العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > توجيه القراءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 7 صفر 1440هـ/17-10-2018م, 07:20 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنعام
[ من الآية (27) إلى الآية (30) ]

{وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآَيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (27) بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (28) وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (29) وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (30)}

قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآَيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (27)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (نردّ ولا نكذّب بآيات ربّنا ونكون من المؤمنين (27)
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وأبو بكر والكسائي (نردّ ولا نكذّب... ونكون) بالرفع، وقرأ ابن عامر (ولا نكذّب) رفعًا، و(نكون) نصبًا.
وقد روى هشام بن عمار بإسناده عن ابن عامر النصب
[معاني القراءات وعللها: 1/348]
فيهما، وقرأ الباقون (ولا نكذّب... ونكون) بالنصب جميعًا.
قال أبو منصور: ومن قرأ بالرفع في (ولا نكذّب... ونكون) فالمعنى: يا ليتنا نرد ونحن لا نكذب بآيات ربنا أبدًا، رددنا أو لم نرد، ونكون من المؤمنين قد عيّنّا وشاهدنا ما لا نكذب معه أبدًا.
ويجوز الرفع على وجه آخر: على معنى: يا ليتنا نرد ويا ليتنا لا نكذب بآيات ربّنا، كأنما تمنوا الرد والتوفيق للتصديق، (ونكون) معطوف عليه.
ومن قرأ (يا ليتنا نردّ ولا نكذّب... ونكون) فهو على الجواب بالواو في التمني، كما تقول: ليتك تصير إلينا ونكرمك، وهذا قول أبى إسحاق.
وقال أحمد بن يحيى: جواب التمني إنما يكون بالفاء نصبًا، فأما الواو، فإنما ينصب على الصرف). [معاني القراءات وعللها: 1/349]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (5- وقوله تعالى: {يا ليتنا نرد ولا نكذب} [27].
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/153]
قرأ حمزة وحفص {نكذب .... ونكون} بنصب الباء والنون ووافق شامي في النون؛ جعلوه جواب التمني؛ لأن الجواب بالواو ينصب كما ينصب بالفاء كقول الشاعر:
لا تنه عن خلق وتأتي مثله = عار عليك إذا فعلت عظيم
وكقراءة الأعرج: {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء} بالنصب.
وقرأ الباقون بالرفع كل ذلك.
فمن رفع جعل الكلام كله خبرًا؛ لأن القوم تمنوا الرد، ولم يتمنوا الكذب والتقدير: يا ليتنا نرد ونحن لا نكذب). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/154]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الرفع والنصب من قوله [جلّ وعزّ]: ولا نكذب بآيات ربنا ونكون [الأنعام/ 27].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو والكسائي، وعاصم في رواية أبي بكر: ولا نكذب ونكون* جميعا بالرفع.
وقرأ ابن عامر وحمزة وعاصم في رواية حفص: ولا نكذب ونكون بنصبهما هذه رواية ابن ذكوان عن أصحابه عن أيوب بن تميم عن ابن عامر. وقال هشام ابن عمار عن أصحابه عن ابن عامر: ولا نكذب مرفوعة، ونكون نصبا.
[الحجة للقراء السبعة: 3/292]
[قال أبو علي]: [فأمّا] من قرأ بالرفع جاز في قراءته وجهان: أحدهما: أن يكون معطوفا على نرد فيكون قوله: ولا نكذب ونكون* داخلا في التمني دخول نرد فيه، فعلى هذا: قد تمنّى الردّ، وأن لا نكذّب، والكون من المؤمنين.
ويحتمل الرفع وجها آخر: وهو أن تقطعه من الأول، فيكون التقدير على هذا: يا ليتنا نردّ ونحن لا نكذب بآيات ربّنا، ونكون.
قال سيبويه: وهو على قولك: فإنّا لا نكذب، كما تقول: دعني ولا أعود، أي: فإنّي ممن لا يعود، فإنّما يسألك الترك، وقد أوجب على نفسه أن لا يعود ترك أو لم يترك، ولم يرد أن يسأل: أن يجمع له الترك وأن لا يعود.
وهذا الوجه الثاني ينبغي أن يكون أبو عمرو ذهب إليه في قراءته جميع ذلك بالرفع، فالأوّل الذي هو [عطف على] الردّ داخل في التمني، وقوله: ولا نكذب بآيات ربنا ونكون* على نحو: دعني ولا أعود، يخبرون على البتات أن لا يكذّبوا ويكونوا من المؤمنين، لأنّ أبا عمرو روي عنه أنّه استدلّ على خروجه من التمني بقوله: وإنهم لكاذبون [الأنعام/ 28] فقال: قوله:
وإنهم لكاذبون يدلّ على أنّهم أخبروا بذلك عن أنفسهم، ولم
[الحجة للقراء السبعة: 3/293]
يتمنوه، لأنّ التمني لا يقع فيه الكذب، إنّما يكون الكذب في الخبر دون التمني. وأهل النظر يذهبون إلى أنّ الكذب لا يجوز وقوعه في الآخرة، فإذا لم يجز ذلك فيها كان تأويل قوله: وإنهم لكاذبون. على تقدير: إنّهم لكاذبون في الدنيا في تكذيبهم الرسل، وإنكارهم البعث، ويكون قوله: وإنهم لكاذبون حكاية للحال التي كانوا عليها في الدنيا، كما أنّ قوله: وكلبهم باسط ذراعيه [الكهف/ 18] حكاية للحال الماضية، وكما أنّ قوله: وإن ربك ليحكم بينهم [النحل/ 124] حكاية للحال الآتية.
ولو جاز الكذب في الآخرة لكان ذلك حجة للرفع على الوجه الذي ذكرنا.
وحجّة من نصب فقال: يا ليتنا نرد ولا نكذب ونكون [الأنعام/ 37] أنّه أدخل ذلك في التمني، لأنّ التمني غير موجب، فهو كالاستفهام والأمر والنهي والعرض في انتصاب ما بعد ذلك كلّه من الأفعال إذا دخلت عليها الفاء على تقدير ذكر مصدر الفعل الأول، كأنّه في التمثيل: يا ليتنا يكون لنا ردّ وانتفاء للتكذيب، وكون من المؤمنين. ومن رفع نرد ولا نكذب ونصب ونكون [فإنّ الفعل الثاني من الفعلين المرفوعين] يحتمل وجهين: أحدهما: أن يكون داخلا في التمني فيكون في
[الحجة للقراء السبعة: 3/294]
المعنى كالنصب. والوجه الآخر أنّه يخبر على البتات أن لا يكذّب ردّ أو لم يردّ. ومن نصب ولا نكذب ونكون جعلهما جميعا داخلين في المعنى في التمني كما أنّ من رفع ذلك، وعطفه على التمني كان كذلك). [الحجة للقراء السبعة: 3/295]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين}
[حجة القراءات: 244]
قرأ حمزة وحفص {فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون} بنصب الياء والنّون جعلاه جواب التّمنّي لأن الجواب بالواو ينصب كما ينصب بالفاء قال الشّاعر:
لا تنه عن خلق وتأتي مثله ... عار عليك إذا فعلت عظيم
وكما تقول ليتك تصير إلينا ونكرمك المعنى ليت مصيرك يقع وإكرامنا ويكون المعنى ليت ردنا وقع ولا نكذب أي إن رددنا لم نكذب
وقرأ ابن عامر {يا ليتنا نرد ولا نكذب} بالرّفع {ونكون} بالنّصب جعل الأول نسقا والثّاني جوابا كأنّه قال ونحن لا نكذب ثمّ رد الجواب إلى {يا ليتنا} المعنى يا ليتنا نرد فنكون من المؤمنين
وحجته قوله {لو أن لي كرة فأكون من المحسنين}
وقرأ الباقون {يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون} بالرّفع فيهما جعلوا الكلام منقطعًا عن الأول قال الزّجاج المعنى أنهم تمنوا الرّد وضمنوا أنهم لا يكذبون المعنى يا ليتنا نرد ونحن لا نكذب بآيات ربنا رددنا أم لم نرد ونكون من المؤمنين أي عانينا وشاهدنا ما لا نكذب معه أبدا قال ويجوز الرّفع على وجه آخر على معنى يا ليتنا نرد ويا ليتنا لا نكذب بآيات ربنا كأنّهم تمنوا الرّد والتوفيق للتصديق). [حجة القراءات: 245]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (8- قوله: {ولا تكذب}، {ونكون} قرأه حفص وحمزة «ولا نكذب» بالنصب، وقرأ ابن عامر وحمزة وحفص «ويكون» بالنصب، ورفعهما الباقون.
وحجة من نصب أنه جعل الفعلين جوابًا للتمني؛ لأنه غير واجب، ليكونا داخلين في التمني، على معنى أنهم تمنوا الرد، وترك التكذيب، الكون من المؤمنين، والنصب بإضمار «أن» كما تنصب في جواب الاستفهام والأمر والنهي والعرض، لأن جميعه غير واجب، ولا واقع بعد، فينصب الجواب مع الواو، كأنه عطف على مصدر الأول، كأنهم قالوا: يا ليتنا يكون لنا رد، وانتفاء من التكذيب، وكون من المؤمنين، فحملا على مصدر «يرد» في
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/427]
العطف، إذ لم يكن أن يحملا على العطف على «نرد» لانقلاب المعنى إلى الرفع، فلم يكن بد من إضمار «أن» لتكون مع الفعل مصدرًا، فيعطف مصدرًا على مصدر، وبه يتم النصب في الفعلين.
9- وحجة من رفعهما أنه عطفهما على «نرد» فيكون قوله: «ولا نكذب ونكون» داخلين في التمني، تمنوا ثلاثة أشياء على ما ذكرنا، ويجوز أن يرفع، على أن يقطعه من الأول على تقدير: يا ليتنا نرد، ونحن لا نكذب بآيات ربنا، ونكون من المؤمنين، رددنا أو لم نرد، وقوله: {وإنهم لكاذبون} «28» يدل على كذبهم فيما أخبروا به عن أنفسهم، من أنهم لا يكذبون ويكونون من المؤمنين، ولم يتمنوا ذلك في هذا التقدير، لأن التمني لا يقع مع التكذيب، إنما يكون التكذيب في الخبر، إنما التزموه ردوا أو لم يُردوا، حكم سيبويه: دعني ولا أعود، بالرفع على معنى: ولا أعود تركتني أو لم تتركني، ولم يسأل أن يجمع له الترك والعود، وأهل النظر على أن التكذيب لا يجوز في الآخرة؛ لأنها دار جزاء، على ما كان في الدنيا، والتأويل عندهم: وإنهم لكاذبون في الدنيا، في تكذيبهم للرسل، وإنكارهم البعث، فيكون ذلك حكاية عن الحال التي كانوا عليها في الدنيا كما قال: {وإن ربك ليحكم بينهم} فجعله حكاية عن الحال الآتية، وقد حُكي أن أبا عمرو احتج للرفع بقوله: {وإنهم لكاذبون} وأجاز التكذيب في الآخرة.
10- وحجة من رفع «نكذب» ونصب «ونكون» أنه رفع الأول على أحد الوجهين المذكورين المتقدمين، على أن يكون داخلًا في التمني، فيكون الرفع كالنصب، ونصب «ونكون» على جواب التمني فكلا الفعلين دخل في التمني، ويجوز رفع «ونكذب» على معنى الثبات على
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/428]
ترك التكذيب، أي: لا نكذب رددن أو لم نرد، فيكون غير داخلًا في التمني ويكون داخلًا في التمني إذا نصبته). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/429]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (6- {وَلا نُكَذِّبَ} {وَنَكُونَ} [آية/ 27] منصوبتان:-
قرأهما حمزة وعاصم -ص- ويعقوب.
والوجه أن انتصابهما لأجل كونهما جوابًا للتمني؛ لأن التمني غير موجب
[الموضح: 463]
فهو كالاستفهام والأمر والنهي إذا دخلت على الفعل الذي بعدها الفاء أو الواو نحو: هل زيد عندك فأكرمه، واعطني فأشكرك، ولا تشتمني فأضربك، وليت لي مالا فأنفقه.
وحكم الواو في ذلك كحكم الفاء، وهو على إضمار أن بعد الواو أو الفاء، والكلام محمول على المصدر، والتقدير: يا ليتنا يكون لنا وانتفاء من التكذيب وكون من المؤمنين.
وقرأ ابن عامر {وَلا نُكَذِّبَ} رفعة و{وَنَكُونَ} نصبًا.
ووجه الرفع في {نُكَذِّبَ} أنه جعله معطوفة على {نُرَدُّ} داخلا في التمني، والنصب في {نَكُونَ}؛ من أجل أنه جواب التمني.
وقرأ الباقون بالرفع في {نُكَذِّبَ} و{نَكُونَ} جميعًا، وله وجهان:
أحدهما: أن يكونا معطوفين على {نُرَدُّ} داخلين في التمني.
والثاني: أن يكونا على الاستئناف والقطع من الأول، والتقدير: يا ليتنا نرد ونحن لا نكذب بآيات ربنا ونكون). [الموضح: 464]

قوله تعالى: {بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (28)}

قوله تعالى: {وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (29)}

قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (30)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 7 صفر 1440هـ/17-10-2018م, 07:22 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنعام
[ من الآية (31) إلى الآية (34) ]
{قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ (31) وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (32) قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (33) وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ (34)}

قوله تعالى: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ (31)}

قوله تعالى: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (32)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (للّذين يتّقون أفلا تعقلون (32)
ونظائره في الأعراف، ويوسف والقصص ويس.
قرأ ابن كثير وحمزة والكسائي في القصص بالتاء، والباقي بالياء.
وقرأ أبو عمرو خمسهن بالياء، وهما سيّان، وقد خيّر أبو عمرو في القصص فقال: إن شئت بالتاء، وإن شئت بالياء، وقال: وهما سيّان.
وقرأهن نافع وابن عامر كلهن بالتاء، وتابعهما حفص إلا في يس
[معاني القراءات وعللها: 1/350]
فإنه قرأ (يعقلون) بالياء، وقرأ أبو بكر في رواية الأعشى عنه في القصص بالتاء، والباقي بالياء مثل حمزة، وفي رواية يحيى عنه في يوسف وفي القصص بالتاء، والباقي بالياء.
وقرأ الأصم في الأنعام والقصص ويس (أفلا تعقلون) بالتاء، والباقي بالياء.
قال أبو منصور: من قرأ بالتاء فللمخاطب، ومن قرأ بالياء فللغيبة). [معاني القراءات وعللها: 1/351]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ولدار الآخرة خيرٌ (32)
قرأ ابن عامر وحده: (ولدار الآخرة خيرٌ) بلام واحد، وخفض الآخرة، وقرأ الباقون: (وللدّار الآخرة خيرٌ) بلامين، (الآخرة) رفع.
قال أبو منصور: من قرأ (وللدّار الآخرة) فالآخرة نعت للدار، وهي أجود القراءتين، ومن قرأ (ولدار الآخرة) فإنه أضاف الدار إلى الآخرة.
والعرب تضيف الشيء إلى نعته، كقول الله: (وحبّ الحصيد)،
[معاني القراءات وعللها: 1/351]
وكقوله: (وذلك دين القيّمة)، وكل ذلك فصيحٌ جيد). [معاني القراءات وعللها: 1/352]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (6- وقوله تعالى: {وللدار الآخرة} [32].
قرأ ابن عامر بحذف لامه الأولى {والآخرة} بالخفض والباقون بإثبات اللام و{الآخرة} بالرفع). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/155]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (7- وقوله تعالى: {للذين يتقون أفلا تعقلون} [32].
اختلفوا في خمس (؟ كذا) مواضع، في (الأنعام) و(الأعراف) و(يوسف) و(القصص) و(يس) فقرأهن كلهن نافع بالتاء إلا في سورة (يوسف). وروى [عن] حفص كل ذلك بالتاء إلا في (يس).
وقرأ ابن عامر وعاصم كل ذلك بالتاء إلا هشامًا في (يس) وقرأ الباقون كل ذلك بالياء إلا في (القصص) غير أنا أبا عمرو كان يخير في التاء والياء في (القصص) كما خير في (آل عمران). فمن قرأ بالتاء فالتقدير: قل يا محمد {أفلا تعقلون} يا كفرة، ومن قرأ بالياء فالله تعالى يخبر عنهم أنهم لا يعقلون). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/155]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والتاء من قوله: تتقون أفلا تعقلون [الأنعام/ 32] في خمسة مواضع في الأنعام والأعراف [169] ويوسف [109]، ويس [68]، والقصص [60].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائي بالياء في أربعة مواضع وفي القصص بالتاء.
وقرأ نافع ذلك كلّه بالتاء.
وقرأ عاصم في رواية حفص ذلك بالتاء إلّا قوله في يس:
في الخلق أفلا يعقلون [الآية/ 68] بالياء.
وروى أبو بكر بن عياش: ذلك كلّه بالياء إلّا قوله في يوسف أفلا تعقلون فإنّه قرأه بالتاء وفي القصص أيضا: بالتاء.
وقرأ ابن عامر واحدا بالياء، وسائر ذلك بالتاء، وهو قوله في يس: ننكسه في الخلق أفلا يعقلون وكلّهم قرأ في القصص بالتاء إلّا أبا عمرو فإنّه يقرأ بالتاء والياء.
[الحجة للقراء السبعة: 3/295]
[قال أبو علي] العقل والحجا والنّهى كلم مختلفة الألفاظ متقاربة المعاني، قال الأصمعي: بالدّهناء خبراء، فالدهناء يقال لها: معقلة، قال: [أبو علي] ونراها سمّيت
معقلة لأنّها تمسك الماء، كما يمسك الدواء البطن، فالعقل: الإمساك، عن القبيح، وقصر النفس وحبسها على الحسن. والحج أيضا:
احتباس وتمكّث، قال:
فهنّ يعكفن به إذا حجا روى محمد بن السري، وأنشد الأصمعي:
حيث تحجّى مطرق بالفالق تحجّى: أقام، فكأنّ الحجا مصدر كالشبع. ومن هذا الباب، الحجيّا: للّغز، لتمكّث الّذي يلقى عليه حتى يستخرجها.
قال أبو زيد: حج حجيّاك فالحجيّا جاءت مصغّرة كالثّريّا، والحديّا، ويشبه أن يكون ما حكاه أبو زيد من قولهم: حج
[الحجة للقراء السبعة: 3/296]
حجيّاك، على القلب، تقديره: فع، وحذف اللام المقلوبة إلى موضع العين. وهذا يدلّ على أنّ الكلمة لامها واو. وكذلك النهى لا يخلو من أن يكون مصدرا كالهدى، أو جمعا كالظلم، وقوله تعالى: لأولي النهى [طه/ 128] يقوّي أنّه جمع لإضافة الجمع إليه، وإن كان المصدر يجوز أن يكون مفردا في موضع الجمع وهو في المعنى ثبات وحبس. ومنه النهي والنهي والتنهية: للمكان الذي ينتهي إليه الماء فيستنقع فيه لتسفّله، ويمنعه ارتفاع ما حوله من أن يسيح ويذهب على وجه الأرض.
ووجه القراءة بالياء في قوله: وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا يعقلون أنه قد تقدّم ذكر الغيبة وهو قوله: للذين يتقون والمعنى: أفلا يعقل الذين يتّقون أنّ الدار الآخرة خير لهم من هذه الدار [فيعملوا لما ينالون] به الدرجة الرفيعة [والنعم الدائمة] فلا يفترون في طلب ما يوصل إلى ذلك.
وفي الأعراف: وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق ودرسوا ما فيه والدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا يعقلون [الآية/ 169] [أفلا
[الحجة للقراء السبعة: 3/297]
يعقل] هؤلاء الذين ارتكبوا المحارم في أخذ عرض هذا الأدنى، وأخذ مثله مع أنّهم أخذ الميثاق عليهم في كتابهم، ومعرفتهم له بدرسهم ما في كتابهم أن لا يقولوا على الله إلّا الحقّ، فلا يستحلوا ما حرّم عليهم من تناول أموال غيرهم المحظورة عليهم، وفي يوسف: أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم ولدار الآخرة خير للذين اتقوا أفلا تعقلون [الآية/ 109]، محمول على الغيبة التي قبله في قوله: أفلم يسيروا في الأرض أي: أفلا يعقلون أنّ من تقدّمك من الرسل كانوا رجالا، ولم يكونوا ملائكة، فلا يقترحوا إنزال الملائكة في قولهم: وقالوا لولا أنزل عليه ملك [الأنعام/ 8] وقولهم: لولا أنزل علينا الملائكة [الفرقان/ 21] وليعتبروا بما فيه عاقبة من كان قبلهم فيما نزل من ضروب العذاب.
ووجه القراءة في القصص بالتاء، أن قبله خطابا، وهو قوله تعالى: وما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وزينتها وما عند الله خير وأبقى أفلا تعقلون [القصص/ 60] [أي أفلا
[الحجة للقراء السبعة: 3/298]
تعقلون] فتعملوا بما تستحقون به المنزلة في التي هي خير وأبقى، ولا تركنوا إلى العاجلة التي تفنى ولا تبقى.
وقراءة نافع ذلك كلّه بالتاء، أنّه يصلح أن يوجّه الخطاب في ذلك كلّه إلى الذين خوطبوا بذلك، ويجوز أن يراد الغيب والمخاطبون، فيغلّب الخطاب، وهكذا وجه رواية حفص عن عاصم في قراءته ذلك كلّه بالتاء، وقراءته في يس* بالياء أفلا يعقلون [الآية/ 68]. وجهه أن يحمله على أنّ فاعل يعقلون من تقدّم ذكره من الغيب في قوله: ومن نعمره ننكسه في الخلق [يس/ 68] أفلا يعقل من نعمره أنّه يصير إلى حالة لا يقدر فيها.
أن يعمل ما يعمله قبل الضعف للسن، فيقدّم قبل ذلك من القرب والأعمال الصالحة ما يرفع له، ويدّخر، ويجازى عليه الجزاء الأوفى.؟.
ورواية أبي بكر بن عياش ذلك كلّه بالياء، إلّا قوله في يوسف أفلا تعقلون [الآية/ 109] أي: أفلا تعقلون أيها
[الحجة للقراء السبعة: 3/299]
المخاطبون أن ذلك خير؟ أو على: قل لهم: أفلا تعقلون؟ وفي القصص أيضا بالتاء، فهذا لأنّ قبله خطابا، وقد تقدّم ذكر ذلك.
وقراءة ابن عامر من ذلك واحدا بالياء، وسائر ذلك بالتاء، فوجه التاء قد ذكر.
وأما وجه الياء في قوله: أفلا يعقلون فللغيبة التي قبل، وهو قوله: ومن نعمره ننكسه في الخلق [يس/ 68]، وجاء يعقلون على معنى من، لأنّ معناها الكثرة، وجاء في قوله:
نعمره وننكسه على لفظ من*، ولو جاء على معناها لكان حسنا أيضا، ومثل ذلك في المعنى قوله: ومنكم من يرد إلى أرذل العمر [النحل/ 70]، وقوله: لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم، ثم رددناه أسفل سافلين [التين/ 5].
وقراءة أبي عمرو في القصص بالياء والتاء وتخييره في ذلك، فوجه التاء أبين للخطاب الذي قبله، وهو قوله: وما أوتيتم..
أفلا تعقلون والياء على قوله: أفلا يعقل المميّزون ذلك؟ أراد:
أفلا يعقل المخاطبون بذلك أنّ هذا هكذا). [الحجة للقراء السبعة: 3/300]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: وكلهم قرأ وللدار الآخرة [الأنعام/ 32] بلامين ورفع الآخرة غير ابن عامر فإنّه قرأ: ولدار الآخرة بلام واحدة وخفض الآخرة.
الحجة لقراءتهم قوله: وإن الدار الآخرة لهي الحيوان
[الحجة للقراء السبعة: 3/300]
[العنكبوت/ 64]، وقوله: تلك الدار الآخرة [القصص/ 83]، فالآخرة صفة للدار، وإذا كانت صفة لها وجب أن يجرى عليها في الإعراب، ولا يضاف إليها.
والدّليل على كونها صفة للدّار قوله: وللآخرة خير لك من الأولى [الضحى/ 4] فقد علمت بإقامتها مقامها أنّها هي، وليس غيرها، فيستقيم أن يضاف إليها. ووجه قول ابن عامر أنّه لم يجعل الآخرة صفة للدار، ولكنّه أضاف الآخرة إلى الدار، فلا تكون الآخرة على هذا صفة للدار، لأنّ الشيء لا يضاف إلى نفسه، ولكنّه جعلها صفة للساعة، فكأنّه قال: ولدار الساعة الآخرة، وجاز وصف الساعة بالآخرة، كما وصف اليوم بالآخر في قوله: وارجوا اليوم الآخر [العنكبوت/ 36] وحسن إضافة الدار إلى الآخرة ولم يقبح من حيث استقبحت إقامة الصفة مقام الموصوف لأنّ الآخرة صارت كالأبطح والأبرق، ألا ترى أنّه قد جاء: وللآخرة خير لك من الأولى؟ فاستعملت استعمال الأسماء، ولم تكن مثل الصفات التي لم تستعمل استعمال الأسماء، ومثل الآخرة في أنّها استعملت استعمال الأسماء قولهم:
الدنيا لمّا استعملت استعمال الأسماء حسن أن لا تلحق لام
[الحجة للقراء السبعة: 3/301]
التعريف في نحو قوله:
في سعي دنيا طال ما قد مدّت). [الحجة للقراء السبعة: 3/302]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وللدار الآخرة خير للّذين يتّقون أفلا تعقلون} 32
قرأ ابن عامر {ولدار الآخرة} بلام واحدة {الآخرة} جر وحجته في ذلك إجماع الجمي على قوله في سورة يوسف {كيف كان عاقبة الّذين من قبلهم ولدار الآخرة} بلام واحدة فرد ابن عامر ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه
وقرأ الباقون {وللدار الآخرة} بلامين الآخرة رفع نعت وحجتهم ما في سورة الأعراف {والدّار الآخرة خير للّذين يتّقون}
قرأ نافع وابن عامر وحفص {أفلا تعقلون} بالتّاء أي قل لهم أفلا تعقلون
وقرأ الباقون بالياء وحجتهم أن صدر الآية خبر). [حجة القراءات: 246]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (11- قوله: {أفلا تعقلون} قرأ نافع وابن عامر وحفص بالتاء، ومثله في الأعراف ويوسف، غير أن أبا بكر يكون معهم في يوسف على التاء، وخير أبو عمرو في التاء والياء في سورة القصص، والأشهر عنه الياء، وقرأ نافع وابن ذكوان {أفلا تعقلون} في يس بالتاء، وقرأ الباقون بالياء في ذلك كله.
وحجة من قرأ بالياء أنه رده على ما قبله، من لفظ الغيبة، في قوله: {خير للذين يتقون}، وكذلك في الأعراف، ردوه على «يتقون» أيضًا، وكذلك في يوسف، ردوه على قوله: {فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم} «109».
12- وحجة من قرأ بالتاء أنه جعله خطابًا للذين أخبر عنهم بما قبله). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/429]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (13- قوله: {وللدار الآخرة} قرأه ابن عامر بلام واحدة، وحفص «الآخرة»، وقرأ الباقون بلامين، ورفع «الآخرة».
وحجة من قرأ بلامين أنه أدخل لام الابتداء على الدال، ورفع «الدار» بالابتداء وجعل «الآخرة» نعتًا لها، والخبر {خير للذين} كما قال: {وإن الدار الآخرة لهي الحيوان} «العنكبوت 64» وقال: {تلك الدار الآخرة} «القصص 83» فأنّث «الآخرة» صفة لـ «الدار» فيهما، ولما كانت «الآخرة» صفة
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/429]
لم يصح أن تضيف الموصوف إليها، وقد اتسع في هذه الصفة فأقيمت مقام الموصوف، كما أقيمت الأولى مقام الموصوف، قال الله تعالى ذكره: {وللآخرة خير لك من الأولى} «الضحى 4» وهو الاختيار لإجماع القراء عليه ولصحة معناه في الصفة، والتعريف لـ «الدار».
14- وحجة من قرأ بلام واحدة أنه لم يجعل «الآخرة» صفة لـ «الدار» فأضاف «الدار» إليها، فلم يمكن دخول الألف واللام عليها للإضافة، و«الآخرة» في الأصل صفة للساعة، كأنه قال، ولدار الساعة الآخرة، فوصف الساعة بالآخرة، كما وصف اليوم بالآخر، في قوله: {وارجوا اليوم الآخر} «العنكبوت 36» لكن توسع فيها فاستعملت استعمال الأسماء، فجازت الإضافة إليها كما فعلوا ذلك في «الدنيا»، وأصلها الصفة من «الدنو»، وقد تقدم ذكر «ليحزنك» وبابه وعلته). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/430]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (7- {وَلَدَّارُ الْآخِرَةُ} [آية/ 32] بلام واحدة، وجر {الْآخِرَةُ}:-
قرأها ابن عامر وحده.
[الموضح: 464]
والوجه أنه جعل الدار مضافة إلى الآخرة، وليس الآخرة صفة للدار، فإن الشيء لا يضاف إلى نفسه، ولكن في {الْآخِرَةُ} صفة موصوف محذوف، والتقدير دار الساعة الآخرة.
وقرأ الباقون {وَلَلدَّارُ} بلامين في {الْآخِرَةُ} رفع.
والوجه أن {الْآخِرَةُ} صفة للدار، كما قال تعالى {وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ} و{تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا} فالآخرة صفة للدار، وإذا كانت صفة لها كانت تابعة لها في الإعراب، ولا تكون مضافا إليها، واللام الأولى من {لَلدَّارُ} هي لام الابتداء دخلت على لام التعريف). [الموضح: 465]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (8- {أَفَلا تَعْقِلُونَ} [آية/ 32] بالتاء:-
قرأها نافع وابن عامر ويعقوب، وكذلك في الأعراف ويوسف والقصص ويس.
وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي في القصص بالتاء، والباقي بالياء.
وقرأ عاصم -ياش- بالتاء في يوسف والقصص.
[الموضح: 465]
ووجه التاء أنها على خطاب الذين خوطبوا، أي أفلا تعقلون أيها المخاطبون؟.
ويجوز أن يكون على تقدير: قل لهم أفلا تعقلون؟.
ويجوز أن يكون المراد به الغائبون والحاضرون، فغلب الخطاب.
وقرأ أبو عمرو بالياء في الجميع.
والوجه أنه قد تقدم ذكر الغيبة، وهو قوله {لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ}، والمعنى: أفلا يعقل الذين يتقون أن الدار الآخرة خير لهم من هذه الدار فيعملوا لها). [الموضح: 466]

قوله تعالى: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (33)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فإنّهم لا يكذّبونك... (33)
قرأ نافع، والأعشى عن أبي بكر، والكسائي (فإنّهم لا يكذبونك) خفيفا. وشدد الباقون.
قال أبو منصور: من قرأ (لا يكذبونك) مخففا فمعناه: لا يقدرون أن يقولوا لك فيما أنبأت به مما في كتبهم: كذبت؛ لأن معنى: أكذبت الرجل: أريت أن ما أتى به كذب.
ومن قرأ (لا يكذّبونك) بالتشديد، فمعناه: لا يقولون لك: كذبت، يقال: كذبت الرجل، إذا نسبته إلى الكذب، وأكذبته، أي: وجدته كذابًا). [معاني القراءات وعللها: 1/352]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (8- وقوله تعالى: {فإنهم لا يكذبوك} [33].
قرأ نافع والكسائي {لا يكذبونك} بالتخفيف.
وقرأ الباقون بالتشديد {يكذبونك}.
فمن شدد فمعناه: إنهم يكذبونه في نفسه، ومن خفف فالتقدير: غنهم لا يصيبونك كاذبًا؛ لأن المشركين ما شكوا في صدق النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: نكذب بما جئت به). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/155]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (9- وقوله تعالى: {إنه ليحزنك الذي يقولون} [33].
قرأ نافع وحده {يحزنك} بالضم. [وكسر الزاي}.
وقرأ الباقون بالفتح، وهو الاختيار واللغة الفصيحة لقولهم: محزون ولا يقال محزن؛ لأن من قال: أحزنت فلانًا وجب أن يكون الفاعل محزنًا والمفعول محزنًا، والاختيار حزنني الأمر، أنشدني ابن عرفة رضي الله عنه:
لا تحزنيني بالفراق فإنني = لا تستهل من الفراق شؤوني). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/156]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في التخفيف والتشديد من قوله تعالى: فإنهم لا يكذبونك [الأنعام/ 33].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة وعاصم وابن عامر: فإنهم لا يكذبونك مشدّدة.
وقرأ نافع والكسائيّ يكذبونك خفيفة.
يجوز أن يكون المعنى في من ثقّل فقال: يكذبونك: قلت له: كذبت، مثل: زنّيته وفسّقته، نسبته إلى الزّنا والفسق، وفعّلت في هذا المعنى قد جاء في غير شيء نحو: خطّأته أي، نسبته إلى الخطأ، وسقّيته، ورعّيته، قلت له: سقاك الله، ورعاك الله، وقد جاء في هذا المعنى «أفعلته» قالوا: أسقيته، قلت له: سقاك الله، قال:
وأسقيه حتّى كاد ممّا أبثّه... تكلّمني أحجاره وملاعبه
فيجوز على هذا أن يكون معنى القراءتين واحدا، وإن
[الحجة للقراء السبعة: 3/302]
اختلف اللفظان، إلّا أنّ: فعّلت إذا أراد أن ينسبه إلى أمر أكثر من أفعلت. ويؤكّد أن القراءتين بمعنى، أنّهم قالوا: قلّلت وكثّرت، وأقللت وأكثرت بمعنى، حكاه سيبويه.
ومعنى لا يكذبونك: لا يقدرون أن ينسبوك إلى الكذب فيما أخبرت به ممّا جاء في كتبهم.
ويجوز لا يكذبونك لا يصادفونك كاذبا، كما تقول:
أحمدته، إذا أصبته محمودا، لأنّهم يعرفونك بالصّدق والأمانة، ولذلك سمي الأمين قال أبو طالب:
إنّ ابن آمنة الأمين محمّدا ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون [الأنعام/ 33] أي يجحدون بألسنتهم ما يعلمونه يقينا لعنادهم، وما يؤثرونه من ترك الانقياد للحقّ، وقد قال في صفة قوم وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا [النمل/ 14]، ويدلّ على أنّ يكذبونك في قول من خفّف [ينسبونك إلى الكذب] قول الشاعر.
فطائفة قد أكفرتني بحبّكم... وطائفة قالوا مسيء ومذنب
[الحجة للقراء السبعة: 3/303]
أي: قد نسبتني إلى الكفر.
قال أحمد بن يحيى: كان الكسائيّ يحكي عن العرب:
أكذبت الرجل، إذا أخبرت أنّه جاء بكذب، وكذّبته: إذا أخبرت أنّه كذّاب، فقوله: أكذبته: إذا أخبرت أنّه جاء بكذب كقولهم:
أكفرته، إذا نسبوه إلى الكفر، وكذّبته: أخبرت أنّه كذاب، مثل:
فسّقته، إذا أخبرت أنّه فاسق). [الحجة للقراء السبعة: 3/304]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قرأ نافع وحده: قد نعلم أنه ليحزنك الذي يقولون [الأنعام/ 33] بضم الياء وكسر الزاي.
وقرأ الباقون ليحزنك بفتح الياء وضمّ الزاي.
يقال: حزن يحزن حزنا وحزنا، قال: ولا تحزن عليهم [النمل/ 70]، ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون [البقرة/ 62].
قال سيبويه: قالوا: حزن الرجل وحزنته، قال: وزعم الخليل أنّك حيث قلت حزنته لم ترد أن تقول: جعلته حزينا، كما أنّك حيث قلت: أدخلته، أردت جعلته داخلا، ولكنّك أردت أن تقول: جعلت فيه حزنا، كما قلت: كحلته، جعلت فيه كحلا.
ودهنته، جعلت فيه دهنا، ولم ترد بفعلته هاهنا. تغيير قوله:
حزن، ولو أردت ذلك لقلت: أحزنته.
ومثل ذلك شتر الرجل وشترت عينه، فإذا أردت تغيير شتر
[الحجة للقراء السبعة: 3/304]
الرجل، قلت: أشترت، كما تقول: فزع وأفزعته. انتهى كلام سيبويه.
فعل وفعلته جاء في حروف، واستعمال حزنته أكثر من أحزنته، فإلى كثرة الاستعمال ذهب عامة القراء.
وقال: إني ليحزنني أن تذهبوا به [يوسف/ 13] وحجّة نافع: أنّه أراد تغيير حزن فنقله بالهمز.
وقال الخليل: إذا أردت تغيير حزن قلت: أحزنته، فدلّ هذا من قوله على أنّ أحزنته مستعمل. وإن كان حزنته أكثر في الاستعمال.
ويقوّي قوله: أنّ أبا زيد حكى في كتاب «خبأة»: أحزنني الأمر إحزانا وهو يحزنني، ضمّوا الياء.
وقال سيبويه: قال بعض العرب: أفتنت الرجل، وأحزنته، وأرجعته، وأعورت عينه، أرادوا: جعلته حزينا وفاتنا، فغيّروا ذلك كما فعلوا ذلك بالباب الأوّل). [الحجة للقراء السبعة: 3/305]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قد نعلم إنّه ليحزنك الّذي يقولون فإنّهم لا يكذبونك ولكن الظّالمين بآيات الله يجحدون}
قرأ نافع {ليحزنك} بضم الياء وكسر الزّاي في جميع القرآن إلّا في سورة الأنبياء فإنّه قرأ {لا يحزنهم} بفتح الياء وضم الزّاي فإن سأل سائل فقال لم خالف أصله الجواب عنه ما ذكره سيبويهٍ أن بين أحزنته وحزنته فرقانا وهو أن أحزنته أدخلته في الحزن وحزنته أوصلت إليه الحزن فقولهم {لا يحزنهم الفزع الأكبر} أي لا يصيبهم أدنى حزن فإذا قلت أحزنته أي أدخلته في الحزن أي أحاط به وما اهتدى إلى هذا الفرقان غير نافع
[حجة القراءات: 246]
قرأ نافع والكسائيّ {فإنّهم لا يكذبونك} بإسكان الكاف وتخفيف الذّال قال الكسائي معنى لا يكذبونك أنهم ليسوا يكذبون قولك فيما سوى ذلك قال والعرب تقول أكذبت الرجل إذا أخبرت أنه جاء بالكذب وكذبته أخبرت أنه كاذب فكان الكسائي يذهب إلى أن الإكذاب يكون في بعض حديث الرجل وأخباره الّتي يرويها والتكذيب يكون في كل ما أخبر أو حدث به وهذا معنى قول الفراء وذاك أنه قال معنى التّخفيف والله أعلم لا يجعلونك كذابا وإنّما يريدون أن ما جئت به باطل لأنهم لم يجربوا عليه كذبا فيكذبوه إنّما أكذبوه أي ما جئت به كذب لا نعرفه والتّفسير يصدق قولهم
روي عن عليّ بن أبي طالب كرم الله وجهه أنه قال إن أبا جهل قال للنّبي صلى الله عليه وآله إنّا لا نكذبك إنّك عندنا لصادق ولكن نكذب الّذي جئت به فأنزل الله الآية
وحجتهم في ذلك قوله جلّ وعز {وكذب به قومك وهو الحق} أي قالوا ما جئتنا به كذب إذ لم يقل وكذبك قومك وهو الحق كأنّهم قالوا هو كذب أخذته عن غيرك كما قال جلّ وعز {إنّما يعلمه بشر}
وقد اختلف في ذلك المتقدمون فقال محمّد بن كعب فإنّهم
[حجة القراءات: 247]
لا يكذبونك أي لا يبطلون ما في يديك وقال قطرب أكذبت الرجل إذا دللت على كذبه فكان تأويل ذلك لا يدلون على كذبك ببرهان يبطل ما جئتهم به وقال ابن مسلم {فإنّهم لا يكذبونك} أي لا يجدونك كاذبًا تقول أكذبت الرجل إذا وجدته كاذبًا كما تقول أحمدت الرجل إذا وجدته محمودًا
وكان قوم من أهل العربيّة يذهبون إلى أنّهما لغتان مثل أوفيت الرجل حقه ووفيته وأعظمته وعظمته
وقرأ الباقون {فإنّهم لا يكذبونك} بالتّشديد قال ابن عبّاس لا يسمونك كذابا ولكنهم ينكرون آيات الله بألسنتهم وقلوبهم موقنة بأنّها من عند الله وحجتهم ما وراه اليزيدي عن أبي عمرو فقال
[حجة القراءات: 248]
وتصديقها قوله بعدها {ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا} فتأويل ابي عمرو فإن الكفّار لا يكذبونك جهلا منهم بصدق قولك بل هم موقنون بأنك رسول من عند ربهم ولكنهم يكذبونك قولا
وقال الزّجاج وتفسير {لا يكذبونك} أي لا يقدرون أن يقولوا لك فيما أنبأت به ممّا في كتبهم كذبت ووجه آخر أنهم لا يكذبونك بقلوبهم أي يعلمون أنّك صادق والّذي يدل على هذا القول أنهم لا يكذبونك بقلوبهم قوله {ولكن الظّالمين بآيات الله يجحدون} والجحد أن تنكر بلسانك ما تستيقنه في نفسك ألا ترى أنّك تقول جحدني حقي قال الله جلّ وعز {وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم} وكان ابن عبّاس يحتج بهذا
وقد اختلف في ذلك أهل العربيّة فقال عبد الله ابن مسلم {فإنّهم لا يكذبونك} أي لا ينسبونك إلى الكذب تقول كذبت الرجل أي نسبته إلى الكذب وظلمته أي نسبته إلى الظّلم
وقال بعض أهل العربيّة {فإنّهم لا يكذبونك} أي لا يصححون عليك الكذب تقول كذبته أي صححت عليه الكذب). [حجة القراءات: 249]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (15- قوله: {لا يكذبونك} قرأن نافع والكسائي التخفيف، وشدد الباقون.
وحجة من خففه أنه حمله على معنى: لا يجدونك كاذبًا، لأنهم يعرفونك بالصدق، فهو من باب: أحمدت الرجل، وجدته محمودًا، ودل على صحة ذلك قوله: {ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون} أي: يجحدون بأنفسهم ما يعلمون صحته يقينًا عيانًا عنادًا منهم، وحكى الكسائي عن العرب «أكذبت الرجل» إذا أخبرت أنه جاء بكذب، وكذبتَه إذا أخبرت أنه كذاب، وقيل: معنى التخفيف: فإنهم لا يجعلونك كذابًا، إذ لم يجربوا عليك الكذب، وحكى قطرب: أكذبت الرجل دللت على كذبه، وقيل: التخفيف والتشديد لغتان.
16- وحجة من شدد أنه حمله على معنى: فإنهم لا ينسبونك إلى الكذب،
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/430]
كما يقال: فسقته وخطأته، نسبته إلى الفسق وإلى الخطأ، فالمعنى: فإنهم لا يقدرون أن ينسبوك إلى الكذب، فيما جئتهم به، لأنه في كتبهم). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/431]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (9- {فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ} [آية/ 33] بتسكين الكاف وتخفيف الذال:-
قرأها نافع والكسائي.
والمعنى: لا يقدرون على أن ينسبوك إلى الكذب فيما أخبرت به، يقال: أكذب الرجل إذا نسبته إلى الكذب، مثل كذبته.
ويجوز أن يكون المعنى: لا يصادفونك كاذبًا، كما تقول: أحمدته إذا وجدته محمودًا.
وقرأ الباقون {لا يُكَذِّبُونَكَ} بفتح الكاف وتشديد الذال.
وهذا هو الأكثر الأشهر في معنى النسبة، يقال: زنيت الرجل وفسقته وكفرته كلها بالتشديد إذا نسبته إلى الزنى والفسق والكفر، وقد جاء في غير
[الموضح: 466]
شيء نحو: خطأته: نسبة إلى الخطأ، وهو أكثر من أن يحصى، فيجوز أن يكون معنى القراءتين واحدًا). [الموضح: 467]

قوله تعالى: {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ (34)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 7 صفر 1440هـ/17-10-2018م, 07:24 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنعام
[ من الآية (35) إلى الآية (37) ]

{وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآَيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ (35) إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (36) وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آَيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (37)}

قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآَيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ (35)}

قوله تعالى: {إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (36)}

قوله تعالى: {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آَيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (37)}
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (10- {إِنَّ الله قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً} [آية/ 37] بالتخفيف:-
قرأها ابن كثير وحده، وقرأ الباقون {يُنَزِّلَ} مشددة.
وقد مضى الكلام في نزل وأنزل أنهما بمعنى واحد). [الموضح: 467]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 7 صفر 1440هـ/17-10-2018م, 07:26 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنعام
[ من الآية (38) إلى الآية (41) ]

{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (38) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (39) قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (40) بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ (41)}

قوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (38)}

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (39)}

قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (40)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (قل أرأيتكم... (40)، و: (أرأيت) و(أرأيتم).
[معاني القراءات وعللها: 1/352]
قرأ نافع كل هذا في القرآن بألف في تقدير الهمز، ولا يهمز، وقرأ الكسائي بغير ألف وبغير همز (أريتكم) وقرأ الباقون بالهمز في هذا كله.
قال أبو منصور: من قرأ (أرأيتكم) و(أرأيتم) بالهمز فعلى أن أصل الحرف مهموز، ومن قرأ (أرايتم) فعلى تخفيف الهمز، ومن قرأ (أريتكنم) و(أريتم) فعلى حذف الهمز، وكلها لغات صحيحة.
والعلة في قوله (أرأيتكم) هو خطاب للجماعة، ولم يقل: (أرأيتموكم)؛ لأن العرب إذا أرادت بمعنى (أرأيت) الاستخبار تركوا التاء مفتوحة في الواحد والجمع والمؤنث، وإذا أرادوا رؤية العين ثنوا وجمعوا وأنّثوا، فقالوا للرجلين: (أرأيتماكما)، وللجماعة: (أرأيتموكم)، وللنساء: (أرأيتنّكن)، وللمرأة: (أرأيتك) بكسر التاء.
فاعرف الفرق بين المعنيين.
ومعنى قول الله عزّ وجلّ: (قل أرأيتكم) استفهام معناه التقرير، يستخبرهم ليقرّرهم). [معاني القراءات وعللها: 1/353]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (10- وقوله تعالى: {قل أرأيتم ....} [40].
قرأ نافع جميع ما في القرآن من الاستفهام بترك الهمزة تخفيفًا؛ وذلك أنه كره أن يجمع بين همزتين الأولى: همزة استفهام، وهي زائدة والثانية: عين الفعل، وهي أصلية، وهذا إنما يكون في الماضي فأما الفعل المضارع نحو يرى وترى فإجماع القراء والعرب على ترك الهمزة إلا الشاعر كإنه إذا اضطر همز على الأصل كقوله:
أرى عيني ما لم ترأياه
كلانا عالم بالترهات
وأهل الحجاز يقولون في الأمر: يا زيد براء واحدة، وتزيد هاء للسكت
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/156]
فتقول: ره. وتميم إرء بالهمز يردون الهمزة.
وقرأ الكسائي: {أرايت} بإسقاط الهمزة من غير تليين. وذلك أن الكسائي لما وجد العرب مجتمعة على ترك الهمز في المستقبل بنى الماضي على المستقبل مع زيادة الهمزة في أولها، وهل لغة مشهورة قال الشاعر:
أريت إن جئت به أملودا
مرجلاً ويلبس البرودا
أقائلن أحضروا الشهودا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/157]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله} 40
[حجة القراءات: 249]
قرأ نافع {قل أرأيتكم} و{أرأيتم} بالألف من غير همز وحجته في ذلك أنه كره أن يجمع بين همزتين ألا ترى أنه قرأ {وإذا رأيت} بالهمز لأنّه لم يتقدمه همزة الاستفهام فيترك الثّانية
وقرأ الكسائي (أريتكم) بغير همزة ولا ألف وحجته إجماع العرب على ترك الهمزة في المستقبل في وقولهم ترى ونرى فبني الماضي على المستقبل مع زيادة الهمزة في أولها فإذا لم تكن في أولها همزة الاستفهام لم يترك الهمزة مثل رأيت لأن من شرطه إذا تقدمها همزة الاستفهام فحينئذٍ يستثقل الجمع بينهما وأخرى وهي أنّها كتبت في المصافح بغير ألف
وقرأ الباقون {أرأيتكم} و{أرأيتم} بالهمزة وحجتهم أنهم لم يختلفوا فيما كان من غير استفهام فكذلك إذا دخل حرف الاستفهام فالحرف على أصله ألا ترى أنهم لم يختلفوا في قوله {رأيت المنافقين} و{ورأيت النّاس} ). [حجة القراءات: 250]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (17- قوله: {أرأيتكم} و{أرأيتم} و{أرأيت} الكهف «63» قرأ نافع في ذلك كله، حيث وقع بتخفيف الهمزة الثانية، وحذفها الكسائي، وحققها الباقون.
وحجة من حقق أنه أتى بالكلمة على أصلها، والأصل الهمز، لأن همزة الاستفهام دخلت على «رأيت» فالهمزة عين الفعل، والياء ساكنة، لاتصال المضمر المرفوع بها.
18- وحجة من خفف الثانية أنه استثقل اجتماع همزتين في فعل، مع اتصال الفعل بضمير، وذلك كله ثقيل، فخفف الثانية بين الهمزة والألف على الأصل المتقدم الذكر، والياء ساكنة على أصلها، ولم يمتنع تخفيف الهمزة بين بين، مع سكونها ما بعدها، لأنها في زنة المخففة المتحركة، وقد روي عن ورش أنه أبدل من الهمزة ألفًا، لأن الرواية عنه أنه يمد الثانية، والمد لا يتمكن إلا مع البدل، والبدل فرع على الأصول، والأصل أن تجعل الهمزة بين الهمزة المفتوحة والألف، وعليه كل من خفف الثانية غير ورش، وحسن جواز البدل في الهمزة، وبعدها ساكن؛ لأن الأول حرف مد ولين، فالمد الذي يحذف مع الساكن يقوم مقام حركة، يوصل بها إلى النطق بالساكن الثاني، وقد مضى ذكر هذا). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/431]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (11- {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ} [آية/ 40] بغير همز:-
قرأها الكسائي وحده، وكذلك مثلها في جميع القرآن.
والوجه أنه حذف الهمزة حذفًا على غير التخفيف القياسي؛ لأن القياس في تخفيفها فهنا أن تجعل بين بين، كما قرأ نافع، لكن هذا حذف على غير قياس، كما قالوا: ويلمه.
وكان نافع يشير بعد الراء إلى الألف من غير همز في جميع القرآن.
[الموضح: 467]
ووجهه أنه خفف الهمزة على القياس، وقياسها إذا خففت في هذا النحو أن تجعل بين بين.
وقرأ الباقون {أَرَأَيْتَكُمْ} وبابها بالهمز في كل القرآن، وهو الأصل في الكلمة؛ لأن الأصل فيها تحقيق الهمزة؛ لأنها فعلت من الرؤية، فالهمزة عين الفعل). [الموضح: 468]

قوله تعالى: {بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ (41)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 7 صفر 1440هـ/17-10-2018م, 07:28 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنعام
[ من الآية (42) إلى الآية (45) ]

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42) فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (43) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44) فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (45)}

قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42)}

قوله تعالى: {فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (43)}

قوله تعالى: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فتحنا عليهم أبواب كلّ شيءٍ... (44).
[معاني القراءات وعللها: 1/354]
قرأ ابن عامر فيما روى ابن مجاهد (فتّحنا) بتشديد التاء، وقرئ على أبي الحسن - الدمشقي لابن عامر بالتخفيف، وقرأ الباقون بالتخفيف.
قال: من شدد التاء من (فتّحنا) فلتكثير الأبواب، ومن خفف فلأن الفعل واحد، وكل ذلك جائز، والتخفيف أكثر في القراءة). [معاني القراءات وعللها: 1/355]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (11- [وقوله تعالى: {فتحنا عليهم...} [44]].
قرأ ابن عامر: {فتحنا عليهم} هنا وفي (الأعراف) و(القرم) {وفتحت} في (الأنبياء) بتشديد التاء في الأربعة.
والباقون بتخفيفها). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/157]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قرأ ابن عامر وحده فتحنا عليهم* [الأنعام/ 44].
مشدّدة، وقرأها الباقون مخفّفة.
حجة التشديد مفتحة لهم الأبواب [ص/ 50]، وحجة التخفيف قوله:
ما زلت أفتح أبوابا وأغلقها). [الحجة للقراء السبعة: 3/441]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فلمّا نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء}
قرأ ابن عامر {فتحنا عليهم} بالتّشديد أي مرّة بعد مرّة وحجته قوله {أبواب كل شيء} الأبواب فذكر الأبواب ومع الأبواب تشدد كما قال {مفتحة لهم الأبواب} وكذلك قرأ في الأعراف والأنبياء والقمر بالتّشديد
[حجة القراءات: 250]
وقرأ الباقون بالتّخفيف وحجتهم أن التّخفيف يصلح للقليل وللكثير). [حجة القراءات: 251]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (19- قوله: {فتحنا} قرأه ابن عامر هنا وفي الأعراف «فتحنا» وفي الأنبياء {فتحت} وفي القمر {ففتحنا} بالتشديد في الأربعة، وخففهن الباقون وكلهم خفف ما جاء بعده اسم مفرد نحو: {ولو فتحنا عليهم بابا} «الحجر 14» والتخفيف والتشديد لغتان، غير أن التشديد فيه معنى التكثير والتكرير، والتخفيف الاختيار للإجماع عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/432]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (12- {فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ} [آية/ 44] بالتشديد:-
قرأها ابن عامر، وكذلك جميع ما في القرآن من لفظ التفتيح، ووافقه يعقوب إلا في حرفين: في الأنعام {فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ}، وفي الأعراف {لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ} خففهما وشدد ما سواهما.
وإنما خففهما؛ لأنه لم تكن الأبواب فيهما حقيقة، وإنما هما على المجاز، والأبواب فيما سواهما حقيقة.
وقرأ الباقون بالتخفيف في الأنعام والأعراف والقمر، واختلفوا في البواقي، وتذكر في موضعها إن شاء الله.
قد سبق القول في فعل وفعل بالتخفيف والتشديد، وأن التخفيف يصلح للقليل والكثير، والتشديد يخص الكثير). [الموضح: 468]

قوله تعالى: {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (45)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 7 صفر 1440هـ/17-10-2018م, 07:29 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنعام
[ من الآية (46) إلى الآية (49) ]

{ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ (46) قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ (47) وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَمَنْ آَمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (48) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (49)}

قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ (46)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (يأتيكم به انظر... (46)
روى ابن المسيبي عن أبيه عن نافع وأبو قرة عنه (به انظر) بضم الهاء، وكسرها الباقون.
قال أبو منصور: هما لغتان، وقد مر تفسيرهما في أول الكتاب). [معاني القراءات وعللها: 1/354]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واختلفوا في الهمز وتركه، وإثبات الألف من غير همز من قوله تعالى: أرأيتم [الأنعام/ 46] وأ رأيتكم [الأنعام/ 40]، وأ رأيت [الكهف/ 63].
فقرأ ابن كثير، وعاصم، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة:
[الحجة للقراء السبعة: 3/305]
أرأيتم وأرأيتكم وأرأيت بألف في كلّ القرآن بالهمز.
وقرأ نافع: أرايتم، وأ رايتكم، وأ رايت بألف في كل القرآن من غير همز على مقدار ذوق الهمز.
وقرأ الكسائيّ: أريتم، وأريتكم، وأريت، وأريتك بغير همز ولا ألف.
[قال أبو علي] من قال: أرأيتم وأرأيتكم فهمز، وحقّق الهمز فوجه قوله بيّن، لأنّه فعلت من الرؤية، فالهمزة عين الفعل.
وقوله: قرأ نافع بألف في كل القرآن من غير همز على مقدار ذوق الهمز، يريد: أن نافعا كان يجعل الهمزة بين بين، وقياسها إذا خفّفت أن تجعل بين بين، أي بين الهمزة والألف، فهذا التخفيف على قياس التحقيق.
وأمّا قول الكسائي أريتم، وأريت فإنّه حذف الهمزة حذفا على غير التخفيف، ألا ترى أنّ التخفيف القياسيّ فيها أن تجعل بين بين، كما قرأ نافع؟ وهذا حذف للتخفيف، كما قالوا: ويلمّه، وكما أنشده أحمد بن يحيى:
[الحجة للقراء السبعة: 3/306]
إن لم أقاتل فالبسوني برقعا وكقول أبي الأسود:
يا با المغيرة ربّ أمر معضل ولو كان ذلك كلّه على التخفيف القياسي، لكانت بين بين، ولم تحذف، وقد زعموا أنّ عيسى كذلك كان يقرؤها على الحذف.
وممّا يقوّي ذلك من استعمالهم قول الشاعر:
فمن را مثل معدان بن ليلى... إذا ما النسع طال على المطيّة
فهذا على أنّه قلب الهمزة ألفا كما قلبها في قوله:
لا هناك المرتع فاجتمعت مع المنقلبة عن اللّام، فحذفت إحداهما لالتقاء الساكنين، فهذا يقوّي قول عيسى والكسائي.
وممّا جاء على ذلك قول الراجز:
[الحجة للقراء السبعة: 3/307]
أريت إن جئت به أملودا... مرجّلا ويلبس البرودا
فأمّا القول في: أرأيتك زيدا ما فعل، وفتح التاء في جميع الأحوال، فالقول في ذلك أنّ الكاف في أرأيتك لا يخلو من أن يكون للخطاب مجردا، ومعنى الاسم مخلوع منه، [أو يكون دالا عليه مع دلالته] على الخطاب فالدّليل على أنّه للخطاب مجردا من علامة الاسم أنّه لو كان اسما لوجب أن يكون
[الحجة للقراء السبعة: 3/308]
الاسم الذي بعده في نحو قوله: أرأيتك هذا الذي كرمت علي [الإسراء/ 62] وقولهم: أرأيتك زيدا ما صنع؟ لو كان الكاف اسما ولم يكن حرفا للخطاب لوجب أن يكون الاسم الذي بعده الكاف الكاف في المعنى، ألا ترى أنّ أرأيت: يتعدّى إلى مفعولين يكون الأوّل منهما هو الثاني في المعنى وفي كون المفعول الذي بعده ليس الكاف، وإنّما هو غيره دلالة على أنّه ليس باسم، وإذا لم يكن اسما كان حرفا للخطاب مجردا من معنى الاسمية، كما أنّ الكاف في «ذلك- وهنالك- وأبصرك زيدا» للخطاب، وكما أنّ التاء في أنت، كذلك، فإذا ثبت أنّه للخطاب معرّى من معنى الاسميّة ثبت أنّ التاء لا يجوز أن يكون فيه معنى الخطاب، ألا ترى أنّه لا ينبغي أن تلحق الكلمة علامتان للخطاب، كما لا تلحقها علامتان للتأنيث، ولا علامتان للاستفهام فلما لم يجز ذلك، أفردت التاء في جميع الأحوال، لمّا كان الفعل لا بدّ له من فاعل، وجعل في جميع الأحوال على لفظ واحد، لأنّ ما يلحق الكاف من معنى الخطاب يبيّن الفاعلين، فيخصّص التأنيث من التذكير، والتثنية من الجمع، ولو لحقت
[الحجة للقراء السبعة: 3/309]
علامة التأنيث والجمع التاء، لاجتمعت علامتان للخطاب مما يلحق التاء وما يلحق الكاف، فلمّا كان ذلك يؤدّي إلى ما لا نظير له، رفض، وأجري على ما عليه سائر كلامهم من هذا النحو.
وكلّهم قرأ: به، انظر [الأنعام/ 46] بكسر الهاء إلّا أنّ ابن المسيبي روى عن أبيه عن نافع به انظر برفع الهاء، وكذلك أبو قرّة عن نافع أيضا، ولم يروه عن نافع غيرهما.
من قال: به انظر حذف الياء التي تلحق الهاء في نحو:
بهي عيب، لالتقاء الساكنين: وهما الياء والفاء من انظر.
ومن قال: به انظر فهو على قول من قال: فخسفنا بهو وبدار هو [القصص/ 81] فحذف الواو لالتقاء الساكنين، كما حذف الياء من بهي لذلك فصار به انظر، وممّا يحسّن هذا الوجه أنّ الضّمّة فيه مثل الضمة في أن اقتلوا [النساء/ 66] أو انقص [المزمل/ 3] ونحو ذلك.
فأمّا قوله: قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم، وختم على قلوبكم [الأنعام/ 46] ثمّ قال: يأتيكم به [الأنعام/ 46] فقال أبو الحسن: هو على السمع أو على ما أخذ منكم). [الحجة للقراء السبعة: 3/310] (م)
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (13- {بِهِ انْظُرْ} [آية/ 46] بضم الهاء في الوصل:
رواها الأصفهاني عن -ش- عن نافع، وهو على قراءة من قرأ {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ} وقد تقدم وجهه، وحذف الواو من {بِهِ انْظُرْ} لالتقاء الساكنين وهما الواو والنون من {انْظُرْ}، ويحسن هذا الوجه أن الضمة فيه مثل الضمة في {أَنِ اقْتُلُوا}. وقرأ الباقون بكسر الهاء.
والوجه أنه حذف الياء من بهي لالتقائه مع النون من {انْظُرْ} كما سبق في القراءة الأولى). [الموضح: 469]

قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ (47)}

قوله تعالى: {وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَمَنْ آَمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (48)}

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (49)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 7 صفر 1440هـ/17-10-2018م, 07:31 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنعام
[ من الآية (50) إلى الآية (53) ]

{قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ (50) وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (51) وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (52) وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ (53)}

قوله تعالى: {قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ (50)}

قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (51)}

قوله تعالى: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (52)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (بالغداة والعشيّ... (52)
قرأ ابن عامر وحده (بالغدوة) بواو في السورتين، ها هنا وفي الكهف، وقرأ الباقون (بالغداة) بألف في الحرفين.
[معاني القراءات وعللها: 1/358]
وأخبرني المنذري عن أبي طالب عن أبيه عن الفراء أنه قال: (غدوة) لا يدخلها الألف واللام؛ لأنها معرفة بغير ألف ولام، قال الفراء: وسمعت أبا الجراح يقول: ما رأيت كغدوة قط، يريد: كغداة يومه، والعرب لا تضيفها، وكذلك لا يدخلون فيها الألف واللام، إنما يقولون: أتيناه غداة الخميس، ولا يقولون: غدوة الخميس، فهذا دليل على أنها معرفة.
قال أبو منصور: وإذا لم يردوا بغدوة غداة يومٍ بعينه وأرادوا غدوةً من الغدوات جاز دخول الألف واللام، وعلى هذا المعنى توجّه قراءة ابن عامر). [معاني القراءات وعللها: 1/359]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (13- وقوله تعالى {بالغداوة والعشي} [52].
قرأ ابن عامر وحده {بالغدوة والعشي} بالواو، وإنما حمله على ذلك؛ لأنه وجده في المصحف بالواو، وإنما كتب بالواو كما كتب «الصلوة» بالواو؛ وإنما لم يكن ذلك الوجه، لأن غداة نكرة، وغدوة معرفة ولا يستعمل بالألف واللام، ومراد الله تعالى والله أعلم ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي أي: غداة كل يوم. نزل ذلك في فقراء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/158]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (كلّهم قرأ بالغداة والعشي [الأنعام/ 52] بألف، غير ابن عامر، فإنّه قرأ: بالغدوة والعشي في كل القرآن بواو.
الوجه: الغداة، لأنّها تستعمل نكرة وتتعرف بالألف واللام.
وأمّا غدوة فمعرفة، وهو علم صيغ له.
قال سيبويه: غدوة وبكرة، جعل كلّ واحد منهما اسما للحين، كما جعلوا أمّ حبين اسما لدابة معروفة.
[الحجة للقراء السبعة: 3/319]
قال: وزعم يونس عن أبي عمرو، وهو قوله:- وهو القياس- أنّك إذا قلت: لقيته يوما من الأيام: غدوة أو بكرة، وأنت تريد المعرفة لم تنوّن، فهذا يقوي قراءة من قرأ: بالغداة والعشي*.
ووجه ذلك قراءة ابن عامر أن سيبويه قال: زعم الخليل أنّه يجوز أن تقول: أتيتك اليوم غدوة وبكرة، فجعلهما بمنزلة ضحوة.
ومن حجّته أن بعض أسماء الزمان جاء معرفة بغير ألف ولام نحو ما حكاه أبو زيد من قولهم: لقيته فينة، غير مصروف، والفينة بعد الفينة، فألحق لام المعرفة ما استعمل
معرفة.
ووجه ذلك أنه يقدّر فيه التنكير والشّياع، كما يقدّر فيه ذلك إذا ثني، وذلك مستمرّ في جميع هذا الضرب من المعارف. ومثل ذلك ما حكاه سيبويه من قول العرب: هذا يوم اثنين مباركا فيه وأتيتك يوم اثنين مباركا فيه. فجاء معرفة بلا ألف ولام كما جاء بالألف واللّام، ومن ثمّ انتصب الحال، ومثل ذلك قولهم: هذا ابن عرس مقبل.
إمّا أن يكون جعل عرسا نكرة، وإن كان علما، وإنّما أن يكون أخبر عنه بخبرين). [الحجة للقراء السبعة: 3/320]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ولا تطرد الّذين يدعون ربهم بالغداة والعشي}
قرأ ابن عامر (بالغدوة والعشي) بالواو وضم الغين وحجته في ذلك أنه وجده في المصحف بالواو فقرأ ذلك اتباعا للخطّ فإن قيل لم أدخل الألف واللّام على المعرفة فالجواب أن العرب تدخل الألف واللّام على المعرفة إذا جاورتها فيه الألف واللّام ليزدوج الكلام كما قال الشّاعر:
رأيت الوليد بن اليزيد مباركًا ... شديدا بأحناء الخلافة كاهله
فأدخل الألف واللّام في اليزيد لما جاور الوليد فكذلك أدخل الألف واللّام في «الغدوة» لما جاور {العشي}
وقرا الباقون {بالغداة} وهذا هو الوجه لأن غداة نكرة وغدوة معرفة ولا تستعمل بالألف واللّام ودخلت على غداة لأنّها نكرة والمعنى والله أعلم ولا تطرد الّذين يدعون ربهم بالغداة والعشي أي غداة كل يوم). [حجة القراءات: 251]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (20- قوله: {بالغداة} قرأه ابن عامر بالواو، وضم الغين، ومثله في الكهف وقرأهما الباقون بفتح الغين بألف بعد الدال.
وحجة من قرأ بألف أن «غداة» في كلام العرب نكرة وأدخل عليها الألف واللام للتعريف، و«غدوة» أكثر ما تستعمل معرفة بغير ألف ولام، فترك القراءة بها لثبات الألف واللام في الخط، وهما لا تدخلان على معرفة، فالتزم القراءة بـ «غداة» لأنها نكرة، يحسن فيها دخول الألف واللام، ولا يحسن في «غدوة» لأنها في أكثر اللغات، معرفة بغير ألف ولام، ولا تصرفها العرب، حكي: «أتيتك غدوة باكرًا» بغير صرف، وقال سيبويه: غدوة بكرة، جعل كل واحد منهما اسما للحين، يعني معرفة، وذلك دليل على أنها معرفة فمنعت الصرف، للتأنيث والتعريف.
21- وحجة من قرأ بضم العين أن بعض العرب ينكر «غدوة» فيصرفها في النكرة، فلما وجدها تنكر أدخل عليها الألف واللام للتعريف اتباعًا للخط، والاختيار القراءة بالألف، لأنها نكرة بإجماع، لم يستعمل أحد من العرب في «غداة» التعريف فوجب دخول الألف واللام عليها لتتعرف). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/432]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (14- {بالغُدْوَةِ} [آية/ 52] بضم الغين، وبالواو:-
قرأها ابن عامر وحده، وكذلك في الكهف.
ووجه ذلك أن غدوة وإن كان اسمًا علما صيغ لهذا الوقت المعلوم، ومن حقه أن لا يدخله الألف واللام، فإنه قدر فيه التنكير والشياع، وذلك مستمر في جميع هذا الضرب من الأعلام، نحو ما حكاه سيبويه عن العرب: هذا يوم اثنين مباركا فيه، فلما قدر في غدوة التنكير، جوز إدخال الألف
[الموضح: 469]
واللام عليه، وهذا كما يقال: لقيته فينة، غير مصروف، ثم تقول لقيته الفينة بعد الفينة، فتدخل الألف واللام على ما يستعمل معرفة.
وقرأ الباقون {بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ}.
وهو الأوجه؛ لأن {غَدَاةِ} تكون نكرة وتتعرف بالألف واللام، والحكم فيه كالحكم في عشي والعشي). [الموضح: 470]

قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ (53)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 7 صفر 1440هـ/17-10-2018م, 07:32 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنعام
[ من الآية (54) إلى الآية (58) ]

{وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (54) وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ (55) قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (56) قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ (57) قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ (58)}

قوله تعالى: {وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (54)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (أنّه من عمل منكم سوءًا بجهالةٍ ثمّ تاب من بعده وأصلح فأنّه غفورٌ رحيمٌ (54)
قرأ ابن كثير وحمزة وأبو عمرو والكسائي (إنّه من عمل) و(فإنّه) بكسر الألف فيهما، وقرأ نافع (أنّه من عمل) نصبًا، (فإنّه غفورٌ) بالكسر، وقرأ ابن عامر وعاصم ويعقوب
[معاني القراءات وعللها: 1/355]
((أنّه... فأنّه) منصوبين.
وقال أبو إسحاق: يجوز (أنّه من عمل منكم سوءًا... فأنّه) يجوز بالفتح فيهما جميعًا، ويجوز كسرها جميعًا، ويجوز فتح الأولى وكسر الثانية، ويجوز كسر الأولى وفتح الثانية.
فأما من فتح الأولى والثانية فعلى أن موضع الأولى نصب، المعنى: كتب ربكم على نفسه المغفرة، وهي بدل من الرحمة، كأنه قال: كتب ربكم على نفسه الرحمة، وهي المغفرة للمؤمنين التائبين، لأن معنى (أنه غفورً رحيم) المغفرة منه.
ويجوز أن تكون (أنّ) الثانية وقعت مؤكدة للأولى؛ لأن المعنى: كتب ربكم أنه غفور رحيم، فلما طال الكلام أعيد ذكر (أنّ).
وأما من كسرهما جميعًا فعلى مذهب الحكاية، كأنه لما قال: (كتب ربّكم على نفسه الرّحمة) قال: (إنّه من عمل منكم سوءًا بجهالةٍ ثمّ تاب من بعده وأصلح فإنّه غفورٌ رحيمٌ) بالكسر.
ودخلت الفاء جوابا للجزاء فكسرت (إنّ) لأنها دخلت على ابتداء وخبر، كأنك قلت: فهو غفور رحيم، إلا أنّ الكلام بـ إنّ أوكد.
[معاني القراءات وعللها: 1/356]
ومن كسر الأولى فعلى ما ذكرنا من الحكاية، وإذا فتح الثانية مع كسر الأولى كان معناها المصدر، والخبر محذوف، المعنى: إنه من عمل منكم كذا وكذا فمغفرة الله له.
ومن فتح الأولى وكسر الثانية فالمعنى راجع إلى المصدر، كأنك لم تذكر (إنّ) الثانية، المعنى: كتب ربكم على نفسه أنه غفور رحيم). [معاني القراءات وعللها: 1/357]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (12- وقوله تعالى: {أنه من عمل منكم ...} [54].
قرأ عاصم وابن عامر {أنه} {فانه} بالفتح نصب الأول بقوله {كتب على نفسه الرحمة} «بأنه» و«لأنه» فلما سقط الخافض عمل الفعل «وأن» المفتوحة مع ما بعدها بمنزلة المصدر، واثلانية نسق على الأول.
وقرأ نافع {أنه} بالفتح {فإنهْ بالكسر نصب الأول بـ {كتب} وجعل الفاء جواب الشرط لـ «من» واستأنف «إن»؛ لأن ما بعد فاء الشرط
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/157]
يكون الكلام مستأنفًا كقوله تعالى: {ومن عاد فينتقم الله منه} وكقولك: من يزر زيدًا فعبد الله عنده.
وقرأ الباقون: {إنه} {فإنه} مكسورتين، جعلوه حكاية، ولم يعملوا {كتب} كما تقول: قال زيد عبد الله في الدار، و{كتب ربكم على نفسه الرحمة} لمن كان حاله كيت وكيت). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/158]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح الألف وكسرها من قوله [جلّ وعزّ]: إنه من عمل... فإنه غفور رحيم [الأنعام/ 54].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائيّ: إنه من عمل فإنه غفور رحيم مكسورة الألف فيهما.
وقرأ عاصم وابن عامر أنه من عمل فإنه بفتح الألف فيهما.
وقرأ نافع الرحمة أنه [الأنعام/ 54] بفتح الألف فإنه غفور رحيم كسرا.
من كسر فقال: الرحمة إنه من عمل منكم جعله تفسيرا للرّحمة، كما أنّ قوله: لهم مغفرة وأجر عظيم [المائدة/ 9] تفسير للوعد.
فأمّا كسر إنّ من قوله: فإنه غفور رحيم فلأنّ ما بعد الفاء حكمه الابتداء، ومن ثمّ حمل قوله: ومن عاد فينتقم الله منه [المائدة/ 95] على إرادة المبتدأ بعد الفاء، وحذفه.
وأمّا من فتح أنّ في قوله: أنه فإنّه جعل أن* الأولى بدلا من الرّحمة، كأنّه: كتب ربّكم على نفسه أنّه من عمل منكم.
[الحجة للقراء السبعة: 3/311]
وأمّا فتحها بعد الفاء من قوله: فأنه غفور رحيم [الأنعام/ 54]، فعلى أنّه أضمر له خبرا تقديره: فله أنّه غفور رحيم، أي: فله غفرانه، أو أضمر مبتدأ يكون أنّ خبره، كأنّه، فأمره أنّه غفور رحيم. وعلى هذا التقدير يكون الفتح في قول من فتح: ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فأن له نار جهنم [التوبة/ 63] تقديره: فله أنّ له نار جهنّم، إلّا أنّ إضماره هنا
أحسن لأنّ ذكره قد جرى في صلة أن...، وإن شئت قدّرت، فأمره
أنّ له نار جهنّم، فيكون خبر هذا المبتدأ المضمر.
ومثل البدل في هذا قوله: وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم [الأنفال/ 7] المعنى: وإذ يعدكم الله كون إحدى الطائفتين، مثل قوله: وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره [الكهف/ 63].
ومن ذهب في هذه الآية إلى أنّ أنّ التي بعد الفاء تكرير من
الأولى لم يستقم قوله وذلك أنّ من... لا تخلو من أن تكون للجزاء
الجازم الذي اللفظ عليه، أو تكون موصولة، ولا يجوز أن يقدّر التكرير مع الموصولة، ولو كانت موصولة لبقي المبتدأ بلا خبر. ولا يجوز ذلك في الجزاء الجازم، لأنّ الشرط يبقى بلا جزاء، فإذا لم يجز ذلك، ثبت أنّه على ما ذكرنا، على أنّ ثبات الفاء في قوله:
فأن له، يمنع من أن يكون بدلا، ألا ترى أنّه لا يكون بين البدل
[الحجة للقراء السبعة: 3/312]
والمبدل منه الفاء العاطفة، ولا التي للجزاء؟ فإن قلت: إنّها زائدة، بقي الشرط بلا جزاء، فلا يجوز إذا تقدير زيادتها هنا، وإن جاءت زائدة في غير هذا الموضع.
وأمّا قراءة نافع كتب أنه... فإنه! فالقول فيها أنّه أبدل من الرحمة واستأنف ما بعد الفاء.
قال سيبويه: بلغنا أنّ الأعرج قرأ: أنه من عمل منكم سوءا بجهالة... فإنه غفور رحيم [الأنعام/ 54] قال: ونظيره البيت الذي أنشدتك يعني بالبيت الذي أنشده:
قول ابن مقبل.
وعلمي بأسدام المياه فلم تزل... قلائص تخدى في طريق طلائح
وأنّي إذا ملّت ركابي مناخها... فإنّي على حظّي من الأمر جامح
يريد أنّ قوله: وأني إذا ملّت ركابي محمول على ما قبله،
[الحجة للقراء السبعة: 3/313]
كما أنّ قوله: من عمل محمول على ما قبله، وما بعده من قوله: «فإنّي على حظّي من الأمر» مستأنف، كما أنّ قوله: فإنه غفور رحيم مستأنف به منقطع مما قبله). [الحجة للقراء السبعة: 3/314]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({كتب ربكم على نفسه الرّحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثمّ تاب من بعده وأصلح فأنّه غفور رحيم}
[حجة القراءات: 251]
قرأ عاصم وابن عامر {كتب ربكم على نفسه الرّحمة أنه من عمل} {فأنّه غفور رحيم} الألف فيهما مفتوحة
قال الزّجاج موضع {إن} الأولى النصب المعنى كتب ربكم على نفسه المغفرة وهي بدل من الرّحمة كأنّه قال كتب ربكم على نفسه الرّحمة وهي المغفرة للمذنبين التائبين لأن معنى أنه غفور رحيم المغفرة منه فيجعل أنه بدلا من الرّحمة وتفسيرا عنها قال ويجوز أن تكون أن الثّانية وقعت مؤكدة للأولى لأن المعنى كتب ربكم أنه غفور رحيم فلمّا طال الكلام أعيد ذكر أن
وقال أبو حاتم يجوز أن تكون في موضع رفع على ضمير هي أنه كأنّه فسر الرّحمة فقال هي أنه وحمل الثّاني على الأول لأن المعنى كتب ربكم أنه غفور رحيم للّذي يتوب ويصلح
وقرأ نافع {أنه من عمل منكم} بفتح الألف {فأنّه غفور رحيم} بالكسر جعل الفاء جواب الشّرط ل من واستأنف كقوله {ومن عاد فينتقم الله منه} وكقوله {ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنّم} وقال الزّجاج من فتح الأولى وكسر الثّانية فالمعنى
[حجة القراءات: 252]
راجع إلى المصدر وكأنك لم تذكر إن الثّانية المعنى كتب ربكم على نفسه الرّحمة إنّه غفور رحيم
وقرأ الباقون إنّه فإنّه بكسر الألف فيهما على مذهب الحكاية كأنّه لما قال {كتب ربكم على نفسه الرّحمة} قال {أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثمّ تاب من بعده وأصلح فأنّه غفور رحيم} ). [حجة القراءات: 253]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (22- قوله: {أنه من عمل}، {فأنه غفور} قرأ نافع وابن عامر عاصم «أنه» بالفتح، وقرأ عاصم وابن عامر «فأنه غفور» بالفتح وقرأ الباقون بالكسر فيهما.
وحجة من كسر «إنه من عمل» أنه جعله تفسيرًا للرحمة، فسرها بالجملة التي بعدها و«أن» تكون مكسورة إذا دخلت على الجمل.
23- وحجة من كسر «فإنه غفور» أن ما بعد الفاء حكمه الابتداء والاستئناف، فكسر لذلك؛ لأن حكم «إن» في الابتداء والاستئناف الكسر.
24- وحجة من فتح «أنه من عمل» أنه جعل «أن» بدلًا من «الرحمة» على بدل الشيء من الشيء، وهو هو، فأعمل فيها «كتب» ن، كأنه قال: كتب ربكم على نفسه «أنه من عمل».
25- وحجة من «فأنه غفور» أنه أضمر خبرًا مقدمًا، ورفع «أن» بالابتداء، لأن ما بعد الفاء مبتدأ، كأنه قال: فله أنه غفور له، أي فله غفران الله، ويجوز رفع «أن» بالظرف المضمر، ويجوز أن يضمر مبتدأ تكون «أن» خبره، تقديره: فأمره غفران ربه له، وقد قيل: إن «أن» الثاني تأكيد وتكرير للأولى). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/433]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (15- {أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ} {فَأَنَّهُ} [آية/ 54] بفتح الألف فيهما:-
قرأها ابن عامر وعاصم ويعقوب.
أما فتح {أنه} فعلي البدل من {الرَّحْمَةَ} من قوله {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ}، والتقدير: كتب ربكم على نفسه أنه من عمل منكم سوءًا، وموضعه نصب بكتب.
وأما فتحها بعد الفاء من قوله {فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} فعلى أنه أضمر له خبرة، والتقدير: فله أنه غفور رحيم، أي قله غفرانه، ويجوز أن يكون المضمر مبتدأ، والتقدير: فأمره أنه غفور رحيم.
وقرأ الباقون {إِنَّهُ} {فَأَنَّهُ} بالكسر فيهما، إلا نافعًا فإنه قرأ {أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ} بالفتح {فَإِنَّهُ} بالكسر.
أما وجه قراءة نافع، فهو أنه {أَنَّهُ} وأنهه من {الرَّحْمَةَ}، وكسر ما بعد
[الموضح: 470]
الفاء حملاً له على معنى الجملة المبتدأ بها الواقعة في جواب الشرط، نحو: من أحسن إليه فإن الله مجازيه، بكسر إن.
وأما قراءة الباقين فوجهها أن الجملة مستأنفة مفسرة للرحمة، فكسرت إن من أجل أنها مبتدأة، كما كان قوله تعالى {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} تفسيرًا للوعد، وأما كسر إن من قوله {فَإِنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}؛ فعلى ما ذكرنا في قراءة نافع من أن ما بعد الفاء الواقع في جواب الشرط محكمة الابتداء). [الموضح: 471]

قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ (55)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ولتستبين سبيل المجرمين (55)
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وحفص ويعقوب (ولتستبين) بالتاء (سبيل) بالرفع، وقرأ نافع (ولتستبين) بالتاء (سبيل) بالنصب، وقرأ أبو بكر وحمزة والكسائي (وليستبين) بالياء (سبيل) بالرفع.
قال أبو منصور: الاستبانة: أن تبين ويتبين.
من قرأ (ولتستبين سبيل) فمعناه: ولتبين والفعل للسبيل، وهي مؤنثة،
[معاني القراءات وعللها: 1/357]
كقوله: (قل هذه سبيلي).
ومن قرأ (وليستبين سبيل) بالياء فإنه ذكر السبيل، قال الله تعالى: (وإنّها لبسبيلٍ مقيمٍ)، والسبيل والطريق يذكران ويؤنثان.
وأما قراءة نافع (ولتستبين سبيل) بالنصب فالمعنى: ولتستبين أنت يا محمد سبيل المجرمين يقال: تبينت الأمر والسبيل، واستبنته بمعنى واحد.
فإن قال قائل: أفلم يكن النبي مستبينا سبيل المجرمين؟
فالجواب في هذا: أن جميع ما يخاطب به المؤمنون يخاطب به النبي - صلى الله عليه وسلم - فكأنه قيل: لتستبينوا سبيل المجرمين، أي: لتزدادوا استبانة، ولم يحتج إلى أن يقول: ولتستبين سبيل المؤمنين، مع ذكر سبيل المجرمين، لأن سبيل المجرمين إذا بانت فقد بانت معها سبيل المؤمنين). [معاني القراءات وعللها: 1/358]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (14- وقوله تعالى: {ولتستبين سبيل المجرمين} [55].
قرأ أهل الكوفة غير حفص {وليستبين} بالياء {سبيل} بالرفع.
وقرأ ابن عامر وابن كثير وأبو عمرو وحفص بالتاء والرفع، وقرأ نافع {ولتستبين} بالتاء {سبيل} بالنصب، والمعنى ولتستبين أنت يا محمد سبيل المجرمين، والسبيل: الطريق يذكر ويؤنث). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/158]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والتاء والرّفع والنصب من قوله [جلّ وعزّ]: ولتستبين سبيل المجرمين [الأنعام/ 55].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر: ولتستبين بالتاء، سبيل رفعا.
وقرأ نافع: ولتستبين بالتاء أيضا، سبيل المجرمين نصبا.
وقرأ عاصم في رواية أبي بكر وحمزة والكسائيّ وليستبين بالياء سبيل رفعا حفص عن عاصم مثل أبي عمرو.
وجه قراءة ابن كثير وأبي عمرو وابن عامر ولتستبين بالتاء سبيل رفعا، أنهم جعلوا السبيل فاعل الاستبانة، وأنّث السبيل كما قال: قل هذه سبيلي أدعوا [يوسف/ 108] وقد ذكّر السبيل أيضا في قوله: وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا [الأعراف/ 146].
فالسّبيل على هذا فاعل الاستبانة. قال سيبويه: استبان
[الحجة للقراء السبعة: 3/314]
الشيء واستبنته. وقراءة نافع: ولتستبين سبيل التاء فيها ليس على ما تقدّم ولكنّها لك أيّها المخاطب ففي الفعل ضمير المخاطب. والفعل في القراءة الأولى فارغ لا ضمير فيه، والتاء تؤذن بأنّ الفاعل المسند إلى الفعل مؤنث.
ومثل هذا في أنّ تفعل يحتمل الأمرين، الخطاب والتأنيث، قوله: يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها [الزلزلة/ 4]، أي: يومئذ تحدّث الأرض، يريد: أهل الأرض، ويكون تحدّث أنت أيّها الإنسان، فأمّا قول الهذليّ:
زجرت لها طير الشمال فإن تكن... هواك الذي يهوى يصبك اجتنابها
فالفعل للغائبة على حد قولك: هند تهوى كذا.
وقول الأعشى:
فآليت لا أرثي لها من كلالة... ولا من حفى حتى تلاقي محمّدا
يكون تلاقي فيه: مرة للخطاب وأخرى للغيبة،
[الحجة للقراء السبعة: 3/315]
فالخطاب: على أن تكون الياء في تلاقي ضمير المؤنّث على الرجوع من الغيبة إلى الخطاب، كقوله تعالى: الحمد لله ثمّ قال: إياك نعبد [الفاتحة/ 5].
وأمّا الغيبة فإنّه على حدّ قولك: هند تفعل، إلّا أنّه أسكن الياء للضرورة كما قال:
سوّى مساحيهنّ تقطيط الحقق فالتاء في قراءة نافع للخطاب دون التأنيث على قولك: استبنت الشيء.
وقراءة حمزة والكسائي: وليستبين بالياء سبيل رفعا.
فالفعل على هذا مسند إلى السبيل إلّا أنّه ذكّر السبيل على قوله: يتخذوه سبيلا [الأعراف/ 146].
والمعنى: وليستبين سبيل المجرمين وسبيل المؤمنين، فحذف لأنّ ذكر أحد السبيلين يدل على الآخر، ومثله: سرابيل تقيكم الحر [النحل/ 81] ولم يذكر البرد لدلالة الفحوى عليه). [الحجة للقراء السبعة: 3/317]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قرأ عاصم في رواية أبي بكرخفية* بكسر الخاء هاهنا
[الحجة للقراء السبعة: 3/316]
[الأنعام/ 63] وفي الأعراف عند قوله: ادعوا ربكم تضرعا وخفية [الآية/ 55].
وقرأ الباقون خفية بضم الخاء هاهنا، وفي الأعراف.
وروى حفص عن عاصم خفية بضم الخاء أيضا في الموضعين.
قال أبو عبيدة: خفية: تخفون في أنفسكم.
وحكى غيره: خفية، وخفية وهما لغتان.
وروي عن الحسن: التضرّع: العلانية، والخفية بالنية.
وأمّا قوله تعالى: تضرعا وخيفة فخيفة فعلة من الخوف، وانقلبت الواو للكسرة والمعنى: ادعوا خائفين وجلين، قال:
فلا تقعدنّ على زخّة... وتضمر في القلب وجدا وخيفا). [الحجة للقراء السبعة: 3/317]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ولتستبين سبيل المجرمين}
قرأ نافع {ولتستبين} بالتّاء {سبيل} نصب أي ولتستبين أنت يا محمّد سبيل المجرمين فإن قال قائل أفلم يكن النّبي صلى الله عليه وآله مستبينا سبيل المجرمين فالجواب في هذا إن جميع ما يخاطب به المؤمنون يخاطب به النّبي صلى الله عليه فكأنّه قيل ولتستبينوا سبيل المجرمين أي لتزدادوا استبانة لها ولم يحتج إلى أن يقول ولتستبين سبيل المؤمنين مع ذكر سبيل المجرمين لأن سبيل المجرمين إذا بانت فقد بان معها سبيل المؤمنين
وقرأ حمزة والكسائيّ وأبو بكر «وليستبين» بالياء {سبيل} رفع وقرأ الباقون بالتّاء
اعلم أن السّبيل يذكر ويؤنث جاء القرآن بالوجهين فالتأنيث قوله {ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا} و{قل هذه سبيلي} والتذكير قوله {وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا} ). [حجة القراءات: 253]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (26- قوله: {ولتستبين سبيل} قرأه أبو بكر وحمزة والكسائي بالياء، ورفع «السبيل» حملوه على تذكير السبيل، إذ قد أضافوا الفعل إليه فرفعوه به، و«السبيل» تذكر وتؤنث، قال الله تعالى ذكره: {وإن يروا سبيل
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/433]
الرشد لا يتخذوه} «الأعراف 146» فذكر، ومثله الثاني بعده، وقرأ الباقون بالتاء على تأنيث «السبيل» إذ قد أسند الفعل إليه فرفع به، وقد قال الله تعالى: {قل هذه سبيلي} «يوسف 108» فأنث.
27- فأما من قرأ بالتاء ونصب «السبيل» وهو نافع، فإنه جعل الفعل خطابًا للنبي صلى الله عليه وسلم، وهو الفاعل، و«السبيل» مفعول به، والاختيار التاء ورفع «السبيل»، فهو أبين في المعنى، وعليه أكثر القراء). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/434]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (16- {وَلِيَسْتَبِينَ} بالياء {سَبِيلُ} بالرفع [آية/ 55]:-
قرأها حمزة والكسائي و-ياش- عن عاصم.
والوجه أنهم أسندوا الفعل الذي هو الاستبانة إلى السبيل، وجعلوا السبيل مذكرًا، فإن السبيل يذكر ويؤنث، ويقال: بأن الشيء واستبان وتبين وأبان، كله لازم، والمعنى وليتبين سبيل المجرمين وسبيل المؤمنين، فحذف ذكر القبيل الآخر؛ لأن أحد القبيلين يدل على الأخر.
وقرأ ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو و-ص- عن عاصم ويعقوب {وَلِتَسْتَبِينَ} بالتاء {سَبِيلُ} بالرفع.
والوجه أن الفعل ههنا أيضًا مسند إلى السبيل، لكن جعلوا السبيل في هذه القراءة مؤنثة، كما قال تعالى {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي} فأنث السبيل.
وحجة القراءة الأولى قوله تعالي {وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ} فذكر السبيل.
[الموضح: 471]
وقرأ نافع وحده {وَلِتَسْتَبِينَ} بالتاء أيضًا {سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} بالنصب.
والوجه أن التاء ههنا للمخاطب، ففي الفعل ضمير المخاطب، والمعنى ولتستبين أنت يا محمد سبيل المجرمين، والسبيل ههنا مفعول به، يقال: تبينت الشيء واستبنته، فهو متعد). [الموضح: 472]

قوله تعالى: {قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (56)}

قوله تعالى: {قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ (57)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (يقصّ الحقّ وهو خير الفاصلين (57)
قرأ ابن كثير ونافع وعاصم (يقصّ الحقّ) بالصاد، وقرأ الباقون (يقض الحقّ) بالضاد.
قال أبو منصور: من قرأ (يقصّ الحقّ) فمعناه: يتبع الحق، ورويت هذه القراءة عن علي بن أبي طالب، ومن قرأ (يقض الحقّ) فله وجهان:
أحدهما: أنه يقضى القضاء الحق،
والثاني: أن معنى يقضي: يصنع ويحكم، ومنه قول أبي ذؤيب:
[معاني القراءات وعللها: 1/359]
وعليهما مسرودتان قضاهما... داود...............
أي: صنعهما داود فأحكمهما.
وقيل في تفسير قوله (يقصّ الحقّ) أن معناه: أن جميع ما أنبأ به وأمر به فهو من أقاصيص الحق.
وكتبت (يقض الحق) بطرح الياء لاستقبالها الألف واللام، كما كتب (سندع الزّبانية) بغير واو في موضع الرفع). [معاني القراءات وعللها: 1/360]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (15- وقوله تعالى: {يقص الحق} [57].
قرأ ابن كثير ونافع وعاصم {يقص الحق} بالصاد؛ لأن في المصحف بغير ياء.
وقرأ الباقون: {يقض الحق}: قال أبو عمرو: وإنما قرأتها كذا لقوله: {وهو خير الفاصلين} والفصل لا يكون إلا في القضاء. وإنما حذفت الياء خطا لما سقطت لفظًا لسكونها وسكون اللام). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/159]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الضاد والصاد من قوله [جلّ وعزّ]: يقضي الحق [الأنعام/ 57].
فقرأ ابن كثير ونافع وعاصم: يقص الحق بالصاد.
وقرأ أبو عمرو وحمزة وابن عامر والكسائيّ: يقضي الحق بالضّاد.
حجّة من قرأ يقضي* أنّهم زعموا أنّ في حرف ابن مسعود يقضي بالحق، بالضاد وذكر عن أبي عمرو أنّه استدلّ على يقضي بقوله: وهو خير الفاصلين [الأنعام/ 57] قال: والفصل في القضاء ليس في القصص.
ومن حجّتهم قوله تعالى: والله يقضي بالحق وهو يهدي السبيل [الأحزاب/ 4].
وحجّة من قال يقص الحق قوله: نحن نقص عليك أحسن القصص [يوسف/ 3] وإن هذا لهو القصص الحق [آل عمران/ 62].
وأمّا ما احتجّ به من قرأ: يقضي* من قوله: وهو خير الفاصلين [الأنعام/ 57] في أنّ الفصل في الحكم لا في القول، فإنّهم قالوا: قد جاء الفصل في القول أيضا في نحو قوله: إنه لقول فصل [الطارق/ 13] وقال: أحكمت آياته ثم فصلت
[الحجة للقراء السبعة: 3/318]
[هود/ 1]، وقال: نفصل الآيات [الأنعام/ 55]، فقد حمل الفصل على القول، واستعمل معه كما جاء مع القضاء، وقال: لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى، ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء [يوسف/ 111]، فقد ذكر في القصص أنّه تفصيل. فأمّا الحقّ في قوله: يقضي الحق [الأنعام/ 57] فيحتمل أمرين: يجوز أن يكون صفة مصدر محذوف، يقضي القضاء الحقّ، أو يقصّ القصص الحقّ. ويجوز أن تكون مفعولا به مثل يفعل الحق كقوله:
قضاهما داود). [الحجة للقراء السبعة: 3/319]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({إن الحكم إلّا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين}
قرأ نافع وابن كثير وعاصم {إن الحكم إلّا لله يقص الحق} بضم القاف والصّاد المعنى إن جميع ما أنبأ به أو أمر به فهو من أقاصيص الحق واحتج ابن عبّاس على هذه القراءة بقوله {نحن نقص عليك} وقال {إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل} و{ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي} وأخرى قال مجاهد لو كان يقضي لكانت يقضي بالحقّ والعرب تقول قضيت بالحقّ قال الله جلّ وعز {والله يقضي بالحقّ} بإثبات الياء والباء مع القضاء
وقرأ الباقون «يقضي الحق» بالضاد وسكون القاف من قضى يقضي إذا حكم وفصل وحجتهم قوله {وهو خير الفاصلين} والفصل يكون في القضاء لا في القصص وكان أبو عمرو يعتبر بهذه وقال إنّما الفصل في القضاء لا في القصص وكان الكسائي يعتبرها بقراءة ابن مسعود قال وفي قراءته {يقضي بالحقّ} ). [حجة القراءات: 254]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (28- قوله: {يقص الحق} قرأه الحرميان وعاصم بالصاد، مضمومة غير معجمة، وقرأ الباقون بالضاد، معجمة مكسورة، وأصلها أن يتصل بها ياء؛ لأنه فعل مرفوع من القضاء، لكن الخط بغير ياء، فتكون الياء حذفت لدلالة الكسرة عليها.
29- من قرأ بالصاد غير معجمة أنه جعله من القصص كقوله: {نحن نقص عليك} «يوسف 3» و{إن هذا لهو القصص} «آل عمران 62».
30- وحجة من قرأ بالضاد معجمة أنه جعله من القضاء، ودل على ذلك أن بعده {خير الفاصلين}، والفصل لا يكون إلا عن قضاء دون قصص، ويقوي ذلك أن في قراءة ابن مسعود {إن الحكم إلا لله يقضي بالحق} فدخول الياء يؤكد معنى القضاء، ولا يوقف عليه في هذه القراءة؛ لأن أصله الياء، فإن وقفت بالياء، على الأصل، خالفت الخط وإن وقفت بغير ياء خالفت الأصل، والقراءة بالصاد غير معجمة أحب إلي، لاتفاق الحرميين وعاصم على ذلك، ولأنه لو كان من القضاء للزمت الياء فيه، كما أتت في قراءة ابن مسعود). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/434]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (17- {يَقُصُّ الْحَقَّ} [آية/ 57] بالصاد مشددة:-
قرأها ابن كثير ونافع وعاصم.
والوجه أنه من القصص، أي يحدث بالأنباء الصادقة؛ لأن جميع ما أنبأ به فهو من أقاصيص الحق، وقال الله تعالى {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ}.
وقرأ الباقون {يَقْضِي الحَقَّ} بالضاد، بعدها باء.
والوجه أنه من القضاء، والمعنى يقضي القضاء الحق، ويجوز أن يكون التقدير: يقضي بالحق، فحذف الجار، والمراد بحكم الحق، ويؤيد هذه القراءة قوله {وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ}؛ لأن الفصل إنما يكون في القضاء). [الموضح: 472]

قوله تعالى: {قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ (58)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 7 صفر 1440هـ/17-10-2018م, 07:34 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الأنعام
[ آية (59) ]

{وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (59)}

قوله تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (59)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:29 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة