أقوال العلماء في أهمية علم الناسخ والمنسوخ
قال أبو عبدِ الله محمَّدُ بنُ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:320هـ): (الحمد لله العزيز الجبار الملك القهار العظيم الغفار الحليم الستار وصلاته وسلامه على نبيه محمد نور الأنوار وقائد الغر المحجلين إلى دار القرار وعلى آله الأخيار وصحبه الأبرار...
ثم اعلم أن هذا الفن من العلم من تتمات الاجتهاد إذ الركن الأعظم في باب الاجتهاد معرفة النقل ومن فوائد النقل معرفة الناسخ والمنسوخ إذ الخطب في ظواهر الأخبار يسير وتحمل كلفها غير عسير وإنما الأشكال في الأمرين وآخرهما إلى غير ذلك من المعاني). [الناسخ والمنسوخ لابن حزم:5]
قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ سَلامَةَ بنِ نَصْرٍ المُقْرِي (ت:410 هـ): (بسم الله الرّحمن الرّحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمّد خاتم النّبيين وعلى آله وصحبه أجمعين.
الحمد لله الّذي هدانا لدينه وجعلنا من أهله وفضلنا بما علمنا من تنزيله وشرفنا بمحمد نبيه ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى أله وأنزل عليه كتابه الّذي لم يجعل له عوجا وجعله قيمًا لينذر بأساً شديداً من لدنه {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيلٌ من حكيمٍ حميدٍ} بين فيه الحلال والحرام والحدود والأحكام والمقدم والمؤخر والمطلق والمقيد والأقسام والأمثال والمجمل والمفصل والخاص والعام والناسخ والمنسوخ
{ليهلك من هلك عن بيّنةٍ ويحيى من حيّ عن بيّنةٍ وإنّ الله لسميعٌ عليم}
فأول ما ينبغي لمن أراد أن يعلم شيئا من علم هذا الكتاب ألا يدأب نفسه إلّا في علم النّاسخ والمنسوخ اتباعا لما جاء عن أئمّة السّلف رضي الله عنهم لأن كل من تكلم في شيء من علم هذا الكتاب ولم يعلم النّاسخ من المنسوخ كان ناقصا وقد روي عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب كرم الله وجهه أنه دخل يومًا مسجد الجامع بالكوفة فرأى فيه رجلا يعرف بعبد الرّحمن بن داب وكان صاحبا لأبي موسى الأشعريّ وقد تحلق النّاس عليه يسألونه وهو يخلط الأمر بالنّهي والإباحة بالحظر فقال له عليّ رضي الله عنه أتعرف النّاسخ من المنسوخ قال لا قال هلكت وأهلكت فقال أبو من أنت؟
قال: أبو يحيى.
فقال: أنت أبو اعرفوني، وأخذ بأذنه ففتلها، وقال: لا تقص في مسجدنا بعد.
ويروى في معنى هذا الحديث عن عبد الله بن عمر وعبد الله بن عبّاس أنّهما قالا لرجل آخر مثل قول أمير المؤمنين عليّ كرم الله وجهه أو قريبا منه.
وقال حذيفة بن اليمان لا يقص على النّاس إلّا أحد ثلاثة أمير أو مأمور أو رجل يعرف النّاسخ والمنسوخ والرّابع متكلف أحمق وهذا هو الصّحيح لأنّه يخلط الأمر بالنّهي والإباحة بالحظر.
ولما رأيت المفسّرين قد سلكوا طريق هذا العلم ولم يأتوا منه وجه الحفظ وخلطوا بعضه ببعض ألفت في ذلك كتابا أي هذا الكتاب يقرب على من أحب تعليمه وتذكارا لمن علمه وما توفيقي إلّا باللّه عليه توكلت وإليه - صلّى اللّه عليه وسلّم - أنيب). [الناسخ والمنسوخ لابن سلامة: 17-20]
قالَ عبدُ الرَّحمن بنُ عُمَرَ بنِ رَسْلانَ البُلقِينيُّ (ت: 824هـ): (النوع الثالث والأربعون والرابع والأربعون والخامس والأربعون: الناسخ والمنسوخ والمعلوم المدة.
هذه الأنواع مهمة يحتاج إليها في الأحكام، وقد وضع الناس فيها مصنفات، وكتب التفسير – أيضا – طافحة بذلك.
ولم نعدّ المحكم نوعا برأسه، فكان مقابل المنسوخ يسمى محكما.
والمتشابه إما لاشتراك أو إجمال، وقد أبنَّا المشترك فيما سبق، وفي هذا النوع نبيّن المنسوخ فيتبين بذلك المحكم). [مواقع العلوم: 150]