جمهرة تفاسير السلف
تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (- أخبرنا مسعر، قال: حدثني معن وعون، أو أحدهما، أن رجلًا أتى عبد الله ابن مسعودٍ، فقال: اعهد إلي؟ فقال: إذا سمعت الله يقول: {يا أيها الذين آمنوا} فارعها سمعك، فإنها خيرٌ يأمر به، أو شرٌّ ينهى عنه). [الزهد لابن المبارك: 2/ 18]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (حدثني جرير بن حازمٍ عن محمّد بن إسحاق عن يزيد بن رومان قال: بعث رسول اللّه الوليد بن عقبة إلى بني المصطلق ساعيًا، فلمّا دنا منهم خرجوا إليه يتلقّونه؛ فرجع عنهم حتّى قدم على رسول اللّه فقال: يا رسول اللّه، خرج إليّ بنو المصطلق ليقتلوني ومنعوني الصّدقة؛ فلمّا بلغ بني المصطلق ما قال قدموا على رسول اللّه فقالوا: يا رسول اللّه، بلغنا أنّ رسولك أتانا ليصدقنا، فخرجنا إليه نتلقّاه لنكرمه، فبلغنا رجوعه والّذي قال؛ فنزل القرآن: {يا أيها الّذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبإٍ فتبيّنوا أن تصيبوا قومًا بجهالةٍ فتصبحوا على ما فعلتم نادمين}). [الجامع في علوم القرآن: 2/86-87]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا قال بعث النبي الوليد بن عقبة إلى بني المصطلق فأتاهم الوليد بن عقبة فخرجوا يتلقونه ففرقهم فرجع إلى النبي فقال ارتدوا فبعث النبي إليهم خالد بن الوليد فلما دنا منهم بعث عيونا ليلا فإذا هم يصلون وينادون قأتاهم خالد فلم ير منهم إلا طاعة وخيرا فرجع إلى النبي فأخبره). [تفسير عبد الرزاق: 2/231]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا عبدة بن سليمان، عن الأعمش، عن خيثمة، قال: ما تقرؤون في القرآن: {يا أيّها الّذين آمنوا} فإنّ موضعه في التّوراة: يا أيّها المساكين). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 318]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبإٍ فتبيّنوا أن تصيبوا قومًا بجهالةٍ فتصبحوا على ما فعلتم نادمين}.
قال أبو جعفرٍ رحمه الله: يقول تعالى ذكره: يا أيّها الّذين صدقوا اللّه ورسوله إن جاءكم فاسق بنبأٍ عن قومٍ فتبيّنوا.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {فتبيّنوا} فقرأ ذلك عامّة قرأة أهل المدينة (فتثبّتوا) بالثّاء، وذكر أنّها في مصحف عبد اللّه منقوطةٌ بالثّاء وقرأ ذلك القرأة بعد: {فتبيّنوا} بالياء، بمعنى: أمهلوا حتّى تعرفوا صحّته، لا تعجلوا بقبوله، وكذلك معنى (فتثبّتوا).
والصّواب من القول في ذلك أنّهما قراءتان معروفتان متقاربتا المعنى، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ.
وذكر لنا أنّ هذه الآية نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي معيطٍ.
ذكر السّبب الّذي من أجله قيل ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ قال: حدّثنا جعفر بن عونٍ، عن موسى بن عبيدة، عن ثابتٍ، مولى أمّ سلمة، عن أمّ سلمة، قالت: بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم رجلاً في صدقات بني المصطلق بعد الوقيعة، فسمع بذلك القوم، فتلقّوه يعظّمون أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: فحدّثه الشّيطان أنّهم يريدون قتله، قالت: فرجع إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: إنّ بني المصطلق قد منعوا صدقاتهم، فغضب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم والمسلمون قال: فبلغ القوم رجوعه قال: فأتوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فصفّوا له حين صلّى الظّهر فقالوا: نعوذ باللّه من سخط اللّه وسخط رسوله بعثت إلينا رجلاً مصدّقًا، فسررنا بذلك، وقرّت به أعيننا، ثمّ إنّه رجع من بعض الطّريق، فخشينا أن يكون ذلك غضبًا من اللّه ومن رسوله، فلم يزالوا يكلّمونه حتّى جاء بلالٌ، وأذّن بصلاة العصر؛ قال: ونزلت {يا أيّها الّذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبإٍ فتبيّنوا أن تصيبوا قومًا بجهالةٍ فتصبحوا على ما فعلتم نادمين}.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: ثني أبي قال: ثني عمّي قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبإٍ} الآية قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بعث الوليد بن عقبة بن أبي معيطٍ، ثمّ أحد بني عمرو بن أميّة، ثمّ أحد بني أبي معيطٍ إلى بني المصطلق، ليأخذ منهم الصّدقات، وإنّهم لمّا أتاهم الخبر فرحوا، وخرجوا ليتلقّوا رسول رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وإنّه لمّا حدّث الوليد أنّهم خرجوا يتلقّونه، رجع إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: يا رسول اللّه إنّ بني المصطلق قد منعوا الصّدقة، فغضب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من ذلك غضبًا شديدًا، فبينما هو يحدّث نفسه أن يغزوهم، إذ أتاه الوفد، فقالوا: يا رسول اللّه، إنّا حدّثنا أنّ رسولك رجع من نصف الطّريق، وإنّا خشينا أن يكون إنّما ردّه كتابٌ جاءه منك لغضب غضبته علينا، وإنّا نعوذ باللّه من غضبه وغضب رسوله، وإنّ رسول الله استغشّهم وهمّ بهم فأنزل اللّه عذرهم في الكتاب، فقال {يا أيّها الّذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبإٍ فتبيّنوا أن تصيبوا قومًا بجهالةٍ فتصبحوا على ما فعلتم نادمين}.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {إن جاءكم فاسقٌ بنبإٍ} قال: الوليد بن عقبة بن أبي معيطٍ، أرسله رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى بني المصطلق، ليصدّقهم، فتلقّوه بالهديّة، فرجع إلى محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: إنّ بني المصطلق قد جمعت لكلتقاتلك.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبإٍ} حتّى بلغ {بجهالةٍ} وهو ابن أبي معيطٍ الوليد بن عقبة، بعثه نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم مصدّقًا إلى بني المصطلق، فلمّا أبصروه أقبلوا نحوه، فهابهم، فرجع إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فأخبره أنّهم قد ارتدّوا عن الإسلام، فبعث نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم خالد بن الوليد، وأمره أن يتثبّت ولا يعجّل، فانطلق حتّى أتاهم ليلاً، فبعث عيونه؛ فلمّا جاءوا أخبروا خالدًا أنّهم مستمسكون بالإسلام، وسمعوا آذانهم وصلاتهم، فلمّا أصبحوا أتاهم خالدٌ، فرأى الّذي يعجبه، فرجع إلى نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فأخبره الخبر، فأنزل اللّه عزّ وجلّ ما تسمعون، فكان نبيّ اللّه يقول: التّبيّن من اللّه، والعجلة من الشّيطان.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة {يا أيّها الّذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبإٍ} فذكر نحوه.
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ قال: حدّثنا عبد الرّحمن قال: حدّثنا سفيان، عن هلالٍ الوزّان، عن ابن أبي ليلى، في قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبإٍ فتبيّنوا} قال: نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي معيطٍ.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن حميدٍ، عن هلالٍ الأنصاريّ، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى {إن جاءكم فاسقٌ بنبإٍ} قال: نزلت في الوليد بن عقبة حين أرسل إلى بني المصطلق.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا سلمة قال: حدّثنا محمّد بن إسحاق، عن يزيد بن رومان، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بعث إلى بني المصطلق بعد إسلامهم، الوليد بن أبي معيطٍ؛ فلمّا سمعوا به ركبوا إليه؛ فلمّا سمع بهم خافهم، فرجع إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فأخبره أنّ القوم قد همّوا بقتله، ومنعوا ما قبلهم من صدقاتهم، فأكثر المسلمون في ذكر غزوتهم حتّى همّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن يغزوهم، فبينما هم في ذلك قدم وفدهم على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقالوا: يا رسول اللّه سمعنا برسولك حين بعثته إلينا، فخرجنا إليه لنكرمه، ولنؤدّي إليه ما قبلنا من الصّدقة، فانشمر راجعًا، فبلغنا أنّه يزعم لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّا خرجنا إليه لنقاتله، وواللّه ما جئنا لذلك؛ فأنزل اللّه في الوليد بن عقبة وفيهم: {يا أيّها الّذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبإٍ} الآية.
- حدّثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ قال: سمعت الضّحّاك يقول في قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبإٍ} إلى آخر الآية، قال: بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم رجلاً من أصحابه إلى قومٍ يصدّقهم، فأتاهم الرّجل، وكان بينه وبينهم حنّةٌ في الجاهليّة؛ فلمّا أتاهم رحّبوا به، وأقرّوا بالزّكاة، وأعطوا ما عليهم من الحقّ، فرجع الرّجل إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: يا رسول اللّه، منع بنو فلانٍ الزّكاة، ورجعوا عن الإسلام، فغضب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وبعث إليهم فأتوه فقال: (أمنعتم الزّكاة، وطردتم رسولي)؟ فقالوا: واللّه ما فعلنا، وإنّا لنعلم أنّك رسول اللّه، ولا بدّ لنا، ولا منعنا حقّ اللّه في أموالنا، فلم يصدّقهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فأنزل اللّه هذه الآية، فعذرهم.
وقوله: {أن تصيبوا قومًا بجهالةٍ} يقول تعالى ذكره: فتبيّنوا لئلاّ تصيبوا قومًا برآء ممّا قرفوا به بخيانةٍ بجهالةٍ منكم بحالهم {فتصبحوا على ما فعلتم نادمين} يقول: فتندموا على إصابتكم إيّاهم بالخيانةٍ الّتي تصيبونهم بها). [جامع البيان: 21/348-353]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم الوليد بن عقبة بن أبي معيط إلى بني المصطلق ليصدقهم فتلقوه بالهدية فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن بني المصطلق جمعوا لك ليقاتلونك فأنزل الله عز وجل إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين). [تفسير مجاهد: 2/606]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبإٍ فتبيّنوا} [الحجرات: 6].
- «عن الحارث بن ضرارٍ الخزاعيّ قال: قدمت على رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - فدعاني إلى الإسلام، فأقررت به ودخلت فيه، ودعاني إلى الزّكاة فأقررت بها، وقلت: يا رسول اللّه، أرجع إلى قومي فأدعوهم إلى الإسلام وأداء الزّكاة، فمن استجاب لي جمعت زكاته، فيرسل إليّ رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - رسولًا لإبّان كذا وكذا ليأتيك ما جمعت من الزّكاة. فلمّا جمع الحارث الزّكاة ممّن استجاب له، وبلغ الإبّان الّذي أراد رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - أن يبعث إليه احتبس الرّسول فلم يأته، فظنّ الحارث أنّه قد حدث فيه سخطةٌ من اللّه - عزّ وجلّ - ورسوله - صلّى اللّه عليه وسلّم - فدعا سروات قومه، فقال لهم: إنّ رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - كان وقّت [لي] وقتًا يرسل إليّ رسوله ليقبض ما كان عندي من الزّكاة، وليس من رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - الخلف، ولا أرى حبس رسوله إلّا من سخطةٍ كانت، فانطلقوا فنأتي رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم -. وبعث رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - الوليد بن عقبة [إلى الحارث] ليقبض ما كان عنده ممّا جمع من الزّكاة، فلمّا أنّ سار الوليد حتّى بلغ بعض الطّريق فرق فرجع، فأتى رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - فقال: [يا رسول اللّه] إنّ الحارث منعني الزّكاة وأراد قتلي. فضرب رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - البعث إلى الحارث، فأقبل الحارث بأصحابه، إذ استقبل البعث وفصل من المدينة فلقيهم الحارث، فقالوا: هذا الحارث، فلمّا غشيهم قال لهم: إلى من بعثتم؟ قالوا: إليك، قال: ولم؟ قالوا: إنّ رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - كان بعث إليك الوليد بن عقبة، فزعم أنّك منعته الزّكاة وأردت قتله، قال: لا، والّذي بعث محمّدًا بالحقّ ما رأيته البتّة ولا أتاني. فلمّا دخل الحارث على رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - قال: " منعت الزّكاة وأردت قتل رسولي؟ "، قال: لا، والّذي بعثك بالحقّ ما رأيته بتّةً، ولا أتاني، وما احتبست إلّا حين احتبس عليّ رسول رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - خشيت أن يكون كانت سخطةً من اللّه - عزّ وجلّ - ورسوله، قال: فنزلت الحجرات {يا أيّها الّذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبإٍ فتبيّنوا أن تصيبوا قومًا بجهالةٍ فتصبحوا على ما فعلتم نادمين} [الحجرات: 6] إلى هذا المكان {فضلًا من اللّه ونعمةً واللّه عليمٌ حكيمٌ} [الحجرات: 8]».
رواه أحمد والطّبرانيّ إلّا أنّه قال: الحارث بن سرارٍ بدل ضرارٍ، ورجال أحمد ثقاتٌ.
- «وعن علقمة بن ناجية قال: بعث إلينا رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - الوليد بن عقبة بن أبي معيطٍ يصدّق أموالنا، فسار حتّى إذا كان قريبًا منّا، وذلك بعد وقعة المريسيع، فرجع، فركبت في أثره، فأتى النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - فقال: يا رسول اللّه، أتيت قومًا في جاهليّتهم، أخذوا اللّباس ومنعوا الصّدقة. فلم يغيّر [ذلك] النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - حتّى نزلت الآية {يا أيّها الّذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبإٍ} [الحجرات: 6] الآية. فأتى المصطلقون إلى النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - أثر الوليد بطائفةٍ من صدقاتهم يسوقونها وبنفقاتٍ يحملونها، فذكروا ذلك له وأنّهم خرجوا يطلبون الوليد بصدقاتهم فلم يجدوه، فدفعوا إلى رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - ما كان معهم، قالوا: يا رسول اللّه، بلغنا مخرج رسولك فسررنا بذلك، وكنّا نتلقّاه فبلغنا رجعته فخفنا أن يكون ذلك من سخطٍ علينا، وعرضوا على النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - أن يشتروا منه ما بقي، وقبل منهم الفرائض وقال: " ارجعوا بنفقاتكم، لا نبيع شيئًا من الصّدقات حتّى نقبضه ". فرجعوا إلى أهليهم، وبعث إليهم من يقبض بقيّة صدقاتهم.
- وفي روايةٍ: عن علقمة أيضًا: أنّه كان في بني عبد المصطلق على رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - في أمر الوليد بن عقبة، وأنّ رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - قال: " انصرفوا غير محبوسين ولا محصورين».
رواه الطّبرانيّ بإسنادين، في أحدهما يعقوب بن حميد بن كاسبٍ وثّقه ابن حبّان وضعّفه الجمهور، وبقيّة رجاله ثقاتٌ.
- وعن جابر بن عبد اللّه قال: «بعث رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - الوليد بن عقبة إلى بني وليعة، وكان بينهم شحناء في الجاهليّة، فلمّا بلغ بني وليعة استقبلوه لينظروا ما في نفسه، فخشي القوم فرجع إلى رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - فقال: إنّ بني وليعة أرادوا قتلي ومنعوني الصّدقة، فلمّا بلغ بني وليعة الّذي قال الوليد عند رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - أتوا رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - فقالوا: يا رسول اللّه، لقد كذب الوليد، ولكن كان بيننا وبينه شحناء فخشينا أن يعاقبنا بالّذي كان بيننا. فقال رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم -: " لينتهينّ بنو وليعة أو لأبعثنّ إليهم رجلًا كنفسي، يقتل مقاتلتهم ويسبي ذراريّهم وهو هذا "، ثمّ ضرب بيده على كتف عليّ بن أبي طالبٍ - رضي اللّه عنه - قال: وأنزل اللّه في الوليد {يا أيّها الّذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبإٍ} [الحجرات: 6] الآية».
رواه الطّبرانيّ في الأوسط، وفيه عبد اللّه بن عبد القدّوس التّميميّ وقد ضعّفه الجمهور ووثّقه ابن حبّان، وبقيّة رجاله ثقاتٌ.
- «وعن أمّ سلمة أنّ النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - انصرف إلى بيتها فصلّى فيه ركعتين بعد العصر، فأرسلت عائشة إلى أمّ سلمة: ما هذه الصّلاة الّتي صلّاها النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - في بيتك؟ فقالت: إنّ النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - كان يصلّي بعد الظّهر ركعتين، فقدم عليه وفد بني المصطلق فيما صنع بهم عاملهم الوليد بن عقبة، فلم يزالوا يعتذرون إلى النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - حتّى جاء المؤذّن يدعوه إلى صلاة العصر، فصلّى المكتوبة ثمّ صلّى عندي في بيتي تلك الرّكعتين، ما صلّاهما قبل ولا بعد».
- «وعن أمّ سلمة أنّه نزل في بني المصطلق فيما صنع بهم عاملهم الوليد بن عقبة {يا أيّها الّذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبإٍ فتبيّنوا} [الحجرات: 6] الآية، قالت: وكان النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - بعثه إليهم يصدّق أموالهم، فلمّا سمعوا به أقبل ركبٌ منهم، فقالوا: نسير مع رسول رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - ونحمله. فلمّا سمع بذلك ظنّ أنّهم ساروا إليه ليقتلوه، فرجع فقال: إنّ بني المصطلق منعوا صدقاتهم يا رسول اللّه. وأقبل القوم حتّى قدموا المدينة، وصفّوا وراء رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - في الصّفّ، فلمّا قضى الصّلاة انصرفوا فقالوا: إنّا نعوذ باللّه من غضب اللّه وغضب رسوله، سمعنا يا رسول اللّه برسولك الّذي أرسلت يصدّق أموالنا فسررنا بذلك وقرّت به أعيننا، وأردنا أن نلقاه ونسير مع رسول رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - فسمعنا أنّه رجع، فحسبنا أن يكون ردّه غضبٌ من اللّه ورسوله علينا، فلم يزالوا يعتذرون إلى النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - حتّى نزلت فيهم هذه الآية». قلت: في الصّحيح منه ما يتعلّق بالرّكعتين بعد العصر فقط.
رواه الطّبرانيّ، وفيه موسى بن عبيدة وهو ضعيفٌ.
- وعن مجاهدٍ «أنّ النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - أرسل الوليد بن عقبة بن أبي معيطٍ إلى بني المصطلق مصدّقًا».
رواه الطّبرانيّ مرسلًا، وفيه عبد اللّه [بن محمّد] بن سعيد بن أبي مريم وهو ضعيفٌ). [مجمع الزوائد: 7/108-111]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قال إسحاق: أنا روحٌ هو ابن عبادة ثنا موسى بن عبيدة الرّبذيّ أخبرني ثابتٌ مولى أمّ سلمة عن أمّ سلمة قالت: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يصلّي ركعتين قبل العصر فقدم عليه وفد بني المصطلق وكان بعث إليهم الوليد بن عقبة يأخذ صدقات أموالهم بعد الوقعة، فلمّا سمعوا بذلك خرج منهم قومٌ ركوبًا فقالوا: نفخّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ونهديه في البلاد ونحدثه، فلمّا سمع بهم رجع، فقال: يا رسول اللّه، إنّ بني المصطلق منعوا صدقاتهم فلمّا سمعوا به رجع أقبلوا على إثره حتّى قدموا المدينة فصلّوا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في الصّفّ الأوّل من صلاة الأولى، فلمّا سلّم قالوا: نعوذ باللّه ورسوله من غضبه وغضب رسوله [ذكر لنا أنّك بعثت رجلًا يصدّق أموالنا، فسررنا بذلك، وقرّت به أعيننا، فذكر لنا أنّه رجع، فخشينا أن يكون ردّه غضبٌ من اللّه ورسوله، فنعوذ باللّه من غضب اللّه وغضب رسوله] فما زالوا يعتذرون حتّى جاءه المؤذّن بصلاة العصر " فأنزل اللّه تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبأٍ فتبيّنوا أن تصيبوا قومًا بجهالةٍ} الآية). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 15/253]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 6 - 8.
أخرج أحمد، وابن أبي حاتم والطبراني، وابن منده، وابن مردويه بسند جيد عن الحارث بن ضرار الخزاعي قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاني إلى الإسلام فدخلت فيه وأقررت به ودعاني إلى الزكاة فأقررت بها قلت يا رسول الله: أرجع إلى قومي فأدعوهم إلى الإسلام وأداء الزكاة فمن استجاب لي جمعت زكاته وترسل إلي يا رسول الله رسولا يبان كذا وكذا ليأتيك ما جمعت من الزكاة فلما جمع الحارث الزكاة ممن استجاب له وبلغ الإبان الذي أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبعث إليه إحتبس الرسول فلم يأت فظن الحارث أنه قد حدث فيه سخطة من الله ورسوله فدعا بسروات قومه فقال لهم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان وقت لي وقتا يرسل إلي رسوله ليقبض ما كان عندي من الزكاة وليس من رسول الله صلى الله عليه وسلم الخلف ولا أرى حبس رسوله إلا من سخطه فانطلقوا فنأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الوليد بن عقبة إلى الحارث ليقبض ما كان عنده مما جمع من الزكاة فلما أن سار الوليد حتى بلغ بعض الطريق فرق فرجع فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن الحارث منعني الزكاة وأراد قتلي فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم البعث إلى الحارث فأقبل الحارث بأصحابه حتى إذا استقبل البعث وفصل عن المدينة لقيهم الحارث فقالوا: هذا الحارث فلما غشيهم قال لهم: إلى من بعثتم قالوا: إليك قال: ولم قالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إليك الوليد بن عقبة فزعم أنك منعته الزكاة وأردت قتله، قال: لا والذي بعث محمدا بالحق ما رأيته ولا أتاني فما دخل الحارث على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: منعت الزكاة وأردت قتل رسولي قال: لا والذي بعثك بالحق ما رأيته ولا رآني وما أقبلت إلا حين احتبس علي رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم خشيت أن تكون كانت سخطة من الله ورسوله فنزل {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا} إلى قوله {حكيم}). [الدر المنثور: 13/540-541]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني، وابن منده، وابن مردويه عن علقمة بن ناجية قال: بعث إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم الوليد بن عقبة بن أبي معيط يصدق أموالنا فسار حتى إذا كان قريبا منا وذلك بعد وقعة المريسيع رجع فركبت في أثره فأتى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أتيت قوما في جاهليتهم أخذوا اللباس ومنعوا الصدقة فلم يغير ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أنزلت الآية {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ} فأتى المصطلقون إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم أثر الوليد بطائفة من صدقاتهم). [الدر المنثور: 13/541-542]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني في الأوسط، عن جابر بن عبد الله قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الوليد بن عقبة إلى بني وكيعة وكانت بينهم شحناء في الجاهلية فلما بلغ بني وكيعة استقبلوه لينظروا ما في نفسه فخشي القوم فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن بني وكيعة أرادوا قتلي ومنعوني الصدقة فلما بلغ بني وكيعة الذي قال الوليد أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله لقد كذب الوليد، قال: وأنزل الله في الوليد {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق} الآية). [الدر المنثور: 13/542]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن راهويه، وابن جرير والطبراني، وابن مردويه عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: بعث النّبيّ صلى الله عليه وسلم الوليد بن عقبة إلى بني المصطلق يصدق أموالهم فسمع بذلك القوم فتلقوه يعظمون أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدثه الشيطان أنهم يريدون قتله فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن بني المصطلق منعوا صدقاتهم فبلغ القوم رجوعه فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: نعوذ بالله من سخط الله وسخط رسوله بعثت إلينا رجلا مصدقا فسررنا لذلك وقرت أعيننا ثم إنه رجع من بعض الطريق فخشينا أن يكون ذلك غضبا من الله ورسوله ونزلت {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ} الآية). [الدر المنثور: 13/542-543]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن مردويه والبيهقي في "سننه"، وابن عساكر عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث الوليد بن عقبة بن أبي معيط إلى بني المصطلق ليأخذ منهم الصدقات وأنه لما أتاهم الخبر فرحوا وخرجوا ليتلقوا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه لما حدث الوليد أنهم خرجوا يتلقونه رجع فقال: يا رسول الله إن بني المصطلق قد منعوني الصدقة، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك غضبا شديدا فبينما هو يحدث نفسه أن يغزوهم إذ أتاه الوفد فقالوا: يا رسول الله إنا حدثنا أن رسولك رجع من نصف الطريق وأنا خشينا أن يكون إنما رده كتاب جاءه منك لغضب غضبته علينا فأنزل الله {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ} الآية). [الدر المنثور: 13/543]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج آدم، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر والبيهقي عن مجاهد قال: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم الوليد بن عقبة بن أبي معيط إلى بني المصطلق ليصدقهم فتلقوه بالهدنة فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن بني المصطلق جمعوا لك ليقاتلوك فأنزل {إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا}). [الدر المنثور: 13/543-544]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن مردويه، عن جابر بن عبد الله قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم: الوليد بن عقبة إلى بني وكيعة وكانت بينهم شحناء في الجاهلية فلما بلغ بني وكيعة استقبلوه لينظروا ما في نفسه فخشي القوم فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن بني وكيعة أرادوا قتلي ومنعوني الصدقة، فلما بلغ بني وكيعة الذي قال لهم الوليد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أتوا رسول الله قالوا: يا رسول الله لقد كذب الوليد ولكن كانت بينه وبيننا شحناء فخشينا أن يكافئنا بالذي كان بيننا فأنزل الله في الوليد {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا} الآية). [الدر المنثور: 13/544]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الحسن أن رجلا أتى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله إن بني فلان - حيا من أحياء العرب - وكان في نفسه عليهم شيء وكانوا حديثي عهد بالإسلام قد تركوا الصلاة وارتدوا وكفروا بالله، قال: فلم يعجل رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا خالد بن الوليد فبعثه إليهم ثم قال: ارمقهم عند الصلاة فإن كان القوم قد تركوا الصلاة فشأنك بهم وإلا فلا تعجل عليهم، قال: فدنا منهم عند غروب الشمس فكمن حيث يسمع الصلاة فرمقهم فإذا هو بالمؤذن قد قام حين غربت الشمس فأذن ثم أقام الصلاة فصلوا المغرب فقال خالد بن الوليد: ما أراهم إلا يصلون فلعلهم تركوا غير هذه الصلاة ثم كمن حتى إذا الليل وغاب الشفق أذن مؤذنهم فصلوا، قال: فلعلهم تركوا صلاة أخرى فكمن حتى إذا كان في جوف الليل فتقدم حتى أظل الخيل بدورهم فإذا القوم تعلموا شيئا من القرآن فهم يتهجدون به من الليل ويقرأونه ثم أتاهم عند الصبح فإذا المؤذن حين طلع الفجر قد أذن ثم أقام فقاموا فصلوا فلما انصرفوا وأضاء لهم النهار إذا هم بنواصي الخيل في ديارهم فقالوا: ما هذا قالوا: هنا خالد بن الوليد وكان رجلا مشنعا فقالوا يا خالد: ما شأنك قال: أنتم والله شأني أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل له أنكم كفرتم بالله وتركتم الصلاة فجعلوا يبكون فقالوا: نعوذ بالله أن نكفر بالله أبدا، قال: فصرف الخيل وردها عنهم حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنزل الله {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما} قال الحسن: فوالله لئن كانت نزلت في هؤلاء القوم خاصة إنها المرسلة إلى يوم القيامة ما نسخها شيء). [الدر المنثور: 13/544-546]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث الوليد بن عقبة إلى بني المصطلق يصدقهم فلم يبلغهم ورجع فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنهم عصوا فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجهز إليهم إذ جاء رجل من بني المصطلق فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: سمعنا أنك أرسلت إلينا ففرحنا به واستبشرنا به وإنه لم يبلغنا رسولك وكذب، فأنزل الله فيه وسماه فاسقا {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ} الآية). [الدر المنثور: 13/546]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ} قال: هو ابن أبي معيط الوليد بن عقبة بعثه نبي الله صلى الله عليه وسلم إلى بني المصطلق مصدقا فلما أبصروه أقبلوا نحوه فهابهم فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره أنهم قد ارتدوا عن الإسلام فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد وأمره بأن تثبت ولا تعجل فانطلق حتى أتاهم ليلا فبعث عيونه فلما جاءهم أخبروه أنهم متمسكون بالإسلام وسمع أذانهم وصلاتهم فلما أصبحوا أتاهم خالد فرأى ما يعجبه فرجع إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم وأخبره الخبر فأنزل الله في ذلك القرآن فكان نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول: التأني من الله والعجلة من الشيطان). [الدر المنثور: 13/546-547]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله {إن جاءكم فاسق بنبأ} الآية قال: إذا جاءك فحدثك أن فلانا إن فلانة يعملون كذا وكذا من مساوئ الأعمال فلا تصدقه). [الدر المنثور: 13/547]
تفسير قوله تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر قال تلا قتادة لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم قال فأنتم أسخف رأيا وأطيش أحلاما فاتهم رجل رأيه وانتصح كتاب الله). [تفسير عبد الرزاق: 2/232]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا عبد بن حميدٍ، قال: حدّثنا عثمان بن عمر، عن المستمرّ بن الرّيّان، عن أبي نضرة، قال: قرأ أبو سعيدٍ الخدريّ: {واعلموا أنّ فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثيرٍ من الأمر لعنتّم} قال: هذا نبيّكم صلّى اللّه عليه وسلّم يوحى إليه، وخيار أئمّتكم لو أطاعهم في كثيرٍ من الأمر لعنتوا، فكيف بكم اليوم؟
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ.
قال عليّ بن المدينيّ: سألت يحيى بن سعيدٍ القطّان، عن المستمرّ بن الرّيّان، فقال: ثقةٌ). [سنن الترمذي: 5/241-242]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {واعلموا أنّ فيكم رسول اللّه لو يطيعكم في كثيرٍ من الأمر لعنتّم ولكنّ اللّه حبّب إليكم الإيمان وزيّنه في قلوبكم وكرّه إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الرّاشدون (7) فضلاً من اللّه ونعمةً واللّه عليمٌ حكيمٌ}.
قال أبو جعفرٍ رحمه الله: يقول تعالى ذكره: لأصحاب نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: واعلموا أيّها المؤمنون باللّه ورسوله، {أنّ فيكم رسول اللّه} فاتّقوا اللّه أن تقولوا الباطل، وتفتروا الكذب، فإنّ اللّه يخبره أخباركم، ويعرّفه أنباءكم، ويقوّمه على الصّواب في أموره
- وقوله: {لو يطيعكم في كثيرٍ من الأمر لعنتّم} يقول تعالى ذكره: لو كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يعمل في الأمور بآرائكم ويقبل منكم ما تقولون له فيطيعكم {لعنتّم} يقول: لنالكم عنتٌ، يعني الشّدّة والمشقّة في كثيرٍ من الأمور بطاعته إيّاكم لو أطاعكم لأنّه كان يخطئ في أفعاله كما لو قبل من الوليد بن عقبة قوله في بني المصطلق: إنّهم قد ارتدّوا، ومنعوا الصّدقة، وجمعوا الجموع لغزو المسلمين، فغزاهم فقتل منهم، وأصاب من دمائهم وأموالهم كان قد قتل، وقتلتم من لا يحلّ له ولكم قتله، وأخذ وأخذتم من المال ما لا يحلّ له ولكم أخذه من أموال قومٍ مسلمين، فنالكم من اللّه بذلك عنتٌ {ولكنّ اللّه حبّب إليكم الإيمان} باللّه ورسوله، فأنتم تطيعون الله ورسوله، وتأتمّون به، فيقيكم اللّه بذلك من العنت ما لو لم تطيعوه وتتّبعوه، وكان يطيعكم لنالكم وأصابكم.
وقوله: {وزيّنه في قلوبكم} يقول: وحسّن الإيمان في قلوبكم فآمنتم {وكرّه إليكم الكفر} باللّه {والفسوق} يعني الكذب {والعصيان} يعني ركوب ما نهى اللّه عنه في خلاف أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وتضييع ما أمر اللّه به {أولئك هم الرّاشدون} يقول: هؤلاء الّذين حبّب اللّه إليهم الإيمان، وزيّنه في قلوبهم، وكرّه إليهم الكفر والفسوق والعصيان هم الرّاشدون السّالكون طريق الحقّ). [جامع البيان: 21/354-355]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {فضلاً من اللّه ونعمةً} يقول: ولكنّ اللّه حبّب إليكم الإيمان، وأنعم عليكم هذه النّعمة الّتي عدّها فضلاً منه، وإحسانًا ونعمةً منه أنعمها عليكم {واللّه عليمٌ حكيمٌ} يقول: واللّه ذو علم بالمحسن منكم من المسيء، ومن هو لنعم اللّه وفضله أهلٌ، ومن هو لذلك غير أهلٍ، وحكمةٍ في تدبيره خلقه، وصرفه إيّاهم فيما شاء من قضائه.
وبنحو الّذي قلنا في تأويل قوله: {واعلموا أنّ فيكم رسول اللّه لو يطيعكم في كثيرٍ من الأمر لعنتّم} قال قتادة.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {واعلموا أنّ فيكم، رسول اللّه} حتّى بلغ {لعنتّم} هؤلاء أصحاب نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، لو أطاعهم نبيّ اللّه في كثيرٍ من الأمر لعنتوا، فأنتم واللّه أسخف رأيًا، وأطيش عقولاً، فاتّهم رجلٌ رأيه، وانتصح كتاب اللّه، فإنّ كتاب اللّه ثقةٌ لمن أخذ به، وانتهى إليه، وإنّ ما سوى كتاب اللّه تغريرٌ.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ قال: قال معمرٌ، تلا قتادة {لو يطيعكم في كثيرٍ من الأمر لعنتّم} قال: فأنتم أسخف رأيًا وأطيش أحلامًا، فاتّهم رجلٌ رأيه، وانتصح كتاب اللّه.
وكالذي قلنا أيضًا في تأويل قوله: {ولكنّ اللّه حبّب إليكم الإيمان وزيّنه في قلوبكم} قال ابن زيدٍ.
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {حبّب إليكم الإيمان وزيّنه في قلوبكم} قال: حبّبه إليهم وحسّنه في قلوبهم، {وكرّه إليكم الكفر والفسوق} قال: الكذب والعصيان؛ قال: عصيان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم {أولئك هم الرّاشدون} من أين كان هذا؟ قال: فضلٌ من اللّه ونعمةٌ؛ قال: والمنافقون سمّاهم اللّه أجمعين في القرآن الكاذبين؛ قال: والفاسق: الكاذب في كتاب اللّه كلّه). [جامع البيان: 21/355-356] (م)
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرني أبو النّضر الفقيه، ثنا عثمان بن سعيدٍ الدّارميّ، ثنا سليمان بن عبد الرّحمن الدّمشقيّ، حدّثني سليمان بن عتبة، قال: سمعت يونس بن ميسرة بن حلبسٍ يحدّث، عن أبي إدريس الخولانيّ، عن أبي الدّرداء رضي اللّه عنه، عن رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم أنّه سئل فقيل: يا رسول اللّه، أرأيت ما نعمله أشيءٌ قد فرغ منه أو شيءٌ نستأنفه؟ قال: «كلّ امرئٍ مهيّأٌ لما خلق له» ثمّ أقبل يونس بن ميسرة على سعيد بن عبد العزيز فقال له: إنّ تصديق هذا الحديث في كتاب اللّه عزّ وجلّ فقال له سعيدٌ: " وأين يا ابن حلبسٍ؟ قال: أما تسمع اللّه يقول في كتابه {واعلموا أنّ فيكم رسول اللّه لو يطيعكم في كثيرٍ من الأمر لعنتّم، ولكنّ اللّه حبّب إليكم الإيمان وزيّنه في قلوبكم، وكرّه إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الرّاشدون (7) فضلًا من اللّه ونعمةٌ} [الحجرات: 8] أرأيت يا سعيد لو أنّ هؤلاء أهملوا كما يقول الأخابث: أين كانوا يذهبون حيث حبّب إليهم وزيّن لهم أو حيث كرّه لهم وبغّض إليهم؟ «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2/502]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت) أبو نضرة - رحمه الله -: قال: قرأ أبو سعيد الخدري: {واعلموا أنّ فيكم رسول اللّه لو يطيعكم في كثيرٍ من الأمر لعنتّم} [الحجرات: 7] قال: هذا نبيّكم يوحى إليه، وخيار أئمّتكم لو أطاعهم في كثير من الأمر لعنتوا، فكيف بكم اليوم؟. أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
(لعنتّم) العنت: الإثم). [جامع الأصول: 2/363-364]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أما قوله تعالى: {واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم}
أخرج عبد بن حميد والترمذي وصححه، وابن مردويه عن أبي نضرة قال: قرأ أبو سعيد الخدري {واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم} قال: هذا نبيكم يوحى إليه وخيار أمتكم لو أطاعهم في كثير من الأمر لعنتوا فكيف بكم اليوم). [الدر المنثور: 13/547]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أنكرنا أنفسنا وكيف لا ننكر أنفسنا والله يقول {واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم}). [الدر المنثور: 13/547-548]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة {واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم} قال: هؤلاء أصحاب نبي الله صلى الله عليه وسلم لو أطاعهم نبي الله في كثير من الأمر لعنتوا فأنتم والله أسخف قلبا وأطيش عقولا، فاتهم رجل رأيه وانتصح كتاب الله فإن كتاب الله ثقة لمن أخذ به وانتهى إليه وإن ما سوى كتاب الله تغرير). [الدر المنثور: 13/548]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم} يقول: لأعنت بعضكم بعضا، أما قوله تعالى: {ولكن الله حبب إليكم الإيمان}). [الدر المنثور: 13/548]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج أحمد والبخاري في الأدب والنسائي والحاكم وصححه عن رفاعة بن رافع الزرقي قال: لما كان يوم أحد وانكفأ المشركون قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: استووا حتى أثني على ربي فصاروا خلفه صفوفا فقال: اللهم لك الحمد كله الله لا قابض لما بسطت ولا باسط لما قبضت ولا هادي لما أضللت ولا مضل لما هديت ولا معطي لما منعت ولا مانع لما أعطيت ولا مقرب لما بعدت ولا مباعد لما قربت اللهم ابسط علينا من بركاتك ورحمتك وفضلك اللهم إني أسألك النعيم المقيم الذي لا يحول ولا يزول اللهم إني أسألك النعيم يوم العيلة والأمن يوم الخوف اللهم إني عائذ بك من شر ما أعطيتنا وشر ما منعتنا اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين اللهم توفنا مسلمين وأحينا مسلمين وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين اللهم قاتل الكفرة الذين يكذبون رسلك ويصدون عن سبيلك واجعل عليهم رجزك وعذابك اللهم قاتل الكفرة الذين أوتوا الكتاب يا إله الحق). [الدر المنثور: 13/548-549]
تفسير قوله تعالى: (فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (8) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {فضلاً من اللّه ونعمةً} يقول: ولكنّ اللّه حبّب إليكم الإيمان، وأنعم عليكم هذه النّعمة الّتي عدّها فضلاً منه، وإحسانًا ونعمةً منه أنعمها عليكم {واللّه عليمٌ حكيمٌ} يقول: واللّه ذو علم بالمحسن منكم من المسيء، ومن هو لنعم اللّه وفضله أهلٌ، ومن هو لذلك غير أهلٍ، وحكمةٍ في تدبيره خلقه، وصرفه إيّاهم فيما شاء من قضائه). [جامع البيان: 21/355-356]