العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الأنبياء

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 09:26 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي تفسير سورة الأنبياء [من الآية(95)إلى الآية(97)]

{وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (95) حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (96) وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ (97) }


روابط مهمة:
- القراءات
- توجيه القراءات
- الوقف والابتداء


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 09:26 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (95) )

قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدّثني حرملة بن عمران التّجيبيّ قال: سمعت محمّد بن عبد الملك بن مروان يقول: أخبرني من سمع معاوية بن أبي سفيان يقرأ هذه الآية: حرّم {على قريةٍ}). [الجامع في علوم القرآن: 3/48]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وسمعت سفيان بن عيينة يحدث عن عمرو ابن دينارٍ عن عبد اللّه بن عبّاسٍ أنّه قرأ: حرّم {على قريةٍ}؛ وقرأ: دارست؛ وقرأ: {في عينٍ حمئةٍ}.
قال عمرو: وسمعت عبد اللّه بن الزّبير يقول: إنّ صبيانًا هاهنا يقرؤون: وحرم، ويقرؤون: دارست، وإنما هي {درست}، ويقولون: {حمئةٍ}، وهي حامئةٍ). [الجامع في علوم القرآن: 3/58] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار قال أخبرني عمرو بن كيسان أن ابن عباس كان يقرؤها (دارست) تلوت خاصمت جادلت قال عمرو وسمعت ابن الزبير يقول إن صبيانا ها هنا يقرؤون (دارست) وإنما هي درست ويقرؤون (وحرْم على قرية أهلكناها) وإنما هي: {وحرام على قرية} ويقرأون {في عين حمئة} وإنما هي حامية قال عمرو وكان ابن عباس يخالفه في كلهن). [تفسير عبد الرزاق: 1/216] (م)
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن داود عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ في قوله: {على قريةٍ أهلكناها أنهم لا يرجعون} قال: لا يتوبون [الآية: 95]). [تفسير الثوري: 205]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وحرامٌ على قريةٍ أهلكناها أنّهم لا يرجعون}.
اختلفت القرّاء في قراءة قوله: {وحرامٌ} فقرأته عامّة قرّاء أهل الكوفة: ( وحرمٌ ) بكسر الحاء.
وقرأ ذلك عامّة قرّاء أهل المدينة والبصرة: {وحرامٌ} بفتح الحاء والألف.
والصّواب من القول في ذلك أنّهما قراءتان مشهورتان متّفقتا المعنى، غير مختلفتيه، وذلك أنّ الحرم هو الحرام والحرام هو الحرم، كما الحلّ هو الحلال، والحلال هو الحلّ، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ.
وكان ابن عبّاسٍ يقرؤه: " وحرم " بتأويل: وعزم
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن أبي المعلّى، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، كان يقرؤها: " وحرمٌ على قريةٍ " قال: فقلت لسعيدٍ: أيّ شيءٍ حرم؟ قال: عزم.
- حدّثنا محمّد بن المثنّى قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ قال: حدّثنا شعبة، عن أبي المعلّى، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، كان يقرؤها: " وحرم على قريةٍ " قلت لأبي المعلّى: ما الحرم؟ قال: عزم عليها.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الأعلى، قال: حدّثنا داود، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: أنّه كان يقرأ هذه الآية: " حرم على قريةٍ أهلكناها أنّهم لا يرجعون " فلا يرجع منهم راجعٌ، ولا يتوب منهم تائبٌ.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الوهّاب، قال: حدّثنا داود، عن عكرمة، قال: {وحرامٌ على قريةٍ أهلكناها أنّهم لا يرجعون} قال: " لم يكن ليرجع منهم راجعٌ، حرامٌ عليهم ذاك ".
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا عيسى بن فرقدٍ، قال: حدّثنا جابرٌ الجعفيّ، قال: " سألت أبا جعفرٍ عن الرّجعة، فقرأ هذه الآية: {وحرامٌ على قريةٍ أهلكناها أنّهم لا يرجعون} ".
فكأنّ أبا جعفرٍ وجّه تأويل ذلك إلى أنّه: وحرامٌ على أهل قريةٍ أمتناهم أن يرجعوا إلى الدّنيا.
والقول الّذي قاله عكرمة في ذلك أولى عندي بالصّواب، وذلك أنّ اللّه تعالى ذكره أخبر عن تفريق النّاس دينهم الّذي بعث به إليهم الرّسل، ثمّ أخبر عن صنيعه بمن عمل بما دعته إليه رسله من الإيمان به، والعمل بطاعته، ثمّ أتبع ذلك قوله: {وحرامٌ على قريةٍ أهلكناها أنّهم لا يرجعون} فلأن يكون ذلك خبرًا عن صنيعه بمن أبى إجابة رسله، وعمل بمعصيته، وكفر به، أحرى، ليكون بيانًا عن حال القرية الأخرى الّتي لم تعمل الصّالحات، وكفرت به.
فإذ كان ذلك كذلك، فتأويل الكلام: حرامٌ على أهل قريةٍ أهلكناهم بطبعنا على قلوبهم، وختمنا على أسماعهم وأبصارهم، إذ صدّوا عن سبيلنا، وكفروا بآياتنا، أن يتوبوا، ويراجعوا الإيمان بنا، واتّباع أمرنا، والعمل بطاعتنا.
وإذ كان ذلك تأويل قول اللّه: وحرمٌ، وعزمٌ، على ما قال سعيدٌ، لم تكن ( لا ) في قوله: {أنّهم لا يرجعون} صلةً، بل تكون بمعنى النّفي، ويكون معنى الكلام: وعزمٌ منّا على قريةٍ أهلكناها أن لا يرجعوا عن كفرهم. وكذلك إذا كان معنى قوله: ( وحرمٌ ) ووجبه.
وقد زعم بعضهم أنّها في هذا الموضع صلةٌ، فإنّ معنى الكلام: وحرامٌ على قريةٍ أهلكناها أن يرجعوا، وأهل التّأويل الّذين ذكرناهم كانوا أعلم بمعنى ذلك منه). [جامع البيان: 16/394-397]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس أنه قرأ وحرام على قرية). [الدر المنثور: 10/370]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن ابن الزبير قال: إن صبيانا ههنا يقرؤون وحرم على قرية وإنما هي {وحرام على قرية} ). [الدر المنثور: 10/370]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الحسن أنه كان يقرأ {وحرام على قرية} بالألف). [الدر المنثور: 10/371]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن ابن عباس في قوله: {وحرام على قرية أهلكناها} قال: وجب إهلاكها، قال: دمرناها {أنهم لا يرجعون} قال: إلى الدنيا). [الدر المنثور: 10/371]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس أنه كان يقرأ وحرم على قرية قال: وجب على قرية {أهلكناها أنهم لا يرجعون} كما قال: (ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون) (يس آية 31).
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة وسعيد بن جبير مثله). [الدر المنثور: 10/371]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه كان يقرأ هذا الحرف وحرم على قرية فقيل لسعيد: أي شيء حرم قال: يحرم). [الدر المنثور: 10/371]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن عكرمة وحرم قال: وجب {على قرية أهلكناها} قال: كتبنا عليها الهلاك في دينها {أنهم لا يرجعون} عما هم عليه). [الدر المنثور: 10/372]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة وحرم قال: وجب بالحبشية). [الدر المنثور: 10/372]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة {وحرام على قرية} أي وجب عليها أنها إذا أهلكت لا ترجع إلى دنياها). [الدر المنثور: 10/372]

تفسير قوله تعالى: (حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (96) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون قال من كل أكمة). [تفسير عبد الرزاق: 2/27]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة أن أبا سعيد الخدري قال إن الناس يحجون ويعتمرون بعد خروج يأجوج ومأجوج). [تفسير عبد الرزاق: 2/27-28]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن رجل عن حميد بن هلال عن أبي الصيف قال: قال كعب إذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج حفروا حتى يسمع الذين يلونهم قرع فؤوسهم وإذا كان الليل قالوا نجيء غدا فنفتح فنخرج فيعيده الله كما كان فيجيئون من الغد فيحفرون حتى يسمع الذي يلونهم قرع فؤوسهم فإذا كان الليل قالوا نجيء غدا فنخرج فيجيئون من الغد فيجدونه من الغد قد أعاده الله كما كان فيحفرون حتى يسمع الذين يلونهم قرع فؤوسهم فإذا كان الليل ألقى الله على لسان رجل منهم فيقول نجيء غدا فنخرج إن شاء الله فيجيئون من الغد فيجدونه كما تركوه فيحفرون ثم يخرجون فتمر الزمرة الأولى منهم بالبحيرة فيشربون ماءها ثم تمر الزمرة الثانية فيلحسون طينها ثم تمر الزمرة الثالثة فيقولون لقد كان مرة ها هنا ماء قال ويفر الناس منهم فلا يقوم لهم شيء ثم يرمون بسهامهم إلى السماء فترجع مختضبة بالدماء فيقولون غلبنا أهل الأرض وأهل السماء فيدعو عليهم عيسى ابن مريم فيقول اللهم لا طاقة لنا بهم ولا يدين لنا بهم فاكفناهم بما شئت فيسلط الله عليهم دودا يقال له النغف فتفرس رقابهم ويبعث الله عليهم طيرا تأخذهم بمناقيرها فتلقيهم في البحر فيبعث الله غيثا يقال له الحياة يطهر الأرض وينبتها حتى إن الرمانة ليشبع منها السكن قيل وما السكن قال أهل البيت قال فبينا الناس كذلك إذا أتاهم الصريخ إن ذا السويقتين قد غزا البيت يريده فيبعث الله إليه عيسى ابن مريم طليعة سبع مائة أو بين السبع مائة والثماني مائة حتى إذا كان ببعض الطريق بعث الله ريحا يمانية طيبة فيقبض فيها روح كل مؤمن ثم يبقى عجاج من الناس يتسافدون كما تتسافد البهائم فمثل الساعة كمثل رجل يطيف حول فرسه ينتظر ولادها حتى تضع فمن تكلف بعد قولي هذا شيئا أو بعد علمي هذا شيئا فهو متكلف). [تفسير عبد الرزاق: 2/28-29]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن أبي إسحاق عن وهب بن جابر الخيواني عن عبد الله بن عمرو قال ما يموت الرجل من يأجوج ومأجوج حتى يولد له من صلبه ألف رجل وإن من ورائهم لثلاث أمم ما يعلم عددهم إلا الله منسك وتأويل وتاريس). [تفسير عبد الرزاق: 2/29]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] في قوله: {وهم من كل حدب ينسلون} قال: الحدب الشيء اليابس من الأرض [الآية: 96]). [تفسير الثوري: 205]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {حتّى إذا فتحت يأجوج ومأجوج}
- أخبرنا عبيد الله بن إبراهيم، حدّثنا عمّي، حدّثنا أبي، عن صالحٍ، عن ابن شهابٍ، قال: حدّثني عروة بن الزّبير، أنّ زينب بنت أبي سلمة، أخبرت، عن أمّ حبيبة بنت أبي سفيان، عن زينب بنت جحشٍ، أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم دخل عليها فزعًا يقول: «لا إله إلّا الله، ويلٌ للعرب، من شرٍّ قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه»، قال: وحلّق بأصبعه الإبهام والّتي تليها، فقلت: يا رسول الله، أنهلك وفينا الصّالحون؟، قال: «نعم، إذا كثر الخبث»
- أخبرنا أبو داود، حدّثنا سهل بن حمّادٍ، حدّثنا شعبة، عن النّعمان بن سالمٍ، عن ابن عمرو بن أوسٍ، عن أبيه، عن جدّه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ يأجوج ومأجوج لهم نساءٌ يجامعون ما شاءوا، وشجرٌ يلقّحون ما شاءوا، فلا يموت منهم رجلٌ إلّا ترك من ذرّيّته ألفًا فصاعدًا»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/186]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {حتّى إذا فتحت يأجوج ومأجوجٌ وهم من كلّ حدبٍ ينسلون}.
يقول تعالى ذكره: حتّى إذا فتح عن يأجوج ومأجوج، وهما أمّتان من الأمم ردمهما كما؛
- حدّثني عصام بن روّاد بن الجرّاح، قال: حدّثني أبي قال: حدّثنا سفيان بن سعيدٍ الثّوريّ، قال: حدّثنا منصور بن المعتمر، عن ربعيّ بن حراشٍ، قال: سمعت حذيفة بن اليمان، يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " أوّل الآيات: الدّجّال، ونزول عيسى، ونارٌ تخرج من قعر عدنٍ أبين، تسوق النّاس إلى المحشر، تقيل معهم إذا قالوا. والدّخان، والدّابّة، ثمّ يأجوج ومأجوج "، قال حذيفة: قلت: يا رسول اللّه، وما يأجوج ومأجوج؟ قال: " يأجوج ومأجوج أممٌ، كلّ أمّةٍ أربع مائة ألفٍ، لا يموت الرّجل منهم حتّى يرى ألف عينٍ تطرق بين يديه من صلبه، وهم ولد آدم، فيسيرون إلى خراب الدّنيا، يكون مقدّمتهم بالشّام، وساقتهم بالعراق، فيمرّون بأنهار الدّنيا، فيشربون الفرات والدّجلة، وبحيرة الطّبريّة، حتّى يأتوا بيت المقدس، فيقولون قد قتلنا أهل الدّنيا فقاتلوا من في السّماء، فيرمون بالنّشّاب إلى السّماء، فترجع نشّابهم مخضّبةً بالدّم، فيقولون: قد قتلنا من في السّماء، وعيسى والمسلمون بجبل طور سنين، فيوحي اللّه جلّ جلاله إلى عيسى: أن أحرز عبادي بالطّور وما يلي أيلة ثمّ إنّ عيسى يرفع يديه إلى السّماء، ويؤمّن المسلمون، فيبعث اللّه عليهم دابّةً يقال لها النّغف، تدخل من مناخرهم، فيصبحون موتى من حاقّ الشّام إلى حاقّ العراق، حتّى تنتن الأرض من جيفهم، ويأمر اللّه السّماء فتمطر كأفواه القرب، فتغسل الأرض من جيفهم ونتنهم، فعند ذلك طلوع الشّمس من مغربها ".
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن أبي جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية، قال: " إنّ يأجوج ومأجوج يزيدون على سائر الإنس الضّعف، وإنّ الجنّ يزيدون على الإنس الضّعف، وإنّ يأجوج ومأجوج رجلان اسمهما يأجوج ومأجوج.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن أبي إسحاق، قال: سمعت وهب بن جابرٍ، يحدّث، عن عبد اللّه بن عمرٍو، أنّه قال: " إنّ يأجوج ومأجوج يمرّ أوّلهم بنهرٍ مثل دجلة، ويمرّ آخرهم فيقول: قد كان في هذا مرّةً ماءٌ. لا يموت رجلٌ منهم إلاّ ترك من ذرّيّته ألفًا فصاعدًا. وقال: من بعدهم ثلاث أممٍ، لا يعلم عددهم إلاّ اللّه: تاويل، وتاريس، وناسكٌ، أو منسكٌ، شكّ شعبة.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا يحيى، قال: حدّثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن وهب بن جابرٍ الخيوانيّ، قال: " سألت عبد اللّه بن عمرٍو، عن يأجوج، ومأجوج، أمن بني آدم هم؟ قال: نعم، ومن بعدهم ثلاث أممٍ، لا يعلم عددهم إلاّ اللّه: تاريس، وتاويل، ومنسكٌ.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا سهل بن حمّادٍ أبو عتّابٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن النّعمان بن سالمٍ، قالا: سمعت نافع بن جبير بن مطعمٍ، يقول: قال عبد اللّه بن عمرٍو: " يأجوج ومأجوج لهم أنهارٌ يلغون ما شاءوا، ونساءٌ يجامعون ما شاءوا، وشجرٌ يلقمون ما شاءوا، ولا يموت رجلٌ إلاّ ترك من ذرّيّته ألفًا فصاعدًا ".
- حدّثنا محمّد بن عمارة، قال: حدّثنا عبيد اللّه بن موسى، قال: أخبرنا زكريّا، عن عامرٍ، عن عمرو بن ميمونٍ، عن عبد اللّه بن سلامٍ، قال: " ما مات أحدٌ من يأجوج ومأجوج إلاّ ترك ألف ذرى فصاعدًا ".
- حدّثني يحيى بن إبراهيم المسعوديّ، قال: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن الأعمش، عن عطيّة، قال: قال أبو سعيدٍ: " يخرج يأجوج ومأجوج فلا يتركون أحدًا إلاّ قتلوه، إلاّ أهل الحصون، فيمرّون على البحيرة فيشربونها، فيمرّ المارّ فيقول: كأنّه كان هاهنا ماءٌ قال: فيبعث اللّه عليهم النّغف حتّى يكسر أعناقهم، فيصيروا خبالاً، فتقول أهل الحصون: لقد هلك أعداء اللّه، فيدلّون رجلاً لينظر، ويشترط عليهم إن وجدهم أحياءً أن يرفعوه، فيجدهم قد هلكوا قال: فينزل اللّه ماءً من السّماء فيقذف بهم في البحر، فتطهر الأرض منهم، ويغرس النّاس بعدهم الشّجر والنّخل، وتخرج الأرض ثمرتها كما كانت تخرج في زمن يأجوج ومأجوج ".
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن عبيد اللّه بن أبي يزيد، قال: رأى ابن عبّاسٍ صبيانًا ينزو بعضهم على بعضٍ يلعبون، فقال ابن عبّاسٍ: " هكذا يخرج يأجوج ومأجوج.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا الحكم، قال: حدّثنا عمرو بن قيسٍ، قال: " بلغنا أنّ ملكًا، دون الرّدم يبعث خيلاً كلّ يومٍ يحرسون الرّدم، لا يأمن يأجوج ومأجوج أن تخرج عليهم، قال: فيسمعون جلبةً وأمرًا شديدًا ".
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن أبي إسحاق، أنّ عبد اللّه بن عمرٍو قال: " ما يموت الرّجل من يأجوج ومأجوج حتّى يولد له من صلبه ألفٌ رجل، وإنّ من ورائهم لثلاث أممٍ ما يعلم عددهم إلاّ اللّه: منسكٌ، وتاويل، وتاريس ".
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، عن عمرٍو البكاليّ، قال: " إنّ اللّه جزّأ الملائكة والإنس والجنّ عشرة أجزاءٍ، فتسعةٌ منهم الكروبيّون وهم الملائكة الّذي يحملون العرش، ثمّ هم أيضًا الّذين يسبّحون اللّيل والنّهار لا يفترون. قال: ومن بقي من الملائكة لأمر اللّه ووحيه ورسالته. ثمّ جزّأ الإنس على عشرة أجزاءٍ، فتسعةٌ منهم الجنّ، لا يولد من الإنس ولدٌ إلاّ ولد من الجنّ تسعةٌ. ثمّ جزّأ الإنس على عشرة أجزاءٍ، فتسعةٌ منهم يأجوج ومأجوج، وسائر الناس جزءٌ ".
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قوله: {حتّى إذا فتحت يأجوج ومأجوج} قال: " أمّتان من وراء ردم ذي القرنين ".
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن غير واحدٍ، عن حميد بن هلالٍ، عن أبي الضيف، قال: قال كعبٌ: " إذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج حفروا، حتّى يسمع الّذين يلونهم قرع فئوسهم، فإذا كان اللّيل قالوا: نجيء غدًا فنخرج، فيعيدها اللّه كما كانت، فيجيئون من الغد فيحفرون حتى يسمع الذين يلونهم قرع فئوسهم، فإذا كان الليل قالوا: نجىء غداً فنخرج. فيجيئون من الغد فيجدونه قد أعاده اللّه كما كان، فيحفرونه حتّى يسمع الّذين يلونهم قرع فئوسهم، فإذا كان اللّيل ألقى اللّه على لسان رجلٍ منهم يقول: نجيء غدًا، فنخرج إن شاء اللّه. فيجيئون من الغد فيجدونه كما تركوه، فيحفرون، ثمّ يخرجون. فتمرّ الزّمرة الأولى بالبحيرة، فيشربون ماءها، ثمّ تمرّ الزّمرة الثّانية فيلحسون طينها، ثمّ تمرّ الزّمرة الثّالثة فيقولون: قد كان ههنا مرّةً ماءٌ. وتفرّ النّاس منهم، فلا يقوم لهم شيءٌ، يرمون بسهامهم إلى السّماء، فترجع مخضّبةً بالدّماء، فيقولون: غلبنا أهل الأرض وأهل السّماء.
فيدعو عليهم عيسى ابن مريم، فيقول: اللّهمّ لا طاقة ولا يدين لنا بهم، فاكفناهم بما شئت فيسلّط اللّه عليهم دودًا يقال له النّغف، فتفرس رقابهم، ويبعث اللّه عليهم طيرًا فتأخذهم بمناقيرها، فتلقيهم في البحر، ويبعث اللّه عينًا يقال لها الحياة، تطهّر الأرض منهم، وتنبتها، حتّى إنّ الرّمّانة ليشبع منها السّكن. قيل: وما السّكن يا كعب؟ قال: أهل البيت. قال: فبينا النّاس كذلك، إذ أتاهم الصّريخ أنّ ذا السّويقتين قد غزا البيت يريده، فيبعث عيسى طليعةً سبع مائةٍ، أو بين السّبع مائةٍ، والثّمان مائةٍ، حتّى إذا كانوا ببعض الطّريق بعث اللّه ريحًا يمانيّةً طيّبةً، فيقبض اللّه فيها روح كلّ مؤمنٍ، ثمّ يبقى عجاجٌ من النّاس يتسافدون كما تتسافد البهائم، فمثل السّاعة كمثل رجلٍ يطيف حول فرسه ينتظرها متى تضع. فمن تكلّف بعد قولي هذا شيئًا، أو على هذا شيئًا، فهو المتكلّف ".
- حدّثنا العبّاس بن الوليد البيروتيّ، قال: أخبرني أبي قال: سمعت ابن جابرٍ، قال: حدّثني محمّد بن جابرٍ الطّائيّ ثمّ الحمصيّ، ثني عبد الرّحمن بن جبير بن نفيرٍ الحضرميّ قال: حدّثني أبي أنّه سمع النّوّاس بن سمعان الكلابيّ يقول: " ذكر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم الدّجّال، وذكر أمره، وأنّ عيسى ابن مريم يقتله، ثمّ قال: " فبينا هو كذلك، أوحى اللّه إليه: يا عيسى، إنّي قد أخرجت عبادًا لي، لا يد لأحدٍ بقتالهم، فحرّز عبادي إلى الطّور فيبعث اللّه يأجوج ومأجوج، وهم من كلّ حدبٍ ينسلون، فيمرّ أحدهم على بحيرة طبريّة، فيشربون ما فيها، ثمّ ينزل آخرهم، فيقول: لقد كان بهذه ماءٌ مرّةً. فيحاصر نبيّ اللّه عيسى وأصحابه، حتّى يكون رأس الثّور يومئذٍ خيرًا لأحدهم من مائة دينارٍ لأحدكم، فيرغب نبيّ اللّه عيسى وأصحابه إلى اللّه، فيرسل اللّه عليهم النّغف في رقابهم، فيصبحون فرسى موت نفسٍ واحدةٍ، فيهبط نبيّ اللّه عيسى وأصحابه، فلا يجدون موضعًا إلاّ وقد ملأه زهمهم ونتنهم ودماؤهم، فيرغب نبيّ اللّه عيسى وأصحابه إلى اللّه، فيرسل عليهم طيرًا كأعناق البخت، فتحملهم فتطرحهم حيث شاء اللّه، ثمّ يرسل اللّه مطرًا لا يكنّ منه بيت مدرٍ ولا وبرٍ، فيغسل الأرض حتّى يتركها كالزّلقة.
وأمّا قوله: {وهم من كلّ حدبٍ ينسلون} فإنّ أهل التّأويل اختلفوا في المعني به، فقال بعضهم: عني بذلك بنو آدم، أنّهم يخرجون من كلّ موضعٍ كانوا دفنوا فيه من الأرض، وإنّما عني بذلك الحشر إلى موقف النّاس يوم القيامة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {من كلّ حدبٍ} ينسلون قال: " جميع النّاس من كلّ مكانٍ جاءوا منه يوم القيامة، فهو حدبٌ ".
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: {وهم من كلّ حدبٍ ينسلون} قال ابن جريجٍ: قال مجاهدٌ: " جميع النّاس من كلّ حدبٍ من مكان جاءوا منه يوم القيامة فهو حدبٌ ".
وقال آخرون: بل عني بذلك يأجوج، ومأجوج، وقوله: {وهم} كناية أسمائهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن سلمة بن كهيلٍ، قال: حدّثنا أبو الزّعراء، عن عبد اللّه، أنّه قال: " يخرج يأجوج ومأجوج فيمرحون في الأرض، فيفسدون فيها. ثمّ قرأ عبد اللّه: {وهم من كلّ حدبٍ ينسلون} قال: ثمّ يبعث اللّه عليهم دابّةً مثل النّغف، فتلج في أسماعهم ومناخرهم، فيموتون منها، فتنتن الأرض منهم، فيرسل اللّه عزّ وجلّ ماءً، فيطهّر الأرض منهم.
والصّواب من القول في ذلك ما قاله الّذين قالوا: عني بذلك يأجوج ومأجوج، وأنّ قوله: {وهم} كنايةٌ عن أسمائهم، للخبر الّذي؛
- حدّثنا به ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر، بن قتادة الأنصاريّ، ثمّ الظّفريّ، عن محمود بن لبيدٍ، أخي بني عبد الأشهل، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: " يفتح يأجوج ومأجوج، يخرجون على النّاس كما قال اللّه {من كلّ حدبٍ ينسلون} فيغشون الأرض ".
- حدّثني أحمد بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيم بن بشيرٍ، قال: أخبرنا العوّام بن حوشبٍ، عن جبلة بن سحيمٍ، عن مؤثرٍ، وهو ابن عفازة العبديّ، عن عبد اللّه بن مسعودٍ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فيما يذكر عن عيسى ابن مريم قال: " قال عيسى: عهد إليّ ربّي أنّ الدّجّال خارجٌ، وأنّه مهبطي إليه، فذكر أنّ معه قضيبين، فإذا رآني أهلكه اللّه. قال: فيذوب كما يذوب الرّصاص، حتّى إنّ الشّجر والحجر ليقول: يا مسلم، هذا كافرٌ فاقتله، فيهلكهم اللّه تبارك وتعالى، ويرجع النّاس إلى بلادهم وأوطانهم. فيستقبلهم يأجوج ومأجوج من كلّ حدبٍ ينسلون، لا يأتون على شيءٍ إلاّ أهلكوه، ولا يمرّون على ماءٍ إلاّ شربوه ".
- حدّثني عبيد بن إسماعيل الهبّاريّ قال: حدّثنا المحاربي، عن أصبغ بن زيدٍ، عن العوّام بن حوشبٍ، عن جبلة بن سحيمٍ، عن مؤثر بن عفازة، عن عبد اللّه بن مسعودٍ، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بنحوه.
وأمّا قوله: {من كلّ حدبٍ} فإنّه يعني: من كلّ شرفٍ ونشزٍ وأكمةٍ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {من كلّ حدبٍ ينسلون} يقول: " من كلّ شرفٍ يقبلون ".
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {من كلّ حدبٍ ينسلون} قال: " من كلّ أكمةٍ ".
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وهم من كلّ حدبٍ ينسلون} قال: الحدب: " الشّيء المشرف ".
وقال الشّاعر: ( على الحداب تمور ).
........ = على الحداب تمور
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {حتّى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كلّ حدبٍ ينسلون} قال: " هذا مبتدأ يوم القيامة ".
وأمّا قوله: {ينسلون} فإنّه يعني: أنّهم يخرجون مشاةً مسرعين في مشيهم كنسلان الذّئب، كما قال الشّاعر:
عسلان الذّئب أمسى قاربًا = برد اللّيل عليه فنسل). [جامع البيان: 16/397-408]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وهم من كل حدب ينسلون قال يعني جميع الناس من كل مكان جاؤوا منه يوم القيامة فهو حدب). [تفسير مجاهد: 415]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا شيبان عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال الإنس عشرة أجزاء فتسعة أجزاء يأجوج ومأجوج وسائر الناس جزء واحد). [تفسير مجاهد: 415]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو بكرٍ أحمد بن سلمان الفقيه ببغداد، ثنا الحسن بن مكرمٍ، ثنا يزيد بن هارون، أنبأ العوّام بن حوشبٍ، عن جبلة بن سحيمٍ، عن مؤثر بن غفارة، عن عبد اللّه بن مسعودٍ رضي اللّه عنه، قال: " لمّا أسري ليلة أسري بالنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لقي إبراهيم، وموسى، وعيسى فتذاكروا السّاعة فبدءوا بإبراهيم فسألوه عنها، فلم يكن عنده منها علمٌ، ثمّ موسى، فلم يكن عنده منها علمٌ، فتراجعوا الحديث إلى عيسى، فقال عيسى: " عهد اللّه إليّ فيما دون وجبتها فلا نعلمها، قال: فذكر من خروج الدّجّال، فأهبط فاقتله، ويرجع النّاس إلى بلادهم فيستقبلهم يأجوج ومأجوج وهم من كلّ حدبٍ ينسلون، فلا يمرّون بماءٍ إلّا شربوه ولا يمرّون بشيءٍ إلّا أفسدوه فيجأرون إلى اللّه فيدعون اللّه فيميتهم فتجأر الأرض إلى اللّه من ريحهم ويجأرون إليّ، فأدعوا اللّه فيرسل السّماء بالماء فيحمل أجسامهم فيقذفها في البحر، ثمّ ينسف الجبال، وتمدّ الأرض مدّ الأديم فعهد اللّه إليّ إذا كان ذلك، فإنّ السّاعة من النّاس كالحامل المتمّ لا يدري أهلها متى تفجأهم بولادتها ليلًا أو نهارًا " قال عبد اللّه بن مسعودٍ: فوجدت تصديق ذلك في كتاب اللّه عزّ وجلّ {حتّى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كلّ حدبٍ ينسلون (96) واقترب الوعد الحقّ} [الأنبياء: 97] الآية، قال: وجميع النّاس من كلّ مكانٍ جاءوا منه يوم القيامة فهو حدبٌ «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه» فأمّا مؤثر فليس بمجهولٍ " قد روي عن عبد اللّه بن مسعودٍ والبراء بن عازبٍ وروى عنه جماعةٌ من التّابعين). [المستدرك: 2/416]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 96 - 97.
أخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ {حتى إذا فتحت} خفيفة {يأجوج ومأجوج} مهموزة). [الدر المنثور: 10/372]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد في قوله: {وهم من كل حدب ينسلون} قال: جميع الناس من كان مكان جاؤوا منه يوم القيامة فهو حدب). [الدر المنثور: 10/372]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة في قوله: {من كل حدب ينسلون} قال: من كل أكمة). [الدر المنثور: 10/373]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {من كل حدب} قال: شرف {ينسلون} قال: يقبلون). [الدر المنثور: 10/373]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله قال له: أخبرني عن قوله: {من كل حدب ينسلون} قال: ينشرون من جوف الأرض من كل ناحية، قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم أما سمعت طرفة وهو يقول:
فأما يومهم فيوم سوء * تخطفهن بالحدب الصقور). [الدر المنثور: 10/373]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله: {حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج} قال: هذا مبتدأ يوم القيامة). [الدر المنثور: 10/373]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم عن ابن مسعود أنه قرأ من كل جدث بالجيم والثاء مثل قوله: {فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون} (يس آية 51) وهي القبور). [الدر المنثور: 10/373-374]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد وأبو يعلى، وابن ماجة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن حبان والحاكم وصححه، وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري: سمعت رسول الله صلى عليه وسلم يقول: يفتح يأجوج ومأجوج فيخرجون على الناس كما قال الله: {من كل حدب ينسلون} فيغشون الناس وينحاز المسلمون عنهم إلى مدائنهم وحصونهم ويضمون إليهم مواشيهم ويشربون مياه الأرض حتى يتركوه يبسا حتى أن بعضهم ليمر بذلك النهر فيقول: قد كان ههنا مرة ماء، حتى إذا لم يبق من الناس أحد إلا أخذ في حصن أو مدينة قال قائلهم: هؤلاء أهل الأرض قد فرغنا منهم وبقي أهل السماء، قال: يهز أحدهم حربته ثم يرمي بها إلى السماء فترجع إليه مخضبة دما للبلاء والفتنة فبينما هم على ذلك إذ بعث الله دودا في أعناقهم كنغف الجراد يخرج في أعناقه فيصبحون موتى لا يسمع لهم حس فيقول المسلمون: ألا رجل يشري لنا نفسه فينظر ما فعل هذا العدو فيتجرد رجل منهم محتسبا نفسه قد أوطنها على أنه مقتول فينزل فيجدهم موتى بعضهم على بعض فينادي معشر المسلمين أبشروا إن الله قد كفاكم عدوكم، فيخرجون من مدائنهم وحصونهم ويسرحون مواشيهم فما يكون لها مرعى إلا لحومهم فتشكر عنه أحسن ما شكرت عن شيء من النبات أصابته قط). [الدر المنثور: 10/374-375]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد، وابن ماجة، وابن جرير، وابن المنذر والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في البعث عن ابن مسعود عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: لقيت ليلة أسري بي إبراهيم وموسى وعيسى فتذاكروا أمر الساعة فردوا أمرهم إلى إبراهيم فقال: لا علم لي بها فردوا أمرهم إلى موسى فقال: لا علم لي بها فردوا أمرهم إلى عيسى فقال: أما وجبتها فلا يعلم بها أحد إلا الله وفيما عهد إلي ربي أن الدجال خارج ومعي قضيبان فإذا رآني ذاب كما يذوب الرصاص فيهلكه الله إذا رآني حتى أن الحجر والشجر يقول: يا مسلم إن تحتي كافرا فتعال فاقتله، فيهلكهم الله ثم يرجع الناس إلى بلادهم لا يأتون على شيء إلا أهلكوه ولا يمرون على ماء إلا شربوه ثم يرجع الناس يشكونهم فأدعو الله عليهم فيهلكهم ويميتهم حتى تجري الأرض من نتن ريحهم وينزل الله المطر فيجترف أجسادهم حتى يقذفهم في البحر، وفيما عهد إلي ربي إذا كان ذلك أن الساعة كالحامل المتم لا يدري أهلها متى تفجأهم بولادتها ليلا أو نهارا، قال ابن مسعود: فوجدت تصديق ذلك في كتاب الله: {حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون واقترب الوعد الحق} الآية، قال: جميع الناس من مكان كانوا جاؤوا منه يوم القيامة فهو حدب). [الدر المنثور: 10/375-376]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد، وابن أبي حاتم، وابن مردويه من طريق خالد بن عبد الله بن حرملة عن حذيفة قال: خطب رسول الله صلى عليه وسلم وهو عاصب أصبعه من لدغة عقرب فقال: إنكم تقولون لا عدو لكم وإنكم لا تزالون تقاتلون عدوا حتى يأتي يأجوج ومأجوج عراض الوجوه صغار العيون صهب الشفار من كل حدب ينسلون، كأن وجوههم المجان المطرقة). [الدر المنثور: 10/376-377]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن أبي يزيد قال: رأى ابن عباس صبيانا ينزو بعضهم على بعض يلعبون فقال ابن عباس: هكذا يخرج يأجوج ومأجوج). [الدر المنثور: 10/377]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي، وابن ماجة، وابن جرير، وابن المنذر والبيهقي في البعث عن النواس بن سمعان قال: ذكر رسول الله صلى عليه وسلم الدجال ذات غداة فخفض فيه رفع حتى ظننا أنه في ناحية النخل فقال: غير الدجال أخوفني عليكم فإن خرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم وإن يخرج ولست فيكم فكل إمرئ حجيج نفسه والله خليفتي على كل مسلم، إنه شاب جعد قطط عينه طافئة وإنه تخرج خيله بين الشام والعراق فعاث يمينا وشمالا يا عباد الله اثبتوا: قلنا: يا رسول الله ما لبثه في الأرض قال: أربعون يوما يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر الأيام كأيامكم، قلنا: يا رسول الله فذلك اليوم الذي هو كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم وليلة قال: لا، أقدروا له قدره، قلنا: يا رسول الله ما أسرعه في الأرض قال: كالغيث يشتد به الريح فيمر بالحي فيدعوهم فيستجيبون له فيأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت وتروح عليهم سارحتهم وهي أطول ما كان درا وأمده خواصر وأشبعه ضروعا ويمر بالحي فيدعوهم فيردون عليه قوله فتتبعه أموالهم فيصبحون ممحلين ليس لهم من أموالهم شيء ويمر بالخربة فيقول لها: أخرجي كنوزك، فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل ويأمر برجل فيقتل فيضربه ضربة بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض ثم يدعوه فيقبل إليه، فبينما هم على ذلك إذ بعث الله المسيح ابن مريم فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين واضعا يده على أجنحة ملكين فيتبعه فيدركه فيقتله عند باب لد الشرقي فبينما هم كذلك أوحى الله إلى عيسى ابن مريم: أني قد أخرجت عبادا من عبادي لا يدان لك بقتالهم فحرز عبادي إلى الطور، فيبعث الله يأجوج ومأجوج كما قال الله: {وهم من كل حدب ينسلون} فيرغب عيسى وأصحابه إلى الله فيرسل عليهم نغفا في رقابهم فيصبحون موتى كموت نفس واحدة فيهبط عيسى وأصحابه إلى الأرض فيجدون نتن ريحهم فيرغب عيسى وأصحابه إلى الله فيرسل الله عليهم طيرا كأعناق البخت فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله ويرسل الله مطرا لا يكن منه بيت مدر ولا بر أربعين يوما فتغسل الأرض حتى تتركها زلفة ويقال للأرض: أنبتي ثمرتك فيومئذ يأكل النفر من الرمانة ويستظلون بقحفها ويبارك في الرسل حتى أن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس واللقحة من البقر تكفي الفخذ والشاة من الغنم تكفي البيت فبينما هم على ذلك إذ بعث الله ريحا طيبة تحت آباطهم فتقبض روح كل مسلم ويبقى شرار الناس يتهارجون تهارج الحمر وعليهم تقوم الساعة). [الدر المنثور: 10/377-380]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال: ذكر لنا أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: لو نتجت فرس عند خروجهم ما ركب فلوها حتى تقوم الساعة). [الدر المنثور: 10/380]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أول الآيات: الدجال ونزول عيسى ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر تقيل معهم إذا قالوا وتبيت معهم إذا باتوا والدخان والدابة ويأجوج ومأجوج، قال حذيفة: قلت: يا رسول الله ما يأجوج ومأجوج قال: يأجوج ومأجوج أمم كل أمة أربعمائة ألف أمة، لا يموت الرجل منهم حتى يرى ألف عين تطوف بين يديه من صلبه وهم ولد آدم فيسيرون إلى خراب الدنيا ويكون مقدمتهم بالشام وساقتهم بالعراق فيمرون بأنهار الدنيا فيشربون الفرات ودجلة وبحيرة طبرية حتى يأتون بيت المقدس فيقولون: قد قتلنا أهل الدنيا فقاتلوا من في السماء فيرمون بالنشاب إلى السماء فترجع نشابتهم مخضبة بالدم فيقولون: قد قتلنا من في السماء، وعيسى والمسلمون بجبل طور سينين فيوحي الله إلى عيسى: أن أحرز عبادي بالطور وما يلي أيلة ثم إن عيسى يرفع يديه إلى السماء ويؤمن المسلمون فيبعث الله عليهم دابة يقال لها النغف، تدخل في مناخرهم فيصبحون موتى من حاق الشام إلى حاق المشرق حتى تنتن الأرض من جيفهم ويأمر الله السماء فتمطر كأفواه القرب فتغسل الأرض من جيفهم ونتنهم فعند ذلك طلوع الشمس من مغربها). [الدر المنثور: 10/380-381]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال: يخرج يأجوج ومأجوج فيموجون في الأرض فيفسدون فيها، ثم قرأ ابن مسعود {وهم من كل حدب ينسلون} قال: ثم يبعث الله عليهم دابة مثل النغف فتلج في أسماعهم ومناخرهم فيموتون منها فتنتن الأرض منهم فيرسل الله ماء فيطهر الأرض منهم). [الدر المنثور: 10/381-382]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير من طريق عطية قال: قال أبو سعيد: يخرج يأجوج ومأجوج فلا يتركون أحدا إلا قتلوه إلا أهل الحصون فيمرون على البحيرة فيشربونها فيمر المار فيقول: كأنه كان ههنا ماء فيبعث الله عليهم النغف حتى يكسر أعناقهم فيصيروا خبالا فيقول أهل الحصون: لقد هلك أعداء الله، فيرسلون رجلا لينظر ويشرط عليهم إن وجدهم أحياء أن يرفعوه فيجدهم قد هلكوا، فينزل الله ماء من السماء فيقذف بهم في البحر فتطهر الأرض منهم ويغرس الناس بعدهم الشجر والنخل وتخرج الأرض ثمرها كما كانت تخرج في زمن يأجوج ومأجوج). [الدر المنثور: 10/382]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن كعب قال: إذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج حفروا حتى يسمع الذي يلونهم قرع فؤوسهم فإذا كان الليل قالوا: نجي غدا نخرج، فيعيده الله كما كان فيجيئون غدا فيحفرون حتى يسمع الذين يلونهم قرع فؤوسهم فإذا كان الليل قالوا: نجي فنخرج فيجيئون من الغد فيجدونه قد أعاده الله تعالى كما كان فيحفرونه حتى يسمع الذين يلونهم قرع فؤوسهم فإذا كان الليل ألقى الله على لسان رجل منهم يقول: نجيء غدا فنخرج إن شاء الله، فيجيئون من الغد فيجدونه كما تركوه فيخرقون ثم يخرجون فتمر الزمرة الأولى بالبحيرة فيشربون ماءها ثم تمر الزمرة الثانية فيلحسون طينها ثم تمر الزمرة الثالثة فيقولون: كان ههنا مرة ماء، ويفر الناس منهم ولا يقوم لهم شيء ويرمون بسهامهم إلى السماء فترجع مخضبة بالدماء فيقولون: غلبنا أهل الأرض وأهل السماء فيدعو عليهم عيسى عليه السلام فيقول: اللهم لا طاقة ولا يد لنا بهم فاكفناهم بما شئت، فيرسل الله عليهم دودا يقال له: النغف فتقرس رقابهم ويبعث الله عليهم طيرا فتأخذهم بمناقيرها فتلقيهم في البحر ويبعث الله تعالى عينا يقال لها الحياة تطهر الأرض منهم وينبتها حتى أن الرمانة ليشبع منها السكن قيل: وما السكن يا كعب قال: أهل البيت، قال: فبينا الناس كذلك إذ أتاهم الصراخ أن ذا السويقتين أتى البيت يريده، فيبعث عيسى طليعة سبعمائة أو بين السبعمائة والثمانمائة حتى إذا كانوا ببعض الطريق يبعث الله ريحا يمانية طيبة فيقبض فيها روح كل مؤمن ثم يبقى محاح من الناس فيتسافدون كما تتسافد البهائم فمثل الساعة كمثل رجل يطيف حول فرسه ينظرها متى تضع). [الدر المنثور: 10/382-384]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: ما كان منذ كانت الدنيا رأس مائة سنة إلا كان عند رأس المائة أمر، قال: فتحت يأجوج ومأجوج، وهم كما قال الله: {من كل حدب ينسلون} فيأتي أولهم على نهر عجاج فيشربونه كله حتى ما يبقى منه قطرة ويأتي آخرهم فيمر فيقول: قد كان ههنا مرة ماء فيفسدون في الأرض ويحاصرون المؤمنين في مدينة إليا فيقولن: لم يبق في الأرض أحد إلا قد ذبحناه، هلموا نرمي من في السماء، فيرمون في السماء فترجع إليهم سهامهم في نصلها الدم فيقولون: ما بقي في الأرض ولا في السماء أحد إلا وقد قتلناه، فيقول المؤمنون: يا روح الله ادع الله عليهم، فيدعو عليهم فيبعث الله في آذانهم النغف فيقتلهم جميعا في ليلة واحدة حتى تنتن الأرض من جيقهم فيقول المؤمنون: يا روح الله ادع الله فإنا نخشى أن نموت من نتن جيفهم، فيدعو الله فيرسل عليهم وابلا من السماء فيجعلهم سيلا فيقذفهم في البحر). [الدر المنثور: 10/384]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن حذيفة رضي الله عنه قال: لو أن رجلا اقتنى فلوا بعد خروج يأجوج ومأجوج لم يركبه حتى تقوم الساعة). [الدر المنثور: 10/384]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري وأبو يعلى، وابن المنذر عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليحجن هذا البيت وليعتمرن بعد خروج يأجوج ومأجوج). [الدر المنثور: 10/385]

تفسير قوله تعالى: (وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ (97) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {واقترب الوعد الحقّ فإذا هي شاخصةٌ أبصار الّذين كفروا يا ويلنا قد كنّا في غفلةٍ من هذا بل كنّا ظالمين}.
يقول تعالى ذكره: حتّى إذا فتحت يأجوج ومأجوج، اقترب الوعد الحقّ، وذلك وعد اللّه الّذي وعد عباده أنّه يبعثهم من قبورهم للجزاء والثّواب والعقاب، وهو لا شكّ حقٌّ، كما قال جلّ ثناؤه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا الحكم بن بشيرٍ، قال: حدّثنا عمرٌو، يعني ابن قيسٍ، قال: حدّثنا حذيفة: " لو أنّ رجلاً، افتلى فلوًّا بعد خروج يأجوج ومأجوج لم يركبه حتّى تقوم القيامة ".
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {واقترب الوعد الحقّ} قال: " اقترب يوم القيامة منهم ".
والواو في قوله: {واقترب الوعد الحقّ} مقحمةٌ، ومعنى الكلام: حتّى إذا فتحت يأجوج ومأجوج اقترب الوعد الحقّ، وذلك نظير قوله: {فلمّا أسلما وتلّه للجبين وناديناه} معناه: ناديناه، بغير واو، كما قال امرؤ القيس:
فلمّا أجزنا ساحة الحيّ وانتحى = بنا بطن خبتٍ ذي حقافٍ عقنقل
يريد: فلمّا أجزنا ساحة الحيّ انتحى بنا
وقوله: {فإذا هي شاخصةٌ أبصار الّذين كفروا}
ففي ( هي ) الّتي في قوله: {فإذا هي} وجهان: أحدهما أن تكون كنايةً عن الأبصار، وتكون الأبصار الظّاهرة بيانًا عنها، كما قال الشّاعر:
لعمرو أبيها لا تقول ظعينتي = ألا فرّ عنّي مالك بن أبي كعبٍ
فكنّى عن الظّعينة في: لعمر أبيها، ثمّ أظهرها، فيكون تأويل الكلام حينئذٍ: فإذا الأبصار شاخصةٌ، أبصار الّذين كفروا.
والثّاني: أن تكون عمادًا، كما قال جلّ ثناؤه: {فإنّها لا تعمى الأبصار} وكقول الشّاعر:
فهل هو مرفوعٌ بما ههنا رأس
وقوله: {يا ويلنا قد كنّا في غفلةٍ من هذا} يقول تعالى ذكره: فإذا أبصار الّذين كفروا قد شخصت عند مجيء الوعيد الحقّ بأهواله، وقيام السّاعة بحقائقها، وهم يقولون: يا ويلنا قد كنّا قبل هذا الوقت في الدّنيا في غفلةٍ من هذا الّذي نرى ونعاين، ونزل بنا من عظيم البلاء. وفي الكلام متروكٌ ترك ذكره استغناءً بدلالة ما ذكر عليه عنه، وذلك ( يقولون ) من قوله: {فإذا هي شاخصةٌ أبصار الّذين كفروا} يقولون: {يا ويلنا}.
وقوله: {بل كنّا ظالمين} يقول مخبرًا عن قيل الّذين كفروا باللّه يومئذٍ: ما كنّا نعمل لهذا اليوم ما ينجينا من شدائده، بل كنّا ظالمين بمعصيتنا ربّنا، وطاعتنا إبليس وجنده في عبادة غير اللّه عزّ وجلّ). [جامع البيان: 16/408-410]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد {واقترب الوعد الحق} قال: اقترب يوم القيامة). [الدر المنثور: 10/385]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عن الربيع {واقترب الوعد الحق} قال: قامت عليهم الساعة). [الدر المنثور: 10/385]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 09:29 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
Post

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (95)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وحرامٌ على قريةٍ أهلكناها أنّهم لا يرجعون} [الأنبياء: 95]
- نا سفيان والمعلّى بن هلالٍ، عن داود بن أبي هندٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ والمعلّى، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ أنّه كان يقرأها: وحرمٌ على قريةٍ أهلكناها وفسّرها في حديث سفيان والمعلّى قال: أي وجب على قريةٍ أهلكناها أنّهم لم يكونوا ليؤمنوا.
وقال سفيان: وجب عليهم أنّهم لا يؤمنون.
نا سعيدٌ، عن قتادة، عن الحسن: {أنّهم لا يرجعون} [الأنبياء: 95] يعني: لا يتوبون.
وقال ابن عبّاسٍ: {وحرامٌ على قريةٍ أهلكناها} [الأنبياء: 95] أي وجب عليه أنّها إذا هلكت لا يرجعون إلى دنياهم.
قال يحيى: والعامّة يقرءونها: {وحرامٌ} [الأنبياء: 95] وتفسيرها عندهم: حرامٌ عليهم أنّهم لا يرجعون.
وهي على الوجهين في التّفسير: إلى التّوبة وإلى الدّنيا). [تفسير القرآن العظيم: 1/341]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وحرامٌ على قريةٍ أهلكناها...}

قرأها ابن عباس. حدثني بذلك غير واحد. منهم هشيم عن داود عن عكرمة عن ابن عباس، وسفيان عن عمير وعن ابن عباس. وحدثني عمرو بن أبي المقدام عن أبيه عن سعيد بن جبير (وحرمٌ) وحدثني بعضهم عن يحيى بن وثاب وإبراهيم النخعيّ (وحرمٌ علي) وأهل المدينة والحسن (وحرامٌ) بألف. وحرام أفشى في القراءة.
وهو بمنزلة قولك: حلّ وحلال، وحرم وحرام). [معاني القرآن: 2/211]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وحرامٌ على قريةٍ أهلكناها أنّهم لا يرجعون} أي حرام عليهم أن يرجعوا. ويقال: حرام: واجب.
وقال الشاعر:
فإن حراما لا أرى الدهر باكيا= على شجوه إلا بكيت على عمرو أي واجبا.
ومن قرأ: «حرم» فهو بمنزلة حرام. يقال: حرم وحرام، كما يقال: حل وحلال). [تفسير غريب القرآن: 288]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقوله سبحانه: {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ}.
يريد أنهم يرجعون، فزاد (لا): لأنهم لا يرجعون). [تأويل مشكل القرآن: 245]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عز وجل: {وحرام على قرية أهلكناها أنّهم لا يرجعون}
قرئت: حرم وحرام، هاتان أكثر القراءة، وقد قرئت حرم على قرية، وحرم على قرية.
وجاء في التفسير حرم في معنى حتم.
وجاء أيضا عن ابن عباس أنه قال: حتم عليهم ألا يرجعوا إلى دنياهم، وجاء عنه وعن قتادة أنهم لا يرجعون إلى توبة، وعند أهل اللغة حرم وحرام في معنى واحد، مثل: حل وحلال.
وظاهر "حرام عليهم أنهم لا يرجعون"، يحتاج إلى أن يبيّن، ولا أعلم أحدا من أهل اللغة، ولا من أهل التفسير بيّنه.
وهو - واللّه أعلم - أنه لما قال: {فمن يعمل من الصّالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه وإنّا له كاتبون}
أعلمنا أن اللّه عزّ وجلّ قد حرّم قبول أعمال الكافرين وبين ذلك بقوله: {الّذين كفروا وصدّوا عن سبيل اللّه أضلّ أعمالهم}
فالمعنى حرام على قرية أهلكناها أن نتقبل منهم عملا لأنهم لا يرجعون، أي لا يتوبون، وحرم وحرم في معنى حرام.
إلا أنّ حراما اسم، وحرم وحرم فعل). [معاني القرآن: 3/405-404]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ}: أي واجب). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 156]

تفسير قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (96)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {حتّى إذا فتحت يأجوج ومأجوج} [الأنبياء: 96] يعني: فلمّا فتحت يأجوج ومأجوج.
تفسير السّدّيّ: يموجون في الأرض فيفسدون فيها.
- نا يونس بن أبي إسحاق، عن سعيد بن عمرو بن جعدة، عن الزّهريّ قال: قالت أمّ سلمة: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نائمًا في بيته فاستيقظ محمرّةً عيناه، فقال: «لا إله إلا اللّه ثلاثًا، ويلٌ للعرب من أمرٍ قد اقترب، قد فتح اليوم من يأجوج ومأجوج مثل هذا»، وعقد يونس بيده تسعين مفرجةً شيئًا.
حدّثني أبو أميّة، عن حميد بن هلالٍ، عن أبي الضّيف، عن كعبٍ
[تفسير القرآن العظيم: 1/341]
الأحبار قال: إنّ يأجوج ومأجوج ينقرون كلّ يومٍ بمناقرهم في السّدّ فيسرعون فيه، فإذا أمسوا قالوا: نرجع غدًا فنفرغ منه.
فيصبحون وقد عاد كما كان.
فإذا أراد اللّه تبارك وتعالى خروجهم، قذف على ألسن بعضهم الاستثناء فقالوا: نرجع غدًا إن شاء اللّه فنفرغ منه، فيصبحون وهو كما تركوه، فينقرونه، فيخرجون على النّاس، فلا يأتون على شيءٍ إلا أفسدوه.
فيمرّ أوّلهم على البحيرة فيشربون ماءها، ويمرّ أوسطهم فيلحسون طينها ويمرّ آخرهم فيقول: قد كان هاهنا ماءٌ مرّةً فيقهرون النّاس، ويفرّ النّاس منهم في البرّيّة والجبال.
فيقولون: قد قهرنا أهل الأرض فهلمّوا إلى أهل السّماء.
فيرمون نبالهم إلى السّماء فترجع تقطر دمًا.
فيقولون: قد فرغنا من أهل الأرض وأهل السّماء.
فيبعث اللّه عليهم أضعف خلقه: النّغف وهي دودٌ تأخذهم في رقابهم فتقتلهم، حتّى تنتن الأرض من جيفهم.
ويرسل اللّه الطّير فتنقل جيفهم إلى البحر، ثمّ يرسل اللّه تبارك وتعالى السّماء فتطهّر الأرض.
وفي حديث عبد الرّحمن بن يزيد، عن عطاء بن يزيد: ويستوقد المسلمون من قسيّهم، وجعابهم، ونشابهم، وأترستهم سبع سنين.
قال كعبٌ: وتخرج الأرض زهرتها وبركتها، ويتراجع النّاس، حتّى إنّ الرّمّانة لتشبع السّكن.
قيل: وما السّكن؟ قال: أهل البيت.
قال: وتكون سلوةً من عيشٍ.
فبينما النّاس كذلك إذ جاءهم خبرٌ أنّ ذا السّويقتين صاحب الجيش قد غزا البيت.
فيبعث المسلمون جيشًا، فلا يصلون إليهم ولا يرجعون إلى أصحابهم حتّى يبعث اللّه تبارك وتعالى ريحًا طيّبةً يمانيّةً من تحت العرش، فتكفت روح كلّ مؤمنٍ.
ثمّ لا أجد مثل السّاعة إلا كرجلٍ أنتج مهرًا فهو ينتظر متى يركبه، فمن تكلّف من أمر السّاعة ما وراء هذا فهو متكلّفٌ.
[تفسير القرآن العظيم: 1/342]
- نا سعيدٌ، عن قتادة، عن أبي رافعٍ، عن أبي هريرة، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: " إنّ يأجوج ومأجوج يخرقونه كلّ يومٍ حتّى إذا كادوا يرون شعاع الشّمس قال الّذين عليهم: ارجعوا، فستخرقونه غدًا، فيعيده اللّه كأشدّ ما كان، حتّى إذا بلغت مدّتهم وأراد اللّه أن يبعثهم على النّاس حفروا، حتّى إذا كادوا يرون شعاع الشّمس قال الّذين عليهم: ارجعوا
فستخرقونه إن شاء اللّه غدًا، فيعودون إليه وهو كهيئته حين تركوه فيخرقونه فيخرجون على النّاس، فينشفون المياه ويتحصّن النّاس منهم في حصونهم، فيرمون نشابهم إلى السّماء فيرجع فيها كهيئة الدّم فيقولون: قهرنا أهل الأرض وعلونا أهل السّماء، فيبعث اللّه عليهم نغفًا في أقفائهم فيقتلهم بها، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: والّذي نفسي بيده إنّ دوابّ
الأرض لتسمن وتشكر من لحومهم شكرًا ".
- نا سعيدٌ، عن قتادة أنّ أبا سعيدٍ الخدريّ قال: إنّ النّاس يحجّون، ويعتمرون ويغرسون بعد خروج يأجوج ومأجوج.
قوله: {وهم من كلّ حدبٍ ينسلون} [الأنبياء: 96] نا سعيدٌ، عن قتادة قال: من كلّ أكمةٍ ومن كلّ نجوٍ ينسلون يخرجون.
نا عاصم بن حكيمٍ أنّ مجاهدًا قال: جمع النّاس من كلّ مكانٍ جاءوا منه
[تفسير القرآن العظيم: 1/343]
يوم القيامة فهو حدبٌ.
- نا سعيدٌ، عن قتادة، عن نوفٍ البكاليّ، عن عبد اللّه بن عمرٍو قال: إنّ اللّه تبارك وتعالى خلق الملائكة، والجنّ، والإنس فجزّأهم عشرة أجزاءٍ، تسعة أجزاءٍ منها الملائكة، وجزءٌ واحدٌ الجنّ والإنس.
وجزّأ الملائكة عشرة أجزاءٍ، تسعة أجزاءٍ منهم الكروبيّون الّذين يسبّحون اللّيل والنّهار لا يفترون، وجزءٌ منهم واحدٌ لرسالته، ولخزائنه، وما يشاء من أمره.
وجزّأ الجنّ والإنس عشرة أجزاءٍ، تسعة أجزاءٍ منهم الجنّ والإنس جزءٌ واحدٌ، فلا يولد من الإنس مولودٌ إلا ولد من الجنّ تسعةٌ.
وجزّأ الإنس عشرة أجزاءٍ، تسعة أجزاءٍ منهم يأجوج ومأجوج، وسائرهم بنو آدم.
قال يحيى: يعني ما سوى يأجوج ومأجوج من ولد آدم.
وكان الحسن يقول: الإنس كلّهم من عند آخرهم ولد آدم، والجنّ كلّهم من عند آخرهم ولد إبليس.
- نا الحسن بن دينارٍ، عن عبد اللّه بن محمّد بن عروة، عن رجلٍ من آل مسعودٍ الثّقفيّ قال: حدّثني أخي أو ابن أخي أو ابن عمّي قال: قلت لعبد اللّه بن عمرٍو: يأجوج ومأجوج الأذرع هم أم الأشبار؟ فقال: يابن أخي ما أجد من ولد آدم بأعظم منهم ولا أطول، ولا يموت الميّت منهم حتّى يولد له ألفٌ فصاعدًا.
فقلت: ما طعامهم؟ قال: هم في ماءٍ ما شربوا، وفي شجرٍ ما هضموا، وفي نساءٍ ما نكحوا.
حدّثني يونس بن أبي إسحاق عن أبيه قال: بلغني أنّ هؤلاء التّرك ممّا سقط من دون الرّدم من ولد يأجوج ومأجوج). [تفسير القرآن العظيم: 1/344]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وهم مّن كلّ حدبٍ ينسلون...}

الحدب كل أكمة (ومكانٍ مرتفعٍ) ). [معاني القرآن: 2/211]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ينسلون} يعجلون في مشيهم كما ينسل الذئب ويعسل قال الجعدي:
عسلان الذئب أمسى قارباً=برد الليل عليه فنسل).
[مجاز القرآن: 2/42]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {من كل حدب}: الحدب بلغة أهل الحجاز القبر وهو الجدث أيضاَ.
{ينسلون}: يخرجون والنسلان والنسول مشي سريع في استخفاء مثل نسلان الذئب). [غريب القرآن وتفسيره: 256]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وهم من كلّ حدبٍ} أي من كل نشز من الأرض وأكمة.
{ينسلون} من النّسلان. وهو: مقاربة الخطو مع الإسراع، كمشي الذئب إذا بادر. والعسلان مثله). [تفسير غريب القرآن: 288]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (و(واو النّسق) قد تزاد حتى يكون الكلام كأنه لا جواب له، كقوله:
{حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا}. والمعنى: قال لهم خزنتها.
وقوله: {فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ}.
وقوله سبحانه: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ}.
وكقوله: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ * وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ}.
وقوله: {اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} أي: لنحمل خطاياكم عنكم.
قال امرؤ القيس:
فلما أجزنا ساحة الحيِّ وانتحَى = بنا بطن خَبْتٍ ذي قِفَافٍ عَقَنْقَلِ
أراد انتحى.
وقال آخر:

حتَّى إذا قَمِلَتْ بطونُكم = ورأيتمُ أبناءَكمْ شَبُّوا
وَقَلَبْتمُ ظَهْرَ المجَنِّ لَنَا = إِنَّ اللَّئيمَ العَاجِزَ الخَبُّ
أراد: قلبتم). [تأويل مشكل القرآن: 252-254] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {حتّى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كلّ حدب ينسلون }
بهمز وغير همز، وهما قبيلتان من خلق اللّه.
ويروى أن الناس عشرة أجزاء تسعة منهم يأجوج ومأجوج، وهما اسمان أعجميان، واشتقاق مثلهما من كلام العرب يخرج من أججت النار، ومن النار الأجاج وهو أشد وهو الشديد الملوحة، المحرق من ملوحته.
وقوله: {وهم من كلّ حدب ينسلون}
ورويت أيضا من كل جدث ينسلون، - بالجيم والثاء - والأجود في هذا الحرف، (حدب ينسلون) بالحاء، والحدب كل أكمة، و {ينسلون} يسرعون). [معاني القرآن: 3/405]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وهم من كل حدب ينسلون} قال: الحدب: التلال، والآكام، واحدها: حدبة، وينسلون، أي يسرعون).
[ياقوتة الصراط: 365]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مِّن كُلِّ حَدَبٍ}: أي من كل نشز من الأرض وأكمة، {يَنسِلُونَ}: النسلان. مقاربة الخطى مع الإسراع، ومثله العسلان). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 157]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (الحَدَبُ): القبر.
{يَنْسِلُونَ}: يخرجون). [العمدة في غريب القرآن: 208]

تفسير قوله تعالى: {وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ (97)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {واقترب الوعد الحقّ} [الأنبياء: 97] يعني النّفخة الآخرة.
{فإذا هي شاخصةٌ أبصار الّذين كفروا} [الأنبياء: 97] إلى إجابة الدّاعي إلى بيت المقدس.
{يا ويلنا} [الأنبياء: 97] يقولون: {قد كنّا في غفلةٍ من هذا} [الأنبياء: 97] يعنون تكذيبهم بالسّاعة.
{بل كنّا ظالمين} [الأنبياء: 97] لأنفسنا). [تفسير القرآن العظيم: 1/345]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {واقترب الوعد الحقّ...}

معناه - والله أعلم -: حتى إذا فتحت اقترب. ودخول الواو في الجواب في (حتّى إذا) بمنزلة قوله: {حتّى إذا جاءوها وفتحت أبوابها}.
وفي قراءة عبد الله {فلمّا جهّزهم بجهازهم جعل السّقاية} وفي قراءتنا بغير واو. ومثله في الصافات {فلمّا أسلما وتلّه للجبين وناديناه} معناه ناديناه،
وقال امرؤ القيس:
فلمّا أجزنا ساحة الحيّ وانتحى=بنا بطن خبتٍ ذي قفاف عقنقل
يريد انتحى.
وقوله: {فإذا هي شاخصةٌ أبصار الّذين كفروا} تكون (هي) عماداً يصلح في موضعها (هو) فتكون كقوله: {إنّه أنا الله العزيز الحكيم}
ومثله قوله: {فإنّها لا تعمى الأبصار} فجاء التأنيث لأن الأبصار مؤنّثة والتذكير للعماد. وسمعت بعض العرب يقول: كان مرّةً وهو ينفع الناس أحسابهم فجعل (هو) عماداً.
وأنشدني بعضهم:
بثوب ودينارٍ وشاة ودرهمٍ=فهل هو مرفوع بما هاهنا راس
وإن شئت جعلت (هي) للأبصار كنيت عنها ثم أظهرت الأبصار لتفسرها؛
كما قال الشاعر:
لعمر أبيها لا تقول ظعينتي=ألا فرّعني مالك بن أبي كعب
فذكر الظعينة وقد كنى عنهما في (لعمر) ). [معاني القرآن: 2/212-211]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {واقترب الوعد الحقّ} يعني يوم القيامة). [تفسير غريب القرآن: 288]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {واقترب الوعد الحقّ فإذا هي شاخصة أبصار الّذين كفروا يا ويلنا قد كنّا في غفلة من هذا بل كنّا ظالمين}
قال بعضهم: [لا يجوز طرح الواو].
والجواب عند البصريّين قوله: {يا ويلنا قد كنّا في غفلة من هذا}
وههنا قول محذوف، المعنى حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج واقترب الوعد الحق قالوا: {يا ويلنا قد كنّا في غفلة من هذا بل كنّا ظالمين}.
وجاء في التفسير أن خروج يأجوج ومأجوج من أعلام الساعة). [معاني القرآن: 3/405]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 09:31 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي


التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (95) }


قال أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري (ت:215هـ): (وقال عبد الرحمن بن جمانة المحاربي:

...

فإن حراما لا أرى الدهر باكيا = على شجوه إلا بكيت على عمرو

قال الرياشي فإن حراما يعني واجبا وقول الله عز وجل: {وحرام على قرية} أي واجب). [النوادر في اللغة: 441]

قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ}. من قال حرام على قرية أهلكناها أنهم يرجعون، فجعل " لا " صلة أنهم لا يرجعون، و " من " جعل الحرام مكان القول وأقره على ما كان، فالقولان صحيحان). [مجالس ثعلب: 551]

قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( ولا حرف من الأضداد؛ تكون بمعنى الجحد، -وهو الأشهر فيها- وتكون بمعنى الإثبات، وهو المستغرب عند عوام الناس منها، فكونها بمعنى الجحد لا يحتاج فيه إلى شاهد، وكونها بمعنى الإثبات شاهده، قول الله عز وجل: {وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون} معناه أنهم يرجعون. وكذلك قوله عز وجل: {ما منعك ألا تسجد}، معناه (أن تسجد)، فدخلت (ما) للتوكيد، ومثله قوله جل وعلا: {وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون}، معناه أنها إذا جاءت يؤمنون. وقال الشاعر:

أبى جوده لا البخل واستعجلت به = نعم من فتى لا يمنع الجود قاتله).
[كتاب الأضداد: 211]

قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (والمثقب: الذي يوقد النار ويحييها ويضيئها، يقال:

أثقبت ناري أثقبها، وثقبت النار تثقب فهي ثاقبة ثقوبا، وقال الله عز وجل: {إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب}، وقال أبو الأسود:

أذاع به في الناس حتى كأنه = بعلياء نار أوقدت بثقوب

أي يضياء، وقال الآخر:

قد يكسب المال الهدان الجافي = بغير لا عطف ولا اصطراف

أراد: بغير عصف.

وقال الآخر:

وقد حداهن بلا غبر خرق

وقال الآخر:

فما ألوم البيض ألا تسخرا = لما رأين الشمط القفندرا

أراد: (أن تسخرا)، والقفندر: القبيح، قال الآخر:


ألا يا لقومي قد أشطت عواذلي = ويزعمن أن أودى بحقي باطلي

ويلحينني في اللهو ألا أحبه = وللهو داع دائب غير غافل

أراد: أن أحبه.

وقال جماعة من أهل العربية في بيت العجاج:

في بئر لا حور سرى وما شعر

أراد: في بئر حور، أي في بئر هلاك.

وقال الفراء: (لا) جحد محض في هذا البيت، والتأويل عنده: في بئر ماء لا يحير عليه شيئا أي لا يرد عليه شيئا. وقال العرب: تقول: طحنت الطاحنة؛ فما أحارت شيئا، أي لم يتبين لها أثر عمل.

وقال الفراء أيضا: إنما تكون (لا) زائدة إذا تقدم الجحد، كقول الشاعر:

ما كان يرضي رسول الله الله دينهم = والطيبان أبو بكر ولا عمر

أراد: أبو بكر وعمر.

أو إذا أتى بعدها جحد، فقدمت للإيذان به؛ كقوله عز وجل: {لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء من فضل الله}، معناه: لأن يعلم.

وقال الكسائي وغيره في تفسير قول الله جل وعز: {لا أقسم بيوم القيامة}، معناه: أقسم، ولا زائدة.

وقال الفراء: (لا) لا تكون أول الكلام زائدة، ولكنها رد على الكفرة، إذ جعلوا لله عز وجل ولدا وشريكا وصاحبة،

فرد الله عليهم قولهم، فقال: (لا)، وابتدأ بـ {أقسم بيوم القيامة}.

وقال الفراء أيضا في قوله: {ما منعك ألا تسجد}: المنع يرجع إلى معنى القول، والتأويل: من قال لك لا تسجد. فـ (لا) جحد محض، وأن دخلت إيذانا بالقول؛ إذ لم يتصرح لفظه؛ كما قال أبو ذؤيب في مرثية بنيه:

فأجبتها أن ما لجسمي أنه = أودى بني من البلاد فودعوا

أراد: فقلت لها، فزاد (أن) إذ لم يتصرح القول. وكذلك تأول الآيتين الأخريين: {وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون}، {وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون} على مثل هذا المعنى). [كتاب الأضداد: 213-216] (م)



تفسير قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (96) }

قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت:206هـ): (وقال: نسل ينسل نسولا ونسلانا، أي: خرج وظهر. ويقال: نسل شعره نسولا: سقط، وأنسل في الغالب على النبت. وقال الراجز:

إناة إذا ما أعجز القوم الحيل

ننسل في ظلمة ليل ودغل). [الأضداد: 142]

قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (ونَسَل حرف من الأضداد. يقال: قد نَسَل، إذا ظهر وخرج، وقد نَسَل الشعر، إذا سقط، وقد نَسَل إذا نبت؛ قال الشاعر:

إني إذا ما أعيت القوم الحيل = أنسل في ظلمة ليل ودغل

وقال الله عز وجل: {من كل حدب ينسلون} فمعنى (ينسلون) هاهنا يسرعون، وليس هو من البابين الأولين. وقال الشاعر:


عسلان الذئب أمسى قاربا = يرد الليل عليه فنسل

أراد فأسرع. والحدب المكان المرتفع، قال الشاعر:

تداركني منه خليج فردني = له حدب تستن منه الضفادع

وقال الآخر:

فأما يومهن فيوم سوء = تطاردهن بالحدب الصقور).
[كتاب الأضداد: 271-272]



تفسير قوله تعالى: {وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ (97) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 18 ذو القعدة 1439هـ/30-07-2018م, 05:04 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 18 ذو القعدة 1439هـ/30-07-2018م, 05:05 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 18 ذو القعدة 1439هـ/30-07-2018م, 05:08 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (95)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وذكر المسيء بالوعيد في قوله: {وحرام على قرية أهلكناها} الآية، فتأمل الوعيد فيها على كل قول تذكرة فإنه بين، و"الكفران" مصدر كالكفر، ومنه قول الشاعر:
رأيت أناسا لا تنام خدودهم = وخدي ولا كفران لله نائم
واختلف القراء في قوله تعالى: "وحرام" فقرأ عكرمة وغيره: "وحرم" بفتح الحاء وكسر الراء، وقرأ جمهور السبعة: "وحرام"، وقرأ حمزة والكسائي، وحفص عن عاصم: "وحرم" بكسر الحاء وسكون الراء، وقرأ ابن العباس رضي الله عنهما - بخلاف عنه -: "وحرم" بفتح الحاء وسكون الراء، وقرأت فرقة: "وحرم" بفتح الحاء والراء وشد الراء، وقرأت فرقة: "وحرم" بضم الحاء وكسر الراء وشدها، وقرأ قتادة، ومطر الوراق: "وحرم" بفتح الحاء وضم الراء. والمستفيض من هذه القراءات قراءة
[المحرر الوجيز: 6/199]
من قرأ: "وحرم"، وقراءة من قرأ: "وحرام"، وهما مصدران مثل "الحل والحلال".
فأما معنى الآية فقالت فرقة: حرام وحرم معناه: جزم وحتم على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون إلى الدنيا فيتوبون ويستعتبون، بل هم صائرون إلى العذاب، وقال بعض هذه الفرقة: "الإهلاك" هو بالطبع على القلوب ونحوه، و"الرجوع" هو إلى التوبة والإيمان، وقالت طائفة: المعنى: وحرام، أي: ممتنع - وحرم كذلك - على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون، وقالوا: لا زيادة في الكلام. واختلفوا في "الإهلاك والرجوع" بحسب القولين المذكورين، قال أبو علي: يحتمل أن يرتفع "حرام" بالابتداء، والخبر رجوعهم، و"لا" زائدة، ويحتمل أن يرتفع "حرام" على خبر الابتداء، كأنه قال: والإقالة والتوبة حرام، ثم يكون التقدير بأنهم لا يرجعون، فتكون "لا" على بابها، كأنه قال: هذا عليهم ممتنع بسبب كذا، فقال تحريم في الآية بالجملة ليس كتحريم الشرع الذي إن شاء المنهي عنه ركبه.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ويتجه في الآية معنى ضمنه وعيد بين، وذلك أنه ذكر من عمل صالحا وهو مؤمن، ثم عاد إلى ذكر الكفرة الذين من كفرهم ومعتقدهم أنهم لا يحشرون إلى رب، ولا يرجعون إلى معاد، فهم يظنون بذلك أنه لا عقاب ينالهم، فجاءت الآية مكذبة لظن هؤلاء، أي: "ممتنع على الكفرة المهلكين أن لا يرجعون، بل هم راجعون إلى عقاب الله وأليم عذابه"، فتكون "لا" على بابها، والحرام على بابه، وكذلك الحرم فتأمله). [المحرر الوجيز: 6/200]

تفسير قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (96)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا بل كنا ظالمين}
تحتمل "حتى" - في هذه الآية - أن تكون متعلقة بقوله: "وتقطعوا"، وتحتمل - على بعض التأويلات المتقدمة - أن تتعلق بـ "يرجعون"، وتحتمل أن تكون حرف ابتداء: وهو الأظهر بسبب "إذا"؛ لأنها تقتضي جوابا وهو المقصود ذكره.
واختلف هنا في الجواب، فقالت فرقة: الجواب قوله: " اقترب الوعد " والواو زائدة، وقالت فرقة - منها الزجاج وغيره: الجواب في قوله تعالى: "يا ويلنا"، التقدير: قالوا يا ويلنا، وليست الواو بزائدة، والذي أقول: إن الجواب في قوله تعالى: {فإذا هي شاخصة}، وهذا هو المعنى الذي قصد ذكره لأنه رجوعهم الذي كانوا يكذبون به وحرم عليهم امتناعه.
وقرأ الجمهور: "فتحت" بتخفيف التاء، وقرأ ابن عامر وحده: "فتحت" بتثقيلها. وروي أن يأجوج ومأجوج يشرفون في كل يوم على الفتح فيقولون: غدا يفتح، ولا يردون المشيئة إلى الله تعالى، فإذا كان الغد وجدوا الردم كأوله، حتى إذا أذن الله في فتحه قال قائلهم: غدا نفتحه إن شاء الله، فيجدونه كما تركوه قريب الانفتاح فيفتحونه حينئذ. وقرأ عاصم وحده: " يأجوج ومأجوج " بالهمزة، وقرأ الجمهور بالتسهيل، وقد تقدم في سورة الكهف توجيه ذلك وكثير من حال يأجوج ومأجوج فغنيناها هنا عن إعادة ذلك.
و "الحدب" كل مسنم من الأرض كالجبل والظرب والكدية والقبر ونحوه، وقالت فرقة: المراد بقوله: "وهم" يأجوج ومأجوج، يعني أنهم يطلعون من كل ثنية ومرتفع ويعمون الأرض، وذلك أنهم من الكثرة بحيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى يوم القيامة: يا آدم أخرج بعث النار من ذريتك، فيخرج من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين قال: ففزع الناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن منكم رجلا ومن يأجوج
[المحرر الوجيز: 6/201]
ومأجوج ألف رجل، ويروى أن الرجل منهم لا يموت حتى يولد له ألف ولد بين رجل وامرأة. وقالت فرقة: المراد بقوله: "وهم" جميع العالم، وإنما هو تعريف بالبعث من القبور. وقرأ ابن مسعود: "من كل جدث"، وهذه القراءة تؤيد هذا التأويل.
و "ينسلون" معناه: يسرعون في تطامن، ومنه قول الشاعر:
عسلان الذئب أمسى قاربا برد الليل عليه فنسل
وقرأت فرقة بكسر السين، وقرأت فرقة بضمها.
وأسند الطبري عن أبي سعيد قال: يخرج يأجوج ومأجوج فلا يتركون أحدا إلا قتلوه إلا أهل الحصون، فيمرون على بحيرة طبرية، فيمر آخرهم فيقول: كان ها هنا ماء، فيبعث الله عليهم النغف حتى يكسر أعناقهم، فيقول أهل الحصون: لقد هلك أعداء الله، فيدلون رجلا ينظر فيجدهم قد هلكوا، قال: فينزل الله ماء من السماء فيقذف بهم في البحر فيطهر الأرض منهم، وفي حديث حذيفة نحو هذا، وفي آخره قال: وعند ذلك طلوع الشمس من مغربها وروي أن ابن عباس رضي الله عنهما
[المحرر الوجيز: 6/202]
رأى صبيانا يلعبون وينزو بعضهم على بعض فقال: هكذا خروج يأجوج ومأجوج). [المحرر الوجيز: 6/203]

تفسير قوله تعالى: {وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ (97)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {واقترب الوعد الحق} يريد يوم القيامة، وروي في الحديث إن الرجل ليتخذ الفلو من بعد يأجوج ومأجوج فلا يبلغ منفعته حتى تقوم الساعة، وقوله: "هي" مذهب سيبويه أنها ضمير القصة، كأنه قال: فإذا القصة أو الحادثة شاخصة أبصار، وجوز الفراء أن تكون ضمير "الأبصار" تقدمت لدلالة الكلام، ويجيء ما يفسرها، وأنشد على ذلك:
فلا وأبيها لا تقول خليلتي ... ألا فر عني مالك بن أبي كعب
والشخوص بالعين: إحداد النظر دون أن يطرف، وذلك يعتري من الخوف المفرط أو علة أو نحوه.
وقوله: "يا ويلنا" تقديره: يا ويلنا لقد كانت بنا غفلة عما وجدنا الآن وتبينا من الحقائق، ثم تركوا الكلام الأول ورجعوا إلى نقد ما كان يداخلهم من تعمد الكفر وقصد الإعراض فقالوا:، بل كنا ظالمين). [المحرر الوجيز: 6/203]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 13 محرم 1440هـ/23-09-2018م, 04:48 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 13 محرم 1440هـ/23-09-2018م, 04:50 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (95) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وحرامٌ على قريةٍ أهلكناها أنّهم لا يرجعون (95) حتّى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كلّ حدبٍ ينسلون (96) واقترب الوعد الحقّ فإذا هي شاخصةٌ أبصار الّذين كفروا يا ويلنا قد كنّا في غفلةٍ من هذا بل كنّا ظالمين (97)}.
يقول تعالى: {وحرامٌ على قريةٍ} قال ابن عبّاسٍ: وجب، يعني: قدرًا مقدرًا أنّ أهل كلّ قريةٍ أهلكوا أنّهم لا يرجعون إلى الدّنيا قبل يوم القيامة. هكذا صرّح به ابن عبّاسٍ، وأبو جعفرٍ الباقر، وقتادة، وغير واحدٍ.
وفي روايةٍ عن ابن عبّاسٍ: {أنّهم لا يرجعون} أي: لا يتوبون.
والقول الأوّل أظهر، واللّه أعلم). [تفسير ابن كثير: 5/ 372]

تفسير قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (96) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {حتّى إذا فتحت يأجوج ومأجوج}: قد قدّمنا أنّهم من سلالة آدم، عليه السّلام، بل هم من نسل نوحٍ أيضًا من أولاد يافث أبي التّرك، والتّرك شرذمةٌ منهم، تركوا من وراء السّدّ الّذي بناه ذو القرنين.
وقال: {هذا رحمةٌ من ربّي فإذا جاء وعد ربّي جعله دكّاء وكان وعد ربّي حقًّا. وتركنا بعضهم يومئذٍ يموج في بعضٍ ونفخ في الصّور فجمعناهم جمعًا} [الكهف:98، 99]، وقال في هذه الآية الكريمة: {حتّى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كلّ حدبٍ ينسلون} أي: يسرعون في المشي إلى الفساد.
والحدب: هو المرتفع من الأرض، قاله ابن عبّاسٍ، وعكرمة، وأبو صالحٍ، والثّوريّ وغيرهم، وهذه صفتهم في حال خروجهم، كأنّ السّامع مشاهدٌ لذلك، {ولا ينبّئك مثل خبيرٍ} [فاطرٍ:14]: هذا إخبار عالمٍ ما كان وما يكون، الّذي يعلم غيب السموات والأرض، لا إله إلّا هو.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا محمّد بن مثنّى، حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، حدّثنا شعبة، عن عبيد اللّه بن أبي يزيد قال: رأى ابن عبّاسٍ صبيانًا ينزو بعضهم على بعضٍ، يلعبون، فقال ابن عباس: هكذا يخرج يأجوج ومأجوج.
وقد ورد ذكر خروجهم في أحاديث متعدّدةٍ من السّنّة النّبويّة:
فالحديث الأوّل: قال الإمام أحمد: حدّثنا يعقوب، حدّثنا أبي، عن ابن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن أبي سعيدٍ الخدريّ قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "يفتح يأجوج ومأجوج، فيخرجون كما قال اللّه عزّ وجلّ": {[وهم] من كلّ حدبٍ ينسلون}، فيغشون النّاس، وينحاز المسلمون عنهم إلى مدائنهم وحصونهم، ويضمّون إليهم مواشيهم، ويشربون مياه الأرض، حتّى أنّ بعضهم ليمرّ بالنّهر، فيشربون ما فيه حتّى يتركوه يبسا، حتّى أنّ من بعدهم ليمرّ بذلك النّهر فيقول: قد كان هاهنا ماءٌ مرّةً حتّى إذا لم يبق من النّاس أحدٌ إلّا أحدٌ في حصنٍ أو مدينةٍ قال قائلهم: هؤلاء أهل الأرض، قد فرغنا منهم، بقي أهل السّماء. قال: "ثمّ يهزّ أحدهم حربته، ثمّ يرمي بها إلى السّماء، فترجع إليه مختضبةً دمًا؛ للبلاء والفتنة. فبينما هم على ذلك إذ بعث اللّه عزّ وجلّ دودًا في أعناقهم كنغف الجراد الّذي يخرج في أعناقه، فيصبحون موتًى لا يسمع لهم حسٌّ، فيقول المسلمون: ألا رجلٌ يشري لنا نفسه، فينظر ما فعل هذا العدوّ؟ " قال: "فيتجرّد رجلٌ منهم محتسبًا نفسه، قد أوطنها على أنّه مقتولٌ، فينزل فيجدهم موتًى، بعضهم على بعضٍ، فينادي: يا معشر المسلمين، ألا أبشروا، إنّ اللّه عزّ وجلّ قد كفاكم عدوّكم، فيخرجون من مدائنهم وحصونهم ويسرّحون مواشيهم، فما يكون لها رعيٌ إلّا لحومهم، فتشكر عنه كأحسن ما شكرت عن شيءٍ من النّبات أصابته قطّ.
ورواه ابن ماجه، من حديث يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، به.
الحديث الثّاني: قال [الإمام] أحمد أيضًا: حدّثنا الوليد بن مسلمٍ أبو العبّاس الدّمشقيّ، حدّثنا عبد الرّحمن بن يزيد بن جابرٍ، حدّثني يحيى بن جابرٍ الطّائيّ -قاضي حمص-حدّثني عبد الرّحمن بن جبير بن نفير الحضرميّ، عن أبيه، أنّه سمع النّوّاس بن سمعان الكلابيّ قال: ذكر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم الدّجّال ذات غداة، فخفض فيه ورفع، حتّى ظننّاه في طائفة النّخل، [فلمّا رحنا إليه عرف ذلك في وجوهنا، فسألناه فقلنا: يا رسول اللّه، ذكرت الدّجّال الغداة، فخفّضت فيه ورفّعت حتّى ظننّاه في طائفة النّخل]. فقال: "غير الدّجّال أخوفني عليكم، فإن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم، وإن يخرج ولست فيكم فامرؤٌ حجيج نفسه، واللّه خليفتي على كلّ مسلمٍ: إنه شاب جعد قطط عينه طافيةٌ، وإنّه يخرج خلة بين الشّام والعراق، فعاث يمينًا وشمالًا يا عباد اللّه اثبتوا".
قلنا: يا رسول اللّه، ما لبثه في الأرض؟ قال: "أربعين يومًا، يومٌ كسنةٍ، ويومٌ كشهرٍ، ويومٌ كجمعةٍ، وسائر أيّامه كأيّامكم".
قلنا: يا رسول اللّه، فذاك اليوم الّذي هو كسنةٍ، أتكفينا فيه صلاة يومٍ وليلةٍ؟ قال: "لا اقدروا له قدره".
قلنا: يا رسول اللّه، فما إسراعه في الأرض؟ قال: "كالغيث استدبرته الرّيح". قال: "فيمرّ بالحيّ فيدعوهم فيستجيبون له، فيأمر السّماء فتمطر، والأرض فتنبت، وتروح عليهم سارحتهم وهي أطول ما كانت ذرى، وأمدّه خواصر، وأسبغه ضروعًا. ويمرّ بالحيّ فيدعوهم فيردّون عليه قوله، فتتبعه أموالهم، فيصبحون ممحلين، ليس لهم من أموالهم. ويمرّ بالخربة فيقول لها: أخرجي كنوزك، فتتبعه كنوزها كيعاسيب النّحل". قال: "ويأمر برجلٍ فيقتل، فيضربه بالسّيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض، ثمّ يدعوه فيقبل إليه [يتهلّل وجهه].
فبينما هم على ذلك، إذ بعث اللّه عزّ وجلّ المسيح ابن مريم، فينزل عند المنارة البيضاء، شرقيّ دمشق، بين مهرودتين واضعًا يده على أجنحة ملكين، فيتبعه فيدركه، فيقتله عند باب لدّ الشّرقيّ".
قال: "فبينما هم كذلك، إذ أوحى اللّه عزّ وجلّ إلى عيسى ابن مريم: أنّي قد أخرجت عبادًا من عبادي لا يدان لك بقتالهم، فحوّز عبادي إلى الطّور، فيبعث اللّه عزّ وجلّ يأجوج ومأجوج، وهم كما قال اللّه: {من كلّ حدبٍ ينسلون} فيرغب عيسى وأصحابه إلى اللّه عزّ وجلّ، فيرسل اللّه عليهم نغفًا في رقابهم، فيصبحون فرسى، كموت نفسٍ واحدةٍ.
فيهبط عيسى وأصحابه، فلا يجدون في الأرض بيتًا إلّا قد ملأه زهمهم ونتنهم، فيرغب عيسى وأصحابه إلى اللّه، فيرسل عليهم طيرًا كأعناق البخت، فتحملهم فتطرحهم حيث شاء اللّه".
قال ابن جابرٍ فحدّثني عطاء بن يزيد السّكسكيّ، عن كعبٍ -أو غيره-قال: فتطرحهم بالمهبل. [قال ابن جابرٍ: فقلت: يا أبا يزيد، وأين المهبل؟]، قال: مطلع الشّمس.
قال: "ويرسل اللّه مطرًا لا يكنّ منه بيت مدر ولا وبر أربعين يومًا، فيغسل الأرض حتّى يتركها كالزّلقة، ويقال للأرض: أنبتي ثمرتك، وردي بركتك". قال: "فيومئذٍ يأكل النّفر من الرّمّانة ويستظلّون بقحفها، ويبارك في الرسل، حتّى إنّ اللّقحة من الإبل لتكفي الفئام من النّاس، واللّقحة من البقر تكفي الفخذ، والشّاة من الغنم تكفي أهل البيت".
قال: "فبينما هم على ذلك، إذ بعث اللّه عزّ وجلّ ريحًا طيّبةً تحت آباطهم، فتقبض روح كلّ مسلمٍ -أو قال: كلّ مؤمنٍ-ويبقى شرار النّاس يتهارجون تهارج الحمير، وعليهم تقوم السّاعة".
انفرد بإخراجه مسلمٌ دون البخاريّ، فرواه مع بقيّة أهل السّنن من طرقٍ، عن عبد الرّحمن بن يزيد بن جابرٍ، به وقال التّرمذيّ: حسنٌ صحيحٌ.
الحديث الثّالث: قال الإمام أحمد: حدّثنا محمّد بن بشرٍ، حدّثنا محمّد بن عمرٍو، عن ابن حرملة، عن خالته قالت: خطب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وهو عاصبٌ أصبعه من لدغة عقرب، فقال: "إنّكم تقولون: "لا عدوّ، وإنّكم لا تزالون تقاتلون عدوًّا، حتّى يأتي يأجوج ومأجوج عراض الوجوه، صغار العيون، صهب الشّعاف، من كلّ حدب ينسلون، كأنّ وجوههم المجانّ المطرقة".
وكذا رواه ابن أبي حاتمٍ من حديث محمّد بن عمرٍو، عن خالد بن عبد اللّه بن حرملة المدلجيّ، عن خالةٍ له، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فذكر مثله.
الحديث الرّابع: قد تقدّم في تفسير آخر سورة الأعراف من رواية الإمام أحمد، عن هشيم، عن العوّام، عن جبلة بن سحيم، عن مؤثر بن عفازة، عن ابن مسعودٍ، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: لقيت ليلة أسري بي إبراهيم وموسى وعيسى، عليهم السّلام، قال: فتذاكروا أمر السّاعة، فردّوا أمرهم إلى إبراهيم، فقال: لا علم لي بها. فردّوا أمرهم إلى موسى، فقال: لا علم لي بها. فردّوا أمرهم إلى عيسى، فقال: أمّا وجبتها فلا يعلم بها أحد إلا الله، وفيها عهد إليّ ربّي أنّ الدّجّال خارجٌ".
قال: "ومعي قضيبان، فإذا رآني ذاب كما يذوب الرّصاص" قال: "فيهلكه اللّه إذا رآني، حتّى إنّ الحجر والشّجر يقول: يا مسلم إنّ تحتي كافرًا، فتعال فاقتله". قال: "فيهلكهم اللّه، ثمّ يرجع النّاس إلى بلادهم وأوطانهم". قال: "فعند ذلك يخرج يأجوج ومأجوج وهم من كلّ حدب ينسلون، فيطؤون بلادهم، لا يأتون على شيءٍ إلّا أهلكوه، ولا يمرّون على ماءٍ إلّا شربوه". قال: "ثمّ يرجع النّاس إليّ يشكونهم، فأدعو اللّه عليهم، فيهلكهم ويميتهم، حتّى تجوى الأرض من نتن ريحهم، وينزل اللّه المطر فيجترف أجسادهم، حتّى يقذفهم في البحر. ففيما عهد إليّ ربّي أنّ ذلك إذا كان كذلك، أنّ السّاعة كالحامل المتمّ، لا يدري أهلها متى تفجؤهم بولادها ليلًا أو نهارًا".
ورواه ابن ماجه، عن محمّد بن بشّارٍ، عن يزيد بن هارون، عن العوّام بن حوشب، به، نحوه وزاد: "قال العوّام، ووجد تصديق ذلك في كتاب اللّه عزّ وجلّ: {حتّى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كلّ حدبٍ ينسلون}.
ورواه ابن جريرٍ هاهنا من حديث جبلة، به.
والأحاديث في هذا كثيرةٌ جدًّا، والآثار عن السّلف كذلك.
وقد روى ابن جريرٍ وابن أبي حاتمٍ، من حديث معمر، عن غير واحدٍ، عن حميدٍ بن هلالٍ، عن أبي الصّيف قال: قال كعبٌ: إذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج، حفروا حتّى يسمع الّذين يلونهم قرع فؤوسهم، فإذا كان اللّيل قالوا: نجيء غدًا فنخرج، فيعيده اللّه كما كان. فيجيئون من الغد فيجدونه قد أعاده اللّه كما كان، فيحفرونه حتّى يسمع الّذين يلونهم قرع فؤوسهم، فإذا كان اللّيل ألقى اللّه على لسان رجلٍ منهم يقول: نجيء غدًا فنخرج إن شاء اللّه. فيجيئون من الغد فيجدونه كما تركوه، فيحفرون حتّى يخرجوا. فتمرّ الزّمرة الأولى بالبحيرة، فيشربون ماءها، ثمّ تمرّ الزّمرة الثّانية فيلحسون طينها، ثمّ تمرّ الزّمرة الثّالثة فيقولون: قد كان هاهنا مرّةً ماءٌ، ويفرّ النّاس منهم، فلا يقوم لهم شيءٌ. ثمّ يرمون بسهامهم إلى السّماء فترجع إليهم مخضّبة بالدّماء فيقولون: غلبنا أهل الأرض وأهل السّماء. فيدعو عليهم عيسى ابن مريم، عليه السّلام، فيقول: "اللّهمّ، لا طاقة ولا يدين لنا بهم، فاكفناهم بما شئت"، فيسلّط اللّه عليهم دودًا يقال له: النّغف، فيفرس رقابهم، ويبعث اللّه عليهم طيرًا تأخذهم بمناقيرها فتلقيهم في البحر، ويبعث اللّه عينًا يقال لها: "الحياة" يطهّر اللّه الأرض وينبتها، حتّى إنّ الرّمّانة ليشبع منها السّكن". قيل: وما السّكن يا كعب؟ قال: أهل البيت -قال: "فبينما النّاس كذلك إذ أتاهم الصّريخ أنّ ذا السّويقتين يريده. قال: فيبعث عيسى ابن مريم طليعةً سبعمائةٍ، أو بين السّبعمائة والثّمانمائة، حتّى إذا كانوا ببعض الطّريق بعث اللّه ريحًا يمانيّةً طيّبةً، فيقبض فيها روح كلّ مؤمنٍ، ثمّ يبقى عجاج النّاس، فيتسافدون كما تسافد البهائم، فمثل السّاعة كمثل رجلٍ يطيف حول فرسه ينتظرها متى تضع؟ قال كعبٌ: فمن تكلّف بعد قولي هذا شيئًا -أو بعد علمي هذا شيئًا-فهو المتكلّف.
هذا من أحسن سياقات كعب الأحبار، لما شهد له من صحيح الأخبار.
وقد ثبت في الحديث أنّ عيسى ابن مريم يحجّ البيت العتيق، وقال الإمام أحمد: حدّثنا سليمان بن داود، حدّثنا عمران، عن قتادة، عن عبد اللّه بن أبي عتبة، عن أبي سعيدٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "ليحجّنّ هذا البيت، وليعتمرنّ بعد خروج يأجوج ومأجوج". انفرد بإخراجه البخاري).[تفسير ابن كثير: 5/ 372-376]

تفسير قوله تعالى: {وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ (97) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {واقترب الوعد الحقّ} يعني: يوم القيامة، إذا وجدت هذه الأهوال والزّلازل والبلابل، أزفت السّاعة واقتربت، فإذا كانت ووقعت قال الكافرون: {هذا يومٌ عسرٌ} [القمر:8]. ولهذا قال تعالى: {فإذا هي شاخصةٌ أبصار الّذين كفروا} أي: من شدّة ما يشاهدونه من الأمور العظام: {يا ويلنا} أي: يقولون: {يا ويلنا قد كنّا في غفلةٍ من هذا} أي: في الدّنيا، {بل كنّا ظالمين}، يعترفون بظلمهم لأنفسهم، حيث لا ينفعهم ذلك). [تفسير ابن كثير: 5/ 377]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:42 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة