العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة النور

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 2 جمادى الأولى 1434هـ/13-03-2013م, 09:11 AM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي تفسير سورة النور [ من الآية (1) إلى الآية (3) ]


تفسير سورة النور [ من الآية (1) إلى الآية (3) ]

{سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (1) الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2) الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ۚ وَحُرِّمَ ذَٰلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (3)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 3 جمادى الأولى 1434هـ/14-03-2013م, 12:32 PM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (1) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال ابن عبّاسٍ: {سورةٌ أنزلناها} [النور: 1] : «بيّنّاها» وقال غيره: «سمّي القرآن لجماعة السّور، وسمّيت السّورة لأنّها مقطوعةٌ من الأخرى، فلمّا قرن بعضها إلى بعضٍ سمّي قرآنًا»). [صحيح البخاري: 6/99]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال ابن عبّاس سورة أنزلناها بيّنّاها قال عياضٌ كذا في النّسخ والصّواب أنزلناها وفرضناها بيّنّاها فبيّنّاها تفسير فرضناها ويدلّ عليه قوله بعد هذا ويقال في فرضناها أنزلنا فيها فرائض مختلفةً فإنّه يدلّ على أنّه تقدّم له تفسيرٌ آخر انتهى وقد روى الطّبريّ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن بن عبّاسٍ في قوله وفرضناها يقول بيّنّاها وهو يؤيّد قول عياضٍ قوله وقال غيره سمّي القرآن لجماعة السّور وسميت السّورة لأنّها مقطوعة من الأخرى فلمّا قرن بعضها إلى بعض سمّي قرآنًا هو قول أبي عبيدة قاله في أوّل المجاز وفي رواية أبي جعفرٍ المصادريّ عنه سمّي القرآن لجماعة السّور فذكر مثله سواءً وجوّز الكرمانيّ في قراءة هذه اللفظة وهي لجماعة وجهين إمّا بفتح الجيم وآخرها تاء تأنيثٍ بمعنى الجميع وإمّا بكسر الجيم وآخرها ضميرٌ يعود على القرآن). [فتح الباري: 8/447]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال ابن عبّاس {سورة أنزلناها} بيناها
قال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا زيد بن الحباب عن حسين بن واقد عن عبد الكريم عن مجاهد عن ابن عبّاس بهذا). [تغليق التعليق: 4/263-264]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال ابن عبّاسٍ سورةٌ أنزلناها بيّنّاها
كذا وقع وقال عياض كذا في النّسخ والصّواب: أنزلناها وفرضناها بيناها، فقوله: (بيناها) تفسير: فرضناها، ويؤيّد قول عياض ما رواه الطّبريّ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاس في قوله: فرضناها، يقول: بيناها.
وقال غيره سمّي القرآن لجماعه السّور وسمّيت السّورة لأنّها مقطوعةٌ من الأخرى فلمّا قرن بعضها إلى بعضٍ سمّي قرآناً.
أي: قال غير ابن عبّاس، وهو قول أبي عبيدة. قوله: (لجماعة السّور) ، قال الكرماني: السّور بالنّصب بأن يكون مفعول الجماع بمعنى الجمع مصدرا وهو بكسر الجيم وهاء الضّمير، وبالجر بأن يكون مضافا إليه، والجماعة بمعنى الجمع ضد المفرد وهو بفتح الجيم وتاء التّأنيث. قوله: (وسميت السّور) ، وهي الطّائفة من القرآن محدودة. وأما من السّورة الّتي هي الرّتبة لأن السّور بمنزلة المنازل والمراتب، وأما من السؤر الّتي هي البقيّة من الشّيء فقلبت همزتها واواً لأنّها قطعة من القرآن). [عمدة القاري: 19/72]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال ابن عباس) -رضي الله عنهما- فيما وصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عنه في قوله تعالى: ({سورة أنزلناها}) [النور: 1] أي (بيناها) قال الزركشي تبعًا للقاضي عياض كذا في النسخ والصواب أنزلناها وفرضناها بيناها فبيناها تفسير فرضناها لا تفسير أنزلناها ويدل عليه قوله بعد هذا ويقال في فرضناها أنزلنا فيها فرائض مختلفة فإنه يدل على أنه تقدم له تفسير آخر. اهـ.
وتعقب الزركشي صاحب المصابيح فقال: يا عجبًا لهذا الرجل وتقويله لابن عباس ما لم يقله فالبخاري نقل عن ابن عباس تفسير أنزلناها ببيناها وهو نقل صحيح ذكره الحافظ مغلطاي من طريق ابن المنذر بسنده إلى ابن عباس فما هذا الاعتراض البارد. اهـ.
وقد روى الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله وفرضناها يقول بيناها. قال في الفتح: وهو يؤيد قول عياض.
(وقال غيره) أي غير ابن عباس (سمي القرآن لجماعة السور) بفتح الجيم والعين وتاء التأنيث والسور مجرور بالإضافة ويجوز كسر الجيم والعين وهاء الضمير والسور نصب مفعول لجماعه (وسميت السورة لأنها) منزلة بعد منزلة (مقطوعة من الأخرى) والجمع سور بفتح الواو وقال الراعي:
سود المحاجر لا يقرأن بالسور
وفيها لغتان الهمز وتركه فبتركه هي المنزلة من منازل الارتفاع ومن ثم سمي سور البلد لارتفاعه على ما يحويه ومنه قول النابغة:
ألم تر أن الله أعطاك سورة = ترى كل ملك دونها يتذبذب
يعني منزلة من منازل الشرف التي قصرت عنها منازل الملوك فسميت السورة لارتفاعها وعلو قدرها وبالهمز القطعة التي فصلت من القرآن عما سواها وأبقيت منه لأن سؤر كل شيء بقيته بعد ما يؤخذ منه.
(فلما قرن بعضها إلى بعض سمي) المجموع (قرآنًا). قال أبو عبيدة سمي القرآن لأنه يجمع السور فيضمها). [إرشاد الساري: 7/249-250]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (ويقال في (فرّضناها) : «أنزلنا فيها فرائض مختلفةً» ، ومن قرأ: {فرضناها} [النور: 1] : " يقول: فرضنا عليكم وعلى من بعدكم "). [صحيح البخاري: 6/99]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال فرّضناها أنزلنا فيها فرائض مختلفةً ومن قرأ فرضناها يقول فرضنا عليكم وعلى من بعدكم فيها كذا وقال الفرّاء من قرأ فرضناها يقول فرضنا فيها فرائض مختلفةً وإن شئت فرضناها عليكم وعلى من بعدكم إلى يوم القيامة قال فالتّشديد بهذين الوجهين حسنٌ وقال أبو عبيدة في قوله فرضناها حدّدنا فيها الحلال والحرام وفرضنا من الفريضة وفي روايةٍ له ومن خفّفها جعلها من الفريضة). [فتح الباري: 8/447]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال {فرّضناها} أنزلنا فيها فرائض مختلفةً ومن قرأ فرضناها يقول فرضنا عليكم وعلى من بعدكم.
فرضناها بتشديد الرّاء معناه: أنزلنا فيها فرائض مختلفة وأوجبناها عليكم وعلى من بعدكم إلى قيام السّاعة، وهذه قراءة ابن كثير وأبي عمرو، وقراءة الباقين: فرضناها، بالتّخفيف أي: جعلناها واجبة مقطوعًا بها، وهو معنى قوله: (ومن قرأ فرضناها) يعني بالتّخفيف من الفرض وهو القطع. قوله: (وعلى من بعدكم) أي: على الّذين يأتون بعدكم إلى يوم القيامة). [عمدة القاري: 19/73]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال فرضناها) بتشديد الراء ولأبي ذر ويقال في فرضناها أي (أنزلنا فيها فرائض مختلفة) فالتشديد لتكثير المفروض وقيل للمبالغة في الإيجاب. ومن قرأ (فرضناها) بالتخفيف وفي قراءة غير أبي عمرو وابن كثير (يقول): المعنى (فرضنا عليكم) أي فرضناها فأسقط الضمير (وعلى من بعدكم) إلى يوم القيامة والسورة لا يمكن فرضها لأنها قد دخلت في الوجود وتحصيل الحاصل محال فوجب أن يكون المراد فرضنا ما بين فيها من الأحكام). [إرشاد الساري: 7/250]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {سورةٌ أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آياتٍ بيّناتٍ لعلّكم تذكّرون}.
قال أبو جعفرٍ: يعني بقوله تعالى ذكره: {سورةٌ أنزلناها} وهذه السّورة أنزلناها.
وإنّما قلنا معنى ذلك كذلك، لأنّ العرب لا تكاد تبتدئ بالنّكرات قبل أخبارها إذا لم تكن جوابًا، لأنّها توصل كما يوصل الّذي، ثمّ يخبر عنها بخبرٍ سوى الصّلة، فيستقبح الابتداء بها قبل الخبر إذا لم تكن موصولةً، إذ كان يصير خبرها إذا ابتدئ بها كالصّلة لها، ويصير السّامع خبرها كالمتوقّع خبرها، بعد إذ كان الخبر عنها بعدها كالصّلة لها. وإذا ابتدئ بالخبر عنها قبلها، لم يدخل الشّكّ على سامع الكلام في مراد المتكلّم.
وقد بيّنّا فيما مضى قبل أنّ السّورة وصفٌ لما ارتفع بشواهده، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع.
وأمّا قوله: {وفرضناها} فإنّ القرّاء اختلفت في قراءته، فقرأه بعض قرّاء الحجاز والبصرة: وفرّضناها ويتأوّلونه: وفصّلناها، ونزّلنا فيها فرائض مختلفةً. وكذلك كان مجاهدٌ يقرؤه ويتأوّله.
- حدّثني أحمد بن يوسف قال: حدّثنا القاسم قال: حدّثنا ابن مهديٍّ، عن عبد الوارث بن سعيدٍ، عن حميدٍ، عن مجاهدٍ، أنّه كان يقرؤها: وفرّضناها يعني بالتّشديد.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {وفرضناها} قال: الأمر بالحلال، والنّهي عن الحرام.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
وقد يحتمل ذلك إذا قرئ بالتّشديد وجهًا غير الّذي ذكرنا عن مجاهدٍ، وهو أن يوجّه إلى أنّ معناه: وفرّضناها عليكم وعلى من بعدكم من النّاس إلى قيام السّاعة.
وقرأ ذلك عامّة قرّاء المدينة والكوفة والشّام: {وفرضناها} بتخفيف الرّاء، بمعنى: أوجبنا ما فيها من الأحكام عليكم، وألزمناكموه، وبيّنّا ذلك لكم.
والصّواب من القول في ذلك: أنّهما قراءتان مشهورتان قد قرأ بكلّ واحدةٍ منهما علماءٌ من القرّاء، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ. وذلك أنّ اللّه قد فصّلها، وأنزل فيها ضروبًا من الأحكام، وأمر فيها ونهى، وفرض على عباده فيها فرائض، ففيها المعنيان كلاهما: التّفريض، والفرض، فلذلك قلنا بأيّة القراءتين قرأ القارئ فمصيبٌ الصّواب.
ذكر من تأوّل ذلك بمعنى الفرض والبيان من أهل التّأويل:
- حدّثني عليّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {وفرضناها} يقول: بيّنّاها.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {سورةٌ أنزلناها وفرضناها} قال: فرضناها لهذا الّذي يتلوها ممّا فرض فيها وقرأ فيها: {آياتٍ بيّناتٍ لعلّكم تذكّرون}.
وقوله: {وأنزلنا فيها آياتٍ بيّناتٍ} يقول تعالى ذكره: وأنزلنا في هذه السّورة علاماتٍ، ودلالاتٍ على الحقّ بيّناتٍ، يعني: واضحاتٍ لمن تأمّلها، وفكّر فيها بعقلٍ أنّها من عند اللّه، فإنّها الحقّ المبين، وإنّها تهدي إلى الصّراط المستقيم.
- كما حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: {وأنزلنا فيها آياتٍ بيّناتٍ} قال ابن جريجٍ: الحلال والحرام والحدود.
{لعلّكم تذكّرون} يقول: لتتذكّروا بهذه الآيات البيّنات الّتي أنزلناها). [جامع البيان: 17/136-138]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (سورةٌ أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آياتٍ بيّناتٍ لعلّكم تذكّرون (1)
قوله تعالى: سورةٌ أنزلناها
- حدّثنا أبي، ثنا عبد اللّه بن رجاءٍ أنبأ عمران أبو العوّام، عن قتادة، عن أبي المليح، عن واثلة رضي الله عنه، إنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: نزلت صحف إبراهيم في أوّل ليلةٍ من رمضان، وأنزلت التّوراة لستٍّ مضين من رمضان، وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان، وأنزل الزّبور لثمان عشرة من رمضان، وأنزل القرآن لأربعٍ وعشرين خلت من رمضان.
قوله: فرضناها.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا زيد بن الحباب، عن الحسين بن واقدٍ، عن عبد الكريم أبي أميّة، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: سورةٌ أنزلناها وفرضناها قال: وبيّنّاها، وروى، عن الأعرج، ومقاتل بن حيّان، وقتادة في إحدى الرّوايات نحو ذلك.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: وفرضناها الأمر بالحلال والنّهي، عن الحرام.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد النّرسيّ، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: سورةٌ أنزلناها وفرضناها فرض اللّه عزّ وجلّ فيها فرائضه، وأحلّ حلاله، وحرّم حرامه، وحّد حدوده، وأمر بطاعته، ونهى عن معصيته.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أحمد بن الصّبّاح، أنبأ الخفّاف، عن سعيدٍ، عن قتادة، عن الحسن وهارون، عن الحسن: وفرضناها خفيفةً، زاد هارون، عن الحسن قال: فرض عليك القرآن.
قوله تعالى: وأنزلنا فيها آياتٍ.
- قرأت على محمّد بن الفضل بن موسى، ثنا محمّد بن عليّ بن الحسن، ثنا محمّد بن مزاحمٍ، ثنا بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان قوله: وأنزلنا فيها آياتٍ بيّناتٍ يعنى ما فرض عليهم في هذه السّورة من أوّلها إلى آخرها.
قوله: بيّناتٍ.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّاد بن طلحة، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: بيّناتٍ قال: معناه بيّن الحلال والحرام.
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن علي، ثنا محمد ابن مزاحمٍ، ثنا بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان: وأنزلنا فيها آياتٍ بيّناتٍ يًعنى ما ذكر فيها من حلاله وحرامه، وحدوده، وأمره ونهيه.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن بكيرٍ، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: لعلّكم يًعنى لكي.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، أنبأنا أصبغ قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم، قوله: تذكّرون قال: وأهل الذّكر أهل القرآن، والذّكر القرآن.
- أخبرنا موسى بن هارون الطّوسيّ فيما كتب إلي، أنبأ الحسين ابن محمّدٍ المروزيّ، ثنا شيبان بن عبد الرّحمن، عن قتادة: لعلّكم تذكّرون قال عودوا بالتّذكّر على التّفكّر وبالتّفكّر، على التّذكّر). [تفسير القرآن العظيم: 8/2516-2517]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله سورة أنزلناها وفرضناها يقول فرضنا فيها الأمر بالحلال والنهي عن الحرام). [تفسير مجاهد: 436]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون.
أخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حارثة عن ابن عباس في قوله {سورة أنزلناها وفرضناها} قال: بيناها). [الدر المنثور: 10/617]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن الحميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وفرضناها} قال: وفسرناها الأمر بالحلال والنهي عن الحرام). [الدر المنثور: 10/617]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن الحميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة {وفرضناها} قال: فرض الله فيها فرائضه وأحل حلاله وحرم حرامه وحد حدوده وأمر بطاعته ونهى عن معصيته). [الدر المنثور: 10/617]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن انه قرأ {وفرضناها} خفيفة). [الدر المنثور: 10/617]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن جريج {وأنزلنا فيها آيات بينات} قال: الحلال والحرام والحدود). [الدر المنثور: 10/617-618]

تفسير قوله تعالى: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (قال سعيد بن أبي هلال: وقال زيد بن أسلم في هذه الآية: {لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهنّ إلا أن يأتين بفاحشةٍ مبينةٍ وعاشروهن بالمعروف}، فكان أهل يثرب إذا مات الرجل منهم في الجاهلية ورث امرأته من يرث ماله وكان يعضلها حتى يتزوجها أو يزوجها من أراد؛ وكان أهل تهامة يسيء الرجل صحبة المرأة حتى يطلقها ويشترط عليها ألا تنكح إلا من أراد حتى تفتدي منه ببعض ما أعطاه؛ فنهى الله المؤمنين عن ذلك؛ وقال زيد: وأما قوله: {إلا أن يأتين بفاحشةٍ مبينةٍ}، فإنه كان في الزنا ثلاثة أنحاء، أما نحو قال الله: {لا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة}، فلم ينته الناس، قال: ثم نزل: {واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهنّ أربعةً منكم فإن شهدوا فأمسكوهنّ في البيوت حتّى يتوفّاهنّ الموت أو يجعل الله لهن سبيلا}، كانت المرأة الثيب إذا زنت فشهد عليها أربعة عطلت فلم يتزوجها أحدٌ، فهي التي قال الله: {ولا تعضلوهن إلا أن يأتين بفاحشةٍ مبينةٍ}.
قال زيد: ثم نزلت: {واللذان يأتيانها منكم فآذوهما}، فهذان البكران اللذان إن لم يتزوجها وآذاهما أن يعرفا بذنبهما، فيقال: يا زان حتى ترى منهما توبةٌ، حتى نزل السبيل، قال: {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحدٍ منهما مائة جلدةٍ}، فهذا للبكرين.
قال زيد: وكان للثيب الرجم؛ وقال الله: {إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله}، إذا خافت المرأة ألا تؤدي حق زوجها وخاف الرجل ألا يؤدي حقها، فلا جناح في الفدية). [الجامع في علوم القرآن: 1/125-127] (م)
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): ([أخبرني ابن زيد] بن أسلم عن أبيه في قول الله: {ولا تأخذكم بهما رأفةٌ في دين الله}، قال: لا [ ........ .. ] هما من إقامة الحد عليهما). [الجامع في علوم القرآن: 2/96-97]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (سألت الليث في قول الله: {وليشهد عذابهما طائفةٌ من المؤمنين}، قال: الطائفة أربعة نفر فصاعدا ألا يكون في الزنا أقل من أربعةٍ للشهادة، قلت له: فيجزي السلطان أن يحضر أربعة نفر عذاب الزاني، قال: نعم قلت: وكذلك الرجل في أمته إذا أقام عليها الحد يحضر [أربعة] نفر، فقال لي: نعم.
وقال لي مالك مثل هذا كله). [الجامع في علوم القرآن: 2/165-166]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وقال الله: {واللّاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهنّ أربعةً منكم فإن شهدوا فأمسكوهنّ في البيوت حتّى يتوفّاهنّ الموت أو يجعل الله لهن سبيلاً}؛
ذكر الرجل مع امرأته فجمعهما فقال: {واللّذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان تواباً رحيماً}؛
فنسختها سورة النور فقال: {الزّانية والزّاني فاجلدوا كلّ واحدٍ منهما مائة جلدةٍ}؛ فجعل عليهما الحد، ثم لم ينسخ). [الجامع في علوم القرآن: 3/69] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن الكلبي في قوله تعالى ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله قال رأفة في تعطيل الحدود عنهما). [تفسير عبد الرزاق: 2/50]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر قال الزهري يُجتهد في حد الزنا والفرية ويخفف في الشراب). [تفسير عبد الرزاق: 2/50]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وقال قتادة: يخفف في الشراب والفرية ويُجتهد في الزنا). [تفسير عبد الرزاق: 2/50]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا الثوري عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله قال ألا يقام الحدود وقال في قوله طائفة من المؤمنين قال الطائفة رجل فما فوقه). [تفسير عبد الرزاق: 2/50]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال الثوري وقال بن أبي نجيح قال عطاء الطائفة اثنان فصاعدا). [تفسير عبد الرزاق: 2/50]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين قال نفر من المسلمين). [تفسير عبد الرزاق: 2/50]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان الثوري عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ في قوله: {ولا تأخذكم بهما رأفةٌ في دين الله} قال: تعطيل الحد [الآية: 2]). [تفسير الثوري: 220]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان الثوري عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ {وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين} قال: الطّائفة رجلٌ فما زاد [الآية: 2].
سفيان الثوري عن ليثٍ عن مجاهدٍ مثله). [تفسير الثوري: 220]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {الزّانية والزّاني فاجلدوا كلّ واحدٍ منهما مائة جلدةٍ}
- أخبرنا قتيبة بن سعيدٍ، حدّثنا اللّيث، عن ابن شهابٍ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن أبي هريرة، وزيد بن خالدٍ، أنّهما قالا: إنّ رجلًا من الأعراب أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله، أنشدك إلّا قضيت لي بكتاب الله، فقال الخصم الآخر، وهو أفقه منه: نعم، واقض بيننا بكتاب الله، وائذن لي، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «قل»، فقال: إنّ ابني كان عسيفًا على هذا، فزنى بامرأته، وإنّي أخبرت أنّ على ابني الرّجم، فافتديت منه بمائة شاةٍ وبوليدةٍ، فسألت أهل العلم، فأخبروني أنّ على ابني جلد مائةٍ وتغريب عامٍ، وأنّ على امرأة هذا الرّجم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «والّذي نفسي بيده، لأقضينّ بينكما بكتاب الله، الوليدة والغنم ردٌّ، وعلى ابنك جلد مائةٍ وتغريب عامٍ، اغد يا أنيس إلى امرأة هذا فارجمها»، فغدا عليها، فاعترفت فأمر بها فرجمت). [السنن الكبرى للنسائي: 10/195]

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {الزّانية والزّاني فاجلدوا كلّ واحدٍ منهما مائة جلدةٍ ولا تأخذكم بهما رأفةٌ في دين اللّه إن كنتم تؤمنون باللّه واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفةٌ من المؤمنين}.
يقول تعالى ذكره: من زنى من الرّجال، أو زنت من النّساء، وهو حرٌّ بكرٌ غير محصنٍ بزوجٍ، فاجلدوه ضربًا مائة جلدةٍ عقوبةً لما صنع وأتى من معصية اللّه {ولا تأخذكم بهما رأفةٌ في دين اللّه} يقول تعالى ذكره: لا تأخذكم بالزّاني والزّانية أيّها المؤمنون رأفةٌ، وهي رقّة الرّحمة في دين اللّه، يعني في طاعة اللّه فيما أمركم به من إقامة الحدّ عليهما على ما ألزمكم به.
واختلف أهل التّأويل في المنهيّ عنه المؤمنون من أخذ الرّأفة بهما، فقال بعضهم: هو ترك إقامة حدّ اللّه عليهما، فأمّا إذا أقيم عليهما الحدّ فلم تأخذهم بهما رأفةٌ في دين اللّه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو هشامٍ، قال: حدّثنا يحيى بن أبي زائدة، عن نافع بن عمر، عن ابن أبي مليكة، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عمر، قال: جلد ابن عمر جاريةً له أحدثت، فجلد رجليها قال نافعٌ: وحسبت أنّه قال: وظهرها فقلت: {ولا تأخذكم بهما رأفةٌ في دين اللّه} فقال: وأخذتني بها رأفةٌ؟ إنّ اللّه لم يأمرني أن أقتلها.
- حدّثني يعقوب قال: حدّثنا ابن عليّة، عن ابن جريجٍ قال: سمعت عبد اللّه بن أبي مليكة يقول: حدّثني عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عمر، أنّ عبد اللّه بن عمر حدّ جاريةً له، فقال للجالد، وأشار إلى رجلها وإلى أسفلها، قلت: فأين قول اللّه: {ولا تأخذكم بهما رأفةٌ في دين اللّه} قال: أفأقتلها؟.
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا عبد الرّحمن قال: حدّثنا سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {ولا تأخذكم بهما رأفةٌ في دين اللّه} فقال: أن تقيم الحدّ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: {ولا تأخذكم بهما رأفةٌ في دين اللّه} قال: لا تضيّعوا حدود اللّه.
قال ابن جريجٍ: وقال مجاهدٌ: {لا تأخذكم بهما رأفةٌ} لا تضيّعوا الحدود في أن تقيموها. وقالها عطاء بن أبي رباحٍ.
- حدّثنا أبو هشامٍ، قال: حدّثنا عبد الملك، وحجّاجٌ، عن عطاءٍ: {ولا تأخذكم بهما رأفةٌ في دين اللّه} قال: يقام حدّ اللّه ولا يعطّل، وليس بالقتل.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثني محمّد بن فضيلٍ، عن داود، عن سعيد بن جبيرٍ قال: الجلد.
- حدّثني عبيد بن إسماعيل الهبّاريّ، قال: حدّثنا محمّد بن فضيلٍ، عن المغيرة، عن إبراهيم في قوله: {ولا تأخذكم بهما رأفةٌ في دين اللّه} قال: الضّرب.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا المعتمر قال: سمعت عمران قال: قلت لأبي مجلزٍ: {الزّانية والزّاني فاجلدوا كلّ واحدٍ منهما} إلى قوله: {واليوم الآخر} إنّا لنرحمهم أن يجلد الرّجل حدًّا، أو تقطع يده قال: إنّما ذاك أنّه ليس للسّلطان إذا رفعوا إليه أن يدعهم رحمةً لهم حتّى يقيم الحدّ.
- حدّثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرّزّاق قال: أخبرنا الثّوريّ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله: {ولا تأخذكم بهما رأفةٌ في دين اللّه} قال: لا تقام الحدود.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ولا تأخذكم بهما رأفةٌ} فتدعوهما من حدود اللّه الّتي أمر بها، وافترضها عليهما.
- قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرنا ابن لهيعة، عن خالد بن أبي عمران، أنّه سأل سليمان بن يسارٍ عن قول اللّه: {ولا تأخذكم بهما رأفةٌ في دين اللّه} أفي الحدود أو في العقوبة؟ قال: ذلك فيهما جميعًا.
- حدّثنا عمرو بن عبد الحميد الآمليّ قال: حدّثنا يحيى بن زكريّا، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاءٍ في قوله: {ولا تأخذكم بهما رأفةٌ في دين اللّه} قال: أن يقام حدّ اللّه ولا يعطّل، وليس بالقتل.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن عطاءٍ، عن عامرٍ، في قوله: {ولا تأخذكم بهما رأفةٌ في دين اللّه} قال: الضّرب الشّديد.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: {ولا تأخذكم بهما رأفةٌ} فتخفّفوا الضّرب عنهما، ولكن أوجعوهما ضربًا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا يحيى بن أبي بكرٍ قال: حدّثنا أبو جعفرٍ، عن قتادة، عن الحسن، وسعيد بن المسيّب: {ولا تأخذكم بهما رأفةٌ في دين اللّه} قال: الجلد الشّديد.
- قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، عن شعبة، عن حمّادٍ قال: يحدّ القاذف والشّارب وعليهما ثيابهما. وأمّا الزّاني فتخلع ثيابه وتلا هذه الآية: {ولا تأخذكم بهما رأفةٌ في دين اللّه} فقلت لحمّادٍ: أهذا في الحكم؟ قال: في الحكم والجلد.
حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن الزّهريّ، قال: يجتهد في حدّ الزّاني والفرية، ويخفّف في حدّ الشّراب.
وقال قتادة: يخفّف في الشّراب، ويجتهد في الزّاني.
وأولى القولين في ذلك بالصّواب قول من قال: معنى ذلك: ولا تأخذكم بهما رأفةٌ في إقامة حدّ اللّه عليهما الّذي افترض عليكم إقامته عليهما.
وإنّما قلنا ذلك أولى التّأويلين بالصّواب، لدلالة قول اللّه بعده: {في دين اللّه}، يعني في طاعة اللّه الّتي أمركم بها. ومعلومٌ أنّ دين اللّه الّذي أمر به في الزّانيين: إقامة الحدّ عليهما، على ما أمر من جلد كلّ واحدٍ منهما مائة جلدةٍ، مع أنّ الشّدّة في الضّرب لا حدّ لها يوقف عليه، وكلّ ضربٍ أوجع فهو شديدٌ، وليس للّذي يوجع في الشّدّة حدٌّ لا زيادة فيه فيؤمر به، وغير جائزٍ وصفه جلّ ثناؤه بأنّه أمر بما لا سبيل للمأمور به إلى معرفته. وإذا كان ذلك كذلك، فالّذي للمأمورين إلى معرفته السّبيل هو عدد الجلد على ما أمر به، وذلك هو إقامة الحدّ على ما قلنا.
وللعرب في الرّأفة لغتان: الرّأفة بتسكين الهمزة، والرّآفة بمدّها، كالسّأمة والسّآمة، والكأبة والكآبة. وكأنّ الرّأفة المرّة الواحدة، والرّآفة المصدر، كما قيل: ضؤل ضآلةً مثل فعل فعالةً، وقبح قباحةً.
وقوله: {إن كنتم تؤمنون باللّه واليوم الآخر} يقول: إن كنتم تصدّقون بأن اللّه ربّكم وباليوم الآخر، وأنّكم فيه مبعوثون لحشر القيامة، وللثّواب والعقاب، فإنّ من كان بذلك مصدّقًا فإنّه لا يخالف اللّه في أمره ونهيه خوف عقابه على معاصيه.
وقوله: {وليشهد عذابهما طائفةٌ من المؤمنين} يقول تعالى ذكره: وليحضر جلد الزّانيين البكرين وحدّهما إذا أقيم عليهما طائفةٌ من المؤمنين. والعرب تسمّي الواحد فما زاد: طائفةً.
وقوله: {من المؤمنين} يقول: من أهل الإيمان باللّه ورسوله.
وقد اختلف أهل التّأويل في مبلغ عدد الطّائفة الّذي أمر اللّه بشهود عذاب الزّانيين البكرين، فقال بعضهم: أقلّه واحدٌ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ قال: حدّثنا عبد الرّحمن قال: حدّثنا سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قال: الطّائفة: رجلٌ.
- حدّثنا عليّ بن سهل بن موسى بن إسحاق الكنانيّ، وابن القوّاس، قالا: حدّثنا يحيى بن عيسى، عن سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {وليشهد عذابهما طائفةٌ من المؤمنين} قال: الطّائفة رجلٌ. قال عليّ: فما فوق ذلك وقال ابن القوّاس: فأكثر من ذلك.
- حدّثنا عليّ قال: حدّثنا زيدٌ، عن سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قال: الطّائفة: رجلٌ.
- حدّثنا يعقوب قال: حدّثنا ابن عليّة قال: قال ابن أبي نجيحٍ: {وليشهد عذابهما طائفةٌ من المؤمنين} قال مجاهدٌ: أقلّه رجلٌ.
- حدّثني يعقوب قال: حدّثنا هشيمٌ قال: أخبرنا أبو بشرٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {وليشهد عذابهما طائفةٌ من المؤمنين} قال: الطّائفة: الواحد إلى الألف.
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ قال: حدّثنا شعبة، عن أبي بشرٍ، عن مجاهدٍ في هذه الآية: {وليشهد عذابهما طائفةٌ من المؤمنين} قال: الطّائفة واحدٌ إلى الألف {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما}.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثني وهب بن جريرٍ قال: حدّثنا شعبة، عن أبي بشرٍ، عن مجاهدٍ، قال: الطّائفة: الرّجل الواحد إلى الألف قال: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما} إنّما كانا رجلين.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: سمعت عيسى بن يونس، يقول: حدّثنا النّعمان بن ثابتٍ، عن حمّادٍ، وإبراهيم، قالا: الطّائفة: رجلٌ.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا الثّوريّ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {وليشهد عذابهما طائفةٌ من المؤمنين} قال: الطّائفة: رجلٌ واحدٌ فما فوقه.
وقال آخرون: أقلّه في هذا الموضع رجلان
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم قال: حدّثنا ابن عليّة قال: حدّثنا ابن أبي نجيحٍ في قوله: {وليشهد عذابهما طائفةٌ من المؤمنين} قال: قال عطاءٌ: أقلّه رجلان.
- حدّثني القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: أخبرني عمر بن عطاءٍ، عن عكرمة، قال: ليحضر رجلان فصاعدًا.
وقال آخرون: أقلّ ذلك ثلاثةٌ فصاعدًا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا عيسى بن يونس، عن ابن أبي ذئبٍ، عن الزّهريّ، قال: الطّائفة: الثّلاثة فصاعدًا.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {وليشهد عذابهما طائفةٌ من المؤمنين} قال: نفرٌ من المسلمين.
- حدّثنا الحسن قال: أخبرنا عبد الرّزّاق قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، مثله.
- حدّثني أبو السّائب قال: حدّثنا حفص بن غياثٍ قال: حدّثنا أشعث، عن أبيه قال: أتيت أبا برزة الأسلميّ في حاجةٍ وقد أخرج جاريةً إلى باب الدّار وقد زنت، فدعا رجلاً فقال: اضربها خمسين فدعا جماعةً، ثمّ قرأ: {وليشهد عذابهما طائفةٌ من المؤمنين}.
- حدّثنا أبو هشامٍ الرّفاعيّ، قال: حدّثنا يحيى، عن أشعث، عن أبيه، أنّ أبا برزة، أمر ابنه أن يضرب، جاريةً له ولدت من الزّنا ضربًا غير مبرّحٍ، قال: فألقى عليها ثوبًا وعنده قومٌ، وقرأ: {وليشهد عذابهما} الآية.
وقال آخرون: بل أقلّ ذلك أربعةٌ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وليشهد عذابهما طائفةٌ من المؤمنين} قال: فقال: الطّائفة الّتي يجب بها الحدّ أربعةٌ.
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب قول من قال: أقلّ ما ينبغي حضور ذلك من عدد المسلمين: الواحد فصاعدًا وذلك أنّ اللّه عمّ بقوله: {وليشهد عذابهما طائفةٌ} والطّائفة: قد تقع عند العرب على الواحد فصاعدًا فإذا كان ذلك كذلك، ولم يكن اللّه تعالى ذكره وضع دلالةً على أنّ مراده من ذلك خاصٌّ من العدد، كان معلومًا أنّ حضور ما وقع عليه أدنى اسم الطّائفة ذلك المحضر مخرجٌ مقيم الحدّ ممّا أمره اللّه به بقوله: {وليشهد عذابهما طائفةٌ من المؤمنين} غير أنّي وإن كان الأمر على ما وصفت، أستحبّ أن لا يقصر بعدد من يحضر ذلك الموضع عن أربعة أنفسٍ، عدد من تقبل شهادته على الزّنا، لأنّ ذلك إذا كان كذلك فلا خلاف بين الجمع أنّه قد أدّى المقيم الحدّ ما عليه في ذلك، وهم فيما دون ذلك مختلفون). [جامع البيان: 17/139-149]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (الزّانية والزّاني فاجلدوا كلّ واحدٍ منهما مئة جلدةٍ ولا تأخذكم بهما رأفةٌ في دين اللّه إن كنتم تؤمنون باللّه واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفةٌ من المؤمنين (2)
قوله تعالى: الزّانية والزّاني فاجلدوا كلّ واحدٍ منهما
- حدّثنا يونس بن حبيبٍ، ثنا أبو داود، ثنا مبارك بن فضالة، عن الحسن، عن حطّان بن عبد اللّه الرّقاشيّ، عن عبادة: أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم قال: خذوا خذوا، قد جعل اللّه البكر بالبكر جلد مائةٍ ونفي سنةٍ، والثّيّب بالثّيّب جلد مائةٍ ورجم بالحجارة.
- حدّثنا الحسن بن محمّد بن الصّبّاح، ثنا حجاج، عن ابن جريج وعثمان ابن عطاءٍ، عن عطاءٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: فأمسكوهنّ في البيوت قال: فكان ذلك الفاحشة في هؤلاء الآيات قبل أن تنزل سورة النّور في الجلد الرجم، فإن جاءت اليوم بفاحشةٍ بيّنةٍ، فإنّها تخرج وترجم بالحجارة، فنسختها هذه الآية: الزّانية والزّاني فاجلدوا كلّ واحدٍ منهما مائة جلدةٍ.
- حدّثنا أبو زرعة، حدّثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاءٌ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: الزّانية والزّاني فاجلدوا كلّ واحدٍ منهما مائة جلدةٍ يًعنى إذا كانا بكرين لم يحصنا يجلدهما الحكّام إذا رفع إليهم وشهد أربعةٌ من المسلمين أحرارٌ عدولٌ.
- وبه، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: ولا تأخذكم بهما يًعنى: في ضربهما.
قوله: رأفةٌ.
- حدّثنا عمرو بن عبد اللّه الأوديّ، ثنا وكيعٌ، عن نافع بن عمر، عن ابن أبي ملكية، عن عبيد الله بن عبد الله ابن عمر أنّ جاريةً لابن عمر زنت، فضرب رجليها، قال نافعٌ: أراه قال: وظهرها، قال: قلت: ولا تأخذكم بهما رأفةٌ في دين اللّه قال يا بنيّ جلدها في رأسها، وقد أوجعت حيث ضربت.
- أخبرنا عمرٌو الأوديّ، ثنا وكيعٌ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قال: ولا تأخذكم بهما رأفةٌ في دين اللّه قال: الرّأفة إقامة الحدود إذا رفعت إلى السّلطان.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ ولا تأخذكم بهما رأفةٌ في دين اللّه قال: الحدّ يقام ولا يعطّل.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن فضيلٍ، عن داود بن أبي هند، عن سعيد بن جبيرٍ ولا تأخذكم بهما رأفةٌ في دين اللّه قال: الجلد.
- حدّثنا أبي، ثنا عبيد اللّه بن موسى، أنبأ أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن قتادة، عن الحسن، في قوله: ولا تأخذكم بهما رأفةٌ في دين اللّه قال: الجلد الشّديد.
- حدّثنا عليّ بن الحسن الهسنجانيّ، ثنا مسدّدٌ، ثنا خالدٌ، ثنا عطاء بن السّائب، عن عامرٍ، قوله: ولا تأخذكم بهما رأفةٌ قال: رحمةٌ في شدّة الجلد.
- حدّثنا عليّ بن الحسن، ثنا مسدّدٌ، ثنا أبو معاوية، عن الحجّاج، عن عطاءٍ في قوله: ولا تأخذكم بهما رأفةٌ في دين اللّه قال: يعنى في إقامة الحدّ أن لا تعطيل، فأمّا الضّرب فضربٌ ليس بالتّبريح.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن بشّارٍ، ثنا محمّد بن جعفرٍ غندرٌ، ثنا شعبة، عن حمّادٍ قال: يجلد القاذف وعليه ثيابه والزّاني يخلع ثيابه، وتلا ولا تأخذكم بهما رأفةٌ فقلت: هذا في الحكم، فقال: هكذا في الحكم والجلد.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني عبد اللّه ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: ولا تأخذكم بهما رأفةٌ في دين اللّه يًعنى في حكم اللّه الّذي حكم على الزّاني.
قوله: إن كنتم.
- حدّثنا موسى بن أبي موسى الخطميّ، ثنا هارون بن حاتمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن أبي حمّادٍ عن أسباط بن نصرٍ، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ قوله: إن قال: ما كان في القرآن إن بكسر الألف فلم يكن.
قوله: إن كنتم تؤمنون.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاءٌ، عن سعيد بن جبيرٍ قوله: إن كنتم يعنى الحكّام، تؤمنون يعنى تصدّقون باللّه يعنى بتوحيد اللّه، واليوم الآخر يعنى وتصدّقون بالبعث الّذي فيه جزاء الأعمال، فأقيموا الحدود وليشهد يعنى وليحضر، عذابهما يعنى حدّهما.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا زكريّا بن يحيى الخزّاز البصريّ، ثنا خالد بن الحارث، ثنا الأشعث عن الحسن وليشهد عذابهما طائفةٌ من المؤمنين قال: علانيةً.
- حدّثنا أبي، ثنا يحيى بن عثمان، ثنا بقيّة، سمعت نصر بن علقمة في قوله: وليشهد عذابهما طائفةٌ من المؤمنين قال: ليس ذاك للفضيحة، إنّما ذاك ليدعى اللّه لهما بالتوبة والرحمة.
قوله: طائفة.
[الوجه الأول]
- حدّثنا محمّد بن إسماعيل الأحمسيّ، ثنا المحاربيّ، عن أشعث، عن أبيه، عن أبي برزة الأسلميّ، وكان من أصحاب الشّجرة قال: أتي بأمةٍ لبعض أهله، وقد ولدت من الزّنا قبل ذلك بأيّامٍ، وعنده نفرٌ نحوٌ من عشرةٍ، فأمر بها فأجلست في ناحيةٍ، ثمّ أمر بثوبٍ فطرح عليها، ثمّ أعطى السّوط رجلا فقال: اجلدها خمسين جلدةً، ليس باليسير ولا بالخصعة، فقام فجلدها وجعل يفرّق عليها الضّرب، ثمّ قرأ:
وليشهد عذابهما طائفةٌ من المؤمنين.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: وليشهد عذابهما طائفةٌ من المؤمنين قال: الطّائفة الرّجل فما فوق.
- حدّثني محمّد بن حمّادٍ الطّهرانيّ، ثنا حفص بن عمر، ثنا الحكم ابن أبان، عن عكرمة في قوله: وليشهد عذابهما طائفةٌ من المؤمنين قال: الواحد طائفةٌ.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا زيد بن حبابٍ، ثنا شعبة، عن أبي بشر، عن مجاهدٍ وليشهد عذابهما طائفةٌ من المؤمنين قال: الطّائفة رجلٌ إلى ألف رجلٍ.
الوجه الثّاني:
- أخبرنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ فيما كتب إليّ، أنبأ عبد الرّزّاق، أنبأ معمرٌ، عن قتادة في قوله: وليشهد عذابهما طائفةٌ من المؤمنين قال: نفرٌ.
والوجه الثّالث:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، وليشهد عذابهما طائفةٌ من المؤمنين يعني رجلين فصاعدًا.
والوجه الرّابع:
- حدّثنا أبو عبيد اللّه ابن أخي ابن وهبٍ، ثنا عمّي، أنبأ يونس ابن يزيد وابن أبي ذئبٍ، عن الزّهريّ: يعنى قوله: وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين قال: ثلاثة نفرٍ فصاعدًا.
والوجه الخامس:
- حدّثنا أبو عبيد اللّه ابن أخي ابن وهبٍ، ثنا عمّي، قال: قال: الإمام مالك بن أنسٍ وليشهد عذابهما طائفةٌ من المؤمنين قال: الطّائفة أرى أربعة نفرٍ فصاعدًا، لأنّه لا تكون شهادةٌ في الزّنا دون أربعة شهداء فصاعدًا.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد النّرسيّ، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: وليشهد عذابهما طائفةٌ من المؤمنين ليكون ذلك عبرةً وموعظة، نكالا.
قوله: من المؤمنين.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني ابن لهيعة حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، في قوله: المؤمنين يعنى المصدّقين.
- أخبرنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ فيما كتب إليّ، أنبأ عبد الرّزّاق ، ثنا معمرٌ، عن قتادة في قوله: طائفةٌ من المؤمنين قال: نفرٌ من المسلمين). [تفسير القرآن العظيم: 8/2517-2521]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين.
أخرج عبد الرزاق، وابن أبي شيبة وعبد بن الحميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عطاء {ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله} قال: في الحد أن يقام عليهم ولا يعطل، أما انه ليس بشدة الجلد). [الدر المنثور: 10/618]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق وعبد بن الحميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد {ولا تأخذكم بهما رأفة} قال: في إقامة الحد). [الدر المنثور: 10/618]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك {ولا تأخذكم بهما رأفة} قال: في تعطيل الحد). [الدر المنثور: 10/618]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن عمران بن حدير قال: قلت لأبي مجلز {ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله} قال: إنا لنرجم الرجل أو يجلد أو يقطع قال: ليس كذاك إنما إذا رفع للسلطان فليس له أن يدعهم رحمة لهم حتى يقيم عليهم الحد). [الدر المنثور: 10/618]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن الحميد، وابن جرير عن الحسن {ولا تأخذكم بهما رأفة} قال: الجلد الشديد). [الدر المنثور: 10/619]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم وعامر {ولا تأخذكم بهما رأفة} قالا: شدة الجلد في الزنا ويعطى كل عضو منه حقه). [الدر المنثور: 10/619]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن الحميد، وابن جرير عن شعبة قال: قلت لحماد الزاني يضرب ضربا شديدا قال: نعم ويخلع عنه ثيابه قال الله {ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله} قلت له: إنما ذلك في الحكم قال: في الحكم والجلد). [الدر المنثور: 10/619]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عمرو بن شعيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قضى الله ورسوله إن شهد أربعة على بكرين جلدا كما قال الله مائة جلدة وغربا سنة غير الأرض التي كانا بها وتغريبهما سنتي). [الدر المنثور: 10/619]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق عبيد الله بن عبد الله بن عمر، أن جارية لابن عمر زنت فضرب رجليها وظهرها فقلت {ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله} فقال: إن الله لم يأمرني أن أقتلها، ولا أن أجلد رأسها وقد أوجعت حيث ضربت). [الدر المنثور: 10/619-620]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن أبي برزة الأسلمي أنه أتي بأمة لبعض أهله قد زنت وعنده نفر نحو عشرة فأمر بها فاجلست في ناحية ثم أمر بثوب فطرح عليها ثم أعطى السوط رجلا فقال: اجلد خمسين جلدة ليس باليسير ولا بالخضفة فقام فجلدها وجعل يفرق عليها الضرب ثم قرأ {وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين} ). [الدر المنثور: 10/620]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس {وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين} قال الطائفة الرجل فما فوقه). [الدر المنثور: 10/620]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الحسن {وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين} قال: الطائفة عشرة). [الدر المنثور: 10/620]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن مجاهد في الآية قال: الطائفة واحد إلى الألف). [الدر المنثور: 10/621]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال: أمر الله أن يشهد عذابهما طائفة من المؤمنين ليكون ذلك عبرة وموعظة ونكالا لهم). [الدر المنثور: 10/621]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن عكرمة في الآية قال: ليحضر رجلان فصاعدا). [الدر المنثور: 10/621]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن الزهري قال: الطائفة الثلاثة فصاعدا). [الدر المنثور: 10/621]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عن ابن زيد في الآية قال: الطائفة أربعة). [الدر المنثور: 10/621]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن نصر بن علقمة في قوله {وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين} قال: ليس ذلك للفضيحة إنما ذاك ليدعو الله لهما بالتوبة والرحمة). [الدر المنثور: 10/621]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن الشيباني قال: قلت لابن أبي أوفى رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: نعم، قلت: بعدما أنزلت سورة النور أو قبلها قال: لا أدري). [الدر المنثور: 10/621]

تفسير قوله تعالى: (الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (3) )

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وقاله الزهري وقتادة قالوا كان في الجاهلية بغايا معلوم ذلك منهن فأراد ناس من المسلمين نكاحهن فأنزل الله تعالى الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين). [تفسير عبد الرزاق: 2/50-51]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وقال ابن أبي نجيح أخبرني القاسم بن أبي بزة قال كان الرجل ينكح الزانية في الجاهلية التي قد علم ذلك منها يتخذها مأكلة فأراد ناس من المسلمين نكاحهن على تلك الجهة فنهوا عن ذلك.
أنا معمر عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيب قال نسختها وانكحوا الأيمى منكم). [تفسير عبد الرزاق: 2/51]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن عبد الله بن شبرمة عن سعيد بن جبير وعكرمة في قوله الزاني لا ينكح إلا زانية قال هو الوطء يعني لا يزني الزاني إلا بزانية). [تفسير عبد الرزاق: 2/51]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا الثوري عن حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى الزاني لا ينكح إلا زانية قال ليس هذا بالنكاح ولكنه الجماع ألا يزني حين يزني إلا زان أو مشرك يقول الزاني لا يزني إلا بزانية). [تفسير عبد الرزاق: 2/51]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (حدثنا سفيان الثوري عن سلمة بن كهيلٍ عن مجاهدٍ قال: نزلت هذه الآية {الزاني لا ينكح إلا زانيةً أو مشركة} قال: نزلت في نساءٍ معلوماتٍ بالمدينة كان يقال لهنّ بغيّاتٌ أو لقيات الشّكّ من أبي جعفرٍ نزلت فيهن خاصة [الآية: 3]). [تفسير الثوري: 220]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان الثوري عن حمّادٍ عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله: {الزاني لا ينكح إلا زانية} قال: ليس هو بالنّكاح الحلال ولكن الجماع). [تفسير الثوري: 221]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا عبد بن حميدٍ، قال: حدّثنا روح بن عبادة، عن عبيد الله بن الأخنس قال: أخبرني عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن جدّه، قال: كان رجلٌ يقال له: مرثد بن أبي مرثدٍ، وكان رجلاً يحمل الأسرى من مكّة حتّى يأتي بهم المدينة، قال: وكانت امرأةٌ بغيٌّ بمكّة يقال لها: عناقٌ وكانت صديقةً له، وإنّه كان وعد رجلاً من أسارى مكّة يحمله، قال: فجئت حتّى انتهيت إلى ظلّ حائطٍ من حوائط مكّة في ليلةٍ مقمرةٍ، قال: فجاءت عناقٌ فأبصرت سواد ظلّي بجنب الحائط فلمّا انتهت إليّ عرفت، فقالت: مرثدٌ؟ فقلت: مرثدٌ. فقالت: مرحبًا وأهلاً هلمّ فبت عندنا اللّيلة. قال: قلت: يا عناق حرّم اللّه الزّنا، قالت: يا أهل الخيام، هذا الرّجل يحمل أسراءكم، قال: فتبعني ثمانيةٌ وسلكت الخندمة فانتهيت إلى كهفٍ أو غارٍ فدخلت، فجاءوا حتّى قاموا على رأسي فبالوا فظلّ بولهم على رأسي وعمّاهم اللّه عنّي، قال: ثمّ رجعوا ورجعت إلى صاحبي فحملته وكان رجلاً ثقيلاً حتّى انتهيت إلى الإذخر، ففككت عنه أكبله فجعلت أحمله ويعييني حتّى قدمت المدينة، فأتيت رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم فقلت: يا رسول الله، أنكح عناقًا؟ فأمسك رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم فلم يردّ عليّ شيئًا حتّى نزلت الزّاني لا ينكح إلاّ زانيةً أو مشركةً والزّانية لا ينكحها إلاّ زانٍ أو مشركٌ، فقال رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم: يا مرثد الزّاني لا ينكح إلاّ زانيةً أو مشركةً والزّانية لا ينكحها إلاّ زانٍ أو مشركٌ، فلا تنكحها.
هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ، لا نعرفه إلاّ من هذا الوجه). [سنن الترمذي: 5/181-182]

قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {والزّانية لا ينكحها إلّا زانٍ أو مشركٌ}
- أخبرنا عمرو بن عليٍّ، حدّثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن الحضرميّ، عن القاسم بن محمّدٍ، عن عبد الله بن عمرٍو، قال: " كانت امرأةٌ يقال لها أمّ مهزولٍ، وكانت بجيادٍ وكانت تسافح، فأراد رجلٌ من أصحاب النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن يتزوّجها، فأنزل الله عزّ وجلّ {والزّانية لا ينكحها إلّا زانٍ أو مشركٍ وحرّم ذلك على المؤمنين} [النور: 3]). [السنن الكبرى للنسائي: 10/197]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {الزّاني لا ينكح إلاّ زانيةً أو مشركةً والزّانية لا ينكحها إلاّ زانٍ أو مشركٌ وحرّم ذلك على المؤمنين}.
اختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: نزلت هذه الآية في بعض من استأذن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في نكاح نسوةٍ كنّ معروفاتٍ بالزّنا من أهل الشّرك، وكنّ أصحاب راياتٍ، يكرين أنفسهنّ، فأنزل اللّه تحريمهنّ على المؤمنين، فقال: الزّاني من المؤمنين لا يتزوّج إلاّ زانيةً أو مشركةً، لأنّهنّ كذلك، والزّانية من أولئك البغايا لا ينكحها إلاّ زانٍ من المؤمنين أو المشركين، أو مشركٌ مثلها، لأنّهنّ كنّ مشركاتٍ {وحرّم ذلك على المؤمنين} فحرّم اللّه نكاحهنّ في قول أهل هذه المقالة بهذه الآية.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا المعتمر، عن أبيه، قال: حدّثني الحضرميّ، عن القاسم بن محمّدٍ، عن عبد اللّه بن عمرٍو، أنّ رجلاً، من المسلمين استأذن نبيّ اللّه في امرأةٍ يقال لها: أمّ مهزولٍ، كانت تسافح الرّجل، وتشترط له أن تنفق عليه، وأنّه استأذن فيها نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وذكر له أمرها، قال: فقرأ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {الزّانية لا ينكحها إلاّ زانٍ أو مشركٌ} أو قال: فأنزلت {الزّانية}.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثني هشيم، عن التّيميّ، عن القاسم بن محمّدٍ، عن عبد اللّه بن عمرٍو، في قوله: {الزّاني لا ينكح إلاّ زانيةً أو مشركةً والزّانية لا ينكحها إلاّ زانٍ أو مشركٌ} قال: كنّ نساءً معلوماتٍ قال: فكان الرّجل من فقراء المسلمين يتزوّج المرأة منهنّ لتنفق عليه، فنهاهم اللّه عن ذلك.
- قال: أخبرنا سليمان التّيميّ، عن سعيد بن المسيّب قال: كنّ نساءً موارد بالمدينة.
- حدّثنا أحمد بن المقدام، قال: حدّثنا المعتمر، قال: سمعت أبي قال: حدّثنا قتادة، عن سعيد بن المسيّب، في هذه الآية: {والزّانية لا ينكحها إلاّ زانٍ أو مشركٌ} قال: نزلت في نساءٍ موارد كنّ بالمدينة.
- حدّثنا ابن المثنّى قال: حدّثنا عمرو بن عاصمٍ الكلابيّ قال: حدّثنا معتمرٌ، عن أبيه، عن قتادة، عن سعيدٍ، بنحوه.
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الأعلى قال: حدّثنا داود، عن رجلٍ، عن عمرو بن شعيبٍ قال: كان لمرثدٍ صديقةٌ في الجاهليّة يقال لها عناق، وكان رجلاً شديدًا، وكان يقال له دلدلٌ، وكان يأتي مكّة، فيحمل ضعفة المسلمين إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فلقي صديقته، فدعته إلى نفسها، فقال: إنّ اللّه قد حرّم الزّنا فقالت: أنّى تبرز فخشي أن تشيع عليه، فرجع إلى المدينة، فأتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: يا رسول اللّه، كانت لي صديقةٌ في الجاهليّة، فهل ترى لي نكاحها؟ قال: فأنزل اللّه: {الزّاني لا ينكح إلاّ زانيةً أو مشركةً والزّانية لا ينكحها إلاّ زانٍ أو مشركٌ} قال: كنّ نساءً معلوماتٍ يدعون القليقيّات.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن إبراهيم بن مهاجرٍ، قال: سمعت مجاهدًا، يقول في هذه الآية: {الزّاني لا ينكح إلاّ زانيةً أو مشركةً} قال: كنّ بغايا في الجاهليّة.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن عبد الملك، عمّن أخبره عن مجاهدٍ، نحوًا من حديث ابن المثنّى، إلاّ أنّه قال: كانت امرأةٌ منهنّ يقال لها: أمّ مهزولٍ يعني في قوله: {الزّاني لا ينكح إلاّ زانيةً أو مشركةً} قال: فكنّ نساءً معلوماتٍ قال: فكان الرّجل من فقراء المسلمين يتزوّج المرأة منهنّ لتنفق عليه، فنهاهم اللّه عن ذلك هذا من حديث التّيميّ
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {الزّاني لا ينكح إلاّ زانيةً} قال: رجالٌ كانوا يريدون الزّنا بنساءٍ زوانٍ بغايا متعالماتٍ، كنّ في الجاهليّة، فقيل لهم: هذا حرامٌ، فأرادوا نكاحهنّ، فحرّم اللّه عليهم نكاحهنّ.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، بنحوه، إلاّ أنّه قال: بغايا معلناتٍ، كنّ كذلك في الجاهليّة.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، وإسماعيل بن أبي خالدٍ، عن الشّعبيّ، وابن أبي ذئبٍ، عن شعبة، عن ابن عبّاسٍ، قال: كنّ بغايا في الجاهليّة، على أبوابهنّ راياتٌ مثل رايات البيطار، يعرفن بها.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن قيس بن سعدٍ، عن عطاء بن أبي رباحٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: نساءٌ بغايا متعالماتٌ، حرّم اللّه نكاحهنّ، لا ينكحهنّ إلاّ زانٍ من المؤمنين، أو مشركٌ من المشركين.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {الزّاني لا ينكح إلاّ زانيةً أو مشركةً والزّانية لا ينكحها إلاّ زانٍ أو مشركٌ وحرّم ذلك على المؤمنين} قال: كانت بيوتٌ تسمّى المواخير في الجاهليّة، وكانوا يؤاجرون فيها فتياتهنّ، وكانت بيوتًا معلومةً للزّنا، لا يدخل عليهنّ ولا يأتيهنّ إلاّ زانٍ من أهل القبلة، أو مشركٌ من أهل الأوثان، فحرّم اللّه ذلك على المؤمنين.
- حدّثني يعقوب قال: حدّثنا ابن عليّة، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ، في قوله: {الزّاني لا ينكح إلاّ زانيةً أو مشركةً والزّانية لا ينكحها إلاّ زانٍ أو مشركٌ} قال: بغايا متعالماتٌ كنّ في الجاهليّة، بغيّ آل فلانٍ، وبغيّ آل فلانٍ، فأنزل اللّه: {الزّاني لا ينكح إلاّ زانيةً أو مشركةً والزّانية لا ينكحها إلاّ زانٍ أو مشركٌ وحرّم ذلك على المؤمنين} فحكم اللّه بذلك من أمر الجاهليّة على الإسلام. فقال له سليمان بن موسى: أبلغك ذلك عن ابن عبّاسٍ؟ فقال: نعم.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ قال: سمعت عطاء بن أبي رباحٍ يقول في ذلك: كنّ بغايا متعالماتٍ، بغيّ آل فلانٍ، وبغيّ آل فلانٍ، وكنّ زواني مشركاتٍ، فقال: {الزّاني لا ينكح إلاّ زانيةً أو مشركةً والزّانية لا ينكحها إلاّ زانٍ أو مشركٌ وحرّم ذلك على المؤمنين} قال: أحكم اللّه من أمر الجاهليّة بهذا. قيل له: أبلغك هذا عن ابن عبّاسٍ؟ قال: نعم.
قال ابن جريجٍ: وقال عكرمة: إنّه كان يسمّي تسعًا يعدّ صواحب الرّايات، وكنّ أكثر من ذلك، ولكنّ هؤلاء أصحاب الرّايات: أمّ مهزولٍ: جارية السّائب بن أبي السّائب المخزوميّ، وأمّ عليطٍ: جارية صفوان بن أميّة، وحنّة القبطيّة: جارية العاصي بن وائلٍ، ومريّة: جارية مالك بن عميلة بن السّبّاق بن عبد الدّار، وحلالة: جارية سهيل بن عمرٍو، وأمّ سويدٍ: جارية عمرو بن عثمان المخزوميّ، وسريفة: جارية زمعة بن الأسود، وفرسة: جارية هشام بن ربيعة بن حبيب بن حذيفة بن جبل بن مالك بن عامر بن لؤيٍّ، وقريبا: جارية هلال بن أنس بن جابر بن نمر بن غالب بن فهرٍ.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، وقاله الزّهريّ، وقتادة، قالوا: كان في الجاهليّة بغايا، معلومٌ ذلك منهنّ، فأراد ناسٌ من المسلمين نكاحهنّ، فأنزل اللّه: {الزّاني لا ينكح إلاّ زانيةً أو مشركةً والزّانية لا ينكحها إلاّ زانٍ أو مشركٌ} الآية.
- حدّثنا الحسن قال: أخبرنا عبد الرّزّاق قال: أخبرنا معمرٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، وقاله الزّهريّ وقتادة، قالوا: كانوا في الجاهليّة بغايا، ثمّ ذكر نحوه.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن القاسم بن أبي بزّة: كان الرّجل ينكح الزّانية في الجاهليّة الّتي قد علم ذلك منها، يتّخذها مأكلةً، فأراد ناسٌ من المسلمين نكاحهنّ على تلك الجهة، فنهوا عن ذلك.
- حدّثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرّزّاق قال: أخبرنا معمرٌ، عن ابن أبي نجيحٍ قال: قال القاسم بن أبي بزّة، فذكر نحوه.
- حدّثني يعقوب قال: حدّثنا هشيمٌ قال: أخبرنا سليمان التّيميّ، عن سعيد بن المسيّب قال: كنّ نساءً موارد بالمدينة.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن إدريس، قال: أخبرنا عبد الملك بن أبي سليمان، عن سعيد بن جبيرٍ، أنّ نساءً، في الجاهليّة كنّ يؤاجرن أنفسهنّ، وكان الرّجل إنّما ينكح إحداهنّ يريد أن يصيب منها عرضًا، فنهوا عن ذلك، ونزل: {الزّاني لا ينكح إلاّ زانيةً أو مشركةً والزّانية لا ينكحها إلاّ زانٍ أو مشركٌ} ومنهنّ امرأةٌ يقال لها أمّ مهزولٍ.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا جابر بن نوحٍ، عن إسماعيل، عن الشّعبيّ، في قوله: {الزّاني لا ينكح إلاّ زانيةً أو مشركةً والزّانية لا ينكحها إلاّ زانٍ أو مشركٌ} قال: كنّ نساءً يكرين أنفسهنّ في الجاهليّة.
وقال آخرون: معنى ذلك: الزّاني لا يزني إلاّ بزانيةٍ أو مشركةٍ، والزّانية لا يزني بها إلاّ زانٍ أو مشركٌ. قالوا: ومعنى النّكاح في هذا الموضع: الجماع.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا هنّادٌ قال: حدّثنا أبو الأحوص، عن حصينٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، في قول اللّه: {الزّاني لا ينكح إلاّ زانيةً أو مشركةً} قال: لا يزني إلاّ بزانيةٍ أو مشركةٍ.
- حدّثنا ابن المثنّى قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ قال: حدّثنا شعبة، عن يعلى بن مسلمٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، أنّه قال في هذه الآية: {والزّانية لا ينكحها إلاّ زانٍ أو مشركٌ} قال: لا يزني الزّاني إلاّ بزانيةٍ مثله أو مشركةٍ.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن ابن شبرمة، عن سعيد بن جبيرٍ، وعكرمة، في قوله: {الزّاني لا ينكح إلاّ زانيةً أو مشركةً} قالا: هو الوطء.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّدٌ، عن معمرٍ، قال: قال سعيد بن جبيرٍ ومجاهدٌ: {الزّاني لا ينكح إلاّ زانيةً أو مشركةً} قالا: هو الوطء.
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا أبي، عن سلمة بن نبيطٍ، عن الضّحّاك بن مزاحمٍ، وشعبة، عن عليّ بن مسلمٍ، عن سعيد بن جبيرٍ قوله: {الزّاني لا ينكح إلاّ زانيةً أو مشركةً والزّانية لا ينكحها إلاّ زانٍ أو مشركٌ} قالا: لا يزني الزّاني حين يزني إلاّ بزانيةٍ مثله أو مشركةٍ، ولا تزني مشركةٌ إلاّ بمثلها.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قول اللّه: {الزّاني لا ينكح إلاّ زانيةً أو مشركةً والزّانية لا ينكحها إلاّ زانٍ أو مشركٌ} قال: هؤلاء بغايا كنّ في الجاهليّة، والنّكاح في كتاب اللّه الإصابة، لا يصيبها إلاّ زانٍ أو مشركٌ، لا يحرّم الزّنا، ولا تصيب هي إلاّ مثلها.
قال: وكان ابن عبّاسٍ يقول: بغايا كنّ في الجاهليّة.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن قيس بن سعدٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: إذا زنى بها فهو زانٍ.
- حدّثنا عليّ قال: حدّثنا عبد اللّه قال: حدّثنا معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ قوله: {الزّاني لا ينكح إلاّ زانيةً أو مشركةً} قال: الزّاني من أهل القبلة لا يزني إلاّ بزانيةٍ مثله أو مشركةٍ. قال: والزّانية من أهل القبلة لا تزني إلاّ بزانٍ مثلها من أهل القبلة، أو مشركٍ من غير أهل القبلة. ثمّ قال: {وحرّم ذلك على المؤمنين}.
وقال آخرون: كان هذا حكم اللّه في كلّ زانٍ وزانيةٍ، حتّى نسخه بقوله: {وأنكحوا الأيامى منكم}، فأحلّ نكاح كلّ مسلمةٍ، وإنكاح كلّ مسلمٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن يحيى بن سعيدٍ، عن سعيد بن المسيّب، في قوله: {الزّاني لا ينكح إلاّ زانيةً أو مشركةً والزّانية لا ينكحها إلاّ زانٍ أو مشركٌ وحرّم ذلك على المؤمنين} قال: يرون الآية الّتي بعدها نسختها: {وأنكحوا الأيامى} منكم، قال: فهنّ من أيامى المسلمين.
- حدّثنا القاسم قال حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ قال: أخبرني يحيى بن سعيدٍ، عن سعيد بن المسيّب: {الزّاني لا ينكح إلاّ زانيةً أو مشركةً والزّانية لا ينكحها إلاّ زانٍ أو مشركٌ} قال: نسختها الّتي بعدها: {وأنكحوا الأيامى} منكم، وقال: إنّهنّ من أيامى المسلمين.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، قال: وذكر عن يحيى، عن ابن المسيّب، قال: نسختها: {وأنكحوا الأيامى منكم}.
- حدّثنا الحسن قال: أخبرنا عبد الرّزّاق قال: أخبرنا معمرٌ، عن يحيى بن سعيدٍ، عن سعيد بن المسيّب قال: نسخها قوله: {وأنكحوا الأيامى}.
- حدّثني يونس قال: أخبرنا أنس بن عياضٍ، عن يحيى قال: ذكر الزّاني عند سعيد بن المسيّب: {الزّاني لا ينكح إلاّ زانيةً أو مشركةً} قال: فسمعته يقول: إنّها قد نسختها الّتي بعدها. ثمّ قرأها سعيدٌ، قال: يقول اللّه: {الزّاني لا ينكح إلاّ زانيةً أو مشركةً} ثمّ يقول اللّه: {وأنكحوا الأيامى} منكم فهنّ من أيامى المسلمين.
قال أبو جعفرٍ: وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصّواب قول من قال: عني بالنّكاح في هذا الموضع الوطء، وأنّ الآية نزلت في البغايا المشركات ذوات الرّايات، وذلك لقيام الحجّة على أنّ الزّانية من المسلمات حرامٌ على كلّ مشركٍ، وأنّ الزّاني من المسلمين حرامٌ عليه كلّ مشركةٍ من عبدة الأوثان.
فمعلومٌ إذا كان ذلك كذلك أنّه لم يعن بالآية أنّ الزّاني من المؤمنين لا يعقد عقد نكاحٍ على عفيفةٍ من المسلمات، ولا ينكح إلاّ زانيةً أو مشركةً. وإذ كان ذلك كذلك، فبيّنٌ أنّ معنى الآية: الزّاني لا يزني إلاّ بزانيةٍ لا تستحلّ الزّنا، أو بمشركةٍ تستحلّه.
وقوله: {وحرّم ذلك على المؤمنين} يقول: وحرّم الزّنا على المؤمنين باللّه ورسوله، وذلك هو النّكاح الّذي قال جلّ ثناؤه: {الزّاني لا ينكح إلاّ زانيةً} ). [جامع البيان: 17/149-161]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (الزّاني لا ينكح إلّا زانيةً أو مشركةً والزّانية لا ينكحها إلّا زانٍ أو مشركٌ وحرّم ذلك على المؤمنين (3)
قوله: الزّاني لا ينكح إلا زانيةً.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو خالدٍ، عن ابن أبي ذئبٍ قال: سمعت شعبة مولى ابن عبّاسٍ، قال: سمعت ابن عبّاسٍ ورجلٌ سأله فقال: إنّي كنت ألمّ بامرأةٍ آتي منها ما حرّم اللّه عزّ وجلّ عليّ، فرزقني اللّه من ذلك توبةً، فأردت أن أتزوّجها، فقال أناسٌ: إنّ الزّاني لا ينكح إلّا زانيةً، فقال ابن عبّاسٍ: ليس هذا في هذا، انكحها فما كان من إثمٍ فعليّ.
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ الواسطيّ، ثنا عبد الرّحمن، عن سفيان ، عن حبيب بن أبي عمرة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: الزّاني لا ينكح إلا زانيةً أو مشركةً قال: ليس هذا بالنّكاح، إنّما هو الجماع لا يزني بها إلا زانٍ أو مشركٌ، وروى، عن الضّحّاك، وسعيد بن جبيرٍ، وعكرمة نحو ذلك.
- حدّثنا عليّ بن الحسن الهسنجانيّ، ثنا مسدّدٌ، ثنا خالدٌ، ثنا حبيب بن أبي عمرة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ في قول اللّه عزّ وجلّ الزّاني لا ينكح إلا زانيةً قال: النّكاح هو الجماع، فما كان منه حلالٌ فهو حلالٌ، وما كان منه حرامٌ فهو حرامٌ.
- حدّثنا حمّاد بن الحسن بن عنبسة، ثنا أبو داود، ثنا قيسٌ، عن أبي حصينٍ، عن سعيد ابن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: الزّاني لا ينكح إلا زانيةً لا يزني إلا بزانيةٍ أو مشركةٍ.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ ابن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: الزّاني لا ينكح إلا زانيةً أو مشركةً قال: الزّاني من أهل القبلة، لا يزني إلا بزانيةٍ مثله من أهل القبلة.
- حدّثنا أسيد بن عاصمٍ، ثنا المؤمّل، عن سفيان، ثنا حمّادٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، في قوله: الزّاني لا ينكح إلّا زانيةً أو مشركةً قال: ليس بالنّكاح الحلال ولكنّه السّفاح.
- حدّثنا هارون بن إسحاق، ثنا عبدة، عن هشام بن عروة، عن عاصم بن المنذر قال: سألت عروة، عن قوله: الزّاني لا ينكح إلا زانيةً أو مشركةً قال: كنّ نساءً بغايا في الجاهليّة لهنّ راياتٌ يعرفن بها.
- حدّثنا المنذر بن شاذان، ثنا يعلى بن عبيدٍ، ثنا عبد الملك بن أبي سليمان، عن القاسم بن أبي بزّة، عن مجاهدٍ في قوله: الزّاني لا ينكح إلا زانيةً أو مشركةً والزّانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشركٌ وحرّم ذلك على المؤمنين قال: كن نساء في الجاهلية بغيات فيهنّ امرأةٌ تدعى أمّ مهزولٍ جميلةٌ، فكان الرّجل من المسلمين يتزوّج بإحداهنّ لتنفق عليه من كسبها، فنهى اللّه، عن ذلك أن يتزوّجهنّ أحدٌ من المسلمين.
- قرأت على محمّد بن الفضل بن موسى، ثنا محمّد بن علي بن الحسن بن شقيقٍ، ثنا محمّد بن مزاحمٍ، ثنا بكير بن معروفٍ، عن مقاتل ابن حيّان. قوله: الزّاني لا ينكح إلا زانيةً أو مشركةً والزّانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشركٌ وحرّم ذلك على المؤمنين قال: لمّا قدم المهاجرون المدينة، قدموها وهم بجهدٍ، إلا قليل منهم، والمدينة غالية السّعر، شديدة الجهد، الخير بها قليلٌ. وفي السّوق زوانٍ متعالماتٌ من أهل الكتاب، وإماء الأنصار منهنّ أميّة وليدة عبد اللّه بن أبيٍّ، ومسيكية بنت أميّة لرجلٍ من الأنصار. في بغايا من ولائد الأنصار، وقد رفعت كلّ امرأةٍ منهنّ على بابها علامةً كعلامة البيطار ليعرف أنّها زانيةٌ مؤجّرةٌ، وكنّ من أخصب أهل المدينة وأكثره خيرًا، فرغب أناسٌ من المهاجرين المسلمين فيما يكتسبن، للّذي هم فيه من الجهد، فأشار بعضهم على بعضٍ، لو تزوّجنا بعض هؤلاء الزواني، فنصيب من فضول أطعماتهن، فقال بعضهم: نستأمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فأتوه فقالوا: يا رسول اللّه قد شقّ علينا الجهد، ولا نجد ما نأكل، وفي السّوق بغايا نساء أهل الكتاب، وولائدهنّ وولائد الأنصار، يكتسبن لأنفسهنّ، فيصلح لنا أن نتزوّج منهنّ، فنصيب من فضول ما يكتسبن، فإذا وجدنا عنه غنًى تركناهنّ، فأنزل اللّه عزّ وجلّ على نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم بأنّ ذلك حرامٌ على المؤمنين، أن يتزوّجوا الزّواني المسافحات المعالنات زناهنّ، فقال: الزّاني من أهل القبلة لا ينكح إلا زانيةً من بغايا ولائد الأنصار، أو زانيةً مجلودةً في الزّنا من أهل القبلة، أو مشركةً من أهل الكتاب يهوديّةً أو نصرانيّةً، من بغايا ولائد الأنصار.
- أخبرنا محمّد بن سعد بن عطيّة العوفيّ فيما كتب إليّ، حدّثني أبي، حدّثني عمّي حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ في قوله: الزّاني لا ينكح إلّا زانيةً أو مشركةً الآية قال: كانت بيوتٌ تسمّى المواخير في الجاهليّة، وكانوا يؤاجرون فيها فتياتهم، وكانت بيوتٌ معلومة الزّنا، لا يدلّ عليهنّ ولا يأتيهنّ إلا زانٍ من أهل القبلة، أو مشركٌ من أهل الأوثان، فحرّم اللّه ذلك على المؤمنين.
- حدّثنا يونس بن حبيبٍ، ثنا أبو داود، ثنا قيسٍ، عن أبي حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: الزّاني لا ينكح إلا زانيةً أو مشركةً والزّانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشركٌ قال: الزّاني لا يزني إلا بزانيةٍ أو مشركةٍ، والزّانية لا يزني بها إلا زانٍ أو مشركٌ.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله: الزّاني لا ينكح إلا زانيةً قال: رجالٌ كانوا يريدون الزّنا بنساءٍ زوانٍ متعالماتٍ، كنّ كذلك في الجاهليّة، فقيل لهم: هذا حرامٌ، فأرادوا نكاحهنّ فحرّم اللّه عليهم نكاحهنّ.
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ، ثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن سفيان ، عن سلمة بن كهيلٍ، عن مجاهدٍ: الزّاني لا ينكح إلا زانيةً أو مشركةً قال: نساءٌ معلوماتٌ يدعين القليقات.
- حدّثنا أبي، ثنا مسدّدٌ أبو الحسن، ثنا عبد الوارث، عن حبيبٍ المعلّم حدّثني عمرو بن شعيبٍ، عن سعيدٍ المقبريّ، عن أبي هريرة قال: قال: رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: لا ينكح الزّاني المجلود إلا مثله.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو خالدٍ، عن يحيى بن سعيدٍ، عن سعيد بن المسيّب قال: ذكر عنده الزّاني لا ينكح إلا زانيةً أو مشركةً والزّانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشركٌ قال: كان يقال: نسختها الّتي بعدها وأنكحوا الأيامى منكم قال: كان يقال: الأيامى من المسلمين.
- حدّثنا أبي، ثنا ابن أبي عمر، ثنا سفيان، عن عبيد اللّه بن أبي يزيد قال: سمعت ابن عبّاسٍ يقول: الزّاني لا ينكح إلا زانيةً أو مشركةً قال: حكم بينهما. سئل سفيان، عن تفسيره قال: لم يفسره لنا.
قوله تعالى: أو مشركةً.
- حدّثنا عليّ بن الحسن، ثنا مسدّدٌ، ثنا ابن أبي عديٍّ أنبأ ابن جريجٍ، عن عطاءٍ يعنى قوله: الزّاني لا ينكح إلّا زانيةً أو مشركةً قال: كنّ بغايا متعالناتٍ في الجاهليّة، فبغي آل فلانٍ، فقال اللّه عزّ وجلّ: الزّاني لا ينكح إلا زانيةً أو مشركةً لهنّ، قيل له: أبلغك ذلك، عن ابن عبّاسٍ؟ قال: نعم.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ كاتب اللّيث، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: أو مشركةً قال: أو مشركةً من غير أهل القبلة.
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن علي، ثنا محمد ابن مزاحمٍ، ثنا بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان قوله: أو مشركةً قال: مشركةً من أهل الكتاب يهوديّةً أو نصرانيّةً.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، أنبأ أصبغ، قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد في قول اللّه: الزّاني لا ينكح إلا زانيةً أو مشركةً قال: هؤلاء بغايا كنّ في الجاهليّة، والنّكاح في كتاب اللّه الإصابة، لا يصيبها إلا زانٍ أو مشركٌ، لا حرم الزّنا ولا يصيب هو إلا مثلها.
قوله تعالى: والزّانية لا ينكحها إلا زانٍ.
- حدّثنا عبد الرّزّاق بن بكرٍ الاصبهانى، ثنا هريم بن عبد الأعلى، ثنا المعتمر، عن أبيه، ثنا الحضرميّ، عن القاسم بن محمّدٍ، عن عبد الله بن عمرو ابن العاص أنّ رجلا استأذن نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في امرأةٍ يقال لها: أمّ مهزولٍ كانت تسافح، وتشترط أن تنفق، وأنّه استأذن نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أو ذكر له أمرها، قال: فقرأ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم والزّانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشركٌ.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن إدريس، عن عبد الملك، عن القاسم بن أبي بزّة، عن سعيد بن جبيرٍ قال: كنّ نساءً بغايا في الجاهليّة، فكان الرّجل ينكح المرأة في الإسلام، فيصيب منها، فحرّم ذلك في الإسلام، فأنزل اللّه: والزّانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشركٌ وحرّم ذلك على المؤمنين.
- حدّثنا أبو سعيدٍ، ثنا أحمد بن بشيرٍ، عن ابن شبرمة، عن عكرمة: والزّانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشركٌ قال: لا ينكحها إلا وهو كذلك.
- حدّثنا محمّد بن إسماعيل الأحمسيّ، ثنا وكيعٌ، عن شعبة، عن يعلى ابن مسلمٍ، عن سعيد بن جبيرٍ الزّاني لا ينكح إلا زانيةً أو مشركةً والزّانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك قال: لا يزني حين يزني إلا بزانيةٍ مثله أو مشركةٍ، ولا تزني حين تزني إلا بمثلها.
- ذكر، عن يحيى بن معين القطّان، ثنا عبيد اللّه بن الأخنس، عن عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن جدّه، أنّ مرثد بن أبي مرثدٍ الغنويّ كان رجلا شديدًا، وكان يحمل الأسارى من مكّة إلى المدينة، فوعدت رجلا لأحمله، وكان بمكة بقية، يقال لها: عناقٌ، وكانت صديقته، فخرجت، فرأت سوادًا في ظلّ حائطٍ، فقالت: من هذا؟ مرثدٌ؟ قلت: مرثدٌ، قالت: مرحبًا وأهلا يا مرثد: انطلق اللّيلة فبت عندنا في الحلّ. فقلت: يا عناق، إنّ اللّه قد حرّم الزنا، قالت: يا أهل الخيام، هذا الدّلدل الّذي يحمل أساراكم من مكّة إلى المدينة، قال: فسلكت الخندمة، ودخلت كهفًا أو غارًا، وطلبني ثمانيةٌ، فجاءوا حتّى قاموا على رأسي، فعماهم اللّه عنّي، فجئت إلى صاحبي، فحملته، فلمّا انتهيت به الأراك فككت عنه، وجئت إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقلت: أنكحني عناقًا، فسكت عنّي فنزلت والزّانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشركٌ فدعاني وقرأها عليّ، وقال: لا تنكحها.
- حدّثنا أبي، قال: ذكره أبو مسهرٍ، ثنا سعيد بن عبد العزيز، عن مكحولٍ الزّاني لا ينكح إلا زانيةً أو مشركةً والزّانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشركٌ قال: الزّاني مكشوفٌ ستره، لا ينكح إلا زانيةً مكشوفًا سترها.
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليٍّ، ثنا محمّد ابن مزاحمٍ، ثنا بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان: والزّانية لا ينكحها إلا زانٍ قال: والزّاني من أهل الكتاب والزّانية لا ينكحها إلا زانٍ مجلودٌ من أهل القبلة.
- حدّثنا عليّ بن الحسن الهسنجانيّ، ثنا مسدّدٌ، ثنا ابن أبي عديٍّ، أنبأ ابن جريجٍ، عن عطاءٍ، قوله: والزّانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشركٌ قال: أو مشركٌ لهنّ، قلت: أبلغك، عن ابن عبّاسٍ؟ قال: نعم.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية، بن صالحٍ، عن عليّ ابن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: والزّانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشركٌ من غير أهل القبلة.
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليّ بن الحسين، ثنا محمد ابن مزاحمٍ، ثنا بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان قوله: أو مشركٌ يًعنى اليهود والنّصارى، يتزوّجون اليهوديّات والنّصرانيّات.
- حدّثنا يونس بن حبيبٍ، ثنا أبو داود، عن قيسٍ، عن أبي حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قوله: وحرّم ذلك قال: حرّم اللّه ذلك، وروى، عن مجاهدٍ، والسّدّيّ مثل ذلك.
- حدّثنا عليّ بن الحسن الهسنجانيّ، ثنا مسدّدٌ، ثنا ابن أبي عديٍّ، أنبأ ابن جريجٍ، عن عطاءٍ: وحرّم ذلك قال: ما حكم اللّه ذلك من أمر الجاهليّة بالإسلام قلت: أبلغك، عن ابن عبّاسٍ؟ قال: نعم.
- حدّثنا يونس بن حبيبٍ، ثنا أبو داود، ثنا قيسٍ، عن أبي حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قوله: وحرّم ذلك على المؤمنين قال: حرّم اللّه الزّنا على المؤمنين.
- حدّثنا محمد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: وحرّم ذلك على المؤمنين قال: نهي المؤمنون، عن نكاحهنّ، وقد قدّم إليهم فيهنّ. قال: اللّه عزّ وجلّ: وحرّم ذلك على المؤمنين أي نكاحهنّ.
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن علي، ثنا محمد ابن مزاحمٍ، ثنا بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان، قوله: وحرّم ذلك على المؤمنين يعنى حرامٌ ذلك على المؤمنين أن يتزوّجوا زانيةً مجلودةً من أهل الكتاب، أو من ولائد الأنصار المتعالنات بالزّنا.
قوله تعالى: على المؤمنين.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني ابن لهيعة حدّثني عطاءٌ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: على المؤمنين يعني المصدقين). [تفسير القرآن العظيم: 8/2521-2527]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة قال هم رجال كانوا يريدون نكاح نساء زوان بغايا متعالمات كان كذلك في الجاهلية فقيل لهم هذا حرام فنزلت فيهم هذه الآية فحرم الله نكاحهن). [تفسير مجاهد: 2/436]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا المبارك بن فضالة عن الحسن قال يعني الزاني المجلود في الزنا ليس له أن يتزوج إلا مجلودة في الزنا مثله ليس له أن يكون هو أنجسها ثم يتبع المحصنات). [تفسير مجاهد: 437]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو بكرٍ محمّد بن المؤمّل بن الحسن بن عيسى، ثنا الفضل بن محمّد الشّعرانيّ، حدّثنا عمرو بن عونٍ الواسطيّ، ثنا هشيمٌ، عن سليمان التّيميّ، عن القاسم بن محمّدٍ، عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص، في قوله تعالى: " {الزّاني لا ينكح إلّا زانيةً أو مشركةً} [النور: 3] قال: «كنّ نساءً مرارد بالمدينة، فكان الرّجل المسلم يزوّج المرأة منهنّ لتنفق عليه فنهوا عن ذلك» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه "). [المستدرك: 2/430]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت د س) عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده - رضي الله عنهما -: قال: كان رجلٌ يقال له: مرثد بن أبي مرثدٍ، وكان رجلاً يحمل الأسراء من مكة، حتى يأتي بهم المدينة، قال: وكانت امرأةٌ بغيٌّ بمكة، يقال لها: عناق، وكانت صديقة له، وإنه كان وعد رجلاً من أسارى مكة يحمله، قال: فجئت حتى انتهيت إلى ظلّ حائطٍ من حوائط مكة، في ليلةٍ مقمرةٍ، قال: فجاءت عناق، فأبصرت سواد ظلّي بجنب الحائط، فلما انتهت إليّ عرفتني، فقالت: مرثد؟ فقلت: مرثد، فقالت: مرحباً وأهلاً، هلمّ فبت عندنا، قال: قلت: يا عناق: حرّم الله الزنا، قالت: يا أهل الخيام، هذا الرجل يحمل أسراءكم، قال: فتبعني ثمانيةٌ، وسلكت الخندمة، فانتهيت إلى غارٍ، أو كهفٍ، فدخلت، فجاءوا حتّى قاموا على رأسي، فبالوا، فظلّ بولهم على رأسي، وعمّاهم الله عنّي، قال: ثم رجعوا، ورجعت إلى صاحبي، فحملته وكان رجلاً ثقيلاً - حتى انتهيت إلى الإذخر، ففككت عنه أكبله، فجعلت أحمله، ويعييني حتى قدمت المدينة، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، أنكح عناق؟ فأمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يردّ شيئاً، حتى نزلت {الزّاني لا ينكح إلّا زانيةً أو مشركةً والزانية لا ينكحها إلّا زانٍ أو مشركٌ} [النور: 3] فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا مرثد {الزّاني لا ينكح إلّا زانيةً أو مشركة والزانية لا ينكحها إلّا زانٍ أو مشركٌ} فلا تنكحها». هذه رواية الترمذي.
وأخرجه النسائي بنحوه. ورواية الترمذي أتمّ.
واختصره أبو داود قال: إنّ مرثد بن أبي مرثد الغنويّ كان يحمل الأسارى بمكّة، وكان بمكة بغيٌّ يقال لها: عناق، وكانت صديقته، قال: فجئت النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، أنكح عناق؟ قال: فسكت، فنزلت: {الزانية لا ينكحها إلّا زانٍ أو مشركٌ} فدعاني فقرأها، وقال لي: لا تنكحها.
[شرح الغريب]
(بغيّ) بغت المرأة تبغي بغاء، فهي بغي: إذا زنت، ويقال للأمة: بغي، وإن لم يرد به الذم، وإن كان في أصل التسمية ذماً.
(أكبله) الأكبل: جمع كبل: وهو القيد الضخم، يقال: كبلته، وكبّلته). [جامع الأصول: 2/245-247]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {الزّاني لا ينكح إلّا زانيةً أو مشركةً} [النور: 3].
- عن عبد اللّه بن عمرٍو «أنّ رجلًا من المسلمين استأذن رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - في امرأةٍ يقال لها أمّ مهزولٍ، كانت تسافح وتشترط له أن تنفق عليه، قال: فاستأذن رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - أو ذكر له أمرها قال: فقرأ عليه رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم -: {الزّاني لا ينكح إلّا زانيةً أو مشركةً والزّانية لا ينكحها إلّا زانٍ أو مشركٌ} [النور: 3]».
رواه أحمد والطّبرانيّ في الكبير والأوسط بنحوه، ورجال أحمد ثقاتٌ). [مجمع الزوائد: 7/73-74]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (قال مسدّدٌ: ثنا معتمرٌ سمعت أبي يقول: حدّثني الحضرميّ القاسم بن محمّدٍ عن عبد اللّه بن عمرٍو- رضي اللّه عنهما- "أنّ رجلًا من المهاجرين استأذن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في امرأة يقاله لها: أمّ مهزولٍ، كانت تسافح وتشترط أن تنفق وأنّه استأذن فيها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وذكر له أمرها فقرأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: الزّانية لا ينكحها إلّا زانٍ أو مشركٌ.
قال: فأنزلت (الزّانية لا ينكحها إلّا زانٍ أو مشركٌ) "). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/247-248]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (وقال أحمد بن منيعٍ: ثنا هشيمٌ، عن سليمان التّيميّ، عن القاسم بن محمّدٍ، عن عبد اللّه بن عمرٍو- رضي اللّه عنهما- في قول الله- عزّ وجلّ-: (الزّاني، لا ينكح إلا زانيةً أو مشركة) قال: كنّ نساءً موارد بالمدينة فكان الرّجل المسلم يتزوج المرأة منهن فتنفق عليه فنهوا عن ذلك".
- قال: وثنا هشيمٌ، عن التّيميّ، عن سعيد بن المسيّب قال: "كنّ نساءً موارد بالمدينة".
- قال: وثنا هشيمٌ، عن عبد الملك، عمّن حدّثه، عن مجاهدٍ قال: "كنّ نساءً بالمدينة معروفاتٍ بذلك منهنّ امرأةٌ يقال كما: أمّ مهزولٍ".
- قلت: رواه النّسائيّ في التّفسير: عن عمرو بن عليٍّ، عن معتمرٍ، عن أبيه به.
- وقال أبو يعلى الموصليّ: ثنا إبراهيم بن الحجّاج النّيليّ، ثنا صالحٌ المرّيّ، عن الحسن، عن بعض المهاجرين.
- ويزيد الرّقاشيّ وجعفر بن يزيد، عن زفر قال: "قال بعض المهاجرين: لقد طلبت هذه الآية عمري فما قدرت عليها قول اللّه- عزّ وجلّ: (وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم) وإنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم، إنّي لأستأذن على بعض إخواني فيقال لي: ارجع. فأرجع وأنا قرير العين".
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؟ لجهالة بعض رواته). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/248]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين.
أخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن الحميد، وابن أبي شيبة وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو داود في ناسخه والبيهقي في "سننه" والضياء المقدسي في المختارة من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله {الزاني لا ينكح إلا زانية} قال: ليس هذا بالنكاح ولكن الجماع لا يزني بها حين يزني إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين يعني الزنا). [الدر المنثور: 10/622]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل: لما قدم المهاجرون المدينة قدموها وهم بجهد إلا قليل منهم والمدينة غالية السعر شديدة الجهد وفي السوق زوان متعالنات من أهل الكتاب وأما الأنصار منهن أمية وليدة عبد الله بن أبي ونيسكة بنت أمية لرجل من الأنصار في بغايا من ولائد الأنصار قد رفعت كل امرأة منهن علامة على بابها ليعرف أنها زانية وكن من أخصب أهل المدينة وأكثره خيرا فرغب أناس من مهاجري المسلمين فيما يكتسبن للذي هم فيه من الجهد فأشار بعضهم على بعض لو تزوجنا بعض هؤلاء الزواني فنصيب من فضول أطعامهن فقال بعضهم: نستأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتوه فقالوا: يا رسول الله قد شق علينا الجهد ولا نجد ما نأكل وفي السوق بغايا نساء أهل الكتاب وولائدهن وولائد الأنصار يكتسبن لأنفسهن فيصلح لنا أن نتزوج منهن فنصيب من فضول ما يكتسبن فإذا وجدنا عنهن غني تركناهن فأنزل الله {الزاني لا ينكح} فحرم على المؤمنين أن يتزوجوا الزواني المسافحات العالنات زناهن). [الدر المنثور: 10/622-623]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير في قوله {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة} قال: كن نساء في الجاهلية بغيات فكانت منهن امرأة جميلة تدعى أم مهزول فكان الرجل من فقراء المسلمين يتزوج إحداهن فتنفق عليه من كسبها فنهى الله أن يتزوجهن أحد من المسلمين). [الدر المنثور: 10/623]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن سليمان بن يسار في قوله {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة} قال: كن نساء في الجاهلية بغيات فنهى الله المسلمين عن نكاحهن). [الدر المنثور: 10/623]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن عطاء قال: كانت بغايا في الجاهلية بغايا آل فلان وبغايا آل فلان فقال الله {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك} فأحكم الله ذلك من أمر الجاهلية بالإسلام، قيل له: أعن ابن عباس قال: نعم). [الدر المنثور: 10/623-624]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وعبد بن حميد عن مجاهد في قوله {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة} قال: رجال كانوا يريدون الزنا بنساء زوان بغايا متعالنات كن كذلك في الجاهلية، قيل لهم هذا حرام فأرادوا نكاحهن فحرم الله عليهم نكاحهن). [الدر المنثور: 10/624]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال: كان في بدء الإسلام قوم يزنون قالوا: أفلا نتزوج النساء التي كنا نفجر بهن، فانزل الله {الزاني لا ينكح إلا زانية} ). [الدر المنثور: 10/624]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد عن الضحاك {والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك} قال إنما عني بذلك الزنا ولم يعن به التزويج). [الدر المنثور: 10/624]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن سعيد بن جبير {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة} قال: لا يزني حين يزني إلا بزانية مثله أو مشركة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عكرمة مثله). [الدر المنثور: 10/624]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس في هذه الآية قال: الزاني من أهل القبلة لا يزني إلا بزانية مثله من أهل القبلة أو مشركة من غير أهل القبلة والزانية من أهل القبلة لا تزني إلا بزان مثلها من أهل القبلة أو مشرك من غير أهل القبلة وحرم الزنا على المؤمنين). [الدر المنثور: 10/624-625]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور عن مجاهد قال: لما حرم الله الزنا فكان زوان عندهن جمال ومال فقال الناس حين حرم الزنا: لتطلقن فلنتزوجهن، فانزل الله في ذلك {الزاني لا ينكح إلا زانية} ). [الدر المنثور: 10/625]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد، وعبد بن حميد والنسائي والحاكم وصححه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والبيهقي في "سننه" وأبو داود في ناسخه عن عبد الله بن عمر قال: كانت امرأة يقال لها أم مهزول وكانت تسافح الرجال وتشرط أن تنفق عليه فأراد رجل من أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم أن يتزوجها فأنزل الله {والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك} ). [الدر المنثور: 10/625]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي، وابن ماجة وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: كان رجل يقال له مرثد يحمل الاسارى من مكة حتى يأتي بهم المدينة وكانت امرأة بمكة يقال لها عناق وكانت صديقة له وأنه وجد رجلا من أسارى مكة يحمله قال: فجئت حتى انتهيت إلى ظل حائط من حوائط مكة في ليلة مقمرة فجاءت عناق فابصرت سواد ظل تحت الحائط فلما انتهت الي عرفتني فقالت: مرثد، فقلت: مرثد، فقالت: مرحبا وأهلا هلم فبت عندنا الليلة قلت: يا عناق حرم الله الزنا قالت: يا أهل الخيام هذا الرجل يحمل أسراكم قال: فتبعني ثمانية وسلكت الخندمة فانتهيت إلى غار أو كهف فدخلت فجاؤا حتى قاموا على رأسي فبالوا وظل بولهم على رأسي ونحاهم الله عني ثم رجعوا ورجعت إلى صاحبي فحملته حتى قدمت المدينة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله أنكح عناقا فأمسك فلم يرد علي شيئا حتى نزلت {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين} فلا تنكحها). [الدر المنثور: 10/625-627]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن عمر في قوله {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة} قال: كان نساء معلومات فكان الرجل من فقراء المسلمين يتزوج المرأة منهن لتنفق عليه فنهاهم الله عن ذلك). [الدر المنثور: 10/627]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو داود في ناسخه، وابن مردويه، وابن جرير والبيهقي عن ابن عباس، أنها نزلت في بغايا معلنات كن في الجاهلية وكن زوان مشركات فحرم الله نكاحهن على المؤمنين). [الدر المنثور: 10/627]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه من طريق سعيد مولى ابن عباس قال: كنت مع ابن عباس فأتاه رجل فقال: إني كنت أتبع امرأة فاصبت منها ما حرم الله علي وقد رزقني الله منها توبة فاردت أن أتزوجها فقال الناس {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة} فقال ابن عباس: ليس هذا موضع هذه الآية إنما كن نساء بغايا متعالنات يجعلن على أبوابهن رايات يأتيهن الناس يعرفن بذلك فأنزل الله هذه الآية، تزوجها فما كان فيها من إثم فعلي). [الدر المنثور: 10/627-628]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي شيبة، وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: كن نساء بغايا في الجاهلية كان الرجل ينكح المرأة في الإسلام فيصيب منها فحرم ذلك في الإسلام فأنزل الله {والزانية لا ينكحها إلا زان} ). [الدر المنثور: 10/628]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو داود، وابن المنذر، وابن عدي، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينكح الزاني المحدود إلا مثله). [الدر المنثور: 10/628]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد عن الحسن {الزاني لا ينكح إلا زانية} قال: المحدود لا يتزوج إلا محدودة مثله). [الدر المنثور: 10/628]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وسعيد منصور، وابن المنذر عن علي ان رجلا تزوج امرأة ثم انه زنى فأقيم عليه الحد فجاؤا به إلى علي ففرق بينه وبين زوجته وقال له: لا تتزوج إلا مجلودة مثلك). [الدر المنثور: 10/628-629]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والنسائي عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة لا يدخلون الجنة ولا ينظر إليهم يوم القيامة، العاق لوالديه والمرأة المترجلة والديوث). [الدر المنثور: 10/629]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن ماجة عن أنس سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أراد أن يلقى الله طاهرا مطهرا فليتزوج الحرائر). [الدر المنثور: 10/629]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد وأبو داود وأبو عبيد معا في التاريخ، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي عن سعيد بن المسيب في هذه الآية {الزاني لا ينكح إلا زانية} قال: يرون أن هذه الآية التي بعدها نسختها {وأنكحوا الأيامى منكم} فهن من أيامى المسلمين). [الدر المنثور: 10/629]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 22 رجب 1434هـ/31-05-2013م, 06:11 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (1)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {سورةٌ أنزلناها} [النور: 1] أي هذه سورةٌ أنزلناها.
{وفرضناها وأنزلنا فيها آياتٍ بيّناتٍ لعلّكم تذكّرون} [النور: 1] لكي تذّكّروا.
وهي تقرأ على وجهين: {وفرضناها} [النور: 1]، وفرّضناها، على التّخفيف والتّثقيل.
فرض فيها فرائضه.
قال قتادة: وحدّ فيها حدوده، وسنّ فيها سنّته.
يعني ما فرض في هذه السّورة وسنّ فيها.
وقال السّدّيّ: {وفرضناها} [النور: 1] يعني بيّنّاها). [تفسير القرآن العظيم: 1/422]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(قوله: {سورةٌ أنزلناها...}

ترفع السّورة بإضمار هذه سورة أنزلناها. ولا ترفعها براجع ذكرها لأنّ النكرات لا يبتدأ به قبل أخبارها، إلا أن يكون ذلك جواباً؛ ألا ترى أنك لا تقول: رجل قام، إنما الكلام أن تقول: قام رجل. وقبح تقديم النكرة قبل خبرها أنّها توصل ثم يخبر عنها بخبر سوى الصلة. فيقال: رجل يقوم أعجب إليّ من رجلٍ لا يقوم: فقبح إذ كنت كالمنتظر للخبر بعد الصلة. وحسن في الجواب؛ لأنّ القائل يقول: من في الدار؟ فتقول: رجل (وإن قلت) رجلٌ فيها) فلا بأس؛ لأنه كالمرفوع بالردّ لا بالصفة.
ولو نصبت السّورة على قولك: أنزلناها سورةً وفرضناها كما تقول: مجرّداً ضربته كان وجهاً. وما رأيت أحدا قرأ به.
ومن قال (فرضناها) يقول: أنزلنا فيها فرائض مختلفة. وإن شاء: فرضناها عليكم وعلى من بعدكم إلى يوم القيامة. والتشديد لهذين الوجهين حسن). [معاني القرآن: 2/243-244]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {سورةٌ أنزلناها} مرفوعةٌ بالابتداء ثم جاء الفعل مشغولا بالهاء عن أن تعمل فيها ؛ وبعضهم ينصبها على قولهم زيداً لقيته والمعنى لقيت زيدا). [مجاز القرآن: 2/63]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فرّضناها} أي حددنا فيها الحلال والحرام، ومن خففه جعل معناه من الفريضة). [مجاز القرآن: 2/63]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {فرضناها}: حددنا فيها الحلال والحرام. {وفرضناها}: من الفريضة). [غريب القرآن وتفسيره: 269]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فرضناها} فرضنا ما فيها). [تفسير غريب القرآن: 301]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} أي: أوجب لكم أن تكفّروا إذا حلفتم.
وبعض المفسرين يجعلها بمعنى: بيّن لكم كيف تكفّرون عنها.
قال: ومثلها: {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا} أي: بينّاها.
وقد يجوز في اللغة أن يكون فرضناها: أوجبنا العمل بما فيها). [تأويل مشكل القرآن: 475]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله عزّ وجلّ: {سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بيّنات لعلّكم تذكّرون}
القراءة الرفع، وقرأ عيسى بن عمر (سورة) بالنصب.
فأمّا الرفع فعلى إضمار هذه سورة أنزلناها، ورفعها بالابتداء قبيح لأنها نكرة و (أنزلناها) صفة لها. والنصب على وجهين، على معنى أنزلنا سورة، كما تقول زيدا ضربته،
وعلى معنى اتل سورة أنزلناها.
(وفرضناها) بتخفيف الراء، ويقرأ بالتشديد في الراء، فمن قرأ بالتخفيف فمعناه ألزمناكم العمل بما فرض فيها، ومن قرأ بالتشديد فعلى وجهين:
أحدهما على معنى التكثير، على معنى أنا فرضنا فيها فروضا كثيرة وعلى معنى بيّنّا وفضلنا ما فيها من الحلال والحرام). [معاني القرآن: 4/27]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (من ذلك قوله جل وعز: {سورة أنزلناها وفرضناها} أي هذه سورة
وقرأ الأعرج ومجاهد وقتادة وأبو عمرو وفرضناها
قال قتادة أي: بيناها
وقال أبو عمرو أي: فصلناها
ومعنى فرضناها فرضنا الحدود التي فيها أي أوجبناها بأن جعلناها فرضا). [معاني القرآن: 4/493]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({فَرَضْنَاها}: مَنْ خَفَّفَها، جعلها بمعنى الفَرْض، وَمَنْ شَدَّدَها جعلها بمعنى التقطيع أي قطّعناها). [العمدة في غريب القرآن: 218]


تفسير قوله تعالى: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {الزّانية والزّاني فاجلدوا كلّ واحدٍ منهما مائة جلدةٍ} [النور: 2] هذا في الأحرار إذا لم يكونا محصنين، فإن كانا محصنين رجمًا.
- نا ابن لهيعة، عن أبي الزّبير، عن جابر بن عبد اللّه في البكر ينكح ثمّ يزني قبل أن يجامع امرأته قال: الجلد عليه ولا رجم عليه حتّى يحصن.
وأمّا المملوكان فيجلدان خمسين خمسين وليس عليهما رجمٌ، ولا يقام حدّ الزّنا على أحدٍ حتّى يشهد عليه أربعة أحرارٍ عدولٍ يجيئون جميعًا غير متفرّقين حرًّا كان الزّاني أومملوكًا.
فإن شهد أربعةٌ على امرأةٍ، أحدهم زوجها، لم ترجم، ولاعنها زوجها وجلد الثّلاثة ثمانين ثمانين.
فإذا جاء الشّهود الأربعة متفرّقين جلدوا ثمانين ثمانين.
فأمّا الرّجل الزّاني فتوضع عنه ثيابه إذا جلد، وأمّا المرأة فيترك عليها من الثّياب ما يصل إليها الجلد.
وإن أقرّ الزّاني على نفسه بالزّنا، حرًّا كان أو مملوكًا لم يقم عليه الحدّ حتّى يقرّ على نفسه أربع مرّاتٍ.
قال: والجلد في الزّنا بالسّوط.
- نا بحرٌ السّقّاء، عن الزّهريّ قال: جاء ماعز بن مالكٍ إلى رسول اللّه عليه السّلام فأقرّ على نفسه بالزّنا.
فردّه ثلاث مرّاتٍ.
فجاءه في الرّابعة فأخذه أخذًا شديدًا فقال: " يجيء أحدكم ينبّ نبيب التّيس.
أندع حدًّا من حدود اللّه.
فأرسل إلى قومه فدعاهم فقال: أتعلمون به جنونًا؟ قالوا: لا.
فرجمه ".
- نا الخليل بن مرّة، عن يحيى بن أبي كثيرٍ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أتاه رجلٌ فقال: أصبت حدًّا فأقمه عليّ.
فدعا بسوطٍ، فأتي بسوطٍ شديدٍ فقال: سوطٌ دون هذا.
فأتي بسوطٍ منكسر العجز فقال: فوق هذا.
فأتي بسوطٍ بين السّوطين، فأمر به فجلد جلدًا بين الجلدين.
نا سعيدٌ عن قتادة: الجلد في الزّنا المتح الشّديد.
ويقول: {ولا تأخذكم بهما رأفةٌ في دين اللّه} [النور: 2] أي الجلد الشّديد.
نا سعيدٌ، عن الحسن وعطاءٍ قالا: أي حتّى لا تعطّل الحدود.
قال يحيى: وسألت سفيان الثّوريّ فقال لي مثل قولهما.
وقال السّدّيّ: {ولا تأخذكم بهما رأفةٌ في دين اللّه} [النور: 2] يعني في حكم اللّه الّذي حكم به على الزّناة.
- حدّثني إبراهيم بن محمّدٍ، عن داود بن حصينٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: لا يقام الحدّ حتّى يشهدوا أنّهم رأوه يدخل كما يدخل المرود في المكحلة.
قال يحيى: وأمّا الرّجم فهو في مصحف أبيّ بن كعبٍ وفي مصحفنا في سورة المائدة في قوله: {إنّا أنزلنا التّوراة فيها هدًى ونورٌ يحكم بها النّبيّون الّذين أسلموا للّذين هادوا والرّبّانيّون والأحبار} [المائدة: 44] حيث رجم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم اليهوديّين حين ارتفعوا إليه.
- حدّثني المعلّى، عن عاصم بن بهدلة، عن زرّ بن حبيشٍ قال: قال لي أبيّ بن كعبٍ: يا زرّ، كم تقرءون سورة الأحزاب؟ قلت: ثلاثًا وسبعين آيةً.
قال: قطّ؟ قلت: قطّ.
قال: فواللّه إن كانت لتوازي سورة البقرة.
وإنّ فيها لآية الرّجم.
قلت: وما آية الرّجم يا أبا المنذر؟ قال: إذا زنى الشّيخ والشّيخة فارجموهما البتّة نكالا من اللّه واللّه عزيزٌ حكيمٌ.
- نا يحيى قال: نا المسعوديّ، عن القاسم بن عبد الرّحمن أنّ عمر بن الخطّاب حمد اللّه ثمّ قال: أمّا بعد، فإنّ هذا القرآن نزل على رسول اللّه عليه السّلام فكنّا نقرأ: ولا ترغبوا عن آبائكم فإنّه كفرٌ، وآية الرّجم.
وإنّي قد خفت أن يقرأ القرآن قومٌ يقولون: لا رجم، وإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قد رجم ورجمنا.
واللّه لولا أن يقول النّاس: إنّ عمر زاد في كتاب اللّه لكتبتها.
ولقد نزلت وكتبناها.
قال يحيى: وقد رجم عثمان.
- وحدّثني حمّاد بن سلمة، عن عطاء بن السّائب، عن زاذان، عن عليٍّ قال: إذا أقرّ بالزّنا فأنا أوّل من يرجم، ثمّ يرجم النّاس، وإذا قامت البيّنة رجمت البيّنة ثمّ يرجم النّاس.
قال يحيى: ولا تحصن الأمة ولا اليهوديّة ولا النّصرانيّة، ولا يحصن المملوك الحرّة ولا يحصن الحرّ إذا كانت له امرأةٌ لم يدخل بها، ولا تحصن امرأةٌ لها زوجٌ لم يدخل بها.
وإذا أحصن الرّجل والمرأة بوطءٍ مرّةً واحدةً ثمّ زنى بعد ذلك وليست له امرأةٌ يوم زنى، أو زنت امرأةٌ ليس لها زوجٌ يوم زنت فهما محصنان يرجمان.
وإذا زنى أحد الزّوجين وقد أحصن ولم يحصن الآخر رجم الّذي أحصن منهما وجلد الّذي لم يحصن منهما مائةً.
ولا تحصن أمّ الولد وإن ولدت له أولادًا.
وإذا زنى الغلام أو الجارية وقد تزوّجا، وقد دخل الغلام بامرأته، أو دخل على الجارية زوجها، ولم يكن الغلام احتلم ولم تكن الجارية حاضت فلا حدّ عليهما، لا رجم ولا جلد حتّى يحتلم وتحيض ويغشى امرأته بعد ما احتلم ويغشى الجارية زوجها بعد ما حاضت فحينئذٍ يكونان محصنين.
وإذا كانت لرجلٍ أمّ ولدٍ قد ولدت منه فأعتقها، فتزوّجها، ثمّ زنى قبل أن يغشاها بعد ما أعتقت، فلا رجم عليه، ولا هي إن زنت حتّى يغشاها بعدما أعتقت.
وإن كان مملوكًا تحته حرّةٌ فدخل بها، فأعتق، فزنى قبل أن يغشاها بعد ما أعتق فلا رجم عليه.
وإذا كان الزّوجان يهوديّين أو نصرانيّين فأسلما جميعًا ثمّ زنى أحدهما أيّهما كان قبل أن يغشاها بعدما أسلما، فلا رجم عليه حتّى يغشاها في الإسلام.
وإنّما رجم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم اليهوديّين لأنّهم تحاكموا إليه وإحصان أهل الشّرك في شركهم ليس بإحصانٍ حتّى يغشى في الإسلام.
قوله: {ولا تأخذكم بهما رأفةٌ} [النور: 2] رحمةٌ.
{في دين اللّه} [النور: 2] في حكم اللّه.
{إن كنتم تؤمنون باللّه واليوم الآخر} [النور: 2] قد فسّرناها في صدر الآية.
قوله: {وليشهد عذابهما} [النور: 2] أي: جلدهما.
{طائفةٌ من المؤمنين} [النور: 2] يقال: الطّائفة رجلٌ فصاعدًا.
وقال السّدّيّ: {وليشهد} [النور: 2] يعني وليحضر {وليشهد عذابهما} [النور: 2] يعني جلدهما). [تفسير القرآن العظيم: 1/422-426]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {الزّانية والزّاني فاجلدوا كلّ واحدٍ مّنهما...}

رفعتهما بما عاد من ذكرهما في قوله: {كلّ واحدٍ مّنهما} ولا ينصب مثل هذا؛ لأن تأويله الجزاء (ومعناه) - والله أعلم - من زنى فافعلوا به ذلك. ومثله {والشّعراء يتّبعهم الغاوون} معناه - والله أعلم: من قال الشعر اتّبعه الغواة. وكذلك {والسّارق والسّارقة}، {والّلذان يأتيانها منكم فآذوهما} ولو أضمرت قبل كلّ ما ذكرنا فعلاً كالأمر جاز نصبه،
فقلت: الزانية والزانى فاجلدوا:
وهي في قراءة عبد الله محذوفة الياء (الزان) مثل ما جرى في كتاب الله كثيرا من حذف الياء من الداع والمناد والمهتد وما أشبه ذلك. وقد فسّر.
وقوله: {ولا تأخذكم} اجتمعت القراء على التّاء إلا أبا عبد الرحمن فإنه قرأ (ولا يأخذكم) بالياء. وهو صواب؛ كما قال {وأخذ الذين ظلموا الصيّحة} وفي الرأفة والكأبة والسّأمه لغتان السّأمة فعلة والسّآمة مثل فعالة والرأفة والرآفة والكأبة والكآبة وكأنّ السّأمة والرأفة مرّة، والسّآمة المصدر، كما تقول: قد ضؤل ضآلةً، وقبح قباحة.
... حدثني قيس ومندل عن ليث عن مجاهد قال: الطّائفة: الواحد فما فوقه ... وكذلك حدثني حبّان عن الكلبيّ عن أبي صالح عن ابن عباس أنه واحد فما فوقه. وذلك للبكرين لا للمحصنين ومعنى الرأفة يقول: لا ترأفوا بالزانية والزاني فتعطّلوا حدود الله). [معاني القرآن: 2/244-245]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" الزّانية والزّاني فاجلدوا كلّ واحدٍ منهما " مرفوعا من حيث رفع " السّارق والسّارقة فاقطعوا أيديهما " وكان بعضهم ينصبهن). [مجاز القرآن: 2/63]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه جمع يراد به واحد واثنان:
كقوله: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} واحد واثنان فما فوق.
وقال قتادة في قوله تعالى: {إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ} كان رجل من القوم لا يمالئهم على أقاويلهم في النبي صلّى الله عليه وسلم، ويسير مجانبا لهم،
فسماه الله طائفة وهو واحد.
وكان «قتادة» يقول في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ}: هو رجل واحد ناداه: يا محمد، إنّ مدحي زين، وإنّ شتمي شين.
فخرج إليه النبي، صلّى الله عليه وسلم
فقال: «ويلك، ذاك الله جل وعز» ونزلت الآية.
وقوله سبحانه: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ}، أي أخوان فصاعدا.
قوله سبحانه: {وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ}، جاء في التفسير: أنهما لوحان.
وقوله: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}، وهما قلبان.
وقوله: {أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ}، يعني عائشة وصفوان بن المعطّل.
وقال: {بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ}، وهو واحد، يدلك على ذلك قوله: {ارْجِعْ إِلَيْهِمْ}). [تأويل مشكل القرآن: 284-282]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه جمع يراد به واحد واثنان:
كقوله: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}: واحد واثنان فما فوق.[تأويل مشكل القرآن: 282]
وقال قتادة في قوله تعالى: {إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ}: كان رجل من القوم لا يمالئهم على أقاويلهم في النبي صلّى الله عليه وسلم، ويسير مجانبا لهم، فسماه الله طائفة وهو واحد.
وكان «قتادة» يقول في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ}: هو رجل واحد ناداه: يا محمد، إنّ مدحي زين، وإنّ شتمي شين.
فخرج إليه النبي، صلّى الله عليه وسلم
فقال: «ويلك، ذاك الله جل وعز»ونزلت الآية.
وقوله سبحانه: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ}، أي أخوان فصاعدا.
قوله سبحانه: {وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ}، جاء في التفسير: أنهما لوحان.
وقوله: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}، وهما قلبان.[تأويل مشكل القرآن: 283]
وقوله: {أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ}، يعني عائشة وصفوان بن المعطّل.
وقال: {بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ}، وهو واحد، يدلك على ذلك قوله: {ارْجِعْ إِلَيْهِمْ}). [تأويل مشكل القرآن: 284]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (الزّانية والزّاني فاجلدوا كلّ واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين اللّه إن كنتم تؤمنون باللّه واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين}
القراءة الرفع، وقرأ عيسى بن عمر بالنصب، (الزانية والزاني) بفتح التاء.
وزعم الخليل وسيبويه أن النصب المختار وزعم سيبويه أن القراءة الرفع.
وزعم غيرهم من البصريين والكوفيين أن الاختيار الرفع، وكذا هو عندي، لأن الرفع كالإجماع في القراءة، وهو أقوى في العربيّة، لأن معناها معنى - من زنى فاجلدوه، فتأويله الابتداء، وقال سيبويه والخليل إن الرفع على معنى: " وفيما فرضنا عليكم الزانية والزاني " - بالرفع - أو الزانية والزاني فيما فرض عليكم.
والدليل على أن الاختيار الرفع قوله عزّ وجلّ: (واللذان يأتيانها منكم فآذوهما).
وإنّما اختار الخليل وسيبويه النصب لأنه أمر، وأنّ الأمر بالفعل أولى. والنصب جائز على معنى اجلدوا الزانية والزاني.
والإجماع أن الجلد على غير المحصنين، يجلد غير المحصن وغير المحصنة مائة جلدة، وينفى مع الجلد في قول كثير من الفقهاء، يجلد مائة ويغرب عاما.
فأمّا أهل العراق فيجلدونه مائة.
وقوله: (ولا تأخذكم بهما رأفة في دين اللّه).
وتقرأ رأفة في دين الله على وزن رعافة، وتقرأ " يأخذكم بالياء ".
ورآفة مثل السآمة مثل قولك سئمت سآمة، ومثله كآبة ففعاله من أسماء المصادر، وسآمة على قياس كلالة.
وفعالة في الخصال مثل القباحة - والملاحة والفخامة.
وهذا يكثر جدا.
ومعنى (ولا تأخذكم بهما رأفة في دين اللّه)، لا ترحموهما فتسقطوا عنهما ما أمر اللّه به من الحدّ، وقيل يبالغ في جلدهما.
وقوله تعالى: {وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين} القراءة إسكان اللام، ويجوز كسرها.
واختلف الناس في الطائفة، فقال بعضهم الواحد فما فوقه طائفة، وقال آخرون لا تكون الطائفة أقل من اثنين، وقال بعضهم ثلاثة، وقال بعضهم أربعة، وقال بعضهم عشرة،
فأمّا من قال واحد فهو على غير ما عند أهل اللغة، لأن الطائفة في معنى الجماعة وأقل الجماعة اثنان، وأقل ما يجب في الطائفة عندي اثنان.
والذي ينبغي أن يتحرى في شهادة عذاب الزاني أن يكونوا جماعة لأن الأغلب على الطائفة الجماعة). [معاني القرآن: 4/29-27]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة}
قال أبو جعفر ليس بين أهل التفسير اختلاف أن هذا ناسخ لقوله تعالى: {واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم} إلى آخر الآية ولقوله: {واللذان يأتيانها منكم فآذوهما}
فكان من زنى من النساء حبست حتى تموت ومن زنى من الرجال أوذي
قال مجاهد بالسب ثم نسخ ذلك بقوله تعالى: {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة}
واختلفوا في المعنى
فقال أكثر أهل التفسير هذا عام يراد به خاص
والمعنى الزانية والزاني من الأبكار فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة
وقال بعضهم هو عام على كل من زنى من بكر ومحصن واحتج بحديث عبادة وبحديث علي رضي الله عنه أنه جلد شراحة يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة وقال جلدتها بكتاب الله عز وجل ورجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم). [معاني القرآن: 4/495-494]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله}
قال مجاهد وعطاء والضحاك أي في تعطيل الحدود
والمعنى على قولهم لا ترحموهما فتتركوا حدهما إذا زنيا). [معاني القرآن: 4/496-495]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين}
روي عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال الطائفة الرجل فما فوقه
وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال الطائفة الرجل فما زاد
وكذا قال الحسن والشعبي
وروى ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن عطاء قال الطائفة الرجلان فصاعدا
وقال مالك الطائفة أربعة
قال أبو إسحاق لا يجوز أن تكون الطائفة واحدا لأن معناها معنى الجماعة والجماعة لا تكون لأقل من اثنين لأن معنى طائفة قطعة يقال أكلت طائفة من الشاة أي قطعة منها
وقد روى ابن أبي نجيح عن مجاهد في قول الله عز وجل: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا} أنهما كانا رجلين
قال أبو جعفر إلا أن الأشبه بمعنى الآية والله أعلم أن تكون الطائفة لأكثر من واحد في هذا الموضع لأنه إنما يراد به الشهرة وهذا بالجماعة أشبه). [معاني القرآن: 4/497-496]

تفسير قوله تعالى: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (3)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {الزّاني لا ينكح إلا زانيةً أو مشركةً والزّانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشركٌ وحرّم ذلك على المؤمنين} [النور: 3] وذلك أنّ النّبيّ قدم المدينة وبها نساءٌ من نساء أهل الكتاب، وإماءٌ مشركاتٌ من إماء مشركي العرب، مجاهراتٌ بالزّنا، لهنّ راياتٌ مثل رايات البياطرة.
قال بعضهم: لا يحلّ من نساء أهل الكتاب إلا العفائف الحرائر، ولا نساء المشركين من غير أهل الكتاب.
وإماء المشركين حرامٌ على المؤمنين.
وقال بعضهم في قوله: {الزّاني لا ينكح إلا زانيةً أو مشركةً} [النور: 3] يعني من كان يزني بتلك المؤاجرات من نساء أهل الكتاب ومن إماء المشركين، وإن كانت حرّةً من المشركات، لا ينكحها إلا زانٍ من أهل الكتاب أو مشركٌ من مشركي العرب.
قال: {وحرّم ذلك على المؤمنين} [النور: 3] تزويجهنّ.
ثمّ حرّم نساء المشركات من غير أهل الكتاب زواني كنّ أو عفائف فقال: {ولا تنكحوا المشركات حتّى يؤمنّ} [البقرة: 221].
{ولا تنكحوا المشركين حتّى يؤمنوا} [البقرة: 221] قال: ولا بأس بتزويج الحرّة الّتي قد زنت وإن أقيم عليها الحدّ.
وبعضهم يقول: نزلت في كلّ زانيةٍ ثمّ نسخت فيما حدّثني نصر بن طريفٍ وأبو أميّة، عن يحيى بن سعيدٍ، عن سعيد بن المسيّب قال: نسختها: {وأنكحوا الأيامى منكم} [النور: 32]
- وحدّثني ابن أبي ذئبٍ، عن شعبة مولى ابن عبّاسٍ، عن ابن عبّاسٍ أنّ رجلًا أتاه فقال: إنّي أصبت من امرأةٍ ما حرّم اللّه، فأذهب اللّه ذلك ورزقني توبةً، فأردت أن أتزوّجها، وإنّهم يقولون: {الزّاني لا ينكح إلا زانيةً أو مشركةً} [النور: 3].
فقال: كنّ بغايا لهنّ راياتٌ مثل رايات البياطرة فيدخل عليهنّ النّاس.
اذهب فتزوّجها.
فما كان من إثمٍ فهو عليّ.
- وحدّثني همّامٌ عن قتادة أنّ أبيّ بن كعبٍ ورجلًا من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لم يروا بأسًا إذا زنى الرّجل بالمرأة أن يتزوّجها وقالوا: الشّرك أعظم من ذلك.
قال يحيى: يعنون أنّها قد تكون مشركةً ثمّ تسلم، فهو أعظم من الزّنا). [تفسير القرآن العظيم: 1/427]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {الزّاني لا ينكح...}

يقال: الزاني لا يزني إلاّ بزانية من بغايا كنّ بالمدينة، فهمّ أصحاب الصّفّة أن يتزوجوهنّ فيأووا إليهنّ ويصيبوا من طعامهن، فذكروا ذلك للنبي عليه السّلام فأنزل الله عزّ وجل هذا، فأمسكوا عن تزويجهن لمّا نزل {وحرّم ذلك على المؤمنين} يعني الزاني). [معاني القرآن: 2/245]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {الزّاني لا ينكح إلّا زانية أو مشركة والزّانية لا ينكحها إلّا زان أو مشرك وحرّم ذلك على المؤمنين}
ويجوز الزاني لا ينكح إلّا زانية، والزانية لا ينكحها إلا زان ولم يقرأ بها. وتأويل (الزّاني لا ينكح إلّا زانية) على معنى لا يتزوّج.
وكذلك الزانية لا يتزوجها إلا زان.
وقال قوم: إنّ معنى النكاح ههنا الوطء، فالمعنى عندهم الزاني لا يطأ إلّا زانية والزانية لا يطؤها إلا زان.
وهذا القول يبعد، لأنه لا يعرف شيء من ذكر النكاح في كتاب اللّه إلا على معنى التزويج، قال اللّه سبحانه: {وأنكحوا الأيامى منكم والصّالحين من عبادكم وإمائكم}،
فهذا تزويج لا شكّ فيه.
وقال اللّه، عزّ وجلّ: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثمّ طلّقتموهنّ من قبل أن تمسّوهنّ} فاعلم عزّ وجلّ أن عقد التزويج يسمّى النكاح.
وأكثر التفسير أن هذه الآية نزلت في قوم من المسلمين فقراء كانوا بالمدينة، فهمّوا بأن يتزوجوا ببغايا من بالمدينة - يزنين، ويأخذن الأجرة.
فأرادوا التزويج بهن لِيَعُلْنَهُمْ، فأنزل الله عزّ وجلّ تحريم ذلك، وقيل إنهم أرادوا أن يسامحوهنّ، فأعلموا أن ذلك حرام.
ويروى أن الحسن قال: إن الزاني إذا أقيم عليه الحدّ لا يزوج إلا بامرأة أقيم عليها الحدّ مثله، وكذلك المرأة إذا أقيم عليها الحدّ عنده لا تزوج إلا برجل مثلها.
وقال بعضهم: الآية منسوخة نسخها قوله: {وأنكحوا الأيامى منكم}.
وأكثر القول أن المعنى ههنا على التزويج.
ويجوز {وحرّم ذلك على المؤمنين} بمعنى وحرّم اللّه ذلك على المؤمنين، ولم يقرأ بها.
وهذا لفظه لفظ خبر، ومعناه معنى الأمر، ولو كان على ما قال من قال إنه الوطء لما كان في الكلام فائدة، لأن القائل إذا قال الزانية لا تزني إلا بزان.
والزاني لا يزني إلا بزانية، فليس فيه فائدة إلا على جهة التغليظ في الأمر، كما تقول للرجل الذي قد عرفته بالكذب: هذا كذاب، تريد تغليظ أمره.
فعلى ما فيه الفائدة وما توجبه اللغة أن المعنى معنى التزويج). [معاني القرآن: 4/30-29]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين}
قال مجاهد والزهري وقتادة كان في الجاهلية نساء معلوم منهن الزنى فأراد ناس من المسلمين نكاحهن فنزلت الآية
{الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة} وهذا القول الأول
وقال الحسن الزاني المجلود لا ينكح إلا مثله
قال حبيب المعلم فقال رجل لعمرو بن شعيب إن الحسن يقول كذا فقال ما عجبك من هذا حدثني سعيد بن سعيد المقبري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((لا ينكح الزاني المجلود إلا مثله))
وقال إبراهيم النخعي نحوه
وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال النكاح ههنا الجماع
وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال الزاني من أهل القبلة لا يزني إلا بزانية من أهل القبلة أو مشركة والزانية من أهل القبلة لا تزني إلا بزان من أهل القبلة أو مشرك
قال أبو جعفر فهذه ثلاثة أقوال
وفي الآية قول رابع كأنه أولاها
حدثنا إسحاق بن إبراهيم المعروف بالقطان قال حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير قال حدثنا الليث قال حدثنا يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري عن سعيد بن المسيب أنه قال:
يزعمون أن تلك الآية الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك نسخت بالآيات التي بعدها {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم} فدخلت الزانية في أيامى المسلمين
وإنما قلنا كأن هذا أولى لأن حديث القاسم عن عبد الله مضطرب الإسناد، وحديث سعيد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم يجوز أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله قبل نزول الآية الناسخة
والقول الثالث أن يكون النكاح هو الجماع زعم أبو إسحاق أنه بعيد وأنه لا يعرف في القرآن النكاح بمعنى الجماع وقوله تعالى: {وحرم ذلك على المؤمنين} فدل على أنه التزويج لأنه لا يقال في الزنى هو محرم على المؤمن خاصة
وقول من قال إنهن نساء معلومات يدل على أن ذلك كان في شيء بعينه ثم زال فقد صار قول سعيد أولاها
وأيضا فإن سعيدا قال يزعمون فدل على أنه أخذه عن غيره وإنما يأخذه عن الصحابة). [معاني القرآن: 4/500-497]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وحرم ذلك على المؤمنين}
قال ابن عباس يعني الزنى). [معاني القرآن: 4/501-500]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 22 رجب 1434هـ/31-05-2013م, 06:16 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]


تفسير قوله تعالى: {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (1) }

تفسير قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وتقول أمّا زيداً فجدعاً له وأمّا عمراً فسقياً له لأنّك لو أظهرت الذي انتصب عليه سقياً وجدعا لنصبت زيداً وعمراً فإضماره بمنزلة إظهاره كما تقول أمّا زيداً فضرباً.
وتقول أمّا زيدٌ فسلامٌ عليه وأمّا الكافر فلعنة الله عليه لأنّ هذا ارتفع بالابتداء.
وأمّا قوله عزّ وجلّ: {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة}. وقوله تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} فإن
هذا لم يبن على الفعل ولكنه جاء على مثل قوله تعالى: {مثل الجنّة اّلتي وعد المتّقون}.
ثمّ قال بعد: {فيها أنهار من ماء} فيها كذا وكذا. فإنما وضع المثل للحديث الذي بعده فذكر أخباراً وأحاديث فكأنه قال ومن القصص مثل الجنّة أو مما يقصّ عليكم مثل الجنّة فهو محمول على هذا الإضمار ونحوه. والله تعالى أعلم.
وكذلك: {الزانية والزاني} كأنه لمّا قال جلّ ثناؤه: {سورة أنزلناها وفرضناها}. قال في الفرائض الزّانية والزّاني أو الزانية والزاني في الفرائض. ثم قال فاجلدوا فجاء بالفعل بعد أن مضى فيهما الرفع، كما قال:
وقائلةٍ: خولان فانكح فتاتهم
فجاء بالفعل بعد أن عمل فيه المضمر. وكذلك: {والسارق والسارقة} كأنه قال وفيما فرض الله عليكم السارق والسارقة أو السّارق والسارقة فيما فرض عليكم. فإنّما دخلت هذه الأسماء بعد قصص وأحاديث. ويحمل على نحوٍ من هذا ومثل ذلك: {واللذان يأتيانها منكم فآذوهما}
وقد يجرى هذا في زيدٍ وعمرو على هذا الحدّ إذا كنت تخبر بأشياء أو توصى. ثم تقول زيدٌ أي زيدٌ فيمن أوصى به فأحسن إليه وأكرمه. وقد قرأ أناسٌ والسّارق والسّارقة والزانية والزاني وهو في العربيّة على ما ذكرت لك من القوّة. ولكن أبت العامّة إلاّ القراءة بالرفع. وإنّما كان الوجه في الأمر والنّهى النصب لأنّ حدّ الكلام تقديم الفعل وهو فيه أوجب إذ كان ذلك يكون في ألف الاستفهام لأنّهما لا يكونان إلا بفعل). [الكتاب: 1/142-144]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله:
كفعل الوالد الرّوف الرّحيم
يقال: "رؤوف" على "فعلٍ" مثل يقظ وحذر، رؤوف على وزن "ضروب". وقال الأنصاري:

نطيع نبيّنا ونطيع ربًا.......هو الرّحمن كان بنا رؤوفا

وقد قرئ: {واللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ}، و(رؤوفٌ) أكثر، وإنما هو من الرّأفة، وهي أشدّ الرّحمة، ويقال: "رآفةٌ" وقرئ: (وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ)، على وزن الصّرامة والسّفاهة). [الكامل: 2/668] (م)

قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (قوله: "هريرةَ ودعها وإن لامَ لائمُ"
منصوب بفعل مضمر، تفسيره ودعها كأنه قال: ودع هريرة، فلما اختزل الفعل أظهر ما يدل عليه، وكان ذلك أجود من ألا يضمرَ، لأن الأمر لا يكون إلا بفعل، فأضمر الفعل إذ كان الأمر أحق به، وكذلك زيدًا اضربه وزيدًا فأكرمه وإن لم تضمر ورفعت جاز، وليس في حسن الأولِ، ترفعه على الابتداءِ وتصيرُ الأمر في موضع خبره. فأما قول الله جل وعزَّ: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} وكذلك: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} فليس على هذا، والرفعُ الوجه، لأن معناهُ الجزاءُ، كقوله: الزانيةُ أي التي تزني، فإما وجب القطع للسرق والجلد للزنا، فهذا مجازاة، ومن ثم جاز: الذي يأتيني فله درهمٌ، فدخلت الفاءُ لأنه استحق الدرهم بالإتيان، فإن لم ترد هذا المعنى قلت الذي يأتيني له درهمٌ، ولا يجوزُ: زيدٌ فله درهمٌ، أو هذا زيدٌ، فحسن جميلٌ، جازَ، على أن زيدًا خبرٌ. وليس بابتداءٍ، للإشارة دخلت الفاءُ، وفي القرآن: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ}، ودخلتِ الفاءُ لأن الثواب دخل للإنفاق. وقد قرأت القراءُ: (الزَّانِيَةَ وَالزَّانِيَ فَاجْلِدُوا) (وَالسَّارِقَ وَالسَّارِقَةَ فَاقْطَعُوا) بالنصبِ، على وجه الأمر، والوجه الرفعُ، والنصبُ حسنٌ في هاتين الآيتين، وما لم يكن فيه معنى جزاءِ فالنصبُ الوجهُ). [الكامل: 2/821-823] (م)

تفسير قوله تعالى: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (3) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً}. قال أبو العباس: كانت البغايا تؤاجر نفسها، فقال أصحاب الصفة، وكانوا ممن يتزوج بهن ويأكل مما يكسبن، فأنزل الله عز وجل: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} ). [مجالس ثعلب: 226]


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 22 ذو القعدة 1439هـ/3-08-2018م, 11:24 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 22 ذو القعدة 1439هـ/3-08-2018م, 11:25 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 22 ذو القعدة 1439هـ/3-08-2018م, 11:26 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (1)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين}
قرأ الجمهور: "سورة" بالرفع، وقرأ عيسى بن عمر، ومجاهد: "سورة" بالنصب، وروي ذلك أيضا عن عمر بن عبد العزيز، وعن أبي الدرداء، فوجه الرفع خبر ابتداء مضمر تقديره: هذه سورة، أو ابتداء وخبره مقدم تقديره: فيما يتلى عليكم، ويحتمل أن يكون قوله: "سورة" ابتداء، وما بعدها صفة لها أخرجتها عن حد النكرة المحضة، فحسن الابتداء لذلك، ويكون الخبر في قوله تعالى: {الزانية والزاني} وفيما بعد ذلك، والمعنى: السورة المنزلة المفروضة كذا وكذا؛ إذ السورة عبارة عن آيات مسرودة لها بدء وختم، ولكن يلحق هذا القول إن كون الابتداء هو الخبر ليس بالبين إلا أن يقدر الخبر في السورة بأسرها، وهذا بعيد في القياس.
[المحرر الوجيز: 6/329]
ووجه النصب إضمار فعل قدره بعضهم: اتلوا سورة، أو نحوه، وجعله بعضهم: أنزلنا سورة أنزلناها، وقال الفراء: هي حال من الهاء والألف، والحال من المكنى يجوز أن تتقدم عليه.
وقرأ جمهور الناس: "وفرضناها" بتخفيف الراء، ومعناه الإثبات والإيجاب بأبلغ وجوهه، إذ هو مشبه بالفرض في الإلزام. وقرأ مجاهد وغيره، وأبو عمرو، وابن كثير، وعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، وابن مسعود رضي الله عنه: "وفرضناها" بشد الراء، ومعناه: جعلناها فرائض، فمن حيث تردد ذلك ضعف الفعل للمبالغة والتكثير. وقرأ الأعمش: "وفرضناها لكم"، وحكى الزهراوي عن بعض العلماء أنه قال: كل ما في السورة من أمر ونهي فرض.
و "الآيات البينات": أمثالها ومواعظها وأحكامها، وقال الزهراوي: المعنى: ليس فيها مشكل، تأويلها موافق لظاهرها.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا تحكم.
وقوله تعالى: {لعلكم تذكرون} أي على توقع البشر ورجائهم). [المحرر الوجيز: 6/330]

تفسير قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ جمهور الناس: "الزانية" بالرفع، وقرأ عيسى الثقفي: "الزانية" بالنصب، وهو أوجه عند سيبويه لأنه عنده كقولك: زيدا أضرب. ووجه الرفع عنده أنه أخبر ابتداء
[المحرر الوجيز: 6/330]
تقديره: فيما يتلى عليكم الزانية والزاني، وأجمع الناس على الرفع وإن كان القياس عند سيبويه النصب. وأما الفراء والمبرد والزجاج فإن الرفع عندهم هو الأوجه، والخبر في قوله تعالى: "فاجلدوا"؛ لأن المعنى: إن الزانية والزاني مجلودان بحكم الله تبارك وتعالى، وهذا قول جيد. وهو قول أكثر النحاة، وإن شئت قدرت الخبر ينبغي أن يجلدوا. وقرأ ابن مسعود: "والزان" بغير ياء، وقدمت الزانية في اللفظ من حيث كان في ذلك الزمن زنى النساء أفشى، وكان لإماء العرب وبغايا الوقت رايات، وكن مجاهرات بذلك، والعار بالنساء ألحق إذ موضعهن الحجب والصيانة، فقدم ذكرهن تغليظا واهتماما. والألف واللام في قوله: {الزانية والزاني} للجنس، وذلك يعطي أنها عامة في جميع الزناة، وهذه الآية باتفاق ناسخة لآية الحبس وآية الأذى اللتين في سورة النساء. وجماعة العلماء على عموم هذه الآية، وأن حكم المحصنين منسوخ منها، واختلفوا في الناسخ، فقالت فرقة: الناسخ السنة المتواترة في الرجم، وقالت فرقة: بل القرآن الذي ارتفع لفظه وبقي حكمه، وهو الذي قرأه عمر رضي الله تعالى عنه على المنبر بمحضر الصحابة رضي الله عنهم: "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة" وقال: إنا قرأناه في كتاب الله تعالى، واتفق الجميع على أن لفظه
[المحرر الوجيز: 6/331]
رفع وبقي حكمه، وقال الحسن بن أبي الحسن، وابن راهويه: ليس في هذه الآية نسخ، بل سنة الرجم جاءت بزيادة، فالمحصن -على رأي هذه الفرقة- يجلد ثم يرجم، وهو قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وفعله بشراحة، ودليلهم قول النبي صلى الله عليه وسلم: والثيب بالثيب جلد مائة والرجم، ويرد عليهم فعل النبي صلى الله عليه وسلم حيث رجم ولم يجلد، وبه قال جمهور الأمة إذ فعله كقوله رفع الجلد عن المحصن، وقال ابن سلام وغيره: هذه الآية خاصة في البكرين.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
لأنه لو لم يبق من هذا حكمه إلا البكران، واستدلوا على ذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم: البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، وبقوله: على ابنك جلد مائة، واستدلوا
[المحرر الوجيز: 6/332]
على أنها غير عامة بخروج الإماء والعبيد وغيرهم منها، وقد تقدم بسط كثير من هذه المعاني في سورة النساء.
والجلد يكون والمجلود قاعد عند مالك، ولا يجزي عنده إلا في الظهر، وأصحاب الرأي والشافعي يرون أن يجلد الرجل وهو واقف، وهو قول علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه ويفرق الضرب على كل الأعضاء، وأشار ابن عمر رضي الله عنهما بالضرب إلى رجلي أمة جلدها في الزنى، والإجماع في تسليم الوجه والعورة والمقاتل، ويترجح قول مالك رحمه الله بقول النبي صلى الله عليه وسلم: أو حد في ظهرك، وقول عمر رضي الله عنه: أو لأوجعن متنك، ويعرى الرجل عند مالك، والنخعي، وأبي عبيدة بن الجراح، وابن مسعود، وعمر بن عبد العزيز، والحسن، والشعبي، وغيرهم يرون أن يضرب على قميص، وهو قول عثمان، وابن مسعود رضي الله عنهما أيضا، وأما المرأة فتستر قولا واحدا.
وقرأ الجمهور: "رأفة" بهمزة ساكنة على وزن فعلة، وقرأ ابن كثير: "رأفة" على وزن فعلة بفتح العين، وقرأ عاصم أيضا: "رآفة" على وزن فعالة، كسآمة وكآبة، وهذه مصادر أشهرها الأولى، من "رؤف" إذا أرق ورحم، وقرأ الجمهور: "تأخذكم" بالتاء
[المحرر الوجيز: 6/333]
من فوق، وقرأ أبو عبد الرحمن: "يأخذكم" بالياء من تحت.
واختلف الناس في الرأفة المنهي عنها، فيم هي؟ فقال أبو مجلز ولاحق بن حميد ومجاهد، وعكرمة، وعطاء: هي في إسقاط الحد، أي: أقيموه ولا بد، وهذا تأويل ابن عمر رضي الله عنهما، وابن جبير، وغيرهما، ومن رأيهم أن الضرب في الزنى والفرية والخمر على نحو واحد. وقال قتادة، وابن المسيب، وغيرهما: الرأفة المنهي عنها هي في تخفيف الضرب عن الزنى، ومن رأيهم أن يخفف ضرب الخمر والفرية ويشتد ضرب الزنى، وقال سليمان بن يسار: نهي عن الرأفة في الوجهين، وقال أبو مجلز: إنا لنرجم المحدود ولكن لا نسقط الحد، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في السوط: دون هذا ضرب من الرأفة. وقال عمر رضي الله عنه: اضرب ولا تبدين إبطك، واتفق الناس على أن الضرب سوط بين سوطين، وقال الزهري: ضرب الزنا والفرية مشدد لأنهما بمعنى واحد، وضرب الخمر مخفف. وقوله تعالى: {في دين الله} بمعنى: في الإخلال بدين الله، أي: بشرعه، ويحتمل أن يكون الدين هنا بمعنى الحكم.
ثم قررهم على معنى التثبيت والحض بقوله: {إن كنتم تؤمنون بالله}، وهذا كما تقول لرجل تحضه: إن كنت رجلا فافعل كذا، أي: هذه أفعال الرجال.
[المحرر الوجيز: 6/334]
وقوله تعالى: {وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين}، المقصد بالآية الإغلاظ على الزناة والتوبيخ بحضرة الناس، فلا خلاف أن الطائفة كلما كثرت فهي أليق بامتثال الأمر. واختلف الناس في أقل ما يجزي، فقال الحسن بن أبي الحسن: لا بد من حضور عشرة، وقال: إن هذا العدد عقد خارج عن الآحاد وهي أقل الكثرة، وقال ابن زيد وغيره: لا بد من حضور أربعة، ورأوا أن شهادة الزنى كذلك وأن هذا باب منه. وقال الزهري: الطائفة ثلاثة فصاعدا، وقال عطاء وعكرمة: لا بد من اثنين، وهذا مشهور قول مالك، فرآها موضع شهادة، وقال مجاهد: يجزي الواحد ويسمى طائفة، وقاله ابن عباس رضي الله عنهما، ونزعا بقوله تعالى: {فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين}، وقوله: {وإن طائفتان} ونزلت في تقاتل رجلين.
واختلف العلماء في التغريب، وقد غرب الصديق رضي الله عنه إلى فدك، وهو رأي عمر وعثمان وعلي وأبي ذر وابن مسعود وأبي بن كعب رضي الله تعالى عنهم، ولكن عمر رضي الله عنه بعد أن نفى رجلا فلحق بالروم فقال: لا أنفي أحدا بعدها، وفيه عن مالك قولان، ولا يرى تغريب النساء والعبيد، واحتج بقوله صلى الله عليه وسلم: لا تسافر المرأة مسيرة يوم إلا مع ذي محرم، وممن أبى التغريب جملة أصحاب الرأي، وقال الشافعي: ينفى البكر رجلا كان أو امرأة، ونفى علي رضي الله تعالى عنه امرأة إلى البصرة). [المحرر الوجيز: 6/335]

تفسير قوله تعالى: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ۚ وَحُرِّمَ ذَٰلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (3)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين}
في هذه الآية أربعة أوجه من التأويل:
أحدها أن يكون مقصد الآية تشنيع وتبشيع أمره، وأنه محرم على المؤمنين، واتصال هذا المعنى بما قبل حسن بليغ، ويريد بقوله سبحانه: "لا ينكح" أي لا يطأ، فيكون النكاح بمعنى الجماع، وردد القصة مبالغة وأخذا من كلا الطرفين، ثم زاد تقسيم المشرك والمشركة من حيث الشرك أعم في المعاصي من الزنى، فالمعنى: الزاني لا يطأ في وقت زناه إلا زانية من المسلمين أو من هي أخس منها من المشركات، وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما وأصحابه أن النكاح في هذه الآية الوطء، وأنكر الزجاج وقال: لا يعرف النكاح في كتاب الله تعالى إلا بمعنى التزويج.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وليس كما قال، وفي القرآن حتى تنكح زوجا غيره، وقد بينه النبي صلى الله عليه وسلم أنه بمعنى الوطء، وذكر الطبري ما ينحو إلى هذا التأويل عن سعيد بن جبير، وابن عباس، وعكرمة، ولكن غير مخلص ولا مكمل.
والثاني أن تكون الآية نزلت في قوم مخصوصين، وهذا قول روي معناه عن عبد الله بن عمر، وعن ابن عباس وأصحابه رضي الله تعالى عنهم، قالوا: وهم قوم كانوا يزنون في جاهليتهم ببغايا مشهورات، فلما جاء الإسلام وأسلموا لم يمكنهم الزنى، فأرادوا لفقرهم- زواج أولئك النسوة؛ إذ كان من عادتهن الإنفاق على من ارتسم بزواجهن، فنزلت الآية بسببهن، والإشارة بـ "الزاني" إلى أحد أولئك، حمل عليه اسم الزنى الذي كان في الجاهلية، وقوله تعالى: {لا ينكح} أي لا يتزوج، وفي الآية -على هذا التأويل- معنى التفجع عليهم، وفي ذلك توبيخ كأنه يقول: أي مصاب؟ الزاني لا يريد أن يتزوج إلا زانية أو مشركة، أي: تنزع نفوسهم إلى هذه الخسائس لقلة انضباطهم. ويرد على هذا التأويل الإجماع على أن الزانية لا يجوز أن يتزوجها مشرك، ثم قوله:
[المحرر الوجيز: 6/336]
{وحرم ذلك على المؤمنين} أي نكاح أولئك البغايا، فيزعم أهل هذا التأويل أن نكاح أولئك البغايا حرمه الله تعالى على أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ومن أشهرهن عناق البغي، وكان الذي هم بتزوجها دلدل، كان يستخرج ضعفة المسلمين من مكة سرا، ففطنت له ودعته إلى نفسها فأبى الزنى وأراد التزويج، واستأذن النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت الآية، ولما دعته وأبى قالت له: أنى تبرز؟ والله لأفضحنك؟، وذكر الطبري أن من البغايا المذكورات أم مهزول جارية السائب المخزومي، ويقال فيها: أم مهزوم، وأم غليظ جارية صفوان بن أمية، وحنة القبطية جارية العاصي بن وائل، ومزنة جارية مالك بن عميلة بن سباق بن عبد الدار، وجلالة جارية سهيل بن عمرو، وأم سويد جارية عمرو بن عثمان المخزومي، وشريفة جارية زمعة بن الأسود، وفرسة جارية هشام بن ربيعة، وقريبا جارية هلال بن أنس، وغيرهن ممن كانت لهن رايات تعرف منازلهن بها، وكذلك كان بالمدينة إماء عبد الله بن أبي وغيره مشهورات.
وحكى الطبري عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في سياق هذا التأويل: كانت بيوت في الجاهلية تسمى المواخير، كانوا يؤجرون فيها فتياتهم، وكانت معلومة للزنى، فحرم الله ذلك على المؤمنين.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ويحتمل أن يكون هذا الكلام في التأويل الذي ذكرته قبل هذا. وواحد المواخير:
[المحرر الوجيز: 6/337]
ماخور، ومنه قول بعض المحدثين:
في كل واد هبطنا فيه دسكرة في كل نشز صعدنا فيه ماخور
والتأويل الثالث ذكره الزجاج وغيره عن الحسن، وذلك أنه قال: المراد الزاني المحدود والزانية المحدودة، قال: وهذا حكم من الله تعالى، فلا يجوز لزان محدود أن يتزوج إلا محدودة، وروي أن محدودا تزوج غير محدودة فرد علي بن أبي طالب نكاحهما، وقوله تعالى: {وحرم ذلك على المؤمنين} يريد الزنى، وحكى الزهراوي في ذلك حديثا من طريق أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا ينكح الزاني المجلود إلا مثله، وهذا حديث لا يصح، وقول فيه نظر، وإدخال "المشرك" في الآية يرده، وألفاظ الآية تأباه وإن قدرت "المشركة" بمعنى الكتابية فلا حيلة في لفظ المشرك.
والرابع قد روي عن سعيد بن المسيب، وذلك أنه قال: هذا حكم كان في الزناة عامة، ألا يتزوج زان إلا زانية، ثم جاءت الرخصة ونسخ ذلك بقوله تعالى: {وأنكحوا الأيامى منكم}، وروي ترتيب هذا النسخ أيضا عن مجاهد، إلا أنه قال: إن التحريم كان في أولئك النفر خاصة لا في الزناة عامة، ذكر ذلك عنهما أبو عبيدة في ناسخه، وذكر عن مجاهد أنه قال: حرم نكاح أولئك البغايا على أولئك النفر.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وذكر "الإشراك" في الآية يضعف هذه المناحي.
وقرأ أبو البرهشيم: "وحرم الله ذلك على المؤمنين".
واختلف فيمن زنى بامرأة ثم أراد نكاحها فأجاز ذلك أبو بكر الصديق، وابن عمر، وجابر بن عبد الله، وطاوس، وابن المسيب، وجابر بن زيد، وعطاء، والحسن،
[المحرر الوجيز: 6/338]
وعكرمة، وابن عباس، ومالك، والثوري، والشافعي. ومنعه ابن مسعود، والبراء بن عازب، وعائشة، وقالوا: لا يزالان زانيين ما اجتمعا). [المحرر الوجيز: 6/339]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 14 محرم 1440هـ/24-09-2018م, 04:13 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 14 محرم 1440هـ/24-09-2018م, 04:28 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري
تفسير قوله تعالى: {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (1) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({سورةٌ أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آياتٍ بيّناتٍ لعلّكم تذكّرون (1) الزّانية والزّاني فاجلدوا كلّ واحدٍ منهما مئة جلدةٍ ولا تأخذكم بهما رأفةٌ في دين اللّه إن كنتم تؤمنون باللّه واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفةٌ من المؤمنين (2)}
يقول تعالى: هذه {سورةٌ أنزلناها} فيه تنبيهٌ على الاعتناء بها ولا ينفي ما عداها.
{وفرّضناها} قال مجاهدٌ وقتادة: أي بيّنّا الحلال والحرام والأمر والنّهي، والحدود.
وقال البخاريّ: ومن قرأ "فرضناها" يقول: فرضنا عليكم وعلى من بعدكم.
{وأنزلنا فيها آياتٍ بيّناتٍ} أي: مفسّرات واضحات، {لعلّكم تذكّرون}).[تفسير ابن كثير: 6/ 5]

تفسير قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى: {الزّانية والزّاني فاجلدوا كلّ واحدٍ منهما مائة جلدةٍ} هذه الآية الكريمة فيها حكم الزّاني في الحدّ، وللعلماء فيه تفصيلٌ ونزاعٌ؛ فإنّ الزّاني لا يخلو إمّا أن يكون بكرًا، وهو الّذي لم يتزوّج، أو محصنًا، وهو الّذي قد وطئ في نكاحٍ صحيحٍ، وهو حرٌّ بالغٌ عاقلٌ. فأمّا إذا كان بكرًا لم يتزوّج، فإنّ حدّه مائة جلدةٍ كما في الآية ويزاد على ذلك أن يغرّب عامًا [عن بلده] عند جمهور العلماء، خلافًا لأبي حنيفة، رحمه اللّه؛ فإنّ عنده أنّ التغريب إلى رأي الإمام، إن شاء غرّب وإن شاء لم يغرّب.
وحجّة الجمهور في ذلك ما ثبت في الصّحيحين، من رواية الزّهريّ، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة بن مسعودٍ، عن أبي هريرة وزيد بن خالدٍ الجهنيّ، في الأعرابيّين اللّذين أتيا رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- فقال أحدهما: يا رسول اللّه، إنّ ابني كان عسيفا -يعني أجيرًا - على هذا فزنى بامرأته، فافتديت [ابني [ منه بمائة شاةٍ ووليدة، فسألت أهل العلم، فأخبروني أنّ على ابني جلد مائةٍ وتغريب عامٍ، وأنّ على امرأة هذا الرّجم. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "والّذي نفسي بيده، لأقضينّ بينكما بكتاب اللّه: الوليدة والغنم ردٌّ عليك، وعلى ابنك جلد مائةٍ وتغريب عامٍ. واغد يا أنيس -لرجلٍ من أسلم -إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها". فغدا عليها فاعترفت، فرجمها.
ففي هذا دلالةٌ على تغريب الزّاني مع جلد مائةٍ إذا كان بكرًا لم يتزوّج، فأمّا إن كان محصنًا فإنّه يرجم، كما قال الإمام مالك:
حدّثني ابن شهابٍ، أخبرنا عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة بن مسعودٍ، أنّ ابن عبّاسٍ أخبره أنّ عمر، رضي اللّه عنه، قام فحمد اللّه وأثنى عليه، ثمّ قال: أمّا بعد، أيّها النّاس، فإنّ اللّه بعث محمّدًا بالحقّ، وأنزل عليه الكتاب، فكان فيما أنزل عليه آية الرّجم، فقرأناها ووعيناها، ورجم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ورجمنا بعده، فأخشى أن يطول بالنّاس زمانٌ أن يقول قائلٌ: لا نجد آية الرّجم في كتاب اللّه، فيضلّوا بترك فريضةٍ قد أنزلها اللّه، فالرّجم في كتاب اللّه حقٌّ على من زنى، إذا أحصن، من الرّجال والنّساء، إذا قامت البيّنة، أو الحبل، أو الاعتراف.
أخرجاه في الصّحيحين من حديث مالكٍ مطوّلًا وهذا قطعةٌ منه، فيها مقصودنا هاهنا.
وروى الإمام أحمد، عن هشيم، عن الزّهريّ، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه، عن ابن عبّاسٍ: حدّثني عبد الرّحمن بن عوفٍ؛ أنّ عمر بن الخطّاب خطب النّاس فسمعته يقول: ألا وإنّ أناسًا يقولون: ما بال الرّجم؟ في كتاب اللّه الجلد. وقد رجم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ورجمنا بعده. ولولا أن يقول قائلون -أو يتكلّم متكلّمون -أنّ عمر زاد في كتاب اللّه ما ليس منه لأثبتّها كما نزلت.
وأخرجه النّسائيّ، من حديث عبيد اللّه بن عبد اللّه، به.
وقد روى أحمد أيضًا، عن هشيم، عن عليّ بن زيدٍ، عن يوسف بن مهران، عن ابن عبّاسٍ قال: خطب عمر بن الخطّاب فذكر الرّجم فقال: لا تخدعن عنه؛ فإنّه حدٌّ من حدود اللّه ألا إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قد رجم ورجمنا بعده، ولولا أن يقول قائلون: زاد عمر في كتاب اللّه ما ليس فيه، لكتبت في ناحيةٍ من المصحف: وشهد عمر بن الخطّاب، وعبد الرّحمن بن عوفٍ، وفلانٌ وفلانٌ: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قد رجم ورجمنا بعده. ألا وإنّه سيكون من بعدكم قومٌ يكذّبون بالرّجم وبالدّجّال وبالشّفاعة وبعذاب القبر، وبقومٍ يخرجون من النّار بعدما امتحشوا.
وروى أحمد أيضًا، عن يحيى القطّان، عن يحيى الأنصاريّ، عن سعيد بن المسيّب، عن عمر بن الخطّاب: إيّاكم أن تهلكوا عن آية الرّجم.
الحديث رواه التّرمذيّ، من حديث سعيدٍ، عن عمر، وقال: صحيحٌ.
وقال الحافظ أبو يعلى الموصليّ: حدّثنا عبيد اللّه بن عمر القواريريّ، حدّثنا يزيد بن زريع، حدّثنا ابن عون، عن محمّدٍ -هو ابن سيرين -قال: نبّئت عن كثير بن الصّلت قال: كنّا عند مروان وفينا زيدٌ، فقال زيدٌ: كنّا نقرأ: "والشّيخ والشّيخة فارجموهما البتّة". قال مروان: ألا كتبتها في المصحف؟ قال: ذكرنا ذلك وفينا عمر بن الخطّاب، فقال: أنا أشفيكم من ذلك. قال: قلنا: فكيف؟ قال: جاء رجلٌ إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: فذكر كذا وكذا، وذكر الرّجم، فقال: يا رسول اللّه، أكتبني آية الرّجم: قال: "لا أستطيع الآن". هذا أو نحو ذلك.
وقد رواه النّسائيّ، عن محمّد بن المثنّى، عن غندر، عن شعبة، عن قتادة، عن يونس بن جبير، عن كثير بن الصّلت، عن زيد بن ثابتٍ، به.
وهذه طرقٌ كلّها متعدّدةٌ ودالّةٌ على أنّ آية الرّجم كانت مكتوبةً فنسخ تلاوتها، وبقي حكمها معمولًا به، وللّه الحمد.
وقد أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم برجم هذه المرأة، وهي زوجة الرّجل الّذي استأجر الأجير لمّا زنت مع الأجير. ورجم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ماعزًا والغامديّة. وكلّ هؤلاء لم ينقل عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه جلدهم قبل الرّجم. وإنّما وردت الأحاديث الصّحاح المتعدّدة الطّرق والألفاظ، بالاقتصار على رجمهم، وليس فيها ذكر الجلد؛ ولهذا كان هذا مذهب جمهور العلماء، وإليه ذهب أبو حنيفة، ومالكٌ، والشّافعيّ، رحمهم اللّه. وذهب الإمام أحمد، رحمه اللّه، إلى أنّه يجب أن يجمع على الزّاني المحصن بين الجلد للآية والرّجم للسّنّة، كما روي، عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه، أنّه لمّا أتي بشراحة وكانت قد زنت وهي محصنةٌ، فجلدها يوم الخميس، ورجمها يوم الجمعة، ثمّ قال: جلدتها بكتاب اللّه، ورجمتها بسنّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقد روى الإمام أحمد ومسلمٌ، وأهل السّنن الأربعة، من حديث قتادة، عن الحسن، عن حطّان بن عبد اللّه الرّقاشيّ، عن عبادة بن الصّامت قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "خذوا عنّي، خذوا عنّي، قد جعل اللّه لهنّ سبيلًا البكر بالبكر، جلد مائةٍ وتغريب سنةٍ والثّيّب بالثّيّب، جلد مائةٍ والرّجم".
وقوله: {ولا تأخذكم بهما رأفةٌ في دين اللّه} أي: في حكم اللّه. لا ترجموهما وترأفوا بهما في شرع اللّه، وليس المنهيّ عنه الرّأفة الطّبيعيّة [ألّا تكون حاصلةً] على ترك الحدّ، [وإنّما هي الرّأفة الّتي تحمل الحاكم على ترك الحدّ] فلا يجوز ذلك.
قال مجاهدٌ: {ولا تأخذكم بهما رأفةٌ في دين اللّه} قال: إقامة الحدود إذا رفعت إلى السّلطان، فتقام ولا تعطّل. وكذا روي عن سعيد بن جبير، وعطاء بن أبي رباح. وقد جاء في الحديث: "تعافوا الحدود فيما بينكم، فما بلغني من حدٍّ فقد وجب". وفي الحديث الآخر: "لحدٌّ يقام في الأرض، خيرٌ لأهلها من أن يمطروا أربعين صباحًا".
وقيل: المراد: {ولا تأخذكم بهما رأفةٌ في دين اللّه} فلا تقيموا الحدّ كما ينبغي، من شدّة الضّرب الزّاجر عن المأثم، وليس المراد الضّرب المبرّح.
قال عامر الشّعبيّ: {ولا تأخذكم بهما رأفةٌ في دين اللّه} قال: رحمةٌ في شدّة الضّرب. وقال عطاءٌ: ضربٌ ليس بالمبرّح. وقال سعيد بن أبي عروبة، عن حمّاد بن أبي سليمان: يجلد القاذف وعليه ثيابه، والزّاني تخلع ثيابه، ثمّ تلا {ولا تأخذكم بهما رأفةٌ في دين اللّه} فقلت: هذا في الحكم؟ قال: هذا في الحكم والجلد -يعني في إقامة الحدّ، وفي شدّة الضّرب.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا عمرو بن عبد اللّه الأوديّ حدّثنا وكيع، عن نافعٍ، [عن] ابن عمرو، عن ابن أبي مليكة، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عمر: أنّ جاريةً لابن عمر زنت، فضرب رجليها -قال نافعٌ: أراه قال: وظهرها -قال: قلت: {ولا تأخذكم بهما رأفةٌ في دين اللّه} قال: يا بنيّ، ورأيتني أخذتني بها رأفةٌ؟ إنّ اللّه لم يأمرني أن أقتلها، ولا أن أجعل جلدها في رأسها، وقد أوجعت حيث ضربت.
وقوله: {إن كنتم تؤمنون باللّه واليوم الآخر} أي: فافعلوا ذلك: أقيموا الحدود على من زنى، وشدّدوا عليه الضّرب، ولكن ليس مبرّحا؛ ليرتدع هو ومن يصنع مثله بذلك. وقد جاء في المسند عن بعض الصّحابة أنّه قال: يا رسول اللّه، إنّي لأذبح الشّاة وأنا أرحمها، فقال: "ولك في ذلك أجرٌ".
وقوله: {وليشهد عذابهما طائفةٌ من المؤمنين}: هذا فيه تنكيلٌ للزّانيين إذا جلدا بحضرة النّاس، فإنّ ذلك يكون أبلغ في زجرهما، وأنجع في ردعهما، فإنّ في ذلك تقريعًا وتوبيخًا وفضيحةً إذا كان النّاس حضورًا.
قال الحسن البصريّ في قوله: {وليشهد عذابهما طائفةٌ من المؤمنين} يعني: علانيةً.
ثمّ قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {وليشهد عذابهما طائفةٌ من المؤمنين} الطّائفة: الرّجل فما فوقه.
وقال مجاهدٌ: الطّائفة: رجلٌ إلى الألف. وكذا قال عكرمة؛ ولهذا قال أحمد: إنّ الطّائفة تصدق على واحدٍ.
وقال عطاء بن أبي رباحٍ: اثنان. وبه قال إسحاق بن راهويه. وكذا قال سعيد بن جبيرٍ: {طائفةٌ من المؤمنين} قال: يعني: رجلين فصاعدا.
وقال الزهري: ثلاث نفرٍ فصاعدًا.
وقال عبد الرّزّاق: حدّثني ابن وهب، عن الإمام مالكٍ في قوله: {وليشهد عذابهما طائفةٌ من المؤمنين} قال: الطّائفة: أربعة نفرٍ فصاعدًا؛ لأنّه لا يكون شهادةٌ في الزّنى دون أربعة شهداء فصاعدًا. وبه قال الشّافعيّ.
وقال ربيعة: خمسةٌ. وقال الحسن البصريّ: عشرةٌ. وقال قتادة: أمر اللّه أن يشهد عذابهما طائفةٌ من المؤمنين، أي: نفرٌ من المسلمين؛ ليكون ذلك موعظةً وعبرةً ونكالًا.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا يحيى بن عثمان، حدّثنا بقيّة قال: سمعت نصر بن علقمة في قوله: {وليشهد عذابهما طائفةٌ من المؤمنين} قال: ليس ذلك للفضيحة، إنّما ذلك ليدعى الله تعالى لهما بالتّوبة والرّحمة). [تفسير ابن كثير: 6/ 5-9]

تفسير قوله تعالى: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (3) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({الزّاني لا ينكح إلّا زانيةً أو مشركةً والزّانية لا ينكحها إلّا زانٍ أو مشركٌ وحرّم ذلك على المؤمنين (3)}
هذا خبر من اللّه تعالى بأنّ الزّاني لا يطأ إلّا زانيةً أو مشركةً. أي: لا يطاوعه على مراده من الزّنى إلّا زانيةٌ عاصيةٌ أو مشركةٌ، لا ترى حرمة ذلك، وكذلك: {الزّانية لا ينكحها إلا زانٍ} أي: عاصٍ بزناه، {أو مشركٌ} لا يعتقد تحريمه.
قال سفيان الثّوريّ، عن حبيب بن أبي عمرة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، رضي اللّه عنهما: {الزّاني لا ينكح إلّا زانيةً أو مشركةً} قال: ليس هذا بالنّكاح، إنّما هو الجماع، لا يزني بها إلّا زانٍ أو مشركٌ.
وهذا إسنادٌ صحيحٌ عنه، وقد روي عنه من غير وجهٍ أيضًا. وقد روي عن مجاهدٍ، وعكرمة، وسعيد بن جبيرٍ، وعروة بن الزّبير، والضّحاك، ومكحولٍ، ومقاتل بن حيّان، وغير واحدٍ، نحو ذلك.
وقوله تعالى: {وحرّم ذلك على المؤمنين} أي: تعاطيه والتّزويج بالبغايا، أو تزويج العفائف بالفجّار من الرّجال.
وقال أبو داود الطّيالسيّ: حدّثنا قيس، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: {وحرّم ذلك على المؤمنين} قال: حّرم اللّه الزّنى على المؤمنين.
وقال قتادة، ومقاتل بن حيّان: حرّم اللّه على المؤمنين نكاح البغايا، وتقدّم في ذلك فقال: {وحرّم ذلك على المؤمنين}
وهذه الآية كقوله تعالى: {محصناتٍ غير مسافحاتٍ ولا متّخذات أخدانٍ} [النّساء: 25] وقوله {محصنين غير مسافحين ولا متّخذي أخدانٍ} الآية [المائدة: 5] ومن هاهنا ذهب الإمام أحمد بن حنبلٍ، رحمه اللّه، إلى أنّه لا يصحّ العقد من الرّجل العفيف على المرأة البغيّ ما دامت كذلك حتّى تستتاب، فإن تابت صحّ العقد عليها وإلّا فلا وكذلك لا يصحّ تزويج المرأة الحرّة العفيفة بالرّجل الفاجر المسافح، حتّى يتوب توبةً صحيحةً؛ لقوله تعالى: {وحرّم ذلك على المؤمنين}
وقال الإمام أحمد: حدّثنا عارمٌ، حدّثنا معتمر بن سليمان قال: قال أبي: حدّثنا الحضرميّ، عن القاسم بن محمّدٍ، عن عبد اللّه بن عمرو، رضي اللّه عنهما، أنّ رجلًا من المسلمين استأذن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في امرأةٍ يقال لها: "أمّ مهزولٍ" كانت تسافح، وتشترط له أن تنفق عليه -قال: فاستأذن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم -أو: ذكر له أمرها -قال: فقرأ عليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {الزّاني لا ينكح إلّا زانيةً أو مشركةً والزّانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشركٌ وحرّم ذلك على المؤمنين}.
وقال النّسائيّ: أخبرنا عمرو بن عليٍّ، حدّثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن الحضرميّ، عن القاسم بن محمّدٍ، عن عبد اللّه بن عمرو قال: كانت امرأةٌ يقال لها: "أمّ مهزولٍ" وكانت تسافح، فأراد رجلٌ من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم أن يتزوّجها، فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {الزّاني لا ينكح إلّا زانيةً أو مشركةً والزّانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشركٌ وحرّم ذلك على المؤمنين}.
[و] قال التّرمذيّ: حدّثنا عبد بن حميدٍ، حدّثنا روح بن عبادة بن عبيد اللّه بن الأخنس، أخبرني عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جدّه قال: كان رجلٌ يقال له "مرثد بن أبي مرثدٍ" وكان رجلًا يحمل الأسارى من مكّة حتّى يأتي بهم المدينة. قال: وكانت امرأةٌ بغي بمكّة يقال لها "عناق"، وكانت صديقةً له، وأنّه واعد رجلًا من أسارى مكّة يحمله. قال: فجئت حتّى انتهيت إلى ظلّ حائطٍ من حوائط مكّة في ليلةٍ مقمرةٍ، قال: فجاءت "عناق" فأبصرت سواد ظلّي تحت الحائط، فلمّا انتهت إليّ عرفتني، فقالت: مرثد؟ فقلت: مرثدٌ فقالت: مرحبًا وأهلًا هلمّ فبت عندنا اللّيلة. قال: فقلت يا عناق، حرّم اللّه الزّنى. فقالت يا أهل الخيام، هذا الرّجل يحمل أسراكم. قال: فتبعني ثمانيةٌ ودخلت الحندمة فانتهيت إلى غارٍ -أو كهفٍ فدخلت فيه فجاءوا حتّى قاموا على رأسي فبالوا، فظلّ بولهم على رأسي، فأعماهم اللّه عنّي -قال: ثمّ رجعوا، فرجعت إلى صاحبي فحملته، وكان رجلًا ثقيلًا حتّى انتهيت إلى الإذخر، ففككت عنه أكبله، فجعلت أحمله ويعينني، حتّى أتيت به المدينة، فأتيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقلت: يا رسول الله، أنكح عناقًا؟ أنكح عناقًا؟ -مرّتين-فأمسك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فلم يردّ عليّ شيئًا، حتّى نزلت {الزّاني لا ينكح إلّا زانيةً أو مشركةً والزّانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشركٌ وحرّم ذلك على المؤمنين} فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "يا مرثد، {الزّاني لا ينكح إلّا زانيةً أو مشركةً [والزّانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشركٌ]} فلا تنكحها" ثمّ قال التّرمذيّ: هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ، لا نعرفه إلّا من هذا الوجه.
وقد رواه أبو داود والنّسائيّ، في كتاب النّكاح من سننهما من حديث عبيد اللّه بن الأخنس، به.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا مسدّد أبو الحسن، حدّثنا عبد الوارث، عن حبيبٍ المعلّم، حدّثني عمرو بن شعيبٍ، عن سعيدٍ المقبريّ، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لا ينكح الزّاني المجلود إلّا مثله".
وهكذا أخرجه أبو داود في سننه، عن مسدّدٍ وأبي معمرٍ -عبد اللّه بن عمرٍو -كلاهما، عن عبد الوارث، به.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا يعقوب، حدّثنا عاصم بن محمّد بن زيد بن عبد اللّه بن عمر بن الخطّاب، عن أخيه عمر بن محمّدٍ، عن عبد اللّه بن يسارٍ -مولى ابن عمر -قال: أشهد لسمعت سالمًا يقول: قال عبد اللّه: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "ثلاثةٌ لا يدخلون الجنّة، ولا ينظر اللّه إليهم يوم القيامة: العاقّ لوالديه، والمرأة المترجّلة -المتشبّهة بالرّجال -والدّيّوث. وثلاثةٌ لا ينظر اللّه إليهم يوم القيامة: العاقّ لوالديه، ومدمن الخمر، والمنّان بما أعطى".
ورواه النّسائيّ، عن عمرو بن عليٍّ الفلّاس، عن يزيد بن زريع، عن عمر بن محمّدٍ العمري، عن عبد اللّه بن يسارٍ، به.
وقال الإمام أحمد أيضًا: حدّثنا يعقوب، حدّثنا أبي، حدّثنا الوليد بن كثيرٍ، عن قطن بن وهبٍ، عن عويمر بن الأجدع، عمّن حدّثه، عن سالم بن عبد اللّه بن عمر قال: حدّثني عبد اللّه بن عمر: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "ثلاثةٌ حرّم اللّه عليهم الجنّة: مدمن الخمر، والعاقّ، والدّيّوث الّذي يقرّ في أهله الخبث".
وقال أبو داود الطّيالسيّ في مسنده: حدّثنا شعبة، حدّثني رجلٌ -من آل سهل بن حنيف -، عن محمّد بن عمّار، عن عمّار بن ياسرٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لا يدخل الجنّة ديّوث".
يستشهد به لما قبله من الأحاديث.
وقال ابن ماجه: حدّثنا هشام بن عمّارٍ، حدّثنا سلام بن سوّار، حدّثنا كثير بن سليم، عن الضّحّاك بن مزاحم: سمعت أنس بن مالكٍ يقول: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم [يقول] " من أراد أن يلقى اللّه طاهرًا مطهّرًا، فليتزوج الحرائر".
في إسناده ضعفٌ.
قال الإمام أبو نصرٍ إسماعيل بن حمّاد الجوهريّ في كتاب "الصّحاح في اللّغة:" الدّيّوث القنذع وهو الّذي لا غيرة له.
فأمّا الحديث الّذي رواه الإمام أبو عبد الرّحمن النّسائيّ في كتاب "النّكاح" من سننه: أخبرنا محمّد بن إسماعيل بن عليّة، عن يزيد بن هارون، عن حمّاد بن سلمة وغيره، عن هارون ابن رئابٍ، عن عبد اللّه بن عبيد بن عميرٍ -وعبد الكريم، عن عبد اللّه بن عبيد بن عميرٍ، عن ابن عبّاسٍ -عبد الكريم رفعه إلى ابن عبّاسٍ، وهارون لم يرفعه -قالا جاء رجلٌ إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: إنّ عندي امرأةً [هي] من أحبّ النّاس إليّ وهي لا تمنع يد لامس قال: "طلّقها". قال: لا صبر لي عنها قال: "استمتع بها"، ثمّ قال النّسائيّ: هذا الحديث غير ثابتٍ، وعبد الكريم ليس بالقويّ، وهارون أثبت منه، وقد أرسل الحديث وهو ثقةٌ، وحديثه أولى بالصّواب من حديث عبد الكريم..
قلت: وهو ابن أبي المخارق البصريّ المؤدّب تابعيٌّ ضعيف الحديث، وقد خالفه هارون بن رئابٍ، وهو تابعيٌّ ثقةٌ من رجال مسلمٍ، فحديثه المرسل أولى كما قال النّسائيّ. لكن قد رواه النّسائيّ في كتاب "الطّلاق"، عن إسحاق بن راهويه، عن النّضر بن شميل عن حمّاد بن سلمة، عن هارون بن رئابٍ، عن عبد اللّه بن عبيد بن عميرٍ، عن ابن عبّاسٍ مسندًا، فذكره بهذا الإسناد، رجاله على شرط مسلمٍ، إلّا أنّ النّسائيّ بعد روايته له قال: "وهذا خطأٌ، والصّواب مرسلٌ" ورواه غير النّضر على الصّواب.
وقد رواه النّسائيّ أيضًا وأبو داود، عن الحسين بن حريث، أخبرنا الفضل بن موسى، أخبرنا الحسين بن واقدٍ، عن عمارة بن أبي حفصة، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فذكره. وهذا إسنادٌ جيّدٌ.
وقد اختلف النّاس في هذا الحديث ما بين مضعّف له، كما تقدّم، عن النّسائيّ، وكما قال الإمام أحمد: هو حديثٌ منكرٌ.
وقال ابن قتيبة: إنّما أراد أنّها سخيّةٌ لا تمنع سائلًا. وحكاه النّسائيّ في سننه، عن بعضهم فقال: وقيل: "سخيّةٌ تعطي"، وردّ هذا بأنّه لو كان المراد لقال: لا تردّ يد ملتمس.
وقيل: المراد أنّ سجيّتها لا تردّ يد لامسٍ، لا أنّ المراد أنّ هذا واقعٌ منها، وأنّها تفعل الفاحشة؛ فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لا يأذن في مصاحبة من هذه صفتها. فإنّ زوجها -والحالة هذه -يكون ديّوثا، وقد تقدّم الوعيد على ذلك. ولكن لمّا كانت سجيّتها هكذا ليس فيها ممانعةٌ ولا مخالفةٌ لمن أرادها لو خلا بها أحد، أمره رسول صلّى اللّه عليه وسلّم بفراقها. فلمّا ذكر أنّه يحبّها أباح له البقاء معها؛ لأنّ محبّته لها محقّقةٌ، ووقوع الفاحشة منها متوهّمٌ فلا يصار إلى الضّرر العاجل لتوهّم الآجل، واللّه سبحانه وتعالى أعلم.
قالوا: فأمّا إذا حصلت توبةٌ فإنّه يحلّ التّزويج، كما قال الإمام أبو محمّد بن أبي حاتمٍ رحمه اللّه:
حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، حدّثنا أبو خالدٍ، عن ابن أبي ذئبٍ، قال: سمعت [شعبة] -مولى ابن عبّاسٍ، رضي اللّه عنه -قال: سمعت ابن عبّاسٍ وسأله رجلٌ قال:إنّي كنت ألمّ بامرأةٍ آتي منها ما حرّم اللّه عزّ وجلّ عليّ، فرزق اللّه عزّ وجلّ من ذلك توبةً، فأردت أن أتزوّجها، فقال أناسٌ: إنّ الزّاني لا ينكح إلّا زانيةً. فقال ابن عبّاسٍ: ليس هذا في هذا، انكحها فما كان من إثمٍ فعليّ.
وقد ادّعى طائفةٌ آخرون من العلماء أنّ هذه الآية منسوخةٌ، قال ابن أبي حاتمٍ:
حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، حدّثنا أبو خالدٍ، عن يحيى بن سعيدٍ، عن سعيد ابن المسيّب. قال: ذكر عنده {الزّاني لا ينكح إلّا زانيةً أو مشركةً والزّانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشركٌ} قال: كان يقال: نسختها [الآية] الّتي بعدها: {وأنكحوا الأيامى منكم} [النّور: 32] قال: كان يقال الأيامى من المسلمين.
وهكذا رواه الإمام أبو عبيدٍ القاسم بن سلّامٍ في كتاب "النّاسخ والمنسوخ" له، عن سعيد بن المسيّب. ونصّ على ذلك أيضًا الإمام أبو عبد اللّه محمّد بن إدريس الشّافعيّ، رحمه اللّه). [تفسير ابن كثير: 6/ 9-13]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:28 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة