العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة مريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 1 جمادى الآخرة 1434هـ/11-04-2013م, 10:36 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير سورة مريم [ من الآية (73) إلى الآية (76) ]

{وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا (73) وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا (74) قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا (75) وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا (76)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 1 جمادى الآخرة 1434هـ/11-04-2013م, 10:41 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا (73) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا قال خير مكانا وأحسن مجلسا قال أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى أحسن أثثا ورئيا قال أكثر أموالا وأحسن صورا). [تفسير عبد الرزاق: 2/11]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عبّاسٍ في قوله: {خيرٌ مقامًا وأحسن نديا} قال: المنازل والندي: المجالس [الآية: 73]). [تفسير الثوري: 188]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] قال من قرأها: (خير مُقاما) فإنما يعني مقامه الذي يقيم فيه الدهر والذي يقرأها {خير مَقاما} فإنّما يعني المقامة الّتي يقيم فيها). [تفسير الثوري: 188]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({نديًّا} [مريم: 73] : «والنّادي واحدٌ مجلسًا»). [صحيح البخاري: 6/93]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله نديًّا والنّادي واحدٌ مجلسًا قال عبد الرّزّاق عن معمرٍ عن قتادة في قوله وأحسن نديًّا قال مجلسًا وقال أبو عبيدة في قوله وأحسن نديا أي مجلسًا والنّديّ والنّادي واحدٌ والجمع أنديةٌ وقيل أخذ من النّدى وهو الكرم لأنّ الكرماء يجتمعون فيه ثمّ أطلق على كلّ مجلس وقال بن إسحاق في السّيرة في قوله تعالى فليدع نادية النّادي المجلس ويطلق على الجلساء). [فتح الباري: 8/428]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (نديًّا والنّادي واحدٌ مجلساً
أشار به إلى قوله تعالى: {أي الفريقين خير مقاما وأحسن ندياً} (مريم: 73) وأن ندياً والنادي واحد، ثمّ فسر (ندياً) بقوله: (مجلسا) ، وقال أبو عبيدة: الندي والنادي واحد، والجمع أندية، وفسّر قوله تعالى: ندياً، أي: مجلسا، والندي مجلس القوم ومجتمعهم، وقيل: أخذ من الندى وهو الكرم لأن الكرماء يجتمعون فيه). [عمدة القاري: 19/51]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (نديًّا والنادي) يريد قوله وأحسن نديًّا وإن معناهما (واحد) أي (مجلسًا) ومجتمعًا وثبت واحد لأبي ذر). [إرشاد الساري: 7/232]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإذا تتلى عليهم آياتنا بيّناتٍ قال الّذين كفروا للّذين آمنوا أيّ الفريقين خيرٌ مقامًا وأحسن نديًّا}.
يقول تعالى ذكره: وإذا تتلى على النّاس آياتنا الّتي أنزلناها على رسولنا محمّدٍ بيّناتٍ، يعني واضحاتٍ لمن تأمّلها وفكّر فيها أنّها أدلّةٌ على ما جعلها اللّه أدلّةً عليه لعباده، قال الّذين كفروا باللّه وبكتابه وآياته، وهم قريشٌ للّذين آمنوا بذلك فصدّقوا به، وهم أصحاب محمّدٍ {أيّ الفريقين خيرٌ مقامًا} يعني بالمقام: موضع إقامتهم، وهي مساكنهم ومنازلهم {وأحسن نديًّا} وهو المجلس، يقال منه: ندوت القوم أندوهم ندوًّا: إذا جمعتهم في مجلسٍ، ويقال: هو في نديّ قومه وفي ناديهم: بمعنًى واحدٍ. ومن النّديّ قول حاتمٍ:
ودعيت في أولى النّديّ ولم = ينظر إليّ بأعينٍ خزر
وتأويل الكلام: وإذا تتلى عليهم آياتنا بيّناتٍ، قال الّذين كفروا للّذين آمنوا: أيّ الفريقين منّا ومنكم أوسع عيشًا، وأنعم بالاً، وأفضل مسكنًا، وأحسن مجلسًا، وأجمع عددًا وغاشية في المجلس، نحن أم أنتم؟
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا مؤمّلٌ، قال: حدّثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {خيرٌ مقامًا وأحسن نديًّا} قال: المقام: المنزل، والنّديّ: المجلس.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا ابن أبي عديٍّ، عن شعبة، عن سليمان، عن أبي ظبيان، عن ابن عبّاسٍ بمثله.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، {وإذا تتلى عليهم آياتنا بيّناتٍ قال الّذين كفروا للّذين آمنوا أيّ الفريقين خيرٌ مقامًا وأحسن نديًّا} قال: المقام: المسكن، والنّديّ: المجلس والنّعمة والبهجة الّتي كانوا فيها، وهو كما قال اللّه لقوم فرعون، حين أهلكهم وقصّ شأنهم في القرآن فقال: {كم تركوا من جنّاتٍ وعيونٍ وزروعٍ ومقامٍ كريمٍ ونعمةٍ كانوا فيها فاكهين} فالمقام: المسكن والنّعيم، والنّديّ: المجلس والمجمع الّذي كانوا يجتمعون فيه، وقال اللّه فيما قصّ على رسوله في أمر لوطٍ إذ قال {وتأتون في ناديكم المنكر} والعرب تسمّي المجلس: النّادي.
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله {وأحسن نديًّا} يقول: مجلسًا.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {أيّ الفريقين} قال: قريشٌ تقولها لأصحاب محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم {وأحسن نديًّا} قال: مجالسهم، يقولونه أيضًا.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، نحوه.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وإذا تتلى عليهم آياتنا بيّناتٍ قال الّذين كفروا للّذين آمنوا أيّ الفريقين خيرٌ مقامًا وأحسن نديًّا} رأوا أصحاب محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم في عيشهم خشونةً، وفيهم قشافةٌ، فعرض أهل الشّرك بما تسمعون قوله {وأحسن نديًّا} يقول: مجلسًا.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {أيّ الفريقين خيرٌ مقامًا وأحسن نديًّا} قال: خير مكانا وأحسن مجلسا.
- حدّثني يونس، قال قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد فى قوله {وأحسن نديًّا}: قال النّديّ: المجلس، وقرأ قول اللّه تعالى: {فليدع ناديه} قال: مجلسه). [جامع البيان: 15/607-610]

قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا قال قريش تقوله لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم والندي المجالس قريش تقوله أيضا لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم). [تفسير مجاهد: 389-390]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {وإذا تتلى} الآيات.
أخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله: {أي الفريقين خير}. قال: قريش تقوله لها ولأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم). [الدر المنثور: 10/125]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {خير مقاما}. قال: المنازل، {وأحسن نديا}. قال: المجالس. وفي قوله: {أحسن أثاثا}. قال: المتاع والمال، {ورئيا}. قال: المنظر). [الدر المنثور: 10/125]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطستي عن ابن عباس، أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل: {وأحسن نديا}. قال: النادي المجلس والتكأة. قال: فهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت الشاعر وهو يقول:
يومان يوم مقامات وأندية = ويوم سير إلى الأعداء تأويب
قال: أخبرني عن قوله: (أثاثا وريا). قال: الأثاث المتاع، والري من الشراب.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت الشاعر وهو يقول:
كأن على الحمول غداة ولوا = من الري الكريم من الأثاث). [الدر المنثور: 10/125-126]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله: {خير مقاما وأحسن نديا}. قال: مجالسهم. وفي قوله: {أحسن أثاثا}. قال: زينة، {ورئيا}. قال: فيما يرى الناس). [الدر المنثور: 10/126]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الحسن في قوله: {خير مقاما وأحسن نديا}. قال: أكرم مجلسا. وفي قوله: {أحسن أثاثا ورئيا}. قال: أحسن متاعا وأحسن صورا). [الدر المنثور: 10/126]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، عن قتادة في قوله: {خير مقاما وأحسن نديا}. قال: خير مكانا وأحسن مجلسا. وفي قوله: {أحسن أثاثا ورئيا}. قال: أكثر أموالا وأحسن صورا). [الدر المنثور: 10/126]

تفسير قوله تعالى: (وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا (74) )
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس في قوله: {أحسن أثاثا ورئيا} قال: الأثاث: المال والرئي: المنظر [الآية: 74].
سفيان [الثوري] عن عبد الكريم الجزريّ عن مجاهد عن ابن عباس في مثله). [تفسير الثوري: 188-189]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({ورئيًا} [مريم: 74] : «منظرًا»). [صحيح البخاري: 6/93]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله ورئيًا منظرًا وصله الطّبريّ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن بن عبّاسٍ به ولابن أبي حاتمٍ من طريق أبي ظبيان عن بن عبّاسٍ قال الأثاث المتاع والرّئي المنظر ومن طريق أبي رزينٍ قال الثّياب ومن طريق الحسن البصريّ قال الصّور وسيأتي مثله عن قتادة). [فتح الباري: 8/427]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال ابن أبي حاتم ثنا أحمد بن سنان ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عبّاس في قوله 74 مريم {ورئيا} قال منظرًا). [تغليق التعليق: 4/248]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (ورئياً منظراً
أشار به إلى قوله تعالى: {وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثاً ورئياً} (مريم: 74) وفسّر: (ورئياً) بقوله: (منظرًا)، وصله الطّبريّ من طريق عليّ ابن أبي طلحة عن ابن عبّاس به، وقال الثّعلبيّ: وقرئ بالزاي، وهو الهيئة). [عمدة القاري: 19/50]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({ورئيًا}) في قوله تعالى: {هم أحسن أثاثًا ورئيًا} [مريم: 74] قال ابن عباس فيما وصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عنه أي (منظرًا) بفتح المعجمة). [إرشاد الساري: 7/232]

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({أثاثًا} [مريم: 74] : «مالًا» ). [صحيح البخاري: 6/93]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله أثاثا ما لا وصله بن أبي حاتمٍ من طريق عليّ بن أبي طلحة عنه وقال عبد الرّزّاق عن معمرٍ عن قتادة أحسن أثاثا ورئيا قال أكثر أموالًا وأحسن صورًا). [فتح الباري: 8/427]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وأما قول ابن عبّاس فقال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا أبو صالح حدثني معاوية بن صالح عن علّي بن أبي طلحة عن ابن عبّاس قوله 74 مريم {أثاثا} يقول مالا
وبه في قوله 89 مريم {شيئا إدا} يقول قولا عظيما
وبه في قوله 98 مريم {ركزا} قال صوتا
وتفسير وردا تقدم في صفة النّار في بدء الخلق). [تغليق التعليق: 4/249]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (أثاثاً مالا
أشار به إلى قوله تعالى: {هم أحسن أثاثاً ورئياً} (مريم: 74) وفسّر: (أثاثاً) بقوله: (مالا) وعن ابن عبّاس: هيئة، وعن مقاتل: ثيابًا، وقيل: متاعا). [عمدة القاري: 19/51]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({أثاثًا}) أي مالًا ({إدًّا}) أي (قولًا عظيمًا) وقد مرّ ذكره لكنه فسره بغير الأول وقد مر أنه عن ابن عباس وقتادة). [إرشاد الساري: 7/232]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى {وكم أهلكنا قبلهم من قرنٍ هم أحسن أثاثًا ورئيًا}.
يقول تعالى ذكره: وكم أهلكنا يا محمّد قبل هؤلاء القائلين من أهل الكفر للمؤمنين، إذا تتلى عليهم آيات الرّحمن أيّ الفريقين خيرٌ منازل، وأحسن، مجالس من قرنٍ هم أكثر متاع منازلٍ من هؤلاءٍ، وأحسن منهم منظرًا وأجمل صورًا، فأهلكنا أموالهم، وغيّرنا صورهم، ومن ذلك قول علقمة بن عبدة:
كميتٌ كلون الأرجوان نشرته = لبيع الرّداء في الصّوان المكعّب
يعني بالصّوان: التّخت الّذي تصان فيه الثّياب.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا مؤمّلٌ، قال: حدّثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عبّاسٍ، {أحسن أثاثًا ورئيًا} قال: الرّئي: المنظر، والأثاث: المتاع.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا ابن أبي عديٍّ عن شعبة عن سليمان عن أبي ظبيان عن ابن عبّاس قال: الرّئي المنظر.
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله {أحسن أثاثًا ورئيًا} يقول: منظرًا.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاس {أحسن أثاثًا ورئيًا} الأثاث: المال، والرّئي: المنظر.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا هوذة، قال: حدّثنا عوفٌ، عن الحسن، في قوله {أثاثًا ورئيًا} قال: الأثاث: أحسن المتاع، والرّئي: قال: المال.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، يقول اللّه تبارك وتعالى: {وكم أهلكنا قبلهم من قرنٍ هم أحسن أثاثًا ورئيًا} أي أكثر متاعًا وأحسن مرآة ومنظرًّا، فأهلك اللّه أموالهم، وأفسد صورهم عليهم تبارك وتعالى.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، قوله {أحسن أثاثًا ورئيًا} قال: أحسن صورًا، وأكثر أموالاً.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {أثاثًا} قال: المتاع {ورئيًا} قال: فيما يرى النّاس.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، بنحوه.
- حدّثنا ابن حميدٍ وبشر بن معاذٍ، قالا: حدّثنا جريرٌ، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عبّاس: الأثاث: المال، والرّئي: المنظر الحسن.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ {ورئيًا} منظرًا في اللّون والحسن.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {أحسن أثاثًا ورئيًا} قال: الرّئي: المنظر، والأثاث: المتاع، أحسن متاعًا، وأحسن منظرًا.
- وحدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول أخبرنا عبيد قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: {أحسن أثاثًا} يعني المال {ورئيًا} يعني: المنظر الحسن.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء أهل المدينة: ( وريًّا ) غير مهموزٍ، وذلك إذا قرئ كذلك يتوجّه لوجهين: أحدهما: أن يكون قارئه أراد الهمزة، فأبدل منها ياءً، فاجتمعت الياء المبدلة من الهمز والياء الّتي هي لام الفعل، فأدغمتا، فجعلتا ياءً واحدةً مشدّدةً ليلحقوا ذلك، إذ كان رأس آيةٍ، بنظائره من سائر رءوس الآيات قبله وبعده، والآخر أن يكون من رويت أروي رويّةً وريًّا، وإذا أريد به ذلك كان معنى الكلام: وكم أهلكنا قبلهم من قرنٍ، هم أحسن متاعًا، وأحسن نظرًا لماله، ومعرفةً بتدبيره، وذلك أنّ العرب تقول: ما أحسن رؤية فلانٍ في هذا الأمر إذا كان حسن النّظر فيه والمعرفة به. وقرأ ذلك عامّة قرّاء العراق والكوفة والبصرة {ورئيًا} بهمزها، بمعنى: رؤية العين، كأنّه أراد: أحسن متاعًا ومرآةً. وحكي عن بعضهم أنّه قرأ: ( أحسن أثاثًا وزيًّا ) بالزّاي، كأنّه أراد أحسن متاعًا وهيئةً ومنظرًا، وذلك أنّ الزيّ هو الهيئة والمنظر من قولهم: زييت الجارية، بمعنى: زيّنتها وهيّأتها.
وأولى القراءات في ذلك بالصّواب، قراءة من قرأ {أثاثًا ورئيًا} بالرّاء والهمز، لإجماع الحجّة من أهل التّأويل على أنّ معناه: المنظر، وذلك هو من رؤية العين، لا من الرّؤية، فلذلك كان المهموز أولى به، فإن قرأ قارئٌ ذلك بترك الهمز، وهو يريد هذا المعنى، فغير مخطئٍ في قراءته. وأمّا قراءته بالزّاي فقراءةٌ خارجةٌ، عن قراءة القرّاء، فلا أستجيز القراءة بها لخلافها قراءتهم، وإن كان لها في التّأويل وجهٌ صحيحٌ.
واختلف أهل العربيّة في الأثاث أجمعٌ هو أم واحدٌ، فكان الأحمر فيما ذكر لي عنه يقول: هو جمعٌ، واحدتها أثاثةٌ، كما الحمّام جمعٌ واحدتها حمّامةٌ. والسّحاب جمعٌ واحدتها سحابةٌ.
وأمّا الفرّاء فإنّه كان يقول: لا واحد له، كما أنّ المتاع لا واحد له. قال: والعرب تجمع المتاع: أمتعةً، وأماتيع، ومتعٌ. قال: ولو جمعت الأثاث لقلت: ثلاثة آثّةٍ وأثثٍ.
وأمّا الرّئي فإنّ جمعه: آراء). [جامع البيان: 15/610-614]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله أثاثا قال يعني الزينة ورئيا فيما يرى الناس). [تفسير مجاهد: 390]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {خير مقاما}. قال: المنازل، {وأحسن نديا}. قال: المجالس. وفي قوله: {أحسن أثاثا}. قال: المتاع والمال، {ورئيا}. قال: المنظر). [الدر المنثور: 10/125] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله: {خير مقاما وأحسن نديا}. قال: مجالسهم. وفي قوله: {أحسن أثاثا}. قال: زينة، {ورئيا}. قال: فيما يرى الناس). [الدر المنثور: 10/126] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الحسن في قوله: {خير مقاما وأحسن نديا}. قال: أكرم مجلسا. وفي قوله: {أحسن أثاثا ورئيا}. قال: أحسن متاعا وأحسن صورا). [الدر المنثور: 10/126] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، عن قتادة في قوله: {خير مقاما وأحسن نديا}. قال: خير مكانا وأحسن مجلسا. وفي قوله: {أحسن أثاثا ورئيا}. قال: أكثر أموالا وأحسن صورا). [الدر المنثور: 10/126] (م)

تفسير قوله تعالى: (قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا (75) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال مجاهدٌ: {فليمدد} [مريم: 75] : «فليدعه» ). [صحيح البخاري: 6/93]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال مجاهدٌ فليمدد فليدعه هو بفتح الدّال وسكون العين وصله الفريابيّ بلفظ فليدعه اللّه في طغيانه أي يمهله إلى مدّةٍ وهو بلفظ الأمر والمراد به الإخبار وروى بن أبي حاتمٍ من طريق حبيب بن أبي ثابتٍ قال في حرف أبيّ بن كعبٍ قل من كان في الضّلالة فإنّ اللّه يزيده ضلالةً). [فتح الباري: 8/428]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وأما قول مجاهد فقال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 75 مريم {قل من كان في الضّلالة فليمدد له الرّحمن مدا} فليدعه الله في طغيانه). [تغليق التعليق: 4/250]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى {قل من كان في الضّلالة فليمدد له الرّحمن مدًّا حتّى إذا رأوا ما يوعدون إمّا العذاب وإمّا السّاعة فسيعلمون من هو شرٌّ مكانًا وأضعف جندًا}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: قل يا محمّد لهؤلاء المشركين بربّهم، القائلين: إذا تتلى عليهم آياتنا، أيّ الفريقين منّا ومنكم خيرٌ مقامًا وأحسن نديًّا، من كان منّا ومنكم في الضّلالة جائرًا عن طريق الحقّ، سالكًا غير سبيل الهدى {فليمدد له الرّحمن مدًّا} يقول: فليطوّل له اللّه في ضلالته، وليمله فيها إملاءً.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {في الضّلالة فليمدد له الرّحمن مدًّا} فليدعه اللّه في طغيانه.
- وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
وقوله: {حتّى إذا رأوا ما يوعدون إمّا العذاب وإمّا السّاعة} يقول تعالى ذكره: قل لهم: من كان منّا ومنكم في الضّلالة، فليمل له الرّحمن في ضلالته إلى أن يأتيهم أمر اللّه، إمّا عذابٌ عاجلٌ، أو يلقوا ربّهم عند قيام السّاعة الّتي وعد اللّه خلقه أن يجمعهم لها، فإنّهم إذا أتاهم وعد اللّه بأحد هذين الأمرين {فسيعلمون من هو شرٌّ مكانًا} ومسكنًا منكم ومنهم {وأضعف جندًا} أهم أم أنتم؟ ويتبيّنون حينئذٍ أيّ الفريقين خيرٌ مقامًا، وأحسن نديًّا). [جامع البيان: 15/614-615]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله قل من كان في الضلالة يعني في الكفر فليمدد له الرحمن مدا يقول وهو العاص بن وائل يقول فليدعه الله في طغيانه). [تفسير مجاهد: 390]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {قل من كان في الضلالة} الآيات.
أخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله: {قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا}: فليدعه الله في طغيانه). [الدر المنثور: 10/126-127]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن حبيب بن أبي ثابت قال: في حرف أبي: (قل من كان في الضلالة فإنه يزيده الله ضلالة) ). [الدر المنثور: 10/127]

تفسير قوله تعالى: (وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا (76) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن الحسن وقتادة في قوله تعالى والباقيات الصالحات قال لا إله إلا الله والله أكبر والحمد لله وسبحا الله هن الباقيات الصالحات). [تفسير عبد الرزاق: 2/11]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا الثوري عن عبد الله بن مسلم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال والباقيات الصالحات الصلوات الخمس). [تفسير عبد الرزاق: 2/12]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا عمير بن راشد عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن بن عوف قال جلس رسول الله ذات يوم فأخذ عودا يابسا فحط ورقة ثم قال إن قول لا إله إلا الله والله أكبر والحمد لله وسبحان الله يحط الخطايا كما انحط ورق هذه الشجرة خذهن يا أبا الدرداء قبل أن يحال بينك وبينهن فإنهن من الباقيات الصالحات ومن كنوز الجنة قال أبو سلمة فكان أبو الدرداء إذا ذكر هذا الحديث قال لأهللن الله ولأكبرن الله ولأحمدن الله ولأسبحن الله حتى إذا رآني الجاهل حسب أني مجنون). [تفسير عبد الرزاق: 2/12]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن الحسن بن عبيد اللّه عن إبراهيم في قول اللّه: {الباقيات الصالحات} قال: الصلوات الخمس [الآية: 76].
سفيان [الثوري] عن عبد اللّه بن مسلم بن هرمزٍ عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله {الباقيات} قال: الصلوات). [تفسير الثوري: 189]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن منصورٍ عن مجاهدٍ في قوله: {الباقيات الصالحات}: سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلّا اللّه واللّه أكبر). [تفسير الثوري: 189]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ويزيد اللّه الّذين اهتدوا هدًى والباقيات الصّالحات خيرٌ عند ربّك ثوابًا وخيرٌ مردًّا}.
يقول تعالى ذكره: ويزيد اللّه من سلك قصد المحجّة، واهتدى لسبيل الرّشد، فآمن بربّه، وصدّق بآياته، فعمل بما أمره به، وانتهى عمّا نهاه عنه هدًى بما يتجدّد له من الإيمان بالفرائض الّتي يفرضها عليه والأعمال التى يوجبها عليه، فيصدق بوجوبها عليه. ويقرّ بلزوم فرضها إيّاه، ويعمل بها، فذلك زيادةٌ من اللّه في اهتدائه بآياته هدًى على هداه، وذلك نظير قوله: {وإذا ما أنزلت سورةٌ فمنهم من يقول أيّكم زادته هذه إيمانًا فأمّا الّذين آمنوا فزادتهم إيمانًا وهم يستبشرون}. وقد كان بعضهم يتأوّل ذلك: ويزيد اللّه الّذين اهتدوا هدًى بناسخٍ القرآن ومنسوخه، فيؤمن بالنّاسخ، كما آمن من قبل بالمنسوخ، فذلك زيادة هدًى من اللّه له على هداه من قبل.
{والباقيات الصّالحات خيرٌ عند ربّك ثوابًا} يقول تعالى ذكره: والأعمال الّتي أمر اللّه بها عباده ورضيها منهم. الباقيات لهم غير الفانيات الصّالحات، خيرٌ عند ربّك جزاءً لأهلها {وخيرٌ مردًّا} عليهم من مقامات هؤلاء المشركين باللّه، وأنديتهم الّتي يفتخرون بها على أهل الإيمان في الدّنيا.***(617)
وقد بيّنّا معنى الباقيات الصّالحات، وذكرنا اختلاف المختلفين في ذلك، ودلّلنا على الصّواب من القول فيه فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا عمر بن راشدٍ، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، عن أبي سلمة بن عبد الرّحمن بن عوفٍ، قال: جلس النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ذات يومٍ، فأخذ عودًا يابسًا، فحطّ ورقه ثمّ قال: " إنّ قول لا إله إلاّ اللّه، واللّه أكبر، والحمد للّه وسبحان اللّه، تحطّ الخطايا، كما تحطّ ورق هذه الشّجرة الرّيح، خذهنّ يا أبا الدّرداء قبل أن يحال بينك وبينهنّ، هنّ الباقيات الصّالحات، وهنّ من كنوز الجنّة "، قال أبو سلمة: فكان أبو الدّرداءٍ إذا ذكر هذا الحديث قال: لأهلّلنّ اللّه ولأكبّرنّ اللّه، ولأسبّحنّ اللّه، حتّى إذا رآني الجاهل حسب أنّي مجنونٌ). [جامع البيان: 15/615-617]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع: {ويزيد الله الذين اهتدوا هدى}. قال: يزيدهم إخلاصا). [الدر المنثور: 10/127]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {خير عند ربك ثوابا}. يعني: خير جزاء من جزاء المشركين، {وخير مردا}. يعني: مرجعا من مرجعهم إلى النار). [الدر المنثور: 10/127]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 1 جمادى الآخرة 1434هـ/11-04-2013م, 10:50 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا (73)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وإذا تتلى عليهم آياتنا بيّناتٍ قال الّذين كفروا للّذين آمنوا أيّ الفريقين} [مريم: 73] نحن وأنتم.
{خيرٌ مقامًا وأحسن نديًّا} [مريم: 73] المقام: المسكن، والنّديّ: المجمع.
وقال قتادة: النّديّ، المجلس.
وهو واحدٌ.
قال مجاهدٌ: يقوله مشركو قريشٍ لهؤلاء أصحاب محمّدٍ.
وقال سعيدٌ: قال قتادة: رأوا أصحاب نبيّ اللّه في عيشهم خشونةٌ). [تفسير القرآن العظيم: 1/239]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {خيرٌ مّقاماً وأحسن نديّاً...}:

مجلساً. والندي والنادي لغتان). [معاني القرآن: 2/171]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وأحسن نديّاً} أي مجلساً والندى والنادي واحد، قال حاتم طي:
ودعيت في أولى النّدىّ=ولم ينظر إليّ بأعين خزر
والجميع منها أندية،
قال سلامة بن جندل:
يومان يوم مقاماتٍ وأنديةٍ=ويوم سير إلى الأعداء تأويب).
[مجاز القرآن: 2/10]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {نديا}: مجلسا والندي والنادي واحد). [غريب القرآن وتفسيره: 241]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {خيرٌ مقاماً} أي منزلا.
{وأحسن نديًّا} أي مجلسا. يقال للمجلس: نديّ ونادى. ومنه قيل: دار النّدوة، للدار التي كان المشركون يجلسون فيها ويتشاورون في رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
و(الأثاث): المتاع.
و(الرئي): المنظر، والشّارة، والهيئة). [تفسير غريب القرآن: 275]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وإذا تتلى عليهم آياتنا بيّنات قال الّذين كفروا للّذين آمنوا أيّ الفريقين خير مقاما وأحسن نديّ}
{وأحسن نديّا} معناه مجلسا). [معاني القرآن: 3/342]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للذين آمنوا أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا}
روى أبو ظبيان عن ابن عباس في قوله: {أي الفريقين خير مقاما} قال منزلا {وأحسن نديا} قال مجلسا
قال الكسائي الندي والنادي المجلس [معاني القرآن: 4/351]
قال أبو جعفر وذلك معروف في اللغة يقال ندوت القوم أندوهم أي جمعتهم ومنه قيل دار الندوة لأنهم كانوا يجتمعون فيها إذا حزبهم الأمر ومنه قوله تعالى: {وتأتون في ناديكم المنكر} ). [معاني القرآن: 4/352]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وأحسن نديا} أي: مجلسا). [ياقوتة الصراط: 342]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {نديا} مجلسا و{مقاما} منزلا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 148]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {نَدِيّـاً}: مجلسا). [العمدة في غريب القرآن: 197]

تفسير قوله تعالى: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا (74)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {وكم أهلكنا قبلهم من قرنٍ هم أحسن أثاثًا ورئيًا} [مريم: 74] منهم.
والأثاث: المال.
وقال بعضهم: المتاع.
{ورئيًا} [مريم: 74] من قرأها مهموزةً فيقول: منظرًا.
سعيدٌ، عن قتادة قال: {أحسن أثاثًا ورئيًا} [مريم: 74] أكثر متاعًا وأحسن مرآةً ومنظرًا.
وقال الحسن: ورئيًا، صورًا.
[تفسير القرآن العظيم: 1/239]
ومن قرأها بغير همزةٍ فيقول: وريًّا من قبل الرّواء.
وإنّما عيش النّاس بالمطر، به تنبت زرعهم وتعيش ماشيتهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/240]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {أحسن أثاثاً ورءياً...}

الأثاث: المتاع. والرّئي: المنظر، والأثاث لا واحد له، كما أن المتاع لا واحد له. والعرب تجمع المتاع أمتعة وأماتيع ومتعاً. ولو جمعت الأثاث لقلت: ثلاثة آثّةٍ، وأثت لا غير. وأهل المدينة يقرءونها بغير همز (وريّاً) وهو وجه جيّد؛ لأنه مع آيات لسن بمهموزات الأواخر. وقد ذكر عن بعضهم أنه ذهب بالريّ إلى رويت. وقد قرأ بعضهم (وزيّاً) بالزاي. والزّي: الهيئة والمنظر. والعرب تقول: قد زيّيت الجارية أي زيّنتها وهيّأتها). [معاني القرآن: 2/171]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {أثاثاً} أي متاعا وهو جيد المتاع.
"ورئياً " وهو ما ظهر عليه ورأيته عليه). [مجاز القرآن: 2/10]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وكم أهلكنا قبلهم مّن قرنٍ هم أحسن أثاثاً ورءياً}
وقال: {ورءياً} فـ"الرءي" من الرؤية وفسروه من المنظر فذاك يدل على أنّه من "رأيت"). [معاني القرآن: 3/3]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({أثاثا}: متاعا.
{ورءيا}: منظرا). [غريب القرآن وتفسيره: 241]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثا ورئيا}
{أحسن أثاثا ورئيا}.
فيها أربعة أوجه:
رئيا بهمزة قبل الياء، والراء غير معجمة، وريّا بتشديد بياء مشددة، وزيّا - بالزاي معجمة، وقد قرئ بهذه الثلاثة الأوجه.
ويجوز وجه رابع لم يقرأ به - بياء وبعدها همزة - وريئا:
فأمّا رئيا - بهمزة قبل الياء - فالمعنى فيه هم أحسن أثاثا أي متاعا، ورئيا منظرا، من رأيت، ومن قرأ بغير همز فله تفسيران: على معنى الأول بطرح الهمزة وعلى معنى أن منظرهم مرتو من النعمة، كأن النعيم بيّن فيهم، ومن قرأ زيّا فمعناه أن زيّهم حسن يعني هيئتهم.
قال الشاعر:
أشاقتك الظّعائن يوم بانوا =بذي الرّئي الجميل من الأثاث
ونصب (أحسن أثاثا ورئيا) على نية التفسير.
المعنى وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثا منهم وأحسن زيا منهم. ومن قرأ ريئا فهو بمعنى رئيا مقلوب لأن من العرب من يقول قد راءني زيد وتقول قد رآني.في هذا المعنى قال الشاعر كثير:
وكل خليل راءني فهو قائل= من أجلك هذا هامة اليوم أو غد).
[معاني القرآن: 3/343-342]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثا ورئيا}
روى الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس قال الأثاث المتاع والرئى المنظر
قال أبو جعفر والأثاث في اللغة المتاع وقال الأحمر واحدته أثاثة
وقال الفراء لا واحد له
وكذلك الرئى المنظر من رأيت أي ما ترى في صورة
الإنسان ولباسه ويقرأ وريا بلا همزة وهو جيد على تخفيف الهمز
وهو حسن ههنا لتتفق رؤوس الآيات
ويجوز أن يكون من الري والنعمة
وقال الأخفش يجوز أن يكون من ري المطر والزي بالزاي الهيئة والحسن يقال زيت المرأة أي زينتها وهيأتها). [معاني القرآن: 4/353-352]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ورئيا} منظرا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 148]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أَثاثاً}: متاعا.
{وَرِئْيـاً}: منظرا). [العمدة في غريب القرآن: 197]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا (75)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {قل من كان في الضّلالة} [مريم: 75] هذا الّذي يموت على ضلالته.
{فليمدد له الرّحمن مدًّا} [مريم: 75] هذا دعاءٌ، فأمدّ له الرّحمن مدًّا.
أمر اللّه النّبيّ أن يدعو بهذا.
وقال ابن مجاهدٍ عن أبيه: فليدعه الرّحمن في طغيانه.
قال: {حتّى إذا رأوا ما يوعدون إمّا العذاب} [مريم: 75] في الدّنيا قبل عذاب الآخرة.
{وإمّا السّاعة} [مريم: 75] أي وإمّا عذاب الآخرة، فهو العذاب الأكبر.
لم يبعث اللّه نبيًّا إلا وهو يحذّر أمّته عذاب اللّه في الدّنيا وعذابه في الآخرة إن لم يؤمنوا.
قال: {فسيعلمون} [مريم: 75] عند ذلك.
{من هو شرٌّ مكانًا} [مريم: 75] أهم أم المؤمنون.
{وأضعف جندًا} [مريم: 75] في النّصرة والمنعة.
أي إنّهم ليس لهم أحدٌ يمنعهم من عذاب اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 1/240]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {فليمدد له الرّحمن مدًّا} أي يمد له في ضلالته).
[تفسير غريب القرآن: 275]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجل: {قل من كان في الضّلالة فليمدد له الرّحمن مدّا *حتّى إذا رأوا ما يوعدون إمّا العذاب وإمّا السّاعة فسيعلمون من هو شرّ مكانا وأضعف جندا}
هذا لفظ أمر في معنى الخبر، وتأويله أن اللّه عزّ وجلّ جعل جزاء ضلالته أن يتركه فيها، ويمده فيها، كما قال - جلّ وعزّ -:{من يضلل اللّه فلا هادي له ويذرهم في طغيانهم يعمهون}إلا أن لفظ الأمر يؤكد معنى الخبر ،كأن لفظ الأمر يريد به المتكلم نفسه إلزاما، كأنّه يقول أفعل ذلك وآمر نفسي به، فإذا قال القائل: من رآني فلأكرمه، فهو ألزم من قوله أكرمه، كأنّه قال: من زارني فأنا آمر نفسي بإكرامه وألزمها ذلك.
وقوله: {إمّا العذاب وإمّا السّاعة}.
العذاب والساعة منصوبان على البدل من (ما يوعدون) المعنى حتى إذا رأوا العذاب أو رأوا الساعة، فالعذاب ههنا ما وعدوا به من نصر المؤمنين عليهم فإنهم يعذبونهم قتلا وأسرا.
والساعة يعنى بها يوم القيامة وبما وعدوا به فيها من الخلود في النار.
{فسيعلمون من هو شرّ مكانا وأضعف جندا}أي فسيعلمون بالنصر، والقتل أنهم أضعف جندا من جند النبي - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين ويعلمون بمكانهم من جهنم، ومكان المؤمنين من الجنة من هو شرّ مكانا). [معاني القرآن: 3/343]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا}
يقال ما معنى الأمر ههنا
قال أبو جعفر الجواب أن هذا أبلغ فلو قلت إن تجئني فلأكرمك كان أبلغ من قولك إن تجئني فأكرمك وإنما صار أبلغ لأن فيه معنى الإلزام). [معاني القرآن: 4/353]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب وإما الساعة}
العذاب ههنا أن ينصر الله المسلمين عليهم فيعذبوهم بالقتل والسبي
والساعة القيامة أي وأما تقوم القيامة فيصيرون إلى النار فسيعلمون من هو شر مكانا إذا صاروا إلى النار وأضعف جندا إذا نصر الله المسلمين عليهم). [معاني القرآن: 4/354]

تفسير قوله تعالى: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا (76)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ويزيد اللّه الّذين اهتدوا هدًى} [مريم: 76] يعني: يزيدهم إيمانًا.
وهو تفسير السّدّيّ.
قوله: {والباقيات الصّالحات} [مريم: 76] قال الحسن: الفرائض.
وقال ابن عبّاسٍ: الصّلوات الخمس، وسبحان اللّه، والحمد للّه ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر.
[تفسير القرآن العظيم: 1/240]
- المعلّى بن هلالٍ، عن العلاء بن عبد الكريم، عن عبد الرّحمن بن سابطٍ قال: لمّا أسري بالنّبيّ لقي إبراهيم النّبيّ فقال له: يا محمّد أقرئ أمّتك السّلام وأخبرهم أنّ الجنّة طيّبةٌ تربتها، طيّبٌ ماؤها، وأنّها قيعانٌ، وأنّ غرسها سبحان اللّه والحمد للّه، ولا إله إلا اللّه، واللّه أكبر.
- وحدّثني أبو الأسحم عقبة بن مرثدٍ، عن أبي إسحاق الهمذانيّ قال: سمعت عليّ بن أبي طالبٍ يقول: الباقيات الصّالحات: سبحان اللّه، والحمد للّه، ولا إله إلا اللّه، واللّه أكبر.
- وحدّثني الخليل بن مرّة، عن محمّد بن عجلان أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال لأصحابه يومًا: «خذوا جنّتكم».
قالوا: يا رسول اللّه أمن عدوٍّ حضر؟ قال: «خذوا جنّتكم من النّار».
قالوا: يا رسول اللّه وما جنّتنا؟ قال: «سبحان اللّه، والحمد للّه، ولا إله إلا اللّه، واللّه أكبر فإنّهنّ يأتين يوم القيامة مقدّماتٍ، ومجنّباتٍ، ومعقّباتٍ، وهنّ الباقيات الصّالحات».
قوله: {خيرٌ عند ربّك ثوابًا} [مريم: 76] جزاءً في الآخرة.
{وخيرٌ مردًّا} [مريم: 76] خيرٌ عاقبةً من أعمال الكفّار). [تفسير القرآن العظيم: 1/241]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ويزيد اللّه الّذين اهتدوا هدًى...}

بالناسخ والمنسوخ). [معاني القرآن: 2/171]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ويزيد اللّه الّذين اهتدوا هدى والباقيات الصّالحات خير عند ربّك ثوابا وخير مردّا}
قيل بالناسخ والمنسوخ نحو ما كان من صوم رمضان من أنه كان يجوز لمن يقدر على الصوم أن يطعم مسكينا ويفطر، فنسخ ذلك بإلزام الصوم.
وجائز أن يكون -: {ويزيد اللّه الّذين اهتدوا هدى} يجعل جزاءهم أن يزيدهم في يقينهم هدى كما أضل اللّه الفاسق بفسقه.
وقوله عزّ وجلّ: {والباقيات الصّالحات خير عند ربّك ثوابا}.
معناه الأعمال الصالحة، وأولها توحيد اللّه، وهو شهادة أن لا إله إلا اللّه). [معاني القرآن: 3/344]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ويزيد الله الذين اهتدوا هدى}
قيل نزيدهم هدى بالناسخ والمنسوخ،
وقيل نزيدهم هدى مجازاة،
وقد ذكرنا معنى الباقيات الصالحات في سورة الكهف). [معاني القرآن: 4/354]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 1 جمادى الآخرة 1434هـ/11-04-2013م, 11:06 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا (73) }

تفسير قوله تعالى: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا (74) }

قال أبو عمرو إسحاق بن مرار الشيباني (ت: 213هـ): (وقال الكلبي: رَئِي، مثل: سَري؛ وهو صاحبه الذي شاركه في رأيه.
ورجل رئيٌّ: جيد الرأي). [كتاب الجيم: 1/307]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله:

بذي الزي الجميل من الأثاث
هي الرواية الصحيحة، وقد قيل بذي الري الجميل واستهواهم إليه قول الله جل ثناؤه: {هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا} فالأثاث متاع البيت، والرءي ما ظهر من الزينة، وإنما أخذ من قولك: رأيتُ، فالرءي غير الأثاث والزي من الأثاثِ، فمن ههنا غلطوا). [الكامل: 2/786]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا (75) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب أمّا وإمّا
أما المفتوحة فإن فيها معنى المجازاة. وذلك قولك: أما زيدٌ فله درهم، وأما زيد فأعطه درهماً. فالتقدير: مهما يكن من شيءٍ فأعط زيدا درهماً، فلزمت الفاء الجواب؛ لما فيه من معنى الجزاء. وهو كلام معناه التقديم والتأخير. ألا ترى أنك تقول: أما زيدا فاضرب؛ فإن قدمت الفعل لم يجز؛ لأن أما في معنى: مهما يكن من شيء؛ فهذا لا يتصل به فعلٌ، وإنما حد الفعل أن يكون بعد الفاء. ولكنك تقدم الاسم؛ ليسد مسد المحذوف الذي هذا معناه، ويعمل فيه ما بعده. وجملة هذا الباب: أن الكلام بعد أما على حالته قبل أن تدخل إلا أنه لا بد من الفاء؛ لأنها جواب الجزاء؛ ألا تراه قال - عز وجل - {وأما ثمود فهديناهم} كقولك: ثمود هديناهم. ومن رأى أن يقول: زيدا ضربته نصب بهذا فقال: أما زيدا فاضربه. وقال: {فأما اليتيم فلا تقهر} فعلى هذا فقس هذا الباب. وأما إما المكسورة فإنها تكون في موضع أو، وذلك قولك: ضربت إما زيدا، وإما عمرا؛ لأن المعنى: ضربت زيدا أو عمرا، وقال الله عز وجل: {إما العذاب وإما الساعة} وقال: {إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً}. فإذا ذكرت إما فلا بد من تكريرها، وإذا ذكرت المفتوحة فأنت مخير: إن شئت وقفت عليها إذا تم خبرها. تقول: أما زيد فقائم، وأما قوله: {أما من استغنى. فأنت له تصدى. وما عليك ألا يزكى. وأما من جاءك يسعى. وهو يخشى. فأنت عنه تلهى} فإن الكلام مستغنٍ من قبل التكرير، ولو قلت: ضربت إما زيداً، وسكت، لم يجز؛ لأن المعنى: هذا أو هذا؛ ألا ترى أن ما بعد إما لا يكون كلاماً مستغنياً). [المقتضب: 3/27-28] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقال أعرابي أنشدنيه أبو العالية:
ألا تسأل ذا العلم ما الذي = يحل من التقبيل في رمضان؟
فقال لي المكي:
أما لزوجةٍ = فسبع، وأما خلةٍ فثماني
.....
"وقوله: "أما لزوجة" فهذه مفتوحة، وهي التي تحتاج إلى خبر، ومعناها: إذا قلت: أما زيدٌ فمنطلقٌ مهما يكن من شيء فزيدٌ منطلقٌ. وكذلك: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ} إنما هي: مهما يكن من شيء فلا تقهر اليتيم، وتكسر إذا كانت في معنى "أو" ويلزمها التكرير، تقول: ضربت إما زيدًا وإما عمرًا، فمعناه ضربت زيدًا أو عمرًا، وكذلك: {إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا}، وكذلك: {إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ}، و{إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا}، وإنما كررتها لأنك إذا قلت: ضربت زيدًا أو عمرًا، أو قلت: اضرب زيدًا أو عمرًا فقد ابتدأت بذكر الأول، وليس عند السامع أنك تريد غير الأول، ثم جئت بالشك، أو التخيير، وإذا قلت: ضربت إما زيدًا وإما عمرًا، فقد وضعت كلامك بالابتداء على التخيير أو على الشك، وإذا قلت: ضربت إما زيدًا وإما عمرًا، فالأولى وقعت لبنية الكلام عليها، والثانية للعطف، لأنك تعدل بين الثاني والأول، فإنما تكسر في هذا الموضع.
وزعم سيبويه أنها إن ضمت إليها "ما" فإن اضطر شاعر فحذف "ما" جاز له ذلك لأنه الأصل، وأنشد في مصداق ذلك:
لقد كذبتك نفسك فاكذبنها = فإن جزعًا وإن إجمال صبر
ويجوز في غير هذا الموضع أن تقع "إما" مكسورة، ولكن "ما" لا تكون لازمة، ولكن تكون زائدة في "إن" التي هي للجزاء. كما تزداد في سائر الكلام نحو: أين تكن أكن، وأينما تكن أكن، وكذلك متى تأتني آتك، ومتى ما تأتني آتك، فتقول: إن تأتني آتك، وإما تأتني آتك، تدغم النون في الميم لاجتماعهما في الغنة، وسنذكر الإدغام في موضع نفرده به إن شاء الله، كما قال امرؤ القيس:

فإما تريني لا أغمض ساعةٌ = من الليل إلا أن أكب فأنعسا
فيا رب مكروب كررت وراءه = وطاعنت عنه الخيل حتى تنفسا
وفي القرآن: {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا} وقال: {وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا} فأنت في زيادة "ما" بالخيار في جميع حروف الجزاء، إلا في حرفين، فإن "ما" لابد منها لعلة نذكرها إذا أفردنا باباٌ للجزاء إن شاء الله، والحرفان: حيثما تكن أكن، كما قال الشاعر:
حيثما تستقم يقدر لك الله = نجاحاٌ في غابر الأزمان).
[الكامل: 1/377-379] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا (76) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 16 ذو القعدة 1439هـ/28-07-2018م, 06:32 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 16 ذو القعدة 1439هـ/28-07-2018م, 06:33 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 17 ذو القعدة 1439هـ/29-07-2018م, 08:36 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا (73)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للذين آمنوا أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثا ورئيا قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا}
قرأ الأعرج، وابن محيصن، وأبو حيوة: "يتلى" بالياء من تحت.
وسبب هذه الآية أن كفار قريش لما كان الرجل منهم يكلم المؤمن في معنى الدين فيقرأ المؤمن عليه القرآن، ويبهره بآيات النبي صلى الله عليه وسلم، كان الكافر منهم يقول: إن الله إنما يحسن لأحب الخلق إليه، وإنما ينعم على أهل الحق، ونحن قد أنعم علينا دونكم، فنحن أغنياء وأنتم فقراء، ونحن أحسن مجلسا وأجمل شارة، فهذا المعنى ونحوه هو المقصود بالتوقيف في قوله تعالى: {أي الفريقين}؟
[المحرر الوجيز: 6/59]
وقرأ نافع، وابن عباس رضي الله عنهما: "مقاما" بفتح الميم، و"لا مقام لكم" بالفتح أيضا، وهو المصدر من قام، أو الظرف منه في موضع القيام. وهذا يقتضي لفظ المقام، إلا أن المعنى في هذه الآية يحرز أنه واقع على الظرف فقط، وقرأ أبي رضي الله عنه: "في مقام أمين"، بضم الميم، وقرأ ابن كثير: "مقاما" بضم الميم، وهو ظرف من أقام، وكذلك أيضا من المصدر منه مثل "مجراها ومرساها" وقرأ: "في مقام أمين" و"لا مقام لكم" بالفتح، وقرأ أبو عمرو، والكسائي، وحمزة، وأبو بكر عن عاصم جميعهن بالفتح، وروى حفص عن عاصم "لا مقام لكم" بالضم.
و "الندي" والنادي: المجلس فيه الجماعة، ومنه قول حاتم الطائي:
ودعيت في أولى الندي ولم ينظر إلي بأعين خزر). [المحرر الوجيز: 6/60]

تفسير قوله تعالى: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا (74)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وكم أهلكنا} قبلهم مخاطبة من الله تبارك وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، خبر يتضمن كسر حجتهم واحتقار أمرهم؛ لأن التقدير: هذا الذي افتخروا به لا قدر له عند الله، وليس بمنج لهم، فكم أهلك الله من الأمم لما كفروا وهم أشد من هؤلاء وأكثر أموالا وأجمل منظرا. و"القرن": الأمة يجمعها العصر الواحد، واختلف الناس في قدر المدة التي إذا اجتمعت أمة سميت تلك الأمة قرنا - فقيل: مائة سنة، وقيل: ثمانون سنة، وقيل: سبعون، وقد تقدم القول في هذا غير مرة. و"الأثاث": المال العين والعرض والحيوان، وهو اسم عام، واختلف، هل هو جمع أو إفراد؟ فقال الفراء: هو اسم جمع لا واحد له من لفظه كالمتاع، وقال خلف الأحمر، هو جمع واحده أثاثة، كحمامة وحمام، ومنه قول الشاعر:
[المحرر الوجيز: 6/60]
أشاقتك الظعائن يوم بانوا ... بذي الرئي الجميل من الأثاث؟
وأنشد أبو العباس:
لقد علمت عرينة حيث كانوا ... بأنا نحن أكثرهم أثاثا
وقرأ نافع - بخلاف - وأهل المدينة: "وريا" بياء مشددة، وقرأ ابن عباس رضي الله عنه فيما روي عنه، وطلحة: "وريا" بياء مخففة، وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، وحمزة، والكسائي: "ورءيا" بهمزة بعدها ياء، على وزن رعيا، ورويت عن نافع، وابن عامر، رواها أشهب عن نافع، وقرأ أبو بكر عن عاصم: "وريئا" بياء ساكنة بعدها همزة، وهو على القلب، وزنه فلعا، وكأنه من راء، وقال الشاعر:
وكل خليل راءني فهو قائل ... من أجلك: هذا هامة اليوم أو غد
[المحرر الوجيز: 6/61]
فأما القراءتان المهموزتان فهما من رؤية العين، الرئي اسم المرئي والظاهر للعين كالطحن والسقي، قال ابن عباس: الرئي: المنظر، قال الحسن: وريا بمعناه، وأما المشددة الياء فقيل: هي بمعنى المهموزة إلا أن الهمزة خففت لتستوي رؤوس الآي. وذكر منذر بن سعيد عن بعض أهل العلم أنه من الري في السقيا، كأنه أراد أنهم خير منهم بلادا وأطيب أرضا وأكثر نعما؛ إذ جملة النعم إنما هي من والمطر، وأما القراءة المخففة الياء فضعيفة الوجه، وقد قيل: هي لحن. وقرأ سعيد بن جبير، ويزيد البربري، وابن عباس أيضا: "وزيا" بالزاي، وهو بمعنى الملبس وهيئته، تقول: زييت بمعنى: زينت). [المحرر الوجيز: 6/62]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا (75)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وأما قوله تعالى: {قل من كان في الضلالة} فقول يحتمل معنيين: أحدهما أن يكون بمعنى الدعاء والابتهال، كأنه يقول: الأضل منا أو منكم مد الله له حتى يؤول ذلك إلى عذابه. والمعنى الآخر أن يكون بمعنى الخبر كأنه يقول: من كان ضالا من الأمم فعادة الله فيه أنه يمد له ولا يعاجله حتى يفضي ذلك إلى عذابه في الآخرة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
فاللام في قوله تعالى: "فليمدد" على المعنى الأول لام رغبة في صيغة الأمر، وعلى المعنى الثاني لام أمر دخلت في معنى الخبر ليكون أوكد وأقوى، وهذا موجود في كلام العرب وفصاحتها.
قوله عز وجل: {حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب وإما الساعة فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا ويزيد الله الذين اهتدوا هدى والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير مردا أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدا كلا سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مدا ونرثه ما يقول ويأتينا فردا}
"حتى" في هذه الآية حرف ابتداء دخلت على جملة، وفيها معنى الغاية، و"إذا"
[المحرر الوجيز: 6/62]
شرط، وجوابها في قوله تعالى: {فسيعلمون}، و"الرؤية" رؤية العين، و"العذاب" و"الساعة" بدل من "ما" التي وقعت عليها "رأوا". و"إما" هي المدخلة للشك في أول الكلام، والثانية عطف عليها. و"العذاب" يريد به عذاب الدنيا ونصرة المؤمنين عليهم، و"الجند" النصرة والقائمون بأمر الحرب، و"شر مكانا" بإزاء قولهم: "خير مقاما"، و"أضعف جندا" بإزاء قولهم: "أحسن نديا"). [المحرر الوجيز: 6/63]

تفسير قوله تعالى: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا (76)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ولما ذكر ضلالة الكفر، وارتباكهم في الامتحان بنعم الدنيا وعماهم عن الطريق المستقيم، عقب ذلك بذكر نعمته على المؤمنين، في أنه يزيدهم هدى في الارتباط إلى الأعمال الصالحة، والمعرفة بالدلائل الواضحة، وزيادة العلم دأبا، قال الطبري عن بعضهم: المعنى: بناسخ القرآن ومنسوخه.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا مثال.
و " الباقيات الصالحات " إشارة إلى ذلك الهدى الذي يزيدهم الله، وهذه النعم على هؤلاء خير عند الله ثوابا وخير مرجعا.
والقول في زيادة الهدى سهل بين الوجوه.
و " الباقيات الصالحات " كل عمل صالح يرفع الله به درجة عامله، وقال الحسن: هي الفرائض، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: هي الصلوات الخمس، وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنها الكلمات المشهورات: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. فقد قال صلى الله عليه وسلم لأبي الدرداء رضي الله عنه: خذهن قبل أن يحال بينك وبينهن، فهن الباقيات الصالحات، وهن من كنوز الجنة، وروي
[المحرر الوجيز: 6/63]
عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال يوما: "خذوا جنتكم"، قالوا: يا رسول الله، أمن عدو حضر؟ قال: "من النار"، قالوا: ما هي يا رسول الله؟ قال: "سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، وهن الباقيات الصالحات، وكان أبو الدرداء رضي الله عنه إذا ذكر هذا الحديث يقول: لأهللن ولأكبرن الله ولأسبحنه حتى إذا رآني الجاهل ظنني مجنونا). [المحرر الوجيز: 6/64]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 4 محرم 1440هـ/14-09-2018م, 06:30 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 4 محرم 1440هـ/14-09-2018م, 06:31 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا (73) وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا (74)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وإذا تتلى عليهم آياتنا بيّناتٍ قال الّذين كفروا للّذين آمنوا أيّ الفريقين خيرٌ مقامًا وأحسن نديًّا (73) وكم أهلكنا قبلهم من قرنٍ هم أحسن أثاثًا ورئيًا (74)}.
يخبر تعالى عن الكفّار حين تتلى عليهم آيات اللّه ظاهرة الدّلالة بيّنة الحجّة واضحة البرهان: أنّهم يصدّون عن ذلك، ويعرضون ويقولون عن الّذين آمنوا مفتخرين عليهم ومحتجّين على صحّة ما هم عليه من الدّين الباطل بأنّهم: {خيرٌ مقامًا وأحسن نديًّا} [أي: أحسن منازل وأرفع دورًا وأحسن نديًّا]، وهو مجمع الرّجال للحديث، أي: ناديهم أعمر وأكثر واردًا وطارقًا، يعنون: فكيف نكون ونحن بهذه المثابة على باطلٍ، وأولئك [الّذين هم] مختفون مستترون في دار الأرقم بن أبي الأرقم ونحوها من الدّور على الحقّ؟ كما قال تعالى مخبرًا عنهم: {وقال الّذين كفروا للّذين آمنوا لو كان خيرًا ما سبقونا إليه} [الأحقاف: 11]. وقال قوم نوحٍ: {أنؤمن لك واتّبعك الأرذلون} [الشّعراء: 111]، وقال تعالى: {وكذلك فتنّا بعضهم ببعضٍ ليقولوا أهؤلاء منّ اللّه عليهم من بيننا أليس اللّه بأعلم بالشّاكرين} [الأنعام: 53]؛ ولهذا قال تعالى رادًّا عليهم شبهتهم: {وكم أهلكنا قبلهم من قرنٍ} أي: وكم من أمّةٍ وقرنٍ من المكذّبين قد أهلكناهم بكفرهم، {هم أحسن أثاثًا ورئيًا} أي: كانوا أحسن من هؤلاء أموالا وأمتعة ومناظر وأشكالا.
[و] قال الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عبّاسٍ: {خيرٌ مقامًا وأحسن نديًّا} قال: المقام: المنزل، والنّديّ: المجلس، والأثاث: المتاع، والرّئي: المنظر.
وقال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ: المقام: المسكن، والنّديّ: المجلس والنّعمة والبهجة الّتي كانوا فيها، وهو كما قال اللّه لقوم فرعون حين أهلكهم وقصّ شأنهم في القرآن: {كم تركوا من جنّاتٍ وعيونٍ وزروعٍ ومقامٍ كريمٍ} [الدّخان: 25، 26]، فالمقام: المسكن والنّعيم، والنّديّ: المجلس والمجمع الّذي كانوا يجتمعون فيه، وقال [اللّه] فيما قصّ على رسوله من أمر قوم لوطٍ: {وتأتون في ناديكم المنكر} [العنكبوت: 29]، والعرب تسمّي المجلس: النّادي.
وقال قتادة: لـمّا رأوا أصحاب محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم في عيشهم خشونةٌ، وفيهم قشافةٌ، تعرّض أهل الشّرك بما تسمعون: {أيّ الفريقين خيرٌ مقامًا وأحسن نديًّا} وكذا قال مجاهدٌ، والضّحّاك.
ومنهم من قال في الأثاث: هو المال. ومنهم من قال: المتاع. ومنهم من قال: الثّياب، والرّئي: المنظر كما قال ابن عباس، ومجاهد وغير واحد.
وقال الحسن البصريّ: يعني الصّور، وكذا قال مالكٌ: {أثاثًا ورئيًا}: أكثر أموالًا وأحسن صورًا. والكلّ متقاربٌ صحيحٌ). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 257-258]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا (75)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قل من كان في الضّلالة فليمدد له الرّحمن مدًّا حتّى إذا رأوا ما يوعدون إمّا العذاب وإمّا السّاعة فسيعلمون من هو شرٌّ مكانًا وأضعف جندًا (75)}.
يقول تعالى: {قل} يا محمّد، لهؤلاء المشركين بربّهم المدّعين، أنّهم على الحقّ وأنّكم على الباطل: {من كان في الضّلالة} أي: منّا ومنكم، {فليمدد له الرّحمن مدًّا} أي: فأمهله الرّحمن فيما هو فيه، حتّى يلقى ربّه وينقضي أجله، {إمّا العذاب} يصيبه، {وإمّا السّاعة} بغتةً تأتيه، {فسيعلمون} حينئذٍ {من هو شرٌّ مكانًا وأضعف جندًا} [أي]: في مقابلة ما احتجّوا به من خيريّة المقام وحسن النّديّ.
قال مجاهدٌ في قوله: {فليمدد له الرّحمن مدًّا} فليدعه اللّه في طغيانه. هكذا قرّر ذلك أبو جعفر بن جريرٍ، رحمه اللّه.
وهذه مباهلةٌ للمشركين الّذين يزعمون أنّهم على هدًى فيما هم فيه، كما ذكر تعالى مباهلة اليهود في قوله: {قل يا أيّها الّذين هادوا إن زعمتم أنّكم أولياء للّه من دون النّاس فتمنّوا الموت إن كنتم صادقين} [الجمعة: 6] أي: ادعوا على المبطل منّا ومنكم بالموت إن كنتم تدّعون أنّكم على الحقّ، فإنّه لا يضرّكم الدّعاء، فنكلوا عن ذلك، وقد تقدّم تقرير ذلك في سورة "البقرة" مبسوطًا، وللّه الحمد. وكما ذكر تعالى المباهلة مع النّصارى في سورة "آل عمران" حين صمّموا على الكفر، واستمرّوا على الطّغيان والغلوّ في دعواهم أنّ عيسى ولد اللّه، وقد ذكر اللّه حججه وبراهينه على عبوديّة عيسى، وأنّه مخلوقٌ كآدم، قال بعد ذلك: {فمن حاجّك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثمّ نبتهل فنجعل لعنة اللّه على الكاذبين} [آل عمران: 61] فنكلوا أيضًا عن ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 258]

تفسير قوله تعالى: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا (76)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ويزيد اللّه الّذين اهتدوا هدًى والباقيات الصّالحات خيرٌ عند ربّك ثوابًا وخيرٌ مردًّا (76)}.
لـمّا ذكر [اللّه] تعالى إمداد من هو في الضّلالة فيما هو فيه وزيادته على ما هو عليه، أخبر بزيادة المهتدين هدى كما قال تعالى: {وإذا ما أنزلت سورةٌ فمنهم من يقول أيّكم زادته هذه إيمانًا فأمّا الّذين آمنوا فزادتهم إيمانًا وهم يستبشرون * وأمّا الّذين في قلوبهم مرضٌ فزادتهم رجسًا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون} [التوبة: 124، 125].
وقوله: {والباقيات الصّالحات} قد تقدّم تفسيرها، والكلام عليها، وإيراد الأحاديث المتعلّقة بها في سورة "الكهف".
{خيرٌ عند ربّك ثوابًا} أي: جزاءً {وخيرٌ مردًّا} أي: عاقبةً ومردًّا على صاحبها.
وقال عبد الرّزّاق: أخبرنا عمر بن راشدٍ، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، عن أبي سلمة بن عبد الرّحمن قال: جلس رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ذات يومٍ، فأخذ عودًا يابسًا فحطّ ورقه ثمّ قال: "إنّ قول: لا إله إلّا اللّه، واللّه أكبر، والحمد للّه، وسبحان اللّه، تحطّ الخطايا كما تحطّ ورق هذه الشّجرة الرّيح، خذهنّ يا أبا الدّرداء قبل أن يحال بينك وبينهنّ، هنّ الباقيات الصّالحات، وهنّ من كنوز الجنّة" قال أبو سلمة: فكان أبو الدّرداء إذا ذكر هذا الحديث قال: لأهلّلنّ اللّه، ولأكبّرنّ اللّه، ولأسبّحنّ اللّه، حتّى إذا رآني الجاهل حسب أنّي مجنونٌ
وهذا ظاهره أنّه مرسلٌ، ولكن قد يكون من رواية أبي سلمة، عن أبي الدّرداء، واللّه أعلم. وهكذا وقع في سنن ابن ماجه، من حديث أبي معاوية، عن عمر بن راشدٍ، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي الدّرداء، فذكر نحوه). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 258-259]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:53 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة