التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آَيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (47)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولولا أن تصيبهم مصيبةٌ} [القصص: 47]، يعني: المشركين.
{بما قدّمت أيديهم} [القصص: 47] بالّذي هم عليه من الشّرك، والمصيبة في هذا
[تفسير القرآن العظيم: 2/596]
الموضع العذاب، يقول: ولو أنّا عذّبناهم لاحتجّوا فقالوا: {ربّنا لولا} [القصص: 47] هلا.
{أرسلت إلينا رسولا فنتّبع آياتك ونكون من المؤمنين} [القصص: 47] فقطع اللّه عذرهم بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم فكذّبوه). [تفسير القرآن العظيم: 2/597]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ولولا أن تصيبهم مصيبةٌ }: وهي من كل نقمة وعذاب، نقمة بكسر القاف.
{بما قدّمت أيديهم }, مجازه: بما كانوا اكتسبوا , وليس هاهنا.
{ لولا أرسلت إلينا رسولاً }: مجازه هلاً، وفي آية أخرى: {لولا أوتي }, مجازه: هلا أوتتي). [مجاز القرآن: 2/107]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدّمت أيديهم فيقولوا ربّنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتّبع آياتك ونكون من المؤمنين}
أي : لولا ذلك لم يحتج إلى إرسال الرسل، ومواترة الاحتجاج.). [معاني القرآن: 4/147]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم}
أي : لولا هذا لم نحتج إلى إرسال الرسل، وتواتر الاحتجاج.). [معاني القرآن: 5/182]
تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ (48)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {فلمّا جاءهم الحقّ من عندنا} [القصص: 48]، يعني: القرآن، وهو تفسير السّدّيّ.
{قالوا لولا أوتي} [القصص: 48] يعنون النّبيّ عليه السّلام.
{مثل ما أوتي موسى} [القصص: 48] هلا أنزل عليه القرآن جملةً واحدةً كما أنزلت التّوراة على موسى جملةً واحدةً.
قال اللّه: {أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل} [القصص: 48] وقد كان كتاب موسى عليهم حجّةً في تفسير الحسن.
{قالوا سحران تظاهرا} [القصص: 48] موسى ومحمّدٌ في تفسير الحسن، وهذا قول مشركي العرب.
{وقالوا إنّا بكلٍّ كافرون} [القصص: 48] بالتّوراة والقرآن.
عاصم بن حكيمٍ، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن سعيد بن جبيرٍ.
قال: {قالوا سحران تظاهرا} [القصص: 48] موسى وهارون.
المعلّى، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ، قال: {قالوا لولا} [القصص: 48] هلا {أوتي مثل ما أوتي موسى} [القصص: 48] هم أهل الكتاب.
[تفسير القرآن العظيم: 2/597]
وتفسير مجاهدٍ قال: {قالوا لولا} [القصص: 48] هلا {أوتي مثل ما أوتي موسى} [القصص: 48] من قبل هذا، قول يهود تأمر قريشًا أن يسألوا محمّدًا مثل ما أوتي موسى.
يقول اللّه لمحمّدٍ: قل لقريشٍ يقولون لهم: {أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل قالوا سحران تظاهرا} [القصص: 48] قول يهود لموسى وهارون.
وبعضهم يقرؤها: سحران تظاهرا، التّوراة والقرآن.
{وقالوا} يهود تقوله.
{إنّا بكلٍّ كافرون} [القصص: 48] كفرت أيضًا لمّا أوتي محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم). [تفسير القرآن العظيم: 2/598]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {قالوا سحران تظاهرا...}
يعنون التوراة والقرآن، ويقال {ساحران تظاهرا} : يعنون محمّداً , وموسى صلى الله عليهما وسلم, وقرأ عاصم , والأعمش {سحران}.
... وحدثني غير واحدٍ , عن إسماعيل ابن أبي خالد , عن أبي رزين : أنه قرأ :{سحران تظاهرا}
قال: وقال سفيان بن عيينة , عن حميد قال: قال مجاهد: سألت ابن عباس , عنده عكرمة فلم يجبني، فلمّا كانت في الثالثة , قال عكرمة: أكثرت عليه , {ساحران تظاهرا},
فلم ينكر ابن عباس، أو قال: فلو أنكرها لغيّرها, وكان عكرمة يقرأ : {سحران} بغير ألفٍ , ويحتجّ بقوله: {قل فأتوا بكتابٍ من عند الله هو أهدى منهما أتّبعه} ,
وقرأها أهل المدينة , والحسن :{ساحران تظاهرا}.). [معاني القرآن: 2/306-307]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ ساحران تظاهرا }: أي : تعاونا.). [مجاز القرآن: 2/107]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {سحران تظاهرا}: تعاونا). [غريب القرآن وتفسيره: 292]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {سحران تظاهرا}: أي: تعاونا.). [تفسير غريب القرآن: 333]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{فلمّا جاءهم الحقّ من عندنا قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل قالوا سحران تظاهرا وقالوا إنّا بكلّ كافرون}
أي : فلما جاءتهم الحجة القاطعة التي كان يجوز أن يعتلّوا بتأخرها عنهم.
{قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى}:المعنى: هلّا أوتي محمد مثل ما أوتي موسى، صلى اللّه عليهما من أمر العصا , والحية , وانفلاق البحر، وسائر الآيات التي أتى بها موسى،
فقد كفروا بآيات موسى كما كفروا بآيات محمد عليهما السلام.
{قالواساحران تظاهرا} أي : تعاونا.
جاء في التفسير: أنهم عنوا موسى وهارون.
وقالوا : عنوا موسى وعيسى، وقيل : عنوا موسى ومحمدا عليهما السلام.
وقرئ : {سحران تظاهرا} يعنون : كتابين، فقالوا: الإنجيل والقرآن، ودليل من قرأ {سحران} قوله: {قل فأتوا بكتاب من عند اللّه هو أهدى منهما}.
وهذا لا يمنع {ساحران}، لأن المعنى يصير: قل فأتوا بكتاب من عند الله , هو أهدى من كتابيهما ). [معاني القرآن: 4/147-148]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فلما جاءهم الحق من عندنا}
أي : الحجج الظاهرة البينة التي كان يجوز أن يحتجوا بتأخرها .
{قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى }: يعني من العصا , وانفلاق البحر, وما أشبه ذلك.
وروى ابن أبي نجيح, عن مجاهد قال : أمرت يهود قريشً : ا أن يسألوا محمدا صلى الله عليه وسلم مثل ما أوتي موسى .
فقال الله جل وعز لمحمد صلى الله عليه وسلم : قل لهم يقولوا لهم : {أو لم يكفروا بما أوتي موسى من قبل}.
ثم قال جل وعز: {قالوا ساحران تظاهرا}
روى سفيان، عن إسماعيل بن أبي خالد قال : سمعت سعيد بن جبير يقول : {قالوا ساحران تظاهرا }, قال : موسى وهارون صلى الله عليهما.
وروى ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال : يعنون موسى وهارون عليهما السلام.
وروى شعبة , عن أبي حمزة, عن ابن عباس :{قالوا ساحران تظاهرا قال موسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم
وكذا روى شعبة, عن أبي حمزة, عن ابن عباس, وكذلك قال الحسن .
وقرأ عكرمة , وعطاء الخراساني, وأبو رزين : {قالوا سحران تظاهرا}
قال عكرمة: يعني : كتابين .
وقال أبو رزين : يعني : التوراة والإنجيل .
وقال الفراء : يعني : التوراة والقرآن .
واحتج بعض من يقرأ هذه القراءة بقوله: {قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه}
والمعنى على القراءة الأولى : هو أهدى من كتابيهما ). [معاني القرآن: 5/183-185]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تَظَاهَرَا}: أي: تعاونا ). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 182]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ({تَظَاهَرَا}: تعاونا ). [العمدة في غريب القرآن: 235]
تفسير قوله تعالى:{قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (49)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {قل فأتوا بكتابٍ من عند اللّه هو أهدى منهما} [القصص: 49] من التّوراة والقرآن.
{أتّبعه إن كنتم صادقين} [القصص: 49] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/598]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أتّبعه...}
رفع لأنها صلة للكتاب , لأنه نكرة , وإذا جزمت - وهو الوجه - جعلته شرطاً للأمر.). [معاني القرآن: 2/307]
تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (50)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {فإن لم يستجيبوا لك} [القصص: 50] فيأتوا به، ولا يأتون به ولكنّها حجّةٌ عليهم.
{فاعلم أنّما يتّبعون أهواءهم ومن أضلّ ممّن اتّبع هواه بغير هدًى من اللّه} [القصص: 50] جاءه، أي: لا أحد أضلّ منه.
{إنّ اللّه لا يهدي القوم الظّالمين} [القصص: 50] المشركين الّذين يموتون على شركهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/598]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({فإن لّم يستجيبوا لك}: مجازه: فإن لم يجيبوك، وقال الغنوي:
وداعٍ دعايا من يجيب إلى النّدى= فلم يستجبه عند ذاك مجيب.).
[مجاز القرآن: 2/107]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنّما يتّبعون أهواءهم ومن أضلّ ممّن اتّبع هواه بغير هدى من اللّه إنّ اللّه لا يهدي القوم الظّالمين}
فاعلم أن ما ركبوه من الكفر لا حجّة لهم فيه، وإنما آثروا فيه الهوى , وقد علموا أنه هو الحق.). [معاني القرآن: 4/148]