سورة القارعة
[ من الآية (1) إلى آخر السورة ]
{الْقَارِعَةُ (1) مَا الْقَارِعَةُ (2) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ (3) يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ (4) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (5) فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (7) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (9) وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (10) نَارٌ حَامِيَةٌ (11)}
قوله تعالى: {الْقَارِعَةُ (1)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
ذكر أبو حاتم عن أبي عمرو أنه كان يميل (القارعة).
وأصحاب أبي عمرو لا يعرفون ذلك؛ لأن القارعة في موضع الرفع.
والقراءة بفتح القاف). [معاني القراءات وعللها: 3/159]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (1- روى أبو حاتم عن أبي عمرو أنه أمال {القارعة} [1]، وهذا ليس بالجيد عند النحويين؛ لأن القاف من الحروف الموانع.
قال المبرد: ويجوز الإمالة من أجل الراء، والإمالة في قاسم خطأ، وفي قادر، والقارعة صواب من أجل الراء، وأنشد:
عسى الله يغني عن بلاد ابن قادر
والقارعة: القيامة؛ لأنها تقرع القلوب). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/523]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: قال أبو حاتم: أمال أبو عمرو: القارعة [1].
قال أبو علي: إمالة: القارعة وإن كان المستعلي فيه مفتوحا جائزة، وذلك أن كسرة الراء غلبت عليها، فأمالتها، وقد أمالت ما تباعد عنه بحرف نحو: قادر. وزعم سيبويه أن ذلك لغة قوم ترتضى عربيّتهم، وكذلك: طارد، وغارم، وطامر كلّ ذلك يجوز إمالته إذا كانت الراء مكسورة، قال سيبويه: وينشد أصحاب هذه اللغة:
عسى اللّه يغني عن بلاد ابن قادر بمنهمر جون الرباب سكوب). [الحجة للقراء السبعة: 6/432]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (2- وَأَمَّا مَا رَوَى أَبُو حَاتِمٍ عَنْ أَبِي عَمْرٍو مِنْ إِمَالَةِ {الْقَارِعَةُ} فَإِنَّ لَهُ وَجْهًا، وَذَلِكَ أَنَّ كَسْرَةَ الرَّاءِ غَلَبَتِ الْحَرْفَ الْمُسْتَعْلِيَ الَّذِي فِيهَا وَهُوَ الْقَافُ؛ لأَنَّ الرَّاءَ حَرْفٌ فِيهِ تَكْرِيرٌ، فَالْكَسْرَةُ فِيهِ تَجْرِي مَجْرَى كَسْرَتَيْنِ، فَجَازَتِ الإِمَالَةُ فِيهِ، وَقَدْ أَمَالُوا نَحْوَ قَادِرٍ، وَإِنْ كَانَتِ الرَّاءُ قَدْ تَبَاعَدَ عَنِ الأَلِفِ، وَإِذَا أَمَالُوا مِثْلَ ذَلِكَ فَإِمَالَةُ الْقَارِعَةِ مَعَ قُرْبِ الرَّاءِ مِنَ الأَلِفِ وَلُزُومِ الْكَسْرَةِ فِيهَا أَوْلَى، وَمِثْلُ ذَلِكَ إِمَالَتُهُمْ لِطَارِدٍ وَغَارِمٍ.
وقَالَ سِيبَوَيْهِ: إِنَّ ذَلِكَ لُغَةُ قَوْمٍ تَرْتَضَى عَرَبِيَّتُهُمْ). [الموضح: 1392]
قوله تعالى: {مَا الْقَارِعَةُ (2)}
قوله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ (3)}
قوله تعالى: {يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ (4)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (ثم فسرها الله تعالى وتعجب من عظم ذلك اليوم، فقال: {وما أدراك ما القارعة * يوم يكون الناس كالفراش المبثوث} [3، 4]، أي: المتفرقة، وهي جمع الفراشة التي تسقط في
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/522]
السراج. ومن ذلك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما يحملكم أن تتتابعوا [على الكذب] كما يتتابع الفراش في النار» والتتابع لا يكون إلا في الشر). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/523]
قوله تعالى: {وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (5)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): ({وتكون الجبال كالعهن المنفوش} [5]، أي: كالصوف. وفي قراءة عبد الله {كالصوف المنفوش} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/523]
قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6) }
قوله تعالى: {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (7)}
قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8)}
قوله تعالى: {فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (9)}
قوله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (10)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقرأ حمزة ويعقوب (ما هي) في الوصل بغير هاء.
قال أبو منصور: الاختيار الوقف على (ما هيه)؛ لأن الهاء مثبتة في المصاحف فلا يجوز إسقاطها وأنت تجد إلى إثباتها سبيلا). [معاني القراءات وعللها: 3/159]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (2- وقوله تعالى: {وما أدرك ماهيه} [10].
قرأ حمزة وحده: {ما هي} بحذف الهاء إذا أدرج وبإثباتها إذا وقف؛ لأن هذه الهاء هاء سكت، ولا يلحقها إعراب، وقد أنبأت عن عله ذلك فيما سلف، وإنما أعدت ذكره؛ لأن ابن مجاهد أخبرني، قال: قال نصر بن عاصم: سمعت أبا عمرو يقول: {ما هيه} يقف عندها، وكل هاء للتأنيث تصير في الدرج تاء إلا هذه. فأما قول الشاعر:
حاملة دلوك لا محمولة
ملأى من الماء كعين الموله
فإن الشاعر بناه عن الوقف، وهي هاء التأنيث، ولو بناه على الإدراج لقال: (محمولة)، والمولة: العنكبوت). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/523]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال علي بن نصر: سمعت أبا عمرو يقرأ: وما أدراك ماهيه [القارعة/ 10]، يقف عندها، وكذلك قال عبيد عن أبي عمرو يقف عند الهاء.
[الحجة للقراء السبعة: 6/432]
قال أبو علي: وقف عندها ولم يصلها لأنها فاصلة، والفواصل موضع وقوف، كما أن أواخر الأبيات كذلك، وهذا مما يقوّي حذف الياء من يسري* وما أشبهه ألا ترى أنهم حذفوا الياء من نحو قوله:
ولأنت تفري ما خلقت وبعد ض القوم يخلق ثمّ لا يفر فأما قوله: فبهداهم اقتده [الأنعام/ 90]، فمن جعله رأس آية فالوقف عليه بالهاء مثل: ما أدراك ماهيه [القارعة/ 10]، ومن جعل الهاء كناية عن المصدر جاز أن يلحقها الياء في الوصل). [الحجة للقراء السبعة: 6/433]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وما أدراك ما هيه} 10
قرأ حمزة (ما هي) بحذف الهاء في الوصل وقرأ الباقون بإثبات الهاء في الوصل وقد مر الكلام عليه). [حجة القراءات: 770]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (1- (ما هِيَ * نَارٌ) [آيَةُ/10 و11] بِغَيْرِِ هَاءٍ فِي الْوَصْلِ: -
قَرَأَهَا حَمْزَةُ ويَعْقُوبُ، وَوَقَفَا عَلَيْهِ بِالْهَاءِ.
وَرَوَى- ان- عَنْ يَعْقُوبَ بِغَيْرِِ هَاءٍ فِي وَصْلٍ وَلا وَقْفٍ.
وَالْوَجْهُ أَنَّ هَذِهِ الْهَاءَ وَقْفٌ، وَتُسَمَّى هَاءُ الاسْتِرَاحَةِ، تَلْحَقُ فِي حَالِ الْوَقْفِ، وَتُحْذَفُ فِي حَالِ الْوَصْلِ؛ لأَنَّهَا تَلْحَقُ فِي الْوَقْفِ؛ لأَنَّ الْوَقْفَ إِنَّمَا يَكُونُ عَلَى السُّكُونِ، وَهُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَبْقَى آخِرَ الْكَلِمَةِ عَلَى حَرَكَتِهَا، فَيُلْحِقُونَ الْهَاءَ وَيَقِفُونَ عَلَيْهَا سَاكِنَةً، فَإِذَا زَالَ الْوَقْفُ سَقَطَتِ الْهَاءُ.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {مَا هِيَهْ * نَارٌ} بِالْهَاءِ فِي الْحَالَيْنِ.
وَالْوَجْهُ أَنَّ الْهَاءَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا هَاءُ وَقْفٍ تَلْحَقُ حَالَةَ الْوَقْفِ، وَيَقْتَضِي الْقِيَاسُ أَنْ لا تَلْحَقَ فِي الْوَصْلِ، إِلاَّ أَنَّهَا أُلْحِقَتْ هَاهُنَا حَالَةَ الْوَصْلِ لأَجْلِ أَنَّهَا فَاصِلَةٌ، وَالْفَوَاصِلُ مَوَاضِعُ وُقُوفٍ، فَيَجْرِي عَلَيْهَا أَحْكَامُ الْوَقْفِ، وَإِنْ وُصِلَتْ). [الموضح: 1391]
قوله تعالى: {نَارٌ حَامِيَةٌ (11)}
روابط مهمة:
- أقوال المفسرين