الوقف على أو
قَالَ أبو بكر محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بشَّار ابن الأَنباريِّ (ت:328هـ): (وقوله عز وجل: {وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون} [الصافات: 147] الوقف على (أو) قبيح لأن الفائدة فيما بعدها. وكذلك قوله: {فهي كالحجارة أو أشد قسوة} [البقرة: 74] الوقف على (أو) قبيح، ويجوز للمضطر أن يقف عليهما لأنهما في تأويل «بل» كأنه قال: «وأرسلناه إلى مائة ألف بل يزيدون» هذا قول الفراء، والحجة له قول الشاعر:
بدت مثل قرن الشمس في رونق الضحى = وصورتها أو أنت في العين أملح
فمعناه: «بل أنت في العين أملح». وقال غير الفراء: معناه «إلى مائة ألف أو يزيدون عندكم». وكذلك قوله: {يقاتلونهم أو يسلمون} [الفتح: 16] يصلح للمضطر أن يقف على (أو) لأنها في معنى «أو» الصحيحة في الشك.
وقوله تعالى: {ولا تطع منهم آثمًا أو كفورا} [الإنسا: 24] لا يصلح الوقف على (أو) لمختار ولا مضطر لأنها في معنى الواو كأنه قال: ولا تطع منهم آثمًا وكفورًا. قال متمم بن نويره:
فلو كان البكاء يرد شيئًا = بكيت على بجبير أو غفاق
على المرءين إذ هلكا جميعا = لشأنهما بشجو واشتياق
أراد: بكيت على بجبير وغفاق. وقال جرير:
نال الخلافة أو كانت له قدرًا = كما أتى ربه موسى على قدر
أراد: نال الخلافة وكانت له. وقال توبة بن الحمير:
وقد زعمت ليلى بأني فاجر = لنفسي تقاها أو عليها فجورها
[أراد: وعليها فجورها] وقال قوم: معنى الآية: «ولا تطع منهم آثما ولا كفورا» واحتجوا بقول الشاعر:
لا وجد ثكلى كما وجدت ولا = ثكل عجول أضلها ربع
أو وجد شيخ أضل ناقته = يوم توافي الحجيج فاندفعوا
أراد: ولا وجد شيخ.
وقال الفراء: إذا قلت: لأضربنك عشت أو مت، ولآتينك أعطيت أو منعت، لم يصلح الوقف على «أو» ههنا لأن «أو» كأنها واو نسق والكلمة كلها كالواحدة بعضها صلة لبعض فأحسن ذلك أن تقف عند آخر الكلام ولا تقف عند بعضه دون بعض. قال: وهو جائز كما يجوز
الوقف على «الذي» دون صلته، وهو قبيح).[إيضاح الوقف والابتداء: 1/440-442]