التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ (13)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والصاعقة: العذاب، كقوله: {أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ}). [تأويل مشكل القرآن: 501]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم قال: {فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود (13)}
أي: فإن لم يقبلوا رسالتك بعد هذه الإبانة , ويوحدوا اللّه: {فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود}
أي: أنذرتهم بأن ينزل بكم ما نزل بمن كفر من الأمم قبلكم). [معاني القرآن: 4/382]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود}
أي: فإن أعرضوا عن التوحيد وما جئت به , فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود , أي: أنذرتكم أن ينزل بكم عذاب كما نزل بهم إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم , يعني: من جاء قبلهم كما قال تعالى: {مصدقا لما بين يديه} , ثم قال :{ ومن خلفهم} , فيه قولان:
أحدهما: أن المعنى , ومن بعد كونهم
والقول الآخر: أن يكون الضمير يعود على الرسل). [معاني القرآن: 6/253-254]
تفسير قوله تعالى: {ِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (14)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إذ جاءتهم الرّسل من بين أيديهم ومن خلفهم ...}.
أتت الرسل آباءهم، ومن كان قبلهم ومن خلفهم يقول: وجاءتهم أنفسهم رسل من بعد أولئك الرسل، فتكون الهاء والميم في {خلفهم} للرسل، وتكون لهم تجعل من خلفهم لما معهم). [معاني القرآن: 3/13]
تفسير قوله تعالى: { فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (15)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم قصّ قصة كفرهم , والسبب في عتوّهم , وإقامتهم على ضلالتهم فقال:
{فأمّا عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحقّ وقالوا من أشدّ منّا قوّة}
فأرسل اللّه عليهم ريحا صرصرا , فقال: { فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيّام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدّنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون (16) } .).[معاني القرآن: 4/382] (م)
تفسير قوله تعالى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ (16)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ريحاً صرصراً...}.: باردة تحرق كما تحرق النار.
وقوله: {في أيّامٍ نّحساتٍ...}.
العوام على تثقيلها لكسر الحاء، وقد خفف بعض أهل المدينة: {نحسات}.
قال: و قد سمعت بعض العرب ينشد:
أبلغ جذاما ولخما أن إخوتهم = طيا وبهراء قوم نصرهم نحس
وهذا لمن ثقّل، ومن خفّف بناه على قوله: {في يوم نحسٍ مستمرٍّ} ). [معاني القرآن: 3/13-14]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({فأرسلنا عليهم ريحاً صرصراً }: الشديدة الصوت العاصف، وقال ابن ميادة:
أشاقك المنزل والمحضر= أودت به ريدانه صرصر.
{ نحسأتٍ }: ذوات نحوس, أي: مشايم). [مجاز القرآن: 2/197]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({فأرسلنا عليهم ريحاً صرصراً في أيّامٍ نّحساتٍ لّنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدّنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون}
وقال: {في أيّامٍ نّحساتٍ} , وهي لغة من قال: نحس , و{نحسات} لغة من قال "نحس"). [معاني القرآن: 4/7]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({ريحا صرصرا}: شديدة الصوت.
{نحسات}: ذات نحوس، مشائيم). [غريب القرآن وتفسيره: 328]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( (الريح الصرصر): الشديدة.
{في أيّامٍ نحساتٍ} : قال قتادة: نكدات مشئومات, قال الشاعر:
فسيروا بقلب العقرب اليوم= إنه سواء عليكم بالنحوس وبالسعد) [تفسير غريب القرآن: 388]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم قصّ قصة كفرهم , والسبب في عتوّهم , وإقامتهم على ضلالتهم فقال:
{ فأمّا عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحقّ , وقالوا من أشدّ منّا قوّة} , فأرسل اللّه عليهم ريحا صرصرا , فقال: {فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيّام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدّنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون (16)}
{نحسات} : ويروى نحسات.
قال أبو عبيدة: الصرصر الشديدة الصوت.
وجاء في التفسير الشديدة البرد، ونحسات مشئومات واحدها نحس.
ومن قرأ نحسات فواحدها نحس، قال اللّه عزّ وجلّ :-
{في يوم نحس مستمرّ (19) } .). [معاني القرآن: 4/382-382]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا}
روى ابن أبي نجيح , عن مجاهد قال : (شديدة السموم).
وروى معمر, عن قتادة قال : (باردة) .
قال أبو جعفر : قول قتادة أبين , وكذا قال عطاء ؛ لأن صرصرا مأخوذ من: صر , والصر في كلام العرب : البرد , كما قال الشاعر:-
لها غدر كقرون النساء = ركبن في يوم ريح وصر
وليس القولان بمتناقضين , لأنه يروى : أنها كانت ريحا باردة تحرق كما تحرق النار .
وقد قال أبو عبيدة : صرصر : شديدة الصوت عاصف
وقد روي , عن مجاهد: شديدة الشؤم.
ثم قال جل وعز: {في أيام نحسات}
قال مجاهد : أي : مشائيم , وقال قتادة : مشئومات , نكدات.). [معاني القرآن: 6/255]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : {ريحا صرصرا}:أي: باردة. {نحسات:}: أي: مشائيم). [ياقوتة الصراط: 454]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {صَرْصَرًا}: شديد الصوت , {نَّحِسَاتٍ}: ميشومات). [العمدة في غريب القرآن: 264]
تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (17)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وأمّا ثمود فهديناهم...}.
القراءة برفع ثمود، قرأ بذلك عاصم، وأهل المدينة والأعمش. إلا أن الأعمش كان يجرى ثمود في كل القرآن إلا قوله: {وآتينا ثمود النّاقة}، فإنه كان لا ينون، لأنّ كتابه بغير ألف. ومن أجراها جعلها اسماً لرجل أو لجبل، ومن لم يجرها جعلها اسماً للأمة التي هي منها قال: وسمعت بعض العرب يقول: تترك بني أسد وهم فصحاء، فلم يجر أسد، وما أردت به القبيلة من الأسماء إلى تجرى فلا تحرها، وإجراؤها أجود في العربية مثل قولك: جاءتك تميمٌ بأسرها، وقيس بأسرها، فهذا مما يجري، ولا يجري مثل التفسير في ثمود وأسد.
وكان الحسن يقرأ: "وأمّا ثمود فهديناهم" بنصب، وهو وجه، والرفع أجود منه، لأنّ أمّا تطلب الأسماء، وتمتنع من الأفعال، فهي بمنزلة الصلة للاسم، ولو كانت أمّا حرفا يلي الاسم إذا شئت، والفعل إذا شئت كان الرفع والنصب معتدلين مثل قوله: {والقمر قدّرناه منازل}، ألا ترى أنّ الواو تكون مع الفعل، ومع الاسم؟ فتقول: عبد الله ضربته وزيداً تركته؛ لأنك تقول: وتركت زيدا، فتصلح في الفعل الواو كما صلحت في الاسم، ولا تقول: أمّا ضربت فعبد الله، كما تقول: أمّا عبد الله فضربت، ومن أجاز النصب وهو يرى هذه العلة فإنه يقول: خلقة ما نصب الأسماء أن يسبقها لا أن تسبقه. وكل صواب.
وقوله: {فهديناهم...}.
يقول: دللناهم على مذهب الخير، ومذهب الشر كقوله: {وهديناه النّجدين}.: الخير، والشر...
- حدثني قيس , عن زياد بن علاقة , عن أبي عمارة, عن علي بن أبي طالب أنه قال في قوله: {وهديناه النّجدين}: الخير، والشر.
قال أبو زكريا: وكذلك قوله: {إنّا هديناه السّبيل إمّا شاكراً وإمّا كفوراً}.
والهدى على وجه آخر : الذي هو الإرشاد بمنزلة قولك: أسعدناه، من ذلك قوله: {أولئك الّّذين هدى اللّه فبهداهم اقتده} في كثير من القرآن.). [معاني القرآن: 3/14-15]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({العذّاب الهون }:أي: الهوان). [مجاز القرآن: 2/197]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({الهون}: أي الهوان). [غريب القرآن وتفسيره: 329]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({وأمّا ثمود فهديناهم}: أي : دعوناهم, ودللناهم.
{العذاب الهون}: أي : الهوان). [تفسير غريب القرآن: 388-389]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ثم يصير الإرشاد بمعان، كقوله: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ}، أي بيّنا لهم). [تأويل مشكل القرآن: 444]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وأمّا ثمود فهديناهم فاستحبّوا العمى على الهدى فأخذتهم صاعقة العذاب الهون بما كانوا يكسبون (17)}
الجيّد إسقاط التنوين، ويقرأ ثمود - بالتنوين - ويجوز ثمودا بالنصب.
بفعل مضمر الذي ظهر تفسيره.
ومعنى {هديناهم}: قال قتادة : بينّا لهم طريق الهدى , وطريق الضلالة.
{فاستحبّوا العمى على الهدى}: الاختيار رفع ثمود على الابتداء والخبر، وهذا مذهب جميع النحويين.
اختيار الرفع، وكلهم يجيز النصب.
وقوله عزّ وجلّ : {فأخذتهم صاعقة العذاب الهون}
فالهون,والخزي:الذي يهينهم ويخزيهم). [معاني القرآن: 4/383]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى}
روى علي بن أبي طلحة,عن ابن عباس قال: (بينا لهم).
قال أبو جعف: بينا لهم الخير والشر ,قال سبحانه: {إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا}, وكما قال تعالى: {وهديناه النجدين}
قال علي بن أبي طالب: الخير والشر, و{الهون}: الهوان). [معاني القرآن: 6/255-256]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وأما ثمود فهديناهم}: أي: بينا لهم.).[ياقوتة الصراط: 454]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الْعَذَابِ الْهُونِ}أي: الهوان). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 217]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الْهُونِ}: الهوان). [العمدة في غريب القرآن: 264]
تفسير قوله تعالى: {وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (18) }