُّرِ تَفْتَحُ له آفاقُا مِن العِلمِ رَحْبَةً لم يَكُنْ يَعْهَدُها مِن قَبْلُ. وإذا أَرَدْتَ نَمُوذجًا لذلك فراجِعْ كَلامَهُ في الرسالةِ التَّبُوكِيَّةِ (74-83) فإنه مُهِمٌّ -ولَوْلا خَشْيَةُ الإطالةِ لَسُقْتُهُ هنا من بابِ الاستطرادِ، فإنَّهُ استطرادٌ نافِعٌ جدًّا، واللهُ الموفِّقُ والمعينُ.
(9) الفوائدُ (105-108).
([10]) مدارجُ السالِكينَ (1/146).
([11]) الفوائدُ (244-245).


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:43 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة