العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > توجيه القراءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 10:19 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (26) إلى الآية (27) ]

{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (27)}

قوله تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)}

قوله تعالى: {تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (27)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وتخرج الحيّ من الميّت وتخرج الميّت من الحيّ... (27).
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامرٍ وأبو بكر عن عاصم: (الميت) مخففا في كل القرآن، وكذلك خففوا: (بلدةً ميتًا) و(الأرض الميتة)
وقوله: (أومن كان ميتًا)، وقوله: (لحم أخيه ميتًا).
[معاني القراءات وعللها: 1/247]
وشدّد يعقوب من هذا ما كان له روح، كقوله: (يخرج الحيّ من الميّت ويخرج الميّت من الحيّ) و((أومن كان ميّتًا)، وخفف ما لا روح فيه، نحو: (لبلدٍ ميتٍ) و(الأرض الميتة).
واتفقوا كلهم على تخفيف قوله: (لنحيي به بلدةً ميتًا).
وقرأ نافع بتشديد هذا كله، وقرأ حفص وحمزة والكسائي: (الحيّ من الميّت) و(بلدة ميتًا)، وخففوا (الأرض الميتة) و(أومن كان ميتًا) و(لحم أخيه ميتًا).
قال أبو منصور: من قرأ (الميّت) مشددًا فهو الأصل، ومن قرأ (الميت) مخففا فالأصل فيه التشديد، وخفف، ونظيره قولهم: هيّن وهين، وليّن، ولين.
والعرب تقول للحيّة: أيم وأين وأيّم وأيّن، والمعنى واحد في جميعها.
وأما من قال: (الميّت): ما لم يمت ووجهه إلى الموت، و(الميت): ما قد مات، فهو خطأ، يقال للذي مات: ميّت وميت، ولما سيموت ولم يمت: ميّت وميت، قال الله: (إنّك ميّتٌ وإنّهم ميّتون).
وبين الشاعر أن (الميّت) و(الميت) واحد فقال:
[معاني القراءات وعللها: 1/248]
ليس من مات فاستراح بميتٍ... إنّما الميت ميّت الأحياء
فجعل (الميت) مخففا مثل (الميّت).
وأمّا ما اتفق القراء على تخفيفه وتشديده فالقراءة سنة لا تتعدّى، وإذا اختلفوا فقراءة كل على ما قرأ، ولا يجوز مماراته وتكذيبه). [معاني القراءات وعللها: 1/249]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (6- وقوله تعالى: {يخرج الحي من الميت} [27].
قرأ نافع وحمزة والكسائي بتشديد الياء في كل القرآن.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/109]
وكذلك قرأ حفص عن عاصم.
وزاد نافع عليهم {أو من كان ميتا} و{حم أخيه ميتا}.
وقرأ الباقون بتخفيف ذلك كله. فمن شدد فهو على أصل الكلمة؛ لأنه لما اجتمع واو وياء والسابق ساكن قلبوا من الواء ياء وأدغموا الياء في الياء. ومن خفف قال: كرهت أن أجمع بين ياءين؛ إذ كان التشديد مستثقلاً فخزلت ياء كما قال تعالى: {إن الذين اتقوا إذا مسهم طيف} والأصل: طيف). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/110]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله جلّ اسمه: وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي [آل عمران/ 27]، في التّشديد والتّخفيف: فقرأ عاصم في رواية أبي بكر، وابن كثير، وأبو عمرو وابن عامر: وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي [آل عمران/ 27] ولبلد ميت [الأعراف/ 57] أو من كان ميتا [الأنعام/ 122] والأرض الميتة [يس/ 33] وإن يكن ميتة [الأنعام/ 139] كل ذلك بالتخفيف.
وروى حفص عن عاصم: (من الميّت) مشدّدة مثل حمزة، وقرأ نافع وحمزة والكسائي: الحي من الميت والميت من الحي [آل عمران/ 27] ولبلد ميت [الأعراف/ 57] وإلى بلد ميت [فاطر/ 9] مشدّدا.
وخفف حمزة والكسائي غير هذه الحروف. وقرأ نافع: أو من كان ميتا [الأنعام/ 122] والأرض الميتة
[الحجة للقراء السبعة: 3/25]
[يس/ 33] ولحم أخيه ميتا [الحجرات/ 12] وخفّف في سائر القرآن ما لم يمت.
قال أبو علي: قال أبو زيد: وقع في المال: الموتان، والموات، والموات في قول بعض بني أسد: إذا وقع فيه الموت. قال أبو علي: يقال: مات يموت مثل: قال يقول، وقالوا:
متّ تموت، ودمت تدوم. ومتّ ودمت: شاذان. ونظيرهما من الصحيح: فضل يفضل.
فأمّا الميّت فهو الأصل، والواو التي هي عين انقلبت ياء لإدغام الياء فيها، والأصل التثقيل. وميّت محذوف منه، والمحذوف العين أعلّت عينه بالحذف كما أعلّت بالقلب، فالحذف حسن والإتمام حسن. وما كان من هذا النحو، العين فيه واو، فالحذف فيه أحسن، لاعتلال العين بالقلب، ألا ترى أنّهم قالوا: هائر وهار، وسائر، وسار، فأعلّوا العين بالحذف.
كما أعلّوها بالقلب؟ فكذلك نحو: ميّت وسيّد. وما مات، وما لم يمت، في هذا الباب يستويان في الاستعمال، ألا ترى أنّه قد جاء:
ومنهل فيه الغراب الميت
[الحجة للقراء السبعة: 3/26]
[كأنّه من الأجون زيت] سقيت منه القوم واستقيت فهذا قد مات. وقال الآخر:
ليس من مات فاستراح بميت... إنّما الميت ميّت الأحياء
فقد خفّف [ما مات] في الرّجز والبيت الآخر، وقال:
ميّت الأحياء فشدّد، ولم يمت، وقال تعالى: إنك ميت وإنهم ميتون [الزمر/ 30] ). [الحجة للقراء السبعة: 3/27]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وتخرج الحيّ من الميّت وتخرج الميّت من الحيّ} 27
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وأبو بكر {يخرج الحيّ من الميّت ويخرج الميّت من الحيّ} بالتّخفيف حيث كان وقرأ الباقون بالتّشديد
أصل الكلمة ميوت على فيعل فقلبوا الواو ياء للياء الّتي قبلها فصارت مييتا فمن قرأ بالتّخفيف فإنّه استثقل تشديد الياء مع كسرها فأسكنها فصارت ميتا وزنه فيل ومن قرأ بالتّشديد فإن التّشديد هو الأصل وذلك أنه في الأصل ميوت فاستثقلوا كسرة الواو بعد الياء فقلبوها ياء للياء الّتي قبلها ثمّ أدغموا الساكنة في الثّاني فصارتا ياء مشدّدة
واعلم أنّهما لغتان معروفتان قال الشّاعر
ليس من مات فاستراح بميت ... إنّما الميّت ميت الأحياء). [حجة القراءات: 159]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (16- قوله: {الميت}، و{ميت} قرأ نافع وحفص وحمزة والكسائي في ذلك بالتشديد، إذا كان الموت قد نزل، وخفف الباقون، وتفرّد نافع بالتشديد في ثلاثة مواضع: {أو من كان ميتًا} «الأنعام 122» و{الأرض الميتة} «يس 33» و{لحم أخيه ميتًا} «الحجرات 12» وكلهم شدد ما لم يمت، نحو: {إنك ميت} «الزمر 30» وخفف ما هو نعت لما فيه هاء التأنيث نحو: {بلدة ميتًا} القراءتان لغتان فاشيتان، والأصل التشديد، والتخفيف فرع فيه، لاستثقال التشديد للياء، والكسر على الياء وأصله عند البصريين «ميوت» على «فيعل»، ثم قلبت الواو ياء، وأدغمت فيها الياء التي قبلها، والمحذوف في قراءة من خفف هي الواو، التي قلبت ياء، وهي عين الفعل، كما قالوا: هاير وهار، وساير وسار، فغيروا العين، وحذفوها بعد القلب في موضع لام الفعل، وقال الكوفيون: أصل «ميت» «مويت» على «فعيل» ثم أدغموا الواو في الياء، فقلبت ياء للإدغام، ويلزمهم أن يفعلوا هذا في: طويل وعويل، وذلك لا يجوز، والاختيار التخفيف، لأنه أخف، ولكثرته في الاستعمال، والتثقيل هو الأصل، فأما من خفف بعضًا
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/339]
وشدد بعضًا فإنه جمع بين اللغتين، لاشتهارهما، مع نقله ذلك عن أئمته، وعلى ذلك أجمعوا على التشديد، فيما لم يمت، للجمع بين اللغتين، والتخفيف فيما مات، وما لم يمت جائز، وكذلك التخفيف والتشديد في {بلدة ميتًا} يجوز). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/340]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (8- {الحَيَّ مِنَ المَيْتِ} و{المَيْتَ مِنَ الحَيَّ} [آية/ 27]:-
بالتخفيف فيهما، قرأها ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وعاصم ياش-، وكذلك {بَلَدٍ مَيْتٍ} في جميع القرآن، وقرأ نافع وحمزة والكسائي و- ص- عن عاصم بالتشديد في جميع أمثال ذلك، إلا ما كان مؤنثًا نحو {مَيْتَةً} أو نعتًا لمؤنثٍ نحو {بَلْدَةً مَيْتًا}، فإنّ القراء لم يختلفوا في تخفيفها سوى {الأرْضُ المَيّتَةُ} في يس، فإنّ نافعًا شدّدها، وأما يعقوب فإنه شدد جميع ما كان ذا روحٍ، وخفف ما لم يكن ذا روح كالأرضين والبلاد.
وأما قوله تعالى {إنَّكَ مَيّتٌ وإنَّهُمْ مَيّتونَ} و{مَا هُوَ بمَيّتٍ} فإنّهم اتفقوا
[الموضح: 365]
على تشديدهما.
الأصل في هذه الكلمة هو فيعل من الموت، وأصله ميوت، فاجتمع الياء والواو، وسبق أحدهما بالسكون، فقلبت الواو التي هي عين ياءً، وأدغمت الياء في الياء، فبقي: ميت.
وهذا هو الذي قرأ به من قرأ بالتشديد.
وأما من خفف فإن أصل الكلمة أيضًا هو الميت بالتشديد، حذف منه الياء الثانية التي كانت واوًا في الأصل للتخفيف، فبقي: ميت، وإنما حذفت الثانية، لأنها هي التي أعلت بالقلب أيضًا في مات.
وأما قراءة يعقوب بما قرأ، فإنه لا فرق في العربية بين ما كان ذا روح فمات، وبين ما لم يكن ذا روح، وبين ما مات وما لم يمت، قال:
18- ومنهلٍ فيه الغراب الميت
وقال:-
19- لَيس من مات فاستراح بميتٍ). [الموضح: 366]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 10:22 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (28) إلى الآية (30) ]

{لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (28) قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (29) يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (30)}

قوله تعالى: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (28)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (إلّا أن تتّقوا منهم تقاةً... (28).
قرأ يعقوب وحده: (تقيّةً) بفتح التاء وكسر القاف وتشديد الياء.
وقرأ الباقون (تقاةً) بضم التاء وفتح القات، وأمالها حمزة قليلاً، وفتح قوله: (اتّقوا اللّه حقّ تقاته)، وأمالهما الكسائي جميعًا، وفتحهما الباقون إلا أن نافعًا قرأهما بين الفتح والكسر.
قال أبو منصور: من قرأها (تقيّةً) فهي اسم من اتقى يتقي اتقاءً أو تقية، فالاتقاء مصدر حقيقي، والتقيّة: اسم يقوم مقام المصدر.
ومن قرأ
[معاني القراءات وعللها: 1/249]
(تقاةً) فله وجهان:
أحدهما: أن التقاة: اسم يقوم مقام الاتقاء أيضًا، مثل التقيّة.
والوجه الثاني: أن قوله تقاةً: جمع تقيٍّ.
وأخبرني المنذري عن أحمد بن يحيى أنه قال في قوله: (إلّا أن تتّقوا منهم تقاةً). قال: وقرأ حميد: (تقيّةً)، وهو وجه، إلا أن (تقاةً) أشهر في العربية.
قال: وسمعت ابن الأعرابي يقول: واحد التقي: تقاة، ومثله: طلاة وطلىً، وأنشد قول الأعشى:
متى تسق من أنيابها بعد هجعةٍ... من الليل شرباً حين مالت طلاتها
وقال أبو إسحاق النحوي في قوله: (إلّا أن تتّقوا منهم تقاةً) و(تقيّةً): قرئا جميعا،
وقال: أباح الله إظهار الكفر مع التقيّة، والتقيّة: خوف القتل.
إلا أن هذه الإباحة لا تكون إلا مع خوف القتل، وسلامة النية.
وقال الفراء: ذكر عن الحسن ومجاهد أنهما قرءا: (تقيّةً).
وأخبرني المنذري عن الحراني عن ابن السكيت أنه قال: التّقى كتابه بالياء، قال: والطلى جمع طلية، وهي: صفحة العنق.
قال: وقال أبو عمرو والفراء: واحدتها: طلا.
وقال ابن الأعرابي: الطلى: طلاة
[معاني القراءات وعللها: 1/250]
وطليه، وكذلك: تقاة أو تقي، لم يجئ إلا هذان الحرفان). [معاني القراءات وعللها: 1/251]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (7- وقوله تعالى: {إلا أن تتقوا منهم تقاة} [28] و{حق تقاته} [102].
فقرأهما نافع بين الإمالة والتفخيم.
وقرأ الكسائي بالإمالة جميعًا.
وقرأ حمزة: الأول بالإمالة، والثاني بالتفخيم.
وقرأ الباقون بالفتح فيهما.
فحجة من فتح أنه أتى بالكلمة على أصلها، والأصل في تقاه: تقية، فقلبوا في الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها كما قالوا: قضاة والأصل: قضية.
ومن أمال فلأن الياء وإن كانت قلبت ألفًا فإنه دل بالإمالة على الياء وهي أصل الكلمة كما قرأ {قضى} و{رمى}.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/110]
وأمال حمزة الأولى تبعًا للمصحف؛ لأنها كتبت في المصحف بالياء، {تقية}.
وحجة ثانية: أنه جمع بين اللغتين). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/111] (م)
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في إمالة القاف من قوله جلّ وعزّ: تقاة [آل عمران/ 28].
فأمال الكسائيّ القاف في الموضعين جميعا، وأمال حمزة منهم تقاة [آل عمران/ 28] إشماما من غير مبالغة، ولم يمل حمزة حق تقاته [آل عمران/ 102] وفتح الباقون القاف في الموضعين غير أن نافعا كانت قراءته بين الفتح والكسر.
[الحجة للقراء السبعة: 3/27]
قال أبو علي: قال أبو زيد: وقيت الرجل أقيه وقاء و وقاية، وأنشد:
لولا الذي أوليت كنت وقاية... لأحمر لم تقبل عميرا قوابله
وأنشد أبو زيد:
زيادتنا نعمان لا تحرمنّنا... تق الله فينا والكتاب الذي تتلو
وأنشد أيضا:
تقوه أيّها الفتيان إني... رأيت الله قد غلب الجدودا
وأنشد أيضا:
تقاك بكعب واحد وتلذّه... يداك إذا ما هزّ بالكفّ يعسل
[الحجة للقراء السبعة: 3/28]
قال أبو عمرو: يصف رمحا، يريد: اتقاك.
وقال السكريّ: تقاك: وليك منه كعب.
قال: ويقال: إبلك اتقت كبارها بصغارها، أي جعلت الصغار ممّا يليك، وكذلك: اتقاني فلان بحقي، أي: أعطانيه وجعله بيني وبينه.
فأمّا قولهم: تقاك، فتقديره: تعلك، والأصل: اتّقاك فحذف فاء الفعل المدغمة، فسقطت همزة الوصل المجتلبة لسكونها، وأعللتها بالحذف كما أعللتها بالقلب، وليس ذلك بالمطّرد، وقولهم في المضارع: يتقي، تقديره: يتعل وقال:
يتقي به نفيان كلّ عشيّة.............
وأمّا التّقوى فهو فعلى. من وقيت، وأبدلت من اللّام التي هي ياء من وقيت الواو، كما تبدل في هذا النحو من الأسماء، وقد أنشد أبو زيد:
قصرت له القبيلة إذ تجهنا... وما ضاقت بشدّته ذراعي
فهذا فعلنا من الوجه، يقال: تجه يتجه تجها، مثل: فزع يفزع فزعا، إذا واجهه.
[الحجة للقراء السبعة: 3/29]
وأنشد الأصمعي:
تجهنا.........
فهذا ينبغي أن يحمل على فعل، ولا تجعله مثل: تقى يتقي، لقلة ذلك وشذوذه، وتقيته واتّقيته مثل شويته واشتويته. وتقول في المضارع: أنت تتقي وتتّقي. والواقية يشبه أن تكون مصدرا كالعاقبة والعافية، وقالوا في جمعه: أواق، فأبدلوا لاجتماع الواوين قال:
..................... يا عديا لقد وقتك الأواقي
فأمّا من لم يمل الألف من تقاة، فحجّته: أنّ قاة من تقاة بمنزلة قادم، فكما لم يمل هذا كذلك ينبغي أن [لا يمال قاف تقاة] لاستعلاء القاف، كما لم يمل ما ذكرنا.
وحجّة من أمال أنّ سيبويه زعم: أنّ قوما قد أمالوا من هذا مع المستعلي ما لا ينبغي أن يمال في القياس. قال:
وهو قليل، وذلك قول بعضهم: رأيت عرقا وضيقا.
[الحجة للقراء السبعة: 3/30]
قال أبو علي: ولو قلت إنّ الإمالة فيما ذكره أمثل منها في (تقاة) لأنّ قبلها كسرة، والكسرة تجلبها، والإمالة في حق تقاته [آل عمران/ 102] تحسن لمكان الكسرة وهو في الأولى نحو:
عرقا، للزوم الكسرة أقوى، وكسرة التاء في تقاته كسرة إعراب لا تلزم، على أن الأحسن الأكثر أن لا تميل لأنّ: قاته من تقاته بمنزلة قادم وقافل، فكما لا يمال هذا كذلك ينبغي أن لا تميل الألف من تقاته.
ومن وجه إمالة القاف في (تقاته، وتقاة) أنّهم قد أمالوا سقى، وصغا وضغا، ومعطى، طلبا للياء التي الألف في موضعها، فكما أميلت هذه الألف مع المستعلي كذلك أميلت التي في تقاة وتقاته.
فإن قلت: إنّ هذه الإمالة إنّما جاءت في الفعل، والفعل أكثر احتمالا للتغيير، واسم الفاعل بمنزلة الفعل، وليس التقاة، بواحدة منهما. قيل: يمكن أن يقال: إنّه شبّه المصدر باسم الفاعل لمشابهته له في الإعمال، وقيامه مقام الصفة في عدل، وزور، كما شبّه اسم المفعول في معطى بالفعل لعمله عمله). [الحجة للقراء السبعة: 3/31]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ( (إلّا أن تتقوا منهم تقة) 28
قرأ حمزة والكسائيّ {تقاة} حمالة وحجتهما أن فعلت منها بالياء إذا قلت وقيت فابقيا في لام الفعل دلالة على أصله في فعلت وهي ألإمالة
وقرأ الباقون بغير إمالة وحجتهم أن فتحة القاف تغلب على الألف فتمنعها من الإمالة
[حجة القراءات: 159]
وأما قوله حق تقاته فإن الكسائي قرأ بالإمالة وحده
فإن سأل سائل فقال لم أمال حمزة الأولى وفخم الثّانية
الجواب أن الأولى كتبت في المصاحف بالياء والثّانية بالأف وكان حمزة متبعا للمصحف والدّليل عليه أن يعقوب قرأ (تقية) وأصل الكلمة وقية على وزن فعلة فقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصارت وقاة ثمّ أبدلوا من الواو تاء كما قالوا تجاه وأصله وجاه). [حجة القراءات: 160]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (9- {تَقِيَّةَّ} [آية/ 28]:-
بفتح التاء وتشديد الياء على وزن قضية، قرأها يعقوب وحده.
وذلك لأن التقية مصدر على فعيلة كالقطيعة، ويجوز أن يكون اسمًا للمصدر بمعنى الاتقاء، فوضعوا الاسم موضع المصدر، كما وضعوا النفقة موضع الإنفاق، والمعنى: إلا أن تتقوا منهم اتقاءً.
وقرأ الباقون {تُقاةً} بالألف وضم التاء، إلا أن الكسائي يميلها، وكذلك {حَقّ تُقاتِه}، ونافعًا يضجعهما قليلاً، وحمزة يميلها دون {حق تقاته}، والباقون يفتحونهما.
و {تُقاة} يجوز أن تكون مصدرًا كالتخمة والتؤدة، أو اسمًا للمصدر على ما تقدم، ويجوز أن يكون جمع تقي ككمي وكماة فيكون منصوبًا على الحال.
وأما الإمالة فيها، فلانقلاب الألف عن الياء، أميلت، وإن كان قبلها حرف مستعلٍ، لما زعم سيبويه من أن قومًا من العرب قد أمالوا مع المستعلي ما لا ينبغي أن يمال في القياس، وقد مضى مثله.
وكذلك القول في {حقّ تُقاتِهِ} إلا أن الإمالة ههنا أحسن لمكان الكسرة بعد الألف. وأما من فتح؛ فلأن ما قبل الألف حرف مستعلٍ، والمستعلي يمنع الإمالة). [الموضح: 367]

قوله تعالى: {قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (29)}

قوله تعالى: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (30)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 10:23 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (31) إلى الآية (32) ]

{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (32)}


قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31)}

قوله تعالى: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (32)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 10:25 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (33) إلى الآية (37) ]

{إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (34) إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35) فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (36) فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (37)}

قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33)}

قوله تعالى: {ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (34)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الناس: {ذُرِّيَّةً}، وقرأ زيد بن ثابت: [ذِرِّيَّة] بكسر الذال، و[ذَرِّيَّة] بفتح الذال.
قال أبو الفتح: يحتمل أصل هذا الحرف أربعة ألفاظ:
أحدها: ذرأ، والثاني: ذرر، والثالث: ذرو، والرابع: ذرى.
فأما الهمز، فمن ذرأ الله الخلق.
وأما ذرر، فمن لفظ الذر ومعناه؛ وذلك لما ورد في الخير أن الخلق كان في القديم كالذر.
وأما الواو والياء، فمن ذرَوت الحَب وذَريته، يقالان جمعيًا؛ وذلك لقوله سبحانه: {فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ}، وهذا للطفه وخفته، وتلك حال الذر أيضًا.
فهذه الأصول المنزوع إليها، المقود تصريف هذا الموضع عليها.
فأما {ذُرية} المضمومة، فإن أخذتها من ذرأ؛ فإنها في الأصل فُعِّيلة كمُرِّيق، وأصلها ذُرِّيئة، فألزمت التخفيف أو البدل كنبِيٍّ في أكثر اللغة، وكالخابية، وكالبرية، فيمن أخذها من برأ الله الخلق، وغير ذلك مما أُلزم التخفيف. ومثلها: {كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ} فيمن جعله فُعِّيلًا من درأَت؛ وذلك لأنه يدرأ الظلمة عن نفسه بضوئه، وأصله على هذا دُرِّيءٌ فخفف، وقد قرئ به مهموزًا.
وإن أَخذت الذُّرية من الذَّرِّ احتمل خمسة أوجه:
أحدها: أن يكون فُعْلِيَّة كبختية وقمرية.
والآخر: أن تكون منسوبة إلى الذر، إلا أنه غُير أولها؛ لما قد يعرض من التغيير لياءي الإضافة، كقولهم في الإضافة إلى أمس: إمسي، وإلى الأفق: أَفَقِي، وإلى الحرَم: حِرْمي، وإلى جَذِيمة: جُذمِيّ، وإلى عبيدة: عُبدِي، وإلى الدهر: دُهْرِي، وإلى السهل: سُهْلِي.
والثالث: أن تكون ذرية فُعِّيلة كمُرِّيقة؛ إلا أن أصلها ذُرِّيرة على هذا، فلما كثرت
[المحتسب: 1/156]
الراءات أبدلوا الآخرة ياء وأدغموا فيها ياء فُعِّيلة التي قبلها، ونحو منه مما أبدل فيه أحد الأمثال ياء هربًا من تكريرها قولهم: تظنَّيْتُ، وتَسَرَّيْتُ، وتَلعَّيْتُ من اللُّعَاعة وهي يقلة، وقَصَّيتُ أظافري، وتفَضَّيْتُ من الفضة، وكقوله:
تقضِّيَ البازي إذا البازي كسر
هو تَفعُّل من الانقضاض، وأصله تقَضُّض، كما أن أصل تظنيت تظننت، وتسريت تسررت؛ لأنه تفعلت من السُّرِّية فيمن أخذها من السِّر وهو النكاح، أو من السر لأنه في غالب الأمر مكتومة الأمر من صاحبة المنزل. وهذا قول أبي الحسن الكرخي. وأصل تلعيت تلععت، وأصل قصيت أظفاري قصصت، ويمكن أن يكون أُخِذت من أَقاصِيها فلا يكون مبدلًا، وأصل تفضيت تَفَضَّضْتُ، وقالوا: فأبدالوا مع الاثنين في أمللت الكتاب: أمليت، وقال الأسود بن يعفر:
وأقسمت لا أملاه حتى يفارقا
يريد: أَملُّه، فأبدلوا الثاني منها ياء للتكرير، ثم أُبدلت الياء ألفًا؛ فصار أملاه.
وأخبرنا أبو علي قال: قال أحمد بن يحيى عنهم: "لا وَرَبْيِك لا أفعل"، يريد: لا وربك، ونظائره كثيرة. فأصل ذرية على هذا ذُرِّيرة فُعِّيلة كمُرِّيقة، فأُبدلت الراء الأخيرة لما ذكرنا ياء، وأدغمت فيها ياء فُعِّيلة؛ فصارت ذُرِّيَّة.
والرابع: أن تكون فُعُّولة كجُبُّورة وكسبوح وقدوس، وأصله على هذا ذُرُّورة، فأبدلت الراء الأخيرة -لما ذكرنا من اجتماع الأمثال- ياء؛ فصارت ذُرُّويَة، ثم أبدلت الواو لوقوعها ساكنة قبل الياء ياء والضمة قبلها كسرة، وأدغمت في الياء المبدلة من الراء؛ فصارت ذُرِّية كما ترى.
[المحتسب: 1/157]
والخامس: أن تكون فُعْلولة منه؛ كقُرْدودة وحُبْرورة، وأصلها على هذا ذُرُّورة؛ فعُمل فيها ما عمل فيما يليها، فهذا حديث ذرية إذا كانت من ذرر.
وإن كانت من لفظ ذرو أو ذرى احتملت مثالين:
أحدهما: أن يكون فُعُّولة.
والآخر: أن يكون فُعِّيلة.
فإذا كانت فعولة من الواو فأصلها ذُرُّوَّة، كفعولة من غروت غُزُّوَّة، إلا أن الاسم طال وضوعفت في آخره الواو فاستثقلت، فأُبدلت اللام ياء للتخفيف فصار ذُرُّوية، فأبدلت الواو لوقوع الياء بعدها والواو ساكنة ياء والضمة قبلها كسرة كما قلبت هي ياء وأدغمت في الياء؛ فصارت ذُرِّيَّة.
ومثل ذلك مما أبدل لطوله وثِقَل تضعيف الواو أُدْحيَّة، وأصلها أُدحُوَّة؛ لأنها من دحوت، وأَدعيَّة وأصلها أُدعُوَّة؛ لأنها من دعوت، وأُحْجِيَّة وأصلها أُحجوَّة؛ لأنها من حجوت؛ أي: ثَبَتُّ، وأُضحيَّة وأصلها أُضْحُوَّة؛ لأنها من الضحوة، فأبدلت لما ذكرنا؛ فصار جميعها إلى الياء.
وإن كانت ذُرية من الياء -وهي فُعُّولة- فخطبها أيسر؛ لأن أصلها ذروية، ولزمها من إبدال الواو وإدغامها ما لزم فيما قبلها. انقضى أمر ذُرية بضم الذال.
وأما [ذِرِّيَّة] بكسر الذال فتكون من ذرأ الله الخلق، فلا يجوز فيها إلا أن تكون فِعِّيلة، وأصلها ذِرِّيئة، ثم أُلزمت التخفيف أو البدل على ما مضى؛ فصارت ذِرِّيَّة.
فإن أَخذت ذِرِّية من الذر احتتملت أربعة أوجه:
أحدها: أن تكون فِعْليَّة كحِيريِّ دهر.
والآخر: أن تكون منسوبة إلى الذر؛ إلا أنها كسر أولها للتغيير المعتاد مع ياءي الإضافة؛ كقولهم في أمس: إِمسي.
والثالث: أن تكون فِعِّيلة؛ كبِطيخة وجرِّيَّة، وأصلها ذِرِّيرة، ثم غيرت الراء الأخيرة لكثرة الراءات ياء على ما مضى، ثم أُدغمت فيها الياء قبلها؛ فصارت ذِرِّيَّة.
[المحتسب: 1/158]
الرابع: أن تكون فِعْليلَة كحِلتيت وحِبرير، وأصلها على هذا ذِرِّيرَة، ثم فيها ما عمل في الذي يليها.
فإن أَخذت ذِرية من ذرو أو من ذرى لم تكن إلا فِعِّيله ألبتة، وأصلها من الواو ذِريوة، فأبدلت الواو ياء، وأدغمت فيها ياء المد قبلها؛ فصارت ذِرية.
وإن كانت من الياء فلا صنعة فيها، فهي كفِعِّيلة من رميت رِمِّيَّة. انقضت ذِرية بكسر الذال.
وأما ذَرِّيَّة بفتح الذال فتكون من لفظ الذَّر، وتكون من لفظ ذرأ، وتكون من لفظ ذرو، وتكون من لفظ ذرى.
فإذا كانت من لفظ ذرر احتملت أن تكون فَعْلِيَّة كبَرْنِيَّة، وأن تكون فَعُّولَة كخَرُّوبَة، وأن تكون فَعْلُولة كبَعْكُوكَة، وأن تكون فِعِّيلة كسكينة، فتلك أربعة أوجه.
أما فَعْلِيَّة فأمرها واضح.
وأما فَعُّولَة فأصلها ذَرُّورة، فاجتمعت الراءات فأبدلت الآخرة ياء على ما قدمنا ذكره من تظنيت وتقضيت، فصارت ذَرُّوية، فلما اجتمعت الواو والياء وسكن الأول منهما قلبت الواو ياء، وأُدغمت الياء في الياء؛ فصارت ذَرِّية.
وأما فَعْلُولة فأصلها أيضًا ذَرُّورَة، فعُمل فيها من البدل والإدغام ما عمل في فَعُّولة.
وأما فَعِّيلة فأصلها ذَرِّيرَة، فأبدلت الراء الأخيرة لما ذكرنا ياء، وأدغمت فيها ياء المد قبلها؛ فصارت ذَرِّية.
فإذا كانت من لفظ ذرأ احتملت أن تكون فَعِّيلة كسكينة، وأن تكون فَعُّولة كخَرُّوبة.
فإذا كانت فَعِّيلة فأصلها ذَرِّيئة، فألزمت الهمزة التخفيف ألبتة أو البدل فقلبت ياء، ثم أدغمت فيها الياء قبلها؛ فصارت ذَرِّية.
وأما إذا كانت فَعُّولة فأصلها ذَرُّوءة، فأبدلت الهمزة ياء فصارت ذَرُّويَة، ثم أبدلت الواو ياء للياء بعدها، وأدغمت الياء المبدلة في الياء الثانية؛ فصارت ذَرِّيَّة.
ولا يجوز على هذا أن تكون همزة ذَرُّوءَة خففت؛ لأنه لو كان كذلك لقلبت واوًا لوقوع الواو قبلها، ثم أدغمت واو فَعُّولة فيها فصارت ذَرُّوَّة، كما أنك لو خففت مقروءة لقلت: مَقْرُوَّة، وهذا واضح.
[المحتسب: 1/159]
وأما فَعِّلية -أعني: ذَرِّيئة- فإنك إن أبدلتها أو خففتها استوى فيها اللفظان، فقلت: ذَرِّيَّة، كما تقول في تخفيف جِرِّيئة وأبدالها جِرِّيَّة، وهذا واضح.
وإذا كانت من لفظ الذَّرْوِ فإنها فَعِّيلة، وأصلها ذَرِّيوَة، فقلبت الواو لسكون الياء قبلها، وأدغمت الياء الأولى فيها؛ فصارت ذَرِّيَّة. ولا تحتمل وهي من الواو أن تكون فَعُّولة؛ لأنه كان يجب على هذا أن تكون ذَرُّوَّة، والحمل على أُدْحِيَّة جائز، إلا أنه ليس بالظاهر، وليس كذلك أُدْعِيَّة وأدحية وأضحية؛ لأنه قد أُمن أن يكون في الكلام أُفْعِيل؛ لأنه لم يأتِ عنهم، فلا بد إذن من أن يكون أصلها أُدْحُوَّة وأدعوة وأضحوة، فغيرت إلى الياء تخفيفًا استحسانًا لا وجوبًا، وليس كذلك ذَرِّية لو كانت من الذَّرْو؛ لأنه ليس واجبًا أن تكون فَعُّولة؛ بل قد يجوز أن تكون فَعِّيلة، فافهم ذلك.
وأما إذا كانت من ذرى، فإنها تحتمل أن تكون فَعُّولة وفَعِّيلة، فأصل فَعُّولة ذَرُّويَة، فأبدلت الواو للياء بعدها، وأدغمت الأولى في الثانية؛ فصارت ذَرِّيَّة.
وأصل فَعِّيلة ذَرِّية هكذا وكما ترى؛ لأنك أدغمت الياء الأولى في الثانية فصارت ذَرِّية، ومثلها من قَضَيْتُ قَضِيَّة، ومن رميت رمية. انتهى القول في ذُرية وذِرية وذَرية، ودعانا إلى إشباع القول عليها أن لم يتقدم أحد ببسطها، وحسبنا الله). [المحتسب: 1/160]

قوله تعالى: {إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله: (فتقبّل منّي إنّك... (35)
فتح الياء من (منّي) نافع وأبو عمرو). [معاني القراءات وعللها: 1/256]

قوله تعالى: {فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (36)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (واللّه أعلم بما وضعت... (36).
قرأ ابن عامر وأبو بكر عن عاصم ويعقوب: (بما وضعت) بضم التاء، وقرأ الباقون: (بما وضعت)، مثل: فعلت قال أبو منصور: من قرأ (بما وضعت) فهو قول أم مريم وفعلها.
ومن قرأ (بما وضعت) فهو إخبار الله - عزّ وجلّ - عن فعلها). [معاني القراءات وعللها: 1/251]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (قوله: (وإنّي أعيذها... (36)
فتح الياء من (إنّي أعيذها) نافع وحده). [معاني القراءات وعللها: 1/257]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (29- وقوله تعالى: {والله أعلم بما وضعت} [36].
قرأ عاصم في رواية أبي بكر، وابن عامر {بما وضعت}.
وقرأ الباقون {وضعت} بإسكان التاء على معنى أن الله خبر بما وضعت هي، ومن ضم التاء أراد: مريم خبَّرت عن نفسها). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/111]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في ضمّ التاء وتسكين العين، وفتح العين وتسكين
[الحجة للقراء السبعة: 3/31]
التاء في قوله تعالى: بما وضعت [آل عمران/ 36].
فقرأ عاصم في رواية أبي بكر وابن عامر بما وضعت بضم التاء وإسكان العين.
وروى حفص عن عاصم والمفضّل عن عاصم: (بما وضعت) بالإسكان.
وقرأ الباقون: (وضعت) بالإسكان مثل حفص.
قال أبو علي: من قرأ: والله أعلم بما وضعت [آل عمران/ 36] جعله من كلام أمّ مريم. وإسكان التاء أجود في قوله: والله أعلم بما وضعت لأنّها قد قالت: رب إني وضعتها أنثى [آل عمران/ 36] فليست تحتاج بعد هذا أن تقول: والله أعلم بما وضعت.
ووجهه: أنّه كقول القائل في الشيء: ربّ قد كان كذا وكذا. وأنت أعلم، ليس يريد إعلام الله سبحانه ذلك، ولكنّه كالتسبيح والخضوع والاستسلام له، وليس يريد بذلك إخبارا.
ومن قرأ: والله أعلم بما وضعت جعل ذلك من قول الله تعالى، والمعنى: أنّ الله- سبحانه- قد علم ما قالته، قالته هي أو لم تقله. وممّا يقوّي قول من أسكن التاء، قوله: والله أعلم بما وضعت
[الحجة للقراء السبعة: 3/32]
ولو كان من قول أمّ مريم لكان: وأنت أعلم بما وضعت، لأنّها تخاطب الله سبحانه.
وقال بعض المتأوّلين: كانوا لا يحررون الإناث والله أعلم بما وضعت على جهة النّدم، وأنّها فعلت ما لا يجوز، فلذلك قالت:
وليس الذكر كالأنثى [آل عمران/ 36] لأنّ الذكر يتصرف في الخدمة والأنثى خلافه، وكانت الأحبار يكفلون المحررين، فاقترعوا على مريم بأقلامهم، فغلب عليها زكريا). [الحجة للقراء السبعة: 3/33]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قالت رب إنّي وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت}
قرأ ابن عامر وأبو بكر {والله أعلم بما وضعت} بضم التّاء جعلوها من كلام أم مريم وحجتهم أنّها قالت {رب إنّي وضعتها أنثى} كانت كأنّها أخبرت الله بأمر هو أعلم به منها فتداركت ذلك بقولها {والله أعلم بما وضعت} كما قال عز وجل {قالت الأعراب آمنا} قال الله جلّ وعز {قل أتعلمون الله بدينكم والله يعلم ما في السّماوات وما في الأرض} وهي مع ذلك إذا قرئت بالضّمّ لم يكن فيها تقديم وتأخير
وقرأ الباقون والله أعلم {بما وضعت} بسكون التّاء وحجتهم أنّها {قالت رب إنّي وضعتها أنثى} فكيف تقول بعدها {والله أعلم بما وضعت} أنا والمعنى الواضح هو أنّها {قالت رب إنّي وضعتها أنثى}
[حجة القراءات: 160]
فقال الله جلّ وعز {والله أعلم بما وضعت} هي منها وفي القراءة تقديم وتأخير معناها قالت رب إنّي وضعتها أنثى وليس الذّكر كالأنثى فقال الله جلّ وعز {والله أعلم بما وضعت} وحجّة أخرى لو كان كله كلامها لكانت رب إنّي وضعتها أنثى وأنت أعلم بما وضعت). [حجة القراءات: 161]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (17- قوله: {بما وضعت} قرأه أبو بكر وابن عامر بضم التاء، وإسكان العين، وقرأ الباقون بفتح العين، وإسكان التاء.
18- وحجة من ضم التاء أنه جعله من كلام أمر مريم، لاتصال كلامهما بما بعد ذلك، وما قبله في قولها: {رب إني وضعتها أنثى} وقولها: {وليس الذكر كالأنثى}، وقولها: {وإني سميتها مريم}، وقولها: {وإني أعيذها بك} فكله من كلام أم مريم، فحمل وسط الكلام على أوله وعلى آخره، وذلك حسن في المطابقة والمجانسة، كما تقول: ربي قد أذنبت وأنتم أعلم بذلك، على طريق التسليم والخضوع، وفي القراءة بضم التاء معنى التعظيم لله، والخضوع والتنزيه له، أن يخفى عليه شيء، كأن أم مريم لما قالت رب إني وضعتها أنثى، أرادت أن تعظم الله، وتنزهه عن أن يخفى عليه شيء فقالت: والله أعلم بما وضعت، لا يحتاج إلى أن تخبره بذلك، ولم تقل ذلك على طريق الإخبار، لأن علم الله بكل شيء قد تقرر في أنفس المؤمنين، وإنما قالته على طريق التعظيم، والتنزيه لله، وذكره بما هو أهله.
19- وحجة من قرأ بإسكان التاء أنه جعله من الله جل ذكره، والمعنى: أن الله أعلمنا عن طريق التثبت لنا، وقال: والله أعلم بما وضعت أم مريم، قالته أو لم تقله، ويقوي ذلك أنه لو كان من قول أم مريم لكان وجه الكلام: وأنت أعلم بما وضعت، لأنها نادته في أول الكلام في قولها: {رب إني وضعتها}،
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/340]
والمنادي مخاطب، فلما قال: والله أعلم، كان الإخبار عن نفسه أولى، فقال: وضعت، وبه قرأ ابن عباس والحسن وغيرهما). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/341]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (10- {بِمَا وَضَعَتْ} [آية/ 36]:-
بسكون العين وضم التاء، قرأها ابن عامر وعاصم ياش- ويعقوب.
والوجه أن ذلك من كلام أم مريم، وهو يجري مجرى قول القائل: يا رب قد كان كذا وكذا وأنت أعلم، يريد الخضوع والاستسلام، ويظهر أنه لا يقول ذلك على سبيل الإعلام، فإن الله سبحانه أعلم.
ويجوز أن يكون المراد: والله أعلم بما وضعت أيصلح لخدمة بيت المقدس وإن كانت أنثى أم لا يصلح لذلك؟ فإنهم كانوا لا يجعلون لهذا الشأن إلا الذكور.
وقرأ الباقون {بِمَا وَضَعَتْ} بفتح العين وإسكان التاء، على أنه قول الله تعالى؛ لأن أم مريم {قَالَتْ: رَبّ إنّي وَضَعْتُها أُنْثى}، فقال الله تعالى والله أعلم بذلك، ولكن تحت ذلك أمر هو بالغه، ويؤيد هذه القراءة أنه لو كان من قول أم مريم وكانت التاء مضمومةً لكان: وأنت أعلم بما وضعت؛ لأنها خاطبت الله تعالى). [الموضح: 368]

قوله تعالى: {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (37)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وكفّلها زكريّا... (37).
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر ويعقوب (وكفلها) خفيف (زكريّاء) ممدود مرفوع، وقرأ أبو بكر عن عاصم: (وكفّلها) الفاء مشدد.
و (زكريّاء) ممدود مهموز أيضًا.
وقرأ حمزة والكساني وحفص: (وكفّلها) مشددا (زكريّاء) مقصورا في
[معاني القراءات وعللها: 1/251]
كل القرآن.
قال أبو منصور: من شدد (وكفّلها) جعل (زكريّا) مفعولاً ثانيًا، والمفعول الأول مريم، ومن خفف الفاء جعل (زكريّا) في موضع الرفع؛ لأنه فاعل.
وفي (زكريا) ثلاث لغات: القصر حتى لا يستبين في الألف نصب ولا رفع ولا خفض.
واللغة الثانية: مد الألف فتنصب وترفع ولا تخفض ولا تنون؛ لأنه اسم لا ينصرف، وبهاتين اللغتين نزل القرآن.
وأما اللغة الثالثة فلا تجوز القراءة بها، وهو قولك: (هذا زكريٌّ قد جاء)، فيجوز لإشباهه المنسوب من أسماء العرب.
ومعنى قوله: (وكفلها زكريّاء) أي: ضمن القيام بأمرها وتربيتها.
ومن قرأ (وكفّلها زكريّا) فالمعنى: (وكفّلها اللّه زكريّا) ). [معاني القراءات وعللها: 1/252]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (30- وقوله تعالى: {وكفلها زكريا} [37].
قرأ أهل الكوفة: {وكفلها} مشددة.
وقرأ الباقون مخففة.
وقرأ حمزة والكسائي وحفص: {زكريا} مقصورًا.
وقرأ الباقون ممدودًا، غير أن من شدد (كفلها) نصب زكريا، ومن خففها رفع، قال أبو عمرو: الاختيار التخفيف لقوله: {أيهم يكفل مريم} ولم يقل يكفل وقال أبو عبيدة: يقال: كفل يكفل، وكفل يكفل، وكفل يكفل.
فأما (زكريا) فالقصر والمد فيه لغتان، وفيه لغة ثالثة (زُكريٌّ) على وزن بُخْتِيٍّ، فمن مد زكرياء ثناه: زكرياآن، ومن قصر قال: زكرييان، وإن شئت حذفت ياء فقلت: زكريان). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/111]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في تشديد الفاء وتخفيفها من قوله عزّ وجلّ: وكفلها زكريا [آل عمران/ 37] ومدّ (زكرياء) وقصره ورفعه ونصبه.
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر: (وكفلها) مفتوحة الفاء خفيفة، و (زكرياء) رفع ممدود.
وقرأ عاصم في رواية أبي بكر (وكفّلها) مشدّدة و (زكرياء) نصب وكان يمدّ (زكرياء) في كلّ القرآن، وكذلك كلّ من تقدّم ذكره، هذه رواية أبي بكر.
وروى حفص عن عاصم: (وكفّلها) مشددا و زكريّا قصرا في كل القرآن.
[الحجة للقراء السبعة: 3/33]
وكان حمزة والكسائي يشددان (كفّلها)، ويقصران (زكريّا) في كل القرآن.
قال أبو علي: حجة من خفّف (كفّلها) قوله تعالى: أيهم يكفل مريم [آل عمران/ 44] و (زكرياء) مرتفع لأنّ الكفالة مسندة إليه، فأمّا من قال: وكفلها زكرياء فشدّد الفاء، فإنّ كفلت يتعدى إلى مفعول واحد، فإذا ضاعفت العين تعدى إلى مفعولين نحو:
غرم زيد مالا، وغرّمت زيدا مالا، وفاعل كفّلها فيمن شدّد الضمير العائد إلى ربّها من قوله: فتقبلها ربها بقبول حسن [آل عمران/ 37] وزكرياء الذي كان فاعلا قبل تضعيف العين صار مفعولا ثانيا بعد تضعيف العين.
وأمّا زكرياء: فالقول في همزته أنّها لا تخلو من أن تكون للتأنيث أو للإلحاق أو منقلبة، فلا يجوز أن تكون للإلحاق لأنّه ليس شيء في الأصول على وزنه فيكون هذا ملحقا به. ولا يجوز أن تكون منقلبة لأنّ الانقلاب لا يخلو من أن يكون من نفس الحرف أو من حرف للإلحاق، فلا يجوز أن يكون من نفس الحرف لأنّ الياء والواو لا يكونان أصلا فيما كان على أربعة أحرف، ولا يجوز أن يكون منقلبا من حرف الإلحاق لأنّه ليس في الأصول شيء يكون هذا ملحقا به! فإذا بطل هذان، ثبت أنّه للتأنيث، وكذلك القول فيمن قصر. فقال: زكريا. ونظير القصر والمدّ في هذا الاسم قولهم: الهيجا والهيجاء، قال:
[الحجة للقراء السبعة: 3/34]
وأربد فارس الهيجا إذا ما... تقعّرت المشاجر بالفئام
وقال:
إذا كانت الهيجاء وانشقّت العصا... فحسبك والضّحّاك عضب مهنّد
لمّا أعربت الكلمة وافقت العربية. وقد حذفوا ألف التأنيث من الكلمة فقالوا: هو يمشي الجيضّ والجيضّى، فعلى هذا قالوا: زكرياء وزكريّ، فمن قال: زكريّ صرف، والقول فيه أنّه حذف الياءين اللتين كانتا في (زكرياء) و (زكريا) وألحق الكلمة ياءي النسب، يدلك على ذلك صرف الاسم، ولو كانت الياءان في زكري الياءين اللتين كانتا في (زكرياء) و (زكريّا)، لوجب أن لا ينصرف الاسم للعجمة والتعريف كما أنّ إبراهيم ونحوه من
[الحجة للقراء السبعة: 3/35]
الأعجمية لا ينصرف، فانصراف الاسم يدلّ على أنّ الياءين للنسب، فانصرف الاسم وإن كان لو لم تلحق الياءان لم ينصرف بالعجمة والتعريف، يدلّك على ذلك أنّ ما كان على وزن مفاعل لا ينصرف فإذا ألحقته ياءي النسب انصرف كقوله:
مدائنيّ ومعافريّ.
وقد جرت تاء التأنيث هذا المجرى، فقالوا: صياقل، فلم يصرفوا، وألحقوا التاء فقالوا: صياقلة، فاتفق تاء التأنيث، وياء النسب في هذا كما اتفقا في روميّ، وروم، وشعيرة، وشعير، ولحقت الاسم الياءان وإن لم يكن فيه معنى نسب إلى شيء كما لم يكن في كرسيّ وقمريّ وثمان معنى نسب إلى شيء، وهذا نظير لحاق تاء التأنيث ما لم يكن فيه معنى تأنيث: كغرفة وظلمة ونحو ذلك، ويدل على أنّ الياءين في زكريّ ليستا اللتين كانتا في (زكرياء) أنّ ياءي النسب لا تلحقان قبل ألف التأنيث وإن كانتا قد لحقتا قبل التاء من بصرية لأنّ التاء بمنزلة اسم مضموم إلى اسم، والألف ليست كذلك. ألا ترى أنّك تكسر عليها الاسم والتاء ليست كذلك؟). [الحجة للقراء السبعة: 3/36]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: وكلهم [فتح الراء من: المحراب] [آل عمران/ 37 و 39]: إلا ابن عامر فإنه أمالها.
قال أبو علي: قد أطلق أبو بكر القول في إمالة ابن عامر الألف من محراب. ولم يخصّ به الجرّ من غيره. وقال غيره:
إنّما يميله في الجر. وحجة من لم يمل أنّ «راب» من محراب
[الحجة للقراء السبعة: 3/39]
بمنزلة راء وراءة ونحو ذلك. فكما لا تمال الراء من هذا النحو كذلك ينبغي أن لا تمال من المحراب في الجرّ ولا في الرفع.
ألا ترى أنّه لا تمال رادة من قولهم: ريح رادة وراشد؟. والراء من «راب» بمنزلة الراء من راشد. فإن قلت: فهلّا جازت إمالتها للكسرة التي في الميم كما جازت الإمالة في مقلات للكسرة.
قيل إنّ من أمال مقلاتا، إنّما أماله لأنّه قدّر الكسرة كأنّها على القاف، لأنّها تليها، والقاف إذا تحركت بالكسر حسنت إمالة الألف بعدها. نحو: ققاف وغلاب. ولو قدّرت الكسرة على الحاء من محراب كما قدّرتها على القاف من مقلات لم تحسن الإمالة، ألا ترى أنّ «حراب» بمنزلة فراش، وفراس؟.
وقد قال: إنّهم لا يميلون فراشا، فكذلك المحراب، يريد سيبويه، بقوله: لا يميلون، لا يميله الأكثر. وحجة من أمال الألف من «محراب» أنّ سيبويه قد زعم أنّهم قالوا: عمران، ولم يميلوا برقان يعني: أنّهم لم يجعلوا الراء كالمستعلي في منع الإمالة، فعلى هذا يجوز أن تمال الألف في «محراب» في
[الحجة للقراء السبعة: 3/40]
الرفع، وزعم أيضا أنّهم قالوا: ذا فراش، هذا جراب، لما كانت الكسرة أولا والألف زائدة. قال: والنصب فيه كلّه حسن). [الحجة للقراء السبعة: 3/41] (م)
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وكفلها زكريّا}
قرأ عاصم وحمزة والكسائيّ وكفلها بالتّشديد زكريّا مقصورا
وقرأ أبو بكر (زكريّاء) بالنّصب أي (وكفلها الله زكريّاء) أي ضمها إليه
وحجتهم أن الكلام تقدم بإسناد الأفعال إلى الله وهو قوله قبلها {فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا} فكذلك أيضا وكفلها ليكون معطوفًا على ما تقدمه من أفعال الله
وقرأ الباقون {وكفلها} بالتّخفيف (زكريّاء) بالمدّ والرّفع قال أبو عبيد كفلها أي ضمنها ومعناه في هذا ضمن القيام بأمرها وحجتهم قوله {إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم} ولم يقل يكفل فالكفالة مسندة إليهم وكذلك في هذا الموضع وأما زكريّاء وزكريا فإنّهما لغتان بالمدّ والقصر والقصر أشبه بما جاء في القرآن وفي غيره من أسماء الأنبياء كموسى وعيسى وانشا ويهودا وليس فيها
[حجة القراءات: 161]
شيء ممدود فكذلك زكريّا هو بمنزلة نظائره). [حجة القراءات: 162]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (20- قوله: {كفلها زكريا} قرأه الكوفيون بالتشديد، وخفف الباقون، وقرأ حفص وحمزة والكسائي {زكريا} بغير مد، ولا همز، ومده الباقون وهمزوه.
21- وحجة من شدد أنه أضاف الفعل إلى الله جل وعز في قوله: {فتقبلها ربها وأنبتها}، فأخبر عن نفسه تعالى بما فعل بها، كذلك يجري {كفلها} على ذلك، يخبر عن نفسه بأنه كفلها زكريا أي ألزمه كفالتها، وقدّر ذلك عليه، ويسره له، فيكون {زكريا} المفعول الثاني لـ {كفلها}، لأنه بالتشديد، يتعدى إلى مفعولين، ويقوي التشديد أن في مصحف أبي «وأكفلها»، والهمزة كالتشديد في التعدي.
22- وحجة من خفف أنه أسند الفعل إلى زكريا، فأخبر الله عنه أنه هو الذي تولى كفالتها، والقيام بها، بدلالة قوله: {إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم} «44» فأخبر عنهم أنهم تنازعوا في كفالتها، وتشاجروا في الدين، حتى رموا بأقلامهم التي كانوا يكتبون بها الوحي، واستهموا بها على كفالة مريم، فخرج قلم زكريا بإذن الله وقدرته، فكفلها زكريا، فالفعل مسند إليه، فيجب تخفيف {كفلها} لذلك، وهو الاختيار، لأن التشديد يرجع إلى
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/341]
التخفيف، لأن الله إذا كفلها زكريا كفلها زكريا بأمر الله له، ولأن زكريا إذا كفلها فعن مشيئة الله وقدرته وإرادته، فعلى ذلك فالقراءتان متداخلتان، فأما مد {زكريا} وقصره فلغتان للعرب مشهورتان، وهمزة {زكريا} للتأنيث، وكذلك الألف للتأنيث، في قراءة من قصره، وقرأ أبو بكر بنصب {زكريا} لأنه يقرأ {وكفلها} بالتشديد، فتعدّى الفعل إلى مفعولين: إلى المضمر وإلى زكريا، فينصبه، ولا يلزم ذلك من قرأ بالتخفيف، لأن الفعل مع التخفيف إنما يتعدى إلى مفعول واحد، وهو الضمير العائد على مريم، وزكريا مع التخفيف فاعل، ومع التشديد مفعول به). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/342]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (11- {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} [آية/ 37]:-
بتخفيف {كَفَلَها} ومد {ذَكَرِّيَا} ورفعها، قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر ويعقوب.
وذلك أن زكريا فاعل {كَفَلَها} فهو يرتفع بفعله، وكفل يتعدى إلى مفعول واحدٍ.
[الموضح: 368]
وقرأ عاصم ياش- {وَكَفَّلَهَا} بالتشديد {زَكَرِيّاءَ} بالمد والنصب؛ لأنه ضاعف كفل فتعدى إلى مفعولين، فالضمير المؤنث في «كفلها» مفعول أول و«زكرياءَ» مفعول ثانٍ، وفاعل كفل على هذا هو الضمير المستكن العائد إلى الرب تعالى من قوله تعالى {فَتَقَبَّلَها رَبُّها}.
وقرأ حمزة والكسائي و- ص- عن عاصم {وَكَفَّلَها} بالتشديد {زَكَرِيّا} مقصورٌ.
وهذا على ما قدمناه آنفًا من كون الفعل متعديًا الى مفعولين و{زكريّا} في موضع نصب على أنه مفعول ثانٍ، وإن كان لا يتبين فيه الإعراب؛ لأن في آخره ألفًا مقصورة. و{زكريا} فيه لغتان المد والقصر، والألف منه في كلتا اللغتين للتأنيث). [الموضح: 369]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 10:32 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (38) إلى الآية (41) ]

{هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ (38) فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (39) قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (40) قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آَيَةً قَالَ آَيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (41)}

قوله تعالى: {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ (38)}

قوله تعالى: {فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (39)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فنادته الملائكة... (39).
قرأ حمزة والكسائي: (فناديه الملائكة) بالياء وإمالة الدال.
وقرأ البا قون: (فنادته) بالتاء.
قال أبو منصور: من قرأ (فنادته) بالتاء فكأن الملائكة جماعة مؤنثة.
ومن قرأ (فناديه) نوى جمع الملائكة فوحّد الفعل، وكذلك كل فعل جماعة تقدم فلك فيه الوجهان). [معاني القراءات وعللها: 1/253]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (في المحراب أنّ اللّه... (39)
قرأ ابن عامرٍ وحمزة بكسر الألف.
وقرأ الباقون: (أنّ اللّه) بفتح الألف، وأمال ابن عامرٍ الراء من (المحراب) لم يملها غيره.
[معاني القراءات وعللها: 1/253]
قال أبو منصور: من فتح (أنّ اللّه يبشّرك) فالمعنى: فنادته الملائكة بأنّ اللّه يبشّرك؛ أي: نادته بالبشارة.
ومن كسر فقرأ (إنّ اللّه) فالمعنى: قالت له: إنّ اللّه يبشّرك؛ لأن النداء قولٌ). [معاني القراءات وعللها: 1/254]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (يبشّرك... (39).
قرأ ابن كثير وأبو عمرو (يبشّرك) بالتشديد في كل القرآن إلا موضعًا واحدًا في (عسق)، فإنهما خففا قوله: (الذي يبشر اللّه عباده) قرأ نافع وابن عامر وعاصم والحضرمي بتشديد ذلك كله.
وقرأ الكسائي بتخفيف خمسة مواضع.
موضعان ها هنا في هذه السورة، وفي بني إسرائيل: (ويبشر المؤمنين)، وفي الكهف (ويبشر المؤمنين)، وفي (عسق) "يبشر الله عباده).
قال أبو منصور: من قرأ (يبشّرك) فهو من البشارة لا غير، يقال بشّرته بشارةً بتشديد الشين.
ومن قرأ (يبشرك) فمعناه: يسرك ويفرحك.
يقال: بشرته أبشره، إذا فرّحته.
وذكر عن حمزة أنه قرأ في
[معاني القراءات وعللها: 1/254]
الحجر (: (فبم تبشّرون (54)
خصه بالتشديد لقوله: (قالوا بشّرناك). لقربه منه.
وقرأ حميد وحده: (يبشرك).
قال أبو منصور: من العرب من يجيز بشّرته وأبشرته وبشرته بمعنى واحد، ويقال: بشّرته فأبشر وبشر، أي: سرّ وفرح). [معاني القراءات وعللها: 1/255]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (31- قوله تعالى: {فنادته الملائكة} [39].
قرأ حمزة والكسائي {فنادبه الملائكة}.
وقرأ الباقون: {فنادته الملائكة} بالتاء.
فحجة من ذكر قال: الفعل مقدم كقولك: قام الرجال ومع ذلك فإن (الملائكة) هاهنا جبريل، والتقدير: فناداه الملك، فناداه جبريل.
ومن قرأ بالتاء قال: الملائكة جماعة وأنثه كما قال تعالى: {كذبت قوم نوح} و{قالت الأعراب} وقامت الرجال، وشاهده {وإذ قالت الملائكة} [42] ولم يقل: وإذ قال). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/112]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (32- وقوله تعالى: {أن الله يبشرك} [39].
قرأ حمزة وابن عامر {إن الله} بالكسر.
وقرأ الباقون بالفتح.
فمن نصب أعمل الفعل وهو {فندته الملائكة} أن الله وبأن الله، ومن كسر جعل النداء بمعنى القول، فكأنه في التقدير: قالت الملائكة: إن الله يبشرك). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/112]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (33- وقوله تعالى: {يبشرك} [39].
قرأ حمزة كل ما في القرآن يبشر بالتخفيف إلا قوله {فبم تبشرون}.
وقرأ أبو عمرو وابن كثير كل ذلك بالتشديد إلا واحدًا في (عسق) {ذلك الذي يبشر الله}، وقرأ الكسائي في خمسة مواضع بالتخفيف، موضعين في (آل عمران) وفي (بني إسرائيل) و(الكهف) و(عسق).
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/112]
وقرأ الباقون بالتشديد، وهما لُغتان: بَشَرْتُ، وبَشَّرْتُ غير أن (بشَّرتُ) أبلغ وأكثر). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/113]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (34- وقوله تعالى: {من المحراب} [39].
قرأ ابن عامر {من المحراب} بالإمالة من أجل الراء والكسر.
وقرأ الباقون بالتفخيم على أصل الكلمة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/113]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في الألف والتاء من قوله تعالى: فنادته الملائكة [آل عمران/ 39].
فقرأ ابن كثير ونافع وعاصم وأبو عمرو وابن عامر (فنادته) بالتاء.
وقرأ حمزة والكسائي (فناداه) بإمالة الدال.
قال أبو علي: من قرأ (فنادته) بالتاء فلموضع الجماعة، والجماعة ممن يعقل في جمع التكسير يجري مجرى ما لا يعقل، ألا ترى أنّك تقول: هي الرجال، كما تقول هي الجذوع، وهي الجمال؟ فعلى هذا أنّث كما جاء: قالت الأعراب [الحجرات/ 14] ومن زعم أنّ التأنيث يكره هاهنا لأنّ فيه كالتحقيق لما كانوا يدّعونه في الملائكة لم يكن هذا بحجة على من قرأ بالتاء. ألا ترى أنّه قد جاء: إذ قالت الملائكة [آل عمران/ 45]؟ فلو كان في تأنيث هذا حجة لما كانوا يدّعونه في الملائكة لكان في تذكير [نحو قوله] والملائكة باسطو أيديهم [الأنعام/ 93]، والملائكة يدخلون عليهم [الرعد/ 23] حجة عليهم، ولكان في نحو قوله: إذ قالت الملائكة حجة لهم، فليس هذا بشيء. ومن قرأ: فناداه
[الحجة للقراء السبعة: 3/37]
الملائكة، فهو كقوله: وقال نسوة في المدينة [يوسف/ 30] وأمّا إمالة الألف في ناداه فحسنة لأنّها تصير إلى الياء، من الواو كانت أو من الياء، فتحسن الإمالة للانتحاء نحو ما الألف منقلبة عنه وهو الياء. وحجة التفخيم في ناداه أنّه في قلبه الياء إلى الألف فرّ من الياء، فإذا أمال بعد فقد قرّب الحرف مما كان كرهه وفرّ منه.
قال سيبويه: ولا تقول ذلك في حبلى، لأنّه لم يفرّ فيها من ياء. يريد أنّ ألف حبلى لم تكن ياء قلبت ألفا، إنّما هي في أصلها ألف مزيدة للتأنيث). [الحجة للقراء السبعة: 3/38]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في كسر الألف في (إنّ) وفتحها من قوله تعالى: [في المحراب] أن الله [آل عمران/ 39].
فقرأ ابن عامر وحمزة: إنّ الله بالكسر.
وقرأ الباقون: أن الله بالفتح.
قال أبو علي: من فتح «أنّ» المعنى: فنادته بأنّ الله، فلمّا حذف الجارّ منها وصل الفعل إليها فنصبها، فأنّ في موضع نصب،
[الحجة للقراء السبعة: 3/38]
وعلى قياس قول الخليل في موضع جرّ. ومن كسر أضمر القول، كأنّه: نادته فقالت: إنّ الله فحذف القول كما حذف في قول من كسر، فقال: فدعا ربه إني مغلوب [القمر/ 10] وإضمار القول كثير في هذا النحو، كما قال: والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم [الرعد/ 23] والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا [الأنعام/ 93]. فاما الذين اسودت وجوههم أكفرتم [آل عمران/ 106]. فأضمر القول في ذلك كلّه. وزعموا أنّ في حرف عبد الله فنادته الملائكة يا زكرياء إن الله فقوله: يا زكرياء في موضع نصب بوقوع النداء عليه، وكذلك إن أضمرت يا زكرياء ولم تذكره كان جائزا وحذف كما حذف المفعول من الكلام، ولا يجوز الفتح في (إنّ) على هذا، لأنّ ناديت قد استوفى مفعوليها، أحدهما: علامة الضمير، والآخر: المنادى، فإن فتحت (أنّ) لم يكن لها شيء يتعلق به). [الحجة للقراء السبعة: 3/39]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: وكلهم [فتح الراء من: المحراب] [آل عمران/ 37 و 39]: إلا ابن عامر فإنه أمالها.
قال أبو علي: قد أطلق أبو بكر القول في إمالة ابن عامر الألف من محراب. ولم يخصّ به الجرّ من غيره. وقال غيره:
إنّما يميله في الجر. وحجة من لم يمل أنّ «راب» من محراب
[الحجة للقراء السبعة: 3/39]
بمنزلة راء وراءة ونحو ذلك. فكما لا تمال الراء من هذا النحو كذلك ينبغي أن لا تمال من المحراب في الجرّ ولا في الرفع.
ألا ترى أنّه لا تمال رادة من قولهم: ريح رادة وراشد؟. والراء من «راب» بمنزلة الراء من راشد. فإن قلت: فهلّا جازت إمالتها للكسرة التي في الميم كما جازت الإمالة في مقلات للكسرة.
قيل إنّ من أمال مقلاتا، إنّما أماله لأنّه قدّر الكسرة كأنّها على القاف، لأنّها تليها، والقاف إذا تحركت بالكسر حسنت إمالة الألف بعدها. نحو: ققاف وغلاب. ولو قدّرت الكسرة على الحاء من محراب كما قدّرتها على القاف من مقلات لم تحسن الإمالة، ألا ترى أنّ «حراب» بمنزلة فراش، وفراس؟.
وقد قال: إنّهم لا يميلون فراشا، فكذلك المحراب، يريد سيبويه، بقوله: لا يميلون، لا يميله الأكثر. وحجة من أمال الألف من «محراب» أنّ سيبويه قد زعم أنّهم قالوا: عمران، ولم يميلوا برقان يعني: أنّهم لم يجعلوا الراء كالمستعلي في منع الإمالة، فعلى هذا يجوز أن تمال الألف في «محراب» في
[الحجة للقراء السبعة: 3/40]
الرفع، وزعم أيضا أنّهم قالوا: ذا فراش، هذا جراب، لما كانت الكسرة أولا والألف زائدة. قال: والنصب فيه كلّه حسن). [الحجة للقراء السبعة: 3/41] (م)
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في ضمّ الياء وفتحها أو فتح الباء وسكونها والتثقيل من قوله جلّ وعزّ: يبشرك [آل عمران/ 39].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو: يبشرك بضم الياء وفتح الباء والتشديد في كل القرآن، إلّا في عسق فإنّهما قرأ ذلك الذي يبشر الله عباده [الشورى/ 23] مفتوح الياء مضموم الشين مخففا.
وقرأ نافع وابن عامر وعاصم يبشرك مشدّدا في كلّ القرآن). [الحجة للقراء السبعة: 3/41]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وقرأ حمزة يبشر خفيفا، مما لم يقع في كلّ القرآن، إلّا قوله تعالى: فبم تبشرون [الحجر/ 54].
وقرأ الكسائي يبشر مخففة في خمسة مواضع: في آل عمران في قصة زكريا، وقصة مريم وفي سورة بني إسرائيل، وفي
[الحجة للقراء السبعة: 3/41]
الكهف: ويبشر المؤمنين [الإسراء/ 9] وفي عسق: يبشر الله عباده [الشورى/ 23].
[قال أبو علي]: قال أبو عبيدة: يبشّرك، ويبشرك ويبشرك وبشرناه واحد.
قال أبو الحسن في يبشّر: ثلاث لغات: بشّر وبشر وأبشر يبشر بكسر الشين إبشارا، وبشر يبشر بشرا وبشورا يقال: أتاك أمر بشرت به، وأبشرت به في معنى بشّرت به ومنه وأبشروا بالجنة [فصلت/ 30]. وأنشد:
وإذا رأيت الباهشين إلى العلى... غبرا أكفّهم بقاع ممحل
فأعنهم وابشر بما بشروا به... وإذا هم نزلوا بضنك فانزل
وقال أبو زيد: بشّرت القوم بالخير تبشيرا، والاسم:
البشرى. وأبشر بالخير إبشارا، وبشّرت الناقة باللّقاح حين يعلم ذاك منها أول ما تلقح.
[الحجة للقراء السبعة: 3/42]
قال أبو علي: إذا كانت هذه اللغات في الكلمة شائعة فأخذ القارئ بإحداها وجمعه بينها مستقيم سائغ). [الحجة للقراء السبعة: 3/43]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة مجاهد وحميد الأعرج: [أَنَّ اللَّهَ يُبْشِرُكَ] بضم الياء وسكون الباء وكسر الشين خفيفة.
قال أبو الفتح: ينبغي أن يكون هذا منقولًا من بَشِرْتُ بالأمر في وزن أَنِفْتُ وفَرِحْتُ؛ كقولك: بَطِر وأبطرته، وخرِق وأخرقته، يقال: بَشِر الرجل بالخير وأبشرته وبشَّرته وبَشَرْتُ خفيفة أيضًا). [المحتسب: 1/161]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فنادته الملائكة وهو قائم يصلّي} 39
قرأ حمزة والكسائيّ (فناداه) بألف ممالة وحجتهما أن الّذي ناداه جبريل والتّقدير فناداه الملك فأخرج الاسم الواحد بلفظ الجمع
وقرأ الباقون {فنادته الملائكة} بالتّاء وحجتهم إجماع الجميع على قوله {تحمله الملائكة} قال عبّاس سألت أبا عمرو فقرأ {وإذ قالت الملائكة} بالتّاء ولم يقل وإذ قال الملائكة فأنث فعل الملائكة ها هنا بلا خلاف الواجب أن يرد ما هم مختلفون فيه إلى ما هم عليه مجمعون
قال الزّجاج الوجهان جميعًا جائزان لأن الجماعة يلحقها اسم التّأنيث لأن معناها معنى جماعة ويجوز أن يعبر عنها بلفظ التّذكير كما يقال جمع الملائكة قال ويجوز أن يقول نادته الملائكة وإنّما ناداه جبريل وحده لأن معناه أتاه النداء من هذا الجنس كما تقول ركب فلان في السفن وإنّما ركب سفينة واحدة تريد بذلك جعل ركوبه في هذا الجنس). [حجة القراءات: 162]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (23- قوله: {فنادته} قرأه حمزة والكسائي بألف على التذكير، ويميلانها، لأن أصلها الياء، ولأنها رابعة، وقرأ الباقون بالتاء على لفظ التأنيث.
24- وحجة من قرأ بالألف أنه ذكر على المعنى، وقد أجمعوا على التذكير في قوله: {وقال نسوة} «يوسف 30»، وقد قيل: إنما نادى جبريل وحده، فالمعنى فناداه الملك، فلا وجه للتأنيث على هذا التفسير، وأيضًا فقد اختار قوم الألف، لئلا يوافق التأنيث دعوى الكفار في الملائكة، وأيضًا فإن الملائكة والملائك واحد، وأيضًا فقد فرّق بين المؤنث وفعله بالهاء، فقوي التذكير.
25- وحجة من قرأ بالتاء أنه أنث لتأنيث الجماعة التي بعدها في قوله: {الملائكة}، والجماعة ممن يعقل في التكسير، يجري في التأنيث مجرى ما لا
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/342]
يعقل، تقول: هي الرجال، وهي الجذوع، وهي الجمال، وقالت الأعراب، ويقوي ذلك قوله: {إذ قالت الملائكة} «آل عمران 45»، وقد ذكر في موضع آخر فقال: {والملائكة باسطو أيديهم} «الأنعام 93» وهذا إجماع، وقال: {والملائكة يدخلون عليهم} «الرعد 23» فتأنيث هذا الجمع وتذكيره جائزان حسنان). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/343]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (26- قوله: {أن الله يبشرك} قرأه حمزة وابن عامر بكسر «إن»، وقرأ الباقون بالفتح، فمن فتح قدر حرف الجر محذوفًا، فـ {أن} في موضع نصب بحذف حرف الجر، ومذهب الخليل أنها في موضع جر على إعمال حرف الجر، عمل محذوفًا لكثرة حذفه مع {أن}، وعلى ذلك أجاز سيبويه: في القسم، تقديره: فنادته الملائكة بأن الله، ومن كسر «إن» أجرى النداء مجرى القول، فكسر «إن» بعده، كما تكسر بعد القول، ويجوز أن يكون أضمر القول بعد {فنادته} {فقالت إن الله}، ويقوي الكسر أن في حرف عبد الله: «فنادته الملائكة يا زكريا إن الله}، وفتح «أن» على هذا القراءة لا يجوز لأن «نادى» قد استوفى مفعوليه، أحدهما الضمير والثاني المنادى، فلا يتعدى لثالث بحرف ولا بغير حرف، فلابد من الكسر، وهو الاختيار لأن أكثر القراء عليه، وفصحة معناه، وقوة وجهه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/343]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (27- قوله: {يبشرك} قرأ حمزة بالتخفيف في كل القرآن، إلا في {فبم تبشرون} «الحجر 54» ووافقه الكسائي على التخفيف في خمسة مواضع: في آل عمران موضعان وفي سبحان موضع وفي الكهف موضع وفي الشورى
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/343]
موضع، وشدد ذلك الباقون، غير أن أبا عمرو وابن كثير خففا الذي في الشورى خاصة، والتخفيف والتشديد لغتان مشهورتان، يقال: بَشَر يُبشر، وبشَر يبشّر مبشّرا وبُشورا، وأنكر أبو حاتم التخفيف، وقال: لا نعرف فيه أصلًا يعتمد عليه، وهي لغة مشهورة، وأكثر ما وقع في القرآن، مما أجمع عليه التشديد نحو: {فبشر عباد. الذين} «الزمر 17، 18» و{فبشره بمغرفة} «يس 11» ومثله كثير بالتشديد، وفيه لغة ثالثة وهي «أبشر» قال الله جل ذكره: {وأبشروا بالجنة} «فصلت 30»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/344]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (12- {فَنَاداهُ المَلائِكَةُ} [آية/ 39]:-
بالألف ممالة، قرأها حمزة والكسائي.
والوجه في التذكير أن الملائكة تأنيثها تأنيث جمعٍ، فإذا تقدم فعلها حسن التذكير، ومن ذلك {قالَ نِسْوَةٌ}.
وأما الإمالة في الألف فحسنةٌ؛ لأن هذه الألف تصير إلى الياء، سواء كانت من الواو او من الياء نحو: ناديت.
وقرأ الباقون {فَنَادَتْهُ} بالتاء.
[الموضح: 369]
وذلك لأن الفعل لجماعةٍ، وجماعة من يعقل في التكسير تجري مجرى ما لا يعقل نحو: هي الرجال وهي الجذوع، فألحقت علامة التأنيث الفعل، كقوله تعالى {قَالَتِ الأعْرابُ} ). [الموضح: 370]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (13- {إنَّ الله} [آية/ 39]:-
بكسر الألف، قرأها ابن عامر وحمزة.
وهذا على إضمار القول كأنه قال: فنادته الملائكة وقالت إن الله يبشرك، فحذف، كقوله تعالى {وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ} أي يقولون أخرجوا.
وقرأ الباقون بفتح الألف.
والمعنى: فنادته الملائكة بأن الله يبشرك، فلما حذف الباء أوصل الفعل نفسه إليه، فإن موضعه نصب عند الأكثرين، وجر على قياس قول الخليل
[الموضح: 370]
والكسائي). [الموضح: 371]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (14- {يُبَشِّرُكَ} [آية/ 39]:-
بفتح الياء والتخفيف، قرأها حمزة، وكذلك في نحوه من جميع القرآن، إلا قوله تعالى {فَبِم تُبَشّرُون} فلا خلاف في تشديدها، ووافقه الكسائي في خمسة مواضع: في آل عمران موضعين، وفي بني إسرائيل والكهف {وَيَبْشُرَ المُؤمِنينَ}، وعسق {يَبْشُرُ الله}، وشدد الباقي.
وابن كثير وأبو عمرو يشددان الكل إلا الحرف الواحد في عسق.
ونافع وابن عامر وعاصم ويعقوب يشددون الكل في جميع القرآن.
في بشر ثلاث لغات: بشر بالتخفيف يبشر بشرًا وبشورًا، وبشر بالتضعيف يبشر تبشيرًا، وأبشر بالألف يبشر إبشارًا، وإذا كانت في الكلمة لغات جيدة مستعملة، فأيها تمسك بها القارئ كان حسنًا). [الموضح: 371]

قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (40)}

قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آَيَةً قَالَ آَيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (41)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله: (اجعل لي آيةً... (41).
فتح الياء نافع وأبو عمرو، وأرسلها الباقون). [معاني القراءات وعللها: 1/257]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الأعمش: [إِلَّا رُمُزًا] بضمتين.
قال أبو الفتح: ينبغي أن يكون هذا على قول مَن جعل واحدتها رُمْزَة، كما جاء عنهم ظُلْمَة
[المحتسب: 1/161]
وظُلُمة، وجُمْعَة وجُمُعَة، ويجوز أن يكون جَمَع رُمْزَة على رُمْز، ثم أتبع الضم الضم، كما حكى أبو الحسن عن يونس أنه قال: ما سُمع في شيء فُعْل إلا سُمع فيه فُعُل، وعليه قول طرفة:
وِرَادًا وشُقُر
يريد: شُقْرًا). [المحتسب: 1/162]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 10:33 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (42) إلى الآية (44) ]

{وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ (42) يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (43) ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (44)}

قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ (42)}

قوله تعالى: {يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (43)}

قوله تعالى: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (44)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 10:35 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (45) إلى الآية (48) ]

{إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46) قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (47) وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (48)}

قوله تعالى: {إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45)}
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم} 45
قرأ حمزة وابن عامر إن الله يبشرك بكسر الألف وقرأ
[حجة القراءات: 162]
الباقون أن الله بالفتح فمن فتح فالمعنى نادته بأن الله يبشرك أن نادته بالبشارة
ومن كسر أراد قالت له {إن الله يبشرك} ويجوز أن تقول إنّما كسره على الاستئناف
قرأ حمزة الكسائي {يبشرك} بفتح الياء وإسكان الباء وضم الشين أي يسرك ويفرحك يقال بشرت الرجل أبشّره إذا فرحته وحجتهما قول النّبي صلى الله عليه وسلم
هل أنت باشرنا بخير
وقرا الباقون {يبشرك} بالتّشديد أي يخبرك يقال بشرته أبشّره أي أخبرته بما أظهر في بشرة وجهه من السرور وحجتهم قوله {فبشرناها بإسحاق} وقوله {وبشر المحسنين} قال الكسائي وأبو عبيدة هما لغتان). [حجة القراءات: 163]

قوله تعالى: {وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46)}

قوله تعالى: {قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (47)}
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (15- {يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [آية/ 47]:-
سبق ذكره في البقرة). [الموضح: 372]

قوله تعالى: {وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (48)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ويعلّمه... (48)
قرأ نافع وعاصم ويعقوب: (ويعلمه) بالياء.
وقرأ الباقون بالنون.
قال أبو منصور: المعنى واحد في (يعلمه) و(نعلمه)، والتعليم لله جلّ وعزّ في الوجهين). [معاني القراءات وعللها: 1/255]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (35- وقوله تعالى: {ويعلمه الكتاب} [48].
قرأ نافع وعاصم بالياء.
وقرأ الباقون بالنون، فمن قرأ بالنون فالله عز وجل يخبر عن نفسه، وشاهده {نوحيه إليك} [44].
ومن قرأ بالياء فحجته {قال كذلك [الله] يخلق ما يشاء إذا قضى أمرًا فإنما يقول له كن فيكون} [47] والأمر بينهما قريب). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/113]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في النون والياء من قوله تعالى: ويعلمه الكتاب [آل عمران/ 48].
فقرأ نافع وعاصم: ويعلمه الكتاب بالياء، وقرأ الباقون: ونعلمه بالنون.
فحجّة من قرأ: يعلمه أنّه عطفه على قوله: إن الله يبشرك، ويعلمه على العطف على يبشرك. ومن قال: نعلمه:
فهو على هذا المعنى، إلّا أنّه جعله على نحو نحن قدرنا بينكم الموت [الواقعة/ 60] ). [الحجة للقراء السبعة: 3/43]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل} 48
قرأ عاصم ونافع ويعلمه الكتاب بالياء إخبار عن الله أنه يعلمه الكتاب وحجتهما قوله قبلها {قال كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قضى أمرا فإنّما يقول له كن فيكون ويعلمه}
وقرأ الباقون (ونعلمه) بالنّون أي نحن نعلمه وحجتهم قوله قبلها {ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك} ). [حجة القراءات: 163]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (28- قوله: {ويعلمه} «48» قرأ نافع وعاصم بالياء، وقرأ الباقون بالنون.
29- وحجة من قرأ بالياء أنه رده على لفظ الغيبة التي قبله في قوله: {إن الله يبشرك} أي: يبشرك بعيسى، ويعلمه الكتاب، وأيضًا فإن قبله: {كذلك الله يخلق ما يشاء} «47»، وقوله: {إذا قضى أمرًا}، فكله بلفظ الغيبة، فجرى {ويعلمه} على ذلك.
30- وحجة من قرأ بالنون أنه حمله على الإخبار لها من الله عن نفسه أنه يعلمه الكتاب، وحسن ذلك؛ لأن قبله إخبارًا من الله عن نفسه، في قوله تعالى: {قال كذلك الله} ). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/344]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (16- {وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ} [آية/ 48]:-
بالياء، قرأها نافع وعاصم ويعقوب.
والوجه في ذلك أنه معطوف على قوله تعالى {يُبَشِّرُكِ} كأنه قال: إن الله يبشرك ويعلمه.
وقرأ الباقون بالنون.
ووجهه أنه لا فرق بين {نُعلّمُه} و{يُعَلّمه}، فالفعل لله تعالى في الوجهين، وقد تقدم مثل هذا في قوله تعالى {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ} بالنون). [الموضح: 372]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 10:36 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (49) إلى الآية (51) ]

{وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (49) وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (50) إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (51)}

قوله تعالى: {وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (49)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (إنّي أخلق لكم... (49)
قرأ نافع وحده بكسر الألف، وفتحها الباقون.
قال أبو منصور: من قرأ (أنّي) فالمعنى: بأنّي أخلق لكم.
ومن قرأ (إنّي أخلق) بالكسر فهو على البدل من قوله: (بآية)، المعنى: جئتكم بآيةٍ إني أخلق لكم.
وجائز أن يكون رفعًا، المعنى: الآية إنّي أخلق لكم من الطين). [معاني القراءات وعللها: 1/256]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله: (إنّي أخلق لكم... (49)
حركها ابن كثيرٍ ونافع وأبو عمرو، وأرسلها الباقون). [معاني القراءات وعللها: 1/257]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فيكون طيرًا... (49)
قرأ نافع والحضرمي: (فيكون طائرًا) موحدا، وكذلك في المائدة.
وقرأ الباقون: (فيكون طيرًا) على الجمع في السورتين.
وروى أبو عمرو عن أبي العباس أنه قال: الناس كلهم يقولون للواحد: (طائرا) وأبو عبيدة معهم، ثم انفرد فأجاز أن يقال: (طيرًا) للواحد، وجمعه على طيور.
قال: وأبو عبيدة ثقة.
[معاني القراءات وعللها: 1/257]
قال أبو منصور: وقد سمعت العرب تقول لواحد الطيور: طير وطائر.
وأكثر النحويين يقولون للواحد: طائر، وللجمع طير، كما يقال: شارب وشرب، وسافر وسفر.
ومن قرأ (فيكون طيرًا) احتمل معنيين:
أحدهما: فيكون من جنس الطير، واحتمل أن يكون معنى (فيكون طيرًا)، أي: فيكون طائرًا). [معاني القراءات وعللها: 1/258]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (36- وقوله تعالى: {إني أخلق لكم} [49].
قرأ نافع وحده: {إني} بكسر الهمزة.
وقرأ الباقون بفتحها.
وفتح ابن كثير وأبو عمرو ونافع الياء.
وأسكنها الباقون.
فمن فتح الهمزة جعلها بدلاً من قوله: {أني قد جئتكم بآية ... أني أخلق لكم} فيكون موضعها جرًا ورفعًا، ومن كسر أضمر القول؛ قل إني أخلق.
ويجوز أن يكون مستأنفًا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/113]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (37- وقوله تعالى: {فيكون طيرًا}
قرأ نافع وحده {طرا} بألف.
وقرأ الباقون: {طيرا} بغير ألف، والطائر مذكر لا غير، وطير يذكرُ ويؤنثُ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/113]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: كلّهم قرأ: أني أخلق لكم [آل عمران/ 49].
وقرأ نافع: (إني).
قال أبو عليّ: قول من فتح (أنّ) أنّه جعلها بدلا من (آية):
كأنّه قال: وجئتكم بأنّي أخلق لكم. ومن كسر إنّ احتمل وجهين:
أحدهما: أنّه استأنف، وقطع الكلام مما قبله.
والآخر: أنّه فسّر الآية بقوله: إنّي أخلق لكم من الطين، كما فسّر الوعد في قوله: وعد الله الذين آمنوا بقوله: لهم مغفرة
[الحجة للقراء السبعة: 3/43]
[المائدة/ 9] وكما فسّر المثل في قوله: كمثل آدم [آل عمران/ 59] بقوله: خلقه من تراب [آل عمران/ 59] وهذا الوجه أحسن ليكون في المعنى كمن فتح وأبدل من (آية) ). [الحجة للقراء السبعة: 3/44]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: وكلّهم قرأ: فيكون طيرا [آل عمران/ 49] بغير ألف غير نافع فإنّه قرأ: طائرا بألف هاهنا، وفي المائدة.
قال أبو علي: حجّة من قرأ: فيكون طيرا قوله تعالى: إني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير [آل عمران/ 49] ولم يقل كهيئة الطائر، فكذلك يكون كهيئة الطير وكذلك التي في المائدة، إلّا أنّ هاهنا فأنفخ فيه وثمّ فتنفخ فيها [المائدة/ 110] فيجوز أن يكون على الهيئة مرة وعلى الطير أخرى، ويجوز أن يكون ذكّر الطير على معنى الجمع، وأنّث على معنى الجماعة. وقالوا: طائر، وأطيار، فهذا يكون كصاحب وأصحاب.
وقال أبو الحسن: وقول العرب: طيور جمعوا الجمع، ووجه قراءة من قرأ، فيكون طائرا أنّه أراد: يكون ما أنفخ فيه، أو ما أخلقه طائرا، فأفرد لذلك، أو يكون أراد: يكون كلّ واحد من ذلك طائرا كما قال: فاجلدوهم ثمانين جلدة، أي اجلدوا كلّ واحد منهم). [الحجة للقراء السبعة: 3/44]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({أنّي قد جئتكم بآية من ربكم أنّي أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله} 49
قرأ نافع إنّي أخلق لكم بكسر الألف على الاستئناف
وقرأ الباقون {إنّي} بالفتح وحجتهم أنّها بدل من قوله {قد جئتكم بآية من ربكم} قال الزّجاج {إنّي} في موضع جر على البدل من آية المعنى جئتكم من أنّي أخلق لكم من الطين
قرا نافع (فيكون طائرا) على واحد كما تقول رجل وراجل وركب وراكب قال الكسائي الطّائر واحد على كل حال والطير يكون جمعا وواحدا وحجته أن الله أخبر عنه أنه كان يخلق واحدًا ثمّ واحدًا
وقرأ الباقون {طيرا} وحجتهم أن الله جلّ وعز إنّما أذن له أن يخلق طيرا كثيرة ولم يكن يخلق واحدًا فقط). [حجة القراءات: 164]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (31- قوله: {أني أخلق} «49» قرأه نافع بالكسر، وفتح الباقون، فمن فتح جعل الكلام متصلًا، فأبدل «أن» من «آية» فصار التقدير: جئتكم بأني أخلق، فـ «أن» في موضع خفض، وهو بدل الشيء من الشيء، وهو هو، ومن كسر جعل الكلام مستأنفًا، مبتدأ به، فكسر «أن» ويجوز أن تكون «أن»
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/344]
وما بعدها تفسيرًا لما قبلها، فيكون في المعنى بمنزلة من فتح، وأبدل من «آية» وتكون بمنزلة قوله: {وعد الله الذين آمنوا} ثم فسر الوعد فقال: {لهم مغفرة} «المائدة 9»، وبمنزلة قوله: {إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم}، ثم فسر التمثيل بينهما فقال: {خلقه من تراب} «آل عمران 59» والاختيار الفتح، لاجتماع القراء عليه، ولصحة معناه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/345]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (32- قوله: {طيرًا} قرأ نافع بأل ومثله في المائدة، وقرأهما الباقون بغير ألف.
33- وحجة من قرأه بغير ألف أنه رده على قوله: {كهيئة الطير}، ولم يقل: كهيئة الطائر، فأجرى الآخر على لفظ الأول، ومعناه الجمع.
34- وحجة من قرأ بالألف أنه أجراه على التوحيد: {فأنفخ} في الواحد منها فيكون طائرًا على تقدير: فيكون ما أنفخ فيه طائرًا، أو فيكون ما أخلقه طائرًا، أو فيكون كل واحد من المخلوق طائرًا). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/345]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (17- {أَنِّي أَخْلُقُ} [آية/ 49]:-
بكسر الألف، قرأها نافع وحده.
والوجه في ذلك أنه كلام مستأنف مقطوع مما قبله، ويجوز أن يكون تفسيرًا للآية؛ لأنه قال: {قَدْ جِئْتُكُمْ بآيَةٍ}، ثم فسر الآية فقال: {إنّي أَخْلُقُ}، كما قال الله تعالى {وَعَدَ الله الّذين آمَنُوا}، ثم فسر الوعد بقوله تعالى
[الموضح: 372]
{لَهُمْ مَغْفِرَةٌ} كما قال تعالى {كَمَثَلِ آدَمَ} ثم فسر المثل بقوله تعالى {خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ}.
وقرأ الباقون {أَنِّي} بفتح الألف، على أن {أَنّي} بدل من {آية}، كأنه قال: وقد جئتكم بأني أخلق، فموضع {أنّي} جر على البدل من {آيَةٍ}، ويجوز أن يكون رفعًا على أنه خبر مبتدإ محذوفٍ، والتقدير: وهي أني أخلق، أي وتلك الآية أني أخلق). [الموضح: 373]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (18- {فَيَكُونُ طائِرًا} [آية/ 49]:-
بالألف والهمز، قرأها نافع ويعقوب وكذلك في المائدة؛ لأن المراد: ما أخلقه يكون طائرًا، فأفرد على معنى أن كل واحد من تلك الصور يكون طائرًا، كما قال {فاجْلِدوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً} أي كل واحدٍ منهم.
وقرأ الباقون {فَيَكُونُ طَيْرًا}؛ لأن المعنى على الجمع، ألا ترى أنه قال {أنّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطيِنَ كَهَيْئَةِ الطَيْر} ولم يقل: كهيئة الطائر؛ لأن الطائر واحد، والطير جمع على المشهور عندهم). [الموضح: 373]

قوله تعالى: {وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (50)}

قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (51)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 10:38 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (52) إلى الآية (58) ]

{فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52) رَبَّنَا آَمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (53) وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (54) إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (55) فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (56) وَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (57) ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَليْكَ مِنَ الْآَيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (58)}


قوله تعالى: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله: (من أنصاري إلى اللّه... (52).
حركها نافع وحده، وأسكنها الباقون). [معاني القراءات وعللها: 1/257]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة إبراهيم وأبي بكر الثقفي: [الْحَوَارِيُون] مخففة الياء في جميع القرآن.
قال أبو الفتح: ظاهر هذه القراءة يوجب التوقف عنها والاحتشام منها؛ وذلك لأن فيها ضمة الياء الخفيفة المكسور ما قبلها، وهذا موضع تعافه العرب وتمتنع منه.
ألا ترى إلى قول الله سبحانه: {فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} وأصله العاديُون، فاستثقلت الضمة على الياء، فأسكنت وحذفت لسكونها وسكون الواو بعدها؟ فكان يجب على هذا أن يكون الحوارُون كالقاضُون والساعون، إلا أن هنا غرضًا وفرقًا بين الموضعين يكاد يقنع مثله؛ وذلك أن أصل هذه الياء أن تكون مشددة، وإنما خففت استثقالًا لتضعيف الياء، فلما أريد فيها معنى التشديد جاز أن تُحَمَّل الضمة تصورًا لاحتمالها إياها عند التشديد، كما ذهب أبو الحسن في تخفيف يستهزيون إلى أن أخلص الهمزة ياء ألبتة، وحَمَّلها الضمة تذكُّرًا لحال الهمز المراد فيها، وكما قال في مثال عضْرَفُوط من قرأت: قَرْأَ يُوء، فأبدل الهمزة الثانية التي كانت في قَرْأَءُوء ياء، ثم ضمها بعد أن أخلصها ياء وجرت مجرى الياء التي لا حظَّ فيها لشيء من الهمز.
فإن قيل: فأي الياءين حذف من الحواريين؟
قيل: المحذوفة هي أشبهها بالزيادة، وهي الأولى؛ لأنها بإزاء ياء العطاميس والزناديق.
فإن قيل: فبالثانية وقع الاستثقال، فهلَّا حذفت دون الأولى؟
[المحتسب: 1/162]
قيل: قد يُغيَّر الأول من المثلين تخفيفًا كما يغير الآخر، وذلك قوله:
يا ليتما أُمُّنا شالت نعامتها ... إيما إلى جنة أيما إلى نار
يريد: أَمَّا، وكذلك القول في قيراط ودينار وديماس فيمن قال: دماميس، وديباج فيمن قال: دبابيج، وقد حذفت هذه الياء في الواحد من هذا الجمع. أنشدنا أبو علي وقرأته عليه أيضًا في نوادر أبي زيد:
بَكِّي بعينك واكف القَطْر ... ابن الحوارِي العالي الذِّكْرِ
يريد: الحوارِيّ. وقد خففت ياء النسب في غير موضع مع كونها مفيدة لمعنى النسب، فكيف بها إذا كان لفظها لفظ النسب ولا حقيقة له هناك؟ ألا ترى أن الحواريَّ بمنزلة كرسي في أنه نسب لفظي، ولا حقيقة إضافة تحته؟). [المحتسب: 1/163]

قوله تعالى: {رَبَّنَا آَمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (53)}

قوله تعالى: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (54)}

قوله تعالى: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (55)}

قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (56)}

قوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (57)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فيوفّيهم أجورهم... (57)
قرأ حفص ويعقوب: (فيوفّيهم) بالياء.
وقرأ الباقون (فنوفّيهم) بالنون.
[معاني القراءات وعللها: 1/258]
قال أبو منصور: المعنى واحد في الياء والنون، الله هو الموفّي للأجور، لا شريك له). [معاني القراءات وعللها: 1/259]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (38- وقوله تعالى: {فيوفيهم أجورهم} [57].
قرأ حفص، عن عاصم بالياء، أي: الله يوفيهم.
وقرأ الباقون بالنون، وهو الاختيار، ليتصل إخبار الله عن نفسه بعضه ببعض). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/114]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال [أحمد]: ولم يختلفوا في النون من قوله تعالى:
[الحجة للقراء السبعة: 3/44]
فنوفيهم أجورهم [آل عمران/ 57، النساء/ 173] إلّا ما رواه حفص عن عاصم فإنّه روى عنه بالياء.
قال أبو علي: وجه من قرأ بالنون قوله: فأما الذين كفروا فأعذبهم [آل عمران/ 56] فقوله: فنوفيهم بالنون في المعنى مثل فأعذبهم. ومما يحسّن ذلك قوله: ذلك نتلوه عليك [آل عمران/ 58]، ومن قرأ بالياء فلأنّ ذكر الله- سبحانه- قد تقدّم في قوله: إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك [ورافعك إلي] [آل عمران/ 55] فيحمل على لفظ الغيبة لتقدّم هذا الذكر، إذ صار في لفظ الخطاب في قوله: فأعذبهم وقوله:
فيوفيهم إلى الغيبة كقوله: فأولئك هم المضعفون [الروم/ 39] بعد قوله: وما آتيتم من زكاة [الروم/ 39] ). [الحجة للقراء السبعة: 3/45]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فأما الّذين كفروا فأعذبهم عذابا شديدا في الدّنيا والآخرة وما لهم من ناصرين * وأما الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات فيوفيهم أجورهم والله لا يحب الظّالمين} 56 و57
قرأ حفص {فيوفيهم أجورهم} بالياء أي فيوفيهم الله وحجته قوله {والله لا يحب الظّالمين}
وقرأ الباقون (فنوفيهم) بالنّون الله جلّ وعز أخبر عن نفسه وحجتهم قوله {فأعذبهم عذابا شديدا} ولم يقل فيعذبهم). [حجة القراءات: 164]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (35- قوله: {فيوفيهم} قرأه حفص بالياء، وقرأ الباقون بالنون.
36- وحجة من قرأ بالنون أنه حمله على الإخبار عن الله جل ذكره، ولأن قبله إخبارًا عنه، وأيضًا في قوله: {فأعذبهم} «56» والنون في الإخبار كالهمزة في الإخبار، وأيضًا فإن بعده إخبارًا أيضًا في قوله: {نتلوه} «58» فحمل الكلام على نظام واحد أوسطه كأوله وآخره، وهو الاختيار، لإجماع القراء عليه، ولما ذكرنا من تطابق الكلام وتجانسه.
37- وحجة من قرأ بالياء أنه حمله أيضًا على ما قبله من لفظ الغيبة في قوله: {إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك} «55»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/345]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (19- {فَيُوَفِّيهْم أُجُورَهُمْ} [آية/ 57]:-
بالياء، قرأها عاصم ص- ويعقوب- يس-.
وذلك لأن المراد: فيوفيهم الله أجورهم؛ لأن ذكر الله تعالى قد تقدم في قوله {إذْ قَالَ الله يا عِيسى} فهو يعود إليه.
وقرأ الباقون و- ح- عن يعقوب {فَنُوَفِّيهمْ} بالنون؛ لأن ما قبله {فأمّا الّذين كَفَروُا فَأُعَذِّبُهُمْ} والمراد بقوله تعالى {فأُعَذّبُهُم} بالألف، وبقوله تعالى {فَنُوَفّيهم} بالنون واحد، في أن الخبر فيهما عن نفسه سبحانه، ثم إنه قال تعالى فيما بعد ذلك {نَتْلُوهُ عَلَيْكَ} بالنون). [الموضح: 374]

قوله تعالى: {ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَليْكَ مِنَ الْآَيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (58)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:30 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة