العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > توجيه القراءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 05:31 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة طه

[ من الآية (77) إلى الآية (79) ]
{وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى (77) فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ (78) وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى (79)}

قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى (77)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (لا تخاف دركًا (77)
قرأ حمزة وحده (لا تخف) جزمًا.
وقرأ الباقون (لا تخاف دركًا) بألف، على الخبر.
قال أبو منصور: من قرأ (لا تخف دركًا) فهو نهي من الله لموسى عن الخوف، كأنه قال: لا تخف أن يدركك فرعون وجنوده ولا تخشى الغرق.
ومن قرأ (لا تخاف) فإن المعنى: لست تخاف دركًا؛ لأن فرعون يغرق قبل خروجه من البحر.
والدّرك: اسم يوضع موضع الإدراك). [معاني القراءات وعللها: 2/155]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (18- وقوله تعالى: {لا تخف دركًا} [77].
قرأ حكزة وحده {لا تخف} على النهي، وسقطت الألف لسكونها وسكون الفاء.
فإن قيل: فعلام نسق {ولا تخشي}؟
فالجواب في ذلك أنه جعل {ولا تخشى} مستأنفًا، «ولا» بمعنى ليس. كما قال {سنقرئك فلا تنسي}.
وفيه جواب آخر: أن يكون أراد النهي؛ لا تخف دركًا ولا تخش، ثم زاد الألف لرءوس الآي، وجعله مجزومًا من أصلٍ واجبٍ كما قال الشاعر:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/46]
ألم يأتيك والأنباء تنمى = بما لاقت لبون بني زياد
وقرأ الباقون {لا تخف دركًا ولا تخشى} بالرفع عن الخبر. واتفق القراء ها هنا على فتح الراء من {دركًا}. وهو شاهد لمن اختار في {الدرك الأسفل} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/47]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله: لا تخاف دركا [طه/ 77].
وقرأ حمزة وحده: (لا تخف دركا) جزما بغير ألف.
وقرأ الباقون: لا تخاف رفعا بألف.
ولم يختلفوا في فتح الراء من دركا.
وجه قول من رفع أنه حال من الفاعل: اضرب لهم طريقا غير خائف ولا خاش، ويجوز أن تقطعه من الأول: أنت لا تخاف، ومن قال: (لا تخف) جعله جواب الشرط، إن تضرب لا تخف دركا ممن خلفك، ولا تخشى غرقا بين يديك، فأما من قال: (لا تخف دركا)، ثم قال: لا تخشى، فيجوز أن يقطعه من الأول، أي: إن تضرب لا تخف، وأنت لا تخشى، ولا تحمله على قول الشاعر:
كأن لم ترى قبلي أسيرا يمانيا ولا على نحو:
لا ترضّاها ولا تملّق
[الحجة للقراء السبعة: 5/239]
لأن ذلك إنما يجيء في ضرورة الشعر كما أن نحو قوله:
ألم يأتيك والأنباء تنمى ونحو قوله:
لم تهجو ولم تدع كذلك، ولكنّك تقدّر أنّك حذفت الألف المنقلبة عن اللام ثم أشبعت الفتحة لأنها فاصلة، فأثبتّ الألف الثانية عن إشباع الفتحة، ومثل هذا مما ثبت في الفاصلة قوله: فأضلونا السبيلا [الأحزاب/ 67] وقد جاء إشباع هذه الفتحة في كلامهم قال:
فأنت من الغوائل حين تلقى... ومن ذمّ الرّجال بمنتزاح). [الحجة للقراء السبعة: 5/240]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا لا تخاف دركا ولا تخشى} 77
قرأ حمزة (لا تخف دركا) بجزم الفاء على النّهي وسقطت الألف لسكونها وسكون الفاء المعنى لا تخف أن يدركك فرعون ولا تخشى الغرق قال محمّد بن يزيد المبرد من قرأ {لا تخف}
[حجة القراءات: 458]
فهو على المجازاة الّتي هي جواب الأمر كأنّه قال اضرب فإنّك إن تضرب لا تخف كقوله {ادعوني أستجب لكم} وقوله {ولا تخشى} رفع على الاستئناف كما قال سبحانه {يولوكم الأدبار ثمّ لا ينصرون} فاستأنف
وقرأ الباقون {لا تخاف دركا} بالرّفع على الخبر المعنى لست تخاف دركا قال المبرد ومن قرأ {لا تخاف دركا ولا تخشى} فعلى ضربين كما قال سيبويهٍ أي اضرب لهم طريقا غير خائف ولا خاش فيكونان في موضع الحال كقولك انطلق تتكلّم يا فتى أي متكلما فامض لا تخاف يا فتى أي غير خائف والضّرب الثّاني أن يكون على القطع ممّا قبله فيكون تقديره واضرب لهم
[حجة القراءات: 459]
طريقا ثمّ أخبر فقال أنت غير خائف ولا خاش أي لست تخاف). [حجة القراءات: 460]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (23- قوله: {لا تخاف دركًا} قرأه حمزة بالجزم على أنه جواب {فاضرب} ورفع {تخشى} على أنه نفي، أي: ولست تخشى، وقرأ الباقون بالرفع على أنه حال من موسى عليه السلام على تقدير: اضرب لهم طريقًا غير خائف ولا خاشيًا، وهو الاختيار؛ لأن الجماعة عليه، وبرفع {لا تخشى}
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/102]
بإجماع، فهو مثل ما قبله). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/103]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (17- {أَنْ آسْرِ بِعِبَادِي}[آية/ 77] بوصل الألف من {أَسْرِ}، وكسر النون من {أَنِ}:
قرأها ابن كثير ونافع.
وقرأ الباقون {أَنْ أَسْرِ}بقطع الألف
والوجه أن سرى وأسرى لغتان، وقد تقدم القول فيهما). [الموضح: 846]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (18- {لاَّ تَخَفُ دَرَكًا}[آية/ 77] بالجزم من {تَخَفُ}:
قرأها حمزة وحده.
والوجه أن {لاَّ تَخَفُ}جزم على جواب الأمر، وهو قوله {فَاضْرِب}والتقدير: فاضرب لهم طريقًا فإنك إن تضرب لا تخف.
وقوله {لا تَخْشَى}يجوز أن يكن مقطوعًا من الأول، كأنه قال: إن تضرب لا تخف دركًا وأنت لا تخشى.
ويجوز أن يكون {تَخْشَى}مجزومًا أيضًا، إلا أنه أشبعت الفتحة منه فحصل منها ألف، فصار {لا تَخْشَى}؛ لأنه في فاصلة، كما قال {فَأَضَلُّونَا السَّبِيلاْ}وحمله على نحو قوله:
96- ألم يأتيك والأنباء تنمي
مما ذكرناه،
قيل: يضعف؛ لأن ذلك بابه الشعر.
[الموضح: 846]
وقرأ الباقون {لا تَخَافْ}بالألف مرفوعة.
والوجه أنه فعل مضارع وقع موقع الحال من الفاعل، والتقدير: اضرب لهم طريقًا غير خائفٍ ولا خاشٍ.
ويجوز أن يكون على القطع مما قبله، والتقدير أنت لا تخاف دركًا ممن خلفك ولا تخشى غرقًا من بين يديك). [الموضح: 847]

قوله تعالى: {فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ (78)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (19- وقوله [تعالى]: {فأتبعهم} [78] بقطع الألف عليه سائر القراء.
وروى بالوصل، والتشديد عن نافع.
فمن قطع أراد: ألحقهم ولحقهم. ومن وصل أراد:؛ تبعهم، وسار في أثرهم، لقول العرب: تبعت زيدًا: سرت في أثره. واتبعته: لحقه). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/47]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: روى عبيد (فاتبعهم) [طه/ 78] وحدها موصول في هذا، وكلّ شيء في القرآن فأتبعهم. وقرأ: فأتبعوهم مشرقين [الشعراء/ 60] مقطوع الألف.
وعبيد عن هارون عن أبي عمرو (فاتّبعهم فرعون) موصولة، وكلّ شيء في القرآن فأتبعوهم مقطوع.
قال أبو علي: الباء الجارة على هذا معدية الفعل إلى المفعول لأنك تقول: تبعته واتبعته كما تقول: شويته واشتويته، وحفرته
[الحجة للقراء السبعة: 5/240]
واحتفرته، وفديته وافتديته، فإذا استوفيت المفعول الذي يتعدّى إليه الفعل. فعدّيته إلى آخر عدّيته بالجار. ومن قطع الهمزة هنا، فقال: فأتبعهم فرعون بجنوده فالباء زائدة في قوله، لأنّ أتبعهم منقول من تبعهم، وتبع يتعدى إلى مفعول واحد، فإذا نقلته بالهمزة تعدّى إلى آخر كقوله: وأتبعوا في هذه لعنة [هود/ 99] فإذا كان كذلك جعلت الباء زائدة كما تزاد في كثير من المفعولات، نحو: لا يقرأن بالسور وقد يجوز أن تكون هذه الباء في موضع حال من الفاعل، كأنه اقتصر بالفاعل على فعله ولم يعدّه إلى مفعوليه اللذين يتعدى فعله إليهما فصار مثل: تبعه زيد بسلاحه، وقد تقدم ذكر هذه الكلمة). [الحجة للقراء السبعة: 5/241]

قوله تعالى: {وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى (79)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 05:44 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة طه

[ من الآية (80) إلى الآية (82) ]
{يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى (80) كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى (81) وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى (82)}

قوله تعالى: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى (80)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (قد أنجيناكم من عدوّكم وواعدناكم (80)
و (رزقناكم (81)
[معاني القراءات وعللها: 2/155]
قرأ حمزة والكسائي (أنجيتكم) (ووعدتكم) و: (رزقتكم) ثلاثتهن بالتاء، وقرأ الباقون بالنون والألف.
قال أبو منصور: هذه الأفعال كلها للّه، يجوز فيها التوحيد والجمع، فما كان منه (فعلنا) فهو بأعوانه، وما كان منه (فعلت) فهو ما تفرد به). [معاني القراءات وعللها: 2/156] (م)
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (20- وقوله تعالى: {قد أنجيناكم من عدوكم ووعدناكم} [80]، قرأ حمزة والكسائي {قد أنجيناكم من عدوكم وواعدتكم} بالتاء، الله تعالى يخبر عن نفسه.
وقرأ الباقون {أنجيناكم} بالألف، والنون {وواعدناكم} بلفظ الجماعة. وإن كان الله تعالى هو المخبر عن نفسه. إلا أن الملك والرأس، والرئيس، والعالم يخبرون عن أنفسهم بلفظ الجماعة، والله تعالى ملك الأملاك. ألا ترى أن العبد لما سأل ربه فقال: {رب ارجعون * لعلي أعمل صالحًا} ولم يقل رب ارجعني، قال الشاعر:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/47]
يا رب لا تجعل له سبيلاً
على الذي جعلته مأهولا
قد كان بانيه لكم خليلا
ولم يقل: لك، إلا أبا عمرو فإنه قرأ {ووعدتكم} بغير ألفٍ. والباقون {وواعدنكم} بألفٍ وقد ذكر علته في (البقرة) ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/48]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله عز وجل: قد أنجيناكم... وواعدناكم... ما رزقناكم... [طه/ 80، 81].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وعاصم الثلاثة الأحرف بالنون.
وقرأ أبو عمرو وحده: (ووعدناكم) بغير ألف في كلّ القرآن.
وقرأهنّ حمزة والكسائى بالتاء.
حجة: (وعدناكم) أنّ ذلك يكون من الله سبحانه. وقال أبو
[الحجة للقراء السبعة: 5/241]
الحسن: زعموا أن واعدناكم لغة في معنى وعدناكم، وإذا كان كذلك فاللفظ لا يدلّ على أن الفعل من الاثنين، كما أن استسحر واستقرّ، ونحو ذلك من بناء استفعل، لا يدلّ على استدعاء، والقراءة بوعد أحسن، لأن واعد بمعنى وعد، ويعلم من وعد أنه فعل واحد لا محالة، وليس واعد كذلك، والأخذ بالأبين أولى.
وحجة من قرأ: (أنجيناكم... ووعدناكم) قوله: ونزلنا عليكم المن [طه/ 80] واتفاقهم في ذلك على إسناد الفعل إلى اللفظ الدالّ على الكثرة، وفي أخرى: وإذ أنجيناكم من آل فرعون [الأعراف/ 141] ). [الحجة للقراء السبعة: 5/242] (م)
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({يا بني إسرائيل قد أنجيناكم من عدوكم وواعدناكم جانب الطّور الأيمن ونزلنا عليكم المنّ والسلوى * كلوا من طيّبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى} 80 و81
قرأ حمزة والكسائيّ (قد أنجيتكم من عدوكم وواعدتكم) بالتّاء على التّوحيد وحجتهما أن الخبر أخرج فيما ختم به الكلام على التّوحيد في قوله تعالى {فيحل عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي} فكان إلحاقه ما تقدمه بلفظه أولى من صرفه عنه ليكون الكلام خارجا عن نظام واحد
وقرأ الباقون بألف ونون وحجتهم إجماع الجميع على قوله {فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون} وقوله {ونزلنا عليكم المنّ والسلوى} وهن في سياقه وهن أقرب إليه من قوله {غضبي} فإلحاقه بما قرب منه أولى
قرأ الكسائي {فيحل عليكم غضبي ومن يحلل} بضم الحاء الحرف الأول وبضم اللّام في الحرف الثّاني المعنى فينزل عليكم غضبي يقال حل يحل إذا نزل
وقرأ الباقون {فيحل} و(من يحلل) بكسر الحاء واللّام
[حجة القراءات: 460]
أي يجب عليكم غضبي وحجتهم إجماع الجميع على قوله بعدها {أم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم} ). [حجة القراءات: 461] (م)
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (24- قوله: {قد أنجيناكم} {وواعدناكم}، {ما رزقناكم} قرأه حمزة والكسائي بالتاء في الثلاثة، على لفظ الواحد المخبر عن نفسه، وقرأ الباقون بنون وألف، على لفظ الجماعة المخبرين عن أنفسهم.
وحجة من قرأ بالتاء أنه حمله على ما بعده من قوله:{فيحل عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي} «81»، وقوله: {وإني لغفار} «82»، فلما أتى ذلك على الإخبار عن الواحد، جرى ما قبله على ذلك في لفظ التوحيد، ليتسق الكلام على نظام واحد.
25- وحجة من قرأه على لفظ الجمع إجماعهم على لفظ الجمع في قوله: {فأنجيناكم وأغرقنا} «البقرة 50»، {وإذ نجيناكم} «البقرة 49»، {ونزلنا عليكم} «طه 80» وهو كثير في القرآن، وهو أفخم، وفيه معنى التعظيم للمخبر عن نفسه، وهو الاختيار؛ لأن الأكثر عليه، وقد مضى له نظائر، وقد تقدم ذكر {وواعدناكم} وعلته). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/103] (م)
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (19- {قَدْ أَنجَيْتُكُم مِّنْ عَدُوِّكُمْ ووَاعَدْتُكُمْ}[آية/ 80]، {مَا رَزَقْتُكُمْ}[آية/ 81] بالتاء فيهن:
قرأها حمزة والكسائي.
والوجه أنه على إخبار الله تعالى عن نفسه بأنه فعل بهم هذه الأشياء، والإخبار عن فعل النفس يكون بالتاء.
وقرأ الباقون {أَنجَيْنَاكُم}، {ووَاعَدْنَاكُمْ}، {مَا رَزَقْنَاكُمْ}بالنون والألف فيهن على الفظ الجمع.
والوجه أنه إخبار عن النفس أيضًا على سبيل التعظيم، وقد سبق كثيرٌ من أمثاله. ويقوي لفظ الجمع اتفاقهم في قوله تعالى {ونَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ المَنَّ والسَّلْوَى}على الجمع). [الموضح: 847] (م)

قوله تعالى: {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى (81)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (قد أنجيناكم من عدوّكم وواعدناكم (80)
و (رزقناكم (81)
[معاني القراءات وعللها: 2/155]
قرأ حمزة والكسائي (أنجيتكم) (ووعدتكم) و: (رزقتكم) ثلاثتهن بالتاء، وقرأ الباقون بالنون والألف.
قال أبو منصور: هذه الأفعال كلها للّه، يجوز فيها التوحيد والجمع، فما كان منه (فعلنا) فهو بأعوانه، وما كان منه (فعلت) فهو ما تفرد به). [معاني القراءات وعللها: 2/156] (م)
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فيحلّ عليكم غضبي ومن يحلل عليه. (81)
قرأ الكسائي وحده (فيحلّ... ومن يحلل) بضم الحاء واللام الأول من (يحلل) وقرأ الباقون بكسر الحاء واللام.
قال أبو منصور: من قرأ (فيحل) و(يحلل) فهو من الحلول، وهو: النزول، ومن قرأ (فيحل و(يحلل) فهو بمعنى: يجب.
وقال الفراء: جاء التفسير بالوجوب لا بالوقوع، قال: وكلٌّ صواب). [معاني القراءات وعللها: 2/156]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (22- وقوله تعالى: {فيحل عليكم غضبي} [81].
قرأ الكسائي وحده: {فيحل عليكم} بالضم، {ومن يحلل} بالضم أيضًا.
وقرأ الباقون بالكسر فيهما {فيحل} ومن {يحلل}، وهو الاختيار؛ لإجماع الجميع على قوله: {أم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم} بكسر الحاء، فذاك مثله. والعرب تفرق بين الضم والكسر. حل يحل: نزل ووقع، وحل يحل: وجب عليه العذاب، والأمر بينهما قريب.
فإن سأل سائل، لم أدغمت القراء اللام في {أن يحل}، وأظهروه في {يحلل}؟
فالجواب في ذلك أن {ومن يحلل} جزم بالشرط. وعلامة الجزم
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/48]
سكون اللام الثانية، وإذا اجتمع حرفان والثاني ساكن لم يجز الإدغام نحو: امدد أحلل، مددت، حللت. وإذا اجتمع متحركان أسكنت وأدغمت. والأصل أن يحلل عليكم فنقلت ضمة اللام إلى الحاء، وأدغمت. فاعرف ذلك). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/49]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله عز وجل: قد أنجيناكم... وواعدناكم... ما رزقناكم... [طه/ 80، 81].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وعاصم الثلاثة الأحرف بالنون.
وقرأ أبو عمرو وحده: (ووعدناكم) بغير ألف في كلّ القرآن.
وقرأهنّ حمزة والكسائى بالتاء.
حجة: (وعدناكم) أنّ ذلك يكون من الله سبحانه. وقال أبو
[الحجة للقراء السبعة: 5/241]
الحسن: زعموا أن واعدناكم لغة في معنى وعدناكم، وإذا كان كذلك فاللفظ لا يدلّ على أن الفعل من الاثنين، كما أن استسحر واستقرّ، ونحو ذلك من بناء استفعل، لا يدلّ على استدعاء، والقراءة بوعد أحسن، لأن واعد بمعنى وعد، ويعلم من وعد أنه فعل واحد لا محالة، وليس واعد كذلك، والأخذ بالأبين أولى.
وحجة من قرأ: (أنجيناكم... ووعدناكم) قوله: ونزلنا عليكم المن [طه/ 80] واتفاقهم في ذلك على إسناد الفعل إلى اللفظ الدالّ على الكثرة، وفي أخرى: وإذ أنجيناكم من آل فرعون [الأعراف/ 141] ). [الحجة للقراء السبعة: 5/242] (م)
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله: فيحل عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي [طه/ 81].
فقرأ الكسائي وحده: (فيحلّ عليكم) بضم الحاء، (ومن يحلل) بضم اللام.
وقرأ الباقون: فيحل، ومن يحلل عليه). [الحجة للقراء السبعة: 5/242]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({يا بني إسرائيل قد أنجيناكم من عدوكم وواعدناكم جانب الطّور الأيمن ونزلنا عليكم المنّ والسلوى * كلوا من طيّبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى} 80 و81
قرأ حمزة والكسائيّ (قد أنجيتكم من عدوكم وواعدتكم) بالتّاء على التّوحيد وحجتهما أن الخبر أخرج فيما ختم به الكلام على التّوحيد في قوله تعالى {فيحل عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي} فكان إلحاقه ما تقدمه بلفظه أولى من صرفه عنه ليكون الكلام خارجا عن نظام واحد
وقرأ الباقون بألف ونون وحجتهم إجماع الجميع على قوله {فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون} وقوله {ونزلنا عليكم المنّ والسلوى} وهن في سياقه وهن أقرب إليه من قوله {غضبي} فإلحاقه بما قرب منه أولى
قرأ الكسائي {فيحل عليكم غضبي ومن يحلل} بضم الحاء الحرف الأول وبضم اللّام في الحرف الثّاني المعنى فينزل عليكم غضبي يقال حل يحل إذا نزل
وقرأ الباقون {فيحل} و(من يحلل) بكسر الحاء واللّام
[حجة القراءات: 460]
أي يجب عليكم غضبي وحجتهم إجماع الجميع على قوله بعدها {أم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم} ). [حجة القراءات: 461] (م)
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (24- قوله: {قد أنجيناكم} {وواعدناكم}، {ما رزقناكم} قرأه حمزة والكسائي بالتاء في الثلاثة، على لفظ الواحد المخبر عن نفسه، وقرأ الباقون بنون وألف، على لفظ الجماعة المخبرين عن أنفسهم.
وحجة من قرأ بالتاء أنه حمله على ما بعده من قوله:{فيحل عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي} «81»، وقوله: {وإني لغفار} «82»، فلما أتى ذلك على الإخبار عن الواحد، جرى ما قبله على ذلك في لفظ التوحيد، ليتسق الكلام على نظام واحد.
25- وحجة من قرأه على لفظ الجمع إجماعهم على لفظ الجمع في قوله: {فأنجيناكم وأغرقنا} «البقرة 50»، {وإذ نجيناكم} «البقرة 49»، {ونزلنا عليكم} «طه 80» وهو كثير في القرآن، وهو أفخم، وفيه معنى التعظيم للمخبر عن نفسه، وهو الاختيار؛ لأن الأكثر عليه، وقد مضى له نظائر، وقد تقدم ذكر {وواعدناكم} وعلته). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/103] (م)
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (26- قوله: {فيحل عليكم غضبي ومن يحلل} قرأهما الكسائي بضم الحاء، من «يحل» وضم اللام الأولى من {يحلل} وقرأ الباقون بكسر الحاء، من «يحل»، وكسر اللام الاولى، وكلهم كسر الحاء في قوله: {أن يحل عليكم غضب} «طه 86».
وحجة من كسر الحاء واللام أنه بناه على «فعل يفعل» لغة مسموعة حكى أبو زيد: حل عليه أمر الله يحل، وقد أجمعوا على الكسر في قوله: {ويحل عليه عذابٌ مقيم} «هود 39»، ومثله {أن يحل عيكم غضب} «27» وحجة من ضم أنه بناه على «فعل يفعل» جعله بمنزلة
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/103]
ما يحل في مكان، حكى أبو زيد وغيره: حل في المكان يحل حلًا، إذا نزل به، وحل عليه أمر الله يحل حلولًا، وحل العقدة يحلها حلًا، وحل الصوم له يحل حلًا، وحل حقي على فلان، يحل محلًا، وأحل الله كذا إحلالا واحل من إحرامه إحلالا). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/104]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (19- {قَدْ أَنجَيْتُكُم مِّنْ عَدُوِّكُمْ ووَاعَدْتُكُمْ}[آية/ 80]، {مَا رَزَقْتُكُمْ}[آية/ 81] بالتاء فيهن:
قرأها حمزة والكسائي.
والوجه أنه على إخبار الله تعالى عن نفسه بأنه فعل بهم هذه الأشياء، والإخبار عن فعل النفس يكون بالتاء.
وقرأ الباقون {أَنجَيْنَاكُم}، {ووَاعَدْنَاكُمْ}، {مَا رَزَقْنَاكُمْ}بالنون والألف فيهن على الفظ الجمع.
والوجه أنه إخبار عن النفس أيضًا على سبيل التعظيم، وقد سبق كثيرٌ من أمثاله. ويقوي لفظ الجمع اتفاقهم في قوله تعالى {ونَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ المَنَّ والسَّلْوَى}على الجمع). [الموضح: 847] (م)
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (20- {فَيَحُلَّ}بضم الحاء، {ومَن يَحْلِلْ}بضم اللام الأولى [آية/ 81]:
قرأها الكسائي وحده.
والوجه أنه من قولهم: حل بالمكان إذا نزل يحل بضم الحاء، ويستعمل في العذاب، فيقال: حل به العذاب، كما يستعمل فيه لفظ نزل، قال الله تعالى {تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ}، وأجرى الغضب مجرى العذاب لما كان يتبعه من العذاب، فاستعمل فيه لفظ الحلول.
وقرأ الباقون {فَيَحُلَّ}بكسر الحاء، {ومَن يَحْلِلْ}بكسر اللام الأولى. وكلهم قرأ {ومَن يَحْلِلْ}بكسر الحاء.
والوجه أنه من قولهم حل الشيء إذا وجب، يحل بالكسر، وقال أبو زيد: حل أمر الله يحل بالكسر حلولا وحل الدار يحلها بالضم حلولاً أيضًا إذا نزل.
ويقوي وجه الكسر اتفاقهم في قوله تعالى {ويَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ}على الكسر.
وقيل هو من قولهم حل الشيء خلاف حرم يحل بالكسر حلالاً). [الموضح: 848]

قوله تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى (82)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 05:53 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة طه

[ من الآية (83) إلى الآية (89) ]
{وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى (83) قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (84) قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (85) فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي (86) قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ (87) فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ (88) أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا (89)}

قوله تعالى: {وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى (83)}

قوله تعالى: {قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (84)}

قوله تعالى: {قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (85)}

قوله تعالى: {فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي (86)}
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (ولم يختلفوا في قوله: أن يحل عليكم غضب من ربكم [طه/ 86] أنها بكسر الحاء.
أبو زيد تقول: قد حلّ عليه أمر الله يحلّ حلولا، وحلّ الدار يحلّها حلولا: إذا نزلها، وحلّ العقدة يحلّها حلا. وحلّ له الصوم يحلّ له حلّا، وأحلّه له إحلالا، وحل حقي عليه يحل محلا وأحل من إحرامه إحلالا، وحل يحل حلا.
وجه قراءة من قرأ: (يحلّ) بكسر الحاء أنه
روى في زمزم:
[الحجة للقراء السبعة: 5/242]
«أنه لشارب حلّ وبلّ»
أي: مباح له غير محظور عليه، ولا ممنوع منه، والحلّ والحلال في المعنى مثل المباح، فهو خلاف الحظر والحجر والحرام، والحرم، فهذه الألفاظ معناها المنع، وهي خلاف الحلّ والحلال الذي هو الإباحة والتوسعة، والإباحة: من باح بالسر والأمر يبوح به، إذا لم يجعل دونه حظرا، والمحلّ خلاف المحرم، فمعنى يحلّ عليكم: ينزل بكم وينالكم بعد ما كان ذا حظر وحجر ومنع عنكم. ويبين ذلك ما حكاه أبو زيد من قولهم: حلّ عليه أمر الله يحلّ، والأمر قد جاء في التنزيل يراد به العذاب، قال: أتى أمر الله فلا تستعجلوه [النمل/ 1] فهذا يعنى به العذاب لقوله: يستعجلونك بالعذاب [العنكبوت/ 54] وقال: أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا [يونس/ 24] ويقوّي ذلك قوله: ويحل عليه عذاب مقيم [هود/ 39] أي: ينزل به بعد أن لم يكن كذلك، ولم يختلفوا في هذا الحرف فيما زعموا، وهذا بمنزلة قوله: أن يحل عليكم غضب من ربكم [طه/ 86] في أنه يحلّ بالكسر.
ووجه من قال: (يحلّ عليكم غضبي) أنّ الغضب لما كان يتبعه العقوبة والعذاب جعله بمنزلة العذاب فقال: يحلّ أي: ينزل، فجعله بمنزلة قولهم: حلّ بالمكان يحلّ، وعلى هذا جاء: تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريبا من دارهم [الرعد/ 31] فكما أن هذا عذاب، فأخبر عنه بأنّه يحلّ، كذلك أخبر عن الغضب بمثله، فجعله بمنزلته لأنه يتبعه ويتصل به). [الحجة للقراء السبعة: 5/243]

قوله تعالى: {قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ (87)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ما أخلفنا موعدك بملكنا (87)
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر ويعقوب (بملكنا) بكسر الميم، وقرأ نافع وعاصم (بملكنا) بفتح الميم.
وقرأ حمزة والكسائي (بملكنا) بضم الميم.
[معاني القراءات وعللها: 2/156]
قال أبو منصور: من قرأ (بملكنا) فإن الفراء قال: هو في التفسير: أنّا لم نملك الصواب، إنّما أخطأنا.
قال: ومن قرأ (بملكنا) فهو ملك الرجل، تقول لكل شيء ملكته: هذا ملك يميني.
وقال: الملك: ما ملكته ملكا وملكةً، مثل: غلبته غلبا وغلبة، على المصدر.
قال أبو معاذ النحوي: من قرأ (بملكنا) فمعناه: بقدرتنا.
ومن قرأ (بملكنا) فمعناه: بسلطاننا.
وقال الزجاج نحوًا منه.
وقال: يجوز الضم والكسر والفتح في الميم، فأصل الملك: السلطان والقدرة.
والملك: ما حوته اليد، والملك: مصدر قولك: ملكت الشيء أملكه ملكا). [معاني القراءات وعللها: 2/157]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (حملنا أوزارًا (87)
قرأ أبو عمرو وأبو بكر عن عاصم وحمزة والكسائي مفتوحة الحاء والميم خفيفة.
وقرأ الباقون (حمّلنا) بضم الحاء وتشديد الميم.
وروى أبو حاتم الرازي عن أبي زيد عن أبي عمرو (حملنا) و(حمّلنا) بالوجهين، وقال: هما سواء.
قال أبو منصور: هما كما قال أبو عمرو سواء في مرجع المعنى إليه، غير أن (حملنا) فعلنا، و(حمّلنا) على لفظ فعّلنا، و(حمّلنا) بتشديد الميم على ما لم يسم فاعله، وفي التفسير: إنهم كانوا أخذوا من قوم فرعون من قذفهم البحر من الذهب
[معاني القراءات وعللها: 2/157]
والفضة فألقوه في النّار، فلما خلصت الفضة والذهب صوّره السامريّ عجلاً - وكان أخذ قبضة من أثر فرس كان تحت جبريل - عليه السلام -
قال السامري: قذف في نفسي أني إن ألقيت تلك القبضة في أنف الثور حيي وخار، كذلك قوله (وكذلك سوّلت لي نفسي (96) ). [معاني القراءات وعللها: 2/158]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (23- وقوله تعالى: {ما أخلفنا موعدك بملكنا} [87].
قرأ نافع، وعاصم بفتح الميم، وقرأ حمزة، والكسائي {بملكنا} بضم الميم.
وقرأ الباقون {بملكنا} بكسر الميم. فمن فتح جعله مصدرًا لملكت، أملك، ملكًا مثل ضربت، أضرب، ضربًا. ومن ضم أراد به السلطان؛ لأن الملك السلطان، والملك: اسم لكل مملوك يقال: هذه الدار ملكي، والدار مملوكة، وهذا الغلام مملوك، وأنا ملكها. وبعض العرب تقول: هذا الغلام بملكي، يريد: ملكي. ويقال لوسط الطريق: ملك، مشيت في ملك الطريق. وسننه، وسننه، وسجحه، ومعظمه، وسراته. وفي بحبوحته، وثكمه، وكثمه. ومن ذلك الحديث: «لا تمشين امرأة في سراة الطريق» أي في معظمه، ووسطه. ولكنها تمشي عجره، أي ناحيته، فأما قولهم: ملكت العجين ملكًا، وأملكته إملاكًا، فمعناه: جودت عجنه. تقول
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/49]
العرب: «أملاك العجين أحد الريعين» أي الزيادتين، «واللبن أحد اللحمين»، «وخفة العيال أحد اليسارين». فأما قولهم: كنا في إملاك فلان، فإنه يقال: أملكت الجارية، وملكتها، بمعنى، قال: وسمعت أعرابيًا يقول: ارحموا من لا ملك له يريد لا ملك له). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/50]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (24- وقوله تعالى: {ولكنا حملنا} [87].
قرأ ابن كثيرٍ وابن عامرٍ ونافع وحفص عن عاصمٍ: {حملنا} بالضم وقرأ الباقون بالفتح، وهو الاختيار لقوله: {فقذفنها} فكذلك حملنا، فقذفناه. والأول على ما لم يسم فاعله. ووجهه أي: أمر بحملها وحملت إلى السامري، فما لم يسم السامري رفعت المفعول وضممت أول الفعل). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/50]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله تعالى: موعدك بملكنا [طه/ 87] في ضم الميم وكسرها وفتحها.
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر: (بملكنا) بكسر الميم.
وقرأ نافع وعاصم بملكنا بفتح الميم.
وقرأ حمزة والكسائي: (بملكنا) بضم الميم. القطعي عن عبيد عن هارون عن أبي عمرو بملكنا.
قال أبو علي: هذه لغات، وزعموا أن الكسر أكثر في القراءة، والفتح لغة فيه، المعنى: ما أخلفنا موعدك بملكنا الصواب، ولكن لخطئنا، فأضاف المصدر إلى الفاعل وحذف المفعول، كما أنه قد يضاف إلى المفعول ويحذف الفاعل في نحو: من دعاء الخير [فصلت/ 49] و (سؤال نعجتك) [ص/ 24].
وأما من قال: ما أخلفنا موعدك بملكنا فإنه لا يخلو من أن يريد به مصدر الملك: أو يكون لغة في مصدر المالك، فإن أريد بالملك مصدر الملك فالمعنى لم يكن لنا ملك فنخلف موعدك لمكان ملكنا، وهذا على هذا التقدير كقوله: لا يسألون الناس إلحافا [البقرة/ 273] أي: ليس منهم مسألة فيكون منهم إلحاف فيها، ليس على أنه أثبت ملكا، كما أنه لم يثبت في قوله: لا يسألون الناس إلحافا مسألة منهم، ومثله قول ابن أحمر:
لا يفزع الأرنب أهوالها... ولا ترى الضّبّ بها ينجحر
[الحجة للقراء السبعة: 5/244]
أي: ليس لها أرنب فيفزع لهولها، ومثله:
وبلدة لا يستطيع سيدها... حسرى الأراكيب ولا يهيدها
ومثله قول ذي الرمة:
لا تشتكى سقطة منها وقد رقصت... بها المفاوز حتّى ظهرها حدب
أي: ليس منها سقطة فتشتكى، ولا يجوز أن يراد به تثبيت الملك الذي هو مصدر الملك، لأنهم لم يكن لهم ملك بل كانوا مستضعفين قال: ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض [القصص/ 5] قال: وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها [الأعراف/ 137]. وأظنّ أنّ أبا الحسن حكى أنّ الملك مصدر في المالك، وحكى غير أبي الحسن: أن بعضهم قال:
ما لي ملك، يريد: شيئا أملكه، وقد يكون الملك: الشيء المملوك، والملك: المصدر، مثل الطّحن والطحن، والسّقي والسّقي. وقد يجوز في قراءة من قرأ (بملكنا) أن تقدّر حذف المفعول وتعمله إعمال المصدر، كما قال:
وبعد عطائك المائة الرّتاعا). [الحجة للقراء السبعة: 5/245]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله تعالى: ولكنا حملنا [طه/ 87] في ضم الحاء وتشديد الميم، وفتحها وتخفيف الميم.
[الحجة للقراء السبعة: 5/245]
فقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر وحفص عن عاصم: حملنا بضم الحاء مشدّدة الميم.
وقرأ عاصم في رواية أبي بكر وأبو عمرو وحمزة والكسائي: (حملنا) خفيف. وقال أبو زيد عن أبي عمرو: (حملنا) وحملنا.
قال أبو علي: حمل الإنسان الشيء وحمّلته إياه، يتعدّى الفعل إلى مفعول واحد، فإذا ضاعفت العين عدّيته إلى المفعولين، قال: مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها [الجمعة/ 5] والحمل: المصدر، والحمل: المحمول، وفي التنزيل فأبين أن يحملنها...
وحملها الإنسان [الأحزاب/ 72] كأنّه: أبين أن لا يؤدّين الأمانة فيما استؤمنّ فيه، وحملها الإنسان أي: لم يؤدّها، لأن حمل الحامل الشيء إمساك وخلاف لأدائه، فكأنه لم يؤدّ الأمانة، وكأن المعنى: على أهل السموات وأهل الأرض وأهل الجبال وأشفقن منها أي: من حمل الأمانة، فحذف المضاف. وما روى في الحديث: (أنه إذا كان الماء قلّتين أو خمس قلال لم يحمل خبثا). معناه أنه لقلّته يضعف عن أن يحتمل النجس، فينجس لأنّه لا يحتمله كما يحتمله الكثير الذي بخلافه، وقالوا: احتمل الشيء وحمله: إذا اضطلع به وقوى عليه، أنشد الأصمعي:
واحتمل اليتم فريخ التمره... ونشر اليسروع بردي حبره
[الحجة للقراء السبعة: 5/246]
المعنى: أنه استقلّ بنفسه، واحتمل طلب قوته وفارق ما كان عليه من التيم في حاجته إلى الكاسب له، فمن قرأ حملنا كان المعنى عنده: جعلونا نحمل أوزار القوم و (حملنا) على ذلك وأردنا له. ومن قال: (حملنا) أراد أنّهم فعلوا ذلك، وقد يجوز إذا قرأ (حملنا) أن يكونوا حملوا على ذلك وكلّفوه لأنهم إذا حمّلوه حملوه). [الحجة للقراء السبعة: 5/247]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا ولكنّا حملنا أوزارا من زينة القوم فقذفناها} 87
قرأ نافع وعاصم {بملكنا} بفتح الميم على المصدر تقول ملكت أملك ملكا وملكا أيضا كما تقول ضربت أضرب ضربا قال حمد بن يزيد المبرد المصدر الصحيح هو الفتح والكسر كأنّه اسم المصدر وكلاهما حسن وكأن المعنى والله أعلم ما أخلفناه بأن ملكنا ذلك ملكا وملكا
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر {بملكنا} بكسر الميم أي ما أخلفنا بقوتنا أي بما ملكناه والملك اسم لكل مملوك يملكه الرجل تقول هذه الدّار ملكي وهذا الغلام ملكي قال الزّجاج الملك ما حوته اليد وقد يجوز أن يكون مصدر ملكت الشّيء ملكا
وقرأ حمزة والكسائيّ {بملكنا} بضم الميم أي سلطاننا أي لم يكن لنا سلطان وقدرة على أخلافك الوعد
[حجة القراءات: 461]
قرأ أبو عمرو وحمزة وأبو بكر والكسائيّ {ولكنّا حملنا} بالتّخفيف وذلك أن القوم حملوا ما كان معهم من حلي آل فرعون وحجتهم قوله {فقذفناها} وكذلك {حملنا} فيكون الفعل مسندًا إليهم كما أن قذفنا مسند إليهم
قرأ نافع وابن كثير وابن عامر وحفص {حملنا} على ما لم يسم فاعله أي أمرنا بحملها وحملنا السامري تقول حملني فلان كذا أي كلفك حمله فلمّا لم يسم السامري رفعت المفعول وضممت أولا الفعل). [حجة القراءات: 462]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (28- قوله: {بملكنا} قرأه نافع وعاصم بفتح الميم، وقرأ حمزة والكسائي بضم الميم، وقرأ الباقون بكسرها، وهي كلها لغات، وهو مصدر، إلا أن الملك بالضم مصدر من قلهم: هو ملك بين الملك، و«الملك» بالكسر مصدر من قولهم: هو مالك بين المالك، و«الملك» بالفتح لغة في مصدر «مالك» وهذا المصدر مضاف إلى الفاعل في جميع الوجوه، وهو النون والألف، والمفعول محذوف، وتقديره: ما أخلفنا موعدك بملكنا، والصواب: لكن أخلفنا بخطيئتنا). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/104]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (29- قوله: {ولكنا حملنا} قرأ الحرميان وحفص وابن عامر بضم الحاء وكسر الميم مشددًا، وقرأ الباقون بفتح الحاء، والميم مخففًا.
وحجة من شدد وضم الحاء أنه بناه للمفعول الذي لم يسم فاعله، فأضافه إليهم؛ لأنهم ادعوا أن غيرهم حملهم على ما صاغوا منه العجل، فقاموا عند حذف الفاعل مقام الفاعل، وشدد الفعل ليصير رباعيًا، فيتعدى بالتشديد إلى مفعولين: أحدهما «الذين» أي قام مقام الفاعل، وهم المخبرون عن أنفسهم أنهم حملوا على ذلك، والثاني «الأوزار»، ويقوي ذلك
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/104]
إجماعهم على الضم والتشديد في قوله: {حملوا التوراة} «الجمعة 5»، والاختيار الضم؛ لأن الحرمين عليه وغيرهما.
30 – وحجة من فتح الحاء وخفف أنه أضاف الحمل إلى المخبرين عن أنفسهم، وأخبر عنهم أنهم هم حملوا أنفسهم على ما صاغوا منه العجل وقوى ذلك أن الفعل بعده مضاف إليهم في قوله: {فقذفناهم}، ولم يشدد لأنه جعله ثلاثيًا، لا يتعدى إلا إلى مفعول واحد، وهو «الأوزار» ويقويه أيضًا إجماعهم على قوله: {ليحملوا أوزارهم} «النحل 35» قوله: {وحملها الإنسان} «الأحزاب 72» وقد تقدم ذكر {يبنؤم} «94»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/105]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (21- {بِمَلْكِنَا}[آية/ 87] بفتح الميم:
قرأها نافع وعاصم.
وقرأ حمزة والكسائي {بِمَلْكِنَا}بضم الميم.
[الموضح: 848]
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر ويعقوب {بِمَلْكِنَا}بكسر الميم.
والوجه في القراءات الثلاث أنها كلها لغات، يقال ملكت الشيء ملكًا وملكًا وملكًا بالحركات الثلاث في الميم.
وقال بعضهم: الكسر في مصدر المالك أكثر، والفتح لغة فيه قليلة، وأمًا الملك بالضم فإنه مصدر الملك بكسر اللام، والمعنى في الكسر والفتح: ما أخلفنا موعدك بملكنا الصواب، لكن بالخطأ، والمعنى في الضم أنه لم يكن لنا ملك فنخلف موعدك لمكان ملكنا، بل كنا مستضعفين). [الموضح: 849]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (22- {حُمِّلْنَا}[آية/ 87] بضم الحاء وتشديد الميم وكسرها:
قرأها ابن كثير ونافع وابن عامر وعاصم- ص- ويعقوب- يس-.
والوجه أنه منقول بالتضعيف من حملت الشيء، فصار بالنقل يتعدى إلى مفعولين، ثم جعل الفعل لما لم يسم فاعله، فصار الفعل مسنداً من المفعول الأول، فارتفع واتصل بالفعل، وهو ضمير جماعة المخبرين، ثم انتصب المفعول الثاني على أصله وهو قوله {أَوْزَارًا}والمعنى جعلنا نحمل أوزار القوم.
وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي وعاصم- ياش- ويعقوب- ح- و- ان- {حُمِّلْنَا}بفتح الحاء والميم، مخففة.
والوجه أن المراد أنهم فعلوا ذلك، فالفعل مسند إلى الفاعلين وهو متعدٍ إلى مفعول واحد، وضمير جماعة المخبرين مرفوع بأنه فاعل، وقوله
[الموضح: 849]
{أَوْزَارًا}منصوب بأنه مفعول به). [الموضح: 850]

قوله تعالى: {فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ (88)}

قوله تعالى: {أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا (89)}


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 05:54 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة طه

[ من الآية (90) إلى الآية (94) ]
{وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (90) قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى (91) قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92) أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (93) قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (94)}

قوله تعالى: {وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (90)}

قوله تعالى: {قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى (91)}

قوله تعالى: {قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92)}

قوله تعالى: {أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (93)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ألّا تتّبعني (93)
[معاني القراءات وعللها: 2/161]
وصلها الحضرمي وابن كثيرٍ ووقفا عليها بالياء، ووصلها نافع وأبو عمرو، بياء، ووقفا بغير ياء.
وروى إسماعيل بن جعفر وابن جمّاز عن نافع (ألّا تتّبعني أفعصيت) بحركة الياء.
قال أبو منصور: وهي لغات جائزة). [معاني القراءات وعللها: 2/162]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (25- وقوله تعالى: {ألا تتبعن أفعصيت أمرى} [93].
في هذه الياء أربع قراءاتٍ.
كان ابن كثيرٍ يصل ويقف بالياء.
وكان أبو عمر، ونافع في كل الروايات يقفان بغير ياء، ويصلان بياء فتبعا المصحف في الوقف، وتبعا الأصل في الدرج، إلا إسماعيل بن جعفر. فإنه روى عن نافع {ألا تتبعني أفعصيت} بفتح الياء، فيجب على من فتح الياء أن يقف بالياء.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/50]
وقرأ الباقون بغير ياء في الوصل، والوقف، اجتزاء بالكسرة، واتباعًا للمصحف). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/51]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في إثبات الياء من قوله تعالى: (أن لا تتبعني) [طه/ 93] وحذفها.
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو: (ألّا تتّبعني) بياء في الوصل ساكنة.
ويقف ابن كثير بالياء، وأبو عمرو يقف بغير ياء.
واختلف عن نافع، فروى ابن جمّاز وإسماعيل بن جعفر: (ألا تتّبعني أفعصيت) بياء منصوبة، وليس في الكتاب، وفي رواية قالون والمسيبي وورش وأحمد بن صالح عن أبي بكر وإسماعيل بن أبي أويس: (تتّبعني) بياء في الوصل ساكنة، ويقف بغير ياء.
وقرأ عاصم وابن عامر وحمزة والكسائي بغير ياء في وصل ولا وقف.
قد ذكر هذا النحو في غير موضع). [الحجة للقراء السبعة: 5/247]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (23- {أَلاَّ تَتَّبِعَنِي}[آية/ 93] بياء في الوصل والوقف:
قرأها ابن كثير ويعقوب.
وقرأ نافع وأبو عمرو بياء في الوصل دون الوقف.
وفتح- يل- عن نافع الياء منها، وأسكنها الباقون.
وقرأ ابن عامر والكوفيون {تَتَّبِعَنِ}بغير ياء في الحالين.
وقد تقدم من نحو هذه الياء ما أشبعنا القول في وجوهه). [الموضح: 850]

قوله تعالى: {قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (94)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (26- وقوله تعالى: {يا بنؤم لا تأخذ} [94].
قرأ أهل الكوفة إلا حفصًا عن عاصم، وابن عامرٍ {يبنوم} بكسر الميم.
وقرأ الباقون {يا بنؤم أم}.
فمن كسر أراد: يا بن أمي فحذف الياء.
ومن فتح فله ثلاث حجج:
إحداهن: أن يكون أراد: يابن أماه فرخم.
والثانية: أن يكون جعل الاسمين اسمًا واحدًا نحوه. بعل بك، ومعديكرب، وجاري بيت بيت.
والثالثة: أن يكون أراد يابن أما؛ لأن العرب تقول: ياأما بمعنى يا أمي، وياربا بمعنى ياربي. قال الشاعر:
فيا أبي ويا أبه
حسنت إلا الرقبه
فحسننها يا أبه
كيما تجئ الخطبه
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/51]
بإبل محنجبه
للفحل فيها قبقبه
فإن سأل سائل فقال: إن العرب إنما تحذف الياء من المنادى، لا من المضاف إلى المنادى، فيقولون: يأم، ويابن أمي فيخزلون الياء من الأولى، ويثبتونها في الثانية، كما قال الشاعر:
يابن أمي، ويا شقيق روحي = أنت خليتني لدهر كنود؟
فقل: هذه اللغة الفصحي، ومن العرب من يحذف الياء من هذا أيضا، فيقولون: يابن أم، ويابن عم. وقال الشاعر:
رجال ونسوان يودون أنني = وإياك نخزي يابن عم ونفضح). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/52]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح الميم وكسرها من قوله عز وجل: يابن أم [طه/ 94].
فقرأ يابن أم بنصب الميم ابن كثير ونافع وأبو عمرو وحفص عن عاصم.
[الحجة للقراء السبعة: 5/247]
وقرأ عاصم في رواية أبي بكر وحمزة والكسائي وابن عامر (يا ابن أمّ) بكسر الميم.
قال أبو علي: من قال: يا ابن أم احتمل قوله أمرين:
أحدهما: أن يكون أراد: يا ابن أمّا، فحذف الألف كما يحذف من غلامي في النداء إذا قال: يا غلام، وحذف الياء من المضاف إليه، وإن كانت لا تحذف في المضاف إليه إذا قال: يا غلام غلامي، كما تحذف من المضاف إذا قال: يا غلام، لأن هذا الاسم قد كثر استعماله، فتغيّر عن أحوال النظائر، والفتحة في ابن على هذا نصبة، كما أنها في قولك يا غلام أمي كذلك، ويجوز أن يكون جعل ابن وأمّ جميعا بمنزلة اسم واحد فبنى الآخر على الفتح وكذلك الاسم الذي هو المصدر، فالفتحة في الأول ليس بنصبة كما كانت في الوجه الأول، ولكنها بمنزلة الفتحة في خمسة من خمسة عشر، والاسم في موضع ضمّ من حيث كانا بمنزلة خمسة عشر، كما أن خمسة عشر كذلك.
ومن قال: (يا ابن أمّ) احتمل أمرين: أحدهما: أن يكون أضاف ابنا إلى أمّ، وحذف الياء من الثاني، وكان الوجه إثباتها مثل يا غلام غلامي، والآخر: أن يكون جعل الاسم الأوّل مع الثاني اسما واحدا.
وأضافه إلى نفسه، كما تقول: يا خمسة عشر أقبلوا، فحذف الياء كما تحذف من أواخر المفردة نحو: يا غلام). [الحجة للقراء السبعة: 5/248]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قال يا ابن أم} {قال بصرت بما لم يبصروا به} 94 و96
قرأ حمزة والكسائيّ (بما لم تبصروا به) بالتّاء أي بصرت بما لم تبصر به أنت يا موسى ولا قومك فأخرجا الكلام على ما جرى به الخطاب قبل ذلك وهو قوله {قال فما خطبك يا سامري}
وقرأ الباقون {بما لم يبصروا به} بالياء أي علمت ما لم يعلم بنو إسرائيل وحجتهم في ذلك أن الخبر إنّما جرى من السامري لموسى ما كان في غيبته من الحدث عمّا فعله ببني إسرائيل فخاطب موسى بخبر عن غيب فعله قال {يا ابن أم} وقد ذكرت في سورة الأعراف). [حجة القراءات: 462] (م)
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (24- {قَالَ يا ابْنَ أُمَّ}[آية/ 94] بفتح الميم:
قرأها ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم- ص- ويعقوب.
والوجه أن الاسمين جعلا بمنزلة اسم واحد، فبنيا على الفتح كخمسة عشر، والاسمان إذا ركب أحدهما مع الآخر في هذا النحو كانت الحركة في الاسم الأول وفي الاسم الثاني جميعًا حركة بناء، كما ذكرنا في خمسة عشر.
ويجوز أن يكون أراد يا ابن أما بالألف، فحذف الألف، وإن كان في حذفها بعدٌ؛ لأن هذه الألف عوض عن ياء الإضافة، وهي لا تحذف في هذا الموضع، أعني في نحو يا غلام غلام، لكن لما كثر استعمال هذا، أعني يا بن أم خفف بحذف الألف من المضاف إليه، والفتحة في {يا ابْنَ}على هذا نصب، وهو نصب المنادى المضاف، فهو حركة إعراب، وكان أصله يا ابن أمي، فأبدل من ياء الإضافة ألف، لما في الألف من مد الصوت، ثم
[الموضح: 850]
حذفت الألف فبقي: يا بن أم.
وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وعاصم- ياش- {يا ابْنَ أُمَّ}بكسر الميم.
والوجه أن ابنًا يجوز أن يكون مع أم كالشيء الواحد على ما سبق، ثم بعد أن جعل معه كالشيء الواحد، أضيف إلى ياء المتكلم، فقيل يا ابن أمي، كما قيل يا خمسة عشري أقبلوا، ثم حذفت الياء، كما تحذف من يا غلام، فبقي يا ابن أم.
ويجوز أن يكون ابن قد أضيف إلى أم، وحذفت الياء من الثاني على أنه لا تحذف الياء من نحو يا غلام غلامي على ما سبق، إلا أنها حذفت ههنا لكثرة الاستعمال). [الموضح: 851]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م, 07:26 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة طه

[ من الآية (95) إلى الآية (98) ]
{ قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ (95) قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (96) قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (97) إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا (98) }

قوله تعالى: {قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ (95)}

قوله تعالى: {قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (96)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (قال بصرت بما لم تبصروا به (96)
قرأ حمزة والكسائي (بما لم تبصروا به) بالتاء، وقرأ الباقون بالياء.
قال أبو منصور: من قرأ بالتاء أراد بصرت بالذي لم تبصروا به أنتم، خاطب أصحابه.
ومن قرأ بالياء أراد: بصرت بالذي لم يبصروا به. ويقال: بصر الرجل يبصر إذا صار عليما بالشيء، وأبصر يبصر، إذا نظر, والتأويل: علمت بما لم تعلموا به). [معاني القراءات وعللها: 2/158]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (27- وقوله تعالى: {بما لم تبصروا به} [96].
قرأ حمزة والكسائي بالتاء جعلاه خطابًا.
وقرأ الباقون بالياء إخبارًا عن غيب.
وكان السامري بصر بأثر حافر فرس جبريل عليه السلام، فتناول منه
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/52]
قبصة، وهي الأخذ بأطراف الأصابع، كذلك قرأها الحسن.
وقرأ الناس، {فقبضت قبضته}، وهي بالكف، فوقع في نفسه أن ألقاه على جماد حي فعهد إلى حلى، وفضة، وذهب، وحديد، مما كان بقى من أصحاب فرعون الذين أغرقهم الله. فأذابه حتى خلص الذهب، فأتخذ عجلاً جسدًا له خوار، وألقى القبضة فيه فخار العجل، ونطق). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/53]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله عز وجل: بما لم يبصروا به [طه/ 96] في الياء والتاء.
[الحجة للقراء السبعة: 5/248]
فقرأ حمزة والكسائي: (تبصروا) بالتاء.
وقرأ الباقون: يبصروا بالياء.
من قال: يبصروا وهو قراءة الأكثر فيما زعم بعضهم، أي: لم يبصر به بنو إسرائيل. ومن قال: (تبصروا به) صرف الخطاب إلى الجمع). [الحجة للقراء السبعة: 5/249]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن مسعود وأُبي بن كعب وعبد الله بن الزبير ونصر بن عاصم والحسن وقتادة وابن سيرين -بخلاف، وأبي رجاء: [فَقَبَصْتُ قَبْصْةً]، بالصاد فيهما.
وقرأ: [قُبْصْةً]، بالصاد وضم القاف الحسن، بخلاف.
قال أبو الفتح: القبض بالضاد معجمة باليد كلها، وبالصاد غير معجمة بأطراف الأصابع. وهذا مما قدمت إليك في نحوه تقارب الألفاظ لتقارب المعاني، وذلك أن الضاد لتفشيها واستطالة مخرجها ما جعلت عبارة عن الأكثر، والصاد لصفائها وانحصار مخرجها وضيق محلها ما جعلت عبارة عن الأقل. ولعلنا لو جمعنا من هذا الضرب ما مر بنا منه لكان أكثر من ألف موضع
[المحتسب: 2/55]
هذا مع أننا لا نتطلبه ولا نتقرى مواضعه، فكيف لو قصدنا وانتحينا وجهه وحراه؟ نسأل الله أن يجعل ما علمنا منه لوجهه مدنيا من رضاه، ومبعدا من غضبه بقدرته وماضي مشيئته.
وأما "القبصة" بالضم فالقدر المقبوص، كالحسوة للمحسوّ، والحسوة فعلك أنت، والقبضة والقبصة جميعا على ذلك إنما هما حدثان موضوعان موضع الجثة، كالخلق في معنى المخلوق، وضرب الأمير، ونسج اليمن، في معنى مضروبه ومنسوجه). [المحتسب: 2/56]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قال يا ابن أم} {قال بصرت بما لم يبصروا به} 94 و96
قرأ حمزة والكسائيّ (بما لم تبصروا به) بالتّاء أي بصرت بما لم تبصر به أنت يا موسى ولا قومك فأخرجا الكلام على ما جرى به الخطاب قبل ذلك وهو قوله {قال فما خطبك يا سامري}
وقرأ الباقون {بما لم يبصروا به} بالياء أي علمت ما لم يعلم بنو إسرائيل وحجتهم في ذلك أن الخبر إنّما جرى من السامري لموسى ما كان في غيبته من الحدث عمّا فعله ببني إسرائيل فخاطب موسى بخبر عن غيب فعله قال {يا ابن أم} وقد ذكرت في سورة الأعراف). [حجة القراءات: 462] (م)
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (31- قوله: {بما لم يبصروا به} قرأه حمزة والكسائي بالتاء، رداه على الخطاب في قوله: {فما خطبك} «95» وقرأ الباقون بالياء على الغيبة أي: بما لم يبصر به بنو إسرائيل، والياء أولى، لأن المخاطب وهو موسى عليه السلام لم يكن حاضرًا، إذ قبض السامري القبضة، ولأن الأكثر على ذلك). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/105]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (25- {بَصُرْتُ بِمَا لَمْ تَبْصُرُوا}[آية/ 96] بالتاء:
قرأها حمزة والكسائي.
والوجه أنه على المخاطبة، إدخالاً للجميع في الخبر.
وقرأ الباقون {يَبْصُرُوا}بالياء على الغيبة، والمعنى لم يبصر به بنو إسرائيل). [الموضح: 851]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (27- {فَنَبَذْتُهَا}[آية/ 96] بالإدغام:
قرأها أبو عمرو وحمزة والكسائي.
والوجه أن مخرج الذال ومخرج التاء متقاربان، فلذلك أدغموا الذال في التاء.
[الموضح: 852]
وقرأ الباقون {فَنَبَذْتُهَا}بالإظهار.
والوجه أن مخرجيها متغايران وإن تقاربًا؛ لن كل واحدٍ منهما من حيزٍ غير حيز الآخر، وقد ذكرنا مثله). [الموضح: 853]

قوله تعالى: {قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (97)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (موعدًا لن تخلفه (97)
قرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب (لن تخلفه) بكسر اللام، وقرأ الباقون بفتح اللام.
قال أبو منصور: من قرأ (لن تخلفه) بفتح اللام فالمعنى: يكافئك الله على ما فعلت يوم القيامة، واللّه لا يخلف الميعاد.
ومن قرأ (لن تخلفه) فالمعنى: أنك تبعث وتوافي يوم القيامة لا تقدر على غير ذلك ولا تخلفه.
وكل ذلك جائز). [معاني القراءات وعللها: 2/158]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (28- وقوله تعالى: {لن تخلفه} [97].
قرأ ابن كثيرٍ، وأبو عمرو {لن تخلفه} بكسر اللام.
وقرأ الباقون {لن تخلفه} على ما لم يسم فاعله؛ فيكون المخلف غير المخاطب. والهارء كنابة عن الموعد، وهو المفعول والفاعل لم يذكر). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/53]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في قوله: لن تخلفه [طه/ 97] في فتح اللام وكسرها.
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو: (لن تخلفه) بكسر اللام.
وقرأ نافع وعاصم وابن عامر وحمزة والكسائي: لن تخلفه بفتح اللام.
اختلفت يتعدّى إلى مفعولين، ولن تخلفه مثل لن تعطاه، لما أسندت الفعل إلى أحد المفعولين، فأقمته مقام الفاعل بقي الفعل متعدّيا إلى مفعول واحد، وفاعل الفعل الذي هو تخلف: الله سبحانه، أو موسى، ومعناه: سنأتيك به ولن يتأخر عنك. و (لن تخلفه) أي: ستأتيه ولا مذهب لك عنه، وهو وعيد، وهذا المعنى في القراءة الأولى أبين). [الحجة للقراء السبعة: 5/249]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أبي حيوة: [لا مَسَاسِ].
قال أبو الفتح: أما قراءة الجماعة: {لا مِسَاسَ} فواضحة؛ لأنه المماسَّة: مَاسَسْتُهُ مِسَاسًا كضَاربْتُه ضَرابًا، لكن في قراءة من قرأ: [لا مَسَاسِ] نظرا؛ وذلك أن "مساسِ" هذه كنَزَالِ ودَرَاكِ وحَذَارِ، وليس هذا الضرب من الكلام -أعني ما سمي به الفعل- مما تدخل "لا" النافية للنكرة عليه، نحو لا رجل عندك ولا غلام لك فـ"لا" إذًا في قوله: [لا مَسَاسِ] نفي للفعل، كقولك: لا أمسّك ولا أقرب منك، فكأنه حكاية قول القائل: مَساسِ كدَراكِ ونَزالِ، فقال: لا مَساسِ، أي: لا أقول: مساس، وكان أبو علي ينعم التأمل لهذا الموضع لما ذكرته لك، وقال الكميت:
لا هَمَامِ لِي لا هَمَامِ
أي: لا أقولُ: هَمَامِ، فكأنه من بَعدُ لا أهمّ بذلك، ولا بد من الحكاية أن تكون مقدرة. ألا ترى أنه لا يجوز أن تقول: لا أضربُ، فتنفي "بلا" لفظ الأمر؛ لتنافي اجتماع الأمر والنهي. فالحكاية إذا مُقدَّرة مُعتقَدة.
[المحتسب: 2/56]
فإن قال قائل: فأنت لا تقول: مساسِ في معنى امسس. فياليت شعري ما الذي بنيت؟ قيل: ليس هذا أول معتقد معتزم تقديرا. وإن لم يخرج إلى اللفظ استعمالا. ألا ترى إلى ملامحَ وليالٍ في قول سيبويه ومذاكير ومشابِه: لا آحاد لها مستعملة. وإنما هي مرادة متصورة معتقدة، فكأن الواحد ملمحة ومشبَهْ وليلاة ومِذكار أو مِذكير أو نحو ذلك، فكذلك "لا مساسِ"، جاء على أنه قد استعمل منه في الأمر مساسِ فنفى على تصور الحكايةِ والقولِ وإن لم يأت به مسموع، ونظائرُه كثيرةٌ، وكذلك القول في "همامِ" من بيت الكميت). [المحتسب: 2/57]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن بخلاف: [لَنْ نُخْلَفَهُ] بالنون.
وقرأ: [لَنْ يَخْلُفَهُ] أبو نهيك.
قال أبو الفتح: أما قراءة الجماعة: {لَنْ تُخْلَفَهُ} فمعناه: لن تصادفه مُخلَفًا، كقول الأعشى:
فَمَضَى وأخلفَ من قُتَيْلَةَ مَوْعِدًا
وقد مضى هذا مستقصى.
وأما [نُخْلِفَهُ] بالنون فتقديره: لن نُخْلِفَكَ إياه، أي: لن ننقض منه ما عقدناه لك. وأما [يَخْلُفَهُ] أي لا يخلُف الموعد الذي لك عندنا ما أنت عليه من محنتك في الدنيا بأن يكون نقيضه ومزيلا لحكمه، بل تكون في الآخرة كحالك في الدنيا. كما قال سبحانه: {قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا}، وكقوله تعالى : {وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا}، ومنه قوله سبحانه: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً}، أي: يحضر أحدهما فيخلُف الآخر، بأن ينقض حاله ويستأثر بالأمر دونه. والهاء في "يخلفه" عائدة على [أن تقول لا مَسَاسِ]، أو {لا مِسَاسَ} ). [المحتسب: 2/57]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة علي وابن عباس عليهما السلام وعمرو بن فائد: [لَنَحَرُقَنَّهُ]، بفتح النون. وضم الراء.
قال أبو الفتح: حرقْتُ الحديدَ: إذا بردتَه، فتحاتَّ وتساقَطَ. ومنه قولهم: أنه لَيَحْرُق عليَّ الأرَّم، أي: يحك أسنانه بعضها ببعض غيظًا عليَّ. قال:
نُيُوبَهم علينا يحرُقُونا
وقال زهير:
أبَى الضيمَ والنعمانُ يحْرُق نابَه ... عليه فأفضَى والسيوفُ معاقِلُهْ
وأنشد أبو زيد، ورويناه عنه:
نُبِّئتُ أحماءَ سُلَيْمَى أنما ... باتُوا غِضَابًا يحرُقون الأرَّما
إن قلتُ أسقَى عاقِلا فأظْلَما ... جَوْنًا وأسقَى الحرتيْنِ الدِّيَما
فكأن [لنَحْرُقَنَّه] على هذا: لنَبْرُدَنَّه ولنَحُتَّنَّه حتًّا، ثُمَّ، لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا.
ومن ذلك عندي تسميتهم هذا الزورق حراقة، وهو كقولهم لها: سفينة؛ لأنها تَسْفِنُ وجه الماء، فكذلك تَحْرُقُه أيضًا). [المحتسب: 2/58]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وإن لك موعدا لن تخلفه}
قرأ ابن كثير وأبو عمرو (إن لك موعدا لن تخلفه) بكسر اللّام أي أنت يا سامري قال اليزيدي قوله {لن تخلفه}
[حجة القراءات: 462]
أي لن تغيب عنه على وجه التهدد أي ستصير إليه مريدا أو كارهًا فلا يكون لك سبيل إلى أن تخلفه فو خبر في معنى وعيد
وقرأ الباقون {لن تخلفه} بفتح اللّام وحجتهم في ذلك أن المعنى في ذلك أن لك من الله موعدا بعذابك على إضلالك بني إسرائيل حين عبدوا العجل لن يخلفكه الله ولكن ينزله فلمّا كان الموعد مسندًا إلى الله جلّ وعز لم يحسن إسناد الخلف إلى السامري إذ كان الخلف إنّما يجري في الكلام ممّن وعد لا من الموعود كما قال الله جلّ وع {وعد الله لا يخلف} الله وعده وكذلك معنى ذلك لن يخلفكه الله ثمّ رد إلى ما لم يسم فاعله). [حجة القراءات: 463]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (32- قوله: {لن تخلفه} قرأه أبو عمرو وابن كثير بكسر اللام على معنى: لم يتأخر عنه، فبنى الفعل للفاعل، وهو المخاطب، وفي الكلام مفعول ثان محذوف، تقديره: لن يخلفه الله، أي: لن يخلف الله الموعد، أي:
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/105]
لن يتخلف عن الإتيان إلى الموعد، وهو الحشر يوم القيامة، وقرأ الباقون بفتح اللام، بنوا الفعل على ما لم يسم فاعله، أي: لن يخلفك الله الموعد، بل يبعثك إليه من قبرك، والفاعل هو الله جل ذكره أو موسى، وهو الاختيار، لأن الأكثر عليه، والفعل في القراءتين يتعد إلى مفعولين، لأنه من أخلفت زيدًا الموعد، فالمعنى: سيأتيك الله بالموعد ولن يتأخر الموعد عنك). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/106]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (26- {لَّن تُخْلَفَهُ}[آية/ 97] بكسر اللام:
قرأها ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب.
والوجه أن أخلفت يتعدى إلى مفعولين يجوز لك الاقتصار على أحدهما،
[الموضح: 851]
فإذا كسر اللام جعل الفعل للمخاطب، واقتصر بالفعل على أحد المفعولين، والمعنى لن تخلف الواعد إياه، أي ستأتيه ولا مذهب لك عنه؛ لأنك تقول: أخلفت الرجل الوعد.
ويجوز أن يكون من أخلفت الموعد: إذا صادفته خلفا،
قال الأعشى:
97- أثوى وقصر ليله ليزودا= ومضى فأخلف من قتيلة موعدا
والمعنى في الآية: لن تجده خلفًا.
وقرأ الباقون {لَّن تُخْلَفَهُ}بفتح اللام.
والوجه أن الفعل بني للمفعول به، وأقيم أحد المفعولين مقام الفاعل، فبقي متعديًا إلى واحدٍ، فقولك {تُخْلَفَهُ}مثل تعطاه في التعدي، والمعنى لن يخلفك الله إياه). [الموضح: 852]

قوله تعالى: {إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا (98)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة مجاهد وقتادة: [وَسَّعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا].
[المحتسب: 2/58]
قال أبو الفتح: معناه -والله أعلم: خَرَّقَ كلًّ مصمتٍ بعلمِه؛ لأنه بَطَن كل مُخْفًى ومستبهم، فصار لعلمه فضاء متسعًا، بعد ما كان متلاقيا مجتمعا. ومنه قوله تعالى : {أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا}. فهذا العمل. وذلك في العلم). [المحتسب: 2/59]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م, 07:28 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة طه

[ من الآية (99) إلى الآية (104) ]
{كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آَتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا (99) مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا (100) خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا (101) يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا (102) يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا (103) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا (104)}

قوله تعالى: {كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آَتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا (99)}

قوله تعالى: {مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا (100)}

قوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا (101)}

قوله تعالى: {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا (102)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (يوم ينفخ في الصّور (102)
قرأ أبو عمرو وحده (يوم ننفخ) بالنون، وقرأ الباقون (ينفخ) بالياء.
قال أبو منصور: من قرأ بالنون فالفعل للّه، إما بأمره النافخ، وإما بانفراده به.
ومن قرأ (ينفخ) فهو على ما لم يسم فاعله، والمعنى واحد). [معاني القراءات وعللها: 2/159]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (31- وقوله تعالى: {يوم ينفخ في الصور} [102].
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/53]
قرأ أبو عمرو وحده {تنفخ} بالنون لله تعالى، يخبر عن نفسه.
وقرأ الباقون {يوم ينفخ} على ما لم يسم فاعله، وحجتهم {ونفخ في الصور}. وحجة أبي عمرو {ونحشر المجرمين} ولم يقل {ويحشر المجرمون}.
فإن سأل سائل فقال: جاء في الحديث إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كيف أنعم، وصاحب الصور قد التقم القرن، وحنا ظهره ينتظر متي يؤمر فينفخ في الصور». فلم قرأ أبو عمرو {ننفخ}؟
فالجواب في ذلك: أن النافخ وإن كان إسرافيل، فإن الله تعالى هو المقدر لذلك، وهو الآمر والخالق فينسب الفعل إلى نفسه، كما قال تعالى: {والله يتوفى الأنفس حين موتها} والذي يتوفى هو ملك الموت صلى الله عليه وسلم). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/54]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (30- وأما قوله [تعالى]: {زرقًا} فقيل: عميًا، وقيل: عطاشًا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/53]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله عز وجل: ينفخ في الصور [طه/ 102] في الياء والنون.
فقرأ أبو عمرو وحده: (يوم ننفخ) بالنون.
وقرأ الباقون: ينفخ بالياء على ما لم يسمّ فاعله.
قال أبو علي وجه من قال: ينفخ: ونفخ في الصور فصعق [الزمر/ 68] ويوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا [النبأ/ 18].
ووجه النون: فنفخنا فيه من روحنا [التحريم/ 12] ونفخ الروح في التنزيل يجيء حيث يراد الإحياء، قال: يوم ينفخ في الصور عالم الغيب والشهادة [الأنعام/ 73] ويقوّي ذلك أيضا ما عطف عليه من قوله: ونحشر [طه/ 102]، والصّور: جمع صورة في قول الحسن، مثل: صوف وصوفة، وثوم وثومة، وفي قول مجاهد: آلة ينفخ فيها، قال: ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض [الزمر/ 68] كأنّهم أصابهم الصعق لما
[الحجة للقراء السبعة: 5/250]
عاينوا من أهوال القيامة، وقال: ثم نفخ فيه أخرى [الزمر/ 68] لأنهم دفعوا إلى حال كالموت في الشدّة وقال: وخر موسى صعقا فلما أفاق [الأعراف/ 143] فقوله: ثم نفخ فيه أخرى [الزمر/ 68] في المعنى كقوله: فلما أفاق). [الحجة للقراء السبعة: 5/251]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة عياض: [فِي الصُّوَرِ]. بفتح الواو.
قال أبو الفتح: هذا جمع صورة، وقد يقال: فيها صير وأصلها صور. فقلبت الواو ياء للكسرة قبلها استحسانا. وقد أفردنا في الخصائص بابا للاستحسان. قال ذو الرمة:
أشبهْنَ من بقرِ الخلصاءِ أعيُنَهَا ... وهنَّ أحسنُ من صِيرَانِه صِيرَا
وصِوَرا: قال أبو عبيدة: الصُّوَر جمع صورة. كصوَف جمع صوفة. ويقال: الصوَر: القرن، ويقال: فيه ثقب بعدد أنفس البشر، فإذا نفخ فيه قال الناس بالأَرْمَاسِ). [المحتسب: 2/59]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({يوم ينفخ في الصّور ونحشر المجرمين يومئذٍ زرقا}
قرأ أبو عمرو (ننفخ في الصّور) بالنّون الله أخبر عن نفسه على أن يكون آمرا بذلك كما يقول السّلطان نحن نكتب إلى فلان ومعناه نأمر لا أنه يتولّى الكتاب بيده وحجته أن الكلام أتى عقيبه بلفظ الجمع بإجماع وهو قوله تعالى {ونحشر المجرمين} فجعل ما قبله بلفظه لينسق الكلام على نظام واحد
وقرأ الباقون {ينفخ} بالياء على ما لم يسم فاعله المعنى ينفخ ملك الصّور في الصّور وحجتهم قوله {ونفخ في الصّور} جاء بلفظ ما لم يسم فاعله). [حجة القراءات: 463]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (33- قوله: {يوم ينفخ في الصور} قرأه أبو عمرو بالنون مفتوحة، وقرأ الباقون بالياء مضمومة.
وحجة من قرأ بالنون أنه بناه على الإخبار من الله عن نفسه أن نفخ «الصور» وغيره لا يكون إلا عن مراده وإذنه، ويقوي ذلك قوله: {فنفخنا فيه من روحنا} «التحريم 12» ويقويه أيضًا أن يعده معطوفًا عليه، ويحسن على الإخبار أيضًا، فاتفاق الفعلين أولى من اختلافهما.
34- وحجة من قرأ بالياء أنه بنى الفعل، لما لم يسم فاعله، لأن النافخ عبد من عباد الله مأمور بالنفخ، فالآمر هو الله والنافخ هو المأمور، فهو مفعول في المعنى وهو فاعل النفخ، و{في الصور} يقوم مقام الفاعل، لعدم الفاعل، وهو النافخ، ويقويه إجماعهم على قوله: {ونفخ في الصور} «الكهف 99» وعلى قوله: {يوم ينفخ في الصور فتأتون} «النبأ 18» وهو الاختيار، و{الصور} جمع صورة كصوفة وصوف، وقيل: هو جمع صورة على صور كغرفة وغرف، لكن أسكن استخفافًا، وقيل: هو قرن ينفخ فيه إسرافيل). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/106]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (28- {يَوْمَ نُنفَخُ}[آية/ 102] بالنون وضم الفاء:
قرأها أبو عمرو وحده.
والوجه أن الفعل مسندٌ إلى جماعة المخبرين على سبيل التعظيم، والفاعل هو الله تعالى، وما بعده أيضًا على هذا، وهو قوله تعالى {ونَحْشُرُ المُجْرِمِينَ}بالنون، فلذلك حسنت القراءة بالنون.
وقرأ الباقون {يُنفَخُ}بالياء مضمومة، وفتح الفاء.
والوجه أنه على ما لم يسم فاعله؛ لأن المقصود هو الإخبار عن وقوع الفعل على الجملة، وهو النفخ فيه، وليس المقصود تعيين الفاعل، ونظيره قوله تعالى {ونُفِخَ فِي الصُّورِ} و{يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا} ). [الموضح: 853]

قوله تعالى: {يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا (103)}

قوله تعالى: {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا (104)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م, 07:29 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة طه

[ من الآية (105) إلى الآية (110) ]
{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا (105) فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا (106) لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا (107) يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا (108) يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا (109) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (110)}


قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا (105)}
قوله تعالى: {فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا (106)}
قوله تعالى: {لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا (107)}
قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا (108)}
قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا (109)}
قوله تعالى: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (110)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م, 07:32 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة طه

[ من الآية (111) إلى الآية (114) ]
{وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا (111) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا (112) وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا (113) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآَنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا (114)}

قوله تعالى: {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا (111)}

قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا (112)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فلا يخاف ظلمًا ولا هضمًا (112)
قرأ ابن كثير وحده (فلا يخف ظلمًا)، وقرأ الباقون (فلا يخاف).
قال أبو منصور: من قرأ (فلا يخف) جزما فهو على النهي للغائب، ومن قرأ (فلا يخاف) فهو على الخبر، المعنى: فإنه لا يخاف). [معاني القراءات وعللها: 2/159]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (35- وقوله تعالى: {فلا يخاف ظلمًا، ولا هضمًا} [112ٍ].
قرأ ابن كثير: {فلا تخف ظلمًا} على النهي، جزمًا، وعلامة الجزم سكون الفاء. وسقطت الألف لسكونها، وسكون الفاء.
وقرأ الباقون {فلا يخاف}.
على الخبر رفعًا. والظلم في اللغة: وضع الشيء في غير موضعه. والهضم: النقصان يقال: بخسني حقي، وهضمني، وضارني، بمعنى: نقصني). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/57]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وكلهم قرأ: فلا يخاف ظلما [طه/ 112] بالألف على الخبر غير ابن كثير فإنه قرأ: (لا يخف) على النهي.
من قال: وأنك ففتح الألف حملها على أنّ إن لك أن لا تجوع وإنّ لك أنّك لا تظمأ فيها، فإن قلت: إن (إنّ) لا يجوز أن تحمل عليها (أنّ)، ألا ترى أنك لا تقول: إنّ أنّك منطلق، فهلّا لم يجز في ذلك العطف أيضا، قيل له: إنما لم يجز: إنّ أنّ، لكراهة اجتماع حرفين متقاربي المعاني، فإذا فصل بينهما لم يكره ذلك، ومثل ذلك إنّ مع اللام لا تقول: إنّ لزيدا منطلق، ولا: لأنّ زيدا منطلق، ولو فصلت بينهما لجاز نحو: إن في ذلك لآيات وإن كنا [المؤمنون/ 30] وإن في ذلك لآية وما كان أكثرهم [الشعراء/ 67] فلذلك لم يجز: أنّ إنك، فإذا فصلت بينهما حسن، وجاز.
[الحجة للقراء السبعة: 5/251]
ومن كسر فقال: (وإنّك) قطع الكلام من الأول واستأنف، وعلى هذين الوجهين حمل سيبويه الآية.
قال: وكلّهم قرأ: فلا يخاف ظلما بألف على الخبر، غير ابن كثير فإنه قرأ: (فلا يخف) على النهي. المعنى: ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن [طه/ 112] الجملة في موضع نصب على الحال، والعامل فيها يعمل وذو الحال: الذكر، الذي في يعمل من (من)، وموضع الفاء وما بعدها من قوله: يخاف أو (يخف) جزم، لكونه في موضع جواب الشرط، والمبتدأ محذوف مراد بعد الفاء، والمعنى: فهو لا يخاف، وكذلك الفاء في قوله: ومن عاد فينتقم الله منه [المائدة/ 95] ومن كفر فأمتعه قليلا [البقرة/ 126] ومن يؤمن بربه فلا يخاف [الجن/ 13] أي: لا يخاف أن يؤخذ بذنب غيره، والأمر في (لا يخف) جنس لأن المعنى: من يعمل من الصالحات، أي: شيئا من الصالحات، أي: من يعمل من الصالحات فليأمن، لأنه لم يفرط فيما وجب عليه، وكذلك: (فلا يخف)، واللفظ على النهي والمراد الخبر بأن المؤمن الصالح لا خوف عليه). [الحجة للقراء السبعة: 5/252]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ومن يعمل من الصّالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما} 112
قرأ ابن كثير (فلا يخف ظلما) جزما على النّهي وعلامة الجزم سكون الفاء وسقطت الألف لسكونها وسكون الفاء
وقرأ الباقون {فلا يخاف} رفعا على الخبر). [حجة القراءات: 464]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (35- قوله: {فلا يخاف ظلمًا} قرأه ابن كثير «يخف» بالجزم على النهي، فهي من عمل الصالحات، وهو مؤمن أن يخاف أن يظلمه أحد أو ينقص من عمله وهو قوله: {ولا هضما} وقرأ الباقون بالرفع على الخبر أنه ليس يخاف أن يظلمه أحد فيحمل ذنب غيره؛ إذ ينقص من عمله، فهو الاختيار؛ لأن الأكثر عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/107]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (29- {فَلا يَخَفْ}[آية/ 112] بالجزم على النهي:
قرأها ابن كثير وحده.
[الموضح: 853]
والوجه أنه مجزوم؛ لأنه نهي يراد به الخبر، ولكونه نهيًا صار مجزومًا، وذلك لأن المعنى من يعمل من الصالحات وهو مؤمن فليأمن، والمراد بالكلام الإخبار، كأنه قال: من يعمل من المصالحات وهو مؤمن فلا خوف عليه، فهذا من النهي المراد به الخبر، والفاء في قوله {فَلا يَخَفْ}إنما جاءت لكون ما بعدها جوابًا للشرط، وهو قوله {ومَن يَعْمَلْ}، وموضع الفاء مع ما بعدها جزمٌ أيضًا؛ لكونها جوابًا.
وقرأ الباقون {فَلا يَخَافْ}بالألف والرفع.
والوجه أنه على تقدير مبتدإٍ محذوفٍ مرادٍ بعد الفاء، كأنه قال: فهو لا يخاف، وموضع الفاء مع ما بعدها جزم على ما تقدم؛ لكونها جوابًا للشرط). [الموضح: 854]

قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا (113)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن: [أَوْ يُحْدِثْ لَهُمْ ذِكْرًا]، ساكنة الثاء.
قال أبو الفتح: ينبغي أن يكون هذا مما يسكن استثقالا للضمة، كقول جرير، أنشدَناه أبو علي"
سِيرُوا بَنِي الْعَمِّ فالأهْوَازُ منزِلُكُمْ ... ونهرُ تِيرَى ولا تعرِفْكُمُ العربُ
أي: ولا تعرفُكم، وقد مضى ذكر نحوه). [المحتسب: 2/59]

قوله تعالى: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآَنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا (114)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (من قبل أن يقضى إليك وحيه (114)
قرأ الحضرمي وحده (من قبل أن نقضي إليك) بالنون، (وحيه) نصبًا.
وقرأ الباقون (يقضى إليك وحيه) رفعًا.
قال أبو منصور: من قرأ بالنون نصب (وحيه) بالفعل، ومن قرأ (من قبل أن يقضى إليك وحيه) فهو على ما لم يسم فاعله). [معاني القراءات وعللها: 2/159]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (32- وقوله تعالى: {من قبل أن يقضى إليك وحيه} [114].
اتفاق [القراء] على ما لم يسم فاعله.
فإن قيل لك: ما علامة النصب في هذه القراءة؟
فقل: الأصل أن يقضي. فانقلبت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها. فقال قوم: هذه الحجة في تأخير البيان، لأن الله تعالى ينزل القرآن على نبيه عليه
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/54]
السلام. قال: فيجب على رسول أن يحكم به حتى يبين الله تعالى ذلك.
وقال آخرون:- وهو الشافعي وأصحابه لا يتأخر البيان عن الوحي، والوحي عنه.
وهذه الآية إنما نزلت في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ربما أراد أن يحكم بحكم لم ينزل فيه القرآن، فأمر الله عز وجل أن يمكث حتى يقضي إليه وحيه.
فإن قيل: فما وجه قوله {وشاورهم في الأمر} فقل: وجه المشورة من النبي صلى الله عليه وسلم لأمته تعليمًا لهم وتبركًا، لا أن هناك من هو أفهم من النبي صلى الله عليه وسلم ولا أعقل. {فإذا عزمت فتوكل على الله}. وإنما يستشير أنه أتي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فيما لم يقض الله عز وجل وحيه، فإذا نزل القرآن بطلت المشورة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/55]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (30- {مِن قَبْلِ أَن نَقْضِي}بفتح النون وكسر الضاد، {وحْيُهُ}بنصب الياء [آية/ 114]:
قرأها يعقوب وحده.
والوجه أن الفعل لله تعالى، ذكر على لفظ التعظيم كما سبق في غير موضع، و{وحْيُهُ}نصبٌ؛ لأنه مفعول به، وهذا موافق لما قبله الذي جاء
[الموضح: 854]
بلفظ التعظيم، وهو قوله تعالى {أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا}{وصَرَّفْنَا}، ولما بعده وهو قوله تعالى {ولَقَدْ عَهِدْنَا}في أن كليهما على لفظ التعظيم.
وقرأ الباقون {يُقْضَى}بضم الياء وفتح الضاد {وحْيُهُ}بالرفع.
والوجه أنه على إسناد الفعل إلى المفعول به، وهو الوحي، ومعلومٌ أن الله تعالى هو الموحي، فلذلك وقع الاستغناء عن ذكر الفاعل). [الموضح: 855]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م, 07:34 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة طه

[ من الآية (115) إلى الآية (119) ]
{وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آَدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (115) وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى (116) فَقُلْنَا يَا آَدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117) إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى (119)}

قوله تعالى: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آَدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (115)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الأعمش: [فَنَسِيْ وَلَمْ]، ولا ينصب الياء.
[المحتسب: 2/59]
قال أبو الفتح: قد قدمنا القول على سكون هذه الياء في موضع النصب والفتح وأنه عند أبي العباس من أحسن الضرورات، حتى إنه لو جاء به جاء في النثر لكان قياسا). [المحتسب: 2/60]

قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى (116)}

قوله تعالى: {فَقُلْنَا يَا آَدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117)}

قوله تعالى: {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (118)}

قوله تعالى: {وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى (119)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وإنّك لا تظمأ فيها ولا تضحى (119)
[معاني القراءات وعللها: 2/159]
قرأ نافع وأبو بكر عن عاصم (وإنّك) بكسر الألف، وقرأ الباقون (وأنّك) بالفتح.
قال أبو منصور: من قرأ (وأنّك لا تظمأ) عطفه على قوله: (إنّ لك ألّا تجوع فيها ولا تعرى (118) وأنّك لا تظمأ).
ومن قرأ (وإنّك لا تظمأ) عطفه على قوله: (إنّ لك) ). [معاني القراءات وعللها: 2/160]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (33- وقوله تعالى: {فأنك لاتظمأ فيها} [119].
قرأ نافع، وعاصم في رواية أبي بكر بكسر «إن» على الاستئناف.
وقرأ الباقون بالفتح عطفًا على قوله: {أن لك ألا تجوع فيها...... وأنك لا تظمأ فيها} والظمأ: العطش. يقال رجل ظمأن وعطشان ونطشان وصديان، وصاد، وعيمان، غيمان، وملتاح، ومعتل، ومهتاف، وهيمان، وناس بتشديد السين ونجر ونحر، ونفر، ولهبان. كل ذلك بمعنى عطشان). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/56]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (34- وقوله [تعالى]: {ولا تضحى} [119].
أي لا تظهر للشمس. رأى ابن عمر رجلاً يلبي وقد أخفى صوته فقال: أضح لمن لبيت له، أي: إظهر. قال عمر بن أبي ربيعة:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/56]
رأت رجلاً أما إذا الشمس عارضت = فيضحي وأما بالعشي فيحصر
أخا سفر جواب أرض تقاذفت = به فلوات فهو أشعث أغبر). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/57]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في كسر الألف وفتحها من قوله: (وإنك لا تظمأ فيها) [طه/ 119].
فقرأ نافع وعاصم في رواية أبي بكر: (وإنك) بكسر الألف.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وحمزة والكسائي وحفص عن عاصم: وأنك مفتوحة الألف). [الحجة للقراء السبعة: 5/251]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وأنّك لا تظمأ فيها ولا تضحى}
قرأ نافع وأبو بكر {وأنّك لا تظمأ} بكسر الألف على الاستئناف قال الفراء من قرأ {وإن} عطفا على قوله {إن لك ألا تجوع} {وأنّك لا تظمأ} جعله مردودا على قوله {إن لك ألا تجوع فيها}
وقرأ الباقون {وأنّك لا تظمأ} ). [حجة القراءات: 464]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (36- قوله: {وأنك لا تظمأ} قرأه نافع وأبو بكر بكسر الهمزة، على الابتداء بها، وقرأ الباقون بالفتح، على العطف على اسم {إن} في قوله: {إن لك ألا تجوع} «118»، فالمعنى: إن لك يا آدم عدم الجوع وعدم الظمأ، وإنما جاز أن تقع {أن} اسما؛ لأن الحاجز بينهما بـ {لك} ولو قلت: إن إن لك لا تظمأ وإن إن زيدا منطلق، لم يجز، إذ لم يفصل بينهما، والفتح الاختيار، لأن الثاني معطوف على الأول، ولأن الأكثرية عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/107]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (31- {وأَنَّكَ لا تَظْمَؤُ}[آية/ 119] بكسر ألف {إنَّكَ}:
قرأها نافع وعاصم- ياش-.
والوجه أنه مقطوع مما قبله، ومستأنف به، فلهذا كسر إن.
وقرأ الباقون {وأَنَّكَ}بفتح الألف.
والوجه أنه معطوف على قوله {إنَّ لا تَجُوعَ}، كأنه قال: إن لك أن لا تجوع وأن لا تظمأ؛ لأن المعنى في أن بالتخفيف وأن بالتشديد واحدٌ في أنهما جميعًا يفيدان معنى المصدر، والتقدير: إن لك انتفاء الجوع وانتفاء الظمأ). [الموضح: 855]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:05 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة