العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > التفسير اللغوي > جمهرة التفسير اللغوي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 7 شعبان 1431هـ/18-07-2010م, 03:19 PM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي التفسير اللغوي لسورة العنكبوت

التفسير اللغوي لسورة العنكبوت

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 11 ذو القعدة 1431هـ/18-10-2010م, 02:08 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي المقدمات والخواتيم

قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : (سورة العنكبوت ليس في السماع.). [ياقوتة الصراط: 401]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 11 ذو القعدة 1431هـ/18-10-2010م, 02:18 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 1 إلى 15]

{الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (4) مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآَتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (5) وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (6) وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (7) وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (8) وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ (9) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ (10) وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ (11) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (12) وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ (13) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (14) فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آَيَةً لِلْعَالَمِينَ (15)}

تفسير قوله تعالى: {الم (1)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {الم} قد فسّرناه في أوّل سورة البقرة). [تفسير القرآن العظيم: 2/615]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (قوله: {ألم} ).
[معاني القرآن: 2/314]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ الم أحسب النّاس}: ساكنٌ لأنه جرى مجرى فواتح سائر السور اللواتي مجازهن من مجاز حروف التهجي , ومجاز موضعه في المعنى مجاز ابتداء فواتح سائر السور.). [مجاز القرآن: 2/113]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله: {الم (1)}
{الم}: تفسيرها : أنا اللّه أعلم, وقد فسرنا كل شيء قيل في هذا في أول سورة البقرة.). [معاني القرآن: 4/159]

تفسير قوله تعالى:{أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({أحسب النّاس أن يتركوا أن يقولوا آمنّا وهم لا يفتنون} [العنكبوت: 2] يعني وهم لا يبتلون في إيمانهم، في تفسير السّدّيّ.
عمّارٌ، عن المبارك، عن الحسن، قال: {وهم لا يفتنون} [العنكبوت: 2] لا يبتلون). [تفسير القرآن العظيم: 2/615]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (قوله: {أحسب النّاس أن يتركوا...}

{يتركوا} يقع فيها لام الخفض، فإذا نزعتها منها كانت منصوبةً. وقلّما يقولون: تركتك أن تذهب، إنما يقولون: تركتك تذهب. ولكنها جعلت مكتفية بوقوعها على الناس وحدهم, وإن جعلت {حسب} مكرورة عليها , كان صواباً؛ كأنّ المعنى: {أحسب النّاس أن يتركوا}, أحسبوا {أن يقولوا آمنّا وهم لا يفتنون} ). [معاني القرآن: 2/314]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ وهم لا يفتنون }مجازه: وهم لا يبتلون، ومن بلوته , أي: خبرته.). [مجاز القرآن: 2/113]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({يفتنون}: يختبرون). [غريب القرآن وتفسيره: 295]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ({وهم لا يفتنون} , أي: لا يقتلون , ولا يعذّبون.). [تفسير غريب القرآن: 337]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {أحسب النّاس أن يتركوا أن يقولوا آمنّا وهم لا يفتنون (2)}
اللفظ لفظ استخبار , والمعنى معنى تقرير وتوبيخ، ومعناه : أحسبوا أن نقنع منهم أن يقولوا " إنّا مؤمنون " فقط , ولا يمتحنون بما يتبين به حقيقة إيمانهم.
وجاء في التفسير في قوله - جلّ وعزّ -: {وهم لا يفتنون}: لا يختبرون بما يعلم به صدق إيمانهم من كذبه.
وقيل:{لا يفتنون}: لا يبتلون في أنفسهم , وأموالهم، فيعلم بالصبر على البلاء الصادق الإيمان من غيره.
وموضع " أن " الأولى : نصب اسم حسب , وخبره, وموضع " أن " الثانية نصب من جهتين:
أجودهما : أن تكون منصوبة بـ (يتركوا) , فيكون المعنى : حسب الناس أن يتركوا لأن يقولوا، وبأن يقولوا.
فلما حذف حرف الخفض وصل بـ (يتركوا) إلى أن فنصب، ويجوز أن تكون الثانية العامل فيها " أحسب "، كان المعنى على هذا - والله أعلم – : أحسب الناس أن يقولوا آمنا , وهم لا يفتنون, والأولى أجود.). [معاني القرآن: 4/160]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {الم (1) أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون}
هذا استفهام فيه معنى التقرير والتوبيخ , أي : أحسب الناس أن يقنع منهم بأن يقولوا آمنا فقط , ولا يختبروا حتى يعرف حقيقة إيمانهم وصبرهم وصدقهم , وكذبهم ويظهر ذلك منهم فيجازوا عليه , وأما الغيب , فقد علمه الله جل وعز منهم .
ثم قال: أن يقولوا آمنا , أي : عللى أن يقولوا , ولأن يقولوا , وبأن يقولوا آمنا , وهم لا يفتنون
قال مجاهد , وقتادة : (أي : لا يبتلون)). [معاني القرآن: 5/211]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يُفْتَنُونَ}: يقتلون ويعذبون). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 185]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يُفْتَنُونَ}: يختبرون). [العمدة في غريب القرآن: 237]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({ولقد فتنّا} [العنكبوت: 3]، يعني: ولقد ابتلينا، وهو تفسير السّدّيّ، أي: وهم لا يبتلون بالجهاد في سبيل اللّه، وذلك أنّ قومًا كانوا بمكّة ممّن أسلم كان
[تفسير القرآن العظيم: 2/615]
قد وضع عنهم الجهاد والنّبيّ عليه السّلام بالمدينة بعد ما افترض الجهاد، وقبل منهم أن يقيموا الصّلاة ويؤتوا الزّكاة ولا يجاهدوا، ثمّ أذن لهم في القتال حين أخرجهم أهل مكّة، فقال: {أذن للّذين يقاتلون بأنّهم
ظلموا} [الحج: 39] فلمّا أمروا بالجهاد كره قومٌ القتال، فقال اللّه تبارك وتعالى: {ألم تر إلى الّذين قيل لهم كفّوا أيديكم وأقيموا الصّلاة وآتوا الزّكاة فلمّا كتب عليهم القتال إذا فريقٌ منهم يخشون النّاس كخشية اللّه أو أشدّ خشيةً وقالوا ربّنا لم كتبت علينا القتال لولا أخّرتنا إلى أجلٍ قريبٍ} [النساء: 77] وأنزل في هذه السّورة {أحسب النّاس أن يتركوا أن يقولوا آمنّا وهم لا يفتنون} [العنكبوت: 2] لا يبتلون بالجهاد في سبيل اللّه.
وقال السّدّيّ: يبتلون في إيمانهم.
{ولقد فتنّا الّذين من قبلهم} [العنكبوت: 3]، يعني: ابتلينا الّذين من قبلهم.
{فليعلمنّ اللّه الّذين صدقوا} [العنكبوت: 3] بما أظهروا من الإيمان.
{وليعلمنّ الكاذبين} [العنكبوت: 3] الّذين أظهروا الإيمان وقلوبهم على الكفر، وهم المنافقون، وهذا علم الفعال.
الحسن بن دينارٍ، عن الحسن، قال: واللّه ما قال عبدٌ في هذا الدّين من قولٍ إلا وعلى قوله دليلٌ من عمله يصدّقه أو يكذّبه). [تفسير القرآن العظيم: 2/616]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({فليعلمنّ الله الّذين صدّقوا }: مجازه: فليميزن الله ؛ لأن الله قد علم ذلك من قبل.).
[مجاز القرآن: 2/113]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولقد فتنّا الّذين من قبلهم} :أي : ابتليناهم.). [تفسير غريب القرآن: 337]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الفتنة: الاختبار، يقال: فتنت الذهب في النّار: إذا أدخلته إليها لتعلم جودته من رداءته.
وقال تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}. أي: اختبرناهم.
وقال لموسى عليه السلام: {وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا}.
ومنه قوله: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} أي: جوابهم، لأنهم حين سئلوا اختبر ما عندهم بالسؤال، فلم يكن الجواب عن ذلك الاختبار إلا هذا القول). [تأويل مشكل القرآن: 472]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {ولقد فتنّا الّذين من قبلهم فليعلمنّ اللّه الّذين صدقوا وليعلمنّ الكاذبين (3)}
أي: اختبرنا , وابتلينا.
وقوله:{فليعلمنّ اللّه الّذين صدقوا وليعلمنّ الكاذبين}
المعنى : وليعلمنّ صدق الصادق بوقوع صدقه منه، وكذب الكاذب بوقوع كذبه منه، وهو الذي يجازي عليه، واللّه قد علم الصادق من الكاذب قبل أن يخلقهما, ولكنّ القصد : قصد وقوع العلم بما يجازى عليه.).[معاني القرآن: 4/160]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {ولقد فتنا الذين من قبلهم}: أي : ابتليناهم.). [معاني القرآن: 5/212]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فَتَنَّا الذين من قبلهم}: أي: ابتليناهم.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 185]

تفسير قوله تعالى:{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (4)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {أم حسب الّذين يعملون السّيّئات} [العنكبوت: 4] والسّيّئات هاهنا الشّرك.
{أن يسبقونا} [العنكبوت: 4] حتّى لا نقدر عليهم فنعذّبهم، أي: قد حسبوا ذلك وليس كما ظنّوا.
قال: {ساء ما} [العنكبوت: 4] بئس ما.
{يحكمون} [العنكبوت: 4] أن يظنّوا أنّ اللّه خلقهم ثمّ لا يبعثهم فيجزيهم
[تفسير القرآن العظيم: 2/616]
بأعمالهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/617]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {أم حسب الّذين يعملون السّيّئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون (4)}

أي: يحسبون أنهم يفوتوننا، أي: ليس يعجزوننا.
{ساء ما يحكمون}: على معنى : ساء حكما يحكمون، كما تقول : نعم رجلا زيد , ويجوز أن تكون رفعا، على معنى : ساء الحكم حكمهم.). [معاني القرآن: 4/160]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا}
قال مجاهد: (أي: أن يعجزونا)). [معاني القرآن: 5/212]

تفسير قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآَتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (5)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (ثمّ قال: {من كان يرجو لقاء اللّه فإنّ أجل اللّه لآتٍ} [العنكبوت: 5] يقول: من كان يخشى البعث، وهو المؤمن.
{فإنّ أجل اللّه لآتٍ} [العنكبوت: 5] فإنّ القيامة آتيةٌ، يعني: البعث.
{وهو السّميع العليم} [العنكبوت: 5] لا أسمع منه ولا أعلم). [تفسير القرآن العظيم: 2/617]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({من كان يرجو لقاء الله }:مجازه: من كان يخاف بعث الله، قال أبو ذؤيب:

إذا لسعته الدّبر لم يرج لسعها= وحالفها في بيت نوبٍ عوامل
أي : لم يجف.). [مجاز القرآن: 2/113]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({من كان يرجو لقاء اللّه}: أي: يخافه.). [تفسير غريب القرآن: 337]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {من كان يرجو لقاء اللّه فإنّ أجل اللّه لآت وهو السّميع العليم (5)}
معناه : واللّه أعلم من كان يرجو ثواب لقاء اللّه،، فأمّا من قال: إن معناه الخوف، فالخوف ضدّ الرجاء، وليس في الكلام ضد, وقد بيّنّا ذلك في كتاب الأضداد.
وقوله: {فإنّ أجل اللّه لآت}
{من} في معنى الشرط، يرتفع بالابتداء، وخبرها: كان, وجواب الجزاء: {فإنّ أجل اللّه لآت} .). [معاني القرآن: 4/160-161]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت}
قال أبو إسحاق : المعنى : من كان يرجو لقاء ثواب الله جل وعز.). [معاني القرآن: 5/212]

تفسير قوله تعالى: (وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (6) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ومن جاهد فإنّما يجاهد لنفسه} [العنكبوت: 6] تفسير السّدّيّ: {ومن جاهد} [العنكبوت: 6]، يعني: ومن عمل الخير {فإنّما يجاهد لنفسه} [العنكبوت: 6] فإنّما يعمل لنفسه، إنّما نفع ذلك له.
قال يحيى: يعطيه اللّه ثواب ذلك في الجنّة.
{إنّ اللّه لغنيٌّ عن العالمين} [العنكبوت: 6] عن عبادتهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/617]

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (7) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({والّذين آمنوا وعملوا الصّالحات لنكفّرنّ عنهم سيّئاتهم ولنجزينّهم أحسن الّذي كانوا يعملون} [العنكبوت: 7] يجزيهم به الجنّة.
- أبو الأشهب، والرّبيع بن صبيحٍ، عن الحسن، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «ألا إنّ الصّلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفّاراتٌ لما بينهنّ ما اجتنبت الكبائر»). [تفسير القرآن العظيم: 2/617]

تفسير قوله تعالى:{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (8)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ووصّينا الإنسان} [العنكبوت: 8]، يعني: جميع النّاس.
{بوالديه حسنًا} [العنكبوت: 8]، يعني: برًّا، تفسير السّدّيّ كقوله: {بوالديه إحسانًا} [الأحقاف: 15]، يعني: برًّا.
قال: {وإن جاهداك لتشرك بي} [العنكبوت: 8] إن أراداك على أن تشرك بي.
{ما ليس لك به علمٌ فلا تطعهما} [العنكبوت: 8]، أي: أنّك لا تعلم أنّ معي شريكًا،
[تفسير القرآن العظيم: 2/617]
يعني بذلك المؤمنين.
{إليّ مرجعكم} [العنكبوت: 8] يوم القيامة.
{فأنبّئكم بما كنتم تعملون} [العنكبوت: 8]). [تفسير القرآن العظيم: 2/618]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({وإن جاهداك}: مجازه مجاز المختصر الذي فيه ضمير كقوله: وقلنا له , وإن جاهداك.).
[مجاز القرآن: 2/113]

قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({ووصّينا الإنسان بوالديه حسناً وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علمٌ فلا تطعهما إليّ مرجعكم فأنبّئكم بما كنتم تعملون}
قال: {ووصّينا الإنسان بوالديه حسناً} , على "ووصّيناه حسناً" , وقد يقول الرجل: "وصّيته خيراً" أي: بخيرٍ.). [معاني القرآن: 3/25]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ووصّينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما إليّ مرجعكم فأنبّئكم بما كنتم تعملون (8)}
القراءة : {حسنا}, وقد رويت : {إحسان}, و{حسناً}: أجود لموافقة المصحف، فمن قال: حسنا , فهو مثل وصّينا، إلا أن يفعل بوالديه ما يحسن.
ومن قرأ {إحسان}:فمعناه: ووصينا الإنسان أن يحسن إلى والديه إحسانا، وكأنّ (حسنا) أعمّ في البر.
وقوله: {وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما}
معناه: وإن جاهداك أيها الإنسان والداك؛ لتشرك بي، وكذلك على أن تشرك بي.
ويروى أن رجلا خرج من مكة مهاجرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فحلفت أمه أن لا يظلها بيت حتى يرجع، فأعلم اللّه أن برّ الوالدين واجب، ونهى أن يتابعا على معصية اللّه والشرك به، وإن كان ذلك عند الوالدين برّا.). [معاني القرآن: 4/161]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ووصينا الإنسان بوالديه حسنا}
أي: ما يحسن
ثم قال جل وعز: {وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما}
قال أبو إسحاق : المعنى : وإن جاهداك أيها الإنسان, والداك لتشرك بي ما ليس لك به علم , فلا تطعهما.). [معاني القرآن: 5/212-213]

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ (9) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {والّذين آمنوا وعملوا الصّالحات} [العنكبوت: 9]، يعني: أطاعوا اللّه فيما أمرهم به وفرض عليهم تفسير السّدّيّ.
{لندخلنّهم في الصّالحين} [العنكبوت: 9] مع الصّالحين، يعني: أهل الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 2/618]

تفسير قوله تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ (10)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ومن النّاس من يقول آمنّا باللّه فإذا أوذي في اللّه جعل فتنة النّاس} [العنكبوت: 10] تفسير السّدّيّ: جعل عذاب النّاس في الدّنيا كعذاب اللّه في الآخرة، وهذه الآية نزلت في عيّاش بن أبي ربيعة أخي أبي جهلٍ، تفسير السّدّيّ.
قال يحيى: رجعت القصّة إلى الكلام الأوّل: {أحسب النّاس أن يتركوا أن يقولوا آمنّا وهم لا يفتنون {2} ولقد فتنّا الّذين من قبلهم فليعلمنّ اللّه الّذين صدقوا وليعلمنّ الكاذبين {3}} [العنكبوت: 2-3] فوصف المنافقين في هذه الآية الآخرة، فقال: {ومن النّاس من يقول آمنّا باللّه فإذا أوذي في اللّه} [العنكبوت: 10] إذا أمر بالجهاد في سبيل اللّه، فدخل عليه فيه أذًى، رفض ما أمر به،
يعني: المنافق، واجترأ على عذاب اللّه وأقام عن الجهاد، فتبيّن نفاقه، أي: {جعل فتنة النّاس} [العنكبوت: 10]، يعني: ما يدخل عليه من البليّة في القتال إذا كانت بليّةً.
{كعذاب اللّه} [العنكبوت: 10] في الآخرة، فترك القتال في سبيل اللّه، واجترأ على عذاب اللّه في الآخرة لأنّ اللّه تبارك وتعالى قد خوّفه عذاب الآخرة
[تفسير القرآن العظيم: 2/618]
وهو لا يقرّ به.
وقال مجاهدٌ: أناسٌ يؤمنون بألسنتهم، فإذا أصابهم بلاءٌ من النّاس أو مصيبةٌ في أنفسهم وأموالهم افتتنوا وجعلوا ذلك في الدّنيا كعذاب اللّه في الآخرة.
قال: {ولئن جاء نصرٌ من ربّك} [العنكبوت: 10] على المشركين فجاءت غنيمةً.
{ليقولنّ} [العنكبوت: 10]، يعني: جماعتهم.
{إنّا كنّا معكم} [العنكبوت: 10] يطلبون الغنيمة، فيظنّ المؤمن أنّ المنافق عارفٌ، وليس بعارفٍ؛ لأنّه ليس بموقنٍ بالآخرة.
قال اللّه تبارك وتعالى: {أوليس اللّه بأعلم بما في صدور العالمين} [العنكبوت: 10].
والعالمون الخلق كلّهم، أي: أنّه يعلم أنّ هؤلاء المنافقين في صدورهم التّكذيب باللّه ورسله وهم يظهرون الإيمان). [تفسير القرآن العظيم: 2/619]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({ فإذا أذوي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله " مجازه: جعل أذى الناس " وليعلمنّ الله الّذين آمنوا وليعلّمنّ المنافقين }, مجازه: وليميزن الله هؤلاء من هؤلاء.).
[مجاز القرآن: 2/114]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والفتنة: التعذيب. قال: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} أي عذّبوهم بالنار.
وقال عز وجل: { يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ} أي يعذبون. {ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ} أي يقال لهم: ذوقوا فتنتكم، يراد هذا العذاب بذاك.
وقال عز وجل: {فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ} أي: جعل عذاب الناس وأذاهم كعذاب الله). [تأويل مشكل القرآن: 472] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {ومن النّاس من يقول آمنّا باللّه فإذا أوذي في اللّه جعل فتنة النّاس كعذاب اللّه ولئن جاء نصر من ربّك ليقولنّ إنّا كنّا معكم أوليس اللّه بأعلم بما في صدور العالمين (10)}
أي : فإذا ناله أذى, أو عذاب بسبب إيمانه جزع من ذلك ما يجزع من عذاب اللّه, وينبغي للمؤمن أن يصبر على الأذيّة في اللّه عزّ وجلّ.). [معاني القرآن: 4/161]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله}
قال مجاهد : (فإذا أوذي في الله , أي : عذب خاف من عذاب الناس كما يخاف من عذاب الله جل وعز).
قال الضحاك : (هؤلاء قوم قالوا : آمنا , فإذا أوذي أحدهم أشرك).
وروى ابن عيينة , عن عمرو بن دينار , عن عكرمة قال: (كان قوم بمكة قد شهدوا أن لا إله إلا الله , فلما خرج المشركون إلى بدر , أكرهوهم على الخروج معهم , فقتل بعضهم فأنزل الله
جل وعز فيهم: {إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم} إلى قوله: {فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا} , فكتب بها المسلمون الذين بالمدينة إلى المسلمين الذين بمكة , فخرج مسلمون من مكة , فلحقهم المشركون , فافتتن بعضهم , فأنزل الله جل وعز فيهم:
{ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله})
قال الشعبي : (نزلت فيهم عشر آيات من قوله تعالى: {الم أحسب الناس أن يتركوا}).
قال عكرمة : (فكتب بها المسلمون الذين بالمدينة إلى المسلمين الذين كانوا بمكة , قال رجل من بني ضمرة : كان مريضا أخرجوني إلى الروح , فأخرجوه , فمات , فأنزل الله جل وعز فيه: {ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله} إلى آخر الآية, وأنزل في المسلمين الذين كانوا افتتنوا , ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة , ثم تابوا إلى آخر الآية)). [معاني القرآن: 5/213-215]

تفسير قوله تعالى: (وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ (11) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وليعلمنّ اللّه الّذين آمنوا وليعلمنّ المنافقين} [العنكبوت: 11] وهذا علم الفعال.
وهو مثل قوله الأوّل: {فليعلمنّ اللّه الّذين صدقوا وليعلمنّ الكاذبين} [العنكبوت: 3] وما بعد هذه العشر آياتٍ مكّيٌّ، وهذه العشر مدنيّةٌ نزلت بعدها من هذه السّورة وهي قبل ما بعدها في التّأليف). [تفسير القرآن العظيم: 2/619]

تفسير قوله تعالى:{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (12)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وقال الّذين كفروا للّذين آمنوا اتّبعوا سبيلنا} [العنكبوت: 12] الّتي نحن عليها.
{ولنحمل خطاياكم} [العنكبوت: 12] فيما اتّبعتمونا فيه، أي: ما كان فيه من إثمٍ فهو علينا.
وهذا منهم إنكارٌ للبعث والحساب.
[تفسير القرآن العظيم: 2/619]
قال اللّه تبارك وتعالى: {وما هم} [العنكبوت: 12]، يعني: الكفّار.
{بحاملين من خطاياهم} [العنكبوت: 12] المؤمنين.
{من شيءٍ} [العنكبوت: 12] لو اتّبعوهم.
{إنّهم لكاذبون} [العنكبوت: 12] لا يحملون خطاياهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/620]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {اتّبعوا سبيلنا ولنحمل...}

هو أمر فيه , تأويل جزاءٍ، كما أن قوله: {ادخلوا مساكنكم لا يحطمنّكم} , نهى فيه تأويل الجزاء, وهو كثير في كلام العرب.
قال الشاعر:
فقلت ادعي وأدع فإنّ أندى = لصوتٍ أن ينادى داعيان
أراد: ادعي ولأدع , فإن أندى؛ فكأنه قال: إن دعوت دعوت.). [معاني القرآن: 2/314]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ اتّبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم }, مجازه: اتبعوا ديننا.). [مجاز القرآن: 2/114]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وقال الّذين كفروا للّذين آمنوا اتّبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وما هم بحاملين من خطاياهم مّن شيءٍ إنّهم لكاذبون}
وقال: {ولنحمل خطاياكم} على الأمر , كأنهم أمروا أنفسهم.). [معاني القرآن: 3/25]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {اتّبعوا سبيلنا}, أي: ديننا, {ولنحمل خطاياكم}, أي: لنحمل عنكم ذنوبكم, والواو زائدة.). [تفسير غريب القرآن: 337]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (و(واو النّسق) قد تزاد حتى يكون الكلام كأنه لا جواب له، كقوله:
[تأويل مشكل القرآن: 252]
{حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا}. والمعنى: قال لهم خزنتها.
وقوله: {فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ}.
وقوله سبحانه: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ}.
وكقوله: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (96) وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ}.
وقوله: {اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} [العنكبوت: 12] أي: لنحمل خطاياكم عنكم.
قال امرؤ القيس:
فلما أجزنا ساحة الحيِّ وانتحَى = بنا بطن خَبْتٍ ذي قِفَافٍ عَقَنْقَلِ
أراد انتحى.
وقال آخر:
حتَّى إذا قَمِلَتْ بطونُكم = ورأيتمُ أبناءَكمْ شَبُّوا
وَقَلَبْتمُ ظَهْرَ المجَنِّ لَنَا = إِنَّ اللَّئيمَ العَاجِزَ الخَبُّ
أراد: قلبتم). [تأويل مشكل القرآن: 253-254] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وقال الّذين كفروا للّذين آمنوا اتّبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء إنّهم لكاذبون (12)}
يقرأ {ولنحمل} بسكون اللام وبكسرها, في قوله {ولنحمل}.
وهو أمر في تأويل الشرط والجزاء, والمعنى : إن تتبعوا سبيلنا , حملنا خطاياكم.
والمعنى : إن كان فيه إثم , فنحن نحتمله.
ومعنى {سبيلنا}: الطريق في ديننا الذي نسلكه، فأعلم اللّه عزّ وجلّ أنهم لا يحملون شيئا من خطاياهم , فقال:{وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء}
معناه : من شيء يخفف عن المحمول عنه العذاب.). [معاني القرآن: 4/161-162]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم}
قال الضحاك : (هؤلاء القادة من المشركين) .
قال مجاهد : (هم مشركو أهل مكة ,قالوا: لمن آمن منهم نحن , وأنتم لا نبعث , فاتبعونا , فإن كان عليكم وزر , فهو علينا) .
قال أبو جعفر : هذا كما تقول: قلدني هذا إن كان فيه وزر , أي : ليس فيه وزر .
قال الفراء : وفيه معنى المجازاة وأنشد:
فقلت ادعي وادع فإن أندى = لصوت أن ينادي داعيان
قال المعنى : ادعي , ولأدع , أي :إن دعوت دعوت
وقوله جل وعز: {وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء}
المعنى : وما هم بحاملين عنهم شيئا يخفف ثقلهم.). [معاني القرآن: 5/215-216]

تفسير قوله تعالى: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ (13)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وليحملنّ أثقالهم} [العنكبوت: 13]، يعني: آثامهم، آثام أنفسهم {وأثقالا مع أثقالهم} [العنكبوت: 13] مع آثام أنفسهم يحملون من ذنوب من اتّبعهم على الضّلالة، ولا ينقص ذلك من ذنوب الّذين اتّبعوهم شيئًا.
- أبو الأشهب، عن الحسن، وخالدٍ، عن الحسن، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «أيّما داعٍ دعا إلى هدًى، فاتّبع عليه كان له مثل أجر من اتّبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيئًا، وأيّما
[تفسير القرآن العظيم: 2/620]
داعٍ دعا إلى ضلالةٍ فاتّبع عليها كان له مثل أوزار من اتّبعه من غير أن ينقص من أوزارهم شيئًا».
الفرات بن سلمان، عن عبد الكريم، عن أبي عبيدة بن عبد اللّه بن عتبة بن مسعودٍ، عن أبيه في قوله: {علمت نفسٌ ما قدّمت وأخّرت} [الانفطار: 5] قال: ما قدّمت من خيرٍ وما أخّرت، يعني: ما أخّرت من سنّةٍ صالحةٍ فعمل بها، قال: فإنّ له مثل أجر من عمل بها ولا ينقص من أجورهم شيئًا، أو سنّةٍ سيّئةٍ فإنّ عليه مثل وزر من عمل بها لا ينقص من أوزارهم شيئًا.
ابن لهيعة، عن بكر بن سوادة، عن أبي سلمة، قال: من استنّ سنّةً في الإسلام ثمّ عمل بها، فإنّ له مثل أجور من عمل بها لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، ومن ابتدع بدعةً في الإسلام فعمل بها، فإنّ عليه مثل أوزار من اتّبعه لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئًا.
قال: {وليسألنّ يوم القيامة عمّا كانوا يفترون} [العنكبوت: 13] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/621]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وليحملنّ أثقالهم...}: يعني أوزارهم .

{وأثقالاً مّع أثقالهم}, يقول: أوزار من أضلّوا.). [معاني القرآن: 2/314]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ وليحملنّ أثقالهم وأثقالاً مع أثقالهم }, مجازها: وليحملن أوزارهم , وخطاياهم , وأوزاراً , وخطايا مع أوزارهم , وخطاياهم.
{ عمّا كانوا يفترون }, أي: يكذبون , ويخترعون.). [مجاز القرآن: 2/114]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({وليحملنّ أثقالهم} : أي : أوزارهم.
{وأثقالًا مع أثقالهم}: أوزارا مع أوزارهم.
قال قتادة: «من دعا قوما إلى ضلالة، فعليه مثل أوزارهم من غير أن ينقض من أوزارهم شيء»). [تفسير غريب القرآن: 337]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} [العنكبوت: 13] يريد آثامهم). [تأويل مشكل القرآن: 140]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (ثم أعلم أنهم يحملون أثقالهم , أثقالا مع أثقالهم , كما قال عزّ وجلّ:
{ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الّذين يضلّونهم بغير علم}
فقال في هذه السورة:{وليحملنّ أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسألنّ يوم القيامة عمّا كانوا يفترون (13)}
وجاء في الحديث تفسير هذا أنه من سنّ سنة ظلم، أو من سنّ سنّة سيئة , فعليه إثمها و إثم من عمل بها، ولا ينتقص من أوزار الّذين عملوا بها شيء.
ومن سنّ سنّة حسنة , كان له أجرها , وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة , ولا ينتقص من أجورهم شيء.
وعلى قوله: {علمت نفس ما قدّمت وأخّرت}, أي: علمت ما قدّمت من عمل، وما سنّت من سنة خير أو شرّ، فإن ذلك مما أخّرت.
ويجوز أن يكون {ما قدّمت وأخّرت}: ما قدّمت من عمل , وما أخّرت مما كان يجب أن تقدّمه.
ثم أعلم اللّه عز وجل أنه يوبّخهم فقال: {وليسألنّ يوم القيامة عمّا كانوا يفترون}, فذلك سؤال توبيخ, كما قال:{وقفوهم إنّهم مسئولون (24)}
فأما سؤال استعلام , فقد أعلم اللّه عزّ وجلّ -أنّه لا يسأل سؤال استعلام في
قوله: {فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جانّ (39)}. ). [معاني القرآن: 4/162-163]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم}
قال أبو أمامة الباهلي : (( يؤتى بالرجل يوم القيامة , وهو كثير الحسنات , فلا يزال يقتص منه حتى تفنى حسناته , ثم يطالب , ثم يقول الله جل وعز : اقتصوا من عبدي .
فتقول الملائكة: ما بقيت له حسنات .
فيقول : خذوا من سيئات المظلوم , فاجعلوها عليه
قال أبو أمامة :ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم :{وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم }.)).
وقال قتادة في قوله عز وجل: {وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم}, قال : (من دعا إلى ضلالة , كتب عليه وزرها , ووزر من يعمل بها , ولا ينقص ذلك منها شيئا ..)
قال أبو جعفر : وأهل التفسير على أن معنى الآية , كما قال قتادة , ومثله قوله جل وعز: {ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم} ). [معاني القرآن: 5/216-217]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (14)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنةٍ إلا خمسين عامًا} [العنكبوت: 14] يقول: {ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنةٍ إلا خمسين عامًا} [العنكبوت: 14] أبو سهلٍ، عن الحسن بن دينارٍ، عن الحسن، قال: كان جميع عمره ألف سنةٍ إلا خمسين عامًا، يقول: {ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه فلبث فيهم}
[العنكبوت: 14] من يوم ولد إلى يوم مات {ألف سنةٍ إلا خمسين عامًا} [العنكبوت: 14] قال: وحدّثني عن الحسن بن دينارٍ، عن حميد بن هلالٍ، أنّ كعبًا قال: لبث نوحٌ في قومه ألف سنةٍ إلا خمسين عامًا، ثمّ لبث بعد الطّوفان ستّ مائة عامٍ.
قال: {فأخذهم الطّوفان وهم ظالمون} [العنكبوت: 14] والطّوفان الماء، فأغرقهم به.
{وهم ظالمون} [العنكبوت: 14]، أي: مشركون، ظالمون لأنفسهم وبظلمهم ضرّوا أنفسهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/621]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({الطّوفان}, مجازه: كل ما طام فاشٍ من سبيل كان, أو من غيره وهو كذلك من للوت إذا كان جارفاً فاشياً كثيراً، قال:أفناهم طوفانُ موتٍ جارف.).
[مجاز القرآن: 2/114]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {الطّوفان}: المطر الشديد.). [تفسير غريب القرآن: 337]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلّا خمسين عاما فأخذهم الطّوفان وهم ظالمون (14)}
{فلبث فيهم ألف سنة إلّا خمسين عاما}: فالاستثناء مستعمل في كلام العرب، وتأويله عند النحويين توكيد العدد , وتحصيله, وكماله؛ لأنك قد تذكر الجملة , ويكون الحاصل أكثرها، فإذا أردت التوكيد في تمامها , قلت: كلها، وإذا أردت التوكيد في نقصانها , أدخلت فيها الاستثناء، تقول: جاءني إخوتك , يعني : أن جميعهم جاءك.
وجائز أن تعني: أن أكثرهم جاءك، فإذا قلت: جاءني إخوتك كلّهم , أكّدت معنى الجماعة، وأعلمت : أنه لم يتخلّف منهم أحد.
وتقول أيضا: جاءني إخوتك إلا زيدا , فتؤكد : أن الجماعة تنقص زيدا.
وكذلك رءوس الأعداد مشبّهة بالجماعات، تقول: عندي عشرة، فتكون ناقصة، وجائز أن تكون تامّة، فإذا قلت: عشرة إلا نصفا , أو عشرة كاملة حقّقت، وكذلك إذا قلت: ألف إلّا خمسين , فهو كقولك عشرة إلا نصفا ؛ لأنك إنّما استعملت الاستثناء فيما كان أملك بالعشرة من التسعة، لأن النصف قد دخل في باب العشرة، ولو قلت عشرة إلا واحدا, أو إلا اثنين كان جائزا , وفيه قبح؛ لأن تسعة وثمانية يؤدي عن ذلك العدد، ولكنه جائز من جهة التوكيد أن هذه التسعة لا تزيد ولا تنقص، لأنّ قولك عشرة إلا واحدا قد أخبرت أفيه، بحقيقة العدد , واستثنيت ما يكون نقصانا من رأس العدد, والاختيار في الاستثناء في الأعداد التي هي عقود الكسور والصحاح جائز أن يستثنى, فأما استثناء نصف الشيء , فقبيح جدّا، لا يتكلم به الجرب، فإذا قلت عشرة إلا خمسة فليس تطور العشرة بالخمسة ؛ لأنها ليست تقرب منها، وإنما تتكلم بالاستثناء كما تتكلم بالنقصان، فتقول: عندي درهم ينقص قيراطاً.
ولو قلت عندي درهم ينقص خمسة دوانيق , أو تنقص نصفه كان الأولى بذلك: عندي نصف درهم, ولم يأت الاستثناء في كلام العرب إلا قليل من كثير, فهذه جملة كافية.
وقوله: {فأخذهم الطّوفان وهم ظالمون}
الطوفان من كل شيء ما كان كثيرا مطيفا بالجماعة كلها كالغرق الذي يشتمل على المدن الكبيرة, يقال فيه : طوفان, وكذلك القتل الذريع , والموت الجارف طوفان.). [معاني القرآن: 4/163-164]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فأخذهم الطوفان وهم ظالمون}
يقال : لكل كثير مطيف بالجميع من مطر , أو قتل , أو موت طوفان .
وقوله جل وعز: {وتخلقون إفكا} : أي : وتنحتون .
والمعنى على هذا : إنما تعبدون من دون الله أوثانا , وأنتم تصنعونها
وقال مجاهد : إفكا , أي: كذبا.
والمعنى على هذا : ويختلقون الكذب , وقرأ أبو عبد الرحمن : {وتخلقون إفكا }, والمعنى واحد.). [معاني القرآن: 5/217-218]

تفسير قوله تعالى: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آَيَةً لِلْعَالَمِينَ (15)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {فأنجيناه} [العنكبوت: 15]، يعني: نوحًا.
{وأصحاب السّفينة} [العنكبوت: 15]، يعني: من كان مع نوحٍ في السّفينة.
قال: {وجعلناها آيةً} [العنكبوت: 15]، يعني: عبرةً.
[تفسير القرآن العظيم: 2/621]
{للعالمين} [العنكبوت: 15] وهو تفسير السّدّيّ.
سعيدٌ، عن قتادة، قال: أبقاها اللّه تبارك وتعالى بباقردى من أرض الجزيرة حتّى أدركها أوائل هذه الأمّة، وكم من سفينةٍ كانت بعدها، فصارت رمددًا.
قال يحيى: بلغني أنّهم كانوا يجدون من مساميرها بعدما بعث النّبيّ عليه السّلام). [تفسير القرآن العظيم: 2/622]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {فأنجيناه وأصحاب السّفينة وجعلناها آية للعالمين (15)}

قد بين في غير هذه الآية من أصحاب السفينة - في قوله:{قلنا احمل فيها من كلّ زوجين اثنين وأهلك إلّا من سبق عليه القول} ). [معاني القرآن: 4/164]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 11 ذو القعدة 1431هـ/18-10-2010م, 02:29 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 16 إلى 35]

{وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (16) إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (17) وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (18) أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (19) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآَخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20) يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ (21) وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (22) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (23) فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (24) وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (25) فَآَمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (26) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآَتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (27) وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (28) أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (29) قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ (30) وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ (31) قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (32) وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (33) إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (34) وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آَيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (35) }

تفسير قوله تعالى: {وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (16)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وإبراهيم} [العنكبوت: 16]، أي: وأرسلنا إبراهيم إلى قومه، وهذا تبعٌ للكلام الأوّل لقوله في نوحٍ: {ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه} [العنكبوت: 14] قال: {إذ قال لقومه اعبدوا اللّه} [العنكبوت: 16]، يعني: وحّدوا اللّه.
{واتّقوه} [العنكبوت: 16] يقول: واخشوه وهو تفسير السّدّيّ.
{ذلكم خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون {16}). [تفسير القرآن العظيم: 2/622]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا اللّه واتّقوه ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون (16)}

المعنى : وأرسلنا إبراهيم عطفا على نوح.). [معاني القرآن: 4/164]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (17)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({إنّما تعبدون من دون اللّه أوثانًا وتخلقون} [العنكبوت: 17]، أي: وتصنعون.
{إفكًا} [العنكبوت: 17]، يعني: كذبًا كقوله: {أتعبدون ما تنحتون} [الصافات: 95] وقال مجاهدٌ: قال: {وتخلقون إفكًا} [العنكبوت: 17] يقول كذبًا.
وقال السّدّيّ: {وتخلقون إفكًا} [العنكبوت: 17]، يعني: تخرصون كذبًا.
قال: {إنّ الّذين تعبدون من دون اللّه لا يملكون لكم رزقًا فابتغوا عند اللّه
[تفسير القرآن العظيم: 2/622]
الرّزق} [العنكبوت: 17] فإنّ هذه الأوثان لا تملك لكم رزقًا.
{واعبدوه واشكروا له} [العنكبوت: 17]، أي: فابتغوا عند اللّه الرّزق بأن تعبدوه وتشكروه يرزقكم.
قال: {إليه ترجعون} [العنكبوت: 17] يوم القيامة). [تفسير القرآن العظيم: 2/623]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {إنّما تعبدون من دون اللّه أوثاناً وتخلقون إفكاً...}

{إنّما} في هذا الموضع حرفٌ واحدٌ، وليست على معنى (الذي) , {وتخلقون إفكاً} مردودة على (إنّما) , كقولك: إنما تفعلون كذا، وإنما تفعلون كذا, وقد اجتمعوا على تخفيف {تخلقون} إلاّ أبا عبد الرحمن السلمي ؛ فإنه قرأ : {وتخلّقون إفكاً} ينصب التاء ويشدّد اللام , وهما في المعنى سواء.). [معاني القرآن: 2/315]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ أوثاناً}: الوثن من حجارة , أو من جص.
{ وتخلقون إفكاً }, مجازه: تختلقون , وتفترون.
{واشكروا له}: واشكروه واحد.). [مجاز القرآن: 2/114]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({تخلقون إفكا}: تخلقون وتفترون واحد). [غريب القرآن وتفسيره: 295]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( الأوثان : واحدها: وثن, وهو: ما كان من حجارة أو جصّ.
{وتخلقون إفكاً}: أي : تختلقون كذباً.). [تفسير غريب القرآن: 337]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الخلق: التّخرّص، قال الله تعالى: {إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ} أي: خرصهم للكذب.
وقال تعالى: {وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا}، أي تخرصون كذبا.
وقال تعالى: {إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ} أي: افتعال للكذب.
والعرب تقول للخرافات: أحاديث الخلق). [تأويل مشكل القرآن: 506] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {إنّما تعبدون من دون اللّه أوثانا وتخلقون إفكا إنّ الّذين تعبدون من دون اللّه لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند اللّه الرّزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون (17)}
وقرئت :{وتخلّقون إفكاً}: أوثاناً , أصناماً.
وتخلقون إفكا فيه قولان: تخلقون كذبا، وقيل : تعملون الأصنام، ويكون التأويل على هذا القول: إنما تعبدون من دون الله أوثانًا , وأنتم تصنعونها.). [معاني القرآن: 4/164-165]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وتخلقون إِفْكًا}: تختلقون كذباً.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 185]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({تَخْلُقُونَ}: تكذبون.). [العمدة في غريب القرآن: 237]

تفسير قوله تعالى: (وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (18) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وإن تكذّبوا فقد كذّب أممٌ من قبلكم} [العنكبوت: 18]، أي: فأهلكهم اللّه، يحذّرهم أن ينزل بهم ما نزل بهم إن لم يؤمنوا.
قال: {وما على الرّسول إلا البلاغ المبين} [العنكبوت: 18] قال: ليس عليه أن يكره النّاس على الإيمان كقوله: {ولو شاء ربّك لآمن من في الأرض كلّهم جميعًا أفأنت} [يونس: 99] يقوله على الاستفهام: {تكره النّاس حتّى يكونوا مؤمنين} [يونس: 99]، أي: أنّك لا تستطيع أن تكرههم وإنّما يؤمن من أراد اللّه أن يؤمن وكقوله: {إنّك لا تهدي من أحببت ولكنّ اللّه يهدي من يشاء} [القصص: 56] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/623]

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (19)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {أولم يروا كيف يبدئ اللّه الخلق} [العنكبوت: 19] بلى قد رأوا أنّ اللّه تبارك وتعالى خلق العباد.
قال: {ثمّ يعيده} [العنكبوت: 19]، يعني: البعث، يخبر أنّه يبعث العباد، والمشركون على خلاف ذلك لا يقرّون بالبعث.
قال: {إنّ ذلك على اللّه يسيرٌ} [العنكبوت: 19] خلقهم وبعثهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/623]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({ أولم يروا كيف يبدي اللّه الخلق }, مجازه: كيف استأنف الخلق الأول.

{ ثمّ بعيده}, بعد، يقال: رجع عوده على بدئه , أي : آخره , وعلى أوله، وفيه لغتان , يقال: أبدأ , وأعاد, وكان ذلك مبدئاً , ومعيداً , وبدأ , وعاد, وكان ذلك ادئاً , وعائداً.). [مجاز القرآن: 2/115]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({أولم يروا كيف يبدئ اللّه الخلق ثمّ يعيده إنّ ذلك على اللّه يسيرٌ * قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثمّ اللّه ينشئ النّشأة الآخرة إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ}

وقال: {كيف يبدئ اللّه} , وقال: {كيف بدأ الخلق} ؛ لأنهما لغتان , تقول: "بدأ الخلق" , و"أبدأ".). [معاني القرآن: 3/25-26]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {أولم يروا كيف يبدئ اللّه الخلق ثمّ يعيده إنّ ذلك على اللّه يسير (19)}, وتقرأ : تروا بالتاء.). [معاني القرآن: 4/165]


تفسير قوله تعالى: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآَخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (ثمّ قال للنّبيّ عليه السّلام: {قل} لهم.
{سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق} [العنكبوت: 20] حيثما ساروا رأوا خلق اللّه الّذي خلق.
[تفسير القرآن العظيم: 2/623]
قال اللّه: {ثمّ اللّه ينشئ} [العنكبوت: 20] يخلق.
{النّشأة الآخرة} [العنكبوت: 20] الخلق الآخر، يعني: البعث، أي: أنّه خلقهم وأنّه يبعثهم.
{إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ}). [تفسير القرآن العظيم: 2/624]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {النّشأة...}

القراء مجتمعون على جزم الشين , وقصرها، إلا الحسن البصريّ ؛ إنه مدّها في كل القرآن فقال : {النشاءة}, ومثلها مما تقوله العرب الرأفة، والرآفة، والكأبة والكآبة , كلّ صواب.). [معاني القرآن: 2/315]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النّشأة الآخرة }, مجاز { ينشيء }: يبدئ.). [مجاز القرآن: 2/115]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثمّ اللّه ينشئ النّشأة الآخرة إنّ اللّه على كلّ شيء قدير (20)}
{ثمّ اللّه ينشئ النّشأة الآخرة}: أي: ثم إن الله يبعثهم ثانية ينشئهم نشأة أخرى، كما قال:{وأنّ عليه النّشأة الأخرى (47)}
وأكثر القراءة : {النّشأة}بتسكين الشين , وترك لمدّه.
وقرأ أبو عمرو : {النشاءة الأخرى} بالمدّ.). [معاني القرآن: 4/165]


تفسير قوله تعالى: {يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ (21) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {يعذّب من يشاء ويرحم من يشاء} [العنكبوت: 21] يعذّب الكافر بالنّار، ويرحم المؤمن فيدخله الجنّة.
قال: {وإليه تقلبون} [العنكبوت: 21]، أي: وإليه ترجعون يوم القيامة). [تفسير القرآن العظيم: 2/624]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({وإليه تقلبون}:أي : ترجعون.).
[مجاز القرآن: 2/115]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وإليه تقلبون} : أي : ترّدون.). [تفسير غريب القرآن: 337]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (22)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السّماء} [العنكبوت: 22] أي فتسبقونّا حتّى لا نقدر عليكم فنعذّبكم، يقوله للمشركين.
وقال السّدّيّ: {وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السّماء} [العنكبوت: 22]، يعني: ما أنتم بسابقي اللّه بأعمالكم الخبيثة، فتفوتوه هربًا.
قال: {وما لكم من دون اللّه من وليٍّ} [العنكبوت: 22]، يعني: من قريبٍ يمنعكم، يعني: الكفّار، تفسير السّدّيّ.
قال يحيى: يقول: {من وليٍّ} [العنكبوت: 22] يمنعكم من عذابه.
{ولا نصيرٍ} [العنكبوت: 22] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/624]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السّماء...}

يقول: القائل: وكيف وصفهم أنهم لا يعجزون في الأرض , ولا في السماء، وليسوا من أهل السّماء؟ , فالمعنى - والله أعلم - : ما أنتم بمعجزين في الأرض , ولا من في السّماء بمعجزٍ, وهو من غامض العربيّة للضمير الذي لم يظهر في الثاني.
ومثله قول حسّان:

أمن يهجو رسول الله منكم = ويمدحه وينصره سواءٌ
أراد: ومن ينصره , ويمدحه , فأضمر (من) وقد يقع في وهم السّامع أن المدح و, النصر لمن هذه الظاهرة, ومثله في الكلام: أكرم من أتاك وأتى أباك، وأكرم من أتاك ولم يأت زيداً، تريد: ومن لم يأت زيداً.). [معاني القرآن: 2/315]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السّماء وما لكم مّن دون اللّه من وليٍّ ولا نصيرٍ}
وقال: {وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السّماء}: أي: لا تعجزوننا هرباً في الأرض , ولا في السّماء.). [معاني القرآن: 3/26]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السّماء}: أي : ولا من في السماء بمعجز.). [تفسير غريب القرآن: 338]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال تعالى: {وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السّماء}. أراد: ولا من في السماء بمعجز). [تأويل مشكل القرآن: 217]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله تعالى: {وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السّماء وما لكم من دون اللّه من وليّ ولا نصير (22)}


أي : ليس يعجز اللّه خلق في السماء , ولا في الأرض.
وفي هذا قولان:
أحدهما : معناه ما أنتم بمعجزين في الأرض , ولا أهل السماء معجزين في السّماء، أي: من في السّماوات , ومن في الأرض غير معجزين .
ويجوز - والله أعلم -: وما أنتم بمعجزين في الأرض، ولا لو كنتم في السماء، أي : لا ملجأ من الله إلا إليه.). [معاني القرآن: 4/165]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء}
قال محمد بن يزيد : المعنى :ولا من في السماء , ومن نكرة , وأنشد غيره:
فمن يهجو رسول الله منكم = ويمدحه وينصره سواء
وقال غير أبي العباس : المعنى : وما أنتم بمعجزين في الأرض , ولو كنتم في السماء , وخوطب الناس على ما يعرفون , وهذا أولى , والله أعلم.). [معاني القرآن: 5/218]


تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (23)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {والّذين كفروا بآيات اللّه ولقائه أولئك يئسوا من رحمتي} [العنكبوت: 23]، يعني: من جنّتي.
{وأولئك لهم عذابٌ أليمٌ} [العنكبوت: 23]، يعني: موجعٌ، يعني: به عذاب جهنّم، وهو تفسير السّدّيّ.
عبد الرّحمن بن يزيد بن جابر بن أبي سلامٍ الشّاميّ قال: قال رسول اللّه
[تفسير القرآن العظيم: 2/624]
صلّى اللّه عليه وسلّم: خمسٌ من لقي اللّه تبارك وتعالى بهنّ مستيقنًا دخل الجنّة: من شهد أن لا إله إلا اللّه وأنّ محمّدًا رسول اللّه، وأيقن بالموت، والبعث والحساب.
- الخليل بن مرّة، وأبو أميّة، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، عن زيد بن سلامٍ، عن أبي سلامٍ، عن ثوبان مولى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: «خمسٌ من أثقل شيءٍ في الميزان»، فقال رجلٌ: يا نبيّ اللّه ما هنّ؟ قال: «لا إله إلا اللّه، واللّه أكبر، والحمد للّه، وسبحان اللّه، والولد الصّالح يتوفّى فيحتسبه والده».
وخمسٌ من لقي اللّه تبارك وتعالى بهنّ موقنًا دخل الجنّة: من شهد أن لا إله إلا اللّه، وأنّ محمّدًا رسول اللّه، وأيقن بالموت، والبعث والحساب.
- سفيان الثّوريّ، عن منصورٍ، عن ربعيّ بن حراشٍ، عن عليٍّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " لا يؤمن عبدٌ حتّى يؤمن بأربعةٍ: يشهد أن لا إله إلا اللّه، وأنّي رسول اللّه بعثني بالحقّ، ويؤمن بالبعث بعد الموت، ويؤمن بالقدر "). [تفسير القرآن العظيم: 2/625]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله عزّ وجلّ: {والّذين كفروا بآيات اللّه ولقائه أولئك يئسوا من رحمتي وأولئك لهم عذاب أليم (23)}

روي عن قتادة : أنه قال: (إن الله ذمّ قوما هانوا عليه , فقال: أولئك يئسوا من رحمتي), وقال: (إنّه لا ييأس من روح اللّه إلّا القوم الكافرون)
وينبغي للمؤمن ألا ييئس من روح الله، ولا من رحمته، ولا يأمن من عذابه وعقابه، وصفة المؤمن : أن يكون راجيًا للّه، خائفاً.). [معاني القرآن: 4/165]

تفسير قوله تعالى: {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (24) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {فما كان جواب قومه} [العنكبوت: 24] رجع إلى قصّة إبراهيم: {وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا اللّه واتّقوه} [العنكبوت: 16] قال: {فما كان جواب قومه} [العنكبوت: 24] قوم إبراهيم.
{إلا أن قالوا اقتلوه أو حرّقوه} [العنكبوت: 24] يقوله بعضهم لبعضٍ.
قال: {فأنجاه اللّه من النّار} [العنكبوت: 24] وقد فسّرنا ذلك في سورة الأنبياء.
قال: {إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يؤمنون} [العنكبوت: 24]، أي: فيما صنع اللّه بإبراهيم وما
[تفسير القرآن العظيم: 2/625]
نجّاه من النّار، وإنّما يعتبر المؤمنون). [تفسير القرآن العظيم: 2/626]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: ( {فما كان جواب قومه إلّا أن قالوا اقتلوه أو حرّقوه , فأنجاه اللّه من النّار إنّ في ذلك لآيات لقوم يؤمنون (24)}

وقرأ الحسن : (فما كان جواب قومه) بالرفع , فمن نصب جعل " أن قالوا " اسم كان، ومن رفع الجواب , جعله اسم كان , وجعل الخبر " أن قالوا " , وما عملت فيه، ويكون المعنى : ما كان الجواب إلا مقالتهم: اقتلوه، لما أن دعاهم إبراهيم إلى توحيد اللّه عزّ وجلّ، واحتجّ عليهم بأنهم يعبدون ما لا يضرهم , ولا ينفعهم، جعلوا الجواب اقتلوه أو حقوه.
وقوله: {فأنجاه اللّه من النّار}: المعنى : فحرقوه , فأنجاه اللّه من النّار.

ويروى: أن إبراهيم صلى الله عليه وسلم لم تعمل النار في شيء منه إلا في وثاقه الذي شدّ به.
ويروى: أن جميع الدواب, والهوام كانت تطفئ عن إبراهيم إلا الوزغ، فإنها كانت تنفخ النار، فأمر بقتلها , ويرد أنه لم ينتفع في ذلك اليوم بالنار، أعني : يوم أخذوا إبراهيم عليه السلام.
وجميع ما ذكرناه في هذه القصة , مما رواه عبد اللّه بن أحمد بن حنبل عن أبيه، وكذلك أكثر ما رويت في هذا الكتاب من التفسير.
فهو من كتاب التفسير , عن أحمد بن حنبل). [معاني القرآن: 4/166]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فما كان جواب قومه إلا أن قالوا اقتلوه أو حرقوه فأنجاه الله من النار}
المعنى : فحرقوه , فأنجاه الله من النار , ويروى: أنه لم تحرق إلا وثاقه.). [معاني القرآن: 5/219]


تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ومَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (25)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (وقال إبراهيم.
{إنّما اتّخذتم من دون اللّه أوثانًا مودّة بينكم} [العنكبوت: 25] يوادّ بعضكم بعضًا، أي: يحبّ بعضكم بعضًا على عبادة الأوثان.
{في الحياة الدّنيا ثمّ يوم القيامة يكفر بعضكم ببعضٍ} [العنكبوت: 25]، أي: بولاية بعضٍ.
وقال السّدّيّ: يتبرّأ بعضكم من بعضٍ.
{ويلعن بعضكم بعضًا ومأواكم النّار وما لكم من ناصرين} [العنكبوت: 25] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/626]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وقال إنّما اتّخذتم مّن دون اللّه أوثاناً مّودّة بينكم...}

نصبها حمزة وأضافها؛ ونصبها عاصم , وأهل المدينة، ونوّنوا فيها : {أوثاناً مّودّة بينكم} , ورفع ناسٌ منهم الكسائيّ بإضافة, وقرأ الحسن : {مودّةٌ بينكم}, يرفع ولا يضيف, وهي في قراءة أبيّ:{إنّما مودّة بينهم في الحياة الدّنيا}.
وفي قراءة عبد الله : (إنّما مودّة بينكم), وهما شاهدان لمن رفع, فمن رفع , فإنما يرفع بالصفة بقوله: {في الحياة الدّنيا} , وينقطع الكلام عند قوله: {إنّما اتّخذتم مّن دون اللّه أوثاناً} .
ثم قال: ليست مودّتكم تلك الأوثان , ولا عبادتكم إيّاها بشيء، إنّما مودّة ما بينكم في الحياة الدنيا , ثم تنقطع, ومن نصب أوقع عليها الاتّخاذ: إنما اتّخذتموها مودّةً بينكم في الحياة الدنيا. وقد تكون رفعاً على أن تجعلها خبراً لما , وتجعل (ما) على جهة (الذي) ؛ كأنك قلت: إن الذين اتخذتموهم أوثاناً مودّة بينكم , فتكون المودّة كالخبر، ويكون رفعها على ضمير (هي) كقوله: {لم يلبثوا إلاّ ساعةً من نهارٍ} .

ثم قال {بلاغٌ} : أي: هذا بلاغ، ذلك بلاغ, ومثله : {إنّ الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون} .
ثم قال: {متاعٌ في الدنيا}: أي: ذلك متاع في الحياة الدنيا , وقوله: {يكفر بعضكم ببعضٍ}: يتبرّأ بعضكم من بعضٍ , والعابد والمعبود في النار.). [معاني القرآن: 2/315-316]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقال عزّ وجلّ: {وقال إنّما اتّخذتم من دون اللّه أوثانا مودّة بينكم في الحياة الدّنيا ثمّ يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النّار وما لكم من ناصرين (25)}
أي : قال إبراهيم لقومه : إنما اتخذتم هذه الأوثان ؛ لتتوادّوا بها في الحياة الدنيا.
{ثمّ يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا}, وهذا كما قال الله - عزّ وجلّ: {الأخلّاء يومئذ بعضهم لبعض عدوّ إلّا المتّقين (67)}
وفيها في القراءة أربعة أوجه, منها: {مودّة بينكم}, بفتح (مودّة), وبالإضافة إلى بين، وبنصب مودّة والتنوين، ونصب بين{مودّة بينكم}.
ويجوز {مودّة بينكم} بالرفع , والإضافة إلى بين.
ويجوز {مودّة بينكم} بالرفع , والتنوين , ونصب بين.
فالنصب في {مودّة} من أجل أنها مفعول لها، أي : اتخذتم هذا للمودة بينكم, ومن رفع فمن جهتين:
إحداهما : أن يكون " ما " في معنى " الذي " , يكون المعنى: إن ما اتخذتموه من دون الله أوثانا مودة بينكم، فيكون{مودّة} خبر إن، .
ويكون برفع {مودّة} على إضمار هي، كأنه قال: تلك مودة بينكم في الحياة الدنيا، أي: ألفتكم , واجتماعكم على الأصنام مودّة بينكم في الحياة الدنيا.). [معاني القرآن: 4/166-167]


تفسير قوله تعالى:{فَآَمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (26) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {فآمن له لوطٌ} [العنكبوت: 26]، أي: فصدّقه لوطٌ.
{وقال إنّي مهاجرٌ إلى ربّي} [العنكبوت: 26] يقوله إبراهيم.
{إنّه هو العزيز الحكيم} [العنكبوت: 26] هاجر من أرض العراق إلى أرض الشّام). [تفسير القرآن العظيم: 2/626]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {إنّي مهاجرٌ إلى ربّي...}
هذا من قيل إبراهيم, وكان مهاجره من حرّان إلى فلسطين.). [معاني القرآن: 2/316]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ وقال إنّي مهاجرٌ إلى ربّي }: كل من خرج من داره , أو قطع شيئاً , فقد هاجر , ومنه: مهاجر , والمسلمين.). [مجاز القرآن: 2/115]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({مهاجر إلى ربي}: كل من خرج من داره إلى دار أو قطع شيئا فقد هاجر، والمهاجرون من ذلك). [غريب القرآن وتفسيره: 295]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ:{فآمن له لوط وقال إنّي مهاجر إلى ربّي إنّه هو العزيز الحكيم (26)}صدّق لوط إبراهيم عليه السلام، وقال: {إنّي مهاجر إلى ربّي}. إبراهيم هاجر من كوثى إلى الشام.). [معاني القرآن: 4/167]


قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فآمن له لوط وقال إني مهاجر إلى ربي}
قال الضحاك : (إبراهيم هاجر , وهو أول من هاجر) .
وقال قتادة : (هاجر من كوثى إلى الشام)). [معاني القرآن: 5/219]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مُهَاجِرٌ}: خارج.). [العمدة في غريب القرآن: 237]

تفسير قوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآَتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (27)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا في ذرّيّته النّبوّة والكتاب} [العنكبوت: 27] فكان أوّل كتابٍ أنزل بعد كتاب موسى وما بعده من الكتب.
حدّثنا أبو القاسم الفروبيّ: قال: حدّثنا الحسن بن عليّ بن عفّان، قال: حدّثنا معاوية بن هشامٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {وآتيناه أجره في الدّنيا} [العنكبوت: 27] قال: الثّناء.
قال: {واجعل لي لسان صدقٍ في الآخرين} [الشعراء: 84] قال: الثّناء.
قال: {وآتيناه أجره} [العنكبوت: 27] أعطيناه أجره.
{في الدّنيا} [العنكبوت: 27] فليس من أهل دينٍ إلا وهم يتولّونه ويحبّونه وهو مثل قوله: {وتركنا عليه في الآخرين} [الصافات: 78]، أي: أبقينا عليه في الآخرين الثّناء الحسن.
[تفسير القرآن العظيم: 2/626]
قال: {وإنّه في الآخرة لمن الصّالحين} [العنكبوت: 27] لمن أهل الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 2/627]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وآتيناه أجره في الدّنيا...}
الثناء الحسن وأن أهل الأديان كلّهم يتولّونه, ومن أجره أن جعلت النبوّة , والكتاب في ذرّيته.). [معاني القرآن: 2/316]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {آتيناه أجره في الدّنيا}: بالولد الطّيب، وحسن الثناء عليه.). [تفسير غريب القرآن: 338]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا في ذرّيّته النّبوّة والكتاب وآتيناه أجره في الدّنيا وإنّه في الآخرة لمن الصّالحين (27)}
{وآتيناه أجره في الدّنيا}:قيل : الذكر الحسن، وكذلك : {وتركنا عليه في الآخرين}
وقيل : {وآتيناه أجره في الدّنيا}: أنه ليس من أمة من المسلمين , واليهود , والمجوس , والنصارى إلا وهم يعظمون إبراهيم.
وقيل: {وآتيناه أجره في الدّنيا} : أن الأنبياء من ولده، وقيل : الولد الصالح.). [معاني القرآن: 4/167-168]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وآتيناه أجره في الدنيا}
روى سفيان , عن حميد بن قيس قال: أمر سعيد بن جبير إنسانًا أن يسأل عكرمة عن قوله تعالى: {وآتيناه أجره في الدنيا}
فقال عكرمة : (أهل الملل كلها تدعيه , وتقول: هو منا) , فقال سعيد بن جبير : (صدق) .
وقال قتادة: (هو مثل قوله تعالى:{وآتيناه في الدنيا حسنة} أي : عافية , وعملا صالحا , وثناء حسنا و, ذاك أن أهل كل دين يتولونه).
وقيل :{وآتيناه أجره في الدنيا }: إن أكثر الأنبياء من ولده.). [معاني القرآن: 5/219-220]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا}: أي :بالولد الطيب , وحسن الثناء.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 185]


تفسير قوله تعالى: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (28)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولوطًا}، أي: وأرسلنا لوطًا.
قال: {إذ قال لقومه إنّكم لتأتون الفاحشة} [العنكبوت: 28] والفاحشة المعصية.
وهي إتيان الرّجال في أدبارهم، وهو تفسير السّدّيّ.
{ما سبقكم بها من أحدٍ من العالمين {28}). [تفسير القرآن العظيم: 2/627]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله تعالى:{ولوطاً إذ قال لقومه إنّكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين (28)}

المعنى : أنه لم ينز ذكر على ذكر قبل قوم لوط.). [معاني القرآن: 4/168]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولوطاً إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين}
يروى: أنهم أول من نزا على الرجال.). [معاني القرآن: 5/221]

تفسير قوله تعالى: {أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (29)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({أئنّكم لتأتون الرّجال} [العنكبوت: 29] في أدبارهم، وهذا على الاستفهام، أي: أنّكم تفعلون ذلك.
قال: {وتقطعون السّبيل} [العنكبوت: 29] على الغرباء، فتأتونهم في أدبارهم، وكانوا لا يفعلون ذلك إلا بالغرباء، وكانوا يتعرّضون الطّرق، ويأخذون الغرباء ولا يفعله بعضهم ببعضٍ.
قال: {وتأتون في ناديكم المنكر} [العنكبوت: 29] في مجمعكم والمنكر الفاحشة، يعني: فعلهم ذلك.
{فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب اللّه إن كنت من الصّادقين} [العنكبوت: 29] وذلك لما كان يعدهم به من العذاب). [تفسير القرآن العظيم: 2/627]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وتقطعون السّبيل...}
قطعه: أنهم كانوا يعترضون الناس من الطرق بعملهم الخبيث، يعني : اللواط, ويقال: وتقطعون السّبيل: تقطعون سبيل الولد بتعطيلكم النساء .
وقوله: {وتأتون في ناديكم المنكر} في مجالسكم., والمنكر منه الخذف، والصفير، ومضغ العلك، وحلّ أزرار الأقبية والقمص، والرمي بالبندق. ويقال: هي ثماني عشرة خصلةً من قول الكلبيّ لا أحفظها.
وقال غيره: هي عشر.). [معاني القرآن: 2/316-317]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({وتأتون في ناديكم المنكر}, و«النادي»: المجلس, و«المنكر» : جمع الفواحش من القول , والفعل, وقد اختلف في ذلك المنكر.). [تفسير غريب القرآن: 338]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{أئنّكم لتأتون الرّجال وتقطعون السّبيل وتأتون في ناديكم المنكر فما كان جواب قومه إلّا أن قالوا ائتنا بعذاب اللّه إن كنت من الصّادقين (29)} اللفظ : لفظ استفهام، والمعنى : معنى التقرير والتوبيخ.
{وتقطعون السّبيل}: جاء في التفسير : ويقطعون سبيل الولد، وقيل: يعترضون الناس في الطرق لطلب الفاحشة.
{وتأتون في ناديكم المنكر}: أي: تأتون في مجالسكم المنكر، قيل : إنهم كانوا يخذفون الناس في مجالسهم , ويسخرون منهم، فأعلم اللّه جلّ وعرأن هذا من المنكر، وأنه لا ينبغي أن تتعاشر الناس عليه، ولا يجتمعوا إلا فيما قرّب إلى اللّه , وباعد من سخطه، وألّا يجتمعوا على الهزء , والتلهّي.
وقيل : {وتأتون في ناديكم المنكر}: أنهم كانوا يفسقون في مجالسهم.). [معاني القرآن: 4/168]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {أئنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل}
استفهام فيه معنى التوبيخ والتقرير
وقوله جل وعز: {وتقطعون السبيل} قيل : كانوا يتلقون الناس من الطرق للفساد , وقيل: أي: تقطعون سبيل الولد .
ثم قال جل وعز: {وتأتون في ناديكم المنكر}
قال مجاهد : (النادي : المجلس , والمنكر فعلهم بالرجال) .
قال أبو جعفر : المنكر في اللغة : يقع على القول الفاحش , وعلى الفعل .
حدثنا محمد بن إدريس بن الأسود , قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق, قال : حدثنا عبد الله بن بكر , قال: حدثنا حاتم بن أبي صغيرة , عن سماك , عن أبي صالح مولى أم هانئ ابنة أبي طالب رضي الله عنها : (أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: قلت : يا رسول الله, أرأيت قول الله عز وجل: {وتأتون في ناديكم المنكر}, ما كان ذلك المنكر الذي كانوا يأتونه في ناديهم ؟.
قال: ((كانوا يضحكون بأهل الطريق , ويحذفونهم .))).
قال أبو جعفر : فسمى الله جل وعز هذا منكرا لأنه لا ينبغي للناس أن يتعاشروا به .
وحدثنا أسامة بن أحمد , قال: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم , عن يزيد بن بكير , عن القاسم بن محمد في قوله تعالى: {وتأتون في ناديكم المنكر}, قال: (كانوا يتفاعلون في مجالسهم يفعل بعضهم على بعض).
قال أبو جعفر : قالها الشيخ بالضاد , والطاء.). [معاني القرآن: 5/221-223]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ}: أي: في مجلسكم.). [ياقوتة الصراط: 401]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (النادي): المجلس.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 185]


تفسير قوله تعالى: (قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ (30) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال لوطٌ.
{ربّ انصرني على القوم المفسدين} [العنكبوت: 30] المشركين وهو أعظم الفساد، والمعاصي كلّها من الفساد، وأعظمها الشّرك، وكانوا على الشّرك، جاحدين نبيّهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/627]

تفسير قوله تعالى: (وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ (31) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {ولمّا جاءت رسلنا} [العنكبوت: 31]، يعني: الملائكة.
[تفسير القرآن العظيم: 2/627]
{إبراهيم بالبشرى} [العنكبوت: 31] بإسحاق، وذلك أنّ الملائكة، لمّا بعثت إلى قوم لوطٍ بعذابهم مرّوا بإبراهيم، فسألوه الضّيافة، فلمّا أخبروه أنّهم أرسلوا بعذاب قوم لوطٍ بعد ما بشّروه بإسحاق {قالوا إنّا مهلكو أهل هذه القرية} [العنكبوت: 31]، يعني: قوم لوطٍ.
{إنّ أهلها كانوا ظالمين} [العنكبوت: 31]، يعني: مشركين). [تفسير القرآن العظيم: 2/628]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (32) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قال} إبراهيم لهم.
{إنّ فيها لوطًا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجّينّه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين} [العنكبوت: 32] الباقين في عذاب اللّه، وقال في آيةٍ أخرى: {إلا امرأته قدّرنا إنّها لمن الغابرين} [الحجر: 60] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/628]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ)
: (وقوله عز وجل: {قال إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها}

روى أبو نصر , عن عبد الرحمن بن سمرة قال: (قال إبراهيم صلى الله عليه وسلم للملائكة:إن كان فيهم مائة يكرهون هذا , أتهلكونهم ؟.
قالوا : لا .

قال : فإن كان فيهم تسعون ؟.
قالوا : لا .
إلى أن بلغ عشرين , قال : {إن فيها لوطاً} .
قالت الملائكة صلى الله عليهم :{نحن أعلم بمن فيها }) قال عبد الرحمن : (وكانوا أربعمائة ألف)). [معاني القرآن: 5/225]



تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِن الْغَابِرِينَ (33)}َ
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ولمّا أن جاءت رسلنا} [العنكبوت: 33]، يعني: الملائكة.
{لوطًا سيء بهم وضاق بهم ذرعًا} [العنكبوت: 33] سيء بقومه الظّنّ بما كانوا يأتون الرّجال في أدبارهم تخوّفًا على أضيافه، وهو يظنّ أنّهم آدميّون.
قال: {وضاق بهم ذرعًا} [العنكبوت: 33] ضاق بأضيافه الذّرع لما يتخوّف عليهم منهم.
وقالوا الملائكة قالته للوطٍ.
{لا تخف ولا تحزن إنّا منجّوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين {33}). [تفسير القرآن العظيم: 2/628]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({إنّا منجّوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين }, أي: من الباقين الذين طالت أعمارهم فبقيت ثم أهلكت، قال العجاج:

فما ونى محمدٌ مذ أن غفر= له الإله ما مضى وما غبر
وإذا كانت امرأة مع رجال كانت صفاتهم صفات الرجال , كقولك: عجوزاً من الغابرين، وقوله: { كانت من القانتين} {سيء بهم }, مجازه: فعل بهم من سؤت بنا.). [مجاز القرآن: 2/115]

قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({ولمّا أن جاءت رسلنا لوطاً سيء بهم وضاق بهم ذرعاً وقالوا لا تخف ولا تحزن إنّا منجّوك وأهلك إلاّ امرأتك كانت من الغابرين} وقال: {إنّا منجّوك وأهلك إلاّ امرأتك} ؛ لأنّ الأول كان في معنى التنوين ؛ لأنه لم يقع , فلذلك انتصب الثانني.). [معاني القرآن: 3/26]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولما أن جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا}
قال قتادة : (أي: ساء ظنه بقومه , وضاق ذرعه بضيفه) .
قال أبو جعفر : يقال : ضقت به ذرعا , أي : لم أطقه مشتق من الذراع ؛لأن القوة فيه.). [معاني القرآن: 5/224-225]


تفسير قوله تعالى: (إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (34) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({إنّا منزلون على أهل هذه القرية رجزًا من السّماء} [العنكبوت: 34] يعنون قرية قوم لوطٍ {رجزًا} [العنكبوت: 34] عذابًا.
{بما كانوا يفسقون} [العنكبوت: 34] يشركون). [تفسير القرآن العظيم: 2/628]

تفسير قوله تعالى:{وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آَيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (35)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {ولقد تركنا منها آيةً} [العنكبوت: 35]، أي: عبرةً لقومٍ: تفسير مجاهدٍ والسّدّيّ.
قال: {بيّنةً لقومٍ يعقلون} [العنكبوت: 35] وهم المؤمنون، عقلوا عن اللّه ما أنزل عليهم، فأخبرهم أنّه جعل عاليها سافلها، خسف بهم وأمطر عليهم الحجارة). [تفسير القرآن العظيم: 2/629]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({ تركنا منها آيةً }, مجازه: أبقينا منها علامة.)
[مجاز القرآن: 2/115]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون}
قال مجاهد : (آية بينة , أي: عبرة) .
وقال قتادة : (هي الحجارة التي أبقيت).
وقال غيره : يرجم بها قوم من هذه الأمة.). [معاني القرآن: 5/225]


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 11 ذو القعدة 1431هـ/18-10-2010م, 02:39 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 36 إلى 55]

{وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآَخِرَ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (36) فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (37) وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمَ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ (38) وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ (39) فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (40) مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41) إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (42) وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ (43) خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (44) اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45) وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آَمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (46) وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ (47) وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (48) بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ (49) وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآَيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (51) قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (52) وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلَا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (53) يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ (54) يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (55)}

تفسير قوله تعالى: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآَخِرَ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (36)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وإلى مدين} [العنكبوت: 36]، أي: وأرسلنا إلى مدين.
{أخاهم شعيبًا} [العنكبوت: 36] أخوهم في النّسب وليس بأخيهم في الدّين.
{فقال يا قوم اعبدوا اللّه} [العنكبوت: 36] وحّدوا اللّه، تفسير السّدّيّ.
{وارجوا اليوم} [العنكبوت: 36]، أي: صدّقوا باليوم الآخر.
{ولا تعثوا في الأرض مفسدين} [العنكبوت: 36] ولا تسيروا في الأرض مفسدين، في تفسير قتادة.
وتفسير الحسن: ولا تكونوا في الأرض مفسدين). [تفسير القرآن العظيم: 2/629]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ)
: ({وارجوا اليوم الآخر }: مجازه: واخشوا اليوم الآخر، قال أبو ذؤيب:

إذا لسعته الدّبر لم يرج لسعها= وحالفها في بيت نوبٍ عوامل
أي: لم يخف.
{ولا تعثوا في الأرض مفسدين }: مجازه من: عثيت تعثى عثواً , هو أشد مباللغة من عثيت ثعيت). [مجاز القرآن: 2/115-116]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {وإلى مدين أخاهم شعيبا}
قال قتادة : أرسل شعيب صلى الله عليه وسلم مرتين إلى أمتين : إلى أهل مدين, وإلى أصحاب الأيكة). [معاني القرآن: 5/225]

تفسير قوله تعالى: {فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (37)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({فكذّبوه فأخذتهم الرّجفة} [العنكبوت: 37] والرّجفة هاهنا، عند الحسن، مثل الصّيحة وهما عنده العذاب.
وتفسير السّدّيّ: صيحة جبريل.
قال: {فأصبحوا في دارهم جاثمين} [العنكبوت: 37] قال: موتى قد هلكوا). [تفسير القرآن العظيم: 2/629]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ)
: ({جاثمين }: بعضهم على بعض، وجاثمين لركبهم , وعلى ركبهم.).
[مجاز القرآن: 2/116]

تفسير قوله تعالى: {وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمَ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ (38)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وعادًا وثمود} [العنكبوت: 38] قال: وأهلكنا عادًا وثمود.
{وقد تبيّن لكم من مساكنهم} [العنكبوت: 38]، يعني: ما رأوا من آثارهم.
قال: {وزيّن لهم الشّيطان أعمالهم فصدّهم عن السّبيل} [العنكبوت: 38] عن سبيل الهدى.
[تفسير القرآن العظيم: 2/629]
{وكانوا مستبصرين} [العنكبوت: 38] في الضّلالة في تفسير مجاهدٍ). [تفسير القرآن العظيم: 2/630]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وكانوا مستبصرين...}

في دينهم, يقول: ذوو بصائر.). [معاني القرآن: 2/317]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله:{وعادا وثمود وقد تبيّن لكم من مساكنهم وزيّن لهم الشّيطان أعمالهم فصدّهم عن السّبيل وكانوا مستبصرين (38)}
المعنى : وأهلكنا عادا وثمودا، لأن قبل هذا قارون , وأصحابه، فأخذتهم الرجفة.). [معاني القرآن: 4/168]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله عز وجل: {وعادا وثمود وقد تبين لكم من مساكنهم}
أي : أهلكنا عادا وثمود , وقيل التقدير: واذكر عادا , وثمود.
وقوله جل وعز: {وكانوا مستبصرين}
قال مجاهد: (أي : في الضلالة).
وقال قتادة: (أي: معجبين بضلالتهم).
وقيل: وكانوا مستبصرين, أي: قد علموا أنهم معذبون , وقد فعلوا ما فعلوا.). [معاني القرآن: 5/226]

تفسير قوله تعالى:{وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ (39)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وقارون وفرعون وهامان} [العنكبوت: 39]، أي: وأهلكنا قارون وفرعون وهامان.
{ولقد جاءهم موسى بالبيّنات فاستكبروا في الأرض وما كانوا سابقين} [العنكبوت: 39] ما كانوا بالّذين يسبقوننا حتّى لا نقدر عليهم فنعذّبهم.
وقال السّدّيّ: {وما كانوا سابقين} [العنكبوت: 39] ما كانوا سابقي اللّه بأعمالهم الخبيثة فيفوتوه هربًا). [تفسير القرآن العظيم: 2/630]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ)
: ({ وما كانوا سابقين }, مجازه: فائقين معجزين.).
[مجاز القرآن: 2/116]

تفسير قوله تعالى: {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (40)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه تبارك وتعالى: {فكلًّا أخذنا بذنبه} [العنكبوت: 40]، يعني: من أهلك من الأمم الّذين قصّ في هذه السّورة إلى هذا الموضع.
وقال السّدّيّ: {فكلًّا أخذنا بذنبه} [العنكبوت: 40]، يعني: فكلا عذّبناه بذنبه.
قال: {فمنهم من أرسلنا عليه حاصبًا} [العنكبوت: 40]، يعني: قوم لوطٍ، يعني: الحجارة الّتي رمي بها من كان خارجًا من مدينتهم، وأهل السّفر منهم وخسف بمدينتهم.
قال: {ومنهم من أخذته الصّيحة} [العنكبوت: 40]، يعني: ثمود.
{ومنهم من خسفنا به الأرض} [العنكبوت: 40] مدينة قوم لوطٍ وقارون.
{ومنهم من أغرقنا} [العنكبوت: 40] قوم نوحٍ وفرعون وقومه.
قال: {وما كان اللّه ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} [العنكبوت: 40]، أي: يضرّون.
وفي تفسير الحسن ينقضون بشركهم وجحودهم رسلهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/630]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ)
: ({أرسلنا عليه حاصباً }: أي : ريحاً عاصفاً فيها حصىً , ويكون في كلام العرب: الحاصب من الجليد , ونحوه أيضاً، قال الفرزدق:

مستقبلين شمال الشام تضربنا= بحاصب كنديف القطن منثور).[مجاز القرآن: 2/116]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({فمنهم من أرسلنا عليه حاصباً}: يعني: الحجارة, وهي: الحصباء أيضا, يعني: قوم لوط.). [تفسير غريب القرآن: 338]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والأخذ: التعذيب، قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى} أي: تعذيبه. وقال: {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ} أي عذبنا.
وقال: {وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ} أي ليعذبوه أو ليقتلوه). [تأويل مشكل القرآن: 503](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {فكلّا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصّيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان اللّه ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون (40)}
{فمنهم من أرسلنا عليه حاصباً}: وهم قوم لوط.
{ومنهم من أخذته الصّيحة}: وهم قوم ثمود , ومدين.
{ومنهم من خسفنا به الأرض}: وهم قارون , وأصحابه.
{ومنهم من أغرقنا}: وهم قوم نوح, وفرعون.
فأعلم اللّه أن الذي فعل بهم عدل، وأنه لم يظلمهم، وأنهم ظلموا أنفسهم؛ لأنه قد بيّن لهم، وذلك قوله:{وكانوا مستبصرين}: أتوا ما أتوه , وقد بيّن لهم أن عاقبته عذابهم.). [معاني القرآن: 4/168-169]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله عز وجل: {فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا}
أي: حصبا , وهي الحجارة , وهم قوم لوط.
ومنهم من أخذته الصيحة : هم ثمود , وأهل مدين, ومنهم من خسفنا به الأرض: قارون, وأصحابه, ومنهم من أغرقنا: قوم نوح, وفرعون, وأصحابه.
ثم أخبر تعالى أنه لم يظلمهم في ذلك, فقال: وما كان الله ليظلمهم, ولكن كانوا أنفسهم يظلمون). [معاني القرآن: 5/227]

تفسير قوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {مثل الّذين اتّخذوا من دون اللّه أولياء} [العنكبوت: 41]، يعني:
[تفسير القرآن العظيم: 2/630]
أوثانهم الّتي عبدوها.
وقال السّدّيّ: {أولياء}، يعني: آلهةً وهو أحدٌ.
قال: {كمثل العنكبوت اتّخذت بيتًا وإنّ أوهن البيوت} [العنكبوت: 41] أضعف البيوت.
{لبيت العنكبوت} [العنكبوت: 41]، أي: أنّ أوثانهم لا تغني عنهم شيئًا كما لا يغني بيت العنكبوت من حرٍّ ولا بردٍ.
{لو كانوا يعلمون} [العنكبوت: 41] يعلمون لعلموا أنّ أوثانهم لا تغني عنهم شيئًا كبيت العنكبوت). [تفسير القرآن العظيم: 2/631]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ)
: (وقوله: {كمثل العنكبوت اتّخذت بيتاً...}

ضربه مثلاً لمن اتّخذ من دون الله وليّاً, أنه لا ينفعه , ولا يضرّه، كما أن بيت العنكبوت , لا يقيها حرّاً , ولا برداً, والعنكبوت أنثى, وقد يذكّرها بعض العرب, قال الشاعر:
على هطّالهم منهم بيوتٌ = كأنّ العنكبوت هو ابتناها).[معاني القرآن: 2/317]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (المَثَل: بمعنى الشَّبَه، يقال: هذا مَثَلُ الشَّيءِ وَمِثْلُهُ، كما يقال: شَبَهُ الشَّيءِ وَشِبْهُهُ، قال الله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا} [العنكبوت: 41] أي شَبَه الذين كفروا شبه العنكبوت). [تأويل مشكل القرآن: 496]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ:{مثل الّذين اتّخذوا من دون اللّه أولياء كمثل العنكبوت اتّخذت بيتا وإنّ أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون (41)}
(لو) متصلة بقوله : {اتّخذوا}, أي: لو علموا أن اتخاذهم الأولياء كاتخاذ العنكبوت، ليس أنهم لا يعلمون أن بيت العنكبوت ضعيف, وذلك أن بيت العنكبوت لا بيت أضعف منه، فيما يتّخذه الهوام في البيوت، ولا أقل وقاية منه من حرّ , أو برد.
والمعنى : أن أولياءهم لا ينقصونهم، ولا يرزقونهم و, لا يدفعون عنهم ضررا، كما أن بيت العنكبوت غير موق للعنكبوت.). [معاني القرآن: 4/169]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا} قال قتادة : هذا مثل ضربه الله عز وجل, أي: إنه لا ينفع لضعفه كما أن بيت العنكبوت لا ينفع, ولا يقي.
ثم قال جل وعز: {وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون}
لو متعلقة بقوله: {مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت}, لو كانوا يعلمون أن أولياءهم لا يغنون عنهم شيئا , وأن هذا مثلهم.). [معاني القرآن: 5/227-228]

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (42) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (ثمّ قال: {إنّ اللّه يعلم ما يدعون من دونه من شيءٍ} [العنكبوت: 42] يقوله للمشركين، يعني: ما تعبدون من دونه.
{وهو العزيز} [العنكبوت: 42] في نقمته.
{الحكيم} في أمره). [تفسير القرآن العظيم: 2/631]

تفسير قوله تعالى: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ (43)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وتلك الأمثال نضربها للنّاس} [العنكبوت: 43]، يعني: نصفها للنّاس، فنبيّنها للنّاس، تفسير السّدّيّ.
قال: {وما يعقلها إلا العالمون} [العنكبوت: 43]، يعني: المؤمنين). [تفسير القرآن العظيم: 2/631]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ)
: ({ وتلك الأمثال نضربها للنّاس}, مجازها: هذه الأشباه والنظائر نحتج بها، يقال اضرب لي مثلاً: قال الأعشى:

هل تذكر العهد في تنمّص إذ= تضرب لي قاعداً بها مثلا).[مجاز القرآن: 2/116]

تفسير قوله تعالى: (خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (44) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {خلق اللّه السّموات والأرض بالحقّ} [العنكبوت: 44]، أي: للبعث والحساب كقوله: {وما خلقنا السّماء والأرض وما بينهما باطلا} [ص: 27]، أي: خلقناهما للبعث والحساب، قال: {ذلك ظنّ الّذين كفروا} [ص: 27] ألا يبعثوا ولا يحاسبوا.
قال: {إنّ في ذلك لآيةً} لعبرةً، ويقال: لمعرفةً.
{للمؤمنين} في خلق السّموات والأرض يعلمون أنّ الّذي خلق السّموات والأرض يبعث الخلق يوم القيامة). [تفسير القرآن العظيم: 2/631]

تفسير قوله تعالى: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصّلاة إنّ
[تفسير القرآن العظيم: 2/631]
الصّلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} [العنكبوت: 45] تفسير الكلبيّ أنّ العبد المؤمن ما دام في صلاته لا يأتي فحشاء ولا منكرًا.
- الحسن، عن الحسن، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «كلّ صلاةٍ لا تنهى عن الفحشاء والمنكر فإنّ صاحبها لا يزداد من اللّه إلا بعدًا».
- وحديث المبارك بن فضالة، عن الحسن، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «من صلّى صلاةً لم تنهه عن الفحشاء والمنكر فإنّها لا تزيده عند اللّه إلا مقتًا».
قوله عزّ وجلّ: {ولذكر اللّه أكبر} [العنكبوت: 45] الحسن بن دينارٍ، عن الحسن في تفسيرها قال: قال اللّه: {فاذكروني أذكركم} [البقرة: 152] فإذا ذكر العبد اللّه ذكره اللّه، فذكر اللّه للعبد أكبر من ذكر العبد إيّاه.
- قال يحيى: وحدّثني أبو الجرّاح المهديّ أنّ محارب بن دثارٍ قال: قال لي ابن عمر: كيف كان تفسير ابن العبّاس في هذه الآية {ولذكر اللّه أكبر} [العنكبوت: 45]؟ فقلت: كان يقول: إنّ ذكر اللّه العبد عند المعصية، فكيف أكبر من ذكر اللّه باللّسان، فقال ابن عمر: إنّ العبد إذا ذكر اللّه ذكره اللّه، فذكر اللّه العبد أكبر من ذكر العبد إيّاه.
قال يحيى: وحدّثني أبو الأشهب، عن الحسن، قال: الذّكر ذكران أحدهما
[تفسير القرآن العظيم: 2/632]
أفضل من الآخر: ذكر اللّه باللّسان حسنٌ، وأفضل منه ذكر اللّه عندما نهاك عنه، والصّبر صبران أحدهما أفضل من الآخر: الصّبر عند المصيبة حسنٌ وأفضل منه الصّبر عمّا نهاك اللّه عنه.
قال: {واللّه يعلم ما تصنعون} [العنكبوت: 45] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/633]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ)
: (وقوله: {إنّ الصّلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر اللّه أكبر...}

يقول: ولذكر الله إيّاكم بالثواب خير من ذكركم إيّاه إذا انتهيتم, ويكون: {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر }, وأحقّ أن ينهى). [معاني القرآن: 2/317]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({إنّ الصّلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر}, قالوا: المصلّي لا يكون في منكر ولا فاحشة، ما دام فيها.
{ولذكر اللّه أكبر}: يقول: ذكر اللّه العبد - ما كان في صلاته - أكبر من ذكر العبد للّه.
ويقال: {ولذكر اللّه أكبر}, أي: التسبيح والتكبير أكبر , وأحرى بأن ينهي عن الفحشاء والمنكر). [تفسير غريب القرآن: 338]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله تعالى: {اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصّلاة إنّ الصّلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر اللّه أكبر واللّه يعلم ما تصنعون (45)}
قال الحسن وقتادة: (من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر , فليست صلاته بصلاة، وهي: وبال عليه).
وقوله:{ولذكر اللّه أكبر} فيها أوجه:
- فمنها أن أكبر في معنى كبير، وجاء في التفسير: ولذكر اللّه إياكم إذا ذكرتموه أكبر من ذكركم.
- ووجه آخر: معناه: {ولذكر اللّه أكبر}: النهى عن الفحشاء والمنكر أكبر من الانتهاء عن الفحشاء والمنكر؛ لأن اللّه قد نهى عنها). [معاني القرآن: 4/169-170]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر}
روى يونس عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر , لم يزدد بها من الله إلا بعدا)).

وروى علي بن طلحة , عن ابن عباس قال: (في الصلاة منتهى, ومزدجر عن المعاصي).
قال أبو جعفر: قيل: معنى هذا: إن العبد مادام في الصلاة, فليس في فحشاء, ولا منكر.
ثم قال جل وعز: {ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون}
روى سفيان, عن ابن مسعود, وروى عن سلمان, وسعيد بن جبير, عن ابن عباس في قوله جل وعز: {ولذكر الله أكبر} قالوا: (ذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه).
زاد ابن عباس: (إذا ذكرتموه بعد قوله: إياكم) ). [معاني القرآن: 5/228-229]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ}: قيل: ذكر الله تعالى للعبد ما كان في صلاته أكبر من ذكر العبد لله.
وقيل: الذكر هنا: التسبيح, والتكبير, أي: هو أكبر أن ينهى عن الفحشاء والمنكر). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 185]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آَمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (46)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالّتي هي أحسن} [العنكبوت: 46] قال يحيى: سمعت سعيدًا يذكر عن قتادة، قال: أي: بكتاب اللّه، قال: نهى اللّه عن مجادلتهم في هذه الآية ولم يكن يومئذٍ أمر بقتالهم ثمّ نسخ ذلك فأمر بقتالهم فلا مجادلة أشدّ من السّيف، فقال في سورة براءةٍ: {قاتلوا الّذين لا يؤمنون باللّه ولا باليوم الآخر
ولا يحرّمون ما حرّم اللّه ورسوله ولا يدينون دين الحقّ من الّذين أوتوا الكتاب حتّى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون} [التوبة: 29] همّامٌ عن قتادة، قال: أمر بقتالهم حتّى يسلموا أو يقرّوا بالجزية.
قوله عزّ وجلّ: {إلا الّذين ظلموا منهم} [العنكبوت: 46] قال بعضهم: من قاتلك ولم يعطك الجزية، يعني: إذ أمر بجهادهم.
وإنّما أمر بجهادهم بالمدينة وهذه الآية مكّيّةٌ.
[تفسير القرآن العظيم: 2/633]
وحدّثني عاصم بن حكيمٍ أنّ مجاهدًا قال: {إلا الّذين ظلموا منهم} [العنكبوت: 46] وقالوا مع اللّه إلهًا آخر، وليس له ندٌّ ولا شريكٌ.
وقال مجاهدٌ: من أقام على الشّرك منهم ولم يؤمن.
وقال ابن مجاهدٍ: عن أبيه: {إلا الّذين ظلموا} [العنكبوت: 46] وقالوا إنّ مع اللّه إلهًا آخر أو له ندٌّ، أو له شريكٌ.
وقال السّدّيّ: يعني: من آمن.
قال: {وقولوا آمنّا بالّذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحدٌ ونحن له مسلمون} [العنكبوت: 46] تفسير ابن مجاهدٍ عن أبيه: قوله من لم يقل من هذا شيئًا من أهل الكتاب، أي: لم يقل مع اللّه إلهٌ أو له ندٌّ أو له شريكٌ). [تفسير القرآن العظيم: 2/634]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلّا بالّتي هي أحسن إلّا الّذين ظلموا منهم وقولوا آمنّا بالّذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون (46)}

أي: أهل الحرب، فالمعنى: لا تجادلوا أهل الجزية إلاّ بالتي هي أحسن، وقاتلوا الذين ظلموا.
وقيل: إن الآية منسوخة بقوله:{قاتلوا الّذين لا يؤمنون باللّه ولا باليوم الآخر ولا يحرّمون ما حرّم اللّه ورسوله ولا يدينون دين الحقّ من الّذين أوتوا الكتاب حتّى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون (29)}
فكان الصّغار خارجا من التي هي أحسن، فالأشبه أن تكون منسوخة.
وجائز أن يكون الصغار: أخذ الجزية منهم , وإن كرهوا، فالذين تؤخذ منهم الجزية بنص الكتاب اليهود والنصارى؛ لأنهم أصحاب التوراة والإنجيل، فأمّا المجوس, فأخذت منهم الجزية لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سنّوا بهم سنة أهل الكتاب)).
واختلف الناس فيمن سوى هؤلاء من الكفار مثل عبدة الأوثان , ومن أشبههم فهم عند مالك بن أنس يجرون هذا المجرى, تؤخذ منهم الجزية سواء كانوا عجماً, أو عرباً, وأما أهل العراق فقالوا: نقبل الجزية من العجم غير العرب إذا كانوا كفارا، وإن خرجوا من هذه الأصناف , أعني : اليهود, والنصارى, والمجوس، نحو الهند والترك والديلم، فأمّا العرب عندهم, فإذا خرجوا من هذه الثلاثة الأصناف لم تقبل منهم جزية، وكان القتل في أمرهم إن أقاموا على ملّة غير اليهودية, والنصرانية, والمجوسية.
وبعض الفقهاء لا يرى إلا القتل في عبدة الأوثان, والأصنام, ومن أشبههم). [معاني القرآن: 4/170-171]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم}
روى ابن أبي نجيح, عن مجاهد قال: (من قاتلك ولم يعطك الجزية, فقاتله بالسيف).
وروى معمر, عن قتادة: (هي منسوخة نسخها: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم}, ولا مجادلة أشد من السيف).


قال أبو جعفر: قول قتادة أولى بالصواب, لأن السورة مكية, وإنما أمر بالقتال بعد الهجرة , وأمر بأخذ الجزية بعد ذلك بمدة طويلة , وأيضا فإنه قال:{وهم صاغرون}.
وقوله جل وعز: {وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم}
روى سفيان, عن سعد بن إبراهيم , عن عطاء بن يسار قال: (كان قوم من اليهود يجلسون مع المسلمين, فيحدثونهم, فأخبروا بذلك النبي صلى الله عليه وسلم, فقال لهم: ((لا تصدقوهم ولا تكذبوهم, وقولوا :{آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم })), إلى آخر الآية)). [معاني القرآن: 5/230-231]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ (47)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وكذلك أنزلنا إليك الكتاب فالّذين آتيناهم الكتاب يؤمنون به} [العنكبوت: 47] يعني: من آمن منهم.
{ومن هؤلاء} [العنكبوت: 47]، يعني: مشركي العرب.
{من يؤمن به} [العنكبوت: 47]، يعني: القرآن.
{وما يجحد بآياتنا إلا الكافرون} [العنكبوت: 47] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/634]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ)
: (وقوله: {فالّذين آتيناهم الكتاب يؤمنون به...}: بمحمّدٍ صلى الله عليه وسلم, ويقال: إنه عبد الله بن سلام
.
{ومن هؤلاء من يؤمن به}: يعني الذين آمنوا من أهل مكّة.). [معاني القرآن: 2/317]

تفسير قوله تعالى:{وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (48)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وما كنت تتلو} [العنكبوت: 48]، أي: تقرأ.
[تفسير القرآن العظيم: 2/634]
{من قبله} من قبل القرآن.
{من كتابٍ ولا تخطّه بيمينك إذًا لارتاب المبطلون} [العنكبوت: 48] لو كنت تقرأ وتكتب.
والمبطلون في تفسير مجاهدٍ مشركو قريشٍ.
وقال بعضهم: من لم يؤمن من أهل الكتاب.
وفي تفسير السّدّيّ: {المبطلون} [العنكبوت: 48] يقول: المكذّبون، وهم اليهود). [تفسير القرآن العظيم: 2/635]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وما كنت تتلو من قبله...}
: من قبل القرآن , {من كتابٍ ولا تخطّه بيمينك} , ولو كنت كذلك {لاّرتاب المبطلون} يعني: النصارى الذين وجدوا صفته , ويكون {لاّرتاب المبطلون}: أي: لكان أشدّ لريبة من كذّب من أهل مكّة وغيرهم). [معاني القرآن: 2/317]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({وما كنت تتلو من قبله من كتابٍ ولا تخطّه بيمينك إذاً لارتاب المبطلون}, مجازه: ما كنت تقرأ من قبل القرآن حتى أنزل إليك , ولا قبل ذلك من كتاب، مجازه: ما كنت تقرأ كتاباً، ومن من حروف الزوائد.
وفي آية أخرى:{فما منكم من أحدٍ عنه حاجزين }: مجازه: ما منكم أحد عنه حاجزين.
{ولا تخطّه بيمنك}: أي: ولا تكتب كتاباً، ومجازه: مجاز المختصر الذي فيه ضمير كقولك: ولو كنت تقرأ الكتاب , وتخطه , لارتاب المبطلون.). [مجاز القرآن: 2/116-117]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وما كنت تتلو من قبله من كتابٍ} : يقول: هم يجدونك أمّيا في كتبهم، فلو كنت تكتب؛ لارتابوا.). [تفسير غريب القرآن: 338]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ:{وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطّه بيمينك إذا لارتاب المبطلون (48)}
أي: ما كنت قرأت الكتب , ولا كنت كاتبا، وكذلك صفة النبي صلى الله عليه وسلم عندهم في التوراة والإنجيل.
وقوله: {إذا لارتاب المبطلون}, قيل: إنهم كفار قريش). [معاني القرآن: 4/171]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك} : وكذا صفته صلى الله عليه وسلم في التوراة ثم قال تعالى: {إذا لارتاب المبطلون}, قال مجاهد : قريش.). [معاني القرآن: 5/231-232]

تفسير قوله تعالى: {بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ (49)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({بل هو} [العنكبوت: 49]، يعني: القرآن.
{آياتٌ بيّناتٌ في صدور الّذين أوتوا العلم} [العنكبوت: 49]، يعني: النّبيّ والمؤمنين.
سعيدٌ، عن قتادة، قال: أعطيت هذه الأمّة الحفظ، وكان من قبلنا لا يقرءون كتابهم إلا نظرًا، فإذا أطبقوه لم يحفظ ما فيه إلا النّبيّون.
وقال يحيى: بلغني عن كعبٍ في صفة هذه الأمّة قال: حلماء، علماء، كأنّهم من الفقه أنبياء.
قال: {وما يجحد بآياتنا إلا الظّالمون} [العنكبوت: 49] المشركون). [تفسير القرآن العظيم: 2/635]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ)
: (وقوله: {بل هو آياتٌ بيّناتٌ...}: يريد القرآن.

وفي قراءة عبد الله: {بل هي آياتٌ}, يريد: بل آيات القرآن آيات بيّنات, ومثله: {هذا بصائر للنّاس}, ولو كانت هذه بصائر للناس كان صواباً، ومثله: {هذا رحمةٌ من ربّي} لو كان: هذه رحمة لجاز). [معاني القرآن: 2/317]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {بل هو آيات بيّنات في صدور الّذين أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إلّا الظّالمون (49)}
قيل فيه ثلاثة أوجه:
منها: بل القرآن: آيات بينات.
ومنها: بل النبي صلى الله عليه وسلم , وأموره: آيات بينات.
ومنها: {بل هو آيات بيّنات}, أي: بل إنه لا يقرأ , ولا يكتب : آيات بينات؛ لأنه إذا لم يكن قرأ كتابا، ولا هو كاتب, ثم أخبر بأقاصيص الأولين, والأنبياء, فذلك آيات بينّات في صدور الذين أوتوا العلم.). [معاني القرآن: 4/171]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم}
في معناه ثلاثة أقوال:
أ- قال الحسن: (بل القرآن آيات بينات في صدور المؤمنين).
ب- وقال قتادة: (بل النبي صلى الله عليه وسلم آية بينة) , كذا قرأ قتادة : (في صدور الذين أوتوا العلم من أهل الكتاب).
ج- وقال الضحاك: (كانت صفة النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يكتب بيمينه , ولا يتلو كتابا , فذلك آية بينة)). [معاني القرآن: 5/232]

تفسير قوله تعالى: (وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآَيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وقالوا لولا} [العنكبوت: 50] هلا.
{أنزل عليه آياتٌ من ربّه قل إنّما الآيات عند اللّه} [العنكبوت: 50] كانوا يسألون النّبيّ عليه السّلام أن يأتيهم بالآيات كقولهم: {فليأتنا بآيةٍ كما أرسل الأوّلون} [الأنبياء: 5] وأشباه ذلك، قال اللّه تبارك وتعالى: {قل إنّما الآيات عند اللّه} [العنكبوت: 50] إذا أراد أن ينزل آيةً أنزلها كقوله: {قل إنّ اللّه قادرٌ على أن ينزّل آيةً ولكنّ أكثرهم لا يعلمون} [الأنعام: 37].
وقال اللّه: {قل إنّما الآيات عند اللّه وإنّما أنا نذيرٌ مبينٌ} [العنكبوت: 50] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/635]

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (51)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (ثمّ قال تبارك وتعالى: {أولم يكفهم أنّا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم} [العنكبوت: 51] أي تتلوه وتقرؤه عليهم وأنت لا تقرأ ولا تكتب، فكفاك ذلك لو عقلوا.
قال: {إنّ في ذلك لرحمةً وذكرى لقومٍ يؤمنون} [العنكبوت: 51] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/636]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله عزّ وجلّ: {أولم يكفهم أنّا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم}

كان قوم من المسلمين كتبوا شيئا عن اليهود, فأتوا به النبي صلى الله عليه وسلم، فقال عليه السلام: ((كفى بها حماقة قوم، أو ضلالة قوم أن رغبوا عما أتى به نبيّهم إلى ما أتى به غير نبيّهم إلى غير قومهم)) ). [معاني القرآن: 4/172]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم}
روى ابن عيينة, عن عمرو بن دينار, عن يحيى بن جعدة قال: (أتي النبي صلى الله عليه وسلم بكتف فيها كتاب, فقال : (( كفى بقوم حمقا, أو ضلالة: أن يرغبوا عن نبيهم إلى نبي غيره, أو إلى كتاب غير كتابهم)), فأنزل الله جل وعز: {أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم})). [معاني القرآن: 5/233]

تفسير قوله تعالى: (قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (52) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (ثمّ قال: {قل كفى باللّه بيني وبينكم شهيدًا} [العنكبوت: 52]، أي: رسوله، وأنّ هذا الكتاب من عنده، وأنّكم على الكفر.
قال: {يعلم ما في السّموات والأرض والّذين آمنوا بالباطل} [العنكبوت: 52] بإبليس.
{وكفروا باللّه أولئك هم الخاسرون} [العنكبوت: 52] في الآخرة، خسروا أنفسهم أن يغنموها، فصاروا في النّار.
وتفسير السّدّيّ: {والّذين آمنوا بالباطل} [العنكبوت: 52]، يعني بعبادة الشّيطان: الشّرك {وكفروا باللّه أولئك هم الخاسرون} [العنكبوت: 52] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/636]

تفسير قوله تعالى: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلَا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (53)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجلٌ مسمًّى لجاءهم العذاب} [العنكبوت: 53] وذلك أنّ النّبيّ عليه السّلام كان يخوّفهم بالعذاب إن لم يؤمنوا، فكانوا يستعجلون به استهزاءً وتكذيبًا قال اللّه تبارك وتعالى: {ولولا أجلٌ مسمًّى} [العنكبوت: 53]، يعني: النّفخة الأولى: {لجاءهم العذاب} [العنكبوت: 53].
أنّ اللّه تبارك وتعالى أخّر عذاب كفّار آخر هذه الأمّة بالاستئصال، الدّائنين بدين أبي جهلٍ وأصحابه، إلى النّفخة الأولى بها يكون هلاكهم.
قال: {وليأتينّهم بغتةً وهم لا يشعرون} [العنكبوت: 53]
- عثمان، عن نعيم بن عبد اللّه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «تقوم السّاعة والرّجلان قد نشرا ثوبهما يتبايعان به فما يطويانه
[تفسير القرآن العظيم: 2/636]
حتّى تقوم السّاعة، وتقوم السّاعة والرّجل يخفض ميزانه ويرفعه، وتقوم السّاعة والرّجل يليط حوضه ليسقي ماشيته، فما يسقيها حتّى تقوم السّاعة، وتقوم السّاعة والرّجل قد رفع أكلته إلى فيه فما تصل إلى فيه حتّى تقوم السّاعة»). [تفسير القرآن العظيم: 2/637]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ)
: (وقوله: {ولولا أجلٌ مّسمًّى...}

يقول: لولا أن الله جعل عذاب هذه الأمّة مؤخّراً إلى يوم القيامة - وهو الأجل - لجاءهم العذاب, ثم قال: {وليأتينّهم بغتةً}, يعني : القيامة فذكّر لأنه يريد عذاب القيامة, وإن شئت ذكّرته على تذكير الأجل, ولو كانت {ولتأتينّهم} كان صواباً: يريد: القيامة , والسّاعة.). [معاني القرآن: 2/318]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمّى لجاءهم العذاب وليأتينّهم بغتة وهم لا يشعرون (53) هذه نزلت في قوم جهلة, قالوا: {اللّهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارة من السّماء}، فأعلم اللّه - عزّ وجلّ – أنّ لعذابهم أجلا, قال: {بل السّاعة موعدهم والسّاعة أدهى وأمرّ (46)}
وقوله عزّ وجلّ: {وليأتينّهم بغتة} معناه: فجاءة، و{بغتة}: اسم منصوب في موضع الحال، ومعناه: وليأتينهم مفاجأة). [معاني القرآن: 4/172]

تفسير قوله تعالى: (يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ (54) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {يستعجلونك بالعذاب وإنّ جهنّم لمحيطةٌ بالكافرين} [العنكبوت: 54] كقوله: {أحاط بهم سرادقها} [الكهف: 29] سورها). [تفسير القرآن العظيم: 2/637]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (55)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم} [العنكبوت: 55] وهذا عذاب جهنّم.
كقوله: {لهم من جهنّم مهادٌ ومن فوقهم غواشٍ} [الأعراف: 41]، أي: يغشاهم.
كقوله: {لهم من فوقهم ظللٌ من النّار ومن تحتهم ظللٌ} [الزمر: 16].
قال: {ويقول ذوقوا ما كنتم تعملون} [العنكبوت: 55] في الدّنيا، أي: ثواب ما كنتم تعملون في الدّنيا). [تفسير القرآن العظيم: 2/637]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ)
: (وقوله: {ويقول ذوقوا...}

وهي في قراءة عبد الله: (ويقال ذوقوا), وقد قرأ بعضهم: {ونقول} بالنون, وكلّ صواب). [معاني القرآن: 2/318]


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 11 ذو القعدة 1431هـ/18-10-2010م, 02:46 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 56 وحتى آخر السورة]

{يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (56) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (57) وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (58) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (59) وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (60) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (61) اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (62) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (63) وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآَخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (64) فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ (65) لِيَكْفُرُوا بِمَا آَتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (66) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آَمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ (67) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (68) وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)}

تفسير قوله تعالى:{يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (56)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {يا عبادي الّذين آمنوا إنّ أرضي واسعةٌ} [العنكبوت: 56] سفيان الثّوريّ، عن الرّبيع بن أبي راشدٍ، عن سعيد بن جبيرٍ قال: {إنّ أرضي واسعةٌ} [العنكبوت: 56] قال: ذا عمل فيها بالمعاصي، فاخرجوا منها.
وقال مجاهدٌ: فهاجروا وجاهدوا.
وقال السّدّيّ: {إنّ أرضي واسعةٌ} [العنكبوت: 56]، يعني: أرض المدينة.
[تفسير القرآن العظيم: 2/637]
{فإيّاي فاعبدون} [العنكبوت: 56] فيها.
أمرهم في هذه الآية بالهجرة، وأن يجاهدوا في سبيل اللّه، يهاجروا إلى المدينة ثمّ يجاهدوا إذا أمروا بالجهاد.
وقوله: {فإيّاي فاعبدون} [العنكبوت: 56]، أي: في تلك الأرض الّتي آمركم أن تهاجروا إليها، يعني: المدينة، نزلت هذه الآية بمكّة قبل الهجرة). [تفسير القرآن العظيم: 2/638]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {يا عبادي الّذين آمنوا إنّ أرضي واسعةٌ...}: هذا لمسلمة أهل مكّة الذين كانوا مقيمين مع المشركين, يقول {إنّ أرضي واسعةٌ} : يعني المدينة , أي: فلا تجاوروا أهل الكفر).
[معاني القرآن: 2/318]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {يا عبادي الّذين آمنوا إنّ أرضي واسعة فإيّاي فاعبدون (56)} تفسيرها: قيل إنهم أمروا بالهجرة من الموضع الذي لا تمكنهم فيه عبادة اللّه عزّ وجلّ , وأداء فرائضه، وأصل هذا: فيمن كان يمكنه ممن آمن , وكان لا يمكنه إظهار إيمانه، وكذلك يجب على كل من كان في بلد يعمل فيه بالمعاصي , ولا يمكنه بغير ذلك أن يهاجر , وينتقل إلى حيث يتهيأ له أن يعبد الله حق عبادته.
وقوله عزّ وجلّ: {فإيّاي فاعبدون}
{إيّاي}: منصوب بفعل مضمر، الذي ظهر يفسّره.
المعنى : فاعبدوا إياي , فاعبدوني، فاستغنى بأحد الفعلين، أعني الثاني عن إظهار الأول، فإذا قلت: فإياي فاعبدوا، فإياي منصوب بما بعد الفاء، ولا تنصبه بفعل مضمر كما أنك إذا قلت: بزيد فامرر، فالباء متعلقة بامرر، والمعنى: إنّ أرضي واسعة فاعبدون، فالفاء إذا قلت زيدا فاضرب , لا يصلح إلا أن تكون جوابا للشرط، كأن قائلا قال: أنا لا أضرب عمرا، ولكني أضرب زيدا، فقلت أنت مجيبا له: فاضرب زيدا، ثم قلت : زيدا فاضرب، فجعلت تقديم الاسم بدلا من الشرط, كأنك قلت : إن كان الأمر على ما تصف, فاضرب زيدا، وهذا مذهب جميع النحويين البصريين.). [معاني القرآن: 4/172-173]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون}
قال سعيد بن جبير : (إذا أمرتم بالمعاصي , فاهربوا).
وقال عطاء : (إذا رأيتم المعاصي , فاهربوا) .
وقال مجاهد: (هاجروا واعتزلوا الأوثان) .
قال أبو جعفر : القولان يرجعان إلى شيء واحد .
فقول مجاهد : (أنهم أمروا بالهجرة , ومجانبة أصحاب الأوثان) , وقال العلماء كذلك, إذا لم يقدر أن يأمر بالمعروف , وينهى عن المنكر خرج , وكان حكمه حكم أولئك.
وقيل : أي: إن أرض الجنة واسعة , فاعبدوني حتى أعطيكموها.).[معاني القرآن: 5/233-234]

تفسير قوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (57)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {كلّ نفسٍ ذائقة الموت} [العنكبوت: 57] كقوله: {ثمّ إنّكم بعد ذلك لميّتون} [المؤمنون: 15] وكقوله: {كلّ من عليها فانٍ} [الرحمن: 26] وكقوله: {إنّك ميّتٌ وإنّهم ميّتون} [الزمر: 30].
قال: {ثمّ إلينا ترجعون} [العنكبوت: 57] يوم القيامة). [تفسير القرآن العظيم: 2/638]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (58)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {والّذين آمنوا وعملوا الصّالحات لنبوّئنّهم} [العنكبوت: 58] لنسكننّهم {من الجنّة غرفًا تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها} [العنكبوت: 58] لا يموتون ولا يخرجون منها.
{نعم أجر العاملين} [العنكبوت: 58] نعم ثواب العاملين في الدّنيا، يعني: الجنّة.
- أبو أميّة، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، عن هلال بن أبي ميمونة، عن عطاء بن يسارٍ، عن رفاعة بن عرابة الجهنيّ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «أشهد باللّه»، قال: وكان إذا حلف يقول: «والّذي نفسي بيده لا يموت رجلٌ كان يشهد أن لا إله إلا اللّه صادقًا من قلبه وأنّ محمّدًا رسول اللّه ثمّ يسدّد إلا سلك به إلى الجنّة مع أنّ ربّي قد وعدني أن يدخل من أمّتي الجنة سبعين ألفًا لا حساب عليهم ولا عذاب، وإنّي لأرجو أن تدخلوها حتّى تبوّءوا أنتم ومن صلح من أزواجكم وذرّيّاتكم مساكن في الجنّة»). [تفسير القرآن العظيم: 2/638]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {والّذين آمنوا وعملوا الصّالحات لنبوّئنّهم...}
قرأها العوام {لنبوّئنّهم} , وحدثني قيس , عن أبي إسحاق أن ابن مسعود قرأها :{لنثوينّهم}, وقرأها كذلك يحيى بن وثّاب , وكلّ حسن : بوّأته منزلاً, وأثويته منزلاً). [معاني القرآن: 2/318]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ لنبوّئنّهم من الجنّة غرفاً }, مجازه: لننزلنهم، وهو من قولهم: " اللهم بوّئنا مبوّأ صدقٍ ".). [مجاز القرآن: 2/117]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({لنبؤنهم}: من تبوأت ومن قال {لنثوينهم} من الثواء وهم الإقامة). [غريب القرآن وتفسيره: 295]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {لنبوّئنّهم من الجنّة غرفاً} : أي : لننزلنّهم, ومن قرأ: لنثوينهم، فهو من «ثويت بالمكان» , أي :أقمت به.). [تفسير غريب القرآن: 338]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم من الجنة غرفا} : أي : لننزلنهم , ومعنى لنثوينهم : لنعطينهم منازل يثوون فيها , يقال : ثوى إذا أقام.). [معاني القرآن: 5/234]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {لنبوئنهم}: لنثوينهم، ولنسكننهم معا.). [ياقوتة الصراط: 401]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({لَنُبَوِّئَنَّهُم}: لننزلنهم , {لَنُثوِّئَنَّهُم}: من الثوا). [العمدة في غريب القرآن: 237]

تفسير قوله تعالى: (الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (59) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وكأيّن} [العنكبوت: 60]، يعني: وكم.
{من دابّةٍ لا تحمل رزقها} [العنكبوت: 60] تأكل بأفواهها ولا تحمل شيئًا لغدٍ.
تفسير ابن مجاهدٍ، عن أبيه: يعني: البهائم والطّير والوحوش والسّباع.
{اللّه يرزقها وإيّاكم وهو السّميع العليم} [العنكبوت: 60] لا أسمع منه ولا أعلم منه). [تفسير القرآن العظيم: 2/639]

تفسير قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (60)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقولوا: {وكأيّن مّن دابّةٍ...}نزلت في مؤمني أهل مكّة، لمّا أمروا بالتحوّل عنها , والخروج إلى المدينة قالوا: يا رسول الله , ليس لنا بالمدينة منازل , ولا أموال, فمن أين المعاش؟ , فأنزل الله : {وكأيّن مّن دابّةٍ لاّ تحمل رزقها} لا تدّخر رزقها , ولا تجمعه، أي: كذلك جميع هوامّ الأرض كلّها إلاّ النملة , فإنها تدّخر رزقها لسنتها.). [معاني القرآن: 2/318]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وكأين من دابّةٍ لا تحمل رزقها} مجازه: وكم من دابة، ومجاز : الدابة: أن كل شيء يحتاج إلى الأكل والشرب , فهو دابة من إنس , أو غيرهم.). [مجاز القرآن: 2/117]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وكأيّن من دابّةٍ}: أي كم من دابة , {لا تحمل رزقها}: لا ترفع شيئا لغد، {اللّه يرزقها}. قال ابن عيينة: (ليس شيء يخبأ، إلا الإنسان , والنملة , والفأرة)). [تفسير غريب القرآن: 339]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وكأيّن من دابّة لا تحمل رزقها اللّه يرزقها وإيّاكم وهو السّميع العليم (60)}كل حيوان على الأرض مما يعقل، وما لا يعقل فهو دابة، وإنما هو من دبّت على الأرض , فهي دابّة، والمعنى : نفس دابّة.
ومعنى {وكأيّن}:وكم من دابّة.
وقوله: {لا تحمل رزقها}: أي: لا تدّخر رزقها، إنما تصبح , فيرزقها اللّه.
وعلى هذا أكثر الحيوان , والدّبيب , وليس في الحيوان الذي هو دبيب ما يدخر فيما تبيّن غير النّمل، فإن ادّخاره بيّن.). [معاني القرآن: 4/173]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وكأين من دابة لا تحمل رزقها}
قال مجاهد : (الطير , والبهائم لا تحمل رزقها) .
وروى الحميدي , عن سفيان : (لا تحمل) : لا تخبئ , قال: (وليس شيء يدخر إلا الإنسان, والنملة , والفأرة) .
قال أبو جعفر : دابة : تقع لكل الحيوان مما يعقل , ولا يعقل إلا أن معناه ههنا الخصوص , أي : وكم من دابة عاجزة الله يرزقها , وإياكم.). [معاني القرآن: 5/235]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا}: أي : لا تدخر وتخببيء, وليس شيء يدخر سوى الإنسان , والنملة , والفأرة.ومعنى {كأين} حيث وقعت، على وجه الخبر بالكثرة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 186]

تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (61)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولئن سألتهم} [العنكبوت: 61]، يعني: المشركين.
{من خلق السّموات والأرض وسخّر الشّمس والقمر} [العنكبوت: 61] تجريان.
{ليقولنّ اللّه فأنّى يؤفكون} [العنكبوت: 61] فكيف يصرفون بعد إقرارهم بأنّ اللّه خلق هذه الأشياء). [تفسير القرآن العظيم: 2/639]

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (62)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {اللّه يبسط الرّزق لمن يشاء من عباده} [العنكبوت: 62] يوسّع الرّزق على من يشاء من عباده.
{ويقدر له} [العنكبوت: 62]، أي: ويقتّر عليه نظرًا له، يعني بذلك المؤمن.
{إنّ اللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ} [العنكبوت: 62] كقوله: {ولولا أن يكون النّاس أمّةً واحدةً لجعلنا لمن يكفر بالرّحمن لبيوتهم سقفًا من فضّةٍ} [الزخرف: 33] إلى آخر الآية.
- يحيى، عن بعض أصحابه، عن الحسن، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «لو كانت الدّنيا تعدل عند اللّه جناح ذبابٍ ما أعطى منها كافرًا شيئًا».
- الحسن بن دينارٍ، والمبارك بن فضالة، عن الحسن، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «ألا إنّ الدّنيا، في حديث المبارك، سجن المؤمن وجنّة الكافر»). [تفسير القرآن العظيم: 2/639]

تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (63)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولئن سألتهم} [العنكبوت: 63]، يعني: المشركين.
{من نزّل من السّماء ماءً} [العنكبوت: 63]، يعني: المطر.
{فأحيا به الأرض من بعد موتها} [العنكبوت: 63] فأخرج به النّبات من بعد أن كانت تلك الأرض ميّتةً، أي: يابسةً ليس فيها نباتٌ.
قال: {ليقولنّ اللّه قل الحمد للّه بل أكثرهم لا يعقلون} [العنكبوت: 63] فيؤمنون.
أي أنّهم قد أقرّوا بأنّ اللّه خالق هذه الأشياء ثمّ عبدوا الأوثان من دونه). [تفسير القرآن العظيم: 2/640]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآَخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (64)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وما هذه الحياة الدّنيا إلا لهوٌ ولعبٌ} [العنكبوت: 64]، أي: أنّ أهل الدّنيا أهل لهوٍ ولعبٍ، يعني: المشركين هم أهل الدّنيا الّذين لا يريدون غيرها، لا يقرّون بالآخرة.
{وإنّ الدّار الآخرة} [العنكبوت: 64]، يعني: الجنّة.
{لهي الحيوان} [العنكبوت: 64] ابن مجاهدٍ، عن أبيه قال: لا موتٌ فيها، أي: يبقى فيها أهلها لا يموتون.
قال: {لو كانوا يعلمون} [العنكبوت: 64]، يعني: المشركين، أي: لو كانوا يعلمون لعلموا أنّ الآخرة خيرٌ من الدّنيا). [تفسير القرآن العظيم: 2/640]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وإنّ الدّار الآخرة لهي الحيوان...}: حياة لا موت فيها.).
[معاني القرآن: 2/318]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (و{ الدّار الآخرة لهي الحيوان }, مجازه: الدار الآخرة هي الحيوان، واللام تزاد للتوكيد، قال الشاعر:
أمّ الحليس لعجوزٌ شهر به= ترضى من اللحم يعظم الرّقبه
ومجاز الحيوان , الحياة واحد، ومنه قولهم: نهر الحيوان , أي : نهر الحياة، ويقال: حييت حياً على تقدير: عييت عياً، فهو مصدر، والحيوان , والحياة اسمان , منه فيما تقول العرب، قال العجاج:
= وقد ترى إذ الحياة حيّ
أي : الحياة.). [مجاز القرآن: 2/117]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({الحيوان}: والحياة واحد). [غريب القرآن وتفسيره: 296]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وإنّ الدّار الآخرة لهي الحيوان} : يعني: الجنة هي دار الحياة، أي:لا موت فيها.). [تفسير غريب القرآن: 339]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وما هذه الحياة الدّنيا إلّا لهو ولعب وإنّ الدّار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون (64)}{وإنّ الدّار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون}:معناه : هي دار الحياة الدائمة.وقوله عزّ وجلّ: {لنبوّئنّهم من الجنّة غرفاً}وقرئت{لنثوينّهم}- بالثاء - يقال: ثوى الرجل إذا أقام بالمكان , وأثويته : أنزلته منزلا يقيم فيه.). [معاني القرآن: 4/173]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وإن الدار الآخرة لهي الحيوان}قال مجاهد : (لا موت فيها).
وقال قتادة : (الحيوان) : (الحياة) .
قال أبو جعفر : يقال : حيوان , وحياة , وحي , كما قال:
= قد ترى إذ الحياة حي). [معاني القرآن: 5/236]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ):({الْحَيَوَانُ}: الحياة.). [العمدة في غريب القرآن: 237]

تفسير قوله تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ (65)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {فإذا ركبوا في الفلك دعوا اللّه مخلصين له الدّين} [العنكبوت: 65] إذا خافوا الغرق.
{فلمّا نجّاهم إلى البرّ إذا هم يشركون {65}). [تفسير القرآن العظيم: 2/640]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {إذا هم يشركون...}
يقول: يخلصون الدعاء , والتوحيد إلى الله في البحر، فإذا نجّاهم صاروا إلى عبادة الأوثان.). [معاني القرآن: 2/318]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فإذا ركبوا في الفلك دعوا اللّه مخلصين له الدّين فلمّا نجّاهم إلى البرّ إذا هم يشركون (65)}أي : لم يدعوا أن تنجيهم أصنامهم , وما يعبدونه مع اللّه.{فلمّا نجّاهم إلى البرّ إذا هم يشركون}:أي: عبدون مع اللّه غيره.). [معاني القرآن: 4/174]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين}أي: فإذا أصابتهم شدة , دعوا الله وحده , وتركوا ما يعبدون من دونه .وقوله جل وعز: {فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون} : أي: يدعون معه غيره.). [معاني القرآن: 5/236]

تفسير قوله تعالى: {لِيَكْفُرُوا بِمَا آَتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (66)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({ليكفروا بما آتيناهم} [العنكبوت: 66]، يعني: لئلا يكفروا بما آتيناهم , تفسير السّدّيّ.
وقال في آيةٍ أخرى: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمت اللّه كفرًا} [إبراهيم: 28].
قال: {وليتمتّعوا} [العنكبوت: 66] في الدّنيا.
{فسوف يعلمون} [العنكبوت: 66] إذا صاروا إلى النّار، وهذا وعيدٌ.
- عثمان، عن نعيم بن عبد اللّه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه
[تفسير القرآن العظيم: 2/640]
عليه وسلّم: «المؤمن يأكل في معًى واحدٍ والكافر يأكل في سبعة أمعاءٍ»). [تفسير القرآن العظيم: 2/641]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وليتمتّعوا...}
قرأها عاصم , والأعمش على جهة الأمر , والتوبيخ بجزم اللام , وقرأها أهل الحجاز {وليتمتّعوا} مكسورة على جهة كي). [معاني القرآن: 2/319]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ليكفروا بما آتيناهم وليتمتّعوا فسوف يعلمون (66)}
{وليتمتّعوا} قرئ بكسر اللام وتسكينها، والكسر أجود على معنى : لكي يكفروا , وكي يتمتعوا.). [معاني القرآن: 4/173-174]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ليكفروا بما آتيناهم وليتمتعوا فسوف يعلمون}, وليتمتعوا على التهديد وكسر اللام.). [معاني القرآن: 5/237]

تفسير قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آَمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ (67) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {أولم يروا أنّا جعلنا حرمًا آمنًا} [العنكبوت: 67]، أي: بلى قد رأوا ذلك.
{ويتخطّف النّاس من حولهم} [العنكبوت: 67]، يعني: أهل الحرم أنّهم آمنوا والعرب حولهم يقتل بعضهم بعضًا ويسبي بعضهم بعضًا.
قال: {أفبالباطل يؤمنون} [العنكبوت: 67]، أي: أفبإبليس {يؤمنون} [العنكبوت: 67] يصدّقون، يعبدونه بما وسوس إليهم من عبادة الأوثان وهي عبادته، قال: {ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشّيطان إنّه لكم عدوٌّ مبينٌ {60} وأن اعبدوني هذا صراطٌ مستقيمٌ {61}} [يس: 60-61].
قال: {وبنعمة اللّه يكفرون} [العنكبوت: 67] وهذا على الاستفهام.
بلى قد فعلوا، وقوله عزّ وجلّ: {وبنعمة اللّه يكفرون} [العنكبوت: 67]، يعني: ما جاء به النّبيّ عليه السّلام من الهدى). [تفسير القرآن العظيم: 2/641]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فعسى أن يكون من المفلحين...}
وكلّ شيء في القرآن من {عسى} فذكر لنا أنها واجبة). [معاني القرآن: 2/309]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقولهم: أين قوله: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ} من قوله: {ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.
وتأويل هذا: أن أهل الجاهلية كانوا يتغاورون ويسفكون الدماء بغير حقها، ويأخذون الأموال بغير حلّها، ويخيفون السّبل، ويطلب الرجل منهم الثأر فيقتل غير قاتله، ويصيب غير الجاني عليه، ولا يبالي من كان بعد أن يراه كفأ لوليّه ويسمّيه: الثأر المنيم، وربما قتل أحدهم حميمه بحميمه.
قال ابن مضرّس وقتل خاله بأخيه:
بكت جزعا أمّي رميلة أن رأت = دما من أخيها بالمهنّد باقيا
فقلت لها: لا تجزعي إنّ طارقا = خليلي الذي كان الخليل المصافيا
وما كنت لو أعطيت ألفي نجيبة = وأولادها لغوا وستين راعيا
لأقبلها من طارق دون أن أرى = دما من بني حصن على السيف جاريا
وما كان في عوف قتيل علمته = ليوفيني من طارق غير خاليا
وربما أسرف في القتل فقتل بالواحد ثلاثة وأربعة وأكثر.
وقال الشاعر:
هم قتلوا منكم بظنّة واحد = ثمانية ثم استمرّوا فأرتعوا
يقول: إنهم اتهموكم بقتل رجل منهم، فقتلوا منكم ثمانية به. فجعل الله الكعبة البيت الحرام وما حولها من الحرم، والشهر الحرام، والهدي، والقلائد- قواما للناس. أي أمنا لهم، فكان الرجل إذا خاف على نفسه لجأ إلى الحرم فأمن.
يقول الله جل وعز: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آَمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ}.
وإذا دخل الشهر الحرام تقسّمتهم الرّحل، وتوزّعتهم النّخع، وانبسطوا في متاجرهم، وأمنوا على أموالهم وأنفسهم.وإذا أهدى الرجل منهم هديا، أو قلّد بعيره من لحاء شجر الحرم- أمن كيف تصرّف وحيث سلك.
ولو ترك الناس على جاهليتهم وتغاورهم في كل موضع وكل شهر- لفسدت الأرض، وفني الناس، وتقطّعت السّبل، وبطلت المتاجر.
ففعل الله ذلك لعلمه بما فيه من صلاح شؤونهم، وليعلموا كما علم ما فيه من الخير لهم- أنه يعلم أيضا ما في السّموات وما في الأرض من مصالح العباد ومرافقهم، وأنه بكل شيء عليم). [تأويل مشكل القرآن: 73-74] (م)

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه أن يجيء المفعول به على لفظ الفاعل:كقوله سبحانه: {لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ}، أي لا معصوم من أمره.
وقوله: {خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ}، أي مدفوق.
وقوله: {فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ}، أي مرضيّ بها.
وقوله: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آَمِنًا}، أي مأمونا فيه. وقوله: {وَجَعَلْنَا آَيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً}، أي مبصرا بها.
والعرب تقول: ليل نائم، وسرّ كاتم، قال وعلة الجرميّ:

ولما رأيت الخيل تترى أثايجا = علمت بأنّ اليوم أحمس فاجر
أي يوم صعب مفجور فيه). [تأويل مشكل القرآن: 296-297] (م)

تفسير قوله تعالى:{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (68)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ومن أظلم ممّن افترى على اللّه كذبًا} [العنكبوت: 68] فعبد الأوثان من دونه.
{أو كذّب بالحقّ} [العنكبوت: 68] بالقرآن.
وقال السّدّيّ: {بالحقّ} [العنكبوت: 68]، يعني: التّوحيد.
قال: {لمّا جاءه} [العنكبوت: 68]، أي: لا أحد أظلم منه.
ثمّ قال: {أليس في جهنّم مثوًى} [العنكبوت: 68] منزلٌ.
{للكافرين} وهو على الاستفهام، أي: بلى فيها مثوًى للكافرين). [تفسير القرآن العظيم: 2/641]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({أليس في جهنّم مثوًى للكافرين }: مجازه مجاز الإيجاب ؛ لأن هذه الألف يكون الاستفهام وللإيجاب , فهي هاهنا للإيجاب، وقال جرير:

ألستم خير من ركب المطايا= وأندى العالمين بطون راح
فهذا لم يشك، ولكن أوجب لهم ؛ أنهم كذلك، ولولا ذلك ما أثابوه؛ والرجل يعاتب عبده , وهو يقول له: أفعلت كذا؟, وهو لا يشك.). [مجاز القرآن: 2/118]

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {والّذين جاهدوا فينا} [العنكبوت: 69]، يعني: عملوا لنا، تفسير السّدّيّ.
[تفسير القرآن العظيم: 2/641]
{لنهدينّهم سبلنا} [العنكبوت: 69]، يعني: سبل الهدى، الطّريق إلى الجنّة.
قال: نزلت قبل أن يؤمر بالجهاد ثمّ أمر بالجهاد بعد بالمدينة.
قال: {وإنّ اللّه لمع المحسنين} [العنكبوت: 69]، أي: المؤمنين). [تفسير القرآن العظيم: 2/642]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {والّذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا وإنّ اللّه لمع المحسنين (69)}
أعلم اللّه : أنه يزيد المجاهدين هداية , كما أنه يضل الفاسقين, ويزيد الكافرين بكفرهم ضلالة، كذلك يزيد المجاهدين هداية كذا , قال عزّ وجلّ: {والّذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم (17)} فالمعنى : أنه آتاهم ثواب تقواهم , وزادهم هدى على هدايتهم.وقوله: {وإنّ اللّه لمع المحسنين}: تأويله إن الله ناصرهم؛ لأن قوله: {والّذين جاهدوا فينا}: اللّه معهم, يدل على نصرهم، والنصرة تكون في علوّهم على عدوّهم بالغلبة بالحجة , والغلبة بالقهر , والقدرة.). [معاني القرآن: 4/174]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) :(وقوله جل وعز: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا}أي : لنزيدنهم هدى , ثم أخبرنا جل وعز أنه ينصرهم , فقال: {وإن الله لمع المحسنين}.).[معاني القرآن: 5/237]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:47 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة