التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (7)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وأنفقوا ممّا جعلكم مّستخلفين فيه...} : ممّلكين فيه، وهو رزقه وعطيته). [معاني القرآن: 3/132]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {آمنوا باللّه ورسوله وأنفقوا ممّا جعلكم مستخلفين فيه فالّذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير} معناه : صدقوا بأن اللّه واحد وأن محمدا رسوله.
{وأنفقوا ممّا جعلكم مستخلفين فيه} : أي: أنفقوا مما ملككم، فأنفقوا في سبيل اللّه وما يقرب منه). [معاني القرآن: 5/122]
تفسير قوله تعالى:{وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (8)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (القراء جميعا على: {وقد أخذ ميثاقكم...} ولو قرئت: (وقد أخذ ميثاقكم) لكان صواباً). [معاني القرآن: 3/132]
تفسير قوله تعالى: { وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وما لكم ألّا تنفقوا في سبيل اللّه وللّه ميراث السّماوات والأرض لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الّذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلّا وعد اللّه الحسنى واللّه بما تعملون خبير} تأويله : وأي شيء لكم في ترك الإنفاق فيما يقرب من اللّه وأنتم ميّتون تاركون أموالكم.
وقوله: {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الّذين أنفقوا من بعد وقاتلوا}: لأن من تقدم في الإيمان باللّه وبرسوله عليه السلام وصدّق به , فهو أفضل ممن أتى بعده بالإيمان والتصديق، لأن المتقدّمين نالهم من المشقة أكثر مما نال من بعدهم، فكانت بصائرهم أيضا أنفذ.
وقال: {وكلّا وعد اللّه الحسنى}: إلا أنه أعلم فضل السابق إلى الإيمان على المتأخر). [معاني القرآن: 5/122-123]
تفسير قوله تعالى: { مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (11)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {فيضاعفه له...}.
يقرأ بالرفع والنصب: فمن رفعه جعل الفاء عطفا ليست بجواب كقولك: من ذا الذي يحسن ويجمل؟ ومن نصب جعله جوابا للاستفهام، والعرب تصل (من) في الاستفهام بـ (ذا) حتى تصير كالحرف الواحد. ورأيتها في بعض مصاحف عبد الله: منذا متصلة في الكتاب، كما وصل في كتابنا وكتاب عبد الله: {يابن أمّ }) [معاني القرآن: 3/132]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({مّن ذا الّذي يقرض اللّه قرضاً حسناً فيضاعفه له وله أجرٌ كريمٌ}
وقال: {مّن ذا الّذي يقرض اللّه قرضاً حسناً} : وليس ذا مثل الاستقراض من الحاجة ولكنه مثل قول العرب: "لي عندك قرض صدقٍ" , و"قرض سوءٍ" إذا فعل به خيرا أو شرا. قال الشاعر:
سأجزي سلامان بن مفرج = قرضهم بما قدّمت أيديهم وأزّلت) [معاني القرآن: 4/25]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {من ذا الّذي يقرض اللّه قرضا حسنا فيضاعفه له وله أجر كريم}
فيضاعفه له, ويقرأ (فيضاعفه له) - بالنصب، فمن نصب فعلى جواب الاستفهام بالفاء، ومن رفع فعلى العطف على يقرض، ويكون على الاستئناف على معنى فهو يضاعفه له.
ومعنى {يقرض}: ههنا يفعل فعلا حسنا في اتّباع أمر اللّه وطاعته.
والعرب تقول لكل من فعل إليها خيرا: قد أحسنت قرضي، وقد أقرضتني قرضا حسنا، إذا فعل به خيرا.
قال الشاعر:
وإذا جوزيت قرضا فاجزه إنما يجزي الفتى ليس الجمل
المعنى: إذا أسدي إليك معروف, فكافئ عليه). [معاني القرآن: 5/123]