العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الزمر

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12 جمادى الأولى 1434هـ/23-03-2013م, 10:32 PM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي تفسير سورة الزمر الآيات من [17-20]

ســورة الزمــر

وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ (17) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ (18) أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (19) لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ (20)



  #2  
قديم 16 جمادى الأولى 1434هـ/27-03-2013م, 09:47 AM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ (17) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {والّذين اجتنبوا الطّاغوت} أي: اجتنبوا عبادة كلّ ما عبد من دون اللّه من شيءٍ وقد بيّنّا معنى الطّاغوت فيما مضى قبل بشواهد ذلك، وذكرنا اختلاف أهل التّأويل فيه بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع، وذكرنا أنّه في هذا الموضع: الشّيطان، وهو في هذا الموضع وغيره بمعنًى واحدٍ عندنا.
ذكر من قال ما ذكرنا في هذا الموضع:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {والّذين اجتنبوا الطّاغوت} قال: الشّيطان.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ {والّذين اجتنبوا الطّاغوت أن يعبدوها} قال: الشّيطان.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {والّذين اجتنبوا الطّاغوت أن يعبدوها} قال: الشّيطان هو هاهنا واحدٌ وهي جماعةٌ.
والطّاغوت على قول ابن زيدٍ هذا واحدٌ مؤنّثٌ، ولذلك قيل: أن يعبدوها وقيل: إنّما أنّثت لأنّها في معنى جماعةٍ.
وقوله: {وأنابوا إلى اللّه} يقول: وتابوا إلى اللّه ورجعوا إلى الإقرار بتوحيده، والعمل بطاعته، والبراءة ممّا سواه من الآلهة والأنداد.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وأنابوا إلى اللّه}: وأقبلوا إلى اللّه.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قوله: {وأنابوا إلى اللّه} قال: أجابوا إليه.
وقوله: {لهم البشرى} يقول: لهم البشرى في الدّنيا بالجنّة في الآخرة {فبشّر عباد (17)} ). [جامع البيان: 20/183-184]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها يعني الشيطان). [تفسير مجاهد: 557]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 17 - 18
أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في قوله {والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها} قال: نزلت هاتان الآيتان في ثلاثة نفر كانوا في الجاهلية يقولون: لا إله إلا الله، في زيد بن عمرو بن نفيل وأبي ذر الغفاري وسلمان الفارسي). [الدر المنثور: 12/641-642]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة {وأنابوا إلى الله لهم البشرى} قال: أقبلوا إلى الله {فبشر عباد (17) الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه} قال: أحسنه طاعة الله). [الدر المنثور: 12/642]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج جويبر، عن جابر بن عبد الله قال: لما نزلت (لها سبعة أبواب) (الحجر 44)، أتى رجل من الأنصار إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن لي سبعة مماليك وإني أعتقت لكل باب منها مملوكا، فنزلت هذه الآية {فبشر عباد (17) الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه} ). [الدر المنثور: 12/643]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد قال لما نزلت {فبشر عباد (17) الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه} أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم مناديا فنادى من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة، فاستقبل عمر الرسول فرده فقال: يا رسول الله خشيت أن يتكل الناس فلا يعملون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو يعلم الناس قدر رحمة الله لاتكلوا ولو يعلمون قدر سخط الله وعقابه لاستصغروا أعمالهم). [الدر المنثور: 12/643]

تفسير قوله تعالى: (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ (18) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {الّذين يستمعون القول} يقول جلّ ثناؤه لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: فبشّر يا محمّد عبادي الّذين يستمعون القول من القائلين، فيتّبعون أرشده وأهداه، وأدلّه على توحيد اللّه، والعمل بطاعته، ويتركون ما سوى ذلك من القول الّذي لا يدلّ على رشادٍ، ولا يهدي إلى سدادٍ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {فيتّبعون أحسنه} وأحسنه طاعةً: اللّه.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في قوله: {فيتّبعون أحسنه} قال: أحسن ما يؤمرون به فيعلمون به.
وقوله: {أولئك الّذين هداهم اللّه} يقول تعالى ذكره: الّذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنه، الّذين هداهم اللّه، يقول: وفّقهم اللّه للرّشاد وإصابة الصّواب، لا الّذين يعرضون عن سماع الحقّ، ويعبدون ما لا يضرّ، ولا ينفع.
وقوله: {أولئك هم أولو الألباب} يعني: أولو العقول والحجا.
وذكر أنّ هذه الآية نزلت في رهطٍ معروفين وحّدوا اللّه، وبرئوا من عبادة كلّ ما دون اللّه قبل أن يبعث نبيّ اللّه، فأنزل اللّه هذه الآية على نبيّه يمدحهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {والّذين اجتنبوا الطّاغوت أن يعبدوها} الآيتين، حدّثني أبي أنّ هاتين الآيتين نزلتا في ثلاثة نفرٍ كانوا في الجاهليّة يقولون: لا إله إلاّ اللّه: زيد بن عمرٍو، وأبي ذرٍّ الغفاريّ، وسلمان الفارسيّ، نزل فيهم: {والّذين اجتنبوا الطّاغوت أن يعبدوها} في جاهليّتهم {وأنابوا إلى اللّه لهم البشرى فبشّر عباد الّذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنه} لا إله إلاّ اللّه، أولئك الّذين هداهم اللّه بغير كتابٍ ولا نبيٍّ {وأولئك هم أولو الألباب} ). [جامع البيان: 20/184-185]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان سعيد بن زيد وأبو ذر وسلمان يتبعون في الجاهلية أحسن القول وأحسن القول والكلام لا إله إلا الله، قالوا بها فأنزل الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم {يستمعون القول فيتبعون أحسنه} الآية). [الدر المنثور: 12/642]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن زيد قال {الطاغوت} الشيطان هو ههنا واحد وهي جماعة، مثل قوله (يا أيها الإنسان ما غرك) (الانتصار 6) قال: هي للناس كلهم الذين قال لهم الناس إنما هو واحد، وخ عبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه {والذين اجتنبوا الطاغوت} قال: الشيطان). [الدر المنثور: 12/642]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة {وأنابوا إلى الله لهم البشرى} قال: أقبلوا إلى الله {فبشر عباد (17) الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه} قال: أحسنه طاعة الله). [الدر المنثور: 12/642] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن الضحاك في قوله: {فيتبعون أحسنه} قال: ما أمر الله تعالى النبيين عليهم السلام من الطاعة). [الدر المنثور: 12/642-643]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور عن الكلبي في قوله {الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه} قال: لولا ثلاث يسرني أن أكون قد مت، لولا أن أضع جبيني لله وأجالس قوما يلتقطون طيب الكلام كما يلتقطون طيب الثمر والسير في سبيل الله). [الدر المنثور: 12/643]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة {وأنابوا إلى الله لهم البشرى} قال: أقبلوا إلى الله {فبشر عباد (17) الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه} قال: أحسنه طاعة الله). [الدر المنثور: 12/642] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج جويبر، عن جابر بن عبد الله قال: لما نزلت (لها سبعة أبواب) (الحجر 44)، أتى رجل من الأنصار إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن لي سبعة مماليك وإني أعتقت لكل باب منها مملوكا، فنزلت هذه الآية {فبشر عباد (17) الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه} ). [الدر المنثور: 12/643] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد قال لما نزلت {فبشر عباد (17) الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه} أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم مناديا فنادى من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة، فاستقبل عمر الرسول فرده فقال: يا رسول الله خشيت أن يتكل الناس فلا يعملون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو يعلم الناس قدر رحمة الله لاتكلوا ولو يعلمون قدر سخط الله وعقابه لاستصغروا أعمالهم). [الدر المنثور: 12/643] (م)

تفسير قوله تعالى: (أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (19) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أفمن حقّ عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النّار (19) لكن الّذين اتّقوا ربّهم لهم غرفٌ من فوقها غرفٌ مبنيّةٌ تجري من تحتها الأنهار وعد اللّه لا يخلف اللّه الميعاد}.
يعني تعالى ذكره بقوله: {أفمن حقّ عليه كلمة العذاب}: أفمن وجبت عليه كلمة العذاب في سابق علم ربّك يا محمّد بكفره به.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {أفمن حقّ عليه كلمة العذاب} بكفره.
وقوله: {أفأنت تنقذ من في النّار} يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: أفأنت تنقذ يا محمّد من هو في النّار من حقّ عليه كلمة العذاب، فأنت تنقذه؛ فاستغنى بقوله: {تنقذ من في النّار} عن هذا.
وكان بعض نحويّي الكوفة يقول: هذا ممّا يراد به استفهامٌ واحدٌ، فيسبق الاستفهام إلى غير موضعه، فيردّ الاستفهام إلى موضعه الّذي هو له وإنّما المعنى واللّه أعلم: أفأنت تنقذ من في النّار من حقّت عليه كلمة العذاب، قال: ومثله من غير الاستفهام: {أيعدكم أنّكم إذا متّم وكنتم ترابًا وعظامًا أنّكم مخرجون} فردّد أنّكم مرّتين والمعنى واللّه أعلم: أيعدكم أنّكم مخرجون إذا متّم؛ ومثله قوله: {لا تحسبنّ الّذين يفرحون بما أتوا ويحبّون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنّهم بمفازةٍ من العذاب}.
وكان بعضهم يستخطئ القول الّذي حكيناه عن البصريّين، ويقول: لا تكون في قوله: {أفأنت تنقذ من في النّار} كنايةً عمّن تقدّم، لا يقال: القوم ضربت من قام، يقول: المعنى: ألتجرئةٍ أفأنت تنقذ من في النّار منهم وإنّما معنى الكلمة: أفأنت تهدي يا محمّد من قد سبق له في علم اللّه أنّه من أهل النّار إلى الإيمان، فتنقذه من النّار بالإيمان؟ لست على ذلك بقادرٍ). [جامع البيان: 20/186]

تفسير قوله تعالى: (لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ (20) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {لكن الّذين اتّقوا ربّهم لهم غرفٌ من فوقها غرفٌ مبنيّةٌ} يقول تعالى ذكره: لكن الّذين اتّقوا ربّهم بأداء فرائضه واجتناب محارمه، لهم في الجنّة غرفٌ من فوقها غرفٌ مبنيّةٌ علاليّ بعضها فوق بعضٍ {تجري من تحتها الأنهار} يقول تعالى ذكره: تجري من تحت أشجارهًا؛ جنّاتها الأنهار.
وقوله: {وعد اللّه} يقول جلّ ثناؤه: وعدنا هذه الغرف الّتي من فوقها غرفٌ مبنيّةٌ في الجنّة، هؤلاء المتّقين {لا يخلف اللّه الميعاد} يقول جلّ ثناؤه: واللّه لا يخلفهم وعده، ولكنّه يوفي بوعده). [جامع البيان: 20/187]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 19 - 20.
أخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد في قوله {لهم غرف من فوقها غرف} قال: علالي). [الدر المنثور: 12/644]


  #3  
قديم 16 جمادى الأولى 1434هـ/27-03-2013م, 09:49 AM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي

التفسير اللغوي


تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ (17)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({والّذين اجتنبوا الطّاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى اللّه لهم البشرى فبشّر عباد}
وقال:
{والّذين اجتنبوا الطّاغوت أن يعبدوها} ؛ لأنّ: {الطاغوت} : في معنى جماعة, وقال: {أولياؤهم الطّاغوت} : وإن شئت جعلته واحداً مؤنّثاً). [معاني القرآن: 3/40]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {والّذين اجتنبوا الطّاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى اللّه لهم البشرى فبشّر عباد (17)} :أي: الذين اجتنبوا الشياطين أن يتبعوهم.). [معاني القرآن: 4/349] (م)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها}
روى ابن أبي نجيح , عن مجاهد قال:
{الطاغوت}: الشياطين
قال أبو جعفر: وقد بينا هذا في سورة البقرة.).
[معاني القرآن: 6/161-162]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ (18)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {والّذين اجتنبوا الطّاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى اللّه لهم البشرى فبشّر عباد (17)}: أي: الذين اجتنبوا الشياطين أن يتبعوهم.
{وأنابوا إلى اللّه لهم البشرى فبشّر عباد (17) الّذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنه أولئك الّذين هداهم اللّه وأولئك هم أولو الألباب (18)}
وهذا فيه - واللّه أعلم - وجهان:
أحدهما: أن يكون يستمعون القرآن.
وغيره , فيتبعون القرآن.
وجائز أن يكونوا يستمعون جميع ما أمر الله به, فيتبعون أحسن ذلك نحو القصاص , والعفو، فإن من عفا , وترك ما يجب له أعظم ثوابا ممن اقتص، ومثله:
{ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور}.
{ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل (41)}.). [معاني القرآن: 4/349]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فبشر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه}
في معنى هذا قولان:
- القول الأول : قال الضحاك: (يستمعون القول : القرآن , وأحسنه ما أمر الله جل وعز به الأنبياء من طاعته , فيتبعونه)
- والقول الآخر: أنهم يستمعون القرآن , وغيره , فيتبعون القرآن .
قال أبو جعفر : القول الأول حسن , والمعنى أنهم إذا سمعوا بالعقوبة , والعفو عفوا , ورأوا أن العفو أفضل , وإن كانت العقوبة لهم.).
[معاني القرآن: 6/162-163]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} :-
قال ثعلب: كله حسن، ولكن فيه القصاص، وفيه العفو عن القصاص، والعفو أحسن من القصاص.).
[ياقوتة الصراط: 445-446]

تفسير قوله تعالى: {َفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (19)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أفمن حقّ عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النّار}.
يقال: كيف اجتمع استفهامان في معنىً واحدٍ؟
يقال: هذا ممّا يراد به استفهامٌ واحدٌ؛ فيسبق الاستفهام إلى غير موضعه , يردّ الاستفهام إلى موضعه الذي هو له, وإنّما المعنى - والله أعلم -: أفأنت تنقذ من حقّت عليه كلمة العذاب؟!, ومثله من غير الاستفهام قوله:
{أيعدكم أنّكم إذا متّم وكنتم تراباً وعظاماً أنّكم مخرجون} , فردّ {أنكم} مرّتين.
والمعنى - والله أعلم -: أيعدكم أنّكم مخرجون إذا متّم وكنتم تراباً, ومثله قوله:
{لا تحسبنّ الذين يفرحون بما أتوا ويحبّون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنّهم} : فردّ (تحسبنّ) مرّتين؛ ومعناهما - والله أعلم - لا تحسبنّ الذين يفرحون بما أتوا بمفازة من العذاب, ومثله كثير في التنزيل , وغيره من كلام العرب.). [معاني القرآن: 2/418]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({أفمن حقّ عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النّار}
وقال:
{أفأنت تنقذ من} : أي: أفأنت تنقذه , واستغنى بقوله: {تنقذ من في النّار} عن هذا.
{أفمن شرح اللّه صدره للإسلام فهو على نورٍ مّن رّبّه فويلٌ لّلقاسية قلوبهم مّن ذكر اللّه أولئك في ضلالٍ مّبينٍ}
وقال:
{أفمن شرح اللّه صدره للإسلام فهو على نورٍ مّن رّبّه} , فجعل قوله: {فويلٌ لّلقاسية قلوبهم} مكان الخبر). [معاني القرآن: 3/40]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {أفمن حقّ عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النّار (19)}
هذا من لطيف العربية، ومعناه : معنى الشرط والجزاء, وألف الاستفهام ههنا معناها : معنى التوقيف، والألف الثانية في
{أفأنت تنقذ من في النّار} جاءت مؤكّدة , معادة لمّا طال الكلام؛ لأنه لا يصلح في العربية أن تأتي بألف الاستفهام في الاسم , وألف أخرى في الخبر.
والمعنى : أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذه؟!.
ومثله :
{ أيعدكم أنّكم إذا متّم وكنتم ترابا وعظاما أنّكم مخرجون (35)}
أعاد " أنكم " - ثانية، والمعنى : أيعدكم أنّكم إذا متّم , وكنتم ترابا وعظاما مخرجون، ويكون - واللّه أعلم - على وجه آخر، على أنه حذف , وفي الكلام دليل على المحذوف، على معنى : أفمن حق عليه كلمة العذاب يتخلّص منه؟!, أو ينجو منه؟!, أفأنت تنقذه؟!, أي: لا يقدر أحد أن ينقذ من أضلّه اللّه، وسبق في علمه أنه من أهل النار.).
[معاني القرآن: 4/349-350]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار}
يقال : كيف جيء باستفهامين, وقد أجمع أهل العربية انه لا يجوز استفهامان في اسم وخبره ؟.
ففي هذا جوابان :-
أحدهما : أن العرب إذا طال الكلام كررت توكيدا, وكذلك قال سيبويه في قول الله جل وعز:
{أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون}
المعنى على هذا : أفمن حق عليه كلمة العذاب , أفأنت تنقذه ؟!.
والكلام شرط , وجوابه , وجيء بالاستفهام ؛ ليدل على التوقيف والتقرير.
قال الفراء : المعنى : أفأنت تنقذ من حقت عليه كلمة العذاب ؟!.
قال أبو جعفر : وهذا , والأول واحد.
والجواب الآخر : أن في الكلام حذفا , والمعنى: أفمن حق عليه كلمة العذاب يتخلص , أو ينجو؟!
ثم حذف الجواب , وكان ما بعده مستأنفا .

والمعنى: أفمن سبق في علم الله جل وعز أنه يدخل النار ينجو , أو يتخلص؟!.).
[معاني القرآن: 6/163-164]

تفسير قوله تعالى: {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ (20)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ وعد اللّه لا يخلف اللّه الميعاد }: نصبٌ مجازه , مجاز المصدر الذي ينصبه فعلٌ من غير لفظه , والوعد , والميعاد , والوعيد واحد.
قال ابو عبيدة إذا قلت: وعدت الرجل، فالوجه الخير , ويكون الشر .
قال الله:
{النّار وعدها الله الذين كفروا} : وإذا قلت: أوعدت فالوجه الشر ولا يكون الخير). [مجاز القرآن: 2/189]

  #4  
قديم 16 جمادى الأولى 1434هـ/27-03-2013م, 09:50 AM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي


التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]


تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ (17) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (فأما الطاغوت فهو اسمٌ واحدٌ مؤنث يقع على الجميع كهيئة للواحد وقال عز وجل: {والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها} ). [الكتاب: 3/240]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ (18) }

تفسير قوله تعالى: {أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (19) }

تفسير قوله تعالى: {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ (20) }

  #5  
قديم 11 صفر 1440هـ/21-10-2018م, 05:20 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

  #6  
قديم 11 صفر 1440هـ/21-10-2018م, 05:20 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

  #7  
قديم 11 صفر 1440هـ/21-10-2018م, 05:25 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ (17) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {والذين اجتنبوا الطاغوت} الآية. قال ابن زيد: إن سبب نزولها زيد بن عمرو بن نفيل، وسلمان الفارسي، وأبو ذر الغفاري، والإشارة إليهم. وقال ابن إسحق: الإشارة بها إلى عبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، والزبير رضي الله تعالى عنهم، وذلك أنه لما أسلم أبو بكر رضي الله عنه سمعوا ذلك فجاؤوه فقالوا: أسلمت؟ قال: نعم، وذكرهم بالله فآمنوا بأجمعهم، فنزلت فيهم هذه الآية، وهي على كل حال عامة في الناس إلى يوم القيامة، يتناولهم حكمها. و"الطاغوت" كل ما يعبد من دون الله تعالى، و"الطاغوت" أيضا الشيطان، وبه فسر هنا مجاهد، والسدي، وابن زيد. وأوقعه هنا على جماعة الشياطين، ولذلك أنث الضمير في "يعبدوها").[المحرر الوجيز: 7/ 383]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ (18) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه} كلام عام في جميع الأقوال، وإنما القصد الثناء على هؤلاء ببصائر هي لهم وقوام في نظرهم، حتى أنهم إذا سمعوا قولا ميزوه واتبعوا أحسنه، واختلف المفسرون في العبارة عن هذا، فقالت فرقة: أحسن القول كتاب الله تعالى، أي إذا سمعوا الأقاويل وسمعوا القرآن اتبعوا القرآن، وقالت فرقة: "القول" هو القرآن، وأحسنه ما فيه من عفو وصفح واحتمال على صبر ونحو ذلك، وقال قتادة: أحسن القول طاعة الله تعالى، وهذه أمثلة وما قلناه أولا يعمها).[المحرر الوجيز: 7/ 383-384]

تفسير قوله تعالى: {أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (19) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار * لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية تجري من تحتها الأنهار وعد الله لا يخلف الله الميعاد * ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يجعله حطاما إن في ذلك لذكرى لأولي الألباب}
أسقط العلامة التي في الفعل المسند إلى الكلمة لوجهين: أحدهما الحائل الذي بين الفعل والفاعل، ولو كان متصلا به لم يحسن ذلك، والثاني أن "الكلمة" غير مؤنث حقيقي، وهذا أخف وأجود من قولهم: "حضر القاضي اليوم امرأة"; لأن التأنيث هنا حقيقي، وقالت فرقة: في هذا الكلام محذوف اختصره لدلالة الظاهر عليه، تقديره: أفمن حق عليه كلمة العذاب تتأسف أنت عليه؟ أو نحو هذا من التقدير، ثم استأنف قوله للنبي صلى الله عليه وسلم على أنه يريد أن ينقذ من في النار، أي: ليس هذا إليك. وقالت فرقة: الألف في قوله: "أفأنت" إنما هي مؤكدة زادها لطول الكلام، وإنما معنى الآية: أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذه؟ لكنه زاد الألف الثانية توكيدا للأمر، وأظهر الضمير العائد تشهيرا لهؤلاء القوم، وإظهارا لخسة منازلهم كقول الشاعر:
لا أرى الموت يسبق الموت شيء
وإنما أظهر الضمير تنبيها على عظم الموت، وهذا كثير). [المحرر الوجيز: 7/ 384-385]

تفسير قوله تعالى: {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ (20) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم استفتح إخبارا آخر بـ"لكن"، وهذه معادلة وتحضيض على التقوى لمن فكر وازدجر. وقوله تعالى: {من تحتها} أي: من تحت الغرف، وعادلت: غرف من فوقها غرف ما تقدم من قوله سبحانه: {لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل}، و"الغرف": ما كان من المساكن مرتفعا عن الأرض، في الحديث: "إن أهل الجنة ليتراءون الغرف من فوقهم كما تراءون الكوكب الذي في الأفق"، وقوله تعالى: {وعد الله} نصب على المصدر، ونصبه إما بفعل مضمر من لفظه، وإما بما تضمن الكلام قبل من معنى الوعد على الاختلاف الذي للنحاة في ذلك). [المحرر الوجيز: 7/ 385]

  #8  
قديم 12 صفر 1440هـ/22-10-2018م, 01:15 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

  #9  
قديم 12 صفر 1440هـ/22-10-2018م, 01:17 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ (17) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ (18) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({والّذين اجتنبوا الطّاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى اللّه لهم البشرى فبشّر عباد (17) الّذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنه أولئك الّذين هداهم اللّه وأولئك هم أولو الألباب (18) }
قال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه: {والّذين اجتنبوا الطّاغوت أن يعبدوها} نزلت في زيد بن عمرو بن نفيل، وأبي ذرٍّ، وسلمان الفارسيّ.
والصّحيح أنّها شاملةٌ لهم ولغيرهم، ممّن اجتنب عبادة الأوثان، وأناب إلى عبادة الرّحمن. فهؤلاء هم الّذين لهم البشرى في الحياة الدّنيا وفي الآخرة.
ثمّ قال: {فبشّر عباد الّذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنه} أي: يفهمونه ويعملون بما فيه، كقوله تعالى لموسى حين آتاه التّوراة: {فخذها بقوّةٍ وأمر قومك يأخذوا بأحسنها} [الأعراف:145].
{أولئك الّذين هداهم اللّه} أي: المتّصفون بهذه الصّفة هم الّذين هداهم اللّه في الدّنيا والآخرة، أي: ذوو العقول الصحيحة، والفطر المستقيمة). [تفسير ابن كثير: 7/ 90]

تفسير قوله تعالى: {أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (19) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({أفمن حقّ عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النّار (19) لكن الّذين اتّقوا ربّهم لهم غرفٌ من فوقها غرفٌ مبنيّةٌ تجري من تحتها الأنهار وعد اللّه لا يخلف اللّه الميعاد (20) }
يقول تعالى: أفمن كتب اللّه أنّه شقي تقدر تنقذه ممّا هو فيه من الضّلال والهلاك؟ أي: لا يهديه أحدٌ من بعد اللّه؛ لأنّه من يضلل اللّه فلا هادي له، ومن يهده فلا مضلّ له). [تفسير ابن كثير: 7/ 91]

تفسير قوله تعالى: {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ (20) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ أخبر عن عباده السّعداء أنّهم لهم غرفٌ في الجنّة، وهي القصور الشّاهقة {من فوقها غرفٌ مبنيّةٌ}، أي: طباقٌ فوق طباقٍ، مبنيات محكماتٌ مزخرفاتٌ عالياتٌ.
قال عبد اللّه بن الإمام أحمد: حدّثنا عبّاد بن يعقوب الأسديّ، حدّثنا محمّد بن فضيلٍ، عن عبد الرّحمن بن إسحاق، عن النّعمان بن سعدٍ، عن عليٍّ، رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّ في الجنّة لغرفًا يرى بطونها من ظهورها، وظهورها من بطونها" فقال أعرابيٌّ: لمن هي يا رسول اللّه؟ قال: "لمن أطاب الكلام، وأطعم الطّعام، وصلّى للّه باللّيل والنّاس نيامٌ".
ورواه التّرمذيّ من حديث عبد الرّحمن بن إسحاق، وقال: "حسنٌ غريبٌ، وقد تكلّم بعض أهل العلم فيه من قبل حفظه".
وقال الإمام أحمد: حدّثنا عبد الرّزّاق، حدّثنا معمر، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، عن ابن معانق -أو: أبي معانق -عن أبي مالكٍ الأشعريّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّ في الجنّة لغرفةً يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، أعدّها اللّه لمن أطعم الطّعام، وألان الكلام، وتابع الصّيام، وصلّى والنّاس نيامٌ".
تفرّد به أحمد من حديث عبد اللّه بن معانق الأشعريّ، عن أبي مالكٍ، به.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا قتيبة بن سعيدٍ، حدّثنا يعقوب بن عبد الرّحمن، عن أبي حازمٍ، عن سهل بن سعدٍ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: " إنّ أهل الجنّة ليتراءون الغرفة في الجنّة كما تراءون الكوكب في السّماء". قال: فحدثت بذلك النّعمان بن أبي عيّاشٍ، فقال: سمعت أبا سعيدٍ الخدريّ يقول: "كما تراءون الكوكب الدّرّيّ في الأفق الشّرقيّ أو الغربيّ".
أخرجاه في الصّحيحين، من حديث أبي حازمٍ، وأخرجاه أيضًا في الصّحيحين من حديث مالكٍ، عن صفوان بن سليمٍ، عن عطاء بن يسارٍ، عن أبي سعيدٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا فزارة، أخبرني فليح، عن هلال بن عليٍّ، عن عطاء بن يسارٍ، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "إنّ أهل الجنّة ليتراءون في الجنّة أهل الغرف، كما تراءون الكوكب الدّرّيّ الغارب في الأفق الطّالع، في تفاضل أهل الدّرجات". فقالوا: يا رسول اللّه، أولئك النّبيّون؟ فقال: "بلى، والّذي نفسي بيده، وأقوامٌ آمنوا باللّه وصدّقوا الرسل".
ورواه التّرمذيّ عن سويد، عن ابن المبارك عن فليح به وقال: حسنٌ صحيحٌ.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا أبو النّضر وأبو كاملٍ قالا حدّثنا زهيرٌ، حدّثنا سعدٌ الطّائيّ، حدّثنا أبو المدلّة -مولى أمّ المؤمنين-أنّه سمع أبا هريرة يقول: قلنا: يا رسول اللّه، إنّا إذا رأيناك رقّت قلوبنا، وكنّا من أهل الآخرة، فإذا فارقناك أعجبتنا الدّنيا وشممنا النّساء والأولاد. قال: "لو أنّكم تكونون على كلّ حالٍ على الحال الّتي أنتم عليها عندي، لصافحتكم الملائكة بأكفّهم، ولزارتكم في بيوتكم. ولو لم تذنبوا لجاء اللّه بقومٍ يذنبون كي يغفر لهم" قلنا: يا رسول اللّه، حدّثنا عن الجنّة، ما بناؤها؟ قال: "لبنة ذهبٍ ولبنة فضّةٍ، وملاطها المسك الأذفر، وحصباؤها اللّؤلؤ والياقوت، وترابها الزّعفران، من يدخلها ينعم ولا يبأس، ويخلد ولا يموت، لا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه. ثلاثةٌ لا تردّ دعوتهم: الإمام العادل، والصّائم حتّى يفطر، ودعوة المظلوم تحمل على الغمام، وتفتح لها أبواب السموات، ويقول الرّبّ: وعزّتي لأنصرنّك ولو بعد حينٍ".
وروى التّرمذيّ، وابن ماجه بعضه، من حديث سعدٍ أبي مجاهدٍ الطّائيّ -وكان ثقةً-عن أبي المدلّه -وكان ثقةً-به.
وقوله: {تجري من تحتها الأنهار} أي: تسلك الأنهار بين خلال ذلك، كما يشاءوا وأين أرادوا، {وعد اللّه} أي: هذا الّذي ذكرناه وعدٌ وعده اللّه عباده المؤمنين {إنّ اللّه لا يخلف الميعاد}).[تفسير ابن كثير: 7/ 91-92]

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:25 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة