سورة الحديد
[ من الآية (12) إلى الآية (15) ]
{يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13) يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الأَمَانِيُّ حَتَّى جَاء أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ (14) فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (15)}
قوله تعالى: {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (قرأ: [بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِإيْمَانِهِم]، بكسر الهمزة - سهل بن شعيب النهمي.
قال أبو الفتح: قوله [بِإيْمَانِهِمْ] معطوف على قوله: {بَيْنَ أَيْدِيهِمْ}.
فإن قلت: فإن قوله: {بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} ظرف، وقوله: [بِإيْمَانِهِمْ] ليس ظرفا. ألا ترى أنه ليس معناه يسعر في إيمانهم؟ فكيف يجوز أن يعطف على الظرف ما ليس ظرفا، وقد علمت أن العطف بالواو نظير التثنية، والتثنية توجب تماثل الشيء؟
قيل: الظرف الذي هو بين أيديهم معناه الحال، وهو متعلق بمحذوف، أي: يسعى كائنا بين أيديهم، وليس بين أيديهم متعلقا بنفس يسعى، كقولك: سعيت بين القوم، وسعيت في حاجتي. وإذا كان الظرف هنا في موضع الحال جاز أن يعطف عليه الباء وما جرته، حتى كأنه قال: يسعى كائنا بين أيديهم، وكائنا بإيمانهم؛ أي: إنما حدث السعى كائنا بإيمانهم، كقول الله تعالى : {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ}، أي: ذلك كائن بذلك.
فعلى هذا التقدير يجب أن يكون قوله: [وبإيمانهم]. فأما أن يعلق "بين" بنفس "يسعى" يعطف عليه [بإيمانهم] فلا؛ لما تقدم). [المحتسب: 2/311]
قوله تعالى: {يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (للّذين آمنوا انظرونا).
[معاني القراءات وعللها: 3/54]
قرأ حمزة وحده " أنظرونا " بقطع الألف، وكسر الظاء.
وقرأ الباقون " انظرونا "
موصولة الألف، مضمومة الظاء.
قال أبو منصور: أما وجه قراءة حمزة (أنظرونا) بالقطع فمعناه: أمهلونا.
وقد قيل: يكون (أنظرونا) بمعنى: انتظرونا.
ومنه قول عمرو بن كلثوم:
أبا هندٍ فلا تعجل علينا... وأنظرنا نخبًرك اليقينا
أي: أمهلنا.
ومن قرأ (انظرونا) فمعناه: انتظرونا لا اختلاف فيه عند اللغويين.
يقال: أنظرت فلانًا أنظره، إذا انتظرته.
وكان أبو حاتم ينكر (أنظرونا) أشد الإنكار وقال: لا معنى للتأخير ههنا. وهو كما قال إن شاء الله.
والقراءة المختارة (انظرونا) بضمة موصولة). [معاني القراءات وعللها: 3/55]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (4- وقوله تعالى: {للذين ءامنوا انظرونا} [13].
قرأ حمزة وحدة: {أنظرونا} بقطع الألف وفتحها.
وقرأ الباقون بوصل الألف، فمعنى قراءة حمزة: أمهلونا أخرونا، قال الشاعر:
أبا هند فلا تعجل علينا = وانظرنا نخبرك اليقينا
والباقون جعلوه من الانتظار كقوله: {غير ناظرين إناه} ويقال نظرته معنى انتظرته. ونظرت إليه بعيني. وقد جاء: نظرته بعيني. وهذا حرف
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/350]
غريب، قال فضالة بن عبد الله الغنوي:
خرجت سواسية مساو أمها = خلوا تطير كما تطير السوذق
فأبيت أنظرها فما أبصرتها = مما ترفع في السراب وتفرق
[أراد أبصرها]، وفي هذا البيت شاهد آخر: أن السواسية المستويات في الخير ردًا على من قال: إن السواسية المستوون في الشر). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/351]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: قرأ حمزة وحده: للذين آمنوا أنظرونا [الحديد/ 13] مكسورة الظاء.
وقرأ الباقون: للذين آمنوا انظرونا موصولة.
ليس النظر الرؤية التي هي إدراك البصر، إنما هو تقليب العين نحو الجهة التي فيها المرئيّ المراد رؤيته، ممّا يدلّ على ذلك قوله:
فيا ميّ هل يجزى بكائي بمثله مرارا وأنفاسي إليك الزوافر وأنّي متى أشرف من الجانب الذي به أنت من بين الجوانب ناظر فلو كان النظر الرؤية لم يطلب عليه الجزاء، لأن المحبّ لا يستثيب من النظر إلى محبوبه شيئا بل يريد ذلك ويتمنّاه، ويدلّ على ذلك قول الآخر:
ونظرة ذي شجن وامق إذا ما الركائب جاوزن ميلا فهذا على التوجّه إلى الناحية التي المحبوب فيها، وتقليب البصر نحوها لما يعالج من التلفّت والتقلّب. كقول الآخر:
[الحجة للقراء السبعة: 6/269]
ما سرت ميلا ولا جاوزت مرحلة إلا وذكرك يلوي كابيا عنقي وما يبيّن أن النّظرة ليست الرؤية أن الركاب إذا حاذت هذه المسافة أو جاوزتها لم تقع الرؤية على من صار من الرائي بهذه المسافة. فأما قوله: ولا ينظر إليهم يوم القيامة [آل عمران/ 77]، فالمعنى: أنه سبحانه لا ينيلهم رحمته، وقد تقول: أنا أنظر إلى فلان، إذا كنت تنيله شيئا، ويقول القائل: انظر إليّ نظر اللّه إليك، يريد:
أنلني خيرا أنالك اللّه.
ونظرت بعد يستعمل وما تصرف منه على ضروب، أحدها: أن تريد به: نظرت إلى الشيء فيحذف الجار، ويوصل الفعل، من ذلك ما أنشد أبو الحسن:
ظاهرات الجمال والحسن ينظر ن كما ينظر الأراك الظباء المعنى: ينظرن إلى الأراك، فحذف الجار الذي في نحو قوله:
نظرن إلى أظعان ميّ كأنها
[الحجة للقراء السبعة: 6/270]
والآخر: أن يريد به تأمّلت وتدبرت، فهو فعل غير متعدّ، فمن ذلك قولهم: اذهب فانظر زيدا أبو من هو؟ فهذا يراد به التأمّل، من ذلك قوله عزّ وجلّ: انظر كيف ضربوا لك الأمثال [الإسراء/ 48]، انظر كيف يفترون على الله الكذب [النساء/ 50]، انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض [الإسراء/ 21].
وقد يتعدّى هذا بالجار كقوله: أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت [الغاشية/ 17]، فهذا أحضّ على التأمّل، وتبين وجه الحكمة فيه، وقد يتعدّى بفي، وذلك نحو قوله: أولم ينظروا في ملكوت السموات والأرض [الأعراف/ 185]، فهذا كقوله: أولم يتفكروا في أنفسهم [الروم/ 8].
فأما قوله:
ولما بدا حوران والآل دونه نظرت فلم تنظر بعينيك منظرا ويجوز أن يكون نظرت فلم تنظر، أي: نظرت فلم تر بعينيك منظرا لغرقه في الآل كقوله:
ترى قورها يغرقن في الآل مرّة وآونة يخرجن من غامر ضحل وقد يجوز أن يعنى بالنظر الرؤية على الاتّساع، لأن تقليب
[الحجة للقراء السبعة: 6/271]
البصر نحو المبصر تتبعه الرؤية، وقد يجري على الشيء لفظ ما يتبعه، ويقترن به كقولهم للمرأة: راوية، وكقولهم للفناء: عذرة، وكقولهم لذي بطن الإنسان: غائط وإنما الغائط: المطمئن من الأرض المستقل، وقد يكون: نظرت فلم تنظر، مثل: تكلّمت فلم تكلّم، أي: لم تأت بكلام على حسب ما يراد، أي: لم يقع الموقع الذي أريد، فكذلك: نظرت فلم تنظر منظرا كما تريد، أو: لم تر منظرا يروق.
وضرب آخر من نظرت: أن يريد به انتظرته، من ذلك قوله: إلى طعام غير ناظرين إناه [الأحزاب/ 53]، أي: غير منتظرين إدراكه وبلوغه، ومن ذلك قول الشاعر:
ما زلت مذ أشهر السّفّار أنظرهم مثل انتظار المضحي راعي الإبل يدلّك على ذلك قوله: مثل انتظار المضحّي، المعنى: انتظرتهم انتظارا مثل انتظار المضحي، فقد تبينت أنه أراد بنظرت: انتظرت، وقد يجيء فعلت وافتعلت بمعنى كثيرا، كقولهم: شويت واشتويت، وحضرت واحتضرت، ومن ذلك قول الفرزدق:
نظرت كما انتظرت اللّه حتى كفاك الماحلين لك المحالا
[الحجة للقراء السبعة: 6/272]
يريد: انتظرت كما انتظرت، وقد يكون: انظرت في معنى انتظرت، تطلب بقولك أنظرني التنفيس الذي يطلب بالانتظار، من ذلك قوله:
أبا هند فلا تعجل علينا وأنظرنا نخبّرك اليقينا ومن ذلك قوله: قال أنظرني إلى يوم يبعثون [الأعراف/ 14] إنما هو طلب الإمهال والتسويف، فالمطلوب بقوله: وأنظرنا نخبّرك اليقينا: تنفيس، وفي قوله: أنظرني إلى يوم يبعثون تسويف وتأخير، وكذلك قوله: انظرونا نقتبس من نوركم [الحديد/ 13] نفّسونا نقتبس، وانتظروا علينا، وكذلك ما جاء في الحديث من إنظار المعسر، فهذا وإن كان التأخير يشملها فهو على تأخير دون تأخير، وليس تسرّع من تسرع إلى تخطئة من قال: انظرونا بشيء، وليس ينبغي أن يقال فيما لطف إنه خطأ، وهو زعموا قراءة يحيى بن وثّاب والأعمش). [الحجة للقراء السبعة: 6/273]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({يوم يقول المنافقون والمنافقات للّذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم} 13
قرأ حمزة {للّذين آمنوا انظرونا} بقطع الألف أي أمهلونا كما تقول أنظرني حتّى أصنع كذا وكذا يقول أنظرتك أي أمهلتك وقال الفراء وقد قيل إن معنى {انظرونا} أي انتظرونا أيضا قال والعرب تقول أنظرني وهو يريد انتظرني
[حجة القراءات: 699]
وقرأ الباقون {للّذين آمنوا انظرونا} أي بوصل الألف أي انتظرونا كما قال {غير ناظرين إناه} أي غير منتظرين إدراكه). [حجة القراءات: 700]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (6- قوله: {آمنوا انظرونا} قرأ حمزة بقطع الالف من {انظرونا} وكسر الظاء، وجعله من «الإنظار» وهو التأخير والإمهال، كقوله: {أنظرني إلى يوم يبعثون} «الأعراف 14» أي: أخرني وأمهلن، وقرأ الباقون بوصل الألف وضم الظاء، جعلوه من النظر، نظر العين). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/309]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (4- {لِلَّذِينَ آَمَنُوا انْظُرُونَا} [آية/ 13] بقطع الألف وكسر الظاء:-
قرأها حمزة وحده.
والوجه أن المعنى أمهلونا ونفسونا، والإنظار: الإمهال، قال عمرو بن كلثوم:
171- أبا هند فلا تجعل علينا = وأنظرنا نخبرك اليقينا
[الموضح: 1246]
أي أمهلنا
وقيل إن أنظرت بمعنى انتظرت مسموعٌ أيضًا، والكلمتان متقاربتان؛ لأن التنفيس الذي يكون في الإنظار حاصلٌ في الانتظار، كذا ذكره أبو علي.
وقرأ الباقون {انْظُرُونَا} بوصل الألف وضم الظاء.
والوجه أن معناه انتظرونا، يقال نظرته إذا انتظرته، وقد يجيء فعلت وافتعلت بمعنى واحدٍ، كقولك شويت واشتويت). [الموضح: 1247]
قوله تعالى: {يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الأَمَانِيُّ حَتَّى جَاء أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ (14)} قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة سماك بن حرب: [وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغُرُورُ]، بضم الغين.
[المحتسب: 2/311]
قال أبو الفتح: هو كقوله: وغركم بالله الاغترار، وتقديره على حذف المضاف، أي: وغركم بالله سلامة الاغترار، ومعناه سلامتكم منه مع اغتراركم). [المحتسب: 2/312]
قوله تعالى: {فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (15)} قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (قوله جلّ وعزّ: (فاليوم لا يؤخذ منكم فديةٌ).
قرأ ابن عامر ويعقوب " لا تؤخذ منكم " بالتاء.
وقرأ الباقون " لا يؤخذ منكم "بالياء.
قال أبو منصور: من قرأ (لا تؤخذ منكم) بالتاء فلتأنيث الفدية.
ومن قرأ بالياء. ذهب به إلى الفداء.
وكلٌّ جائز، فاقرأ كيف شئت). [معاني القراءات وعللها: 3/56]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (9- وقوله تعالى: {فاليوم لا يؤخذ منكم فدية} [15].
قرأ ابن عامر وحده: {لا تؤخذ} بالتاء.
والباقون بالياء. فمن ذكر قال: تأنيث الفدية غير حقيقي. ومن أنث رده على اللفظ.
وحدثني أحمد على عن أبي عبيد أن أبا جعفر قرأ {تؤخذ} بالتاء.
قال أبو عبيد: اختياري الياء لكثرة القراءة بها، ولإيثارنا للتذكير في جميع القرآن). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/352]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (ابن عامر في رواية هشام: فاليوم لا تؤخذ [الحديد/ 15]، ابن ذكوان: بالياء، وكذلك الباقون: بالياء.
التاء حسن لتأنيث الفاعل، والياء حسن للفصل الواقع بين الفعل والفاعل، وأن التأنيث ليس بحقيقي). [الحجة للقراء السبعة: 6/276]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الّذين كفروا}
قرأ ابن عامر (فاليوم لا تؤخذ منكم فدية) بالتّاء لتأنيث الفدية وسقط السّؤال
وقرأ الباقون لا يؤخذ منكم بالياء للفصل الواقع بين الفعل والفدية فصار الفعل عوضا عن التّأنيث وقيل إن التّأنيث ليس يحقيقي إنّما أراد الفداء كقوله {وأخذ الّذين ظلموا الصّيحة} ). [حجة القراءات: 700]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (7- قوله: {لا يؤخذ منكم فدية} قرأه ابن عامر بالتاء، لتأنيث «الفدية»، وقرأ الباقون بالياء، لأجل التفرقة بين الفعل و«الفدية»؛ ولأن «الفدية» والفداء سواء، فحمل على المعنى، ولأن «الفدية» تأنيثها غير
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/309]
حقيقي، فحسن فيها التذكير، وقد مضى له نظائر كثيرة، وهو الاختيار لأن الجماعة عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/310]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (5- {فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ} [آية/ 15] بالتاء:-
قرأها ابن عامر ويعقوب.
والوجه أن التأنيث لأجل الفدية، لأن الفدية مصدرٌ مؤنثٌ لمكان التاء، فإذا أسند الفعل إليه جاز إلحاق علامة التأنيث به.
وقرأ الباقون {فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ} بالياء.
والوجه أن الفدية تأنيثها غير حقيقيٍ؛ لأنه مصدرٌ، فهو بمعنى الفداء، ثم
[الموضح: 1247]
إنه فُصل بين الفعل وما أسند إليه بالجار والمجرور، وهو قوله {مِنْكُمْ}، فجاز ترك العلامة). [الموضح: 1248]
روابط مهمة:
- أقوال المفسرين