العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > توجيه القراءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 08:29 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأعراف
[ من الآية (85) إلى الآية (93) ]

{وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (85) وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (86) وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ آَمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (87) قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ (88) قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ (89) وَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (90) فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (91) الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ (92) فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آَسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ (93)}

قوله تعالى: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (85)}

قوله تعالى: {وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (86)}

قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ آَمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (87)}

قوله تعالى: {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ (88)}

قوله تعالى: {قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ (89)}

قوله تعالى: {وَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (90)}

قوله تعالى: {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (91)}

قوله تعالى: {الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ (92)}

قوله تعالى: {فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آَسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ (93)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 08:33 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأعراف
[ من الآية (94) إلى الآية (99) ]

{ وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ 94) ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آَبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (95) وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96) أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (97) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (99)}

قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ 94)}

قوله تعالى: {ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آَبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (95)}

قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (21- وقوله تعالى: {لفتحنا عليهم بركات من السماء} [96].
قرأ ابن عامر وحده: {لفتحنا} أي: مرة بعد أخرى.
والباقون يخففون). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/196]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (كلّهم قرأ لفتحنا عليهم [الأعراف/ 96] خفيفة غير ابن عامر، فإنّه قرأ لفتحنا عليهم مشددة التاء.
قد تقدّم القول في هذا). [الحجة للقراء السبعة: 4/52]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({لفتحنا عليهم بركات من السّماء والأرض}
قرأ ابن عامر {لفتحنا} بالتّشديد أي مرّة بعد مرّة وحجته قوله {بركات من السّماء} ولم يقل بركة
وقرأ الباقون بالتّخفيف أرادوا الواحد). [حجة القراءات: 288]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (21- {لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ} [آية/ 96] بتشديد التاء:
قرأها ابن عامر وحده.
والوجه أن التشديد للتكثير، فالذي أسند إليه الفعل جمع.
وقرأ الباقون {فَتَحْنَا} بالتخفيف؛ لأن التخفيف قد يؤدي معنى التثقيل، فالفعل وإن خفف يدل على الجنسية والكثرة، لكن التثقيل يختص الكثرة، وقد مضى مثله في مواضع). [الموضح: 540]

قوله تعالى: {أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (97)}

قوله تعالى: {أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (أوأمن أهل القرى... (98)، (أوآباؤنا).
قرأ ابن كثير (أو أمن، (أو آباؤنا) بسكون الواو هنا.
وقرأ نافع وابن عامر (أو أمن)، (أو آباؤنا) في الصافات (أو آباؤنا) في الواقعة.
[معاني القراءات وعللها: 1/413]
وقرأ محمد بن الحسن عن أبي ربيعة عن البزي عن ابن كثير الثلاثة المواضع مثل نافع، والباقون يفتحون الواو فيهن.
قال أبو منصور: من فتح الواو في هذه الحروف هي واو عطف، ادخلت عليها ألف الاستفهام كما تدخل على الفاء من قوله (أفعجبتم) (أوعجبتم)، ومن سكن الواو فهي (أو)، وكذلك سكنه، و(أو) من حروف العطف للشك، تقول: ضربت زيدًا أو عمرًا، ومرّ بي زيد أو عمرو، وقد يكون (أو) بمعنى (بل)، ويكون (أو) بمعنى الواو، ويجيء بمعنى (بل) ). [معاني القراءات وعللها: 1/414]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (20- وقوله تعالى: {أو أمن أهل القرى} [98].
قرأ ابن كثير ونافع وابن عامر بإسكان الواو جعلوه نسقًا: كقولك: لقيت زيدًا أو عمرًا.
وقرأ الباقون: {أو أمن} بفتح الواو جعلها واوًا وأدخلت عليها ألف الاستفهام. وهو الاختيار؛ لأنه مثل قوله: {أفأمنتم}.
وقرأ نافع وابن عامر في (الصافات) و(الواقعة) ساكنة أيضًا. وفارقهم ابن كثير في هذين). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/196]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح الواو وإسكانها من قوله تعالى: أوأمن [الأعراف/ 98].
فقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر: أو أمن بإسكان الواو.
وروى ورش عن نافع أو امن يفتح ويدع الهمزة، ويلقي حركتها على الواو.
وقرأ عاصم وأبو عمرو وحمزة والكسائي: أو أمن بتحريك الواو، غير أن ابن كثير كان ينصب الواو في الصافات [17] والواقعة [48].
وكان نافع وابن عامر يقفانها في الثلاثة المواضع.
[الحجة للقراء السبعة: 4/52]
[قال أبو علي]: أو: حرف استعمل على ضربين:
أحدهما: أن يكون بمعنى أحد الشيئين أو الأشياء في الخبر والاستفهام.
والآخر: أن يكون للإضراب عمّا قبلها في الخبر والاستفهام، كما أنّ «أم» المنقطعة في الاستفهام، والخبر كذلك.
فأمّا «أو» التي تكون لأحد الشيئين أو الأشياء، فمثاله في الخبر: زيد أو عمرو جاء، وزيد أو عمرو ضربته كما تقول:
أحدهما جاء، وأحدهما ضربته، وهي إذا كانت للإباحة، كذلك أيضا، وذلك قولك: جالس الحسن أو ابن سيرين، ويدلّك على أنّها ليست بمعنى الواو أنّه إذا جالس أحدهما؛ فقد ائتمر للأمر، ولم يخالفه، وإنّما جاز له الجمع بين مجالستهما من حيث كان كلّ واحد منهما مجالسته بمعنى مجالسة الآخر، ليس من حيث كانت «أو» بمعنى الواو، وقول الشاعر:
وكان سيّان أن لا يسرحوا نعما... أو يسرحوه بها واغبرّت
السّوح إنّما حسن له استعمال أو، مع أنّه لا يجوز: سيّان
[الحجة للقراء السبعة: 4/53]
أحدهما؛ أنّه رأى نحو: جالس الحسن أو ابن سيرين؛ فيجوز له أن يجمع بين مجالستهما.
وأمّا «أو» التي تجيء للإضراب بعد الخبر والاستفهام، فكقولك: أنا أخرج، ثم تقول: أو أقيم، أضرب عن الخروج وأثبت الإقامة، كأنّك قلت: لا بل أقيم، كما أنّك في قولك: «إنّها لإبل أم شاء» مضرب عن الأول، ولا تقع بعد أو هذه إلّا جملة، كما لا تقع بعد «أم» إذا كانت للإضراب إلّا جملة.
ومن ثمّ قال سيبويه: في قوله: ولا تطع منهم آثما أو كفورا [الإنسان/ 24]، إنّك لو قلت: أو لا تطع كفورا، انقلب المعنى، وإنّما كان ينقلب المعنى لأنّه إذا قال: لا تطع آثما أو كفورا، فكأنّه قال: لا تطع هذا الضّرب، ولا تطع هؤلاء، وإنّما لزمه أن لا يطيع أحدا منهما، لأنّ كلّ واحد منهما في معنى الآخر في وجوب ترك الطاعة له، كما جاز له أن يجمع بين مجالسة الحسن وابن سيرين، لأنّ كلّ واحد منهما أهل للمجالسة، ومجالسة كلّ واحد منهما كمجالسة الآخر، ولو قال: لا تطع آثما أو لا تطع كفورا، كان بقوله: أو لا تطع، قد
[الحجة للقراء السبعة: 4/54]
أضرب عن ترك طاعة الأوّل، فكان يجوز أن يطيعه، وفي جواز ذلك انقلاب المعنى.
فوجه قراءة من قرأ: أو أمن، أنّه جعل أو للإضراب لا على أنّه أبطل الأوّل، ولكن كقوله: الم، تنزيل الكتاب لا ريب فيه [السجدة/ 1 - 2]، ثم قال: أم يقولون افتراه [السجدة/ 3]، فجاء هذا ليبصّروا ضلالتهم، فكأنّ المعنى:
أأمنوا هذه الضروب من معاقبتهم، والأخذ لهم، وإن شئت جعلته أو التي في قولك: ضربت زيدا أو عمرا، كأنّك أردت:
أفأمنوا إحدى هذه العقوبات؟
ووجه قراءة من قرأ: أوأمن أهل القرى [الأعراف/ 98] أنّه أدخل همزة الاستفهام على حرف العطف، كما دخل في نحو قوله: أثم إذا ما وقع [يونس/ 51].
وقوله: أوكلما عاهدوا عهدا [البقرة/ 100].
ومن حجة من قرأ ذلك: أنّه أشبه بما قبله وما بعده، ألا ترى أنّ قبله: أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا وبعده أفأمنوا مكر الله [الأعراف/ 99] أولم يهد للذين يرثون الأرض [الأعراف/ 100]، فكما أنّ هذه الأشياء، حروف عطف دخل عليها حرف الاستفهام، كذلك يكون قوله: أوأمن). [الحجة للقراء السبعة: 4/55]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({أو أمن أهل القرى}
[حجة القراءات: 288]
قرأ نافع وابن كثير وابن عامر {أو أمن أهل القرى} بإسكان الواو جعلوه نسقا في الاستفهام كما تقول أقمت أو قعدت
وقرأ الباقون {أو أمن} بفتح الواو جعلوا واو عطف دخلت عليها ألف الاستفهام وهو المختار لأنّه مثل قوله قبلها {أفأمن أهل القرى} ). [حجة القراءات: 289]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (26- قوله: {أو أمن أهل القرى} قرأ الحرميان وابن عامر بإسكان الواو من «أو» غير أن ورشًا يُلقي حركة الهمزة من «أمن» على الواو من «أو» على أصله، وقرأ الباقون بفتح الواو، وبهمزة بعدها.
وحجة من أسكن الواو أنه جعلها «أو» التي للعطف، على معنى الإباحة، مثل: {ولا تطع منهم آثمًا أو كفورًا} «الإنسان 24» أي: لا تطع هذا الجنس، ومثل قولك: جالس الحسن أو ابن سيرين، أي: جالس هذا الصنف، فالمعنى: أفأمنوا هذه الضور من العقوبات، أي: إن أمنتم ضربًا منها لم تأمنوا الضرب الآخر، ويجوز أن تكون «أو» لأحد الشيئين، كقولك:
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/468]
ضربت زيدًا أو عمرًا، أي: ضربت أحدهما، ولم ترد أن تبين المضروب منهما وأنت عالم به من هو منهما، وليست هو «أو» التي للشك في هذا، إنما هي «أو» التي لأحد الشيئين غير معين، فيكون التقدير في الآية: أفأمنوا إحدى هذه العقوبات.
27- وحجة من فتح الواو وهمز «أمن» أنه جعلها واو العطف، دخلت عليها ألف الاستفهام، كما تدخل على «ثم» في نحو قوله: {أثم إذا ما وقع} «يونس 51» ومثله: {أو كلما} «البقرة 100» ويقوي ذلك أن الحرف الذي قبله، والذي بعده، وهو الفاء دخلت عليه ألف الاستفهام، وكذلك: {أولم يهد} «الأعراف 100» فحمل وسط الكلام على ما قبله وما بعده، للمشاكلة والمطابقة في اتفاق اللفظ، في دخول الألف عليه كله، وهو الاختيار، لأن عليه الجماعة، وقد تقدم ذكر «الريح» و«بسطة»، و«إن لنا» و{أئنكم لتأتون} و«تعقلون» و{أرثتموها} و{يلهث ذلك} وشبهه، فأغنانا ذلك عن التكرير له). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/469]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (22- {أَوْ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى} [آية/ 98] بسكون الواو من «أو»:-
قرأها ابن كثير في هذا وحده، وقرأها نافع وابن عامر في هذا وفي الصافات والواقعة {أَوَ آبَاؤُنَا}.
وهذا هو أو الذي معناه الإضراب عن الأول، لا على معنى إبطال الأول، فإن أو على ضربين:
أحدهما: أن يكون لأحد الشيئين أو الأشياء في الخبر والاستفهام، كقولك في الخبر: زيد أو عمرو جاءني، وفي الاستفهام: أزيد أو عمرو في الدار؟
والثاني: أن يكون للإضراب عما قبله في الخبر والاستفهام، كأم المنقطعة في الخبر والاستفهام، فمثاله في الخبر: أنا أقوم، ثم تقول: أو أقعد، أضربت عن القيام وأثبت القعود، كأنك قلت: لا بل أقعد، كما في أم المنقطعة، كذلك إذا قلت: إنها لإبل أم شاء، كأنك قلت بل أهي شاء؟ ومثاله في الاستفهام: أضربت زيدًا أو شتمته، كأنك تركت السؤال عن ضربه واستأنفت السؤال عن شتمه، والتقدير: أضربت زيدًا بل أشتمته؟ فكلاهما استفهام.
فأو في هذه القراءة هو الذي للإضراب عن الأول واستئناف الثاني، كأنه قال أأمنوا هذه الضروب عن عقوباتهم.
وقرأ الباقون {أَوْ أَمِنَ} بفتح الواو.
والوجه أن همزة الاستفهام دخلت على واو العطف، وهو أشبه بما قبله وما
[الموضح: 541]
بعده، فإن ما قبله قوله تعالى {أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا}، وما بعده قوله تعالى {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ الله}، فكما دخلت همزة الاستفهام على فاء العطف في الآيتين، فكذلك على الواو في هذا الموضع). [الموضح: 542]

قوله تعالى: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (99)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 08:35 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأعراف
[ من الآية (100) إلى الآية (102) ]

{ أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (100) تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ (101) وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ (102)}

قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (100)}

قوله تعالى: {تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ (101)}

قوله تعالى: {وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ (102)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 08:43 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأعراف
[ من الآية (103) إلى الآية (112) ]

{ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآَيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (103) وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (104) حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (105) قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآَيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (106) فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (107) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (108) قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (109) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (110) قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (111) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (112) }

قوله تعالى: {ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآَيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (103)}

قوله تعالى: {وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (104)}

قوله تعالى: {حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (105)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (حقيقٌ على أن لا أقول... (105)
قرأ نافع وحده (عليّ) أضاف (على) إلى نفسه، وأرسلها الباقون (على) مفخمة.
قال أبو منصور: من شدد ياء (عليّ) فلإضافته إلى نفسه، ومن سكن ألف (على) جعله بمعنى الباء، كقولك: رميت على القوس، وبالقوس.
و (على) مفخم، وكذلك (إلى) و(حتى) ). [معاني القراءات وعللها: 1/414]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فأرسل معي بني إسرائيل (105).
حرك الياء من (معي) حفص عن عاصم، وكذلك ياء (معي) حيث وقعت، وأسكنها الباقون، وهما لغتان). [معاني القراءات وعللها: 1/415]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (22- وقوله تعالى: {حقيق على أن لا أقول} [105] قرأ نافع وحده {حقيق على} مشددة الياء، أي: واجب علي، ويجب علي، فالياء الأخيرة ياء الإضافة، والأولى من نفس الكلمة فأدغمت الأولى في الثانية، وفتحت الثانية لالتقاء الساكنين على أصلها، ومثله (لدي) و(إلى) ولو قرأ قارئ {علي} مثل {مصرخي} جاز عند بعض النحويين. وبعضهم يراه لحنًا.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/196]
وقرأ الباقون {حقيق على أن لا} وحجتهم قراءة عبد الله: {حقيق بأن لا}.
فحدثني ابن مجاهد عن السمري عن الفراء قال الباء بمعنى «على» كقول العرب رمى عن القوس وبالقوس، وفلان على حال حسنة وبحال حسنة. وقال غير الفراء: في قراءة عبد الله {حقيق أن لا} بغير باء، فإن في قراءة نافع في موضع رفع، وفي قراءة الباقين في موضع نصب وفي موضع خفض). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/197]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في تشديد الياء وتخفيفها من قوله جلّ وعزّ: حقيق علي أن لا أقول [الأعراف/ 105].
[الحجة للقراء السبعة: 4/55]
فقرأ نافع وحده: حقيق على أن لا أقول بتشديد الياء ونصبها.
وقرأ الباقون بتخفيف الياء وهي مرسلة.
حجة نافع في قوله عزّ وجلّ: حقيق علي وإيصاله له بعلي* أنّه يسوغ من وجهين:
أحدهما: أنّ «حقّ» الذي هو فعل، قد تعدّى بعلى، قال: فحق علينا قول ربنا [الصافات/ 31]، وقال: فحق عليها القول [الإسراء/ 16]، فحقيق يتصل بعلى من هذا الوجه.
والوجه الآخر: أنّ حقيق بمعنى واجب، فكما أنّ وجب يتعدى بعلى، كذلك تعدى حقيق به إذا أريد به ما أريد بواجب.
وأمّا من قرأ: حقيق على فجاز تعدّيه بعلى من الوجهين اللّذين ذكرنا.
وقد قالوا: هو حقيق بكذا، فيجوز على هذا أن يكون
[الحجة للقراء السبعة: 4/56]
على بمنزلة الباء تقول: «حقيق على أن». فتضع على موضع الباء.
قال أبو الحسن: قال: ولا تقعدوا بكل صراط توعدون [الأعراف/ 86]، فكما وقعت الباء في قوله: بكل صراط توعدون موقع على، كذلك وقعت على موقع الباء في قوله: حقيق على أن لا.
قال: والأول أحسنهما عندنا، يعني: حقيق على أن لا بالألف غير مضاف إلى المتكلم.
قال: لأنّ حقيق على، معناها الباء، أي حقيق بذا، قال: وليس ذلك بالمقيس لو قلت: ذهبت على زيد، وأنت تريد بزيد؛ لم يجز، قال: وجاز في علي* لأنّ القراءة قد وردت به). [الحجة للقراء السبعة: 4/57]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({حقيق على أن لا أقول على الله إلّا الحق}
قرأ نافع {حقيق على} مشدّدة الياء وحجته ما جاء في التّفسير حقيق عليّ أي واجب عليّ كما يقول الرجل هذا عليّ واجب فالياء الأخيرة ياء الإضافة والأولى من نفس الكلمة فأدغمت الأولى في الثّانية وفتحت الثّانية لالتقاء الساكنين على أصلها ومثله لدي وإلي
وقرأ الباقون (حقيق على ألا أقول) بالتّخفيف معناه حقيق بألا أقول كقولك جدير وخليق ألا أفعل كذا وقال قوم معناه حريص على ألا أقول وحجتهم قراءة ابن مسعود قرأ (حقيق بألا أقول) قال الفراء الباء بمعنى على كقول العرب فلان على حالة حسنة وبحالة حسنة). [حجة القراءات: 289]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (28- قوله: {حقيق على} قرأه نافع بياء مشددة مفتوحة، على تعدية «حقيق» إلى ضمير المتكلم فلما اجتمع ياءان ياء «على» التي تنقلب مع الضمير ياء، وياء المتكلم، أدغم الأولى في الثانية وفتح؛ لأن الإضافة أصلها الفتح، و«حقق وحق» سواء بمعنى واجب ومثله حق، وأصله أن يتعدى
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/469]
بعلى كما يتعدى واجب بعلى، قال الله تعالى ذكره: {فحق علينا قول ربنا} «الصافات 31»، وقال: {فحق عليها القول} «الإسراء 16» وقرأ الباقون بألف بعد اللام من «على»، ولم يضيفوها إلى المتكلم، وذلك أنه عدى «حقيق» بـ «على» إلى «أن»، ويجوز أن تكون «على » في هذا بمعنى الباء، كما جاز وقوع الباء في موضع «على» في قوله: {ولا تقعدوا بكل صراط} «الأعراف 86» أي: على كل طريق). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/470]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (23- {حَقِيقٌ عَلَى} [آية/ 105] بتشديد الياء:-
قرأها نافع وحده.
والوجه أن حقيقة فعيل من حق، وهو معدى بعلى قال الله تعالى {فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا} فإذا عدي الفعل بعلى وجب أن يعدي به ما هو منه، ثم إن معناه يقتضي أيضًا تعديته بعلى؛ لأن معناه وجب، ووجب يعدى بعلى، تقول وجب علي دين، فكذلك ما هو بمعناه.
وقرأ الباقون {عَلى} بالتخفيف.
والوجه أن {على} ههنا بمعنى الباء، والتقدير: حقيق بأن لا أقول، وعلى قد يكون بمعنى الباء، كما تقول: أتانا فلان على حالة وبحالة حسنة، وقال أبو عبيدة: حقيق معناه حريص، فكما يقال هو حريص على كذا، فكذلك
[الموضح: 542]
هو حقيق عليه، وقال أبو عمرو بن العلاء: معناه حقيق أن لا أقول، ويؤيده قراءة عبد الله {حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لا أَقُولَ}، بغير على). [الموضح: 543]

قوله تعالى: {قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآَيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (106)}

قوله تعالى: {فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (107)}

قوله تعالى: {وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (108)}

قوله تعالى: {قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (109)}

قوله تعالى: {يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (110)}

قوله تعالى: {قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (111)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (أرجه وأخاه... (111).
قرأ ابن كثيرٍ (أرجئهو وأخاه) يهمز وضم الهاء ضما مشبعًا بلفظ واو، وقرأ أبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر ويعقوب (أرجئه وأخاه)
بالهمز وضم الهاء ضمة غير مشبعة، وقرأ نافع (أرجه) بلا همز ويكسر الهاء كسرةً مختلسة، وروى ورش عنه أنه جرّ الهاء ووصلها بياء ولا يهمز، وكذلك روى خلف وابن سعدان عن أبي المسيبي عنه.
وقرأ ابن عامر (أرجئه وأخاه) بالهمز وكسر الهاء خفيفة.
وقرأ حمزة وحفص والأعشى عن أبي بكر (أرجه) ساكنة الهاء غير مهموزة، وكذلك قال خلف وأبو هشام عن يحيى عن أبي بكر.
وقرأ الكسائي (أرجهي) غير مهموز، ويجر الهاء بياء في اللفظ، وكذلك قولهم في الشعراء مثل قولهم في الأعراف، إلا أن هبيرة روى عن حفص بجزم الهاء هنا، وجرّها في الشعراء.
قال أبو منصور: هذه الوجوه كلها وإن اختلفت فهي لغات
[معاني القراءات وعللها: 1/415]
محفوظة عن العرب، وأبعدها عند النحويين تسكين الهاء بلا همزة لأنها ليست بموضع الجزم، وهي ضعيفة عند جميعهم.
وقراءة ابن عامر بالهمز وكسر الهاء ليست بجيدة؛ لأن أصل الهاء الضم في (أرجئه)، وإنما يجر مع الياءات والكسرات، والهمزة تكون ساكنة فالكسرة لا تتبعها). [معاني القراءات وعللها: 1/416]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (23- وقوله: {أرجه وأخاه} [111].
قرأ أبو عمرو وابن كثير بهمزة ساكنة جعلاه من أرجئت الأمر أي: أخرته، ومنهم (المرجئة)، لأنهم أرجأوا العمل فقالوا: الإيمان قول بلا عمل وأخطأوا؛ لأن الله تعالى ذم قومًا آمنوا بألسنتهم ولم تؤمن قلوبهم، وهم المنافقون، فقال تعالى: {يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم} فلا يصح الإيمان إلا بثلاثة أشياء نطق باللسان وعمل بالجوارح وعقد بالقلب. وعلامة الجزم في أرجئة سكون الهمزة، كما تقول: أقرئ زيدًا السلام ثم تكنى فتقول أقرئه.
وكان أبو عمرو يصل الهائين بضمة مختلسة، وابن كثير يلفظه كالواو {أرجهو وأخاهو}. وقد بينت علة ذلك فيما سلف.
وقرأ نافع والكسائي في رواية: ورش بالصلة {أرجهي وأخاه}، ويسقطان الياء للجزم ويصلان الهاء بياء؛ لانكسار ما قبلهما، أعني أرجهي، وهما لغتان
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/197]
أرجأت وأرجيت وكذلك: {ترجى من تشاء} و{ترجئ من تشاء}.
وقرأ عاصم وحمزة بترك الهمزة أيضًا غير أنهما أسكنا الهاء {أرجه} وإنما سكنت الهاء توهما أن الهاء آخر الكلمة، أو تخفيفًا، لما طالبت الكلمة بالهاء.
وقرأ ابن عامر في رواية هشام بن عمار {أرجئهي} بالهمز وكسر الهاء مع الصلة وفي رواية ذكوان {أرجئه} بالهمز وكسر الهاء بغير الصلة.
فقال ابن مجاهد هو غلط، وكذلك عند النحويين هو غلط؛ لأن الكسرة لا تجوز في الهاء إذا سكن ما قبلها نحو منهم واضربهم، وله وجه عندي؛ وذلك: أن الهمزة لما سكنت للجزم وبعدها الهاء ساكنة على لغة من يسكن كسر الهاء، لالتقاء الساكنين، وليس هذا كقولهم: منهم واضربهم؛ لأن الهاء هنالك لا تكون إلا متحركة، فيحمل قول من خطاه أن يكون خطأ الرواية ولم ينعم النظر في هذا الحرف.
وقد اجترأ جماعة في الطعن على هؤلاء السبعة في بعض حروفهم وليس واحد منهم عندي لاحنًا بحمد الله. فإن قال قائل: فقد لحن يونس والخليل وسيبويه رضي الله عنهم حمزة في قراءته {فما استطاعوا}.
فالجواب عن ذلك كالجواب فيما سلف؛ لأن هؤلاء وإن كانوا أئمة فريما لم يأخذوا أنفسهم بالاحتجاج لكل من يروى عن هؤلاء السبعة كعناية غيرهم به، وسترى الاحتجاج لحمزة وجميع ما يلحن فيه، ولا قوة إلا بالله.
ولابن كثير نحو {وكشفت عن ساقيها} {ثم ائتوا صفًا}
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/198]
و{بمصرخي} و{مكر السيء} و{قال فرعون} و{آمنتم} في مواضعها إن شاء الله). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/199]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الهمز وإسقاطه من قوله تعالى: قالوا أرجه وأخاه [الأعراف/ 111].
فقرأ ابن كثير أرجئهو وأخاه مهموز بواو بعد الهاء في اللّفظ، وقرأ أبو عمرو مثله، غير أنّه كان يضم الهاء ضمة من غير أن يبلغ بها الواو، وكانا يهمزان مرجئون [التوبة/ 106] وترجئ من تشاء [الأحزاب/ 51].
[الحجة للقراء السبعة: 4/57]
وقرأ نافع [وحده] أرجه وأخاه بكسر الهاء، ولا يبلغ بها الياء، ولا يهمز. هذه رواية المسيّبي وقالون.
وروى ورش عنه: أرجهي وأخاه يصلها بياء، ولا يهمز بين الجيم والهاء، وكذلك قال إسماعيل بن جعفر عن نافع.
وقال خلف وابن سعدان عن إسحاق عن نافع أنّه وصل الهاء بياء.
وقرأ ابن عامر: أرجئه وأخاه في رواية هشام بن عمار مثل أبي عمرو.
وفي رواية ابن ذكوان: كسرها بالهمز، وكسر الهاء أرجئه، وهمز مرجئون وترجئ، وهذا غلط، لا يجوز كسر الهاء مع الهمز، وإنما يجوز إذا كان قبلها ياء ساكنة أو كسرة.
واختلف عن عاصم فروى هارون بن حاتم عن حسين الجعفيّ عن أبي بكر عن عاصم أنّه قرأ مثل أبي عمرو أرجئه مهموزا.
وقال خلف عن يحيى عن أبي بكر أنه ربما كان همزها ورفع الهاء.
[الحجة للقراء السبعة: 4/58]
وحدّثني محمد بن الجهم عن ابن أبي أميّة عن أبي بكر عن عاصم أرجئه مهموز ساكنة الهاء.
وقال محمد بن الجهم فيما نحسب- شكّ ابن الجهم-:
بهمز الألف التي قبل الراء.
وقال إبراهيم بن أحمد الوكيعي عن أبيه عن يحيى عن أبي بكر عن عاصم: أرجئه مهموز جزم. حدّثني موسى بن إسحاق القاضي، عن أبي هشام عن يحيى عن أبي بكر عن عاصم: أرجه جزم بغير همز.
وكذلك روى خلف عن يحيى عنه جزم.
وكذلك حدثني عبد الله بن شاكر عن يحيى عن أبي بكر:
بجزم الهاء، والكسائي عن أبي بكر [عن عاصم]: بجزم الهاء، ولم يذكر هو الهمز.
[قال الأعشى عن أبي بكر عن عاصم أرجه بغير همز، ويهمز مرجئون ولا يهمز ترجي أبو البحتري عن يحيى عن أبي بكر عنه أنه لا يهمز ترجي ولا مرجون].
[الحجة للقراء السبعة: 4/59]
و قال هبيرة عن حفص عن عاصم: أنه جزم الهاء في الأعراف، وجرّها في الشعراء [36].
وقال غير هبيرة عن حفص: أرجه جزم ولا يهمز مرجون وترجى وفي الشعراء أرجه جزم، وكذلك قال وهيب [بن عبد الله] عن الحسن بن مبارك عن أبي حفص عمرو بن الصباح عن أبي عمر عن عاصم.
وقرأ حمزة والكسائي أرجه وأخاه.
واختلفا في الهاء؛ فأسكنها حمزة مثل عاصم، ووصلها الكسائي بياء فقال أرجهي وأخاه.
قال أبو زيد: أرجأت الأمر إرجاء: إذا أخّرته، فقوله:
أرجئه. أفعله من هذا، وضمّ الهاء مع الهمزة لا يجوز غيره، وأن لا يبلغ الواو أحسن لأنّ الهاء خفيّة، فلو بلغ بها الواو لكان كأنّه قد جمع بين ساكنين، ألا ترى أنّ من قال: ردّ يا فتى،
[الحجة للقراء السبعة: 4/60]
فضمّ، فإنّه إذا وصل بالدّال الضمير المؤنث قال: ردّها، ففتح، كما تقول: ردّا، لخفاء الهاء، فكذلك أرجئه لا ينبغي أن يبلغ بها الواو، فيصير كأنّه جمع بين ساكنين.
ومن قال: أرجئهو فألحق الواو، فلأنّ الهاء متحركة ولم يلتق ساكنان، لأنّ الهاء فاصل، فقال: أرجئهو كما تقول:
اضربهو قبل، ولو كان مكان الباء حرف لين لكان وصلها بالواو أقبح، نحو: عليهو، لاجتماع حروف متقاربة مع أن الهاء، ليس بحاجز قوي في الفصل، واجتماع المتقاربة في الكراهة كاجتماع الأمثال.
قال: وقرأ نافع: أرجه وأخاه بكسر الهاء، ولا يبلغ بها الياء، ولا يهمز. هذه رواية المسيّبي وقالون.
وروى ورش: أرجهي يصلها بياء، ولا يهمز بين الجيم والهاء.
وكذلك قال إسماعيل بن جعفر.
[قال أبو علي]: وصل الهاء بياء إذا قال: أرجهي لأنّ هذه الهاء توصل في الإدراج بواو أو ياء، نحو: بهو أو بهي وضربهو، ولا تقول في الوصل: به، ولا به، ولا ضربه
[الحجة للقراء السبعة: 4/61]
حتّى. تشبع فتقول: بهو فاعلم، وبهي داء، أو: بهو داء، إلّا في ضرورة شعر كقوله:
وما له من مجد تليد قال: وقرأ ابن عامر: أرجئه وأخاه في رواية هشام ابن عمّار مثل أبي عمرو، وفي رواية ابن ذكوان كسرها بالهمز.
[قال أبو علي]: كسر الهاء مع الهمز غلط، لا يجوز، وإنّما يجوز إذا كان قبلها ياء ساكنة أو كسرة، ولو خفّف الهمزة فقلبها ياء فقال: أرجيه، فكسر الهاء؛ لم يستقم، لأنّ هذه الياء في تقدير الهمزة؛ فكما لم يدغم نحو: رؤيا، إذا خفّفت الهمزة، لأنّ الواو في تقدير الهمزة، كذلك لا يحسن تحريك الهاء بالكسر مع الياء المنقلبة عن الهمز.
وقياس من قال: ريّا، فأدغم، أن يحرّك الهاء أيضا بالكسر، وعلى هذا المسلك قول من قال: أنبيهم [البقرة/ 33] إذا كسر الهاء مع قلب الهمزة ياء.
[الحجة للقراء السبعة: 4/62]
قال: واختلف عن عاصم، فروى هارون بن حاتم عن حسين الجعفي عن أبي بكر عن عاصم أنّه قرأ مثل قراءة أبي عمرو أرجئه مهموز.
وقال خلف عن يحيى عن أبي بكر عن عاصم أنه كان ربّما همزها ورفع الهاء.
وروى أبان عن عاصم: أرجه جزم، [قال أبو علي]: وهذا لأنّه قد جاء في أرجأت لغتان: أرجأت، وأرجيت، وإذا قال: أرجه كان من أرجيت). [الحجة للقراء السبعة: 4/63]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قالوا أرجه وأخاه}
قرأ ابن كثير وهشام عن ابن عامر (أرجئه) مهموزة بواو بعد الهاء في اللّفظ واصل هذه الهاء الّتي للمضمر أن تكون مضمومة
[حجة القراءات: 289]
بعدها واو كقولك ضربتهو يا فتى ومررت بهويا فتى زعم سيبويهٍ أن الواو زيدت على الهاء في المذكر كما زيدت الألف في المؤنّث كقولك ضربتها ومررت بها ليستوي المذكر والمؤنث في باب الزّيادة وعلامة الأمر في أرجئهو سكون الهمزة
وقرأ أبو عمرو (وأرجئه) مضمومة الهاء من غير إشباع اكتفاء بالضمة عن الواو لأنّها نابت عن الواو وأخرى أن الهاء ليست بحاجز حصين فكأن السّاكن الّذي قبلها ملاق للساكن الّذي بعدها فتحذف الواو كما يحذف السّاكن عند ملاقاة ساكن
وقرأ نافع والكسائيّ (أرجهي) بغير همزة وبجر الهاء يصلان بياء والأصل في هذه الهاء الضمة كما ذكرنا ولكنهم قلبوا الواو ياء لانكسار ما قبلها أعني كسرة الجيم وإنّما اختار الكسرة على الضمة الّتي هي الأصل لاستثقال الضمة بعد الكسرة ألا ترى أنه رفض في اصل البناء فلم يجئ بناء على فعل مضمومة العين بعد كسرة الفاء
وقرأ الحلواني عن نافع {أرجه} بكسر الهاء من غير إشباع وحجته هي أن الكسرة تدل على الياء وتنوب كما قال {أكرمن} و{أهانن} والأصل أكرمني وأهانني
وقرأ عاصم وحمزة {أرجه} بترك الهمزة وسكون الهاء وحجتهما ذكرها الفراء قال إن من العرب من يسكن الهاء إذ تحرّك ما قبلها فيقول ضربته ضربا شديدا فينزلون الهاء وأصلها الضمة بمنزلة أنتم وأصل الميم الرّفع ولم يصلوها بواو والّذي يدل على ما قال
[حجة القراءات: 290]
أنّك تردها إلى الأصل مع المضمر فتقول رأيتموه قال الله تعالى {فقد رأيتموه وأنتم تنظرون} فأجريا الهاء وأصلها الضّم مجرى الميم قال الشّاعر:
فيصلح اليوم ويفسده غدا
وقرأ ابن عامر (أرجئه) بالهمز وكسر الهاء من غير إشباع
قال أهل النّحو هذا غلط لأن الكسرة لا تجوز في الهاء إذا سكن ما قبلها نحو منهم بكسر الهاء قال وإنّما يجوز كسر الهاء إذا كان ما قبلها ياء أو كسرة فتكسر الهاء لأجلهما وله وجه قد ذكره بعض النّحويين قال إن الهمزة لما سكنت للجزم وبعدها الهاء ساكنة على لغة من يسكن فكسر الهاء لالتقاء الساكنين وليس هذا كقولهم منهم لأن الهاء هنالك لا تكون إلّا متحركة). [حجة القراءات: 291]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (29- قوله: {أرجه وأخاه} قرأه ابن كثير وهشام بهمزة ساكنة، ويصلان الهاء بواو في الوصل، وكذلك قرأ أبو عمرو، غير أنه يضم الهاء، ولا يصلها بواو، وقرأ ابن ذكوان بهمزة ساكنة وبكسر الهاء، من غير أن يصلها بياء، وكذلك قرأ قالون، غير أنه لم يهمز، وقرأ ورش والكسائي بغير همز، ويصلان الهاء بياء في الوصل، وقرأ حمزة وعاصم بإسكان الهاء، من غير همز، ومثله الاختلاف في الشعراء، والهمز في هذا الفعل وتكره لغتان، يقال: أرجيته وأرجأته، بمعنى: أخرته وإسكان الهمزة فيه أو حذف الياء علم البناء على قول البصريين، وعلم الجزم على قول الكوفيين، فأما الهاء فأصلها أن توصل بواو، على ما تقدم من العلة، فمن أثبت الواو أتى به على الأصل، فاعتد بالهاء حاجزًا بين الهمزة والواو.
ومن حذف الواو ولم يعتد بالهاء حاجزًا لخفائها، فحذف الواو لالتقاء الساكنين على مذهب سيبويه وأكثر البصريين، وقيل حذفت الواو
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/470]
استخفافًا، واكتفى بالضمة الدالة عليها، ومن وصل الهاء بياء أبدل من ضمة الهاء كسرة للكسرة التي قبلها، فانقلبت الواو ياء، ومن حذف الياء فعلى وجه العلة في حذف الواو، ومن أسكن الهاء فعلى نية الوقف عليها، أو على توهم أنها لام الفعل، فأسكن للبناء أو للجزم، وكل هذا في إسكان الهاء ضعيف، على ما ذكرنا من العلل المذكورة في إسكان الهاء في «يؤده» و«لا يؤده» و«نصله» و«نوله»، والإسكان أضعف القراءات في هذه الكلمة، لما ذكرنا في «نوله، ونصله» والاختيار ترك الهمز وصلة الهاء بياء؛ لأنك إذا لم تهمز تحرك ما قبل الهاء، فلا تقدر فيه اجتماع ساكنين.
فأما من حذف الياء، ولم يهمز، فإنه أجرى الكلمة على أصلها قبل حذف الياء الأولى، فكأنه حذف الياء الثانية لسكونها وسكون الياء الأولى، ثم حذف الياء الأولى للبناء وللجزم، فبقيت الثانية على حذفها، ولم يعتد بحذف الياء الأولى، وقد تقدم بسط هذا وشرحه، وكلهم وقف على هاء دون ياء أو واو، والروم والإشمام جائزان فيها، في قراءة ابن كثير وأبي عمرو وهشام؛ لأن قبلها ساكنًا، لا يشبه حركتها، والروم، في قراءة ابن ذكوان جائز، ولا يجوز الروم في قراءة الكسائي وورش وقالون لأن حركة الهاء حركة كحركة ما قبلها، وهي خفية، فكأن حركة ما قبلها عليها على ما قدمنا). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/471]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (24- {أَرْجِئهْو وَأَخَاهُ} [آية/ 111]، بالهمز وضم الهاء وإثبات الواو: -
قرأها ابن كثير وحده.
والوجه أنه أمر من أرجـأت الأمر إذا أخرته، فالأصل فيه الهمز، والهاء أصله الضم أيضا وأن يتصل به واو بعده، فأجراه ابن كثير على الأصل في إلحاق الواو، لأنه جعل الهاء فاصلاُ بين الساكنين فلم يجتمعا.
وقرأ أبو عمرو وعاصم -ياش- ويعقوب وأرجئه بالهمز وضم الهاء ضمه غير مشعبة. والوجه أنه مجرى على الأصل في إثبات الهمزة وضم الهاء، فإن ضم الهاء فيما سكن ما قبله إذا لم يكن بياء لا يجوز في العربية غيره.
وأما ترك إلحاق الواو للهاء، فلأجل أن الهاء حرف خفي، وليس بحاجز حصين، فلو ألحق الواو وما قبل الهاء ساكن، كان كأن الساكنين التقيا؛ لأن الهاء كأنه لم يعتد به، وهذه القراءة أحسن في العربية من الأولى.
وقرأ نافع {أَرْجِهْ} بلا همز وبكسر الهاء كسرة مختلسة.
[الموضح: 543]
والوجه أنه أمر من أرجيت الأمر بالياء، فقد جاء أرجأت وأرجيت بمعنى واحد، والأمر منه أرج، ثم ألحق الهاء الضمير المفعول به، فكسر لكسرة ما قبله، وهذا الهاء قد يلحق به ياء مكان الواو إذا انكسر ما قبله، نحو قولك: بهي داء، وقد يحذف الياء ويكتفى بالكسرة عن الياء، إلا أن إلحاق الياء في مثل هذا أحسن، وقد جاء في الشعر بغير ياء، قال:
36- فإن يك غثًا أو سمينًا فإنني سأجعل عينيه لنفسه مقنعا
فحذف الياء من نفسه، واختلس الكسرة اكتفاء بها عن الياء.
وقرأ الكسائي و- ش - و- يل - عن نافع {أَرْجِهِي} غير مهموز وبكسر الهاء وإلحاق الياء به.
والوجه هو ما ذكرنا أنه أحسن من قراءة نافع، وذلك لأن هذه الياء والواو يحذفان من الهاء إذا سكن ما قبل الهاء، لما ذكرنا من أنه يكون حينئذ في تقدير التقاء الساكنين، فأما إذا لم يسكن ما قبل الهاء فلا موجب لحذف الياء، وههنا تحرك ما قبل الهاء، فلهذا كان الاختيار هو إثبات الياء.
وقرأ حمزة و-ص- عن عاصم {أَرْجِهْ} ساكنة الهاء غير مهموزة.
والوجه أنه من أرجيت كما سبق، وإسكان هاء الضمير هو على تشبيه المنفصل بالمتصل، وذلك أنه شبه قوله جه من {أَرْجِهْ وَأَخَاهُ} في قراءة من
[الموضح: 544]
قرأ بها بإبل وإطل، فأسكن الأوسط وهو الهاء، كما أسكن الأوسط من إبل، فقالوا: إبل، ومن إطل فقالوا: إطل.
وقرأ ابن عامر {أَرْجِهْ وَأَخَاهُ} بالهمز وكسر الهاء كسرة خفيفة.
وهذا لا يرتضيه النحويون، فإنهم لا يجوزون كسر الهاء، إلا إذا كان قبلها ياء ساكنة أو كسرة. فأما إذا كان قبلها ساكن غير الياء فلا، والعذر لهذه القراءة أنه لما رأى هذه الهمزة يجوز أن تخفف فتصير إلى الياء، أجراها غير مخففة مجراها مخففة، فكسر الهاء بعدها كما يكسرها بعد الياء، وهذا كما قال النابغة:
37- كليني لهم يا أميمة ناصب
في رواية من روى بفتح التاء من أميمة؛ لأنه نوى فيه الترخيم ولم يرخم، ولو رخم لكان يا أميم بالفتح، فأجراها غير مرخمة مجراها مرخمة، وهو مع هذا بعيد.
ويجوز أن يكون ابن عامر إنما كسر الهاء من {أَرْجِئهْ} مع إثبات الهمزة
[الموضح: 545]
لكسرة الجيم ولم يعتد بالساكن الذي هو الهمزة لكونه ساكنًا، كما قلبوا الواو في قنية ياء لكسرة القاف، وإن كان بينهما ساكن، فإن الأصل قنوة). [الموضح: 546]

قوله تعالى: {يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (112)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (بكلّ ساحرٍ عليمٍ (112).
قرأ حمزة والكسائي (بكلّ سحّارٍ) ها هنا وفي يونس والشعراء، وقرأ الباقون ها هنا وفي يونس (ساحرٍ عليمٍ) فاعل، وفي الشعراء (سحّارٍ).
قال أبو منصور: من قرأ (سحّارٍ) فهو أبلغ من (ساحرٍ) والقراءتان كلتاهما جيدتان). [معاني القراءات وعللها: 1/416]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (24- وقوله تعالى: {بكل ساحر عليهم} [112].
قرأ حمزة والكسائي {سحار} مشددًا على فعال بتأخير الألف في جميع القرآن.
وقرأ الباقون {ساحر} إلا في {الشعراء} فإنهم أجمعوا على {سحار عليم} إذا كانت كذلك كتبت في المصحف، وسحار أبلغ من ساحر؛ لأنه لمن تكرر الفعل منه، ففاعل يصلح لزمانين للحال والاستقبال، فإذا شددت دل على المضي، تقديره: إنه سحر مرة بعد مرة كقولك: آتيك برجل خارج إلى مكة أي: سيخرج. فإذا قلت: آتيتك برجل خراج إلى مكة أي: قد خرج مرة بعد أخرى قال الشاعر:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/199]
قد كنت خراجا ولوجا صيرفا = لم تلتحصني حيص بيص لحاص
أي: في بلاد). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/200]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله جلّ وعزّ: يأتوك بكل ساحر عليم [الأعراف/ 112].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو، وعاصم، وابن عامر في الأعراف وفي يونس [79]: بكل ساحر عليم بالألف قبل الحاء. وقرءوا في [الشعراء/ 37] سحار* بألف بعد الحاء.
[الحجة للقراء السبعة: 4/63]
وقرأ حمزة والكسائيّ ثلاثتهنّ سحار* بألف بعد الحاء.
[قال أبو علي]: من حجة من قال: ساحر قوله: ما جئتم به السحر [يونس/ 81]، والفاعل من السّحر، ساحر يدلّك على ذلك قوله: فألقي السحرة ساجدين [الأعراف/ 120]. ولعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم.. [الشعراء/ 40].
والسّحرة جمع ساحر، ككاتب وكتبة، وفاجر وفجرة.
ومن حجّتهم: سحروا أعين الناس [الأعراف/ 116]، واسم الفاعل على سحروا: ساحر.
ومن حجّة من قال: سحار*، أنّه قد وصف بعليم، ووصفه به يدلّ على تناهيه فيه، وحذقه به؛ فحسن لذلك أن يذكروا بالاسم الدّالّ على المبالغة في السحر). [الحجة للقراء السبعة: 4/64]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({يأتوك بكل ساحر عليم}
قرأ حمزة والكسائيّ {بكل سحار عليم} بالألف بعد الحاء وكذلك في يونس وحجتهما إجماع الجميع على قوله في سورة الشّعراء {بكل سحار عليم} ولا فرق بينهما وبين ما أجمعوا عليه فرد ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه وأخرى أن سحارا أبلغ من ساحر وأشد مبالغة في الوصف من ذلك علام أبلغ من عالم فكذلك سحار أبلغ من ساحر
[حجة القراءات: 291]
وقرأ الباقون {يأتوك بكل ساحر} الألف قبل الحاء وحجتهم إجماعهم على قوله {ولا يفلح السّاحر حيث أتى} ). [حجة القراءات: 292]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (30- قوله: {بكل ساحر} قرأ حمزة والكسائي «سحار» على وزن «فعال»، هنا وفي يونس؛ لأن فيه معنى المبالغة ولأنهم قد أجمعوا على
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/471]
«سحار» في الشعراء فجرى هذا عليه، ويقوي ذلك أنه قد وصفه بـ «عليم»، فدل على التناهي في علم السحر، و«فعال» من أبنية المبالغة والتناهي، وقرأ الباقون «ساحر» على وزن «فاعل»، كما قال تعالى: {فألقي السحرة} «طه 70»، ولعلنا نتبع السحرة} «الشعراء 40»، والسحرة جمع ساحر، ككاذب وكذبة، وفاجر وفجرة، وقوله: {سحروا أعين الناس} «الأعراف 116» يدل على ذلك، لأن اسم الفاعل من «سحر» «ساحر» وأمالهما الدوري عن الكسائي وحده على أصله). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/472]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (25- {يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحٌارٍ} [أية/ 112]، بتشديد الحاء على فعال:
قرأها حمزة والكسائي، وكذلك في يونس، والكل قرأ في الشعراء {سَحٌارٍ} بلا خلاف.
والوجه أن المراد به الكثير السحر؛ لأن بناء فقال إنما هو للمبالغة في الفعل، وضع لمن يكثر منه الفعل ويتكرر، وقد وصف الله تعالى هؤلاء السحرة بقوله تعالى {سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} فلهذا وصفوا ههنا بالمبالغة في السحر.
وقرأ الباقون {سَاحِرٍ} بتخفيف الحاء، وألف قبل الحاء، على بناء فاعل في السورتين.
والوجه أن ساحرًا قد يراد به ما يراد بسحار، وذلك أن لفظ فاعل يتضمن الجنسية، وهو قد يطلق على الكثير؛ لأنه مأخوذ من المصدر، والمصدر جنس، فقد يجوز أن يتضمن ساحر ما يتضمنه سحار من الكثرة). [الموضح: 546]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 08:46 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأعراف
[ من الآية (113) إلى الآية (126) ]

{وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (113) قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (114) قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ (115) قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (116) وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (117) فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (118) فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ (119) وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (120) قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (121) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (122) قَالَ فِرْعَوْنُ آَمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (123) لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (124) قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ (125) وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آَمَنَّا بِآَيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ (126)}

قوله تعالى: {وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (113)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (إنّ لنا لأجرًا إن كنّا نحن الغالبين (113).
[معاني القراءات وعللها: 1/416]
قرأ ابن كثير ونافع وحفص (إنّ لنا لأجرًا) بكسر الألف على الإخبار ها هنا، وفي الشعراء على الاستفهام، وقرأ الباقون بالاستفهام في السورتين.
قال أبو منصور: من قرأ (إنّ لنا لأجرًا) فهو إيجاب، ومن قرأ (أين لنا)، أو (أإنّ لنا لأجرًا) فعلى الاستفهام، وهما ألفان: إحداهما ألف الاستفهام، والأخرى ألف (إنّ)، وهي أجود القراءتين). [معاني القراءات وعللها: 1/417]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (25- وقوله تعالى: {إن لنا لأجرا} [113].
قرأ ابن كثير ونافع وحفص عن عاصم {إن لنا} على لفظ الخبر «فإن» حرف أداة تؤكد الخبر، تنصب الاسم وترفع الخبر، وقرؤا في (الشعراء) {أئن} بالاستفهام، فلما اجتمعت همزتان لينوا الثانية.
وقرأ أبو عمرو كليهما بالمد على الاستفهام.
وقرأ الباقون {أئن} بهمزتين على الأصل). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/200]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الاستفهام والخبر في قوله: أئن لنا لأجرا [الأعراف/ 113].
فقرأ ابن كثير ونافع وعاصم في رواية حفص هاهنا إن لنا لأجرا مكسورة الألف على الخبر، وفي الشعراء: آين لنا
[الحجة للقراء السبعة: 4/64]
[الآية/ 41] ممدودة مفتوحة الألف غير أنّ حفصا روى عن عاصم في الشعراء أئن لنا لأجرا بهمزتين.
وقرأ أبو عمرو آئن لنا ممدودة في السورتين.
وقرأ عاصم في رواية أبي بكر وابن عامر فيما أرى وحمزة والكسائي بهمزتين. في الموضعين جميعا.
[قال أبو علي]: الاستفهام أشبه في هذا الموضع، لأنّهم يستعلمون عن الأجر، وليس يقطعون على أنّ لهم الأجر.
ويقوي ذلك إجماعهم في الشعراء، وربّما حذفت همزة الاستفهام.
قال أبو الحسن في قوله عزّ وجلّ وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل [الشعراء/ 22]، أنّ من الناس من يذهب إلى أنّه على الاستفهام، وقد جاء ذلك في الشعر قال:
[الحجة للقراء السبعة: 4/65]
أفرح أن أرزأ الكرام وأن... أورث ذودا شصائصا نبلا
وهذا أقبح من قوله:
وأصبحت فيهم آمنا لا كمعشر... أتوني فقالوا من ربيعة أم
مضر لأنّ أم قد تدلّ على الهمزة). [الحجة للقراء السبعة: 4/66]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قالوا إن لنا لأجرا إن كنّا نحن الغالبين}
قرأ نافع وابن كثير وحفص {قالوا إن لنا لأجرا} على الخبر
وقرأ أبو عمرو (إين لنا) بالمدّ وقرأ هشام بهمزتين بينهما مدّة وقرأ الباقون {أئن} بهمزتين وقد كرنا الحجّة عند قوله {أئنكم لتأتون الرّجال} ). [حجة القراءات: 292]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (31- قوله: {إن لنا لأجرًا} قرأه الحرميان وحفص بهمزة واحدة، على لفظ الخبر، وقرأ الباقون بالاستفهام، ع لى أصل كل واحد، كما ذكرنا في {أئنكم لتأتون}، أبو عمرو يلين الثانية، ويدخل بين الهمزتين ألفًا، وهشام يحقق الهمزتين ويدخل بين الهمزتين ألفًا وقد تقدم ذكر العلة في إدخال الألف بين الهمزتين، وأنه فعل ذلك لاستثقاله الجمع بين الهمزتين، وأن التخفيف للثانية كالتحقيق، والاستثقال باق؛ لأنها بزنة المخففة، ولأنها مرادة.
وحجة من قرأ بهمزة واحدة أنه أراد به الإلزام، وذلك أنهم ألزموا فرعون أن يجعل لهم أجرًا إن غلبوا، فقال لهم، نعم، لم يستفهموه عن ذلك، إنما ألزموه إياه، وقيل: إنهم قطعوا ذلك لأنفسهم في حكمهم إن غلبوا، فلهم الأجر عند أنفسهم، فلا معنى للاستفهام على هذا المعنى، والمعنى أنهم قالوا: يجب لنا الأجر إن غلبنا.
32- وحجة من استفهم أنه أجراه على معنى الاستخبار، استخبروا
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/472]
فرعون: هل يجعل لهم أجرًا إن غلبوا أو لا يجعل ذلك لهم، لم يقطعوا على فرعون بذلك، إنما استخبروه هل يفعل ذلك، فقال: نعم، لكم الأجر والقرب إن غلبتم، وكلا الوجهين حسن، والاستفهام أولى به، وأحب إلي، لأن القراءة الأولى يجوز أن تكون على وجه الاستفهام أيضًا، لكنه حذفت الألف، لدلالة الحال على ذلك، ولقول فرعون لهم: نعم، وزادهم القرب منه، ويقوي ذلك إجماعهم على لفظ الاستفهام في الشعراء في {أئن لنا لأجرا} «42» ). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/473]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (26- {إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا} [آية/ 113] بكسر الألف على الخبر:
قرأها ابن كثير ونافع وعاصم -ص-، وقرءوا في الشعراء {أَيِنَّ} على الاستفهام.
والوجه أنه جاء به على الخبر؛ لأن المعنى إن كنا غالبين فإن لنا أجرًا أي استحققناه، أراد إن غلبنا استحققنا الأجر.
وقرأ الباقون {أَئِنَّ لَنَا} بالاستفهام في السورتين، وقد مضى حكم الهمزتين.
والوجه في الاستفهام أنهم استخبروا عن حصول الأجر لهم ولم يقطعوا بحصوله، والمراد هل تجعل لنا أجرًا إن غلبنا؟ وهذا أليق القراءتين بالمعنى). [الموضح: 547]

قوله تعالى: {قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (114)}

قوله تعالى: {قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ (115)}

قوله تعالى: {قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (116) }

قوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (117)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (تلقف ما يأفكون (117).
قرأ حفص عن عاصم (تلقف) حيث كانت، وقرأ الباقون (تلقّف) مشددة.
[معاني القراءات وعللها: 1/417]
قال أبو منصور: من قرأ (تلقف) فهو من لقفت الشيء ألقفه لقفا، وهو: أخذ الشيء بحذق في الهواء. ورجلٌ ثقفٌ لقفٌ، إذا كان حاذقًا، وبعضهم يقول: ثقفٌ لقفٌ.
ومن قرأ (تلقّف) فمعناه: تلتهم العصي والحبال التي تخيّلت بسحر السحرة أنها حيات، ولم تكن بحيات، وتلقفت الشيء تلقفا وتزقفته تزقفًا، إذا أخذته في الهواء). [معاني القراءات وعللها: 1/418]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (26- وقوله تعالى: {فإذا هي تلقف} [117].
روى حفص عن عاصم: {تلقف} بسكون اللام وتخفيف القاف من لقف يلقف مثل علم يعلم، ومعناه: يلتقم الشيء ويلتهمه، وذلك أن موسى عليه السلام لما عاين السحرة وكيدهم وما قد اختلقوه ألقى عصاه فإذا هي حية يبتلع ما صنعوه.
وقرأ الباقون: {تلقف} أرادوا: تتلقف فخزلوا إ حدى التاءين مثل: {يذكر} {وتساقط} فيمن خفف.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/200]
وقرأ ابن كثير في رواية ابن أبي بزة {فإذا هي تلقف} بتشديد التاء؛ أراد: تتلقف فأدغم، ومثله {نارا تلظى} {ولا تنابزوا بالألقاب} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/201]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (كلّهم قرأ: تلقف* بتشديد القاف إلّا عاصما؛ فإنّه قرأ: تلقف ساكنة اللّام خفيفة القاف [الأعراف/ 117].
أبو عبيدة: تلقف، وتلقم واحد، قال: ما يأفكون ما يسحرون.
وما روي عن عاصم من قراءته: تلقف ينبغي أن يكون مضارع لقف* مثل لقم يلقم.
وروى ابن أبي بزّة وعبد الوهاب بن فليح، بإسنادهما عن ابن كثير فإذا هي تلقف* مشددة التاء.
وكان قنبل يروي عن القواس بإسناده عن ابن كثير أنّه قرأ
[الحجة للقراء السبعة: 4/66]
تلقف* خفيفة التاء مشددة القاف في هذه وأخواتها، في كلّ القرآن.
كأنّه لفظ بها بألف ولام، هي تلقف*، فإذا ابتدأت تلقف* ابتدأت بها خفيفة التاء، ولا يمكن غير ذلك.
[قال أبو علي] وجه ما روي عن ابن كثير: فإذا هي تلقف* أنّه أدغم بالتاء، فسكنت المدغمة ولو كان هذا في الماضي، لاجتلبت له همزة الوصل مثل: فادارأتم فيها [البقرة/ 72]، وازينت [يونس/ 24]، ولكن همزة الوصل، لا تجتلب في المضارع لمشابهتها اسم الفاعل، وإن آخره معرب.
فإذا ابتدأ بها قال: تلقف* يثبت التاء التي للمضارعة، ويحذف التاء التي للمطاوعة في تفعّل، وليس القياس أن تجتلب في المعرب همزة الوصل، والأسماء التي
جاء ذلك فيها وليست بجارية على الأفعال شاذّة في القياس قليلة). [الحجة للقراء السبعة: 4/67]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فإذا هي تلقف ما يأفكون}
قرأ حفص عن عاصم {فإذا هي تلقف} ساكنة اللّام من لقفت الشّيء ألقفه
وقرأ الباقون {تلقف} بالتّشديد من تلقف يتلقف على وزن تعلم يتعلّم والأصل تتلقف فحذفوا إحدى التّاءين مثل تذكرون و{يوم يأت لا تكلم} أي لا تتكلّم
وقرأ البزي {فإذا هي تلقف} بتشديد التّاء أراد تتلقف فأدغم التّاء في التّاء وكذلك في طه). [حجة القراءات: 292]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (33- قوله: {فإذا هي تلقف} قرأ حفص بإسكان اللام والتخفيف، حيث وقع، جعله مستقبل «لقف يلقف»، وقرأ الباقون بالتشديد، وفتح اللام، جعلوه مستقبل «فهي تتلقف»، وحذفت إحدى التاءين استخفافًا). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/473]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (27- {فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ} [آية/ 117] ساكنة اللام مخففة القاف:-
قرأها عاصم وحده - ص -، وكذلك في طه والشعراء.
[الموضح: 547]
والوجه أنه مضارع لقفت تلقف مثل لقمت تلقم، وأصل اللقف: أخذ الشيء بالحذق في الهواء، يقال رجل ثقف لقف إذا كان حاذقًا.
وقرأ الباقون و- ياش- عن عاصم {تَلْقَفُ} مفتوحة اللام مشدّدة القاف في المواضع الثلاثة.
والوجه أنه مضارع تلقفت على تفعلت، وأصله: تتلقف، فحذف إحدى التاءين كراهة اجتماعهما، والمحذوفة هي تاء تفعل لا تاء المضارعة؛ لأن تاء المضارع تؤدي معناها فلا تحذف.
وشدد التاء من {تَلْقَفُ} ابن كثير في رواية البزي في المواضع الثلاثة، وخففها الباقون.
والوجه أن ابن كثير أدغم التاء في التاء حين اجتمعتا، ولم يحذف إحداهما، كما في القراءة المتقدمة، فإذا ابتدأ بها حذف إحدى التاءين ولم يدغم، ولا يجوز اجتلاب ألف الوصل لها ههنا، كما جاز في مثل {ادَّارَأْتُمْ لأنها في المضارع، وإنما يجوز في الماضي لا في المضارع). [الموضح: 548]

قوله تعالى: {فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (118)}

قوله تعالى: {فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ (119)}

قوله تعالى: {وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (120)}

قوله تعالى: {قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (121)}

قوله تعالى: {رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (122)}

قوله تعالى: {قَالَ فِرْعَوْنُ آَمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (123)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (قال فرعون آمنتم به... (123).
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر ويعقوب (ءامنتم) بهمزة مطولة على الاستفهام، ومثله في سورة طه والشعراء وروى قنبل عن ابن كثير (قال فرعون وامنتم) بواو بعد النون وألف مقصورة بعد الواو، وفي طه (آمنتم) على لفظ الخبر، وفي الشعراء "ءامنتم " مثل أبي عمرو، قرأ أبو بكر وحمزة والكسائي "أآمنتم" بهمزتين، الثانية ممدودة، هذه رواية الأعشى عن أبي بكر عن عاصم، ولا يذكرها يحيى ولا غيره عن أبي بكر إلا الأعشى.
وقرأ عاصم (آمنتم) على لفظ الخبر في الثلاثة المواضع، وكذلك روى ورش عن نافع مثل حفص، وروى هبيرة عن حفص في الشعراء بهمزتين.
[معاني القراءات وعللها: 1/418]
قال أبو منصور: من قرأ (آمنتم) بوزن (عامنتم) فلفظه لفظ الخبر، ومعناه للاستفهام، إلا أنه حذف إحدى الهمزتين.
ومن قرأ (أآمنتم) بوزن (أعامنتم) بهمزة مطولة فهو استفهام، جعل إحدى الهمزتين ألفا مطولة فرارًا من الجمع بين الهمزتين.
ومن قرأ (أآمنتم) بهمزتين، الثانية ممدودة فإنه جعل الهمزة الثانية ألفا ممدودة كراهية الجمع بين الهمزتين أيضًا.
وكل ذلك جائز.
أما ما روى لابن كثير (قال فرعون وامنتم به) فإني لا أعرفها، ولا أحبّ القراءة بها؛ لأن الواو زيادة في المصحف، ولعل بعض العرب يتكلم بها، ويجعل الواو بدلاً من الهمز). [معاني القراءات وعللها: 1/419]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (27- وقوله تعالى: {وقال فرعون ءامنتم به} [123].
فيه خمس قراءات:
قرأ عاصم في رواية أبي بكر وحمزة والكسائي {ءاامنتم} بثلاث ألفات، الهمزة الأولى توبيخ في لفظ الاستهام.
والثانية: ألف القطع.
والثالثة سنخية، والأصل فيه دخول التوبيخ {ءأامنتم} بهمزة بعدها ألف ملينة، الأصل: اآمنتم فخفف مثل آدم وآزر.
وقرأ أبو عمرو ونافع بتليين الثانية والثالثة {آامنتم}.
وروى حفص عن عاصم: {قال فرعون ءامنتم} على لفظ الخبر بغير استفهام، فقال الفراء: آمنتم: صدقتم وآامنتم بالاستفهام أجعلتم له الذي أراد.
وقرأ ابن كثير في رواية ابن أبي بزة عن أبي الإخريط: {قال فرعون وآمنتم} يلفظه كالواو ولا همزة بعدها، فيكون هذا على أن أشبع ضمة نون فرعون حتى صارت كالواو، كما روى ورش عن نافع: {نعبدو وإياك نستعين}
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/201]
بإشباع الضمة وهو لغة للعرب، قال زيدو، وجاءني بكرو، وقال الأعشى:
* ويلي عليك وويلي منك يا رجلو *
{وءامنتم} على الخبر.
وروى قنبل عن ابن كثير: {قال فرعون وأمنتم به} بواو بعدها همزة ساكنة. فقال ابن مجاهد رحمه الله: خطأ.
وله عندي وجه في العربية، وذلك: أنه لين ألف القطع التي هي همزة فصارت واوًا؛ لانضمام ما قبلها فرجعت الهمزة التي هي فاء الفعل قبل أن تلين كما تقول: أؤمر، من أمر يأمر جعلت الهمزة التي هي فاء الفعل واوًا، لانضمام ما قبلها فإن ذهبت ألف الوصل رجعت الهمزة فقلت: {وأمر أهلك بالصلواة}.
فإن قال قائل: فإن الواو إذا كانت ملينة من همزة يجب أن تكون ساكنة؟
فالجواب في ذلك أن الواو الساكنة إذا لقيها ساكن آخر حركت لالتقاء الساكنين، وكذلك الياء نحو: {لترون الجحيم} و{فإما ترين من البشر}.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/202]
فإن قيل: فهلا حركتها بكسر أو ضم؟
فالجواب في ذلك: أن الكسرة والضمة تستثقلان على الواو حتى تصير همزة.
وعلة أخرى: أن قبل الواو ضمة فكرهوا الخروج من كسر إلى ضم فافهم ذلك فإنه لطيف جدًا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/203]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله جلّ وعزّ: قال فرعون آمنتم به [الأعراف/ 123].
فقرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر أآمنتم به بهمزة ومدة على الاستفهام.
قياس قول أبي عمرو: أآمنتم بهمزة مفتوحة بعدها ألف، والألف التي بعدها هي الألف التي تفصل بها بين الهمزتين، كما يفصل بين النونات في «اخشينانّ» والهمزة الثانية التي بعد هذه الألف هي همزة أفعل في قولك: أأمن، والألف بعدها هي المنقلبة عن الفاء التي هي همزة لاجتماع همزتين في: أأمن أوقعت الألف بعد الهمزة المخففة، كما وقعت بعد الهمزة. [إذا قلت]: اقرأ آية فحققت الهمزتين جميعا، هذا قياس قوله، إلّا أنّه يشبه أن يكون ترك قياس قوله هاهنا؛ لما كان يلزم من اجتماع المتشابهة؛ فترك الألف التي تدخل بين الهمزتين في نحو: «آأنت». وخفف الهمزة الثانية، التي هي همزة أفعل من أأمن، وبعدها الألف المنقلبة عن الهمزة التي هي فاء، يدلّ على ذلك قولهم فيما ترجموا عنه بهمزة ومدّة على الاستفهام، وكذلك ما ترجموا عنه من قولهم.
[الحجة للقراء السبعة: 4/68]
وكذلك في طه [71]، والشعراء [49] في تقدير همزة بعدها ألفان.
فالهمزة همزة الاستفهام، والألفان الأولى منهما: الهمزة المخففة التي هي في أفعلتم والثانية المنقلبة عن الفاء.
قال: وقال البزيّ عن أبي الإخريط عن ابن كثير قال فرعون وآمنتم [الأعراف/ 123]. بواو بعد النون بغير همزة.
القول فيه: أنّه أبدل من همزة الاستفهام اللاحقة لأفعلتم، واوا لانضمام ما قبلها، وهي النون المضمومة في قوله: فرعون، وهذا في المنفصل كالمتصل في تودة، فقوله:
.. ن وا.. مثل: تود من تودة، وقوله: بغير همزة يريد بغير همزة بعد الواو المنقلبة عن همزة الاستفهام، يريد أنّه خفّف همزة أفعلتم، من آمنتم فجعلها بين الهمزة والألف، وهذا على قول أهل الحجاز؛ لأنّهم يخفّفون الهمزتين إذا اجتمعتا، كما يخففون الواحدة.
قال أحمد بن موسى: قال قنبل عن القواس مثل رواية البزيّ عن أبي الإخريط، غير أنّه كان يهمز بعد الواو.
[الحجة للقراء السبعة: 4/69]
قال أبو علي: همز بعد الواو لأنّ هذه الواو هي منقلبة عن همزة الاستفهام وبعد همزة الاستفهام همزة أفعلتم، فحقّقها ولم يخفّفها كما خفّف في القول الأول لمّا خفف الأولى حقّق الثانية.
ووجهه [أن الأول لما زال عن لفظة الهمزة] بانقلابها واوا حقّق الهمزة بعدها، لأنّه لم يجتمع همزتان.
ووجه القول الأول أنّ الواو لمّا كان انقلابها عن الهمزة في تخفيف قياسي كان في حكم الهمزة، فلم تحقّق معها الثانية، كما لا تحقق مع الهمزة نفسها، لأنّ الواو في حكمها، كما أنّها لما كانت في حكمها في قولهم: رويا* في تخفيف رؤيا* لم يدغموها في الياء، كما لم تدغم الهمزة فيها، وكما جعلوا الواو في حكم الهمزة في رويا، فلم تدغم كذلك جعل الواو في قوله نوا* من قوله قال فرعون وامنتم في حكم الهمزة؛ فخفف الهمزة الثانية التي في أفعلتم.
قال أحمد: وقال قنبل في طه: ءامنتم [71] بلفظ الخبر من غير مدّ.
[قال أبو علي]: وجه الخبر فيه أنّه يخبرهم بإيمانهم على وجه التقريع لهم بإيمانهم والإنكار له عليهم.
[الحجة للقراء السبعة: 4/70]
ووجه الاستفهام أنّه استفهام على وجه التقرير، يوبّخهم به وينكره عليهم.
قال قنبل في الشعراء: قال: أآمنتم مثل أبي عمرو ويمدّ.
[قال أبو علي]: يريد أنّه يزيد الاستفهام، فألحق همزة الاستفهام وخفف همزة أآمنتم وهي الهمزة التي بعد همزة الاستفهام، وتخفيفها أن تجعل بين بين.
وقرأ حمزة والكسائيّ في المواضع الثلاثة: أآمنتم بهمزتين، الثانية ممدودة.
[قال أبو علي]: حقّقا الهمزتين على ما يريانه من تحقيقهما، والهمزة الثانية ممدودة لأنّ الهمزة الثانية تتصل بها الألف المنقلبة عن الهمزة التي هي فاء في الأمر.
وما بعد هذا روايات لا عمل فيها). [الحجة للقراء السبعة: 4/71]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قال فرعون آمنتم به}
[حجة القراءات: 292]
قرأ ورش عن نافع وحفص {قال فرعون آمنتم به} على لفظ الخبر بغير استفهام أي صدقتم به وقرأ نافع والبزي عن ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر {قال فرعون آمنتم} بالهمز والمدّ على الاستفهام أي أجعلتم له الّذي أراد في {آمنتم} ثلاث ألفات ألف الاستفهام بمعنى التوبيخ والألف الوسطى ألف افعل وهي ألف القطع والأخيرة فاء الفعل والأصل قبل دخول ألف التوبيخ ءامنتم بهمزة بعدها ألف ملينة الأصل أأمنتم فخفف مثل آدم
قرأ ابن كثير في رواية القواس (قال فرعون وامنتم) بواو في اللّفظ إذا وصل ولا يهمز واعلم أن هذه الهمزة إذا خففت لم تكن بين بين بل تنقلب واوا لأن جعلها بين بين هو أن تكون الهمزة والألف والألف لا تقع قبلها ضمة فمنعت ضمة النّون في {قال فرعون} أن تجعل الهمزة بين بين وجرت مجرى الهمة في جؤن إذا خففت قلبت واوا فتقول جون وكذلك كل همزة مفتوحة قبلها ضمة فإنّك إذا خففتها قلبتها واوا مثل (لا يواخذكم الله) و(المولفة)
وقرأ حمزة والكسائيّ وأبو بكر (قال فرعون أآمنتم) بهمزتين وحجتهم أن الهمزة حرف من حروف المعجم كغيره من سائر الحروف جاز الجمع بينهما نحو ما يجتمع في الكلمة حرفان فيؤتى بكل واحد منهما من غير تغيير كقوله {لعلّكم تتفكرون} فجعلوا
[حجة القراءات: 293]
الهمزتين كغيرهما من سائر الحروف). [حجة القراءات: 294]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (34- قوله: {قال فرعون أامنتم به} قرأه أبو بكر وحمزة والكسائي في هذا الموضع وفي طه والشعراء بهمزتين محققتين بعدهما ألف، بدل من همزة ساكنة، هي فاء الفعل، لأن أصله ثلاث همزات: همزة الاستفهام مفتوحة، وهمزة ألف القطع ألف الفعل مفتوحة، وهمزة هي فاء الفعل ساكنة أبدل منها ألف على أصل بدلها في «آدم وآتى» وشبهه، فهؤلاء قرأوا على الأصل، كما فعلوا في «أأنذرتهم» وشبهه، ولم يستثقلوا اجتماع همزتين محققتين؛ لأن الأولى كأنها من كلمة أخرى، لأنها دخلت زائدة قبل أن لم تكن، وقرأ حفص في الثلاثة المواضع بهمزة واحدة، بعدها ألف، على لفظ الخبر الذي معناه الاستفهام، وإنما حذفت ألف الاستفهام من اللفظ استخفافًا، وحسن ذلك، لأن ما في الكلام من معنى التوبيخ والتقريع، من فرعون للسحرة، يدل على الاستفهام الذي معناه الإنكار منه لفعلهم الإيمان، وقرأ قنبل في الأعراف بالاستفهام أيضًا، غير أنه قرأ بواو في
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/473]
الوصل، بدل من الهمزة الأولى، لانضمام ما قبلها، وهي مفتوحة، وخفف الثانية بين بين، إرادة التخفيف؛ لأن الأولى تخفيفها عارض، فكأنها مخففة، فخفف الثانية، كما يفعل إذا حقق الأولى، على الأصل، وأبدل من الثانية ألفًا، لأنها ساكنة قبلها فتحة، وقرأ في طه بهمزة واحدة، بعدها ألف، على لفظ الخبر، كفحص، وقد ذكرنا وجه ذلك، وقرأ في الشعراء بهمزة محققة وبعدها همزة بين بين، وبعدها ألف بدل من الساكنة، وكذلك يفعل إذا ابتدأ في الأعراف، وقرأ الباقون في الثلاثة كقراءة قنبل في الشعراء، استثقلوا اجتماع همزتين محققتين فخففوا الثانية، على أصل التخفيف في المفتوحة، قبلها فتحة، وقد تقدم كثير من علل هذا النوع في تحقيقه وتخفيفه، فلذلك خففنا الكلام عليه في هذا المواضع، فاطلبه في الأصول تجده مشروحًا بابين من هذا، وفيما ذكرنا في هذا الموضع كفاية لمن فهم، والاختيار فيه كالاختيار في «أأنذرتهم»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/474]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (28- {قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُم} [آية/ 123] بهمزة واحدة ممدودة على الاستفهام:
قرأها ابن كثير في رواية البزي، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، ويعقوب- يس-، وكذلك في طه والشعراء.
والوجه أن أصله {أآمنتُم} بهمزة استفهام قبل همزة آمن، وهمزة آمن بعدها ألف هي أيضًا منقلبة عن همزة هي فاء الفعل في الأمن أو الأمان، فقد اجتمعت همزتان وألف ساكنة فخففوا الثانية منهما فحصلت همزة وألفان، وإنما خففوا هذه الثانية كراهية اجتماع الهمزتين.
وقرأ عاصم- ياش- وحمزة والكسائي ويعقوب- ح- {أأمنْتُمْ} مستفهمة بهمزتين بعدهما ألف.
والوجه أن الهمزتين أعني همزة الاستفهام وهمزة آمن، كلتاهما محققتان على أصلهما؛ لأن من عادة هؤلاء تحقيق الهمز.
وأما المدة التي بعد الهمزة الثانية فإنها الألف التي تتصف بالهمزة في آمن، وهي ألف منقلبة عن همزة هي فاء الفعل كما قدمنا.
وروى- ص- عن عاصم {آمَنتُم} على الخبر بوزن عامنتم في الأحرف الثلاثة.
[الموضح: 549]
والوجه أنه إخبار على وجه التوبيخ والتقريع، كما أن الاستفهام في الوجهين المتقدمين على وجه التقريع والتوبيخ والإنكار.
وروى- ل- عن ابن كثير {وآمَنتُم} بواو بعد نون {فِرْعَوْنُ} وهمزة بعد الواو.
والوجه أنه قلب همزة الاستفهام واواً لانضمام ما قبلها وهو النون من {وَامَنْتُم}، ثم ترك همزة أفعلتم على أصلها محققة ولم يخففها؛ لأنه لم تجتمع همزتان بعد قلب الأولى منهما واواً.
وروى المطوعي عن قنبل أيضًا {وامنتم} بواو بعد النون بغير همزة، وهو الصحيح عنه.
والوجه أنه أبدل من همزة الاستفهام واواً لضمة النون على ما سبق، ثم جعل همزة أفعلتم بين بين أعني بين الهمزة والألف؛ لأن الواو المنقلبة عن الهمزة في حكم الهمزة، فكأنه اجتمعت همزتان، فلهذا خفف الثانية ولم يحقق). [الموضح: 550]

قوله تعالى: {لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (124)}

قوله تعالى: {قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ (125)}

قوله تعالى: {وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آَمَنَّا بِآَيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ (126)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 08:47 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأعراف
[ من الآية (127) إلى الآية (129) ]

{وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآَلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ (127) قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (128) قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (129)}

قوله تعالى: {وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآَلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ (127)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (واجتمع القراء على نصب قوله: (ويذرك وآلهتك... (127).
واختلف النحويون في علة نصبه، فقال الفراء: هو منصوب على الصرف ومعناه الحال.
[معاني القراءات وعللها: 1/419]
وقال ابن الأنباري: كأنه قال: أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض في حال تركه إياك.
وقال الزجاج: نصبه ردٌّ على جواب الاستفهام بالواو.
وقال ابن اليزيدي: نصبه على العطف على قوله: (ليفسدوا في الأرض).
وروي عن ابن عباس أنه قرأ (ويذرك) رفعًا (وإلاهتك)، أي وعبادتك.
وقال الفراء: الرفع معطوف على قوله (أتذر)، أتبع آخر الكلام أوله). [معاني القراءات وعللها: 1/420]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (سنقتّل أبناءهم... (127) و(يقتّلون أبناءكم).
قرأ ابن كثير (سنقتل أبناءهم) خفيفة، و(يقتّلون أبناءكم) مشددة، وخففهما معًا نافع.
وشددهما الباقون). [معاني القراءات وعللها: 1/420]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (28- وقوله تعالى: {سنقتل أبناءهم} [127] {ويقتلون أبناءكم} [141].
قرأهما نافع بالتخفيف.
وقرأهما الباقون بالتشديد جعلوه من التقتيل مرة بعد مرة. غير أن ابن كثير كان يخفف {سنقتل} ويثقل: {ويقتلون} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/203] (م)
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في التخفيف والتشديد من قوله عز وجل: سنقتل أبناءهم [الأعراف/ 127] ويقتلون أبناءكم [الأعراف/ 141].
فقرأ ابن كثير: سنقتل خفيفة، ويقتلون مشددة؛
[الحجة للقراء السبعة: 4/71]
وشدّدهما جميعا أبو عمرو وعاصم وابن عامر، وحمزة، والكسائيّ، وخفّفهما جميعا نافع، يقتلون* وسنقتل [بالتخفيف].
[قال أبو علي] التثقيل حسن. لأنّه يراد به الكثير، والتثقيل لذا المعنى أخصّ، والتخفيف يقع على التكثير، وغيره؛ فمن خفّف فلأنّه يصلح للتكثير أيضا، ومن جمع بين التخفيف والتثقيل كان آخذا بالوجهين). [الحجة للقراء السبعة: 4/72]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة علي -عليه السلام- وابن عباس وابن مسعود وأنس بن مالك وعلقمة والجحدري والتيمي وأبي طالوت وأبي رجاء: [وَيَذَرَكَ وَإلَاهَتَكَ].
وقرأ: [ويَذَرْكَ] -بإسكان الراء- الأشهب.
وقرأ: [ويذرُك] نعيم بن ميسرة والحسن بخلاف.
قال أبو الفتح: أما [إلَاهَتَك] فإنه عبادتك، ومنه الإله؛ أي: مستحق العبادة، وقد سميت الشمس إِلاهَة وأَلاهة؛ لأنهم كانوا يعبدونها، ويقال: تَأَلَّه تألهًا. قال رؤبة:
سبَّحن واسترجعن من تألهي
[المحتسب: 1/256]
أي: عبادتي، ويقال: لاهِ أبوك، ولهْ أبوك، ولَهْيَ أبوك ولَهِ أبوك، وفي تصريفها بعض الطول؛ فندعه تخفيفًا.
وأما [ويذَرُك] بالرفع فعلى الاستئناف أي: فهو يذرك.
وأما [يذَرْك] بالإسكان فيمن [يذَرُك]، كقراءة أبي عمرو: [إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرْكُمْ].
وحكى أبو زيد: [رُسُلْنا] بإسكان اللام استثقالًا للضمة مع توالي الحركات، ولم يسكن أبو عمرو [يَأْمُرُهم] كما أسكن [يأمرُكم]؛ وذلك لخفاء الهاء وخفتها فجاء الرفع على واجبه. وليست الكاف في [يأمركم] بخفِّيه ولا خفيفة خفة الهاء ولا خفاءها، فثقل النطق بها فحذف ضمتَها). [المحتسب: 1/257]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قال سنقتل أبناءهم}
قرأ نافع وابن كثير {قال سنقتل أبناءهم} بالتّخفيف وقرأ الباقون بالتّشديد لكثرة القتل مرّة بعد مرّة فأكثر ما تكلم به العرب التّشديد ومن خفف فإنّه أراد مرّة واحدة). [حجة القراءات: 294]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (35- قوله: {سنقتل أبناءهم}، و{يقتلون أبناءكم} قرأ الحرميان «سنقتل» بفتح النون والتخفيف، جعلاه من «قتل» الذي يدل على القلة والكثرة، وقرأ الباقون بضم النون والتشديد، جعلوه من «قتل» الذي يدل على معنى التكثير مرة بعد مرة، وقرأ نافع «يقتلون» بفتح الياء والتخفيف، جعله من «قتل يقتل» فهو يدل على القلة والكثرة، وقرأ الباقون بضم الياء والتشديد، جعلوه «قتل» إذ فيه معنى التكثير، قتل بعد قتل). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/474]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (29- {سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ} [آية/ 127] بالتخفيف:
قرأها نافع، وكذلك {يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وتابعه ابن كثير على {سَنُقَتِّلُ} فخففها وشدد {يُقَتِّلُونَ}.
[الموضح: 550]
وقرأ الباقون{سَنُقَتِّلُ} و{يُقَتِّلُونَ} بالتشديد فيهما.
والوجه أن التخفيف يصلح للقليل والكثير، والتثقيل يختص التكثير، وقد ذكرنا ذلك في مواضع). [الموضح: 551]

قوله تعالى: {قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (128)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (إنّ الأرض للّه يورثها من يشاء... (128)
روى هبيرة عن حفص (يورّثها من يشاء) بفتح الواو، وتشديد الراء. والباقون على (يورثها).
قال أبو منصور: هما لغتان: ورّثت وأورثت، والأجود يورثها، كما قال: (وأورثنا القوم الّذين كانوا يستضعفون) ). [معاني القراءات وعللها: 1/421]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (29- وقوله تعالى: {يورثها من يشاء من عباده} [128].
روى حفص عن عاصم في رواية هبيرة {يورثها} بفتح الواو وتشديد الراء من ورث يورث كأنه مرة بعد أخرى.
وقرأ الباقون {يورثها} بالتخفيف من أفعل يفعل، وهو الاختيار؛ لأن شاهده قوله تعالى: {كذلك وأورثناها} {وأورثنا القوم الذين كانوا} [137] [كأن حفصًا] ذهب إلى قوله في الحديث «من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم» هكذا لفظ الحديث). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/203]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وقرأ ابن كثير ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائيّ: يورثها [128] ساكنة الواو خفيفة الراء، وكذلك في مريم [63].
واختلف عن عاصم فروى أبو بكر عنه: يورثها خفيفة مثل حمزة.
وأخبرني الخزّاز-[أحسبه] أحمد بن علي- عن هبيرة عن حفص عن عاصم يورثها مشدّدة الراء، ولم يروها [عن عاصم] عن حفص غير هبيرة، وهو غلط، والمعروف عن عاصم يورثها خفيفة. وفي سورة مريم لم يختلفوا في قوله: تلك الجنة التي نورث [الآية/ 62]، أنّها خفيفة.
[الحجة للقراء السبعة: 4/72]
قال أبو علي: حجة التخفيف قوله: وأورثكم أرضهم وديارهم [الأحزاب/ 27]، وقوله: كذلك وأورثناها قوما آخرين [الدخان/ 28]، وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون [الأعراف/ 137].
ووجه التشديد أنّك تقول: ورث زيد مالا، وفي التنزيل:
وورثة أبواه [النساء/ 11]؛ فهو متعدّ فنقول في نقله بالهمزة وبتضعيف العين والتخفيف أولى لمجيء التنزيل عليه.
قال أبو زيد: ورث الرجل أباه يرثه وراثة، وميراثا، وورثا، وأورث الرجل ابنه مالا إيراثا حسنا، وورّث الرجل بني فلان ماله توريثا، وذلك إذا أدخل في ماله على ورثته من ليس منهم، فجعل له نصيبا.
قال أبو علي: فالقراءة بالتثقيل على وجه ما حكاه أبو زيد، وحملها عليه بعيد، ولكنّه يكون على قول الأعشى:
مورّثة مالا وفي الحي رفعة). [الحجة للقراء السبعة: 4/73]

قوله تعالى: {قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (129)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 08:49 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأعراف
[ من الآية (130) إلى الآية (133) ]

{وَلَقَدْ أَخَذْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (130) فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (131) وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آَيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (132) فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آَيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ (133)}

قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (130)}

قوله تعالى: {فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (131)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن: [إنما طَيْرُكُمْ عند الله].
قال أبو الفتح: الطير جمع طائر في قول أبي الحسن، وفي قول صاحب الكتاب: اسم للجمع، بمنزلة الجامل والباقر غير مكسَّر.
وروينا عن قطرب في كتابه الكبير أن الطير قد تكون واحدًا، كما أن الطائر الذي يقرأ به الجماعة واحد، وعلى أنه قد يكون الطائر جِمَاعًا بمنزلة الجامل والباقر. وأنشد ابن الأعرابي:
وبالعثانين وبالحناجر ... كأنه تَهتانُ يومٍ ماطرِ
على رءوسٍ كرُءوس الطائر). [المحتسب: 1/257]

قوله تعالى: {وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آَيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (132)}

قوله تعالى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آَيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ (133)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن: [عَلَيْهِمُ الْقَمْل] بفتح القاف، وسكون الميم.
قال أبو الفتح: [القَمْل] هنا: هو هذا المعروف، ولا يجوز أن يكون تحريف القُمَّل، ولا لغة
[المحتسب: 1/257]
فيه، كالجمْل والْجُمَّل في قراءة من قرأ: [حَتَّى يَلِجَ الْجَمْلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ]؛ لأن لهذا وجهًا قائمًا معروفًا، وهو هذا القَمْل المعروف). [المحتسب: 1/258]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 08:50 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأعراف
[ من الآية (134) إلى الآية (137) ]

{وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (134) فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ (135) فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (136) وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (137)}

قوله تعالى: {وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (134)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وأجمعوا على كسر الراء من: (الرّجز... (134)
واختلفوا في الرّجز والرّجز في الدثر. وقد بئن في موضعه اختلافهم. والرّجز: العذاب المقلقل). [معاني القراءات وعللها: 1/420]

قوله تعالى: {فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ (135)}

قوله تعالى: {فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (136)}

قوله تعالى: {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (137)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وما كانوا يعرشون (137).
قرأ ابن عامر وأبو بكر عن عاصم (يعرشون) بضم الراء، وفي النحل مثله.
وكسر الباقون في السورتين.
قال أبو منصور: هما لغتان معروفتان.
ومثله (يعكفون) و(يعكفون)، قرأ حمزة والكسائي (يعكفون) بكسر الكاف، وكذلك روى عبد الوارث عن أبي عمرو، وقرأ الباقون (يعكفون).
يقال: عكف على الشيء، إذا أقام عليه). [معاني القراءات وعللها: 1/421]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (30- وقوله تعالى: {وما كانوا يعرشون} [137].
قرأ عاصم في رواية أبي بكر وابن عامر {يعرشون}. بالضم، ومعناه: يبنون
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/203]
وقرأ الباقون بالكسر {يعرشون} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/204]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في ضمّ الراء وكسرها من قوله تعالى:
[الحجة للقراء السبعة: 4/73]
يعرشون [الأعراف/ 137]-[النحل/ 68].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم يعرشون بكسر الراء، وفي النحل مثله.
وقرأ عاصم في رواية أبي بكر وابن عامر بضم الراء فيهما). [الحجة للقراء السبعة: 4/74]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وما كانوا يعرشون}
قرأ ابن عامر وأبو بكر {يعرشون} بضم الرّاء وقرأ الباقون بكسر الرّاء). [حجة القراءات: 294]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (30- {يَعْرِشُونَ} [آية/ 137] بضم الراء:
قرأها ابن عامر وعاصم في رواية- ياش-، وكذلك في النحل.
وقرأ الباقون بكسر الراء في الحرفين). [الموضح: 551]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 08:52 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأعراف
[ من الآية (138) إلى الآية (141) ]

{وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آَلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138) إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (139) قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (140) وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (141)}

قوله تعالى: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آَلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (31- فأما قوله: {يعكفون على أصنام لهم} [138].
فإن حمزة والكسائي قرآه بكسر الكاف.
والباقون بالضم، وهما لغتان، يعكف ويعكف. ويعرش ويعرش. ومعنى يعكفون: يواظبون عليه ويقيمون عليه، وكل من لزم شيئًا فقد عكف عليه ومنه الاعتكاف في المساجد.
فأقل الاعتكاف عند الشافعي ساعة، وعند غيره يوم وليلة. ولا يجيزون الاعتكاف، أعني هؤلاء إلا مع الصوم.
وحجة الشافعي رضي الله عنه أن عمر قال: «يا رسول الله: كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أوف بنذرك» فلو كان الصوم واجبًا ما جاز الاعتكاف ليلاً؛ لأن الصوم بالليل محال.
واعلم أن كل فعل كان ماضيه مفتوح العين فإن مستقبله يجوز كسره وضمه. أما ما كان ماضيه مكسورًا فالمضارع منه مفتوح، وما كان ماضيه مضمومًا فالمستقبل بالضم أيضًا. نحو ظرف يظرف. فهذا جملة من باب. وقد يشذ منه الأحرف وقد بينتها في غير هذا الموضع). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/204]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في ضم الكاف وكسرها من قوله عز وجل: يعكفون [الأعراف/ 138] فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم وابن عامر يعكفون بضم الكاف.
وروى عبد الوارث عن أبي عمرو يعكفون بكسر الكاف.
وقرأ حمزة والكسائي: يعكفون.
[قال أبو علي]: كل واحد من الضمّ والكسر؛ في عيني الكلمتين لغة، ومثل: يعكف، ويعكف، ويعرش، ويعرش، قولهم: يحشر ويحشر، ويفسق، ويفسق.
قال أبو عبيدة: يعرشون* أي يبنون، والعرش في هذا الموضع: البناء، ويقال: عرش مكة أي: بناؤه.
[الحجة للقراء السبعة: 4/74]
وقال أبو الحسن: يعرشون ويعرشون لغتان، وكذلك يبطش ويبطش، ويحشر ويحشر، ويعكف ويعكف، وينفر وينفر). [الحجة للقراء السبعة: 4/75]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم}
قرأ حمزة والكسائيّ {يعكفون} بكسر الكاف وقرأ الباقون بالضّمّ وهما لغتان تقول عكف يعكف ويعكف وكذلك عرش يعرش ويعرش). [حجة القراءات: 294]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (36- قوله: {يعكفون} و{يعرشون} قرأ حمزة والكسائي بكسر الكاف، وضمها الباقون، وقرأ ابن عامر وأبو بكر «يعرشون» هنا وفي النحل بضم الراء، وكسرها الباقون، وهما لغتان مشهورتان في الكلمتين، يقال: عكف يعكف ويعكُف بمعنى: أقام على الشيء، وعَروش يعِرش ويعُرش بمعنى: بنى). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/475]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (31- {يَعْكِفُونَ} [آية/ 138] بكسر الكاف:
قرأها حمزة والكسائي.
وقرأ الباقون {يَعْكُفُونَ} بضم الكاف.
والوجه أن {يَعْرُشُونَ} و{يَعْرِشُونَ} بضم الراء وكسرها لغتان، وكذلك {يَعْكُفُونَ} و{يَعْكِفُونَ} ). [الموضح: 551]

قوله تعالى: {إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (139)}

قوله تعالى: {قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (140)}

قوله تعالى: {وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (141)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وإذ أنجيناكم من آل فرعون... (141).
قرأ ابن عامر وحده (أنجاكم) ليس بين الجيم والألف ياء ونون.
ومعنى أنحيناكم وأنجاكم واحد؛ لأن الإنجاء لله جلّ وعزّ). [معاني القراءات وعللها: 1/422]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (28- وقوله تعالى: {سنقتل أبناءهم} [127] {ويقتلون أبناءكم} [141].
قرأهما نافع بالتخفيف.
وقرأهما الباقون بالتشديد جعلوه من التقتيل مرة بعد مرة. غير أن ابن كثير كان يخفف {سنقتل} ويثقل: {ويقتلون} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/203] (م)
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (32- وقوله تعالى: {وإذ أنجيناكم من آل فرعون} [141].
قرأ ابن عامر وحده: {وإذا نجاكم} وكذلك هي في مصاحفهم.
والباقون: {أنجيناكم}.
وإذ متعلقة بفعل، التقدير: واذكروا إذ أنجيناكم. ومعنى أنجيناكم: أنجينا أباكم
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/204]
[وأحييناكم] فوعظهم الله تعالى لئلا ينزل بهم نقمته إذا خالفوا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/205]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وإذ أنجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يقتلون أبناءكم}
قرأ ابن عامر (وإذ أنجاكم من آل فرعون) بغير ياء ولا نون وكذا في مصاحفهم والمعنى وإذ أنجاكم الله
وقرأ الباقون {وإذ أنجيناكم} بالياء والنّون أخبر جلّ وعز عن نفسه بلفظ الملوك
قرأ نافع {يقتلون أبناءكم} بالتّخفيف وقرأ الباقون بالتّشديد). [حجة القراءات: 294]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (37- قوله: {وإذ أنجيناكم} قرأه ابن عامر بلفظ الواحد، رده على قوله: {قال أغير الله أبغيكم} «140» وقرأه الباقون «أنجيناكم» على لفظ الجماعة، إخبارًا عن الله، عن طريق التعظيم لله والإكبار له، فهو أعظم العظماء، وهو الاختيار؛ لأن الجماعة عليه، وله نظائر كثيرة في القرآن). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/475]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (32- {وإذْ أَنجَاكُم} [آية/ 141] بغير ياء ونون:
قرأها ابن عامر وحده.
[الموضح: 551]
وقرأ الباقون {أَنجَيْنَاكُم} بالياء والنون.
والوجه فيهما أن الإنجاء من الله تعالى في القراءتين، سواء أسند الفعل إلى لفظ الله تعالى أو إلى جماعة المخبرين، فقوله {أَنجَاكُم} الفعل مسند إلى اسم الله، كأنه قال أنجاكم الله، وقوله {أَنجَيْنَاكُم} لفظ يتضمن التعظيم؛ لأنه جرت عادة الملوك أن يسندوا أفعالهم إلى ضمير الجماعة فيقولوا فعلنا وصنعنا إيذانًا بأن أتباعهم يفعلون كفعلهم، فخاطب الله تعالى عباده بالمتعارف بينهم). [الموضح: 552]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:31 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة