التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآَخِرَ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (36)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وإلى مدين} [العنكبوت: 36]، أي: وأرسلنا إلى مدين.
{أخاهم شعيبًا} [العنكبوت: 36] أخوهم في النّسب وليس بأخيهم في الدّين.
{فقال يا قوم اعبدوا اللّه} [العنكبوت: 36] وحّدوا اللّه، تفسير السّدّيّ.
{وارجوا اليوم} [العنكبوت: 36]، أي: صدّقوا باليوم الآخر.
{ولا تعثوا في الأرض مفسدين} [العنكبوت: 36] ولا تسيروا في الأرض مفسدين، في تفسير قتادة.
وتفسير الحسن: ولا تكونوا في الأرض مفسدين). [تفسير القرآن العظيم: 2/629]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ)
: ({وارجوا اليوم الآخر }: مجازه: واخشوا اليوم الآخر، قال أبو ذؤيب:
إذا لسعته الدّبر لم يرج لسعها= وحالفها في بيت نوبٍ عوامل
أي: لم يخف.
{ولا تعثوا في الأرض مفسدين }: مجازه من: عثيت تعثى عثواً , هو أشد مباللغة من عثيت ثعيت). [مجاز القرآن: 2/115-116]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {وإلى مدين أخاهم شعيبا}
قال قتادة : أرسل شعيب صلى الله عليه وسلم مرتين إلى أمتين : إلى أهل مدين, وإلى أصحاب الأيكة). [معاني القرآن: 5/225]
تفسير قوله تعالى: {فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (37)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({فكذّبوه فأخذتهم الرّجفة} [العنكبوت: 37] والرّجفة هاهنا، عند الحسن، مثل الصّيحة وهما عنده العذاب.
وتفسير السّدّيّ: صيحة جبريل.
قال: {فأصبحوا في دارهم جاثمين} [العنكبوت: 37] قال: موتى قد هلكوا). [تفسير القرآن العظيم: 2/629]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ)
: ({جاثمين }: بعضهم على بعض، وجاثمين لركبهم , وعلى ركبهم.).
[مجاز القرآن: 2/116]
تفسير قوله تعالى: {وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمَ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ (38)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وعادًا وثمود} [العنكبوت: 38] قال: وأهلكنا عادًا وثمود.
{وقد تبيّن لكم من مساكنهم} [العنكبوت: 38]، يعني: ما رأوا من آثارهم.
قال: {وزيّن لهم الشّيطان أعمالهم فصدّهم عن السّبيل} [العنكبوت: 38] عن سبيل الهدى.
[تفسير القرآن العظيم: 2/629]
{وكانوا مستبصرين} [العنكبوت: 38] في الضّلالة في تفسير مجاهدٍ). [تفسير القرآن العظيم: 2/630]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وكانوا مستبصرين...}
في دينهم, يقول: ذوو بصائر.). [معاني القرآن: 2/317]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله:{وعادا وثمود وقد تبيّن لكم من مساكنهم وزيّن لهم الشّيطان أعمالهم فصدّهم عن السّبيل وكانوا مستبصرين (38)}
المعنى : وأهلكنا عادا وثمودا، لأن قبل هذا قارون , وأصحابه، فأخذتهم الرجفة.). [معاني القرآن: 4/168]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله عز وجل: {وعادا وثمود وقد تبين لكم من مساكنهم}
أي : أهلكنا عادا وثمود , وقيل التقدير: واذكر عادا , وثمود.
وقوله جل وعز: {وكانوا مستبصرين}
قال مجاهد: (أي : في الضلالة).
وقال قتادة: (أي: معجبين بضلالتهم).
وقيل: وكانوا مستبصرين, أي: قد علموا أنهم معذبون , وقد فعلوا ما فعلوا.). [معاني القرآن: 5/226]
تفسير قوله تعالى:{وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ (39)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وقارون وفرعون وهامان} [العنكبوت: 39]، أي: وأهلكنا قارون وفرعون وهامان.
{ولقد جاءهم موسى بالبيّنات فاستكبروا في الأرض وما كانوا سابقين} [العنكبوت: 39] ما كانوا بالّذين يسبقوننا حتّى لا نقدر عليهم فنعذّبهم.
وقال السّدّيّ: {وما كانوا سابقين} [العنكبوت: 39] ما كانوا سابقي اللّه بأعمالهم الخبيثة فيفوتوه هربًا). [تفسير القرآن العظيم: 2/630]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ)
: ({ وما كانوا سابقين }, مجازه: فائقين معجزين.).
[مجاز القرآن: 2/116]
تفسير قوله تعالى: {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (40)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه تبارك وتعالى: {فكلًّا أخذنا بذنبه} [العنكبوت: 40]، يعني: من أهلك من الأمم الّذين قصّ في هذه السّورة إلى هذا الموضع.
وقال السّدّيّ: {فكلًّا أخذنا بذنبه} [العنكبوت: 40]، يعني: فكلا عذّبناه بذنبه.
قال: {فمنهم من أرسلنا عليه حاصبًا} [العنكبوت: 40]، يعني: قوم لوطٍ، يعني: الحجارة الّتي رمي بها من كان خارجًا من مدينتهم، وأهل السّفر منهم وخسف بمدينتهم.
قال: {ومنهم من أخذته الصّيحة} [العنكبوت: 40]، يعني: ثمود.
{ومنهم من خسفنا به الأرض} [العنكبوت: 40] مدينة قوم لوطٍ وقارون.
{ومنهم من أغرقنا} [العنكبوت: 40] قوم نوحٍ وفرعون وقومه.
قال: {وما كان اللّه ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} [العنكبوت: 40]، أي: يضرّون.
وفي تفسير الحسن ينقضون بشركهم وجحودهم رسلهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/630]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ)
: ({أرسلنا عليه حاصباً }: أي : ريحاً عاصفاً فيها حصىً , ويكون في كلام العرب: الحاصب من الجليد , ونحوه أيضاً، قال الفرزدق:
مستقبلين شمال الشام تضربنا= بحاصب كنديف القطن منثور).[مجاز القرآن: 2/116]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({فمنهم من أرسلنا عليه حاصباً}: يعني: الحجارة, وهي: الحصباء أيضا, يعني: قوم لوط.). [تفسير غريب القرآن: 338]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والأخذ: التعذيب، قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى} أي: تعذيبه. وقال: {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ} أي عذبنا.
وقال: {وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ} أي ليعذبوه أو ليقتلوه). [تأويل مشكل القرآن: 503](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {فكلّا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصّيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان اللّه ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون (40)}
{فمنهم من أرسلنا عليه حاصباً}: وهم قوم لوط.
{ومنهم من أخذته الصّيحة}: وهم قوم ثمود , ومدين.
{ومنهم من خسفنا به الأرض}: وهم قارون , وأصحابه.
{ومنهم من أغرقنا}: وهم قوم نوح, وفرعون.
فأعلم اللّه أن الذي فعل بهم عدل، وأنه لم يظلمهم، وأنهم ظلموا أنفسهم؛ لأنه قد بيّن لهم، وذلك قوله:{وكانوا مستبصرين}: أتوا ما أتوه , وقد بيّن لهم أن عاقبته عذابهم.). [معاني القرآن: 4/168-169]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله عز وجل: {فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا}
أي: حصبا , وهي الحجارة , وهم قوم لوط.
ومنهم من أخذته الصيحة : هم ثمود , وأهل مدين, ومنهم من خسفنا به الأرض: قارون, وأصحابه, ومنهم من أغرقنا: قوم نوح, وفرعون, وأصحابه.
ثم أخبر تعالى أنه لم يظلمهم في ذلك, فقال: وما كان الله ليظلمهم, ولكن كانوا أنفسهم يظلمون). [معاني القرآن: 5/227]