التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ (68)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {في الصّور...}
قال: كان الكلبيّ يقول: لا أدري ما الصور, وقد ذكر : أنه القرن.
وذكر عن الحسن , أو عن قتادة أنه قال: (الصور جماعة الصورة).).[معاني القرآن: 2/425]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({فصعق من في السّماوات ومن في الأرض}: أي: ماتوا, {إلّا من شاء اللّه} : يقال: الشهداء.). [تفسير غريب القرآن: 384]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الصّعق: الموت، قال تعالى: {فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ}، وقال تعالى: {وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا} . أي ميّتا، ثم ردّ الله إليه حياته.
وقال الله تعالى: {فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ}، أي الموت، يدلك على ذلك قوله تعالى: {ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ}). [تأويل مشكل القرآن: 501] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ونفخ في الصّور فصعق من في السّماوات ومن في الأرض إلّا من شاء اللّه ثمّ نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون (68)}
{ونفخ في الصّور}:وقد فسرناه, {فصعق}: أي مات{ من في السّماوات ومن في الأرض}.
وجاء في التفسير : أنه القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل.
وقال بعض أهل اللغة: هو جمع صورة.
{إلّا من شاء الله} : جاء في التفسير أن هذا الاستثناء وقع على جبريل , وميكائيل , وملك الموت، وجاء أن الاستثناء على حملة العرش.). [معاني القرآن: 4/362]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ونفخ في الصور}
في معناه قولان:
أحدهما: أنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه سئل عن الصور , فقال : ((هو قرن ينفخ فيه)).
وروى معمر , عن قتادة في قوله: {ونفخ في الصور} , قال : (في صور الناس أجمعين)
قال أبو جعفر : هذا ليس بمعروف, والمستعمل في جمع صورة : صور , ولم يقرأ أحد :{ونفخ في الصور}
ثم قال تعالى: {فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله}
روى سعيد , عن قتادة : فصعق : فمات
وروى عاصم , عن عيسى المدني قال : سمعت علي بن حسين يسأل كعب الأحبار عن قوله تعالى: {فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله}, فقال كعب: (جبرائيل , وميكائيل , وإسرافيل ملك الموت , وحملة العرش , ثم يميتهم الله بعد) .
وروى محمد بن إسحاق , عن يزيد الرقاشي, عن أنس بن مالك , عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: {فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله} , قال:((جبرائيل , وميكائيل , وحملة العرش , وملك الموت , وإسرافيل .))), وفي هذا الحديث : ((أن آخرهم موتا جبرائيل)) .
وقال سعيد بن جبير : {إلا من شاء الله }: (هم الشهداء , متقلدي السيوف عند العرش)
قال أبو جعفر : وهذا ليس بناقض للأول
وقد روى أبو هريرة , عن النبي صلى الله عليه وسلم : ((ينفخ في الصور فأكون أول من قام , فإذا موسى , فلا أدري أقام قبلي , أم هو ممن استثنى الله .)).
وقوله جل وعز: {ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون}
روى أبو هريرة , عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :((إن بين النفختين أربعين .)).
قال الحسن : (لا أدري: أهي أربعون سنة , أم أربعون شهرا , أم أربعون ليلة , أم أربعون ساعة؟).). [معاني القرآن: 6/192-195]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ}: قيل : الشهداء.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 214]
تفسير قوله تعالى:{وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (69)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وأشرقت الأرض بنور ربّها}: أضاءت.). [تفسير غريب القرآن: 384]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وأشرقت الأرض بنور ربّها ووضع الكتاب وجيء بالنّبيّين والشّهداء وقضي بينهم بالحقّ وهم لا يظلمون (69)}
معناها : لما أراد اللّه الحساب , والمجازاة أشرقت الأرض.
وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه قيل له: (أنرى ربّنا يا رسول اللّه؟)
فقال:((أتضارّن في رؤية الشمس والقمر في غير سحاب؟.)).
قالوا: (لا).
قال:((فإنكم لا تضارون في رؤيته)).
وجاء في الحديث: ((لا تضامون في رؤيته.)), والذي جاء في الحديث مخفف تضارون، وتضامون، وله وجه حسن في العربيّة.
وهذا موضع يحتاج إلى أن يستقصى تفسيره ؛ لأنه أصل في السنة والجماعة, ومعناه : لا ينالكم ضيز , ولا ضيم في رؤييه.
أي: ترونه حتى تستووا في الرؤية فلا يضيم بعضكم بعضا، ولا يضير بعضكم بعضا.
وقال أهل اللغة قولين آخرين:
قالوا: لا تضارّون بتشديد الراء . ولا تضامّون بتشديد الميم, مع ضم التاء في تضامون , وتضارّون.
وقال بعض أهل اللغة بفتح التاء , وتشديد الراء : تضارون في رؤيته , ولا تضامون على معنى : تتضارون , وتتضامون.
وتفسير هذا : أنه لا يضام بعضكم بعضا , ولا يخالف بعضكم بعضا في ذلك, يقال: ضاررت الرجل أضارّه , مضارّة , وضرارا ؛ إذا خالفته , قال نابغة بني جعدة:
وخصمي ضرار ذوي تدارإ= متى بات سلمها يشغبا
ومعنى : لا تضامون في رؤيته , لا ينضم بعضكم إلى بعض، ويقول واحد للآخر: أرنيه كما تفعلون عند النظر إلى الهلال، فهذا تفسير بيّن.
وكلّ ما قيل في هذا.
{وأشرقت الأرض}: ألبست الإشراق بنور اللّه.). [معاني القرآن: 4/362-363]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وأشرقت الأرض بنور ربها}
يبين هذا الحديث المرفوع , عن النبي صلى الله عليه وسلم من طرق كثيرة صحاح :((تنظرون إلى الله جل وعز , لا تضامون في رؤيته .))
وهو يروى على أربعة أوجه :
لا تضامون .
ولا تضارون .
ولا تضارون .
ولا تضامون .
فمعنى تضامون : لا يلحقكم ضيم , كما يلحق في الدنيا في النظر إلى الملوك .
ولا تضارون : لا يلحقكم ضير .
ولا تضامون : لا ينضم بعضكم إلى بعض , ليسأله أن يريه .
ولا تضارون : لا يخالف بعضكم بعضا , يقال : ضاررته مضارة وضرارا , أي : خالفته.). [معاني القرآن: 6/195-196]