العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة التوبة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26 ربيع الثاني 1434هـ/8-03-2013م, 02:58 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي تفسير سورة التوبة [ من الآية (11) إلى الآية (15) ]

تفسير سورة التوبة
[من الآية (11) إلى الآية (15)]


بسم الله الرحمن الرحيم
{فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (11) وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (12) أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (13) قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (14) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (15)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 26 ربيع الثاني 1434هـ/8-03-2013م, 03:01 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (11) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فإن تابوا وأقاموا الصّلاة وآتوا الزّكاة فإخوانكم في الدّين ونفصّل الآيات لقومٍ يعلمون}.
يقول جلّ ثناؤه: فإن رجع هؤلاء المشركون الّذين أمرتكم أيّها المؤمنون بقتلهم عن كفرهم وشركهم باللّه إلى الإيمان به وبرسوله وأنابوا إلى طاعته وأقاموا الصّلاة المكتوبة فأدّوها بحدودها وآتوا الزّكاة المفروضة أهلها {فإخوانكم في الدّين} يقول: فهم إخوانكم في الدّين الّذي أمركم اللّه به، وهو الإسلام. {ونفصّل الآيات} يقول: ونبيّن حجج اللّه وأدلّته على خلقه {لقومٍ يعلمون} ما بيّن لهم فنشرحها لهم مفصّلةً دون الجهّال الّذين لا يعقلون عن اللّه بيانه ومحكم آياته.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فإن تابوا وأقاموا الصّلاة وآتوا الزّكاة فإخوانكم في الدّين} يقول: إن تركوا اللاّت والعزّى، وشهدوا أن لا إله إلاّ اللّه وأنّ محمّدًا رسول اللّه {فإخوانكم في الدّين ونفصّل الآيات لقومٍ يعلمون}.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا حفص بن غياثٍ، عن ليثٍ، عن رجلٍ، عن ابن عبّاسٍ: {فإن تابوا وأقاموا الصّلاة وآتوا الزّكاة} قال: حرّمت هذه الآية دماء أهل القبلة.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: افترضت الصّلاة والزّكاة جميعًا لم يفرّق بينهما وقرأ: {فإن تابوا وأقاموا الصّلاة وآتوا الزّكاة فإخوانكم في الدّين} وأبى أن يقبل الصّلاة إلاّ بالزّكاة. وقال: رحم اللّه أبا بكرٍ ما كان أفقهه.
- حدّثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا شريكٌ، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد اللّه، قال: أمرتم بإقامة الصّلاة، وإيتاء الزّكاة، ومن لم يزك فلا صلاة له.
وقيل: {فإخوانكم} فرفع بضميرٍ: فهم إخوانكم، إذ كان قد جرى ذكرهم قبل، كما قال: {فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدّين}). [جامع البيان: 11/361-362]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فإن تابوا وأقاموا الصّلاة وآتوا الزّكاة فإخوانكم في الدّين ونفصّل الآيات لقومٍ يعلمون (11)
قوله تعالى: فإن تابوا وأقاموا الصّلاة وآتوا الزّكاة
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد ثنا يزيد بن زريعٍ عن سعيدٍ عن قتادة قوله: فإن تابوا وأقاموا الصّلاة وآتوا الزّكاة فإخوانكم في الدّين يقول: إن تركوا اللات والعزّى وشهدوا أن لا إله إلا اللّه وأنّ محمّداً رسول اللّه فإخوانكم في الدّين
قوله تعالى: فإخوانكم في الدّين
- أخبرنا موسى بن هارون الطّوسيّ- فيما كتب إليّ- ثنا الحسين بن محمّدٍ المرّوذيّ ثنا شيبان بن عبد الرّحمن عن قتادة قوله: فإخوانكم في الدّين قال: فكونوا من إخوة الإسلام ممّن يرعاهم ويعاهد عليها ويعظّم حقّها، فإنّ أفضل المسلمين أوصلهم لأخوّة الإسلام.
قوله تعالى: ونفصّل الآيات لقومٍ يعلمون
- أخبرنا أحمد بن عثمان- فيما كتب إليّ- ثنا أحمد بن مفضّلٍ ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ قوله: ونفصّل الآيات لقومٍ يعلمون أمّا نفصّل: فنبيّن). [تفسير القرآن العظيم: 6/1760]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه الزّاهد، ثنا أحمد بن مهران، ثنا عبيد اللّه بن موسى، أنبأ أبو جعفرٍ الرّازيّ، وأخبرني عبد الرّحمن بن حمدان الجلّاب، بهمدان، ثنا إسحاق بن أحمد الخزّاز، ثنا إسحاق بن سليمان الرّازيّ، ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أنس بن مالكٍ، عن رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، قال: " من فارق الدّنيا على الإخلاص للّه وحده لا شريك له، وإقام الصّلاة، وإيتاء الزّكاة، فارقها واللّه عنه راضٍ، وهو دين اللّه الّذي جاءت به الرّسل، وبلّغوه عن ربّهم قبل مرج الأحاديث، واختلاف الأهواء، وتصديق ذلك في كتاب اللّه {فإن تابوا وأقاموا الصّلاة، وآتوا الزّكاة، فخلّوا سبيلهم} [التوبة: 5] وقوله عزّ وجلّ {فإن تابوا} [التوبة: 5] يقول: خلعوا الأوثان وعبادتها {وأقاموا الصّلاة وآتوا الزّكاة فإخوانكم في الدّين} [التوبة: 11] «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/362] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 11.
أخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين} يقول: إن تركوا اللات والعزى وشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله فإخوانكم في الدين). [الدر المنثور: 7/251-252]

تفسير قوله تعالى: (وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (12) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى فقاتلوا أئمة الكفر قال أبو سفيان بن حرب وأمية بن خلف وعتبة بن ربيعة وأبو جهل بن هشام وسهيل بن عمرو وهم الذين نكثوا عهد الله وهموا بإخراج الرسول وليس والله كما يتأول أهل الشبهات والبدع والفرى على الله تعالى وعلى كتابه). [تفسير عبد الرزاق: 1/268]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن أبي إسحاق عن صلة بن زفر عن عمار بن ياسر {فاقتلوا أئمّة الكفر إنّهم لا أيمان لهم} لا عهد لهم [الآية: 12]). [تفسير الثوري: 123-124]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب {فقاتلوا أئمّة الكفر إنّهم لا أيمان لهم} [التوبة: 12]
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، حدّثنا يحيى، حدّثنا إسماعيل، حدّثنا زيد بن وهبٍ، قال: كنّا عند حذيفة، فقال: «ما بقي من أصحاب هذه الآية إلّا ثلاثةٌ، ولا من المنافقين إلّا أربعةٌ» ، فقال أعرابيٌّ: إنّكم أصحاب محمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم، تخبرونا فلا ندري، فما بال هؤلاء الّذين يبقرون بيوتنا ويسرقون أعلاقنا؟ قال: «أولئك الفسّاق، أجل لم يبق منهم إلّا أربعةٌ، أحدهم شيخٌ كبيرٌ، لو شرب الماء البارد لما وجد برده»). [صحيح البخاري: 6/65]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( (قوله باب قوله تعالى فقاتلوا أئمّة الكفر إنّهم لا أيمان لهم)
قرأ الجمهور بفتح الهمزة من أيمان أي لا عهود لهم وعن الحسن البصريّ بكسر الهمزة وهي قراءةٌ شاذّةٌ وقد روى الطّبريّ من طريق عمّار بن ياسرٍ وغيره في قوله إنّهم لا أيمان لهم أي لا عهد لهم وهذا يؤيّد قراءة الجمهور
[4658] قوله حدثنا يحيي هو بن سعيد وإسماعيل هو بن أبي خالدٍ قوله ما بقي من أصحاب هذه الآية إلّا ثلاثةٌ هكذا وقع مبهمًا ووقع عند الإسماعيليّ من رواية بن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالدٍ بلفظ ما بقي من المنافقين من أهل هذه الآية لا تتّخذوا عدوّي وعدوّكم أولياء الآية إلّا أربعة نفرٍ إنّ أحدهم لشيخٌ كبيرٌ قال الإسماعيليّ إن كانت الآية ما ذكر في خبر بن عيينة فحقّ هذا الحديث أن يخرج في سورة الممتحنة انتهى وقد وافق البخاريّ على إخراجها عند آية براءة النّسائيّ وبن مردويه فأخرجاه من طرقٍ عن إسماعيل وليس عند أحد منهم تعيين الآية وانفرد بن عيينة بتعيينها إلّا أنّ عند الإسماعيليّ من رواية خالدٍ الطّحّان عن إسماعيل في آخر الحديث قال إسماعيل يعني الّذين كاتبوا المشركين وهذا يقوي رواية بن عيينة وكأنّ مستند من أخرجها في آية براءةٍ ما رواه الطّبريّ من طريق حبيب بن حسّان عن زيد بن وهبٍ قال كنّا عند حذيفة فقرأ هذه الآية فقاتلوا أئمّة الكفر قال ما قوتل أهل هذه الآية بعد ومن طريق الأعمش عن زيد بن وهبٍ نحوه والمراد بكونهم لم يقاتلوا أنّ قتالهم لم يقع لعدم وقوع الشّرط لأنّ لفظ الآية وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا فلمّا لم يقع منهم نكثٌ ولا طعنٌ لم يقاتلوا وروى الطّبريّ من طريق السّدّيّ قال المراد بأئمّة الكفر كفّار قريشٍ ومن طريق الضّحّاك قال أئمّة الكفر رؤوس المشركين من أهل مكّة قوله إلّا ثلاثةٌ سمّي منهم في رواية أبي بشرٍ عن مجاهدٍ أبو سفيان بن حربٍ وفي رواية معمرٍ عن قتادة أبو جهل بن هشامٍ وعتبة بن ربيعة وأبو سفيان وسهيل بن عمرٍو وتعقّب بأنّ أبا جهلٍ وعتبة قتلا ببدرٍ وإنّما ينطبق التّفسير على من نزلت الآية المذكورة وهو حيٌّ فيصحّ في أبي سفيان وسهيل بن عمرٍو وقد أسلما جميعًا قوله ولا من المنافقين إلّا أربعةٌ لم أقف على تسميتهم قوله فقال أعرابيٌّ لم أقف على اسمه قوله إنّكم أصحاب محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم بنصب أصحابٍ على النّداء مع حذف الأداة أو هو بدلٌ من الضّمير في إنّكم قوله تخبروننا فلا ندري كذا وقع في رواية الإسماعيليّ تخبروننا عن أشياء قوله يبقرون بموحّدةٍ ثمّ قافٍ أي ينقبون قال الخطّابيّ وأكثر ما يكون النّقر في الخشب والصّخور يعني بالنّون قوله أعلاقنا بالعين المهملة والقاف أي نفائس أموالنا وقال بن التّين وجدته في بعض الرّوايات مضبوطًا بالغين المعجمة ولا وجه له انتهى ووجد في نسخة الدّمياطيّ بخطّه بالغين المعجمة أيضًا ذكره شيخنا بن الملقّن ويمكن توجيهه بأنّ الأغلاق جمع غلقٍ بفتحتين وهو الباب الّذي يغلق على البيت ويفتح بالمفتاح ويطلق الغلق على الحديدة الّتي تجعل في الباب ويعمل فيها القفل فيكون قوله ويسرقوا أغلاقنا إمّا على الحقيقة فإنّه إذا تمكّن من سرقة الغلق توصّل إلى فتح الباب أو فيه مجاز الحذف أي يسرقون ما في أغلاقنا قوله أولئك الفسّاق أي الّذين يبقرون ويسرقون لا الكفّار ولا المنافقون قوله أحدهم شيخٌ كبيرٌ لم أقف على تسميته قوله لو شرب الماء البارد لما وجد برده أي لذهاب شهوته وفساد معدته فلا يفرّق بين الألوان ولا الطموم). [فتح الباري: 8/323-324]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (باب: {فقاتلوا أئمّة الكفر إنهم لا أيمان لهم} (التّوبة: 12)
وفي بعض النّسخ: باب: {فقاتلوا} وأول الآية: {وإن نكثوا إيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمّة الكفر إنّهم لا أيمان لهم لعلّهم ينتهون} قوله: (وإن نكثوا) أي: وإن نكث هؤلاء المشركون الّذين عاهدتموهم على مدّة معينة، قوله إيمانهم أي عهودهم وعن الحسن البصريّ بكسر الهمزة وهي قراءة شاذّة قوله وطعنوا في دينكم أي عابوه وانتقصوه قوله: (فقاتلوا أئمّة الكفر) قال قتادة وغيره: أئمّة الكفر كأبي جهل وعتبة وشيبة وأميّة بن خلف وعدد رجالًا، والصّحيح أن الآية عامّة لهم ولغيرهم. وعن حذيفة رضي الله عنه: ما قوتل أهل هذه الآية بعد. وروي عن عليّ بن أبي طالب مثله وعن ابن عبّاس: نزلت في أبي سفيان بن حرب والحارث بن هشام وسهيل بن عمرو وعكرمة بن أبي جهل وسائر رؤساء قريش الّذين نقضوا العهد وهم الّذين همّوا بإخراج الرّسول صلى الله عليه وسلم، وقال مجاهدهم: أهل فارس والروم.
- حدّثنا محمّد بن المثنّى حدّثنا يحيى حدّثنا إسماعيل حدّثنا زيد بن وهبٍ قال كنا عند حذيفة فقال ما بقي من أصحاب هاذه الآية إلاّ ثلاثةٌ ولا من المنافقين إلّا أربعةٌ فقال أعرابيٌّ إنكم أصحاب محمّدٍ صلى الله عليه وسلم تخبرونا فلا ندري فما بال هاؤلاء الّذين يبقّرون بيوتنا ويسرقون أعلاقنا قال أولئك الفسّاق أجل لم يبق منهم إلاّ أربعةٌ أحدهم شيخٌ كبيرٌ لو شرب الماء البارد لما وجد برده.
مطابقته للتّرجمة في قوله: (ما بقي من أصحاب هذه الآية) لأن إيراد البخاريّ هذا الحديث بهذه التّرجمة يدل على أن المراد بهذه الآية هو. قوله: {فقاتلوا أئمّة الكفر} الآية، ولكن الإسماعيليّ اعترض بما رواه من حديث سفيان عن إسماعيل عن زيد: سمعت حذيفة يقول: ما بقي من المنافقين من أهل هذه الآية: {لا تتّخذوا عدوي وعدوكم أولياء} (الممتحنة: 1) إلّا أربعة أنفس، ثمّ قال الإسماعيليّ: فإذا كان ما ذكر في خبر سفيان فحق هذا أن يخرج في سورة الممتحنة. وأما ذكر المنافقين في القرآن ففي كثير من سورة البقرة وآل عمران وغيرهما، فلم أتى بهذا الحديث في ذكرهم؟ قلت: هذا النّسائيّ وابن مردويه وافقا البخاريّ على إخراجهما من طريق إسماعيل عند آية براءة وليس عندهما تعيين الآية كما أخرجها البخاريّ أيضا مبهمة.
ويحيى هو القطّان وإسماعيل هو ابن أبي خالد.
قوله: (أصحاب) بالنّصب على أنه منادى حذف منه حرف النداء. قوله: (تخبرونا) خبر: إن، ويروى: تخبروننا، على الأصل لأن النّون لا تحذف إلاّ بناصب أو جازم، ولكن قد ذكرنا أنه لغة بعض العرب وهي لغة فصيحة، وتخبرونا بالتّشديد والتّخفيف. قوله: (إلاّ ثلاثة) سمى منهم في رواية أبي بشر عن مجاهد: أبو سفيان بن حرب، وفي رواية معمر عن قتادة: أبو جهل بن هشام وعتبة بن ربيعة وأبو سفيان وسهيل بن عمرو، ورد هذا بأن أبا جهل وعتبة قتلا ببدر، وإنّما ينطبق التّفسير على من نزلت الآية المذكورة وهم أحياء، فيصح في أن أبا سفيان وسهيل بن عمرو وقد أسلما جميعًا. قوله: (إلاّ أربعة) لم يوقف على أسمائهم.
قوله: (يبقرون) بالباء الموحدة والقاف من البقر وهو الشق. قال الخطابيّ: أي: ينقبون. قال: والبقر أكثر ما يكون في الشّجر والخشب، وقال ابن الجوزيّ: معناه يفتحون، يقال: بقرت الشّيء إذا فتحته، ويقال: ينقرون بالنّون بدل الباء. قوله: (أعلاقنا) بفتح الهمزة جمع علق بكسر العين المهملة وهو الشّيء النفيس سمي بذلك لتعلق القلب به، والمعنى: يسرقون نفائس أموالنا. وقال الخطابيّ: كل شيء له قيمة أو له في نفسه قدر فهو علق، وبخط الدمياطي بالغين المعجمة مضبوطة، وحكاه ابن التّين أيضا، ثمّ قال: لا أعلم له وجها. قلت له: وجه، لأن الأغلاق بالغين المعجمة جمع غلق بفتح الغين واللّام، وفي (المغرب) : الغلق بالتّحريك والمغلاق هو ما يغلق ويفتح بالمفتاح، والغلق أيضا الباب، فيكون المعنى: يسرقون الأغلاق أي: مفاتيح الأغلاق ويفتحون الأبواب ويأخذون ما فيه من الأشياء، أو يكون المعنى: يسرقون الأبواب وتكون السّرقة كناية عن قلعها وأخذها ليتمكنوا من الدّخول فيها. قوله: (أولئك الفسّاق) أي: الّذين يبقرون ويسرقون، وقال الكرماني: لا الكفّار ولا المنافقون. قوله: (أجل) . معناه: نعم قوله: (أحدهم) أي: أحد الأربعة ولم يدر اسمه. قوله: (لما وجد برده) يعني: لذهاب شهوته وفساد معدته فلا يفرق بين الأشياء، وقال التّيميّ: يعني عاقبه الله في الدّنيا ببلاء لا يجد معه ذوق الماء ولا طعم برودته. انتهى. وحاصل معنى هذا الحديث أن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، كان صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن المنافقين وكان يعرفهم ولا يعرفهم غيره بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من البشر، وكان النّبي صلى الله عليه وسلم أسر إليه بأسماء عدّة من المنافقين وأهل الكفر الّذين نزلت فيهم الآية، ولم يسر إليه بأسماء جميعهم). [عمدة القاري: 18/263-264]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب {فقاتلوا أئمّة الكفر إنّهم لا أيمان لهم}
هذا (باب) بالتنوين في قوله سبحانه وتعالى: {فقاتلوا أئمة الكفر}) أي فقاتلوا المشركين الذين نقضوا العهد وطعنوا في دينكم بصريح التكذيب وتقبيح أحكام الله فوضع أئمة الكفر موضع المضمر إذ التقدير فقاتلوهم للإشارة إلى أنهم بذلك صاروا رؤساء الكفرة وقادتهم أو المراد رؤساؤهم وخصوا بذلك لأن قتلهم أهم ({إنهم لا أيمان لهم}) [التوبة: 12] بفتح الهمزة جمع يمين وهو المناسب للنكث ومعنى نفيها عنهم أنهم لا يوفون بها وإن صدرت منهم واستشهد به الحنفية على أن يمين الكافر لا تكون شرعية، وعند الشافعية يمين شرعية بدليل وصفها بالنكث وقرأ ابن عامر بكسرها مصدر آمن يؤمن إيمانًا أي لا تصدق لهم أو لا أمان لهم وسقط باب لغير أبي ذر.
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، حدّثنا يحيى حدّثنا إسماعيل، حدّثنا زيد بن وهبٍ، قال: كنّا عند حذيفة فقال: ما بقي من أصحاب هذه الآية إلاّ ثلاثةٌ ولا من المنافقين إلاّ أربعةٌ، فقال أعرابيٌّ: إنّكم أصحاب محمّدٍ -صلّى اللّه عليه وسلّم- تخبرونا فلا ندري فما بال هؤلاء الّذين يبقرون بيوتنا ويسرقون أعلاقنا؟ قال: أولئك الفسّاق أجل لم يبق منهم إلاّ أربعةٌ أحدهم شيخٌ كبيرٌ لو شرب الماء البارد لما وجد برده.
وبه قال: (حدّثنا محمد بن المثنى) العنزي الزمن قال: (حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان قال: (حدّثنا إسماعيل) بن أبي خالد قال: (حدّثنا زيد بن وهب) الجهني أبو سليمان الكوفي المخضرم (قال: كنا عند حذيفة) بن اليمان (فقال: ما بقي من أصحاب هذه الآية إلا ثلاثة)، كذا وقع مبهمًا عند البخاري، ووافقه النسائي وابن مردويه كلاهما على الإبهام وإيراد ذلك هنا وهو يومئ إلى أن المراد الآية المسوقة هنا.
وروى الطبري من طريق حبيب بن حسان عن زيد بن وهب قال كنا عند حذيفة فقرأ هذه الآية: {فقاتلوا أئمة الكفر} قال: ما قوتل أهل هذه الآية بعد، لكن وقع عند الإسماعيلي من رواية ابن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد بلفظ ما بقي من المنافقين من أهل هذه الآية {لا تتخذوا عدوّي وعدوّكم أولياء} [الممتحنة: 1] الآية إلا أربعة نفر، إن أحدهم لشيخ كبير. قال الإسماعيلي: إن كانت الآية ما ذكر في خبر ابن عيينة فحق هذا الحديث أن يخرج في سورة الممتحنة، والمراد بكونهم لم يقاتلوا أن قتالهم لم يقع لعدم وقوع الشرط لأن لفظ الآية وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا فلما لم يقع منهم نكث ولا طعن لم يقاتلوا.
وقوله: إلا ثلاثة سمي منهم في رواية أبي بشر عن مجاهد أبو سفيان بن حرب وفي رواية معمر عن قتادة أبو جهل بن هشام وعتبة بن ربيعة وأبو سفيان وسهيل بن عمرو، وتعقب بأن أبا جهل وعتبة قتلا ببدر وإنما ينطبق التفسير على من نزلت الآية المذكورة وهو حي فيصح في أبي سفيان وسهيل بن عمرو وقد أسلما قاله في الفتح. وقال البرماوي كالكرماني: أي ثلاثة آمنوا ثم ارتدوا وطعنوا في الإسلام من ذوي الرئاسة والتقدم فيه أي في الكفر.
(ولا من المنافقين) الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر (إلا أربعة) قال الحافظ ابن حجر: لم أقف على تسميتهم انتهى، وقد كان حذيفة صاحب سر رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- في شأن المنافقين يعرفهم دون غيره.
(فقال أعرابي): لم يعرف اسمه (إنكم أصحاب محمد -صلّى اللّه عليه وسلّم-) بنصب أصحاب بدلاً من الضمير في إنكم أو منادى مضاف منه الأداة (تخبرونا) بسكون الخاء وبفتحها مع تشديد الموحدة وفي نسخة تخبروننا بنونين على الأصل لأن النون لا تحذف إلا لناصب أو جازم والأولى لغة فصيحة لبعض العرب وزاد الإسماعيلي عن أشياء (فلا ندري فما بال هؤلاء الذين يبقرون) بمثناة تحتية مفتوحة فموحدة ساكنة فقاف مضمومة وفي رواية غير أبي ذر يبقرون بضم التحتية وفتح الموحدة وتشديد القاف مكسورة أي يفتحون أو ينقبون (بيوتنا) وفي نسخة: ينقرون بالنون الساكنة بدل الموحدة وضم القاف (ويسرقون أعلاقنا)؟ بالعين المهملة والقاف أي نفائس أموالنا، وفي بعض النسخ أغلاقنا بالمعجمة وكذا وجد مضبوطًا بخط الحافظ الشرف الدمياطي، لكن قال السفاقسي: لا أعلم له وجهًا. قال في فتح الباري: ويمكن توجيهه بأن الإغلاق جمع غلق بفتحتين وهو ما يغلق ويفتح بالمفتاح، والغلق أيضًا الباب فالمعنى يسرقون مفاتيح الإغلاق ويفتحون الأبواب ويأخذون ما فيها، أو المعنى يسرقون الأبواب وتكون السرقة كناية عن قلعها وأخذها ليتمكنوا من الدخول فيها.
(قال) حذيفة (أولئك) أي الذين يبقرون ويسرقون (الفساق) أي لا الكفار ولا المنافقون (أجل) أي نعم (لم يبق منهم إلا أربعة أحدهم شيخ كبير) لم يعرف اسمه (لو شرب الماء البارد لما وجد برده) لذهاب شهوته وفساد معدته بسبب عقوبة الله له في الدنيا فلا يفرق بين الأشياء). [إرشاد الساري: 7/144-145]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (باب {فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم}
قوله: (أعلاقنا): بالعين المهملة، والقاف، أي: نفائس أموالنا. قوله: (شجاعاً أقرع) أي: حية تمعط جلد رأسها لكثرة السم، وطول العمر). [حاشية السندي على البخاري: 3/52]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {فقاتلوا أئمّة الكفر}
- أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا المعتمر، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن زيد بن وهبٍ، قال: سمعت حذيفة، وهو يقلّب يده قال: «ما بقي من المنافقين إلّا أربعةٌ، إنّ أحدهم اليوم لشيخٌ كبيرٌ، لو شرب الماء البارد لما وجد برده»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/112]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمّة الكفر إنّهم لا أيمان لهم لعلّهم ينتهون}.
يقول تعالى ذكره: فإن نقض هؤلاء المشركون الّذين عاهدتموهم من قريشٍ عهودهم من بعد ما عاقدوكم، أن لا يقاتلوكم ولا يظاهروا عليكم أحدًا من أعدائكم {وطعنوا في دينكم} يقول: وقدحوا في دينكم الإسلام، فثلموه وعابوه. {فقاتلوا أئمّة الكفر} يقول: فقاتلوا رؤساء الكفر باللّه. {إنّهم لا أيمان لهم} يقول: إنّ رؤساء الكفر لا عهد لهم. {لعلّهم ينتهون} لكي ينتهوا عن الطّعن في دينكم والمظاهرة عليكم.
وبنحو ما قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل على اختلافٍ بينهم في المعنيين بأئمّة الكفر.
فقال بعضهم: هم أبو جهل بن هشامٍ، وعتبة بن ربيعة، وأبو سفيان بن حربٍ ونظراؤهم. وكان حذيفة يقول: لم يأت أهلها بعد.
ذكر من قال هم من سمّيت:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم} إلى: {لعلّهم ينتهون} يعني: أهل العهد من المشركين، سمّاهم أئمّة الكفر، وهم كذلك. يقول اللّه لنبيّه: وإن نكثوا العهد الّذي بينك وبينهم فقاتل أئمّة الكفر؛ لأنّهم لا أيمان لهم، لعلّهم ينتهون.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {وإن نكثوا} أيمانهم من بعد عهدهم إلى: {ينتهون} فكان من أئمّة الكفر: أبو جهل بن هشامٍ، وأميّة بن خلفٍ، وعتبة بن ربيعة، وأبو سفيان، وسهيل بن عمرٍو، وهم الّذين همّوا بإخراجه.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: أئمّة الكفر: أبو سفيان، وأبو جهلٍ، وأميّة بن خلفٍ، وسهيل بن عمرٍو، وعتبة بن ربيعة.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، وابن بشّارٍ، قال ابن وكيعٍ: حدّثنا غندرٌ، وقال ابن بشّارٍ، حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، عن شعبة، عن أبي بشرٍ، عن مجاهدٍ: {فقاتلوا أئمّة الكفر إنّهم لا أيمان لهم} قال أبو سفيان منهم.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {وإن نكثوا أيمانهم} إلى: {ينتهون} هؤلاء قريشٌ، يقول: إن نكثوا عهدهم الّذي عاهدوا على الإسلام وطعنوا فيه، فقاتلوهم.
- حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، قال: حدّثنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {فقاتلوا أئمّة الكفر} يعني: رأس المشركين أهل مكّة.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {فقاتلوا أئمّة الكفر} أبو سفيان بن حربٍ، وأميّة بن خلفٍ، وعتبة بن ربيعة، وأبو جهل بن هشامٍ، وسهيل بن عمرٍو، وهم الّذين نكثوا عهد اللّه وهمّوا بإخراج الرّسول، وليس واللّه كما تأوّله أهل الشّبهات والبدع والفرى على اللّه وعلى كتابه.
ذكر الرّواية عن حذيفة بالّذي ذكرنا عنه:
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن زيد بن وهبٍ، عن حذيفة: {فقاتلوا أئمّة الكفر} قال: ما قوتل أهل هذه الآية بعد.
- حدّثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو أحمدٍ، قال: حدّثنا حبيب بن حسّان، عن زيد بن وهبٍ، قال: كنت عند حذيفة، فقرأ هذه الآية: {فقاتلوا أئمّة الكفر} فقال: ما قوتل أهل هذه الآية بعد.
- حدّثني أبو السّائب، قال: حدّثنا الأعمش، عن زيد بن وهبٍ، قال: قرأ حذيفة: {فقاتلوا أئمّة الكفر} قال: ما قوتل أهل هذه الآية بعد.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، وإسرائيل، عن أبي إسحاق، عن صلة بن زفرٍ: {إنّهم لا أيمان لهم} لا عهد لهم.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {وإن نكثوا أيمانهم} قال: عهدهم.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {وإن نكثوا} أيمانهم عهدهم الّذي عاهدوا على الإسلام.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن صلة، عن عمّار بن ياسرٍ، في قوله: {لا أيمان لهم} قال: لا عهد لهم.
- حدّثني محمّد بن عبيدٍ المحاربيّ، قال: حدّثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن صلة بن زفرٍ، عن حذيفة، في قوله: {فقاتلوا أئمّة الكفر إنّهم لا أيمان لهم} قال: لا عهد لهم.
وأمّا النّكث فإنّ أصله: النّقض، يقال منه: نكث فلانٌ قوى حبله إذا نقضها، والأيمان: جمع اليمين.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {إنّهم لا أيمان لهم} فقرأه قرّاء الحجاز والعراق وغيرهم: {إنّهم لا أيمان لهم} بفتح الألف من أيمان بمعنى: لا عهود لهم على ما قد ذكرنا من قول أهل التّأويل فيه.
وذكر عن الحسن البصريّ أنّه كان يقرأ ذلك: (إنّهم لا إيمان) لهم بكسر الألف، بمعنى: لا إسلام لهم.
وقد يتوجّه لقراءته كذلك وجهٌ غير هذا، وذلك أن يكون أراد بقراءته ذلك كذلك: أنّهم لا أمان لهم: أي لا تؤمّنوهم، ولكن اقتلوهم حيث وجدتموهم، كأنّه أراد المصدر من قول القائل: آمنته، فأنا أومنه إيمانًا.
قال أبو جعفرٍ: والصّواب من القراءات في ذلك الّذي لا أستجيز القراءة بغيره، قراءة من قرأ بفتح الألف دون كسرها؛ لإجماع الحجّة من القرّاء على القراءة به ورفض خلافه؛ ولإجماع أهل التّأويل على ما ذكرت من أنّ تأويله لا عهد لهم. والأيمان الّتي هي بمعنى العهد، لا تكون إلاّ بفتح الألف؛ لأنّها جمع يمينٍ كانت على عقدٍ كان بين المتوادعين). [جامع البيان: 11/362-367]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمّة الكفر إنّهم لا أيمان لهم لعلّهم ينتهون (12)
قوله تعالى: وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم
- أخبرنا محمّد بن سعيدٍ- فيما كتب إليّ- ثنا أبي ثنا عمّي الحسين عن أبيه عن جدّه عن ابن عبّاسٍ قوله: وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمّة الكفر سمّاهم أئمّة الكفر بينك وبينهم قاتلهم، إنّهم أئمّة الكفر.
قوله تعالى: فقاتلوا أئمة الكفر
[الوجه الأول]
- حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن ميمونٍ الإسكندرانيّ ثنا الوليد بن مسلمٍ ثنا صفوان بن عمرٍو عن عبد الرّحمن بن جبير بن نفيرٍ أنّه كان في عهد أبي بكرٍ رضي اللّه عنه إلى النّاس حين وجّههم إلى الشّام قال: إنّكم ستجدون قومًا محوقة رؤوسهم فاضربوا مقاعد الشيطان منهم بالسيوف فو الله لأن أقتل رجلا منهم أحبّ إليّ من أن أقتل سبعين من غيرهم وذلك بأنّ الله يقول فقاتلوا أئمّة الكفر
والوجه الثّاني:
- حدّثنا يونس بن حبيبٍ ثنا أبو داود ثنا شعبة عن أبي بشرٍ سمع مجاهدًا يحدّث عن ابن عمر في قول اللّه فقاتلوا أئمّة الكفر إنّهم لا أيمان لهم قال: أبو سفيان بن حربٍ منهم، قال أبو محمّدٍ: يعني قبل أني يسلم. وروي عن سعيد بن جبيرٍ مثله.
- حدّثنا أبي ثنا محمّد بن عبد الأعلى ثنا محمّد بن ثورٍ عن معمرٍ قال: قال قتادة: أئمّة الكفر أبو سفيان، وأبو جهلٍ وأميّة بن خلفٍ وسهيل بن عمرٍو وعتبة بن ربيعة.
- حدّثنا أبي ثنا عبد العزيز بن منيبٍ ثنا أبو معاذٍ النحوي عن علي بن سليمان عن الضّحّاك فقاتلوا أئمّة الكفر يعني: رؤوس المشركين من أهل مكّة.
والوجه الثّالث:
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن زيد بن وهبٍ عن حذيفة قال: ذكروا عنده هذه الآية فقاتلوا أئمّة الكفر قال: ما قوتل أهل هذه الآية بعد.
الوجه الرّابع:
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ العوفيّ- فيما كتب إليّ- ثنا أبي ثنا عمّي الحسين عن أبيه عن جدّه عن ابن عبّاسٍ فقاتلوا أئمّة الكفر يعني: أهل العهد من المشركين سمّاهم أئمّة الكفر.
قوله تعالى: إنّهم لا أيمان لهم
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ ثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن صلة بن زفر عن عمّارٍ فقاتلوا أئمّة الكفر إنّهم لا أيمان لهم قال: لا عهود لهم وروي عن حذيفة نحو ذلك.
قوله تعالى: لعلّهم ينتهون
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ- فيما كتب إليّ- ثنا أبي ثنا عمّي عن أبيه عن جدّه عن ابن عبّاسٍ لعلّهم ينتهون يعني: أهل العهد من المشركين). [تفسير القرآن العظيم: 6/1760-1762]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم ثنا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وإن نكثوا أيمانهم يعني عهدهم). [تفسير مجاهد: 274]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثني أبو بكرٍ محمّد بن أحمد بن بالويه، ثنا محمّد بن شاذان الجوهريّ، ثنا محمّد بن سابقٍ، ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن صلة بن زفر، عن حذيفة رضي اللّه عنه، في قوله تعالى " {فقاتلوا أئمّة الكفر إنّهم لا أيمان لهم} [التوبة: 12] قال: لا عهد لهم. قال حذيفة: ما قوتلوا بعد «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/362]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثني أبو بكر بن بالويه، ثنا محمّد بن شاذان، ثنا عليّ بن عبد اللّه، ثنا أبو داود، ثنا شعبة، عن أبي بشرٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عمر رضي اللّه عنهما، في قوله " {فقاتلوا أئمّة الكفر} [التوبة: 12] قال: أبو جهل بن هشامٍ وأميّة بن خلفٍ وعتبة بن ربيعة وأبو سفيان بن حربٍ وسهيل بن عمرٍو وهم الّذين نكثوا عهد اللّه، وهمّوا بإخراج الرّسول من مكّة «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/362]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ) زيد بن وهب -رحمه الله -: قال: كنّا عند حذيفة، فقال: ما بقي من أصحاب هذه الآية يعني {فقاتلوا أئمّة الكفر إنّهم لا أيمان لهم} [التوبة: 12] إلا ثلاثةٌ، ولا بقي من المنافقين إلا أربعة، فقال أعرابيٌّ: إنكم أصحاب محمدٍ، تخبرونا أخباراً، لا ندري ما هي؟ تزعمون أن لا منافق إلا أربعة، فما بال هؤلاء الذي يبقرون بيوتنا، ويسرقون أعلاقنا؟ قال: أولئك الفسّاق، أجل لم يبق منهم إلا أربعةٌ: أحدهم: شيخ كبير لو شرب الماء البارد لما وجد برده. أخرجه البخاري.
[شرح الغريب]
(يبقرون) أي: يفتحون ويوسعون، يقال: بقرت الشيء: إذا فتحته.
(أعلاقنا) الأعلاق: جمع علق، وهو الشيء النفيس مما يقتنى). [جامع الأصول: 2/159-160]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 12.
أخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وإن نكثوا أيمانهم} قال: عهدهم.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم} يقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: وإن نكثوا العهد الذي بينك وبينهم فقاتلوهم إنهم أئمة الكفر.
وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {أئمة الكفر} قال: أبو سفيان بن حرب وأمية بن خلف وعتبة بن ربيعة وأبو جهل بن هشام وسهيل بن عمرو وهم الذين نكثوا عهد الله تعالى وهموا بإخراج الرسول من مكة
وأخرج ابن عساكر عن مالك بن أنس رضي الله عنه، مثله.
وأخرج ابن عساكر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {فقاتلوا أئمة الكفر} قال: أبو سفيان.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما {فقاتلوا أئمة الكفر} قال: رؤوس قريش.
وأخرج ابن أبي حاتم وابو الشيخ، وابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما في قوله {فقاتلوا أئمة الكفر} قال: أبو سفيان بن حرب منهم.
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه {فقاتلوا أئمة الكفر} قال: الديلم.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، وابن مردويه عن حذيفة رضي الله عنه أنهم ذكروا عنده هذه الآية فقال: ما قوتل أهل هذه الآية بعد.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري، وابن مردويه عن زيد بن وهب رضي الله عنه في قوله {فقاتلوا أئمة الكفر} قال: كنا عند حذيفة رضي الله عنه فقال: ما بقي من أصحاب هذه الآية إلا ثلاثة ولا من المنافقين إلا أربعة، فقال أعرابي: إنكم
أصحاب صلى الله عليه وسلم محمد تخبروننا بأمور لا ندري ما هي فما بال هؤلاء الذين يبقرون بيوتنا ويسرقون أعلاقنا قال: أولئك الفساق أجل لم يبق منهم إلا أربعة أحدهم شيخ كبير لو شرب الماء البارد لما وجد برده
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن جبير رضي الله عنه، أنه كان في عهد أبي بكر رضي الله عنه في الناس حين وجههم إلى الشام فقال: إنكم ستجدون قوما محلوقة رؤوسهم فاضربوا مقاعد الشيطان منهم بالسيوف فوالله لئن أقتل رجلا منهم أحب إلي من أن أقتل سبعين من غيرهم وذلك بأن الله تعالى يقول {فقاتلوا أئمة الكفر}.
وأخرج أبو الشيخ عن حذيفة رضي الله عنه {لا أيمان لهم} قال: لا عهود لهم.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عمار رضي الله عنه {لا أيمان لهم} لا عهود لهم.
وأخرج ابن مردويه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: والله ما قوتل أهل هذه الآية منذ أنزلت {وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم} الآية.
وأخرج ابن مردويه عن مصعب بن سعد قال: مر سعد رضي الله عنه برجل من الخوارج فقال الخارجي لسعد: هذا من أئمة الكفر، فقال سعد رضي الله عنه: كذبت أنا قاتلت أئمته). [الدر المنثور: 7/252-254]

تفسير قوله تعالى: (أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (13) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني القاسم بن عبد الله عن عبيد الله ابن عمر عن أيوب عن مجاهد وعكرمة أن هذه الآية أنزلت في أهل مكة وبني بكر: {ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم وهموا بإخراج الرسول وهم بدءوكم أول مرة}، بدؤوا بالنكث أول مرة). [الجامع في علوم القرآن: 2/122]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ألا تقاتلون قومًا نكثوا أيمانهم وهمّوا بإخراج الرّسول وهم بدءوكم أوّل مرّةٍ أتخشونهم فاللّه أحقّ أن تخشوه إن كنتم مّؤمنين}.
يقول تعالى ذكره للمؤمنين باللّه ورسوله حاضًّا لهم على جهاد أعدائهم من المشركين: ألا تقاتلون أيّها المؤمنون هؤلاء المشركين الّذين نقضوا العهد الّذي بينكم وبينهم وطعنوا في دينكم وظاهروا عليكم أعداءكم وهمّوا بإخراج الرّسول من بين أظهرهم فأخرجوه. {وهم بدءوكم أوّل مرّةٍ} بالقتال، يعني فعلهم ذلك يوم بدرٍ. وقيل: قتالهم حلفاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من خزاعة {أتخشونهم} يقول: أتخافونهم على أنفسهم، فتتركوا قتالهم خوفًا على أنفسكم منهم؟ {فاللّه أحقّ أن تخشوه} يقول: فاللّه أولى بكم أن تخافوا عقوبته بترككم جهادهم، وتحذروا سخطه عليكم من هؤلاء المشركين الّذين لا يملكون لكم ضرًّا ولا نفعًا إلاّ بإذن اللّه. {إن كنتم مؤمنين} يقول: إن كنتم مقرّين أنّ خشية اللّه لكم أولى من خشية هؤلاء المشركين على أنفسكم.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قوله: {ألا تقاتلون قومًا نكثوا أيمانهم} من بعد عهدهم {وهمّوا بإخراج الرّسول} يقول: همّوا بإخراجه فأخرجوه. {وهم بدءوكم أوّل مرّةٍ} بالقتال.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {وهم بدءوكم أوّل مرّةٍ} قال: قتال قريشٍ حلفاء محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، بنحوه.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا ابن نميرٍ، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ مثله.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: أمر اللّه رسوله بجهاد أهل الشّرك ممّن نقض من أهل العهد ومن كان من أهل العهد العامّ بعد الأربعة الأشهر الّتي ضرب لهم أجلاً، إلاّ أن يعودوا فيها على دينهم فيقبل بعد. ثمّ قال: {ألا تقاتلون قومًا نكثوا أيمانهم وهمّوا بإخراج الرّسول} إلى قوله: {واللّه خبيرٌ بما تعملون}). [جامع البيان: 11/367-368]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ألا تقاتلون قومًا نكثوا أيمانهم وهمّوا بإخراج الرّسول وهم بدءوكم أوّل مرّةٍ أتخشونهم فاللّه أحقّ أن تخشوه إن كنتم مؤمنين (13)
قوله تعالى: ألا تقاتلون قومًا نكثوا أيمانهم
- حدّثنا أبي ثنا عفّان ثنا حمّاد بن زيدٍ ثنا أيّوب عن عكرمة في حديث فتح مكّة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: من أغلق بابه فهو آمنٌ ومن ألقى سلاحه فهو آمنٌ، قال: فقاتلهم خزاعة إلى نصف النّهار، وأنزل اللّه تعالى ألا تقاتلون قومًا نكثوا أيمانهم وهمّوا بإخراج الرّسول.
قوله تعالى: وهمّوا بإخراج الرّسول
- حدّثنا حجّاج بن حمزة ثنا شبابة ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ وهمّوا بإخراج الرّسول يأثر ذلك اللّه تبارك وتعالى.
- أخبرنا أحمد بن عثمان- فيما كتب إليّ- ثنا أحمد بن مفضّلٍ ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ وهمّوا بإخراج الرّسول يقول: همّوا بإخراجه فأخرجوه.
قوله تعالى: وهم بدؤكم أوّل مرّةٍ
- حدّثنا حجّاج بن حمزة ثنا شبابة ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ قوله: وهم بدؤكم أوّل مرّةٍ قتال قريشٍ حلفاء محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم وروي عن عكرمة نحو ذلك.
قوله تعالى: أتخشونهم فاللّه أحقّ أن تخشوه
- حدّثنا أبو زرعة ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ ثنا عبد اللّه بن لهيعة حدّثني عطاء بن دينارٍ عن سعيد بن جبيرٍ قوله: مؤمنين قال: مصدّقين). [تفسير القرآن العظيم: 6/1762-1763]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وهموا بإخراج الرسول قال يأثر الله ذلك وهم بدؤوكم أول مرة يعني قريشا حين قاتلوا حلفاء محمد صلى الله عليه وسلم). [تفسير مجاهد: 274]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 13 - 15.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم} قال: قتال قريش حلفاء النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهمهم بإخراج الرسول
زعموا أن ذلك عام عمرة النّبيّ صلى الله عليه وسلم في العام السابع للحديبية وجعلوا في أنفسهم إذا دخلوا مكة أن يخرجوه منها فذلك همهم بإخراجه فلم تتابعهم خزاعة على ذلك فلما خرج النّبيّ صلى الله عليه وسلم من مكة قالت قريش لخزاعة: عميتمونا عن إخراجه فقاتلوهم فقتلوا منهم رجالا). [الدر المنثور: 7/254-255]

تفسير قوله تعالى: (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (14) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قاتلوهم يعذّبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قومٍ مّؤمنين}.
يقول تعالى ذكره: قاتلوا أيّها المؤمنون باللّه ورسوله هؤلاء المشركين الّذين نكثوا أيمانهم ونقضوا عهودهم بينكم وبينهم، وأخرجوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من بين أظهرهم. {يعذّبهم اللّه بأيديكم} يقول: يقتلهم اللّه بأيديكم. {ويخزهم} يقول: ويذلّهم بالأسر والقهر. {وينصركم عليهم} فيعطيكم الظّفر عليهم والغلبة. {ويشف صدور قومٍ مؤمنين} يقول: ويبرئ داء صدور قومٍ مؤمنين باللّه ورسوله بقتل هؤلاء المشركين بأيديكم وإذلالكم وقهركم إيّاهم، وذلك الدّاء هو ما كان في قلوبهم عليهم من الموجدة بما كانوا ينالونهم به من الأذى والمكروه.
وقيل: إنّ اللّه عنى بقوله: {ويشف صدور قومٍ مؤمنين} صدور خزاعة حلفاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وذلك أنّ قريشًا نقضوا العهد بينهم وبين رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بمعونتهم بكرًا عليهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، وابن وكيعٍ، قالا: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن الحكم، عن مجاهدٍ، في هذه الآية: {ويشف صدور قومٍ مؤمنين} قال: خزاعة.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمرو بن محمّدٍ العنقزيّ، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ: {ويشف صدور قومٍ مؤمنين} قال: خزاعة يشف صدورهم من بني بكرٍ.
- حدّثنا محمّد بن الحسين قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ مثله.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {ويشف صدور قومٍ مؤمنين} خزاعة حلفاء محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عبد اللّه بن رجاءٍ، عن ابن جريجٍ، عن عبد اللّه بن كثيرٍ، عن مجاهدٍ: {ويشف صدور قومٍ مؤمنين} قال: حلفاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من خزاعة.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ مثله). [جامع البيان: 11/369-370]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قاتلوهم يعذّبهم اللّه بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قومٍ مؤمنين (14)
قوله تعالى: قاتلوهم يعذّبهم اللّه بأيديكم
- أخبرنا أحمد بن عثمان- فيما كتب إليّ- ثنا أحمد بن مفضّلٍ ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ قوله: وهم بدؤكم أوّل مرّةٍ بالقتال، يقول: قاتلوهم يعذّبهم اللّه بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم
قوله تعالى: ويخزهم وينصركم عليهم
- حدّثنا أبي ثنا أبو الرّبيعٍ الزّهرانيّ ثنا حمّاد بن زيدٍ ثنا أيّوب عن عكرمة في قوله: ويخزهم وينصركم عليهم قال: نزلت في خزاعة.
قوله تعالى: ويشف صدور قومٍ مؤمنين
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ ثنا عقبة بن خالدٍ عن شعبة عن مجاهدٍ ويشف صدور قومٍ مؤمنين قال: خزاعة، وروي عن عكرمة. نحو ذلك.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة ثنا شبابة حدّثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ ويشف صدور قومٍ مؤمنين خزاعة حلفاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
- أخبرنا أحمد بن عثمان- فيما كتب إليّ- ثنا أحمد بن مفضّلٍ ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ قوله: ويشف صدور قومٍ مؤمنين قال: هم خزاعة، يشفي صدورهم من بني بكرٍ). [تفسير القرآن العظيم: 6/1763]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ويشف صدور قوم مؤمنين قال يعني خزاعة حلفاء محمد). [تفسير مجاهد: 274]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن أبي حاتم، وابن المنذر وأبو الشيخ عن عكرمة رضي الله عنه قال: نزلت في خزاعة {قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين} من خزاعة.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ويشف صدور قوم مؤمنين} قال: خزاعة حلفاء رسول صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه في قوله {ويشف صدور قوم مؤمنين} قال: هم خزاعة يشفي صدورهم من بني بكر {ويذهب غيظ قلوبهم} قال: هذا حين قتلهم بنو بكر وأعانهم قريش). [الدر المنثور: 7/255]

تفسير قوله تعالى: (وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (15) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب اللّه على من يشاء واللّه عليمٌ حكيمٌ}.
يقول اللّه تعالى ذكره: ويذهب وجد قلوب هؤلاء القوم المؤمنين من خزاعة، على هؤلاء القوم الّذين نكثوا أيمانهم من المشركين وغمّها وكربها بما فيها من الوجد عليهم، بمعونتهم بكرًا.
- كما حدّثني ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمرو بن محمّدٍ العنقزيّ، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ: {ويذهب غيظ قلوبهم} حين قتلهم بنو بكرٍ وأعانتهم قريشٌ.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ مثله، إلاّ أنّه قال: وأعانهم عليهم قريشٌ.
وأمّا قوله: {ويتوب اللّه على من يشاء} فإنّه خبر مبتدأٍ، ولذلك رفع وجزم الأحرف الثّلاثة قبل ذلك على وجه المجازاة، كأنّه قال: قاتلوهم فإنّكم إن تقاتلوهم يعذّبهم اللّه بأيديكم، ويخزهم، وينصركم عليهم. ثمّ ابتدأ فقال: {ويتوب اللّه على من يشاء} لأنّ القتال غير موجبٍ لهم التّوبة من اللّه، وهو موجبٌ لهم العذاب من اللّه والخزي وشفاء صدور المؤمنين وذهاب غيظ قلوبهم، فجزم ذلك شرطًا وجزاءً على القتال، ولم يكن موجبًا القتال التّوبة، فابتدئ الحكم به ورفع.
ومعنى الكلام: ويمنّ اللّه على من يشاء من عباده الكافرين، فيقبل به إلى التّوبة بتوفيقه إيّاه، واللّه عليمٌ بسرائر عباده ومن هو للتّوبة أهلٌ فيتوب عليه، ومن منهم غير أهلٍ لها فيخذله، حكيمٌ في تصريف عباده من حال كفرٍ إلى حال إيمانٍ بتوفيق من وفّقه لذلك، ومن حال إيمانٍ إلى كفرٍ بخذلانه من خذل منهم عن طاعته وتوحيده، وغير ذلك من أمرهم). [جامع البيان: 11/370-371]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب اللّه على من يشاء واللّه عليمٌ حكيمٌ (15)
قوله تعالى: ويذهب غيظ قلوبهم
- حدّثنا أبي ثنا عفّان ثنا حمّاد بن زيدٍ، ثنا أيّوب عن عكرمة ويذهب غيظ قلوبهم قال: خزاعة.
- أخبرنا أحمد بن عثمان- فيما كتب إليّ- ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ ويذهب غيظ قلوبهم قال: هذا حين قتلهم بنو بكرٍ، وأعانهم قريشٌ.
قوله تعالى: ويتوب اللّه على من يشاء
- حدّثنا أبي ثنا أبي حدّثنا عفّان بن مسلمٍ ثنا حمّاد بن زيدٍ ثنا أيّوب عن عكرمة ويتوب اللّه على من يشاء خزاعة.
قوله تعالى: واللّه عليمٌ
- حدّثنا محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ ثنا محمّد بن عمرٍو ثنا سلمة ثنا محمّد بن إسحاق عليمٌ أي عليمٌ بما يخفون.
- حدّثنا عصام بن روّادٍ ثنا آدم حدّثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ عن الرّبيع عن أبي العالية قوله: حكيمٌ قال: حكيمٌ في أمره.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ أبو غسّان ثنا سلمة قال محمّد بن إسحاق: حدّثني محمّد بن جعفر بن الزّبير قوله: حكيمٌ قال: الحكيم في عذره، وحجّته إلى عباده). [تفسير القرآن العظيم: 6/1763-1764]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه {ويذهب غيظ قلوبهم} قال: ذكر لنا أن هذه الآية نزلت في خزاعة حين جعلوا يقتلون بني بكر بمكة.
وأخرج ابن إسحاق والبيهقي في الدلائل عن مروان بن الحكم والمسور بن خرمة قالا كان في صلح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية بينه وبين قريش: أن من شاء أن يدخل في عقد النّبيّ صلى الله عليه وسلم وعهده دخل فيه ومن شاء أن يدخل في عهد قريش وعقدهم دخل فيه فتواثبت خزاعة فقالوا: ندخل في عقد محمد وعهده وتواثبت بنو بكر فقالوا: ندخل في عقد قريش وعهدهم فمكثوا في تلك الهدنة نحو السبعة عشر أو الثمانية عشر شهرا ثم إن بني بكر الذي كانوا دخلوا في عقد قريش وعهدهم وثبوا على خزاعة الذين دخلوا في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده ليلا بماء لهم يقال له الوتير قريب من مكة فقالت قريش: ما يعلم بنا محمد صلى الله عليه وسلم وهذا الليل وما يرانا أحد فأعانوهم عليهم بالكراع والسلاح فقاتلوهم معهم للضغن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وركب عمرو بن سالم عندما كان من أمر خزاعة وبني بكر بالوتير حتى قدم المدينة على رسول الله بأبيات أنشده إياها:
اللهم إني ناشد محمدا * خلف أبينا وأبيه إلا تلدا
كنا والدا وكنت ولدا * ثمت أسلمنا ولم ننزع يدا
فانصر رسول الله نصرا عندا * وادع عباد الله يأتوا مددا
فيهم رسول الله قد تجردا * إن شئتم حسنا فوجهه بدر بدا
في فيلق كالبحر يجري مزبدا * إن قريشا أخلفوك موعدا
ونقضوا ميثاقك المؤكدا * وزعموا أن ليس تدعو أحدا
فهم أذل وأقل عددا * قد جعلوا لي بكداء رصدا
هم بيوتنا بالهجير هجدا * وقتلونا ركعا وسجدا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نصرت يا عمرو بن سالم فما برح حتى مرت غمامة في السماء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هذه السحابة لتشهد بنصر بني كعب وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بالجهاد وكتمهم مخرجه وسأل الله أن يعمي على قريش خبره حتى يبغتهم في بلادهم). [الدر المنثور: 7/255-257]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 26 ربيع الثاني 1434هـ/8-03-2013م, 03:05 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (11) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فإن تابوا وأقاموا الصّلاة وآتوا الزّكاة...}
ثم قال: {فإخوانكم في الدّين} معناه: فهم إخوانكم. يرتفع مثل هذا من الكلام بأن يضمر له اسمه مكنيّا عنه. ومثله {فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم} أي فهم إخوانكم. وفي قراءة أبيّ {إن تعذّبهم فعبادك} أي فهم عبادك). [معاني القرآن: 1/425]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فإخوانكم في الدّين} مجازه مجاز المختصر الذي فيه ضمير، كقولك: فهم إخوانكم). [مجاز القرآن: 1/253]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين}
أي فهم مثلكم قد غفر لهم نقضهم العهد وكفرهم). [معاني القرآن: 3/188]

تفسير قوله تعالى: (وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (12) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وإن نكثوا أيمانهم} مجازه: إن نقضوا أيمانهم، وهي جميع اليمين من الحلف). [مجاز القرآن: 1/253]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وإن نّكثوا أيمانهم مّن بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمّة الكفر إنّهم لا أيمان لهم لعلّهم ينتهون}
وقال: {وإن نّكثوا أيمانهم مّن بعد عهدهم} قال: {فقاتلوا أئمّة الكفر} فجعل الهمزة ياء لأنها في موضع كسر وما قبلها مفتوح ولم يهمز لاجتماع الهمزتين. ومن كان من رأيه جمع الهمزتين همز). [معاني القرآن: 2/30]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : ( [وزاد محمد بن صالح]:
قرأ أهل المدينة وعاصم والأعمش وأبو عمرو {لا أيمان لهم} بالفتح على جمع يمين وأيمان؛ وتأويلها: لا عهد لهم ولا ميثاق.
وقرأ الحسن {لا إيمان لهم} بالكسر). [معاني القرآن لقطرب: 627]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {وأن نكثوا أيمانهم}: نقضوا). [غريب القرآن وتفسيره: 162]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله - جلّ وعزّ -: {وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمّة الكفر إنّهم لا أيمان لهم لعلّهم ينتهون}
أي رؤساء الكافرين، وقادتهم، لأن الإمام متبع.
وهذه الآية توجب قتل الذميّ إذا أظهر الطعن في الإسلام لأن العهد معقود عليه بألّا يطعن، فإذا طعن فقد نكث.
وقوله: {أئمّة الكفر} فيها عند النحويين لغة واحدة: أيمة بهمزة وياء والقراء يقرأون {أئمّة} بهمزتين، وأيمة بهمزة وياء فأما النحويون فلا يجيزون اجتماع الهمزتين ههنا، لأنهما لا يجتمعان في كلمة، ومن قرأ أئمة - بهمزتين - فينبغي أن يقرأ يا بني أأدم، والاجتماع أن آدم فيه همزة واحدة.
فالاختلاف راجع إلى الإجماع، إلا أن النحويين يستصعبون هذه المسألة.
ولهم فيها غير قول:
يقولون إذا فضلنا رجلا في الإمامة: هذا أومّ من هذا ويقول بعضهم أيمّ من هذا، فالأصل في اللغة أأممة لأنه جمع إمام، مثل مثال وأمثلة، ولكن
الميمين لما اجتمعتا أدغمت الأولى في الثانية وألغيت حركتها على الهمزة.
فصار أئمة، فأبدل النحويون من الهمزة الياء.
ومن قال: هذا أيمّ من هذا جعل هذه الهمزة كلما تحركت أبدل منها قال أبو إسحاق: والذي قال: (هذا أومّ من هذا) كانت عنده أصلها أأم.
فلم يمكنه أن يبدل منها ألفا لاجتماع السّاكنين، فجعلها واوا مفتوحة، لأنه قال: إذا جمعت آدم قلت أوادم.
وهذا هو القياس الذي جعلها ياء.
قال: قد صارت الياء في أئمة بدلا لازما.
وهذا مذهب الأخفش، والأول مذهب المازني.
قال أبو إسحاق وأظنه أقيس الوجهين، أعني: هذا أومّ من هذا، فأما أئمة باجتماع الهمزتين، فليس من مذاهب أصحابنا، إلا ما يحكى عن ابن إسحاق فإنه كان يحب اجتماعهما وليس ذلك عندي جائزا، لأن هذا الحرف في أئمة قد وقع فيه التضعيف والإدغام، فلما أدغم وقعت علة في الحرف.
وطرحت حركته على الهمزة فكان تركها دليلا على أنها همزة قد وقع عليها حركة ما بعدها، وعلى هذا القياس يجوز: هذا أأمّ من هذا والذي بدأنا به هو الاختيار من أن لا تجتمع همزتان.
وقوله: {إنّهم لا أيمان لهم}.
وتقرأ {لا إيمان لهم} فمن قرأ: {لا أيمان لهم} بالفتح فقد وصفهم بالنكث في العهد، وهو أجود القراءتين، ومن قرأ " لا إيمان لهم " فقد وصفهم بالردة، أي لا إسلام لهم، ويجوز أن يكون نفى عنهم الإيمان لأنهم لم يؤمنوا، كما تقول: لا علم لفلان.
ويجوز أن يكون لا أيمان لهم إذا كنتم أنتم آمنتموهم، فنقضوا هم عهدكم، فقد بطل الأمان الذي أعطيتموهم، أي لا إيمان لهم: على " آمنت إيمانا على المصدر ".
{لعلّهم ينتهون}.
أي ليرجى منهم الانتهاء والنكث: النقض في كل شي). [معاني القرآن: 2/434-436]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم} أي نقضوا وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر أي رؤساءه
وقيل هذا يوجب القتل على من طعن في الإسلام وإن كان له عهد لأن ذلك ينقض عهده
ثم قال جل وعز: {إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون}
روي عن عمار بن ياسر أنه قال أي لا عهد لهم وقرأ
الحسن لا إيمان لهم
قال أبو جعفر وقراءته تحتمل معنيين
أحدهما لا إسلام لهم على النفي كما تقول لا علم له
والمعنى الآخر أي يكون مصدرا من قولك آمنته إيمانا أي لا تؤمنوهم ولكن اقتلوهم). [معاني القرآن: 3/188-189]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {نَّكَثُواْ}: نقضوا). [العمدة في غريب القرآن: 146]

تفسير قوله تعالى: (أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (13) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وهم بدءوكم أوّل مرّةٍ...}
ذلك أن خزاعة كانوا حلفاء للنبيّ صلى الله عليه وسلم، وكانت الديل بن بكر حلفاء لبني عبد شمس، فاقتتلت الديل وخزاعة، فأعانت قريش الديل على خزاعة، فذلك قوله: {بدءوكم} أي قاتلوا حلفاءكم). [معاني القرآن: 1/425]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({ألا تقاتلون قوماً نّكثوا أيمانهم وهمّوا بإخراج الرّسول وهم بدءوكم أول مرّةٍ أتخشونهم فاللّه أحقّ أن تخشوه إن كنتم مّؤمنين}
وقال: {وهمّوا بإخراج الرّسول} لأنك تقول "هممت بكذا" و"أهمّني كذا"). [معاني القرآن: 2/30]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {الوليجة}: كل شيء أدخلته في شيء ليس منه فهو وليجة، والرجل يدخل في القوم ليس منهم فهو وليجة). [غريب القرآن وتفسيره: 162]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (إن الخفيفة: تكون بمعنى {ما}...، وقالوا أيضا: وتكون بمعنى إذ، كقوله: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 129]، أي إذ كنتم. وقوله: {فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [التوبة: 13].
وقوله: {وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة: 278].
وهي عند أهل اللغة {إن} بعينها، لا يجعلونها في هذه المواضع بمعنى (إذ) ويذهبون إلى أنه أراد: من كان مؤمنا لم يهن ولم يدع إلى السّلم، ومن كان مؤمنا لم يخش إلا الله، ومن كان مؤمنا ترك الرّبا). [تأويل مشكل القرآن: 552-553] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم وهمّوا بإخراج الرّسول وهم بدءوكم أوّل مرّة أتخشونهم فاللّه أحقّ أن تخشوه إن كنتم مؤمنين}
هذا على وجه التوبيخ، ومعناه الحضّ على قتالهم، وقيل في قوله:
{وهم بدءوكم أوّل مرّة}.
أنهم كانوا قاتلوا حلفاء الرسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -.
وقوله: {أتخشونهم}.
معناه أتخشون أن ينالكم من قتالهم مكروه.
{فاللّه أحقّ أن تخشوه}.
أي فمكروه عذاب اللّه أحق أن يخشى.
{إن كنتم مؤمنين} أي مصدقين بعقاب اللّه وثوابه). [معاني القرآن: 2/436]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وهم بدؤكم أول مرة}
قال مجاهد قاتلوا حلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال أتخشونهم أي أتخشون عاقبتهم فالله أحق أن تخشوه أي تخشوا عاقبته ثم وعدهم النصر وذلك من علامات النبوة فقال قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين فدل بهذا على أن غيظهم كان قد اشتد
قال مجاهد يعني خزاعة حلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم). [معاني القرآن: 3/189- 190]

تفسير قوله تعالى: (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (14) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {قاتلوهم يعذّبهم اللّه بأيديكم...}
ثم جزم ثلاثة أفاعيل بعده يجوز في كلهن النصب والجزم والرفع.
ورفع قوله: {ويتوب الله} لأن معناه ليس من شروط الجزاء؛ إنما هو استئناف؛ كقولك للرجل: ايتني أعطك، وأحبّك بعد، وأكرمك، استئناف ليس بشرط للجزاء. ومثله قول الله تبارك وتعالى: {فإن يشأ الله يختم على قلبك} تمّ الجزاء ها هنا، ثمّ استأنف فقال: {ويمح اللّه الباطل ويحقّ الحقّ بكلماته}). [معاني القرآن: 1/426]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قاتلوهم يعذّبهم اللّه بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين)
(ويشف صدور قوم مؤمنين}.
فيه دليل أنه اشتد غضبهم للّه عزّ وجلّ، فوعد اللّه في هذه الآية النصر.
وفيها دليل على تثبيت النبوة، لأنه قال عزّ وجلّ: {قاتلوهم يعذّبهم اللّه بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين}.
فوعدهم اللّه النصر ووفّى به، ودل على صدق ما أتى به النبي - صلى الله عليه وسلم -). [معاني القرآن: 2/436]

تفسير قوله تعالى: (وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (15) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب اللّه على من يشاء واللّه عليم حكيم}
{ويتوب اللّه على من يشاء}
ليس بجواب لقوله: {قاتلوهم} ولكنه مستأنف، لأن {يتوب} ليس من جنس ما يجاب به {قاتلوهم} ). [معاني القرآن: 2/437]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {ويتوب الله على من يشاء}
وهذا منقطع مما قبله). [معاني القرآن: 3/190]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 26 ربيع الثاني 1434هـ/8-03-2013م, 03:11 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[تنبيه: هذه النقول مستخلصة من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]
تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (11) }

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (12) }

تفسير قوله تعالى: {أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (13) }

تفسير قوله تعالى: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (14) }

تفسير قوله تعالى: {وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (15) }



رد مع اقتباس
  #5  
قديم 26 ربيع الثاني 1434هـ/8-03-2013م, 03:14 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 26 ربيع الثاني 1434هـ/8-03-2013م, 03:15 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 21 شعبان 1435هـ/19-06-2014م, 08:23 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 21 شعبان 1435هـ/19-06-2014م, 08:23 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (11) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: فإن تابوا وأقاموا الصّلاة وآتوا الزّكاة فإخوانكم في الدّين ونفصّل الآيات لقومٍ يعلمون (11) وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمّة الكفر إنّهم لا أيمان لهم لعلّهم ينتهون (12)
تابوا رجعوا عن حالهم، والتوبة منهم تتضمن الإيمان، ثم قرن تعالى بإيمانهم إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، قال ابن عباس: حرمت هذه الآية دماء أهل القبلة، وقال ابن زيد: قرن الله الصلاة بالزكاة ولم يرض بإحداهما دون الأخرى.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وعلى هذا مر أبو بكر رضي الله عنه وقت الردة، و «الأخوة في الدين» هي أخوة الإسلام وجمع الأخ منها إخوان وجمعه من النسب إخوة قاله بعض اللغويين، وقد قيل إن الأخ من النسب يجمع على إخوان أيضا وذلك ظاهر من قوله تعالى ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمّهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم [النور: 61] ويبين ذلك قوله تعالى في آخر الآية أو صديقكم [النور: 61] وكذلك قوله في هذه السورة قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم [التوبة: 24]، فأما الأخ من التوادّ ففي كتاب الله إنّما المؤمنون إخوةٌ [الحجرات: 10]، وقال أبو هريرة في البخاري كان إخوتي من المهاجرين يشغلهم صفق بالأسواق فيصح من هذا كله أن الأخ يجمع إخوة وإخوانا سواء كان من نسب أو مودة، وتفصيل الآية بيانها وإيضاحها). [المحرر الوجيز: 4/ 268-269]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (12) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: وإن نكثوا أيمانهم الآية النكث النقض وأصله في كل ما قبل ثم حل، فهي في الأيمان والعهود مستعارة، وقوله وطعنوا في دينكم أي بالاستنقاص والحرب وغير ذلك مما يفعله المشرك، وهذه استعارة ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم حين أمر أسامة: إن تطعنوا في إمارته فقد طعنتم في إمارة أبيه من قبل، الحديث.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: ويليق هنا ذكر شيء من طعن الذمي في الدين فالمشهور من مذهب مالك رحمه أنه: إذا فعل شيئا من ذلك مثل تكذيب الشريعة وسب النبي صلى الله عليه وسلم ونحوه قتل، وقيل إذا كفر وأعلن بما هو معهود من معتقده وكفره أدّب على الإعلان وترك، وإذا كفر بما ليس من معهود كفره كالسب ونحوه قتل، وقال أبو حنيفة في هذا: إنه يستتاب،
واختلف إذا سب الذمي النبي صلى الله عليه وسلم ثم أسلم تقية القتل فالمشهور من المذهب أن يترك، وقد قال صلى الله عليه وسلم «الإسلام يجب ما قبله»، وفي العتبية أنه يقتل ولا يكون أحسن حالا من المسلم، وقوله تعالى فقاتلوا أئمّة الكفر أي رؤوسهم وأعيانهم الذين يقودون الناس إليه، وقال قتادة: المراد بهذا أبو جهل بن هشام وعتبة بن ربيعة وغيرهما.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا إن لم يتأول أنه ذكرهم على جهة المثال ضعيف لأن الآية نزلت بعد بدر بكثير، وروي عن حذيفة أنه قال: لم يجئ هؤلاء بعد.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: يريد أن ينقرضوا فهم يحيون أبدا ويقتلون، وأصوب ما في هذا أن يقال إنه لا يعنى بها معين، وإنما وقع الأمر بقتال أئمة الناكثين بالعهود من الكفرة إلى يوم القيامة دون تعيين، واقتضت حال كفار العرب ومحاربي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تكون الإشارة إليهم أولا بقوله أئمّة الكفر وهم حصلوا حينئذ تحت اللفظة إذ الذي يتولى قتال النبي والدفع في صدر شريعته هو إمام كل من يكفر بذلك الشرع إلى يوم القيامة، ثم تأتي في كل جيل من الكفار أئمة خاصة بجيل جيل، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو «أيمة» بهمزة واحدة وبعدها ياء مكسورة، وقد روي عن نافع مد الهمزة، وروى عنه ابن أبي أويس «أأمة» بهمزتين وأصلها «أأمة» وزنها أفعلة جمع إمام كعماد وأعمدة، نقلت حركة الميم إلى الهمزة التي هي فاء الفعل وأدغمت الميم الأخرى وقلبت الهمزة ياء لانكسارها ولاجتماع همزتين من كلمة واحدة، وقرأ عاصم وابن عامر وحمزة والكسائي «أأمة» والتعليل واحد، إلا أنهم لم يقلبوا الهمزة ياء، وقرأ المسيبي عن نافع «آيمة» بهمزة ممدودة، وقرأ هشام عن أبي عامر بمدة بين الهمزتين، وقرأ الناس الجم الغفير لا «أيمان لهم» على جمع يمين، وليس المراد نفي الأيمان جملة، وإنما المعنى لا أيمان لهم يوفى بها ويبر، وهذا المعنى يشبه الآية، وقرأ الحسن وعطاء وابن عامر وحده من السبعة «لا إيمان لهم»، وهذا يحتمل وجهين أحدهما لا تصديق، قال أبو علي وهذا غير قوي لأنه تكرير وذلك أنه وصف أئمة الكفر بأنهم «لا إيمان لهم» فالوجه في كسر الألف أنه مصدر من آمنه إيمانا، ومنه قوله تعالى: آمنهم من خوفٍ [قريش: 4] فالمعنى أنهم لا يؤمنون كما يؤمن أهل الذمة الكتابيون، إذ المشركون لم يكن لهم إلا الإسلام أو السيف، قال أبو حاتم فسر الحسن قراءته لا إسلام لهم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: والتكرير الذي فر أبو علي منه متجه لأنه بيان المهم الذي يوجب قتلهم لا إسلام لهم). [المحرر الوجيز: 4/ 269-271]

تفسير قوله تعالى: {أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (13) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: ألا تقاتلون قوماً نكثوا أيمانهم وهمّوا بإخراج الرّسول وهم بدؤكم أوّل مرّةٍ أتخشونهم فاللّه أحقّ أن تخشوه إن كنتم مؤمنين (13) قاتلوهم يعذّبهم اللّه بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قومٍ مؤمنين (14) ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب اللّه على من يشاء واللّه عليمٌ حكيمٌ (15)
قوله ألا تقاتلون عرض وتحضيض، وقوله وهمّوا بإخراج الرّسول وهم بدؤكم أوّل مرّةٍ، قال الحسن بن أبي الحسن: المراد من المدينة، وهذا مستقيم كغزوة أحد والأحزاب وغيرهما، وقال السدي: المراد من مكة فهذا على أن يكون المعنى هموا وفعلوا، أو على أن يقال هموا بإخراجه بأيديهم فلم يصلوا إلى ذلك بل خرج بأمر الله عز وجل، وهذا يجري مع إنكار النبي صلى الله عليه وسلم على أبي سفيان بن الحارث قوله: [الطويل]
وردني إلى الله من = طردته كل مطرد
ولا ينسب الإخراج إليهم إلا إذا كان الكلام في طريق تذنيبهم كما قال تعالى: وإخراج أهله منه أكبر عند اللّه [البقرة: 127] وقوله: من قريتك الّتي أخرجتك [محمد: 13] والأول هو على أن ما فعلوا به من أسباب الإخراج هو الإخراج، وقوله أوّل مرّةٍ قيل يراد أفعالهم بمكة بالنبي صلى الله عليه وسلم وبالمؤمنين، وقال مجاهد: يراد به ما بدأت به قريش من معونة بني بكر حلفائهم على خزاعة حلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان هذا بدء النقض، وقال الطبري: يعني فعلهم يوم بدر، وقوله أتخشونهم استفهام على معنى التقرير والتوبيخ، وقوله فاللّه مرتفع بالابتداء وأحقّ خبره، وأن تخشوه بدل من اسم الله بدل اشتمال أو في موضع نصب على إسقاط خافض تقديره بأن تخشوه، ويجوز أن يكون «الله» ابتداء وأحقّ ابتداء ثان وأن تخشوه خبر الثاني والجملة خبر الأول، وقوله إن كنتم مؤمنين كما تقول افعل كذا إن كنت رجلا أي رجلا كاملا، فهذا معناه إن كنتم مؤمنين كاملي الإيمان، لأن إيمانهم قد كان استقر). [المحرر الوجيز: 4/ 271-272]

تفسير قوله تعالى: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (14) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله قاتلوهم يعذّبهم اللّه الآية، قررت الآيات قبلها أفعال الكفرة ثم حضض على القتال مقترنا بذنوبهم لتنبعث الحمية مع ذلك، ثم جزم الأمر بقتالهم في هذه الآية مقترنا بوعد وكيد يتضمن النصرة عليهم والظفر بهم، وقوله يعذّبهم معناه بالقتل والأسر وذلك كله عذاب، ويخزهم معناه يذلهم على ذنوبهم يقال خزي الرجل يخزى خزيا إذا ذل من حيث وقع في عار، وأخزاه غيره وخزي خزاية إذا استحيا، وأما قوله ويشف صدور قومٍ مؤمنين فإن الكلام يحتمل أن يريد جماعة المؤمنين لأن كل ما يهد من الكفر هو شفاء من هم صدور المؤمنين،
ويحتمل أن يريد تخصيص قوم من المؤمنين، وروي أنهم خزاعة قاله مجاهد والسدي ووجه تخصيصهم أنهم الذين نقض فيهم العهد ونالتهم الحرب وكان يومئذ في خزاعة مؤمنون كثير، ويقتضي ذلك قول الخزاعي عن المستنصر بالنبي صلى الله عليه وسلم: [الرجز]
ثمّت أسلمنا فلم تنزع يدا
وفي آخر الرجز:
وقتلونا ركّعا وسجّدا ). [المحرر الوجيز: 4/ 272-273]

تفسير قوله تعالى: {وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (15) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقرأ جمهور الناس «ويذهب غيظ قلوبهم» على إسناد الفعل إلى الله عز وجل، وقرأت فرقة «ويذهب غيظ قلوبهم» على إسناد الفعل إلى الغيظ، وقرأ جمهور الناس «يتوب» بالرفع على القطع مما قبله، والمعنى أن الآية استأنفت الخبر بأنه قد يتوب على بعض هؤلاء الكفرة الذين أمر بقتالهم،
قال أبو الفتح: وهذا أمر موجود سواء قوتلوا أو لم يقاتلوا، فلا وجه لإدخال التوبة في جواب الشرط الذي في قاتلوهم على قراءة النصب، وإنما الوجه الرفع على الاستئناف والقطع، وقرأ الأعرج وابن أبي إسحاق وعيسى الثقفي وعمرو بن عبيد وأبو عمرو فيما روي عنه «ويتوب» بالنصب على تقدير وأن يتوب، ويتوجه ذلك عندي إذا ذهبت إلى أن التوبة إنما يراد بها هنا أن قتل الكافرين والجهاد في سبيل الله هو توبة لكم أيها المؤمنون وكمال لإيمانكم، فتدخل التوبة على هذا في شرط القتال، وعليمٌ حكيمٌ صفتان نسبتهما إلى الآية واضحة). [المحرر الوجيز: 4/ 273-274]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 21 شعبان 1435هـ/19-06-2014م, 08:23 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 21 شعبان 1435هـ/19-06-2014م, 08:23 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (11) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({اشتروا بآيات اللّه ثمنًا قليلًا فصدّوا عن سبيله إنّهم ساء ما كانوا يعملون (9) لا يرقبون في مؤمنٍ إلًّا ولا ذمّةً وأولئك هم المعتدون (10) فإن تابوا وأقاموا الصّلاة وآتوا الزّكاة فإخوانكم في الدّين ونفصّل الآيات لقومٍ يعلمون (11) }
يقول تعالى ذمًّا للمشركين وحثًّا للمؤمنين على قتالهم: {اشتروا بآيات اللّه ثمنًا قليلا} يعني: أنّهم اعتاضوا عن اتّباع آيات اللّه بما التهوا به من أمور الدّنيا الخسيسة، {فصدّوا عن سبيله} أي: منعوا المؤمنين من اتّباع الحقّ، {إنّهم ساء ما كانوا يعملون لا يرقبون في مؤمنٍ إلا ولا ذمّةً} تقدّم تفسيره، وكذا الآية الّتي بعدها: {فإن تابوا وأقاموا الصّلاة} إلى آخرها، تقدّمت.
وقال الحافظ أبو بكرٍ البزّار: حدّثنا محمّد بن المثنّى، حدّثنا يحيى بن أبي بكرٍ، حدّثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، حدّثنا الرّبيع بن أنسٍ قال: سمعت أنس بن مالكٍ يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "من فارق الدّنيا على الإخلاص للّه وعبادته، لا يشرك به، وأقام الصّلاة، وآتى الزّكاة، فارقها واللّه عنه راضٍ، وهو دين اللّه الّذي جاءت به الرّسل وبلّغوه عن ربّهم، قبل هرج الأحاديث واختلاف الأهواء". وتصديق ذلك في كتاب اللّه: {فإن تابوا} يقول: فإن خلعوا الأوثان وعبادتها {وأقاموا الصّلاة وآتوا الزّكاة فخلّوا سبيلهم} وقال في آيةٍ أخرى: {فإن تابوا وأقاموا الصّلاة وآتوا الزّكاة فإخوانكم في الدّين}
ثمّ قال البزّار: آخر الحديث عندي واللّه أعلم: "فارقها وهو عنه راضٍ"، وباقيه عندي من كلام الرّبيع بن أنسٍ). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 115-116]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (12) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمّة الكفر إنّهم لا أيمان لهم لعلّهم ينتهون (12) }
يقول تعالى: وإن نكث هؤلاء المشركون الّذين عاهدتموهم على مدّةٍ معيّنةٍ أيمانهم، أي: عهودهم ومواثيقهم، {وطعنوا في دينكم} أي: عابوه وانتقصوه. ومن هاهنا أخذ قتل من سبّ الرّسول، صلوات اللّه وسلامه عليه، أو من طعن في دين الإسلام أو ذكره بتنقّصٍ؛ ولهذا قال: {فقاتلوا أئمّة الكفر إنّهم لا أيمان لهم لعلّهم ينتهون} أي: يرجعون عمّا هم فيه من الكفر والعناد والضّلال.
وقد قال قتادة وغيره: أئمّة الكفر كأبي جهلٍ، وعتبة، وشيبة، وأميّة بن خلفٍ، وعدّد رجالًا.
وعن مصعب بن سعد بن أبي وقّاصٍ قال: مرّ سعدٌ برجلٍ من الخوارج، فقال الخارجيّ: هذا من أئمّة الكفر. فقال سعدٌ: كذبت، بل أنا قاتلت أئمّة الكفر. رواه ابن مردويه.
وقال الأعمش، عن زيد بن وهبٍ، عن حذيفة أنّه قال: ما قوتل أهل هذه الآية بعد.
وروي عن عليّ بن أبي طالبٍ، رضي اللّه عنه، مثله.
والصّحيح أنّ الآية عامّةٌ، وإن كان سبب نزولها مشركي قريشٍ فهي عامّةٌ لهم ولغيرهم، واللّه أعلم.
وقال الوليد بن مسلمٍ: حدّثنا صفوان بن عمرٍو، عن عبد الرّحمن بن جبير بن نفيرٍ: أنّه كان في عهد أبي بكرٍ، رضي اللّه عنه، إلى النّاس حين وجّههم إلى الشّام، قال: إنّكم ستجدون قومًا محوّقةً رءوسهم، فاضربوا معاقد الشّيطان منهم بالسّيوف، فواللّه لأن أقتل رجلًا منهم أحبّ إليّ من أن أقتل سبعين من غيرهم، وذلك بأنّ اللّه يقول: {فقاتلوا أئمّة الكفر} رواه ابن أبي حاتمٍ). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 116-117]

تفسير قوله تعالى: {أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (13) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ألا تقاتلون قومًا نكثوا أيمانهم وهمّوا بإخراج الرّسول وهم بدءوكم أوّل مرّةٍ أتخشونهم فاللّه أحقّ أن تخشوه إن كنتم مؤمنين (13) قاتلوهم يعذّبهم اللّه بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قومٍ مؤمنين (14) ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب اللّه على من يشاء واللّه عليمٌ حكيمٌ (15) }
وهذا أيضًا تهييجٌ وتحضيضٌ وإغراءٌ على قتال المشركين النّاكثين لأيمانهم، الّذين همّوا بإخراج الرّسول من مكّة، كما قال تعالى: {وإذ يمكر بك الّذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر اللّه واللّه خير الماكرين} [الأنفال:30].
وقال تعالى: {يخرجون الرّسول وإيّاكم أن تؤمنوا باللّه ربّكم [إن كنتم خرجتم جهادًا في سبيلي وابتغاء مرضاتي]} الآية [الممتحنة:1] وقال تعالى: {وإن كادوا ليستفزّونك من الأرض ليخرجوك منها وإذًا لا يلبثون خلافك إلا قليلا} [الإسراء:76] وقوله {وهم بدءوكم أوّل مرّةٍ} قيل: المراد بذلك يوم بدرٍ، حين خرجوا لنصر عيرهم فلمّا نجت وعلموا بذلك استمرّوا على وجوههم طلبًا للقتال، بغيًا وتكبّرًا، كما تقدّم بسط ذلك.
وقيل: المراد نقضهم العهد وقتالهم مع حلفائهم بني بكرٍ لخزاعة أحلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى سار إليهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عام الفتح، وكان ما كان، وللّه الحمد.
وقوله: {أتخشونهم فاللّه أحقّ أن تخشوه إن كنتم مؤمنين} يقول تعالى: لا تخشوهم واخشون، فأنا أهلٌ أن يخشى العباد من سطوتي وعقوبتي، فبيدي الأمر، وما شئت كان، وما لم أشأ لم يكن).[تفسير القرآن العظيم: 4/ 117]

تفسير قوله تعالى: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (14) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى عزيمةً على المؤمنين، وبيانًا لحكمته فيما شرع لهم من الجهاد مع قدرته على إهلاك الأعداء بأمرٍ من عنده: {قاتلوهم يعذّبهم اللّه بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قومٍ مؤمنين} وهذا عامٌّ في المؤمنين كلّهم.
وقال مجاهدٌ، وعكرمة، والسّدّيّ في هذه الآية: {ويشف صدور قومٍ مؤمنين} يعني: خزاعة.
وأعاد الضّمير في قوله: {ويذهب غيظ قلوبهم} عليهم أيضًا). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 118]

تفسير قوله تعالى: {وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (15) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وأعاد الضّمير في قوله: {ويذهب غيظ قلوبهم} عليهم أيضًا.
وقد ذكر ابن عساكر في ترجمة مؤذنٍ لعمر بن عبد العزيز، رضي اللّه عنه، عن مسلم بن يسارٍ، عن عائشة، رضي اللّه عنها، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان إذا غضبت أخذ بأنفها، وقال: "يا عويش، قولي: اللّهمّ، ربّ النّبيّ محمّدٍ اغفر ذنبي، وأذهب غيظ قلبي، وأجرني من مضلّات الفتن".
ساقه من طريق أبي أحمد الحاكم، عن الباغنديّ، عن هشام بن عمّارٍ، حدّثنا عبد الرّحمن بن أبي الجون، عنه
{ويتوب اللّه على من يشاء} أي: من عباده، {واللّه عليمٌ} أي: بما يصلح عباده، {حكيمٌ} في أفعاله وأقواله الكونيّة والشّرعيّة، فيفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، وهو العادل الحاكم الّذي لا يجور أبدًا، ولا يضيع مثقال ذرّةٍ من خيرٍ وشرٍّ، بل يجازي عليه في الدّنيا والآخرة). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 118]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:35 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة