التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (60)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقولوا: {وكأيّن مّن دابّةٍ...}نزلت في مؤمني أهل مكّة، لمّا أمروا بالتحوّل عنها , والخروج إلى المدينة قالوا: يا رسول الله , ليس لنا بالمدينة منازل , ولا أموال, فمن أين المعاش؟ , فأنزل الله : {وكأيّن مّن دابّةٍ لاّ تحمل رزقها} لا تدّخر رزقها , ولا تجمعه، أي: كذلك جميع هوامّ الأرض كلّها إلاّ النملة , فإنها تدّخر رزقها لسنتها.). [معاني القرآن: 2/318]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وكأين من دابّةٍ لا تحمل رزقها} مجازه: وكم من دابة، ومجاز : الدابة: أن كل شيء يحتاج إلى الأكل والشرب , فهو دابة من إنس , أو غيرهم.). [مجاز القرآن: 2/117]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وكأيّن من دابّةٍ}: أي كم من دابة , {لا تحمل رزقها}: لا ترفع شيئا لغد، {اللّه يرزقها}. قال ابن عيينة: (ليس شيء يخبأ، إلا الإنسان , والنملة , والفأرة)). [تفسير غريب القرآن: 339]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وكأيّن من دابّة لا تحمل رزقها اللّه يرزقها وإيّاكم وهو السّميع العليم (60)}كل حيوان على الأرض مما يعقل، وما لا يعقل فهو دابة، وإنما هو من دبّت على الأرض , فهي دابّة، والمعنى : نفس دابّة.
ومعنى {وكأيّن}:وكم من دابّة.
وقوله: {لا تحمل رزقها}: أي: لا تدّخر رزقها، إنما تصبح , فيرزقها اللّه.
وعلى هذا أكثر الحيوان , والدّبيب , وليس في الحيوان الذي هو دبيب ما يدخر فيما تبيّن غير النّمل، فإن ادّخاره بيّن.). [معاني القرآن: 4/173]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وكأين من دابة لا تحمل رزقها}
قال مجاهد : (الطير , والبهائم لا تحمل رزقها) .
وروى الحميدي , عن سفيان : (لا تحمل) : لا تخبئ , قال: (وليس شيء يدخر إلا الإنسان, والنملة , والفأرة) .
قال أبو جعفر : دابة : تقع لكل الحيوان مما يعقل , ولا يعقل إلا أن معناه ههنا الخصوص , أي : وكم من دابة عاجزة الله يرزقها , وإياكم.). [معاني القرآن: 5/235]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا}: أي : لا تدخر وتخببيء, وليس شيء يدخر سوى الإنسان , والنملة , والفأرة.ومعنى {كأين} حيث وقعت، على وجه الخبر بالكثرة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 186]
تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (61)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولئن سألتهم} [العنكبوت: 61]، يعني: المشركين.
{من خلق السّموات والأرض وسخّر الشّمس والقمر} [العنكبوت: 61] تجريان.
{ليقولنّ اللّه فأنّى يؤفكون} [العنكبوت: 61] فكيف يصرفون بعد إقرارهم بأنّ اللّه خلق هذه الأشياء). [تفسير القرآن العظيم: 2/639]
تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (62)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {اللّه يبسط الرّزق لمن يشاء من عباده} [العنكبوت: 62] يوسّع الرّزق على من يشاء من عباده.
{ويقدر له} [العنكبوت: 62]، أي: ويقتّر عليه نظرًا له، يعني بذلك المؤمن.
{إنّ اللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ} [العنكبوت: 62] كقوله: {ولولا أن يكون النّاس أمّةً واحدةً لجعلنا لمن يكفر بالرّحمن لبيوتهم سقفًا من فضّةٍ} [الزخرف: 33] إلى آخر الآية.
- يحيى، عن بعض أصحابه، عن الحسن، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «لو كانت الدّنيا تعدل عند اللّه جناح ذبابٍ ما أعطى منها كافرًا شيئًا».
- الحسن بن دينارٍ، والمبارك بن فضالة، عن الحسن، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «ألا إنّ الدّنيا، في حديث المبارك، سجن المؤمن وجنّة الكافر»). [تفسير القرآن العظيم: 2/639]
تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (63)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولئن سألتهم} [العنكبوت: 63]، يعني: المشركين.
{من نزّل من السّماء ماءً} [العنكبوت: 63]، يعني: المطر.
{فأحيا به الأرض من بعد موتها} [العنكبوت: 63] فأخرج به النّبات من بعد أن كانت تلك الأرض ميّتةً، أي: يابسةً ليس فيها نباتٌ.
قال: {ليقولنّ اللّه قل الحمد للّه بل أكثرهم لا يعقلون} [العنكبوت: 63] فيؤمنون.
أي أنّهم قد أقرّوا بأنّ اللّه خالق هذه الأشياء ثمّ عبدوا الأوثان من دونه). [تفسير القرآن العظيم: 2/640]